تُشير الأدلة إلى أن نظامنا الغذائي ودهون البطن والتوتر والتدخين والنشاط البدني ووقت النوم؛ عوامل يمكن أن تساهم في حدوث الالتهاب المُزمن الذي يؤدي بدوره إلى استنزاف الطاقة والإصابة بالأمراض المزمنة مثل مرض القلب؛ "كما يلعب دورا كبيرا في التسبب بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية"، بحسب مؤسسة القلب الأميركية. لكن اختصاصية التغذية المعتمدة، غينجر هولتين تركز على أن الالتهاب المزمن يأتي من الاستهلاك المزمن والمُفرط من بعض الأطعمة.
أكثر 5 فئات من الأطعمة تسبب الالتهابات
تقول الخبيرة في مجال التغذية في المملكة المتحدة وأستراليا ونيوزيلندا الدكتورة لِيلِي هندرسون: "هناك أطعمة عالية المعالجة فقيرة في المغذيات، تُشعل الالتهابات داخل الجسم عندما نتناولها بكثرة"، مثل:
السكريات المضافة
تنبه دكتورة إرين كوتس على موقع كليفلاند كلينيك، إلى أن هناك فرقا بين السكريات المضافة والسكريات الطبيعية. فالسكريات الطبيعية موجودة في الأطعمة مثل الفواكه والزبادي العادي والمكسرات، في حين أن السكريات المضافة تُضاف لتعزيز مذاق الطعام، وهي -على عكس السكريات الطبيعية- يمكن أن تسبب ارتفاع نسبة السكر في الدم.
وتوضح كوتس أن "المشكلة ليست في السكر ولكنها في مقدار استهلاكنا منه"، فالأبحاث تُظهر أن استهلاك الكثير من السكر المضاف يؤدي إلى التهاب مُزمن. حيث يحاول الأنسولين تخزين الفائض من السكر في الخلايا الدهنية، مما يؤدي إلى زيادة الوزن أو مقاومة الأنسولين.
وتكثر السكريات المضافة في الخبز الأبيض والحلويات والمشروبات الغازية، وللتقليل منها تنصح كوتس قائلة "إذا رأيت السكر ضمن المكونات الثلاثة الأولى لأي منتج، فهذا دليل على احتوائه كمية زائدة من السكر، والأفضل أن تبحث عن الأطعمة التي تحتوي على أقل من 4 غرامات من السكريات المضافة".
تكثر السكريات المضافة في الخبز الأبيض والحلويات (شترستوك)
الدهون المُتحوّلة
تقوم شركات الأغذية بإنتاج الدهون المتحولة من خلال عملية "الهدرجة"، بمعنى إضافة الهيدروجين إلى الدهون لتغيير قوامها واتساقها ومدة صلاحيتها، وتوجد الدهون المتحولة -بحسب كوتس- في وجبات المطاعم السريعة والأطعمة المقلية والسمن والمخبوزات.
لكن الباحثين وجدوا أنه لا يوجد مستوى آمن لاستهلاك الدهون المتحولة، فهي ترفع مستويات الكولسترول الضار (إل دي إل)، وتخفض مستويات الكولسترول النافع (إتش دي إل)، وكلا الأمرين يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب والسكتة الدماغية والسكري من النوع الثاني. لذلك يوصون بتناول أقل من غرام واحد منها يوميا. وللحد منها تقول كوتس "إذا رأيت زيوتا مهدرجة كُليا أو جزئيا في قائمة مكونات المنتج، فهذا يعني أن الطعام يحتوي على دهون متحولة، وهنا عليك التأكد من أنها أقل من غرام واحد".
وجبات المطاعم السريعة والأطعمة المقلية تتضمن نسبا مرتفعة من الدهون المتحولة (شترستوك)
اللحوم الحمراء والمُصنّعة
تُعالج اللحوم المصنعة بإضافة مواد كيميائية لأغراض الحفظ والنكهة، وتُظهر الأبحاث أن اللحوم الحمراء وتلك المصنعة كالنقانق والسجق وقطع الدجاج تحتوي على نسبة عالية من الدهون المشبعة التي تسبب الالتهاب، وقد يؤدي تناولها بكميات كبيرة إلى الإصابة بالأمراض الناتجة عن الالتهاب كالسرطان وأمراض القلب والسكتة الدماغية. لذا تنصح كوتس بالابتعاد عن اللحوم مرة أو مرتين في الأسبوع، والتركيز بدلا من ذلك على الخضار والفواكه والكربوهيدرات المليئة بالألياف، واختيار اللحوم التي تحتوي على أقل من 4 غرامات من الدهون المشبعة لكل حصة.
اللحوم المصنعة تُعالج بإضافة مواد كيميائية لأغراض الحفظ والنكهة (بيكسابي)
أحماض أوميغا 6
أحماض أوميغا 6 هي دهون لا تستطيع أجسامنا تصنيعها، فنحصل عليها من أطعمة مثل زيوت الذرة والكانولا وعباد الشمس وزيت الفول السوداني والمايونيز.
وتقول خبيرة التغذية فيلوندا أندرسون: "دهون أوميغا 6 ليست بالضرورة سيئة، إذ يستخدمها الجسم للحصول على الطاقة والنمو الطبيعي"، وذلك بشرط أن تكون في توازن دقيق مع دهون أوميغا 3 التي يمكن الحصول عليها من أطعمة مثل السلمون والماكريل وبذور الكتان.
