
emamian
مظاهر الاحتكاك بين الإسلام والغرب
د. شلتاغ عبود
2012/08/08لم تكن العلاقة بين الشرق والغرب على وئام طيلة مراحل الاحتكار بينهما قديماً وحديثاً. وغالباً ما كانت هذه العلاقة علاقة تصادم وتدافع. وكان نتيجة ذلك أن قامت بينهما حروب وصراعات تصير الغلبة فيها مرة للشرق وأخرى للغرب، وبقي الشرق شرقاً والغرب غرباً، ولم تكن الغلبة أو السيادة تامة لأحدهما على الآخر، على تفاوت في ارتفاع درجات الغلبة أو الخضوع في هذه المرحلة التاريخية من الصراع أو تلك إلى يومنا هذا.
وبعد انتقال المسيحية إلى الغرب ومجيء الإسلام صار الصراع صراعاً دينياً، وإنّ غلب عليه العنصر السياسي أو الاقتصادي في بعض الأحيان. لقد بدأ الإسلام يتسع شرقاً وغرباً بسرعة مذهلة، وصار يهدد الروم في عقر ديارهم. وبعد أن فتح المسلمون الأندلس وصقلية، وصارت لهم أساطيل بحرية قوية تهدد الروم في حدودهم الجنوبية، أعدت أوربا المسيحية عدتها ووضعت الخطط الدفاعية على المدى القريب والهجومية على المدى البعيد، فكانت الحروب الصليبية، وكانت المرحلة الثانية من الصراع الدامي بين الإسلام والغرب.
ـ الحروب الصليبية:
للفكرة الصليبية مفهومان: الأول واسع وشامل، والثاني محدد بالحروب التي شنتها الكنيسة على العالم الإسلامي عام 489هـ ، 1095م، وانتهت بعد قرنين من الزمن 690هـ ، 1291م. والحروب الصليبية بمعناها الواسع هي التي أعلنتها المسيحية ضد مخالفيها من جميع الأديان والمذاهب باسم الصليب، وشملت المخالفين والمنشقين من المسيحيين أنفسهم. وهي ترجع في بداياتها إلى زمن الإمبراطور البيزنطي هرقل ما بين سنة 610 و 641م، حيث أعلنها حرباً صليبية ضد أعداء الدولة والكنيسة. وهذه الحرب ما هي إلا حلقة واحدة من حلقات الصراع بين الإسلام والغرب المسيحي ابتداءً من معركة مؤتة والمعارك التي خاضها المسلمون في عصورهم الأولى حتى اليوم.
وترجع البدايات الأولى لهذه الحرب بمعناها المحدد إلى زمن البابا سليفستر الثاني الذي فكر في إشهار الحرب الصليبية عام 999م، ولكنه لم يجد إصغاءً من لدن الرهبان والملوك، وقد ترجمت هذه الفكرة إلى حيز الواقع زمن البابا أوربان الثاني عام 1095م، حين توفرت لها الظروف المناسبة والأشخاص المناسبون من أمثال بطرس الناسك الذي عاد من زيارة له إلى بيت المقدس وأوحى إلى البابا خرافة زيارة السيد المسيح له في المنام، وإعلامه بأنّ الوقت قد حان لإعلان الحرب المقدسة ضد الإسلام والمسلمين في الشرق.
ولم يعوز الباب وأصفياءه من رجال الكنيسة ورجال الإقطاع والملوك أن يبحثوا عن شتى الأسباب والمبررات لإعلان هذه الحرب. فقد أشاعوا بأنّ المسلمين يؤذون الحجاج المسيحيين الذاهبين إلى بيت المقدس من أوربا كما صوروا المسلمين بصور بشعة، واختلقوا القصص الغريبة عن أوضاع المسلمين وعن عدائهم للمسيحية والسيد المسيح بشكل خاص، مما ألهب مشاعر الخاصة والعامة، ودفعهم إلى الرحلة المقدسة من أجل إنقاذ قبر السيد المسيح من قبضة (الأنجاس) المسلمين.
لقد أحيطت بدايات هذه الحرب بهالة من القداسة صاحبها حماس شديد ورغبة غامرة في الانتقام من الإسلام والمسلمين، فقد ألقى البابا موعظته الأولى في مجمع كلرمونت 1095م. بعد أن وزعت الصلبان على الحاضرين. وحث فيها النصارى على القتال، ووعدهم بأن يكون قتالهم بمثابة غفران كامل لذنوبهم، بالإضافة إلى إغراءات أخرى تتعلق بحفظ بيوتهم وممتلكاتهم أثناء رحلتهم.
اجتمعت أوربا على هدف واحد في هذه الحرب التي اشترك فيها النرمنديون والصقالبة والسكسون من إنكلترا وإمارات أسبانيا ودويلات إيطاليا والدولة البيزنطية بقيادة الملوك والرهبان، وبرعاية وتوجيه من الكنيسة التي كانت وراء كل المواقف المضادة للإسلام قبل الحروب الصليبية وبعدها.
وعلى الرغم من هذا الوجه الكنسي الديني للحرب، ولكن الباحثين يضيفون إليه الدافع الاقتصادي الذي كان وراءه البرجوازية الأوربية الناشئة، بل إنّ الصراع في وجوهه كلها صراع حضاري بين حضارتين وأسلوبين مختلفين في النظر إلى الكون والحياة، ولكنه من الصحيح أن يقال بأنّ واقع المسلمين المتردي آنذاك هو الذي شجع المسيحيين على التحرك والمبادرة. ففي الأندلس أخذت الحواضر الإسلامية تتساقط بيد الإمارات الأسبانية المجاورة، وفي المشرق والمغرب لم يكن العالم الإسلامي على وفاق ووحدة، بل كان الفاطميون يستقلون بالمغرب والعباسيون بالمشرق فضلاً عن الدويلات المستقلة الكثيرة في الهند وإيران وفي الأقطار العربية ذاتها. ولولا هذه التجزئة وهذا التشتت والضعف ما كان للمسيحين أن يتحركوا في البر أو البحر، لأنّهم خبروا من قبل المسلمين وقوة شوكتهم في القتال يدفعهم في هذا روحية عالية في حب الاستشهاد ورغبة عميقة في نشر دعوة الحق في الأرض.
وعلى الرغم من الحشود الأوربية الهائلة التي بلغت حوالي ثلاثمائة ألف رجل، وعلى الرغم من أنّ عدد الحملات الصليبية بلغ السبع على فترات متقاربة شملت أرض الشام ومصر، ومع كل ما اقترفه الصليبيون من جرائم وقتل وتدمير فإنّهم لم يستطيعوا الإحساس بالأمن والاستقرار في ديار الإسلام طيلة القرنين اللذين مكثوا فيها، فسرعان ما قيض الله لدينه وعباده مَن ينافح عنهما بروح جهادية مع قلة العدد إزاء الوجود الصليبي الذي شمل أمم أوربا كلها. وكانت هذه الشخصية هي شخصية صلاح الدين الأيوبي (الكردي الأصل)، وكانت خيبة النصرانية كبيرة، وكانت هزيمتهم منكرة، وانتهت هذه المرحلة من الصراع بين الإسلام والغرب، في انتظار مرحلة قادمة بتصور جديد وأسلحة جديدة (وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ) (آل عمران/140).
وقبل الحديث عن هذه المرحلة لابد من وقفة عند آثار الاحتكاك الغربي، وما أفاده الأوربيون من علاقاتهم بالإسلام سواء عن طريق الحرب أو التجارة أو الصناعة أو الثقافة والفكر.
ـ أثر الحضارة الإسلامية على حركة الحياة الأوربية:
لم تكن الحروب الصليبية ـ كما نعلم ـ أول احتكاك بين الإسلام والغرب، بل كان هناك هذا الاحتكاك منذ السنين الأولى من تاريخ الإسلام، عن طريق الفتوحات الإسلامية عبر الشام وعبر الشمال الأفريقي، ثم الأندلس وجزر البحر الأبيض المتوسط.
وما من شك في أنّ الحضارة الإسلامية في العصرين الأموي والعباسي على وجه الخصوص، قد أفادت من الحضارة اليونانية عبر جهود الترجمة التي قام بها العلماء العرب والمسلمون لكثير من المعارف التي كانت سائدة آنذاك عدا المعارف التي تتعلق بالعقائد الوثنية اليونانية، ثم كان الهضم والتمثل والإضافة والإبداع ذو الخصوصية الإسلامية الذي شارك فيه العلماء المسلمون من الأجناس المختلفة المكونة للحضارة الإسلامية.
وكان على أوربا أن تتلقى العلوم والمعارف على أيدي علماء الإسلام بعد أن كانت تغط في سباتها العميق في مرحلة ما سموه بالعصور الوسطى وكان ذلك عن طريق التماس والتفاعل العميق في كل من الأندلس وصقلية، وعبر الحروب الصليبية.
لقد أسس المسلمون في الأندلس حضارة عريقة شملت مظاهر الحياة كافة من علوم وصناعات وفنون ومظاهر سلوك، بحيث أصبحت الأندلس من الحواضر الإسلامية المرموقة، وكانت قبلة للزوار من طلبة العلم والعلماء على السواء، سواء من المشرق الإسلامي، أو الغرب الأوربي. وكان الاتصال بين المسلمين والأوربيين سهلان وكان اللقاء والتلاقح قائمين حيث كان الإقبال شديداً على تعلم اللغة العربية وتعلم أنماط العلم والثقافة، وتقليد المسلمين في مظاهر حياتهم الحضارية. وكانت الترجمة من العربية إلى الاتينية واحداً من مظاهر هذا التفاعل، وكان اقتناء الكتب، وإنشاء الجامعات على غرار الجامعات العربية مظهراً آخر من مظاهر هذا التقليد والاقتباس.
هذا في مراحل السلم، أما في المرحلة التي استطاعت الإمارات الأوربية المجاورة للأندلس أن تتهيأ للهجوم على الحواضر الإسلامية الأندلسية، فكانت تستولي على مكتباتها وتجتهد في ترجمتها خاصة تلك التي تتوفر على علوم الهندسة والطب والفلك وغيرها، حدث هذا حين استولى الفونس السادس سنة 1085م على قرطبة، ثم تبعتها طليطلة وساليرنو وغيرها.
أما صقلية التي فتحها الأغالبة القادمون من تونس عام 827م، وتمكنوا ـ بعد ذلك ـ من تهديد روما مرتين، مما اضطر البابا حنا الثامن أن يدفع الجزية لمدة سنتين. في هذه الجزيرة أقيمت حضارة راقية تضاهي الحضارة التي قامت في الأندلس. وكان انتقال الحضارة الإسلامية منها إلى أوربا سريعاً ومؤثراً، وقد وصفت صقلية بأنّها جنة أهل العلم آنذاك، وقد بدت آثار الحضارة الإسلامية فيها. ويمكن أخذ (فردريك الثاني) حاكمها الذي أغرم بالعلوم الإسلامية والثقافة الإسلامية مثالاً لهذا.
أما اللقاء الإسلامي الأوربي عبر الحروب الصليبية، فقد كان عظيم الأثر في حركة الحياة العلمية والفكرية في أوربا. فقد عاد الأوربيون بعد هزيمتهم في المشرق الإسلامي، وهم أكثر معرفة وخبرة بطبيعة الحياة في العالم الإسلامي، فلم يعودوا يؤمنون بما كان يروجه القساوسة والرهبان عن هذه الحياة وعن طبيعة التفكير لدى المسلمين، بل عادوا وهم يحملون معلومات ناضجة، وتجارب غنية عن الإنسان المسلم وإنجازاته العلمية، وعن الأرض وطبيعتها، بل وعن مواطن القوة والضعف في الديار الإسلامية عامة.
ويمكن القول بأنّ (الحروب الصليبية انتهت بانتصار المسلمين عسكرياً، إلا أنّ المسيحيين استطاعوا أن ينتصروا علمياً من خلال الذخائر العلمية التي حصلوا عليها في فترة حربهم مع المسلمين) ..
لقد حدث في أوربا بعد الحروب الصليبية ثورات كبرى في مجال العلم، بل والدين. ففي مجال العلم كان ظهور المنهج العلمي التجريبي الذي نما وازدهر على أيدي المسلمين، بعد أن استنقذوه من أيدي تلاميذ أرسطو الذين رسخوا المنهج الاستنباطي لسنين طويلة، فكان ظهور روجرز بيكون، 1214 ـ 1294م الذي كان على صلة تامة بالعلوم العربية ومنهجها، ثم تلاه فرنسيس بيكون وغاليلو وغيرهم، حيث كانت جهودهم امتداداً لجهود الرازي وجابر بن حيان وابن الهيثم وابن النفيس وغيرهم من العلماء المسلمين. وعلى المستوى الديني كان ظهور توما الإكويني 1255 ـ 1274م، الذي أصلح كثيراً من مظاهر التفكير اللاهوتي المسيحي بما تعلمه من مناهج المسلمين وطرق تفكيرهم في العلوم والعقائد، ثم تلاه مارثن لوثر الألماني بثورته الدينية العارمة التي اقتبست الكثير من طريقة المسلمين في علاقتهم بربهم وعلمائهم الروحانيين خاصة.
إنّ الأمر الذي يكاد يجمع عليه الباحثون عدا بعض المستشرقين والمفكرين الأوربيين المتعصبين هو أنّ أوربا أفادت من علاقاتها بالإسلام وأهله في مواطن اللقاء كلها، وإنّ النهضة الأوربية لم تحدث في القرن السادس عشر كما هو شائع، بل بدأت قبل هذا منذ القرن العاشر بفعل الشروع بحركة الترجمة والنقل عن العربية عبر الأندلس وصقلية، كما أشرنا. ولقد كان التأثير الإسلامي شاملاً في العلم والفنون والآداب والعادات، ويحضرني هنا قول للروائي الفرنسي (استاندال) في كتابه (في الحب): (لقد كنا برابرة ... لقد اقتبسنا أنبل عاداتنا عن طريق الحروب الصليبية والغرب في أسبانيا).
على أنّه من الضروري التأكيد على أنّ الأوربيين أخذوا من المسلمين الوسائل، ولم يأخذوا الغايات والأهداف، وكان لهم طريق ومنهج آخر في التعامل مع العلوم الإسلامية، بل إنّهم حين دالت دولة الإسلام، وقويت شوكتهم أعادوا الحروب الصليبية ثانية، ولكن بأساليب جديدة وأحقاد جديدة، وعاد الصراع كما هو، وعاد الشرق شرقاً، والغرب غرباً، كما هما منذ قديم الزمان، ولكن الهجمة الأوربية في هذه المرحلة كانت قاسية وتدميرية.
ـ العصر الاستعماري:
لعل أفضل تسمية لهذا العصر الذي يطلق عليه عصر النهضة أو العصر الحديث أن يسمى بعصر الاستعمار، لأنّ أبرز ظاهرة فيه هي ظاهرة الاستحواذ على خيرات الشعوب واستعبادها. وهذا بعد أن أصبحت أوربا قوة، وذلك لأسباب عديدة.
ويهمنا أن نشير هنا إلى الخطط التي وضعتها أوربا المسيحية لمواجهة الإسلام بعد فشلها في الحروب الصليبية. لقد أدرك المهزومون عسكرياً أن لا جدوى من قتال المسلمين ومواجهتهم مواجهة مباشرة في سوح القتال، وأنّه لابد من سبل أخرى لاختراقهم وإضعافهم والانتصار عليهم. وهذا هو فحوى وصية (لويس التاسع) قائد الحلمة الصليبية السابعة (وهي الأخيرة) إثر عودته إلى فرنسا بعد وقوعه أسيراً في درنية المنصورة بمصر. وكان لابد من تغيير المنهج والأداء في التعامل مع الإسلام ومعتنقيه، بعد هذا التعرف على مواطن قوته التي تكمن في عقيدته وشريعته.
