Super User

Super User

بحث أمير الكويت صباح الأحمد الجابر، ونظيره القطري تميم بن حمد، الأحد، مستجدات القضايا الإقليمية والدولية.

جاء ذلك خلال لقاء جمعهما بالكويت، في إطار زيارة قصيرة هي الثانية لأمير قطر إلى الكويت العام الجاري، بحسب وكالتي الأنباء الكويتية والقطرية.

واستقبل الأمير صباح نظيره القطري بالمطار، وأقام له مأدبة إفطار وعقد معه محادثات ثنائية.

وناقش الجانبان العلاقات الثنائية واستعرضا القضايا ذات الاهتمام المشترك وآخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية.

ولم توضح الوكالة الكويتية أو نظيرتها القطرية تفاصيل اللقاء.

فيما أشارت الوكالة القطرية إلى أن الأمير تميم بن حمد سيختتم زيارته للكويت، اليوم، ومن المقرر أن يلتقي الرئيس الفلسطيني محمود عباس، الثلاثاء، في قطر.

وستتناول الزيارة العلاقات الثنائية بين البلدين، ومستجدات الأوضاع في فلسطين والمنطقة.

ومن المنتظر أن تعلن إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، بعد شهر رمضان الجاري، خطة سلام تعرف إعلاميا بـ"صفقة القرن" يتردد أنها تقوم على إجبار الفلسطينيين، بمساعدة دول عربية، على تقديم تنازلات مجحفة لصالح إسرائيل.

ويأتي ذلك في ظل توتر تشهده منطقة الخليج، عقب التلويح بالتصعيد العسكري من قبل الولايات المتحدة ضد إيران، وإرسال حاملة الطائرات الأضخم في العالم للخليج.

والسبت وجه العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، السبت دعوة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي وقادة الدول العربية، لعقد قمتين خليجية وعربية طارئتين؛ لبحث "هجوم جماعة الحوثي على سفن تجارية بالمياه الإقليمية للإمارات ومحطتي ضخ نفطية بالمملكة".

المصدر:الاناظول

أعلن المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير، الإثنين، "اتفاقهما على مواصلة جلسات التفاوض وفقاً للنقاط التي تم الاتفاق عليها مسبقاً"، في خطوة اعتبرها المراقبون تقدما ايجابيا باتجاه تسليم السلطة للمدنيين.

وتتناول نقاط الاتفاق "صلاحيات المجلس السيادي، والتشريعي، والتنفيذي، ومهام وصلاحيات الفترة الإنتقالية التي تمتد لثلاثة سنوات".

جاء ذلك في مؤتمر صحفي مشترك بين المجلس العسكري وقوى الحرية والتغيير وتابعه مراسل الأناضول.

وقال المتحدث باسم المجلس العسكري، شمس الدين الكباشي إن" الطرفان اتفقا على مواصلة جلسات التفاوض حتى الوصول إلى اتفاق نهائي".

وأضاف" اتفقنا على تثبيت النقاط التي اتفقنا عليها مسبقاً والمتعلقة "بهيكلة السلطات الإنتقالية والصلاحيات والمهام ومدة الفترة الانتقالية".

وتابع "اتفق الطرفان على تشكيل لجنة مشتركة لمتابعة النتائج التي توصلت إليها لجنة تقصي الحقائق الخاصة بالإحداث التي وقعت في منطقة الاعتصام الإثنين الماضي، وراح ضحيتها ستة قتلى".

وأشار الكباشي إلى الاتفاق مع الحرية والتغيير على "تفعيل عمل اللجنة الميدانية المشتركة الخاصة بضبط الأعمال في ميدان الاعتصام حول محيط القيادة العامة للجيش السوداني بالخرطوم".

بدوره قال ممثل قوى الحرية والتغيير، مدني عباس مدني، إنهم"اتفقوا على معالم الفترة الانتقالية التي أنبنت بصورة مرجعية على بنود إعلان الحرية والتغيير".

وشدد على مواصلتهم النقاش" حتى التوصل إلى اتفاق يلبي طموحات الشعب".

واستمرت جلسة التفاوض التي انطلقت مساء الأحد بين الطرفين لسبع ساعات متواصلة.

ومساء أمس الأحد، استأنف كل من المجلس العسكري الانتقالي وقوى "إعلان الحرية والتغيير" في الخرطوم، الأحد، التفاوض بشأن المرحلة الانتقالية.

وأعلن المجلس، في بيان، عن "استئناف جلسات التفاوض مع قوى إعلان الحرية والتغيير بعد تعليقها لمدة 72 ساعة".

فيما قالت "قوى التغيير"، في بيان، إنها ستناقش في جلسة التفاوض القضايا العالقة بشأن "نسب التمثيل في المجلس السيادي ورئاسته".