وتُشير الأبحاث إلى أن زيادة مستوى أوميغا 6 على مستوى أوميغا 3 يوفر بيئة ملائمة للالتهابات المزمنة. ولاستعادة توازن الأحماض الدهنية، والحد من تأثيرات أوميغا 6؛ توصي كوتس بتناول المزيد من الأطعمة الغنية بأوميغا 3، وتناول كميات أقل من الأطعمة الغنية بأوميغا 6. واستخدام زيت الزيتون للطهي لاحتوائه على نسبة أقل من أوميغا 6.
خبراء التغذية ينصحون باستخدم زيت الزيتون للطهي لاحتوائه على نسبة أقل من أوميغا 6 (بيكسلز)
الكربوهيدرات المكررة
يحذر خبراء التغذية من أن الكربوهيدرات المكررة التي تفتقر إلى الألياف ويتم تجريدها من عناصرها الغذائية، وفي مقدمتها منتجات الدقيق الأبيض والأرز الأبيض والبطاطس المقلية؛ أصبحت هي الدعامة الأساسية في النظام الغذائي لكثير من الناس.
وأظهرت الأبحاث أن الكربوهيدرات المكررة قد تسبب التهابات في الجسم، فهي مثل السكريات المضافة تصل إلى مجرى الدم بسرعة وتؤدي إلى ارتفاع نسبة السكر في الدم، ومن ثم أعراض التهابية سببها محاولة الجسم إزالة السكر الزائد من الدم، لذا يُنصح للحد من الالتهاب بتناول الحبوب الكاملة بنسبة 100%، والأطعمة الغنية بالألياف بما فيها الخضار والفواكه.
للحد من الالتهاب يُنصح بتناول الحبوب الكاملة بنسبة 100% والأطعمة الغنية بالألياف (الألمانية)
أفضل الأنظمة الغذائية
تقول دكتورة إرين كوتس: "إن محاربة الالتهاب تبدأ من إعداد قائمة المشتريات، بحيث تتضمن المزيد من الأطعمة المضادة للالتهابات مثل الخضار والفواكه والمكسرات والفاصوليا والبذور والأسماك الدهنية".
وتُظهر الأبحاث أن اتباع النظام الغذائي للبحر الأبيض المتوسط، والذي يركز على الفواكه والخضراوات والمكسرات والبقوليات وزيت الزيتون والأسماك؛ يُقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، ويُعد أحد طرق التغذية المضادة للالتهابات.
طريقة الطهي
تُخبرنا أخصائية التغذية لارا سنيد؛ أن طريقة الطهي يمكن أن تُحدث فرقا لصالح تقليل الالتهاب، فالطهي بالبخار أو الخَبز أو القلي السريع أفضل من القلي العميق أو الشوي، وقالت إن طهي اللحوم على الشواية وما يمكن أن تُسقطه من دهون على اللهب تُطلق مركبات شبيهة بالموجودة في دخان السجائر، ومن المحتمل أن تكون مرتبطة بالسرطان، بحسب الوكالة الدولية لأبحاث السرطان.
وللتقليل من الأضرار تنصح غينجر هولتين بنقع اللحوم في عصير الليمون والأعشاب والتوابل المليئة بمضادات الأكسدة المفيدة التي تقاوم الالتهاب، كالفلفل الأسود وإكليل الجبل والزعتر والريحان والميرمية.
هناك ابتلاء للإنسان في الدنيا يجعله يشعر باليأس ويتساءل عن لطف الله وعنايته بحاله؛ فكيف يحافظ الإنسان على أمله بربّه الكريم في مثل هذا الظرف؟.
وفي إطار مشروع 1455 الوطني للقرآن الکریم في الجمهورية الاسلامية الايرانية، تمّ تسلیط الضوء علی الآیتین 61 و 62 من سورة الشعراء المبارکة “فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ*قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ” حیث تم تفسیرهما کما یلي:
وتشير الآیتان الکریمتان إلی فرار بني إسرائیل وتعقیب جنود فرعون لهم حیث بلغوهم فجر الیوم التالي فقال أصحاب موسی (ع) “فَلَمَّا تَراءَا الْجَمْعانِ قالَ أَصْحابُ مُوسى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ”.
حینها تزلزل الإیمان عند بني إسرائیل فظنوا أن جیش فرعون المدجج بالسلاح والذي یتفوق علیهم عدداً سیقضي علیهم جمیعاً وسیقتلهم حیث یقفون ولکن النبي موسی (ع) کان مؤمناً بأن الله سبحانه وتعالی سیحمیهم فقال “قالَ كَلَّا إِنَّ مَعِي رَبِّي سَيَهْدِينِ”.
ولم یفرد بني إسرائیل بهذا الإعجاز إنما عن الإمام علي (ع) إنهم لاقوا في یوم حنین واد ملیئ بالمیاه المتجمعة إثر فیضان فظن أصحاب الرسول (ص) أن العدو سیلحق بهم وسیقتلهم حینها نزل رسول الله (ص) من أعلی مرکبه فدعی ربه أن یریه آیة؛ ثم امتطی مرکبه وعبر المیاه دون أن یمس أصحابه الماء.
