Super User

Super User

هذه الايام لا تنسى و لا تمحى عن ذاكرة الشعوب الاسلامية , ايام قل ما شاهدت الاجيال نظائرها. بعد اعدام صدام المجرم و سقوط الامبارك فرعون مصر و مشاهدته في قفص الظالمين وصل دور لدحر ديكتاتور ليبيا و تحرير مسلمي المنطقة و تحقق الوعد الالهي الصادق.

الثلاثاء, 06 أيلول/سبتمبر 2011 07:17

خطبة المتقين

بسم الله الرحمن الرحيم

 

 

رُوِيَ أنَّ صَاحِباً لِأمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام يُقالُ لَهُ: هَمَّامٌ كانَ رَجُلاً عابداً،فَقالَ لَهُ يا أمِيرَالْمُؤْمِنِينَ صِفْ لِيَ الْمُتَّقِينَ حَتَّى كَأنِّي أنْظُرُ إِلَيْهِمْ،فَتَثَاقَلَ عليه السلام عَنْ جَوَابهِ،ثُمَّ قَالَ يا هَمَّامُ إتَّقِ اللَّهَ وَأحْسِنْ (فَإِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ

فَلَمْ يَقْنَعْ هَمَّامٌ بِذِلِكَ الْقَوْلِ حَتَّى عَزَمَ عَلَيْهِ،فَحَمِدَ اللَّهَ وَ أثْنَى عَلَيْهِ وَ صَلَّى عَلَى النَّبِيِّ صلي الله عليه و آلهثُمَّ قَالَ

أمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحانَهُ وَ تَعالَى خَلَقَ الْخَلْقَ حِينَ خَلَقَهُمْ غَنِيّا عَنْ طاعَتِهِمْ، آمِنا مِنْ مَعْصِيَتِهِمْ، لِأنَّهُ لا تَضُرُّهُ مَعْصِيَةُ مَنْ عَصاهُ، وَ لا تَنْفَعُهُ طاعَةُ مَنْ أَطاعَهُ، فَقَسَمَ بَيْنَهُمْ مَعايِشَهُمْ، وَ وَضَعَهُمْ مِنَ الدُّنْيا مَواضِعَهُمْ

فَالْمُتَّقُونَ فِيها هُمْ أهْلُ الْفَضائِلِ، مَنْطِقُهُمُ الصَّوابُ، وَ مَلْبَسُهُمُ الاِقْتِصادُ، وَ مَشْيُهُمُ التَّواضُعُ

غَضُّوا أبْصارَهُمْ عَمَّا حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَ وَقَفُوا أسْماعَهُمْ عَلَى الْعِلْمِ النَّافِعِ لَهُمْ، نُزِّلَتْ أنْفُسُهُمْ مِنْهُمْ فِي الْبَلاءِ كَالَّتِي نُزِّلَتْ فِي الرَّخاءِ

وَ لَوْ لا الْأجَلُ الَّذِي كَتَبَ اللَّهُ لَهُمْ لَمْ تَسْتَقِرَّ أرْواحُهُمْ فِي أجْسادِهِمْ طَرْفَةَ عَيْنٍ شَوْ قا إِلَى الثَّوابِ، وَ خَوْ فا مِنَ الْعِقابِ

عَظُمَ الْخالِقُ فِي أنْفُسِهِمْ فَصَغُرَ ما دُونَهُ فِي أعْيُنِهِم

فَهُمْ وَ الْجَنَّةُ كَمَنْ قَدْ رَآها فَهُمْ فِيها مُنَعَّمُونَ، وَ هُمْ وَ النَّارُ كَمَنْ قَدْ رَآها فَهُمْ فِيها مُعَذَّبُونَ با

قُلُوبُهُمْ مَحْزُونَةٌ، وَ شُرُورُهُمْ مَأْمُونَةٌ، وَ أجْسادُهُمْ نَحِيفَةٌ، وَ حاجاتُهُمْ خَفِيفَةٌ، وَ أ نْفُسُهُمْ عَفِيفَةٌ

صَبَرُوا أيَّاما قَصِيرَةً أعْقَبَتْهُمْ راحَةً طَوِيلَةً، تِجارَةٌ مُرْبِحةٌ يَسَّرَها لَهُمْ رَبُّهُمْ، أرادَتْهُمُ الدُّنْيا فَلَمْيُرِيدُوها، وَ أسَرَتْهُمْ فَفَدَوْا أنْفُسَهُمْ مِنْهَا

أمَّا اللَّيْلَ، فَصافُّونَ أقْدامَهُمْ تالِينَ لِأجْزاءِ الْقُرْآنِ، يُرَتِّلُو نَها تَرْتِيلاً، يُحَزِّنُونَ بهِ أنْفُسَهُمْ، وَ يَسْتَثِيرُونَبهِ دَواءَ دائِهِمْ

وَ إِذا مَرُّوا بِآيَةٍ فِيها تَخْوِيفٌ أصْغَوْا إِلَيْها مَسامِعَ قُلُوبِهِمْ، وَ ظَنُّوا أنَّ زَفِيرَ جَهَنَّمَ وَ شَهِيقَها فِي أُصُولِ آذانِهِمْ

فَهُمْ حانُونَ عَلَى أوْساطِهِمْ، مُفْتَرِشُونَ لِجَباهِهِمْ وَ أكُفِّهِمْ وَ رُكَبِهِمْ وَ أطْرافِ أقْدَامِهِمْ، يَطْلُبُونَ إِلَى اللَّهِ تَعالى فِي فَكاكِ رِقابِهِمْ

وَ أمَّا النَّهارَ، فَحُلَماءُ عُلَماءُ أبْرارٌ أتْقِيَاءُ، قَدْ بَراهُمُ الْخَوْفُ بَرْيَ الْقِداحِ، يَنْظُرُ إِلَيْهِمُ النَّاظِرُ فَيَحْسَبُهُمْ مَرْضَى وَ ما بِالْقَوْمِ مِنْ مَرَض

وَيَقُولُ لَقَدْ خُولِطُوا وَ لَقَدْ خالَطَهُمْ أمْرٌ عَظِيمٌ، لا يَرْضَوْنَ مِنْ أعْمالِهِمُ الْقَلِيلَ،وَلا يَسْتَكْثِرُونَ الْكَثِيرَ

فَهُمْ لِأنْفُسِهِمْ مُتَّهِمُونَ، وَ مِنْ أعْمالِهِمْ مُشْفِقُونَ، إِذا زُكِّيَ أحَدٌ مِنْهُمْ خافَ مِمَّا يُقالُ لَهُ، فَيَقُولُ: أنَا أعْلَمُ بِنَفْسِي مِنْ غَيْرِي ، وَ رَبِّيأعْلَمُ بِي مِنِّي بِنَفْسِي ؛ اللَّهُمَّ لا تُؤَاخِذْنِي بِما يَقُولُونَ، وَ اجْعَلْنِي أفْضَلَ مِمَّا يَظُنُّونَ، وَ اغْفِرْ لِي ما لا يَعْلَمُونَ

فَمِنْ عَلامَةِ أحَدِهِمْ: أنَّكَ تَرَى لَهُ قُوَّةً فِي دِين، وَ حَزْماً فِي لِين وَ إِيمَاناً فِي يَقِينٍ، وَ حِرْصاً فِي عِلْمٍ

وَ عِلْماً فِي حِلْمٍ، وَ قَصْداً فِي غِنًى ، وَ خُشُوعاً فِي عِبادَةٍ، وَ تَجَمُّلاً فِي فاقَةٍ، وَ صَبْراً فِي شِدَّةٍ، وَ طَلَباً فِي حَلالٍ وَ نَشاطاً فِي هُدىً وَ تَحَرُّجاً عَنْ طَمَع

يَعْمَلُ الْأعْمالَ الصَّالِحَةَ وَ هُوَ عَلَى وَجَلٍ، يُمْسِي وَ هَمُّهُ الشُّكْرُ، وَ يُصْبِحُ وَ هَمُّهُ الذِّكْرُ

يَبِيتُ حَذِراً، وَ يُصْبِحُ فَرِحاً: حَذِراً لَمَّا حُذِّرَ مِنَ الْغَفْلَةِ، وَ فَرِحاً بِما أصابَ مِنَ الْفَضْلِ وَ الرَّحْمَةِ

إِن اسْتَصْعَبَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ فِيما تَكْرَهُ لَمْ يُعْطِها سُؤْلَها فِيما تُحِبُّ، قُرَّةُ عَيْنِهِ فِيما لا يَزُولُ، وَ زَهادَتُهُ فِيما لا يَبْقَى يَمْزُجُ الْحِلْمَ بِالْعِلْمِ، وَ الْقَوْلَ بِالْعَمَلِ

تَراهُ قَرِيبا أمَلُهُ، قَلِيلاً زَلَلُهُ، خاشِعا قَلْبُهُ، قانِعَةً نَفْسُهُ، مَنْزُورا أكْلُهُ، سَهْلاً أمْرُهُ، حَرِيزا دِينُهُ، مَيِّتَةًشَهْوَتُهُ مَكْظُوما غَيْظُهُ، الْخَيْرُ مِنْهُ مَأمُولٌ، وَ الشَّرُّ مِنْهُ مَأمُونٌ

إِنْ كانَ فِي الْغافِلِينَ كُتِبَ فِي الذَّاكِرِينَ، وَ إِنْ كانَ فِي الذَّاكِرِينَ لَمْ يُكْتَبْ مِنَ الْغافِلِينَ

يَعْفُو عَمَّنْ ظَلَمَهُ، وَ يُعْطِي مَنْ حَرَمَهُ، وَ يَصِلُ مَنْ قَطَعَهُ، بَعِيدا فُحْشُهُ، لَيِّناً قَوْلُهُ، غَائِباً مُنْكَرُهُ حاضِراً مَعْرُوفُهُ، مُقْبِلاً خَيْرُهُ، مُدْبراً شَرُّهُ، فِي الزَّلازِلِ وَقُورٌ، وَ فِي الْمَكارِهِ صَبُورٌ، وَ فِي الرَّخاءِ شَكُورٌ

لا يَحِيفُ عَلَى مَنْ يُبْغِضُ، وَ لا يَأثَمُ فِيمَنْ يُحِبُّ، يَعْتَرِفُ بِالْحَقِّ قَبْلَ أنْ يُشْهَدَ عَلَيْهِ

لا يُضِيعُ مَا اسْتُحْفِظَ، وَ لايَنْسَى ما ذُكِّرَ، وَ لا يُنابِزُ بالْألْقابِ، وَ لا يُضارُّ بالْجارِ، وَ لا يَشْمَتُ بالْمَصائِبِ، وَ لا يَدْخُلُ فِي الْباطِلِ وَ لا يَخْرُجُ مِنَ الْحَقِّ

إِنْ صَمَتَ لَمْ يَغُمَّهُ صَمْتُهُ، وَ إِنْ ضَحِكَ لَمْ يَعْلُ صَوْتُهُ، وَ إِنْ بُغِيَ عَلَيْهِ صَبَرَ حَتَّى يَكُونَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي يَنْتَقِمُ لَهُ

نَفْسُهُ مِنْهُ فِي عَناءٍ، وَ النَّاسُ مِنْهُ فِي راحَةٍ، أتْعَبَ نَفْسَهُ لِآخِرَتِهِ، وَ أراحَ النَّاسَ مِنْ نَفْسِهِ

بُعدُهُ عَمَّنْ تَباعَدَ عَنْهُ زُهْدٌ وَ نَزاهَةٌ، وَ دُنُوُّهُ مِمَّنْ دَنا مِنْهُ لِينٌ وَ رَحْمَةٌ، لَيْسَ تَباعُدُهُ بِكِبْرٍ وَ عَظَمَةٍ، وَلا دُنُوُّهُ بِمَكْرٍ وَ خَدِ يعَةٍ

قالَ :فَصَعِقَ هَمَّامٌ صَعْقَةً كانَتْ نَفْسُهُ فِيها

فَقالَ أمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عليه السلام : أما وَ اللَّهِ لَقَدْ كُنْتُ أخافُها عَلَيْهِ ،ثُمَّ قالَ: هَكذا تَصْنَعُ الْمَواعِظُالْبالِغَةُ بأهْلِها

فَقالَ لَهُ قَائِلٌ :فَما بالُكَ يا أمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟

فَقالَ عليه السلام : وَيْحَكَ! إِنَّ لِكُلِّ أجَلٍ وَقْتا لا يَعْدُوهُ، وَ سَبَبا لا يَتَجاوَزُهُ، فَمَهْلاً لا تَعُدْ لِمِثْلِها، فَإِنَّما نَفَثَ الشَّيْطانُ عَلَى لِسانِكَ

بعد الاساءة التي تعرضت لها السيدة عائشة (رض) والضجة الاعلامية التي اثارها التكفيريون ضد المذهب الشيعي , افتى قائد الثورة الاسلامية السيد الخامنئي بحرمة سب الصحابة والنيل من نساء الرسول (ص) .