وهكذا كان، فقد اتجهت أوربا اتجاهين متوازيين يعضد أحدهما الآخر:
الأول: تقوية أوربا عسكرياً واقتصادياً وعلمياً.
والثاني: اختراق العالم الإسلامي وتطويقه ودراسته دراسة قائمة على العلم والمكر والدهاء.
أما كيف قويت أوربا واغتنت فتلك قضية تحتاج إلى بسط في القول وتفصيل، نجمله بالقول بأنّ أوربا بعد التحدي الإسلامي الذي واجهها واستعصى عليها وخضد شوكتها، خاصة بعد التقدم الإسلامي من جهة الشرق على يد الأتراك، وبقيادة محمد الفاتح، الذي تم على يديه فتح القسطنطينية عام 1453م، أعتى وأمنع حصن للصليبية، وكاد يواصل تقدمه إلى قلب أوربا وغربها، لولا ظروف يصعب الإشارة إليها في هذا المجال، أقول بعد هذا الهجوم الإسلامي أفاقت أوربا من هول الصدمة ورجعت إلى ذاتها واستندت بتراثها وعجلت من تكثيف جهودها على إخراج المسلمين من الأندلس، وقد تم لها هذا بعد مقدمات كثيرة بدأت بالاستيلاء على المدن الأندلسية الواحدة تلو الأخرى، وكان آخرها سقوط غرناطة عام 1492م. وقد تزامن مع هذا الجهد العسكري جهد مكثف من لدن الأسبان والبرتغاليين لاختراق طرق التجار التي كانت بيد المسلمين، وقد توجت هذه الجهود بالوصول إلى الأمريكتين على يد كريستوفر كولومبس عام 1492م، وهو نفس العام الذي استولى فيه الأسبان والبرتغاليون على غرناطة آخر حصن للمسلمين في الأندلس. وتشير بعض المصادر إلى أنّ هذا الاكتشاف تم بالاستعانة ببعض البحارة المسلمين وبالمعلومات الجغرافية التي توصل إليها المسلمون. فمن المعلوم أنّ الشريف الإدريسي صنف كتابه الهام (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق) تحت رعاية الملك رجار الثاني في صقلية. وكان قد أشار فيه إلى كروية الأرض وإلى معلومات فلكية وجغرافية وظفت في عصر النهضة العلمية والكشوفات الجغرافية فيما بعد.
وعلى المستوى الداخلي الأوربي فقد ساعد التحرر السياسي والديني من يود الكنيسة التي كانت متحالفة مع الملوك والإقطاع على التطور والنمو في التجارة والزراعة والصناعة ومجالات الابتكار العلمي كافة. وقد رفعت المصادرة والتأمين والضرائب الباهظة على النشاط التجاري والصناعي والزراعي، وأسست الشركات المساهمة وتم التنظيم الدقيق للعمل، وساهمت الدولة في تعضيد النشاط الفكري والعلمي فكان ما كان بعد هذا من الثورة الصناعية والانتقال من الخشب إلى الحديد ثم إلى الكهرباء ... وكان أن التحم العلم والثروة والسياسة في وحدة وتعاون، بعد أن كان كل منهما يسير في سياق مستقل.
على أنّ أهم مصدر من مصادر الغنى الأوربي في هذه المرحلة هو النهب الاستعماري في القرن الخامس عشر على يد البرتغاليين والأسبان الذين ذهبوا للبحث عن الذهب في أفريقيا الغربية ثم انتقلوا منها إلى الهند، ثم تبعهم الهولنديون الذين نهبوا خيرات الدول الواقعة جنوب شرق آسيا مثل ماليزيا والفلبين وأندونوسيا، وجاء بعدهم الفرنسيون وما كان منهم من نهب في الفيتنام، وما كان منها من استحواذ على خيرات أفريقيا الشمالية والوسطى، فكان العنب من الجزائر والمنغنيز من المغرب وموريتانيا، والنفط من الغابون .. وأخيراً ورثت بريطانيا هذه الدول الاستعمارية وكانت أكبر دولة أوربية تستأثر بثروات الأمم وتستجلبها إلى بلادها، ولعل نهبها لدولة كبيرة مثل الهند خير دليل على حجم الأموال والثروات والطاقات التي أفادتها من هذه البلاد. وكان ما كان بعد هذا من نمو الصناعة الأوربية بفضل نمو رأس المال وتكديسه في أوربا، فكان السعي الحثيث ـ بعد هذا ـ إلى السيطرة على الأسواق خارج أوربا، فكان التنافس مرة أخرى على تصريف السلع والمنتجات في بلدان العالم الفقير في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية. وكان هذا الاستئثار والنهب والتدمير ذا وجهين: وجه استجلاب المواد الأولية للصناعة من البلاد المستعمرة، ووجه تصدير هذه المواد بعد تصنيعها إلى هذه البلدان نفسها ..
لقد كانت مرحلة عتو واستكبار وشراهة أوربية على خيرات الشعوب واستعبادها. فما من دولة أو منطقة من مناطق العالم غير الأوربي إلا ولونت بلون الدولة الأوربية التي تستعمرها مثل أسبانيا، هولندا، بلجيكا، ألمانيا، فرنسا، بريطانيا، بل وروسيا القيصرية التي استطاعت أن تقضم المنطقة تلو المنطقة من الدولة العثمانية وإيران، وتدخل في التنافس على اقتسام العالم الإسلامي وتمزيقه ونهب خيراته، وتدمير حضارته، واستغلال إنسانه. استوت أوربا كلها غربها وشرقها في هذا الهدف الاستعماري التدميري وتعاونت جميعها في تبادل الخبرات وتطوير وسائل التدمير والنهب والإضعاف.
لقد تكدست الثروات في أوربا، وساهمت في تعجيل وتيرة التقدم العلمي، ومدت الآلة العسكرية بمزيد من التطور، وساهمت في الإنفاق على الأساطيل التي صارت تجوب شرق العالم وغربه، ومن ثم إنفاق الأموال الطائلة على كل ما من شأنه إضعاف المسلمين، ووضعت خططاً شاملة لهذا التدمير والاستغلال والإضعاف. وكان أن أفادوا من تجاربهم السابقة الفاشلة.
فقد تعلموا أنّ الحرب والعداء المباشر ونفي الدين الإسلامي غير مجد، فلابد من تحسين صورة المحارب الأوربي والجيوش الأوربية الغازية للعالم الإسلامي على أنّ هدف الأوربيين هو التحضير وتحرير الشعوب من الجهل، أو من (الاستعمار التركي) كما صورته الدراسات الأوربية. وقد تعلموا كذلك أنّهم كانوا إبان الحروب الصليبية قد أقبلوا على بلاد لم يدرسوها جيداً، فلابد أن توضع الدراسات الشاملة المعمقة المتشعبة لديار الإسلام في هذه المرحلة من أجل الاختراق ومن ثم الاستيلاء، ولم ينسوا في هذا المجال أن يلتفتوا إلى مسألة التعاون مع الأقليات غير الإسلامية واستغلالها في خلق بؤر وجيوب مناصرة لهم داخل الجسم الإسلامي.
تعلموا هذا كله، واستغلوه أحسن استغلال، وكان الانسجام والتنسيق التام بين الأهداف والوسائل، فكان الاستشراق. وكان ثمة فرق بين ترجمة العلوم الإسلامية إلى اللاتينية أثناء الحروب الصليبية وبعدها، وبين دراسة العالم الإسلامي والتعرف على تراثه وخصائصه وطرق تفكيره وكنوزه ومواطن قوته وضعفه في هذه المرحلة. فقد كانت الأولى من أجل إثراء الثقافة الأوربية ورفع مستواها إلى الدرجة التي أتاحت لها فعلاً تلك الخطوات الموفقة التي هدتها إلى حركة النهضة. أما المرحلة الاستعمارية فقد كان فيها هذا الانفتاح على عالم الإسلام ودراسته من أجل تعديل حضاري وسياسي في المنطقة الإسلامية نفسها بما يخدم أوربا ذاتها فكان لهذا الاستشراق أهداف متعددة، منها الدينية من أجل تشويه الإسلام والوقوف في وجه امتداده إلى أوربا، ومنها الاقتصادية لتسهيل اكتشاف ممرات البحار الإسلامية، والصحاري الشاسعة في البلاد الإسلامية، وإمداد يد العون للجيوش الاستعمارية، وكانت وسيلتهم في ذلك الرحّالة والمغامرين، فضلاً عن الأهداف السياسية الطامحة إلى وضع مخطط جديد للمنطقة بحيث تلحق كلياً بأوربا، وتصبح جزءاً من منظومتها الحضارية، بعد عمل الوسائل اللازمة لتفريغ العقل الإسلامي من موروثاته وخصائصه كلها.
وكان قبل البدء بالهجوم العسكري والانقضاض على الجسم الإسلامي لابد من رسم خارطة لهذا الجسم. وكانت البداية جيشاً من نمط آخر، جيشاً من الرهبان والقناصل والمتطوعين ممن عرفوا شيئاً من العربية في أوربا، و في طول العالم الإسلامي وعرضه، يجمع المخطوطات العربية وغير العربية في بلاد الإسلام شراءً وسرقة، شأنها شأن ما تم من سرقة الآثار الثمينة في إهرامات مصر وغيرها من آثار المدن التاريخية في مشرق العالم الإسلامي ومغربه من طنجا إلى جاكرا، ثم يتبرعون بهذه الكنوز إلى الملوك أو الكنائس أو المؤسسات التي وظفتهم لهذا العمل الذي سيخدم الاستعمار العسكري ويمهد له.
ثم عضد هذا جيش آخر من المبشرين الذين توزعوا ما بين أفريقيا وآسيا بحماس منقطع النظير، إذ عاشوا في بيئات صحراوية أو استوائية صعبة، يحملهم على هذه التضحيات الأهداف الدينية المسيحية التي نذروا أنفسهم من أجلها. وكان هذا الجيش من المبشرين ينجح في أحيان كثيرة في تنصير الناس من غير المسلمين في أفريقيا وآسيا، وفي أحيان قليلة بين أوساط المسلمين وبين الأطفال والمعوزين والمرضى، لأنّهم وجدوا في العلاج الطبي مدخلاً إلى قلوب الناس، إذ كان منهم الطبيب أو ممن له طرف من العلم الطبي. وكانت لديهم إمكانات مادية ضخمة توفرها لهم الكنائس ووزارات ما وراء البحار، وكانوا يستثمرون هذه الإمكانات لتنصير الناس الفقراء خاصة.
وكان هذا التبشير يتقدم ويكسب مواقع جديدة في دار الإسلام فكان يقوم عمله باستمرار بتوجيه من مراكز القرار في أوربا، وقد عقدت عدة مؤتمرات لدراسة ثمار التبشير في العالم الإسلامي، منها المؤتمر الذي ترأسه الأب زويمر في القاهرة عام 1956. وقد استوحى أ.ل. شاتليه من هذا المؤتمر تعبير (الغارة على العالم الإسلامي) بكل ما تعنيه الغارة من استعداد للغزو بأسلحته ومعداته.
وكان الاستشراق أكثر جهداً وأعظم أثراً في التعرف على العالم الإسلامي من الداخل. وكان قد مر بمراحل متعددة تطورت فيها أدواته وأساليبه، تبعاً لتغير أهدافه، فهو بعد الحروب الصليبية غيره في مرحلة القرن الخامس عشر والسادس عشر، وهو غيره قبيل الحرب العالمية الأولى، كما هو غيره بعد الحرب العالمية الثانية، وفي مرحلتنا المعاصرة اليوم.
ولقد تعاون التبشير والاستشراق معاً في اختراق العالم الإسلامي، وعملا على تشويه الإسلام في الذهنية الأوربية، وإضعاف تأثيره بين أبنائه، كما استطاعا أن يكونا سلاحين ماضيين بيد الاستعمار مهد له القيام بمهمته العسكرية والسياسية والثقافية أحسن تمهيد، بل إنّهما صنعا جيوباً دينية وفكرية موالية للاستعمار ساهمت في توطيد أركان حكمه فيما بعد.
بناءً على هذا الجهد المسبق الدؤوب الذي كان أبطاله من الرحالة والمكتشفين والتجار والمغامرين والمبشرين والمستشرقين، تكونت الصورة كاملة في الذهن الأوربي عن (الآخر)، وبدأ الهجوم والانقضاض على ديار الإسلام مشرقها ومغربها، ولم يكن هذا الهجوم من دولة واحدة، ولا في وقت واحد، بل من دول أوربية عدة، وفي أوقات متعددة. انطلقت أوربا الفتية تطوق دار الإسلام من شواطئ المغرب إلى شواطئ الهند وجاوة وسومطرة. كان ذاك ابتداءً من يوم تهاوت قلاع الإسلام في الأندلس فكان الأسبان والبرتغاليون مزهوين بروح الانتصار قد انطلقوا إلى شواطئ الأمريكتين، وإلى شواطئ أفريقيا الغربية والجنوبية ثم إلى جنوب شرقي آسيا، وكانوا يقتلون يدمرون الحواضر والمدن السياحية بمدافعهم ونيرانهم، ثم تجرأوا وأخذوا يتابعون المسلمين الفارين من مذابحهم في الأندلس، فاحتلوا كثيراً من الموانئ المغربية، ثم توجهوا صوب الموانئ الجزائرية، فاحتلوا تلمسان ووهران، حتى وصلوا إلى طرابلس الغرب، ونكلوا بأهلها أشد التنكيل، ثم لم يلبثوا أن تخلوا عنها لفرسان القديس يوحنا.
وكان الهولنديون يتسابقون والبرتغاليين كفرسي رهان في خوض بحار المسلمين، فقد أعقبوا البرتغاليين في احتلال الخليج، ثم نافسهم في السيطرة على جزر الفلبين وأندونوسيا وماليزيا وجنوب الهند، وكانت لهم شركاتهم التجارية مثل شركة الهند الشرقية التي كانت سابقة لمثيلتها الإنجليزية التي مهدت لاحتلال الهند، درة تاج المستعمرات البريطانية بعدئذ. وكانت الغلبة النهائية لبريطانيا في الخليج في أواخر القرن السادس عشر بعد طرد الهولنديين منه، ثم دخلت فرنسا وألمانيا وغيرهما من الدول الأوربية بقوة في احتلال المناطق الإسلامية في آسيا وأفريقيا المنطقة تلو المنطقة، وكان هذا قبل الحرب العالمية الأولى والسيطرة الكاملة على العالم الإسلامي.
وقصة هذا الغزو العسكري طويلة ودامية، ونريد أن نشير فقط إلى بعض المواقع لنرصد الخطوط العامة لهذا التسابق الأوربي الشره لتدمير العالم الإسلامي. فبعد السيطرة البرتغالية والهولندية والبريطانية على بحار جنوب شرق آسيا واستثمار بلاد التوابل والعجائب، دخلت فرنسا بقوة لتحتل مصر بقيادة نابليون فيما سمي بالحملة الفرنسية عام 1798م. وكثيراً ما يؤرخ لهذه الحملة على أنّها فاتحة تنوير ونهضة لبلاد العرب، في حين إنّها ـ كما يلاحظ كاتب عربي كبير مثل محمود محمد شاكر ـ جاءت لوأد النهضة التي كانت تتحفز على يد العلماء الكبار مثل الجبرتي والبغدادي والزبيدي، فكان أن نقلت كنوز القاهرة من المخطوطات خلال ثلاثة أعوام من الاحتلال إلى باريس.