وأیضاً برز البارئ عز وجل لطفه وعنایته في تأریخ الثورة الإسلامیة الإیرانیة والحرب المفروضة والحبّ علی جنود المقاومة في فلسطین ولبنان وغیرها.
ونشعر بالألطاف السماویة في حیاتنا الیومیة عندما نشعر بالیأس والإحباط والضغط إثر ظروف الحیاة فنحدث ربنا ونتساءل عن لطفه ولکن فجأة یأتي الیسر ویأتي الفرج من حیث لانحتسب.
کیف نأمل رحمة الله عندما نواجه بحراً من المصائب في حیاتنا؟ هناك حلول لذلك وهي كالتالي:
أولاً: علینا أن نعد نعم الله علینا. ثانیًا: أن نشکر الله ونحمده عندما یخصنا الله سبحانه وتعالی بنعم دون عباده. ثالثاً: أن ننظر إلی ابتلاءنا في الدنیا علی أنها اختبار وإمتحان إلهي.
جدير بالذكر أن مشروع “1455” الوطني للقرآن الكريم في إیران انطلق 26 يونيو / حزيران الماضي بتنظيم قناة القرآن والمعارف التلفزيونية الايرانية، وسيستمر لمدة عشرة أسابيع على التوالي. ويقام هذا المشروع تحت شعار “القرآن والأمل والحیاة” وبدعم ومشاركة مختلف المؤسسات القرآنية والثقافية في أنحاء البلاد.
"يبدو أن بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي يعيش هذه الأيام حالة من الهذيان تتطلب زيارته لأقرب طبيب نفي بعد انهِيار معنوياته، وتعاظم خسائر جيشه المادية والبشرية، بسبب الحرب في قطاع غزة وصمود المجاهدين المدافعين عن القِطاع لأكثر من شهرين، رغم الفارق الكبير في موازين القوى العسكريّة.
أحدث التصريحات التي تؤكد ما قلناه آنفا، وأدلى بها نتنياهو يوم الخميس، تلك التي قال فيها إن السلطة الفلسطينية في رام الله لن يسمح لها لتولي السلطة في قطاع غزة طالما هو رئيس للوزراء "لأن كل من يعلّم أطفاله على الإرهاب، ويمول الإرهاب، ويدعم عائلات الإرهابيين لن يتمكن من السّيطرة على غزة بعد القضاء على حماس"، وليت عباسا ومساعديه القدامى والجدد يقرأون هذه الإهانة، ويردون على هذه الصفعة المهينة لهم التي جاءت بعد 30 عاما من المفاوضات، وتشجيع العرب على التطبيع، وتسخير التنسيق الأمني لحِماية المستوطنين ومستوطناتهم.
ويواصل المقال ردا على نتنياهو وتصريحاته، في إطار الحقائق الرئيسية التالية:
أوّلا: حركات المقاومة في قطاع غزة بزعامة"حماس" لم تُهزم، وما زالت تقاتل الجيش الإسرائيلي بشراسة وتلحق به خسائر كبيرة، أبرزها تدمير 135 مدرعة ودبابة ومن فيها في أقل من 72 ساعة، اعترف الجنرال يواف غالانت وزير الدفاع الإسرائيلي في مؤتمر صحافي عقده اليوم مع غانتس ونتنياهو أنها كانت باهظة جدّا.
ثانيا: الرئيس محمود عباس بات مكروها جدا من الغالبية الساحقة من أبناء الشّعب الفِلسطيني، لأنه تحوّل إلى أداة من أدوات كيان الاحتِلال الإسرائيلي، وفضّل الوقوف موقف المتفرج إزاء حرب الإبادة والتطهير العرقي في القطاع، وسهّل من خلف السّتار اقتِحامات الجيش الإسرائيلي لمُدن وقُرى ومخيّمات الضفّة الغربيّة، وخاصّة جنين، ونابلس، وطولكرم، والخليل، ولم تُطلق قوّات أمنه (60 ألف عنصر) رصاصة واحدة دِفاعا عن شعبها.
ثالثا: محمود عباس لم ينجح في حكم الضفة الغربية، واتسم حكمه بالقمع والفساد، ولذلك لن يكون مرحّبا به وقواته ونهجه في القِطاع.
رابعا: صحيح أنّ الرئيس الأمريكي جو بايدن يُؤيّد تولّي سُلطة عبّاس الحُكم والقِيادة في غزة، وقال في مقال نشره في صحيفة "الواشنطن بوست" قبل أسابيع قليلة"يجب إعادة توحيد غزة والضفة في ظل هيكلِ حكم واحد، وسلطة فلسطينية متجددة، وصولا إلى حل الدولتين"، وصحيح أيضا أن فريقا عسكريا بريطانيا يجهز السلطة "فنيا" لإدارة قِطاع غزة، حسب ما جاء في صحيفة "التايمز” اليوم بعد انتِهاء الحرب، ولكنّ الصّحيح أيضا أنّ قِطاع غزة قبل “غزوة” السّابع من تشرين أوّل (أكتوبر)، هو غيره بعدها، والشّعب الفِلسطيني الذي قدّم أكثر من 20 ألف شهيد، و50 ألف جريح حتّى الآن، لا يُمكن أن يقبل بعودة عبّاس وسُلطته إلى القِطاع على ظهر الدبّابات الأمريكيّة والإسرائيليّة، ويعتبر المُقاومة هي المُمثّل الوحيد والشّرعي له.