شدد آية الله السيد علي الخامنئي قائد الثورة الاسلامية عبر استفتاء تقدم به جمع من علماء ومثقفي الإحساء على حرمة النيل من رموز أهل السنة , فضلاً عن اتهام زوجات النبي (صلى الله عليه وآله) بما يخل بشرفهن هذا التصريح جاء بعد الإثارة الإعلامية التي أثارها المدعو ياسر الحبيب بتعرضه لأم المؤمنين عائشة (رض) وتطعن في عرضها ولبعض رموز أهل السنة.

نص الاستفتاء .

سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي الحسيني دام ظله الوارف

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

تمر الأمة الإسلامية بأزمة منهج يؤدي إلى أثارت الفتن بين أبناء المذاهب الإسلامية ، وعدم رعاية الأولويات لوحدة صف المسلمين ، مما يكون منشأ لفتن داخلية وتشتيت الجهد الإسلامي في المسائل الحساسة والمصيرية ، ويؤدي إلى صرف النظر عن الانجازات التي تحققت على يد أبناء الأمة الإسلامية في فلسطين ولبنان والعراق وتركيا وإيران والدول الإسلامية ، ومن إفرازات هذا المنهج المتطرف طرح ما يوجب الإساءة إلى رموز ومقدسات إتباع الطائفة السنية الكريمة بصورة متعمدة ومكررة .

فما هو رأي سماحتكم في ما يطرح في بعض وسائل الإعلام من فضائيات وانترنت من قبل بعض المنتسبين إلى العلم من اهانة صريحة وتحقير بكلمات بذيئة ومسيئة لزوج الرسول صلى الله عليه واله أم المؤمنين السيدة عائشة واتهامها بما يخل بالشرف والكرامة لأزواج النبي أمهات المؤمنين رضوان الله تعالى عليهن.

لذا نرجو من سماحتكم التكرم ببيان الموقف الشرعي بوضوح لما سببته اثارات المسيئة من اضطراب وسط المجتمع الإسلامي وخلق حالة من التوتر النفسي بين المسلمين من إتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام وسائر المسلمين من المذاهب الإسلامية .

علما ان هذه الإساءات استغلت وبصورة منهجية من بعض المغرضين ومثيري الفتن في بعض الفضائيات والانترنت لتشويش وإرباك الساحة الإسلامية وإثارة الفتنة بين المسلمين .

ختاما دمتم عزا وذخرا للإسلام والمسلمين .

التوقيع

جمع من علماء ومثقفي الاحساء


نص فتوى اية الله العظمى السيد الخامنئي

بسم الله الرحمن الرحيم

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

يحرم النيل من رموز إخواننا السنة فضلاً عن اتهام زوج النبي (صلى الله عليه وآله) بما يخل بشرفها بل هذا الأمر ممتنع على نساء الأنبياء وخصوصاً سيدهم الرسول الأعظم(صلّى الله عليه وآله).

الجمعة, 02 أيلول/سبتمبر 2011 14:16

حذار من "مصائد" الناتو والموساد

رحم الله رنيس علماء المسلمين في الجزائرو القائد الجهادي الكبير في ثورة المليون شهيد عبد الحميد بن باديس والذي ينقل عنه انه قال : " والله لو طلبت مني فرنسا ان اقول لا اله الا الله لرفضت "

استحضر هذا الكلام اليوم وامامي في لوحة اخبار الانترنيت "الشيطانية" عناوين من صحيفة القدس العربي الغراء تقلق الكثيرين ممن قلبهم على ابناء الصحوة الاسلامية الممتدة من ضفاف المحيط الطلسي الى سواحل المحيط الهندي منها على سبيل المثال لا الحصر : مراسل يدعوت احرنوت العبرية تسور شيزاف من طراباس الغرب: الثوار استقبلوني بحرارة ... ! وتحته عنوان فرعي اخطر : معارض ليبي لصحيفة هآرتس : سنعمل على وضع حد لتهريب الاسلحة الى قطاع غزة ....- وتحته عنوان فرعي ثالث : شركات سياحية (اسرائيلية) بدأت بالتحضيرات لتنظيم زيارات الى الجماهيرية ....اكتب لكم هذا وقلبي من جهة يكاد يتفطر الما من اخبار اخطر تصلنا عما يعد لهذه الامة من مخططات جهنمية , ولكن من جهة اخرى يكاد يطير فرحا من اخبار مشرقة تحدثنا عن غد واعد ينتظر هذه الامة العظيمة .

لم ارد من خلال نقل العناوين المذكورة اعلاها ان احمل اخوتي الليبيين من الثوار الشرفاء من رجالات القائد الثائر عمر المختار, ما يجري على ارضهم من حروب مخابراتية واستنزافية لمواردهم سيكشف الزمن ما هو اخطر مما نسمعه او نقرأه الآن , كما اعرف بالمقابل بان اعداد حفظة القرآن في ليبيا والقابضين على دينهم وقيمهم كالجمر , ربما هم الاكثر من سائر اقطار الوطن العربي والاسلامي بالمقارنة مع عدد السكان , وان ازاحة حكم الطاغية عن صدورهم ليس بالامر البسيط او اليسير , وانه هو من فتح اصلا الباب على مصراعيه للتدخلات الاجنبية الى الساحة الليبية الشريفة .

لكن بالمقابل فان الحديث الشريف يقول " المؤمن كيس فطن " وحديث آخر يقول :" لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين", اذ يكفي ان تتذكروا عراق الامس القريب وراهنه العجيب .

ثم تعالوا سوية لنقرأ ماذا يقول عوديد عيران رئيس بحاث الامن القومي "الاسرائيلي" في معهد افي بحثه ذي العنوان الاستشراقي المشبوه اصلا : " الغرب والربيع العربي" :

" لابد للغرب ومن اجل امتصاص نسغ الثورة واحتوائها من توفير رافعة اقتصادية على غرار ما جرى في دول شرق اوروبا وبالتالي اصطياد هذه الثورات حتى يتحقق نموذج التغيير كما حصل في نلك البلاد بما يطمئننا وحتى لا تاخذ اليقظة العربية مداها وبذلك نحول العرب الى عربة في قطار الغربمن الناحية القيمية واليسياسية...... "

نعم لا شك لدي ولامثالي من الحريصين على عدم جرح مشاعر الثوار الحقيقيين بان ما يجري في الوطن العربي الاسلامي الكبير من اقصاه الى اقصاه انما هو صحوة ضمير ووجدان ووعي وذاكرة يحاول الشعب العربي ان يتشبث من خلالها بكل ما اوتي من قوة بتلابيب حراكه من اجل انجاز مهمة القيام على الطغيان والفساد والاستبداد بنجاح وباستقلالية قرار والعين مصوبة على فلسطين .

ولهذا السبب بالذات ثمة ثورة رجعية مضادة وقراصنة متعددي الاسماء والاشكال والعناوين بعضهم قادم من وراء البحار البعيدة وبعضهم من ابناء جلدتنا للاسف الشديد يقودهم ناظم واحد هو الحكومة العالمية الخفية للمال ولرجال الاعمال من سراق الهيكل وناهبي ثروات الشعوب والامم قد يبدأون من مجموعات "بيلدين بيرغ" الصهيونية العالمية ولا ينتهون عند اعتاب قصور وكلاء البترودولار "العربي" و"المسلم" المتحركة ميولهم واتجاهاتهم حسب بندول البورصات العالمية التي تؤمن مصالح ومنافع تيجانهم وعروشهم او احلام بعضهم الامبراطورية التي باتت متناغمة مع عملية قرصنة العصر الكبرى الآنفة الذكر .

اقول هذا وانبه له واحذر منه اخواني واخواتي ممن يمسكون بالقلم اليوم ويهيمون في الدفاع عن "ضرورات" الاستعانة بالاطلسي وغير الاطلسي بحجة ان الحاكم الطاغية لم يترك لنا مجالا للدفاع عن انفسنا سلميا , او بذريعة ان الحاكم قد اصبح هو المشكلة وليس جزءا من الحل عندما يتباطأ بالاصلاح او يخادع به من اجل كسب الوقت , لاسألكم بالله عليكم ما الفرق بين هذه الاستعانة واستعانة "العراقيين" بالغزو المتعدد الجنسيات لبلادهم ؟

الا نسمع اليوم صرخات حكام متورطون في بيع العراق وكتاب روجوا لصوابية غزوه وزعماء عراقيون ركبوا دباباته واعطوا احداثيات قصف منشآت بلادهم وهم اليوم يترحمون على ايام ما قبل الغزو ؟

اما انا فلا اترحم البتة لا على طاغية سابق ولا على طاغية يرحل الآن , لكنني ادين و اشفق على بطانة احتلال اولى وبطانة احتلال جديدة كلاهما من دعاة ومروجي الاستقواء بالخارج والديمقراطيات النازلة بالبرشوت او "الانتداب الديمقراطي" الذي استصرخه الزعيم الدرزي وليد جنبلاط يوما بسبب "التخلي" والتيه الذي يبدو انه لا يزال يواكبه كظله يدفعه مع كل يوم جديد الى عملية "تخل" جديدة بسبب عدم شفائه من المرض الاصلي والاساس الا وهو الرهان على غير هوية اهله الموحدين والنظر الدائم الى ما وراء البحار و وانتظار حبال النجاة التي يرميها اليه والى غيره مرة جيفري فيلتمان ومرة احدى "السينات" العربية واخرى "تاء" الاطلسي التائهة في رمال الصحوة العربية والاسلامية الكبرى .

ثمة من الخبثاء من يريد ان يضع نداء العدالة والحريات بوجه بوصلة الدفاع عن فلسطين وصيانة المقاومة والمقاومين , وثمة من سولت له نفسه ان ماله وامبراطوريته الاعلامية والدعائية يمكن ان يستخدمها للايقاع بين المهمتين منخرطا في حروب الفتن المذهبية والطائفية المتنقلة , لاولئك وهؤلاء نقول ان صوت الحرية والعدالة لا يمكن ان يخرج من فوهات بنادق الناتو او اذناب الامريكيين الصغار , وتبقى فلسطين هي القبلة السياسية دوروا معها حيث دارت وما النجاة الا بها والا فان عار التاريخ سيظل يلاحقكم مهما صرفتم من اموال باسم الدفاع عن الحريات الزائفة , ذلك ان من يتآمر او يتغافل عن اسر فلسطين فانه هو نفسه من يتآمر على الحريات والعدالة مهما رفع من شعارات خادعة وجذابة .

فحذار حذار يا عرب ويا مسلمون مما ينتظرنا من امتحان واختبار قاس يختلط فيه الحق بالباطل وهو من سمات عصر الفتن الكبرى وتذكروا المجاهدين الاوائل ومنهم عبد الحميد بن باديس وارفضوا اي طلب يقدم اليكم منهم ايا كانت "صوابيته الظاهرة" لانه غالبا ما يكون كلام حق يراد به باطل , وتذكروا كلام ذلك الشيخ الحكيم التسعيني الراحل الامام الخميني الكبير عندما كان يقول : " كلما سمعت امريكا تمدحك ابدأ بتأمل وتلمس ما فعلت وشكك بنفسك فالامر مريب"

الخميس, 01 أيلول/سبتمبر 2011 08:08

التآلف والتسامح في القرآن الكريم

للإنسان علاقات فاعلة يرجع إليها الحكم في تحركاته مع من حوله من بني البشر، تقف في قبال العلاقات الثابتة مع ما سواهم في قائمة الوجود، فهذه ليست إلا علاقة من طرف واحد تنحصر الفائدة فيها بالإنسان!

