Super User

Super User

الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يرسم معالم الحرب الكبرى ضد أميركا و"معسكر الحرب" في حال العدوان العسكري على إيران. لكنه ربما يكشف عن بعض المعادلات على مستوى موازين القوى في المنطقة بين محور المقاومة والمحور الأميركي، لردع ترامب وتهديده بخسائر مغامرة تؤدي إلى تدمير القوات والمصالح الأميركية في المنطقة وأثمانها على "إسرائيل" ونظام آل سعود.

في يوم القدس أشار السيد حسن نصر الله إلى "الحرب الكبرى" تلميحاً في سياق حديثه عن المقاومة في غزة. فهي ربما "حرب التحرير الكبرى" تتضمن في إعلان السيد نصر الله أن أي حرب أميركية على إيران يعني أن المنطقة كلها ستشتعل وأن جميع المصالح الأميركية في المنطقة ستباد وأن "إسرائيل" ونظام آل سعود سيدفعان الثمن.

إيران سترد على أي استهداف أميركي، هو أمر محسوم كما أعلنته القيادة الإيرانية، ولاسيما القيادات العسكرية. لكن من الواضح أن هذا الرد لن يكون شكلياً لحفظ ماء الوجه إنما سيكون ردّاً قد يؤدي إلى حرب إقليمية تهز العالم كله. وهي تهز العالم على الأقل في ارتفاع أسعار النفط بشكل خيالي غير مسبوق في التاريخ.  

من الواضح أن إيران لن ترد فقط على البوارج الحربية أو حاملات الطائرات، بل سترد على أي موقع ومنصة وقاعدة ومكان وبلد توجد فيها قوات أميركية ومصالح أميركية، وأي وجود أميركي غير عسكري أيضاً.

لكن الأهم، أن هذا الرد سيطال بالضرورة المواقع الأميركية أينما كانت وفي أي بلد كان ولاسيما في الدول الخليجية، ما يؤدي بالضرورة الى أضرار حتمية تصيب الدول الخليجية، طالما تتواجد فيها قواعد عسكرية أميركية وقوات نظامية ومصالح أميركية، وهو أمر غير مسبوق على الإطلاق في المنطقة بلا شك.

الوجود الأميركي العسكري وغير العسكري في العراق وفي"الدول الخليجية" معرّض للإبادة، وفق تعبير السيد نصر الله. وهذه "الإبادة" تدل على تدمير غير مسبوق وأضرار غير مسبوقة تتعرّض لها حلفاء أميركا في الدول الخليجية. وهي أضرار مدمرة تصيب دولاً خليجية بعينها، تعتبرها طهران وحلفاؤها أنها متورطة في العمق بأي خيار حرب أميركية على إيران.

تهديد السيد نصر الله، بأن "إسرائيل" والسعودية ستدفعان الثمن، يدل أن الحرب ستمتد إلى هذين البلدين بلا شك. ويدل أن حلفاء إيران أيضاً قد يدخلون على الخط. فحلفاء إيران في لبنان والعراق وفلسطين واليمن لن يبقوا متفرجين بلا شك على خوض إيران "حرب الدفاع عن الوجود".

لم يعلن السيد نصر الله صراحة أن حزب الله تحديداً سيدخل الحرب مباشرة، لكن سياق كلمته يوحي بذلك بل يؤكده. "فإسرائيل" بالنسبة لإيران وحلفائها في محور المقاومة، هي جزء عضوي في أي حرب أميركية على إيران وهي بالتالي، كما يؤكد السيد نصر الله، ستدفع الثمن وتجري مواجهتها برد عسكري كبير من إيران ومن حلفاء إيران ومن حزب الله تحديداً.

السعودية معرّضة للرد نفسه كما يشير قول السيد نصر الله بأن السعودية سوف تدفع ثمن تحريضها على إيران، وثمن توّرطها في الخطة الأميركية بفرض عقوبات على إيران واستهدافها عسكرياً، ومن ثم شنّ حرب عليها. هي قضية دفاع عن "الوجود". فحلفاء إيران، في دفاعهم لمواجهة فرضية حرب على إيران يدافعون عن وجودهم ووجود قضاياهم.

خوض حرب الوجود يدل على "معركة حرب التحرير الكبرى"، وحديث غير مسبوق في المنطقة على الإطلاق، وغير مسبوق في خطاب حزب الله، والسيد نصر الله خصوصاً. فهو ليس مجرد خطاب شعبي تعبوي من السيد نصر الله لأنصاره ومحور المقاومة. بل هو تهديد صريح بأن حرباً على إيران تعني حرباً مدمرة شاملة، ونقطة على السطر. فالسيد نصر الله يستند إلى قراءة مبنية على دراسات ومعلومات ومعطيات، بأن واشنطن لن تذهب في النهاية إلى خيار الحرب الفعلية لخوفها من التداعيات الخطيرة عليها. كذلك قدم السيد نصر الله لهذا الحسم والقراءة بما قاله إن وضع محور المقاومة هو أقوى من أي وقت مضى، وأن المقاومة هي الأقوى راهناً في تاريخ الصراع العربي ــ الإسرائيلي، وأن المقاومة في لبنان هي الأقوى منذ العام 1948.

المقاومة هي أمام معادلة ردع جديدة ومتقدمة في المنطقة. لقد فرض حزب الله على مدى السنوات الماضية معادلة ردع ناجحة ضد "إسرائيل" منعت  حتى الآن من المغامرة بشنّ عدوان على لبنان، وعلى وحزب الله. ففي كلمته يقول السيد نصر الله "إننا نؤكد من جديد على أن أي استهداف إسرائيلي داخل لبنان سيواجه فوراً برد سريع وقوي.." لفرض معادلة ردع جديدة، أصبحت معادلة ردع مع أميركا مباشرة، وليس فقط معادلة ردع مع "إسرائيل". 

السيد نصر الله ادخل حزب الله بالتالي في هذه المعادلة الإقليمية ــ الدولية الكبرى، وفي مواجهة أوسع مع أميركا وليس فقط مع "إسرائيل"، ما يدل على تطور وتحول كبير في خطاب حزب الله وأمينه العام  هو ببساطة "خيار المواجهة الواسعة الشاملة".

السيد نصر الله عزز هذه المعادلة بكلام مباشر وصريح بشأن الصواريخ الدقيقة فكرّر جازماً بأن المقاومة تملك صواريخ دقيقة قادرة على استهداف أي نقطة في "إسرائيل". لكن السيد نصر الله الذي جزم أيضاً بأن حزب الله لا يملك مصانع لهذه الصواريخ في لبنان حتى الآن، هو قادر على إنشائها فوراً عند الحاجة، وفي هذا الأمر تهديد وإعلان متقدم.

السيد نصر الله لا يتحدث باسمه الشخصي، ولا حتى باسم حزب الله في حديثه عن الإقليم، وفي حديثه عن حرب شاملة ستباد فيها القوات والمصالح الأميركية، بل يتحدث باسم حليفه الأوثق، إيران وحلفائها الأساسيين في المنطقة ومحور المقاومة.

ما سلف، بدا في جوهره مرتبطاً بفلسطين وبصفقة القرن، أي بصفقة يراد منها ليس فقط استهداف القضية الفلسطينية، بل استهداف المنطقة وشعوبها واقتصادها وأمنها من خلال التطبيع الكامل مع "إسرائيل" والتخلي عن فلسطين والقدس. وتزداد أهمية ما أعلنه السيد نصر الله في هذا السياق، أن المقاومة الفلسطينية كانت قد أعلنت مواقف قوية قبل يوم واحد. ولعل من أهمها وضع الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي زياد النخالة معادلة جديدة: "قصف غزة سيؤدي إلى قصف تل أبيب".

وكذلك معادلة رئيس حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار، أن علاقات الصداقة والعداء يحكمها الموقف والسلوك تجاه فلسطين والقدس.. فمن هو مع فلسطين والقدس هو "الصديق"، ومن هو ضدها يتخلى عنها، فهو "العدو"..  وهي معادلة جديدة ومهمة، وتشكل تغيراً ملموساً في خطاب حماس، لاسيما أن السنوار أوضح أكثر من مرة في كلمته الدور الإيراني الفعلي في التسليح والتمويل.