عباس لا يمكن، ولا يجب، أن يكون وسلطته بديلا للمُقاومة التي حققت أكبر نصر تاريخي إعجازي على كيان الاحتلال منذ اغتصابها للأرض الفلسطينية قبل 75 عاما، بل إن هذه المقاومة هي البديل له في الضفّة الغربيّة، وبعد تحريريها بالكامِل وانهيار كيان الاحتلال.
ويوضح كاتب المقال"عطوان" نتيجة الشراكة الأمريكية في حرب الإبادة الإسرئيلية والتطهير العرقي على غزة، ويتابع..
"أمريكا الشريك الفعلي للكيان الصهيوني في ستدفع ثمنا غاليا لهذه الشراكة، وإقامة جسر جوي لتزويد الجيش الإسرائيلي بالذخائر والصواريخ القاتلة، وأرسلت حاملات طائرات وأكثر من ألفي جندي مارينز لمنع انهِياره، لايمكن أن تكون أمريكا صاحبة قرار في القطاع والضفة، بل والمنطقة العربية بأسرها، وهزيمتها باتت وشيكة على غرار ما حدث في أفغانستان، فهل تدخلت بعد هزيمتها في اختيار من يحكم أفغانستان بعد هروبها المخزي من مطار كابول، وهل سلمت الحكم لعملائها والذين حاربوا معها لبقاء سيطرتها على أفغانستان؟
ألم تتفاوض أمريكا مع حركة طالبان التي هزمتها في الدوحة؟ ولماذا تفترض أن ما فشلت في تحقيقه في أفغانستان ستفرضه وتنجح في القطاع؟
الرئيس بايدن تتعرض قواعده في العراق وسورية لقصف صاروخي مزلزل على أيدي أذرع محور المقاومة، وباتت سيطرة أساطيله على البحر الأحمر وبحر العرب، والخليج الفارسي، تتآكل بفعل الهجمات الصاروخية اليمنية التي تتعرض لها، والأُخرى التي تطير من فوق رأسها باتجاه ميناء أم الرشراش (إيلات) الفلسطيني المحتل.
لا تقولوا لي إنني أُبالغ في تقدير قوة حركة "أنصار الله" وإنجازاتها العسكرية، فهذه الحركة التي تمتلك منظومة الصواريخ الباليستية والمجنحة، وأسراب بالمئات من الطائرات المسيرة، ومئات الآلاف من المقاتلين الأشداء، هذه الحركة أقوى بكثير من نظيرتها في أفغانستان، أي طالبان، التي هزمت أمريكا وأجبرتها على الهروب.
"من سيحكم قطاع غزة، وكل أرض تتحرر من فلسطين هي حركات المقاومة بقِيادة السيد يحيى السنوار ومساعديه، ومن يقول غير ذلك، وأيا كانت جنسيته، لا يفهم المنطقة والمتغيرات الجذرية فيها.. والأيام بيننا".
فبحسب بيانات الشرطة، شارك نحو 3 آلاف شخص في المسيرة، ورفعوا شعارات "تضامن مع فلسطين – لا أسلحة للإبادة الجماعية".
كما دعا المتظاهرون إلى مقاطعة منتجات "إسرائيل" وفرض العقوبات ضدها.
وظهر شاب ألماني في المسيرة وهو يمزق جوازه الألماني تعبيرا منه عن رفضه لسياسة الحكومة الألمانية وموقفها مما يحدث في غزة، واحتجاجاً على حرب الإبادة الإسرائيلية في غزة، حسب تعبيره.
كذلك خرجت مسيرة ضد معاداة السامية تحت شعار "لن يحدث مرة أخرى – الآن".
وبحسب الشرطة فقد تجمع فيها 3.2 ألف شخص، وقال جوزيف شوستر، رئيس المجلس المركزي لليهود في ألمانيا، خلال المظاهرة: "في بعض الأحيان، لا أفهم هذا البلد. لقد خرج شيء ما عن السيطرة".
وأضاف: "لا تزال هناك فرصة لإصلاح هذا، ولكن للقيام بذلك نحتاج إلى الاعتراف بالخطأ الذي حدث خلال السنوات القليلة الماضية والذي لم يلاحظه الناس أو لم يرغبوا في ملاحظته".
ووفق وسائل إعلام محلية أعلنت وزارة الخارجية السودانية استدعاء القائم بالأعمال بالإنابة لسفارة دولة الإمارات في السودان د.بدرية الشحي وأبلغتها قرار حكومة السودان، وطلبت الوزارة من المذكورة نقل هذا القرار لحكومتها.
وجاءت هذه الخطوة بعد اتهامات وجهتها السودان للإمارات بدعم قوات الدعم السريع المناهضة للحكومة السودانية، بحسب بيان الوكالة.
تهريب الذهب والتسليح
وتُعد الإمارات حليفًا مقربًا لقائد قوات الدعم السريع، حيث يُتهم قائدها "حميدتي" بتهريب الذهب من جبل عامر السوداني إلى الإمارات، وكذلك بتسليح الميليشيا عبر عدد من الدول المجاورة مثل تشاد وأوغندا وأفريقيا الوسطى، بينما تنفي أبوظبي هذه الاتهامات.