والأربعاء الماضي، قال المجلس العسكري، إنه اتفق مع قوى التغيير، بشأن كامل على "هياكل وصلاحيات أجهزة السلطة خلال الفترة الانتقالية، وهي: مجلس سيادي، مجلس وزراء ومجلس تشريعي".

لكن لم يتم التوقيع بعد على اتفاق نهائي بهذا الشأن.

وأوضحت قوى التغيير أن استئناف التفاوض يأتي "ضمن عملية تسليم مقاليد الحكم إلى سلطة مدنية انتقالية".

وشددت على تمسكها بـ"مجلس سيادي مدني بتمثيل عسكري محدود ورئاسة مدنية".

ومنذ 6 أبريل/ نيسان الماضي، يعتصم آلاف السودانيين، أمام مقر قيادة الجيش بالخرطوم؛ للضغط على المجلس العسكري، لتسريع عملية تسليم السلطة إلى مدنيين، في ظل مخاوف من التفاف الجيش على مطالب التغيير، كما حدث في دول أخرى، بحسب محتجين.

وأعلن المجلس العسكري، فجر الأحد، توقيف 15 متهما في إطلاق نار على المعتصمين؛ يومي الإثنين والأربعاء الماضيين؛ ما أسقط ستة قتلى وأكثر من 200 جريح، وسط اتهامات لقوات "الردع السريع" (تابعة للجيش).

وعزلت قيادة الجيش، في الحادي عشر من الشهر الجاري، عمر البشير، من الرئاسة، بعد ثلاثين عاما في الحكم؛ تحت وطأة احتجاجات شعبية بدأت أواخر العام الماضي؛ تنديدا بتردي الأوضاع الاقتصادية.

لا يختلف اثنان بأن هجوم الفجيرة حدث مفصلي هام في المنطقة، تنبأ الكثيرون بأنه قد يشكّل شرارة الحرب في الخليج وربما في المنطقة بأسرها، لكن ما خفف وطأة هذا الاحتمال هو سلسلة التصريحات التي اعقبته وأبرزها ما صدر عن جهتين اثنتين، الأولى هي واشنطن حيث تحدث أكثر من مصدر دبلوماسي وعسكري بأن واشنطن لا تريد الحرب مع إيران، والثانية من الإمارات حيث صدرت تصريحات تؤكد التزام أبو ظبي بخفض التصعيد في منطقة الخليج وبالسلام والاستقرار.

الحدث اتخذ أبعاداً ثلاثة: أمنية وسياسية وإعلامية. أن يأتي الهجوم الذي تعرّض له خط الأنابيب المرتبط بميناء ينبع السعودي بعد يومين على استهداف ميناء الفجيرة، فإن لذلك دلالات كبيرة، ولمن لا يعرف فإن مينائي الفجيرة الإماراتي وينبع السعودي هما الوحيدان اللذان يصدّران النفط من دون أن تضطر ناقلات النفط إلى المرور بمضيق هرمز.

ماذا يعني ذلك؟

يعني أن من استهدف هذين الميناءين أراد أن يوجه رسالة إلى كل من السعودية والإمارات مفادها أن يده تستطيع أن تطال كل نقطة في الخليج وأنه يستطيع أن يمنع تصدير النفط من أي مكان فيه.

يعني أيضاً أنه أراد القول إن كل القواعد العسكرية الأميركية والفرنسية التي تحيط بالميناء هي عاجزة عن حمايته، لا سيما أن الهجوم استهدف أكثر من ناقلة واستمر لساعات عدة.

قد تكون إيران المتهمة الرئيسية في هذه الحادثة لاعتبارات عدة، أبرزها أنه جاء في توقيت وصل التوتر والحرب الكلامية بين إيران من جهة وواشنطن ومعها السعودية والامارات إلى القمة. ولكن هل إيران وحدها المتهمة؟ ألا يمكن أن تكون هناك أطراف أخرى قد قامت بتنفيذه؟

سيناريوهات كثيرة يمكن أن تطرح. "المنطق يقول إن إيران هي المتهمة الأولى، وإنها تريد أن توجه رسالة إلى كل من يعنيه الأمر: من يريد أن يمنعنا من تصدير نفطنا سنمنعه من تصدير نفطه، ومن يعتقد أنه قادر على ضربنا عسكرياً فعليه أن يعرف أننا نستطيع ضرب أي مكان نريده في المنطقة وخارجها".

ماذا لو كانت أميركا مثلاً خلف هذا الهجوم، ألا يمكن أن يطرح هذا السيناريو؟ ربما تريد أميركا ان تخلق ذريعة تتهم فيها إيران بالوقوف خلفها من أجل مهاجمتها، وربما تريد واشنطن أن تضع الإمارات في موقف حرج تجعلها تستنجد بها. وبالتالي سوف نكون أمام مزيد من ابتزاز الأموال من هذا البلد الغني، بذريعة أن العدو بات يدق أبوابكم ولا مناص لكم من حمايتنا، لكن حمايتنا مكلفة وعليكم بالتالي دفع مزيد من أموال قد تكون طائلة هذه المرة.

