Super User

Super User

مقتل عدد من مسلحي

افاد المراسلون ان الجيش السوري تمكن من قتل عدد من مسلحي ما يسمى بـ "جبهة النصرة" باستهدافه تجمعا لهم بمنطقة السكرية بريف اللاذقية، وذلك اثر سيطرته على قرية البحدلية القريبة من مقامِ السيدة زينب عليها السلام بريف دمشق.

وأكدت المصادر العسكرية أن العمليات التي بدأتها القوات السورية في المنطقة الجنوبية من ريف دمشق قبل ثلاثة ايام ترمي الى تطهير هذه المناطق من الجماعات المسلحة.

كما قال مصدر عسكري سوري الاربعاء ان الجيش السوري استعاد السيطرة على الجبال الغربية المتاخمة للحدود اللبنانية من جهة الريف الشمالي الغربي لدمشق.

كما شن الطيران الحربي السوري عدة غارات على تجمعات لمقاتلي المعارضة في الرقة، ما اسفر عن مقتل عدد منهم في المنصورة والثانوية الصناعية.

ودمر الطيران الحربي كذلك مقار لمقاتلي المعارضة في محيط مطار حلب الدولي ومطار النيرب العسكري وحي طريق الباب.

من جانبهم، قصف مقاتلو المعارضة مطار منغ شمال حلب بعدد من القذائف الصاروخية فردت وحدة حماية المطار على مصادر النيران دون تسجيل اصابات.

كما شهد محيط الكلاسة وباب انطاكيا بحلب اشتباكات عنيفة.

وفي الريف الغربي لدمشق، استهدف الجيش السوري مقار لمقاتلي المعارضة في الزبداني ووداي بردى.

كما اعتقلت وحدة من الجيش السوري 30 مسلحا في بلدتي بيت سابر وبيت تيما في القنيطرة القريبة من خط وقف اطلاق النار مع اسرائيل.

انقسام غربي حول سوريا وبحث مساعدة المعارضة بقطر

قال مسؤول في الخارجية الفرنسية إن ما أسماها مجموعة اصدقاء سوريا ستجتمع في الدوحة السبت لبحث تقديمِ مساعدة ملموسة للمعارضة.

واضاف المسؤول الذي طلب عدم نشر اسمه ان الاجتماع سيحضره وزراء خارجية الدول الاحدى عشرة التي تشكل المجموعة ومنها فرنسا والولايات المتحدة وبريطانيا ومصر والسعودية.

في هذه الاثناء رفضت المانيا تسليح المجموعات المسلحة في سوريا، في وقت رفض الرئيس الاميركي باراك اوباما من جانبه تحديد طبيعة المساعدة العسكرية الجديدة وقال إن التقارير عن استعداد الولايات المتحدة للدخول في حرب في سوريا مبالغ فيها وكرر القول بأن حكومة الرئيس السوري بشار الاسد استخدمت أسلحة كيماوية ولا يمكن أن تستعيد شرعيتها.

وأبلغ اوباما مؤتمرا صحفيا مشتركا مع المستشارة الالمانية انجيلا ميركل "بعض التقارير التي ترددت علنا تجاوزت الحد فيما يتعلق بأن‭ ‬الولايات المتحدة تستعد بشكل ما للمشاركة في حرب أخرى وقال : ما نريده هو انهاء الحرب."

ومن جانبها قالت ميركل ان المانيا لن تسلح المعارضة حتى بالرغم من انتهاء الحظر الذي فرضه الاتحاد الاوروبي على السلاح في سوريا.

الاحتجاجات ضد اردوغان تدخل اسبوعها الرابع

تتواصل الاحتجاجات ضد رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان في مختلف أنحاء تركيا لليوم الحادي والعشرين لتدخل اسبوعها الرابع.

وشهدت العاصمة انقرة احتجاجات ضد الحكومة وقمع الشرطة، وتجمعا للمحتجين في الميادين، وفرقت قوات الشرطة المتظاهرين مستخدمة مدافع المياه، واعتقلت عددا منهم، ونظم المئات من المحتجين وقفة صامتة في ميدان تقسيم باسطنبول احتجاجا على منع الشرطة التركية للمتظاهرين من الاقتراب من الميدان، وقامت قوات الأمن باحتجاز العشرات منهم لرفضهم أوامرها بالتحرك.

وقد أدى الحراك الشعبي منذ بدئه الى سقوط أربعة قتلى، ويرقد ستة متظاهرين في العناية الفائقة من بين ثمانية آلاف جريح، فضلا عن أكثر من ألف معتقل.

آية الله خامنئي يهنىء تأهل المنتخب الايراني للمونديال

هنأ قائد الثورة الاسلامية اية الله السيد على خامنئي اليوم الثلاثاء في بيان بفوز المنتخب الوطني الايراني لكرة القدم على مضيفه الكوري الجنوبي وصعوده الى مونديال البرازيل.

وفي رسالة وجهها آية الله خامنئي بمناسبة صعود المنتخب الايراني الى مونديال البرازيل 2014 اعرب فيها عن ابتهاجه بهذا الفوز.

واضاف قائد الثورة ان هذا الفوز ادخل السرور والبهجة على قلوب كافة ابناء الشعب الايراني.

وفي نفس السياق ، هنأ الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد والرئيس المنتخب حسن روحاني ورئيس مجلس الشورى بفوز المنتخب الايراني لكرة القدم على مضيفه الكوري الجنوبي وتأهله لمونديال البرازيل 2014.

واعرب الرئيسان احمدي نجاد وروحاني في رسالتين منفصلتين بهذا الشأن عن ابتهاجهما لصعود المنتخب الايراني الى المونديال للمرة الرابعة.

واعربا عن املهما باستمرار المنتخب الايراني لكرة القدم بتحقيق نتائج طيبة في المونديال حيث اثبت جدارته خلال الاشهر الاخيرة وعرض صورة ناصعة عن النشاطات الرياضية في ايران.

وقد أهلت إيران لمونديال كأس العالم 2014 في البرازيل بعد فوزها على كوريا الجنوبية 1-0 اليوم الثلاثاء في أولسان في الجولة التاسعة والأخيرة من منافسات المجموعة الأولى ضمن الدور الرابع الحاسم من التصفيات الآسيوية.

وانتزعت إيران الصدارة من كوريا الجنوبية بعدما رفعت رصيدها إلى 16 نقطة مقابل 14 لكوريا الجنوبية التي ضمنت تأهلها بفارق الأهداف أمام أوزبكستان التي سحقت ضيفتها قطر 5-1 بيد أن ذلك لم يكن كافياً لحجزها البطاقة المباشرة إلى المونديال وستخوض بالتالي الملحق الآسيوي أمام ثالث المجموعة الثانية الأردن أو عمان اللتين تلتقيان لاحقا.

وعمت الفرحة العارمة أرجاء إيران إثر هذا الفوز وشهدت شوارع طهران احتفالات بهذا النجاح الوطني.

وبهذا شهدت إيران احتفالين وطنيين في أيام معدودة الأولى كانت قبل بضعة أيام حيث احتفل الإيرانيون بالعرس الانتخابي بانتخاب الرئيس الحادي عشر الشيخ حسن روحاني والاحتفال الثاني هو تأهل إيران لمونديال البرازيل.

الثلاثاء, 18 حزيران/يونيو 2013 07:27

سيرة فاطمة بنت أسد عليها السّلام

کان العربُ فی الجاهليّة و قبل بعثة رسول الله صلّى الله عليه وآله نموذجاً لعبوديّة الشيطان، فكانوا يتسابقون في القتل والغارة على بعضهم البعض، ويفتخرون بوأد بناتهم،و بکثرة الأموال و الأولاد، بل تفاخروا بكثرة أمواتهم في قبورهم. وكان الشيطان يزيّن لهم تلك الأعمال المنكرة، ويحتبل عقولهم بأحابيله، ويضلّهم بأضليله، ويبعدهم عن فطرتهم ـبوساوسه ومكره لکیلا تدلهم الفطرة الإلهیة الی الحقیقة و یبقون غافلین عن عظمة مقام الخلافة الإلهیة ، وكي لا تدعوهم إلى عبادة الواحد الأحد الذي لا شريك له ولا وزير.

وكان ذلك زماناً قبع فيه الإنسان ( خليفة الله ) في قعر الظلمات، وتخبّط في مستنقعات الضلالة بعيداً عن ربّه، لا يُقيم وزناً لعِلمٍ ولا لمعرفة، ولا يستنكف عن تلويث نفسه فأحسنَ وَصْفَه ـ أميرُ المؤمنين عليه السّلام، في قوله:

«... وأنتم ـ معشرَ العرب ـ على شرِّ دِين، وفي شرّ دار، مُنيخون بين حجارةٍ خُشنٍ، وحيّاتٍ صُمّ، تَشربون الكَدِرَ، وتأكُلون الجَشِب، وتَسفِكون دماءكم، وتَقطعون أرحامَكم؛ الأصنامُ فيكم منصوبة، والآثامُ بكم مَعصوبة » (1).

وعاش في تلك الحقبة المظلمة من التاريخ أُناس تصدّوا للشرک و الضلالة كالجبل الراسخ المنيع، ولم يلوّثوا فطرتهم التوحيدية السّليمة بعبادةِ أصنام من الحجارة والخشب، ولم يُودعوا قلوبهم غير الله الواحد الأحد، أُناس لم تترك عليهم البيئة لوثها و صِبغتها، إذ أنِفوا لأنفسهم أن يتشرّبوا بآثارها وينطبعوا بنهجها، فبقيت قلوبهم طافحة بحبّ الله تعالى، عامرةً بالإيمان به سبحانه.

وكان من بين هؤلاء الموحّدين فتىً شريف لم ينزّه فطرته عن عبادة الأصنام والتفاخر الباطل والحروب والغارات والآثام فحسب، بل كان فوق ذلك ، يدعو ربّه الواحد الأحد في خلوته من أجل نجاة قومه من أعمال السفهاء، ويأخذ بأيديهم إلى سبل الهداية والرشاد.

وكان هذا الشاب من أحفاد إبراهيم الخليل عليه السّلام، وكان يقتفي أثر جدّه الخليل، ويجهد نفسه على صعيد الفِكر والعمل في اللَّحاق بخُطى جدّه الكبير.

كان هذا الشاب يُدعى « أسد »، واسم أبيه الجليل « هاشم ». ولم يَغِب عن بال «أسد» بفكره ودرايته أنّ أفضل سُبل طمأنينة الروح والجسد بالنسبة إلى شاب في مُقتبل العُمر هو الزواج، ولذلك اغتنم ذات يوم فرصةً مناسبة فأخبر والديه برغبته في الزواج، فاستحسن أبوه رأيه و وعداه أن يساعداه على تحقيق ما أراد.

وشرع الأبوان يبحثان عن فتاة شريفة من أسرة كريمة تكون زوجة صالحة لابنهما، فعثرا على بُغيتهما في فتاة تُدعَى « فاطمة » تنحدر من نسب عريق أصيل، ويشترك أجدادها من الأب والأم مع أجداد النبيّ صلّى الله عليه وآله في جدّه الأكبر «فِهْر» (2).

 

الخِطبة

ثمّ إنّ أبا أسد فاتَحَ أبا فاطمة وخطب منه ابنته فاطمة لابنه أسد، وتزوّج أسد من فاطمة قبل هجرة النبيّ صلّى الله عليه وآله بما يقرب من 60عاماً، فرُزق من هذه الزوجة الطاهرة ابنة وسيمةً سمّاها فاطمة أيضاً.

كان أسد يُحِبُ ابنته فاطمة كثيراً على الرغم من أنّ العرب كانوا في ذلك الوقت إذا بُشِّرَ أحدُهُم بالأُنثى ظَلَّ وجهُهُ مُسْوَدّاً وهو كظيم * يَتوارى من القَومِ مِن سُوءِ ما بُشِّرَ به: أيُمْسِكُهُ على هُونٍ أم يَدُسُّهُ في التراب (3). وكان من العرب من يئد بناته الصغار خوفاً من أن يلحقهم بسببهنّ العار إذا ما سُبين. وكان أوّل من سنّ ذلك فيهم: قبيلة «بنو تميم»، فقد أرسل إليهم النعمان بن المنذر ـ حاكم العراق ـ جيشاً كبيراً فأغار عليهم ونهب أموالهم وسبى نساءهم، فأرسل إليه كبار بني تميم وفداً وسألوه أن يُطلق سراح بناتهم ـ وكان بعضهنّ قد تزوّج في الأسر ـ فخيّرهن النعمان بين العودة أو البقاء، فاختارت ابنة « قيس بن عاصم » أن تبقى مع زوجها، فصدم ذلك هذا الشيخَ الكبير ـ وكان مقدّماً في قومه ـ فعاهد نفسه أن يَئد كلّ فتاة تولَد له بعد ذاك، ثمّ انتشرت هذه السنّة والطريقة بين قبائل العرب الأخرى (4).

 

المرأة قبل الإسلام

كانت المرأة يومذاك تُباع وتُشترى، شأنها شأن البضاعة، كائناً محروماً من جميع الحقوق الفرديّة والاجتماعية، حتّى من حقّ الإرث. وكان رجالات العرب يعتبرون المرأة في عداد الحيوانات، ويجعلونها في عداد لوازم المعيشة ومتطلّباتها. وكانت المرأة إذا طلّقها زوجها، لا يحقّ لها الزواج من غيره إلاّ بإذن منه، وإذنهُ مرهون في الغالب ـباسترجاعِه المَهر الذي دفعه إليها. وكانت المرأة فوق ذلکـ تنتقل وتُورث كما يُورث أثات البيت ولوازمه.

وعلى الرغم من هذا الجوّ الحاكم على محيط بلاد الحجاز، خالَفَ أسد کل هذه التقالید و الأفکار و المُمارسات، مدفوعاً بفطرته وإيمانه وتوحيده ـ وكان يغرس في قلب « فاطمة » الصغيرة عقائدَ التوحيد، حتّى نشأت امرأةً كاملة مؤمنة . فكانت فاطمة بنت أسد من السابقات إلى الإيمان، وكانت امرأة طيّبة السيرة، لبيبة عاقلة، بصيرة بأمور آخرتها، ذكيّة، عفيفة، طاهرة. وكانت على (الحنيفيّة) دين النبيّ إبراهيم الخليل عليه السّلام، فلم تسجد حتّى قبل الإسلام لصنمٍ قطّ (5). ويكفي في جلالة قدرها ما قيل في حقّها:

كانت فاطمة بنت أسد من فُضلَيات الهاشميّات، بَزَغتْ في عصرها شمساً في سماء الكمال تتنقّل في أبراجه. شَرَفُ حَسَبٍ، فكَرَمُ مَحتِدٍ، فمكارمُ أخلاقٍ، فذكاءُ قلبٍ، فرجاحة حِجى، فطهارةُ نفسٍ، فجمالُ ذاتٍ، ففضيلةُ صفات. تلك حِلية هذه السيّدة الجليلة، ولذا اختارها سيّد قريش ولم يستبدل بها سواها مدّة حياته (6).

 

العلقة الأبدیة ما بین زوجین فی منتهی العبودیّة

مرّت على فاطمة بنت أسد في أحد أيّام مكّة الحارّة لحظات حسّاسة لا تُنسى، لحظات تمرّ بها جميع الفتيات في مثل هذه المرحلة من العمر، فقد تقدّم لخطبتها شابّ مؤمن موحّد يُدعى « أبو طالب »، شاب ينحدر من سلالة كريمة ومَحتِد أصيل، وقيل لها بأنّ جدّه هو « عبدالمطّلب »، ومَن مِن فتيات مكّة فضلاً عن رجالها،لم يَقرَع سمعها اسمُ عبدالمطّلب، ومَن منهنّ لم تبلغها جلالةُ قدره وكرم نسبه.

وجرت مراسم العقد، فدعا أسدٌ الناسَ ليحضروا، فلمّا التأم عقد المجلس نهض فيهم أبو طالب، فالتفت إلى أسد وقال:

الحمدُ للهِ ربّ العالَمين، ربِّ العرشِ العظيم، والمقامِ الكريم، والمَشْعَرِ والحَطيم، الذي اصطفانا أعلاماً وسَدَنَةً وعُرَفاءَ خُلَصاءَ، وحَجَبةً بَهاليلَ، أطهاراً من الخَنى والرَّيْب، والأذى والعَيْب، وأقام لنا المشاعرَ، وفضَّلنا على العشائر، نُخَبَ آل إبراهيم وصفوته، وزَرعَ إسماعيل... وقد تزوّجتُ فاطمةَ بنت أسد، وسُقْتُ المهر ونفذت الأمر، فاسألوه واشهَدوا، فقال أسد: زوّجناكَ ورَضِينا بك، ثمّ أطعَمَ الناس (7).

والتأمّل في مضامين هذه الخطبة الغرّاء التي أُلقيت قبل هجرة النبيّ صلّى الله عليه وآله بما يقرب من 60 عاماً يُقرّ في النفس بأنّ قائلها موحّد حكيم لا يُلقي بالاً إلى ما يفتخر به قبائل قومه يومذاك من القتل والغارة والتكاثر بالأموال والأولاد و...

وكان ذلك فضلاً جديداً في حياة فاطمة بنت أسد، فقد انتقلت إلى بيت زوج كريم موحّد هو أبو طالب عليه السّلام. وكان لهذا الزواج المبارك أثره الكبير الذي سيشهده العالم الإسلامي قريباً.

 

نبذه عن ابی طالب زوج فاطمة بنت اسد رضی الله عنها :

ينحدر أبو طالب من عائلة شريفة ذات نسب عريق، عُرفت باتّباع الحنيفيّة الإبراهيميّة، وبانحدارها من نبيّ الله إبراهيم الخليل عليه السّلام؛ فأبوه « عبدالمطّلب » الذي دانت له قريش بالفضل والسماحة والكرم والسؤدد، وكان لعبد المطّلب عشرة أبناء، منهم أبو طالب ( والد أمير المؤمنين عليه السّلام ) وعبدالله ( والد النبيّ رسول الله صلّى الله عليه وآله )، وهما لأمّ واحدة تُدعى فاطمة بنت عمرو بن عائذ بن عِمران بن مَخزوم (8) تُوُفیَ عید الله قبل ان یولد ابنه محمد صلی الله علیه و آله فانتقلت ولایته الی جَدِّه عبد المطلب وأحسّ باقتراب أجله، وكان هاجسه وهمّه الذي يشغله أمر كفالة النبيّ صلّى الله عليه وآله ـ وكان يومذاك في الثامنة من عمره الشريف ـ فجمع أبناءه ذات يوم وسألهم: أيّكم يكفل محمّداً بعدي ؟ فردّوا: هو أعلمُ منّا، فليختَر منّا مَن يشاء! فالتفت عبدالمطّلب إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله وقال له: يا محمّد، إنّ جدّك راحلٌ إلى الآخرة عمّا قريب، فاختَرْ مِن أعمامك أو عمّاتِك مَن يَكفُلك ويقومُ بأمرك بعدي. فتطلّع النبيّ صلّى الله عليه وآله إليهم ثمّ أشار إلى أبي طالب، فقال عبدالمطّلب لأبي طالب: يا أبا طالب، لقد عَهِدتُ فيك دِينَك وأمانتك، فاكفُلْ محمّداً كما كفلتُه، وارعَه كما رَعَيتُه . فلمّا قُبض عبدالمطّلب انتهت الصَّدارة إلى ابنه أبي طالب، فعُرف بشيخ الأبطح، وبشيخ قريش ورئيسها.

وهذه المنزلة کانت من العوامل الأساسیة فی قدرة ابیطالب للدفاع عن ابن اخیه و نصرته و حمایته ، فكان لأبي طالب الدَّور الكبير في رعاية النبيّ صلُّى الله عليه وآله وكفالته صغيراً يافعاً، وفي الدفاع عنه ومؤازرته شاباً، ولمّا بُعث النبی صلی الله علیه و آله اشتد دفاعه وکان هو المحامی الرؤف له فی کل المجالات! ومن الشاهد علی هذا المُدَّعَی تحمل العناء والصعوبات والحیاة المُرّةِ القاسیة طیلة ثلاث سنوات فی شِعب ابیطالب. ويكفي في معرفة دوره الكبير في المحاماة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّ أبا طالب لمّا توفّي، هبط جبرئيل عليه السّلام على النبيّ صلّى الله عليه وآله فأمره بالخروج من مكّة قائلاً: يا محمّد! اخرُج عن مكّة فما لكَ بها ناصر بعد أبي طالب (9). وقد قال الصادق المصدّق صلّى الله عليه وآله: لَم تَزَل قريشٌ كاعّةً عنّي حتّى تُوفّي أبو طالب (10).

ومن المؤسف أنّ هذه الشخصيّة العظيمة قد تعرّضت لهجمات ظالمة من قِبل أعداء أمير المؤمنين عليه السّلام الذين وَتَرهم في الدِّين، فأشاع بعضُهم ـ مع صراحةِ أبيات أبي طالب في الإيمان بالنبيّ صلّى الله عليه وآله والإقرار بما جاء به ـ أنّه مات ولم يؤمن!

وقد روي عن الإمام زين العابدين عليه السّلام أنّه سئل عن أبي طالب: أكان مؤمناً ؟ فقال: واعَجَباه! أيطعنون على أبي طالب أو على رسول الله صلّى الله عليه وآله، وقد نهاه الله أن يُقرّ مؤمنةً مع كافر في غير آيةٍ من القرآن (11) ؟!

ولا يشكّ أحد أنّ ( فاطمة ) بنت أسد من المؤمنات السابقات، وأنّها لم تزلْ زوجةً لأبي طالب حتّى مات أبو طالب رضي الله عنه (12)

فکیف یمکن أن لا یؤمن ابو طالب؟!وهل یمکن أن ینال الکافر مقام الشفاعة بإذن الله تعالی ؟!عن أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام أنّه قال: لو شَفَع أبي في كلِّ مُذنبٍ إلى وجه الأرض، لَشَفَّعه اللهُ فيهم (13).

روی ایضاً بأنه اصاب أهلَ مكّة جفافٌ وقحط في إحدى السنين قبل البعثة النبويّة، فلجأوا إلى أبي طالب ليستسقي لهم، فتوسّل إلى الله تعالى بالنبيّ صلّى الله عليه وآله ـ وكان حينذاك صبيّاً يافعاً فسقاهم الله تعالى (14)..