الإمارات ترد
وردا على إخطار وزارة خارجية السودان للسفير الاماراتي بإبعاد الملحق العسكري ومساعده استدعت وزارة الخارجية الإماراتية السفير السوداني بأبوظبي، وأبلغته رسميا بأن الملحق العسكري السوداني ونائبه أصبح غير مرغوب بتواجدهما على الأراضي الإماراتية وأمهلتهم 72 ساعة للمغادرة.
"طرد الشياطين"
ورحب سودانيون على مواقع التواصل الاجتماعي بخطوة بلادهم وعلق "أمين كشيشي": "طرد الشياطين أمر واجب بل قرار متأخر".
وأضاف أن "ما تقوم به الامارات المتصهينة يمس سيادة الاوطان ووحدتها الواجب على كل الدول طرد الإماراتيين خصوصا في مناطق النزاع".
وعقب "بشارة": "بداية جيدة ولكن يجب كشف مخططاتهم والأفعال التي قاموا بها في السودان".
وعبّر "موسى قرقور" عن اعتقاده بأن الموضوع سيأخذ أبعاداً بعيدة جداً، وقد يغير موازين القوي.
ورأى "عبد الرحمن سباع" أنه لا داعي للاستغراب من المد الإماراتي في كل صراعات العالم."
واستدرك متسائلاً: "هل لهؤلاء الذكاء الكافي والعبقرية اللازمة لهذا الامتداد أم هناك متحكمون فعليون في الميادين."
وقالت المصادر أن قوات صنعاء وجهت رسالة تحذير لسفينة كانت تحمل شحنة تجارية إلى الكيان الإسرائيلي في البحر الأحمر من أجل تغيير مسارها، إلا إن السفينة لم تستجب للتحذير، فتعاملت معها قوات صنعاء بالقوة، وأجبرتها على التراجع من حيث أتت، بدون إصابتها.
وكانت قوات صنعاء أعلنت يوم السبت عن منعِ مرورِ السفن المتجهة إلى الاحتلال الاسرائيلي من أي جنسيةٍ كانت، إذا لم يدخل لقطاع غزة حاجته من الغذاء والدواءٍ وستصبح هدفا مشروعًا لقوات صنعاء المسلحة.
وأضافت في بيان السبت : "حرصًا منا على سلامة الملاحة البحرية نحذر جميع السفن والشركات من التعامل مع الموانئِ الإسرائيلية".
وقال آل ثاني: "القصف الإسرائيلي المستمر لقطاع غزة بعد انتهاء الهدنة الإنسانية (التي توقفت صباح الأول من ديسمبر) يعقد جهود الوساطة ويؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية".
وقال رئيس الحكومة القطري: "الدوحة وشركاؤها في الوساطة ملتزمون بمواصلة الجهود للعودة إلى الهدوء المؤدي إلى وقف دائم لإطلاق النار".
ومنذ بداية تصعيد النزاع، تقوم السلطات القطرية بخطوات وساطة لتحقيق هدنة في غزة واتفاقات لتبادل الأسرى.
ويشهد قطاع غزة وضعا إنسانيا حرجا بسبب الحرب التي يشنها جيش الاحتلال منذ أكثر من شهرين، والتي أسفرت عن استشهاد أكثر من 17997 مواطنا حتى الآن وإصابة نحو 49 ألفاً آخرين حسب آخر تقرير لوزارة الصحة في القطاع.
فيما يتعلق بالأثر الأخروي: فلابد من التأكيد على لزوم أن يلتفت الإنسان المؤمن إلى آخرته، وأن الثمار التي يحصل عليها في الآخرة هي نتيجة عمله في هذه الدنيا، فهدف المؤمن هو الآخرة قبل كل شيء، من هنا فللإلتزام بالتكليف قيمته الخاصة لأنه بعيداً عن المصالح والآثار الدنيوية، فهو قبل كل شيء يضمن آخرة سليمة للإنسان، وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "كل من تمسك بالعروة الوثقى فهو ناج، قلت: ما هي؟ قال: التسليم". فالنجاة هي تابعة للتسليم.
الآثار الدنيوية: إن ثمار الالتزام بقيادة واحدة واعية وشرعية تظهر ثمارها في الدنيا قبل الآخرة، فهي من جهة توحد جهود الأمة، ففي الرواية عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اسمعوا وأطيعوا لمن ولاه الله الأمر فإنه نظام الإسلام" فالنظام الذي يكفل الترابط والتوحد والقوة كل ذلك يمثله طاعة الولي. وهي من جهة ثانية تحقق النصر والعزة، كيف لا وقد نصَرْنا الله تعالى من خلال الالتزام بأمر الولي المفترض الطاعة من قبله، وقد قال تعالى ﴿وَلَيَنْصُرَنّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنّ اللَّهَ لَقَوِيّ عَزِيز﴾([1]) ويقول تعالى ﴿وَمَنْ يَتَوَلّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ﴾([2]).