أيضاً، ماذا لو كان هناك طرف ثالث دخل على خط الأزمة وأراد إشعال النار (إسرائيل مثلاَ)؟ فالتغلغل الإسرائيلي الأمني والاستخباراتي في دول الخليج لم يعد خافياً على أحد، وإسرائيل هي من أكثر المحرضين على إشعال نار الحرب بين إيران ودول الخليج، وإن كانت لا تخفي خشيتها من أن هكذا حرب قد تشملها أيضاً.

ماذا لو كانت هناك تنظيمات متطرفة وراء استهداف ميناء الفجيرة، فالإمارات معروفة بعدائها لتنظيمات الإخوان المسلمين وملاحقتها لهم.

كلها تساؤلات مطروحة لكن المؤكد هو أنه إذا كانت أميركا تريد الحرب فإنها ستهاجم إيران، إن كانت هي وراء الهجوم أم لا، وإذا كانت لا تريد الحرب فإنها لن تهاجم إيران حتى ولو كانت طهران خلف هذه الهجمات.

والمؤكد أيضاً أنه إذا كانت إيران خلف هذه الهجمات فهي بهدف ردع الحرب، في حين أنه إذا كانت واشنطن خلفها فإن الهدف منها هو تسعير الحرب.

إعلامياً، برزت قناة الميادين كأول وسيلة إعلامية تداولت الخبر الأمني الخطير وتصدر شاشتها وبقيت لساعات طويلة متمسكة بروايتها ومنفردة بها على الرغم من البيان الصادر عن إمارة الفجيرة والذي نفى فيه وقوع أي تفجيرات. ومع ذلك تعاطت الميادين مع بيان النفي بكل مهنية وبثته كخبر عاجل على شاشتها، لكنها بقيت متمسكة بروايتها كونها كانت مبنية على معطيات موثقة لديها من دون الانجراف أو أن تكون لديها نية في أي تحريض إعلامي على الإمارات أو غيرها كونها لا تتبنى سياسة التحريض في رسالتها الإعلامية. لا بل هي سعت في كثير من المحطات إلى التخفيف من التوترات وليس التحريض لاشتعال حروب في الخليج والمنطقة.

 ومع ذلك تعرضت القناة لهجوم وتحريض وحملات تشكيك، وتلقت وسائل إعلام عربية ووكالات أنباء عالمية اتصالات من جهات إماراتية وأميركية طلبت منها عدم التعامل مع أخبار "الميادين"، التي واصلت عملها الصحافي الاستقصائي مع أكثر من مصدر موثوق لديها، فالمعلومات الأولية وصلتها من مصادر خليجية عربية في الإمارات ذاتها وكذلك خارج الإمارات ثم أكدتها لها بعد ذلك مصادر خليجية أخرى كثيرة الاطلاع، لا بل أن قناة الميادين تريثت أكثر من ساعة ونصف الساعة ولم تبث الخبر إلا بعد أن توفرت معطيات جديدة أكدت بما لا يضع مجالاً للشك في مصداقيته، واستطاعت الحصول على  اثباتات إضافية قامت بنشرها ولاسيما ما يتعلق بأسماء ناقلات النفط وأرقامها، وإثباتات أخرى يقينية لحصول عمل ما في ميناء الفجيرة.

تمسكت قناة الميادين بروايتها ومعلوماتها، فالقناة ليست وسيلة إعلام مبتدئة لا بل أصبحت من أهم القنوات الفضائية الإخبارية ولديها مصداقية مهنية عالية أثبتتها على مدى السنوات الماضية، ولاسيما في سوريا والعراق واليمن وفلسطين ولبنان والمغرب العربي، وهي تحظى بانتشار واسع وبثقة واهتمام الرأي العام العربي الشعبي والسياسي وكثير من السلطات الرسمية، ولديها من علاقات الصداقة الواسعة في المنطقة العربية والإقليم وكذلك كثير من الأوساط الرسمية في العالم ما يجعلها قادرة من الوصول إلى معلومات مهمة ودقيقة وحتى خطيرة.

جاء بيان وزارة الخارجية الإماراتية ليؤكد رواية الميادين ويرد على كل المشككين، بدا واضحاً أن هناك إرباكاً في الإمارات، وأن من نفذ هذه الهجمات أراد ان يكشف أولاً عن قدراته بالوصول إلى الميناء والقيام بما يريد القيام به. لا سيما أنه تعمد تفادى التسبب في وقوع أي ضحية بشرية وهو كان قادراً على إسقاط ضحايا لو أراد، لا بل كشف أنه كان يعلم أن ناقلات النفط كانت فارغة من حمولتها وبالتالي لم يكن يريد التسبب بكارثة كبرى، وكان يعلم هوية هذه الناقلات وهو اختارها بدقة. وبالتالي نحن أمام رسالة أمنية محترفة جداً.

