
Super User
تعرف على آية الكرسي
تعرف على آية الكرسي
سيدة آيات القران
( أعوذ بالله العظيم من الشيطان الرجيم )
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ
لماذا هي سيدة آيات القران ؟
هي القاعدة الأساسية للدين لما فيها من توحيد خالص • وهى أشرف آية في القرآن .
• بها خمسون كلمة وفى كل كلمة خمسون بركة ..
• وهى تعادل ثلث القرآن .
• هي آية جمعت أكثر من 17 أسم من أسماء الله الحسنى ..
متى نزلت ؟
• نزلت ليلاً .
• ولما نزلت خر كل صنم في الدنيا ..
• وكذلك خر كل ملك في الدنيا، وسقطت التيجان عن رؤسهم ..
• وهربت الشياطين .
لماذا سميت أية الكرسي ؟
• الكرسي هو أساس الحكم وهو رمز الملك .
• وهى الدالة على الألوهية المطلقة ..
• رفعها الله في بدايتها باسمه ( الله ) وفى نهايتها باسمه ( العلى العظيم (
• وهى ترفع معها كل من تعلق بها واستمسك بها ...
• ومن حفظها حفظته ورفعته معها إلى أعلى مقام وأسمى منزلة .
ماذا قال عنها رسول الله - صلى الله عليه واله وسلم
( وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إِنَّ لَهَا لِسَانًا وَشَفَتَيْنِ تُقَدِّسُ الْمَلِكَ عِنْدَ سَاقِ الْعَرْشِ )
لِكُلِّ شَيْءٍ سَنَامٌ وَإِنَّ سَنَامَ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ وَفِيهَا آيَةٌ هِيَ سَيِّدَةُ آيِ الْقُرْآنِ هِيَ آيَةُ الْكُرْسِيِّ
هل تعلم فضل أية الكرسي ؟
هذه آية أنزلها الله جل ذكره وجعل ثوابها لقارئها عاجلاً واجلاً
فأما في العاجل
• لمن قرأها فى زوايا بيته الأربع تكون للبيت حارسه وتخرج منه الشيطان
• لمن قرأها ليلا خرج الشيطان من البيت ولا يدخله حتى يصبح و آمنه الله على نفسه .
و هي لمن قرأها ...
في الفراش قبل النوم لنفسه أو لأولاده يحفظهم الله لا يقربهم شيطان حتى يصبحوا ويبعد عنهم الكوابيس والأحلام المزعجة .
أما فى الآجل
لمن قرأها دبر كل صلاة يتولى قبض روحه الله ذو الجلال والإكرام .
-----------
( الله )
هو اسم الذات العليا ويقال أنه الاسم الأعظم .
وكل الأسماء تابعه إليه على سبيل الوصف ( ولله الأسماء الحسنى )
اسم يتحدى بها الله أن يُسمى به سواه .
( لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ )
هي شهادة منا بالتوحيد الخالص ومحلها القلب .
ولقد أرسل الله جميع الأنبياء عليهم السلام برسالة التوحيد .
جاء النفي في الأول حتى نتخلى عن الكفر والشرك وننظف قلبنا من جميع الآفات لكي توضع كلمة الله على أساس صحيح طاهر خالي من الدنس .
كل حركة في الحياة تؤدى إلى عمار الأرض فهى عبادة والإيمان القوى يثبت أقوال المؤمن وأفعاله فلا تهتز بعد ذلك مع تقلبات الحياة .
مسجد الكوثر بالبليدة الجزائر
يقع مسجد الكوثر وسط المدينة وبالتحديد بساحة بن مراح المعروفة بساحة التوت الشهيرة بالبليدة، يتميز المسجد بفساحته إذ يستقطب أكثر من 12 ألف مصلٍ بالمناسبات الدينية• تأسس المسجد سنة 1533 على يد الشيخ سيدي احمد الكبير وبني بفضل تبرعات اهل المنطقة، وككل المساجد في الجزائر تعرض مسجد الكوثر إبان الحقبة الاستعمارية إلى انتهاك حرمته وتهديمه من قبل المستعمر الفرنسي سنة 1830 وبعدها بني في مكانه كنيسة للفرنسيين، وظلت إلى ما بعد الاستقلال حتى سنة 1974 حين قامت السلطات الولائية بالتنسيق مع مفتشية الشؤون الدينية بولاية البليدة بتهديم الكنيسة وإعادة بناء مسجد الكوثر وتوسيعه، وسمي بالكوثر، استنادا لما ورد في الأثر الإسلامي
فتح المسجد رسميا لأداء الصلوات الخمس سنة 1981 وحوالي سنة بعد فتحه دشن المسجد وأصبحت تؤدى به كل صلوات المناسبات الدينية والأعياد الدينية وتعاقب على مسجد الكوثر كبار الأئمة بالجزائر كالشيخ علي الشرفي، الشيخ الزبير ومحيي الدين تشاتشان يتربع مسجد الكوثر ككل على مساحة 12000 م2 وبه قاعة الصلاة بالطابق العلوي مساحتها حوالي 4000 م2 وتتسع لـ 8000 مصلٍ ترتكز على 25 عمودا منها الأعمدة المزدوجة، ويضم المسجد بالطابق السفلي مدرسة قرآنية، قاعة المحاضرات تضم 550 مقعد، بيوتا للوضوء ومكتبتين داخلية وخارجية تحوي كتبا من مختلف المجالات ويوجد بالمسجد المركز الثقافي الإسلامي
وأكثر ما يلفت الانتباه بمسجد الكوثر هو قبته الكبيرة التي تعد من أكبر قباب المساجد بالجزائر وكذلك مئذناته الأربع التي تظهر بمجرد أن ترفع رأسك إلى الأعلى والتي اعتمد المهندسون في بنائها على الشكل الثماني ويبلغ طول كل مئذنة 60 مترا
وتعرضت مؤخرا قبة المسجد إلى تصدعات في زلزال بومرداس وهي الآن في مرحلة الترميم، وطبيعة بناء المسجد تصميم قديم وبناء حديث يوجد بداخله محراب منقوشة عليه آيات قرآنية بالجبس ومنبر ثابت مبني بالرخام. تركز التعبير الفني بالمسجد على كتابة المصحف الشريف على بلاطات تحيط بالمسجد من الداخل والخارج من سورة الفاتحة إلى سورة الناس وبمراقبة كبار أئمة ولاية البليدة.
اعتقالات جدیدة حول اغتیال مغنیة
أذاعت سورية اعترافات رجل اردني-فلسطيني اعطى اسرائيل معلومات قادت الى اقتيال القائد العسكري في حزب الله عماد مغنية في دمشق قبل ثلاث سنوات. هذا الرجل أضاف إن اسرائيل جندته عام 2006 بعد زيارة الى مدينة الخليل ثم أرسلوه الى دمشق في شباط فبراير 2008 و اعطاهم تفاصيل عن سيارة مغنية قبل ساعات من تفجيرها في 12 شباط.
التحليل النفسي للمعنويات
دراسة في نماذج من السيرة المعنوية والنفسية لرسول الله‘
مقدمة ــــــ
التحليل النفسي للمعنويات والتبعية المذهبية( )، والذي يذكر أحياناً بعنوان التحليل النفسي للمعنويات والدين، هو من النظرة التاريخية معاصر للأديان، وله تاريخ ولادة( ). كما أنه تابع لقاعدة النمو والتكامل( ) على مر التاريخ، بمعنى أن الكثير من أسسه وقواعده الرئيسية أخذت شكلها وإطارها مع تكامل الأديان( ). ولهذا فإن البحث والتحقيق حول الجانب النفسي للمعنويات ـ إذا أخذنا تاريخ علم النفس بنظر الاعتبار ـ ليس من أبحاث علم النفس بمعناه الجديد. وتوجد في هذا المجال ثروات علمية ضخمة وقيّمة تدور حول موضوع الإنسان، انصبّت ضمن قوالب مختلفة، وفي كتب تتناول المواضيع التالية: الفلسفة، الأخلاق، سيرة الأنبياء والصالحين وأصحاب الديانات غير السماوية، بل والمبشرين. والاطلاع على هذه الثروة بحاجة إلى الفحص والتنقيب في أعماق مضامين الكتب القديمة والحديثة( ). وعلى سبيل المثال: فقد نشرت أخيراً بعض البحوث والدراسات حول تأثير العقائد الدينية على السلامة النفسية، والنتائج التي توصّل إليها الباحثون في هذا المجال تدلّ على دورها الإيجابي في سلامة النفس والروح، وانخفاض العلائم المرضية.
ومن جانب آخر فإن الرؤية الإسلامية للعالم تنظر للإنسان باعتباره المخلوق الذي وصفه القرآن بأنه أشرف المخلوقات، وأكملها، وأجملها، وأكثرها تعقيداً( )، والمخلوق الذي يتمتّع بقابلية تحمُّل الخلافة الإلهية في الأرض( )، وأنه يتمتّع عند ولادته بكمالات بالقوة( )، يتمكّن من إخراجها من حيّز القوّة إلى حيّز الفعلية. وهناك أبعاد مشتركة بين الإنسان والحيوان تتمثّل في قوّتهما الإدراكية( )، ووجود الشهوة فيهما، والتي هي سبب بقائهما. كما أنّ هناك أبعاداً تميّز الإنسان عن الحيوان، تتمثّل في نوع إرداكه وكشفه للحقائق( )، ونظرته الشاملة للعالم، وتندرج فيها مقولة المعنويات( ). وحسب تعبير الحكيم الإلهي سنت توماس آكيناس( ): «الإنسان منسوب لفصيلة الحيوانات، ومجاور للملائكة»( ).
وتعدّ التربية والجانب النفسي للمعنويات من العوامل المهمّة والمؤثّرة على حياة الإنسان. وهذا ما كان مثار الخلاف منذ القديم، وفي فترة ظهور الأديان، وبالأخصّ في زماننا الحاضر، الذي ابتلي الناس فيه بمجموعة أمور تتمثّل في القوة والقدرة( )، والسرعة( )، والفرص( )، والمعلومات( )، والاتصالات( )، والعالم الإلكتروني، حيث صار الخلاف فيه بشكل أوضح( ). وقد أثير فيها النقاش والجدل إلى حدّ واسع،وأمعن النظر فيها الكثير من المفكرين.
وذهب بعض متأخِّري أصحاب النظر في هذا المجال إلى أن جزءاً كبيراً من أسباب سيطرة الإنسان على تصرّفاته راجع إلى عقائده، حيث يتمّ طرح ذلك في كيفية سيطرة الإنسان( ) على محيطه وأطرافه( ). وفي هذا المجال تطرح الحاجة باعتبارها أهمّ عامل لتعامل الإنسان في حياته، بحيث تعد جميع الحاجات الحيوية والنفسية إما وراثية، وإما متأثِّرة بالجانب الفطري والغريزي، لكن بفارق أن الحاجات الحيوية موروثة بالفعل، والحاجات النفسية موروثة بالقوة، وتتأثر بالأجواء المحيطة بالإنسان.
والنقطة الجديرة بالاهتمام هي أن العواطف تشكّل جزءاً هاماً في وجودنا وحياتنا. وتأثير العواطف ـ سلباً أو إيجاباً ـ على كمال الإنسان من الناحية المعنوية والأخلاقية مما لا يمكن إنكاره، بل إنّ أهميتها بلغت حداً بحيث قالت بعض المذاهب الباطنية والأخلاقية أن العامل الرئيسي والوحيد في رسم الجانب المعنوي للنفس، وتعيين تصرفات الفرد، راجعٌ إليها، أو أنهم كالقائلين بأن أساس الأخلاق، والمعيار في التقييم، راجعٌ إلى العواطف والمشاعر الفردية( )( ).
وقد حاولنا في هذه المقالة دراسة الأبعاد المذكورة، مع جعل محور البحث دائراً مدار المعنويات من منظار علم النفس. وتناولنا بالبحث بعض النماذج من حياة الرسول الكريم‘، وسيرته العملية والنظرية.
بيان موضوع البحث ــــــ
إذا تمكّنا في تحليلنا النفسي للمعنويات من إيجاد ترابط بين الأمور الأخلاقية والخصائص الروحية والنفسية والجسمية للشخص من جانب، وبين معطياتها، أعني دورها في الكمال والسعادة على مستوى الفرد والمجتمع من جانب آخر، فعندئذ يمكن التعريف بالإنسان في هذا المجال. ففي السبعينات قام كل من: شارف( )، وريمر، وواسرمن، وجنينكز( )، بالبحث حول الترابط بين النمو المعنوي والتكامل الأخلاقي وبين المحيط الذي يعيشه الفرد، وانتهوا إلى أن كل محيط يهيئ أرضية معينة للنمو الأخلاقي( ) والمعنوي، ويكون التكامل المعنوي والأخلاقي في المحيط المتفتّح والنامي أيسر منه في غيره( ).
وقد كان لهذا البحث وضوح أكثر في زمان ظهور الأديان الإلهية، بل إنّ المعاجز التي أبرزتها الأديان تتناسب مع متطلّبات ذلك العصر والطاقات البارزة في المجتمع، والتركيبة الروحية والنفسية للأفراد في ذلك العصر( ). والاهتمام بهذا الجانب في مثل هذه الأبحاث أمرٌ ضروري.
ومن جانب آخر فإنّ التحليل النفسي لمثل هذه الأبحاث له جملة من المداخل، وقد أثارت اهتمام الباحثين والعلماء في زماننا الحاضر أيضاً، فهم مرتبطون ومنتسبون للدين من جانب، ومشدودون للأبحاث المذكورة في علم النفس من جانب آخر، فكان حصيلة ذلك جملة من الكتابات، أخذت مسارها في حيِّز الأفكار أخيراً، وسنشير إليها في ثنايا هذه المقالة.
ومن جانب آخر إذا ألقينا نظرة تاريخية ـ برؤية إسلامية ـ فإن تأسيس الدولة الإسلامية باعتبارها نظاماً متعدّد الحيثيات تعكس قدرة النبي‘ من جهة، ومن جهة أخرى هي الأساس لتدوين القوانين المدنية والمعنوية؛ حيث إن النبي الأعظم‘ عرض رسالته باعتبارها رسالة أخلاقية، ولإتمام مكارم الأخلاق( ). وبهذا تدخل في الأبحاث المعنوية والتربوية والنفسية، وبهذا تكون عاملاً مهماً في إيجاده الحضارة الإسلامية، وأساساً للقيم المعنوية.
كما أن تأسيس النبي‘ لمراكز ذات أهداف متعددة؛ اجتماعية( )؛ وثقافية( )؛ وسياسية؛ ودينية، في إطار سلسلة التغييرات( )، والتعليم غير المباشر للقيم الدينية، كان له دورٌ فعّالٌ للغاية.
وتعكس الأبحاث التمهيدية للتحليل النفسي لأسلوب النبي‘ في إدارته الدينية والمعنوية وجود سبل للسيطرة، وأساليب نفسية، في سيرته العملية بين أبناء المدينة المنوّرة. وقد أمضى الكثير من الخبراء هذا الأسلوب الحديث، ووسموه بالصحة، حتى عبّروا عن النبي‘ بأنه إنسان معنوي، خبير بعلم النفس، وأنه مصلح اجتماعي( ). وفي اعتقاده كان للدين الإسلامي هدف أساسي يقوم على أساس تحقيق العدالة والمساواة الاقتصادية، وبثّ الاطمئنان والهدوء النفسي بين أتباعه. وفي بحث آخر، ومن خلال بيان الأبعاد النفسية للدين الإسلامي، والتأكيد على أنّ هذا الدين له نظرية سلوكية وأخلاقية، وأن الأمور المعنوية في هذا الدين أدقّ منها في الأديان الأخرى؛ حيث إنها في الأديان السابقة مجرد قوانين أخلاقية عامّة وكلية، بينما نجدها في هذا الدين ملحوظة بشكل أدقّ، وتتعرّض للتفاصيل بشكل أكثر، وهذا ما يشير إلى أصالة هذا الدين ونبيّه المكرم‘( ).
وهذه الأبحاث، التي انصبت في الغالب على الجانب المعنوي من الدين وحياة النبي الأعظم‘، صارت أرضيّة خصبة لبحث علماء النفس، الذين لهم ميول معنوية. ولهذا خاضت هذه المجموعة غور البحث خلال قرن ونصف، إلى حدّ أمضت الترابط الموجود بين المذهب والمعنويات من جانب وبين عيش الإنسان بسلامة وسرور من جانب آخر، ومن القائلين بذلك: كارتنر( )وأعوانه، هانك( )، ميلر وأولسلون( )، ورب( )، ماهوني( )، لوج( )، هوجز( )، كامستاك وبارتريج( ).
وتشير بعض الأبحاث إلى الدور الإيجابي للعقائد المذهبية في التأثير على سلامة الجسم والروح. ومن جملة القائلين بذلك: سوري( )، هنريكسون( )، لونكويست( )( ).
ومن هنا تطرح تساؤلات عديدة، منها: أن علم النفس من العلوم التجربية، فما هي العلاقة بينه وبين الدين؟ وهل للدين تأثير على علم النفس؟ وهل لعلم النفس فائدة في المجالات الدينية؟ وبصورة عامة: كيف يتعامل علم النفس مع الدين؟ وماهي مجالات تعاملهما معاً؟ هذه هي الأسئلة الأساسية التي نسعى للإجابة عنها في هذا المقال.
تأريخ البحث ــــــ
أشرنا في المقدمة، وعند بيان موضوع البحث إلى أن مقولة التحليل النفسي للمعنويات لها جذور تمتدّ إلى ما قبل الميلاد، وأنها طرحت في نظريات المصلحين( )، بل طرحت هذه الفكرة في بعض الأديان غير السماوية أيضاً، مثل: البوذية، التي طرحت طرق الشريف الثمانية. وعلى سبيل المثال: فإنه يذكر أموراً خمسة باعتبارها محرمات،تتمثل في: القتل، والسرقة، والكذب، والعلاقات الجنسية غير المشروعة، والسكر، حيث طرحت هذه الأمور وفقاً للنظرية النفسية التي طرحها نيروانا، والتي تتمثل في الهدوء والاطمئنان النفسي. وكذا فينايا( )، الذي أخذ بنظر الاعتبار حياة الرهبان. وكذا المذهب التائوي( )، فإنه يتضمن تعاليماً تتكئ على السلامة النفسية، وعدم التدخل في نظام الطبيعة( ). كما أنّ مذهب الكنفوسيوس يستعرض مباني شو ـ جي( )، ولي( )، والتي تتمثل في قواعد السلوك المناسب للحياة الدينية والاجتماعية والعائلية( ).
يستعرض مذهب الهندوس منوسميتا( )أموراً يرجع تاريخها إلى القرن الثاني والأول قبل الميلاد، وتعتمد على الودايين أو الديين، التي دونت 2800 سنة قبل الميلاد، والتي تستعرض نظاماً يوائم الأهداف الإلهية والبشرية، وهو الأساس الذي يعتمده الهندوس إلى اليوم في سلوكهم الاجتماعي والديني والنفسي( ).
ولِقِدَم هذه التعاليم والأنظمة أهمية بالغة في التحليل النفسي؛ إذ لم تكن خلال هذه القرون المتطاولة أساساً للشرائع الدينية فحسب، وإنما هي الأساس لتدوين القوانين المدنية، ولبروز الثقافات المذكورة.
كما أنه طرحت في الأديان السماوية، والسنن العرفانية المسيحية واليهودية ـ غير المحرّفتين ـ، فكرة العودة للمبدأ، وتبيّن أن روح الإنسان، مضافاً إلى حمدها لله سبحانه وتعالى، ستتّحد مع الذات الإلهية المقدسة.
وفي الفترة الأخيرة طرح عدد من المفكرين المسيحيين فكرة تنبعث من تحليل نفسي للدين، وهي أن الجنة أمر نفسي يبعث على العيش بسلام وصلح مع الله سبحانه وتعالى، ومع غيرها أيضاً، وأن نار جهنم تعني الابتعاد عن الله سبحانه، وبالتالي العجز عن تحقيق الصلح والاطمئنان والهدوء النفسي( ).
وفي الدين الإسلامي يطرح جميع ذلك تحت عنوان السلوك، وهو آخر نظام ديني، ويستعرض أفضل نظام للحياة المعنوية في عالم الدنيا، وبوضوح تام، ويقوم بنيانه على أساس القرآن الكريم، وأقوال وأفعال النبي الأعظم‘( ).
وفي بعض الأديان الأرضية، والتي جاء بها بعض المصلحين، لوحظت المعنويات برؤى مختلفة. وعلى سبيل المثال: في نظر البوذيين ليس الهدف من الحياة المعنوية للإنسان هو نيل الجنة، بل الهدف منها هو بلوغ النيرفانية( )، التي هي أشهر مذهب في سريلانكا وجنوب شرق آسيا، وترجع أصولها إلى المدرسة البوذيسية. ويرى هذا المذهب أنّ الخلاص من الحياة يحصل بالتغلّب على مغريات الدنيا المادّية، في الوقت الذي يرى أصحاب المدرسة المهايانية( )، الرائجة في منطقة التبت من الصين واليابان، أن النيرفانية ثمرة من ثمرات الحياة، وتحصل للإنسان بإخراج طاقاته اللامحدودة( ) إلى حدّ الفعلية.
ويرى بعض الباحثين في الجوانب النفسية للمذاهب، بما في ذلك الباحثين في الجانب النفسي للمسيحية( )، وبعض السنن المسيحية ـ الكنيسة الكاثوليكية في روما، والكنيسة الأرثودكسية الشرقية ـ أن الاعتقاد بكون الآخرة لسدّ ثغرة الظلم الدنيوي، وذلك بإعطاء الأتقياء حقهم والمسيئين جزاءهم، له أثرٌ نفسيٌّ بالغٌ وواضحٌ في المؤمنين، الذين يرجون السعادة، ويتأملون عواقب الأمور. كما أنّ هذا الاعتقاد ـ من الناحية النفسية الدينية ـ يحدّ من خوف الإنسان من الموت( )، سواء بالنسبة إليه أم بالنسبة لأحبّائه، ويبشّره بعدم المشقّة والعناء والآلام( ) بعد هذه المرحلة، وأنّ المؤمن فيها أقرب إلى الله باللحاظ المعنوي، بل قد يسوده الشعور بالرفعة والفضل على غير المؤمنين.
ويوجد تشابه كبير بين هذه الرؤية والرؤية الإسلام، بل الملفت للنظر إيمان أغلب الأديان السماوية بها، بل والمصلحين الذين لهم مدارس معنوية. وهذا هو الجواب عن السؤال المطروح: ما العلاقة بين الاعتقاد والتصديق الباطني والنفسي وبين الدين؟
وقد طرح هذا البحث فيما بعد تحت عنوان القيم والتحليل النفسي للمعنويات، حتى أن دونالدباتلر( ) يرى أن العقائد ـ والتي تمثّل العوامل النفسية ـ لها تأثير بالغ في المجتمع، وهي أكثر تأثيراً من أي عامل تربوي آخر، وتتسبَّب عن إيجاد أفعال ثابتة ودائمة( )، ولها أعظم سهم في بيان القيم، ولا يوجد عامل كهذا يسعى من أجل إيجاد التصرفات الأخلاقية( )، وإيجاد الهدوء الروحي والنفسي( ). وعلى حدّ تعبير نلر فإنّ بيان القيم يفوح من أجزاء النظام المعوي( )( ).
ويرى وارنوك أن مشاعر( ) الإنسان وروحه هي السبب في تعدّد الميول المعنوية، ووجود الأحكام الاعتبارية (القيم)( ). ووفقاً للأبحاث التي قام بها مور فإن متطلبات الإنسان ذات الأبعاد المختلفة، من المتطلبات الروحية، والنفسية، والجسمية، والمحيطية، تجرّ الإنسان قليلاً قليلاً نحو الحياة المعنوية والأخلاقية، كما جرّته نحو الحياة الاجتماعية( ).
كما يرى أحد الباحثين، وهو «برجين»، أنّ الميول الدينية ضمن إطار علم النفس ستتزايد بعد القرن العشرين، وحتى الثلاثين، ويرى أن دمج الأهداف الدينية بعلم النفس سيحدث تغيراً كبيراً، ونهضة تفتح أمامنا آفاقاً جديدة، في ما يتعلّق بتفكيرنا تجاه أفعال الإنسان وتصرفاته( ).
ومن الكتب المتأخرة والمشهورة، التي تعرضت للتحليل النفسي للمعنويات، كتاب «التحليل النفسي للدين»( ) لـ «ولف»( )، و«علم النفس والدين» لـ «آرجيل»( )، و«التحليل النفسي للعقائد الدينية»( ) لـ «براون»( ). وقد تعرّضت لأبحاث نفسيّة نظير: ظهور الدين، وأهميّته في الحياة البشرية، ومدى تأثيراته.
التحليل النفسي للمعنويات في الأديان التوحيدية ــــــ
ترى الأديان التوحيدية ـ كالمسيحية، والإسلام، واليهودية، وبعض الأديان القديمة الأخرى، أو بعض فرق هذه الأديان ـ أن البركات الحاصلة في الحياة المعنوية هي من ألطاف الله سبحانه وتعالى على العباد، واستعداد الفرد نفسه( )، وأنها تذكر تحت عنوان سلامة النفس( )، وطهارة الفطرة. فأساسها في الحقيقة هو الإفاضات الإلهية، ويتعقّبه الخضوع للإرادة الإلهية( ). وعلى سبيل المثال: إنّ الإسلام يؤكّد أن الله سبحانه هو الرحمن المطلق، وأنّه يحبّ الجميع( )، وأنّه يرحّب بأهل الجنة؛ وهم الذين ينظرون إليه دوماً، حتى ملأوا كيانهم وأرواحهم منه( ). والقوانين التي تحكم سلوك الإنسان( )ونفسيته، والتي هي محلّ اهتمام السنن الدينية، وتنتهي إلى تجارب الحياة والممات، هي من جانب تمثّل مجموعة من المحرمات الدينية، ومن جانب آخر لها ارتباط وثيق للغاية بالنفس الإنسانية القابلة للتغيير( ).
ومن ناحية أخرى فإنّ مناشئ الكثير من أوجه الشبه( ) والاختلافات( ) بين التعاليم والأنظمة الدينية في العصور المختلفة تكمن في مسائل نفسية، بلحاظ الظروف المختلفة بحسب الزمان والمكان( ) والضرورات الاجتماعية( ). ونرى اليوم أنّ الترابط الوثيق بين الأديان والأدبان والأرواح، والذي هو نوع من التكامل المعنوي والدنيوي، قد صار مصبّ البحث، حتى أننا نجد بوضوح الاستعانة بالدين في القوانين؛ باعتباره وسيلة للسيطرة على الأفكار، والتصوّرات النفسية، والسلوكيات الاجتماعية( ).
واليوم تعالج الأديان التوحيدية أربعة محاور رئيسة للترابط بين الدين وعلم النفس وهي: التحليل النفسي للدين، والتحليل النفسي الديني، والخدمات التي يقدِّمها الدين لعلم النفس، ومجالات تأثير علم النفس في الأنظمة الدينية.
ومرادنا بالدين( ) هنا هو مفهومه الإلهي، وهو مجموع النصوص الواردة في المصادر المقدسة، والتي نؤمن بها تعبّداً. وعلى سبيل المثال: إنّ القرآن الكريم والروايات المعتبرة هي من منظار الدين الإسلامي مصادر مقدّسة، فهذه هي أصل الدين، وتبرز في الأفراد على صورة «الإنسان المؤمن»، ولها في المجتمع صور مختلفة. وعلى هذا الأساس لا نريد بالدين مفهومه غير الإلهي، والذي جاء في بعض الكتب التي تناولت التحليل النفسي للدين باعتبارها مصداقاً للدين، نظير: السحر، والشعبذة، وإنما نعني بالدين هنا الأديان الإلهية السماوية. علماً أننا سنشير أثناء البحث إلى المدارس غير السماوية( ).
كما أنّ المراد من التحليل النفسي هو الدراسة العلمية للسلوكيات وآثارها النفسية( )،والتي ظهرت نتائجها في مدارس علم النفس. ونجد اليوم في عالم علم النفس أربعة محاور للبحث، وهي: 1ـ محور السلوك( )؛ 2ـ محور النفس وتحليلها( )؛ 3ـ محورية الإنسان( )؛ 4ـ المذاهب ومعرفتها( ). ولهذا فالمراد في مقام بيان الترابط بين الدين وعلم النفس هو الدين بمعناه الخاص، وهو النصوص الواردة في الكتب المقدّسة، وتتمثّل في الدين الإسلامي بالقرآن الكريم والروايات المعتبرة؛ والمراد من التحليل النفسي هو التحليل النفسي السائد والمتعارف، والذي يذعن له علماء النفس.
الدين من منظار التحليل النفسي للدين ــــــ
الهدف الرئيس للدين ـ من منظار التحليل النفسي للدين ـ هو التديّن. ويعبّر عنه في كلمات المتخصصين بـ (religion). لكنّ موضوع بحثهم في الغالب ناظر إلى التديّن( ). وقد أبدى آركيلتعريفاً مناسباً للدين، وهو أنه «يتمثّل في الاعتقاد بالله أو بالشخص الذي هو فوق مستوى البشر، والشعائر الدينية (العبادية)، أو الشعائر الأخرى التي تستمد من هذه القوة»( ). وغالب الأبحاث في التحليل النفسي للدين تنصبّ على تديّن الأشخاص، ولا ينقلون القصص إلا في موطن خاصة.
ومن المواضيع ذات العلاقة بالدين وعلم النفس في إطار التحليل النفسي للدين هو حصول الصور ـ وهو في الحقيقة من فروع علم النفس، فيبحث الدين في علم النفس باعتباره موضوعاً خاصاً ـ، بمعنى أن التدين هو الحالات النفسية( ) والظواهر أو العلامات التي تطرأ على الإنسان على أثر تمسّكه بالدين. فهذه المواضيع تمثّل محاور الأبحاث في التحليل النفسي الديني. ولهذا يبدي عدد من المتخصّصين في الأبحاث الدينية إصراراً على البحث في مواضيع ذات عمق، كالدين، وإمكان إبداء تعريف له( ).
وبشكل عام فإنّ البحث عن علم النفس الإسلامي، وعلم النفس الديني (بشكل أعم)، يعدّ من المصاديق البارزة والمهمّة للبحث عن «علم الدين».
الخدمات التي يقدمها الدين لعلم النفس ــــــ
يرى بعض الباحثين أنّ الدين يقدّم خدمات كبيرة لعلم النفس في مجال السلوك. وكذا في المجالات التالية: الموت، الفرح، الصحة والرفاهية، تحمل الآلام الدنيوية، أن الله شاهد وحاضر في حياة الأفراد، وأمثال ذلك( ). كما يرى البعض أنّ الدين يعين علم النفس في أربعة محاور، وهي: 1ـ الصحّة النفسيّة والروحية( )؛ 2ـ العلاج النفسي والروحي( )؛ 3ـ التحليل النفسي للكمال( )؛ 4ـ التحليل النفسي للأخلاق( ).
الصحة النفسية والروحية ــــــ
لم تأخذ بعض المجالات وبعض الأساليب في علم النفس حظّها من الاهتمام المطلوب. وأحد الأمور التي تملأ هذا الفراغ هو التحليل النفسي للدين؛ حيث إنّ بعض هذه الأبعاد المغفول عنها تتعلّق بوجود الإنسان، وبعضها راجع إلى أساليب البحث وطرقه. وبحث الصحة النفسية ـ الذي تمّ التأكيد عليه في التحليل النفسي للدين، كما نجد في سيرة النبي الأعظم‘ أنه محل اهتمامه ـ هو أحد هذه الأبحاث. وفي الآونة الأخيرة، وفي الاجتماع الذي عقد في اليونيسكو سنة 2001م، أعلن بصراحة أن منظمة اليونيسكو اهتمّت بالصحّة النفسية في الأبعاد البدنية والنفسية والاجتماعية، وأغفلت الجانب المعنوي، الذي هو العامل المؤثر في الصحة النفسية( ).
ويرى علماء النفس في يومنا هذا أنّ نموذج السلامة لا يتمثّل في سلامة البدن فحسب، وإنما الأهم من ذلك هو السلامة الروحية والنفسية. ولهذا فإنّ السلامة الروحية( ) ـ حسب تعريف منظّمة الصحّة العالمية ـ هي: النماذج والأساليب واتخاذ الاجراءات المناسبة التي تؤمّن للناس العيش براحة وطمأنينة، ومن دون إحساس بالقلق والاضطراب. وبعبارة أخرى: هي إيجاد الوضع المناسب للفرد من الناحيتين النفسية والاجتماعية، بحيث يستطيع من خلاله إقامة العلاقات المناسبة والمتوازنة مع الآخرين( ).
العلاج النفسي والروحي ـــــ
تعرض الدين منذ قديم الأيام لمسألة المنهكين روحياً( )، وواجه المصابين روحياً بتهمة مسّ الشيطان لهم، ولزوم طرده عنهم، وأكّد لزوم علاج أمثال هؤلاء المصابين. وقد أبدى الدين الحنيف خدمات كبرى لعلماء النفس في هذا المجال، وهي محطّ اهتمام الباحثين في هذا العصر. ففي الثمانينات، وأثناء تتبُّع بعض الباحثين لنقاط ضعف شخصية الإنسان وروحه، توصّلوا إلى أنّ نقاط الضعف هذه إذا ما انجرّت إلى حدوث مشكلة للإنسان المتديّن فإنها سرعان ما تزول، وهي في الوقت ذاته سهلة العلاج، بخلاف غير المتديّن( ). وقد اهتمّ (ويليام وست)( )، في كتابه «العلاج الروحي بالمعنويات» ببيان دور وتأثير الدين والأمور المعنوية في علاج المصابين بالأمراض النفسية.
ويؤكّد يونج أنه يوجد لجميع مَنْ راجعه من المرضى ـ الذين أصيبوا في النصف الثاني من أعمارهم (أي في حدود الثلاثين من العمر فما بعد) ـ علاج مناسب، وأسلوب ديني مؤثّر، وأنه يمكن القول بكلّ ثقة: إنّ ما يعانيه هؤلاء من الأمراض النفسية إنما هو بسبب فقدانهم لما تمليه الأديان الحيّة على أتباعها( ).
ومن الأساليب والمناهج المتّبعة لعلاج الأمراض النفسية والروحية في المراكز الصحية الخاصة بعلاج الأمراض النفسية ما يلي: المراقبة، التوبة، الإعداد النفسي، الاستمرار على بعض الأذكار، الصلاة، والاستماع لآيات القرآن الكريم مع فهم معانيها.
التحليل النفسي للكمال ــــــ
ومن الكتب المهمّة في هذا المجال هو كتاب «التحليل النفسي للكمال»، لـ«شولتز»، والذي يطرح خلاله أحد المحاور الأساسية والمهمّة لنظر الناس إلى الموازين، فيطرح هذا السؤال: مَنْ هو الإنسان الكامل أو السالم من المنظار الديني؟ وقد أجيب عن هذا السؤال في طيف واسع من التعاريف. والملفت للنظر أنّ النموذج الذي يطرحه الدين بعنوانه إنساناً كاملاً هو أسمى من المعايير المادّية المذكورة خلال هذه التعاريف الكثيرة، حتى ورد في بيان كمال الإمام علي×: ما جئنا لنسمو في هذه الدنيا، وإنما جئنا لنسمو على هذه الدنيا( ). ويرى بعض أهل النظر أن إدراك الأبدية، والتحرّر من قيد المكان، ونيل المعرفة الحقيقية، والإحساس بالسرور، هو السبب للهدوء( )، والتفاؤل( )، والفرح الدائم، بل إنه سيقترن بالإبداع أيضاً( ).
الأخلاق وعلم النفس ــــــ
تمّ التوصّل في هذا العصر إلى أنّ الركن الرابع ـ الذي به تتمّ الأركان الثلاثة الأخرى، وهي: التحقيق، الاستشارة، العلاج ـ هو القيم الأخلاقية. ويعدّ بحث الأخلاق من المباحث المهمّة للغاية، بحيث إن أبعاد سلوك الإنسان وردود فعله، والتعابير التي يستخدمها، وحكمه تجاه القضايا المختلفة، ترجع بنحو من الأنحاء إلى الأخلاق. ومن جانب آخر فإن الاعتبارات الأخلاقية تنبعث من حبّ الشخص لنفسه، وتتبلور على هذا الأساس. وهذه الاعتباريات، وإنْ لم تكن فطرية، إلا أنها بسبب هداية الفطرة والطبيعة لها، وتبلورها على أساسهما، تصير طبيعة ثانوية، بمعنى أنّ الإنسان؛ بسبب المتقضيات الفردية، وعلى أساس أصل الاستخدام، يتّخذ طابعاً اجتماعياً. والضرورة تدعوه للحياة الأخلاقية أيضاً. ولهذا فإنّ الإنسان على ضوء أسس علم النفس ينجذب باتجاه الحياة الأخلاقية شيئاً فشيئاً، كما انجذب قبل ذلك إلى الحياة الاجتماعية( ).
السيرة النبوية في مجال علم النفس، نماذج وعيّنات ــــــ
ومن الأبحاث الأخرى والتكميلية لبحث التحليل النفسي للمعنويات دراسة نماذج من السيرة النبوية في ما يتعلق بالتحليل النفسي. وقد تقدمت الإشارة في بيان موضوع البحث إلى أن خاتمية وتمامية رسالة نبينا محمد‘ ـ والذي هو أحد الثلاثة الموعود بهم من قبل الله سبحانه وتعالى، وعلى حد تعبير بعض الأدباء: «الموعود المكمل»، الذي جاء لإتمام الرسالات السابقة ـ هي بالأخلاق الفردية والاجتماعية للإنسان، والتي تنتهي به إلى الهدوء، والاستقرار، والكمال، وبلوغ الغاية القصوى للإنسانية، وتحطيم كلّ القيود المادية التي تقيده في عالم الدنيا الفانية.
وإن سيرة النبي الأعظم‘ بتمامها على أساس المعايير المذكورة في علم النفس. ولهذا فإن سيرة هذا النبي العظيم هي أفضل قدوة لنيل الحياة الخالدة، ذلك أن النبي‘ هو ميزان عمل لجميع أبناء الدنيا. وجميع أفعال النبي وسلوكياته النفسية تربوية، وهي بمثابة العين الصافية التي تُستلهم منها جميع الأفعال والسلوكيات والوظائف. ويمكن تطبيق الأفعال المختلفة في جميع المجالات على سيرته المباركة. والهدف الرئيس من بعثة هذا الموعود المكمّل هو إبراز النموذج النفسي الكامل من جميع الجهات لأبناء البشرية؛ لتنال السعادة الحقيقية. حتى أن الذين كتبوا في بيان سيرة النبي‘ على مدى القرون السالفة، وحتى القرن الحادي والعشرين، صرّحوا بكمال هذه القدوة السلوكية والأخلاقية والمعنوية التي عرضها النبي‘ خلال تبليغه للدين الإسلامي الحنيف، وأكدوا على مدى تأثيرها على الناس( ). ومن النماذج في سيرته التبليغية، والتي تركت آثاراً عميقة في المخاطبين، هي إكرام كلٍّ من الشخصين للآخر؛ فإنها عامل مهم في شد الأواصر الاجتماعية، وتوثيق العلاقات، ولهذا يؤكد قائلاً: «إذا التقيتم فتلاقوا بالسلام والتصافح»( ). وهذا الأمر الأخلاقي والمعنوي يطرح هذا اليوم في علم النفس تحت عنوان الأمان النفسي للأفراد من أحدهم تجاه الآخرين. وقيل: إنه شبيه بالأصل «إهميسا»، الذي يعني الابتعاد عن العنف، والاتجاه إلى محبة الآخرين، وإبراز ذلك، والوارد في مذهب البوذا( ).
وسنستعرض في ما يلي عشر نماذج من سيرة النبي النفسية:
1ـ تجنب العنف والغضب ــــــ
من سيرة النبي الأعظم‘، التي هي قدوة لنا، والتي لها جذور نفسية عميقة، وتبعث على الهدوء والاطمئنان، تحاشيه للعنف والغضب. ولهذا قال: «الغضب يفسد الإيمان، كما يفسد الخل العسل»( ). فعند سيطرة الغضب على الإنسان تصدر منه بعض التصرفات والأفعال بشكل تلقائي، وتحمّله أضراراً جسيمة. ولهذا فإن النبي‘ يأمرنا في مجال آخر؛ وبهدف التخلص من عوارض الغضب الفتاكة، بأن نتحاشى ثلاثة أشياء: الكلام؛ واتخاذ التصميم؛ والإقدام على فعل معين( ). وهذا هو الذي يشير إليه جان إستوتزل في كتابه «علم النفس الاجتماعي» بقوله: «الغضبان أعمى»( ).
2ـ الاعتدال وعدم التطرّف ــــــ
وصف القرآن الكريم الأمة الإسلامية بالأمة الوسط، حيث يقول: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطَاً﴾ (البقرة: 143). ولهذا كان النبي‘ يؤكد دوماً على حفظ الاعتدال، ويشير إلى أن التطرّف يؤدي إلى الندامة في كثير من الأحيان. ولذا قال: «الوسط: العدل»( ). ومن الناحية العملية أيضاً كان النبي‘ يطرق الأسماع دوماً بلزوم رعاية الاعتدال، بما في ذلك الجانب الاقتصادي من الحياة، حيث يلزم رعاية الاعتدال فيه باعتبار أنه يشكل جانباً مهماً من الحياة المعنوية للإنسان، حتى أنه قال «خير الأمور أوسطها»( ).
3ـ حسن العشرة ــــــ
مما اشتهر من سيرة نبينا الأعظم‘ الأخلاقية والنفسية حسن معاشرته للأقرباء وغيرهم. ولعل أحد أسرار انتشار الدين الإسلامي يرجع إلى هذه النقطة الأخلاقية والنفسية أيضاً. بل إنه يأمر ضمن أحد تعليماته بحسن المعاشرة في ما يخص الفقراء، حيث يقول: «عليكم بحب المساكين ومجالستهم»( ).
4ـ الإنصاف ــــــ
من الأمور المهمة في التحليل النفسي للمعنويات هو رعاية الموازين السلوكية، والأحكام التي يصدرها الفرد تجاه القضايا المختلفة، فإنه يوجب تزايد الاحترام تجاهه، وتسمو منزلته. ومن الأخلاق البارزة في حياة النبي’، والتي تركت آثاراً نفسية عميقة في أخلاق المجتمع، الذي كانت تسوده الطبقية، هي إنصافه في أقواله وأفعاله، فكان يقول: عليكم بالعدل في كل مكان، ولا يضيعنّ حق أحد عندكم في قول أو فعل. وهذا ما يوجب زيادة محبّة الشخص المنصف والعادل. وقد أبدى النبي الأعظم’ والأئمة^ اهتماماً بالغاً بهذا الجانب، ويرون أنه يعود بالمنفعة لعامة الناس، فيقول النبي’ في هذا المجال: «طوبى لمن طالب خلقه، وطهرت سجيته، وصلحت سريرته، وحسنت علانيته، وأنفق الفضل من ماله، وأمسك الفضل من كلامه، وأنصف الناس من نفسه»( ).
5ـ الرفق والمداراة على المستويين الفردي والاجتماعي ــــــ
الرفق ومداراة الآخرين كالقوة المغناطيسية في جذب الآخرين. فالإنسان عبد للحبّ والرفق الصادقين، وأمّا الحب الكاذب فإنّه يعرفه بقلبه جيداً. ويعتقد علماء النفس أن أهم أسس تنظيم العلاقات المنشودة هو الرفق والتعامل الصحيح. وهذه النقطة هي الأخرى بارزة في سيرة نبينا’ المعنوية والعملية والنفسية. وقد كان لها دور أساسيّ وهامّ جداً. ولهذا فقد ورد في شأنه’: «كان دائم البشر، سهل الخلق، ليّن الجانب، ليس بفظٍّ ولا غليظ»( ).
كان النبي’ يتحاشى الشدّة في غير موضعها بشدّة، ولم يعتمد عنصر الشدة والعنف لنشر دعوته وأهدافه، فكان يقول: «إن الله تعالى أمرني بمداراة الناس كما أمرني بإقامة الفرائض»( ).
6ـ إشاعة الصلح وبثّ الاطمئنان ــــــ
تمّ التأكيد على الصلح والاطمئنان بشدة في المذهب الكنفوسيوسي. واعتبر الكمال الإنساني ملازماً لإحساس الإنسان بالطمأنينة( ). وهذا ما وقع التأكيد عليه في الدين الإسلامي أيضاً، قولاً وفعلاً. ولهذا يقول النبي’ في هذا المجال: «من أكرم أخاه المؤمن بكلمة يلطفه بها، وفرج عنه كربته، لم يزَلْ في ظل الله الممدود عليه الرحمة ما كان في ذلك»( ).
ومن جانب آخر فإن كلمة «الإسلام» مشتقة من السلام، بمعنى الصلح، أو من التسليم، وهو التسليم لله سبحانه وتعالى، وإطاعة أوامره. وإن اسم نبي الإسلام، الذي هو خاتم الأنبياء، مقرون دوماً بالسلام عليه من قبل الله سبحانه، فلا يذكر إلا مع الصلاة والسلام عليه. وهذا ما يشير إلى بُعْد المسألة النفسي( ).
7ـ الأخلاق الحسنة والكلام الجميل ــــــ
يقوي حسن الخلق ـ وهو الصفة البارزة في النبي’ ـ الروابط، ويشدّ الأواصر، ويلطّف النفوس. والكلام النبوي يطفح باللطف، مع بعثه للسرور والأمل في النفوس. مضافاً إلى رصانته في التعبير، وأدبه في الإبراز. وكل ذلك كاشف عن وجود سيرة أخلاقية ونفسية تتعدى حدود الزمان. ويكتب فونتانا في هذا المجال قائلاً: إن محمداً ترك أسساً سلوكية، وسنناً أخلاقية، خاصّة، تسمو على جميع ما هو رائج في أوروبا( ). ولهذا حاز وسام الفخر الإلهي الخالد، حيث خوطب بقوله تعالى: ﴿إِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (القلم: 4). فالكلام اللطيف، والسلوك السامي، والصرامة في الوقت المناسب، وعدم مزج الصرامة بالعنف، والكلام المؤنس المقرون بالأدب التام، والصبر، والتحمُّل للمصاعب، وبشاشة الوجه، كل ذلك من علامات ومظاهر «حسن الخلق». وهي جميعاً بارزة بوضوح في حياة النبي الأعظم‘. وقد بعث النبي لبثّ هذه القيم ونشرها وإشاعتها في المجتمع، ولهذا كان يقول: «إنّ الرجل يدرك بحسن خلقه درجة الصائم القائم»( ).
8ـ التدبر في عواقب الأمور ــــــ
من أركان التحليل النفسي للمعنويات التدبر في عواقب الأمور. فالإنسان موجود له قابلية التفكير، والتفكير هو الطريق الموصل للمعرفة، ومن سيرة النبي القولية والفعلية، ومن المباني النفسي التي يعتمد عليها، أنه كان ينادي بالتفكر والتدبّر دوماً، ولهذا كان يقول: «إني أوصيك إذا أنتَ هممتَ بأمر فتدبَّرْ عاقبته؛ فإن يك رشداً فأمضه؛ وإن يكُ غياً فانتهِ عنه»( ).
9ـ الكرامة وعزة النفس ــــــ
من التعاليم النبوية النفسية القيّمة، واللطيفة للغاية، والتي نجدها في سيرة النبي‘ قولاً وفعلاً، عزّة النفس. وهو الأمر الذي يعدّ اليوم من آثار علم النفس، وخصوصاً في نظرية مزلو. والعزة هنا بمعنى الرفعة والسمو للمراتب الإنسانية العالية.
إن بلوغ مرتبة العزّة النفسية في المنهج التربوي النبوي يكون من خلال عدم تحمّل الذلّ، والتقرّب إلى الله سبحانه وتعالى، فيقول في هذا المضمار: «كل عزٍّ ليس بالله فهو ذُلّ»، ويقول أيضاً: «اطلبوا الحوائج بعزّة الأنفس».
10ـ الاستقلال والرفعة ــــــ
من أسمى المراتب النفسية التي يبلغها الإنسان مرتبة الإحساس بالاستقلال؛ وذلك أنها من مراتب كمال الإنسان. فالمجتمع يتكون من عدد من الأفراد، الذين لهم حوائج مختلفة، فيقومون بسدّ هذه الحاجات من خلال تعاملهم الاجتماعي، إلا أنهم مع ذلك بحاجة إلى الاستقلال الفكري والعملي والروحي والنفسي في بعض المجالات، كي لا يصيروا عبيداً للآخرين. يقول النبي’ في هذا المجال: «ملعون معلون من ألقى كَلَّه على الناس». والشخص المستقلّ بحاجة إلى تجربة بعض القضايا، وبتجربته للقضايا، وتحمّل مصاعبها ومرارتها، يفيد الآخرين أيضاً. وهذا المبدأ (مبدأ الاستقلال) شامل في منظار النبي’ لجميع مجالات الحياة. فمن أبسطها المجال الاقتصادي، حيث يقول: «كُلُوا من كدّ أيديكم». ومن أعقدها المجال النفسي، من قبيل: اتخاذ التصميم المعين، والثبات على الرأي، والحكم على قضية بأمر معين، والنظرة الواقعية للأمور، والاستقلال في التفكير الروحي.
خلاصة واستنتاج ــــــ
لا ريب أن فتح باب المباحث المتعلقة بالتحليل النفسي للمعنويات بمقالةٍ أمرٌ صعبٌ، وخصوصاً إذا أردنا التعريج بالكلام على السيرة القولية والفعلية لرجل عظيم كرسول الله’، فإنه ـ كما اتضح مما ذكرناه ـ بحثٌ مهم، وله جذور تاريخية عميقة. وقد عبّر عنه في بعض الكتب بعنوان التحليل النفسي للدين. وقد تم لحاظ أبعاده وأركانه في الأديان السماوية، بل والأرضية، بحيث نجد في النصوص المقدسة (العهدين) وفي القرآن الكريم الكثير من الأبحاث المعنوية والدينية، ذات العلاقة بالنفس، وصبّ النفس في قالب معين، قد طرحت بقالب التشبيه، والقصص، والتعاليم الأخلاقية. بل نجد فيها الإشارة إلى سبل العلاج أيضاً. وكما تقدم في بيان موضوع البحث فإنها تترك أثراً كبيراً على سعادة الإنسان وكماله. وقد أذعن بذلك الباحثون والعلماء الغربيون والشرقيون. ومن أهم ذلك: نظريات فوك، وفونتانا، وميلر، وأولسون، وماهوني، وكارتنر، ويونج، وآدلر، وأمثالهم.
وقد تعرضنا في هذه المقالة إلى بحث خاص تحت عنوان «الدين من منظار التحليل النفسي للدين»؛ وذلك لبيان الهدف من الدين في هذا العلم. ثمّ ذكرنا الخدمات التي يقدمها الدين لعلم النفس. ومن الضروري أن نبيّن هنا أن الخدمات التي يقدّمها الدين لعلم النفس لا تختص بالأمور الأربعة المذكورة، وإنما هي أكثر من ذلك ـ وهو ما يمكن التعرض له في مقالات خاصة ـ من قبيل: التحليل النفسي للمعنويات والتعلّم، التحليل النفسي للمعنويات وعلاج الأمراض البدنية، التحليل النفسي للمعنويات والعمل، وأمثال ذلك. وقد أشرنا في هذه المقالة إلى بعض هذه الخدمات والآثار، وبصورة ضمنية أثناء دراسة الأبعاد النفسية للسيرة النبوية.
وفي الختام نشير إلى بعض السبل والاقتراحات في هذا المجال:
1ـ التحليل النفسي للمعنويات أو للدين موضوع واسع وعميق. ويمكن أن يعقد له مؤتمر خاص في كل عام أو عامين لدراسته من زاوية تخصُّصية.
2ـ يمكن طرح هذا الموضوع وتطبيقه على الأديان الأخرى أيضاً.
3ـ نجد فراغاً في مجال عقد ندوات بحث وتحليل هذا الموضوع من ناحية علم النفس. ونرى أنه يمكن عقد أمثال هذه الندوات، والاستعانة بالخبراء المسلمين والغربيين.
4ـ إن السيرة النبوية بحاجة إلى دراسات معمَّقة حول التحليل النفسي للمعنويات والدين، تدور حول أبحاث نظير: العائلة، الطفل، الأديان، العلم، الدنيا والآخرة، وأمثالها.
5ـ إن الأسس اللطيفة لعلم النفس وتحليل المعنويات، والتي يطفح منها الجمال والكمال، وخصوصاً في التعاليم الواردة عن قادة الدين ـ سواء في سيرتهم العملية أم في سيرتهم القولية، والمتمثلة بالأحاديث المأثورة عنهم ـ تفسح المجال أمام كتابة دائرة معارف في ما يتعلق بالتحليل النفسي للمعنويات.
د. حسين خنيفر
الهوامش
(1 ) Religion & Spirituality Psychology
(2 ) Fontana David, psycholog, Religion, and Spirituality, p2.
(3 ) Born
(4 ) Made
(5 ) البستاني، 1375: 9.
(6 ) مسعود الراعي ومصطفى النجفي، بررسي مكانيسم هاي مقابله وارتباط آن با سلامت روان (دراسة تراكيب المواجهة ومدى ارتباطها بسلامة النفس): 115.
(7 ) Gary & Other, Relationdship brtween Religion and history, P23.
(8 ) محمود مهر محمدي، برنامه درسي در هزار سوم (المنهج الدرسي في الألف الثالث): 3.
(9 ) البقرة: 30؛ ص: 26.
( 10) Self-Descover
( 11) القريشي، 1380: 35.
( 12) Sent thmoas Aquinas (1225-1274)
( 13) رابرت وليام لاندين، نظريه ها ونظامهاى روان شناسي ـ تاريخ ومكتبهاي روان شناسي (نظريات وأنظمة علم النفس ـ تاريخها ومدارسها): 35.
( 14) Power
( 15) Speed
( 16) Opportunity
( 17) Informations
( 18) Communications
( 19) بستمن، 1383: 92.
( 20) Enviroment Contorol
( 21) راتر، 1996: 176.
( 22) هودسون، 1970: 218.
( 23) Scharf
( 24) Raimer
( 25) Waserman & Jennings
( 26) Ethicul Growth
( 27) نازين بني أسدي، مديريت مشاركتي معلمان وارتباط آن با رفتار جامعه (الإدارة باشتراك المعلمين وعلاقتها بتصرفات المجتمع): 175.
( 28) النوري، مستدرك الوسائل: 199.
( 29) ﴿إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق﴾.
( 30) CommunalCultural
( 31) acculturation
( 32) Hubert Grimme (1864-1942)
( 33) الكريمة، 2006: 218.
( 34) Fuck, john, islam mahammad, P12
( 35) Garther
( 36) Hong
( 37) Miller & Olsan
( 38) Werbe
( 39) Mahony
( 40) Loch
( 41) Hughes
( 42) Comstock & Partridge
( 43) Sorri,H.
( 44) Hemriksson. m.
(45) Lonnqvist.J.
(46) السيد كمال صولتي الدهكردي، مصطفى النجفي، ربابه النوري قاسم آبادي، بررسي رابطه بين نگرش مذهبي مهارتهاي مقابله وسلامت روان در دانشجويان (دراسة العلاقة بين التفكير الديني والإبداع في المواجهة والسلامة النفسية للطلاب): 27 ـ 23.
(47 ) السيد محمد السجادي، روان شناسي شخصيت (التحليل النفسي للشخصية): 31.
(48 ) Vinaya
(49 ) Tao-Te ching
(50 ) Fontana David, Psychology, Religion, and spiritvality, P99
(51 ) Li
(52 ) Brinkley & Perry, Saved by the light, P122
(53 ) Manu-Samhita
(54 ) Atwarer, Beyond the light: Near Death Experiences – The Fullstory, P198
(55 ) Griffiths, B the mawiage of east and west, p132.
(56 ) Shastri, H.P, world within the mind, P88.
(57 ) Fontana, … P155
(58 ) المرحلة التي هي فوق هذه المرحلة هي پارنيرفانا (Pari Nirvana) بو هي بمعنى النيرفانية النهائية، حيث يستطيع الشخص الذي حصل له الاشراق أن يرى في نفسه مصداقاً من النيرفانية ما دام في عالم الدنيا.
(59 ) Mehayaneh
(60 ) Capacities
(61 ) Christian Psychology
(62 ) Death
(63 ) Sufferings
( 64) Buncke, R.M, Cosmic conscionsness: A stady in the Evolotion of the human Mind, P96
( 65) Batler 1968
( 66) Permanenc Behaviors
( 67) Ethicul Action
( 68) Bather 1968, P159
( 69) Spirtual System
( 70) Nelear, P28.
( 71) Sentiments
( 72) Varnok, P209
( 73) Moore, Pricipia Ethica, P223
( 74) Bergin, s, Eduating for Social Responsibility, Educational Leadership, P170
( 75) Psycholigy of Religion
( 76) Wulff, D.
( 77) Argyle, M.
( 78) The Psychology of Religious Behavior
( 79) Brown, B.
( 80) Informal Merit
( 81) Healthy Psycho
( 82) Fontana…, P89
( 83) Love
( 84) Fontana…, P89
( 85) Behavioral lows
( 86) Bloom, W.
( 87) Similavites
( 88) Differences
( 89) Local inclination
( 90) Behe, M.j.
( 91) Powers, J.
( 92) Religion
( 93) Ethkinson & others
( 94) Behaviorism
( 95) Psychoanalysis
( 96) Humanism
( 97) Cognitive School
( 98) Sensual States
( 99) Nielsen, N.C.
( 100) Hay
( 101) Heald
( 102)Mental Hygiene
( 103)Pschotherapy
( 104) Ideal Psychology
( 105)Mental Health
( 106)Neurosis
( 107) Sargant, K, The mind possessed: a physiology of Possession, My stoicism, and Faith healing
( 108) Wiliam West
( 109) Yong.C.G.
( 110) Quiescence
( 111) Optimism
( 112) Stace
( 113) Moore,G.E.
( 114) Independence
( 115) نادر پور نقشبند، برخورد إسلام شناسان غرب با سيره رسول أكرم‘ (كيفية تعامل المستشرقين مع سيرة النبي الأكرم‘): 10.
( 116) الشيخ عباس القمي، سفينة البحار ومدينة الحكم والآثار: 465.
( 117) Fontana…P362
( 118) الكليني، الكافي 2: 302.
( 119) أحمد الناصري، سيره عملى پيامبر أكرم‘ (السيرة العملية للنبي الأكرم‘): 99.
( 120) جان استوتزل، روان شناسي اجتماعي (علم النفس الاجتماعي): 128.
( 121) مسند أحمد بن حنبل 3: 32.
( 122) مسند أحمد بن حنبل 2: 28.
( 123) محمد مهدي الري شهري، ميزان الحكمة 1: 57.
( 124) محمد باقر المجلسي، بحار الأنوار 66: 400.
( 125) مصطفى دلشاد طهراني، سيره نبوي (السيرة النبوية): 15.
( 126) بحار الأنوار 75: 53.
( 127) Fontana…P362
( 128) الكافي 2: 206.
( 129)Fontana…P363
( 130)Fontana…P365
( 131) بحار الأنوار 71: 280.
( 132) الكافي 8: 149.
( 133) الكافي 4: 12.
( 134) مصطفى دلشاد طهراني، سيره نبوي 1: 520.
( 135) الكافي 4: 12.
( 136) بحار الأنوار 66: 314.
دور الدين في العالم المعاصر
تعريف الدين ــــــ
إنما يصبح القيام بتوضيح دور الدين في العالم الجديد ميسوراً من خلال إعطاء «تعريف للدين»، وكذلك «المعرفة بالعالم الجديد». ويجب أن نعرف ما هو الدين؟ وأي عالم هو العالم الجديد؟ لكي يصبح بإمكاننا توضيح دور الدين في العالم الجديد، كيف سيكون؟ أو كيف يجب أن يكون؟
نحن نرى أن الدين يمثل «خبر الإرادة التكوينية والتشريعية الإلهية». وبعبارة أخرى: هو تفسير وحدة عالم الوجود والتدبير الإلهي لحياة الإنسان. وبعبارة أوضح: الدين هو مجموعة الأخبار الواقعية بشأن الوجود، وحياة الإنسان. وكذلك هو مجوعة التعاليم القانونية والقيمية النازلة من قبل الله تعالى عن طريق الأنبياء، أو التي تفهم عن طريق العقل السليم.
وقد أعطى الدين تفسيراً واضحاً للوجود والإنسان.والله سبحانه وتعالى هو خالق الوجود والإنسان، فهو عالم بحقيقة الإنسان والوجود. والدين هو الذي يعكس ويبيِّن مراد الله تعالى ومرامه في الوجود، وعلاقات خيرة ما خلق في الوجود، أي الإنسان، مع الله تعالى، والطبيعة، وبقية الناس، ويعطي بطبيعة الحال الإجابات الصائبة على الأسئلة الأساس بخصوص العالم والإنسان. ومن هنا يذعن العقل أيضاً بأن الإنسان سيؤمن بالأخبار النازلة من قبل الله تعالى بشأن علاقته مع العالم والإنسان. وبما أن ما نزل من قبل الله تعالى بعنوان لائحة العلاقات الإنسانية تمثل أدق القوانين والتعاليم، وأكثرها صواباً، فعلى الإنسان أن يلتزم بها. وبما أن هذه المعارف والقوانين تستمد عطاءها من مصدر الحقيقة فإن الاعتقاد الجوانحي بهذه الأخبار، والالتزام الجوارحي بهذه القوانين والتعاليم،يمكنه أن يضمن سعادة الإنسان وكماله.
إنّ النظام الحياتي الذي يختاره الإنسان، إذا لم تتدخل فيه الموانع والعوامل القهرية، سيقوم قطعاً على نوع معرفته بالوجود. وكقاعدة عامة لا يمكن للإنسان أن يرى العالم بشكل معين، ويعمل بشكل آخر في سلوكه وعلاقاته، وإلا فإنه سيعاني من الازدواجية في شخصيته.
ويحتاج الإنسان إلى أشياء أخرى غير الأخلاق؛ لإدارة شؤون حياته الدنيوية. كما أن الدين ليس مجرَّد مجموعة من الوصايا الأخلاقية المحضة. فقد وضع الله تعالى نظاماً كونياً مناسباً ومحدَّداً بناءً على رؤيته الكونية. فالدين بلا دنيا ليس بدين، ولا يعدو كونه مجرد مسلك عرفاني لاغير. والدين الذي يفتقر لبرنامج دنيوي للإنسان ليس بمقدوره الادعاء بأنه سيعاقبه أو يثيبه في الآخرة. ومن المؤكَّد أن خالق الإنسان يريد له حياةً أكبر من الحياة الحيوانية أو النباتية. وبدون «الأمر والنهي» من قبل الخالق، و«الترك والفعل» من قبل المخلوق، لا معنى للحرمان والتنعّم الأخروي.
مشاكل العالم الجديد ــــــ
ولكن فيما يتعلق بـ «العالم الجديد» ـ وتجدر الإشارة إلى أني سأشير هنا إلى «عيوب العالم الجديد ونواقصه» فقط، بناء على ما يقتضيه سياق البحث ـفإنه يعاني اليوم من مشاكل وأزمات متعددة، من قبيل: أزمة المعرفة، وأزمة الأمور المعنوية، وأزمة الأمن النفسي، وأزمة الهوية، والأزمة القانونية، وأزمة البيئة المحلية، وغيرها.والأزمة الرئيسة للعالم المعاصر، أي «أزمة المعرفة»، ناجمة عن المنهج النسبي. فالحضارة والمدنية السائدة اليوم عاجزة عن إعطاء تفسير صحيح للوجود.إن العلوم الأساسية المقبولة اليوم لا تمتلك تفسيراً دقيقاً للإنسان.إن المنهج الاستهلاكي للفرضيات العلمية لا يعطي مجالاً لإنسان اليوم كي يدون تفسيراً صحيحاً وقويماً للوجود والإنسان، والغاية من الحياة. والنظرة الجزئية للعلم الطبيعي، التي تمثل ملكة العلوم في عصرنا، لا تستطيع أن تعطي رؤية كلية تجاه العالم؛ إذ إن فقدان العلم الشامل، الذي ينظر إلى كل الوجود نظرة واحدة في آن واحد، ويعطي تعريفاً دقيقاً للوجود وحياة الإنسان، يمثلاليوم المشكلة الرئيسة للبشرية.
لقد سُلبت حالة الاطمئنان الروحي من الإنسان اليوم. ويبدو المستقبل أمامه غامضاً مظلماً. وقد أصبح السعي نحو السعادة والكمال أمراً منسياً. وأوجد اعتماد مبدأ الشهوة، والشهوات البدنية الزائلة والفاسدة المفسدة، أزمة أخلاقية للبشرية لا يمكن اجتنابها. كما تسبب زوال القيم، وانهيار كيان الأسرة، بمعضلة معقّدة لحياة البشرية المتحضِّرة، لا يمكن حلها.
تعد الأزمة المعنوية وأزمة الهوية من أهم أزمات العصر الجديد.إنّ الطرق الإجبارية الجديدة، وتكبيل الإنسان بقبضة التكنولوجيا والبيروقراطية، جعلته غريباً عن نفسه. فكل فرد في المجتمع الإنساني لا يكون على وئام مع هذين الغولين الجديدين سيسحق، وإذا لم يسحق فسينظر إلى تحرُّكه على أنهحركة عقيمة، وتسير في عكس اتجاه الحركة العامة للحياة الإنسانية، وسوف لن تحقِّق مساعيه تلك أية نتيجة تذكر.إن قافلة الحياة الجديدة اليوم تشبه حركة قطار يذهب بجميع ركابه باتجاهٍ ما دون أن يكون لإرادتهم أي دخل في ذلك. ولو تحرك أحد ركابه بعكس الاتجاه الذي يتحرك تجاهه القطار فإنه سينزل في نهاية المطاف مع الآخرين في النقطة التي يصل إليها القطار!
لقد قضت العلاقات القائمة على «أحقية السلطة»على الأمن القانوني، وجعلت الشعوب الضعيفة عاجزة أمام القوى العظمى، وأمام الحكومات، وفقدت بالتالي أمنها وسلامتها أمام ذوي النفوذ والسطوة. كما أن المساعي النفعية والأنانية للإنسان لاستغلال الثروات الطبيعية جعلت المحيط البيئي يعاني من مشاكل لا يمكن حلها.
ويعطي الدين أجوبة واضحة مطمئنة عن التساؤلات الأساس للبشرية. وأجوبة الدين عن الأسئلة الأساس للإنسان قاطعة وثابتة وحقيقية. وينظر الدين إلى الوجود باعتباره حقيقة قائمة ذات غاية، وإلى النظام الأخلاقي بأنه هو الحاكم على العالم. ويقول الدين للإنسان: من أنت؟ من أين جئت؟ ولماذا جئت؟ وماذا ينبغي أن تفعل؟ وإلى أين ستذهب؟
ويحتفظ الدين بمكانة سامية للإنسان في الخلق والوجود. وعلى الرغم من أن الإنسان العصري رفع شعار الإنسانية، وأن«ذاته المتألهة» تفكر بنفسها فقط، إلا أنها أنزلت الله تعالى إلى مرتبة أدنى من الحياة البشرية، ولم تصل بالإنسان إلى المرتبة الإلهية. الدين يسمو بالإنسان إلى ما هو أبعد من الجماد والحياة والنبات، بل إنه ينزله منزلاً أسمى من الملائكة.
يضفي الدين على الحياة معناها، ويمنح الإنسان فسحة الأمل، ويحرره من القيود الداخلية. وعندما يتحرر من القيود الداخلية فالأولى أنه سيتحرر من القيود الخارجية أيضاً.إن الإنسان المتحرر من النفس سوف لن يقع أسيراً للتكنولوجيا، أو لأي عامل أو أمر خارجي آخر، ولن تعيقه البيروقراطية. يصحح الدين العلاقات الاجتماعية على المستوى الوطني والدولي. وإن إقامة السلام والعدالة لن تتحقق إلا بمعرفة منزلة الإنسان، والشعور بالمسؤولية أمام الله تعالى، والإيمان بالمعاد.
مَنْ كان يؤمن حقاً باليوم الآخر فإنه لن يظلم بني البشر إطلاقاً. ومَنْ كان يؤمن بالإنسان خليفة لله تعالى، ويقرّ بحرمته وكرامته، ويرى نفسه ممثِّلاًللحق تعالى، سيتصرف بشكل إلهي، وبالتالي سوف لن يضيّع حقوق سائر الأمم والشعوب الأخرى في النطاق الدولي، ولن يتجاوز على أي من أبناء جلدته في النطاق الوطني، ولن يجد الإجحاف سبيلاً إليه، فلا يزعج المؤمن، ولا يؤذي الكافر.
ينظر الدين إلى الطبيعة والبيئة بأنهما لله تعالى أولاً وأخيراً؛ لأن الوجود مخلوق من قبل الله تعالى وملك يمينه، وقد خول الإنسان بالعرض استعمار الوجود. فهو ـ أي الإنسان ـ أمينٌ، ويتصرف بهما على حدّ الضرورة. وانطلاقاً من أن جميع الناس هم عباد رب واحد فلهم الحق في التصرف فيها على قدرٍ متساوٍ، وبشكل عادل. ينظر الدين إلى الطبيعة على أنها فعل الله تعالى، وبالتالي فهي مقدسة، ويعتبر البيئة ثروة للبشرية كافة. ولا يعتبر أي فرد أو قوة مالكاً مطلق العنان للوجود. ومن هنا فإن قوانين الدين تنقذ البيئة من التخريب.وتتسم نداءات الدين بالعمق، والدقة، وبأنها حقيقية، وتبعث على الاطمئنان.
وعلى أية حال أكتفي بهذه الإشارات؛ بسبب ضيق الوقت، وما يسمح به نطاق البحث.
نظراً للمشاكل والقضايا المعقَّدة للبشرية اليوم في جميع نقاط العالم، وأزمات الإنسان، ومقتضيات الحالة التي يبحث فيها الإنسان عن الطريق إلى الكمال والسعادة، وهو في خضم تدافع أمواج الاضطرابات والكآبة وحالات اليأس، حيث تكون الماديات والحياة المادية قد أرهقته، فيرمي ببصره نحو نافذة مضيئة، ومخرج من هذا النفق المظلم. ومن هنا فقد عمت جميع أرجاء المعمورة موجة من التعطش إلى القضايا الروحية، وبخاصة بين أوساط الجيل الصاعد من الشباب. وهذه المسألة تزيد اليوم من عبء الرسالة الملقاة على رجال الدين، وتصبح رسالة أصحاب الأديان الحقيقية، وهي الأديان الإبراهيمية، أثقل. ويصبح الابتعاد عن النزاعات والمجادلات المذهبية، التي لا طائل من ورائها، والتمسك بالحبل الإبراهيمي (أبو جميع الأديان الحقيقية، والأديان التوحيدية)، والتوجه نحو الألفة والحوار، والاتحاد ضد الإلحاد، من واجبات رجالات الأديان. وتمثل معرفة عالم اليوم، وظروف الإنسان المعاصر، واحتياجاته، ومعضلاته، أعظم رسالة لأتباع الأديان التوحيدية. كما يُعدُّ الإقبال الصحيح على الدين، والتقديم الصحيحلتعليمات الدين، وبشكل منسجم مع ظروف الزمان وفهم الجيل المعاصر، واستئصال الخرافات والمبالغات والأوهام والموهنات من ساحة الدين، والاستفادة من تعطش الجيل الحالي، واجباً وفرضاً على المؤمنين.إن القلوب المترقِّبة، والأذواق المتعطِّشة، في جميع أنحاء العالم هي في حالة بحث عن نقاء وعذوبة المعنويات. وهذه الموجة من الأجواء المعنوية والإقبال على الدين، التي نشاهدها في العالم، تعني انبثاق نوع من التغيير التاريخي، بمعنى أن المسيرة التاريخية إذا كانت خلال القرون الأخيرة تسير نحو ظلام الأجواء غير الدينية فقد تغير مسار التاريخ في ظل الأوضاع الحالية، وأخذ يسير باتجاه الإقبال على الدين والمعنوية. ويجب على المؤمنين بالله الاستفادة القصوى من هذه الظروف.
الشيخ علي أكبر رشاد
عقيدة أهل السنة والاثر في المهدي المنتظر
العاشر : كلمة ختامية :
نقلاً عن مجلة الجامعة الاسلامية في المدينة المنورة في عددها الثالث من سنتها الاولى ، ملخصاً لمحاضرة بعنوان «عقيدة أهل السنة والاثر في المهدي المنتظر» للشيخ عبد المحسن العباد
دور الصهاينه في ازمة سوريا
عدا عن تصريحات ومواقف عرض عضلات تخدم سياسة الردع حيال اعدائها تكتفي (تل أبيب) من ناحية فعلية بمراقبة ما يجري في الساحتين اللبنانية والسورية، بانتظار اليوم الذي يلي.
مقال نشره موقع الانتقاد للكاتب حسان ابراهيم جاء فيه ان قوى 14 اذار تتشارك مع الكيان الصهيوني الامل الأن في تؤدي تطورات الأزمة في سوريا، الى سقوط النظام السوري، لكن، مع الامل ايضا، بأن لا يؤدي ذلك الى تداعيات وسيناريوهات متطرفة لليوم الذي يلي السقوط. هذا من ناحية "اسرائيل". وقال حسان ابراهيم ان إحداث تغيير في سوريا، كخيار بديل عن الحرب المتعذرة ضد المقاومة، وبالتالي التسبب بإيجاد بيئة استراتيجية في المنطقة تكون مناسبة ومؤاتية للمصلحة الصهيونية لطالما كان خيارا (اسرائيليا) قائما ومطروحا، بل وكان محور نقاشات صناع القرار في (تل ابيب). في السنوات القليلة الماضية، اي في الفترة التي اعقبت الفشل العسكري في لبنان عام 2006، صدرت في (تل ابيب) تصريحات ومواقف، بل ومنشورات ايضا، ترتبط بالخيار السوري وإمكاناته، باعتباره خشبة خلاص تمكّن هذا الكيان من احداث تغيير استراتيجي في المنطقة. الا ان خلاف (تل ابيب) مع نفسها، تمحور بين جلب سوريا للجلوس الى طاولة المفاوضات، وصولا الى تسوية تدفع دمشق ثمنها بأن تنزع نفسها عن "محور الشر"، اي عن ايران وحزب الله والفصائل الفلسطينية المقاومة، وبين العمل على محاصرتها ومعاقبتها، وصولا الى اخضاعها لاحقا. المقاربتان والوسيلتان مختلفتان، لكن الهدف، كان واحدا. الكاتب اضاف بانه تبين، اي من الخيارين، لم يكن بالامكان سلوكه وتحقيقه. بمعنى ان لا نتائج متوخاة منهما، لتعذر تسليكهما، من ناحية واقعية. فلا الحكومة الصهيونية كانت قادرة على جلب سوريا الى طاولة المفاوضات، ولم يكن لديها الامل، الفعلي، بإمكان فرض عقوبات مؤثرة على سوريا، من شأنها ثني دمشق وقلب خياراتها. واضاف الكاتب حسان ابراهيم انه في المقابل، لم يكن الخيار العسكري، الهادف الى اسقاط النظام وإحلال نظام آخر بديل موال للغرب ولـ"اسرائيل" بالتبعية، بممكن ايضا فالقدرة الصهيونية محدودة، نسبيا، قياسا بالاثمان المقدر دفعها، وقياسا بالمخارج السياسية التي يمكن ان تعقب الخيار العسكري نفسه، اذ ان التقدير لليوم الذي يلي، كان محفوفا بالمخاطر، وغير مضمون النتائج... ايضا كان لدى واشنطن، صاحبة القرار النهائي في السماح او الحض على حروب "اسرائيل"، اجندة مختلفة ومغايرة، وكانت أولوياتها لا تتساوق مع مغامرة عسكرية، اسرائيلية تحديدا، غير محسوبة النتائج.
السعودية تصفي حساباتها مع مصر وتسعى لتشويه الثورة
علل الغيطاني في حواره مع جابر القرموطي في برنامج "مانشيت" مساء الأربعاء، على قناة "أون تي في"، سبب هذه التموجات بين السعودية ومصر بان السعوديين لن ينسوا خلفية التاريخ المصري الذي كان له الفضل في قمع الدولة الوهابية، وقال: "لذلك تلعب السعودية دورا هاما في ما حدث مؤخرا في ميدان التحرير". واضاف الغيطاني، ان السعودية تلعب دورا في الضغط على مصر وتسعى لتشويه الثورة وحماية النظام السابق بإستخدام السلفيين (التكفيريين) الذين هم امتداد للمذهب الوهابي السعودي الذي يرفض الآخر ويتسق مع الأسلوب المتخلف. واعتبر ان الوهابيين السعوديين هم الأخطر على البلاد حاليا خاصة بعد ما شاهدنا أعلام السعودية مرفوعة في مليونية الجمعة الماضية وترديد هتافات تدخل بنا إلى الصوملة والأفغنة وتدمير الدولة المصرية. وخلص الغيطاني قائلا وبحسب لهجته المصرية، بان "النظام المصري بيدلع السلفيين على الآخر . وكان الغيطاني إعتبر خلال محاضرة سابقة في منتدى الحوار بين الحضارات التابع لكلية الاقتصاد والعلوم السياسية في جامعة القاهرة أن "الثقافة الوهابية" تعمل على "تخريب الثقافة في مصر"، معتبرا انها "اشد واكثر اضرارا بها من اسرائيل". وأشار الغيطاني رئيس تحرير اسبوعية "اخبار الادب" خلال حديثه عن العولمة ومظاهرها المختلفة وما تبعها من ثقافات، الى "عدم تخوفه منها". وأعرب - كما نقلت عنه "ميدل ايست" - أنه "يتخوف من الدور التخريبي الذي يمارسه رأس المال على الثقافة"، ضاربا مثلا على ذلك "دور العولمة في العمارة وهذا ما يبرز في القاهرة في المباني التي شيدها الوليد بن طلال باعتبارها عمارة شرسة ومتوحشة فيها الكثير من البذخ وعدم مراعاة جمالية الواقع المحيط بها". واعتبر ان "الوليد بن طلال والثقافة الوهابية تعمل على تخريب الثقافة المصرية ومثال ذلك قيام الوليد من خلال سيطرته على القنوات الفضائية بمحاولة تخريب الفن والثقافة المصرية، وهنا يكون خطره اكبر لانه ياتي استكمالا لتصاعد الثقافة الوهابية التي خربت الكثير في الثقافة المصرية والعربية وحولتها الى الجانب المحافظ والسلفي". واكد على ان "هذا يشكل خطرا على مصر ومستقبلها اكثر من اسرائيل لأن التخريب الثقافي يتبعه تخريب روحي وفكري يؤدي الى تراجع الدور التقدمي والحضاري للمجتمعات وتقدمها وخصوصا أنها تقدم من قبل امير عربي يدخل الى ساحتنا الثقافية والاقتصادية من باب الاستثمار الذي يكسب منه كثيرا ولا يقدم سوى تخريب الحياة الثقافية والفكرية". وفي المقابل، قال "لا اخشى اسرائيل لانها عدو واضح ولا يستطيع اي كان ان يزيل هذه الصفة عنها في الضمير الجمعي المصري فقدرتها على تزييف الوعي او التخريب الروحي محدودة خصوصا وان المثقفين والمجتمع خلقا آلية بشكل طبيعي لمواجهة اية محاولات تخريبية اسرائيليه". ومن أهم النقاط ايضا التي تطرق اليها الغيطاني في محاضرته - وفقا لنفس المصدر - تخوفه "من ان يقرأ العرب القرآن ولا يفهموه وذلك لتراجع اللغة العربية نتيجة تراجع التعليم واعطاء امتيازات عملية لمن يتقن اللغات الاجنبية الى جانب مباهاة عدد كبير من العائلات بمعرفتها للغات اجنبية واسقاطها اللغة العربية من حياتها اليومية بدلا من ان تفيد بمعرفتها هذه المجتمع ضمن سياق الحركة التنويرية". وطالب في سياق محاضرته بأن تقوم مصر بالعمل على اصدار قاموس عربي-عربي لحماية اللغة الى جانب اصدار دائرة معارف عربية مطبوعة على الورق وموضوعة على موقع خاص على الانترنت.
کلمة الإمام الخامنئی لمؤتمر الصحوة الإسلامیة العالمی
بسم الله الرحمن الرحیم
السلام علیكم و رحمة الله و بركاته
الحمد لله رب العالمین و الصلاة و السلام علی نبینا محمد و آله الطیبین و صحبه المنتجبین
قال الله العزیز الحكیم : بسم الله الرحمن الرحيم ( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا )
أرحّب بالحضور الكرام و الضيوف الأعزاء. إن ما جمعنا هنا هو الصحوة الإسلامية ، أعني حالة النهوض و الوعي في الأمة الإسلامية ، التي أدت إلى تحوّل كبير بين شعوب المنطقة ، والى انتفاضات و ثورات لم تكن تستوعبها أبداً محاسبات الشياطين الاقليميين و العالميين. ثورات عظيمة هدمت قلاع الاستبداد و الاستكبار و ألحقت الهزيمة بحرّاسها.
إن مما لاشك فيه أن التطورات الاجتماعیة الكبری تستند دائماً الی خلفية تأریخیة و حضاریة ، و هي حصیلة تراكم معرفي و تجارب طویلة. في الأعوام المائة و الخمسین الماضیة كان حضور الشخصیات الفكریة والجهادیة الكبیرة و الفاعلة الإسلامیة في مصر و العراق و إیران و الهند و البلدان الأخری الآسیویة و الأفریقیة مقدمة تمهیدیة لهذا الوضع الحالي في دنیا الإسلام .
إنّ ماجری في العقدین الخامس و السادس من القرن الماضي المیلادي في عدد من البلدان من تطورات أدت إلی تولّي أنظمة تمیل غالباً إلی مدارس فكریة مادیة ، و ما تبع ذلك من تورطها بمقتضى طبیعتها بعد أمد في شراك القوی الاستكباریة و الاستعماریة الغربیة ، إنما هو أیضاً من التجارب الملیئة بالعبر و مما كان له سهم وافر في بلورة الأفكار العامة و العمیقة الحالية في دنیا الإسلام.
إن ما شهدته إیران من ثورة إسلامیة كبری تحقق فيها علی حد تعبیر الإمام الخمینی العظيم انتصار الدم على السيف، و إقامة نظام متجذّر و مقتدر و شجاع و متطوّر متمثل بالجمهورية الاسلامية, ذلك على الصحوة الإسلامیة الراهنة ، هو أیضاً یشكل فصلاً مُسهباً یحتاج الی بحث و تحقیق ، و سیستوعب حتماً مساحة هامة في تحلیل و تدوین الوضع الحالي لدنیا الإسلام.
و الحصیلة أن الحقائق المتزایدة الحالیة في دنیا الإسلام ، لیست بالحوادث المنفصلة عن جذورها التأریخیة و أرضیتها الاجتماعیة و الفكریة ، ولذلك من العبث أن یعمد الأعداء أو السطحیون الی اعتبارها موجة عابرة و حادثة سطحیة ، و أن یحاولوا بتحلیلاتهم المنحرفة و المغرضة إطفاء شعلة الأمل في قلوب الشعوب.
إننی في حديثي الأخوي هذه أرید أن أقف عند ثلاث نقاط أساسیة :
1- إلقاء نظرة مجملة علی هویة هذه النهضات و الثورات .
2- الآفات و الأخطار و العقبات الكبری التي تقف في طریقها.
3- اقتراحات بشأن مواجهة هذه الآفات و الأخطار و معالجتها.
1- في الموضوع الأول ، أعتقد أن أهم عنصر في هذه الثورات الحضور الواقعي و الشمولي للشعوب في میدان العمل و ساحة النضال و الجهاد ، لا فقط بقلبهم و بعواطفهم و إیمانهم ، بل أیضاً بأجسامهم و إقدامهم.
إن الفرق كبیر و عمیق بین مثل هذا الحضور ، و بین انقلاب یقوم به جمع من العسكریین أو مجموعة مناضلة مسلحة أمام شعب لایتفاعل معهم أو حتی أن لا یكون راضیاً عنهم.
في حوادث العقدین الخامس و السادس من القرن المیلادي الماضي كان عبء الثورات في عدد من بلدان آسیا و أفریقیا لاتحمله الجماهیر و الشباب ، بل تنهض به مجموعات انقلابیة أو فئات صغیرة و محدودة مسلحة. أولئك عزموا و أقدموا ، ولكن حین غیروا هم أو الجيل الذي تلاهم طریقهم علی أثر دوافع و عوامل عدیدة فإن الثورات قد انقلبت الی ضدها و عاد العدو لیفرض سیطرته مرة أخری.
إن هذا یختلف كل الاختلاف مع تغییر تنهض به جماهیر الشعب التي تندفع بأجسامها و أرواحها إلی المیدان و تطرد العدو من الساحة.
و هنا ، وهنا فقط تصنع الجماهیر شعاراتها ، و تعیّن أهدافها و تشخّص عدوّها و تفضحه و تتعقبه ، و ترسم – ولو بإجمال – مستقبلها ، و بالنتیجة تقطع الطریق على الخواص المهزومين والملوثين بل من الأولى على عناصر العدوّ المندسة من أن يعمدوالى الانحراف و مداهنة العدوّ و تغيير المسير.
إن التحرك الجماهیري قد یؤدّی إلی تأخر الانتصار النهائي للثورة ، ولكنه یبتعد عن السطحیة و عن عدم الثبات. إنه من مصاديق الكلمة الطیبة التي قال عنها سبحانه :
(أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء)
إنني حین رأیت التجمع الجماهیري الضخم المقاوم للشعب المصري الفخور من شاشة التلفزیون في میدان التحریر أیقنت أن هذه الثورة منتصرة بإذن الله.
أذكر لكم هذه الحقیقة و هي : أنه بعد انتصار الثورة الإسلامیة و إقامة النظام الإسلامي في إیران و ما نزل علی أثر ذلك من زلزال عظیم هزّ القوی الطامعة الشرقیة و الغربیة و ما ولّده من موجة هائلة فریدة بین الشعوب المسلمة.. كنا نتوقع أن مصر سوف تنهض قبل غیرها . والذي أثار في قلوبنا هذا التوقع ما كنا نعرفه عن مصر من تاریخ جهادي و فكري و لما أنجبته من شخصیات مجاهدة و فكریة كبری. لكننا لم نسمع صوتاً واضحاً من مصر. كنت مع نفسي أخاطب الشعب المصري بقول أبي فراس الحمداني :
أراك عصيّ الدمع شیمتك الصبر أما للهوی نهى علیك و لا أمر ؟
ولكن حین تدفقت الجماهیر المصریة إلی ساحة التحریر و الساحات المصریة الأخری سمعت الجواب ، فإن الشعب المصري كان یقول لي بلسان قلبه :
بلی أنا مشتاق و عندي لوعة ولكن مثلي لایذاع له سرُّ
هذا السّر المقدس ، یعني العزم علی الثورة قد تبلور و نضج في أعماق الشعب المصري بالتدریج ، و تجلّی بإذن الله و بحوله و قوته في الساحة بشكله العظیم.
تونس و الیمن و لیبیا و البحرین تجري علی نفس هذه القاعدة إن شاء الله تعالی . ( وَمِنْهُمْ مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُواْ تَبْدِيلاً )
في مثل هذه الثورات ، الأصول و القیم و الأهداف لم تدوّن في مشاریع مسبقة علی ید الفئات و الأحزاب ، بل هي مدوّنة في أذهان كل أفراد الشعب المتواجد في الساحة و في قلوبهم و إرادتهم ، ومعلنة و مثبتة في شعاراتهم و سلوكهم.
بهذه المحاسبة یمكن بوضوح تشخیص أن أصول الثورات الحالیة في مصر و بقیة البلدان تتجلّی بالدرجة الأولی فيما یلي :
- إحیاء وتجدید العزة و الكرامة الوطنیة التي انتُهكت علی ید الهیمنة الدكتاتوریة للحكام الفاسدین و السلطة السیاسیة لأمریكا و الغرب.
- رفع رایة الإسلام الذي یمثل العمق العقائدي و العاطفي للشعب و توفير الأمن النفسي و العدالة و التقدم و التفتح مما لایتحقق إلاّ في ظلّ الشریعة الإسلامیة .
- الصمود أمام النفوذ و السیطرة الأمریكیة و الأُوربیة التي أنزلت خلال أعوام أكبر الضربات و الخسائر و الإهانات بشعوب هذه البلدان.
- نضال الكیان الصهیونی الغاصب و دولته اللقیطة التي غرسها الاستعمار مثل خنجر في خاصرة بلدان المنطقة و جعلها وسیلة لاستمرار سلطته المتجبرة ، و شرّد شعباً من أرضه التأریخیة.
مما لاشك فيه أن تبنّي ثورات المنطقة لهذه الأصول و سعیها لتحقیقها لاینسجم مع رغبات أمریكا و الغرب و الصهیونیة ، و هولاء یبذلون ماوسعهم من جهد لینكروا ذلك ، لكن الواقع لایتغیّر بإنكاره.
إن شعبیة هذه الثورات هي أهم عنصر في تشكیل هویتها . القوی الطامعة بذلت كل جهدها و مارست كل أسالیبها الملتویة لحفظ الحكام المستبدّین و الفاسدین و التابعین في هذه البلدان ، ولم تكفّ عن دعمهم إلاّ حینما انقطع أملها علی أثر ثورة الجماهیر و عزمها.
من هنا فإن هذه القوی لایحق لها أن تعتبر نفسها مساهمة في هذه الثورات. وفي بلد مثل لیبیا لایستطیع تدخّل أمریكا و الناتو أن یكدّر هذه الحقیقة. في لیبیا أنزل الناتو خسائر فادحة لاتعوّض. لو لم یكن هذا التدخّل فإن انتصار الشعب اللیبي كان من الممكن أن یتأخر قلیلاً ، ولكن سوف لاینزل بالبلد كل هذا الدمار في بُناه التحتیة ، و لاتزهق كل هذه الأرواح من النساء و الأطفال ، و لا يدّعي اولئك الأعداء الذین كانت یدهم لسنوات بید القذافي بأنّ لهم حق التدخّل في هذا البلد المظلوم المُدمّر.
إن جماهیر الشعب و النخب الجماهیریة و الذین انطلقوا من الجماهیر هم أصحاب هذه الثورات و الأمناء علی حراستها و الذین یرسمون مستقبلها و یدفعون بعجلتها إن شاء الله تعالی.
2- موضوع الآفات و الأخطار.. لابد من التأكید اولاً أن الآفات و الأخطار موجودة ، ولكنّ هناك أیضاً سبلاً للوقایة منها. لاینبغی أن تكون الأخطار مبعث خوف الشعوب ، دعوا الأعداء یخافوكم و اعلموا ( إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا ) ربّ العزة و الجلال یقول بشأن فئة من المجاهدین في عصر الرسالة : ( الَّذِينَ قالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزادَهُمْ إِيماناً وَ قالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَ اتَّبَعُوا رِضْوانَ اللَّهِ وَ اللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ ).
لابدّ من معرفة الأخطار والآفات للوقایة من الحیرة و التردید عند مواجهتها ، و لنكون على معرفة مسبقة بتشخیص علاجها.
إننا واجهنا هذه الأخطار بعد انتصار الثورة الإسلامیة و عرفناها و جربناها و خرجنا من أكثرها بسلام بفضل الله و قیادة الإمام الخمیني و وعي جماهیرنا وبصیرتهم و تضحیاتهم . طبعاً لایزال الأعداء یحوكون المؤامرات ولایزال الشعب یقاوم بعزیمة راسخة لا تلین.
إنني أقسّم هذه الأخطار و الآفات علی قسمین : ماكان له جذور في داخلنا و ینبثق من ضعفنا ، وماكان نتیجةً مباشرةً لتخطیط أعدائنا.
القسم الأول هو من قبیل : الشعور و الظن بأن سقوط الحاكم العمیل و الفاسد و الدیكتاتور هو نهایة الطریق. إن هذا سوف یبعث علی الارتخاء و راحة البال و الغرق في نشوة النصر ، وما یتبع ذلك من ضعف الدوافع و هبوط العزائم. هذا هو الخطر الأول . و سوف یتفاقم هذا الخطر حین یعمد أشخاص إلی الحصول علی سهم خاص في الغنیمة. ماجری في " معركة أُحد " حیث طمع المحافظون علی مضیق الجبل بالغنیمة وما أدّی ذلك إلی هزیمة المسلمین و إلی لوم ربّ العالمین إنما هو نموذج بارز ینبغي أن لاننساه أبداً.
إن الشعور بالخشیة من الهیمنة الظاهریة للمستکبرین و الإحساس بالخوف من أمریکا و سائر القوی الطامعة ، خطر آخر من هذا القبیل ، و لا بّد من توقّیه. النخب الشجاعة و الشباب یجب أن یطردوا من القلوب هذا الخوف.
إن الثقَة بالعدوّ و الانخداع بابتسامته و وعوده و دعمه إنما هو من الآفات الکبری الأخری التي يجب أن یحذر منها بشکل خاص النخب و قادة المسیرة . یجب معرفة العدوّ بعلاماته مهما تلبس من لباس ، و صیانة الشعب و الثورة من کیده الذي یدبره في مواضع خلف ستار الصداقة و مّد ید المساعدة . و من جانب آخر قد یعتری الأفراد غرور و یحسبون العدوّ غافلاً، لا بّد من اقتران الشجاعة بالتدبیر و الحزم و حشد کل الإمکانات الإلهیة في وجودنا لمواجهة شیاطین الجنّ و الإنس .
إثارة الاختلافات و خلق الصراعات بین الثوریین و الاختراق من خلف جبهة النضال هي أیضاً من الآفات الکبری التي یجب الفرار منها بکل ما أوتینا من قوة .
أما آفات القسم الثاني: فإن شعوب المنطقة قد خبرتها غالباً في الحوادث المختلفة . و أولها تولّي الأمور عناصر تعتقد أن لها التزامات أمام أمیرکا و الغرب . الغرب یسعی بعد السقوط القهري للعناصر العميلة أن یحافظ علی أصل النظام و المحاور المفصلیة للقدرة و يضع رأساً آخرعلى هذا البدن وبذلك يواصل فرض سيطرته. و هذا یعني إهدار کل المساعي و الجهود ، و في هذه الحالة إن واجهوا مقاومة الجماهیر و وعیها فسوف یسعون إلی بدائل انحرافیة أخری یضعونها أمام الثورة و الجماهیر . هذه البدائل یمکن أن تتمثل باقتراح نماذج للحکم و الدستور تدفع بالبلدان إلاسلامية مرة أخری الی شراك التبعیة الثقافیة و السیاسیة و الاقتصادیة للغرب ، ویمکن أن تتمثل فی اختراق صفوف الثورة و تقدیم الدعم المالي و الإعلامي لتیار مشکوك و عزل التیارات الثوریة الأصلیة . و هذا یعنی أیضاً عودة تسلط الغرب و تثبیت النماذج الغربية التي أكل الدهر عليها و شرب والغريبة على مبادئ الثورة و بالتالي السيطرة على الاوضاع.
و لو أن هذه الخطط لم تفلح بأجمعها فإن تجربتنا تقول إنهم سیعمدون إلی أسالیب منها إثارة الفوضى و الاغتیالات و الحرب الداخلیة بین أتباع الأدیان أو القومیات و القبائل و الأحزاب ، بل بین الشعوب و البلدان الجارة ، إلی جانب و فرض الحصار الاقتصادي و المقاطعة و تجمید الأرصدة الوطنیة و أیضاً الهجوم الشامل الإعلامي و الدعائي . إن الهدف من وراء کل ذلك جعل الشعوب تشعر بالتعب و الیأس ، و الثوار بالتردید و الندم ، و الأعداء یعلمون أن مثل هذه الحالة تجعل هزیمة الثورة ممکنة و میسورة . اغتیال النخب الصالحة و الفاعلة أو الإساءة إلی سمعة بعضهم، و من جهة أخری شراء ذمم العناصر الهزیلة هي أیضاً من الأسالیب المتداولة للقوی الغربیة و أدعیاء التمدن والأخلاق!!
إن وثائق وکر التجسس الأمریکي التي وقعت بید الثورة في إیران الإسلام ، أوضحت بدقة أن کل هذه الدسائس قد خطط لها نظام الولایات المتحدة الأمریکیة . إعادة الرجعیة و الاستبداد و الحاکمیة التابعة في البلدان الثوریة مبدأ یجیز لهم ممارسة کل هذه الأسالیب القذرة .
3- و في آخر قسم من حدیثي أضع أمام تشخیصکم و انتخابکم توصیات استقیها من تجاربنا العینیة في إیران و من مطالعة دقیقة لبقیة البلدان .
من المؤکد أن ظروف الشعوب و البلدان لیست علی نحو واحد فی جمیع الأمور. لکن ثمة بیّنات تستطیع أن تکون للجمیع مفیدة.
أول الحدیث هو أنه من الممکن التغلب علی کل هذه الموانع الآفات و اجتیازها اجتیازاً منتصراً بالاتکال علی الله و الاعتماد علیه و حسن الظن بما ورد في کتابه العزیز من وعد بالنصر ، و التحلّي بالتعقل و العزم و الشجاعة ، إنکم طبعاً قد نهضتم بعمل کبیر کبیر و مصیري. لذلك لا بّد أن تتحملوا من أجله أیضاً متاعب کبیرة ، أمیر المؤمنین علي علیه السلام یقول: « فَإِنَّ اللَّهَ لَمْ يَقْصِمْ جَبَّارِي دَهْرٍ قَطُّ إِلاّ بَعْدَ تَمْهِيلٍ وَ رَخَاءٍ وَ لَمْ يَجْبُرْ عَظْمَ أَحَدٍ مِنَ الْأُمَمِ إِلَّا بَعْدَ أَزْلٍ وَ بَلاءٍ وَ فِي دُونِ مَا اسْتَقْبَلْتُمْ مِنْ عَتْبٍ وَ مَا اسْتَدْبَرْتُمْ مِنْ خَطْبٍ مُعْتَبَر...»
توصیتی الهامة أن تروا أنفسکم دائماً في الساحة : (فَإِذَا فَرَغْتَ فَانْصَبْ), واجعلوا الله سبحانه نصب أعینکم و ثقوا بأنه في عونکم: ( وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ ), و أن لا تکون الانتصارات مبعث غرور و غفلة : ( اِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَ الْفَتْحُ وَ رَاَيْتَ النّاسَ يَدْخُلُونَ في دينِ اللهِ اَفْواجاً فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَ اسْتَغْفِرْهُ اِنَّهُ كانَ تَوّاباً ) هذه دعامات حقیقیة لکل شعب مؤمن .
توصیتي الأخری إعادة قراءة أصول الثورة بشکل مستمر . الشعارات و الأصول یجب أن تخضع للتنقیح و التطبیق مع أصول الإسلام و محکماته. الاستقلال و الحریة و العدالة ، و عدم الاستسلام أمام الاستبداد و الاستعمار ، و رفض التمییز القومي و العنصري و المذهبي، و رفض الصهیونیة رفضاً صريحاً وهي التي تشكل أركان النهضات المعاصرة في البلدان الإسلامیة ، هي بأجمعها مستقاة من الإسلام و القرآن .
دوّنوا مبادئکم ، و حافظوا بحساسیة کبیرة علی أصالتکم ، و لا تدعوا أعداءکم یدوّنون نظام مستقبلکم ، لا تدعوا أصولکم الإسلامیة تُقدم قرباناً علی مذبح المصالح العابرة .
الانحراف في الثورات یبدأ من الانحراف في الشعارات و الأهداف ، لا تثقوا إطلاقاً بأمریکا و الناتو و بالأنظمة المجرمة مثل بریطانیا و فرنسا و إیطالیا التي جثمت لأمد طویل علی صدور بلدانکم و وزّعت بينها بلدانكم و نهبت ثرواتكم ، تعاملوا معها بسوء ظن و لا تصدّقوا ابتساماتهم ، فوراء هذه الابتسامات و الوعود تکمن الخیانات و المؤامرات. ابحثوا عن حلولکم من منبع الإسلام الفیّاض وردّوا وصفات الأجانب إلیهم .
توصیتي المهمة الأخری الحذر من الاختلافات المذهبیة و القومیة و العنصریة و القبلیة و الحدودیة . اعترفوا بالتفاوت و وجّهوه بإدارة حاذقة . التفاهم بین المذاهب مفتاح النجاة .
أولئک الذین یضرمون نیران التفرقة المذهبیة أو یعمدون إلی تکفیر هذا و ذاك ، هم عملاء الشیطان و جنده حتی لو لم یعلموا هم بذلك .
إقامة النظام عمل کبیر و أساسي ، إنه عمل معقد و صعب . لا تدعوا النماذج العلمانیة أو اللیبرالیة الغربیة ، أو القومیة المتطرفة ، أو الاتجاهات الیساریة المارکسیة تُفرض علیکم .
إن ا لمعسکر الشرقي قد انهار و المعسکر الغربي يتوسل بالعنف و الحرب و الخدعة، ليحافظ على بقائه و ليس له عاقبة خير متصورة في الأفق.
مرور الزمان بضررهم و لصالح تيار الإسلام.الهدف النهائي یجب أن يتمثل في التوجه نحو الأمة الواحدة الإسلامية و بناء الحضارة الإسلامية الجديدة علي أساس الدين و العقلانية و العلم و الأخلاق.
تحرير فلسطين من مخالب الوحش الصهيوني هو أیضاً هدف كبير . بلدان البلقان و القفقاس و آسیا الغربیة قد تحررت من سیطرة الاتحاد السوفیتي السابق بعد ثمانین سنة من الاحتلال ، فلماذا لا تستطیع فلسطین المظلومة بعد سبعین سنة أن تتحرر من أسر السیطرة الصهیونیة ؟!
الجیل المعاصر في البلدان الإسلامية له قدرة النهوض بمثل هذا العمل الكبير. جيل الشباب مبعث افتخار مَنْ سبقه من أجيال . يقول الشاعر العربي:
قالوا:أبو الصخر من شيبان قلت لهم كلا لعمري و لكن منه شيبانُ
و كم أبٍ قد علا بابنٍ ذُری شَرَفٍ كما عـلا برسولِ الله عدنانُ
ثقوا بجيل شبابكم أحيوا روح الثقة بالنفس في وجودهم و غذّوهم بتجارب الآباء و الأجداد .
و ثمة ملاحظتان مهمتان في هذا المجال :
الأولى : أن أحد أهم مطالب الشعوب الثائرة و المتحررة أن یکون لها الحضور و أن یکون لأصواتها الدور الحاسم في إدارة البلاد.
و لما کانت هذه الشعوب مؤمنة بالإسلام فإن مطلوبها هو « نظام السیادة الشعبیة الإسلامي » أي إن الحکام یُنتخبون وفق تصویت الناس، و أن تکون القیم و الأصول الحاکمة علی المجتمع وفق أصول قائمة علی المعرفة و الشریعة الإسلامية .
و هذا یمکن تحقیقه في البلدان المختلفة بأسالیب و أشکال مختلفة بمقتضی ظروفها، لکن یجب المراقبة بحساسیة کاملة کي لا یختلط هذا المشروع بالدیمقراطیة اللیبرالیة الغربیة . الدیمقراطیة الغربیة العلمانیة أو المعادیة للدین أحیاناً لیس لها أي ارتباط بسیادة الشعب الاسلامیة الملتزمة بالقیم و بالخطوط الأصلیة الإسلامیة في نظام البلاد .
الملاحظة الثانیة أن التوجه الإسلامي یجب أن لا یختلط بالتحجّر و القشریة و التعصب الجاهل و المتطرف .
لا بدّ أن یکون الفاصل بین هذین الاثنین واضحاً. التطرف الدیني المقرون غالباً بالعنف الأعمی هو عامل التخلف و الابتعاد عن الأهداف السامیة للثورة ، و هذا بدورة عامل ابتعاد الجماهیر و في النتیجة سیکون عامل فشل الثورة.
خلاصة الحدیث أن الکلام عن الصحوة الإسلامیة لیس بحدیث عن مفهوم مبهم غیر شخص و یقبل التأویل و التفسیر . إنه حدیث عن واقع خارجي مشهود و محسوس ملأ الأجواء و فجّر الثورات الکبری و أسقط عناصر خطرة في جبهة الأعداء و أخرجهم من الساحة . و مع ذلك فالساحة لا تزال هشّة و تحتاج إلی بلورة و إلی تحقیق الأهداف النهائیة .
الآیات التي تلیت في مطلع الحدیث تشتمل علی منهج کامل للعمل و له الفاعلیة الدائمة و خاصة في هذه البرهة الحساسة المصیریة . إنها تخاطب النبي الأكرم صلی الله علیه و آله و سلم لکننا جمیعا في الواقع مخاطبون بها و مکلفون .
أول توصية في هذه الآیات بالتقوی بمعناها السامي و الواسع ، ثم رفض الطاعة للکافرین و المنافقین ، ثم اتباع الوحي و بالتالي التوکل علی ألله و الاعتماد علیه .
مرة أخری أمرّ علی هذه الآیة الکریمة : ) بسم الله الرحمن الرحيم يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا وَاتَّبِعْ مَا يُوحَى إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلا )
و السلام علیکم و رحمة الله و برکاته
في انتظار المساعدة + الصور
هنا ليس أفريقيا المجاعة بل جارتنا أفغانستان التي أحتلت قبل عشرة سنوات من جانب أمريكا و الناتو مقررا بأسم محاربة الإرهاب و حفظ المصالح الوطنية للولايات المتحدة الامريكية إعطاء الاستقلال و الثبات و الرفاهية و القضاء على الفقر للشعب الأفغاني. هذه التصاوير توضح كاملا أعمال أمريكا و الناتو.
هذه الأيام بعض الناس في اطراف كابل يقفون في طابورا طويلا لتلقي مساعدات الناتو. كثير من الناس في مخيمات اللاجئين و بدون منزل في اطراف كابل يعيشون في وضع مؤسف جدا.
هذه إنجازات امريكا و الناتو للشعب الافغاني !!