ولكن ولكي يكون التفاعل بمستوى الطموح فإنه يتطلب الوقوع على أكبر كم من الافتراضات الأساسية [1] للبرمجة الأخلاقية القرآنية فهي مليئة بكلمات القوة والقدرة على تصعيد وتيرة العلاقات الإيجابية..

وهناك ثلاث محاور مؤكدات في الفرضيات القرآنية الذي هو مصدر الفيض الفكري والمعنوي الإسلامي والمحاور هي: الإلفة.. التسامح.. العفو.

وإن هذه مراحل قد تتقارب في المفهوم ولا يخلص إحدها عن الآخرى إلا بعد الإبصار بالفوارق الدقيقة بينها.

التألف: هو المداراة والاستيناس [2] .

المسامحة: المساهلة وتسامحوا تساهلوا والتسامح من المسامحة [3] . العفو: ويكون بمعنى المحو ﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ﴾، وتأتي بمعنى أخذ الميسور﴿ خُذِ الْعَفْوَ ﴾ أي الميسور من أخلاق الناس ولا تستقص عليهم [4] ، ولكنه بهذا التعريف يمكن عده بندا من بنود التسامح إذا جعلنا التساهل أعم من الرفق وأخذ الميسور..

• السلوكيات الثلاث مورد اهتمام الملائكة:

لقد جاء منطق الملائكة مشفقا من أن يؤول أمر الخلق الذي سمعوا لإعلانه الجديد إلى علاقة تنافر تجر ورائها كل ألوان العنف وسيطرته على الأرض فيسري الإفساد ويتجشم فيه هذا المخلوق كل مشقة ويخوض كل غمرة وسيكون أخطرها سفك الدم كل ذلك عندما تغيب علاقة التواؤم والتلاحم في طبائعها الثلاثة الرئيسة: التآلف.. التسامح.. العفو..

قال من له الحجة جميعا: ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ﴾ [5] .

وهكذا تتحول عناويننا المطروحة إلى مواثيق!

حينما يكون المخلوق عاقلا فإنه لا يحتاج إلى تسيير ولا إلى جبر وقسر على الاستقامة وفق الطريقة التي هتف بها القرآن ذات مرة فقط: ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا ﴾ [6] ، بل إن تسييره يساوي الشهادة على نقص خلقه وعدم قابلية هذا العقل الذي هو من أحب ما خلق الله تعالى للإرسال..

بينما سيكون الاعتماد على العقل كليا وفي المهام الصعبة التي ينفذ إليها بقوة إدراكه شاهد في المقابل يقر له بكمال القوة التي بها يستطيع أن يستقل في حاجته كما أن صحة اللوم في الذوق لمن يعقل ولا يعمل ومن ثم استحقاق الجزاء شاهدان على كماله في نفسه لنا أن نتصور شاهدا على يمينه وآخرعلى شماله.

ولأجل أن لا يتوهم كونه مسيرا أو ناقصا غير كامل ذكر في القرآن بميثاقه المشتمل على المواثيق الثلاثة «التآلف والتسامح والعفو» يقول ملك يوم الدين: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ﴾ [7] وعندما نركز النظر في الميثاق القرآني نجده يفشي أطروحة إلهية للتآلف والتواصل تشتمل على طرف إيجابي يتبعه طرف سلبي..

أما الإيجابي: وهو ما عبرنا به من الذكر الحكيم ويشتمل على ثمانية أهداف يحققها المتآلف والمتسامح.

وأما السلبي: فتطالعنا به الآية الملاصقة لتلك يقول ملك الناس: ﴿ وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لَا تَسْفِكُونَ دِمَاءَكُمْ وَلَا تُخْرِجُونَ أَنْفُسَكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ ﴾ [8] ، وتضم صورتين هما الأخطر فتكا بالتآلف والتألف الاجتماعي، الإخراج من الديار، أو الاخراج من الدار الدنيا بسفك الدم؟!

العفو الوجه المشرق للتسامح:

إنه الوسيلة الانسانية الأقوى لإطفاء نار الانتقام في النفوس، وللتنفيس عن الغضب والابتعاد عن التشفي بالآخر؛ لأن هذه سمات وأحاسيس تظهر القبح الفاعلي إذ قد يمارس ابن الانسان معروفا يرجع إلى الحُـسْن الفعلي ولكن بقبح فاعلي ــــ هذا في القاموس الكلامي ــــ وبنفس مخنوقة ومريضة ــــ في المعجم النفسي المعاصر ــــ لهذا ربما كان الحق مشروعا ولكن يتوسط الشرع الكريم بمشورة العفو عن الحق لحماية النفس من هذا القبح وهذه الأمراض الروحية..

لهذا أمر بالعفو حتى في أجواء القصاص يقول من إليه مرجع العباد: ﴿ فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيم ﴾ [9] .

فمادة «ع. ف. ى» بكل تصريفاتها مرآة للمعنى الروحاني الذي لا يميل ولا يحيف ولا يجافي وهذه مخاييل التقوى كما هو وصف ذي الجلال: ﴿ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى ﴾ [10] .

مفاتيح التآلف والصفات العاضدة له:

لقد شغل القرآن حيزا منه بعرض خارطة الطريق إلى الإنسانية المشتركة في مركبها الثلاثي «التآلف والتسامح والعفو»، ولكنه تعامل مع هذه المفردات ككلمات أجنبية تقتضيه تفسيرا وتبيينا للناس فنزلها منزلة الكلمات التي قد ينطق بها الناطق ولكن لا يشعر بانسباق أي معنى إلى ذهنه أو يصل إليه المعنى المجازي أو الكنائي قبل الحقيقي، وهذا أسلوب ينتجعه القرآن الكريم للفت العقول

وفي ظل هذا أطال قرآننا المجيد التركيز على هذا العدد البسيط من الكلمات وربطها بآلتها السلوكية الاتية.. إذن هي سلوك في جذر سلوك بل جذور سأضع لها سلسلة في ذهن القارئ ليعد حلقاتها كالتالي:

1 ـــ فمن القواعد المهمة الاختلاط: يقول اللطيف الخبير: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ﴾ [11] فبالرغم من شدة حراجة الموقف وصعوبة المرحلة في التعامل مع اليتيم إلا أن الخطاب الحكيم لم يتجه بالمسؤولية إلى ترك المخالطة بل إن التعبير بـ﴿ إخوانكم ﴾ مشعر منذر بحاجتهم المعنوية إلى المتألفين لهم فالتخلي عنها تخلي عنهم؟!

وفي الآية نسبة أخرى إلى مبدأ التألف ننتظر بها نهاية الورقة!

2 ـــ ومن مجددات الطاقة في العشرة: الروحانية والعبادة:

فهذا ما قد أوضحه الواحد القهار: ﴿ وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَالْجَارِ ذِي الْقُرْبَى وَالْجَارِ الْجُنُبِ وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ مَنْ كَانَ مُخْتَالًا فَخُورًا ﴾[12] .

فإنه قد جعل الورود التسع في باقة الإحسان مجرورات وراء عبادة الله تعالى والحذر من الشرك به جليا كان أو خفيا؛ إذ قد يشرك السالك بين الله ورغبات نفسه وهنا يتوقف النزاع بين أمر الله والنفس بالطاعة وقوف الحق بين يدي المتنازعين؟!

وإنه سبحانه وله الحمد لم يضع الندبة إلى تلك المكارم خلف الندبة إلى عبادته إلا لأجل أن يكشف للمتنورين بالقرآن عن أن العبادة تمنح الاستعدادات الروحانية الكامنة بقاء أطول ونفسا أجمل؛ إذ ليس شكوى بني البشر فيما نرى من تعثر برامج الإحسان لديهم نقص في الاستعداد فهو فطري ولكن ثمة مشكلة عارضة وهي قاصرية التحمل وعدم عمق النفس "اللهم ما عرفتنا من الحق فحملناه وما قصرنا عنه فبلغناه... " [13]

3 ـــ ومن أذرعة القوة لمن يريد التآلف في صورة السلم: الخوف من الله تعالى: مما جاء به العزيز العليم: ﴿ لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لِأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [14] .

فالخوف من الله سبحانه يجعلك تقبل متألفا الآخر وإن لم يقبل هو عليك..

4 ـــ ومن بين مصادر القوة أيضا حب الله جل وعلا: قال بديع السموات والأرض: ﴿ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾.

5 ـــ ومن شروطها المعتبرة تنظيم الصفوف للبرامج الدينية: لتتم بحضور الجماعة أو تنسب إليها وإن لم تكن الجماعة قد نزلت في مكان واحد وزمان فارد.. وهذا ما يصفه اللطيف الخبير وصفا جماعيا: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ ﴾، ولما كان ذلك يكاد لا يتحقق دون مظهر أتبع قائلا: ﴿ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ ﴾ [16] .

فعدد وحدد الصفات بلفظ الجمع!

6 ـــ ومن احتياطات السلامة في مبدأ التآلف والتعاطف: تشريع منهج الكلمة وحدود الكلمة ومسؤولية الكلمة قال من كلمته هي العليا: ﴿ ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ﴾ [17] .

التحالف نعمة إلهية:

ففي أنصع إضاءة قرآنية حول الموضوع يأتي قوله تعالى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ * وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [18] .

فهي تبرز نعمة التآلف المرغوبة لكل بني البشر في نطاق النعمة الوهبية «وليس الكسبية»، التي تصدر من سجل المنن الإلهية خاصة ويمكن أن تكون هذه الدعوى في نقطة أقرب إلى البصيرة مع قوله حسنت ألآؤه: ﴿ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنْفَقْتَ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا مَا أَلَّفْتَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ [19] .

والمواد التي عجنت منها هذه النعمة ــــ الإلفة ــــ هي تعاليم الدين المبين وحبله المتين إذ قد فسر ذلك بالإيمان [20] .

وهذه النعمة قمينة بالشكر الدائم الذي يجب أن يتمثل في الاهتمام بها ودعم مواقفها سواء في سطح العلاقات الثنائية أو حتى العمومية منها.. فعندها نتمكن من تلمس النعمة ولن يحتفظ النظر بصورة النعمة إلا إذا كان مرئ الضد في ذهنه لذا قال تعالى:﴿ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ ﴾.

الجواب الأنسب لسؤال:

ما هو التسامح؟

إن التسامح يفهم بمعنى التحكم الذكي في حجم ومساحة المشكلة دون أن تكبر أو تتمدد في الموقعية النفسية فيقبل على كل إساءة بالعفو، والعفو هذا بند من بنود التسامح كما صرح الوجه اللغوي في رأس البحث.

والمتسامح قوي الأمل كثير الترجي بعيد التمني في الطرف المواجه له وبذلك يصبح صبورا على الآخر. وإذا اطلعنا على أن التسامح تطبيق لفكرة الإحسان فإنه عملية اختراق للنفسيات المأزومة دون الغفلة عن كونها مأزومة أوحى الله تعالى: ﴿ وَلَا تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [20] .

فمع الاطلاع على الخائنة منهم وقلة الموفين حمل وبلسان مولوي على العفو والصفح لأن العفو والصفح إحسان يناسبه خاتمة الآية﴿ إن الله يحب المحسنين ﴾.

وقد جاء كل ذلك في سبيل أن ندرك من هذا النوع للتآلف والتسامح أمرين: -

1 ــ ان الصفح والعفو إحسان يحمل السقيم على الصحة والفاسد على الصلاح ولو في طول أمد وهذا ما يتحمل الصبر عليه الأنبياء عادة.

2 ــ أن لا ينشغل ولا ينصرف فيما لا يكون ضرره ظاهر أو يكون ضرره عليه خاصة كما في التنزيل المجيد: ﴿ لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ ﴾ [21]

• صور ذات نضارة وغضارة:

وليست صورا لمواقف بل هي صور لمبادئ يتعين الحذو حذوها، وسيقل التعليق في مواردها لئلا يؤثر على جماليتها المشعة:

أ» الالفة لطافة تسمح بالتدخل في بعض خصوصيات الفرد:

ومن أخص الخصوصيات البيوت وقد فتح الله عز وجل بمفتاح الالفة والتقارب إحدى عشر بابا لاحدى عشر بيتا وجعل بعضها يطل على بعض وإن بعدت الشقة قال تعالى جده: ﴿ لَيْسَ عَلَى الْأَعْمَى حَرَجٌ... وَلَا عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبَائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوَانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَوَاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمَامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوَالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خَالَاتِكُمْ أَوْ مَا مَلَكْتُمْ مَفَاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعًا أَوْ أَشْتَاتًا فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾ [22] .