الواضح أن من قام بهذه الهجمات إنما قام بها بهدف توجيه رسائل ردع وتحذير، وليس بهدف إشعال حرب.

عبد الله شمس الدين

في ليلة النصف من رمضان المبارك، وفي السنة الثالثة للهجرة، أشرقت المدينة المنورة، بمولد الإمام المجتبى الحسن عليه السلام..ففي مثل هذا اليوم المبارك أعلن البيت النبوي في المدينة المنورة، نبأ ميلاد السبط الاول، وزفت بالبشری إلی المصطفی محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فهب الی بيت الزهراء عليها السلام، ليحمل لها تهانيه ويقضي لها بمسرَاته..وما ان وصل الرسول الاکرم(ص) إلی بيت الزهراء(ع) حتی تنزَل الوحي الالهي المقدَس علی رسول الله (ص) يبلَغه بأن الله تعالی قد سمَی الوليد المبارك (حسنا).

فهو الإمام أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب المجتبی، ثاني أئمة اهل البيت عليهم السلام بعد رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم، وسيد شباب أهل الجنة باجماع المحدثين، واحد اثنين انحصرت بهما ذرية رسول الله (ص)، وأحد  الاربعة الذين باهی بهم رسول الله (ص) نصاری نجران، ومن المطهَرين الذين أذهب الله عنهم الرجس ومن القربی الذين أمر الله سبحانه بمؤدتهم، وأحد الثقلين الذين من تمسك بهما نجا ومن تخلَف عنهما ضلَ وغوی.

شب الوليد في كنف الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله، وتغذى من معين رسالته وأخلاقة وسماحته وورث عنه (ص) هديه وأدبه وهيبته وسؤدده، مما اهله للإمامة التي كانت تنتظره بعد أبيه عليه السلام، وقد صرَح بها جدَه في أکثر من مناسبة حينما قال (الحسن والحسين إمامان قاما او قعدا، اللهم إني احبَهما فاحبَ من يحبَهما). كما وتربى تحت ظلال الوصي علي بن أبي طالب عليه السلام، وفي رعاية الزهراء عليها السلام، ليأخذ من نبع الرسالة كلّ معانيها، ومن ظلال الولاية كلّ قِيَمِها ومن رعاية العصمة كلّ فضائلها ومكارمها.

لقد اجتمع في هذا الامام العظيم شرف النبوة والإمامة، بالاضافة إلی شرف الحسب والنسب، و وجد المسلمون فيه ما وجدوه في جدَه وأبيه حتی کان يذکَرهم بهما، فأحبوه وعظَموه، وکان مرجعهم الأوحد بعد أبيه، فيما کان يعترضهم من مشاکل الحياة وما کان يستصعبهم من اُمور الدين، لاسيما بعد ان دخلت الأمة الإسلامية حياة حافلة بالاحداث المريرة التي لم يعوفوا لها نظيرا من قبل.

وکان الإمام الزکي المجتبی في جميع مواقفه ومراحل حياته، مثالا کريما للخَلق الإسلامي النبوي الرفيع في تحمل الاذی والمکروه في ذات الله والتحلي بالصبر الجميل والحلم الکبير، حتی اعترف له ألد أعدائه - مروان بن الحکم - بان حلمه يوازي الجبال. کما اشتهر بالشجاعة والسماحة والکرم والجود والسخاء بنحو تميَز عن سائر الکرماء والاسخياء.

وشاهد عليه السلام کل المحن، من فقده لمعلمة الأول جده المصطفی صلى الله عليه وآله وسلم أمه الزهراء ثم تجرع النکبات التي حلت بابيه امير المؤمنين علي بن ابي طالب والظلم الذي تعرض له، وهو لايزال يافعا.

وفي فضائله ومناقبه، عن الصادق عليه السلام: حدّثني أبي، عن أبيه عليه السلام: "أنّ الحسن بن عليّ بن أبي طالب عليه السلام، كان أعبد الناس في زمانه، وأزهدهم وأفضلهم، وكان إذا حجّ، حجّ ماشياً، وربّما مشى حافياً، وكان إذا ذكر الموت بكى، وإذا ذكر القبر بكى، وإذا ذكر البعث والنشور بكى، وإذا ذكر الممرّ على الصِراط بكى، وإذا ذكر العَرْض على الله، تعالى ذكره، شَهِق شَهْقة يُغشى عليه منها. وكان إذا قام في صلاته، ترتعد فرائصه بين يدي ربّه عزّ وجلّ، وكان إذا ذكر الجنّة والنّار، اضطرب اضطراب السليم، وسأل الله تعالى الجنّة، وتعوّذ به من النّار.