كلمة السيد نصر الله في "يوم القدس العالمي" تعبّر عن خطوة جديدة متقدمة جداً، من شأنها إبعاد احتمالات الحرب الأميركية، وتجعل من حزب الله قوة إقليمية وركناً أساسياً في محور المقاومة، وفي معادلة الصراع الإقليمي. وهي معادلة ردع جديدة ليس فقط "لإسرائيل"، بل معادلة ردع لأميركا من قبل إيران وحلفائها.

السيد نصر الله يتحدث للمرة الأولى عن "الحرب الكبرى".. ولأول مرة، يعلن قيادي بوزنه وحجمه ومكانته باسم محور المقاومة ثلاثية كبرى: أي حرب أميركية على إيران ستؤدي إلى إبادة القوات والمصالح الأميركية في المنطقة، وستدفع "إسرائيل" والسعودية الثمن، وقد تدخل المنطقة في حرب التحرير الكبرى من دون أن يستخدم السيد نصر الله هذا التعبير.

فهذه المعادلة العربية ــ الإقليمية ــ الدولية الجديدة قد تجعل من الحرب في المنطقة بعيدة وصعبة، ومن احتمال حرب أميركية على إيران معقدة وغير واردة حالياً.

الميادين

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني اليوم رداً على تصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو إنه "على الطرف الذي قلب طاولة المفاوضات وداس على الاتفاق النووي العودة للظروف العادية"، مؤكداً أن "اليوم لا طريق آخر لدى إيران سوى الصمود ولو كان هناك طريق آخر لكنت أعلنت عنه".

وكان قد أكد أمس السبت أن "بلاده أهل للمنطق والتفاوض مع من يحترم المفاوضات، وليس مع جهات لا تعرف إلّا منطق الأوامر".

روحاني شدد على أن "طهران ستخرج منتصرة من الظروف الصعبة التي تمر بها، وستحطم أوهام أعدائها بفضل صمود شعبها ودعمه لحكومة بلاده".

أيضاً، ردت وزارة الخارجية الإيرانية على تصريحات الوزير الأميركي بالقول إن "اللعب بالكلمات وإظهار أهداف خفية ضمن كلمات جديدة لا يهم إيران، وما يهمها هو تغيير نهج أميركا بشكل كامل وسلوكها العملي أمام الشعب الإيراني".

وقال المتحدث باسمها عباس موسوي إن "إن تصريحات بومبيو المبنية على استمرار حملة الضغط الكبير على إيران هو دليل على استمرار النهج الأميركي السابق".

في المقابل،

وفي سياق موازٍ، قال المستشار العسكري للمرشد الإيراني اللواء رحيم صفوي في وقت سابق من اليوم إن "جميع سفن القوات الأجنبية في الخليج في مرمى صواريخ إيران، وأكّد أن الرئيس الأميركي يدرك أنه سيخرج خاسراً من أي حرب سيشنّها على إيران.

 

بومبيو: مستعدون للحوار مع إيران من دون شروط مسبقة

وكان بومبيو قد أعرب صباح اليوم الأحد من سويسرا عن استعداد بلاده للحوار مع إيران حول التوترات الأخيرة بين البلدين "من دون شرط".

وقال بومبيو خلال مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره السويسري إغنازيو كاسيس اليوم الأحد "نحن مستعدون للحوار من دون شروط مسبقة والجلوس معهم على طاولة المفاوضات".

من جهته، قال وزير الخارجية السويسري إغنازيو كاسيس إن بلاده تعمل على الوساطة بين واشنطن وطهران.

المصدر:المیادین

قال المستشار العسكري للمرشد الإيراني اللواء رحيم صفوي إن أول رصاصة ستطلق في الخليج سترفع أسعار النفط إلى 100 دولار أميركي، مشدداً على أن أميركا وأوروبا وأصدقاؤهما في اليابان وكوريا الجنوبية  لا يمكنهم تحمّل هذا السعر، وإن جميع سفن القوات الأجنبية في الخليج في مرمى صواريخ إيران.

وكشف أن 20 ألف جندي في القواعد الأميركية في قطر والكويت والبحرين يقعون في مرمى الصواريخ الإيرانية، كما يمكن استهداف القواعد الأميركية في الدول المقابلة لإيران باستخدام صواريخ بمدى 300 كم.

وأعلن صفوي استعداد بلاده للحرب مع أميركا، معتبراً أن القوات الإيرانية هي الأقوى عسكرياً في المنطقة، وترامب يدرك أنه سيخرج خاسراً من أي حرب سيشنها على إيران وستكلفه ثمناً اقتصادياً باهظاً.

ودعا صفوي إلى عقد تحالف مع بعض دول الخليج، ومتابعة مسألة توقيع اتفاقية عدم الاعتداء، موضحاً أن بلاده لم تكشف عن جميع قدراتها واستراتيجياتها العسكرية وستوجه ضربات مفاجئة للعدو في حال أي عدوان.

بالتزامن، أوضح رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية اللواء محمد حسين باقري إنه إذا كانت الولايات المتحدة الأميركية تعتمد سابقاً في مواجهة الشعب الإيراني على بعض الأشخاص وعدد من الطائرات والمروحيات، فهي الآن بحاجة لتشكيل ائتلاف كبير من عشرات البلدان، وهي تعلم أن تحقيق هذا الأمر أيضاً لن يؤدي إلا لهزيمتها. مؤكّداً أن الشعب الايراني لن يتراجع عن قدرات بلاده الدفاعية كعنوان رئيس لثورته، وسيحوّل تهديد الأعداء إلى فرصة ذهبية لتمنية منجزات الثورة، خاصة الدفاعية والصاروخية منها.

باقري شدد على أن القوات المسلحة الإيرانية تضع كافة قدراتها وإمكاناتها من أجل صون الاستقلال ووحدة الأراضي والأمن القومي الإيراني، واجهاض تهديدات الاستكبار العالمي والرجعية في المنطقة.

أظهرت نتائج استطلاعات للرأي في تونس تقدما في نوايا التصويت لشخصيات من خارج منظومة الحكم الحالية، قبل انتخابات الرئاسة، في 17 نوفمبر/ تشرين ثانٍ المقبل.

بحسب نتائج نشرتها مؤسسة "إلكا للاستشارات" (خاصة)، منتصف مايو الجاري، جاء نبيل القروي، صاحب قناة "نسمة" (خاصة)، في المرتبة الأولى بـ32 بالمائة، يليه قيس سعيد، أستاذ القانون بالجامعة التونسية بـ17 بالمائة، ثم الرئيس السابق، المنصف المرزوقي (2011/ 2014) بـ7 بالمائة.

وبعدهم حلت عبير موسى، رئيسة الحزب الدستوري الحر (ينتسب للنظام السابق) بـ6 بالمائة، وصافي سعيد (كاتب) بـ5 بالمائة، ورئيس الحكومة الحالي، يوسف الشاهد، بـ 4 بالمائة.

تلك النتائج تختلف عن أخرى لوكالة "سيغما كونساي" (خاصة)، في فبراير/شباط الماضي، احتل فيها الشاهد المرتبة الأولى بـ30.7 بالمائة، تلاه قيس سعيد بـ12.5 بالمائة، فالرئيس الحالي، الباجي قايد السبسي، بـ10.8 بالمئة، ثم المرزوقي بـ9 بالمائة.

وأطاحت ثورة شعبية بالرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي (1987: 2011). ويُنظر إلى تونس على أنها التجربة الديمقراطية الوحيدة الناجحة بين عدة دول عربية شهدت ثورات، ضمن ما يُعرف بـ"الربيع العربي".

** داخل أو خارج المنظومة

رئيس "سيفما كونساي"، حسن الزرقوني، أرجع ذلك التحول إلى أن "الناخبين لم تعد لهم ثقة في الأحزاب؛ بسبب نقض الوعود الانتخابية، وتفاقم المشاكل الاقتصادية والاجتماعية، وتردّى المشهد السياسي بالانشقاقات في الأحزاب المدنية، خاصة نداء تونس (قائد الائتلاف الحاكم حاليا)".

وتوقع الزرقوني، في تصريح للأناضول، أن "يكون شعار استحقاق 2019 حول من مع المنظومة السياسية القائمة ومن هو ضد أو خارج تلك المنظومة".

وتابع: "وهذا ما يفسر بروز الحزب الدستوري الحر بطريقة قوية، ونبيل القروي، وقيس سعيّد، وشخصيات آتية من الخارج، مثل ألفة الترّاس".