 

عناية فاطمة بنت أسد بالنبيّ صلّى الله عليه وآله

ولما دخل محمد صلی الله علیه و آله الی بیت عمه كانت فاطمة بنت أسد تُعنى به عناية خاصّة کالأُم الحنون وتُؤثِره على أولادها. وكان النبيّ صلّى الله عليه وآله يناديها بـ أمّي (15) » لم يدّخر أبو طالب وسعاً في الدفاع عن ابن أخيه النبيّ صلّى الله عليه وآله، حتّى بلغ به الحال أن كان يُنهضه من فراشه ليلاً فيُرقِد ابنَه عليّاً في موضعه خشيةَ أن يغتاله أعداؤه وهو نائم وتحمّل أبو طالب من أجل الدفاع عن النبيّ صلّى الله عليه وآله المشقّة والمعاناة في شِعب أبي طالب، ونافح عنه بأشعاره المُنبئة عن إيمانه وثباته (16).. وعُرف عنها أنّ أبا طالب لمّا أتاها بالنبيّ صلّى الله عليه وآله بعد وفاة عبدالمطّلب وقال لها:

اعلمي أنّ هذا ابنُ أخي، وهو أعزّ عِندي من نَفسي ومالي، وإيّاكِ أن يتعرّض عَلَيه أحدٌ فيما يريد.

فتبسّمت فاطمة ( بنت أسد ) من قوله، وكانت تؤثره على سائر أولادها ـ وكان لها عقيل وجعفر ـ فقالت له:

توصيني في وَلدي محمّد، وإنّه أحبُّ إليّ من نفسي وأولادي ؟!

ففرح أبو طالب بذلك (17).

وعلى الرغم من تصريح هذه الرواية بأنّ فاطمة بنت أسد كانت ذات أولاد عند كفالتها للنبيّ صلّى الله عليه وآله، فإنّ بعض الروايات تدلّ على أنّها لم تكن ذات ولد حينذاك، وأنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله رأى رغبتها في الولد، فقال لها:

يا أُمّه، قرِّبي قُرباناً لوجه الله تعالى خالصاً، ولا تُشركي معه أحداً، فإنّه يرضاه منكِ ويتقبّله ويُعطيك طلبتَكِ ويُعجّله، فامتثلتْ فاطمة أمره وقَرَّبتْ قرباناً لله تعالى خالصاً، وسألَتْهُ أن يرزقها لداً ذَكَراً، فأجاب الله تعالى دعاءها (18).

ويمكن الجمع بين هاتين الروايتين بأنّ كلام النبيّ صلّى الله عليه وآله قد تقدّم على زمن كفالة أبي طالب له صلّى الله عليه وآله، وينبغي الالتفات إلى أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله كان يَكبُر أميرَ المؤمنين عليه السّلام بثلاثين عاماً، ممّا يستوجب أن يكون عمره مماثلاً لعمر طالب ولد أبي طالب، ولابدّ إذاً أن يكون عقيل وطالب ـ على أقلّ تقدير ـ قد وُلدا في زمن كفالة فاطمة بنت أسد رسولَ الله صلّى الله عليه وآله.

وعلى أيّ حال ـ فقد اعتَنَت فاطمةُ بنت أسد بالنبيّ صلّى الله عليه وآله عناية فائقة، وأولَتْه رعايتها وحبّها، وكانت تُؤثِره على أولادها في المطعم والملبس. وقد أشار الإمام الصادق عليه السّلام إلى ذلك بقوله: كانت ( فاطمة بنت أسد ) مِن أبَرِّ الناسِ برسول الله صلّى الله عليه وآله (19).

وكانت تغسّله وتدهن شَعره وتُرجّله، وكان النبيّ صلّى الله عليه وآله يحبّها ولا يناديها إلاّ بـ أمّي (20).

فلمّا جاءه أميرُ المؤمنين عليه السّلام مضطرباً بعد ذلك بسنين، سأله النبيّ صلّى الله عليه وآله عمّا به، فقال: أمّي ماتت. قال: فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: وأمّي واللهِ، ثمّ بكى وقال: واأمّاه (21).

وينبغي أن لا ننسى أنّ لعلائم النبوّة التي كانت فاطمة بنت أسد تشاهدها في محمّد صلّى الله عليه وآله وهو صبيّ صغير، الأثرَ الكبير في المحبّة الخاصّة التي انطبعت في قلب فاطمة، ممّا جعلها تكثر إكرامه ورعايته. ومن تلك العلامات والكرامات: ما شاهدته في بستان دارها.

قالت: كان في بستان دارنا نَخلات، وكان أوّل إدراك الرُّطَب، وكان أربعون صبيّاً من أتراب محمّد صلّى الله عليه وآله يدخلون علينا كلّ يوم في البستان ويلتقطون ما يسقط، فما رأيت قطّ محمّداً أخذ رُطبةً من يدِ صبيّ سَبَقَ إليها، والآخرون يختلس بعضُهم من بعض. وكنتُ كلّ يوم ألتقط لمحمّد صلّى الله عليه وآله حَفنةً فما فوقَها، وكذلك جاريتي. فاتّفق يوماً أن نَسيتُ أن ألتقط له شيئاً ونَسِيَتْ جاريتي، وكان محمّد صلّى الله عليه وآله نائماً، فدخل الصِّبيان وأخذوا كلّ ما سقط من الرطب وانصرفوا، فنمتُ ووضعتُ الكُمّ على وجهي حياءً من محمّد إذا انتبه.

قالت: فانتبه محمّد ودخل البستان، فلم يَرَ رطبةً على الأرض فانصرف، فقالت له الجارية: إنّا نَسِينا أن نلتقط شيئاً، والصِّبيان دخلوا وأكلوا جميع ما سقط.

قالت: فانصرف محمّد صلّى الله عليه وآله إلى البُستان، وأشار إلى نخلة وقال: أيّتها الشجرة أنا جائع. قالت: فرأيتُ الشجرة قد وَضَعتْ أغصانَها التي عليها الرُّطب حتّى أكل منها محمّد صلّى الله عليه وآله ما أراد، ثمّ ارتفعتْ إلى موضعها (22).

 

الرؤیا الصادقة

بعد كفالتها لرسول الله صلّى الله عليه وآله رأت فاطمة بنت أسد ذات ليلة رؤيا عجيبة صادقة قالت: «... رأيتُ في منامي كأنّ جبال الشام قد أقبلَتْ تَدِبّ وعليها جَلابيبُ الحديد. وهي تصيح من صدورها بصوتٍ مهيب، فأسرَعَتْ نحوها جبالُ مكّة وأجابَتْها بمِثل صياحها وأهْوَل، وهي تتهيّج كالشَّرر المحمرّ، وأبو قُبيَس ينتفض كالفَرَس، وفصاله ( أي قِطَعه ) تسقط عن يمينه وشماله، والناس ) يلتقطون ذلك، فلقطتُ معهم أربعة أسياف وبيضةَ حديدٍ مُذَهّبة، فأوّل ما دخلتُ مكّة سقط منها سيفٌ في ماء فغيّر وطار، و( طار ) الثاني في الجوّ فاستمرّ، وسقط الثالث إلى الأرض فانكسر، وبقي الرابع في يدي مسلولاً. فبينا أنا به أصول، إذ صار السيف شِبلاً الشبل: ابن الأسد، فتبيّنته فصار ليثاً مَهُولاً، فخرج عن يدي ومرّ نحو الجبال يَجوب بلاطمها، ويخرق صلاطحها (23)، والناس منه مُشفِقون ومِن خوفه حَذِرون، إذ أتى محمّدٌ فقبض على رقبته، فانقادَ له كالظَّبية الألُوف. فانتبهتُ وقد راعَني الزمع والفزع، فالتمستُ المفسّرين وطلبتُ القائفين والمُخبِرين، فوجدتُ كاهناً زَجَر لي بحالي وأخبرني بمنامي، وقال لي: أنتِ تلدين أربعة أولاد ذكور وبنتاً بعدهم، وإنّ أحد البَنين يَغرَق (24)، والآخر يُقتَل في الحرب (25)، والآخر يموت بعد أن يُعمّر، ويبقى له عَقِب (26)، والرابع يكون إماماً للخلق صاحب سيفٍ وحق (27)، ذا فضلٍ وبراعة، يُطيع النبيَّ المبعوثَ خير طاعة (28)».

وقد تحققت هذه الرؤيا الصادقة، وأثمرت هذه الشجرة الطيّبة ـ التي قوامها رجلٌ مؤمن موحّد وامرأة مؤمنة موحّدة ـ ثمارها، فقد رزقهما الله تعالى أربعة أولاد، هم: طالب، ثمّ عقيل، ثمّ جعفر، ثمّ عليّ عليه السّلام؛ وابنتَين هما فاختة وتلقّب بـ « أمّ هانئ » (29) وجُمانة.

وأم هانئ هي زوجة أبي وهب هبيرة بن عمرو بن عامر المخزومي، وكانت لها منزلة كبيرة عند النبيّ صلّى الله عليه وآله، وقد شَفَعت عام الفتح لجماعة، فشفّعها النبيّ صلّى الله عليه وآله فيهم (30)؛ أمّا جُمانة ـ أو أسماء، أو رَيطة ـ فهي زوجة سفيان بن الحارث بن عبدالمطلب (31).

ونتعرّض في هذا المجال ـ وباختصار ـ إلى ذكر أبناء فاطمة بنت أسد، لنتعرّف ـ من خلال مقاماتهم الشامخة ـ على الذروة الرفيعة التي رَقَت إليها هذه المرأة العظيمة.

 

ابناء فاطمة بنت أسد رضی الله عنها:

1- عقیل ابن ابیطالب: وُلِدَ عقيل وهو الابن الثاني لفاطمة في حدود 40 عاماً قبل هجرة النبيّ صلّى الله عليه وآله، وكان يحظى بمحبّةٍ خاصة من قِبل النبيّ صلّى الله عليه وآله، فقد روي أنّ أمير المؤمنين عليه السّلام قال لرسول الله صلّى الله عليه وآله: يا رسول الله، إنّك لَتُحبُّ عقيلاً ؟ قال: إي والله، إنّي لأحبّه حُبَّين: حبّاً له وحباً لحبّ أبي طالب، وإنّ وَلَده لَمقتولٌ في محبّة وَلَدِك، فتدمع عليه عيونُ المؤمنين، وتصلّي عليه الملائكة المقرّبون. ثمّ بكى رسول الله صلّى الله عليه وآله حتّى جَرَتْ دموعُه على صدره، ثمّ قال: إلى الله أشكو ما تلقى عِترتي مِن بعدي (32).

وكان عقيل من الذين لم تَغرَّهم الدنيا فيتنكّروا للحقّ الذي عرفوه واتّبعوه، وقد ذكر لنا التاريخ أنّ معاوية أرسل إليه عدّة صِلات وهدايا مالية، لكنّه دوّن ـ وبأحرفٍ من نور ـ صلابة إيمان عقيل وجهره بالحقّ أمام معاوية رغم عَوَزه وشدة حاجته.

ومن مواقفه المحمودة: رسالته التي أرسلها لأخيه أمير المؤمنين عليه السّلام بعد غارة الضحّاك بن قيس على الحيرة في جيشٍ أمّره عليه معاوية، فقد روى ابن أبي الحديد أنّه قال في رسالته تلك: «.. وقد تَوَهّمتُ ـ حيث بَلَغني ذلك ( يُشير إلى غارة الضحّاك وعودته سالماً لم يتعرّض له أحد بسوء ) أنّ شيعتَك وأنصارك خَذلوك، فاكتُبْ إليّ يا بن أمّي برأيك، فإن كنتَ الموتَ تريد، تحمّلتُ إليك ببني أخيك وولد أبيك، فَعِشنا معاً ما عِشتَ، ومِتنا معاً إذا مِتَّ، فواللهِ ما أُحبّ أن أبقى في الدنيا بعدكَ فُوَاقاً ( أي مقدار ما بين الحلبتين للناقة ). وأقسم بالأعزّ الأجَلّ، إنّ عيشاً نَعيشُه بعدك في الحياة لَغيرُ هنيء ولا مريء ولا نجيع، والسّلام عليك ورحمة الله وبركاته (33).

وخلّد التاريخ لعقيل موقفه من معاوية، فقد أمر له بمائة ألف، ثمّ قال له يوماً بعد شهادة أمير المؤمنين عليه السّلام وصُلح الإمام الحسن عليه السّلام مع معاوية : يا أبا يزيد، أخبِرني عن عسكري وعسكر أخيك، فقد وَردتَ عليهما!

قال: أُخبرك، مَرَرتُ واللهِ بعسكرِ أخي، فإذا ليلٌ كلَيْلِ رسول الله صلّى الله عليه وآله، ونهارٌ كنهارِ رسول الله صلّى الله عليه وآله، إلاّ أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله ليس في القَوم: ما رأيتُ إلاّ مُصلّياً، ولا سمِعتُ إلاّ قارئاً. ومررتُ بعسكركَ، فاستقبلني قومٌ من المنافقين ممّن نَفَرَ برسول الله ليلةَ العَقَبة (34) ـ الحديث، وفيه أنّه فضح معاوية وفضح قادته وذكر لهم من سوء أنسابهم ما أزرى بهم.

2-جعفربن ابیطالب: هو الولید الثانی الذی أنعم الله به علی فاطمة و ابوطالب، وكَفَله عمُّه العبّاس في ضائقة حلّت بأبي طالب. ورَأسَ جعفرٌ وفد المهاجرين الذين هاجروا إلى الحبشة فراراً من ظُلم قريش وأذاها، وكان له مع ملكها النجاشيّ ذلک الموقف المشهورالّذی اثّر فیه حتی رَحَّب بالمهاجرین و اتاح لهم الفرصة للعیش الرغید فی ظلّ حکومة عادلة ، و بالرغم من کل التحدیات و التهدیدات التی قام بها المشرکون و الإتهامات التی اتهموا بها المسلمین لم یستطیعو من تغییر رأی النجاشی و هذا دلیل علی قدرة جعفر فی بیان حقیقة الدعوة المحمدیه صلوات الله علیه و آله، فلمّا عادوا بعد 15 عاماً إلى المدينة ( في السنة السابعة من الهجرة )، استقبلهم النبيّ صلّى الله عليه وآله، فاعتنق جعفراً وقبّل جبينه، فقال ودموعه تتقاطر من شدّة سروره:

واللهِ لا أدري بأيِّهما أنا أشدّ سروراً: بِقُدومِكَ يا جعفر، أم بفتحِ الله على أخيك خيبر ؟ (35)

ثمّ إنّه صلّى الله عليه وآله أهدى إليه هدية معنوية نفيسة، إذ علّمه الصلاة المعروفة بـ « صلاة جعفر » أو « صلاة التسبيح ». ومن مفاخر جعفر أنّه ثالثُ مَن أسلم وآمن بالنبيّ صلّى الله عليه وآله واتّبع دعوته (36).

أمّا شجاعته وتضحيته في سبيل إعلاء كلمة « لا إله إلاّ الله » فقد تجلّت في أروع صورها في غزوة « مُؤتة » التي دارت بين جيش المسلمين وبين الروم، فقد روي أنّه أخذ اللواء فقاتل قتالاً شديداً، فقُطِعتْ يمينُه، فأخذ اللواء بيساره فقُطعتْ يساره، فاحتضنه وقاتل حتّى قُتل. وقد وُجد فيه بضعة وسبعون جرحاً ما بين ضربةٍ بسيف وطعنةٍ برُمح، ليس فيها شيء مِن ظَهرِه، أي أنّه لم يُدبر فارّاً لحظةً واحدة، بل كلّها في حال الإقبال لفرط شجاعته. وكان قد نزل عن فَرَس له شقراء فعَقَرها ثمّ قاتل حتّى قُتل، وفي هذا دليل على عظيم شجاعته (37).

وأمّا خَلْقه وخُلُقه فكانا في الذروة من الكمال، فروي أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال له: «أشبَهت خَلقي وخُلُقي (38).

وقد أثاب الله تعالى جعفر بن أبي طالب على تضحيته، فعوّضه عن يديه اللتين قُطعتا دفاعاً عن دين الله بجناحَين يطير بهما في الجنّة مع الملائكة. وروي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله أنّه قال: رأيتُ جعفرَ بن أبي طالب مَلَكاً يطير مع الملائكة بجناحَين (39)، وروي أنّه صلّى الله عليه وآله قال: نحن ـ بني عبدالمطّلب ـ سادة أهل الجنّة: أنا وعليّ وجعفر وحمزة والحسن والحسين والمهديّ (40).

3- علی بن ابیطالب: آخر أولاد فاطمة بنت أسد وأفضلهم بل أفضل الخلق بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله، جَمَع الفضائل والكمالات، ونال درجةً من الإيمان لا تعلوها إلاّ درجة أخيه رسول الله صلّى الله عليه وآله. سبق إلى الإسلام وهو صغير السنّ، فصلّت عليه وعلى أخيه النبيّ صلّى الله عليه وآله الملائكةُ سبع سنوات، لأنّه لم يكن هناك مسلم مصلّ سواهما، وسَبَق إلى الجهاد والفداء، ففدى النبيَّ صلّى الله عليه وآله بنفسه وباتَ على فراشه يقيه خطرَ الاغتيال، حتّى باهى الله تعالى به ملائكته، وكان السابقَ دوماً إلى كلّ فضيلة، حتّى نزل في شأنه باعتراف جميع المسلمين ما لم ينزل في غيره من الآيات الكريمة (41).

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: لو أنّ الرياضَ أقلام، والبحرَ مِداد ( أي: حبر )، والجِنّ حُسّاب، والإنس كُتّاب، ما أحصَوا فضائلَ عليّ بن أبي طالب (42).

وقال صلّى الله عليه وآله: النَّظرُ إلى وجهِ أميرِ المؤمنينَ عليِّ بن أبي طالب عليه السّلام عِبادة، وذِكره عبادة؛ لا يَقبَلُ اللهُ إيمانَ عبدٍ إلاّ بولايته والبراءةِ من أعدائه (43) وقال صلّى الله عليه وآله: أُوصي مَن آمن بي وصَدَّقني بولايةِ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، مَن تَوَلاّه فقد تَوَلاّني، ومَن تَوَلاّني فقد تولّى الله عزّوجلّ (44).

وروي عن الإمام الصادق عليه السّلام أنّ فاطمة بنت أسد جاءت إلى أبي طالب لتبشّره بمولد النبيّ صلّى الله عليه وآله، فقال أبو طالب: اصبِري سَبْتاً أُبشرّكِ بمثله إلاّ النبوّة. وقال: السبت ثلاثون سنة، وكان بين رسول الله صلّى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السّلام ثلاثون سنة (78).

4- ام هانی: امرأة جليلة ارتفعت في إيمانها وقدرها حتّى استحقّت أن يكون معراج النبيّ صلّى الله عليه وآله من بيتها (45) وقد أشرنا إلى منزلتها الكبيرة لدى رسول الله صلّى الله عليه وآله، حتّى أنّها قَدِمتْ عليه وأخبرته أنّ جماعة استجاروا بها، فقال صلّى الله عليه وآله: قد أجَرتُ من أجَرتِ (46).

وروي أنّه صلّى الله عليه وآله قال يوماً مُشِيداً بفضلِ الحسنَين عليهما السّلام: ألا أُخبركم أيّها الناس بخيرِ الناس عمّاً وعمّة ؟ قالوا: بلى يا رسول الله. قال: الحسن والحسين عليهما السّلام؛ عمُّهما جعفر بن أبي طالب، وعمّتهما أم هانئ بنت أبي طالب ـ الحديث (47).

ومن مفاخر أم هانی أنّها كانت من رواة الحديث عن النبيّ صلّى الله عليه وآله، ومن الروايات التي روتها عنه صلّى الله عليه وآله أنّه قال:

يأتي على الناس زمانٌ، إذا سمعت باسم رجلٍ خيرٌ من أن تَلقاه، فإذا لَقِيتَهُ خيرٌ من أن تُجرّبه، ولو جَرّبتَه أظهَر لكَ أحوالاً؛ دِينهم دراهمهم، وهمّتهم بُطونهم، وقِبلتهم نساؤهم، يركعون للرغيف ويسجدون للدرهم، حَيارى سُكارى لا مسلمين ولا نصارى (48).

 

هجرة فاطمة بنت أسد مع علی و فاطمة سلام الله علیهما الی المدینه :

لقد تمت الإرادة الإلهیة علی هجرة النبی صلی الله علیه و آله الی مدینة یثرب، لکی یتسعَ نداء الحق و التوحید! کان من المُقَدَّر ان تحل البرکة فی هذه المدینه، کی یتعلموا و یقتبسوا من هَدیِ محمد صلی الله علیه و آلهو کی یمتحن الله قلوبهم للتقوی وینالو فخر الإتسام بشرف عنوان (الأنصار)ویکونوا ملجأً و ملاذاً للمهاجرین. أجل، إنه کان من المُقدّر آن تکون المدینة المنورةعاصمة الدولة و الحکومة الإسلامیة، و لذا ترک مکّة فی لیل مظلم، خائفاً یترقب، قاصداً یثرِب و ذلک بعدأن خلَّف ابن عمه علی ابی ابیطالب فی فراشه، و بعد ما وصل للمدینة، کتب رسول الله صلّى الله عليه وآله كتاباً إلى الإمام عليّ عليه السّلام، بيد أبي واقِد اللَّيثي ، يأمره فيه بالمسير إليه، فخرج عليّ عليه السّلام بفاطمةَ عليها السّلام بنتِ رسول الله صلّى الله عليه وآله، وأمِّه فاطمةَ بنت أسد، وفاطمةَ بنتِ الزبير بن عبدالمطّلب، وتَبعَهُم أيمَنُ مولى رسول الله صلّى الله وأبو واقد اللَّيثي، فجعل أبو واقد يسوق بالرَّواحل فأعنَفَ بهم، فقال علي عليه السّلام: ارفُقْ بالنسوة أبا واقد، إنّهن من الضعائف. قال: إنّي أخاف أن يُدرِكَنا الطَّلَب، فقال عليّ عليه السّلام: أربِعْ عليك، فإنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال لي: يا عليّ! إنّهم لن يصلوا من الآن إليك بأمرٍ تكرهه. ثمّ جعل الإمام عليّ عليه السّلام يَسوق بهنّ سَوقاً رفيقاً وهو يرتجز ويقول:

ليس إلاّ الله فارْفَعْ ظَنَّكا يَكفيكَ ربُّ الناسِ ما أهمَّكا وسار، فلمّا شارف « ضَجْنان » أدركه الطَّلَب: سبعُ فوارس من قريش مُستلئمين بسلاحهم، وثامنهم مولى الحارث بن أميّة يُدعى جَناحاً، فأقبل عليّ عليه السّلام على أيمن وأبي واقد، وقد تراءى القوم فقال لهما: أنِيخا الإبل واعقِلاها! وتقدّم حتّى أنزل النسوة؛ ودنا القوم فاستقبلهم الإمام عليّ عليه السّلام منتفياً سيفه، فأقبلوا عليه فقالوا: ظَنَنتَ أنّك يا غدّار ناجٍ بالنسوة، ارجع لا أباً لك! قال: فإن لَم أفعل ؟ قالوا: لَترجِعَنّ راغماً، أو لَنَرجِعنّ بأكثرك شَعراً (أي رأسك) وأهوِنْ بكَ مِن هالِك!