وروي أنّ شاميّاً رآه راكباً، فجعل يلعنه والحسن لا يردّ، فلمّا فرغ أقبل الحسن عليه السلام عليه وتبسّم، وقال: "أيّها الشيخ، أظنّك غريباً، ولعلّك شبَّهت، فلو استعتبتنا أعتبناك، ولو سألتنا أعطيناك، ولو استرشدتنا أرشدناك، ولو استحملتنا حملناك، وإن كنت جائعاً أشبعناك، وإن كنت عرياناً كسوناك، وإن كنت محتاجاً أغنياك، وإن كنت طريداً آويناك، وإن كان لك حاجة قضيناها لك، فلو حرَّكت رحلك إلينا، وكنت ضيفنا إلى وقت ارتحالك كان أعود عليك، لأنّ لنا موضعاً رحباً، وجاهاً عريضاً، ومالاً كبيراً"، فلمّا سمع الرجل كلامه بكى، ثمّ قال: أشهد أنّك خليفة الله في أرضه، الله أعلم حيث يجعل رسالته، وكنت أنت وأبوك أبغض خلق الله إليّ، والآن أنت أحبّ خلق الله إليّ، وحوّل رحله إليه، وكان ضيفه إلى أن ارتحل، وصار معتقداً لمحبّتهم.

وروي أنّه عليه السلام مرّ على فقراء، وقد وضعوا كسيرات على الأرض، وهم قعود يلتقطونها ويأكلونها، فقالوا له: هلمَّ يا ابن بنت رسول الله إلى الغداء، فنزل، وقال: "إنّ الله لا يحبّ المستكبرين"، وجعل يأكل معهم حتى اكتفوا، والزاد على حاله ببركته، ثمّ دعاهم إلى ضيافته وأطعمهم وكساهم.

وذكر في المناقب أنّه كان عليه السلام إذا توضّأ، ارتعدت مفاصله واصفرّ لونه، فقيل له في ذلك، فقال: حقٌ على كلّ من وقف بين يدي ربّ العرش أن يصفرّ لونه، وترتعد مفاصله.

وكان عليه السلام إذا بلغ باب المسجد، رفع رأسه، ويقول: "إلهي ضيفك ببابك، يا محسن قد أتاك المسيء، فتجاوز عن قبيح ما عندي، بجميل ما عندك يا كريم".

وعن الصادق عليه السلام، أنّ الحسن بن عليّ عليه السلام حجّ خمساً وعشرين حجّة ماشياً، وقاسَم الله تعالى ماله مرّتين. وفي خبر: قاسَم ربّه ثلاث مرّات، وحجّ عشرين حجّة على قدميه.

وعن الإمام الرضا عليه السلام، عن آبائه، قال: "لمّا حضرت الحسن بن عليّ بن أبي طالب الوفاة بكى، فقيل له: يا ابن رسول الله أتبكي، ومكانك من رسول الله صلى الله عليه واله الذي أنت به؟ وقد قال فيك رسول الله صلى الله عليه واله ما قال؟ وقد حججت عشرين حجّة ماشياً؟ وقد قاسمت ربّك مالك ثلاث مرّات حتّى النعل والنعل؟ فقال عليه السلام: "إنّما أبكي لخصلتين: لهول المطلع وفراق الأحبّة".

لقد کان الحسن في شبابه الی جانب أبيه عليه السلام في کل مايقول ويفعل واشترك معه في جميع حروبه.. وکان يعاني ما كان يعانيه ابوه من مصائب ومحن، ويتألم لآلامه وهو يری معاوية يبث دعاته ويغري القادة من جيش ابيه بالاموال والمناصب حيت فرَق اکثرهم، وبعد استشهاد الإمام علي عليه السلام، بقي الحسن ابي علی (ع) بين تلك الاعاصير بين اهل الکوفة المتخاذلين وفلول الخوارج المارقين وتحديات اهل الشام القاسطين. 