والفة الترّاس هي تونسية متزوجة من فرنسي، وتدير جمعية "عيش تونسي" (عِشْ تونسيا)، وتقول إنها جمعت توقيعات 400 ألف تونسي يريدون تغيير الوضع الراهن.

ورأى الزرقوني أن "الانتخابات المقبلة ستكون بين المنظومة (السياسية) وبين من هو ضد المنظومة (عبير موسى) ومن هو خارج المنظومة، مثل نبيل القروي، وهو الآن الأول في مؤشرات أولية لسبر الآراء".

واعتبر أن "التحدي مطروح على المنظومة السياسية القائمة، خلال الأربعة أو خمسة أشهر التي تفصلنا عن الانتخابات".

وأردف: "على المنظومة أن تقنع الناس بأن السياسة لابد أن تّمتهن بمنظومة تعرف تحديات الدولة ومشاكلها الحقيقية، كالأمن والأمن والدبلوماسية والمنوال الاقتصادي والإصلاح، وهذا تعرفه المنظومة أكثر من الذين هم خارجها، لكن الناس لم تعد تريد المنظومة".

** رفض التوافق مع القديم

لكن المحلل السياسي، الحبيب بوعجيلة، رأى أن القوى المناهضة للمنظومة هي قوى مناهضة للتوافق ومنظومة 2014، وليست مناهضة للدولة.

وأوضح بوعجيلة للأناضول أن "منظومة 2014 هي التوافق بين جزء من الجديد، متمثلا في الإسلاميين (حركة النهضة)، وجزء من القديم، متمثلا في (حركة) نداء تونس، والباجي قايد السبسي (محسوب على نظام بن علي)".

وتابع أن "القوى المضادة للتوافق مع القديم متشكلة من الثوريين، مثل المرزوقي وحزب الحراك (اجتماعي ديمقراطي– 4 نواب من 2017) وحزب المؤتمر من أجل الجمهورية (وسط يسار) وحزب التيار الديمقراطي (وسط يسار 3 نواب)، وهم يرفضون التوافق مع القديم، لكن تحت مظلة الدستور".

** فشل اقتصادي واجتماعي

ورأى بوعجيلة أن "الجديد الآن هو أن فشل المنظومة على مستوى الأداء الاقتصادي والاجتماعي جعل جزء من الرأي العام مضاد للمنظومة الحاكمة، وليس للنظام السياسي أو الدولة".

وتابع أنه من هذا الواقع "دخلت الرموز المضادة لمنظومة الثورة لتعطيها تعبيرا سياسيا، فجاءت عبير موسى".

وأوضح أن "عبير موسى استثمرت هذا الوضع، واستثمرت في جزء من القديم (نظام زين العابدين) لم يجد نفسه في التوافق الجديد، الذي لم يعبّر عن مصالحهم، ومنهم جزء من المخبرين والجلادين والمهددين بالعدالة الانتقالية".

واستطرد: "كما استثمرت في ذلك الوضع قوى دولية، منها الإمارات والخليج عامة، فهم لا يريدون الاستقرار، ويريدون نشأة خطاب جديد مضاد ليس للمنظومة الحاكمة، بل للمسار الثوري برمته".

واعتبر أن "المقارنة بين قيس سعيد وعبير موسى لا تستقيم، فسعيد ليس مضادا للمنظومة، وإنما هو التعبير الشعبي الثوري للناس، الذين لا يعني رفضهم للمنظومة أنهم يرفضون الثورة، وإنما هو انتصار للثورة، ويعتبر أن منظومة التوافق هي دون الثورة".

ورأى أن "نبيل القروي يستثمر في الجانب الشعبوي والمسألة الاجتماعية وله وسيلة إعلام (قناة نسمة) تساعد في انتشاره".

وقلّل بوعجيلة من احتمال صعود أسماء فردية في الانتخابات الرئاسية المقبلة، معتبرا أن "الظواهر الثلاثة (سعيد وموسى والقروي) هي ظواهر عابرة، ولن تجد تونس نفسها في الانتخابات المقبلة أمام تلك الخيارات الثلاثة".

ورجح أن "منظومة الانتقال الديمقراطي هي التي ستكون أكثر جاهزية وستتنافس مع منظومة الثورة والقطيعة (مع القديم) في الاستحقاقات الانتخابية".

** دعم خارجي

قال بوعجيلة إن "عبير موسى تتلقى دعما من جهة مضادة للثورة، وخاصة الخليج، لكن من الصعب أن يحولوها إلى طرف فاعل".

وتابع أن جمعية "عيش تونسي" تعمل على تكرار الصورة الشعبوية الماكرونية، التي تكون من خارج المنظومة وغامضة ولا تعرف من ورائها، لكنها لن تستمر؛ فالتونسي لن يراهن على أسماء تُصنعُ فجأة.

ورأى أن انتخابات 2019 ستكون حول المشهد الحزبي المعروف، وهو "نداء تونس" (37 نائبا) "النهضة" (68 نائبا)، و"تحيا تونس" (قريب من الشاهد وتدعمه كتلة الائتلاف الوطني 44 نائبا) من جهة، والأحزاب الثورية من جهة أخرى.

وزاد بأن "الظواهر المضادة للمنظومة مثل عبير موسى و(عيش تونسي)، وحتى نبيل القروي، لن يكون حاضرا إذا لم يدعمها طرف من المنظومة".

** الصلاحيات الرئاسية

حول استمرار جاذبية منصب رئاسة الجمهورية، رغم قلّة صلاحياته وفق دستور 2014، قال بوعجيلة: "صحيح أن مركز الحكم في البرلمان، والحكومة في القصبة، لكن الرئاسة تعطي صورة عن توازنات المشهد وعن الانقسامات والتباينات المتعلقة بالخيارات الكبرى الثقافية والخارجية والتنموية والمشروع الوطني".

وأردف أنه في انتخابات 2014 كان الصراع واضحا بين السبسي والمرزوقي، أي بين القديم والجديد، بين الثورة والثورة المضادة، وبين الهوية والتبعية.

كما قال الزرقوني: "معنويا الاقتراع المباشر للرئيس يعطيه وزنا كبيرا، رغم أن الصلاحيات والسلطة التنفيذية لدى رئيس الحكومة".

** العصفور النادر

صرح رئيس حركة النهضة، راشد الغنوشي، الأسبوع الماضي، بأن حركته تبحث عن "العصفور النادر التوافقي"، وهو ما أثار نقاشا وتعليقات عديدة.

وعلق الزرقوني بأن النهضة "حزب منظم ومهيكل وبراغماتي، وسينظر لاستطلاعات الرأي بجدية أكبر".

وتابع: "النهضة تريد ألا يخلق من هو في الرئاسة توترا لها، فهناك رهانات كثيرة قادمة: ليبيا والجزائر، والعلاقة مع مصر، السعودية، الإمارات، تركيا وقطر".

وأردف: "النهضة لها مرجعية إسلامية تتجاوز الحدود التونسية، وتهتم بما يحصل خارج تونس، والرئيس من صلاحيته الكبيرة الشؤون الخارجية والدفاع".

أما بوعجيلة فرأى أن "العصفور النادر"، الذي يقصده الغنوشي، هو "مرشح توافقي تفرزه منظومة الدولة، وله خصائص، منها أن لا يكون مضادا للنهضة ولا استئصاليا ولا معاديا للثورة ولا متورطا كثيرا مع المنظومة القديمة، عكس ما جرى في 2014".

وأضاف: "ندرة العصفور تكمن في أن المنظومة التي تريد النهضة أن تتواصل معها مشتتة ومتشظية ولم تتفق على اسم معين"، في إشارة إلى الانقسامات داخل "نداء تونس" منذ 2015.

واستبعد "أن ترشح النهضة من عناصرها أو ترشح من الثورة أو تقف بجانب شخص من خارج منظومة التوافق الحالية".

المصدر:الاناظول

أجواء متوترة لا تزال تخيّم على العلاقات السعودية - المغربية بعد سلسلة الاستفزازات التي قامت بها السعودية تجاه المغرب، ما أجبر الأخيرة على اتخاذ مجموعة مواقف كان من شأنها أن توصل العلاقة بين الطرفين إلى طرق مسدودة في كثير من الأماكن، وحالياً تحاول السعودية جذب المغرب إلى صفها من جديد إلا أن المغرب لا يبدو حاضراً للعودة بهذه البساطة، وما رفض الملك المغربي محمد السادس حضور القمة العربية الطارئة التي دعا إليها الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلا خير دليل على ذلك.