ودنا الفوارس من النسوة والمطايا ليثوّروها، فحال عليّ عليه السّلام بينهم وبينها، فأهوى له جناح بسيفه، فراغ عليّ عليه السّلام عن ضربته، وتَخَتّله عليّ عليه السّلام فضربه على عاتِقه، فأسرع السيفُ مُضيّاً فيه حتّى مَسّ كابثة فَرَسِه، فكان عليّ عليه السّلام يشدّ على قدمه شدّ الفَرَس، أو الفارس على فرسه، فشدّ عليهم بسيفه وهو يقول:

خَلُّوا سَبيلَ الجاهدِ المُجاهدْ آلَيْتُ لا أعبدُ إلاّ الواحدْ

فتصدّع القوم عنه، فقالوا له: أغنِ عنّا نفسَك يا ابن أبي طالب، قال: فإنّي مُنطِلقٌ إلى ابن عمّي بيثرب، فمَن سَرَّه أن أفري لحمه وأهريق دمَه، فليتبعني ـ أو: فلْيَدْنُ منّي. ثمّ أقبل على صاحبَيه أيمن وأبي واقد فقال لهما: أطلِقا مطاياكما!

ثمّ سار ظاهراً قاهراً حتّى نزل « ضَجْنان »، فتلوّم ( أي مكث ) بها قَدْر يومه وليلته، ولَحِق به نفرٌ من المستضعفين من المؤمنين، وفيهم أمّ أيمن مولاة رسول الله صلّى الله عليه وآله، فصلّى ليلته تلك هو والفواطم: أمّه فاطمة بنت أسد رضي الله عنها، وفاطمة عليها السّلام بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله، وفاطمة بنت الزبير، يُصلّون لله ليلتهم، ويذكرونه قِياماً وقُعوداً وعلى جُنوبهم، فلم يزالوا كذلك حتّى طلع الفجر، فصلّى بهم عليّ عليه السّلام صلاة الفجر، ثمّ سار لوجهه، فجعل وهم يصنعون ذلك مَنزِلاً بعد المدينة.

وقد نزل الوحيُ بما كان من شأنهم قبل قدومهم الَّذِينَ يَذْكُرونَ اللهَ قِياماً وقُعُوداً وعلى جُنوبِهم ويَتفكّرونَ في خَلْقِ السماواتِ والأرضِ ربَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلاً إلى قوله: فَاسْتَجَابَ لَهُم رَبُّهُم أنّي لا أُضيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنكم مِن ذَكَرٍ أَو أُنثى : الذَّكَر: عليّ عليه السّلام، والأُنثى فاطمة عليها السّلام، بعَضُكم مِن بعض يقول: عليّ من فاطمة ـ أو قال الفواطم ـ وهنّ من عليّ (49).

وذكروا أنّ مدّة سفرهم هذا دامت 15 يوماً (50).

وقصّ علينا ابن الأثير في تاريخه كيفيّة قدوم أمير المؤمنين عليه السّلام المدينة فقال:

وأمّا علي، فإنّه لمّا فرغ من الذي أمَرَه به رسول الله صلّى الله عليه وآله ( من ردّ الودائع ) هاجر إلى المدينة، وكان يسير الليل ويكمن النهار حتّى قدم المدينة وقد تفطّرت قدماه، فقال النبيّ صلّى الله عليه وآله: ادعوا لي عليّاً، قيل: لا يَقدِر أن يمشي. فأتاه النبيّ صلّى الله عليه وآله واعتنقه وبكى رحمةً لما بقدمَيه من الورم، وتَفَل في يدَيه وأمَرَّهما على قدمَيه فلم يَشتَكِهما قُتِل (51).

ونالت فاطمةُ بنت أسد في هجرتها مزيداً من السؤدد والفَخار، فقد مدحها الله تعالى في كتابه الكريم وذُكرت في المؤمنين الذاكرين الذين استجاب لهم ربّهم وأثابهم على أعمالهم، وتلك صفحة وهّاجة مُشرقة تضاف إلى كتاب مناقب فاطمة بنت أسد.

من الأماني التي تراود ذهن المُسلم، أن يأمَن نارَ جهنّم، ولمّا كان أنبياءُ الله تعالى وأولياؤه هم دون غيرهم ـ الذين يأمنون شرّ هذه النار المستعرة المتأجّجة، فلا غرو أنّ على المسلم أن يستعيذ من عذابها بالله عزّوجلّ ونبيّه وأئمّته الأطهار عليهم السّلام، الذين جعلهم الله أبواب أمانٍ للأمة وسُبُلاً لبُلوغ رحمته والفوز بجِنانه.

ومن الذين آمَنَهُم الله تعالى من نار جهنّم: فاطمة بنت أسد، فقد روي عن الإمام الصادق عليه السّلام أنّ الله تعالى أوحى إلى نبيّه صلّى الله عليه وآله: إنّي حرّمتُ النارَ على صلبٍ أنزَلَك، وبَطنٍ حَمَلَك، وحِجرٍ كَفَلَك، وأهلِ بيتٍ آوَوك، فعبدُ الله بنُ عبدالمطّلب: الصُّلب الذي أخرجه، والبطن الذي حمله آمنة بنت وهب، والحِجر الذي كفله فاطمة بنت أسد، وأمّا أهل البيت الذين آوَوه فأبو طالب (52).

ولقد رَعَت فاطمة بنت أسد رسول الله صلّى الله عليه وآله في صِغره، ورَبَّته، وحَنَت عليه حُنوَّ الأم الشفيق على ولدها، فجزاها الله تعالى عن حُسن صنيعها في نبيّه الكريم بأنْ حرّم عليها النار.

 

ایمان فاطمة بنت أسد برسالة النبی صلی الله علیه و آله:

ذكر المؤرّخون أنّ فاطمة بنت أسد كانت أوّل امرأة بايَعت النبيَّ صلّى الله عليه وآله بعد خديجة، وذكر بعضهم أنّ فاطمة بنت أسد تعرّضت بسبب بيعتها لملامة رجال قريش ونسائهم، لكنّ إيمان بنت أسد لم يَضعُف وصلابتها لم تتزعزع قيد أنملة رغم مخالفة قريش وتهديداتها.

وروي عن الزبير بن العوّام قال: سمعتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وآله يدعو النساء إلى البيعة لمّا نزلت هذه الآية؛ يقصد قوله تعالى: يا أيّها النبيُّ إذا جاءكَ المؤمناتُ يُبايِعْنَكَ ، فكانت فاطمةُ بنت أسد أُمُّ عليّ بن أبي طالب عليه السّلام أوّلَ امرأةِ بايَعَت.

وكانت فاطمة بنت أسد من السابقين في الإسلام والإيمان، والبيعة، والهجرة، وقد خطتْ في هذا النهج بإرادة حديديّة وشوق وعزم راسخ وإيمان عميق، واستقبلتْ ـ صابرةً ـ كلّ أنواع الأخطار والأذى، فكانت حقّاً من مصاديق قوله تعالى: والسابقونَ الأوَّلُونَ مِن المهاجرينَ والأنصارِ والذينَ اتّبعوهُم بإحسانٍ رَضِيَ اللهُ عنهم ورَضُوا عنه وأعَدَّ لهم جَنّاتٍ تجري تحتَها الأنهارُ خالِدِينَ فيها أبداً ذلكَ الفَوزُ العظيم لا يختلف في هذا أحدٌ من علماء المسلمين و المؤرخین ان فاطمة کانت من السابقات للإسلام و لکنهم اختلفوا فی تعیین الوقت الدقیق لإعتناقها دعوة النبی صلی الله علیه و آله، وقد صرّح بعضهم بأنّها أسلَمتْ بعد عشرة من المسلمين، وكانت الحادية عشرة(53)، وقال عنها أحدهم: « جلالة فاطمة بنت أسد رضي الله عنها يُعلَم مِن ولادتها أميرَ المؤمنين عليه السّلام في الكعبة، وأنّها كانت من السابقين إلى الإيمان، أسلَمتْ بعد عشرة من المسلمين، فكانت الحادي عشر، وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله يُكرمها ويُعظّمها ويدعوها: أُمّي (54).

ويعتقد البعض بأنّ فاطمة بنت أسد إنّما كانت الحادية عشرة ممّن يُظهِر إسلامه، ويستبعدون أمر كَونها حادي عشر مَن أسلم (55) وذلك أنّ التأمّل في مناجاتها اللهَ تعالى وقت طَلْقِها بأمير المؤمنين عليه السّلام عند الكعبة يبعث المرء على الاطمئنان بأنّها لم تتدنّس قطّ بعبادة الأصنام، وأنّ وجود النبيّ صلّى الله عليه وآله في بيتها عند طفولته وصباه ومشاهدتها الكرامات المتتالية منه صلّى الله عليه وآله، يجعل من المُستبعد أنّها تأخّرت في إسلامها إلى ما بعد عشرة أشخاص من المسلمين.نعم اذا تمعن المرء فی مناجاة هذه المرأة الجلیلة سیجد فیها عُمق فهم التوحیدفی الخالقیة و التوحیدفی الربوبیة والتوحید الأفعالی! انها لم تکن کالمشرکین الذین اعتقدوا بخالقیة الله دون ربوبیته،ولم تتصور لأی موجودٍ فی العالم ربوبیةً من دون الله !أجل إنها لم تعتقد بأربابٍ متفرقون ، زعمَ العربُ ءانذاک بتدبیرهم للعالم!!

 

النیل من فاطمة وزوجها نیلٌ من النبی الأکرم (ص) وتنفیذه لِلأَحکام الإلهیة:

تطرّقنا إلى الوضع العام لجزيرة العرب قبل الإسلام، ورأينا فاطمة بنت أسد صُلبةَ الإيمان، لا تتزحزح عن توحيد الله المتعال، ولا تركع لصنمٍ لا يقدر على استجلاب النفع لنفسه ولا الإضرار بها، وشاهدناها مرفوعة الرأس في الامتحان الذي خسر فيه الكثيرون، وعهدناها لا تأكل ممّا ذُبح على الأنصاب،لکن و علی الرغم من کل هذه الأدلة الشاهدة علی ایمان فاطمة و ابو طالب، لم ینجوا کلیهما من انوع الإتهامات و خصوصاً الطعن بهما فی انهما لم یؤمنا برسالة المصطفی صلی الله علیه و آله!ولا عجب لهذه الأکاذیب و الإفتراءات اذ اتهم المنافقین و المشرکین نفس النبی صلی الله علیه و آله بالکذب و الجنون وما شابه ذلک، وقد لاحظنا في حديثٍ سابق أنّ الإمام السجّاد عليه السّلام يصرّح بكَوْن فاطمة بنت أسد من السابقات إلى الإسلام، فقد سئل عليه السّلام عن أبي طالب: أكان مؤمناً أم لا، فقال:

« واعجباً! إنّ اللهَ تعالى نهى رسولَه أن يُقِرّ مسلمةً على نِكاحِ كافر، وقد كانت فاطمةُ بنت أسد من السابقات إلى الإسلام، ولم تَزَلْ تحت أبي طالب حتّى ماتفآلَ ذلك إلى طهارة الروح والجسد كليهما، واستحقّت بذلك ـ شرف ولادة مولى الموحّدين أمير المؤمنين عليه السّلام. يقول جابر بن عبدالله الأنصاري:

سألتُ رسول الله صلّى الله عليه وآله عن ميلاد أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، فقال: آهٍ آه، لقد سألتَني عن خير مولودٍ وُلِد بعدي على سُنّة المسيح عليه السّلام، إنّ الله تبارك وتعالى خَلَقني وعليّاً من نورٍ واحد قبل أن خَلَقَ الخَلْق بخمسمائة عام. فكنّا نُسبّح الله ونُقدّسه، فلمّا خلق اللهُ تعالى آدمَ قَذَف بنا في صُلبه، واستَقرَرتُ أنا في جنبه الأيمن، وعليّ في الأيسر، ثمّ نُقِلنا من صُلبه في الأصلاب الطاهرات إلى الأرحام الطيّبة، فلم نَزَل كذلك حتّى أطلَعَني اللهُ تبارك وتعالى من ظَهرٍ طاهر، وهو عبدالله بن عبدالمطّلب، فاستودَعَني خيرَ رَحِمٍ وهي آمنة، ثمّ أطلَعَ اللهُ تبارك وتعالى عليّاً من ظَهرٍ طاهر وهو أبو طالب، واستودعه خيرَ رَحِمٍ وهي فاطمة بنت أسد (56)

إن التدقیق فی هذا الحدیث المروی عن خیر صحابیٍ یدلنا علی المرتبة العالیة فی ایمان ابیطالب و زوجته فاطمة! ولم یبقی ای سبیل لإیراد اتهاماتٍ من هذا القبیل! ولکن للأسف أن بعض السفهاء والجهلاء و آخرین عملاء خبثاء یسعون و بکل جهدهم لطمح و إخفاء ذلک النور الوضاء لعلی علیه السلام، فقاموا بإتهامٍ وخلق أکاذیبٍ، کَکُفر ابیه و التأنی فی ایمان أُمه رضی الله عنهما،لینقصوامن شأنه، غافلین عن وعد الله عزوجل حینما قال: (یریدون لیُطفِؤا نور الله بأفواههم والله متم نوره و لو کَرِه الکافرون). تُری هل یمکن إطفاء النور الإلهی بأفواه الکفار و المنافقین؟ و هل یمکن آن یربوعلیاً فی رحم عابدة الوثن؟ وهل یضم علیاً فی صلبه رجل من المشرکین؟!کلا و لا حاشا لمثل علیٍ ابوان لا یدینان الإسلام ! "أشهد انکم کنتم نوراً فی الأصلاب الشامخة و الأرحام المطهرة " و في حديث مرويّ یؤید ایمان هذین الزوجین حتی قبل بعثة نبینا بالرسالة ، تقول بنت أسد: عن النبيّ صلّى الله عليه وآله أنّه قال عن ولادته وولادة عليّ عليهما وآلهما السّلام: «... ثمّ نُقِلنا من صُلبه ( أي من صلب آدم ) في الأصلاب الطاهرات إلى الأرحام الطيّبة... »، وعابدُ الوَثَنَ المشرك لا يمكن أن يكون له صُلب طاهر ولا رَحِم طيّب.

وروي أنّ فاطمة بنت أسد رأت النبيّ صلّى الله عليه وآله يأكل تمراً له رائحة تزداد على كلّ الأطائب من المِسك والعنبر، من نخلةٍ لا شَماريخَ لها، فقالت: ناوِلْني أَنَلْ منها، قال: لا تصلح إلاّ أن تشهدي معي أن لا إله إلاّ الله وأنّي محمّد رسول الله، فشهدتِ الشهادتَين، فناوَلَها فأكلتْ، فازدادت رغبتها، وطلبتْ أُخرى لأبي طالب، فعاهدها أن لا تُعطيه إلاّ بعد الشهادتَين ـ الحديث، وفيه أنّ أبا طالب شهد الشهادتَين فأطعمه النبيّ صلّى الله عليه وآله، وأنّ فاطمة عَلِقَت بعليّ عليه السّلام في تِلك الليلة ، ويُلاحظ أنّ فاطمة بنت أسد قد تشهدّت بالشهادتَين قبل النبوّة الظاهرية للنبيّ صلّى الله عليه وآله إضافةً الی شهادتهما بتوحید الله عزوجل لأنهما کانا حنفاء موحدین علی دین جدهما ابراهیم الخلیل(57)

 

ءایة من ربٍ قدیر فی اظهار مکانةِ اُمٍ و ولیدٍ لیس لهُما نظیر:

شاء الله عزّوجلّ أن يُكرم هذه المرأة الوفيّة المضحية بما لم يُكرم به امرأة من نساء العالَمين، وهو عزّوجلّ يختصّ برحمته مَن يشاء مِن عباده، فقدّرَتْ إرادة المُهيمن الأحد لفاطمة بنت أسد أن تَضعَ حَملَها المقدّس في مكّة المكرّمة أشرف بقاع الأرض يومذاك، وفي المسجد الحرام أشرف بقاع مكّة، وفي بيته الحرام: الكعبة أشرف بقاع المسجد، لم يسبقها في هذا الشرف سابق، ولم يُعقِبها فيه مخلوق.

يقول يزيد بن قُعنب: كنتُ جالساً مع العبّاس بن عبدالمطّلب وفريق من عبد العُزّى بإزاء بيت الله الحرام، إذ أقبَلَتْ فاطمة بنت أسد أُم أمير المؤمنين عليه السّلام، وكانت حاملةً به لتسعة أشهُر، وقد أخذها الطَّلْق، فقالت: ربِّ إنّي مؤمنةٌ بكَ وبما جاء من عندكَ من رُسُل وكُتُب، وإنّي مصدّقةٌ بكلام جدّي إبراهيم الخليل عليه السّلام، وأنّه بَنَى البيتَ العتيق، فبحقِّ الذي بنى هذا البيت، وبحقِّ المولودِ الذي في بطني، لَما يَسَّرْتَ علَيَّ ولادتي.

قال يزيد بن قعنب: فرأينا البيت وقد انفتح عن ظهره ودَخَلت فاطمةُ فيه وغابت عن أبصارنا والتزق الحائط، فرُمنا أن ينفتح، فعلمنا أنّ ذلك أمرٌ مِن (أمر) الله عزّوجلّ، ثمّ خَرَجتْ بعد اليوم الرابع وبيدها أميرُ المؤمنين عليه السّلام، ثمّ قالت: إنّي فُضِّلتُ على مَن تقدّمني من النساء، لأنّ آسية بنت مُزاحم عَبَدت اللهَ عزّوجلّ سِرّاً في موضعٍ لا يُحبّ أن يُعبَد الله فيه إلاّ اضطراراً [ أي: بيت فرعون ]، وإنّ مَريمَ بنت عمران هَزّتِ النخلة اليابسة بيدها حتّى أكَلتْ منها رُطباً جَنِيّاً، وإنّي دخلتُ بيتَ الله الحرام، وأكلتُ من ثِمار الجنّة وأرزاقها، فلمّا أردتُ أن أخرج هَتَف بي هاتفٌ: يا فاطمة، سَمِّيه عليّاً، فهو عليّ، واللهُ العليّ الأعلى يقول: إنّي شَقَقْتُ اسمَه من اسمي، وأدَّبْتُه بأدبي، ووَقَفْتُهُ على غامض عِلمي، وهو الذي يكسر الأصنامَ في بيَتي، وهو الذي يُؤذّن فوق ظهرِ بيتي ويُقدّسني ويُمجّدني، فطُوبى لِمن أطاعه، ووَيلٌ لمن أبغَضَه وعصاه(58).

وقد ذكر المؤرّخون المسلمون مسألة ولادة أمير المؤمنين عليه السّلام في الكعبة، وأوردوا في صددها طائفة من الأحاديث المستفيضة والمعتبرة، وقد أحصى الشيخ محمد علي الأُردوبادي في كتابه (عليٌّ مولود الكعبة) ما يزيد على مائة مصدر من المصادر التي ذكرت هذه الفضيلة.

ومن الجدیر بالذکر آن المؤرخون الذین ذکروا هذه الواقعة رجال معروفون بالصدق و العلم وحتی من غیر اتباع مذهب اهل البیت علیهم السلام،کبارٌ کالحاکم النیشابوری فی المستدرک ، الحافظ الکنجی الشافعی فی الکفایة، الآلوسی فی شرح القصیدة العینیة، المسعودی فی مروج الذهب و غیرهم ، مما یتم الحجة العقلیه علی جمیع المحققین و الباحثین عن الحقیقة!

 

شخصیة فاطمة بنت أسد الروائیة:

امتاز صدر الإسلام بأهمیةٍ فائقة للصحابةِ فی حفظهم لما یسمعون عن النبی صلی الله علی و اله و ینقلونه باعتبار السنة النبویة الشریفة، ومن بین الرواة کان هناک نسوة عاصرن الرسول وسمعن و حفظن تراثه و خلَّدنَهُ للأجیال القادمة، فمِنهنَّ فاطمة بنت أسد و ابنتها ام هانی.نقل بعض المورخین أنها روت سته و اربعون حدیت و قد أشرنا الی بعضها فی موارد، فإنها نقلت بعض التصرفات و الأقوال للنبی صلی الله علیه و آله و هو ابن الثامنة من عمره الشریف، و بعض ما روته هذه المرأة الجلیلة حکایاتٌ و إشارات کانت تدل علی نبوته و امتیازه عن ما عداه! وایضا هی کانت من رواة کیفیة کفالة عمه ابوطالب له بعد ارتحل جده عبد المطلب،و نُقِلَ هذا الخبر بالتفصیل فی کتاب " الخرائج والجرائح " للقطب الراوندی. لا شک فی أنَّ فاطمة من مصادیق المرأة الصالحة! ومقام الصالحین مقام رفیع و وصفٌ عظيم لا يرقى إليه إلاّ مَن نال مرضاة الله عزّوجلّ، ويكفي في بيان جلالته أنّ الله تعالى نعتَ به أنبياءه، فقال عن يحيى عليه السّلام : إنّ اللهَ يُبشِّرُكَ بيَحيى مُصدِّقاً بكَلِمَةٍ مِنَ اللهِ وسَيِّداً وحَصُوراً ونَبيّاً مِنَ الصّالِحين (59) وقال تعالی عن إبراهيم الخليل عليه السّلام:

.. إنّهُ في الآخرةَ مِنَ الصّالِحين (60).