وتولّى الإمام الحسن السبط عليه السلام منصب الإمامة والقيادة بعد استشهاد أبيه المرتضى عليه السلام في الواحد والعشرين من رمضان سنة 40 هجرية وهو في السابعة والثلاثين من عمره الشريف، حيث ان نص أمير المؤمنين (ع) علی خلافه ابنه الحسن الزکي وسلَمه مواريث النبوة، اجتمع عليه أهل الکوفة وجماعة المهاجرين والانصار وبايعوه بالخلافة بعد أن طهَره الله من کل نقص ورجس، بالاضافة إلی توفرَ جميع متطلبات الخلافة فيه من العلم والتقوی والشجاعة والحزم والجدارة، وتسابق الناس الی بيعته في الکوفة والبصرة، کما بايعه اهل الحجاز واليمن وفارس وسائر المناطق التي کانت تدين بالولاء والبيعة لابيه عليه السلام، وحين بلغ نبأ البيعة معاويه واتباعه بدأوا يعملون بکل مالديهم من مکر وخداع لافساد امره والتشويش عليه. واستمر بعد أبيه يحمل مشعل القيادة الربّانية حتى الثامن والعشرين أو السابع من شهر صفر سنة 50 هجرية، وله يومئذ ثمان وأربعون سنة.

وقام عليه السلام في فترة إمامته، بأفضل ما يمکن القيام به في ذلك الجوَ المشحون بالفتن والمؤمرات فأمر الولاة علی اعمالهم واوصاهم بالعدل والاحسان ومحاربة البغي والعدوان ومضی علی نهج ابيه عليه السلام الذي کان امتدادا لسيرة جده المصطفی محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

وبالرغم مما کان يعلمه الامام الحسن عليه السلام من معاوية ونفاقه ودجله وعدائه لرسالة جده وسعيه لاحياء مظاهر الجاهلية الاولى... بالرغم من ذلك کله لقد ابی ان يعلن الحرب الا بعد ان کتب اليه المرة بعد المرة بدعوه الی جمع الکلمة وتوحيد امر المسلمين فلم يبقی له في ذلك عذرا أو حجة.

لقد اطمأن معاوية إلی ان الامور ممهدة له باعتبار علاقته المتينة مع اکثر قادة الإمام الحسن..من هنا اعد معاوية العدة لمحاربة الامام المجتبی عليه السلام، واطمأن بان المعرکة ستکون لصالحة وسيکون الحسن والمخلصون له من جنده بين قتيل واسير، ولکن هذا الاستيلاء سوف يفقد الصيغة الشرعية التي کان يحاول ان يتظاهر بها لعامة المسلمين ولذلك حرص معاوية ان لا يتورط في الحرب مع الإمام الحسن، معتمدا المکر والخداع والتموية وشراء الضمائر وتفتيت جيش الإمام، ولم يکن للإمام بد من اختيار الصلح بعد ان تخاذل عامة جيشه واکثر قادته ولم يبقی معه إلا فئة قليلة من اهل بيته والمخلصين من اصحابه، فتغاضی عن السلطة دفعا للافسد بالفاسد في ذلك الجو المحموم فکان اختياره للصلح في منتهی الحکمة والحنکة السياسية الرشيدة تحقيقا لمصالح الاسلام العليا واهدافه المثلی.

ان هذا الصلح والعهد قد حقق إنجازا عظيما على صعيد تأكيد الحق، وترسيخ الشرعية فيما يرتبط بإمامة أهل البيت عليهم السلام، وسلب ذلك عن الطرف الآخر، وانتزاع اعتراف خطي منه بأنه باغ و متغلب، حين أكدت بنوده على:

*1- أن الحق لا بُدَّ أن يعود للإمام الحسن عليه السلام، ثم من بعده للإمام الحسين عليه السلام.

*2 - أن ليس لمعاوية أن يعهد لأحد من بعده.

*3 - أن لا يقيم الإمام الحسن عليه السلام شهادة عند معاوية .

* 4- أن لا يسميه أمير المؤمنين.

*5 - أن يعمل بكتاب الله و سنة نبيه .

*6 - أن لا يذكر علياً إلا بخير .

*7 - أن يكون أصحاب علي و شيعته آمنين حيث كانوا من أرض الله .

* 8 - أن يكون الناس جميعاً آمنين حيث كانوا من أرض الله .

و ثمة شروط أخرى ذكرها المؤرخون أيضاً .

لقد تعرّض الإمام الحسن السبط (عليه السلام) للنقد اللاذع من شيعته وأصحابه الذين لم يتّسع صبرهم لجور معاوية، مع أنّ أكثرهم كان يدرك الظروف القاسية التي اضطرّته الى تجنّب القتال واعتزال السلطة، كما أحسّ الكثير من أعيان المسلمين وقادتهم بصدمة عنيفة لهذا الحادث لِما تنطوي عليه نفوس الاُمويّين من حقد على الإسلام ودعاته الأوفياء، وحرص على إحياء ما أماته الإسلام من مظاهر الجاهلية بكلّ أشكالها.

لقد فسح الإمام الحسن المجتبى عليه السلام المجال بصلحه المشروط، لمعاوية ليكشف واقع اُطروحته الجاهلية، وليعرّف عامة المسلمين البسطاء مَن هو معاوية؟ ومن هنا كان الصلح نصراً ما دام قد حقّق فضيحة سياسة الخداع التي تترّس بها عدوّه.

ووقع ما خطط له الإمام الحسن عليه السلام، حينما بدأ معاوية يساهم في كشف واقعه المنحرف، وذلك في إعلانه الصريح بأنّه لم يقاتل من أجل الإسلام، وإنّما قاتل من أجل المُلك والسيطرة على رقاب المسلمين، وأنّه سوف لا يفي بأيّ شرط من شروط الصلح.

بهذا الإعلان وما تلاه من خطوات قام بها معاوية لضرب خط عليٍّ (عليه السلام) وبنيه الأبرار وقتل خيرة أصحابه ومحبّيه كشف النقاب عن الوجه الاُموي الكَريه، إلا ان الإمام (عليه السلام) مارس مسؤولية الحفاظ على سلامة الخط بالرغم من إقصائه عن الحكم، وأشرف على قاعدته الشعبية فقام بتحصينها من الأخطار التي كانت تهدّدها من خلال توعيتها وتعبئتها، فكان دوره فاعلاً إيجابياً للغاية، ممّا كلّفه الكثير من الرقابة والحصار، وكانت محاولات الاغتيال المتكرّرة تشير الى مخاوف معاوية من وجود الإمام (عليه السلام) كقوة معبّرة عن عواطف الاُمّة ووعيها المتنامي، ولربّما حملت معها خطر الثورة ضد ظلم بني اُمية، ومن هنا صحّ ما يقال من أنّ صلح الإمام الحسن (عليه السلام) كان تمهيداً واقعياً لثورة أخيه أبي عبدالله الحسين (عليه السلام). ولهذا قرّر معاوية التخلص من الإمام الحسن، ووضع خطّته الخبيثة بالاتفاق مع جعدة ابنة الأشعت بن قيس التي دسّت السم لزوجها الإمام (ع)، واستشهد من جراء ذلك الإمام الحسن (ع) .

وکان الإمام عليه السلام قد أوصی ان يدفن الی جوار جده رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم إلا أن بني أمية، وعلی راسهم مروان بن الحکم، منعوا من ذلك وحالوا بين ان يجمع بين رسول الله (ص) وريحانته وحبيبه وبسطه الحسن سيد شباب اهل الجنة فاضطر اهل البيت عليهم السلام لدفنه في البقيع.

وممّا وعظ به جنادة بن أبي أميّة، عندما دخل عليه قبيل وفاته، وقال له: عظني يا ابن رسول الله، قال: "نعم، استعدّ لسفرك، وحصّل زادك قبل حلول أجلك، واعلم أنّك تطلب الدنيا والموت يطلبك، ولا تحمل همّ يومك، الذي لم يأتِ على يومك الذي أنت فيه، واعلم أنّك لا تكسب من المال شيئاً فوق قوتك إلّا كنت فيه خازناً لغيرك. واعلم أنَّ في حلالها حساب، وفي حرامها عقاب، وفي الشبهات عتاب، فأنزل الدنيا بمنزلة الميتة، خذ منها ما يكفيك، فإن كان ذلك حلالاً، كنت قد زهدت فيها، وإن كان حراماً، لم يكن فيه وزر، فأخذت كما أخذت من الميتة، وإن كان العتاب فإنّ العتاب يسير. واعمل لدنياك كأنّك تعيش أبداً، واعمل لآخرتك كأنّك تموت غداً، وإذا أردت عزّاً بلا عشيرة، وهيبةً بلا سلطان، فاخرج من ذلّ معصية الله إلى عزّ طاعة الله عزَّ وجلَّ.

فسلام عليك يا أبا محمد الحسن بن علي مظلوما، حيَا وشهيدا.

قال الرئيس الإيراني حسن روحاني أنهم أهل للتفاوض إلا أنهم لن يرضخوا أمام من يتعامل بغطرسة، في إشارة للولايات المتحدة الإمريكية.

وفي لقائه، السبت، مع الناشطین فی مجال الثقافة والفن في إيران، قال روحاني: "نحن دعاة منطق وحوار وتفاوض إلا أن مزاعم من یدعی بأنه سیجرنا إلى طاولة المفاوضات خاویة. لسنا مستعدین لهكذا مفاوضات حتى لو اجتمعت قوى العالم كله على ذلك".

وسلط الرئيس الإيراني على النجاح الذي حققته إيران ويشهد له العالم في الاتفاق النووي مع القوى الست الكبرى في العالم.

وقال روحاني: "لقد تمكنا فی مفاوضات الاتفاق النووي من إلغاء 7 قرارات صادرة عن مجلس الأمن الدولی، في يوم واحد".

والأسبوع الماضي، نقلت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية، عن مسؤول مطلع (لم تسمه) بمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية أن طهران علقت رسميا بعض التزاماتها بالاتفاق النووي الذي توصلت إليه مع القوى العالمية في 2015.