يمكن اعتبار إرسال الملك محمد السادس شقيقه الأمير مولاي رشيد ليمثله في القمة العربية الـ31 الطارئة التي دعا إليها الملك السعودي، خطوة جيدة نحو فتح المغرب ذراعيه مرة أخرى للسعودية التي كانت تربطها بها علاقات متينة على جميع الأصعدة، ولكن من يضمن أن يعاود ولي العهد السعودي استفزاز المغرب بملف جديد يعيد العلاقات إلى نقطة الصفر.

المرحلة الذهبية

هناك استثمارات كبيرة تقوم بها السعودية في المغرب بالإضافة إلى صلة القرابة بين ملك المغرب والملك السعودي، فمن ناحية الاستثمارات، فقد زاد حجمها كثيراً بعد بداية ما يسمى بثورات "الربيع العربي" التي كان يخشى منها ملوك العرب لذلك دعا مجلس التعاون الخليجي المغربَ والأردنَ إلى الانضمام لكتلته الإقليمية لتمتين الدعم للأنظمة الملكية مع انتشار الاحتجاجات في أنحاء المنطقة، ومن هنا بدأ سيل الاستثمارات يغدق على المغرب وبدأت العقود التجارية تتزايد بين البلدين، وازداد أيضاً التعاون العسكري والدفاعي كثيراً بعد أن وقّعت القوّات المسلّحة الملكية المغربية والقوّات المسلّحة السعودية على اتّفاقيات أفضت إلى استثمارات سعودية بقيمة 22 مليار دولار أمريكي في القوّات العسكرية المغربية.

فالسعودية شريك تجاري لا غنى عنه للمغرب، إذ تذهب 49 بالمئة من صادرات الرباط لدول مجلس التعاون الخليجي، كما أن 79 بالمئة من واردات المغرب من دول المجلس تأتي من السعودية، وذلك طبقاً لإحصاءات العام 2015.

وبين البلدين اتفاقات اقتصادية ومشاريع بملايين الدولارات، فالسعودية الشريك السادس للمغرب تجارياً والثالث استثمارياً، كما تستثمر الرياض في أكبر مشروع في العالم لتوليد الطاقة الشمسية بالمغرب، ومشروع آخر لدعم القطاع الصناعي بقيمة 500 مليون دولار، إضافة لعشرات الشركات المشتركة بين البلدين، ويرتبط البلدان أيضا بخط بحري مباشر من طنجة إلى جدة لا يزال قيد التنفيذ.

ومن ناحية القرابة فإن نسيبي الملك المغربي محمّد السادس، مولاي هشام ومولاي إسماعيل، هما نسيبا الأمير السعودي الوليد بن طلال، أحد أثرى رجال الأعمال في العالم.

وتمتلك العائلة الملكية السعودية عدداً من القصور في أنحاء المغرب، وتلقّت العائلات الملكية السعودية الزيارات بغية الأعمال والاستجمام لعقود كثيرة، فأفيد مثلاً أنّ الملك سلمان أنفق 100 مليون دولار أمريكي على عطلته الصيفية المغربية في العام 2017.

الأزمة الخليجية ونقطة الانعطاف

ما إن بدأت الأزمة الخليجية في مطلع صيف العام 2017 حتى بدأت العلاقات السعودية المغربية تشهد فتوراً ملحوظاً سببه عدم رغبة المغرب بالانجرار إلى معسكر السعودية والمشاركة في حصار قطر، وعلى هذا الأساس بقي الملك المغربي يحافظ على علاقته مع جميع دول مجلس التعاون، وهذا الأمر لم يعجب الأمير الشاب محمد بن سلمان، ومن هنا بدأت حملة الاستفزازات السعودية.

البداية كانت عبر كأس العالم حيث رفضت السعودية التصويت لمصلحة المغرب لاستضافة كأس العالم في العام 2026 وأعطت صوتها حينها لأمريكا، الأمر الذي أغضب المغرب، ودفعه لرفض استقبال ولي العهد السعودي محمد بن سلمان خلال جولته حول العالم العربي عقب اغتيال خاشقجي كما رفض الملك محمد السادس دعوةً للقائه، وأكثر من ذلك قررت المغرب الانسحاب من تحالف السعودية في اليمن.

وأخبر وزير الخارجية المغربي بوريطة قناةَ الجزيرة أنّ المغرب يعيد تقييم مشاركته في حرب اليمن، مسلّطاً الضوء على الوضع الإنساني، ثمّ برزت تقارير بعد أسبوعَين بأنّ المغرب أنهى مشاركته في التحالف بقيادة السعودية، ولعلّ هذا الإعلان أحبط السعوديين (وليس لأنّه نوقش على قناة الجزيرة في قطر فحسب)، لكن لم يكن من المفترض به أن يفاجئهم، ففيما كان المغرب من أولى الدول التي دعمت التحالف بقيادة سعودية في العام 2015، خفّف تدريجياً من دعمه العسكري مع استمرار الحرب.

الاستفزاز الآخر جاء عبر بث قناة العربية المحسوبة على النظام السعودي لتقرير يتحدّث عن غزو المغرب للصحراء الغربية، ويُعَد هذا تجاوزاً لخطٍّ أحمر كبير بالنسبة للرباط، التي سرعان ما استدعت السفيرين المغربيين من الإمارات والسعودية.

وفي الشهر نفسه، انسحب المغرب رسمياً من التحالف الذي يقاتل باليمن، وسط انتقادٍ دولي ومحلّي متصاعد لتلك الحرب، ومع أنَّ مساهمات الرباط بالتحالف كانت ضئيلة منذ انسحاب مقاتلاتها عام 2018، كانت الخطوة مهمة سياسياً.

وبحسب موقع Lobe Log الأمريكي فإنه على الرغم من الإشارات المتكررة إلى أنَّ الملك محمد السادس كان من المقرر أن يزور العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز بالرياض في نهاية نيسان 2019، فإن تلك الزيارة لم تحدث، في إشارة جديدة إلى التوتُّرات المتصاعدة بين المملكتين.

وسبق هذا الأمر اتصال هاتفي بين الملك المغربي وملك السعودية وتوقّع الجميع أن تشهد العلاقات تحسّناً كبيراً، وبحسب الوكالة السعودية الرسمية للأنباء (واس)، حينها فقد أكد العاهلان السعودي، سلمان بن عبد العزيز آل سعود، والمغربي محمد السادس حينها "حرصهما على تعزيز وتطوير العلاقات بين بلديهما في كل المجالات".

ولكن بعد أسبوع من المكالمة الهاتفية، قال وزير خارجية المغرب ناصر بوريطة في مؤتمر صحفي: مستعدون في جميع الحالات للاستمرار بالتنسيق مع الدول الخليجية خاصة السعودية والإمارات، لكن الرغبة يجب أن تكون من الجانبين، وليست حسب الطلب".

وأضاف: "قد لا نتفق على كل شيء، ربما هناك اختلاف في الرؤى في بعض النقاط، لأن السياسة الخارجية هي سياسة سيادية"، واعتبر أن "الحفاظ والحرص على هذا التنسيق من الجانبين، وفي حال انعدام ذلك، فمن الطبيعي عدم استثناء البحث عن بدائل أخرى".

المصدر:الوقت

السبت, 08 حزيران/يونيو 2019 05:58

نحن و دولة الإسلام في إيران

يجمع المسلمون أن أكبر مهام رسول الله - صلى الله عليه وآله - تمثلت في إقامة مجتمع إسلامي خاضع لحاكمية الله… رافض لحاكمية الطاغوت… بل إن هذه مهمة جميع الأنبياء، مع فارق أن الرسالة الخاتمة وضعت الأسس العامة لتحقيق هذه الحاكمية بشكل شامل ومستمر… شامل لكل مجالات الحياة، ومستمر حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

من هنا فإن الأمة المسلمة يجب أن تسعى دائما لإقامة حاكمية الله في الأرض ورفض حكومة الطاغوت، وإن أقامتها تتحمل مسؤولية الدفاع عنها وصيانتها وتثبيت شوكتها.