و فاطمةُ نالت مقام الصالحین بإیمانها وتقواها،بإستقامتهاو صمودها وبحمایتها و عنایتها لحبیب الله جلَّ وعلی، بهجرتها و تحملها لأنواع الأذی فی جنب الله تبارک وتعالی!

لا شک أن کمالات خاتم الأنبياء محمّد المصطفى صلّى الله عليه وآله ممّا لا يُحصيه العادُون، ولا يُحيط به المحيطون، فهو صلّى الله عليه وآله رحمة للعالمين، وهو الأُسوة الحسنة لجميع البشر الذين فطرهم الخالق على هذه البسيطة، وهو خاتم أولياء الله الخاصّين، وإكليل فخر جميع الخلائق، ولا عَجَب أن باهى سكّانُ الأرض به نظراءهم من سكّان السماوات صفات و کمالات لا یشک فیها ای مسلم! کمالات بینها شخصه الکریم حینما قال : أنَّ لی مع الله حالات لا یسعنی فیها ملک مقرّب و لا نبی مرسل، فهو فخر البشریة جمعاء و افضلهم بلا منازع.

لكنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله يعدّ ـ في حديث له مع أمير المؤمنين عليه السّلام ـ أنّه يفتقد مزايا خصّ اللهُ تعالى بها أخاه أمير المؤمنين عليه السّلام، فقد قال له ـ كما في الحديث الشريف:

يا عليّ! لك أشياء ليس لي مِثلها: إنّ لك زوجة مثل فاطمة وليس لي مثلها، ولك وَلَدان من صُلبك وليس لي مثلهما من صُلبي، ولك مِثل خديجة أمُّ أهلك وليس لي مثلها حَماة، ولك صِهر مثلي وليس لي صهر مثلي، ولك أخ في النَّسَب مثل جعفر وليس لي مثله في النسب، ولك أمّ مثل فاطمة بنت أسد الهاشميّة المهاجرة وليس لي مثلها(61)

بلى، من المؤكَّد أنّ کلام النبی صلی الله علیه و آله لا یدل علی تفضیل علی علیه السلا علی شخصه الشریف و لکن من المؤکد أن الروایة تدل علی کرامة وشرافة المنتسبین بعلی ٍعلیه السلام.تزویجه من فاطمة بنت رسول الله صلی الله علیه و آله أمر لا مثیل له إذ لا کفؤ لها غیره!الحسنین فی عداد نورین امتدَّا فی ابد الأبدین، اما انتسابه لخدیجة سلام الله علیها و النبی صلی الله علیه و آله ،فهو بمثابة شق طریق لقمة الرقی والعلو نحو الملکوت،وبنوته لفاطمة، هذه المرأة الجلیلة الطاهرة أدَّی لفخر ولادته فی البیت العتیق الذی بناه جده ابراهیم الخلیل.

ومن الجدير بالتأمّل أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله أشار إلى خصلتَين من خِصال فاطمة بنت أسد: أنّها هاشميّة، وأنّها مهاجرة. ممّا يدلّنا على أنّ هذه المرأة حازت ـ فوق شرف النَّسَب ـ شرفاً اكتسبته في ظِلّ الإيمان بالله ورسوله واتّباع نهج الحقّ وامتثال أوامر الله سبحانه. وقد حازت بنت أسد قَصَبَ السَّبق في هذا المضمار على كثير من الرجال والنساء، فاستحقّت الفخر في الدارَين.

 

امتحان آخر

من المصائب التي ثَقُل وَطؤُها على رسول الله صلّى الله عليه وآله: فراق زوجته الوفيّة خديجة عليها السّلام أمّ المؤمنين، فقد فارقت هذه السيّدةُ المضحّية الحياةَ في العام الذي توفّي فيه أبو طالب، فسمّى النبيُّ صلّى الله عليه وآله ذلك العامَ بـ « عام الحُزن »، وقد فقد النبيّ صلّى الله عليه وآله بوفاة خديجة الصدرَ الحنون الذي كان يُشاطره أفراحه وأحزانه، وفَقَد الرفيقَ الوفيّ الودود الذي وقف إلى جانبه في رسالته الشاقّة، وضحّى من أجل إعلاء الإسلام بكلّ ما يملك.

وكان عمرُ الصدّيقة فاطمة الزهراء عليها السّلام عند وفاة أمّها السيدة خديجة في السنة العاشرة من البعثة النبويّة لا يتجاوز خمس سنوات، وكانت أحوَج في طفولتها الغضّة إلى صدر حنون تأوي إليه، وقلب رحيم ودود يعوّضها بالحبّ الذي يُغدقه عليها عن بعض ما تجده جرّاء فقدها أمّها الحبيبة، ولم يكن ذلك الصدر الحنون والقلب الرحيم الودود سوى صدر فاطمة بنت أسد وقلبها الكبير، الصدر الذي نبض قلبه بحبّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وليداً، وأحرى به اليوم أن ينبض كذلك بحبّ فاطمة الزهراء عليها السّلام ريحانة رسول الله صلّى الله عليه وآله وبضعته وفلذة كبده.

وهكذا خاضت هذه المرأة المؤمنة امتحاناً آخر في الحبّ والودّ، خَرَجت منه مُكلَّلة بإكليل الفخر والعزّ، فقد فازت دون نساء العالَمين بخدمة سيّدة نساء العالَمين.(62)

 

الرحیل من دار الفناء بتودیع نبیٍ مثَّل روح الوفاء

لَملَمتْ فاطمة بنت أسد ذات يوم ذكرياتها وخواطرها خلال مسيرة حياتها المفعمة بالفداء والتضحية والثبات على المبدأ، وهُرعت صوبَ خالقها الودود الذي أكرمها في حياتها كما لم يُكرم امرأة قطّ، يحدو بها شوقٌ لا حدّ له لِلقاء ربِّها الكريم، والوفود على بَعلِها العظيم. وقد نقل المؤرّخون أن وفاتها كانت في السنة الثالثة أو الرابعة من الهجرة النبويّة، ودُفنت في المدينة المنوّرة، وكان لها عند وفاتها 65 عاماً تقريباً.

وروي عن الإمام الصادق عليه السّلام ( ضمن حديث ) أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله كان جالساً ذات يوم، إذ أتاه أمير المؤمنين عليه السّلام وهو يبكي، فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله: ما يُبكيك ؟ فقال: ماتت أُمّي فاطمة. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: وأمّي والله. وقام مُسرعاً حتّى دخل ونظر إليها وبكى، ثمّ أمر النساء أن يُغسّلنها، وقال صلّى الله عليه وآله: إذا فَرَغتُنّ فلا تُحدِثْنَ شيئاً حتّى تُعْلِمْنَني. فلمّا فَرَغْنَ أعْلَمْنَه بذلك، فأعطاهنّ أحدَ قميصَيه الذي يلي جَسَدَه، وأمرهنّ أن يُكَفِّنَّها فيه، وقال للمسلمين: إذا رأيتُموني قد فعلتُ شيئاً لم أفعله قبلَ ذلك فسَلوني لِمَ فَعَلتُه. فلمّا فَرَغْنَ من غسلها وكفنها دخل صلّى الله عليه وآله فحمل جنازتها على عاتقه، فلم يَزَل تحت جنازتها حتّى أوردها قبرها، ثمّ وضعها ودخل القبر فاضطجع فيه، ثمّ قام فأخذها على يَدَيه حتّى وَضَعَها في القبر، ثمّ انكبّ عليها طويلاً يُناجيها ويقول لها: ابنكِ ابنكِ.(63) ثمّ خرج وسوّى عليها التراب،ثمّ انكبّ على قبرها، فسمعوه يقول: لا إله إلاّ الله، اللهمّ إنّي أستَودِعُها إيّاك. ثمّ انصرف، فقال له المسلمون: إنّا رأيناك فعلتَ أشياء لم تفعلها قبلَ اليوم، فقال: اليوم فَقَدت بِرّ أبي طالب، إنْ كانت لَيَكون عندها الشيءُ فتُؤثِرني به على نفسها ووُلدها، وإنّي ذكرتُ القيامة وأنّ الناس يُحشَرون عُراةً، فقالتْ: واسَوْأتاه! فضمنتُ لها أن يبعثها اللهُ كاسيةً، وذكرتُ ضغطةَ القبر، فقالت: واضَعفاه! فضمنتُ لها أن يكفيَها اللهُ ذلك، فكفّنتُها بقميصي واضطجعتُ في قبرها لذلك، وانكببتُ عليها فلقَّنْتُها ما تُسأل عنه، فإنّها سُئلتْ عن ربِّها فقالت، وسئلتْ عن رسولها فأجابت، وسئلتْ عن وليِّها وإمامِها فأُرتِج عليها، فقلتُ: ابنكِ، ابنكِ.

هكذا غَرَبتْ أمُّ الأئمّة وكفيلة النبيّ صلّى الله عليه وآله؛ورَحَلتْ فاطمة بنت أسد بعد عمر أنفقته في امتثال أمر خالقها وطاعة سيّدها ونبيّها المصطفى صلّى الله عليه وآله، فلم يكن عجباً أن يحزن نبيّ الرحمة صلّى الله عليه وآله لأجلها، ويدعو في حقّها بما دعا، ويلقّنها الولاية لإكمال إيمانها كما فَعَل.

وذُكر في كتاب (علل الشرائع) أنّها دُفنت في « الرَّوحاء » مقابل حمّام أبي قطيفة، وقد اندثرت هذه الآثار فلم يبقَ من معالمها إلاّ أحجار يسيرة تشير إلى موضع قبرها وقبور الأئمّة الأطهار من بَنيها: الحسن المجتبى، وعليّ بن الحسين زَين العابدين، ومحمّد بن عليّ الباقر، وجعفر بن محمّد الصادق صلوات الله عليهم أجمعين. (64).

زيارتها«: السّلام على نبيّ الله، السّلامُ على رسولِ الله، السّلام على محمّدٍ سيّدِ المرسَلين، السلامُ على محمّدٍ سيّدِ الأوّلين، السّلامُ على محمّدٍ سيّدِ الآخِرين، السّلام على مَن بَعَثهُ اللهُ رحمةً للعالَمين، السّلامُ عليكَ أيّها النبيُّ ورحمةُ الله وبركاته. السّلامُ على فاطمةَ بنتِ أسدٍ الهاشميّة، السّلامُ عليكِ أيّتها الصدّيقةُ المرَضيّة، السّلامُ عليكِ أيتّها التقيّة النقيّة، السّلامُ عليكِ أيتّها الكريمةُ الرضيّة، السّلام عليكِ يا كافلةَ محمّدٍ خاتَمِ النبيّين، السّلامُ عليكِ يا والدةَ سيّدِ الوصيّين، السّلامُ عليكِ يا مَن ظَهَرتْ شَفَقتُها على رسول اللهِ خاتمِ النبيّين، السّلامُ عليكِ يا مَن تَرْبِيَتُها لِوليّ اللهِ الأمين، السلامُ عليكِ وعلى روحِك وبدنِك الطاهر، السلام عليكِ وعلى وَلَدِكِ ورحمةُ اللهِ وبركاته.

أشهد أنّكِ أحسَنتِ الكفالةَ، وأدّيْتِ الأمانة، واجتَهدتِ في مرضاةِ الله، وبالَغْتِ في حِفْظِ رسولِ الله، عارفةً بحقِّه، مؤمنةً بصِدقِه، مُعترفةً بنُبوّتهِ، مُستبصرةً بنِعمتِه، كافلةً بتربيتِه، مُشفِقةً على نَفْسِه، واقفةً على خِدمتِه، مختارةً رِضاه. وأشهدُ أنّكِ مَضَيتِ على الإيمانِ، والتمسّكِ بأشرفِ الإديان، راضيةً مرضيّةً، طاهرةً زكيّة، تقيّةً نقيّة، فرضِيَ اللهُ عنكِ وأرضاكِ، وجَعَلَ الجنّةَ منزلَكِ ومأواكِ.

اللهُمَّ صَلِّ على محمّدٍ وآلِ محمد وانفَعْني بزيارتِها، وثبِّتني على محبّتِها، ولا تَحرِمْني شفاعتَها وشفاعةَ الأئمّةِ مِن ذُرّيتها، وارزُقْني مُرافَقتَها، واحشُرْني معها ومع أولادِها الطاهرين.

اللهُمَّ لا تَجعَلْه آخِرَ العهدِ مِن زيارتي إيّاها، وارزُقني العَوّدَ إليها أبداً ما أبقَيْتَني، وإذا توفَّيتَني فاحشُرني في زُمرتِها، وأدخِلني في شفاعتِها، برحمتك يا أرحمَ الراحمين.

اللهمَّ بحقِّها عندك ومنزلتِها لَدَيك، اغفِرْ لي ولوالديَّ ولجميع المؤمنينَ والمؤمنات، وآتِنا في الدنيا حَسَنةً وفي الآخرة حسنةً وقِنا برحمتِكَ عذابَ النار(65).

 

الهوامش

1ـ نهج البلاغة: الخطبة 21

2ـ فاطمة هي بنت هرم بن رَواحة بن حِجر بن عبد بن معيص بن وهب بن تغلبة بن واثلة بن عمرو بن شيبان بن مُهارب بن فِهر. وأمّها فاطمة بنت أبي همهمة بن عامر بن عمرو بن وديعة بن الحارث بن فِهر. شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد 6:1، وبحار الأنوار، للمجلسي 182:35.

3ـ النحل: 58 ـ 59

4ـ أُسد الغابة، لابن الأثير ـ ترجمة قيس بن عاصم

5ـ رياحين الشريعة ( بالفارسية ) 6:3

6ـ شيخ الأبطح، للسيّد محمد شرف الموسوي 111

7ـ الحجّة على الذاهب إلى عدم ايمان أبي طالب، للسيّد فخّار بن معد الموسوي 185، بحار الأنوار، للمجلسي 98:35

8ـ إعلام الورى، للطبرسي 282:1، ب 5، ف 2. الحجّة على الذاهب 158

9ـ بحار الأنوار 111:35 ـ 112

10ـ الحجّة على الذاهب 261

11ـ كقوله تعالى: « ولا تُمْسِكوا بِعِصَمِ الكوافِر »

12ـ الحجّة على الذاهب 123 ـ 124

13ـ بحار الأنوار، للمجلسي 110:35

14ـ السيرة الحلبيّة، للحلبي 125:1. الحجّة على الذاهب 313 ـ 315

15ـ الخرائج والجرائح، للقطب الراوندي 138:1

16ـ من أشعار أبي طالب ( الحجّة على الذاهب 241

لِيَـعْلَم خيـارُ الناسِ أنّ مـحمّداً

نبيٌّ كموسى والمسيحِ ابنِ مريم

أتـانـا بهَدْيٍ مِثـلَ ما أَتَيا بهِ

فـكلٌ بـأمـرِ اللهِ يَهدي ويَعصِمِ

17ـ بحار الأنوار، للمجلسي 383:15 ( ضمن حديث

18ـ بحار الأنوار 40:35، حديث 38 ـ الباب الأول ( ضمن حديث

19ـ أصول الكافي، للكليني 453:1، حديث 2

20ـ بحار الأنوار 83:35، حديث 26

21ـ بحار الأنوار 81:35، حديث 23

22ـ الخرائج والجرائح، للراوندي 138:1 ـ 139، حديث 225. بحار الأنوار 83:35 ـ 84، حديث 26

23- مكان سُلاطح: عريض، ومنه قول الساجع: صُلاطح بُلاطح، بلاطح إتباعٌ. لسان العرب 387:7 « صلطح »

24ـ وهو طالب الذي توفّي صغيراً

25ـ وهو جعفر الطيّار الذي استُشهد في وقعة مُؤتة، وأخبر النبيُّ صلّى الله عليه وآله المسلمين بمنزلته، وأنّ الله تعالى عوّضه عن يديه اللتين قُطعتا في الحرب جناحَين يطير بهما في الجنّة مع الملائكة، فلُقِّب بجعفر الطيّار

26ـ وهو عقيل الذي عمّر وبقي له عَقِب

27ـ وهو أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام

28ـ بحار الأنوار 41:35 ـ 42، حديث 38 ( ضمن حديث

29ـ رياحين الشريعة 3:3. بحار الأنوار 40:35

30ـ الخصائص الفاطميّة، للمولى محمد باقر واعظ الطهراني 216

31ـ الخصائص الفاطميّة، للمولى محمد باقر واعظ الطهراني 216

32ـ أمالي الشيخ الصدوق 111، المجلس 27. بحار الأنوار 287:44 ـ 288. ويقصد صلّى الله عليه وآله بولد عقيل المقتول في محبّة الحسين عليه السّلام: مُسلم بن عقيل سفير الإمام الحسين إلى الكوفة

33ـ شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد 118:2 ـ 119

34ـ شرح نهج البلاغة 124:2 ـ 125

35ـ بحار الأنورا 23:21. المستدرك، للحاكم النيسابوري 233:3، حديث 539

36ـ شرح نهج البلاغة 224:13

37ـ السيرة النبويّة، لأحمد بن زيني دحلان 34:2

38ـ المستدرك، للحاكم 233:3، حديث 537

39ـ المستدرك، للحاكم 231:3، حديث 533

40ـ المستدرك 233:3، حديث 538

41ـ انظر مثلاً: الصواعق المحرقة، لابن حجر 76

42ـ المناقب، للخوارزمي 328، حديث 61. ينابيع المودّة، للقندوزي 246:1، حديث 28

43ـ المناقب، للخوارزمي 32 ـ 33، حديث 2. كفاية الطالب، للگنجي الشافعي 252. فرائد السمطين، للحمويّ 18:1

44ـ الفردوس، للديلمي 429:1، حديث 1751. مناقب عليّ بن أبي طالب، لابن المغازلي 230، حديث 277

45ـ بحار الأنوار 282:18

46 ـ بحار الأنوار 131:21. سفينة البحار، للقمّي 714:8 مادّة: « هنأ »46-

47ـ بحار الأنوار 302:43. المعجم الأوسط، للطبراني 237:7 ـ 238، حديث 6458. ذخائر العقبى، للمحبّ الطبري 130

48 - بحار الأنورا 166:74. سفينة البحار 494:3 مادة « زمن »

49ـ بحار الأنوار، للمجلسي 64:19 ـ 67

50ـ بحار الأنوار 106:19

51ـ الكامل في التاريخ، لابن الأثير 106:2

52ـ الحجّة على الذاهب 50. بحار الأنوار 109:35

53ـ شرح نهج البلاغة، لابن أبي الحديد 14:1

54ـ سفينة البحار، للمحدّث القمّي 122:7 مادّة: فطم

55ـ رياحين الشريعة، للمحلاّتي 6:3 بالفارسيّة

56روضة الواعظين، للفتّال النيسابوري 76. بحار الأنوار 10:35، حديث 12

57ـ إ شارة ال ذریة ابراهیم الخلیل الذین کانوا موحدین حتی وصولهم لِفهر

58ـ الأمالي، للصدوق 114 ـ المجلس 27

59ـ آل عمران: 39

60ـ البقرة: 130

61- انظر التفاصيل في70 61- رياحين الشريعة 3:3 ـ

الرَّوَح: السَّعَة، والرَّوَح: انبساط في صدر القدم، وقُصعة روحاء: قريبة القعر، ويبدو أنّ اسم الروحاء يشير إلى فسحة في أرض - 62- البقيع قريبة من المسجد النبويّ، حيث يقع قبر فاطمة بنت أسد

63- بحار الأنوار 298:48

64- مصباح الزائر، لابن طاووس 60.

65- الکافی ج1 ص452-454،100.218. حدیث17

الإثنين, 17 حزيران/يونيو 2013 00:00

إخواننا

" إِنَّ هذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ أَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ" (سورة الأنبياء الآية 92)

 

 

"لا يوجد في الإسلام أي فرق بين الشيعة والسنّة؛ ولا ينبغي أن يكون هناك فرق بين الشيعة والسنّة. ويجب أن تحفظ وحدة الكلمة، فنحن أخوة لهم، وهم أخوة لنا"

"الإمام الخميني رحمة الله عليه"

 

 

 

 

 

 

 

 

 

( یحرم النیل من رموز إخواننا السنّة فضلاً عن اتهام زوجة النبي بما یخل بشرفها بل هذا الأمر ممتنع على نساء الأنبیاء وخصوصاً سیدهم الرسول الأعظم "ص" )

"الإمام الخامنئي مد ظله العالي"

 

 

 

 

 

 

 

 

المقدمة

كانت إيران منذ القدم مهداً للتعايش السلمي بين الأقوام والشعوب والفرق والمذاهب المختلفة. وتفتخر هذه الأرض بأنها احتضنت مختلف الديانات والمذاهب. وعاشت إيران قروناً متمادية متآلفة بالسلام والطمأنينة تحت راية المحبّة والصداقة والتسامح.

وبعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران أكد الإمام الخميني على ضرورة التمسك بالوحدة الإسلامية وتوفير الأرضية المناسبة للتعايش والتعاون بين أتباع مختلف الفرق الإسلامية في البلاد. واعترف دستور الجمهورية الإسلامية في إيران بحقوق الأقليات وبذل مسؤولوها جهوداً حثيثة لتوفير الأمن والراحة لهؤلاء الأعزاء، وهيأوا لهم كل مستلزمات المشاركة الفعّالة في الأنشطة الإجتماعية والسياسية. ولم يغفل دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية الذي صوّت الشعب لصالحه بعد انتصار ثورته الإسلامية عام (1978 م) بنسبة (98.2) بالمئة في عموم البلاد؛ لم يغفل حقوق الأقليات بل أكد ضرورة الإهتمام الكامل بهذه الحقوق. ومن أبرز الأقليات في إيران التي كان لها حضور فعّال في مختلف مراحل الثورة وبعد انتصارها هم أهل السنّة الذين لعبوا دوراً مهماً في حفظ مكتسبات الثورة ونظامها الإسلامي.