ب» بل إن الالفة والانسجام إذا بدأ بطريقة التعارف والتدارس فسوف يفتح ابواب الحدود الإقليمية ليربط بين الشعوب وهذه هي دعوة الحق: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ ﴾ [23]

ج» التسامح والعفو يشيع الأمان في المجتمع بطريقة مثالية وهي تصغير الجاهل الذي لا تكبر المشكلة إلا إذا كـُـــبّـرَ، والآية هي: ﴿ وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا ﴾ [24] .

ما يشين الالفة..

تمتزج الالفة بما يذهب بصفائها كما يمتزج الماء بما يجاوره فيأخذ شيئا من ريحه أو طعمه أو لونه وهنالك يرفع بنو البشر عنه اليد لصالح الواردة من الدواب؟! ولم تـُهَمّش هذه القضية في القرآن ولكن رصدها في آيات متناثرات على صفحات النور والكتاب المسطور وأنى لي أن أجردها هنا ولكن حسبي أن ألتقط منها ما نطمئن معه بسببية بعض السلوكيات في قطع الجاذبية بين المتآلفين:

1 التشتت الديني:

إن من أعمق أسباب التفرق على الاطلاق هو الانقسامات الدينية والتي تحدث في الدين أو المذهب الواحد عندما لا يكون أهل ذلك المذهب بمستوى من القدرة على التسامح والتآلف، وقد ألمع إليها القرآن يقول: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾ [25] .

2 العناية بالرأي الذاتي:

وأوسط مثال يتجانف بنا عن الحساسيات أن يعتد الانسان برأيه في الآخرين ويفتح لنفسه شغلا يوميا وهو التعمق فيمن حوله وهو تحرك أراد له القرآن أن يشل قال الله العظيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ [26]

فقد كان لبعض المسلمين في الصدر الأول اجتهادات ترتب عليها سفك للدماء المحرمة وقد تبرأ الرسول صلى الله عليه واله منها!!

وهنا مثال قرآني آخر يقول رب العزة والجلال: ﴿ وَلَا تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ مَا عَلَيْكَ مِنْ حِسَابِهِمْ مِنْ شَيْءٍ وَمَا مِنْ حِسَابِكَ عَلَيْهِمْ مِنْ شَيْءٍ فَتَطْرُدَهُمْ فَتَكُونَ مِنَ الظَّالِمِين ﴾ [27]

فحسب معطى الآية يكفي لللوذان بالصمت حيال المستجد دينيا أومن لم ينكشف أمره أن يراجع الإنسان نفسه بسؤالين:

هل عليّ من حسابهم من شيء؟

ألا أخاف أن أكون من الظالمين في نهاية المواجهة؟

3 الغلظة والفضاضة:

نقرأ جميعا: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ ﴾ [28] .

فاللين الوهبي كما هو ظاهر التعبير بالرحمة التي ربما فسرت بالعصمة، أو الكسبي، وكذا العفو عنهم أبرزا بدءا وختاما كبدل عن الفظاظة والغلظة التي تدعو للانفضاض عنه وترك الانقضاض عليه!

4 المن والأذى:

قد يتألف الغني والمستطيل الفقراءَ بالمنحة والنحلة وتهيئة الملبوس والمأكول والمشروب ليزيده قربا منهم وهذا من طبع العطاء وصميم بسط اليد إلا أن خطيئة واحدة وجنية لا يزيد عليها شيء وهي المن والأذى يقلب التألف إلى حقيقة أخرى لم يكن سعي الساعي من أجلها يقول الجواد بالعطيات: ﴿ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ ﴾ [29] .

5 النزعات القومية:

وهي شكل من اشكال الحمية الجاهلية تولد الكثير من المساوئ وقد تصل إلى حد التراشق الاعلامي الذي يمتلئ باستبساط العقول وتحقير الطاقات والتشكيك في صلاحية الجوار «سوء الظن»، فيندفع الانسان أو القومية في التعبير عما يؤكد تلك الانطباعات الجائرة.. هكذا في الذكر الحكيم: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلَا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الِاسْمُ ﴾ [30] .

واللافت في الآية الشريفة تخطئتها للثقة المفرطة بالنفس أو الموقعية فيظن بنفسه أو بشعبه وموقعيتهم التقدم والارتفاع على شركاء المحيط، فخاطبه القرآن بما يعترف به وعيه الباطن وهو التقدير ومشروعية توقع النجاح والفوز عند الآخر ﴿ عسى أن يكونوا ﴾... ﴿ عسى أن يكنّ ﴾..

و التقدير أو التوقع الحسن إيجابية في النظرة وهي لا تجتمع مع الطريقة السيئة في التعامل فبتحقق النظرة العادلة تتبدل موازين العلاقة مع الآخر إلى الأحسن والعكس من العكس.

المؤمن جندي متعاون:

وهكذا توسع القرآن الكريم في هذا الموضوع حتى بين للناس أن الإلفة وما يلحقها خطوط عريضة في هذه الحياة التي يجب أن لا تخلو من القانون الذي يرتفع بها عن مشابهة حياة الغابة، قال الجليل في محكم التنزيل ﴿ وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ ﴾ [31] .

فكأنه يخاطب كل مؤمن بالقول: أن الالفة والتسامح والعفو ليس قضية خاصة فيما تجده علاقة فعلية بالنسبة لك وفقط.. بل هي قضية الإنسانية الأهم والأعم من بين قضاياها فأن مسؤوليتك لا تقف عند الرابطة بينك وبين الآخر فيما جمعتكم عليه الحياة من أمر معنوي «كالنسب» أو واقعي مادي.. بل ستبقى مخاطبا بالمسؤولية عن روابط الآخرين فيما بين بعضهم البعض إذا آلت إلى الخراب والاضطراب فيجب أن تتقدم من باب الهم الإنساني وتقوم بدور الترميم والتوضيب.

فأنت جندي يخلص لوظيفة الإصلاح، والعدل، والقسط، بغمض النظر عن أطراف الخصومة إن كانوا يعنونك أو لا يعنونك﴿ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾ [32] .

فلهي مهمة تـَـطردُ في كل أشكال الخلل في العلاقات وإن لم تكن في بُـعدِ الحربِ والقتال فلا يصح الاعتذار من أحد عن دور الوساطة وترميم العلاقة المتأثرة بأنها صغيرة أو أنها من الشأن الخاص، كيف وإن من هتافات القرآن الأخرى: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ ﴾ [33] .

فالصلاح والإصلاح وظيفة شاملة لكل حالات الفساد وإن كانت في أموال القصر الذين لا يملكون اليد ولا اللسان لصون أنفسهم وممتلكاتهم الشرعية، إذن هي ليست مهمة خاصة بوضعيات التخاصم والتدافع المباشر، هذا وفقا لما أشرنا إليه في المفتاح الأول من مفاتيح التآلف عند قول ذي الجلال: ﴿ وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قُلْ إِصْلَاحٌ لَهُمْ خَيْرٌ وَإِنْ تُخَالِطُوهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ ﴾ [34] .

تلقت إسرائيل، ضربة أمنية قاسية، بعدما تمكنت مجموعات فدائية من تنفيذ سلسلة عمليات على مستوى عال من الدقة والتنظيم، أسفرت عن مقتل ثمانية إسرائيليين، بينهم مسؤول في ما يسمى بـ«شعبة مكافحة الإرهاب»، وإصابة ما لا يقل عن 27 آخرين، على بعد بضعة كيلومترات من مدينة إيلات (ام الرشراش) قرب الحدود المصرية، نجح خلالها المنفذون في استهداف حافلة للركاب، كانت تنقل عدداً من جنود الاحتلال، قبل أن يستدرجوا قوات الجيش إلى كمائن متعددة، استخدمت فيها أسلحة رشاشة وعبوات متفجرة وصواريخ مضادة للدروع وقذائف هاون، وامتدت من فترة الظهيرة حتى المساء.

وكعادتها، سعت إسرائيل لإنقاذ هيبتها الأمنية باستهداف غزة، بعدما سارعت إلى اتهام «مجموعات مسلحة» في القطاع بتنفيذ هذه العمليات، في ما بدا أيضا محاولة من رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع ايهود باراك للخروج من الأزمة السياسية والاجتماعية التي تواجهها حكومتهما، إذ شنت طائراتها الحربية غارات جوية على قطاع غزة أسفرت عن استشهاد سبعة فلسطينيين بينهم قياديان في ألوية الناصر صلاح الدين، الذراع العسكري للجان المقاومة الشعبية، في وقت تعهدت المقاومة الفلسطينية بالرد على هذا التصعيد، فأطلقت مساء صاروخي «غراد» على مدينة عسقلان، تمكنت منظومة «القبة الحديدية» التي ينشرها الجيش الإسرائيلي في جنوبي فلسطين المحتلة، من اعتراض أحدهما.

في هذا الوقت، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارات على الشريط الحدودي بين إسرائيل وطابا، تزامناً مع اشتباكات خاضتها القوات المسلحة المصرية مع مسلحين في هذه المنطقة، علماً بأن منطقة سيناء تشهد منذ مطلع الأسبوع الحالي عملية أمنية تنفذها قوات الجيش والشرطة تحت اسم «خطة النسر». وأعلن الجيش المصري في وقت متأخر من الليل أن 3 جنود استشهدوا وأصيب آخرون ليل أمس في طابا في إحدى الغارات الإسرائيلية.

تفاصيل الهجمات

ورصدت وسائل الإعلام الإسرائيلية تفاصيل الهجمات التي دارت في منطقة إيلات على مقربة من الحدود مع مصر على النحو التالي:

الساعة 12.00 ظهراً: فتح ثلاثة مسلحين على الأقل، يرتدون ملابس عسكرية، ويشتبه في أنهم تسللوا عبر الحدود المصرية، نيران رشاشاتهم على الحافلة رقم 392 التابعة لشركة «إيغيد» لدى وصولها إلى تقاطع نيتافيم على الطريق رقم 12 بين مدينتي بئر السبع وإيلات، ما أسفر عن إصابة 14 شخصا.

الساعة 12.30: وصلت قوة عسكرية إلى موقع الهجوم، فقامت مجموعة ثانية من المهاجمين بتفجير عبوة عبر التحكم عن بعد ما أدى إلى إصابة أربعة جنود.

الساعة 12.35: أطلقت مجموعة أخرى عدداً من قذائف الهاون عبر الحدود المصرية، من دون وقوع إصابات.

الساعة 13.10: استهدفت إحدى المجموعات سيارة مدنية بصواريخ مضادة للدروع ما أسفر عن إصابة سبعة أشخاص.

الساعة 13.30: استهدفت مجموعة أخرى بصواريخ مضادة للدروع سيارة وفتحت نيران الرشاشات على حافلة أخرى ما أدى إلى مقتل سبعة أشخاص.

بعد ذلك، دارت معركة بالأسلحة النارية على بعد 20 كيلومترا شمالي إيلات، انتهت بمقتل ثلاثة مسلحين من منفذي العمليات.

وفي أعقاب العمليات أغلقت القوات الإسرائيلية جميع الطرق المؤدية إلى مدينة ايلات، كما وتوقفت حركة الملاحة الجوية في مطار «عوفداه» القريب من المدينة ونصبت العديد من الحواجز العسكرية على مداخل المدينة.

وعند السابعة مساءً، ذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن اشتباكاً جديداً وقع قرب الحدود المصرية، وأسفر عن إصابة جنديين بجروح خطيرة.

وذكرت صحيفة «جيروزاليم بوست» أن مسؤولاً بارزاً في شعبة مكافحة الإرهاب، يدعى باسكان افراهامي، قتل في اشتباك خلال عملية تمشيط أمنية للمنطقة التي وقعت فيها العمليات. وينظر إلى أفراهامي في إسرائيل على أنه «بطل أسطوري».

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن «سائق الحافلة جنب إسرائيل كارثة». ونقلت «يديعوت» عن شهود عيان قولهم إن السائق بيني بيليفسكي (60 عاماً) «لم يوقف الحافلة برغم إطلاق النار، وهو ما ساعد في عدم وقوع عدد أكبر من القتلى والجرحى»، مشيرين إلى أن جنوداً كانوا على متن الحافلة ردوا بدورهم على مصدر النيران.