بعد عصر الغزو الاستعماري، سقط العالم الإسلامي فريسة بيد أعدائه، فمزقوه شر ممزق، واستهانوا بكرامته وسحقوا مقدساته، وفرضوا وجودهم وحاكميتهم في الحقل الاجتماعي والسياسي والاقتصادي والثقافي، حتى دب اليأس في كثير من النفوس بشأن عودة العزة الإسلاميّة، وغمرت الشكوك الأذهان في إمكان دخول الإسلام ثانية ساحة الحياة البشرية.

في هذا الجو المدلهم المفعم باليأس والقنوط تحرك شعب بقيادة فقيه ثائر ذائب في ذات الله فأقام دولة الإسلام في إيران.

لئن اختلف آراء الأنصار والأعداء في هذه الدولة فانهم لا يختلفون في إصرار قيادتها وقاعدتها على تطبيق أحكام القرآن والسنة على أساس من الاجتهاد المنفتح والأصيل.

ولا يختلفون أن كل ما واجهته هذه الدولة من عداء إنما هو بسبب هذا الإصرار على صعيد المناهج الداخلية والمواقف الدولية، وقد دفعت في سبيل ذلك ثمنا باهظا في الأموال والأرواح.

لا نريد أن نثني ونمدح، فليست هذه مهمة (رسالة التقريب)، بل نريد أن نشير إلى إحدى محاور الحرب الهوجاء الضروس التي أضرمت ضد هذا الوجود الإسلامي الكبير، هو المحور الطائفي.

لقد حاولت هذه الدولة وتحاول إقامة مجتمع تخلو ظواهره من الفسق والفجور والخمر والميسر والسفور… وهي محاولات تثلج صدر كل مسلم، شيعيا كان أم سنيا.

وتسعى في الحقل التشريعي لتطبيق القرآن والسنة في جميع مجالات التشريع، وهذا مطلب إسلامي جاهد من أجله كل المسلمين المخلصين على اختلاف مذاهبهم.

وتبذل الجهد في حقل الاقتصاد للقضاء على الربا والاحتكار والثراء الحرام، وهو هدف إسلامي لا يختلف فيه الإسلاميون بمختلف مذاهبهم.

وتتخذ على الساحة الدولية مواقف كلفتها الكثير - كما قلنا - للدفاع عن كرامة المسلمين وعزتهم وحقوقهم لا فرق في ذلك بين سنة وشيعة. وهو ما لا يخفى على أدنى متابع لقضايا فلسطين، ولبنان، والبوسنة، وكشمير، والشيشان، والجزائر وغيرها من قضايا عالمنا الإسلامي.

ولو واصلنا عرض المجالات التي دخلتها محاولات الأسلمة من تعليمية وإعلامية وثقافية وغيرها من مجالات الحياة في إيران لاحتاج إلى مؤلفات.

ومع كل هذا التحرك الجبار في وسط كل هذا الركام الهائل من المشاكل والعقبات، نحو الإسلام…تحارب هذه الدولة باسم الطائفية.

ليس من المستغرب أن تشعل نار هذه الحرب الدوائر المتضررة والخائفة المرعوبة من الإسلام، لكن المستغرب أن تساهم فيها رموز طالما تحدثت عن أحلامها وأمانيها في إقامة دولة الإسلام والمجتمع الإسلامي…طالما تحملت في حياتها ما تحملت من أجل العودة الإسلاميّة.

لا نقصد المنتقدين، فمجال انتقاد النقائص سوف يبقى ما دامت القيادة غير معصومة… ولكن نقصد المهاجمين الذين لا يرون شيئا إلاّ من خلال ضباب كثيف كونته الطائفية والهزيمة النفسية التي خلقها إعلام المستكبرين.

ليس من الضروري أن يكون التحامل الطائفي بالاتهام والانتقاص فحسب، بل قد يكون أيضاً بتجاهل هذه الظاهرة الإسلاميّة الكبرى تماما، والسكوت عن التحدث بشأنها حتى حينما يدور الحديث حول الصحوة الإسلاميّة المعاصرة.

لا شك أن المعول الطائفي أسوأ ما أضر بعطاء الدولة الإسلاميّة المباركة على صعيد العالم الإسلامي، وسيبقى هذا المعول يخرب ويهدم حتى ترتفع الحالة النفسية لدى أبناء المذاهب الإسلاميّة المختلفة إلى مستوى أهدافهم الرسالية. وهذا الارتفاع هو هدف التقريب و (رسالة التقريب(

ذكر الله سبحانه وتعالى في محكم كتابة العزيز ((ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ۖ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ۚ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ ۖ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (سورة النحل 125)) ويقول تعالى أيضا ((خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ"(سور الأعراف 199)، يبين من هاتين الآيتين الكريمتين، ان ثقافة التسامح فضيلة إنسانية إسلامية حث عليها الدين الإسلامي وغرسها في نفوس وضمائر البشر من أجل التخلي عن المشاكل الاجتماعية والنفسية والثقافية والدينية كالكراهية والحقد والضرب والعنف والقلق التي تترك اثاراً هامه في حياة الافراد داخل المجتمع.

أنواع ثقافة التسامح 

  1. تسامح ثقافي:

ان التسامح الثقافي يتبلور من عدم التعصب للأفكار والثقافة الشخصية للفرد، فانه يتطلب حوار وتخاطب مع الاخر والحق في الاجتهاد والابداع، فان الإنسان لابد ان يكون صدره رحباً في قبول ثقافة وأفكار الاخر من اجل التوصل الى الحقائق الفكرية والثقافية.

  1. تسامح ديني:

والمقصود به تسامح في حرية الممارسة الشعائر الدينية والتخلي عن التعصب الديني والتميز العنصري الديني وذلك لان الإسلام دين التسامح في العدل والمساواة. 

  1. تسامح أخلاقي:

هو طريق التعامل الاخلاقي مع الافراد الذين نختلف معهم في القضايا الاجتماعية التي تؤثر فيهم.

  1. تسامح اجتماعي:

ان التسامح الاجتماعي يتضمن العيش بسلام مع الاخرين بدون مشاكل وتقبل أفكارهم وممارساتهم التي قد يختلف معها الفرد وكذلك الإقرار بممارسة كافة الحقوق الحريات في المجتمع.

خصاص ثقافة التسامح

  1. ان ثقافة التسامح تعمل على إزالة الحقد والكراهية الموجودة في ضمائر البشر والابتعاد عن مفهوم العنف والجريمة، وتعمل أيضا على تنمية روح المواطنة والديمقراطية بين الافراد من اجل خلق وعي سالم بعيد عن مظاهر التخلف الاجتماعي الذي يرتكز على ترسخ مبادئ الحقد والكراهية.
  2. ان ثقافة التسامح تضمن القدرة على تنمية الثقافة الدينية والاجتماعية وتقوية العلاقة الاجتماعية بين الافراد، وكذلك القدرة على نبذ التعصب والتشدد في القرار والإجراءات الاجتماعية وتعزز الشعور بالتعاطف والرحمة والحنان في قلوب وضمائر البشر.
  3. ان ثقافة التسامح تجعل الافراد يودون ويحبون بعضهم البعض في علاقاتهم الاجتماعية مما يساهم في نشر الاحترام والتعاون والتبادل في حل كافة المشاكل التي تؤدي الى زعزعت علاقاتهم الاجتماعية. اذ انها تجعل من الافراد يعشون حياة متفائلة وبعيده عن التشاؤم والاكتئاب والحقد لأنه يتجسد في داخلهم مفاهيم العفو والحب.
  4. ان ثقافة التسامح هي الطريق الى الشعور بالسلام الداخلي والسعادة والشعور بهذا الإسلام متاح دائما لنا. اذ انه خروج من الظلمة الى النور. وكذلك تؤدي الى ابراز السلام الاجتماعي بين الدول وبين الافراد من اجل العيش حياة اجتماعية خالية من مشاكل الحروب والنزاعات والصراعات التي تحدث بين الأفراد.

تشخيص ثقافة التسامح في المجتمع العراقي نموذجا

ان ما تعرض له مجتمعنا من هزات وحروب وكوارث طبيعة وبشرية، كالاحتلال الأجنبي وشيوع الجريمة والفساد والقتل والنزاعات العشائرية، تركت بصمة خطيرة على حياة المواطن العراقي فإثارة في نفس الفرد العراقي نار الحقد والعنف والتطرف الذي زاد من المعاناة الإنسانية غير أخلاقية واجتماعية، فضلا عن اهدارها لكافة الحقوق الإنسانية والدينية وعلى راسها الحق في الحياة والتسامح بين الأفراد.