ونظام الجمهورية الإسلامية لا يميّز أبداً بين المواطنين والجميع يتمتعون بحقوقهم التي نص عليها الدستور. ورغم المؤامرات الكثيرة والمتواصلة التي يحيكها الإستكبار العالمي لبث الفرقة بين السنّة والشيعة في إيران إلا انه ولحسن الحظ باءت جميع هذه المؤامرات بالفشل. وأخفقت جميع محاولات الأعداء المتربصين بالجمهورية الإسلامية والتي سعوا من خلالها لعزل السنّة عن إخوانهم الشيعة وتشويش أذهانهم لإساءة الظن بمسؤولي النظام.

ومن أجل توضيح الحقائق بشأن وضع السنّة في إيران لأولئك الذين قد تؤثر عليهم المزاعم الواهية التي يطلقها أعداء الإسلام وتجعلهم يصدرون أحكاماً مجانبة للواقع بسبب قلة معلوماتهم في هذا المجال، شرحنا في هذا الكتاب جميع ما يتعلق بهذا الموضوع ليطلع القارئ على مكانة السنّة في إيران قبل وبعد الثورة الإسلامية والخدمات التي قدمها لهم النظام الإسلامي من خلال الإحصائيات والأرقام التي تبين هذه الحقائق. ويركّز الكتاب بشكل خاص على المدن التي تقطنها نسبة معتبرة من السنّة في إيران.

 

الدستور

الإسلام هو دين الدولة الرسمي في إيران طبقاً للمادة الثانية عشرة من دستور الجمهورية الإسلامية. والمذهب الجعفري هو المذهب الرسمي للبلاد باعتباره يمثل الأكثرية المطلقة للسكان. ولكن رغم ذلك فان بقية المذاهب وفي مقدمتها الحنفي والشافعي والمالكي، والحنبلي والزيدي تحظى بالاحترام الكامل في الدستور.

واتباع هذه المذاهب يتمتعون بكامل الحرية في إقامة شعائرهم الدينية طبقاً للأحكام الفقهية لمذاهبهم. ولهم كامل الحرية في تعليم أبنائهم وتربيتهم طبقاً لهذه الأحكام وإجرائها فيما يتعلق بالأحوال الشخصية من زواج وطلاق وإرث ووصية. والدعاوى القضائية المرتبطة بهذه الأمور معترف بها رسمياً في محاكم الدولة. وكل منطقة تسكنها أغلبية من اتباع أحد هذه المذاهب تكون مقرراتها في المجلس المحلي "البلدي" لتلك المنطقة تكون طبقاً لأحكام ذلك المذهب.

ومن هنا يتبين مدى اهتمام النظام الإسلامي باتباع سائر المذاهب ومراعاة حقوقهم تبعاً للدستور. وهو أمر يقل نظيره في دساتير باقي الدول الإسلامية.

وطبقاً لهذا المبنى الحقوقي الذي قرره دستور الجمهورية الإسلامية يتمتع اتباع جميع المذاهب الإسلامية الآنفة الذكر بما يلي:

 

1 – الإحترام: من ضروريات العلاقات السليمة في أي بلد هو الاحترام المتقابل بين مواطنيه والذي بدوره يسهل إقامة هذه العلاقات فيما بينهم على أحسن وجه. وقد أكد دستور الجمهورية الإسلامية في إيران على أهمية الاحترام الكامل بين المواطنين وضرورة الابتعاد عن جميع أشكال التفرقة لبناء مجتمع سليم تحكمه العلاقات الأخوية والودية بين جميع المسلمين. ولهذا يمنع القانون الإساءة إلى اتباع أي مذهب إسلامي طبقاً للدستور.

 

2 – حرية إقامة الشعائر الدينية: إقامة الشعائر الدينية لأي مذهب تعكس بالإضافة إلى جانبها العبادي المكانة السياسية لهذا المذهب في البلد. ولهذا فإن المجتمعات التي تنتشر فيها الخلافات المذهبية والطائفية تبتلى غالباً بالتنافس والحقد والعداوات في إقامة هذه الشعائر. ولهذا تعمد الكثير من الحكومات إلى وضع قيود على هذه الشعائر وتتخذ إجراءات صارمة بحق الأقليات إلا أن الوضع في الجمهورية الإسلامية يختلف تماماً، فاتباع جميع المذاهب الإسلامية وحتى الأقليات غير الإسلامية يتمتعون بحرية واحترام كاملين لإقامة شعائرهم الدينية.

 

3- الاعتراف الرسمي بحرية التعليم والتربية الدينية والأحوال الشخصية: جميع الطوائف والمذاهب الإسلامية في إيران يجب أن تتبع تعاليم وأحكام القرآن الكريم وسنّة النبي الأكرم (ص) . وحرية المذاهب تلزم الدولة بتوفير الأرضية المناسبة لاتباع هذه المذاهب لممارسة هذه الحرية وتهيئة كافة الإمكانات اللازمة لهم في مجال التربية والتعليم طبقاً لمذاهبهم التي اعترفت بها المادة الثانية عشرة من الدستور.

 

4- الاعتراف الرسمي المناطقي: أجاز الدستور لأتباع أي مذهب بوضع مقررات تتناسب مع مذهبهم في المجالس المحلية لمناطقهم إذا كانوا يشكلون الأغلبية السكانية في تلك المناطق شريطة أن تكون هذه المقررات في إطار المعايير الإسلامية وقوانين البلاد.

 

5 - الحقوق السياسية والإدارية: إضافة إلى الحقوق المذكورة آنفاً هناك مميزات مهمة أخرى منحها دستور الجمهورية الإسلامية لأتباع جميع المذاهب الإسلامية وهي عبارة عن:

الف) حرية تشكيل الأحزاب والجمعيات السياسية والمهنية والهيئات الإسلامية استناداً للمادة 26 من الدستور.

ب) عضوية مجلس الشورى الإسلامي استناداً للمادة 26 من الدستور.

ج ) المساواة في جميع الحقوق الإنسانية والسياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية بما يتفق والمعايير الإسلامية استناداً للمادتين التاسعة عشرة والعشرين من الدستور.

 

الموقع الجغرافي والكثافة السكانية

يتواجد إخواننا السنّة في إيران في محافظات سيستان وبلوشستان وکردستان وآذربایجان الغربية وخراسان الرضوية وخراسان الشمالية وخراسان الجنوبية وبوشهر وجنوب محافظة فارس وشرق محافظة جلستان وعدد قليل منهم يقطن في محافظة جيلان فيما يعيش آخرون بصورة متفرقة في بعض المحافظات الأخرى.

واكثر أهل السنّة يتركزون في محافظة سيستان وبلوشستان في شرق البلاد خصوصاً في مدن زاهدان وجابهار وايرانشهر وخاش وسراوان وسرباز وكنارك وهم من أتباع المذهب الحنفي.

وتأتي محافظة كردستان في غرب إيران في المرتبة الثانية من حيث الكثافة السكانية لإخواننا السنّة. واكثر سكان هذه المحافظة المحاذية للعراق هم من أتباع المذهب الشافعي ويتركزون في مدن: سنندج وسردشت ومريوان وبانة ونقدة.

كما تضم مدن مهاباد وأشنوية في محافظة أذربيجان الغربية في غرب إيران والمحاذية لحدودَيْ العراق وتركيا قسماً آخر من إخواننا السنّة فيما يتركز التركمان السنّة في ميناء تركمن وفي شمال شرق إيران وتحديداً في محافظة جلستان.

 

مدارس العلوم الدينية

وفقاً للمادة الثانية عشرة من دستور الجمهورية الإسلامية ونظراً للإهتمام الكبير الذي يوليه النظام المقدس للجمهورية الإسلامية فإن إخواننا السنّة ليس فقط لا يعانون من أي عوائق في مجال التربية والتعليم الديني بل أن جهوداً حثيثة ومتواصلة بذلت وتبذل لتوفير كافة الإمكانيات والتسهيلات اللازمة لهم لدراسة العلوم الدينية المطابقة لمذاهبهم.

وإذا ما ألقينا نظرة سريعة على الإحصاءات الخاصة بالمدارس والمعاهد الدينية في المناطق التي يقطنها السنّة في مختلف أرجاء الجمهورية الإسلامية فستكون الصورة واضحة تماماً للعيان بأن هذه المدارس والمعاهد تضاهي الحوزات العلمية الشيعية في البلاد بل تفوقت عليها بمرات في بعض المحافظات قياساً للكثافة السكانية في هذه المحافظات.

وقد ساهم تشكيل مجلس شورى يُعنى بمدارس ومعاهد العلوم الدينية لأهل السنّة في تحديث هذه المدارس والمعاهد من خلال رفدها بالخدمات اللازمة بشكل منسق ومنتظم.

واستجابة لتأكيدات قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي على ضرورة توفير الخدمات الأكاديمية العلمية والرعاية الاجتماعية لجميع الحوزات العلمية السنية والشيعية على حد سواء صادق المجلس الأعلى للثورة الثقافية في الجمهورية الإسلامية على تشكيل مجلس أعلى لتطوير المدارس والمعاهد الدينية السنية.

وتقوم الأمانة العامة لهذا المجلس الذي يديره علماء من أهل السنّة في طهران وفي جميع المحافظات السنية في عموم البلاد بمتابعة أمور هذه المدارس والمعاهد والعمل على تطويرها باستمرار في جميع المجالات .

 

مركز خدمات الحوزات العلمية

طلبة العلوم الدينية وبالتوكل على الله سبحانه شمروا عن سواعدهم لدراسة هذه العلوم في الحوزات العلمية وكلهم ثقة بالله تعالى بأنه هو الذي يدبر أمورهم ولا ينتظرون الحصول على شيء مادي، إلا إن التفرغ لدراسة هذه العلوم يتطلب وقتاً كافياً وراحة بال، وهذا لا يتم إلا من خلال تأمين متطلباتهم المعيشية لمواجهة الصعوبات التي تواجههم في هذا المجال.

وللتخلص من العوائق المعيشية لطلبة العلوم الدينية السنية عمد مركز خدمات الحوزة العلمية في جميع أنحاء البلاد إلى وضع جميع هؤلاء الطلاب تحت رعايته المباشرة للإستفادة من خدماته الإجتماعية.

ومن جملة هذه الخدمات التأمين على حياة هؤلاء الطلاب، ومنحهم تسهيلات مصرفية وقروض لتسهيل زواجهم، وتخصيص حصة لهم لأداء العمرة، وتأمين متطلباتهم المعيشية من خلال حصة مقررة تمنح لهم على شكل دفعات، وتجهيز مدارسهم ومعاهدهم بأجهزة الحاسوب والمكتبات العامة والتخصصية وغيرها من الخدمات. ويستفيد حالياً أكثر من 30 ألف طالب من إخواننا السنّة من هذه الخدمات.

ويمنح مركز خدمات الحوزة العلمية كذلك جميع أساتذة ومدرسي المعاهد والمدارس الدينية السنية رواتب شهرية شأنهم في ذلك شأن أساتذة الجامعات والمعاهد الأكاديمية في البلاد كلاً حسب اختصاصه ودرجته وشهادته العلمية. كما يحظى كبار السن والأسر اليتيمة من إخواننا السنّة باهتمام هذا المركز وتقدم لهم رواتب شهرية وخدمات خاصة تتناسب مع احتياجاتهم وتليق بشأنهم.

وجميع طلبة المدارس الدينية السنية يُعفون من الخدمة العسكرية وتمنح لهم شهادات تخرج معتبرة بعد إكمال دراساتهم الحوزوية . كما يمنح الطلبة العاملون في إدارات ومؤسسات الدولة وثائق عمل معتبرة وقيِّمة. وهذا الموضوع يحظى باهتمام الكثير من الطلبة.

وساهمت الإمكانات الخدمية والرعاية الاجتماعية التي تقدم لطلبة المدارس والمعاهد الدينية السنية في زيادة نسبة الطلب للمتقدمين للدراسة في هذه المدارس والمعاهد إلى درجة أن الكثير من الأشخاص الذين لم تكن لهم رغبة في دراسة العلوم الدينية بسبب قلة الإمكانيات باتوا يرجحون الدراسة في المدارس والمعاهد الدينية على الدراسة في الجامعات الأكاديمية، وأضحت العوائل السنية تشجع أبناءها على الدراسة الدينية وتفضلها على الدراسة الجامعية.

 

مدارس العلوم الدينية في محافظة سيستان وبلوشستان

من المحافظات التي تتميز بكثرة مدارسها ومعاهدها الدينية لإخواننا السنّة في البلاد هي محافظة سيستان وبلوشستان.

وقبل انتصار الثورة الإسلامية كانت المدارس العلمية في هذه المحافظة قليلة ولا يتجاوز عددها أصابع اليد، ويضطر الراغبون بدراسة العلوم الدينية للهجرة إلى الهند وباكستان. وكان مستوى الدراسة في المدارس الدينية بمحافظة سيستان وبلوشستان في حده الأدنى نظراً لقلة الإمكانات وندرة العلماء الجديرين بالاضطلاع بهذا الواجب.

وبعد انتصار الثورة والنمو المضطرد للمدارس الدينية في المحافظة انعدمت الحاجة للهجرة إلى البلدان الأخرى لتلقي العلوم الدينية.

ووصل عدد المدارس والمعاهد والحوزات الدينية في محافظة سيستان وبلوشستان في الوقت الحاضر إلى اكثر من 100 مدرسة وحوزة ومعهد. واستقطب التطور النوعي لهذه الحوزات الكثير من مواطنينا من إخواننا السنّة من مختلف أنحاء البلاد للدراسة في هذه الحوزات التي جذبت إليها أيضاً اهتمام الراغبين بتلقي العلوم الدينية من أفغانستان وإقليم بلوشستان في باكستان.

ويقدر عدد طلبة العلوم الدينية في هذه المحافظة في الوقت الحاضر بـ 7000 شخص في حين كان لا يتجاوز الـ 300 قبل انتصار الثورة الإسلامية.

وتُدرّس العلوم الدينية الآن على أعلى المستويات في المعاهد والحوزات الدينية السنية في هذه المحافظة.

وإلى جانب هذه الحوزات هناك مؤسسات ومراكز ثقافية تنشط في مجال تدريس العلوم الدينية لإخواننا السنّة في محافظة سيستان وبلوشستان. كما تقوم المكتبات المجهزة بأرقى الأجهزة وصالات المطالعة الحديثة بتقديم افضل الخدمات لطلبة هذه العلوم في مختلف أرجاء المحافظة.

 

محافظة کردستان

توجد حالياً 26 حوزة علمية في محافظة کردستان تتوزع على مدن مریوان وبانة وسروآباد وسنندج وسقز ودیواندره. وهناك 1300 طالب من إخواننا وأخواتنا السنّة يدرسون العلوم الدينية في هذه الحوزات. وتوجد حالياً 10 مدارس أخرى لا زالت في طور الإنشاء.

 

محافظة أذربيجان الغربية

توجد 11 مدرسة لتدريس العلوم الدينية لإخواننا السنّة في محافظة أذربيجان الغربية تتوزع على مدن أرومیة وبوکان ومهاباد ونقدة وبیرانشهر وأشنویة.

 

محافظة کرمانشاه

توجد 15 مدرسة حالياً في محافظة کرمانشاه لتدريس العلوم الدينية لـ 200 طالب من إخواننا وأخواتنا السنّة. وهناك أكثر من أربع مدارس دينية في بعض مدن هذه المحافظة.

 

محافظة كلستان "جلستان"

في شرق محافظة كلستان "جلستان" أكثر من 120 مدرسة للعلوم الدينية لإخواننا السنّة ويتلقى هذه العلوم 3500 طالب وطالبة في هذه المدارس في الوقت الحاضر.

 

محافظة خراسان الرضوية

محافظة خراسان الرضوية وفي ظل الفيوضات الإلهية وعناية الإمام علي بن موسی الرضا عليه السلام تحولت إلى أرض يُمن وسلام للمشتاقين من إخواننا السنّة لدراسة العلوم الدينية. وتوجد الآن 30 مدرسة لتدريس اكثر من 1500 طالب وطالبة في أجواء آمنة مطمئنة ودعم كامل من قيادة ونظام الجمهورية الإسلامية.

 

محافظة خراسان الجنوبية

محافظة خراسان الجنوبية فيها الآن 10 مدراس علمية دينية تضم أكثر من 200 طالب وطالبة من إخواننا وأخواتنا السنّة. وهذه المحافظة لم يكن فيها سوى مدرستين قبل انتصار الثورة الإسلامية، وكانت هاتان المدرستان تفتقدان لأبسط الإمكانات التدريسية في ذلك الوقت.

 

محافظة خراسان الشمالية

تنشط في محافظة خراسان الشمالية ثلاثون حوزة علمية لتدريس العلوم الدينية السنية وهو عدد لا يمكن مقارنته بما كان قبل انتصار الثورة الإسلامية. ويتلقى العلم يومياً نحو ألف طالب وطالبة من إخواننا وأخواتنا السنّة في هذه الحوزات المنتشرة في مختلف أرجاء المحافظة.

 

محافظة هرمزكان "هرمزجان"

يقطن أتباع المذهب الشافعي في إيران مدن بندر عباس وقشم ومیناب وجاسك وبستك وکیش وبندر لنكه "ميناء لنجه" من توابع محافظة هرمزكان "هرمزجان" في جنوب إيران والمطلة على الخليج الفارسي. ولأهل السنّة في هذه المدن مدارس ومراكز علمية خاصة بهم كما في بقية المحافظات.

وفي حين لم يكن عدد المدارس الدينية السنية يتعدى عدد أصابع اليد قبل انتصار الثورة الإسلامية فانه وببركة الجمهورية الإسلامية في إيران واهتمام مسؤوليها وصل هذا العدد إلى 40 مدرسة تتوفر فيها كافة الإمكانيات اللازمة للدراسة والبحث في العلوم الدينية من قبل إخواننا وأخواتنا السنّة.

 

محافظة بوشهر

يقطن بعض مواطنينا السنّة في محافظة بوشهر التي تضم 8 مدارس علمية دينية لتدريس 1100 شخص من هؤلاء المواطنين بينهم 700 طالبة.

 

محافظة فارس

اختار مواطنونا السنّة في محافظة فارس السكن في المدن الجنوبية لهذه المحافظة التي تضم 20 مركزاً علمياً لتدريس حوالي 1000 طالب وطالبة يومياً من هؤلاء المواطنين الأعزاء في مختلف المراحل.

 

محافظة كیلان " جيلان "

تضم محافظة كیلان "جيلان" الواقعة على ساحل بحر الخزر "قزوين" 7 مدارس دينية لمواطنينا السنّة وهي تضم نحو 200 طالب وطالبة.

 

حرية ممارسة الشعائر الدينية

من المسائل المهمة في دراسة حقوق الأقليات في إيران ما يتعلق بحريتهم في ممارسة شعائرهم الدينية والمذهبية. فهناك ما يقرب من (13000) مسجد للمواطنين السنّة في الجمهورية الإسلامية ومن خلال عملية حسابية بسيطة يمكن القول أن لكل (500) مواطن سني مسجداً واحداً على الأقل من هذه المساجد.

والإحصائيات الصادرة عن مراكز التحقيق والنشر السنية والمؤسسات التابعة لمنظمة الإعلام الإسلامي في البلاد تشير إلى أن اكثر هذه المساجد يقع في محافظة سیستان وبلوشستان وعددها (3700) مسجد تليها محافظتا كردستان وأذربيجان الغربية واللتان تضمان (2000) و(1500) مسجد على الترتيب.

وعدد المساجد في محافظات كلستان "جلستان" (1560)، وهرمزكان "هرمزجان" (1200)، وخراسان التي تضم ثلاث محافظات (746)، وکرمانشاه (420)، وفارس (290)، وبوشهر (135) وكيلان "جيلان" (95) مسجداً. وهناك العديد من مساجد أهل السنّة في كل من محافظتي کرمان وخوزستان.

وكمثال على الزيادة الحاصلة في عدد المساجد السنية في إيران نشير هنا إلى أن عدد المساجد الموجودة الآن في مدينة زاهدان قد تضاعف (10) مرات مقارنة مع ما كان قبل (32) عاماً.

وتقام صلاة الجمعة لأهل السنّة في (400) مكان في محافظة سیستان وبلوشستان في حين كان هذا الرقم لا يتعدى الـ 11 قبل انتصار الثورة الإسلامية.

وتقام هذه الصلاة في (12) مكاناً في مدينة زاهدان وحدها ويشارك فيها الكثير من إخواننا السنّة.

وجميع أئمة الجمعة ومدرسي وطلاب وخدام مساجد أهل السنّة في محافظة سیستان وبلوشستان يحصلون على رواتب شهرية وهدايا في مختلف المناسبات إضافة إلى رعايتهم من قبل مؤسسة التأمين الاجتماعي في البلاد.

ولا يخضع ائمة وخطباء الجمعة لأهل السنّة لأي ضغوط فيما يقولونه على منبر صلاة الجمعة خلافاً للكثير من الدول التي تملي على خطبائها ما تريد.

 

محافظة کردستان

محافظة کردستان الواقعة في غرب إيران هي ثاني محافظة من حيث الكثافة السكانية لأهل السنّة في البلاد وفيها أكثر من (200) مسجد في مختلف ضواحيها والمواطنون السنّة أحرار في ممارسة شعائرهم الدينية والمذهبية في هذه المدينة.

ومن بركات زيارة قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد الخامنئي لهذه المدينة عام (2009م) رفع الأذان وفقاً للتوقيت الشرعي لأهل السنّة استجابة لطلب العلماء السنّة في هذه المدينة من سماحته والذي حظي بترحيب واسع من قبل أهالي كردستان.

 

محافظة أذربيجان الغربية

ومن المناطق الأخرى التي اختارها مواطنونا السنّة لسكنهم هي محافظة أذربيجان الغربية الواقعة في غرب البلاد وهذه المحافظة تضم (1500) مسجد من مساجد إخواننا السنّة.

 

محافظة کرمانشاه

منذ ظهور الإسلام وحتى عام (1978) وهو عام انتصار الثورة الإسلامية لم يكن في محافظة کرمانشاه سوى (95) مسجداً لأهل السنّة ولكنها تبلغ الآن (491) مسجداً في الوقت الحاضر وذلك ببركة انتصار الثورة وقيام نظام الجمهورية الإسلامية المقدس أي ما يعادل أربعة أضعاف العدد السابق.

ويقطن السنّة في محافظة کرمانشاه في مدن جوانرود وروانسر وباوة وباباجاني، ويقيمون (120) صلاة جمعة في مختلف أنحاء المحافظة.

 

محافظة هرمزكان " هرمزجان "

مواطنون آخرون من إخواننا السنّة يقطنون في محافظة هرمزكان "هرمزجان" المطلة على الخليج الفارسي، وحسب الإحصائيات المتوفرة هناك (1200) مسجد في هذه المحافظة ويؤمها المواطنون السنّة كل يوم.

 

محافظة كلستان "جلستان "

في هذه المحافظة (1500) مسجد لأهل السنّة وتقام فيها يومياً المناسك العبادية بكل نشاط وبهجة.

 

محافظة بوشهر

إرتفع عدد المناطق التي تقام فيها صلاة الجمعة في محافظة بوشهر إلى (34) منطقة بعد أن كانت لا تتعدى الثلاثة قبل انتصار الثورة الإسلامية. وفي هذه المحافظة (57) إمام جمعة دائم ومؤقت وجميعهم يحظون بالدعم المعنوي والتأمين الإجتماعي ويتقاضون رواتب شهرية من نظام الجمهورية الإسلامية في إيران.

وهناك مسجداً للسنّة في جزيرة شیف (جزيرة شیخ سعد) في محافظة بوشهر وهو قريب من بندر "ميناء" بوشهر.

 

النشاطات الإجتماعية والسياسية

يمثل 18 نائباً المواطنين السنّة في مجلس الشورى الإسلامي وهم منتخبون من قبل سكان (6) محافظات يقطنها إخواننا السنّة، والجدول التالي يبين أسماء هذه المحافظات وأسماء ممثليها في المجلس بدورته التاسعة إضافة إلى النواب الذين مثلوا هذه المحافظات في الدورة الثامنة.

 

اسم المحافظة دورة المجلس الثامنة دورة المجلس التاسعة
کردستان: سقز و بانة فخرالدین حیدری محسن بیگلری
قروه و دهکلان سید عماد حسینی حامد قادر مرزی
مریوان و سرو آباد آقبال محمدی امید کریمیان
سنندج امین شعبانی الدور الثانی
سنندج عبدالجبار کرمی الدور الثانی
أذربیجان الغربیة: ارومیه   عابد فتاحی
مهاباد جلال محمودزاده عثمان احمدی
بوکان محمد قسیم عثمانی محمد قسیم عثمانی
بیرانشهر و سردشت محمد علی برتویی رسول خضری
نقده و أشنویه علی زنجانی حسنلویی عبدالکریم حسین زاده
بلوشستان: زاهدان بیمان فروزش ناصر کاشانی
خاش حمید رضا بشنک حمید رضا بشنک
سراوان عبدالعزیز جمشید زهی هدایت الله میرمرادزهی
جابهار و نیک شهر و کنارک یعقوب جنکال یعقوب جنکال
ایرانشهر و سرباز محمد قیوم دهقانی سعید اربابی
کلستان: مینودشت و کلاله سید نجیب حسینی عبدالکریم رجبی
کرمانشاه: باوه قدرت الله حسینی نعمت منوتشهری
خراسان الرضویة: خواف محمد رضا سجادیان محمود نکهبان سلامی

 

كما أن لأهل السنّة ثلاثة ممثلين في مجلس خبراء القيادة الذي يتولى مسؤولية الإشراف على أعلى مقام في الدولة. وهؤلاء الممثلون "النواب" يُنتخبون مباشرة من قبل الشعب حسب مناطق سكناهم. وليس هناك أي قيود أو موانع أمام المواطنين السنّة للعمل في مؤسسات ودوائر الدولة. كما أن الكثير من المسؤوليات في المدن والمحافظات التي يسكنها السنّة هي بيد مواطنين يمثلونهم ومن مذهبهم.

إضافة إلى ذلك بإمكان الأخوة السنّة العمل ضمن المؤسسات العسكرية والأمنية في الدولة.

وفي الوقت الحاضر هناك أكثر من (5000) شخص من إخواننا السنّة أعضاء في قوات حرس الثورة الإسلامية في محافظة كردستان وحدها.

ووفقاً لبعض الإحصائيات هناك أكثر من (60%) من مسؤولي المدن والأقضية التابعة لمحافظة سيستان وبلوشستان وحوالي (98%) من أعضاء مجالس المدن والقرى في هذه المحافظة هم من السنّة أيضاً.

وعدد كبير من محافظي المدن ورؤساء البلديات هو من المذهب السني، إضافة إلى أن الكثير من المدراء العامين ومساعدي المحافظين هم من السنّة أيضاً وهذا الأمر لا نظير له في كل الدول الإسلامية.

والكثير من مدراء المدارس والمفتشين العامين في مديرية التربية والتعليم بمحافظة سيستان وبلوشستان وکردستان هم من السنّة أيضاً.

و(90%) من أعضاء مجالس حل الإختلافات هم من المعتمدين من أهل السنّة في المناطق ذات الأكثرية السنية وهؤلاء ينتخبون ويصادق على أحكام مسؤولياتهم من قبل محاكم المحافظات التي يقطنون فيها.

وخريجو كليات الحقوق من المواطنين السنّة ينتخبون من قبل السلطة القضائية وينسبون إلى المحاكم حسب الحاجة بمنصب مدعي عام مساعد أو محقق أو قاض.

• الخدمات العمرانية والرفاهية الإجتماعية

في هذا الفصل نشير إلى منجزات الثورة الإسلامية في محافظتي کردستان وسيستان وبلوشستان باعتبارهما يضمان أكثر المواطنين السنّة في البلد.

 

منجزات الثورة الإسلامية في محافظة کردستان

وتتجلى خدمات الجمهورية الإسلامية بشكل ملموس في هذه المحافظة من خلال ملاحظة النمو المضطرد في بناها التحتية وازدهار مستوى الرفاه الإجتماعي لمواطنيها وتحويلها إلى محافظة متطورة في مختلف المجالات الإقتصادية والإجتماعية والثقافية والزراعية والأمنية.

ويمكن القول بثقة واطمئنان أن هذه المحافظة أصبحت من المحافظات المتقدمة في كافة المجالات لما تشهده من تطور على جميع الأصعدة. فالتطور العمراني والتميز الأمني والإجتماعي المشهود في كردستان يعد من الأهداف المهمة التي سعى النظام الإسلامي إلى تحقيقها. ومن الموارد التي حظيت باهتمام خاص في هذه المحافظة باعتبارها تمثل أساساً مهماً في البنى التحتية هي عملية تعبيد الطرق التي شهدت تطوراً محسوساً في ظل الحكومة في الجمهورية الإسلامية. فهناك أكثر من (2300 كيلومتر) من الطرق المعبدة التي تربط بين الأقضية والقرى التابعة إلى محافظة كردستان وتتصل مع مركز المحافظة، إضافة إلى (750 كيلومتر) هي عبارة عن طرق سريعة داخل المحافظة. وتحظى هذه المحافظة بـ 7 بالمئة من المياه السطحية للبلد والتي يذهب أكثرها إلى المناطق المجاورة والبعيدة خارج المحافظة. وهناك نية لبناء (30) سداً للسيطرة على هذه المياه والإستفادة منها في تطوير القطاع الزراعي والحيواني وتربية الأحياء المائية. ويوجد حالياً (7) سدود تقوم بهذا الغرض إلا أنها لا تسد الحاجة الفعلية للمحافظة .

وبالاستفادة من منابع المياه المسيطر عليها تم تجهيز 40 ألف هكتار من الأراضي الخصبة في هذه المحافظة بنظام الري المضغوط . وقبل انتصار الثورة الإسلامية كانت هناك تسع قرى فقط مجهزة بالطاقة الكهربائية في محافظة كردستان ولكنها بلغت الآن 683 قرية ببركة الثورة الإسلامية. ومن المؤشرات الأخرى على التقدم الذي أحرزته محافظة كردستان هو التطور الكبير الذي شهدته في مجال مد أنابيب الغاز الطبيعي إلى الأقضية والقرى التابعة لهذه المحافظة. وتعد كردستان واحدة من ثلاث محافظات كبيرة في إيران من حيث نسبة الإستفادة من الغاز الطبيعي والتي بلغت (99.6) بالمئة في هذه المحافظة. و63٪ من سكان قرى هذه المحافظة والبالغة 624 قرية يستفيدون حالياً من نعمة الغاز الطبيعي. وهناك 48 محطة لوقود الغاز الطبيعي المضغوط " CNG " تنشط في هذه المحافظة إضافة إلى 10 مدن صناعية تستفيد بالكامل من شبكة الغاز الطبيعي في المحافظة. وببركة الجمهورية الإسلامية الإيرانية يوجد حالياً 960 وحدة صناعية كبيرة وصغيرة في هذه المحافظة والتي وفرت فرص عمل لـ 15870 شخص في عموم المحافظة. ويعد مصنع الصلب في مدينة قروة الذي وفر 1800 فرصة عمل ويبلغ إنتاجه السنوي 70 ألف طن من سبائك الحديد ، ومعملا الإسمنت والجرارات الزراعية في مدينتي بيجار وسنندج من الصناعات الرئيسية في محافظة كردستان. وتحتضن هذه المحافظة الثقافية في الوقت الحاضر أكثر من 65 ألف طالب وطالبة يتلقون العلم في أكثر من 250 فرع ومرحلة دراسية في 37 مركزاً جامعياً وأكاديمياً. أي ما يعادل نحو 4.5 بالمائة من مجموع سكان هذه المحافظة. وكانت نسبة المتعلمين في هذه المحافظة لا تتجاوز 29 بالمئة قبل انتصار الثورة الإسلامية، في حين وصلت هذه النسبة إلى 90 بالمئة في الوقت الحاضر. أما في مجال الرعاية الصحية والعلاجية فكان عدد الأطباء في هذه المحافظة قبل انتصار الثورة الإسلامية 99 طبيباً و35 أخصائياً في حين وصل عددهم إلى 300 طبيب أخصائي و20 طبيباً (بورد) و135 طبيب أسنان في الوقت الحاضر. ويوجد حالياً 621 بيتاً صحياً و75 مركزاً صحياً قروياً و66 عيادة و12 مستشفى تضم 1626 سريراً لتقديم الخدمات الطبية لسكان هذه المحافظة.

 

منجزات الثورة الإسلامية في محافظة سیستان وبلوشستان

قبل انتصار الثورة الإسلامية كانت أكثر مناطق هذه المحافظة خصوصاً الريفية والنائية منها لم يصلها العمران وتفتقد إلى المدارس وتكثر فيها الأمية بسبب الإهمال. ومعظم سكان هذه المحافظة ممن تجاوز الـ 40 عاماً والذين يقطنون المناطق الريفية كانوا أميين ولم تكن لهم القدرة على التعلم والحصول على المعرفة. وبعد انتصار الثورة الإسلامية، وإنشاء المؤسسات الثقافية وازدهار مستوى التربية والتعليم في المناطق الريفية والعشائرية في المحافظة زادت نسبة المتعلمين في هذه المحافظة ووصل عددهم إلى 802-825 شخصاً من مجموع 124-860 شخصاً من مختلف الفئات العمرية "من ستة أعوام وصاعداً" وفقاً لإحصائيات مركز إحصاء إيران لعام (1997).

ونسبة المتعلمين بين النساء أكثر من الرجال، حيث وصل عدد المتعلمين من الرجال إلى 487-336 رجلاً والمتعلمات من النساء إلى 338-466 امرأة. وبسبب عدم وجود مدارس للبنات ومدرسات في المناطق الريفية والعشائرية التابعة لهذه المحافظة في السنوات التي سبقت انتصار الثورة الإسلامية بقيت غالبية نساء هذه المحافظة أميات. وكانت جامعة سيستان وبلوشستان في مركز المحافظة هي الوحيدة في زمن النظام البهلوي في هذه المحافظة وكان عدد الطلاب فيها من غير السكان الأصليين والقادمين من مختلف مناطق البلاد محدود جداً. ولكن بعد انتصار الثورة وإنشاء جامعة زاهدان للعلوم الطبية، وجامعة "بيام نور"، والجامعة الحرة الإسلامية في مدن زاهدان و إیرانشهر وزابل وباقي مدن المحافظة عُبِّدَ الطريق لتطوير الجوانب الثقافية والاجتماعية في المحافظة.

 

نظرة على التطور والإزدهار الذي تحقق في سيستان وبلوشستان خلال السنوات الأربعة والثلاثين الماضية من عمر الثورة الإسلامية

تبلغ مساحة محافظة سيستان وبلوشستان 187500 كيلومتراً مربعاً، أي ما يعادل 11.4 بالمئة من المساحة الكلية لإيران.

ومن خلال نظرة سريعة إلى مؤشرات التقدم الذي تحقق في هذه المحافظة بعد انتصار الثورة الإسلامية نستطيع أن نكتشف مدى الإهتمام الذي يوليه نظام الجمهورية الإسلامية للقضاء على الفقر والحرمان في هذه المنطقة. والنمو الذي بلغت نسبته 90 بالمئة في قطاع التعليم وتزايد عدد المدارس في سيستان وبلوشستان إلى عشرة أضعاف يبين حجم الإهتمام والتطور الذي حصل في إعداد البنى التحتية اللازمة لتدريب وتخريج الكوادر البشرية في هذا القطاع. والنمو الحاصل في شبكات إيصال مياه الشرب إلى القرى والذي بلغت نسبته 99 بالمئة، وكذلك في مجال نصب الهواتف الثابتة بنسبة 70 بالمئة وفي عدد المستشفيات بنسبة 140بالمئة والبيوت الصحية بنسبة 96 بالمئة وزيادة عدد المراكز الصحية إلى سبعة أضعاف لا يمثل إلا جزءاً يسيراً من هذه الخدمات.

وزودت محافظة سيستان وبلوشستان بشبكة طرق واسعة تتناسب مع حجم التطور الصناعي والزراعي في المحافظة، حيث زاد مجموع الطرق التي تربط الأرياف في هذه المحافظة إلى 50 ضعفاً والطرق المعبدة إلى أربعة أضعاف. كما شهد قطاع الصيد تطوراً بنسبة 75 بالمئة وزاد عدد المدن الصناعية إلى أربعة أضعاف. ووفقاً لإحصاءات مؤسسة تحديث وتطوير وتجهيز مدارس سيستان وبلوشستان توجد حالياً 3200 مدرسة تشتمل على 15450 صفاً في هذه المحافظة.

وهناك أكثر من (80 ألف) طالب جامعي يدرسون حالياً في أكثر من 40 مركزاً للتعليم العالي في هذه المحافظة التي شهدت أيضاً تطوراً ملحوظاً للبنية التحتية بعد انتصار الثورة الإسلامية ولاسيما في مجالي الطرق وسكك الحديد والقطاعين الجوي والبحري وصناعة السفن وفتح أسواق حدودية وغيرها من المجالات. وهذه المحافظة فيها اكثر من 2000 منطقة مسكونة، أكثر من 95 بالمئة منها مزودة بالكهرباء وأكثر من 85 بالمئة منها مزودة بمياه الشرب، في حين هذه الإحصائيات معكوسة في زمن النظام السابق. ومعظم الطرق المؤدية إلى القرى في سيستان وبلوشستان معبدة وتتوفر فيها البيوت الصحية والعيادات الطبية. وتشهد أقضية هذه المحافظة تطوراً ملحوظاً في المجالات الرياضية والتعليمية والثقافية والأكاديمية إلى درجة أن المراكز الجامعية لمدينة جابهار " شاباهار " التابعة للمحافظة تستقبل طلاباً من جميع أنحاء العالم.

ومنذ انتصار الثورة الإسلامية اهتمت الجمهورية الإسلامية بدعم ذوي الدخل المحدود. وتشكلت بأمر مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني رحمة الله عليه لجنة إغاثة سميت باسمه لمساعدة المحتاجين. وشملت هذه العناية المحافظات السنية وقامت لجنة الإغاثة بنشاطات متميزة في هذه المحافظات. ويعمل الآن 700 ألف شخص من إخواننا السنّة في هذه اللجنة لمساعدة نحو (75000) عائلة في محافظة سيستان وبلوشستان وقرابة (50000) عائلة في محافظة كردستان و(30000) في محافظة أذربيجان من المواطنين السنّة. وتحصل هذه العوائل على مرتبات شهرية من هذه اللجنة. وتتنوع أشكال الدعم التي تقوم بها لجنة الإغاثة بتقديم المساعدة للأعمال المنزلية التي تديرها النساء المعيلات لأسرهن ومنحهن قروضاً بلا فوائد، وتحمّل نفقات طلبة الجامعات المعوزين وتهيئة متطلبات الزواج لبنات هذه الأسر وغيرها من الخدمات. وعلى سبيل المثال يستفيد اكثر 133 ألف شخص من خدمات لجنة الإغاثة في محافظة كردستان وحدها. ولجنة الإمام الخميني للإغاثة تقدم دعمها لجميع المحتاجين دون النظر إلى انتماءاتهم السياسية أو دينهم أو مذهبهم أو قوميتهم بل إن هذه المؤسسية ذات الطابع الثوري تسعى لخدمة مختلف الشرائح بصدق وأمانة. وكون الشخص شيعياً أو سنياً ليس معياراً لتقديم الخدمات له من قبل هذه المؤسسة المقدسة والهدف الأساس في هذه الخدمة هو التغلب على المشاكل التي تواجه المحتاجين وإزالة العقبات عن طريق المسلمين. وتقدم الخدمات الواسعة من قبل هذه المؤسسة المقدسة بأشكال مختلفة في الوقت الحاضر بينها بناء المساكن للمحتاجين وتوفير فرص العمل لهم وتهيئة متطلبات الزواج لهم وكل ما شأنه أن يمكنهم للتغلب على مشاكلهم. ويستفيد من الخدمات المختلفة التي تقدمها لجنة الإمام الخميني رحمة الله عليه للإغاثة في الوقت الحاضر 10 بالمائة من مجموع نفوس محافظة كردستان ونحو 17 ألف طالب وطالبة، و26 ألف امرأة معيلة لأسرة و7000 يتيم تقل أعمارهم عن 15 عاماً.

وقد وفرت لجنة الإمام الخميني رحمة الله عليه 18900 فرصة عمل للمحتاجين المشمولين برعايتها في هذه المحافظة منذ تأسيسها وحتى الآن.

 

أهل السنة والثورة الإسلامية

في هذا القسم سنتطرق إلى دور السنّة في بلورة وانتصار الثورة الإسلامية وما بعدها.

ويمكن توضيح ذلك من خلال تقسيم البحث إلى ثلاثة أقسام أو ثلاث مراحل:

1 – قبل انتصار الثورة الإسلامية وأثناء فترة النضال.

2- خلال سنوات الدفاع المقدس والحرب التي فرضها الإستكبار العالمي على الجمهورية الإسلامية في ثمانينات القرن الماضي.

3 – المشاركة في الانتخابات والمسيرات الداعمة للثورة الإسلامية.

فأهل السنّة في إيران يحبون الإسلام ومن الدعاة لإقرار العدالة في زمن الشاه المقبور بعد أن تعرضوا للظلم والإجحاف على يد السلطة الغاشمة في ذلك الزمان. وبسبب ابتعاد مناطق سكناهم عن مركز البلاد وتركيز دولة الشاه على العاصمة فقط تعرض الأخوة السنّة إلى الحرمان من أبسط حقوقهم ومن الحد الأدنى من الإمكانات اللازمة لنيل الراحة والإستقرار. وكان السنّة يشعرون بهذا الحرمان بكل وجودهم. وقد أدى إهمال الجهاز الحاكم في زمن الشاه للمناطق المحرومة إلى أن تكون حياتهم في المناطق الحدودية صعبة للغاية. ولهذا تصاعدت وتيرة الإستياء والسخط في أوساط الشعب. وبعثت نهضة الإمام الخميني رحمة الله عليه التي انطلقت من الحوزة العلمية في مدينة قم المقدسة بصيص أمل في قلوب أهل السنّة التواقة للانعتاق من الظلم والحرمان. واختار السنّة الإمام لأن يكون قائداً ثورياً لهم بعد أن لمسوا فيه مواصفات الإنسان والرجل المعبّر عنهم وعن طموحاتهم. ومنذ ذلك الوقت بدأوا يساندون نضاله وثورته. وزاد الشاه من ضغوطه على أهل السنّة خصوصاً علمائهم واغلق العديد من حوزاتهم الدينية لأنه لم يكن يتصور أن يقفوا إلى جانب المجاهدين الثوار ويساندوا نضالهم. وإعلان التضامن مع الثورة الإسلامية من قبل علماء السنّة من الطراز الأول في محافظتي سيستان وخراسان الجنوبية من الأمور التي سجلها التاريخ لأهل السنّة في إيران. وأبرز مثال لتضامن السنّة مع الثوار ومساندتهم للنضال الثوري تجلى في الإستقبال والتواصل والتعاون الصادق من قبل الاخوة السنّة في مدينة إيرانشهر أثناء نفي أحد أبرز المجاهدين الثوريين إلى هذه المدينة. فالنظام الحاكم في ذلك الوقت ولأجل زيادة الضغط على الثوار وبث الفرقة بينهم عمد إلى نفي عالم الدين المجاهد سماحة آية الله السيد الخامنئي إلى مدينة إيرانشهر لإلحاق الهزيمة بالثوار. فنظام الشاه الظالم كان يتصور أن مدينة إيرانشهر ولكونها منطقة سنية ستكون مكاناً مناسباً لنفي قائد الثورة إليها ليكون هذا العالم الشيعي المجاهد في مأزق اجتماعي ونفسي، ولهذا نفاه إلى هذه المدينة. ولكن هذا النظام لم يكن في حسبانه أن هذا النفي سرعان ما سيتحول إلى علاقة صميمية وأواصر ودية للغاية بينه وبين أهل السنّة في هذه المدينة بسبب الحب العميق والإخلاص والمشاعر الدينية الصادقة التي يتحلى بها أهل هذه المدينة.

