
Super User
البعد الحضاري والثقافي للحج
لا شكّ أن التحدّي الأكبر الذي يواجه العالم الإسلامي هو التخلف الحضاري. أي إن المسلمين لا يساهمون المساهمة التي تتناسب مع إمكاناتهم ومكانتهم في صنع الحضارة العالمية.. بل هم في جلّ وجودهم تابعون مقلّدون وأحيانًا مهزومون. التحرك الحضاري يتطلب أمّة مفعمة بالأمل والنشاط والنظرة إلى المستقبل.. يتطلب أمة حيّة.. والحياة بهذا المعنى هو هدف خلقة الإنسان ليمارس دور الاستخلاف.. وهو هدف الإسلام : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ .
التحدّي الكبير
لا شكّ أن التحدّي الأكبر الذي يواجه العالم الإسلامي هو التخلف الحضاري. أي إن المسلمين لا يساهمون المساهمة التي تتناسب مع إمكاناتهم ومكانتهم في صنع الحضارة العالمية.. بل هم في جلّ وجودهم تابعون مقلّدون وأحيانًا مهزومون. التحرك الحضاري يتطلب أمّة مفعمة بالأمل والنشاط والنظرة إلى المستقبل.. يتطلب أمة حيّة.. والحياة بهذا المعنى هو هدف خلقة الإنسان ليمارس دور الاستخلاف.. وهو هدف الإسلام : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ للهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ .
حين بزغ فجر الرسالة في جزيرة العرب حوّل أشتاتًا من القبائل المتصارعة إلى «أمة».. إلى «أمة حيّة» .. «أمة متحركة»، ثم مالبثت هذه الحركة الشاملة أن أنتجت حضارة كان لها الفضل على تبديد الظلام على الساحة العالميّة.
حتى في هذه الأصقاع النائية عن مركز الخلافة ظهر الفارابي والخوارزمي والبيروني وابن سينا ليكونوا أعلامًا عالمية في العلم وفي الحضارة الإسلامية.
وبسبب ظروف معروفة هبطت مظاهر الحياة في الأمة الإسلامية واتجه منحني إنتاجها الحضاري إلى النزول، وساد الانحطاط.
وأمام هذا السقوط اتجهت الأفكار نحو البحث عن علاج لحالة الأمة، فجاء البشير الغربي ليضخّ أمواجًا هائلة فكرية ونفسية تدعو إلى التخلّي عن الهويّة والجذور والأصالة والاندماج بالغرب، وكان خطابه مدعومًا بما حققه من تقدّم وتطوّر بعد أن أبعد الكنيسة عن الحياة.
وانساق إلى هذه الأمواج قطاعات واسعة من الأمة واتخذت لنفسها لافتات متعدّدة تنطق كلّها بلغة واحدة، هي لغة الهزيمة النفسية أمام القوى المتفوّقة الغالبة.
وظهر إلى جانب هؤلاء روّاد يدعون إلى انبثاق مشروع إحيائي من محتوى رسالة هذه الأمة وثقافتها.
كلمة الإحياء كانت مناسبة تمامًا لعمل هؤلاء الروّاد، ولما تحتاجه الأمة الإسلامية على أثر انحطاطها.
هؤلاء آمنوا أولًا بأن مشروع الحياة الإسلامية أو بعبارة أخرى مشروع الحضارة الإسلامية لم ينته كما انتهت الحضارات التي سادت زمنًا ثم بادت، وهو إيمان لا ينطلق من أسس غيبية فحسب، بل من حقيقة موضوعية ترى أن الأمة الإسلامية تمتلك ثقافة ذات عناصر فاعلة.. هذه العناصر فقدت فاعليتها بسبب ظروف قاهرة.. ولو تمّ تفعيل هذه العناصر فإن الحياة ستعود إلى الأمة وستعود الأمة إلى ممارسة دورها الحضاري.
الحج وقوام الأمة
القيام والقوام اسم لما يقوم به الشيء أي يثبتُ، كالعماد والسناد لما يُعمد ويُسنَد (مفردات الراغب، مادة قوم).
من هنا نفهم قوله سبحانه وتعالى: جَعَلَ اللهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرَامَ قِيَامًا لِّلنَّاسِ بأن الكعبة هي التي تحافظ على وجود الأمة وتُسند هويتها.
هذه حقيقة نفهمها أكثر ونحن ننظر إلى بلادٍ مثل طاجيكستان التي أريدَ لها أن تفقد هويتها منذ القرن السادس عشر، لكنها لا تزال تحتفظ بهذه الهوية بقوّة، وتقدّم كل مخزونها التاريخي اليوم لتصبح «دوشنبه» عاصمة للثقافة الإسلامية.
أليس هذا عجيبًا أن تكون الشعوب الإسلامية رغم الحدود والسدود القومية والاقليمية والمذهبية والسياسية «أمة» واحدة يشدّها من المحيط إلى المحيط، بل يشدّ ما تفرّق منها في القارات، شعورٌ واحد وعواطف مشتركة وتطلّعات وآلام وآمال مشتركة؟!
لا شك أنّ للحج دورًا هامًا في صيانة «وجود» هذه الأمة وهو الحدّ الأدنى من الحضور على الساحة البشرية.
لعلّ جزءًا كبيرًا من هذا الدور ينهض به الحج لما فيه من وحدة المقصد ووحدة الحركة ووحدة الملبس ووحدة الآمال ووحدة العاطفة. هذه الوحدة التي تجمع ليس حجّاج بيت الله الحرام فحسب، بل كل المتفاعلين مع هؤلاء الحجاج في شتى بقاع العالم من أقارب ومودّعين ومستقبلين ومستمعين لأخبار العائدين.
إلى جانب هذا التوحيد ثمة ظاهرة هامّة أخرى تتميّز بها فريضة الحج تمهّد لحركة حضاريّة في الأمة إنْ توفّرت سائر العناصر الأخرى لهذه الحركة، وهي «الخروج من الذاتيّة».
ولأهمية هذه المفردة في المنظومة الثقافية الإسلامية، ودورها في التفعيل الحضاري أقف عندها قليلًا.
الخروج من الذاتية
دعوة الإسلام تقوم على أساس العبودية لله تعالى وحده دون سواه، وهذه العبودية لها معنى حضاري كبير، فهي تعني ـ كما فهم ذلك المسلمون الأوائل والمسلمون الواعون على مرّ التاريخ - الحركة نحو التخلق بأخلاق الله والسير على طريق ما رسمه الدين الإلهي من كمال للإنسان لكسب رضا الخالق سبحانه، وإزالة كل العوائق التي تقف على طريق هذه الحركة، وهي الآلهة السرابية.
دعوة التوحيد تعني التحرر من الركون والسكون في أوحال نزعة «الطين» في الإنسان، والاتجاه نحو تفعيل «نفخة روح ربّ العالمين» فيه.
وبدون هذا التحرر يبقى الإنسان راسخًا في أغلال الأهداف الصغيرة التافهة التي يسميها القرآن «الهوى» أرأيت من اتخذ إلهه هواه أو على أفضل الأحوال يتحرك نحو آلهة سرابية يحسبها الظمآن ماءًا: وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللهَ عِندَهُ..
البقاء في خصلة الطين أو ما أسمّيه بالذاتية هو أساس كل تخلف في البشرية، وأساس بقاء الإنسان يراوح في مكانه دون أن تكون له تطلعات مستقبلية. من هنا فإن الإحيائيين سعوا أول ماسعوا إلى وضع الأمة أمام أهدافها الكبيرة، وتفعيل شعورها وطاقاتها للتحرك نحو هذه الأهداف.
سفر الحج يوفّر بدرجة وأخرى فرصة للتحرر من الذات الفردية والقومية والإقليمية والعشائرية والطائفية ليجعل الإنسان المسلم جزءًا من الأمة الاسلامية بعظمتها وبآمالها وآلامها.
من هنا نرى فيما كُتب وأُنشد بمناسبة الحج كلامًا عن هذا التحرر من الذات، ومن الطبيعي أن ترتبط درجة هذا التحرر بدرجة يقظة الشعور لدى الإنسان المسلم.
غير أن هذه الصحوة بعد الخروج النسبي من الذاتية لا تؤتي أُكُلها كاملة دون فهم لرموز مناسك الحج ودون استثمار فرصة الحج للتواصل الحضاري. وأقف عند مناسك الحج بنظرة حضارية، ثم عند التواصل الحضاري.