وأما لو تخلينا لا سمح الله عن القيادة الشرعية فلن يكون إلا الخسارة الدنيوية قبل الأخروية، والتاريخ مليء بالنماذج الصارخة في ذلك، ونذكر قصتين تدلان على ذلك:
1- معركة أحد: حيث رسم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خارطة المعركة وحدد مواقع جيشه فوضع الرماة عند فتحة في الجبل وكان عددهم خمسين رجلاً، ليسد بهم ثغرة يمكن للعدو أن يتسلل من خلالها وليوفر حماية لظهر المسلمين وأمرهم بعدم ترك مواقعهم مهما حدث فقال لهم فيما يروى عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إحموا ظهورنا فإن رأيتمونا نُقتل فلا تنصرونا وإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا"، وعندما بدأت المعركة وانتصر المسلمون في الجولة الأولى وانهزم العدو وبدؤوا بجمع الغنائم، استهوت الغنائم نفوس بعض الرماة فتركوا مواقعهم واندفعوا نحو الغنائم، مما احدث ثغرة استغلها خالد بن الوليد أحد قادة المشركين فهاجم المجاهدين من خلفهم مما تسبب بانهزام جيش المسلمين...
2 - قصة موسى عليه السلام ومعصية بني إسرائيل له مما سبب لهم التيه، يقول تعالى مخبراً عنهم: ﴿يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ * قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ * قَالَ رَبّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ * قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَة عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ﴾([3]).
طريق النصر، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
([1]) سورة الحج: 40. ([2]) سورة المائدة: 56. ([3]) سورة المائدة: 21 – 26.
وردت كلمة سنّة في القرآن الكريم مرّات عدّة في سياقات مختلفة منها، وربّما أكثرها في معنى المنهج والسيرة التي يجريها الله على بعض المجتمعات الإنسانيّة. ومن أمثلة ذلك الآيات الآتية:
1- قال الله تعالى ﴿قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُواْ فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينِ﴾[1]. يقول السيد الطباطبائي في تفسير هذه الآية: والسنّة هي الطريقة والسيرة. أمر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يبلّغهم ذلك وفي معناه تطميع وتخويف وحقيقته دعوة إلى ترك القتال والفتنة ليغفر الله بذلك... فإن لم ينتهوا عمّا نهوا عنه فقد مضت سنّة الله في الأولين منهم بالإهلاك والإبادة وخسران السعي"[2].
2- قال الله تعالى ﴿وَإِن كَادُواْ لَيَسْتَفِزُّونَكَ مِنَ الأَرْضِ لِيُخْرِجوكَ مِنْهَا وَإِذًا لاَّ يَلْبَثُونَ خِلافَكَ إِلاَّ قَلِيلاً * سُنَّةَ مَن قَدْ أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ مِن رُّسُلِنَا وَلاَ تَجِدُ لِسُنَّتِنَا تَحْوِيلاً﴾[3]. وفي هذه الآية يبيّن الله عزّ وجلّ أيضًا طريقته ومنهجه في التعامل مع الذي يحاولون الصدّ عن سبيله بإخراج رسله من ساحة دعوتهم وتبليغهم. وتقضي هذه الطريقة بأنّ المخرِجين سوف يستأصلهم الله من الأرض التي أخرجوا منها رسوله ويفكّك وحدتهم الاجتماعيّة التي كانت تربط بينهم وتدفعهم إلى ما أقدموا عليه من عدوان.
3- قال الله تعالى ﴿وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَئِن جَاءهُمْ نَذِيرٌ لَّيَكُونُنَّ أَهْدَى مِنْ إِحْدَى الْأُمَمِ فَلَمَّا جَاءهُمْ نَذِيرٌ مَّا زَادَهُمْ إِلَّا نُفُورًا * اسْتِكْبَارًا فِي الْأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ وَلَا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا سُنَّتَ الْأَوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَحْوِيلاً﴾[4]. وتشبه هاتان الآيتان سابقتهما من حيث المضمون وذلك أنّ الله في هاتين الآيتين يهدّد المستكبرين الذين يقسمون على الاهتداء ولكنّهم بعد ذلك يستكبرون ويمكرون بالمنذرين الذين يأتون إليهم من قبل الله تعالى، يهدّدهم بما تقتضيه الطريقة والسنّة الإلهيّة في التعامل مع الأمم التي سبقتهم، ويلفت نظرهم في الآيتين اللاحقتين لهاتين الآيتين ويدعوهم إلى السير في الأرض والاعتبار بما جرى على الأوّلين وبالقوانين التي طبّقها الله عزّ وجلّ على من سبقهم من الأمم.
مداليل الآيات الكريمة في السنن تفيدنا الآيات المتقدّمة أمورًا عدّة نستعرضها فيما يأتي لنطبّقها بعد ذلك على النصر الذي وعد الله به المؤمنين ونعرف هل هو سنّة من السنن التي يجريها الله تعالى على المؤمنين به أم هو حالة استثنائيّة يخصّ بها بعض الناس أو الجماعات في بعض الحالات دون غيرها.