ويذكر قائد الثورة الإسلامية علاقته هذه مع أهل السنّة بحفاوة وتقدير ويشير إلى ذلك بالقول "أنا لم أكن أشعر بالوحدة والغربة في إيرانشهر".

 

بعد انتصار الثورة الإسلامية

في بداية انتصار الثورة الإسلامية كان الأعداء يشيعون بأن هذه الثورة هي ثورة شيعية وكانوا يتوقعون أن أهل السنّة لا يتضامنون معها، إلا أن مؤسس الجمهورية الإسلامية الإمام الخميني رحمة الله عليه بعقيدته الراسخة وإدراكه الثاقب لمؤامرة العدو ورداً على أحد الصحفيين عندما سأله هل أن ثورتكم ثورة شيعية فأجابه الإمام: "ثورتنا إسلامية." وتيقن الأخوة السنّة عند ذلك وأكثر من أي وقت مضى بأن الثورة الإسلامية هي ثورتهم. ولهذا اعتبروا المشاركة في ترسيخ أسس نظام الجمهورية الإسلامية من واجباتهم ولم يألوا جهداً في الدفاع عن المكاسب التي تحققت في سنوات الجهاد والنضال. ومن المصاديق البارزة لمشاركة السنّة في الدفاع عن القيم والمثل العليا للجمهورية الإسلامية هي مشاركتهم الفعّالة في جبهات الحرب في زمن الدفاع المقدس جنباً إلى جنب مع إخوانهم الشيعة. والإحصائيات المتوفرة حول حجم مشاركة أهل السنّة في قوات حرس الثورة الإسلامية والجيش وقوات التعبئة الشعبية والمتطوعين الآخرين بصفة فدائيين خاصة في محافظة كردستان وتصديهم لعناصر (الكوملة) دليل واضح على صدق هذا المدعى. وتضحيتهم بأكثر من (5500) شهيد لنصرة الثورة الإسلامية تبين بوضوح أن أهل السنة لم يخدعوا بشائعات الأعداء اليائسة.

 

المشاركة في الانتخابات والمسيرات

إحدى المظاهر البارزة للمشاركة الفعّالة لأي شعب في تقرير مصيره والتي تبيّن مدى إخلاصه وحبه لدولته وحكومته هي المشاركة في الانتخابات. فالمشاركة في الانتخابات من جانب أي فئة أو قومية كلما كانت أكثر فعالية ونشاطاً تشير إلى مشروعية ومقبولية النظام الحاكم في البلد. وطبقاً للوثائق المتوفرة فإن محافظتي كردستان وسيستان وبلوشستان اللتان يقطنهما أكبر عدد من أهل السنّة في البلاد تبيّن أنهما الأكثر مشاركة في الانتخابات التي أجريت بعد انتصار الثورة الإسلامية. وكان للأخوة السنّة حضور واسع في جميع المسيرات التي شهدتها البلاد بعد انتصار الثورة جنباً إلى جنب مع إخوانهم الشيعة، وبهذه المشاركة أعلنوا عن مدى حبهم وتضامنهم مع النظام الإسلامي.

الإثنين, 17 حزيران/يونيو 2013 07:10

الزيدية - اهم الافكار والمعتقدات

الزيدية - اهم الافكار والمعتقدات

1 ـ قالوا إنّ الإمامة رئاسة عامة، وتعدّ من افرض الفرائض تأتي عن طريقين :

أولهما : التعيين، ولا تكون الإمامة إلاّ في أهل البيت.

وثانيها : الترشيح ومعناه أن يختار من آل البيت ممن تتوفر فيه شروط الإمامة من أولاد الحسن والحسين (عليهما السلام) على السواء.

2 ـ أنكروا على الذين حاربوا أمير المۆمنين (عليه السّلام)، وقالوا أنّه (عليه السّلام) كان مصيباً في حربه مع طلحة والزبير وغيرهما، وان جميع من حاربه وقاتله كان على خطá وجب على الناس محاربتهم.

3 ـ اشترطوا في الإمام أن يكون شجاعاً وقالوا : ليس بإمام من جلس في بيته، وأرخى ستره ،وثبط، بل الإِمام من قام من آل البيت، يدعو إلى كتاب الله وسنةرسوله (صلى الله عليه وآله وسلّم) وجاهد على ذلك فاستشهد ومضى، وقام آخر بعده يدعو إلى ما دعا إليه إلى أن تنقضي الدنيا.

4 ـ جوّزوا مبايعة إمامين في إقليمين، بحيث يكون كُلّ واحد منهما إماماً في إقليمه، ما دام جامعاً لأوصاف الإمامة.

5 ـ فسروا التوحيد بأنّه عدم شرك الغير بالله تعالى وليس المراد به الوحدة العددية التي تتركب بها الأعداد، ومعرفة الله على وجهين إثبات ونفي، فالإثبات هو اليقين بالله، والإقرار به، والنفي هو نفي التشبيه عنه تعالى، وأنّ الله واحد ليس كمثله شيء كما أنّه ليس بجسم، ولا له حدود ولا أقطار، ولا يجوز عليه النقل من مكان إلى مكان، ولا من حال إلى حال، وأنّه سميع بصير لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، وأنّه واحد في ذاته لا قسيم له ولا صلة، وواحد في أفعاله لا شريك له فلا قديم غير ذاته ولا قسيم له في أفعاله.

6 ـ قالوا في الوعد والوعيد أنّه الله لا يخلف ما وعده، ومعنى الوعد إخبار بالثواب، فلا يجوز خلف الوعد على الله، والوعيد إخبار بالعقاب، والله قادر على ما يشاء من معرفة ،وقادر على تعذيب خلقه ممن عصى وأذنب لأنّه لو لم يعذّب من وعده بالعذاب من أهل الكبائر لأنّها مخالفة لوعد الله لقوله تعالى:

(مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلَا شَفِيعٍ يُطَاعُ)، واثبتوا الشفاعة للمۆمنين من أهل الجنة، برفعهم درجة إلى أعلى منها.

7 ـ وحكموا على مرتكبي الكبائر من المسلمين بالفسق، وقالوا بالمنزلة بين المنزلتين فشارب الخمر، وفاعل الزنا، والسارق، لحقوق الناس يسمون فساقاً، أي لا كفرة، ولا مۆمنين، بل هم في درجة بين الكفر والإيمان. وليس بمۆمنين، لأنّ المۆمن في الشريعة يجب مدحه، وتعظيمه بخلاف الفاسق، فإنّه لا يجوز مدحه لأنّ الشرع ورد فيه تعظيم المۆمن وذمّ الفاسق، ولا يسمون كفاراً حيث أنّ الأحكام تعاملهم معاملة المۆمنين من جواز مناكحتهم، وموارثتهم، ودفنهم في مقابر المسلمين. كما أنهم حكموا على مرتكب الكبيرة إذا مات، وهو مصرّ عليها فهو خالد في النار، لا يخرج منها باستثناء الأطفال لأنّهم غير مكلفين.

8 ـ قالوا بقبح التكليف بما لا يطاق، وإنّ فعل العبد غير مخلوق فيه، والمعاصي الصادرة من العباد ليست بقضاء الله سبحانه، ولا يطلق على الباري عزّ وجل أنّه يضلهم.

9 ـ قالوا بحجية القياس، والاستحسان، والإجماع، بما هو دون كونه كاشفاً، عن قول المعصوم وحجية قول الصحابي وفعله.

10 ـ اعتقدوا بإمامة علي، والحسنين، بالنصّ الجلي وقالوا إنّ تقدّم غيرهم عليهم كان خطأ وباطلاً.

أبرز الشخصيات :

1 ـ زيد بن علي بن الحسين (رضوان الله تعالى عليه).

2 ـ زياد بن أبي زياد المنذر الهمداني أبو الجارود (زعيم الجارودية).

3 ـ سليمان بن جرير الرقي (زعيم السليمانية).

4 ـ الحسن بن صالح بن حي (زعيم الصالحية).

5 ـ كثير النوا البتري (زعيم البترية).

6 ـ نعيم اليمان (زعيم النعيمية).

7 ـ يعقوب بن داود (زعيم اليعقوبية).

8 ـ يحيى بن زيد بن علي (107 ـ 125 هـ).

9 ـ محمد بن عبد الله بن الحسن (الملقب بالنفس الزكية 100 ـ 145 هـ).

10 ـ الحسن بن زيد بن محمد (الداعي الكبير).

11 ـ الحسن بن علي بن الحسن (الاطروش 230 ـ 304 هـ).

12 ـ الحسن بن القاسم (الداعي إلى الله).

13 ـ إدريس بن عبد الله المحض.

14 ـ احمد بن عيسى بن زيد بن علي.

15 ـ القاسم الرسي.

16 ـ يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي (الإمام الهادي إلى الحق المبين).

17 ـ أحمد بن يحيى بن المرتضى (المهدي لدين الله).

18 ـ محمد بن إبراهيم (ابن الوزير 775 ـ 840 هـ).

19 ـ محمد بن إسماعيل (ابن الأمير 1099 ـ 1186 هـ).

الإثنين, 17 حزيران/يونيو 2013 07:07

نتنياهو ينتقد «الترحيب الغربي»

نتنياهو ينتقد «الترحيب الغربي»

رفضت إسرائيل ترحيب الغرب بانتخاب الشيخ حسن روحاني رئيساً لإيران، والمواقف المعلنة عن الأمل بإمكان التوصل الى تسوية معها، وشددت على أن شيئاً لم يتغير، ويجب الابقاء على الضغوط والعقوبات الى أن تغير طهران سياساتها.

ووجه رئيس الحكومة الاسرائيلية، بنيامين نتنياهو، انتقادات شديدة لردود الفعل الغربية المرحبة بانتخاب الشيخ روحاني رئيساً للجمهورية الاسلامية، وأكد ضرورة عدم بث أوهام النفس بهذا الانتخاب.

وفي مستهل جلسة الحكومة الاسرائيلية أمس، توجه نتنياهو الى المجتمع الدولي، داعياً إياه الى عدم الاستسلام للأماني الطيبة»، وضرورة عدم تخفيف الضغط على إيران من أجل وقف برنامجها النووي.

ولفت نتنياهو الى أن «حاكم إيران منذ البداية رفض ترشيح الذين لا يتلاءمون مع رؤيته المتطرفة، ومن ضمن الذين سُمح بترشيحهم تم انتخاب المرشح الأقل تماثلاً مع النظام»، مشيراً الى أن المسألة حتى الآن تتعلق بشخص يسمي دولة إسرائيل «الشيطان الصهيوني الكبير»، في إشارة الى الوصف الايراني للدولة العبرية.

وفي محاولة للالتفاف على أي ترحيب أو آمال قد يطلقها الغرب تجاه امكانية التوصل الى اتفاق مع ايران على خلفية برنامجها النووي، في ظل رئاسة روحاني، أكد نتنياهو ان «انتخاب روحاني لا يغير شيئاً من ناحية البرنامج النووي، إذ إن الحاكم في ايران هو القائد الأعلى، والرئيس لا يقرر السياسة النووية».

وأعاد نتنياهو تأكيد مواقفه السابقة، بأنه كلما ازداد الضغط على ايران ازدادت فرص صد برنامجها النووي الذي يبقى التهديد الأكبر للسلام العالمي.

وفي محاولة للاستدلال على صحة مواقفه ورؤيته، وضرورة الاتكال فقط على التهديد بالخيارات العسكرية ضد ايران، ذكّر نتنياهو بأنه «قبل خمس عشرة سنة انتخب رئيس آخر (السيد محمد خاتمي) اعتُبِر في الغرب معتدلاً نسبياً، لكنه لم يُحدث تغييراً في السياسة العدوانية لإيران».

في المقابل، شدد نتنياهو أيضاً على أن الأمر الوحيد الذي دفع ايران خلال السنوات الماضية الى تجميد برنامجها بشكل مؤقت كان خشيتها من عملية عسكرية ضدها في عام 2003.

مع ذلك، أكد رئيس الحكومة الاسرائيلية أن المعيار الوحيد إزاء إيران هو اختبار الأفعال، و«إذا استمرت في إصرارها على تطوير برنامجها النووي، فإن الرد ينبغي أن يكون واضحاً، وهو إيقاف البرنامج النووي بأي طريقة».

من جهته، رأى الرئيس الاسرائيلي شمعون بيريز، رداً على سؤال وجهته اليه وكالة «رويترز»، أن روحاني «لن ينتهج تلك السياسات المتشددة، ولا أعرف إن كان قد حدد سياساته، لكن أثق بأنها ستكون أفضل، ولهذا انتخبه المواطنون» الايرانيون، رغم أنه عاد ودعا الى الحكم عليه من خلال أفعاله.

مع ذلك، أكد بيريز أن نتيجة الانتخابات في ايران «فاجأت جميع الخبراء وكل التكهنات، وهو أمر محيّر حقاً»، مشيراً الى أن «ثمة قوى خفية على ما يبدو لم نلحظها، أو أنه تم تقديرها بشكل خاطئ». وكان وزير الدفاع الاسرائيلي، موشيه يعلون، الموجود حالياً في الولايات المتحدة، أكد قبل إعلان هوية الفائز في الانتخابات الرئاسية الايرانية، أن إيران «لن تغير سياستها النووية». وأعرب عن قلقه الكبير من التقدم الايراني في المشروع النووي «وقلقون مما لا نعرفه»، مشدداً على وجود مؤشرات على تقدم إيراني نحو «دولة حافة نووية»، والمسألة برمتها باتت متعلقة بهم فقط، إذا أرادوا أن يصبحوا دولة نووية.

في السياق نفسه، رأى وزير الجبهة الداخلية، غلعاد اردان، أن فوز روحاني برئاسة الجمهورية الايرانية قد يحمل نتائج سلبية بالنسبة إلى إسرائيل، من خلال تخفيف الضغوط الدولية على البرنامج النووي الايراني.

ورأى اردان، المقرب من نتنياهو، في مقابلة مع القناة العاشرة في التلفزيون العبري، أن «انتخاب روحاني يمكن أن يقود المجتمع الدولي الى التراخي مع ايران»، والحديث عن أن «كل شيء بات على ما يرام في ايران، وبالتالي التخلي عن الضغوط ضدها».

من جهته، وصف رئيس حزب كديما، شاؤول موفاز، الرئيس الايراني المنتخب بأنه أكثر المرشحين الى الرئاسة الايرانية اعتدالاً، مضيفاً في مقابلة مع القناة الثانية الاسرائيلية أن «الايرانيين عبّروا من خلال انتخابه عن رغبتهم في التغيير.. لكن في ما يخص إسرائيل، فلن يحصل تغيير مهم، لا على صعيد البرنامج النووي، ولا على صعيد دعم حزب الله، وأيضاً لا تغيير في سياسة إيران تجاه الازمة في سوريا». أما وزير البيئة عمير بيرتس، فقد دعا الى مواصلة العمل لمنع إيران من امتلاك السلاح النووي، معرباً عن أمله بأن يعمل الرئيس الايراني الجديد من أجل الدخول في حوار حقيقي مع الدول الغريبة.

بدوره، الوزير عوزي لانداو من حزب الليكود طالب بضرورة العمل بحزم ضد إيران، وأن «لا نسمح لها بامتلاك القنبلة النووية مستغلة عباءة الاعتدال».

في الاطار نفسه، أعلن المتحدث باسم الخارجية الاسرائيلية، يغال بالمور، أنه «بعد الانتخابات، ستُحاكم إيران وفقاً لأفعالها في المجال النووي والارهاب»، مضيفاً أن «البرنامج النووي كان حتى الآن خاضعاً للقائد الاعلى علي خامنئي، وليس للرئيس». وقال إن «على إيران احترام مطالب المجتمع الدولي وإيقاف البرنامج النووي، والكف عن الارهاب الذي تنشره طهران حول العالم».

الإثنين, 17 حزيران/يونيو 2013 06:51

حَقّ رَعِيّتِكَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ

20. وَ أَمّا حَقّ رَعِيّتِكَ بِمِلْكِ الْيَمِينِ فَأَنْ تَعْلَمَ أَنّهُ خَلْقُ رَبّكَ وَ لَحْمُكَ وَ دَمُكَ وَ أَنّكَ تَمْلِكُهُ لَا أَنْتَ صَنَعْتَهُ دُونَ اللّهِ وَ لَا خَلَقْتَ لَهُ سَمْعاً وَ لَا بَصَراً وَ لَا أَجْرَيْتَ لَهُ رِزْقاً وَ لَكِنّ اللّهَ كَفَاكَ ذَلِكَ ثُمّ سَخّرَهُ لَكَ وَ ائْتَمَنَكَ عَلَيْهِ وَ اسْتَوْدَعَكَ إِيّاهُ لِتَحْفَظَهُ فِيهِ وَ تَسِيرَ فِيهِ بِسِيرَتِهِ فَتُطْعِمَهُ مِمّا تَأْكُلُ وَ تُلْبِسَهُ مِمّا تَلْبَسُ وَ لَا تُكَلّفَهُ مَا لَا يُطِيقُ فَإِنْ كَرِهْتَهُ خَرَجْتَ إِلَى اللّهِ مِنْهُ وَ اسْتَبْدَلْتَ بِهِ وَ لَمْ تُعَذّبْ خَلْقَ اللّهِ وَ لا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ‏

الإثنين, 17 حزيران/يونيو 2013 05:41

في ذكرى ولادة الإمام السجاد عليه السلام(*)

في ذكرى ولادة الإمام السجاد عليه السلام

نشأة الإمام زين العابدين عليه السلام

لقد توفّرت للإمام زين العابدين((عليه السلام)) جميع المكوّنات التربوية الرفيعة التي لم يظفر بها أحدٌ سواه، وقد عملت على تكوينه وبناء شخصيّته بصورة متميّزة، جعلته في الرعيل الأوّل من أئمّة المسلمين الذين منحهم الرسول((صلى الله عليه وآله)) ثقته، وجعلهم قادة لاُمّته واُمناء على أداء رسالته.

نشأ الإمام في أرفع بيت وأسماه ألا وهو بيت النبوّة والإمامة، الذي أذن الله أن يرفع ويذكر فيه اسمه(1)، ومنذ الأيام الاُولى من حياته كان جده الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب((عليه السلام)) يتعاهده بالرعاية، ويشعّ عليه من أنوار روحه التي طبّق شذاها العالم بأسره، فكان الحفيد ـ بحقٍّ ـ صورة صادقة عن جدّه، يحاكيه ويضاهيه في شخصيّته ومكوّناته النفسية.

كما عاش الإمام((عليه السلام)) في كنف عمّه الزكي الإمام الحسن المجتبى((عليه السلام)) سيّد شباب أهل الجنّة وريحانة رسول الله((صلى الله عليه وآله)) وسبطه الأوّل، إذ كان يغدق عليه من عطفه وحنانه، ويغرس في نفسه مُثُلَه العظيمة وخصاله السامية، وكان الإمام((عليه السلام)) طوال هذه السنين تحت ظلّ والده العظيم أبي الأحرار وسيّد الشهداء الإمام الحسين بن عليّ((عليهما السلام)) الذي رأى في ولده عليّ زين العابدين((عليه السلام)) امتداداً ذاتيّاً ومشرقاً لروحانيّة النبوّة ومُثُل الإمامة، فأولاه المزيد من رعايته وعنايته، وقدّمه على بقية أبنائه، وصاحَبَه في أكثر أوقاته.

لقد ولد الإمام زين العابدين((عليه السلام)) في المدينة في اليوم الخامس من شعبان سنة (36 هـ )(2) يوم فتح البصرة، حيث إنّ الإمام عليّ((عليه السلام)) لم ينتقل بعد بعاصمته من المدينة الى الكوفة. وتوفّي بالمدينة سنة (94 أو 95 هـ ).

وقد ذكر بعض المؤرخين أنّه ولد في سنة (38 هـ ) وفي مدينة الكوفة، حيث كان جدّه الإمام أمير المؤمنين((عليه السلام)) قد اتّخذها عاصمة لدولته بعد حرب الجمل، فمن الطبيعي أن يكون الحسين السبط((عليه السلام)) مع أهله وأبيه((عليه السلام)) في هذه الفترة بشكل خاص(3) .

اُمّـهُ :

اسمها «شهربانو» أو «شهر بانويه» أو «شاه زنان» بنت يزدجرد آخر ملوك الفرس(4)، وذكر البعض أنّ أُمّه قد أجابت نداء ربّها أيّام نفاسها فلم تلد سواه(5).

كُـناه :

أبو الحسن، أبو محمّد، أبو الحسين، أبو عبد الله(6).

ألقابـه:

«زين العابدين» و «ذو الثفنات» و «سيّد العابدين» و «قدوة الزاهدين» و «سيّد المتّقين» و «إمام المؤمنين» و «الأمين» و «السجّاد» و «الزكي» و«زين الصالحين» و «منار القانتين» و «العدل» و «إمام الاُمّة» و «البكّاء»، وقد اشتهر بلقبي «السجاد» و «زين العابدين» أكثر من غيرهما.

إنّ هذه الألقاب لم يلقّب بها الإمام إلاّ باعتباره التجسيد الحيّ لها، والمصداق الكامل لـ : (وَعِبَادُ الرَّحْمَـنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُواْ سَلامًا)(7)، وبعض الذين منحوه هذه الألقاب لم يكونوا من شيعته، ولم يكونوا يعتبرونه إماماً من قبل الله تعالى، لكنّهم ما استطاعوا أن يتجاهلوا الحقائق التي رأوها فيه.

لقد ذكر المؤرّخون ما يبيّن لنا بعض العلل التأريخية لجملة من هذه الألقاب المباركة:

1 ـ روي عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري أنّه قال: كنت جالساً عند رسول الله((صلى الله عليه وآله)) والحسين في حجره وهو يلاعبه فقال((صلى الله عليه وآله)): «يا جابر، يولد له مولود اسمه عليّ، إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقُم (سيّد العابدين) فيقوم ولده، ثم يولد له ولد اسمه محمّد، فإن أنت أدركته يا جابر فاقرأه منّي السلام»(8).

2 ـ كان الزهري إذا حدّث عن عليّ بن الحسين((عليه السلام)) قال: حدّثني «زين العابدين» عليّ بن الحسين، فقال له سفيان بن عيينة: ولِمَ تقول له زين العابدين؟ قال: لأنّي سمعت سعيد بن المسيب يحدّث عن ابن عباس أنّ رسول الله((صلى الله عليه وآله)) قال: «إذا كان يوم القيامة ينادي مناد أين زين العابدين؟ فكأنـّي أنظر إلى ولدي عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب يخطو بين الصفوف»(9)؟

3 ـ وجاء عن الإمام أبي جعفر الباقر((عليه السلام)) أنّه قال: «كان لأبي في مواضع سجوده آثار ناتئة، وكان يقطعها في السنة مرتّين، في كلّ مرة خمس ثفنات، فسمّي ذا الثفنات لذلك»(10).

4 ـ كما جاء عنه((عليه السلام)) عن كثرة سجود أبيه ]قوله[ : «إن أبي عليّ بن الحسين((عليه السلام)) ما ذكر نعمة الله عليه إلاّ وسجد، ولا قرأ آية من كتاب الله عزّ جلّ وفيها سجود إلاّ سجد، ولا دفع الله تعالى عنه سوءاً يخشاه أو كيد كائد إلاّ سجد، ولا فرغ من صلاة مفروضة إلاّ سجد ولا وفّق لإصلاح بين إثنين إلاّ سجد، وكان أثر السجود في جميع مواضع سجوده فسمّي بالسجّاد لذلك»(11).

الإمامة والمرجعية الشاملة

برز على الصعيد العلمي إماماً في الدين ومناراً في العلم، ومرجعاً لأحكام الشريعة وعلومها، ومثلاً أعلى في الورع والعبادة والتقوى، واعترف المسلمون جميعاً بعلمه واستقامته وأفضليّته، وانقاد الواعون منهم إلى زعامته وفقهه ومرجعيّته.

كان للمسلمين عموماً تعلّق عاطفي شديد بهذا الإمام، وولاء روحي عميق له، وكانت قواعده الشعبية ممتدّة في كلّ مكان من العالم الإسلامي، كما يشير إلى ذلك موقف الحجيج الأعظم منه، حينما حجّ هشام بن عبد الملك(12).

لم تكن ثقة الاُمّة بالإمام زين العابدين((عليه السلام)) ـ على اختلاف اتجاهاتها ومذاهبها ـ مقتصرة على الجانب الفقهي والروحي فحسب، بل كانت تؤمن به مرجعاً وقائداً، ومفزعاً في كلّ مشاكل الحياة وقضاياها، بوصفه امتداداً لآبائه الطاهرين((عليهم السلام)).

ومن هنا نجد أنّ عبد الملك بن مروان قد استنجد بالإمام زين العابدين((عليه السلام)) لحلّ مشكلة التعامل بالنقود الرومية إبّان تهديد الملك الروماني له بإذلال المسلمين(13).

ظروف الإمامة وملامح عصره وأهمّ إنجازاته

وقد قُدّر للإمام زين العابدين أن يتسلّم مسؤولياته القيادية والروحية بعد استشهاد أبيه ((عليه السلام)) فمارسها خلال النصف الثاني من القرن الأول، في مرحلة من أدقّ المراحل التي مرّت بها الاُمة وقتئذ، وهي المرحلة التي أعقبت موجة الفتوح الاُولى، فقد امتدّت هذه الموجة بزخمها الروحي وحماسها العسكري والعقائدي، فزلزلت عروش الأكاسرة والقياصرة، وضمّت شعوباً مختلفة وبلاداً واسعة إلى الدعوة الجديدة، وأصبح المسلمون قادة الجزء الأعظم من العالم المتمدّن وقتئذ خلال نصف قرن.

لقد تعرضت الاُمة الإسلامية في عصر هذا الإمام ((عليه السلام)) لخطرين كبيرين:

الأول: هو خطر الانفتاح على الثقافات المتنوعة، والذي قد ينتهي بالاُمة إلى التميّع والذوبان وفقدان أصالتها، فكان لابدّ من عمل علمي يؤكّد للمسلمين أصالتهم الفكرية وشخصيّتهم التشريعية المتميّزة المستمدة من الكتاب والسنّة. وكان لابدّ من تأصيل للشخصية الإسلامية، وذلك من خلال زرع بذور الاجتهاد.

وهذا ما قام به الإمام علي بن الحسين((عليه السلام)) فقد بدأ حلقة من البحث والدرس في مسجد الرسول((صلى الله عليه وآله)) وأخذ يحدّث الناس بصنوف المعرفة الإسلامية، من تفسير وحديث وفقه وتربية وعرفان، وراح يفيض عليهم من علوم آبائه الطاهرين((عليهم السلام)).

وهكذا تخرّج من هذه الحلقة الدراسيّة عدد مهمّ من فقهاء المسلمين، وكانت هذه الحلقة المباركة هي المنطلق لما نشأ بعد ذلك من مدارس الفقه الإسلامي، وكانت الأساس لحركة الفقه الناشطة.

الثاني : هو الخطر الناجم عن موجة الرخاء والانسياق مع ملذّات الحياة الدنيا، والإسراف في زينة هذه الحياة المحدودة، وبالتالي ضمور الشعور بالقيم الخلقية.

وقد اتّخذ الإمام زين العابدين((عليه السلام)) من الدعاء أساساً لدرء هذا الخطر الكبير، الذي ينخر في الشخصية الإسلامية ويهزّها من داخلها هزّاً عنيفاً، ويحول بينها وبين الاستمرار في أداء رسالتها. ومن هنا كانت «الصحيفة السجادية» تعبيراً صادقاً عن عمل اجتماعي عظيم كانت ضرورة المرحلة تفرضه على الإمام((عليه السلام)) إضافة إلى كونها تراثاً ربّانياً فريداً يظلّ على مرّ الدهور مصدر عطاء، ومشعل هداية ومدرسة أخلاق وتهذيب، وتظلّ الإنسانية بحاجة إلى هذا التراث المحمّدي العلوي، وتزداد إليه حاجة كلّما ازداد الشيطان للإنسانية إغراءً ، والدنيا فتنةً له(14).

انطباعات عن شخصيّة الإمام زين العابدين((عليه السلام))

اتّفق المسلمون على تعظيم الإمام زين العابدين((عليه السلام)) وأجمعوا على الاعتراف له بالفضل، وأنّه علم شاهق في هذه الدنيا، لا يدانيه أحد في فضائله وعلمه وتقواه، وكان من مظاهر تبجيلهم له: أنّهم كانوا يتبركون بتقبيل يده ووضعها على عيونهم(15)، ولم يقتصر تعظيمه على الذين صحبوه أو التقوا به، وإنّما شمل المؤرخين على اختلاف ميولهم واتّجاهاتهم، فقد رسموا بإعجاب وإكبار سيرته، وأضفوا عليه جميع الألقاب الكريمة والنعوت الشريفة.

أقوال وآراء معاصريه فيه ((عليه السلام)) :

عبّر المعاصرون للإمام((عليه السلام)) من العلماء والفقهاء والمؤرّخين بانطباعاتهم عن شخصيّته، وكلها إكبار وتعظيم له، سواء في ذلك من أخلص له في الودّ أم أضمر له العداوة والبغضاء، وفيما يلي نبذة من كلماتهم:

1 ـ قال الصحابيّ الجليل جابر بن عبد الله الأنصاري: ما رؤي في أولاد الأنبياء مثل عليّ بن الحسين((عليه السلام))...(16).

2 ـ كان عبد الله بن عباس على تقدّمه في السنّ يجلّ الإمام ((عليه السلام)) وينحني خضوعاً له وتكريماً، فإذا رآه قام تعظيماً ورفع صوته قائلاً: مرحباً بالحبيب ابن الحبيب(17).

3 ـ وُصِف محمّد بن مسلم القرشي الزهري بالفقيه، وأحد الأئمّة الأعلام وعالم الحجاز والشام(18) ولم يكن من أتباع مدرسة أهل البيت((عليهم السلام)) ولكنّه أدلى بمجموعة من الكلمات القيّمة أعرب فيها عمّا يتصف به الإمام((عليه السلام)) من القيم الكريمة والمُثل العظيمة، وهذه بعض كلماته:

أ ـ ما رأيت هاشمياً أفضل من عليّ بن الحسين...(19).

ب ـ لم أدرك من أهل البيت رجلاً كان أفضل من عليّ بن الحسين(20).

ج ـ ... ما رأيت أحداً أفقه منه.

4 ـ سعيد بن المسيّب : وهو من الفقهاء البارزين في يثرب، وقال عنه الرواة: إنّه ليس من التابعين من هو أوسع منه علماً(21)، وقد صحب الإمام((عليه السلام)) ووقف على ورعه، وشدّة تحرّجه في الدين، وقد سجّل ما رآه بهذه الكلمات:

أ ـ ما رأيت قطّ أفضل من عليّ بن الحسين((عليه السلام)) وما رأيته قطّ إلاّ مَقَتُّ نفسي...(22).

ب ـ ما رأيت أورع منه...(23).

ج ـ كان سعيد جالساً وإلى جانبه فتىً من قريش، فطلع الإمام((عليه السلام)) فسأل القريشيّ سعيداً عنه، فأجابه سعيد: هذا سيّد العابدين(24).

5 ـ زيد بن أسلم : وكان في طليعة فقهاء المدينة، ومن مفسِّري القرآن(25)، وقد أدلى بعدّة كلمات بشأن الإمام((عليه السلام)) منها:

أ ـ ما جالست في أهل القبلة مثله(26).

ب ـ ما رأيت مثل عليّ بن الحسين فيهم قط ( أي : في أهل البيت ) (27).

ج ـ ما رأيت مثل عليّ بن الحسين فَهِماً حافظاً(28).

6 ـ حماد بن زيد : وهو من أبرز فقهاء البصرة، اُعتبر من أئمّة المسلمين(29)، قال فيه: كان عليّ بن الحسين أفضل هاشميٍّ أدركته(30).

7 ـ يحيى بن سعيد: وهو من كبار التابعين، ومن أفاضل الفقهاء والعلماء(31)، وقد قال: سمعت عليّ بن الحسين وكان أفضل هاشمي أدركته(32).

8 ـ لقد اعترف بالفضل للإمام((عليه السلام)) حتى أعداؤه ومبغضوه، فهذا يزيد بن معاوية وبعد أن ألحّ عليه أهل الشام في أن يخطب الإمام((عليه السلام)) أبدى مخاوفه منه قائلاً: إنّه من أهل بيت زُقّوا العلم زقّاً، إنّه لا ينزل إلاّ بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان...(33) 9 ـ عبد الملك بن مروان : وهذا عدوّ آخر يقول للإمام ((عليه السلام)): ... وإنّك لذو فضل عظيم على أهل بيتك وذوي عصرك، ولقد اُوتيت من الفضل والعلم والدين والورع ما لم يؤته أحد مثلك ولا قبلك إلاّ من مضى من سلفك...(34)

10 ـ منصور الدوانيقي : وهذا عدوّ آخر ـ أيضاً ـ لأهل البيت((عليهم السلام)) قد أشاد بفضل الإمام((عليه السلام)) في رسالته إلى ذي النفس الزكية بقوله: ولم يولد فيكم ـ أي في العلويّين ـ بعد وفاة رسول الله((صلى الله عليه وآله)) مولود مثله ـ أي مثل زين العابدين ـ (35).

آراء العلماء والمؤرخين فيه ((عليه السلام)) :

1 ـ قال اليعقوبي: كان أفضل الناس وأشدّهم عبادة، وكان يسمّى: زين العابدين، وكان يسمّى ـ أيضاً ـ : ذا الثفنات، لما كان في وجهه من أثر السجود...(36).

2 ـ قال الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن الشافعي المعروف بابن عساكر، في ترجمة الإمام((عليه السلام)): كان عليّ بن الحسين ثقةً مأموناً، كثير الحديث، عالياً رفيعاً...(37).

3 ـ قال الذهبي: كانت له جلالة عجيبة، وحقّ له والله ذلك، فقد كان أهلاً للإمامة العظمى; لشرفه وسؤدده وعلمه وتألّهه وكمال عقله...(38) .

4 ـ قال الحافظ أبو نعيم: عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي طالب((عليهم السلام)) زين العابدين ومنار القانتين، كان عابداً وفيّاً وجواداً صفيّاً...(39).

5 ـ قال صفيّ الدين: كان زين العابدين عظيم الهدى والسمت الصالح...(40).

6 ـ قال النووي: وأجمعوا على جلالته في كلّ شيء...(41).

7 ـ قال عماد الدين إدريس القرشي: كان الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين أفضل أهل بيت رسول الله((صلى الله عليه وآله)) وأشرفهم بعد الحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام جميعاً، وأكثرهم ورعاً وزهداً وعبادة(42).

8 ـ قال النسّابة الشهير ابن عنبة: وفضائله ((عليه السلام)) أكثر من أن تحصى أو يحيط بها الوصف(43).

9 ـ قال الشيخ المفيد: إنّه كان أفضل خلق الله بعد أبيه علماً وعملاً... ، وقال: وقد روى عنه فقهاء العامّة من العلوم ما لا يُحصى كثرة، وحُفِظ عنه من المواعظ والأدعية وفضائل القرآن والحلال والحرام والمغازي والأيام ما هو مشهور بين العلماء...(44).

10 ـ وقال ابن تيمية: أمّا عليّ بن الحسين فمن كبار التابعين وساداتهم علماً وديناً... وله من الخشوع وصدقة السرّ وغير ذلك من الفضائل ما هو معروف(45).

11 ـ قال الشيخاني القادري: سيّدنا زين العابدين عليّ بن الحسين بن أبي طالب اشتهرت أياديه ومكارمه، وطارت بالجوّ في الجود محاسنه، عظيم القدر، رحب الساحة والصدر، وله الكرامات الظاهرة ما شوهد بالأعين الناظرة وثبت بالآثار المتواترة...(46).

12 ـ قال محمّد بن طلحة القرشي الشافعي: هذا زين العابدين، قدوة الزاهدين، وسيّد المتقين، وإمام المؤمنين، شيمته تشهد له أنّه من سلالة رسول الله((صلى الله عليه وآله)) وسمته يثبت مقام قربه من الله زلفاً، وثفناته تسجّل له كثرة صلاته وتهجّده، وإعراضه عن متاع الدنيا ينطق بزهده فيها، درّت له أخلاف التقوى فتفوّقها، وأشرقت لديه أنوار التأييد فاهتدى بها، وآلفته أوراد العبادة فآنس بصحبتها، وحالفته وظائف الطاعة فتحلّى بحليتها، طالما اتّخذ الليل مطيّة ركبها لقطع طريق الآخرة، وظمأ الهواجر دليلاً استرشد به في مفازة المسافرة، وله من الخوارق والكرامات ما شوهد بالأعين الباصرة، وثبت بالآثار المتواترة وشهد له أنّه من ملوك الآخرة...(47).

13 ـ قال الإمام الشافعي: وجدت عليّ بن الحسين وهو أفقه أهل المدينة(48).

14 ـ قال الجاحظ: وأمّا عليّ بن الحسين بن عليّ فلم أرَ الخارجي في أمره إلاّ كالشيعي، ولم أرَ الشيعي إلاّ كالمعتزلي، ولم أرَ المعتزلي إلاّ كالعامي، ولم أرَ العامي إلاّ كالخاصي، ولم أجد أحداً يتمارى في تفضيله ويشك في تقديمه...(49).

15 ـ قال سبط ابن الجوزي: وهو أبو الأئمّة وكنيته أبو الحسن ويلقب بزين العابدين وسمّاه رسول الله((صلى الله عليه وآله)) سيد العابدين... والسجاد، وذي الثفنات، والزكي والأمين، والثفنات: ما يقع على الأرض من أعضاء البعير إذا استناخ وغلظ كالركبتين فكان طول السجود قد أثّر في ثفناته(50).

 

الهوامش

* اقتبس هذا المقال من موسوعة أعلام الهداية ج6 (الإمام علي بن الحسين زين العابدين / الناشر: المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام).

(1) إشارة لقوله تعالى: (فِي بُيُوت أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالاْصَالِ* رِجَالٌ لاَّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلا ةِ وَإِيتَآءِ الزَّكَا ةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالاَْبْصَارُ ). النور (24) : 36 ـ 37.

(2) الإرشاد : 2/137، ومناقب آل أبي طالب : 4/189، والإقبال : 621 ، ومصباح الكفعمي: 511 ، والأنوار البهية: 107 قال: سنة 36 يوم فتح البصرة.

(3) تاريخ أهل البيت، لابن أبي الثلج البغدادي م 325 : 77.

(4) رغم أنّ أغلب المؤرخين متفقون على أنّ اُم الإمام السجاد ((عليه السلام)) هي ابنة الملك يزدجرد إلاّ أن هناك من يعتبر ذلك مجرد اُسطورة، راجع زندگانى علي بن الحسين((عليه السلام)) للسيد جعفر الشهيدي. والإسلام وايران للشهيد مطهري: 100 ـ 109 وحول السيدة شهر بانو للشيخ اليوسفي الغروي في مجلة رسالة الحسين((عليه السلام)): 24/14 ـ 39 ، والثابت أنّ اُمّ الإمام السجاد((عليه السلام)) سبيّة من سبايا الفرس، ولا يثبت أكثر من هذا.

(5) سيرة رسول الله ((صلى الله عليه وآله)) وأهل بيته ((عليهم السلام)) : 2 / 189، المجمع العالمي لأهل البيت ((عليهم السلام)) الطبعة الاُولى 1414 هـ .

(6) حياة الإمام زين العابدين، دراسة وتحليل: 390.

(7) الفرقان (25) : 63.

(8) إحقاق الحقّ : 12 / 13 ـ 16، البداية والنهاية لابن كثير : 9 / 106.

(9) علل الشرائع 1: 230، الأمالي : 331 وعنهما في بحار الأنوار 46: 2 الحديث 1 و 2.

(10) علل الشرائع 1: 233 ومعاني الأخبار : 65 وعنهما في بحار الأنوار : 46 / 6.

(11) علل الشرائع 1: 272 وعنه في بحار الأنوار 46: 6 ح 10.

(12) اختيار معرفة الرجال : 129 ـ 132 ح 207 ، والجاحظ في البيان والتبيين 1: 286، الأغاني 14: 75 و19: 40، وابن خلكان في وفيات الأعيان 2: 338 ط إيران، مستدرك الوسائل 9: 383، شرح الأخبار 3: 263، الاختصاص: 191، مناقب آل أبي طالب 3: 306.

(13) انظر: دراسات وبحوث للسيّد مرتضى العاملي : 1/127 ـ 137 .

(14) السيد الشهيد محمد باقر الصدر((قدس سره)) في مقدمته للصحيفة السجادية.

(15) العقد الفريد 2 : 251.

(16) حياة الإمام زين العابدين، دراسة وتحليل 1 : 126، الأمالي للشيخ الطوسي: 637، وفيه: «والله ما أرى في أولاد الأنبياء...»، مناقب آل أبي طالب 3: 290 وفيه: «ما أرى من أولاد الأنبياء...».

(17) تاريخ دمشق 36: 147، تذكرة الخواص : 324، الطبقات الكبرى 5: 213، البداية والنهاية 9: 124.

(18) تهذيب التهذيب 9 : 445.

(19) معرفة الثقات 2: 153، تاريخ أسماء الثقات: 141، الجرح والتعديل 6: 179.

(20) و (5) شذرات الذهب 1 : 105، تاريخ مدينة دمشق 41: 388.

(21) تهذيب التهذيب 4: 85 .

(22) تاريخ اليعقوبي 2: 303، موسوعة المصطفى والعترة 8: 233.

(23) تهذيب الكمال 20: 389، تذكرة الحفاظ 1: 75، سير أعلام النبلاء 4: 391، تهذيب التهذيب 7: 269، البداية والنهاية 9: 134.

(24) الفصول المهمة 2: 862 ، الإرشاد 2: 145.

(25) تاريخ مدينة دمشق 4: 373، شرح إحقاق الحقّ 28: 160.

(26) حياة الإمام زين العابدين: 1/129 عن تاريخ دمشق : 12 / ق1 / الورقة 19.

(27) المصدر السابق.

(28) طبقات الفقهاء : 2 / 34.

(29) تهذيب التهذيب : 3 / 9.

(30) تهذيب اللغات والأسماء، القسم الأول : 343.

(31) حياة الإمام زين العابدين ( دراسة وتحليل ) : 1 / 130 عن تهذيب التهذيب.

(32) المصدر السابق عن تهذيب الكمال م7 / ق2 / الورقة 336.

(33) نفس المهموم : 448 ـ 452 ط قم عن مناقب آل أبي طالب : 4/181 عن كتاب الأحمر عن الأوزاعي: الخطبة بدون المقدمة، والمقدمة عن الكامل للبهائي 2: 299 ـ 302 وانظر حياة الإمام زين العابدين للقرشي 1: 175، بحار الأنوار 45: 138، معالم المدرستين 3: 165.

(34) مستدرك الوسائل 1: 125، جامع أحاديث الشيعة 1: 403.

(35) الكامل للمبرد : 2 / 467، العقد الفريد : 5 / 310.

(36) تاريخ اليعقوبي 3: 46.

(37) تاريخ دمشق: 41 / 362.

(38) سير أعلام النبلاء : 4 / 398.

(39) حلية الأولياء 3 : 133.

(40) وسيلة المآل في عدّ مناقب الآل: 280.

(41) عن تهذيب اللغات والأسماء ق1 : 343، شرح إحقاق الحقّ 12: 8، ينابيع المودّة 3: 156.

(42) عيون الأخبار وفنون الآثار: 144.

(43) عمدة الطالب: 193.

(44) الإرشاد 2 : 138 و 153 .

(45) منهاج السنّة 2: 123 .

(46) الصراط السوي: الورقة 19، وقريب منه قاله المنّاوي في حقّه((عليه السلام))، انظر: جهاد الإمام السجّاد((عليه السلام)): 35 .

(47) مطالب السؤول : 408.

(48) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 15: 274، مناقب أهل البيت((عليهم السلام)): 258.

(49) عمدة الطالب: 193 ـ 194.

(50) تذكرة الخواص : 324 .