وقال السائق لـ«يديعوت»: «قبل تقاطع نيتافيم سمعت أصوات إطلاق للنار، وقد أصابت الرصاصات الحافلة، واخترقت اثنتان منها الزجاج قرب مكان القيادة... لدي من الخبرة ما يكفي لمعرفة أنه يتوجب علي أن أواصل قيادة الحافلة حتى لا تكون الخسائر أكثر فداحة».

استهداف غزة

ومساءً، شنت الطائرات الحربية الإسرائيلية غارة على مدينة رفح في جنوبي غزة، أسفرت عن استشهاد ستة فلسطينيين، من بينهم قياديان بارزان في لجان المقاومة الشعبية.

ونعت لجان المقاومة الشعبية، في بيان، أمينها العام كمال النيرب (أبو عوض)، وقائدها العسكري عماد حماد، وقائد وحدة التصنيع خالد محمد شعث، إضافة إلى الناشطين عماد نصر وخالد المصري، والطفل مالك خالد شعث (تسعة أعوام).

وفجر اليوم شنت الطائرات الإسرائيلية غارة ثانية على غزة، أسفرت عن استشهاد طفل وإصابة خمسة مواطنين.

وكان المسؤولون الإسرائيليون قد مهدوا لاستهداف غزة بتحميل «جماعات مسلحة» في القطاع، من بينها لجان المقاومة الشعبية، المسؤولية عن تلك الهجمات، متوعدين بـ«رد قوي وسريع».

وقال نتنياهو، في بيان مقتضب، «نتحدث عن حادث خطير أصيب فيه إسرائيليون وتضررت (جراءه) سيادة إسرائيل»، متوعداً بالرد على منفذي الهجمات.

ولاحقاً عقد نتنياهو مؤتمراً صحافياً قال فيه إنه «إذا كانت المنظمات الإرهابية تعتقد أنها تستطيع إيذاء مواطنينا من دون دفع ثمن فان إسرائيل ستجعلها تدفع ثمنا باهظا.... مبدؤنا هو: ان ألحقتم الأذى بإسرائيل سنرد فورا وبكل قوة»، مضيفاً أن «الذين أمروا بقتل مواطنينا لم يعودوا على قيد الحياة».

وتوعدت ألوية الناصر صلاح الدين بالثأر لدماء قادتها الذين استشهدوا في الغارة، مشددة على أنها «ستلقن العدو الإسرائيلي درسا قاسيا لن ينساه ردا على هذا العدوان الغاشم كما ستقوم بحرق الأخضر واليابس».

ومساءً أطلقت المقاومة الفلسطينية أربعة صواريخ على مدينة عسقلان، انفجر أحدها في منطقة خالية، فيما تمكنت منظومة القبة الحديدية من اعتراض الثلاثة الأخرى، حسبما ذكر موقع «يديعوت».

انتقادات لمصر

من جهته، قال وزير الدفاع الإسرائيلي ايهود باراك، الذي عقد اجتماعاً تشاورياً مع رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عقب وقوع الهجمات، إن «مصدر الهجمات الإرهابية هو غزة. سنتحرك ضدهم بكل ما لدينا من قوة وتصميم»، مضيفاً «لقد كان هجوما إرهابيا خطيرا وقع في عدة مواقع... ويعكس ضعف سيطرة مصر في سيناء وتوسع نشاطات العناصر الإرهابية.»

وكان مسؤول إسرائيلي أشار إلى أن المهاجمين دخلوا إسرائيل عبر صحراء سيناء المصرية. وأوضح أنهم «غادروا غزة باتجاه جنوب سيناء وبقوا في سيناء حتى ذهبوا شمالا إلى إسرائيل»، مضيفاً «لقد شهدنا هذا الأسلوب من قبل».

في المقابل، نقلت الإذاعة الإسرائيلية عن رئيس الهيئة السياسية والأمنية في وزارة الدفاع الإسرائيلية عاموس جلعاد قوله انه «ليس لمصر أي ضلوع في الاعتداءات التي وقعت»، مشيراً إلى ان إسرائيل ومصر «على اتصال وتنسيق مستمر».

كذلك، ذكر مصدر عسكري إسرائيلي إن الدوريات الأمنية على الحدود المصرية لم ترصد «تحركات مريبة» على الجانب المصري. وكان محافظ جنوب سيناء اللواء خالد فودة نفى أي إطلاق نار من جانب الحدود المصرية أو من طابا، مشيراً إلى ان «المسافة بين طابا المصرية وايلات الإسرائيلية تتجاوز 12 كيلومترا، ومن غير المعقول أن يصل مدى النيران لهذه المسافة البعيدة».

واصدر «مكتب مكافحة الإرهاب» الإسرائيلي مذكرة تحذر الإسرائيليين من السفر إلى سيناء. وجاء في المذكرة أنه «في ضوء الهجمات الإرهابية في الجنوب... فان مكتب مكافحة الإرهاب يوصي الإسرائيليين بعدم التوجه إلى سيناء، كما يدعو الموجودين هناك حاليا للعودة إلى إسرائيل فورا».

في هذا الوقت ألغى اتحاد الطلبة الإسرائيلي تظاهرات كانت مقررة في مطلع الأسبوع المقبل، احتجاجا على ارتفاع تكاليف المعيشة. وقال رئيس الاتحاد ازيك شموئيلي إنه «كان من المقرر أن تكون هناك احتجاجات في أرجاء إسرائيل مع تظاهرة رئيسية في القدس وقررنا إلغاءها نظراً للأحداث».

مواقف دولية

ولم تخرج المواقف الدولية، كما درجت العادة، عن نطاق الإدانات الواسعة للعملية الفدائية، متجاهلة الاعتداءات والتهديدات الإسرائيلية لغزة، فقد أدان البيت البيض «الهجمات الإرهابية الوحشية» التي شهدتها إيلات، مضيفاً أن الولايات المتحدة وإسرائيل «تبديان موقفاً موحداً ضد الإرهاب»، فيما دعت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون إلى ضمان الأمن في سيناء، إذ قالت إن «الالتزامات الأخيرة التي أعلنتها الحكومة المصرية بمعالجة قضية الأمن في سيناء مهمة، ونحض الحكومة المصرية على ايجاد حل دائم»، مشيرة إلى أن عمليات سيناء «تعزز قلقنا الكبير حول الأمن في شبه جزيرة سيناء».

كذلك، ندد الاتحاد الأوروبي «من دون تحفظ» بتلك «الأعمال الإرهابية»، فيما أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه من «تصاعد» التوتر بين إسرائيل والفلسطينيين داعياً الى «ضبط النفس».

بدورها، أدانت وزارة الخارجية البريطانية ما وصفته بـ«أعمال العنف المشينة والمجنونة تلك.

خلاصة المقالة :

إنّ فلسفة خلقة الإنسان تكمن في نيله المعرفة. فالمعرفة تمهّد الأرضيّة اللازمة لرقيّ القدرة الإدراكيّة لدى الإنسان وتساهم في تنميتها، وكذلك لها دورٌ هامٌّ في التقارب بين البشر وإقرار الوحدة بينهم.

ولا ريب في أنّ المناسك الدينيّة نابعةٌ من صميم هكذا حقيقةٍ، سيّما حجّ بيت الله الحرام الذي يُعتبر أعظم هذه المناسك، والذي بمعناه الإسلاميّ العام يعكس فلسفة المعرفة والتقارب والوحدة الشاملة بين أبناء الأُمّة الإسلاميّة، وقد تجلّى هذا المعنى السّامي في أحاديث رسول الله ( ص ) وأهل بيته الكرام (ع). لذا، فإنّ الحجّ يعتبر مؤتمراً لتلاحم المسلمين ووحدتهم، حيث يجتمعون في آنٍ واحدٍ ومكانٍ واحدٍ تحت مظلّة العقيدة السمحاء، والتي تتجسّد في الإيمان بالله تعالى والاعتقاد بالمعاد والقرآن الكريم، وكذلك تجمعهم الكثير من المشتركات في الأحكام الفقهيّة. أمّا محلّ اجتماعهم، فهو مكّة المكرّمة، مدينة السّلم والأمان التي يحرُم فيها حمل السّلاح ولا يجوز لغير المسلمين وطؤها؛ لذلك يجب على المسلمين أن يُحافظوا على هذه العبادة العظيمة. ولا بدّ لحجّاج بيت الله الحرام من أن يُراعوا كافّة المعايير الخـُلقيّة في هذه المدينة المقدّسة وأن لا يُعرّضوا أرواح النّاس للخطر ولا يسلبوهم أموالهم وعليهم أن يصونوا أعراضهم لتحقّق الطمأنينة النفسيّة لكلّ حاضرٍ في هذا المؤتمر الرّوحانيّ.

ومن أجل تحقّق الوحدة المنشودة بين المسلمين، فمن الأحرى بهم أن يُراعوا ما يلي :

1 – التمسّك بالقرآن الكريم.

2 – اتّباع سنّة رسول الله ( ص ).

3 – التمسّك بأهل البيت ( ع ).

4 – مراعاة حقوق بعضهم البعض.

5 – مراعاة الخـُلق الحسن واجتناب الشتم والألفاظ البذيئة.

6 – مراعاة الاتّزان عند النقاش مع بعضهم البعض.

7 – اجتناب التعصّب.

8 – احترام مقدّسات بعضهم البعض.

9 – تقبّل القول الحقّ دونما عنادٍ أو كبرياء.

10 – التأكيد على المصلحة العامّة.

فالعمل بهذه الوصايا من شأنه أن يُعزّز الوحدة المنشودة بين المسلمين في مدينة الرّحمن وفي الزّمان الذي حدّده جلّ شأنه لاجتماعهم، ألا وهو موسم الحجّ العظيم.

المفردات الرئيسة : الحجّ، التقارب، الوحدة، المعرفة، القرآن الكريم، السنّة، العترة، السِّلم، الحقيقة.

 

لقد خلق الله تعالى البشر من ذكرٍ وأُنثى، ثمّ جعلهم شعوباً وقبائل ليعرفوا بعضهم بعضاً، إذ قال تعالى في سورة الحجرات : ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ﴾ [ سورة الحجرات : الآية 13 ]. فلا ريب في أنّ النّاس من خلال تعارفهم سوف يتقرّبون إلى بعضهم بشكلٍ أفضل، وكذلك سيجتنبون كلّ ما من شأنه أن يُكدّر صفو هذا التقارب من خصالٍ رذيلةٍ كالعنصريّة والتفاخر بالأنساب، وبالتّالي سيتمتّعون بحياةٍ طيّبةٍ مفعمةٍ بالسِّلم والأمان ولا يُميّز بينهم إلا معيار التقوى الذي يزكّي الرّوح من كافّة الأدران والميول الماديّة.

فالتعارف فيما بين بني البشر هو مقدّمةٌ لتقارب الأفكار وتجاذب القلوب، لذا فهو مفتاح باب كنـز الوحدة الثّمين، والذي يعتبر الهدف الأساسي للكثير من تعاليم الشريعة الإسلاميّة السمحاء، لا سيّما فريضة الحجّ المباركة.

ورُويَ أنّ هشام بن الحكم أحد أصحاب الإمام جعفر الصّادق ( ع ) ومن أبرز علماء عصره، قال : سألت أبا عبد الله – الإمام الصّادق - ( ع ) فقلت له : « ما العلّةُ التي من أجلِها كلَّف اللهُ العبادَ الحجَّ والطَّوافَ بالبيتِ ؟ »، فقال ( ع ) : « إنَّ اللهَ خلقَ الخلقَ ـ إلى أن قال : ـ وأمرَهُم بما يكونُ من أمرِ الطَّاعةِ في الدِّينِ ومصلحتِهِم من أمرِ دُنياهُم، فجعلَ فيهِ الاجتماعَ من الشَّرقِ والغربِ ليتعارفوا ولينـزع كلُّ قومٍ من التِّجاراتِ من بلدٍ إلى بلدٍ، ولينتفع بذلك المـُكاري والجمَّالُ، ولتُعرف آثارُ رسولِ اللهِ ( صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ) وتُعرف أخبارُه ويُذكر ولا يُنسى.