ثم تلا ذلك حملتها على الجزائر عام 1830م، وما رافقها من مجازر ومذابح استمرت حتى عام 1847م و استسلام بطل المقاومة الأمير عبدالقادر الجزائري، وليظل الاحتلال مائة عام كاملة من المظالم والدمار للحرث والنسل والدين والحضارة، وكان عام 1882م حيث احتلت فرنسا بقوتها وجبروتها تونس، وأكملت أطباقها على الشمال الأفريقي عام 1916م حين فرضت الحماية على المغرب، ثم واصلت امتدادها في أفريقيا عبر الصحراء الكبرى لتحتل السنغال والنيجر ومالي وتشاد والكاميرون وغيرها، وكان ذلك بفضل قوتها العسكرية التي كونتها من النهب الاستعماري للعالم الإسلامي، وبفضل جيش الرحالة والمبشرين وموظفي وزارة ما وراء البحار.
وفي طرف آخر من العالم الإسلامي كانت بريطانيا تكون إمبراطوريتها التي لا تغيب عنها الشمس من الهند فأفغانستان ثم إيران والخليج، حتى إذا ما أعلنت الحرب العالمية الأولى كانت حصة الأسد لها من أملاك الدولة العثمانية، فكان أن احتلت العراق وفلسطين والجزيرة العربية. ومن المعلوم أن مصر وقعت بأيديهم منذ عام 1882م. ولقد صدق الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء في العراق حين عبر شعراً عن خبث الانجليز وحقدهم وعدائهم للعرب والمسلمين:
كم نكبة تحطم
الإسلام فيها والعرب
فالأنجليز أصلها
فتش تجدهم السبب
بل كل ما في الأرض من
ويلات حرب وحرب
هم أشعلوا نيرانها
وصيروا الناس الحطب
وا سوأتا إن حدّث الـ
ـتاريخ عنهم وكتب!!
ولقد عبر عن هذا الحقد الصليبي على الإسلام قائدهم الجنرال اللنبي حين احتل القدس ووقف على قبر صلاح الدين الأيوبي قائلاً: (اليوم انتهت الحروب الصليبية).
ولقد أشرنا من قبل أنّه ما من دولة أوربية إلا كانت تتمنى أن يكون لها نصيب من أشلاء العالم الإسلامي، فهذه إيطاليا بعد امتلاكها للحبشة تنظر يمنة ويسرة لتبتلع أقرب أرض إسلامية لها، ألا وهي ليبيا، وكان لها أن احتلتها عام 1911م، وكان احتلالاً لم يعرف إلا الحرائق والتدمير والتهجير والإبادة، بحدودهم إلى ذلك حقد ربما فاق أحقاد الصليبيين الآخرين. هاك نشيدهم الذي كان يردده جندهم آنذاك، وهو من نظم شاعرهم العنصري رانزيو:
يا أماه ..
أتمي صلاتك، ولا تبكي، بل اضحكي وتأملي
ألا تعلمين أنّ إيطاليا تدعوني
وأنا ذاهب إلى طرابلس فرحاً مسروراً
لأبذل دمي لسحق الأمة الملعونة
ولأحارب الديانة الإسلامية التي تجيز البنات الأبكار للسلطان
وسأقاتل بكل قوتي لأمحو القرآن!!.
وهكذا تناوشوا قلب العالم الإسلامي وأطرافه، وعقدوا المؤتمرات الدولية لاقتسام الحصص، وكان المسلمون في هذه المؤتمرات كالأيتام على مائدة اللئام، فكان مؤتمر سايكس بيكو عام 1916م بعد الحرب العالمية الأولى، وكانت الشعارات التي تفتقت عنها العبقرية الأوربية في المكر والدهاء والخبث، مثل شعار الحماية والوصاية وتقرير المصير، وكانت كلها حبراً على ورق، وكانت من قبيل ذر الرماد في عيون الأمم المغلوبة التي لا تستطيع تقرير مصيرها إلا إذا قرر السيد القوي تقرير هذا المصير، وقد قرر العبودية للأمم المغلوبة، حتى ولو دخلت دين النصرانية نفسه!! فهذه أفريقيا دخلت بعض دولها في النصرانية ودخل بعض الفقراء منها في هذا الدين، فهل وجدوا العزة والغنى والتقدم؟! أم أنّ الاستغلال والاقتصاد هو الدين الأول لأوربا قبل أي دين؟!!.
ولعل المرء يتصور أنّ الأوربيين نظروا إلى الشعوب المستضعفة التي وقعت في شراك احتلالهم، وخاصة أمة الإسلام على أنّها شعوب قاصرة، لم تبلغ سن الرشد بعد، وهي ـ بهذا ـ بحاجة إلى حماية عم أو ولي حميم، وكان هذا العم أو الولي، أوربا بكنيستها واستعمارها ورؤسائها المكرة!!.
وارجع إلى الفترة التي تم فيها ذلك الانتداب والحماية والوصاية، وانظر إلى حنان ذلك الولي ومسؤوليته إزاء الطفل القاصر، كيف كان التدجين له على أن يكتسب لساناً جديداً وعادات غير عاداته، وديناً غير دينه، وكيف كانت عمليات التفسيخ والمسخ والإلحاق بحضارة الوصي، ودينه. وكيف كان العمل قائماً على قدم وساق، ولكن بشكل غير كشوف في بعض الأحيان، من أجل أن يكون العالم الإسلامي كله تابعاً للمركز الأوربي سياسياً واقتصادياً وحضارياً ..
وارجع ثانية إلى فترة الحماية والوصاية آنذاك وتأمل كيف كانت تدار الحكومة، أبالملك أو الرئيس، أم بالمستشار الإنجليزي الذي يحرك الملك والرئيس، كما تحرك اليد دمى القراقوز في لعبة خيال الظل أو لعب الأطفال؟!!.
مهما يكن فقد وقع العالم الإسلامي في كماشة الصليبية الجديدة، وحكم حكماً عسكرياً مباشراً أحياناً وحكماً غير مباشر على أيدي أناس أمناء على مصالح الاستعمار في أحيان أخرى، إلى أن جاءت المرحلة التي أخذت شعوب العالم تنتقض على هذا الكابوس الاستعماري لتتحرر منه فكان للعقل الأوربي الذي قطع شوطاً بعيداً في ميادين العلم أن يوظف أدوات للعلم خارج المعامل والمختبرات حيث ميدان السياسة والعلاقات بين الأمم، فكانت له لعب وأساليب جديدة في التعامل مع الثورات ومع الشعوب المطالبة بالاستقلال، فصار يأخذ باليسار ما يعطيه باليمين بحيث أفرغ بعض الاستقلالات من محتواها، وعاد الاستعمار من جديد ولكن بأثواب جديدة، وبقيت الأغلال ترسف من جديد بالرقاب، ولكنها ربما تكون أغلالاً من ذهب!! كي يُمنّي العبد أو الأسير نفسه بما يرى، وأنى له ذلك التمني!!.
على أنّه من الضروري الإشارة إلى ردود الفعل من لدن انسان المنطقة المسلم على وجه الخصوص، متمثلاً بقادته وعلمائه والمثقفين الأحرار منه. فلم تكن جيوش الاستعمار لتجد أرضاً خالية دون شعوب أو حضارات، بل ودت أمة كانت ـ في الحقبة السابقة من الزمن ـ معلمة للعالم ومنه أوربا نفسها، وكانت صاحبة حضارة تميزت بعقيدة ربانية وعلم نافع وتعامل مع الشعوب رحيم رؤوف، ولكن عوادي الزمن ـ ولأسباب كثيرة ـ جعلتها تضعف وتتخلى عن وظيفتها القيادية. ولكنها لم تستكن لجحافل الغزاة بل كانت تقاوم على قلة من السلاح وعدم تكافؤ في القوة. فكانت تقاوم الروس كما تقاوم الإنجليز والفرنسيين على السواء فكان أبطال المقاومة من أمثال الشيخ شامل في المناطق الإسلامية التي احتلها الروس، وعبدالكريم الخطابي في المغرب، وعبدالقادر الجزائري في الجزائر، وعمر المختار في ليبيا، وأحمد عرابي في مصر، ومحمد تقي الشيرازي، قائد ثورة العشرين في العراق، بالإضافة إلى أبطال المقاومة الآخرين في إيران، وفي الشام، وفي السودان.
ومثلما كان الأمر على مستوى المقاومة العسكرية، كانت هناك المقاومة الثقافية التي حاولت أن تحافظ على أصالة الأمة وحضارتها، وكان لهذا الميدان رجاله من العلماء والساسة والأدباء، ولكن كفة المحتل بما لديه من قوة وإغراء وسيطرة على مقاليد الحكم جعل الميزان يميل لصالح كفة المتغربين والراضين بـ (نعمة) الاحتلال، والداعين إلى الأخذ بحضارته، خيرها وشرها، حلوها ومرها، كما جاء على لسان واحد من دعاة التغريب.
المصدر: الثقافة الإسلامية بين التغريب والتأصيل
ماذا يحدث للجسم عند تناول اللوز يوميا؟
كشفت الدكتورة سينتيا ساس، أخصائية التغذية الأمريكية الشهيرة، ماذا يحدث في الجسم عند تناول اللوز يوميا.
تشير الأخصائية، إلى أن نتائج الدراسات الأخيرة، أظهرت أن تناول 40 غراما من اللوز في اليوم، يخفض مستوى الكوليسترول الضار، ويساعد على جعل مستوى ضغط الدم طبيعيا، ويساعد الأوعية الدموية على الاسترخاء.
اللوز يساعد على تخفيض مستوى الكوليسترول
وتضيف، اللوز غني بمضادات الأكسدة والمواد المغذية. فمثلا تحتوي 23 حبة من اللوز على دهون مفيدة للقلب، وستة غرامات من البروتين النباتي وأربعة غرامات من الألياف الغذائية (13% من الكمية اليومية التي يحتاجها الجسم)، ونصف كمية فيتامين Е وفيتامين B وعناصر الحديد والبوتاسيوم والمغنيسيوم اليومية. مع العلم أن فيتامين Е في هذه الحالة يعمل كمضاد للأكسدة، ويحمي الخلايا من التلف (السبب الرئيسي للشيخوخة المبكرة والأمراض)، كما يدعم منظومة المناعة ويقلل الالتهابات ويساعد على توسيع الأوعية الدموية ما يحسن تدفق الدم.
وأما المغنيسيوم، فضروري ومهم لصحة الدماغ والعظام والمزاج والنوم وتنظيم مستوى السكر في الدم ومستوى ضغط الدم.
وتشير الخبيرة، إلى أن العلماء اكتشفوا أن اللوز يعمل كغذاء للبكتيريا المفيدة في الأمعاء، فعلى سبيل المثال، خضعت مجموعة من الطلاب لتجربة عام 2019 تضمنت تناول اللوز يوميا لمدة ثمانية أسابيع. وبعد انقضاء الفترة، لاحظ الباحثون حصول تغيرات في تركيب نبيت الأمعاء. فمثلا ازدادت عندهم اعداد البكتيريا المؤثرة في الوزن والأنسولين وتنظيم الكوليسترول.
وتضيف، وقد تم إثبات فائدة اللوز في تخفيض مؤشر كتلة الجسم وتخفيض محيط الخصر. وأن الدهون الصحية والبروتينات النباتية الموجودة في اللوز، تساعد على الشعور بالشبع وتأخير الشعور بالجوع.
وبالإضافة إلى هذا، أظهرت الدراسات الحديثة، أن اللوز يحتوي على سعرات حرارية أقل بنسبة 20% من المذكور في الملصقات، حيث لا تمتص جميع السعرات الحرارية من الأمعاء إلى الدم.
واتضح، أن اللوز يساعد على مكافحة شيخوخة الجلد. فقد أظهرت دراسة، تضمنت تقسيم النساء السليمات بعد سن اليأس المشتركات فيها، إلى مجموعتين. تناولت نساء المجموعة الأولى 20% من كمية السعرات الحرارية اليومية على شكل لوز لمدة 16 أسبوعا. وأما المجموعة الثانية فقد استمرت على النظام الغذائي المعتاد. وقد أظهرت نتائج هذه الدراسة، أن التجاعيد قلت عند نساء المجموعة الأولى مقارنة بنساء المجموعة الثانية.
المصدر: نوفوستي
فقه الاختلاف والمستقبل الإسلامي
د. أحمد التويجري
◄مقدمة:
الاختلاف سنة من سنّن الله في الحياة، وسرّ من أسرار الوجود العظمى. وهو بجميع درجاته، بدءاً من التناقض والتضاد إلى التشابه والتماثل، ضرورة حياتية لا يمكن أن يتصوّر وجود بدونها. ولئن كان جزء غير يسير من النصوص وجزء آخر من مأثورات الأئمة على امتداد التاريخ الإسلامي قد أفاض في ذم الاختلاف فإنّ ذلك محمول على الاختلاف المؤدي إلى الفرقة والتناحر والذي لم يبنِ على علم واجتهاد.. فقد جاءت نصوص ومأثورات أخرى تضع مبادىء وأصولاً للاختلاف المحمود ترتقي به في كثير من الأحيان إلى درجة الوجوب العملي، والتجربة الإسلامية على المستويين المعرفي والواقعي تؤكد أنّ الاختلاف كان دعامة من دعائم الوجود الإسلامي على مر العصور. فقد تعدّدت المدارس الإسلامية في كلّ ضرب من ضروب الحياة وفي كلّ فرع من فروع المعرفة. وكان نتيجة ذلك كلّه الرصيد المشرق للحضارة الإسلامية الذي لم تعرف البشرية له مثلاً على الإطلاق.
ومن المثير للعجب أن توجد في أوساط المسلمين بين الحين والحين تيارات تنفر من الاختلاف وتضيق به وتعدّه بكلّ صوره رجزاً من عمل الشيطان، بل تتعدى ذلك فتسعى جاهدة للقضاء عليه وإزالته من الوجود، متأثرة بأمور كثيرة أهمها، في نظري، عدم أو قلة فهم النصوص المحذرة من الاختلاف، أو وضعها في غير مواضعها، أو الخلط بين ما هو مطلق وما هو نسبي من الحقيقة، وقد كانت هذه التيارت وما تزال من أخطر ما تواجهه الأُمّة الإسلامية لما تحمله أطروحاتها من دواعي الفتنة والتناحر ولما تجسّده ممارساتها من حجر على الفكر وكبت للحرّيات. وقد أحسن الدكتور يوسف القرضاوي في وصف فئة من هذه التيارات حين قال في كتابه، (الصحوة الإسلامية بين الاختلاف المشروع والتفرق المذموم): "ونحن نشاهد على الساحة الإسلامية أُناساً لا هَمّ لهم إلّا الجدل في كلّ شيء وليس لديهم أدنى استعداد لأن يعدلوا عن أي رأي من آرائهم، وإنما يريدون للآخرين أن يتبعوهم فيما يقولون، فهم على حقّ دائماً، وغيرهم على باطل أبداً. منهم مَن يجادل في كلمات أعطاها اصطلاحاً خاصّاً خالفه فيه غيره، ويريد أن يلزم الآخرين برأيه مع أنّ علماءنا قالوا: لا مشاحة في اصطلاح. ومنهم مَن يذم التعصب للمذاهب، وهو يقيم مذهباً جديداً، يقاتل الآخرين عليه! ومَن يُحرّم التقليد ويطلب من الناس أن يقلّدوه! أو يمنع تقليد القدامى وهو يقلد بعض المعاصرين! ومَن يقيم معركة من أجل مسائل فرعية، وجزئية، اختلف السلف فيها وفي أمثالها، ولم تعكر لعلاقاتهم صفواً".