1- العلاقة بين الفعل ورد الفعل: السنّة تشبه القانون الذي يحكم العلاقة بين الفعل وردّ الفعل. ففي الآية الأولى يحدّثنا الله عن ملازمة المخاطبين بالآية سيرة الأمم الماضية (الفعل) وعن انطباق سنّة الله على الأمم الماضية عليهم (ردّ الفعل). وفي الآية الثانية يخبرنا عزّ وجلّ عن أنّ إخراج الرسول من ميدان دعوته سوف يؤدّي (الفعل) إلى تفكّك المتمرّدين وفقدانهم وحدتهم الاجتماعيّة (ردّ الفعل). والأمر نفسه يُقال فيما يرتبط بالآية الثالثة.
2- المعرفة المسبقة: يذكر العلماء أنّ ميزة القوانين التي يقدر العلم على اكتشافها أنّها تسمح للإنسان بالتنبّؤ بالأحداث الآتية في الطبيعة. يؤدّي فهم الإنسان لقانون الجاذبية إلى قدرة المهندسين مثلًا على تنظيم الأبنية وفق قوانين محدّدة تسمح بتماسك البناء وتحول دون انهياره. وكذلك فهم القانون الذي يؤدّي إلى الكسوف أو الخسوف يؤدّي إلى إمكان التنبّؤ بحدوث هاتين الظاهرتين قبل حصولهما وعلى هذين الأمرين يُقاس ما سواهما. وفيما نحن فيه معرفة سنّة الله في الأمم الماضية تهدي الإنسان إلى توقّع النتائج والآثار التي تترتّب على أفعاله. ولا تغفل الآيات المتقدّمة هذه الخصوصيّة في السنّة بل تلفت إليها بطريقة واضحة عندما تدعو إلى الاعتبار الذي هو النظر في مصائر السابقين والآثار التي ترتّبت على أفعالهم لمعرفة الآثار والنتائج التي سوف تترتّب في حال تكرّر الفعل نفسه أو ما يشبهه من الأمّة المدعوّة إلى الاعتبار بمن سبقها من الأمم.
3- الدوام والاستمرار: الدوام والاستمرار أو فقل الاطراد هو من الخصائص التي تجعل المبدأ قانونًا وسنّة سواء كان ذلك في مجال العلم الطبيعيّ أو في مجال الإنسان والمجتمع. فلا يكون القانون قانونًا إلا إذا انطبق على الجميع بطريقة واحدة. وحتّى الاستثناءات التي يظهر لأوّل وهلة أنّها تخرق القاعدة يجب أن تكون خاضعة لاستثناء قانونيّ ينسجم مع القانون الأصليّ. ومن هنا لا تكون المعجزات خرقًا للقوانين التي تحكم علاقة العلّة بالمعلول[5]. ومن هنا لا يكون رفع التكليف مثلاً عن بعض الناس خرقًا للقانون التشريعيّ، بل هو قانون يؤدّي إلى الاستثناء بشكلٍ قانونيّ. والآيات المتقدّمة تشير إلى دوام هذا المعنى بوضوح يغنينا عن الشرح والتفصيل.
4- حفظ الاختيار: الخصوصيّة الرابعة من خصوصيّات القوانين الاجتماعيّة أنّها تحفظ للإنسان اختياره ولا تلغي إرادته. بل حتّى في القوانين الطبيعيّة عندما يكتشف الإنسان سرّ القانون ويفهمه حقّ فهمه فإنّه وإن لم يكن قادرًا على تبديله وتغييره: ﴿فَلَن تَجِدَ لِسُنَّتِ اللَّهِ تَبْدِيلًا﴾[6]، لكنّه قادرٌ على التكيّف معه والاستفادة منه. فالإنسان لا يقدر على إبطال قانون الجاذبيّة المذكور أعلاه ولكنّه قادرٌ على تكييف حياته معه والاستفادة منه وتوجيهه في خدمة أغراضه ولو في حدود مرسومة لا يمكن تجاوزها. فبدل أن يجري علينا قانون الجاذبية ويسقطنا من أعلى إلى أسفل يمكننا الاستفادة منه في الاستقرار على وجه الأرض. والقوانين الاجتماعيّة أيضًا يمكن التعامل معها بهذه الطريقة فيمكن للإنسان أن يقدم على تحقيق الفعل ليتحقّق ردّ الفعل، أو العكس يمتنع عن الفعل ويستفيد من تجربة الأمم الماضية فلا يجري عليه ما جرى عليهم.
النصر الإلهي، سنن النصر في القرآن الكريم، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية
[1] سورة الأنفال، الآية 38. [2] الميزان في تفسير القرآن، ج 9، ص 75. [3] سورة الإسراء، الآيتان 76 و 77. [4] سورة فاطر، الآيتان 42 و 43. [5] إشارة إلى نقاش فلسفيّ يدور حول المعجزات التي يأتي بها الأنبياء وأنّها لا تعدّ خرقًا لقانون العليّة، بل هي مصداق من مصاديق قانون العليّة ولكن النبيّ الذي يأتي بالمعجزة يطّلع على علّة غير العلّة الطبيعيّة التي اعتاد الناس عليها. وتفصيل هذا البحث له محلٌّ آخر. ومن أراد المزيد يمكنه الرجوع إلى كتب علم الكلام والفلسفة وكتب التفسير، ومن ذلك: الميزان في تفسير القرآن، ج 1، ص 73. [6] سورة فاطر، الآية 43.