ولو كانَ كلُّ قومٍ إِنَّما يتَّكِلونَ على بلادِهِم وما فيها، هلَكُوا وخربتْ البلادُ وسقطتْ الجُلُبُ والأرباحُ وعَمِيَتْ الأخبارُ، ولم تقفوا على ذلك، فذلك علَّةُ الحجِّ ». [ وسائل الشِّيعة، الحرّ العاملي، ج11، ص14، ح14124 ].

أمّا سيّد الموحّدين الإمام عليّ بن أبي طالب ( ع )، فيعتبر الحجّ رايةَ الإسلام المرفوعة يجتمع تحتها المسلمون من كافّة بقاع العالم تلبيةً لنداء بارئهم ، حيث قال : « وفرَضَ عليكم حجَّ بيتهِ الحرامِ الذي جعله قبلةً للأنامِ يردونه ورودَ الأنعامِ ويألهون إليه وُلوه الحمامِ، جعله سبحانه علامةً لتواضعهم لعظمته وإذعانهم لعزَّته، واختار من خلقه سُمَّاعاً أجابوا إليه دعوتَه وصدَّقوا كلمتَه، ووقفوا مواقف أنبيائه وتشبَّهوا بملائكته المطيفين بعرشه يحرزون الأرباح في متجر عبادته ويتبادرون عند موعد مغفرته.

جعله سبحانه وتعالى للإسلام علَماً وللعائذين حرماً، فرض حجَّه وأوجب حقَّه وكتب عليكم وفادته » [ نهج البلاغة، الخطبة رقم 1 ].

وفي الحقيقة فإنَّ شعائر الحجِّ فرصةٌ مناسبةٌ لِـفَظِّ الخلافات بين أبناء الأُمّة الإسلاميّة، وفائدة هذه الفريضة المباركة لا تعمّ مَن شدَّ رحاله نحو الدِّيار المقدّسة فحسب، بل تشمل المسلمين قاطبةً أينما كانوا.

وفي نفس هذا المضمار، قال الإمام عليّ بن موسى الرِّضا ( ع ) : « إنَّ علةَ الحجِّ الوفادةُ إلى اللهِ تعالى وطلبُ الزيادةِ والخروجُ من كلِّ ما اقترفَ، وليكونَ تائباً ممـّا مضى مُستأنفاً لما يستقبل، وما فيه من استخراجِ الأموالِ وتعبِ الأبدانِ وحظرها عن الشهواتِ واللَّذاتِ والتقرُّبِ في العبادةِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ والخضوعِ والاستكانةِ والذُّلِّ شاخصاً في الحرِّ والبردِ والأمنِ والخوفِ دائباً في ذلك دائماً، وما في ذلك لجميعِ الخلقِ من المنافعِ والرغبةِ والرهبةِ إلى اللهِ سبحانه وتعالى، ومنه تركُ قساوةِ القلبِ وخساسةِ الأنفسِ ونسيانِ الذِّكرِ وانقطاعِ الرجاءِ والأملِ وتجديدِ الحقوقِ وخطرِ الأنفسِ عن الفسادِ، ومنفعةُ مَن في المشرقِ والمغربِ ومَن في البرِّ والبحرِ ممـَّن يحجُّ وممـَّن لا يحجُّ مِن تاجرٍ وجالبٍ وبائعٍ ومشتري وكاسبٍ ومسكينٍ ». [ علل الشرائع، الشيخ الصدوق، ص404، ح5 ].

 

المشتركات بين حجّاج بيت الله الحرام

لا ريب في أنَّ أتباع دين نبي الرحمة محمّد بن عبد الله ( ص ) الذين يتوافدون من كافّة أقطار العالم إلى بيت الله الحرام، تربطهم أواصر مشتركة كثيرة لا يتمتّع بها غيرهم، كما يلي :

1 – الاعتقاد بربوبيّة الله الواحد الأحد. فجميع المسلمين يعبدون الله تعالى وحده ويجتمعون حول بيته الحرام بهذه النيّة. قال تعالى : ﴿ إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ ﴾ [ سورة الأنبياء : الآية 92 ].

2 – الاعتقاد بنبوّة خاتم الأنبياء والمرسلين محمّد بن عبد الله (ص) واتّباع سنّته.

3 – الاعتقاد بالمعاد.

4 – الاعتقاد بالقرآن الكريم.

5 – المشتركات في الأحكام الفقهيّة.

ناهيك عن مشتركاتٍ أُخرى كثيرةٍ في شتّى المجالات.

 

ميزات محلِّ اجتماع المسلمين

فضلاً عن المشتركات التي ذكرناها، فإنَّ الكعبة المشرّفة ومكّة المكرّمة لهما ميزاتٌ خاصّةٌ تجعل من تحقيق الوحدة بين المسلمين أمراً ميسوراً. ومن أبرز هذه الميزات :

1 – الأمان

لقد تقبّل اللهُ تعالى دعاءَ سيّدنا إبراهيم الخليل ( ع ) وجعل مكّة بلداً آمناً لكافّة مسلمي العالم، حيث دعا الله قائلاً : ﴿ رَبِّ اجْعَلْ هَـذَا الْبَلَدَ آمِناً ﴾ [ سورة إبراهيم : الآية 35 ].

وبالتّالي فإنَّ جميع المسلمين الذين يقصدون بيت الله الحرام لأداء فريضة الحجّ، سيعمّهم الأمان كما صرّح بذلك القرآن الكريم في قوله تعالى : ﴿ فِيهِ آيَاتٌ بَيِّـنَاتٌ مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً ﴾ [ سورة آل عمران : الآية 97 ]، وقوله تعالى : ﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً ﴾ [ سورة البقرة : الآية 125 ].

وهذا الأمان شاملٌ لكافّة النّاس وراسخٌ لا يمكن المساس به لدرجة أنَّ رسول الله ( ص ) قال : « مَن قتلَ قتيلاً أو أذنبَ ذنباً ثمَّ لجأَ إلى الحرمِ، فقد أمِن، لا يُقادُ فيه ما دامَ في الحرمِ ولا يُؤخذُ ولا يُؤذى » إلى آخر الحديث [ الجعفريّات، ص71 ].

ومن الظَّريف أنّ هذا الأمان لا يشمل البشر فحسب، بل يشمل حتّى ما التجأ إلى الحرَم من الطير والحيوان. يقول عبد الله بن سنان أحد أصحاب الإمام جعفر الصّادق ( ع )، إنّه سأل الإمام ( ع ) عن قوله تعالى : ﴿ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً ﴾، البيتَ عَنى أو الحرمَ ؟ قال ( ع ) : « مَن دخلَ الحرمَ من النَّاسِ مُستجيراً به فهو آمنٌ، ومَن دخلَ البيتَ من المؤمنين مُستجيراً به فهو آمنٌ من سخطِ اللهِ، ومَن دخلَ الحرمَ من الوحشِ والسّباعِ والطّيرِ فهو آمنٌ من أن يُهاجَ أو يُؤذى حتّى يَخرُجَ من الحرمِ » [ التقريب إلى حواشي التهذيب، محمّد الكرمي، ج5، ص449 ].

وبالتأكيد فإنّ هذا الأمان دائمٌ ومستقرٌّ ولا يجوز التعدّي عليه في أيّ وقتٍ كان. فقد قال رسول الله ( ص ) يوم فتح مكّة : « إنَّ اللهَ حرّمَ مكّةَ يومَ خلقَ السماواتِ والأرضَ، وهي حرامٌ إلى أن تقومَ الساعةُ، لم تحلُّ لأحدٍ قبلي ولا تحلُّ لأحدٍ بعدي، ولم تحلّ لي إلا ساعة من النّهارِ » [ الكافي، الكليني، ج4، ص226 ].

2 – حظر حمل السِّلاح

لقد جُعلت مكّة وحرمها منطقةً منـزوعةً من السِّلاح لكي يسودها الأمان بشكلٍ تامٍّ. وقد أمر الإمام عليّ بن أبي طالب ( ع ) النّاس بقوله : « لا تَخرجوا بالسُّيوفِ إلى الحرمِ، ولا يُصلِّينَ أحدُكم وبين يديهِ سيفٌ، فإنَّ القبلةَ أمنٌ » [ الخصال، الشيخ الصدوق، ص616 ].

3 – عدم جواز دخول غير المسلمين

يقول تعالى في كتابه العزيز بهذا الصدد : ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـذَا ﴾ [ سورة التوبة : الآية 28 ].

وقال الإمام جعفر الصّادق ( ع ) : « لا يدخل أهلُ الذّمةِ الحرمَ ولا دار الهجرةِ، ويُخرجون منهما » [ تفسير القمّي، علي بن إبراهيم، ج1، ص59 ].

وبالطبع فإنّ الحيلولة دون دخول مَن هبَّ ودبَّ في الحرم المقدّس من شأنه أن يخلق نوعاً من الطمأنينة في نفوس المقيمين فيه.

4 – الحفاظ على البيئة

إنَّ قلع النباتاب والأشجار واصطياد الحيوانات في الحرم المقدّس الذي جعله الله تعالى آمناً، أمران محرّمان أكّد الشّارع المقدّس على وجوب مراعاتهما. فقد قال رسول الله ( ص ) يوم فتح مكّة : « هذا بلدٌ حرّمه اللهُ يومَ خلقَ السماواتِ والأرضَ، وهو حرامٌ بحرمةِ اللهِ إلى يوم القيامةِ » [ النهاية، ج2، ص75 ] .

5 – الحفاظ على أموال النّاس

لا يجوز لأحدٍ أن يقتني ما يجده من مالٍ في الحرم المبارك الذي جعله الله تعالى آمناً، إلا أنّ يُعرّفه، إذ قال رسول الله ( ص ) : « ولا يَلتَقِطُ لُقَطَتَهُ إلا مَن عَرّفَها » [ النهاية، ج2، ص75 ].

6 – مراعاة الأخلاق الحميدة

لا ريب في أنّ وجوب اجتناب الجدل والقسم وإهانة النّاس، من أهمّ الأُمور الدالّة على قدسيّة الحرم المبارك، فقد قال تعالى في كتابه الكريم : ﴿ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ [ سورة البقرة : الآية 197 ].

7 – الحفاظ على أرواح النّاس

سماعة بن مهران أحد أصحاب الإمام جعفر الصّادق ( ع )، قال : سألت الإمام الصّادق ( ع ) عن رجلٍ لي عليه مالٌ فغاب عنّي زماناً، فرأيتُه يطوفُ حولَ الكعبةِ أفأتقاضاه مالي ؟ قال ( ع ) : « لا، لا تُسلِّم عليهِ ولا تُرَوِّعْهُ حتّى يخرُجَ من الحرمِ » [ أُصول الكافي، الكليني، ج4، ص241 ].

فهذه الميزات الخاصّة بالحرم المقدّس، تجعله أنسب منطقةٍ للحوار وتبادل الآراء واتّخاذ القرارات المصيريّة للأُمّة الإسلاميّة، لا سيّما فظّ النـزاعات بين البلدان الإسلاميّة؛ ومن الجدير بالذّكر فإنّ الله تعالى قد أوكل إدارة هذا المركز الحسّاس إلى عباده المؤمنين لكي يسخّروا كافّة جهودهم في سبيل بلوغ أهدافهم المنشودة، إذ قال جلّ وعلا : ﴿ وَمَا كَانُواْ أَوْلِيَاءهُ إِنْ أَوْلِيَآؤُهُ إِلاَّ الْمُتَّقُونَ ﴾ [ سورة الأنفال : الآية 34 ].

 

سُبُل بلوغ الأهداف المنشودة

بالطبع فإنّ كلَّ وحدةٍ تحتاج إلى محورٍ أو عدّة محاورٍ لكي يتسنّى للجميع الحركة حول قطبها أو أقطابها، وبالتّالي بلوغها.

وأمّا محور الوحدة الإسلاميّة فقد عبّر الله سبحانه وتعالى عنه بـ ( حبل الله )، حيث قال في كتابه العزيز : ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً ﴾ [ سورة آل عمران : الآية 103 ].

وإضافةً للقرآن الكريم، فإنَّ سنّة رسول الله ( ص ) وأهل بيته الكرام ( ع ) من الممكن أن يكونا محوراً لوحدة الأُمّة الإسلاميّة قاطبةً. لذا علينا أن نستثمر كافّة ما لدينا من مؤهّلاتٍ في مناسك الحجّ بغية تحقيق الوحدة الإسلاميّة الشّاملة.