والمتأمّل في حال هذه الفئات يجد أن تأثّرها (وهو تأثّر غير شعوري) بالأعراف والتقاليد أكثر من تأثّرها بالأحكام الشرعية. وطالما عجبت لحماس كثير منهم وتشنجه في الإنكار على مخالفيه في مسائل مثل الموسيقى وغطاء وجه المرأة في حين لا يكترث باختلاف المسلمين في أركان الصلاة وواجبات الحج وبعض الأحكام الكبرى في الدِّين. والسبب الرئيسي، في نظري، لمثل هذه المواقف هو قلة الفقه بوجه عام، وقلة الفقه بما يمكر أن يطلق عليه "فقه الاختلاف" بوجه خاص ومن المحزن أن تكون هذه حال المسلمين، وموروثهم الفقهي زاخر بالمصنفات التي أفردت لقضايا الاختلاف وشرح أسبابه ودواعيه وتاريخهم في كثير من جوانبه هو في حقيقة الأمر ثمرة من ثمرات الاختلاف.
ولئن كان الفقه العام متيسراً للجميع، فإنّ فقه الاختلاف أمر دقيق يحتاج إلى عناية خاصّة، فعلى الرغم من كثرة المصنفات التي تطرقت إلى الاختلاف ومسائله فإنّ القليل القليل منها الذي قدم تأصيلاً له وبلور تصوّراً شاملاً للموقف منه، إذ اكتفت معظم المصنفات بذكر أسباب الاختلاف وسرد مسائله وبعض آدابه، دون تنظير فلسفي وتأصيل فقهي له.
إنّ فقه الاختلاف، في نظري، يتكوّن من ثلاثة جوانب رئيسة: الأوّل: جانب تصوّري عقدي يحرر الموقف الفكري والفلسفي للإسلام تجاه الاختلاف سواء من حيث تحليل الدواعي والأسباب، أم من حيث تقرير المقاصد والغايات. والثاني: جانب فقهي تشريعي يؤصل الضوابط والحدود للاختلاف ويرسي المبادىء والأصول العامّة له ويبيّن حقوق المختلفين وواجباتهم. والثالث: جانب أخلاقي يرسم المسار السلوكي للاختلاف ويحدد القيم والمثل التي يجب أن تحيط به.
وغني عن القول إنّ حاجة الأُمّة لهذا النوع من الفقه اليوم هي أعظم من أي وقت مضى، وهذه الدراسة محاولة متواضعة وجهد مقل للإسهام في هذا الجانب، وهي في حقيقة الأمر بداية تثير من القضايا أكثر مما تقدّم من الحلول، وتطرح من الأسئلة أكثر مما تقدم من الإجابات.
الاختلاف العام:
لا يسع المتأمّل في النصوص القرآنية إلّا أن يدرك أنّ الاختلاف سنة من سنّن الوجود، وسرّ من أسرار الحياة. بل لا يسعه إلّا أن يدرك أنّه النتيجة الطبيعية لحرّية الاختيار التي منحها الله عزّوجلّ لكلّ إنسان وجعلها مرتكزاً للابتلاء في الحياة الدنيا. وقد عدَّ الله عزّوجلّ الاختلاف آية من آياته التي يُهتدى بها إليه فقال: (وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَاخْتِلافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ) (الروم/ 22) وجعله في آية أخرى غاية من غايات الخلق: (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ * إِلا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) (هود/ 118-119) وقد اختلف المفسرون في تفسير قوله عزّوجلّ ولذلك خلقهم، فمنهم مَن ذهب إلى أنّ المقصود للاختلاف خلقهم وهو مُروى عن الحسن البصري. وقال مالك: خلقهم ليكونوا فريقين (فريق في الجنّة وفريق في السعير) وعلّق الفخر الرازي على الآية بتفصيل فقال: قال تعالى (وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) وفيه ثلاثة أقوال: (القول الأوّل) قال ابن عباس: وللرحمة خلقهم، وهذا اختيار جمهور المعتزلة قالوا: ولا يجوز أن يقال: وللاختلاف خلقهم، ويدل عليه وجوه: الأوّل أنّ عود الضمير إلى أقرب المذكورين أولى من عوده إلى أبعدهما، وأقرب المذكورين ههنا هو الرحمة، والاختلاف أبعدهما. والثاني أنّه تعالى لو خلقهم للاختلاف وأراد منهم ذلك الإيمان، لكان لا يجوز أن يعذّبهم عليه، إذ كانوا مطيعين له بذلك الاختلاف. الثالث: إذا فسرنا الآية بهذا المعنى، كان مطابقاً لقوله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ) (الذاريات/ 56)، فإن قيل لو كان المراد وللرحمة خلقهم لقال: ولتلك خلقهم ولم يقل ولذلك خلقهم، قلنا: إنّ تأنيث الرحمة ليس تأنيثاً حقيقياً، فكان محمولاً على الفضل والغفران كقوله (رَحْمَةِ رَبِّي) (الإسراء/ 100)، وقوله (إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (الأعراف/ 56)، (والقول الثاني) أنّ المراد وللاختلاف خلقهم. (والقول الثالث) وهو المختار أنّه خلق أهل الرحمة للرحمة وأهل الاختلاف للاختلاف. روى أبو صالح عن ابن عباس أنّه قال: خلق الله أهل الرحمة لئلا يختلفوا، وأهل العذاب لأن يختلفوا، وخلق الجنّة وخلق لها أهلاً، وخلق النار وخلق لها أهلاً (انتهى كلام الرازي).
والذي أراه ولم أجده عند أحد من المفسرين هو أنّ المقصود لتكون لهم حرّية الاختلاف والقدرة عليه.
ومهما تكن الحال فإنّ للإسلام تصوّراً شاملاً للاختلاف في مستواه الإنساني العام. وهو إن لم يحرر في دراسة مستقلة إلّا أنّ استجلاءه متيسر من خلال كلّيات الإسلام ومبادئه العامّة. ومن أهم الأصول التي يمكن أن يُبنى عليها التصوّر الإسلامي للاختلاف على المستوى الإنساني ما يلي:
1- أنّ الاختلاف سنة كونية من سنّن الله عزّوجلّ في الوجود، وسرّ من أسرار الحياة التي لا يمكن أن تتصوّر بدونها، كما لا يمكن تصوّر زوالها في الحياة الدنيا إلّا بمعجزة إلهية.
2- أنّ الاختلاف جزء من الابتلاء الإلهي للإنسان في الحياة الدنيا، سواء أكان ذلك من خلال ما أودعه الله في طبائع الناس من اختلاف القدرات والملكات وما منحهم من حرّية الاختيار، أم من خلال ما نتج عن ذلك من اختلاف الملل والنحل ومناهج النظر والاستدلال والمعارف والعلوم.
3- أنّ حقّ الاختلاف مكفول للناس أجمعين ما لم يصدر عنهم بغي بأي صورة من الصور. والأصل في ذلك حرّية الدِّين التي أقرها الله عزّوجلّ للناس أجمعين، والنصوص في ذلك أكثر من أن تحصى في مثل هذه العجالة.
4- أنّ المعيار لاحترام الرأي المخالف هو التجرد من الأهواء وبذل الوسع في طلب الحقّ واجتناب البغي بكلّ صوره.
5- أنّ أمر من لم تبلغه الرسالة موكول إلى الله عزّوجلّ. وظنّنا أنّ الله لن يعذبه إذا كان متجرداً من الأهواء غير باغٍ وكان قد بذل وسعه في طلب الحقّ والأصل في هذا قول الله عزّوجلّ: (وَمَا كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولا) (الإسراء/ 15) وقد ذهب إلى هذا أبو محمّد ابن حزم في (الأصول والفروع) حيث قال بعد أن أورد هذه الآية وقوله تعالى: (لأنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَئِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللَّهِ آلِهَةً أُخْرَى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّمَا هُوَ إِلَهٌ وَاحِدٌ) (الأنعام/ 19)، قال: "فنصّ الله على أنّ النذارة إنما تلزم من بلغته وأنّه عالي لا يعذّب أحد إلّا بعد إرسال الرُّسل، فصح بهذا أنّ مَن لم تبلغه الدعوة إمّا لانقزاح مكانه، وإمّا لقصر مدته إثر مبعث النبيّ (ص)، فإنّه لا عذاب عليه ولا يلزمه شيء، وهذا قول جمهور أصحابنا.
6- أنّ كلّ رأي غير إسلامي منافٍ لما نعتقد هو ابتلاء من الله عزّوجلّ لصاحبه أوّلاً، وللناس، ونحن منهم، ثانياً وواجبنا تجاه صاحب هذا الرأي أن نبذل الوسع لتبيان الحقّ له بأحسن السُّبل التي نستطيعها.
7- أنّ نظرتنا إلى مخالفينا في أمور الدِّين هي نظرة إشفاق ورغبة صادقة في هدايتهم إلى الحقّ والخير، وهي نظرة نابعة من الشعور بالأخوة الإنسانية والمسؤولية الرسالية.
8- أنّنا مأمورون شرعاً ببذل الوسع لإبلاغ الناس ما نعتقد أنّه الحقّ، والواجب أن يكون إبلاغنا بالحكمة والموعظة الحسنة والجدال بالتي هي أحسن والأصل في هذا قول الله عزّوجلّ: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (النحل/ 125)، وقوله عزّوجلّ: (وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) (العنكبوت/ 46).
هذه جملة من الأصول الفكرية العامّة التي يجب أن تحكم اختلافنا مع غيرنا من غير المسلمين، ولا شك أنّ هناك أصولاً كثيرة غيرها، ولكن القصد هنا هو تبيان الخطوط العامّة والمعالم الكبرى.
اختلاف المسلمين فيما بينهم:
اختلط على كثير من المسلمين موضوع الاختلاف فلم يفرّقوا بين الاختلاف الذي نهت عنه النصوص، والاختلاف الذي لا مندوحة عنه والذي هو ضرورة بل رحمة في هذا الوجود، وقد نشأ هذا الخلط في نظري نتيجة لخلط آخر بين الرأي الناتج عن الهوى أو الذي لا يستند إلى دليل أو برهان، والرأي الناتج عن اجتهاد منضبط بالأصول الشرعية للاجتهاد. ومعلوم أنّ الإسلام وإن كان قد نهى عن الاختلاف الأوّل وغلظ القول في الزجر عنه، بل عدّه عملاً من أعمال الكفر، فإنّه نهى عن التقليد وحذّر منه وعدّه عملاً من أعمال الكفر أيضاً في بعض الأحيان وأوجب في المقابل الاجتهاد وجعله فرضا كفائياً وعينياً حسب الأهلية والقدرة.
وقد كان التطبيق العملي في حياة المسلمين دليلاً أبلغ على موقف الأُمّة من الاختلاف. فقد أجمعت جماهير المسلمين على مر العصور على قبول تعدّد آراء الأئمة المجتهدين، فتعدّدت مدارس المفسرين والمحدثين والأصوليين والفقهاء، بل تعدّدت مدارس النُّحاة والأدباء والمؤرخين وغيرهم. غير أنّ ذلك لم يمنع عدداً من المسلمين من الانزلاق في مزالق عدم التفريق بين الاختلاف المذموم والاختلاف المحمود، فأنكروا على مخالفيهم وتمادى بعضهم في ذلك ففسق قوماً وكفر آخرين ومن المؤسف أنّ عدداً من كبار الأئمة الذين أبدعوا في التنظير للاختلاف وتأصيله، وقعوا هم أنفسهم، عند التطبيق، فيما يخالف أصولهم. فهذا ابن حزم على الرغم من تأصيله الرائع لمسائل الاجتهاد في كتابه (الأحكام في أصول الأحكام)، وتأكيده المتكرر على وجوب الاجتهاد وذم التقليد وعلى عذر المجتهد المخطىء وكونه مأجوراً، بإذن الله، بنص الحديث، فإنّه قلماً التزم بهذا الأصل مع من خالفه الرأي من المجتهدين، بل كثيراً ما شنع عليهم وقسا في نقدهم وتجريحهم. وإذا كان هذا حال الأئمة الكبار فمن باب أولى أن يقع في هذه المزالق مَن هم دونهم، على أنّ هذه الحقيقة المُرة يجب أن لا تكون مبرراً للخطأ وإنما حافزاً للعمل على تجنّبه.
وإذا التزمنا بما ذكرناه في بداية هذا البحث من مكونات فقه الاختلاف، فإنّ أوّل ما تجب العناية به في فقه الاختلاف على المستوى الإسلامي، هو بلورة تصوّر فكري لاختلاف المسلمين فيما بينهم. وأهم الأصول العامّة التي يجب أن تُراعى في ذلك هي ما يلي:
1- أنّ الاختلاف كما كان سنة ماضية في الخلق وناموساً من نواميس الوجود، فهو كذلك ماضٍ في المسلمين في معظم شؤون حياتهم.
2- أنّ الاختلاف نوعان: نوع مذموم وهو ما كان نتيجة للهوى والقول بغير علم، أو ما كان متضمناً بغياً بأي صورة من الصور. ونوع محمود وهو ما كان نتيجة للاجتهاد المنضبط بجميع مستوياته.
3- أنّ من القضايا ما لا يجوز الاختلاف فيه، ومنها غير ذلك. وما لا يجوز الاختلاف فيه هو جملة الأمور القطيعة الثبوت القطيعة الدلالة وكلّ معلوم من الدِّين بالضرورة مما لا يحتمل إلّا رأياً واحداً. أمّا ما سوى ذلك فهو محل اجتهاد ونظر واختلاف، واختلاف الآراء فيه سائغ. وقد أوسع الشافعي هذه المسألة بحثاً في الرسالة. ومما قاله في ذلك: قال: "فإني أجد أهل العلم قديماً وحديثاً مختلفين في بعض أمورهم، فهل يسعهم ذلك؟ قال قلت: فقلت له الاختلاف من وجهين: أحدهما محرم، ولا أقول ذلك في الآخر. قال: فما الاختلاف المحرم؟ قلت: كلّ ما أقام الله به الحُجة في كتابه أو على لسان نبيّه منصوصاً بيناً لم يحل الاختلاف فيه لمن علمه. وما كان من ذلك يحتمل التأويل ويُدرك قياساً، فذهب المتأول أو القياس إلى معنى يحتمله الخبر أو القياس، وإن خالف غيره لم أقل إنّه يضيق عليه ضيق الخلاف في المنصوص. قال فهل في هذا حُجة تبيّن فرقك بين الاختلافين؟ قلت: قال الله في ذم التفرّق: (وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ) (البينة/ 4)، وقال جلّ ثناؤه: (لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلا الَّذِينَ أُوتُوهُ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ) (البقرة/ 213)، فذم الاختلاف فيما جاءتهم به البينات. فأمّا ما كلّفوا فيه الاجتهاد فقد مثلته لك بالقبلة والشهادة وغيرها. قال فمثّل لي بعض ما افترق عليه مَن روى قوله من السلف، مما لله فيه نص حكم يحتمل التأويل، فهل يوجد على الصواب فيه دلالة؟ قلت: قل ما اختلفوا فيه إلّا وجدنا فيه عندنا دلالة من كتاب الله وسنة رسوله، أو قياساً عليهما، أو على واحد منهما".