وبرغم هذا المشاكل بقي مجتمعنا محافظاً على قيمه الثقافية والدينية وعلى راسها قيم التآزر والمحبة والتعاون والتفاعل والتسامح بين فئاته الاخرى. فثقافة التسامح هذه يمكن ترسيخها في نفوس الافراد من خلال التنشئة الاسرية والمدرسية والتي يقع عليهما مسؤولية تربية وتوجيه وإرشاده وترسيخ المحبة والتفاعل بين الافراد فمن جهة التنشئة الاسرية التي تعد اول خلية اجتماعية ثقافية نفسية تعمل على تنمية وتربية الفرد منذ النشأ الى سن المراهقة، فضلا عن تعرضها لتلك الكوارث الا انها كان لها دور مهما في ترسيخ وتنمية القيم المحبة والتسامح بين افردها، وذلك لان الطفل يتكسب قيم التسامح من المحيط الذي يعيش منه بمعنى على الوالدين ان يكونا في علاقاتهما الاجتماعية والثقافية مبنية على التشاور والاحترام والتعاون فيما بينهم وبين أقاربهم او أصدقائهم بدلا من اثارة الحقد والكراهية في علاقاتهم الاجتماعية.

اما التنشئة المدرسية والتي تعد ثاني وسط ثقافي واجتماعي فمهمتها تنمية مفاهيم الديمقراطية وحرية التعبير داخل الصفوف الدراسية وأيضا بث التعاون والتبادل الأفكار بين التلاميذ من جانب وبين التلاميذ والمربيين التربويين من جانب اخر وان تعزيز هذه المحبة والتسامح لا يأتي الا من خلال المناهج الدراسية وأساليب تعامل المربيين التربويين مع التلاميذ داخل الصفوف الدراسية أضف الى ذلك تخليها عن مظاهر التطرف الثقافي والفوارق الطبقية والثقافية والاقتصادية التي يمتلكها البعض والبعض الاخر لا يمتلكها. 

وزيادة على ذلك فالدين الإسلامي جعل من التسامح قيمة دينية لان دين الإسلام ، دين المحبة والتسامح بين الناس والبشرية جمعاء، رغم ان ذوات الانسان جزء منها وسائل القسوة والعنف والعدوان الان ان الدين الإسلامي دين محبة وتسامح بين البشرية جمعاء، وعليه تعد القيمة الدينية للتسامح عنصر رئيساً في تكوين ثقافة أي مجتمع من اجل أدارك افراده على التفاعل والتعاون وترسيخ الاحترام  وتكوين علاقات اجتماعية قوية فيما بينهم، لذلك فان ثقافة التسامح توفر للفرد صيغة سلوكية ثقافية اجتماعية تعمل على تكوين العلاقات الاجتماعية الإيجابية وتنظم المجتمع والحفاظ على استقراره وفقاً لمصالح ومتطلبات افراده اذ أن التسامح يعد جوهر عملية الضبط الاجتماعي الممارس على الافراد عند قيامهم بسلوك مخالف لسياقات الفرد فالتسامح يستقر في ضمير الفرد ويشعره بالارتياح عند التخلي من المخالفات التي تصدر من خلاله.

ومن هذا المنطلق فثقافة التسامح تعمل على خلق وعي ثقافي اجتماعي للعلاقات الاجتماعية المبنية على التعاون والتبادل بين الافراد، اذ ان العلاقة الاجتماعية التي تحدث بين الافراد تختلف حسب نمط المكانة والمركز والشهادة والثقافة المعرفية وكذلك حسب نمط الدين، فالثقافة كما تصورها الانتروبولوجيين بانها كل القيم والمعاني والمعتقدات والعادات والقوانين يكتسبها الفرد من الجماعة التي تحيط به والمجتمع الذي يعيش فيه، ومن هنا نجد ان التسامح هو سلوك شخصي اجتماعي يصدر من قبل الفرد دون وقوع أي هجوم على حقوق الفرد الاخر بمعنى استعداد الفرد ان يترك الاخر بالتعبير عن حرية أفكاره وثقافة ولا يمكن مخالفته والتصدي له.

وعليه نجد ان قيم ثقافة التسامح تعمل على تحقيق التآزر والمحبة والتعاون والألفة والانسجام، كما تعمل على مساعد الفرد في التحمل للمسؤولية من اجل الوقوف بوجه مشاكل الحياة الاجتماعية اذ انها تنمي مشاعر الإحساس الاجتماعي بالمجتمع. وإن حصول خلل في طبيعة قيم المسامحة لدى الافراد سيؤدي إلى تكوين الشخصية المضطربة، وبالتالي فإن الشخصية المضطربة تصبح بنيتها أكثر تفككا واستعدادا لتشرب القيم الأجنبية الوافدة والسلبية، وذلك بدوره يؤدي إلى حالة من التذبذب على مستوى الانتماء الثقافي وهذا الوضع ربما يقود صاحبه إلى الانعزال عن مجتمعه وبالتالي يصبح مغترباً عن واقعه الاجتماعي والديني والثقافي.

ومن اجل تحقيق ثقافة التسامح هناك جملة من التوصيات منها:

1- ضرورة معالجة المشاكل الاجتماعية التي تعاني منها الشخصية المثقفه، والعمل على إزالة الفوارق بين الجنسين سواء في المستوى الثقافي او الطبقي من اجل بث أسس روح المحبة والتسامح في نفوس الافراد وتقوية أواصر العلاقات الاجتماعية بين الافراد.

2- الحث على العفو وتقديم الاحترام للأخرين وعدم الانتقام وقلع جذور الحقد والعدوان والكراهية من نفوس الافراد.

3- أن يتوجه الإعلام نحو تعزيز ثقافة التسامح في المجتمع لخلق وعي محب والحث على التمسك بكيان المجتمع ووحدته وقيمه. والقيام بمراجعه شاملة لمحتوى المناهج الدراسية وتطويرها بما يمكننا من مواجهة اثار العنف الاجتماعية على حقوق الافراد.

4- ضرورة أن تتولى المؤسسة الدينية ترسيخ ثقافة التسامح من خلال الخطب الدينية والمحاضرات والمناسبات من اجل تعريف دول العالم بالإسلام الانساني.

علاء محمد ناجي

الإثنين, 03 حزيران/يونيو 2019 10:25

هل الدنيا والآخرة تقعان على طرفي نقيض؟

في الواقع، إِنّنا نرى في كثير مِن الآيات القرآنيّة مدحاً وتمجيداً للدنيا وبإِمكاناتها الماديّة، ففي بعض الآيات، اعتبر المال خيراً (سورة البقرة آية 180)، وفي آيات كثيرة، وصفت العطايا والمواهب المادية بأنّها فضل الله ﴿وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللهِ﴾ [الجمعة: 10]. وفي مكان آخر، نقرأ قوله تعالى: ﴿خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعً﴾ [البقرة: 29]. وفي آيات كثيرة أُخرى، وصفت نعم الدنيا بأنها مسخّرة لنا ﴿سَخَّرَ لَكُمْ﴾ [الحج: 65].

وإِذا أردنا أن نجمع كل الآيات التي تهتمّ بالإِمكانات المادية وتؤكّد عليها، وتجعلها في سياق واحد، فستكون أمامنا مجموعة كبيرة مِنها.

ولكن، وبرغم الأهمية الكبرى التي تختصّ بها النعم المادية، فإِنَّ القرآن الكريم استخدم تعابير أُخرى تحقّرها وتحطّ مِنها بقوة، إِذ نقرأ في سورة النساء، آية (94)، قوله تعالى: ﴿تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَ﴾ [النساء: 94] وفي مكان آخر، نقرأ قوله تعالى: ﴿وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُورِ﴾ [آل عمران: 185]. وفي سورة العنكبوت آية (64)، نقرأ ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ﴾. أمّا في الآية (37) مِن سورة النّور، فإِنّنا نلتقي مع قوله تعالى: ﴿رِجَالٌ لَا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللهِ﴾ [النور: 37].