وأمّا بالنسبة لمدرسة أهل البيت (ع)، فقد وضع روّادها برامجاً مكتملةً ووصايا لهداية النّاس بحيث لو أنّهم عملوا بها وطبّقوها، لأصبحت الوحدة أمراً ميسوراً وليس ببعيد المنال. ومن هذه الوصايا :

1 – التمسّك بالقرآن الكريم

قال تعالى : ﴿ وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعاً وَلاَ تَفَرَّقُواْ وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَاناً ﴾ [ سورة آل عمران : الآية 103 ].

قال رسول الله ( ص ) : « إذا التبست عليكم الفِتن كقطعِ اللّيلِ المظلمِ، فعليكم بالقرآنِ » [ وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ ].

2 – اتّباع سنّة رسول الله ( ص )

قال تعالى : ﴿ مَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ﴾ [ سورة الحشر : الآية 7 ].

3 – التمسّك بعترة رسول الله ( ص )

قال رسول الله ( ص ) : « إنّي تاركٌ فيكم الثِّقلَين كتابُ اللهِ وعترتي، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلّوا من بعدي » [ هذا الحديث متّفق عليه بين الفريقين سنّةً وشيعةً، وقد ورد في معظم كتب حديث أهل السنّة ].

4 – احترام حقوق الآخرين ومراعاة الأُخوَّة في الله

كما نعلم جميعاً، فإنّ رسول الله ( ص ) قد آخى بين المهاجرين والأنصار بعد هجرته من مكّة إلى المدينة، وكان دائماً يقول : « المسلمُ أخُو المسلمِ، لا يَظلمهُ ولا يُسلِمُهُ » [ صحيح البخاري، كتاب المظالم، باب لا يظلم المسلمُ المسلمَ ].

كما قال الإمام جعفر الصّادق ( ع ) : « المسلمُ أخو المسلمِ، هو عينُهُ ومرآتُهُ ودليلُهُ، لا يخونُهُ ولا يخدعُهُ ولا يظلمُهُ ولا يُكذِّبُهُ ولا يغتابُهُ » [ وسائل الشّيعة، الحرّ العاملي ].

5 – مراعاة الأدب واجتناب السييء من القول

لقد أكّد الإمام عليّ ( ع ) على أنّ معظم النـزاعات تتأجّج بسبب كلمةٍ واحدةٍ فقط، وحذّر النّاس من القول السييء، ولا سيّما المؤمنين إذ يجب عليهم الحذر في أقوالهم واجتناب دسائس الأعداء. حيث قال مرّةً : « رُبَّ حربٍ جُنيتْ من لفظَةٍ » [ غرر الحـِكَم ودرر الكَلِم، عبد الواحد الآمدي، ح5313 ].

وروي عن الإمام جعفر الصّادق ( ع ) قوله : « معاشرَ الشيعةِ، كونوا لنا زيناً ولا تكونوا علينا شَيناً، قولوا للنَّاسِ حسناً واحفظوا ألسنتَكم وكفُّوها عن الفضولِ وقبحِ القولِ » [ بحار الأنوار، العلامة المجلسي، ج71، ص310 ].

6 – مراعاة الاعتدال

قال الإمام عليّ بن موسى الرضا ( ع ) : « إنّ مُخالفينا وضعوا أخباراً في فضائِلنا وجعلوها على ثلاثةِ أقسامٍ، أحدها الغلوُّ، وثانيها لا تقصيرَ في أمرِنا، وثالثها التّصريحُ بمثالبِ أعدائِنا.

فإذا سمعَ النّاسُ الغلوَّ فينا، كَفَّروا شيعتَنا ونسبوهم إلى القولِ بربوبيَّتنا؛ وإذا سمعوا التقصيرَ، اعتقدوه فينا؛ وإذا سمعوا مثالبَ أعدائِنا بأسمائِهم، ثلبونا بأسمائِنا؛ وقد قال اللهُ عزّ وجلّ : ﴿ وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّواْ اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ » [ مسند الإمام الرّضا، ج1، ص238، ح439 ].

7 – اجتناب التعصُّب

من المؤكّد أنّ التصرّفات الناجمة عن التعصُّب، دائماً تكون حائلاً دون الوحدة، كما قال الإمام جعفر الصّادق ( ع ) : « إيّاكُم والخصومةِ، فإنّها تشغلُ القلبَ وتُورثُ النِّفاقَ وتُكسِبُ الضَّغائِنَ » [ وسائل الشّيعة، الحرّ العاملي ].

8 – احترام مقدّسات الآخرين

لا بدّ لكلّ إنسانٍ من أن يُراعي هذا الأمر الهامّ في كافّة المجالات، فقد قال الإمام عليّ ( ع ) لأصحابه عند مواجهته جيوش معاوية : « أكرهُ أن تكونوا سبّابين » [ بحار الأنوار، العلامة المجلسي ].

كما نهى الله تعالى في القرآن الحكيم حتّى عن سبّ المشركين، حيث قال : ﴿ وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللهِ فَيَسُبُّواْ اللهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ﴾ [ سورة الأنعام : الآية 108 ].

9 – تقبّل الحقائق

لو أُريد حقّاً تحقيق الوحدة، فعلى كافّة الأطراف أن يتقبّلوا الحقائق المطروحة في نقاشاتهم، وإلا فلا يمكن بلوغ الوحدة المنشودة أبداً. ويؤيّد هذا الكلام قول الإمام عليّ ( ع ) : « مَن كان غرضُهُ الباطلُ، لم يُدرِك الحقَّ ولو كان أشهر من الشَّمسِ » [ غرر الحِكَم ودرر الكَلِم، عبد الواحد الآمدي، ح9023 ].

10 – جعلُ المصلحةِ العُليا نُصب العين

بعد الأحداث التي وقعت بعد وفاة رسول الله ( ص )، فقد اتّبع الإمام عليّ ( ع ) سياسة الصّبر مراعاةً للمصلحة العامّة وذلك من أجل الحفاظ على النّظام الإسلاميّ الفتيّ وتجنيبه أيّ ضررٍ مُحتملٍ، حيث قال : « فرأيتُ أنَّ الصبرَ على ذلكَ أفضلُ من تفريقِ كلمةِ المسلمينَ وسفكِ دمائِهم، والنَّاسُ حديثوا عهدٍ بالإسلامِ » [ شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج1، ص307 ].

 

النتيجة

في الحقيقة انّ حصيلة ما قلنا يتلخّص في ما يلي : لو أنّنا استثمرنا ما لدينا من مؤهّلاتٍ، لا سيّما مناسك الحجّ والميزات التي تمتّع بها مكّة المكرّمة والحرم القدسيّ، لتمكنّا من توحيد صفوف السيول الهائلة من المسلمين من خلال الاتّكاء على محور القرآن الكريم وسنّة رسول الله ( ص ) وعترته الطّاهره ( ع )؛ وذلك لا يتحقّق إلا باتّباع منهجٍ منظّمٍ وتوعية حجّاج بيت الله الحرام؛ وقبل كلِّ شيءٍ، لا بدّ من تنقية أجواء البلاد الإسلاميّة من أجواء العصبيّة الذميمة. وبالتأكيد فإنّ هذه الوحدة ستعيد للمسلمين أمجادهم التي فقدوها.

إنّ فوائد مناسك حجّ البيت العتيق كثيرةٌ، إحداها نيل الوحدة بين المسلمين. ولو أنّ المعنيين يقومون بوضع برامج شاملة ومدروسة يهذّبون من خلالها الحجّاج بالأخلاق الإسلاميّة الحميدة ويعلّمونهم فلسفة الحجّ وأسراره، لاستطاعوا أن يوجدوا تغييراتٍ جذريّةٍ في العالم بأسره. ولو أنّهم وحّدوا مناهجهم وسخّروا طاقاتهم الاقتصاديّة واستثمروا قدراتهم، لأثبتوا انصياعهم للقرآن الكريم وتحقيق ما أكّد عليه : ﴿ وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ ﴾ [ سورة آل عمران : الآية 139 ]، [ سورة محمّد : الآية 35 ]؛ وكذلك لصدّقوا قول رسول الله ( ص ) : « الإسلامُ يَعلو ولا يُعلى عليه » [ وسائل الشيعة، الحرّ العاملي ].

ولكن للأسف الشديد وفي الظُّروف الراهنة، علينا الاعتراف بهذه الحقيقة المرّة، ألا وهي انّ بعض المتحجّرة عقولهم لا يحولون دون استثمار هذه الطاقات الهائلة للمسلمين فحسب، بل يسخّرون كمّاً هائلاً من طاقات المسلمين لخلق الخلافات بينهم وتأجيج النـزاعات التي لا جدوى منها، ويبذلون قصارى جهودهم في سبيل نشر الفِتن والتفريق بين أبناء الدين الواحد وتكفير مَن استطاعوا تكفيره منهم؛ وبالتّالي لا ينصبّ ذلك إلا في دلو أعداء الإسلام، لأنّ هؤلاء المتحجّرين يمهّدون الطريق لهم لطعن المسلمين وإهانة مقدّساتهم. بينما نستوحي من مصادرنا الإسلاميّة النهي عن اتّهام المسلمين ظلماً وتكفيرهم، وبالطبع فإن فعل هؤلاء المتحجّرين يُنافي روح الإسلام المقدّسة وتعاليمه السمحاء التي رسمها لنا خاتم الأنبياء والمرسلين ( ص )، إذ قال : « مَن كفَّر مؤمناً، صار كافراً » [ موطّأ مالك ]. وقال في موطنٍ آخر : « إِنَّما أمرهُ لأخيه يا كافر فقد باءَ به أحدهما » [ موطّأ مالك ].

 

السيّد علي قاضي عسكر

الأحد, 21 آب/أغسطس 2011 06:06

الحج جو نموذجي للتقريب و الوحدة

إن (الوحدة الاسلامية) هي احدى خصائص الامة الاسلامية المهمة ولا يمكن ان نتصور أمة اسلامية متكاملة الشخصية دونما تصور لهذه الخصيصة وبدونها تكون الامة قد فقدت الكثير من خصائصها الاخرى وربما تكون قد فقدت خاصية الايمان الصادق بالله العظيم وبطريقها الاسلامي الواحد.

ولا تعني الوحدة الاسلامية قولبة كل الافكار ووحدة كل الانماط الفكرية والذوقية وامثال ذلك فان ذلك من المستحيل وانما تعني الاستجابة للبرنامج الاسلامي المخطط، وتكوين امة تقيم التوازن بين خطين اساسيين:

احدهما ـ هذا الاختلاف الطبيعي بين الاذواق والامكانات والمستويات العلمية، وزوايا النظر، والثقافات والادلة وكيفية الاستنباط والقناعات التحقيقية وامثال ذلك من الاسباب الطبيعية التي تنتج الاختلاف، وقد بحثها علماؤنا الاجلاء منذ القرون العديدة.

وثانيهما: لزوم الموقف الموحد في مجالات عديدة اهمها:

أ ـ الاصول الاسلامية الاولى التي تقع موقع البديهيات الاسلامية فيجب ان تشكل المساحات الفكرية المشتركة.

ب ـ الاخلاقية العامة التي تشكل الخصيصة المشتركة الاخرى، بل يتعدى الامر هذه المساحة الى حيث يشغل كل الخصائص العامة للامة الاسلامية فيجب ان يعمل كل المسلمين على التحلي بهذه الخصائص او على ان تتحلى أمتهم بها.

ج ـ تطبيق الشريعة الاسلامية على كل جوانب الحياة، ويمكن ان يعد هذا من البديهيات الفقهية للاسلام باعتباره اطروحة حياتية جاء الانبياء جميعا ليعدوا البشرية لتقبلها وتطبيقها.

د ـ الموقف السياسي الموحد من القضايا العالمية وخصوصا في قبال اعداء القضية كلها وهم المشركون والمنافقون والمستكبرون، والعمل على الدفاع عن بيضة الاسلام.

هذه ـ اجمالاً ـ هي المجالات التي يجب ان تتوحد فيها الامة.

فاذا تم هذا عدنا الى ما قلناه من ان الامة الاسلامية يجب ان تحقق هذا التوازن بين الخطين فتضمن من جهة تدفق الافكار الجادة ونشاط الاجتهادات المفيدة، في نفس الوقت الذي تضمن فيه الموقف الموحد في المجالات الآنفة. وهناك برنامج اسلامي واسع لتحقيق هذا التعادل، ولا نستطيع ان نتناول كل اطرافه هنا فهو واسع الابعاد.