مناسك الحج بنظرة حضارية
كل العبادات هي تركيز على ارتباط الإنسان بالمثل الأعلى المطلق الحق سبحانه، ومن ثم فهي توجِّهُ الإنسان نحو حركة تكاملية غير محدودة، وتزيل من طريقه الآلهة المتعملقة التي تُحدّ مسيره أو تقطع عليه الطريق.
غير أن فريضة الحج فيها من المنهج ما يشكّل مدرسة للحركة ونقف عند بعض معطيات الحج في صياغة الجماعة المتحضرة والإنسان المتحضّر.
1 - الارتباط بالمطلق يحتاج إلى تعبير عملي وسلوك حسّي يعمق الارتباط بالمثل الأعلى الحق ويوجهه الوجهة الصحيحة المنسجمة مع سائر احتياجات الفرد والمجموعة البشرية.
العبادات عامة والحج، بما فيه من مناسك حسيّة، ينهض بدور هام في توثيق الارتباط بالمطلق الحق.
فالحج وفود على الله، ومناسكه تلبية لنداء الله وطواف حول بيت الله وسعي ووقوف ورمي وتضحية في سبيل الله. ومناسكه تلبية لنداء الله. وتوثيق الارتباط بالله له الأثر الكبير في دفع المسيرة نحو الكمال المطلق وإزالة كل العوائق التي تقف بوجه المسيرة.
2 - العمل الفردي لا يمكن أن يتحول إلى عمل اجتماعي ذي آثار على المسيرة البشرية إلا إذا تعدّى حدود عامله، أي أن يتجاوز الذات، ويدخل في حياة الآخرين.
والعبادات تربي الإنسان على تجاوز الذات، ومناسك الحج فيها العطاء التربوي الكثير في هذا المجال. القدوم إلى بيت الله الحرام من كل فج عميق، وعلى كل ضامر، والتضحية بالمال وبذل ألوان الجهود كلها تنهض بدور تربية الإنسان على الإيثار وكسر الأنانية.
الأحاديث الشريفة التي تحذر من الرياء في أداء فريضة الحج ومناسكه، إنّما تؤكد على حقيقة تجاوز الذات في حركة الإنسان ونشاطه، وتربي الإنسان على العمل المساهم في دفع عجلة المسيرة التاريخية نحو كمالها المنشود.
3 - الشعور بالمسؤولية هو الإحساس الداخلي الدافع للإنسان على الالتزام بالمسيرة وضبط النفس على مواصلة الطريق، وفي مناسك الحج تعليمات كثيرة تربي هذا الإحساس بالمسؤولية، وتمرّن الإنسان على الانضباط الدقيق أمام المطلق الحق ورقابته الغيبية. وتتجلّى هذه التعاليم بوضوح فيما يجب ويستحب ويكره ويحرم على الإنسان المحرم في موسم الحج، كما تتجلى في الآية التي تتحدث عن عطاء الهدي، حيث تنفي أن يكون الهدي تكريسًا لذات الله سبحانه وتعالى، كما تفعل الآلهة المتفرعنة في أوامرها لأتباعها، وتؤكد أن الهدف من الهدي هو (التقوى)، أو الانضباط على خط المسيرة: لَنْ يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ الْمُحْسِنِينَ (الحج:37).
4 - الحج تربية للامة على (الحركة) في طريق المطلق الحق. ولعل فريضة الحج أكثر فرائض الله احتفالا بالحركة من طواف وسعي وإفاضة. وهذه الحركة المستمرة إشعار للموحدين على أن الارتباط بالمطلق الحق لا ينفك عن الحركة على سبيله، وتأكيد على أن الخمود والجمود يعني الانحراف عن الطريق الذي أراده الله للأمة المسلمة.
5 - حركة المسلمين في إطار مناسك الحج تتميز بالجماعية والتنسيق وزوال الفوارق. وهي تجسِّد المسيرة الصحيحة نحو الإله الواحد الأحد. فهي مسيرة جماعية تتجه فيها المجموعة البشرية نحو هدفها التكاملي، وليست مسيرة هذا الفرد أو ذاك. كما أنها ليست بالمسيرة المبعثرة المتفرقة المتشعبة، بل منسّقة تتجه في كل منعطفات التاريخ اتجاهًا منسقًا موحدًا كما أن المسيرة تتميز بزوال الفوارق الطبقية العنصرية.
جميع هذه المظاهر اللازمة للمسيرة البشرية على طريق الله نشهد مظاهرها في حركة الحجاج المجردين من كل مظاهر الزينة والتفاخر والموحّدين في الملبس والمتّجهين بنسق واحد في حركة الطواف والإفاضة.
6 - التحرك الواعي على طريق المسيرة. فالوعي والتفتح أو «استماع القول واتباع أحسنه» بالتعبير القرآني من صفات المسيرة المتجنبة للطاغوت، والمنيبة إلى الله.
هذه الصفة تتجسد في حركة الحجاج من خلال تأكيد الإسلام على عدم الوقوف عند الشكل الظاهر من الشعائر، بل تجاوز الظاهر للتوغل إلى عمق الشعائر.
الجهل في تاريخ البشرية ينطلق من قاعدة واحدة على مرّ العصور وهي عدم التوغل في مظاهر الحياة المشهودة وعدم التعمّق في كنهها. وعلى العكس من ذلك العلم، فهو ينطلق دومًا من ذهن ألِفَ الانتقال من المظاهر إلى الأعماق. كم من إنسان شاهد على مر التاريخ سقوط تفاحة من الشجرة وهو غير مبال بهذا السقوط المألوف العادي. لكن الذهن المتفتح انتقل من هذا السقوط العادي إلى اكتشاف قانون الجاذبية.
مشكلة الجهل هذه قائمة حتى في المجتمعات المتطورة في العلوم المادية اليوم، وتتمثل في افتتان الإنسان الغربي بما اكتشفه من معادلات وقوانين، فحوّلها إلى مطلق لا يرى وراءها المطلق الحقيقي، «وأصبح يقدم للعلوم المادية فروض الطاعة والولاء، ويرفض من أجلها كل القيم والحقائق التي لا يمكن قياسها بالأمتار أو رؤيتها بالمجهر».
7 - التحرك المثمر. وقد ذكرنا أن الحركة على طريق المطلق الحق مقرونة دومًا بالعطاء وعطاء الحج نموذج مصغّر لذلك.
وهنا لابد من الإشارة إلى أن الإسلام ترك للأمة المتحركة، بوعيها على متطلباتها الحياتية، أن تشخص المنافع التي تجنيها من موسم الحج، ولذلك جاءت كلمة (منافع) الحج في الآية بصيغة النكرة، لتؤكّد على مطلق المنافع التي تراها الأمة الواعية السائرة على خط الله مقومة لوجودها.
وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ (الحج:27ـ 28)
جدير بالذكر أن هذه المنافع لا تتحقق إلا عندما تكون هناك (أمة)، وتكون هناك(حركة) على طريق الله، عند ذاك تكون الحركة مقرونة بالعطاء ومقرونة بالمنافع بما في ذلك حركة الأمة في موسم الحج. أما عندما تطوف بالبيت مجموعة بشرية راكدة هامدة كالذي كان يفعله الجاهليون قبل الإسلام، فلات حين عطاء، ولاتَ حينَ منافع. لأن هذه المجموعة البشرية لا تستطيع أن تفهم سبلَ الاتجاه نحو العطاء: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ (العنكبوت:69). إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولَئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (البقرة:218).
8 - الهدم والبناء عمليتان ترافقان كل حركة اجتماعية تكاملية.
حينما تكون الحركة على طريق الله، يتوازن الهدم والبناء فيها بشكل ينسجم وطبيعة واقع التحرك البشري، دونما إفراط في الهدم ووقوع في الفوضوية، ودونما إفراط في الاتجاه نحو البناء وإهمال عملية الهدم والوقوع بالتالي في عملية المراوحة خلف الحواجز والسدود.
عمليات بناء الإنسان المتحرك والمجموعة البشرية المتحركة على خط الله استخلصناها في معطيات الحج المذكورة آنفا، وهنا نشير إلى اقتران هذه العمليات بالهدم اللازم لاستمرار الحركة.
رمي الجمار الكبرى والوسطى والصغرى مرات في مناسك الحج يرمز إلى جانب هام من جوانب حركة الإنسان المتمثل في صراعه لكل العوامل المضادة التي تقف في طريق حركته.