هذه المعاني المزدوجة إِزاء النّعم والمواهب المادية، يمكن ملاحظتها أيضاً في الأحاديث والرّوايات الإِسلامية، فالدنيا في وصف لأمير المؤمنين علي (عليه السلام) هي «مسجدُ أحباء الله، ومصلى ملائكة الله، ومهبط وحي الله، ومتجر أولياء الله» .

وفي جانب آخر، نرى أنَّ الأحاديث والرّوايات الإِسلامية تعتبر الدنيا دار الغفلة والغرور، وما شابه ذلك.

والسؤال هنا: هل تتعارض هذه المجاميع من الآيات والرّوايات فيما بينها؟

في الواقع، عندما تلام الدنيا، فإِنَّ اللّوم ينصب على أُولئك الناس الذين لا هدف لهم ولا همّ سواها. مِن هنا، نقرأ في الآية (29) مِن سورة النجم قوله تعالى: ﴿ولم يرد إِلاّ الحياةَ الدني﴾. وبعبارة أُخرى، فإِنَّ الذمّ الذي يَرد للدنيا، يقصد به الأشخاص الذين باعوا آخرتهم بدنياهم، ولا يتناهون عن أيّ منكر وجريمة في سبيل الوصول إِلى أهدافهم المادية، وفي هذا السياق، نقرأ في الآية (38) مِن سورة التوبة: ﴿أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ﴾.

ثمّ إِنَّ الآيات التي نبحثها تشهد على ما نقول، إِذ إنَّ قوله تعالى: ﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ﴾ [الإسراء: 18] هو خطاب لأُولئك الذين يستهدفون هذه الحياة العادية الزائلة، ويقفون عندها. وعادةً، فإِنّ استخدام تعابير «المزرعة» أو «المتجر» وما شاكلهما في تشبيه الحياة الدنيا ووصفها، يعتبر دليلاً حياً على هذا الموضوع.

وخلاصة القول: إِنَّهُ إِذا تمت الاستفادة مِن مواهب الدنيا وعطاياها التي تُعتبر مِن النعم الإِلهيّة، ويعتبر وجودها ضرورياً في نظام الخلق والوجود، وتمت الاستفادة في سعادة الإِنسان الأخروية وتكامله المعنويّ، فإِنَّ ذلك يعتبر أمراً جيداً، وتمتدح معه الدنيا. أمَّا إِذا اعتبرناها هدفاً لا وسيلة، وأبعدناها عن القيم المعنويّة والإِنسانيّة، عندها سَيُصاب الإِنسان بالغرور والغفلة والطغيان والبغي والظلم.

وما أجمل وصف الإِمام علي(عليه السّلام) للدنيا حينما يقول: «مَن أَبصر بها بصّرته، ومَن أَبصر إِليها أعمته». وفي أنَّ الفرق بين الدنيا المذمومة والدنيا الممدوحة، هو نفس الفرق الذي نستفيده، بين «إِليها» و«بها»، إِذ تعني الأُولى أنَّ الدنيا هدف، بينما تعني الثّانية أنّها مجرّد وسيلة!.

 

آية الله العظمى الشيخ ناصر مكارم الشيرازي - تفسير الأمثل

تحتفظ بعض الدول العربية بعاداتها المتوارثة منذ آلاف السنوات، رغم تغير الأوضاع المعيشية والحداثة التي طرأت على المجتمعات، وعادة ما ترتبط العادات بمناسبات دينية أو اجتماعية.

ضمن العادات المرتبطة بانتهاء شهر رمضان وحلول عيد الفطر، ما يعرف بـ"حق الملح"، وهي عادة متوارثة منذ آلاف السنوات، كما في ليبيا أيضا، إلا أنها تسمى "الكبيرة" وتستمر حتى اليوم.

"حق الملح"

بحسب من تواصلت معهم "سبوتنيك"، تعد عادة "حق الملح" تكريما للمرأة، والاعتراف بالجميل لها صباح عيد الفطر المبارك.

تقول الشاعرة التونسية سوسن الطيب، إنها عادة من العادات التونسية الطريفة بعد تعب شهر رمضان، واهتمام الزوجة بالمطبخ وشؤون الطعام، حيث يهديها زوجها قطعة "مصوغ" من الذهب أو الفضة تسمى بحق الملح، وأنه رغم تراجعها، إلا أنها تتواصل في العديد من العائلات والمناطق التونسية.

وأضافت في تصريحات خاصة، أن سبب التسمية يعود إلى أن الزوجة التونسية تتذوق بطرف لسانها نسبة اعتدال الملح في الطعام، دون أن تبلعه، وهو ما ينتج عنه أحيانا ضحكات ولحظات مرحة، وفي صباح العيد يأتي الزوج التونسي من صلاة العيد وتستقبله زوجته بطبق الحلويات والقهوة، وبعد ترشفه القهوة يضع في الفنجان قطعة مصوغ ذهبية أو فضة، تسمى حق الملح

"الكبيرة" في ليبيا

في ليبيا يختلف الأمر من حيث التوقيت، ونوع الهدايا، حيث لا تقتصر على المشغولات الذهبية فقط.

تقول كريمة المسماري ناشطة مجتمعية ليبية، إن العادة المتوارثة منذ زمن الأجداد تغيرت عبر المراحل الزمنية.

وأضافت في تصريحات خاصة إلى "سبوتنيك"، اليوم السبت، أن الرجل في ليبيا يهدي زوجته إما الذهب أو المال قبل العيد، وكذلك الثياب الجديد، حتى تصلي به صلاة العيد وتتزين به بعد انتهاء شهر رمضان.

وتابعت أن المتزوجين الجدد هم أكثر من يحافظون على تلك العادات، وفي مرحلة الخطوبة أيضا، وأنها من العادات التي ترتبط بنهاية شهر رمضان، حيث تتباهى الفتيات بالهدايا الذهبية التي أهدت لها يوم العيد، كما في ذلك الأزياء والنقود التي ظهرت مؤخرا في ما يعرف بـ"الكبيرة".

تروي أم سياف، زوجة أحد قادة تنظيم "داعش" والمحكوم عليها بالإعدام في العراق، كيف كشفت مكان أبو بكر البغدادي للاستخبارات الأميركية لكن الأميركيين لم يستهدفوا المنزل الذي كان فيه بذريعة عدم إيذاء مدنيين.

كشف مراسل صحيفة "ذا غارديان" البريطانية مارتن تشولوف في تحقيق له من إربيل عاصمة إقليم كردستان العراقية من خلال مقابلة مع إحدى الأسيرات البارزات من تنظيم "داعش"، المعروفة بـ"أم سياف"، كيف أبلغت الاستخبارات الأميركية والكردية عن مكان وجود زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي في منزل في الموصل في شباط - فبراير 2016 لكن المقاتلات الأميركية التي حامت فوق المنزل، لم تستهدفه بذريعة عدم إيقاع خسائر بالمدنيين في الحي، وسرعان ما غيّر البغدادي منزله وفقد أثره. والآتي ترجمة نص التحقيق:

لعبت أسيرة بارزة من تنظيم "داعش" دوراً رئيسياً في البحث عن زعيم التنظيم أبو بكر البغدادي، حيث ساعدت في تحديد المنازل الآمنة التي يستخدمها القائد الإرهابي الهارب، وفي إحدى الحالات حددت موقعه في الموصل، كما كشفت صحيفة الغارديان البريطانية.

وقد ساعدت الامرأة من "داعش" نسرين أسعد إبراهيم، المعروفة بلقبها العسكري أم سياف، ضباط الاستخبارات المركزية الأميركية (CIA) والاستخبارات الكردية في بناء صورة مفصلة عن تحركات البغدادي ومخابئه وشبكاته، كما كشف المحققون. وقد أكدت أم سياف هذه المزاعم في أول مقابلة لها منذ أن تم أسرها في غارة قامت بها "قوة دلتا" الأميركية في سوريا قبل أربعة أعوام والتي أدت إلى مقتل زوجها، وزير النفط في ذلك الوقت.

أم سياف، البالغة من العمر 29 عاماً، شخصية مثيرة للجدل إلى حد كبير واتهمت بالتورط في بعض أكثر الجرائم بشاعة التي ارتكبتها المجموعة الإرهابية، بما في ذلك استعباد عاملة الإغاثة الأميركية الأسيرة كايلا مولر والعديد من النساء والفتيات الإيزيديات، اللاتي اغتصبن من قبل كبار قادة "داعش".