والحقيقة ان من يلحظ الامور التالية يدرك عمق التخطيط الاسلامي لتحقيق الوحدة الاسلامية وهي:

اولاً: ان الوحدة التي يسعى لها الاسلام تقوم على اساس العقيدة والعاطفة معا والتي يتم التعبير عنها بوحدة القلوب.

ومجمل العقيدة الاسلامية في اصولها، وبرنامج الشد العاطفي الاسلامي يتكفلان بما لا مزيد عليه بتحقيق ذلك باروع صورة.

ثانياً: ان النظام الاسلامي يوقف المسلمين جميعاً دونما أي تمييز امامه على حد سواء، ويشعرهم بلزوم تحمل مسؤولياتهم المشتركة تجاهه دونما أي تقصير، والا وجه اللوم للجميع على حد سواء.

ثالثاً: حذف الاسلام كل مقاييس التفاضل وابقى على المقاييس المعنوية فقط وهي (التقوى والعلم والجهاد والعمل) لا غير ووفر بذلك اروع ارضية للوحدة.

رابعاً: هناك مساحات فعلية تشعر المسلمين بوحدتهم من قبيل ما تقرره الشريعة من ملكية عامة لافراد الامة في (الاراضي المفتوحة بالقوة).

خامساً: ويقف نظام العبادات في طليعة النظم التي تؤدي الى تعميق العقلانية والتوازن والتقريب والوحدة الاسلامية، حيث يقف المسلمون في كل بقاع الارض في وقت واحد ـ عرفاً ـ متجهين الى مكان واحد، ومرددين ذكرا واحداً، ومؤدين لعمل واحد، وملتزمين بشروط واحدة. وحين تدخل الامة الاسلامية كلها في عملية تربوية كبرى في كل سنة شهرا واحدا وذلك بملء ارادتها فهي تتدرب على استرجاع انسانيتها وتعميق جذورها في النفوس.

وهكذا نصل الى الحج كعملية تربوية رائعة يجتمع فيها ممثلو الانسانية المسلمة من كل حدب وصوب ليتدربوا فيها على امور كثيرة جدا وليحققوا منافع كبرى لهم في حياتهم المعنوية والمادية، فتنغرس في نفوسهم معاني الامة الواحدة العابدة الطائفة حول التوحيد والرافضة للنظم الوضعية والاخلاق الصنمية، والملتزمة بحدود الله وحرماته والنازعة لكل العناصر المفرقة ماديا بين البشر والمتبرئة من المشركين، والمحاسبة نفسها وحكامها على ما اكتسبوا، وغير ذلك من الفوائد الجمة.

ولكي يضمن الاسلام للحج ان يؤدي دوره الوحدوي العظيم في حياة الامة فقد قرن به امورا وخصه بخصائص كلها تعمل بتناسق على تحقيق اهدافه؛

فهناك الظروف المكانية حيث بيت التوحيد الذي خصه الله بخصائصه يوم خلق الارض والذي بناه ابو التوحيد ابراهيم (عليه السلام) والذي يحمل في كل جنباته بصمات الانبياء وفي طليعتها بصمات الرسالة الاسلامية وقادتها العظام.

وهناك الظروف الزمانية حيث الشهر الحرام وحيث الأيام العشر التي يهبها الله للبشرية لكي تستكمل استعدادها لقبول الرسالة الالهية ويتبع هذه الظروف.

وهناك العيد يوم العودة الانسانية الى ربها والعودة الالهية بالرحمة للعبيد.

وهناك المناسك الرائعة المعنى وكل منها يرمز الى عطاء كبير ومضمون سخي كالإحرام والطواف والوقوف والنحر والحلق والرمي وغيرها من المناسك الجمة التعبير.

وهناك الاذكار والادعية التي تتناغم مع تلك المناسك غاية التناغم وتحقق الهدف المنشود.

ولكي تتم الشريعة الاسلامية الجو المنشود للتأثير طرحت فكرة القدسية والامان لهذا المكان وهذه الفترة، فاكملت بذلك العطاء. وهاتان الصفتان تملكان مضامين اجتماعية كبرى نلخصها في بما يلي:

اولاً: الاشعار بان البيت الحرام وهذه البقعة المقدسة التي تحيط به هي مدار حركة الارض، وان على البشرية اذا ارادت لنفسها الامان من الاهواء والالهة الوهمية والضياع في متاهات الضلال، ان تطوف حول هذا البيت وتعمل بالشريعة التي تبشر بها وتتأصل في وجودها معاني التوحيد التي يرمز اليها، فالامان الحقيقي هو امان هذا البيت، والامان الحقيقي هو الامان الذي ينبع من الاعتقاد بالله العظيم والالتجاء اليه تعالى وهو القادر المطلق، والامان المطلق للخائفين والرحيم الودود بعباده، وحينئذ فلا خوف من المستقبل ولا حزن على الماضي.

انه امان اللجوء الى نظام الله والتخلص من ضلال النظم الوضعية، وانه امان اللجوء الى رضا الله كمقياس موحد للبشرية والتخلص من المقاييس المادية الممزقة.

وانه أمان التلاحم بين القلوب المخلصة التي تعمل لتحقيق خصائص الامة الاسلامية.

وانه امان الاجيال الانسانية المتتابعة على خط واحد تترسم سبيل الانبياء وتنفذ اوامر الله تعالى كالملائكة المطيفين بعرش الله.

وانه امان الحاملين لعلم الله ولواء الاسلام الحنيف.

كل هذه المعاني يبعثها في النفوس هذا الحكم الالهي المهم.

يقول امير المؤمنين علي (ع) (وفرض عليكم حج بيته الحرام: الذي جعله قبلة للانام، يردونه ورود الانعام، ويألهون اليه ولوه الحمام، وجعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته واذعانهم لعزته، واختار من خلقه سماعاً اجابوا اليه دعوته وصدقوا كلمته، ووقفوا مواقف انبيائه، وتشبهوا بملائكته المطيفين بعرشه يحرزون الارباح في متجر عبادته، ويتبادرون عند موعد مغفرته، جعله سبحانه وتعالى للاسلام علما وللعائذين حرما. فرض حقه واوجب حجه وكتب عليكم وفادته)( ).

ونحن نلاحظ في هذا النص الشريف التأكيد على:

أ ـ الارتباط العاطفي للانام بهذا البيت الحرام، تواضعا لعظمة الله.

ب ـ الاختيار والتوفيق الالهي لمجموعة من كل منطقة ليمثلوا كل الارض في هذه الدورة التدريبية السماوية الرائعة.

ج ـ ان هؤلاء يشعرون بانهم بهذا: يجيبون دعوة الله، ويصدقون بكلمة الله ويمشون على خط انبيائه (خصوصا بعد تصور حج الانبياء جميعا لهذا البيت).

ويتشبهون بملائكة الله الطائفين حول العرش (من حيث تنفيذ اوامر الله وجذب الكون كله لطاعة الله)، ويستغلون هذا الموسم لانماء التكامل العبودي في وجودهم والحصول على المغفرة الالهية المنشودة.

ثانياً: الاشعار بضرورة ان يكون للناس مركز يقول فيه كل مسلم كلمته بكل حرية، ويتبادل المؤمنون فيه الافكار دونما سلطة من جبار او حاكم مهما كان لونه ومنزلته فيتحول الحج من خلال ذلك الى مؤتمر عالمي يتجمع فيه ممثلو الامم ويتدارسون احوالهم وما يحيط بمجتمعاتهم من مخاطر ومشاكل وما ينبغي ان يطرحوه من حلول، ويتعرفون على الوسائل التي ينفذ فيها كل فرد مسلم واجبه تجاه الآخرين، ويلاحظون الدسائس والمخططات الاستكبارية المعادية لمسيرتهم التوحيدية الخالصة وينددون بها ويتعرفون على اساليب الوقوف الموحد بوجهها.

وربما استطعنا ان نستفيد هذه المعنى من التقارن الآتي في الآية الكريمة (واذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمناً) وهذه حقيقة اشار اليها الكثير ممن درسوا هذه الشعيرة الاسلامية المهمة حتى سمي الحج بالمؤتمر الحر السنوي العام للمسلمين. هذا وقد كان الحرم كما رأينا موضعاً مقدساً يقول فيه الناس آراءهم بكل حرية حتى في الجاهلية الامر الذي كان يستفيد منه الرسول (ص) ليعلن دعوته المباركة بكل حرية تماما كما استفاد من انتساب البيت لابراهيم (ع) لاحياء نداء ابراهيم التوحيدي ونفي شبهات اليهود والنصارى.

ثالثاً: الاشعار بالتلاحم بين القدسية والامان في ظل الحكم الالهي الاصيل.. وانه اذا كان الحرم لله ـ ولذا صار محلا للامن والقدس ـ فان كل الوجود لله، وان اشعاعات هذه الحقيقة لتمتد الى كل الوجود ولذا فلا مجال لاي طغيان او تخويف او ارعاب المؤمنين بالله، فاذا لم تتحقق هذه الحقيقة في كل الارض فان على المؤمنين ان يعملوا على توسعة هذه الدائرة المقدسة الآمنة لتصل الى مرحلتها الشاملة.

رابعاً: كما قد تكون هاتان الخصيصتان (القدسية والامان) سراً من اسرار انجذاب القلوب الى هذه البقعة الطاهرة والتنعم بعطائها الكبير وهو ما لاحظناه في النص السابق عن الامام علي (ع) حينما قال (ويألهون اليه ولوه الحمام). ان القلوب ترد هذه الاماكن الطاهرة بكل عشق وولوه وتتطهر في أجوائها المضمخة بالطهر الالهي النقي وترجع الى حياتها الاجتماعية بعيدة عن اوضار المادة سليمة طاهرة تتلقى العطاء الالهي بكل صفاء وتنشر الرحمة الود والعطف في ارجاء المجتمع موفرة الجو العاطفي المطلوب في المجتمع الاسلامي.

هذا بالاضافة الى ان الجو العاطفي الملتهب حبا يدع القلوب اكثر استعداداً واقبالا على العبادة واستماع الوحي والتعلق بالمضامين التي ترمز اليها عملية الحج، وما هي في الواقع الا تربية عبادية سياسية على اقامة المجتمع المسلم لله.

خامساً: ثم ان هذا الامان المعطى للانسان والحيوان والاعشاب والارض في هذه البقعة المقدسة ليعبر عن تلاحم طبيعي رائع بين عناصر الكون لتحقيق هدف الانسان الكبير.

وقد جاءت روايات تؤكد التوافق الطبيعي بين الانسان والطبيعة في عملية الحج بل في كل المسيرة الحياتية.

وقد جاءت الرواية عن الرسول انه (ص) عندما رجع من غزوة تبوك واشرف على المدينة قال: (هذه طابة وهذا جبل احد يحبنا ونحبه)( ).

وقد روى المرحوم الكليني باسناده عن جابر عن ابي جعفر (ع) قال: (أحرم موسى من رملة مصر قال: ومر بصفائح الروحاء محرما يقود ناقة بخطام من ليف عليه عباءتان قطوانيتان، يلبي وتجيبه الجبال)( ).

وروى عن الامام الباقر (ع) قال: (قال امير المؤمنين (ع): ما من مهل يهل بالتلبية الا اهل من عن يمينه من شيء الى مقطع التراب ومن عن يساره الى مقطع التراب وقال له الملكان ابشر يا عبد الله وما يبشر الله عبدا الا بالجنة).

وان هذه المعاني لتترك أثرها في نظرة الانسان الى الكون والحياة وتذكره بان الكون معه ان سار في خط الانبياء وراح يحقق مقتضيات الخلافة الالهية في الارض ويبني المجتمع العابد المسلم.

وهكذا نجد ان الحج يشكل الجو النموذجي الذي يتم فيه تقارب الافكار الممهد لتحقيق الوحدة في المواقف العملية، والتوازن والوسطية والعقلانية المطلوبة كل ذلك في اطار رائع من العبودية الخالصة والتقدس العرفاني الجميل.

محمد علي التسخيري

الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية

محمد علي التسخيري

الامين العام للمجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية