emamian

emamian

وفاء العم

علامَ تقايض واشنطن الخليج(الفارسی) عموماً، والسعودية خصوصاً؟ أي مقايضة توازي حجم مستقبل ولي العهد الشاب؟ ما هي الإشارات التي ترسلها؟

الخليج (الفارسی) ليس في أحسن أحواله، وهو يشهد حالةً من الحيرة والقلق منذ أن فتح الرئيس الأميركي جو بايدن ملف مقتل الصحافي جمال خاشقجي من جديد، وسمح بنشر تقرير الاستخبارات الأميركية الَّذي يفترض موافقة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على عملية القتل، ناهيك بإعلان العقوبات بحقّ كلّ من ساهم فيها. 

صحيح أنَّ العقوبات لم تطل ولي العهد السعودي مباشرة، غير أنّ وضعه في واجهة مشهد عمليّة القتل من جديد يحشر المملكة في الزاوية خارج أطر العلاقة المرسومة منذ زمن بين البلدين، والتي تقوم على الحثّ والضغط من دون المساس مباشرة بالقيادات العليا.

وصحيح أيضاً أنَّ الرياض كانت تتحضّر لهذه المرحلة، إلا أنها لم تتوقع أن يذهب الأميركي إلى توجيه الاتهام مباشرة إلى الحاكم الفعليّ للمملكة، ما أعطى مؤشراً غير مريح للخليجيين بأنَّ القادم ليس أفضل، وأن الملفات الحقوقية والسياسية مطروحة على طاولة الأميركيين. 

ربما أفرجت المملكة عن عددٍ من المعتقلين استباقاً، ولكن يبدو أنّ ذلك لم يكن كافياً، ما يطرح عدة أسئلة: علامَ تقايض واشنطن الخليج (الفارسی) عموماً، والسعودية خصوصاً؟ أي مقايضة توازي حجم مستقبل ولي العهد الشاب؟ ما هي الإشارات التي ترسلها؟ وأي تنازلات تريد؟ وكيف ينظر الخليج إلى ذلك؟

يمكن استقراء المشهد من خلال بعد إقليميّ ينطلق من ملفّين رئيسيين؛ الأول يتمثّل بالحرب الطاحنة على اليمن، والتي وعد بايدن بإنهاء الدعم الأميركي لها، وهي تعد المأزق السعودي الأكبر، ذلك أنها لم تحقق إنجازات عسكرية مهمة، والتفاوض مع جماعة "أنصار الله"، وفي المعادلة الحالية، يعني ذلك سيطرة الأخيرة على المشهد السياسي والعسكري اليمني، ما يعني خليجياً فرض النفوذ الإيراني في الجنوب السعودي كأمر واقع، وخصوصاً بعد رفع الحركة من قائمة العقوبات الأميركية.

أما الملف الثاني، فهو ملفّ التفاوض مع إيران، والّذي يشكّل فيه الخليج (الفارسی) و"إسرائيل" جبهة ثنائيّة رافضة لعودة العمل بالاتفاق النوويّ، قد تضع العصي في دواليب التفاوض الأميركيّ الإيراني، ما يضع احتمال المحاولة الأميركية لتحييد الخليج (الفارسی) بعين الاعتبار. باختصار، ما يراد هو التفاوض مع إيران من دون منغّصات عبر تحجيم السعودية.

من جانب آخر، يقوم بايدن بمعاملة السعودية باعتبارها "منبوذة"، بسبب الانتهاكات المستمرة لحقوق الإنسان، كما وعد تماماً، فهل هي رغبة أميركية برعاية تغيير ما في السعودية - الكبرى خليجياً - ما يعني تمدّد هذا التغيير إلى المحيط أيضا؟ وها هو التغيير الناعم؟ وما حجمه وشكله؟

في الحقيقة، تشير إدارة بايدن بقوة إلى أنَّها تهدف إلى إعطاء الأولوية لاستعادة العلاقات القوية مع الحلفاء الأوروبيين، إضافة إلى التحول نحو آسيا، في محاولة لمواجهة الصين. كما ينقل عن هذه الإدارة أنَّ هناك قناعة لديها بأنَّ الاستدارة نحو الشرق وترك المنطقة لنفسها، كما فعل أوباما، أمر غير صحيح، وينقل عن بايدن قوله: "انظروا ماذا فعلوا!"، في إشارة إلى الخليجيين.

وبالتالي، إنَّ استهداف شخصية بحجم ولي العهد السعودي يبدو رسالة أميركية، مفادها إما التغيير الناعم وإما التهميش والمزيد من الضغط. وعندما تأتي رسالة بهذه القوة إلى دولة بحجم السّعودية، فإنّ أصداءها تصل إلى آذان الجيران في الخليج، وخصوصاً من يواجه منهم أزمة سياسيّة، من مثل البحرين، لتكون جرس إنذار لبقيّة الدول بأنَّ استمرار الاستبداد في شكله الحالي لم يعد ممكناً، ما يثير تساؤلاً: هل تسعى إدارة بايدن إلى تغيير قد يطال ولاية العهد في السعودية أو إلى تغييرات جوهرية في الخليج (الفارسی)؟.

في المعطيات الحالية في السّعوديّة، يبدو ذلك صعباً، إذ جرى تهميش كل قيادات الجيل الأول، كما جرت إعادة هيكلة شكل السلطة بولاءات جديدة، ما يفسّر إحجام بايدن عن فرض عقوبات على الأمير محمد بن سلمان، ولكن هذا لا يعني اللاتغيير عموماً، بل ربما انتهاج سياسة تعرف بـ"التغيير الآمن"، عبر ممارسة الضغوط القصوى من أجل إعطاء المزيد من الحقوق السياسية، وإجراء إصلاحات حقيقيّة على مستوى حقوق الإنسان، من دون المساس بجوهر الأنظمة، للحيلولة دون وقوع الفوضى، كما جرى في العديد من الدول العربية، كما أنَّ هذه الدول ما زالت قادرة على تحقيق المصالح الأميركية في المنطقة.

وسط كلّ ذلك، يعيش الخليج (الفارسی) قلقه منتظراً ما سيأتي في ما بعد!

وأمّا الاستدلال بالخبر الآخر وهو قوله (صلى الله عليه وآله): «أنت منّي بمنزلة هارون من موسى إلاّ أنّه لانبي بعدي»([1]) فإنه يدل على النصّ من وجهين: أحدهما: أنّ هذا القول يقتضي حصول جميع منازل هارون من موسى لأمير المؤمنين من النبيّ (صلى الله عليه وآله) إلآ ما خصّه الاستثناء المنطوق به في الخبر من النبوة، وما جرى مجرى الاستثناء وهو العرف من اُخوّة النسب، وقد علمنا أن من منازل هارون من موسى (عليهما السلام) هي: الشركة في النبوّة، واُخوّة النسب، والتقدّم عنده في الفضل والمحبّة والاختصاص على جميع قومه، والخلافة له في حال غيبته على اُمّته، وأنّه لو بقي بعده لخلفه فيهم.

 

 وإذا خرج الاستثناء بمنزلة النبوة، وخص العرف منزلة الاُخوّة ـ لأن كل من عرفهما علم أنهما لم يكونا ابني أب واحد ـ وجب القطع على ثبوت ما عدا هاتين المنزلتين من المنازل الاُخر. وإذا كان في جملة تلك المنازل أنه لو بقي لخلفه ودبرّ أمر اُمَته، وقام فيهم مقامه، وعلمنا بقاء أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد وفاة الرسول (صلى الله عليه وآله) وجبت له الإمامة بعده بلا شبهة، وإنما قلنا إنّ هارون لو بقي بعد موسى (عليه السلام) لخلفه في اُمته، لأنه قد ثبتت خلافته له في حال حياته، وقد نطق به القران في قوله تعالى: ﴿وَقال مُوسى لأخِيهِ هارونَ آخلُفنِي فِي قومِي﴾([2]) وإذا ثبتت له الخلافة في حال الحياة وجب حصولها له بعد الوفاة لو بقي إليها، لأن خروجها عنه في حال من الأحوال مع بقائه حطّ له عن مرتبة سنية كانت له، وصرف عن ولاية فوضت إليه، وذلك يقتضي التنفير، وقد يجنب الله تعالى أنبياءه من موجبات التنفير ما هو أقل ممّا ذكرناه بلا خلاف فيه بيننا وبين المعتزلة، وهو الدمامة المفرطة، والخلق المشينة، والصغائر المستخفة، وان لا يجبهم فيما يسألونه لاُمتهم من حيث يظهر لهم.

 

وأما الوجه الآخر من الاستدلال بالخبر على النص فهو: أن تقول: قد ثبت كون هارون (عليه السلام) خليفة لموسى (عليه السلام) على أمَته في حياته ومفترض الطاعة عليهم، وإن هذه المنزلة من جملة منازله منه، ووجدنا النبي (صلى الله عليه وآله) استثنى ما لم يرده من المنازل بعده بقوله: «إلآ أنَه لا نبيَ بعدي» فدل هذا الاستثناء على أن ما لم يستثنه حاصل لأمير المؤمنين (عليه السلام) بعده، وإذا كان من جملة المنازل الخلافة في الحياة وثبتت بعده فقد تبين صحة النصّ عليه بالإمامة.

 

وإنما قلنا: إن الاستثناء في الخبر يدل على بقاء ما لم يستثن من المنازل بعده؛ لأنّ الاستثناء كما أن من شأنه إذا كان مطلقاً أن يوجب ثبوت ما لم يستثن مطلقاً، فكذلك إذا قيد بحال أو وقت أن يوجب ثبوت ما لم يستثن في ذلك الوقت، وفي تلك الحال ألا ترى أنّ قول القائل: ضربت أصحابي إلاّ أنّ زيداً في الدار يدلّ على أنّ ضربه أصحابه كان في الدار لتعلّق الاستثناء بذلك، والأسئلة والجوابات في الدليل كثيرة، وفيما ذكرناه هنا كفاية لمن تدبره.

 

وأمّا ما تختصّ الشيعة بنقله من ألفاظ النصوص الصريحة على أمير المؤمنين (عليه السلام) وعلى الأئمّة من أبنائه: بما لم يشاركها فيه مخالفوها فممّا لا يُحصى، أوَ يُحصى الحصى؟! ولا يمكن له الحصر والعدّ، أوَ يُحصر رملٌ عالج ويعد؟

 

أعلام الورى بأعلام الهدى للطبرسي

 

([1]) تقدم في صفحة: 326.

([2]) الأعراف 7: 142.

الفاتيكان طلب مجيء البابا بطائرة عراقية مع توفير الحماية العراقية (الفرنسية)

جبار الكناني - بغداد

 

يستعد العراق لاستقبال بابا الفاتيكان فرانشيسكو الجمعة المقبل، في زيارة تستمر عدة أيام، يتنقل خلالها بين محافظاته جنوبا وشمالا ووسطه، في أول زيارة بابوية على الإطلاق لهذا البلد، الذي أنهكته الحروب والفساد، وشهد هجرة كبيرة للمسيحيين خلال العقدين الماضيين.

ويؤكد الوكيل الأقدم في وزارة الخارجية العراقية نزار الخير الله أن زيارة البابا تاريخية وذات قيمة دينية كبيرة، وسيكون لها وقع كبير على العراق ودعم للمسيحيين في البلاد وتعزيز تواصله مع المسلمين، وسيلقي خطبته الرئيسية من مدينة أور التاريخية مقام النبي إبراهيم في محافظة ذي قار (جنوبي البلاد)، فضلا عن زيارته إلى النجف ولقاء المرجع الأعلى للشيعة علي السيستاني.

وأضاف الخير الله أن الفاتيكان طلب مجيء البابا بطائرة عراقية مع توفير الحماية العراقية، لافتا إلى أن زيارة البابا إلى النجف ستكون تاريخية، ولم تشهدها في تاريخ الحوزة الشيعية.

ويأمل البابا فرانشيسكو أن تفتح رحلته إلى العراق بابًا مع المسلمين الشيعة، البالغ عددهم نحو 200 مليون في جميع أنحاء العالم، مثل رحلته إلى أبو ظبي في فبراير/شباط 2019، ولقائه هناك شيخ الأزهر أحمد الطيب، وتوقيعهما ما تسمى "وثيقة الأخوة الإنسانية"، لتشجيع مزيد من الحوار بين المسيحيين والمسلمين. ويأمل أن يؤيد السيستاني هذه الوثيقة.

كما يشمل برنامج البابا إلى العراق زيارة بغداد والموصل ومدينة أور الأثرية مسقط رأس النبي إبراهيم. وسينتقل إلى الموصل ومنطقة سهل نينوى المحيطة بها، وسيزور مدينة أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق.

الصريفي اعتبر أن زيارة البابا تفتح بابا للتواصل الخارجي مع العراق وستترك انطباعات إيجابية عن البلد ( الجزيرة)

رسائل متعددة

ويشير النائب والمتحدث باسم تحالف "عراقيون" حسين عرب الصريفي للجزيرة نت إلى أن "زيارة بابا الفاتيكان إلى العراق زيارة مهمة وتعزز الحوار والمشتركات بين الأديان، ورأى أن هذا النوع من التواصل وكسر الحظر الأمني على العراق، سيترك انطباعات وآثارا إيجابية على البلد، من خلال تأثيره على بعض الدول والقرارات.

ومثل الصريفي، أوضح عقيل الرديني المتحدث باسم ائتلاف "النصر" بزعامة رئيس وزراء العراق الأسبق حيدر العبادي للجزيرة نت أن زيارة البابا إلى العراق لها رسائل ودلالات كثيرة ومهمة، ومنها أن العراق ما زال يمثل أهمية إقليمية ودولية في العالم من حيث عمقه التاريخي ومستقبله الواعد، لما يمثله من أهمية جغرافية واقتصادية في هذا المكان من العالم، إذا استثمرت إمكاناته المادية والعلمية والبشرية بالشكل الأمثل.

وأضاف الرديني أن الدلالة الأخرى للزيارة تتمثل في التواصل بين الأديان المحبة للسلام، حيث لقاء البابا مع المرجع علي السيستاني في مدينة النجف (جنوب بغداد)، معتبرا أنها فرصة لترميم العلاقة بين الأديان، وإعادة حقوق وأملاك المهجرين من المسيحيين في العراق، وعودتهم إلى مناطقهم ومنازلهم التي هجروا منها، وممارسة حياتهم الطبيعية من خلال الدعم الحكومي، وكذلك دعم الغرب عبر فتح آفاق الاستثمار والإعمار وإعادة البناء وكسب ثقة العالم في العراق من خلال هذه الزيارة.

البيدر: الزيارة تحمل رسائل اطمئنان إلى المكون المسيحي في العراق (الجزيرة)

اهتمام دولي

واعتبر الكاتب والمحلل السياسي علي البيدر في حديث للجزيرة نت أن الزيارة تحمل الصفة المعنوية في شكلها، ولها أيضا دلالات كبيرة تتمثل في اهتمام شخصية عالمية بارزة مثل بابا الفاتيكان بالعراق، حيث تعد أول زيارة تاريخية له إلى البلد، بعد زيارة سابقة لم تر النور كان يخطط البابا يوحنا بولس الثاني للقيام بها عام 2000، في حين لم يقم خلفه البابا بنديكت السادس عشر بأي مبادرة تجاه بغداد.

وأشار البيدر إلى أن هذا الاهتمام يؤكد أن العراق في دائرة اهتمام المجتمع الدولي، كما أن أهم أهداف الزيارة تتمثل في مطالبة جميع الفاعلين في المشهد العراقي بضرورة الحفاظ على ما تبقى من المسيحيين بالعراق، الذين تعرضوا لأبشع أنواع القهر والاضطهاد بسبب الصراعات التي تشهدها البلاد، مما أدى إلى هجرة أغلبهم.

اعلان

وزاد البيدر أن الزيارة في حد ذاتها تحمل رسائل اطمئنان إلى المكون المسيحي في العراق، وأنه محط اهتمام الكنيسة العالمية والحبر الأعظم، وأنهم يسعون لتحقيق سبل الاستقرار للمناطق التي يقطنها المسيحيون بعد الأضرار التي لحقت بهم على مستوى الأفراد والمجتمع، حيث تراجع أعداد المسيحيين بعد عام 2003 إلى أكثر من ثلثي عددهم، الذي كان يقترب من مليوني مواطن عراقي، ولم تهتم الحكومات المتعاقبة بمعاناتهم من خلال تعويضهم.

ووصف البيدر الاهتمام والاستعداد الحكومي والشعبي لهذه الزيارة بأنه لم يرق إلى مستوى الحدث التاريخي؛ كون هناك أصوات متطرفة تتحفظ على هذه الخطوة، ولم يتم الرد عليها بشكل رسمي ولجمها، والبرنامج المعد لها فقير جدّا، ولم يتم التحشيد الكبير لها عبر استقطاب شخصيات عالمية دينية مسلمة من أجل استشعار الوفد البابوي بأن هناك اهتماما دينيا إسلاميا بالعراق.

ويرى البيدر أن العقلية السياسية العراقية الحالية غير مؤهلة لاستثمار هذه الزيارة على المستويين السياسي والاقتصادي، عبر إيصال رسالة عميقة عن معاناة العراق، وجعل هذه الشخصية تسهم في حل جزء من مشاكل البلاد بسبب عدم وجود وحدة في القرار السياسي للبلاد نتيجة تباين المواقف من قبل الزعامات السياسية.

يشار إلى أن البابا ألغى جميع رحلاته الخارجية اعتبارا من يونيو/حزيران 2020 بسبب تفشي وباء كوفيد-19.

ويشكل مسيحيو العراق إحدى أقدم الجماعات المسيحية في العالم وأكثرها تنوعًا، مع الكلدان والأرمن الأرثوذكس والبروتستانت وطوائف أخرى.

وفي عام 2003، كان المسيحيون يشكلون نحو 6% من سكان العراق، لكن الآلاف منهم هاجروا إلى خارج البلاد خلال العقدين الماضيين بسبب تدهور الأوضاع الأمنية.

المصدر : الجزيرة

تباحث الرئيس الإيراني حسن روحاني ونظيره الفرنسي إمانوئل ماكرون هاتفيا الاتفاق النووي.

وأكد روحاني في هذا الاتصال أن لا تفاوض مجددا حول الاتفاق النووي، وأن والسبيل الوحيد للحفاظ عليه وإحيائه هو رفع إجراءات الحظر الأميركية.

وأكد روحاني أن ضياع فرص الحفاظ على الاتفاق النووي وتنشيطه يمكن أن يجعل الوضع أكثر صعوبة، وأضاف أن: التقليص التدريجي للالتزامات من جانب إيران كان بسبب انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي وعدم قدرة الدول الأوروبية الثلاث على الوفاء بالتزامات الاتفاق، ويمكن إعادتها فور الوفاء بالتزامات الأطراف الأخرى.

واعتبر روحاني إلغاء تطبيق إيران الطوعي للبروتوكول الإضافي أنه أتى في إطار القانون الذي أقره البرلمان وأضاف: "تعاوننا مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مستمر ولم نغادر الاتفاق النووي قط".

وأكد الرئيس الإيراني أن أي إجراء أو موقف غير بناء في مجلس المحافظين يمكن أن يؤدي إلى تحديات جديدة ويعقد الوضع الحالي.

ووصف روحاني فرنسا كلاعب مهم وقال: "يمكن تطوير العلاقات بين طهران وباريس على أساس رؤية مستدامة وبأهداف طويلة الأجل للتعاون الثنائي والإقليمي والعالمي المشترك."

وفي إشارة إلى وباء كورونا في مختلف دول العالم، بما في ذلك إيران وفرنسا، قال روحاني إن المواجهة الفعالة مع كورونا تتطلب تعاون جميع دول العالم، مضيفا أن: "العقوبات الأميركية القاسية وغير القانونية تزيد من صعوبة الأمر على إيران في التعامل مع هذا المرض، حيث قد جعل من الصعب على الجمهورية الإسلامية الوصول إلى مواردها المالية من أجل توفير الأدوية والمعدات الطبية، ونتوقع من الاتحاد الأوروبي وخاصة فرنسا ألا يظلان صامتين في وجه هذا العمل غير الإنساني."

وفي هذا الاتصال الهاتفي، وصف الرئيس الفرنسي الحفاظ على الاتفاق النووي بأنه ضرورة للمجتمع الدولي، وشدد على ضرورة استمرار المحادثات لعودة جميع الأطراف إلى التنفيذ الكامل لالتزامات الاتفاق النووي.

وشدد إيمانويل ماكرون على ضرورة أن يتخذ الجانبان الخطوات الأولى، وقال: "أوروبا مستعدة لأن تكون أكثر نشاطا في الأسابيع المقبلة لإحياء الاتفاق النووي".

المصدر:العالم

وزير الدفاع الإيراني أمير حاتمي، يقول إن بلاده "تمكنت من هزيمة الأعداء من خلال تحسينها للتجهيزات الدفاعية والأمنية وصناعة أسلحة محلية في مختلف مجالات الحرب".

أعلنت وزارة الدفاع الإيرانية، اليوم الاثنين، تسلّم القوات المسلحة الإيرانية 9 طائرات حربية و10 أخرى للنقل الثقيل إضافةً إلى 10 مروحيّات وعشرات المحركات المتطورة التي صنعت في منظمة الصناعات الجوية.

وخلال مراسم التسليم قال وزير الدفاع الإيراني العميد أمير حاتمي، إن بلاده "تمكنت من هزيمة الأعداء من خلال تحسينها للتجهيزات الدفاعية والأمنية وصناعة أسلحة محلية في مختلف مجالات الحرب".

وفي وقت سابق، شدد الوزير الإيراني على أن بلاده "ستدافع عن أمنها بقوة ولن تسمح لأي عدو بالتعدي عليها، ومن دون شك سنرد بحزم على أي تهديد ضد إيران وأعداءنا يدركون ما يمكننا فعله جيداً". 

في السياق نفسه، أكّد المساعد التنسيقي للقائد العام للجيش الأيراني الأميرال حبيب الله سياري، إن القدرات الدفاعية لإيران "قائمة على أسس علمية ومعايير قياسية عالمية".

وفي 10 شباط/فبراير، عرضت القوة الجوفضائية في حرس الثورة الإيراني، 3 صواريخ باليستية في ساحة الحرية بالعاصمة طهران بمناسبة الذكرى السنوية الـ42 لانتصار الثورة الإسلامية الإيرانية. والصواريخ الباليستية التي تم عرضها هي "ذوالفقار بصير" و"دزفول" و"قيام".

المصدر: المیادین

الأربعاء, 03 آذار/مارس 2021 06:20

أصحاب الصراط ومشقّة الطريق

إنّ السير علىٰ الصراط المستقيم صعب وشاقّ للغاية، لأنّ رفاق هذا الطريق وإن كانوا من العظماء ولكنّهم قليلون، ويجب المضي علىٰ هذا الطريق الطويل مع قلّة الرفيق. ولذلك فإنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) الّذي هو بنفسه صراط مستقيم يقول: «لا تستوحشوا في طريق الهدىٰ لقلّة أهله».[1] إذن فالصراط المستقيم ليس مليئاً بالسالكين، ولهذا فإنّ المضي علىٰ الصراط يحتاج إلىٰ سعيٍ حثيث وزمن طويل حتّىٰ يتمكّن الإنسان أن يبلغ درجة الوليّ ويدخل في جمع أولياء الله تعالىٰ.

 

والدليل الآخر علىٰ قلّة الرفاق في سلوك الصراط هو انّ القرآن الكريم في الآية محلّ البحث علىٰ الرغم من ذكره (المنعم عليهم) و(المغضوب عليهم) و(الضالّين) بلفظ الجمع، لكنّ أمير المؤمنين (عليه السلام) قسَّم الناس في حديث له إلىٰ ثلاثة أقسام وذكر قسماً واحداً منها فقط بلفظ الجمع فقال: «الناس ثلاثة: فعالم ربّاني ومتعلّم علىٰ سبيل نجاة وهمج رِعاع أتباع كلّ ناعق يميلون مع كلِّ ريح»[2] ففي هذا الحديث ذكر العالم الربّاني والمتعلّم علىٰ سبيل النجاة بصيغة المفرد لقلّتهما، وأمّا المحرومون من الإرادة والّذين هم ليسوا من العلماء ولا من المتعلّمين فقد ذكروا بلفظ الجمع.

 

والشاهد الآخر علىٰ قلّة الأصحاب في سفر الصراط المستقيم انّ الله سبحانه يقول حول جهنّم: ﴿لأَمْلأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِين﴾[3] ولم يقل حول الجنّة انّه سيملؤها، لأنّ الّذين يملؤون جهنّم كثيرون ولكنّ الّذين مأويٰهم الجنّة فهم قليلون.

 

وعليه فانّ طريق الهداية بسبب قلّة سالكيه موحش ومحفوف بالأخطار، ولذلك يوصي أمير المؤمنين أن لايستوحشوا من قلّة سالكي طريق الحقّ، فإنّ ذلك لايدعوا إلىٰ القلق لأنّ السالكين مع قلّتهم إلاّ أنّهم جميعاً من المحسنين.

 

آية الله الشيخ جوادي آملي

 

[1] . نهج البلاغة، الخطبة 201، المقطع 1.

[2] . نفس المصدر، الحكمة 147.

[3] . سورة السجدة، الآية 13.

 

إسطنبول/ يوسف بهادر كسكين

- النهج الذي اتبعته الرياض وخاصة بعد 2015، تخطى المساعي العقلانية، ووصل في بعض الأحيان إلى حد الاستعداء
- لن يكون هناك مستفيد من التوتر على المدى الطويل، وإعادة تأسيس التعاون بين البلدين ستنعكس بالفائدة على الطرفين والمنطقة
- الحركات الشعبية التي اندلعت أواخر 2010 وسميّت بـ "الربيع العربي" شكلت نقطة انكسار في العلاقات التركية السعودية
- كانت الرياض من أهم مؤيدي السيسي الذي استولى على السلطة بانقلاب أطاح بمرسي؛ ومع ذلك استطاعت تركيا والسعودية المضي قدما بعلاقاتهما في عهد الملك عبد الله
- أبرز أسباب توتر علاقات أنقرة والرياض على صعيد الأزمة الخليجية، هو اشتراط الدول المقاطعة للدوحة "إغلاق القاعدة التركية في قطر"
- خسارة ترامب أمام بايدن في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، كان تطورا حتّم على الرياض رسم مسار جديد لخارطة سياستها الخارجية
- أردوغان والملك سلمان اتفقا قبيل استضافة السعودية لقمة مجموعة العشرين العام الماضي، على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة
- يبدو أن سلسة من المشاكل الخلافية بين الرياض وأنقرة أوشكت على النهاية، لكن يجب ألا ننسى وجود خلافات صعبة يأتي بمقدمتها قضية محاسبة قتلة خاشقجي
- يمكن القول إن حل المشكلات سيكون أكثر صعوبة إذا تولى محمد بن سلمان الحكم، خلفا لأبيه البالغ من العمر 85 عاما

حافظت تركيا والسعودية - البلدان الفاعلان في منطقة الشرق الأوسط والعالم الإسلامي - على علاقات مستقرة لسنوات عديدة؛ إلا أن هذه العلاقات واجهت اختبارات صعبة في السنوات الأخيرة.

النهج الذي اتبعته الرياض وخاصة بعد العام 2015، تخطى المساعي العقلانية، ووصل في بعض الأحيان إلى حد الاستعداء، فكان الإضرار بالعلاقات الثنائية بين البلدين أمرا محتوما.

ومع ذلك، يمكن القول إنه لن يكون هناك مستفيد من هذا التوتر على المدى الطويل، وإن إعادة تأسيس مجالات التعاون بين البلدين ستنعكس بالفائدة على الطرفين والمنطقة.

قد تبدو أن العلاقات التركية السعودية لن تعود إلى سابق عهدها خلال فترة قصيرة؛ ومع هذا فإن المستجدات التي وقعت خلال الأشهر الأخيرة شكلت مناخا إيجابيا بين البلدين.

ومع التأكيد على ضرورة اتخاذ حكومتي البلدين خطوات بناءة خلال هذه المرحلة، فإنه يجب تدعيم هذه الخطوات بتوقف الحكومة السعودية عن السعي وراء مزيد من المغامرات، وتغليب "عقل الدولة" قبل كل شيء.

تصاعد توتر العلاقات بين البلدين مع انطلاق ديناميكيات مرحلة "الربيع العربي"، وتفاقم التوتر جراء عدد من المستجدات التي وقعت خلال السنوات الخمس الأخيرة.

ومما لا شك فيه أن أبرز أسباب توتر هذه العلاقات متعلق بالنهج الذي اتبعه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان الذي صعد لهذا المنصب عام 2017 بعد عامين من تولي والده الملك سلمان بن عبد العزيز مقاليد العرش في 2015.

اتبع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، سياسات لترسيخ سلطته، وانتهج سياسات المغامرة عبر انجراره وراء دولة الإمارات.

من ناحية أخرى يمكن أن توفّر تغير التوازنات في المنطقة واتخاذ عدد من الخطوات الدبلوماسية مع جلوس جو بايدن على كرسي الرئاسة الأمريكية، فرص التقارب بين تركيا والسعودية مجددا.

** نقاط الانكسار من الربيع العربي إلى مقتل خاشقجي

شكلت الحركات الشعبية التي اندلعت أواخر 2010 وسميّت بـ "الربيع العربي"، نقطة انكسار في العلاقات التركية السعودية، وخلال هذه المرحلة، دعمت أنقرة المطالب الديمقراطية للشعوب؛ فيما وقفت السعودية في الصف الثاني ضد ذلك الحراك.

وعلى الرغم من أن التطورات في مصر أحدثت فارقا واضحا بين سياسات أنقرة والرياض؛ إلا أن الجانبين لم يكونا راغبين في مواجهة الآخر.

كانت الرياض من أهم مؤيدي عبد الفتاح السيسي الذي استولى على السلطة بانقلاب عسكري أطاح بالراحل محمد مرسي في 2013؛ ومع ذلك استطاعت تركيا والسعودية المضي قدما في علاقاتهما في عهد الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز.

في 2014 اندلعت أزمة سحب عدد من دول الخليج بينها السعودية سفرائها من دولة قطر، احتجاجا على سياسات الدوحة؛ ومع تدخل الوساطة الكويتية تم حل هذه الأزمة لاحقا.

إلا أن الأزمة الخليجية عادت على وتيرة أشد في 2017، حيث أعلنت دول خليجية بينها السعودية قطع علاقاتها مع قطر، وهو ما وصفته الدوحة بالحصار.

أدت هذه الأزمة إلى توتر العلاقات التركية السعودية، بعد دعوة أنقرة إلى رفع الإجراءات المتخذة بحق قطر والجلوس على طاولة الحوار.

وأبرز أسباب توتر علاقات أنقرة والرياض على صعيد الأزمة الخليجية، هو اشتراط الدول المقاطعة للدوحة "إغلاق القاعدة التركية في قطر".

مع حلول أكتوبر/ تشرين الأول 2018، فتحت صفحة جديدة من الأزمات بين تركيا والسعودية، مع مقتل الصحفي جمال خاشقجي بوحشية على يد فريق إعدام جاء من السعودية داخل قنصلية الرياض العامة بمدينة إسطنبول.

بعد هذه الجريمة، أكد المسؤولون الأتراك استعدادهم الدائم للتعاون في الكشف عن خيوط الجريمة، وأطلعوا الرأي العام عن كافة المستجدات المتعلقة بالجريمة؛ إلا أن عدم تعاون الجانب السعودي في التحقيقات أدى إلى تعميق التوتر بين البلدين.

وفي هذه الأثناء، تضمنت تقارير نشرتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) معلومات تفيد بضلوع مسؤولين سعوديين كبار في جريمة القتل.

وعلى الرغم من الموقف الإنساني والقانوني لتركيا الذي أبدته في هذه المرحلة؛ إلا أن الجانب السعودي لم يستجب لدعوات التعاون في كشف الجريمة.

بالإضافة إلى ذلك، اتبعت الرياض سياسات مناهضة لتركيا حيال العديد من الملفات بينها المستجدات في سوريا وليبيا وشرق البحر المتوسط ​​والقضية الفلسطينية والعلاقات مع إيران، وصولا إلى الحرب بإقليم قره باغ الأذربيجاني.

خلال هذه المرحلة، حاولت السعودية تصعيد التوتر السياسي مع تركيا لتشمل الجانب الاقتصادي، عبر دعم حملات مقاطعة المنتجات التركية، وممارسة ضغوط بحق التجار الأتراك على أراضيها، والضغط على المستثمرين السعوديين في تركيا.

ومن ضمن سلسلة الإجراءات السعودية التي أدت إلى تصعيد التوتر مع تركيا، إغلاق المدارس التركية في مكة المكرمة والمدينة المنورة، ومحاولات تشويه التاريخ العثماني في الكتب المدرسية، والضغط على وسائل الإعلام التركية.

كما أنه لا يمكن تجاهل تأثير الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ومستشاره جاريد كوشنر على التناقضات في السياسة الخارجية السعودية بالقيادة الفعلية لولي العهد الأمير محمد بن سلمان.

لقيت كافة محاولات الأمير الشاب الذي انجر وراء سياسات الإمارات، دعم إدارة ترامب الكامل لزعزعة استقرار المنطقة.

إلا أن خسارة ترامب أمام بايدن في سباق الانتخابات الرئاسية الأمريكية، كانت تطورا حتّم على الرياض رسم مسار جديد لخارطة سياستها الخارجية.

ومن أبرز اتباع سياسات جديدة في سياستها الخارجية، تصريحات بايدن الواضحة والقاسية وتحركاته تجاه السعودية في العديد من القضايا كمقتل خاشقجي وحرب اليمن وحظر الأسلحة، بجانب احتمال قيام إدارة بايدن بإجراء حوار مع إيران.

وبالإضافة إلى ما ذكر، يجب الإشارة إلى المشاكل والصعوبات الاقتصادية التي تعاني منها السعودية، حيث ارتفع الدين العام في البلاد 21 ضعفا في السنوات الست الماضية وانخفضت الاحتياطيات إلى 450 مليار دولار.

وتكشف هذه المؤشرات أن الإصلاحات الاقتصادية لولي العهد السعودي لم تحقق النجاح المنشود.

من ناحية أخرى، ينبغي الإشارة إلى سلسلة من المشاكل العالقة في العلاقات التركية الأمريكية التي ينبغي إيجاد حل لها خلال فترة رئاسة بايدن للولايات المتحدة.

** العقل السليم هو مفتاح الحل

خلال المحادثة الهاتفية بين الرئيس أردوغان، والملك سلمان، قبيل استضافة السعودية لقمة مجموعة العشرين العام الماضي، اتفق الجانبان على إبقاء قنوات الحوار مفتوحة، تلاها تصريحات إيجابية متبادلة من البلدين، لتكون بذلك أولى بوادر تحسن العلاقات.

إن وصول الديموقراطيين سدة الحكم في الولايات المتحدة، قد يفتح الطريق أمام تسريع وتيرة العلاقات بين أنقرة والرياض، فرغم كون البلدين حليفين تقليدين للولايات المتحدة، إلا أن بعض تصريحات بايدن وإدارته تزعج تركيا والسعودية.

ومن جهة أخرى، تواصل الولايات المتحدة أنشطتها العسكرية في المنطقة، وتعتبر السعودية حليفا مهما لها في هذا الإطار، حيث منحت الإذن للجيش الأمريكي حق الوصول إلى القواعد الجوية في الطائف وتبوك، فضلا عن ميناء ينبع البحري، لكن من جانب آخر، يجب على الديمقراطيين تبني سياسات براغماتية بشكل أكبر، إذ ينتظر مواطنو الولايات من رئيسهم الجديد تنفيذ وعوده الانتخابية.

ورغم انزعاج الرياض من إعلان وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، إزالة الحوثيين من قائمة التنظيمات الإرهابية الأجنبية، إلا أن نهاية حرب في اليمن سيعزز من مكانة بايدن أمام ناخبيه، وسيقلص من ردود الفعل الغاضبة تجاه مبيعات الأسلحة إلى السعودية.

والأكثر من ذلك، قد يعتبر هذا الأمر فرصة أمام السعوديين العالقين في مستنقع اليمن سياسيا وعسكريا واقتصاديا، وفي حال عدم تراجع السعودية خطوة إلى الوراء بالرغم من حظر توريد الأسلحة الأوروبية إليها، قد تشكل الصناعات الدفاعية التركية بديلا مهما لها.

من ناحية أخرى، لا يخفى على أحد محاولة ولي العهد محمد بن سلمان إرضاء إدارة بايدن، من خلال تصريحاته الأخيرة حول حقوق الإنسان، كما لا يعتبر إطلاق سراح الناشطة لجين الهذلول، بعد 3 سنوات من الاعتقال، أمرا محيرا في هذا الصدد، والأكثر من ذلك يعد احتمال إطلاق سراح المزيد من المعتقلين السعوديين واردا، لكن ورغم ذلك لا يزال هناك عددا من المشاكل الصعبة بين الرياض وواشنطن.

** لا فائز في الصراع

لن يكون من الخطأ القول إن التوتر بين تركيا والسعودية لن يحقق مكاسب للبلدين وعموم المنطقة على المدى البعيد، ويبدو أن سلسة من المشاكل الخلافية بين الرياض وأنقرة أوشكت على النهاية، حيث تم التوصل إلى حل للأزمة الخليجية.

كما يمكن لتركيا أن تلعب الدور الوسيط في الحوار بين السعودية وجماعة الإخوان المسلمين، إلى جانب الكثير من الأنباء المنتشرة مؤخرا حول نية مصر في إطلاق سراح بعض المعتقلين السياسيين لديها، بدعوة من السعودية.

إن مراجعة السعودية بقيادة الملك سلمان وولي العهد لسياستها الخارجية وتبنيها سياسات بناءة، قد يلعب دورا في ذوبان الجليد في العلاقات بين البلدين، إذ لن تحقق الرياض أية مكاسب من تمويل الجماعات الإرهابية في سوريا وليبيا، وتأييد الأطروحة اليونانية المعادية لتركيا في شرق المتوسط.

ومن جهة أخرى، فإن الاتجاه الإيجابي للعلاقات بين تركيا والسعودية قد يفتح الباب أمام العديد من الفرص، وخاصة في المجالين السياسي والاقتصادي.

لكن من ناحية أخرى، يجب ألا ننسى وجود خلافات صعبة بين البلدين، يأتي في مقدمتها قضية محاسبة قتلة خاشقجي، حيث يُرى ولي العهد أنه المسؤول عن هذه الجريمة، لكن يبدو أن إصدار القضاء السعودي حكما واضحا بهذا الخصوص غير ممكنا، في حين لن تتخل تركيا عن موقفها الإنساني من القضية، ولن تستغل الملف كورقة مساومة سياسية.

وأخيرا، يمكن القول إن حل المشكلات سيكون أكثر صعوبة إذا تولى محمد بن سلمان الحكم، خلفا لأبيه البالغ من العمر 85 عاما.

لكن وكما تدعي بعض وسائل الإعلام الغربية، إذا تم تعيين ولي عهد جديد أكثر خبرة من محمد بن سلمان، قد يتيح المجال أمام تغيرات كبيرة في السياسة الخارجية السعودية، خاصة مع وجود عدد من الأسماء المناسبة لهذا المنصب من أبناء الملك سلمان، وأبناء أشقائه.

إلا أن نفس وسائل الإعلام الغربية تشير إلى أن تحقيق هذا الاحتمال في المدى القريب يبدو صعبا مع مساعي محمد بن سلمان لترسيخ مكانته في الإدارة السعودية

المصدر:الاناظول.

السبت, 20 شباط/فبراير 2021 20:24

هل الإنسان مجبر على المعاصي؟

الشيخ محمدرضا الأسدي

الجبر في اللغة هو الإكراه والإرغام والقهر. في علم الكلام: هو إجبار الله تعالى عباده على الفعل خيراً كان أو شراً حسناً كان أو قبيحاً دون أن يكون للعبد إرادة واختيار وقدرة على الرفض والامتناع. وبهذا المعنى اعتقدت الأشاعرة، وهم أتباع أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري وكان معتزلياً ترك الاعتزال على أثر مناظرة حدثت بينه وبين أستاذه محمد بن عبدالوهاب الجبائي في موضوع (الصلاح والأصلح) فتخاصما فإنحاز الأشعري إلى جماعة الصفاتية في الجبر وأيد مقالاتهم بمناهج من علم الكلام في الجبر وجواز رؤية الله وأصبح مذهبه من المذاهب المنتشرة في البلاد الإسلامية، ومن الأشاعرة جماعة عرفوا بأهل التنزيه لم يجوزوا رؤية الله تعالى واعتبروا الأفعال مكتسبة من العباد كما اعتقد بذلك الجهمية، وهم أتباع جهم بن صفوان الذي ظهر في ترمذ بمذهبه فقتله سالم بن أحوز المازني ويعتبر مذهبه في الجبر من المذاهب الخالصة المتطرفة في القول بالجبر كذلك المرجئة وهم فرق متعددة يقولون لا تضر مع الإيمان معصية كما لا تنفع مع الكفر حسنة.

وبعبارة أخرى قالت الأشاعرة والجهمية والمرجئة بأنّ الله تعالى هو الخالق لكلِّ شيء ومنه الخير والشر والهدى والضلال والكفر والإيمان وكلّ أفعال العبد مستندة إليه تعالى وليس للعبد قدرة وإرادة واختيار في فعل الشيء وتركه لأنّه مجبر ومكره على كلِّ ما يفعله من خير وشر فالقدرة والمقدور واقعان بقدرة الله وليس لقدرة العبد أثر في أفعاله، وإستدلوا على ذلك بأدلة أهمها:

1-  إنّ الله تعالى لو أراد من الكافر الإيمان وأراد الكافر الكفر حصلت إرادة الكافر كان الله مغلوباً وكانت إرادة الكافر الكفر أقوى من إرادة الله تعالى له الإيمان، ولما كان الله لا يغلب على أمره كانت إرادة الكفر للكافر من الله.

2-  إنّ كلَّ ما علم الله تعالى وقوعه فهو واقع لامحالة، وما علم امتناع وقوعه فهو يمتنع حتماً فإذا علم الله وقوع الكفر من الكافر استحالت على الكافر إرادة الإيمان.

3-  قالوا إنّ في القرآن من الآيات ما يثبت إنّ الله تعالى هو خالق العباد وخالق أفعالهم وأنّ الحسنات والسيئات آتية من الله تعالى وكلها من عنده، ومن تلك الآيات قوله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) (الصافات/ 96)، (وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ) (النساء/ 78)، وهكذا تمسكوا بقوله تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ فَيُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ) (إبراهيم/ 4)، وقوله تعالى: (وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَكِنْ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَلَتُسْأَلُنَّ عَمَّا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (النحل/ 93)، وغيرها من الآيات التي وردت فيها كلمة الهدى والضلال.

ولكن الشيعة الاثنا عشرية قالوا بالاختيار وهو أنّ الله تعالى كلف عباده بما يريد ونهاهم عما لا يريد بعد أن أقام الحجة وأوضح لهم الدليل وهداهم إلى ما يريده منهم وما ناهم عنه، بعد أن منحهم القوة على فعل الشيء وتركه وإستدلوا على رأيهم هذا بقوله تعالى: (إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا) (الإنسان/ 3)، (وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ) (البلد/ 10)، (قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ) (البقرة/ 256)، (وَقُلِ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ) (الكهف/ 29)، وقالوا لو كان الله تعالى يجبر بعض عباده على فعل الشر والكفر والقبيح ويجبر البعض الآخر على الهدى والإيمان والخير لبطل الثواب والعقاب والوعد والوعيد ولتساوى المؤمن والكافر بالطاعة لأنّ كلَّ واحد منهما ينفذ إرادة الله تعالى ولا يخالف أمره وثبت أنّ الله تعالى يريد الشيء ويكرهه، يأمر بفعل وينهى عنه ويرغم الكافر على الكفر ويعاقبه عليه ويجبر المؤمن على الإيمان ليثبته عليه واستدلوا على بطلان الجبر وزعم المجبرة بأدلة منها:

1-   لو كان الله تعالى يجبر بعض العباد على الإيمان والبر والهدى ويجبر الآخرين على الكفر والشر والضلال وكان البعض منهم مكرهاً على الطاعة والآخر مرغماً على العصيان لبطل التكليف وألغيت كلّ التعاليم والأوامر الصادرة منه تعالى إلى المكلفين لأنّ من شروط التكليف أن يقع الفعل من الفاعل بمحض إرادته واختياره أما إذا كان المكلف مرغماً والمأمور مجبراً على تنفيذ الأمر وكان المكلف (بكسر اللام) قد خلق العل بالفاعل وأوجده فيه دون أن يكون له اختيار وإرادة في خلق الفعل ولا قوة له ولا قدرة على مخالفته والامتناع من حدوثه لم يسم الفعل تكليفاً لأنّ المكلف به محقق الوجود وما كلف به العبد تحصيل حاصل ولا معنى بتكليف العبد بفعل حاصل بقدرة المكلف (بكسر اللام) وإرادته لأنّه حتمي الوقوع إن شاء العبد ذلك أو لم يشأ، أراده العبد أم لم يرده لأنّه مسلوب الإرادة والاختيار.

2-   إذا كان المؤمن مجبراً على الإيمان والكافر مجبراً على الكفر بإرادة الله وقدرته ومشيئته كان الكافر والمؤمن متساويين في الطاعة لأنّ الكافر لم يختر الكفر بإرادته والمؤمن لم يرد الإيمان باختياره ووجب على الله تعالى أن يعامل المؤمن والكافر معاملة واحدة فيعاقبهما معاً أو يثيبهما معاً لأنهما لم يختارا الكفر والإيمان لنفسيهما وإنما تم الاختبار بإرادة الله ومشيئته لهما وعلى هذا الزعم يبطل الحساب والعقاب والجنة والنار والوعد والوعيد ويكون الظالم الشرير والخير العادل والمؤمن والكافر في حكم واحد ووجب أن يشطب من تعاليم الله تعالى كلمة الطاعة والمعصية والكفر والإيمان.

3-   لو كان الكافر مجبراً والظالم مكرهاً على فعل الظلم لكان للكافر والظالم حجة على الله إذا أدخلهما النار وعاقبهما على فعلهما لأنّه هو الخالق فيهما الكفر والظلم وهذا يخالف ما جاء في القرآن الكريم: (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فَلَوْ شَاءَ لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ) (الأنعام/ 149).

4-   إذا كان الله تعالى هو خالق الشر والكفر والضلال في الإنسان ولا إرادة للإنسان ولا قدرة على مخالفته وإذا كان الله يجبر بعض العباد على الإيمان والبعض الآخر على الكفر كانت الشرائع والأديان والكتب المنزلة من عنده على أنبيائه ورسله (عبثاً) وكانت دعوة الأنبياء الناس إلى الإيمان بالله وفعل الخير والتجنب من الشر والفساد باطلة ولا أثر للشرائع والأديان في توجيه الإنسان ولا يترتب عليها شيء من أفعال الإنسان ولا تلتزم الناس أحكامها لأنهم جميعهم مسيرون بإرادة الله الذي خلق فيهم أفعالهم من خير وشر وكفر وإيمان ولا قدرة لهم على مخالفة ما أراده الله لهم وكانت دعوات الأنبياء للناس: آمنوا بالله، اقيموا العدل، اجتنبوا الفحشاء لا أثر لها في نفوس العباد لأنّ الذي خلق الله فيه الكفر لا يقدر على الإيمان ومن خلق فيه الإيمان لا يقدر على الكفر كما يقول الأشاعرة والمجبرة والجهمية وغيرهم.

5-   لو صح ما ذهب إليه الأشاعرة وأمثالهم من المجبرة من أنّ الإنسان لا إرادة له ولا اختيار فيما يفعل من خير وشر وإنّ القدرة والمقدور واقعان بقدرة الله تعالى وليس للعبد قدرة وإرادة واختيار لكانت القوانين الشرعية والوضعية الخاصة بالعقاب والتأديب غير ملزمة للإنسان وإنما مهما وصفت بالعدل كانت ظالمة للإنسان الذي يرتكب الشر ويقترب الجرائم بفعل غيره فهو إذ يقتل يقتل لا بإرادته وهو إذ يسرق لا يسرق باختياره وإنما يفعل ذلك مجبوراً أو مكرهاً ومرغماً على فعل القتل والسرقة ولا سبيل له غير تنفيذ إرادة من قهره وأجبره فأخذ القاتل بالقتل وقطع يد السارق ومعاقبة أي مجرم في ذلك ظلم لا يتفق والعدل وترك القاتل يقتل والمفسد يفسد في الأرض لا يتفق والمحافظة على الكيان البشري ولا يقول به أي إنسان لأنّ في العقاب سلامة المجتمع وأمنه وفي القصاص من القاتل حياة الإنسان وبقائه كما في قوله تعالى: (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الألْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) (البقرة/ 179).

6-   على زعم المجبرة وأتباعهم: لا يوجد في الدنيا من هو أظلم من الله، تعالى الله عمّا يقول الجاهلون وأي ظلم أفضع من ظلم الله تعالى للإنسان والعياذ بالله لأنّه على زعم المجبرة يجبر الإنسان على فعل الشر ويكرهه عليه ثمّ يعاقبه في الدنيا بحكم ما شرعه من الأحكام الموجبة للعقاب وفي الآخرة يأخذه ويدخله النار ويخلده في عذاب أليم جزاءاً لما ارتكبه من فعل الشر المرغم عليه إن فعلت من عقاب الدنيا.

7-   أما ما استدل به المجبرة: من أنّ الله تعالى لو أراد من الكافر الإيمان وأراد الكافر الكفر دون إرادة الله كان الله مغلوباً على إرادته، فإنّ هذا الدليل يثبت الاختيار وينفي الجبر وذلك إنّ إرادة الله تعالى من الكافر الإيمان إرادة تكليفية متروكة إلى اختيار الكافر فلو كانت إرادة الله الإيمان من الكافر تكوينية لتحققت حتماً إرادة الله تعالى دون إرادة الكافر إلّا أن يكون المجبرة قد جعلت إرادة الكافر أقوى من إرادة الله وقدرة الكافر على تحقيق إرادته أعظم من قدرة الله، تعالى الله عمّا يقول الجاهلون وهذا ما لا يقول به أحد من المسلمين.

8-   أما ما ذهب إليه المجبرة من أنّ الله تعالى كلما علم بوقوع شيء وقع لامحالة وإذا علم امتناع الشيء امتنع لامحالة هو الآخر دليل لا يجوز على العقلاء وذلك إنّ العلم بالموجودات من الوقوع واللاوقوع ولا علاقة للعلم في إحداث الشيء فالعلم شيء والحدوث شيء آخر، العلم هو معرفة ما يحدث للأشياء والإحاطة بموضوع الشيء وإدراك حقيقته فإذا كان العلم بحقيقة الشيء وما يصدر منه تاماً صدق الإخبار عنه وإن كان ناقصاً كان الإخبار عنه غير صحيح فلو كان العلم عاملاً من عوامل إيجاد الشيء وحدوثه كان المخبر عن الأنواء الجوية وتقلبات الهواء وحدوث الأمطار هو الفاعل المحدث لها وهكذا كلّ من علم بخسوف القمر وكسوف الشمس كان المحدث لذلك إذا صدق علمه.

إنّ علم الله تعالى بما كان وما يكون وما سطره في اللوح المحفوظ وأخبر به ملائكته ورسله لم يكن مؤثراً في أفعال عباده وليس هناك من يشك في أنّ مفهوم العلم هو غير مفهوم الخلق والإيجاد ولا يمكن أن يطلق العلم على الحدث والفعل حقيقة أو مجازاً صراحة أو كناية في مفهوم لغات العالم كلها ولا جدال في أنّ الله تعالى عالم بكلِّ شيء.

9-   إنّ ما استدل به المجبرة ومن تبعهم في القول (بالجبر) من الآيات الكريمة المذكورة في الدليل الثالث من أدلتهم لا تدل على الجبر إذا فهم الناس معناها وفسرت على الوجه الصحيح المطابق للحقيقة والواقع. والتفسير الصحيح لما وقع فيه المجبرة من الشبهة في الجبر وقالوا بأنّ الله تعالى هو فاعل الخير والشر، هو في البيان التالي:

قوله تعالى: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) (الصافات/ 96)، ورد في سياق الآيات المدرجة في سورة الصافات من آية (82) إلى (96) في احتجاج النبيّ إبراهيم (ع) على قومه الذي كانوا ينحتون الأصنام ويعبدونها من دون الله تعالى وهي: (وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لإبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ * إِذْ قَالَ لأبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ * أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ * فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ * فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ * فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ * فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلا تَأْكُلُونَ * مَا لَكُمْ لا تَنْطِقُونَ * فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ * فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ * قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ * وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ * قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ) (الصافات/ 83-97).

إنّ كلَّ مدرك يعي من سياق هذه الآيات إنّ إبراهيم (ع) بعد أن اختبر عبادة قومه راح يسخر من آلهتهم التي نحتوها بأيديهم ويقول لهم ألا تأكلون؟ ما لكم لا تنطقون؟ ثمّ عمد إليها وكسرها بيده اليمنى وحطمها في غياب قومه ولما أقبلوا إليه ووجدوه قد هشم أصنامهم قال لهم إبراهيم على وجه الاستنكار أتعبدون ما تنحتون بأيديكم؟ والله خلقكم وخلق المادة التي نحتم منها أصنامكم فأنتم وما تعبدون من هذه الأحجار التي صيرتموها أصناماً هي من خلق الله تعالى، مستنكراً على قومه إتخاذ المخلوقات خالقاً ومعبوداً، وليس في الآية ما يدل على إنّ الله تعالى هو الذي خلق الأحجار آلهة وأجبر قوم إبراهيم على عبادتها! بدليل قوله تعالى: (أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ) (الصافات/ 95)، أي إنكم تعبدون ما نحتتها أيديكم وصيرتموها آلهة من دون الله.

يضاف على ما تقدم إن إبراهيم (ع) كان في مقام محاججة قومه وإنّه كان يستنكر عليهم عبادة الأصنام من دون الله فإذا كان الله هو العامل لها وهو المجبر لهم على نحتها لما كانت له عليهم حجة فيما أجبر الله تعالى عباده عليه وما خلقه في نفوسهم وأراده لهم وحكلهم على نحته وعبادته.

 

المصادر:

1-  القرآن الكريم

2-  تفسير مجمع البيان/ للطبرسي

3-  عقيدتنا/ للأنصاري

4-  الملل والنحل/ للشهرستاني

5-  الفصل/ لابن حزم الظاهري

المصدر: مجلة النور/ العدد 31 لسنة 1993م

 

المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية يقول إن بلاده ستواصل استخدام سلطاتها "لإقناع الدول الأخرى بالعدول عن بيع أسلحةٍ لإيران".

  • مبنى وزارة الخارجية الأميركية (صورة أرشيفية).

أكّدت وزارة الخارجية الأميركية أن واشنطن لم تضع شروطاً مسبقة لاجتماع "السداسية الدوليّة" وإيران.

المتحدث باسم الخارجية الأميركية، نيد برايس، قال إن بلاده "ستواصل استخدام سلطاتها لإقناع الدول الأخرى بالعدول عن بيع أسلحةٍ لإيران".

أمّا المتحدّثة باسم البيت الأبيض قالت في وقتٍ سابقٍ إن واشنطن "لا تخطط لرفع العقوبات المفروضة على إيران قبل الانضمام إلى محادثات الـ 5+1".

في المقابل،  قال المتحدث باسم الحكومة الإيرانية  علي ربيعي اليوم السبت، إن التعقيدات الدبلوماسية تعد تمهيداً طبيعياً في عودة جميع الأطراف إلى تعهداتها، وتوقع أن يتم رفع الحظر عن البلاد في غضون المستقبل القريب.

هذا ويجري العمل على "تنظيم اجتماع غير رسمي مع جميع أطراف الاتفاق النووي"،  وفق  ما نقلته وكالة "رويترز" عن مسؤول بالاتحاد الأوروبي

كلام المسؤول الأوروبي جاء بعد تأكيد وزراء خارجية فرنسا وبريطانيا وألمانيا والولايات المتحدة الخميس، أن الهدف هو "إعادة إيران إلى الالتزام الكامل باتفاق فيينا".

ودعا وزراء الخارجية في بيان إيران إلى عدم اتخاذ أيّ إجراء إضافي في مسار خفض التزامها بالاتفاق النووي، ولا سيما "فيما يتعلق بتعليق البروتوكول الإضافي، وتقييد أنشطة التحقق التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران".

وسحبت الولايات المتحدة إعلان الرئيس السابق دونالد ترامب إعادة فرض كل عقوبات الأمم المتحدة على إيران، فيما أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية نيد برايس، أن "واشنطن ستقبل دعوة أوروبية للمشاركة في اجتماع الدول 5+1 وإيران لبحث برنامجها النووي

 إلى العدول عن الخطوات المتعلقة بوكالة الطاقة الذرية، وقالت إن مسار "الدبلوماسية لا يزال مطروحاً مع إيران".

السبت, 20 شباط/فبراير 2021 20:19

نظرية العلاقة الزوجية في القرآن

الشيخ محمّد مهدي الآصفي

(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ...) (النساء/ 34).

من أهم ما يواجهنا في هذا من البحث مسألة (القوامة).. وقد جعل القرآن الكريم الرجل قيماً على الأسرة عامة، يتولى شؤونها ويرعاها:

(الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ)

وقد أثير حول هذه المسألة كثير من الجدل والتشكيك.

والمسألة كما اعتقد أبسط مما يتصور وليست بهذه المثابة من التعقيد الذي يتعرض لها الباحثون ويتلقاها الناس.

فالأسرة كأي وحدة اجتماعية أخرى مؤسسة اجتماعية لابدّ لها ممن يقوم بشؤونها ويتولى مهام الرئاسة فيها، فما لم تتوفر في محيط الأسرة الإدارة الحازمة لا تنتظم شؤون الأسرة والقوامة لا تتم بدون عنصر الحزم والقوة.

وتكوين المرأة النفسي والفسلجي لا يهيئها لمثل هذه المهمة داخل إطار الأسرة.

والقوامة لا تعني إدارة البيت. فالإدارة شركة بين الرجل والمرأة في محيط الأسرة وربما بين الزوجين والأبناء.. يتحمل كلّ فرد منهم جزءاً من أعبائها والأمر شورى بينهم، وتتدخل الرغبات المعقولة لكلِّ أولئك في تدبير البيت، ولكن شيئاً من ذلك لا يغني عن كلمة الفصل في الإدارة عند الاختلاف داخل البيت.. والكلمة هذه للرجل وحده بعد التشاور والمفاهمة والمطاوعة.

وتكوين الرجل وطبيعة حياته تؤهله لهذه المكانة، فلابدّ أن يتوفر لهذه الكلمة في البيت عند الاختلاف شيء كثير من التدبير يضمن سلامة الأسرة، وشيء كثير من القوة يضمن تنفيذ الكلمة، ولا تملك المرأة ما يملك الرجل في مثل هذه الموقف من حزم وتدبير، والخلاصة انّ الإسلام لكي يكون أمر البيت شورى بين الزوجين، بل يدعو الرجل إلى أن يعطي للمرأة حقوقها في إدارة البيت، وأن يحترم شعورها مطالبها وآراءها.

وفي هذا الجزء من نظام الأسرة يجعل الإسلام إدارة البيت شركة بين الرجل والمرأة.

أما حينما ينشب الخلاف داخل الأسرة فلمن تعود الكلمة الأخيرة؟ هل تعود للمرأة أو الرجل، أو لكليهما معاً؟

ولا يخرج الأمر من فروض ثلاثة:

فأما أن تعود القوامة إلى المرأة وحدها، أو إلى الرجل والمرأة معاً، أو إلى الرجل وحده؟

ولا أعتقد انّ هناك من يؤمن بسلامة الفرض الأوّل فلا تصلح المرأة أن تستقل بشؤون القوامة داخل البيت وما تستلزم من قوة وحزم وتدبير.

وفي الفرض الثاني ينقلب البيت إلى جحيم لا يطاق من الخلافات المحمومة التي لا تنتهي إلى حد بين الرجل والمرأة.

والفرض الثالث هو الفرض المعقول الذي يصح أن يبنى عليه أساس الحياة العائلية الذي يعتمده القرآن أساساً للحياة الزوجية.

 

2- اشتغال المرأة:

متى أثيرت هذه المسألة:

أثيرت هذه المسألة في أوربا حينما ترك الرجل الأوربي بداية عصر النهضة الصناعية البيت، وهجر الحقل إلى مراكز الصناعة المزدحمة بالعمال، وألقى بنفسه من محيط الريف الهادئ إلى هذا المحيط الجديد الصاخب والمزدحم، وترك من ورائه بيته وزوجه، وانصهر الرجل الأوربي في هذه الحياة الجديدة الصاخبة، ونسي علاقاته في القرية بالأرض وبالبيت وبالزوجة وبكلِّ شيء وأخذ يتقلب في وجوه الحياة الجديدة في المدينة.

لم يكن هذا التطور الجديد من الحياة في أوربا انتقالاً من دور إلى دور، وتحوّلاً من إطار إلى إطار حضاري آخر فحسب وإنما كان انقلاباً اجتماعياً عامّاً شمل مختلف وجوه الحياة الجديدة في المدينة.

لم يكن هذا التطور الجديد من الحياة في أوربا انتقالاً من دور إلى دور وتحوّلاً من إطار حضاري إلى إطار حضاري آخر فحسب، وإنما كان انقلاباً اجتماعياً عاماً شمل مختلف وجوه الحياة، واكتسح الرجال من الأرياف والقرى ومن تلك الحياة الهادئة التي كانوا يمارسونها في الريف إلى زحمة هذه الحياة الجديدة.

ولا يقتصر أثر التقلبات الحضارية عادة على جزء من أجزاء الحياة الاجتماعية من دون أن يصحبها تغير كلي في وجوه الحياة المختلفة واضطراب في القيم والتعاريف الاجتماعية، وتبلبل في الذهنية، وفوضى في التفكير والسلوك.

وقد حصل في أوربا فعلاً ما يشبه هذه الفوضى والاضطراب في الحياة الاجتماعية عامة. فوجدت المرأة الأوربية نفسها وحيدة في محيط الريف ليس هناك من يعولها ويهتم بها، فقد اكتسحت الماكنة شباب الريف ولم يبق هناك غير الشيوخ والكبار من الرجال الذين منعهم الهرم والعجز عن الالتحاق بركب الشباب فوجدت المرأة نفسها مضطرة وهي تعاني الوحدة والفقر أن تهجر القرية بدورها وتحشر نفسها في هذا المحيط الجديد الذي كان يسحر الشباب.. وأن تقتحم على الرجال أبواب المعامل وتزاحمهم على العمل وتشق لنفسها طريقاً إلى الخبز في زحمة هذه الكتل البشرية التي اكتسحت المدن من كلّ جانب، وانجرفت المرأة بقوة مع التيار، واكتسحتها الموجة، وراقها أول الأمر أن تجد نفسها حرة طليقة لا يقيدها بيت ولا يحدها زوج، ولكن سرعان ما أدركت انها لم تخلق لهذا اللون من الحياة وأن تكوينها النفسي والعضلي لا يتلائم مع هذا المحيط الجديد الذي حشرت فيه نفسها حشرا، ولكن الموجة كانت أقوى منها، فلم تعد تستطيع أن تعود إلى البيت مرة أخرى.

وبمن تعود إلى البيت؟ تلك إجمالاً صورة عن قصة المرأة في الغرب.

إنّ المرأة لم تدخل معترك الحياة في الغرب ولم تهجر البيت وما كانت تنعم به فيها من الراحة والاطمئنان باختيار منها، وانما اضطرت إلى ذلك وانجرفت إلى هذا المحيط الجديد ولا تكاد تطاوعها قدماها، ولم تمر المرأة عندنا على مثل هذا الدور ولم تعان شيئاً من المأساة الاجتماعية التي عانت منها المرأة في الغرب، ولم يهجر الرجل البيت ولم يتخل عن زوجته وأطفاله ولم تجد المرأة نفسها وحيدة في البيت قد تخلى عنها زوجها، فلا تجد المرأة عندنا المبررات التي وجدتها المرأة في الغرب للتخلي عن أداءها واجبات الأمومة والزوجية في البيت.

 

المصدر: مجلة الرياحين/ العدد 70 لسنة 1433هـ