وقد حُكم عليها بالإعدام من قبل محكمة في أربيل في العراق، وتحدثت إلى الغارديان، جزئياً من خلال مترجم، في أحد سجون المدينة. وكانت برفقة ضابط مخابرات كردي لم يقم بأي محاولة للتدخل في المقابلة.

وطلبت محامية حقوق الإنسان آمال كلوني نقل أم سياف من العراق إلى الولايات المتحدة لمواجهة العدالة بسبب جرائمها. وأخبرت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في إبريل / نيسان الماضي أن أم سياف "حبست الأسيرات في غرفة، وحرضت على ضربهن ووضعت عليهن مساحيق تجميل لإعدادهن للاغتصاب".

وكانت أم سياف زوجة فتحي بن عون بن جيلدي مراد التونسي، وهو صديق مقرب من البغدادي ومن قدامى المحاربين في التنظيم الذي تسلم واحداً من أهم أدواره وقت وفاته.

في شباط - فبراير 2016، حددت أم سياف منزلاً في الموصل يُعتقد أن البغدادي كان يقيم فيه. ومع ذلك، وفقًا للمسؤولين الأكراد، رفض القادة الأميركيون الدعوة إلى غارة جوية على المنزل، وفقط تم الاعتراف لاحقاً بأن أكثر الأشخاص المطلوبين في العالم ربما كانوا في داخلها وقد نجا البغدادي بحياته من النشاط المحموم في سماء العراق في تلك الليلة بسبب الخوف من إصابات بين المدنيين في الحي المكتظ بالسكان.

قالت أم سياف "قلت لهم أين كان المنزل. عرفت أنه كان هناك لأنه كان أحد المنازل التي تم توفيرها له، وهو أحد الأماكن التي أحبها أكثر من غيرها."

إن زواج أم سياف، ومرتبتها الجهادية – حيث كانت عائلتها جزءاً لا يتجزأ من قيادة داعش - أعطاها قرباً من البغدادي أكثر من جميع نساء داعش. كواحدة من أهم زوجات قادة التنظيم، كانت لديها وصول نادر إلى الاجتماعات والمناقشات الشخصية وكانت حاضرة مرات عدة عندما سجل البغدادي رسائل دعاية صوتية في المنزل الذي تشاركه مع زوجها.

وقالت أم سياف: "لقد كان يفعل ذلك في غرفة جلوسنا في التاجي [بلدة في وسط العراق]. كان زوجي هو رئيس الإعلام [في داعش] في ذلك الوقت، وكان البغدادي يزوره كثيراً".

كانت غارة أيار - مايو 2015 التي أسفرت عن مقتل التونسي، والمعروف باسم أبو سياف، والتي تم فيها القبض على أم سياف، نقطة تحول في الحرب التي استمرت خمس سنوات ضد داعش والتي بلغت ذروتها بهزيمة المعركة قبل شهرين في آخر معقل لها في باغوز، تبعد حوالى 60 ميلاً (95 كيلومتراً) من مكان احتجازها في حقل عمر النفطي، حيث كانوا يتمركزون فيه.

كان أبو سياف قد قاد القوات التي استولت على منشآت إنتاج النفط في سوريا واستخدمت العائدات لتمويل تعزيز الجماعة الإرهابية وتوسعها في جميع أنحاء شرق سوريا وغرب العراق. لقد أدى موته إلى شل التدفق النقدي للجماعة الإرهابية والتباطؤ في زخمها.

في البداية رفضت أم سياف التعاون مع خاطفيها وظلت كئيبة وأحياناً متقلبة في زنزانتها في شمال العراق. ولكن بحلول أوائل عام 2016، كانت قد بدأت تكشف عن بعض أسرار التنظيم الأكثر حساسية، وبخاصة كيف يتحرك البغدادي ويقوم بشغيل التنظيم.

على مدار ساعات طويلة، كانت أم سياف تعلق على الخرائط والصور الموضوعة على طاولة أمامها، إلى جانب رجال أميركيين. قالت: "لقد كانوا مهذبين جداً وارتدوا ملابس مدنية. لقد عرضت عليهم كل ما أعرفه."

وسرعان ما أصبحت جزءاً لا يتجزأ من جهود جمع المعلومات الاستخباراتية إلى جانب الضباط الأميركيين والأكراد التي قادتهم إلى مخبأ في غرب المدينة كان قد أعده البغدادي من قبل عمتها. قالت أم سياف: "اسمها سعدية إبراهيم. مات اثنان من أبنائها مع "داعش". وقد كانت مع البغدادي منذ البداية. تدير شبكة البيت الآمن له. إنها أخت أبي ."

وتحدثت أم سياف عن البغدادي، فقالت: "لقد زارنا كثيراً في سوريا. قبل أن ننتقل إلى حقل العمر [النفطي]، كنا نعيش في منزل في الشدادي [بلدة قريبة]".

هناك احتُجزت مولر لمدة شهر في أواخر عام 2014، إلى جانب ما يصل إلى تسع نساء وفتيات يزيديات تم أسرهم في آب - أغسطس من ذلك العام واستعبادهن من قبل "داعش". أم سياف متهمة من قبل الحكومة الأميركية باحتجاز مولر، عاملة الإغاثة كرهينة، إلى جانب الإيزيديات، وبأنها طرف في الاعتداء الجنسي على مولر على أيدي البغدادي. يُعتقد أن مولر توفيت في الرقة في شباط - فبراير 2015.

أم سياف نفت هذه المزاعم. وقالت عن البغدادي "مهما كان ما فعله فلم يشاركني به. في بعض الأحيان كان يأتي لبضع ساعات. في بعض الأحيان كان يبقى لفترة أطول. كان مجرد منزل عادي، وقد قدمت له ولزوجي الشاي. كنا نذهب أيضاً إلى الرقة معه، وأتذكر الذهاب مرتين. قلت للأميركيين أين كان المنزل. لقد عصبوا أعيننا في كل مرة دخلنا فيها إلى الشارع، لكنني كنت هناك من قبل، وعرفت كيف يبدو".

وقال مسؤول استخبارات كردي رفيع المستوى عن تعاون أم سياف: "لقد أعطتنا صورة واضحة حقًا عن بنية عائلة أبو بكر البغدادي والأشخاص الذين كانوا أكثر أهمية بالنسبة له. لقد تعلمنا منها حول زوجات الناس من حوله على وجه الخصوص، وهذا كان مفيداً للغاية بالنسبة لنا. حددت الكثير من الناس ومسؤولياتهم. وأعطتنا شعوراً بالمشاعر الحقيقية لزوجات القيادات".

وقال ضابط استخبارات كبير آخر إنه في حالة الموصل، بدأت المصادر على الأرض في إحدى مناطق غرب الموصل التي حددتها أم سياف في التقاط نمط غير عادي من الحركة. "اعتادوا وضع حراسهم في الشارع، وكان هؤلاء هم رجال الأمن الداخلي، الذين يتجولون فقط عندما يكون هناك شخص مهم هناك. لاحقاً، ركزنا على المنزل، وكنا واثقين جداً من أن البغدادي كان هناك. أخبرنا الأميركيين وطلبنا منهم التحرك، وقالوا إن لديهم أشياء أخرى. قام البغدادي بنقل المنازل بسرعة كبيرة وفقدناه. في وقت لاحق، عاد الأميركيون وقالوا إننا كنا على حق".

عن مكان وجود البغدادي الآن، اقترحت أم سياف أنه عاد إلى العراق، حيث شعر دائماً بالأمان. "لم يشعر قط بالرضا في سوريا، لقد أراد دائماً أن يكون في العراق. وقال انه سوف يأتي فقط للقيام بأمر ما والخروج. آخر ما سمعته عنه، أراد الذهاب إلى القائم والبوكمال، لكن ذلك كان منذ بعض الوقت ".

تتلقى أم سياف زيارة شهرية من عائلتها، وتتاح لها إمكانية الوصول إلى الأطباء وعمال الإغاثة. وعلى الرغم من تعاونها مع السلطات، فمن غير المرجح أن تكسب تغييراً في الحكم الصادر ضدها. قال رئيس الاستخبارات الثاني: "لن نسمح لها بالرحيل. إنها تأتي من بيئة جذرية للغاية، وإذا عادت إليهم، ستصبح مثلهم".

مارتن تشولوف

ترجمة: هيثم مزاحم – الميادين نت