4- أنّ الاجتهاد في طلب الحقّ فرض على جميع المسلمين كلّ حسب استطاعته وهو بالنسبة لأصحاب الأهلية الفقهية إمّا أن يكون اجتهاداً مطلقاً أو اجتهاداً ترجيحياً أو اجتهاداً جزئياً. وبالنسبة لغير أصحاب الأهلية الفقهية يكون اجتهاداً في اختيار الفقيه المقلد. ولابدّ هنا من التفريق بين مسائل الاختلاف ومسائل الاجتهاد فليست كلّ مسائل الخلاف من مسائل الاجتهاد، بل كثير من مسائل الاختلاف إنما نشأت على غير دليل إمّا لهوى أو لقلة علم.
5- أنّ المجتهد إذا تجرّد وبذل وسعه في طلب الحقّ فإنّه مبرىء لذمته مأجور على اجتهاده، له أجران إن أصاب وله أجر إن أخطأ. والأصل في ذلك قول الرسول (ص): "إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر" وقد علّق ابن حجر (رحمه الله) على هذا الحديث في فتح الباري فقال: "قوله (أي البخاري) (باب أجر الحاكم إذا اجتهد فأصاب أو أخطأ) يشير إلى أنّه لا يلزم من رد فتواه إذا اجتهد فأخطأ أن يأثم بذلك، بل إذا بذل وسعه أجر فإن أصاب ضوعف أجره. وهذا هو ما ذهبت إليه جماهير الفقهاء على مر العصور" ولابدّ من التنبيه هنا إلى أنّ الخطأ المشار إليه هنا هو الخطأ في الوصول إلى الحقّ. أمّا من حيث الاجتهاد فإنّ المجتهد مصيب باجتهاده في الحالين سواء وفق إلى الحقّ أم لم يوفق.
6- أنّ التجرّد وبذل الوسع في طلب الحقّ لا يؤديان بالضرورة إلى معرفة الحقّ دائماً، فقد يتجرّد الإنسان ويبذل وسعه ولا يوفقه الله إلى الحقّ لحكمة يراها.
7- أنّ الحقيقة المطلقة هي من علم الله عزّوجلّ وحده. وما نقطع به منها هو ما جاء به الوحي القطعي الثبوت القطعي الدلالة. وما سوى ذلك فليس مبنياً إلّا على غلبة الظن ورجحان الدليل.
8- أنّ اختلاف المسلمين فيما يسوغ الاختلاف فيه هو في جانب ابتلاء لهم، وفي جانب آخر رحمة لهم، وهو ابتلاء لما يشكله من تحدٍّ معرفي ومعاشي، وهو رحمة من حيث عدم المؤاخذة على الخطأ فيه ولما فيه من توسيع عليهم.
9- أنّ أهلية الاجتهاد قد تكون مطلقة، وقد تكون للترجيح بين المذاهب، وقد تكون في المذهب الواحد أو المسألة الواحدة. ومن المؤسف أنّ التصوّر الإسلامي للاجتهاد لدى كثير من المسلمين المتأخرين قد تشوّه حتى أصبح لا يرى من الاجتهاد إلّا الاجتهاد المطلق، وأصبح لذلك كلّ اجتهاد صادر عن غير مجتهد مطلق اجتهاداً مرفوضاً غير معترف به، بل انحرافاً يجب محاربته.
هذا في الجانب الفكري التصوّري، أمّا في الجانب الفقهي التشريعي وهو المتعلّق بما يجب على المسلم تجاه أخيه المسلم في مسائل الاختلاف، فإنّ أهم ما يجب أن يُراعى هو المسائل التالية:
1- أنّ الاجتهاد في طلب الحقّ فرض عين على كلّ مسلم حسب الاستطاعة وفي نطاق الأهلية الاجتهادية بمعناها الواسع.
2- أنّ المجتهد ملزم بما أداه إليه اجتهاده وإن كان مخالفاً لكثيرين غيره. فإن كان مجتهداً مطلقاً فلا يجوز له التقليد بأي حال من الأحوال وإلزامه بمقتضى اجتهاده أشد من غيره. وإن كان مرجحاً فهو ملزم بترجيحه، وإن كان مقلداً فهو ملزم بفتوى مَن يقلد. قال الشاطبي في الموافقات: "فأمّا المجتهد الناظر لنفسه فما أداه إليه اجتهاده فهو الحكم في حقّه" وقال ابن حزن في الإحكام: "فإذا قام البرهان عند المرء على صحّة قول ما - قياماً - فحقّه التدين به، والفتوى به، والعمل به، والدعاء إليه، والقطع أنّه الحقّ عند الله عزّوجلّ" ولا يُستثنى من ذلك إلّا الحالات التي يرى الحاكم المسلم فيها حمل الأُمّة على أحد الآراء في مسألة من المسائل لمصلحة عامّة. فعندئذ يسقط عنه الإلزام خاصّة إذا كان الأمر متعلقاً بعبادة جماعية أو معاملة عامّة.
3- لا يجوز الإنكار ولا التشنيع على المخالف فيما يجوز الاختلاف فيه مهما كان واضحاً للآخرين خطأ المخالف، ذلك أنّ الخطأ في الاجتهاد لا يستدعي المفارقة ولا التفسيق ولا التكفير مهما كان ذلك الخطأ، لعموم النصوص الواردة في ذلك، ومنها قول الله عزّوجلّ: (وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ) (الأحزاب/ 5)، وقول الرسول (ص): "رفعَ عن أُمّتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه". قال ابن حزم: "فمَن حكم بقول ولم يعرف أنّه خطأ، وهو عند الله تعالى خطأ، فقد أخطأ ولم يتعمد الحكم بما يدري أنّه خطأ، فهذا لا جناح عليه في ذلك عند الله تعالى. وهذه الآية عموم دخل فيه المفتون والحكام والعاملون والمعتقدون، فارتفع الجناح عن هؤلاء بنص القرآن فيما قالوه أو عملوا به، مما هم مخطؤون فيه، وصح أنّ الجناح إنما هو على مَن تعمد بقلبه الفتوى أو التدين أو الحكم أو العمل بما يدري أنّه ليس حقّاً، أو بما لم يقده إليه دليل أصلاً".
4- أنّ الحكم على المسلمين هو على ظواهرهم فقط، أمّا النيات فعلمها عند الله عزّوجلّ وهو الوحيد المطلع عليها. وليس من واجب المسلم ولا من حقّه أن يسعى لاستكشافها.
5- الاختلاف المعتبر له أسباب كثيرة ذكرها عدد من الأئمة في مصنفات مستقلة أو ضمن مصنفاتهم الأصولية. ومن جوهر فقه الاختلاف الدراية بهذه الأسباب.
6- من أخطر وأهم ما واجهه المسلمون على امتداد تاريخهم الطويل ظاهرة التكفير الذي هو آخر مرحلة من مراحل الاختلاف بين المسلمين. وقد انزلق كثير من المسلمين في هذا المنزلق الخطير على الرغم من تعظيم الرسول (ص) لأمره وتحذيرهم منه في حقّ المسلم، وعلى الرغم من تأكيدات العلماء على خطورته وحثّهم على عدم التسرع فيه. ولا يزال الفقه الإسلامي في نظري مقصراً في تحرير هذه المسألة سواء من حيث تحديد ما يكفر به المسلم، أم من حيث تحديد ضوابط التكفير ومعاييره، ولئن كان كثير من العلماء قد فرّقوا بين إطلاق الكفر على القول أو الفعل وبين تكفير صاحبه، وذهبوا إلى أنّ الجزم بالأوّل لا يؤدي بالضرورة إلى الجزم بالثاني، فإنّ المسألة لا تزال في كثير من الأحيان عائمة غير منضبطة.
والذي يهمنا في هذا المجال تبيان أمرين: الأوّل: أنّ المجتهد إذا أداه اجتهاده إلى أمر كفري وهو لا يعلم أنّه كفر، فإنّه لا يكفر بذلك، وإنما يعد من الخطأ الذي لا يؤاخذ عليه بنص الشرع. والثاني: أنّ جماهير العلماء متفقة على عدم تكفير أحد من أهل القبلة بذنب أو خطأ.
أخيراً إنّ من فقه الاختلاف معرفة الآداب الإسلامية الواجبة في الحوار والجدل بين المسلمين فيما بينهم وبين المسلمين وغيرهم. فهي من مكارم الأخلاق التي بعث النبيّ (ص) ليتممها. وليس من المبالغة القول إنّ جزءاً كبيراً من اختلاف المسلمين وفرقتهم إنما نشأ بسبب عدم أو قلة التزامهم بأدب الحوار والجدل. وإنّ مستقبل المسلمين، في نظري، مرهون إلى درجة كبيرة بمدى قدرتهم على إدارة خلافاتهم بالأسلوب الذي يرتضيه ويقرره الإسلام وعلى الأُسس الشرعية المعتبرة. ولن يتحقق ذلك بنشر فقه الاختلاف فقط في أوساطهم والتواصي فيما بينهم بالالتزام به.►
المصدر: مجلة المسلم المعاصر العدد 60 يوليو لسنة 1991م
روحاني: سجلنا انتصارات في مواجهة الضغوط الاميركية
أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن إيران قد سجلت انتصارات في مواجهة الضغوط الاميركية وذلك رغم ظروف الحرب الاقتصادية منذ ثلاث سنوات.
وألقى الرئيس الإيراني حسن روحاني كلمة مباشرة في مراسم الذكرى الـ42 لانتصار الثورة الإسلامية في إيران.
وقال روحاني في كلمته: نمر بظروف حرب اقتصادية منذ ثلاث سنوات.
وأضاف: سجلنا انتصارات في مواجهة الضغوط الاميركية.
ونوه روحاني: إذا كنا نخرج من الاتفاق النووي بعد انسحاب واشنطن منه لكان ترامب قد حصل على ما كان يريد.
وأشار إلى أنه و: قبل انسحاب واشنطن من الاتفاق النووي سجلنا أعلى نسبة مئوية في النمو الاقتصادي، الأمر الذي أغضب الكيان الصهيوني والدول الرجعية.
وقال الرئيس الإيراني: رغم إجراءات الحظر لكننا واصلنا تدشين وإزاحة الستار عن المشاريع الاقتصادية والتنموية.
وفيما لفت إلى أن 9 ملايين قروي يتمتعون اليوم بالمياه الصالحة للشرب في إيران، أوضح أن الحكومة وخلال سبع سنوات عملت على توصيل الغاز والمياه الصالحة للشرب وزيادة طاقة الكهرباء للقرى في مختلف أنحاء البلاد.
وصرح الرئيس روحاني: ايران حققت ثورة في المجال الصحي وطفرة في قطاع الاتصالات.
وقال: في هذا العام وعلى الرغم من كل الضغوط حققنا 30 مليار دولار من إيرادات الصادرات غير النفطية.
وأضاف: سننجز مشاريع فريدة ومنقطعة النظير حتى نهاية دورة هذه الحكومة.
وشدد على أن الشعب الايراني صمد رغم ظروف جائحة كورونا والضغوط والتهديدات العسكرية.
وصرح الرئيس الإيراني حسن روحاني: في حربنا ضد كورونا سنكون في العام المقبل الطرف المنتصر.
وأضاف روحاني أن: الإمام الخميني علمنا أن نقرر لأنفسنا بالتصويت عبر الانتخابات.
وقال: لولا المؤامرات الصهيونية والأجنبية والحرب الاقتصادية لكانت الظروف في إيران أفضل بكثير من اليوم.
وفيما أشار إلى أن إيران تمكنت من اكتشاف المزيد من الذخائر النفطية والغازية، أضاف: السنوات القادمة ستكون الأفضل للشعب الإيراني.
ولفت الرئيس روحاني إلى أن: إيران اليوم مقتدرة اقتصاديا وعسكريا وهي أكبر قوة دفاعية في المنطقة.
وصرح الرئيس الإيراني أن: إيران على أتم الاستعداد لتنفيذ التزاماتها إذا عادت دول 5 زائدا 1 الى التزاماتها.
دور المحبّة في تكوين الأُسرة
السيِّد سامي خضرا
مفهوم (الحبّ) من المفاهيم التي حُرِّفت وأصبح لها أكثر من معنى بل ربّما معاني مغايرة لمقصدها الأساسي. والمفاهيم التي باتت تُفهم خطأً بسبب العولمة الإعلامية، والاستشراق الممنهج، وغلبة الأعداء.. هي كثيرة كمفهوم الشجاعة والجرأة، والزُّهد، والعلم والانفتاح والتمدُّن والحضارة والحرّية.
أمّا الحبّ في الإسلام، فهو الحالة النفسية الشعورية التي تتوجه إلى شخص أو مجموعة على أساس إلهيّ محض تماماً، كما أنّ البغض لا يكون إلّا بناءً على أوامر إلهيّة محضة، تعبُّداً لله عزّوجلّ ورِقاً. بتعبير آخر، إنّ الحبّ في الله سبحانه، والبغض في الله عزّوجلّ، من عناوين الإسلام الأساسية التي لا يستقيم الإيمان إلّا بها، بل لا يكون المؤمن مؤمناً إلّا بها.
وغفلة الناس عن هذا العنوان الأساسي، لا يؤثِّر على موقعه في دين الإسلام، كما هي الكثير من المفاهيم المُغيَّبة أو المعطَّلة، والتي سوف تعود يوماً، عندما تُملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما مُلئت ظلماً وجوراً. فعن الإمام الصادق (ع) قال: «مَن أحبّ لله، وأبغض لله، وأعطى لله، فهو مِمَّن كَمُلَ إيمانُه». وفي نص آخر عن مولانا الباقر (ع) قال: «إذا أردتَ أن تعلم فيك خيراً، فانظر إلى قلبك، فإن كان يُحبُّ أهلَ طاعة الله، ويُبغض أهل معصية الله ففيك خيرٌ والله يُحبُّك، وإن كان يُبغضُ أهل طاعة الله ويُحبُّ أهل معصيته، فليس فيك خير والله يبغضك، والمرء مع مَن أحبّ».
ولاشكّ أنّ هذا الحبّ ينحسب على الأُسرة كلِّها، خاصّة إذا ارتوى بعذب أخلاقيات الإسلام المختلفة، والتي يُصرُّ الأعداء على سلبنا إيّاها، وهي أغلى ما نملك، والتي منها:
صلة الرحم، الرأفة، التراحم، التزاور، البر بالوالدين، إجلال ذي الشيبة المسلم، إجلال الكبير، التعاطف.
إنّ شجرة (الحبّ) الحقيقي بحسب مفهوم الإسلام، وما يتفرَّع عنها من أغصان، هي التي جعلت الأُسرة مترابطة متماسكة، يُجلُّ صغيرُها كبيرَها، ويرأف كبيرُها على صغيرها.
فتماسكت الأُسرة وتحابَبَتْ وكان العطفُ والحنان والرعاية والتكافل هو الأساس والحاكم، إلى درجة النهي عن قول (أُفٍّ﴾ (الإسراء/ 23) أو النظرة الحادّة المؤذية إلى الوالدين.