لقد أوضحت الروايات الكثيرة أهمّية الجهاد وحقيقته وفضله، ومنها:
- أنّ أبا ذرّ الغفاري سأل النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: أيُّ الأعمالِ أحبُّ إلى الله عزّ وجلّ؟ فقال: "إيمان بالله، وجهادٌ في سبيله". قال: قلتُ: فأيّ الجهاد أفضل؟ قال: "من عقرَ جواده وأُهريقَ دمُه في سبيل الله"[1].
- وفي حديث آخر رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "الخير كلّه في السيف، وتحت ظلّ السيف"[2].
- وعنه صلى الله عليه وآله وسلم أيضاً أنّه قال: "من مات ولم يغز، ولم يحدّث به نفسه، مات على شعبةٍ من نفاق"[3].
- وفي رواية أنّ رجلاً أتى جبلاً ليعبد الله فيه، فجاء به أهله إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم فنهاه عن ذلك، وقال: "إنّ صبر المسلم في بعض مواطن الجهاد يوماً واحداً خير له من عبادة أربعين سنة"[4].
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ الجهاد أشرف الأعمال بعد الإسلام، وهو قوام الدين، والأجر فيه عظيم مع العزَّة والمنعة، وهو الكَرَّةُ، فيه الحسنات والبشرى بالجنّة بعد الشهادة"[5].
- وروي أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بعث بسريّةٍ كان فيها ابن رواحة، وتحرّك الجيش مع الفجر نحو المنطقة المحدّدة، ولكنّ ابن رواحة تخلّف عنه ليصلّي وراء النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم. وبعد الصلاة، رآه النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "ألم تكن في ذلك الجيش؟" فأجاب: بلى، ولكنّي أحببتُ أن أصلّي خلفك هذه الصلاة ثمّ ألحقَ بهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الذي نفسُ محمدٍ بيده لو أنفقتَ ما في الأرض جميعاً ما أدركتَ فضلَ غدوتهم"[6].
- ومن خطبة خطبها أمير المؤمنين عليه السلام في أواخر عمره، يقول: "إنّ الجهاد بابٌ من أبواب الجنّة، فتحهُ الله لخاصّة أوليائه، وهو لباس التقوى، ودِرعُ الله الحصينةُ، وجُنّتهُ الوثيقة"[7].
- وعن الإمام الباقر عليه السلام قال لأحد أصحابه: "ألاَ أُخبرك بالإسلام وفرعه وذروته وسنامه؟" قال: قلتُ: بلى جعلت فداك، قال عليه السلام: "أمّا أصله فالصلاة، وفرعه فالزكاة، وذروته وسنامه الجهاد"[8].
وبالإضافة إلى ما ذُكِرَ منَ الآيات والروايات، فإنّ التدقيق في دور الجهاد في الإسلام، ومنزلته بالنسبة لسائر الواجبات الدينية، يطلعنا أيضاً على أهمّيّته وعظمته. فالجهاد الدفاعيّ سبب في توفير الأمن، والذي في ظلّه فقط يمكن إقامة سائر الواجبات والحدود الإلهية. وفي الجهاد الابتدائيّ أيضاً رفع للموانع من أجل تبليغ الدين الإلهيّ، وهو موجب لميل عددٍ من المجتمعات البشرية نحو الدين الحقّ، ومن الواضح أنّه مع تحقّق هذا الميل وازدياد عدد المسلمين يصبح بالإمكان إرساء قواعد حكومة العدل وتنفيذ الأحكام الإسلامية بشكلٍ أوسع. وباختصار، إنّ تبليغ أصول الدين والعمل بفروعه، وحفظ الكرامات والدماء والأعراض والأرض وسائر المقدّسات مرهون في كثيرٍ من الموارد بأداء هذه الفريضة الإلهية الكبرى، وهو ما يدلّ بدوره على عظمتها وفضلها. وخير شاهدٍ على هذا في هذا العصر جهاد الثورة الإسلامية في إيران والمقاومة الإسلامية في لبنان.
التربية الجهادية، دار المعارف الإسلامية الثقافية
[1] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج 97، ص 11. [2] المصدر نفسه، ص 9. [3] الحاكم النيسابوري، المستدرك، تحقيق وإشراف يوسف عبد الرحمن المرعشلي، ج 2، ص 79. [4] ميرزا حسين النوري الطبرسي، مستدرك الوسائل، تحقيق ونشر مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، لبنان - بيروت، 1408 ه.ق - 1987م، ج 11، ح 12324، ص 21. [5] الشيخ الحويزي، تفسير نور الثقلين، تصحيح وتعليق السيد هاشم الرسولي المحلاتي، مؤسسة إسماعيليان للطباعة والنشر والتوزيع، إيران ـ قم، 1412ه.ق - 1370 ش، ط 4، ج 1، ص 408. [6] الترمذي، سنن الترمذي، تحقيق وتصحيح عبد الوهاب عبد اللطيف، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، لبنان - بيروت، 1403ه.ق - 1983م، ط 2، ج 2، ص 20. [7] السيد الرضي، نهج البلاغة خطب الإمام علي عليه السلام، شرح الشيخ محمد عبده، دار الذخائر، إيران - قم، 1412ه.ق - 1370 ش، ط 1، ج1، ص67، الخطبة 27. [8] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، مصدر سابق ج 66، ص 392.