الجمار ترمز إلى الشيطان كما جاء في الروايات الإسلامية، والشيطان يمثل كل عوامل صدّ الأمة عن مسيرتها نحو الله. ورمي هذه الجمار يرمز إلى مقارعة هذه العوامل المضادة بالقوة وعلى الحاج أن يتجهز مسبقًا بسلاح الرمي من المشعر الحرام، فيلتقط منه حصياته، ويتجه إلى منى للرمي.
تقديم الأضحية في سبيل الله يشعر أيضًا بأن الروح السلمية الوادعة التي يحملها الحاج حين الإحرام حتى بالنسبة للبهائم وحشائش الأرض، ينبغي أن تقترن بروح التضحية لأن المسيرة التكاملية نحو الله تتطلب ذلك.
9 - المسيرة المتصلة، القرآن الكريم يفيض في شرح قصص الأنبياء والأمم السابقة ليخلص منها إلى نتيجة واحدة هي إن السنن الحاكمة على مسيرة التوحيد واحدة على مر التاريخ وهكذا السنن الحاكمة على خط الشرك واحدة أيضًا لا تتغير.
هذه النتيجة توضح للأمة المسلمة أنها تسير على خط عريق تمتد جذوره إلى أعماق التاريخ سار عليه كل الأنبياء والصالحون في التاريخ، وهو خط له سننه الخاصة وقوانينه التي لا تتغير ولا تتبدل، ولا يخفى مالهذا الاستشعار من عطاء ثَرّ يؤصّل إيمان الأمة المسلمة بطريقها ويفسح لها فرصة الاستفادة من تجارب الرهط الكريم الذي سبقها في موكب الإيمان.
الحج ينهض بدور هام في التأكيد الحسي على هذا الاتصال. فالأمة المسلمة تطوف حول نفس البيت الذي وضع قواعده إبراهيم وتسعى وتهرول على نفس طريق المرأة الصالحة هاجر، وتضحي استشعارًا لتضحية إسماعيل. وبذلك تنشدّ الأمة المسلمة بمسيرة التوحيد التاريخية العريقة بكل ما تتطلبه المسيرة من صبر ومعاناة وتضحيات واستقامة ومواصلة».
10- زمزم رمز للعطش ثم السعي ثم انفجار ينابيع الحياة.
لقد «عطشت» هاجر، و«سعت» بين الصفا والمروة وكانت نتيجة سعيها أن انفجرت زمزم لتتحول إلى ينبوع يسقي العطاشى على مرّ التاريخ.
هذا «العطش» له مفهوم حضاري كبير، فهو وراء كل تطور في تاريخ البشرية، وما لم يكن هناك عطش فلا تجد سعيًا، وما لم يوجد السعي لا يتحقق الانفجار المعرفي ولا الرواء الحضاري.
التواصل الحضاري
التواصل الحضاري هو بالتعبير القرآني «التعارف» والتعارف من باب التفاعل ويعني التبادل المعرفي. إذ ليس هو أن تعرفني في ظاهري وأعرفك في ظاهرك، بل هو عملية أخذ وعطاء معرفي. وإذا كان الهدف من خلقة الإنسان هو تكامله المادي والمعنوي فإن هذا التكامل لا يتحقق إلا بالتعارف: يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ.
والتبادل المعرفي ليس بالأمر الهيّن، إذ يحتاج إلى جوّ حضاري تنزاح منه عوامل تكامل الإنسان أو ينزاح منه «الطاغوت» بالتعبير القرآني ـ وأفظعه طاغوت النفس أو الذاتية ـ ليتحقق هذا التبادل. وحين ينزاح الطاغوت تنفتح منافذ تلقي المعرفة عند الإنسان، عندئذ يسمع، ويختار الأفضل، وتسود حالة الحوار المعرفي بين الفرد والآخر.
القرآن يوضّح هذه الحالة الحضارية إذ يقول:
وَالَّذِينَ اجْتَنَبُوا الطَّاغُوتَ أَن يَعْبُدُوهَا وَأَنَابُوا إلى اللهِ لَهُمُ الْبُشْرَى فَبَشِّرْ عِبَادِ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ إذ البشرى خاصة بالذين اجتنبوا موانع كمال الإنسان.. اجتنبوا الطاغوت..
وما هي البشرى؟ إنهم يستمعون القول فيتبعون أحسنه
والتواصل الحضاري كان على أشدّه يوم كانت الحركة الحضارية قائمة في أمتنا الإسلامية. فقد تواصل العرب والفرس والهنود والترك، بل حدث التواصل مع الحضارة اليونانية، فكان أرسطو المعلم الأول والفارابي المعلم الثاني.
وكان الأخذ والعطاء قائمًا عبر حركة الترجمة، والحوار والتدريس والمناقشة وسَفَر العلماء لتلقي العلم بين خراسان في المشرق والأندلس في المغرب.
أما حين غابت الحركة الحضارية أصبح الكل يتحدث عن نفسه دون أن يكون هناك سامع. ونرى حتى اليوم في الفضائيات ما يسمى بالحوار بين اثنين أحدهم يتكلم بلسانه والثاني يتكلم مع نفسه ليردّ على الآخر لا ليسمعه ويتلقى منه الكلام ويتبع أحسنه.
ما نراه اليوم من حواجز وسدود وحدود إقليمية وطائفية وقومية و... إنما يعود إلى نوع من هذا الطاغوت الذي يحول دون التواصل بين أبناء العالم الإسلامي.
تعبير عن الحج
قال تعالى: " وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ" الحج أحد أركان الإسلام الخمسة، وهو الركن الخامس، وأساسٌ في العبادات، ويأتي الحج في الأهميّة بعد شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وإقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم شهر رمضان المبارك، ومن ثم يأتي الحج، والحج فرضٌ لمن استطاع إليه سبيلاً، وفيه من الأجر العظيم، والمنافع الكثيرة في الدنيا والآخرة، فمن يذهب لأداء فريضة الحج، يعود كمن ولدته أمه، نقيّاً من الذنوب والخطايا. ومن المعروف أنّ الحجّ عبادة مفروضة منذ زمن سيدنا إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام، لكن الناس ابتدعوا فيه الكثير من الأركان التي لم تكن موجودةً، فجاء الإسلام لينظّمه، ويعيد ترتيب خطواته، ويجعله عبادةً رئيسيةً، بخطواتٍ واضحة، ليس فيها. والحج أيضاً يحتاج لطاقةٍ روحانيةٍ عظيمةٍ، ويحتاج إلى بذل الكثير من المجهود والمشقة، لذلك فإنّ أجر أداء فريضة الحج عظيم بقدر التعب والمشقة المبذولة فيه، وفيه الكثير من الأركان والخطوات والواجبات، وأهم ركن فيه هو الوقوف في عرفة، فالحج عرفة، ويبدأ موسم الحج في أول عشرة أيامٍ من أيام ذي الحجة، ويوم عرفة هو يوم التاسع من ذي الحجة، أما يوم العاشر من ذي الحجة فهو يوم النحر، وفيه يذبح المسلمون الأضاحي، ويوزّعونها على الفقراء والمحتاجين. الحج ليس مجرد فريضةٍ عاديةٍ يؤديها المسلمون، ففيه مجموعة عظيمة من الدروس والعبر التي يتسفيد منها المسلم، ويتعلمها في أمور دنياه، مثل الصبر على أداء الطاعات، وتوحيد القلوب والأرواح بين الناس، فيجتمع الأمير مع الخادم، والغني مع الفقير، والسيد مع المأمور، والأبيض مع الأسود، یلبسون لباساً واحداً، ليس فيه تمييزٌ بين عبدٍ وآخر، ليعلمنا الله سبحانه وتعالى أنّ الناس عنده سواسية، لا تفريق بينهم. ومن المعروف أنّ أداء فريضة الحج يكون مرةً واحدةً في العمر، أما الزيادة فتكون تطوعاً، يؤجر عليها العبد، وقد وردت في القرآن الكريم سورة كاملة سُمّيت بسورة الحج، وتم ذكر الحج في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة عدة مرات، أمّا الرسول عليه الصلاة والسلام فقد أدى فريضة الحج مرةً واحدةً، وسميت بحجّة الوداع، بيّن فيها للمسلمين طرق أداء الحج، وتوضيح أركانه من بدايته إلى نهايته. جعلنا الله تعالى من المؤمنين به، الذين يلبون نداءه، ويؤدون الفرائض تامة وكاملة، ورزقنا الله جميعاً حج بيته الحرام، حجاً مبروراً، وسعياً مشكوراً، وتجارةً لا تزول ولا تبور.
عاتکه البورینی
هل تًقع إيران في فخ الحرب النفسية؟
في ظل تصاعد حدة التوتر ما بين الولايات المتحدة الامريكية وايران على خلفية انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي في اعقاب قرار الرئيس ترامب القاضي بذلك، وما رافق ذلك القرار التضييق على ايران اقتصادياً شمل فرض مزيد من العقوبات على تصدير النفط وقطاعات اخرى كالمعادن اضافة الى تحذير الدول والشركات من مغبة التعامل التجاري مع ايران لكونها قد تلاقي المصير ذاته ، وبعد اعلان طهران عن مدة الستين يوماً لبقية اطراف الاتفاق النووي لبيان موقفها واتخاذ ما يلزم لاسيما الدول الاوربية وبعكسه سوف تلجأ للانسحاب النهائي منه والشروع بإعادة تخصيب اليورانيوم وتطوير صواريخها البالستية ، هذه المواقف ما بين الطرفين تخللتها لغة تصعيدية اضافة الى تحشيد كل طرف لقواته لا سيما في المياه الاقليمية الخليجية والبحر المتوسط ومضيق هرمز مع استنفار خليجي عبر المصادقة على اعادة انتشار القوات الامريكية في دول الخليج في اعقاب استهداف ناقلات النفط في ميناء الفجيرة الاماراتي اضافة الى هجوم الحوثيون على خط انابيب نقل النفط لشركة ارامكو السعودية وهو ما اعتبر جزء من الاستفزازات الايرانية او ورقة ضغط تستخدمها طهران كمحاذير حربية .
هذه التوترات والحرب الكلامية واستعراض القوة العسكرية هل تدخل ضمن الحرب النفسية ام انها فعلاً بوادر حرب تلوح في الافق؟
قبل الاجابة عن ذلك لا بد من معرفة ما نعنيه بالحرب النفسية، اذ انها تعني حرب الاعصاب والافكار كما وانها من الوسائل التي يعمل الخصوم عليها بهدف التأثير على المشاعر والآراء والسلوك بغية الوصول السريع للأهداف، وهذا الاسلوب كان قد استخدم بالحربين العالميتين عبر نشر الشائعات وبث الرعب في صفوف المدنيين و العسكريين ، وقد لجأ الامريكان لتطوير المفهوم واعتبروه (استخدام مخطط من جانب الدولة في وقت الحرب أو في وقت الطوارئ لإجراءات دعائية بقصد التأثير في آراء وعواطف ومواقف وسلوك جماعات أجنبية عدائية أو محايدة تعمل علي تحقيق سياسة الدولة وأهدافها ، ومن امثلة او طرق تلك الحرب هي الدعاية الاستراتيجية و دعاية القتال و عملية نشر الاخبار المفبركة واللجوء الى عملية خداع العدو بطرق مفتعلة وتخطيط محكم وايضاً تعمل على الدعاية السرية ، ايضاً تكون الحرب النفسية قصيرة المدى وبعيدة المدى حسب الهدف المرسوم لكونها في النهاية تقوم لخدمة سياسة الدول المصدرة لها والقائمة عليها، ولا ريب في أن سياسة الدولة المصدرة للحرب النفسية هي التي تضع الإطار والضوابط لهذه الحرب .
وبالعودة للسؤال المطروح في اعلاه فأن الولايات المتحدة الامريكية تجيد استخدام الحرب النفسية لشل الخصوم وكسر المعنويات وهو ما حدث في اغلب حروبها ، وبالرغم من ان الرئيس ترامب يسعى الى خلط الأوراق وإعادة ترتيب الأولويات لفرز النظام الدولي والإقليمي ومعرفة الأصدقاء والاعداء في ظل صعود نجم الصين من الناحية الاقتصادية وعودة روسيا للبحر المتوسط وتنامي النفوذ الإيراني في سوريا والعراق واليمن ولبنان ، لذلك تعمل الإدارة الامريكية على محاولة احتواء وإعادة انتشار في منطقة الشرق الأوسط من البوابة الإيرانية عبر سياسة الترهيب وكسر الإرادة للمحافظة على الأحادية القطبية ، وضمان امن حليفها الاستراتيجي المتمثل بإسرائيل ولعب دور الحامي لدول الخليج بهدف استمرار ديمومة النفط والحفاظ على الأسعار والبقاء في المنطقة .
خلاصة القول، أن الولايات المتحدة دائماً ما تختلق الحجج لضرب الخصوم وهذا ما تعمل عليه بالتعامل مع ايران ، وهي عازمة على احد امرين: اما جر ايران لطاولة تفاوض جديدة على وفق الشروط الامريكية وما على طهران سوى القبول ، او لا يستبعد القيام بضربة وقائية خاطفة دون المرور بحالة حرب لا يسعى الطرفان اليها نتيجة لعدة معطيات وعلى هذا المنوال تعول أمريكا قبل تنفيذ تلك الضربة لإحداث تغيير من الداخل الإيراني نظراً للتحديات الاقتصادية والاجتماعية للشعب الإيراني؛ لإبراز الضعف الايراني كجزء من الحرب النفسية التي تعمل عليها لإضعاف عزيمة الجيش الإيراني واحباط الروح المعنوية لديه وتشجيع الشعب على معاداة نظامه عبر نشر الاخبار والدعاية والاعلان بأن الشعب الإيراني هو شعب صديق وطموح وان هدف العقوبات هي محاسبة ومحاصرة النظام؛ لإجباره على تغيير سياساته وهذه السياسة هي اخطر من الحرب ذاتها، وبالتالي هل تتمكن طهران من عكس تلك الحرب النفسية بالصورة الإيجابية وطمأنة شعبها ام ان الولايات المتحدة واثقة من خطواتها بنجاح حربها النفسية قبل العسكرية؟
هذا ما ستثبته الأيام القليلة القادمة.
م.م. علي مراد العبادي
الاستطاعة للحج وتحديد الأولويات
الحج عنوان لموسم روحي اجتماعي، يتفاعل معه كل المسلمين، الذين يربو عددهم الآن على المليار نسمة، في مختلف أنحاء العالم.
صحيح أن من يشارك فعلاً في مناسك الحج في حدود المليوني شخص، لكنهم ينتمون لمختلف الأعراق والشعوب والمجتمعات الإسلامية، كما أن أنظار جميع المسلمين في هذا الموسم، تشخص باتجاه مكة والمشاعر المقدسة.
والحج عنوان لرحلة مادية معنوية، يقوم بها الإنسان المسلم، بروحه وجسده وأفكاره وأحاسيسه، يقطع فيها مسافات المكان والزمان، ليتعلق بأستار الكعبة أول بيت وضع للناس، وليصافح الحجر الأسود (يمين اللَّه تعالى في الأرض)، وليصلي عند مقام إبراهيم أبي الأنبياء، وليترسم خطوات رسول الإسلام محمد ، حيث نشأ في بطاح مكة وانطلق بدعوته من غار حراء.
وإذا كان الحج معناه اللغوي: القصد على جهة التعظيم، ومعناه الشرعي: القصد إلى بيت اللَّه الحرام بأعمال مخصوصة في أوقات مخصوصة، حسب تعريف (أبي البقاء) في الكليات. فإنه في الأساس من الظواهر الدينية العامة والقديمة، تقول الموسوعة العربية الميسرة: عرف الحج منذ القدم، ودعت إليه الأديان السماوية الثلاثة، وكذلك عرف في سائر الديانات كالديانة الهندوسية التي من طقوسها الدينية الحج إلى نهر الغانج (ganges) الذي يقع في الجزء الشمالي من الهند، يخرج من جبال الهملايا، ويجري جنوباً بشرق ليصب في خليج البنغال. ولشهرة الحج كظاهرة دينية اشتهر تعريفه في الموسوعات الثقافية ودوائر المعارف العامة بأنه: رحلة إلى مكان مقدس لغرض ديني. والأغراض الدينية التي يهدف إليها المتدينون من القيام بالحج تختلف باختلاف المعتقد.
فلسفة الحج
1 ـ أعمال الحج ومناسكه تدرب الإنسان على الخضوع للَّه تعالى، فيما يأمر به وينهى عنه، وتؤكد في النفس حالة العبودية والانقياد لأوامره تعالى، على اختلاف أصنافها وأشكالها، ومهما استلزمت من تعب وعناء، وحتى لو لم يعرف الإنسان مقاصدها وأغراضها المباشرة.
بدءاً من عملية الإحرام، حيث ينزع الحاج ما كان اعتاد عليه من الملابس، ليرتدي قطعتي الإحرام إزاراً ورداءً، ومن ثم يتقيد بمحظورات الإحرام، التي تصل إلى ما يقرب 25 محظوراً، على اختلاف في بعضها وفي تفاصيلها بين فقهاء المسلمين. ومروراً بواجب الطواف والسعي، والتقصير أو الحلق، ورمي الجمار والذبح أو النحر، والوقوف بعرفة ضمن زمن محدد، وكذلك المزدلفة، والمبيت بمنى، إلى سائر شعائر الحج ومناسكه، التي تشكل بمجملها دورة تدريبية، تربي الإنسان على الطاعة والخضوع لخالقه، في مسائل الزمان والمكان، وما يرتبط بجسده، وحركته وسائر تصرفاته وممارساته. يقول الإمام علي : «وفرض عليكم حج بيته الحرام، الذي جعله قبلةً للأنام… وجعله سبحانه علامة لتواضعهم لعظمته، وإذعانهم لعزته».
2 ـ والحج ارتباط واتصال بالمسيرة الإيمانية في بعد الزمان والمكان، والرموز والقيادات التاريخية، فلا يكون الدين مجرد عقيدة نظرية فكرية، بل حركة مستمرة عبر التاريخ، يرتبط بها المسلم، فيرى موقع انطلاقها، ويعيش في رحاب انبثاقها، ويتفقد الأماكن التي شهدت أحداثها المصيرية، ويخترق الزمان ليتواصل مع حياة الأنبياء، وسيرة الأئمة والأولياء، ومواقف الصحابة والسلف الصالح، فهنا مقام إبراهيم، وهنا حجر إسماعيل، وهنا سعت هاجر، وهنا ولد النبي محمـد ، وفي هـذا الغار ـ غار حراء ـ كان بدء نزول الوحي والبعثة النبوية، وهنا اختبأ الرسول ـ في غار ثور ـ مع صاحبه أبي بكر عند هجرته إلى المدينة، وهنا مسرح بطولات علي بن أبي طالب في بدر وأحد وخيبر والخندق، وهنا تضحيات الصحابة وشهداء الإسلام الأوائل..
ويشير إلى هذه الحكمة الإمام جعفر الصادق في حديثه عن الحج حيث يقول: «ولتعرف آثار رسول اللَّه ، وتعرف أخباره، ويذكر ولا ينسى».
3 ـ وفي الحج تتجسد أمام المسلم عالمية الإسلام، ويشعر بانتمائه إلى الأمة الإسلامية العريضة، حيث يؤدي مناسك الحج ضمن حشد بشري، من مختلف الأعراق والقوميات والشعوب والقبائل والمذاهب والتوجهات المتعددة، التي يجمعها إطار الإسلام، وتوحدها شعائره وأصوله وأركانه، فقد يعيش المسلم في بلده وبين قومه، فلا يدرك اتساع رقعة الإسلام، ولا تنوع المجتمعات الإسلامية في انتماءاتها ومذاهبها، لكنه في الحج يلحظ هذا التنوع والتعدد تحت لواء واحد، وفي ظل راية الإسلام الواحدة، فكلهم مسلمون يطوفون حول كعبة واحدة، ويتجهون إليها في صلاتهم، ويرددون هتاف الاستجابة لأوامر اللَّه: لبيك اللَّهم لبيك، ويقومون بنسك موحد، فنحن جزء من أمة كبيرة، تعيش تنوعاً وتعددية، ضمن المبدأ الواحد، ولا تؤثر تلك الانتماءات الاجتماعية والمذهبية المختلفة، على حقيقة وحدة الأمة، واجتماعها على كتاب اللَّه وسنة رسوله .
4 ـ وللحج منافعه ومكاسبه العظيمة في جميع مجالات حياة الأمة، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، لذلك يتحدث الخالق تعالى عن منافع الحج بشكل مفتوح مطلق، يقول تعالى: ﴿وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ﴾[سورة الحج الآية 27 ـ 28]. وتنكير ﴿مَنَافِعَ﴾ للتعظيم والمراد منه الكثرة وهي المصالح الدينية والدنيوية.
ويسأل الربيع بن خيثم الإمام جعفر الصادق عن قولـه تعالى: ﴿لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ﴾ منافع الدنيا أو منافع الآخرة؟ فقال: الكل.
شرط الاستطاعة
وإذا كانت سائر العبادات والفرائض الإسلامية يؤديها الإنسان وهو في بلده ومكانه، فإن فريضة الحج تستلزم منه سفراً وحركة وانتقالاً، لذلك جعل اللَّه تعالى فرضها مرة واحدة في العمر، حيث يجب على كل مسلم مكلف، أن يؤدي فريضة الحج ولو كان يعيش في أبعد نقطة من الأرض عن البيت الحرام، لكن ذلك مشروط بالتمكن والاستطاعة، يقول تعالى: ﴿وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنْ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً﴾[سورة آل عمران: الآية97].
وإذا كانت الاستطاعة لغة تعني الاقتدار على فعل الشيء أو الكف عنه، إلا أنها هنا يراد بها ما هو أخصّ من القدرة، ذلك أن القدرة تعني امتلاك القوة على إنجاز الفعل أو الكف عنه، وإن كان ذلك يستلزم العسر والحرج، لكن الاستطاعة هي المقدرة التي لا يشوبها عسر أو حرج، كما أشار إلى ذلك الشريف المرتضى بقولـه: «والاستطاعة عبارة عن تسهيل الأمر وارتفاع المشقة فيه، وليست بعبارة عن مجرد القدرة»
ويرى جمع من الفقهاء أن الاستطاعة هنا يحددها العرف، فهو الذي يقدر أن المكلف مستطيع أو غير مستطيع، وذلك حسب شأن الإنسان ووضعه الاجتماعي، «فالمراد من الاستطاعة هو المعنى العرفي المتفاهم من هذه الكلمة، فليس للشارع معنى خاص، ولا اصطلاح جديد، بل المراد هو المعنى العرفي، الذي يطلق في سائر الموارد»
وتشمل الاستطاعة سعة الوقت ليكفي للذهاب إلى الأماكن المقدسة وإدراك أيام الحج، وصحة البدن وقوته، وتوفر الأمن والسلامة، والإمكانية المالية.
تحديد الأولويات
بالتأمل في المسائل التي يذكرها الفقهاء حول موضوع الاستطاعة، كشرط لوجوب الحج على المكلف، تتجلى لنا قضية مهمة، هي ضرورة تحديد الأولويات في حياة الإنسان، فأمام الإنسان مهام عديدة، وحاجات ورغبات مختلفة، والبعض من الناس ليست له ضوابط يحدد على أساسها أولويات اهتماماته وتوجهاته، بل تستقطبه رغبه معينة، أو يسيّره جو يحيط به، فيتجه إلى المهم على حساب الأهم، أو إلى الأمور الثانوية على حساب القضايا الرئيسة، ويحصل هذا في جانب بذل الجهد الفكري، أو الإنفاق المالي، أو الحركة العملية.
بينما يوجهنا الشرع إلى تقديم الأهم على المهم، وهي من القواعد الفقهية التي يعتمدها الفقهاء، وإلى أولوية الفريضة الواجبة على النافلة المستحبة، يقول الإمام علي : «لا قربة بالنوافل إذا أضرت بالفرائض» «إذا أضرت النوافل بالفريضة فارفضوها».
ولعل ما نراه في الجانب الاقتصادي ـ مثلاً ـ عند بعض الناس، من الإنفاق على الكماليات والأمور الرفاهية، على حساب القضايا الأساسية، هو نموذج واضح للتغافل عن هذه الحقيقة.
ضرورات المعيشة
بالدرجة الأولى يجب أن يهتم الإنسان بتوفير متطلبات حياته المعيشية، من قوت وكسوة وسكن وزواج وعلاج، وسائر الاحتياجات، التي قد تختلف باختلاف المجتمعات، ومستوى الأفراد وشأنهم. وإذا عجز الإنسان عن توفير شيء من ضرورات معيشته، فإن على المجتمع أن يساعده في ذلك ويسدَّ حاجته.
لذا أفتى الفقهاء بعدم تحقق الاستطاعة ووجوب الحج إذا كان على حساب ضرورات المعيشة، يقول السيد اليزدي: «يستثني من ذلك ما يحتاج إليه في ضروريات معاشه، فلا تباع دار سكناه اللائقة بحاله، ولا خادمه المحتاج إليه، ولا ثياب تجمله اللائقة بحاله، فضلاً عن ثياب مهنته، ولا أثاث بيته من الفراش والأواني وغيرهما، مما هو محل حاجته، بل ولا حلي المرأة مع حاجتها بالمقدار اللائق بها بحسب حالها، في زمانها ومكانها، ولا كتب العلم لأهله، ولا آلات الصنايع المحتاج إليها في معاشه، ولا فرس ركوبه مع الحاجة إليه، ولا سلاحه، ولا سائر ما يحتاج إليه، لاستلزام التكليف بصرفها في الحج العسر والحرج، ولا يعتبر فيها الحاجة الفعلية … نعم لو زادت أعيان المذكورات عن مقدار الحاجة وجب بيع الزائد في نفقة الحج».
ويقول في مسألة أخرى: «إذا كان عنده مقدار ما يكفيه للحج ونازعته نفسه إلى النكاح، الأقوى عدم وجوبه ـ الحج ـ مع كون ترك التزويج حرجاً عليه، أو موجباً لحدوث مرض، أو للوقوع في الزنا ونحوه».
ويقول السيد الخوئي: «الرجوع إلى الكفاية وهو التمكن بالفعل أو بالقوة من إعاشة نفسه وعائلته بعد الرجوع، وبعبارة واضحة يلزم أن يكون المكلف على حالة لا يخشى معها على نفسه وعائلته من العوز والفقر، بسبب صرف ما عنده من المال في سبيل الحج»
حقوق الناس
وبالدرجة الثانية ينبغي للإنسان أن يؤدي ما للناس عليه من حقوق مالية، وأساساً فإن بقاء دين أو حق في ذمة الإنسان أمر سيئ مزعج، لا يلجأ إليه إلا لضرورة تقتضيه، وعليه المبادرة لأدائه بأسرع وقت ممكن، ورد في الحديث عن رسول اللَّه : «إياكم والدين فانه هم بالليل ومذلة بالنهار»، «صاحب الدين مغلول في قبره لا يفكه إلا قضاء دينه»
والمؤسف أن كثيراً من الناس يتساهلون في موضوع الديون وحقوق الآخرين، بينما ينفقون الكثير من المال في قضايا الترفيه والأمور الكمالية.
لقد اعتبر الفقهاء الدَّين مانعاً عن وجوب الحج، وأن الأولوية لوفاء الدَّين: «لو كان في يد الإنسان مال يفي للحج به، لكنه كان مديوناً بحيث لو أدى طلبه لم يقدر على الحج، ولو حج لم يستطع أداء طلبه، فإنه لم يجب عليه الحج سواء كان طلبه حالاً أم مؤجلاً، سابقاً على حصول ذلك أم بعد حصوله»
الحقوق الشرعية
الحقوق الشرعية المالية التي تتوجب على الإنسان، كالزكاة والخمس والكفارات، هي حقوق للَّه تعالى من ناحية لأنه فرضها، وهي حقوق للناس من جهة أخرى، لأنها ترتبط بحاجات الفئات الضعيفة والمستحقة في المجتمع، وإذا ما تساهل الإنسان في أداء الحقوق الشرعية، فإنه يكون معتدٍ على حقوق اللَّه، وحقوق الفقراء والمحتاجين.
لذا أفتى الفقهاء بأولوية أداء الحقوق الشرعية على أداء فريضة الحج، بل لو حج بنفس المال غير المخمّس أو غير المزكّى، لما صح حجه وما سقط الفرض عنه، بل هو مأثوم لتصرفه في حقوق الآخرين.
هكذا تعلمنا الأحكام الشرعية مراعاة سلّم الأولويات، وتقديم الأهم على المهم، فمع عظمة الحج ومكانته، حيث اعتبر اللَّه تعـالى تركـه كفـراً، ﴿وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْ الْعَالَمِينَ﴾ إلا أنه لا يلغي الأولويات الأخرى، ولا يكون على حسابها. اللَّهم وفقنا لحج بيتك الحرام، ويسّر للحجيج أداء مناسكهم، وتقبل منهم أعمالهم، وأرجعهم إلى ديارهم سالمين، وأشركنا في صالح دعواتهم يا ربّ العالمين.
الشیخ حسن الصفار
استراتيجية التقريب بين المذاهب الإسلامية
استجابة للقرار الصادر عن الاجتماع السابع لوزراء الثقافة للدول الإسلامية، وبهدف تعزيز الوحدة بين الجماعات والفرق الإسلامية ونشر فكرة التقريب بين علماء ومفكري العالم الإسلامي، ودعم وتطوير التعامل الأخوي الحميم في الأسرة الإسلامية الكبري وبين أعضائها، اتخذت الجمهورية الإسلامية الإيرانية خلال العامين الإجراءات التالية في إطار الاستراتيجية الثقافية للعالم الإسلامي، وذلك عملا علي تحقيق وتعزيز الوحدة بين الأمة الإسلامية :
1 ـ إبرام عشرات من اتفاقيات التعاون مع المؤسسات الدولية والإقليمية المهمة، وتنفيذ برامج مشتركة في سبيل تحقيق الوحدة الإسلامية.
2 ـ إقامة مؤتمرات وملتقيات علمية دولية ، بما فيها مؤتمر الوحدة الإسلامية الدولي السنوي الذي يقيمه المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية.
3 ـ تطوير ودعم كراسي الفقه المقارن في عدد من الجامعات المهمة في العالم الإسلامي.
4 ـ طبع وإصدار ما يربو علي 120 عنوان من الكتب والمجلات بمختلف اللغات العالمية، وذلك حول موضوع التقريب بين المذاهب الإسلامية ووحدة الأمة الإسلامية.
5 ـ تطوير فعاليات وكالة أنباء التقريب بين المذاهب الإسلامية في مجال إيصال المعلومات حول أهم أحداث ووقائع العالم الإسلامي والتعريف بالكتب والمجلات التي تتناول موضوع التقريب والشخصيات الملمة بقضاياه.
6 ـ نشر مئات من البحوث والمقالات العلمية حول موضوع التقريب ووحدة الأمة الإسلامية في داخل البلاد وخارجها.
7 ـ دعم وتطوير جامعة المذاهب الإسلامية في مراحل الليسانس والماجستير والدكتوراه، وقبول الطلاب من مختلف الدول الإسلامية وغير الإسلامية.
8 ـ دعم التواصل المستمر مع لجنة أيسيسكو الاستشارية للتقريب، ودار التقريب في مصر وغيرهما من المراكز والمؤسسات الدولية الناشطة في مجال التقريب بين الماهب الإسلامية، بما فيها مجمع الفقه الإسلامي بجدة، ورابطة علماء بلاد الشام، وتجمع العلماء المسلمين بلبنان.
9 ـ مواصلة المجمع العالمي للتقريب بين امذاهب الإسلامية نشاطه كعض فعال في المجلس الأعلي للتقريب بين المذاهب الإسلامية للآيسيسكو.
10 ـ متابعة التعاون مع منظمة الآيسيسكو في مجال إصدار كتاب دراسي للتقريب، وكتاب للتعريف بأهل البيت(ع) والصحابة، ومجلات تروج لفكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية.
11 ـ تقديم الدعم إلي المؤسسات الإسلامية والمساجد والأماكن الإسلامية، بهدف تعزيز وحدة الأمة الإسلامية داخل البلاد وخارجها.
12 ـ تخصيص منح دراسية للطلاب المسلمين من غير الإيرانيين، بهدف نشر فكرة التقريب بين المذاهب الإسلامية، ودعم أطروحات الطلاب المسلمين ـ إيرانيين وغير إيرانيين ـ التي تتناول مجالات التقريب ووحدة العالم الإسلامي.
13 ـ مشاركة فعالة في الملتقيات الدولية المختلفة والمنعقدة في الدول الإسلامية بهدف تعزيز الوحدة الإسلامية.
14 ـ إقامة مؤتمر لاتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية
15 ـ إقامة الاتصال مع العلماء والمفكرين الإسلاميين، لغرض تأسيس الجماعات التقريبية في مختلف الدول.
16 ـ إقامة دورات تعليمية لتأهيل الخطباء والدعاة بهدف تطوير فكرة التقريب.
17 ـ انتخاب الكتاب التقريبي لكل عام ومنح الجائزة له.
18 ـ إرسال منشورات التقريب إلي شخصيات ومكتبات العالم الإسلامي.
19 ـ المشاركة في معارض الكتاب الداخلية والخارجية لغرض تعريف المسلمين بما ينتج بعضهم في المجالات الفكرية والدينية والفنية، ودعم التعامل الثقافي فيما بينهم.
20 ـ دعم برامج فضائية «الوحدة» خاصة في الظروف المتأزمة الراهنة التي تعيشها بعض الدول الإسلامية، وإفشال النشاطات المعارضة للتعاليم الإسلامية التي يقوم بها الجماعات التكفيرية.
هو القدسُ يومٌ لهُ ضَجّةٌ
فلسطينُ لاحَ الغدُ الأمجدُ
نضالاً بهِ يأنَسُ الذُوَّدُ
فلسطينُ لاحَ الغدُ الأمجدُ
نضالاً بهِ يأنَسُ الذُوَّدُ
وزحفاً يُطيِّبُ أرواحَ مَنْ
تفانَوا وأَكفانُهُم شُهَّدُ
فلا صفقةُ القرنِ تزري بهم
ولا الخانعونَ ومَنْ عُبِّدوا
مَلايينُنا صَرْخةٌ حُرَّةٌ
تكافحُ مستوطناً يُفسِدُ
وباغَى بإجرامهِ ناكِراً
اُصولَ السلامِ وما يُنشَدُ
شعارُ فلسطينَ فخرٌ لنا
ويومُ التناصُرِ مُستوقَدُ
هو القدسُ يومٌ لهُ ضَجّةٌ
فكلُّ بقاعِ الجهادِ يدُ
يداً تستطيلُ على غاصبٍ
أثيمٍ خؤونٍ ولا يَصمِدُ
وتقتلعُ الخُبثَ مِن أرضِنا
لتحيا فلسطينُ والمسجدُ
لَيومُكَ يا قدسُ حربٌ على
صهاينةٍ طالما أفسدوا
فإما اتحادٌ يقودُ إلى
خلاصٍ ومستقبلٍ يُسعِدُ
وإما انهزامٌ يؤولُ بنا
إلى ذلةٍ بعدها نُحصَدُ
فيا ناصرَ القدسِ دمْ بيرقاً
يُبشّرُ بالعَودِ مَنْ شُرِّدوا
ولنْ يَترُكَ القدسَ مُستبسلٌ
يَتُوقُ الى عزةٍ تُورِدُ
فليس الخُنوعُ سوى خِسَةٍ
تُجلبِبُ وَغداً وتستعبِدُ
وفخرُ بني اُمّةِ المصطفى
جهادٌ اذا استأسدَ الفُسَّدُ
بقلم الاعلامي حميد حلمي البغدادي يوم الجمعة الاخيرة من شهر رمضان ١٤٤٠ ٣١ مايو - أيار ٢٠١٩
نصر الله: من واجبنا مواجهة صفقة القرن وأي حرب على إيران ستشعل المنطقة بأكملها
قال الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله إن "الاستخبارات الأميركية تعلم أن الحرب على إيران ستشعل المنطقة ولن تبقى على حدودها ومن سيدفع الثمن إسرائيل وآل سعود".
وأكد السيد نصر الله خلال خطابه في يوم القدس العالمي أن مسيرات يوم القدس في إيران "رسالة لواشنطن وكل حكومات المنطقة". كما رأى أن مسيرات يوم القدس في البحرين "تؤكد براءة الشعب البحريني وعلمائه من الورشة المتعلقة بصفقة القرن" التي ستشهدها المنامة في يومي 25 و26 حزيران/يونيو 2019.
وذكّر نصر الله أن "كل القوات والمصالح الأميركية ستباد إذا وقعت أي حرب على إيران".
وحول طلب الرئيس الأميركي التفاوض مع إيران، قال السيد نصر الله "ترامب سينتظر طويلاً قبل أن يتلقى اتصالاً من إيران"، مشيرًا إلى أنه "لا حرب بين إيران وأميركا بسبب قوة طهران".
محور المقاومة يقف لمنع صفقة القرن ومن الممكن أن يفشلها
وحول صفقة القرن لفت نصر الله إلى أنه من الممكن "دفع صفقة القرن إلى الفشل ونحن نمشي في هذا المسار.. فمحور المقاومة يقف لمنع تحقيق صفقة القرن"، وأردف أن "أدوات أميركا في المنطقة لا تستطيع حماية نفسها وبعض الأنظمة في المنطقة قلقة من تطبيق صفقة القرن".
إلى ذلك، أشار نصر الله إلى أن "واشنطن تمكنت من استيعاب الثورات الشعبية العربية وحرفها عن مسارها وتوجيهها في اتجاه خاطئ"، مضيفًا "كل الذين دخلوا على خط الربيع العربي أرادوا أن يأخذوا منه ثمرة فاسدة هي صفقة القرن".
"الرهان الأميركي على تعب شعوب المنطقة لفرض صفقة القرن تشخيص خاطئ"، أوضح نصر الله، وأكد أن "محور المقاومة اليوم أقوى من أي وقت مضى منذ مرحلة الثمانينيات.. فإسرائيل تخشى المقاومة في لبنان والمسؤولون الإسرائيليون يتحدثون عن حالة الردع وقدرات المقاومة".
وعدّد نصر الله الأمثلة على تطور محور المقاومة. وفي هذا السياق، قال الأمين العام لحزب الله إن "المقاومة في غزة قادرة على السيطرة على مساحات واسعة في فلسطين المحتلة في أي حرب مقبلة".
كما قال نصر الله إن "سوريا تجاوزت مخطط تدميرها وما زالت في جبهة المقاومة وستعيد قوتها"، لافتًا أيضًا إلى أن "المحاولات الأميركية فشلت بالسيطرة على العراق وموقعه مختلف في المعادلة الإقليمية".
وعلى الجانب الآخر، أكد نصر الله أن "ترامب لم يستطع حماية السعودية وملكها يستغيث بالقمم الثلاث في مكة لحمايته والتي هي دليل على فشل السعوديين وعجزهم".
وانتقد نصر الله الذين "سكتوا على ذبح اليمنيين" لكنهم دانوا حملة الطائرات على الأماكن النفطية في السعودية معتبرًا أن عليهم "مراجعة أخلاقهم"، مؤكدًا أن "اليمن جزء أساسي من محور المقاومة ويرفض صفقة القرن ويعبر عن وقوفه إلى جانب القدس".
هذا واعتبر نصر الله أن "إسرائيل رغم قوتها العسكرية أقل قوة من أي زمن مضى وهي تخاف اليوم من صواريخ لبنان وغزة وسوريا وتدعي وجود صورايخ في العراق".
وأضاف نصر الله "هناك فقدان للقيادة في إسرائيل وحاجة للمساعدة الأميركية" لكن "أميركا لم تعد كما كانت قبل 20 سنة بعدما أرسلت جيوشها إلى المنطقة وخرجت منها مهزومة"، وفق نصر الله.
من حق المقاومة امتلاك السلاح الذي تحتاجه شراءً وتصنيعاً
لبنانيًا، رفض نصر الله الموقف اللبناني الرسمي في قمة مكة "الذي لا ينسجم مع بند النأي بالنفس في البيان الوزاري".
وتطرق نصر الله إلى قضية ترسيم الحدود مشيرًا إلى أن "واشنطن تريد استغلال مفاوضات ترسيم الحدود لفتح قضية الصواريخ الدقيقة الموجهة إلى إسرائيل" مجددًا التأكيد أن المقاومة "تمتلك صواريخ دقيقة تطال كل الأهداف المطلوبة في إسرائيل قادرة على تغيير وجه المنطقة".
وأعلن نصر الله أن "أي اعتداء إسرائيلي على أي هدف للمقاومة في لبنان سنرد عليه سريعًا ومباشرة وبقوة"، كاشفًا أنه "لا يوجد في لبنان حتى الآن مصانع لإنتاج الصواريخ الدقيقة.. ولا علاقة للأميركيين بنا إذا كنا نملك صواريخ دقيقة ومصانع لإنتاجها".
"يحق للمقاومة امتلاك السلاح الذي تحتاجه شراء وتصنيعًا"، ختم نصر الله.
نحو 450 ألف مصل يحيون ليلة القدر في المسجد الأقصى
أفادت دائرة الأوقاف الإسلامية الفلسطينة، مساء الجمعة، بأن قرابة 450 ألف مصل أحيوا ليلة القدر 27 رمضان في رحاب المسجد الأقصى المبارك.
وتوافد المصلون إلى الأقصى منذ ساعات النهار الأولى لأداء صلاة الجمعة، واعتكفوا في الأقصى حتى يتمكنوا من أداء صلاة التراويح وإحياء ليلة القدر.
وبدت اللجان العاملة في المسجد الأقصى بإشراف الأوقاف الإسلامية بكامل جاهزيتها، وتولت عناصر الكشافة المقدسية ترتيب المصلين حسب الأماكن المخصصة لصلوات الرجال والنساء.
وأدى أكثر من 270 ألفا صلاة الجمعة الأخيرة من رمضان في الأقصى، رغم إجراءات السلطات الإسرائيلية المشددة في المدينة وإغلاقها لمحيط البلدة القديمة وأبواب الأقصى والبلدة، بحجة تنفيذ عملية طعن مزدوجة في المدينة.
هل تدلّ القمم الثلاث الباهتة على أفول السعودية؟
المراهنة السعودية على الحماية من الخوف في القمم الثلاث التي دعت إليها في مكة المكرمة، لم يتجاوب معها، كما أملت الرياض، أكثر من المجلس العسكري السوداني. لكن اتساع الهوّة بين السعودية وأقرب المقربين، ربما يدل على أن خيارات الحكم السعودي أمام حائط مسدود.
اختيار مكة المكرمة لعقد قمم ثلاث عربية وخليجية وإسلامية، هو أقصى ما تستطيع السعودية استنفاره، أملاً بالإيحاء أن الرياض تطلب العون لحماية الأماكن المقدّسة وحشد أوسع دعم لمواجهة خطر وجودي يتجاوز الاعتبارات السياسية وحتى الاعتبارات الاستراتيجية.
في هذا السياق تتخيّل السعودية أن التصويب على إيران هو تحصيل حاصل، بعد اتهامها الجيش اليمني واللجان بمحاولة استهداف مكّة المكرّمة. وإمعاناً في الإيحاء استعرضت الرياض أمام الوفود قطعاً من الطائرات المسيّرة التي قالت أنها إيرانية، أسقطتها في الأجواء السعودية.
وعلى أساس هذه الإيحاء المبطّن دعا الملك سلمان أمام القمة العربية الطارئة إلى "استخدام كافة الوسائل لردع إيران"، وطلب من القمة "اتخاذ إجراء حاسم لوقف الأنشطة التخريبية في المنطقة".
الإجراء الحاسم الذي تسعى إليه الرياض هو الموقف الموحّد في حدّه الأدنى إلى جانب السعودية ضد إيران، وتغطية مراهناتها على الحرب "من ضمن كافة الوسائل".
هذا المسعى لم تحققه السعودية ولم يتجاوب معه سوى رئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان، الذي أعلن "دعم كل الإجراءات التي يتخذها الأشقاء في الخليج لحفظ أمنهم"، وخصوصاً ما سماها المشاركة في "دعم الشرعية في اليمن".
الدول العربية والخليجية والإسلامية الأخرى، لم تدعم السعودية في خيار الحرب ضد إيران، بل تناغمت بشكل أو بآخر مع دعوة أمير الكويت صباح الأحمد الصباح إلى "التمسك بخيار الحوار لاحتواء الموقف وتجنيب منطقتنا ويلات حروب عانينا منها طويلاً".
أكثر من ذلك، عبّر العراق عن أن تعريض أمن إيران للخطر يهدّد أمن الخليج والمنطقة العربية وكشف عن أن البيان الختامي الذي تحفّظ عليه العراق لم يشارك بصياغته. فهو بيان دبلوماسي يراعي أهواء البلد المضيف، كما جرت العادة في ترداد ما لا يلزم.
الحديث عن إدانة "التدخلات الإيرانية في الشؤون العربية الداخلية سواء بشكل مباشر أو غير مباشر"، هو أشبه بعمليات التجميل، ولا يرقى إلى مستوى الموقف الداعم للسعودية، كم يصفها زعيم أنصار الله عبد الملك الحوثي. ولعل الدعم في الموقف هو ما أعلنه جون بولتون في أبو ظبي قبيل القمم الثلاث، أملاً في أن تستند السعودية إلى صقور الإدارة الأميركية، إذا تعرّضت لإحباط متوقّع في القمم الثلاث.
المواقف الداعمة للسعودية في القمم العربية والخليجية والإسلامية السابقة على قمم مكة المكرمة، لم تكن على محك اتخاذ إجراءات الذهاب من إعلان المواقف إلى الحرب. وحين أصبح الموقف على محك الحرب في اليمن، لم يذهب غير عمر البشير. وبعد أن اتضحت المخاطر لم تنجح السعودية و "إسرائيل" وصقور الإدارة الأميركية في المراهنة على مشروع الناتو العربي ولا على حلف وارسو عربي في مؤتر بولندا.
في هذا السياق تنكشف السعودية في قمم مكة الثلاث، ولا تجد بجانبها أكثر من الإمارات والمجلس العسكري السوداني، فضلاً عن "إسرائيل" وصقور الإدارة الأميركية. لكنها تنكشف في أصعب الأوقات التي يتراجع فيها دونالد ترامب عن التصعيد ضد إيران خوفاً من الانزلاق إلى حرب مدمّرة، وفي وقت يضطر فيه وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، وهو من أكثر الداعمين للسعودية، إلى دعوة السعودية والإمارات لوقف "الحرب القذرة" على اليمن.
خيارات السعودية في المراهنة على الحرب ضد إيران وفي العدوان على اليمن وفي التخريب في ليبيا والسودان.. إلخ، هي أمام حائط مسدود يشير إليه تغيّر المواقف في القمم الثلاث الباهتة. ولعلّ إيران المتهمة بأنها تشن الحرب على السعودية، هي التي تسعى لإنقاذ السعودية من أزمتها الوجودية في المبادرة التي أطلقها وزير الخارجية محمد جواد ظريف، من أجل الاتفاق على معاهدة حسن الجوار وحفظ الأمن المشترك في المنطقة.
في هذا الإطار، يكشف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن معرفته بأن عدداً من دول الخليج جاهز لبحث هذه المبادرة بداية من الاتفاق على عدم استخدام القوّة، وأن موسكو ستكون جاهزة للمساعدة، وهو أمر يدل على اتساع الهوّة بين هذه الدول من جهة وبين السعودية والإمارات من جهة ثانية. لكنه يدل على أفول خيارات محمد بن سلمان.
قاسم عز الدين
ماهي فوائد فاكهة الأفوکادو؟
تحتوي الأفوكادو على البروتينات والبوتاسيوم وهي مفيدة للكلى والقلب والعضلات كما افاد البحث في شؤون التغذية محمد آذرفر.
ويقول هذا الاختصاصي إن كل أفوكادو تحتوي على حوالي 4 غرامات من البروتين ، ويمكن العثور على جميع الأحماض الأمينية الأساسية الثمانية عشر في الفاكهة.
وقال: "كل هذه الأحماض الأمينية تتوفر بيولوجيًا" ، مما يعني أنها تدخل في الدورة الدموية للجسم دون أي تغييرات ، وبسبب المحتوى العالي من البروتين في الأفوكادو ، تعتبر هذه الفاكهة مصدرًا ممتازًا للبروتين.
وأضاف اختصاصي التغذية أنه عندما يتعلق الأمر بالبوتاسيوم ، يعد الموز مصدرا له ، لكن البوتاسيوم الموجود في الأفوكادو أكثر منه. ومتوسطه في "الأفوكادو" يحتوي على 975 ملغ من البوتاسيوم. وهي ضرورية للحفاظ على صحة الكلى وضغط الدم وصحة العضلات.
وتابع آذرفر: "يعتبر الأفوكادو أحد أكثر المنتجات الطبيعية صحية ، لأنه عند استخدام مع المبيدات الحشرية ، فإن الثمرة لاتتلوث بسبب وجود القشرة الصلبة" ، ويحتوي "الأفوكادو" على دهون صحية وتمتاز بمذاق جيد. ويمكن استخدامها لتحضير أنواع السندويش والسلطة وغيرها.