بل أكثر من ذلك: شاء الله جلّ جلاله أن يسري الحبّ الإلهيّ الذي أمرنا به إلى تمام الأرحام والقٌربات، فذكرت الأدعيةُ مراراً جُمل التوفيق والرحمة والغفران (للأهل والولد).
﴿رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ﴾ (نوح/ 28)، ﴿رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ (الإسراء/ 24)، واجزهما بالإحسان إحساناً، وبالسيِّئات عفواً وغفراناً.
بل لا ينتهي حقّهما بالموت، فالمسنون الوارد في حقِّهما، الدُّعاء لهما، وحتى الأجداد والجدات فهم آباء وأُمَّهات أيضاً الدُّعاء لهم، والترحم، والصدقة وزيارة قبورهم، وحبّ مَن كانوا يُحبُّون في حياتهم، ومهما كان الفعل في جنبهم عظيماً، بَقِيَ في مقابل حقِّهم صغيراً.
ويرى المتتبِّع لتفصيل الواجبات والمستحبّات التي حثَّ الشرع الإسلامي على تطبيقها على صعيد الأقارب والأرحام، أنّ هناك أُموراً يتميَّز بها هذا الدِّين دون الأديان والعقائد (والحضارات) الأُخرى.
فالبسمةُ مطلوبةٌ بين أفراد الأُسرة، خاصّة تجاه الأب (وإن علا) والأُمّ (وإن علت)، كذلك المصافحة، وتقبيل الأيدي، التي هي عادة أصبحت شبه مهجورة في أيّامنا هذه، وخدمتهم، وعدم مخاطبتهم بطريقة خشنة أو جافة، وهو الذي بدأ ينتشر للأسف في مجتمعاتنا تقليداً للمجتمع الغير مسلم، وكفايتهم بالمال مع القدرة دون أن يطلبوا ذلك.
بل من روائع دين الإسلام عنوان (بر الوالدين) وطاعتهم، إلى حدِّ أنْ كان العقوق لهما معصية كبيرة، لا يأمن صاحبها في دنياه فضلاً عن أُخراه.
وعندما تحدَّث الإمام الصادق (ع) عن الإحسان للوالدين، قال: «الإحسان، أن تُحسن صحبتهما، وأن لا تُكلِّفهما أن يسألاك شيئاً ممّا يحتاجان إليه وإن كانا مُسْتَغْنيين». حتى ورد أنّهما لو ضرباك فقُل لهما «غفر الله لكما». وفي شتّى الحالات «لا تملأ عينيك من النظر إليهما إلّا برحمة ورِقَّة، ولا ترفع صوتك فوق أصواتهما».
أمّا فيما يتعلّق بسائر أفراد الأُسرة، فالحبّ بينهما حقيقي، وليس لمصلحة آنية أو عابرة، لأنّ المنطلق إيماني ملزمٌ، له آثار في الدُّنيا والآخرة. وورد عن الباقر (ع): «إنّ الرحم معلَّقةٌ يوم القيامة بالعرش تقول اللهم صِلْ مَن وَصَلني واقطعْ مَن قطعني».
فالأُسرة المسلمة علاقتها مع بعضها البعض انصياعٌ لأمر الله جلّ جلاله، وخضوعٌ لإرادته، وتقرُّبٌ لمرضاته جلّ وعلا، فالكلُّ يُحبّ الكلّ، حبّاً في الله ورغبة في الثواب، فأفراد الأُسرة الإسلامية يطمئنُّون أن الله سبحانه مريدٌ لهذا الفعل، فيفعلون، أو مُريدٌ لترك هذا الأمر فيتركون.
وقد ورد في الأحاديث الكثيرة جدّاً، أنّ صلة الرحم تُنمِّي الأموال، وتدفع البلوى، وتطيل في العمر، وتُهِّون الحساب وسكرات الموت، وتزيد في الرزق، وتُعمرِّ الديار.
بالعدل تستقيم حياة الأسرة
السيد علي فضل الله
(إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُون) (النّحل/ 90). الإسلام هدفه، كما الأديان السّماويّة، إقامة العدل الذي يحتاج إليه كلّ البشر، والذي ينبغي أن يدخل إلى كلّ السّاحات، وخصوصاً ساحة التّنشئة الأولى، التي يُبنى فيها الإنسان ليصبح على ما يصبح عليه في المستقبل.
ولأنّ الظّلم لا يطاق، ولأنّ الظّلم بشع، لهذا يصبح غياب العدل في الأسرة كما قال الشّاعر:
وظلمُ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً******على المرءِ من وَقْعِ الحُسامِ المُهنَّدِ
العدل أساس أيّ سلطة
إنَّ العلاقات داخل الأسرة محكومة بطبيعة عفويّة تلقائيّة؛ علاقة غير رسميّة، علاقة تحكمها مسبقاً المقبوليّة والخضوع وخفض الجناح وعدم الرّغبة بالتمرّد، وما إلى هنالك من احترام سلطة الأهل من قبل الأولاد، أو احترام موقعيّة الزّوج بالنّسبة إلى الزّوجة، أو الزّوجة بالنّسبة إلى الزّوج، وهكذا.
لهذا، يجب أن يحضر العدل بقوّة في كلّ تفاصيل جوّ البيت، وأن ينساب طبيعيّاً، ويجب أن يعي أصحاب هذه السّلطة الأمر جيّداً، لأنّ السّلطة خطرة، فكيف إذا كانت على أناسٍ أنت تنفق عليهم، ولا مجال للاعتراض، فيصبح حال أفراد البيت حال من لا يجد عليك ناصراً إلا الله. لهذا، مطلوب أن يشيع في الأسرة مناخ العدل، لأنّه يستحيل أن نُدخل القضاء والمحاكم والقوانين لتفصل بين الزّوج والزّوجة، أو بين الأب وأولاده، وبين الأولاد وأمّهم، وهكذا، كما يحصل الآن في المجتمعات الغربيّة، حيث باتت ساحة الأسرة كساحة المصنع أو المعمل أو المؤسّسات، بلا روح، والقوانين هي السّائدة فقط.
العلاقة الزّوجيّة عدل ورحمة
والبداية هي بالعلاقة الزّوجيّة، حيث إنّ هذه العلاقة، إن تحقّق فيها العدل، فإنّنا نستغني عن كثيرٍ من المطالبة بالقوانين لرفع الغبن عن الزّوجات، لأنّ الأمور لن تصل إلى هذا الحدّ. وعظمة الإسلام، أنّه أضاف إلى شروط العدل خلطةً أخرى، فهو جعل العدل في العلاقة الزّوجيّة ممزوجاً بالمودّة والرّحمة والمعروف والسّكن، فالزّوج الّذي يخاف الله ويخشى ألا يكون عادلاً، لن يغشّ زوجته، ولن يبخل عليها أو يقسو، وأيضاً لن يعنّفها. لا وجود للعنف في قاموس البيت المؤمن، لماذا؟ لأنّه بيت تحكمه الآية: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً) (الرّوم/ 21) ، وكذلك الأمر بالنّسبة إلى الزّوجة، فهي إن قدّرت ظروف زوجها، وكانت عادلةً في الحكم على تصرّفاته، وفي تقدير حاجاته وتفهّمها، فإنّ الكثير من المشاكل ستزول ولن تستمرّ.
الزّوج شريك وليس حاكماً
قبل أن تفتّشوا عن القوانين الجامدة بموادّها المتشعّبة، فتّشوا عن العدل، ربّوا أولادكم عليه، اِجعلوه البوصلة لضبط كلّ مشاكل العلاقة في الأسرة. إنّ السّلطة الأبويّة أو الذّكوريّة في مجتمعنا، لا تزال، للأسف، تُمارس بكثير من التعنّت... فعندما يتعلّق الأمر بحقوق الرّجل، تصبح الأمور على المسطرة وبالميزان الدّقيق، وعندما يتعلّق الأمر بحقوق المرأة، فإنَّ الموضوع يتمّ غضّ النّظر عنه، فأين العدل في أن تعتبر وقت راحتك مقدّساً، ووقت راحتها ليس كذلك؟ أن تعتبر أنّ الطّريقة الّتي تفكّر فيها أنت هي التي يجب أن تحكم، ولا تستمع إلى من يشاركك هذه الحياة؟ فعدم أخذ الرّأي هو أيضاً ظلم، وعدم أخذ رغبات الآخر الّذي يعيش معك بعين الاعتبار، هو الظّلم بعينه...
وفي هذا المجال، ندعو الزّوج إلى النّظر بكلّ مسؤوليّة إلى شريكة حياته الّتي أفنت حياتها في سبيل تأمين الحياة الكريمة له ولأولاده، وعليه الالتفات إلى حفظها من بعده، كي لا تبقى عالةً على أولادها، وخصوصاً أنّها هي من ساعدته على تأمين ظروف الإنتاج.
العدل بين الأولاد
والحديث عن العدل في البيت أيضاً، يأخذنا إلى الحديث عن العدل مع الأولاد. وعظمة الإسلام في هذا الموضوع، أنّه لاحظ العدل في أبسط الأمور، بدءاً من النّظرة، وصولاً إلى العطاء والهديّة، إضافةً إلى الرّعاية، والاهتمام، والحبّ، والتّشجيع، والمكافأة، وإدخال الفرح والسّرور، وتبادل الحديث، وحتّى النّظرة والابتسام، وقد كثُرت الأحاديث في ذلك، ففي الحديث عن رسول الله (ص): «إنَّ الله يحبّ أن تعدلوا بين أولادكم، كما يحبّ أن تعدلوا مع أنفسكم».
ولذلك، عندما أبصر رسول الله (ص) رجلاً له ولدان قبّل أحدهما وترك الآخر، قال له رسول الله (ص): «هل واسيت بينهما؟»، أي هل ساويت؟
وفي الحديث أيضاً: «اعدلوا بين أولادكم في النُّحْل (أي العطاء)، كما تحبّون أن يعدلوا بينكم في البرّ واللّطف».
وورد في السّيرة عن النّعمان بن بشير، وهو أحد صحابة رسول الله (ص)، أنّه قال: أعطاني أبي عطيّةً، فقالت لي أمّي عميرة بنت رواحة: لا أرضى أن تأخذ هذه حتّى يشهد على ذلك رسول الله (ص)، (لاحظوا موقف هذه الأمّ التي لم ترض أن يتصرّف زوجها بظلم مع أولادها). يكمل الرّجل ويقول: فأتى والدي إلى رسول الله ليشهده على عطيّته ويثبّتها لي... فقال له رسول الله (ص): «أكلّ أولادك أعطيت؟»، قال أبي: لا. فقال رسول الله (ص): «اذهب، فإنّي لا أشهد على جور».
لقد كان رسول الله قاطعاً وحاسماً في رفضه التّمييز بين الأولاد، وكان يرى في التّمييز إخلالاً بكيان الأسرة وتماسكها وترابطها، فالولد الّذي يشعر بالغبن داخل الأسرة من أبيه أو أمّه، سيتحوَّل عنده هذا الشّعور إلى حقدٍ دفينٍ تجاه من عليه واجب احترامه وتقديره والإحسان إليه، وعلى إخوته الّذين يراهم أخذوا حقّاً له، فمن الجور أن تعطي بغير عدل، وهو خلاف التّقوى، والرّسول قال: «اتّقوا اللّه واعدلوا بين أولادكم».
الابنة قبل الابن
لا يمكن أن نتحدّث عن عدلٍ داخل الأسرة، إلا ونتحدّث عن العدل المطلوب بين الأولاد الذّكور والإناث. وإنَّه بحمد الله، ونتيجة الوعي، صارت مظاهر التذمّر من أن يرزق المرء بالبنت أقلّ من السّابق، ونريدها أن تُمحى نهائيّاً، فالله يرزقنا البنين كما البنات، وآن الأوان لأن نخلّف مظاهر التّمييز بين الذّكر والأنثى وراءنا.
وهنا، ندعو الأهل إلى إدخال مستقبل الفتاة في الحساب، ولا سيّما على مستوى التّعليم والعمل وتأمين حياتها، كما ندعوهم إلى عدم التدخّل في التّقسيم الشّرعيّ الدّيني للإرث، الّذي يراعي حقوق الذّكر والأنثى. وفي حال أرادوا أن يتدخّلوا، فلا بأس، ولكن ليتدخّلوا بالعدل ولحساب البنت، ليزيدوا من نصيبها وليس العكس، وخصوصاً أنّ الجميع بات يدرك، وبالتّجربة، أنّ البنت هي الّتي تحفظ أهلها، وغالباً أكثر من الابن، وتضحّي لأجل ذلك، وتنفق عليهم... علماً أنّ الإسلام رفع من مكانة البنت، عندما أعاد إليها إنسانيّتها المفقودة، وأشار إلى قدراتها وإمكاناتها، ودعا إلى إعطائها حقّها في الرّعاية والاهتمام والتّشجيع، وتوفير الفرص من دون تمييز... ففي الحديث عن رسول الله: «من كانت له ابنة فلم يهنها، ولم يؤثر ولده الذّكر عليها، أدخله الله الجنّة البتّة».
حقّ الخادمة
وفي حديثنا عن العدل داخل البيت، صار لزاماً علينا في أيّامنا هذه، بل أصبحت الحاجة ماسّةً إلى الحديث عن عدل كلّ أفراد الأسرة مع الّذين يخدمون في هذه المنازل، فقد يؤخذ على مجتمعاتنا أنّها تتصرّف مع الخادمات ومدبّرات المنازل بخلفيّات تمييزيّة، تصل إلى حدّ العنصريّة، فقد تعيش تحت رحمة حتّى الصّغار في الأسرة، الّذين يتعلّمون من الكبار، فلا يحترمون لها وقت راحة، ولا قدرات ذهنيّة أو جسديّة.
إنَّ علينا كمجتمع إيمانيّ أن نبرهن عن رقيّنا، فلا نظلم من هاجروا من أجل أقدس قيمة، وهي العمل وكسب العيش الكريم، ولأجله يعانون الغربة، ويبتعدون عن أهلهم وأوطانهم وأطفالهم. إنَّ ظلم أولئك لهو من الجور الّذي حذَّر الإسلام منه، إنَّنا مدعوّون إلى أن نقدّم أنموذجاً في حسن التّعامل مع هؤلاء، أن نؤدّي حقوقهم كاملة، وأن نحسن إليهم، فلا نتذاكى عليهم أو نلتفّ من أجل فرض شروطنا.
إنَّ الموضوع يحتاج إلى تدقيق وإعادة نظر، وألا نكون من الذين يغصبون حقّ المستضعفين، وسنُطالب به يوم القيامة. والرّسول كان قد أوصى أصحابه بالخدم، حينما قال عنهم: «إخوانكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان له أخوه تحت يده، فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا يكلّفه ما يغلبه، فإن كلّفه ما يغلبه فليعنه».
لنجعل من أسرنا مدارس ومعاهد لبناء قيمة العدل، ننطلق منها لبناء وطن العدل، وأمّة العدل، فالأسرة التي لا يسود فيها جوّ العدل، ستُخرّج ظَلَمَةً صغاراً، والصّغار سيكبرون ويصبح الظّلم ديدنهم، إلّا من رحم ربّي
إيران تحيي الذكرى الـ42 لانتصار الثورة الإسلامية
انطلقت اليوم الاربعاء في ايران مسيرات الاحتفال بالذكرى الـ 42 لانتصار الثورة الإسلامية، مع مراعاة الضوابط الصحية لمنع انتشار فيروس كورونا.
العالم - إيران
وخَرجت المسيرات الرمزية بالسيارات والدراجات النارية في العاصمة طهران ومختلَف محافظات البلاد.
ورفع الايرانيون الأعلام عاليا، مؤكدين تمسكَهُم بمبادئ الثورة ومكتسباتها، ومجددين البيعة لقائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي خامنئي.
كما رفع المشاركون في المسيرات صور الشهيدين الفريق قاسم سليماني والحاج ابو مهدي المهندس، مشددين على الصمود في وجه الاستكبار العالمي.
مسيرات طهران في ذكرى انتصار الثورة الاسلامية
وافاد مراسل قناة العالم محمد لاجوردي في طهران، ان العاصمة الايرانية طهران احتفلت في الذكرى 42 لانتصار الثورة الاسلامية بمسيرات رمزية من خلال مشاركة شعبية بالسيارات واستعراض الدراجات النارية والتوجه نحو ساحة الحرية من 22 طريقا رئيسياً في طهران نظراً للبروتوكولات المتعلقة بمكافحة فيروس كورونا.
وقال مراسلنا: ان الشعب يرغب بالحفاظ على مبادئ الثورة بأي شكل من الاشكال رغم الجائحة والمشاكل الاقتصادية، للدفاع عن قيم مبادئ الثورة الاسلامية، رغم الصعوبات التي يعانيها الشعب منذ انتصار الثورة الاسلامية ولحد الان.
واعتبر ان مسيرات (22 بهمن) يوم انتصار الثورة الاسلامية تعكس الارادة الوطنية للشعب الايراني، والتي تجسدت في الانجازات العلمية والعسكرية والثقافية، وتم توصل الى مرتبة علمية والتقدم في تقنية النانو والخلايا الجذعية. مشيراً الى ان الجمهورية الاسلامية خلال عمر الثورة تمكنت من صناعة حوالي 90 بالمائة من ما تحتاجه من الصواريخ والمعدات العسكرية.
الثورة الاسلامية، صرخة في وجه نظام التبعية العالمي
هذا وأكد الاكاديمي الدكتور مسعود فكري ان الثورة الاسلامية في ايران، كانت صرخة بوجه نظام التبعية للقوی الشرقية والغربية في العالم.
وقال الدكتور فكري وهو استاذ في جامعة طهران، في حديث لقناة العالم ان العالم كان منقسماً علی قطبين إبان الثورة الاسلامية، هما الغرب برئاسة الولايات المتحدة والشرق برئاسة الاتحاد السوفيتي.
وأضاف الدكتور فكري ان الاستقلالية، كانت غائبة في ذلك الزمان وكان علی الدول الانتماء الی احد القطبين الشرقي والغربي وكانت القوی الغربية والشرقية تتدخل في جميع سياسات الدول المنتمية اليها.
وأكد ان تشكيل منظمات كمنظمة دول عدم الانحياز جاء من أجل التخلص من النظام القطبي الذي كانت مسلطاً علی العالم.
وبيّن ان هذا العصر يسمی بعصر الامام الخميني لأن ثورته لم تكن ثورة ايرانية أو اسلامية قط، بل كانت ثورة انسانية جوهرها الاستقلال والحرية وعدم الخضوع والتبعية للشرق والغرب.
شاهد بالفيديو..
الثورة الاسلامية، مصدر الهام لشعوب العالم
أكد عضو مركز الهدف للتحليل السياسي في العراق، صباح العقيلي ان الثورة الاسلامية في ايران، تعتبر مصدر الهاماً لكل شعوب العالم.
وقال العقيلي في حديث لقناة العالم ان الولايات المتحدة حاولت اخماد الثورة الاسلامية بتحريك نظام صدام المقبور لكنه فشل في مهمته رغم دعم الكيان الصهيوني ودول الخليج الفارسي.
وأوضح ان دول الخليج (الفارسي)، انتبهت لخطأها فيما بعد في مسألة دعم المقبور صدام ضد ايران وعرفت انه كان اداة من أدوات الاستكبار العالمي ضد الثورة الاسلامية في ايران.
وأكد ان الثورة الاسلامية في ايران رسخت مبادئ الاسلام الاصيل وأبطلت شكوك البعض بأن الاسلام غير قادر ان یكون منظومة للحكم.
مدير مرکز افق للتحليل: الثورة الاسلامية في ايران، معجزة القرن العشرين
من جهته اعتبر مدير مرکز افق للتحليل في العراق، جمعة العطواني ان الثورة الاسلامية في ايران، کانت معجزة القرن العشرين.
وقال العطواني في حديث لقناة العالم ان العالم کان منقسماً علی ایديولوجيتين؛ الشيوعية في الشرق والرأسمالية في الغرب واذا بثورة اسلامية في ايران، تنتصر بقيادة رجل دين وشکلت منظومة سياسية فکرية عسکرية وامنية يمکن لها ان تظاهي هذين القطبين.
وأوضح ان الامام الخميني کان معجزة القرن، لأنه قاد الامة، بمجرد الفکر والتوکل علی الله عزوجل، فانتصر وسط ذهول قطبين تمتلک قدرات وامکانيات عسکرية هائلة.
وأکد ان جميع المحاولات لوأد الثورة الاسلامية والتي بدأت منذ الأشهر الاولی بعد انتصار الثورة، فشلت، فبعدما حشد الغرب، أدواته في المنطقة وحرک نظام البعث الصدامي المقبور ضد الجمهورية الاسلامية فشنوا حرباً مفروضة عليها استمرت لثمانِ سنوات بدعم السعودية والدول الخليجية وتبعها حصار اقتصادي مطبق علی ايران ولکن هذا المحاولات فشلت بفضل حکمة قادة الثورة الامام الخميني ثم ایه الله خامنئي.
ما سرّ المشاركة الكبيرة للشباب الايراني بذكرى انتصار الثورة الاسلامية؟
كما افادت مراسلة قناة العالم سليمة عيسى في طهران، ان الشعب الايراني احيا ذكرى 42 لانتصار الثورة الاسلامية اليوم الاربعاء، والتي طالما تميز فيها الايرانيون بمسيرات رمزية حاشدة عبر عنها بالدراجات النارية والسيارات في مشهد نادر عن الاعوام السابقة.
وقالت مراسلتنا: انه تم ملاحظة حضور الشباب بكثافة في هذا الحدث الشعبي الوطني، مشيرة الى ان هذ الجيل لم يعاصر الثورة الاسلامية حين انبثاقها ولكنه يشارك اليوم في المسيرات الرمزية ليعبر عن ذات الروح الثورية التي جاءت بها الثورة الاسلامية، وايضا ليؤكد تمسكه بها وعدم الرضوخ لأي املاءات غربية والتدخل الاجنبي والمضي قدماً في تطوير البلاد في المجالات كافة تحت اي ظرف خاصة من ظروف الحظر والعقوبات المفروضة والتي استطاعت ايران خلاله من ان تحوله الى فرصة ازدهار سواء على الصعيد العلمي والتقني والدفاعي والعسكري والصاروخي.
مشهد المقدسة في ذكرى انتصار الثورة الاسلامية
هذا وافاد مراسل قناة العالم امير جابر في مدينة مشهد المقدسة شمال شرقي ايران: ان المدينة المقدسة شهدت احتفالات رمزية بمناسبة الذكرى 42 لانتصار الثورة الاسلامية حضرها المواطنون بالسيارات والدراجات النارية الى الشارع المؤدي لمرقد الامام علي بن موسى الرضا "عليه السلام".
وقال مراسلنا: ان المسيرات الرمزية لاحياء ذكرى انتصار الثورة الاسلامية، جاءت نتيجة لقرار من لجنة مكافحة كورونا حرصاً على سلامة المواطنين في ايران، مشيراً الى ان باقي المدن الايرانية سيتم مشاركة المواطنين في المسيرات مع الحرص على التباعد الاجتماعي، فيما ستبث خلالها كلمات المسؤولين من بينهم عضو مجلس مصلحة تشخيص النظام سعيد جليلي عبر التلفزيون المحلي.
واكد مراسلنا ان مدينة مشهد المقدسة تعتبر من المدن الثورية التي شهدت في سبعينات القرن الماضي مسيرات منددة بحكم الشاه، وانتصرت فيها الثورة بعدما سيطر الثوار على مفاصل المدينة والمؤسسات الحكومية قبل شهر من اعلان انتصار الثورة الاسلامية في العاصمة طهران، مشيراً الى انه خلال احياء مراسم عشرة الفجر اقيمت عشرات المراسيم والاحتفالات بثتها مواقع التواصل، وان جائحة كورونا لم تسمح بمشاركة جماهيرية في هذه المناسبة الوطنية الكبيرة في ايران.
ماذا احتوت رسالة مدينة اصفهان لادارة بايدن؟
وافادت مراسلة قناة العالم فاطمة بويردة في مدينة اصفهان، ان مسيرات ذكرى 42 لانتصار الثورة الاسلامية قد انطلقت في ثاني كبرى مدن ايران بعد مشهد المقدسة والتي تعرف بنصف الدنيا وثاني مدينة صناعية بعد العاصمة طهران.
واوضحت مراسلتنا، ان المسيرات حملت تحديات الثورة على مدى اربعة عقود التي مرت على ايران منذ اول يوم لعملية اقتحام السفارة الامريكية في طهران وقطع العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة الامريكية، اضافة الى تحديات الحرب المفروضة على ايران لمدة 8 سنوات، كلفتها خسائر بشرية ومادية كبيرة.
واضافت مراسلتنا، ان ايران حولت التحديات والحصار الى تقنية علمية وقدرات عسكرية وصاروخية، مشيرة الى ان الشعب الايراني رفع شعارات حول الاتفاق النووي الايراني طالب فيها الادارة الامريكية الجديدة، بلا للحوار دون رفع العقوبات، ولا لمفاوضات خارج اطار اتفاق عام 2015 او اضافة اطراف جديدة الى الاتفاق النووي، داعين ادارة بايدن بان تمارس الدبلوماسية القصوى عوضاً عن العقوبات القصوى.
اسباب استمرار استهداف الثورة الاسلامية من قبل الغرب
كما أكد مسؤول العلاقات الخارجية بحركة الجهاد الاسلامي، محفوظ منور ان الثورة الاسلامية بدأت بالانتصار للمستضعفين واليوم تستمر علی نفس النهج.
وقال محفوظ منور في حديث لقناة العالم ان الثورة الاسلامية، لم تكن ثورة لايران، بل كانت ثورة الايرانيين لمستضعفي العالم.
وأوضح ان الثورة الاسلامية منذ اللحظة الاولی كانت تضع مسألة أمر مستضعفي العالم نصب أعينها خاصة قضية الشعب الفلسطيني الذي بادرت بإخلاء السفارة الاسرائيلية في ايران من أجله وسلمتها للفلسطينيين.
وهنأ مسؤول العلاقات الخارجية بحركة الجهاد الاسلامي ذكری الانتصار لقائد الثورة الاسلامية والدولة الايرانية مؤكداً ان الشعب الايراني لايزال يتحمل الصعاب والحصار والجوع وحتی منع الامكانيات العالمية لمكافحة جائحة كورونا، لانه ثابت وصامد علی نهج الثورة.
وأوضح منور ان استمرار استهداف الثورة الاسلامية من قبل الغرب، يأتي بسبب الدور الايراني في المنطقة والعالم وفي وقوفها الی جانب كل المظلومين وخاصة الشعب الفلسطيني.
هذا ما حدث لإيران بعد الخروج من تحت مظلة اميرکا
هذا وأکد النائب في البرلمان الايراني علي أکبر علي زاده ان خروج ايران من تحت المظلة الاميرکية جعلها شجرة عظيمة تعيش تحت ظلها شعوب عدة في المنطقة.
وقال علي اکبر علي زاده في حديث لقناة العالم الاخبارية:"علمنا الامام الخميني (رض) ان لانهاب الموت وأن ننزل للساحات وان نثق بأنفسنا".
وأضاف علي زاده:"قدمنا الکثير من الشهداء ولکننا لم نعود تحت مظلة العبودية الاميرکية وبقينا احراراً رغم الحروب التي فرضت علينا ورغم اغتيال ابناءنا وعلماءنا ورغم الحصار الاقتصادي".
وأکد ان هذا الصمود، جعل من الشعب الايراني شعباً شامخاً وشجرة عظيمة تظل بظلالها علی شعوب المنطقة لاسيما في فلسطين واليمن والعديد من البلدان، بحيث أصبح المحتل الصهيوني يهاب هذه الشعوب".
ايران، احدی 4 دول تتحدث بلغة الارقام
اكد مدير عام مؤسسة القدس الدولية، خلف المفتاح ان ايران، احدی اربع دول تتحدث بلغة الارقام وهذه احدی انجازات الثورة الاسلامية.
وقال خلف المفتاح في حديث لقناة العالم ان رئيس الجمهورية الايراني حسن روحاني، تحدث في خطابه بمناسبة انتصار الثورة الاسلامية بلغة الارقام في مجال النفط والغاز والبنی التحتية والعلم، وهذا شئ مهم، فالثورة تكتسب شرعيتها من انجازاتها وهذه الانجازات تجعل المواطن جاهز للدفاع عن الثورة والتفاني من أجلها.
وقال المفتاح:"ايران من أفضل اربع دول تتحدث بلغة الارقام والرقم يتحول الی كائن حي، فهنيئاً للشعب الايراني بهذه الانجازات"، فنحن في دول الشرق لم نتعود علی لغة الارقام لان القادة والساسة يكتفون بالخطابات الحماسية.
ورأی مدير عام مؤسسة القدس الدولية ان الغرب كان يحاول ان يُصور الاسلام بأنه حالة متخلفة وانه عالم ما قبل الحداثة ولكن الثورة الاسلامية الايرانية جاءت وأثبتت ان الاسلام يتعامل مع العصر وهذه من أهم انجازات الثورة الاسلامية.
مدينة قم المقدسة في ذكرى انتصار الثورة الاسلامية
وافاد مراسل قناة العالم محمد جواد ارويلي في مدينة قم المقدسة جنوب العاصمة طهران، ان اهالي المدينة المقدسة انطلقوا بمسيرات رمزية في احتفالات بمناسبة الذكرى 42 لانتصار الثورة الاسلامية.
وقال مراسلنا: ان هذه المدينة لطالما كانت مهد انطلاق الثورة الاسلامية، وشوارعها كانت يوما ما شاهدة على احداث وتطورات ووقائع الثورة الاسلامية المباركة، مشيراً الى ان مسيرات هذا العام تميزات عن الاعوام السابقة في ظل الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا، الا ان الجميع مصر على احياء هذه المناسبة ونزل الى الشوارع بالسيارات والدراجات النارية والهوائية.
واكد مراسلنا ان الجميع يؤكد تمسه بمبادئ الثورة الاسلامية ويعبر عن حبه وولائه لمفجر الثورة الاسلامية الامام الخميني "قدس سره" ويجدد البيعة للامام الخامنئي، وان الجميع قد رفع اعلام الجمهورية الاسلامية وبعض السيارات رفعت صور للشهيدين القائدين الحاج قاسم سليمان وابو مهدي المهندس، اضافة الى يافطات كتب عليها "الموت لامريكا" و"الموت لاسرائيل" الشعار المبدئي والاساسي للثورة الاسلامية.
ولفت مراسلنا الى ان قضايا العالم الاسلامي كانت حاضرة وبقوة في هذه المسيرات بدءا من اليمن ومرورا بالعراق ولبنان وسوريا وتؤكد على ضرورة الحفاظ على مكتسبات الثورة الاسلامية من التقنية العلمية والنووية والصاروخية في المجالات.
وأنطلقت صباح الیوم في الساعة العاشرة بحسب التوقيت المحلي مسيرات رمزية بالدراجات النارية والسيارات للاحتفال بذكرى الثورة في العاصمة طهران وكل المدن الإيرانية.
وكان الشعب الإيراني قد أطلق مساء أمس هتافات "الله اكبر"، وازدانت سماء البلاد بالألعاب النارية، كما أقيمت احتفالات في عموم مساجد البلاد مع مراعاة الضوابط الصحية.
وقدمت قناة العالم الاخبارية اليوم الاربعاء تغطية خاصة بالذكرى الـ 42 لانتصار الثورة الإسلامية في إيران.
آية الله رئيسي: الانسجام والتكاتف من اهم احتياجات العالم الاسلامي اليوم
اعتبر رئيس السلطة القضائية الايرانية آية الله ابراهيم رئيسي الانسجام والتكاتف من اهم حاجات العالم الاسلامي اليوم.
جاء ذلك في تصريح ادلى به السيد رئيسي اليوم الاربعاء في بغداد خلال استقباله حشدا من علماء السنة والشيعة وامين عام الحزب الاسلامي والشخصيات المؤثرة في الساحة السياسية والاجتماعية في العراق.
ونقل رئيس السلطة القضائية الايرانية تحيات قائد الثورة الاسلامية الى الشعب العراقي، معربا عن امله ان يبقى المجتمع الاسلامي محصنا من فتن ومؤمرات الاعداء.
واعتبر آية الله رئيسي معرفة العدو وتعزيز الوعي في المجتمع بانهما من مسؤولية علماء الدين واشار الى ان الاعداء اليوم يسعون اليوم لبث التفرقة في صفوف العالم الاسلامي واضاف: ان الجمهورية الاسلامية الايرانية تؤكد على استراتيجية الوحدة والانسجام بين المسلمين ويتوجب على الجميع العمل لتحقيق هذه الاستراتيجية.
وقال: ان الانسجام والتكاتف يعدان اليوم من اهم حاجات العالم الاسلامي ونعتبر اي تفرقة بانها مضرة للمسلمين وهي كالسم الخطير.
واعتبر ممارسات الارهابيين بانها شبيهة بممارسات الصهاينة واضاف: ان هذه الزمر تدعي الاسلام في حين ترتكب اكبر الجرائم.
واكد رئيس السلطة القضائية الايرانية ضرورة طرد الاميركيين على اساس قرار البرلمان العراقي واضاف: مادام الاميركيون متواجدين في المنطقة فان المنطقة لن ترى الامن لانهم يقومون باعمال شريرة اينما تواجدوا.
واعتبر تحصين الشباب والمجتمع العراقي وإعداد القوى البشرية من مسؤولية الفقهاء وعلماء الدين واكد بان من مسؤولية علماء الدين ايضا خدمة الناس وقال: انه الى جانب الاهتمام ببناء الانسان للتحرك نحو الحضارة الاسلامية الحديثة فانه ينبغي الاهتمام ايضا بحل مشاكل المواطنين في مجال العمل والحياة.
المصدر:العالم
انتخاب السلطة التنفيذية بليبيا.. الترحيب الداخلي يتواصل
مفوضية الانتخابات أعربت عن جاهزيتها لإجراء الانتخابات القادمة وغرفة عمليات تحرير سرت - الجفرة تمنت للسلطة الجديدة التوفيق والسير بليبيا إلى بر الأمان..
وليد عبد الله
تواصل، السبت، الترحيب الليبي بمخرجات ملتقى الحوار السياسي الذي انعقد في جنيف السويسرية، وشهد انتخاب سلطة تنفيذية جديدة.
وقالت المفوضية العليا للانتخابات الليبية في بيان نشرته على صفحتها الرسمية بـ"فيسبوك": "نبارك النجاح الذي تحقق بانتخاب سلطة تنفيذية جديدة في البلاد تمهيدا لإجراء الانتخابات العامة المقرر عقدها في 24ديسمبر/ كانون الأول 2021".
وأعربت عن "تطلعها للعمل مع الحكومة عن قرب للوفاء بالتعهدات والالتزامات التي قطعها أعضاءها وهم يستعرضون رؤيتهم وبرامجهم السياسية الرامية إلى تحقيق ودعم متطلبات الاستحقاقات الانتخابية المقبلة".
وأكدت "استعدادها وجاهزيتها للوفاء بمهامها التي أوكلها الإعلان الدستوري، وتحمل مسؤولياتها نحو تنفيذ انتخابات ترتقي لتوقعات الشعب الليبي وآماله".
وتعهدت المفوضية "ببذل قصارى جدها لتمكين جميع الليبيين من ممارسة حقهم في التصويت والمشاركة في انتخابات حرة ونزيهة تعبر نتائجها عن التمثيل الحقيقي لمجتمعنا العريق مجتمع التسامح والتآخي".
بدوره، قال العميد الهادي دراه الناطق باسم غرفة عمليات تحرير سرت - الجفرة للأناضول: "نبارك الخطوة الكبيرة التي قامت بها الأمم المتحدة في اختيار رئيس للمجلس الرئاسي الجديد ورئيس للحكومة".
وأضاف: "نتمنى للسلطة الجديدة التوفيق، وتجنيب ليبيا الخراب والدمار، والسير بها إلى بر الأمان".
وحول اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) قال دراه: "نحن على استعداد تام لفتح الطريق وتنفيذ بنود اتفاق اللجنة العسكرية، في حال أقرت اللجنة ذلك"، متمنيا تحقيق شروط ومطالب الاتفاق بسحب المرتزقة وإزالة الألغام.
وفي وقت سابق، السبت، أعلنت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة "5+5"، اتفاقها على نزع الألغام من سرت (غرب) والطرق المؤدية إليها، بدءا من الأربعاء.
وتضم اللجنة العسكرية المشتركة 5 أعضاء من الحكومة الليبية المعترف بها دوليا، و5 من طرف مليشيا الانقلابي حفتر.
والجمعة، أسفر تصويت أجراه أعضاء ملتقى الحوار الليبي، برعاية أممية بجنيف، عن فوز قائمة تضم عبد الحميد دبيبة رئيسا للوزراء، ومحمد يونس المنفي رئيسا للمجلس الرئاسي، بجانب موسى الكوني وعبد الله حسين اللافي، عضوين في المجلس.
بينما فشلت قائمة كانت تضم عقيلة صالح، حليف حفتر، كرئيس للمجلس الرئاسي، في الحصول على ثقة أعضاء المجلس.
وقالت المبعوثة الأممية إلى ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز، بعد التصويت الجمعة، إن أمام دبيبة 21 يوما لتقديم تشكيلة حكومته إلى مجلس النواب من أجل منحها الثقة، وفي حالة تعذر ذلك يتم تقديمها لملتقى الحوار الوطني.
وستتولى القائمة الفائزة في التصويت، إدارة شؤون البلاد مؤقتا، حتى إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في 24 ديسمبر/كانون الأول 2021.
المصدر:الاناظول
هل تحسن السعودية صورتها أمام إدارة بايدن؟ (مقال تحليلي)
يميل مراقبون إلى ترجيح اتخاذ السعودية خطوات استباقية لتخفيف توترات متوقعة مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
إسطنبول/ إحسان الفقيه
يدرك ولي العهد السعودي محمد بن سلمان أن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة دخلت منعطفا "غير مريح" مع انتهاء ولاية الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب ومجيء جو بايدن إلى البيت الأبيض.
كما يدرك أنه على السعودية تقديم تنازلات "مؤلمة" في ملفات عدة، منها ما يتعلق بملف حقوق الإنسان، ومآلات الحرب الأهلية في اليمن، وغير ذلك مما أثاره بايدن خلال حملته الانتخابية، وتأكيدات مسؤولين أمريكيين في إدارته على ضرورة "إعادة تقييم" العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية.
يميل مراقبون إلى ترجيح اتخاذ السعودية خطوات استباقية لتخفيف توترات متوقعة مع الإدارة الأمريكية الجديدة.
فبعد أكثر من ثلاثة أعوام على قطع جميع أشكال العلاقات مع دولة قطر، ورفض السعودية للوساطة الكويتية وعدم استجابتها لعدد من المبادرات الأمريكية، قررت المملكة والدول الشريكة فتح الأجواء والمنافذ البرية واستئناف العلاقات مع الدوحة وإنهاء المقاطعة.
وفي ما بدا أنها محاولة منها لتجنب أي مسار تصادمي مع الإدارة الأمريكية، سارعت السعودية إلى إجراء عدد من المحاكمات لمعتقلي الرأي وناشطات حقوق الإنسان، بمن فيهم الطبيب وليد فتيحي الأمريكي من أصول سعودية.
وسبق للرئيس الأمريكي جو بايدن أن وصف السعودية في عام 2019 بأنها دولة "منبوذة".
كما دعا إلى مساءلة المسؤولين السعوديين عن حادثة اغتيال جمال خاشقجي في القنصلية السعودية بإسطنبول في 2 أكتوبر/ تشرين أول 2018، وتعهد بوقف بيع الأسلحة للسعودية التي تقود تحالفا يضمها إلى جانب الإمارات ودول أخرى في اليمن منذ مارس/ آذار 2015.
وأوقفت الولايات المتحدة "مؤقتا" مبيعات الأسلحة إلى كل من السعودية والإمارات لإعطاء الفرصة للإدارة الجديدة لمراجعة القرارات التي اتخذتها الإدارة الأمريكية السابقة.
وقال وزير الخارجية الأمريكية أنتوني بلينكين إن بايدن وعد بإنهاء الدعم للحملة العسكرية السعودية في اليمن في وقت قصير للغاية.
لكن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية وصف قرار الإيقاف المؤقت بأنه "إجراء إداري روتيني" يُظهر التزام الإدارة الأمريكية بالشفافية، بالإضافة إلى ضمان أن تفي مبيعات الأسلحة بالأهداف الاستراتيجية الأمريكية المتمثلة في بناء شراكات أمنية على أسس المصالح المتبادلة.
غير أن مسؤولين سعوديين، مثل وزير الخارجية فيصل بن فرحان آل سعود، يبدون تفاؤلا بأن تكون العلاقات مع الإدارة الجديدة بالولايات المتحدة "علاقات ممتازة"، وأنهم سيواصلون محادثاتهم مع واشنطن بشأن الملف النووي والصواريخ البالستية الإيرانية.
وترفض طهران العودة إلى الاتفاق النووي قبل رفع عقوبات "الضغط الأقصى" التي فرضتها الإدارة السابقة بعد الانسحاب من الاتفاق في مايو/ أيار 2018، وهو القرار الذي اتخذه الرئيس السابق دونالد ترامب ورحبت به السعودية والإمارات وإسرائيل وغيرهم من حلفاء الولايات المتحدة وشركائها بالمنطقة.
ومؤخرا وجّه عشرة من المشرعين الديمقراطيين رسالة إلى وزير الخارجية بلينكين لإعادة تقييم أوسع للعلاقة مع السعودية، بما في ذلك رفع السرية عن تقرير مخابراتي حول اغتيال جمال خاشقجي.
وتنفي السعودية أي دور لولي العهد في اغتيال خاشقجي، وتُحمّل مجموعة "مارقة" المسؤولية عن الاغتيال والقيام به دون علم أو موافقة قادة المملكة أو ولي العهد.
وحجب ترامب نتائج توصلت إليها المخابرات الأمريكية حول الحادثة، على الرغم من طلبات الكونغرس بتقديم تقرير مفصل عنها، وهو ما وعدت بتقديمه المديرة الجديدة للاستخبارات الوطنية، أفريل هينز، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ سيحدد موعدها لاحقا.
ومن الملفات الأخرى التي طالب بها المشرعون الأمريكيون، الإفراج عن مواطنين أمريكيين محتجزين في السعودية، وتجميد صفقات تسليم أسلحة هجومية تستخدمها الرياض في الحرب باليمن، إضافة إلى إلغاء تصنيف جماعة الحوثي على لائحة المنظمات الإرهابية الأجنبية، وهو القرار الذي اتخذته إدارة ترامب قبل يوم واحد من تسليم السلطة للإدارة الجديدة.
وطيلة أربع سنوات واجه دونالد ترامب الكثير من الضغوط لوقوفه إلى جانب حليفيه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد، واستخدامه حق النقض ضد مشاريع قرارات توصي بوقف مبيعات الأسلحة للسعودية والإمارات، ودفاعه عن السعودية وولي عهدها في قضية اغتيال خاشقجي .
ومع حقيقة المصالح الأمريكية في السعودية والدور السعودي في تأمين المزيد من تلك المصالح، إلا أن هناك قلقا واضحا لدى المسؤولين السعوديين من تخلي الولايات المتحدة عن مصالحها المشتركة مع السعودية، والعودة إلى الاتفاق النووي مع ايران، ووقف مبيعات الأسلحة، والتشديد على سجل المملكة في مجال حقوق الإنسان.
في مقابل ذلك، أشار وزير الخارجية الأمريكي بلينكين أن السعودية بلد "شريك"، كما أن وزارة الدفاع الأمريكية تنوي استخدام قاعدتين جويتين سعوديتين وميناء واحد على البحر الأحمر لتعزيز قدراتها في مواجهة التوترات مع إيران.
وتسعى السعودية للتعاقد مع شركات الدعاية ومجموعات الضغط لتحسين صورتها لدى الإدارة الأمريكية الجديدة، واستعادة بعض نفوذها الذي خسرته في أعقاب اتهامات صريحة لولي العهد محمد بن سلمان بالمسؤولية المباشرة عن اغتيال جمال خاشقجي، وتوقيف المعارضين والناشطين والمفكرين، والحرب في اليمن.
وكشفت مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية عن تعاقد السعودية مع 16 شركة على الأقل للاستفادة من خدماتها بتعزيز المصالح السعودية في الولايات المتحدة.
وتزامنا مع وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، كشفت وسائل إعلام أمريكية مطلع ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أن السعودية بدأت حملات ضغط داخل مؤسسات صنع القرار الأمريكي تحسبا لمواقف أكثر صرامة قد يتخذها بايدن ضد المملكة.
ووفقا لوسائل إعلام أمريكية، فإن السعودية أنفقت على الشركات ومجموعات الضغط ما لا يقل عن 30 مليون دولار منذ اغتيال جمال خاشقجي.
من المحتمل أن تؤدي جماعات الضغط إلى بعض النجاحات في استمرار الأعضاء الجمهوريين في الكونغرس على مواقفهم الإيجابية من السعودية.
كما يتوقع أن توظف إسرائيل علاقاتها في مراكز اتخاذ القرار الأمريكي لصالح السعودية، حيث تشير تقارير أمريكية أن السعودية دعمت وشجعت الخطوات التطبيعية لدول حليفة لها، مثل الإمارات والبحرين وكذلك المغرب والسودان.
وتعتقد إسرائيل أن التحولات المتوقعة في سياسات بايدن تجاه السعودية يمكن أن تلحق ضررا في الاستراتيجيات الإسرائيلية المناهضة لتعميق النفوذ الإيراني، والحريصة على الحفاظ على التنسيق والتعاون الإقليمي في المنطقة لمواجهة التهديدات الإيرانية المحتملة.
المصدر:الاناظول