وقبل ذلك بأسبوع، أعلنت طهران تعليق بعض تعهداتها بموجب الاتفاق النووي، وهددت بإجراءات إضافية، خلال 60 يوما، في حال لم تطبق الدول الأخرى التزاماتها.

وجاء إعلان طهران في ذكرى مرور عام كامل على إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الانسحاب من الاتفاق النووي الموقع عام 2015 بين إيران والدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن وألمانيا.

ومنذ الانسحاب الأمريكي، ترفض طهران التفاوض على اتفاق جديد، خاصة في ظل إعلان بقية الأطراف مرارا التزامها بالاتفاق.‎

الإثنين, 20 أيار 2019 05:36

ترامب يربك الجميع..إلا إيران!

عجلة جس النبض للتفاوض قد انطلقت. وما مواقف الإيرانيين الرافضة للتفاوض تحت الضغط، ثم لقاء ترامب مع الرئيس السويسري، الراعي الرسمي لمصالح الولايات المتحدة في إيران، إلا إشارات واضحة على حاجة واشنطن لإحداث خرق في جدار الإنتصار المرحلي الذي حققته طهران بعدم تراجعها.

أراد دونالد ترامب حصار إيران فوجد نفسه محاصرًا وسط خيارات شبه معدومة، بعد أن تمسكت طهران بخيار الصمود في وجه الضغوط، وقررت رد الكرة إلى الملعب الأميركي من دون أن تضطر للجوء إلى خطوات درامية توقعها الكثيرون.

وإن كان الإرباك جليًا في الإدارة الأميركية بحسب ما تتحدث الصحف والتقارير في واشنطن، فإن الأمر تجاوز الحدود الأميركية وامتد بعيدًا حتى حلفاء الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وهو ما عبرّ عنه الوزير الإماراتي أنور قرقاش بأوضح ما يكون حين أعلن أن "الجميع مهتم في هذا الوقت بالتهدئة والتعامل مع الأمور بطريقة ناضجة وعقلانية".

قبل هذا الموقف وبعده، كان مستشار الأمن القومي جون بولتون ينفي الدفع بإتجاه المواجهة مع إيران، ليعود ترامب ويؤكد على التهدئة بتكرار امنيته بعودة إيران إلى المفاوضات.

خلال ساعات قليلة، نسفت هذه المواقف كل الضخ الإعلامي الخليجي المهوّل بالحرب، وأسكتت "تغريد" شخصيات عربية عديدة كانت تُمني النفس بسيناريوهات مجنونة لري شعورها بالحقد والنقمة.

 

كيف ستسير الأمور إذا؟ وما هو المتوقع؟

الأكيد أن عجلة جس النبض للتفاوض قد انطلقت. وما مواقف الإيرانيين الرافضة للتفاوض تحت الضغط، ثم لقاء ترامب مع الرئيس السويسري، الراعي الرسمي لمصالح الولايات المتحدة في إيران، إلا إشارات واضحة على حاجة واشنطن لإحداث خرق في جدار الإنتصار المرحلي الذي حققته طهران بعدم تراجعها.

في المقابل، تتقاطع التحليلات على حاجة ترامب لكبش فداء يضحّي به على مذبح إعادة توجيه سياساته إزاء إيران، وهناك حديث جدّي عن أنّ "جون بولتون" قد يكون الخيار الأمثل لهذه التضحية، بعد أن قاد كامل المنظومة السياسية والامنية والقانونية إزاء ايران.

وقد بدأت إرهاصات هذا السياق بالبروز مع دعوة قادة الكونغرس إلى جلسات استماع سرية طالبوا خلالها بشرح مفصّل لـ"تهديدات" إيران.

ويواكب هذه الحركة التشريعية، نشاط إعلامي حثيث تشترك فيه كبرى الصحف ووسائل الإعلام الأميركية يحذر من مغبة الذهاب إلى حرب جديدة في الشرق الأوسط ويدعو إلى التعقل عبر تسليط الضوء على فعالية العقوبات الإقتصادية المفروضة حتى الآن على ايران وحلفائها في المنطقة.

وبالرغم من أن الموقف الأوروبي كان شديد الحذر إزاء التموضع مع أيّ من طرفي النزاع، فإن المهمة لنزع فتيل الأزمة وإنزال ترامب عن الشجرة التي تسلقها قد يحتاج إلى جهة أكثر جرأة في طرح نفسها وسيطًا دوليًا قادرًا على إرضاء ترامب والتنسيق مع الإيرانيين. فهل يقدر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على تحقيق خرق في هذا المجال؟

المؤشرات جميعها تصب في خانة التهدئة وعدم التصعيد أكثر من ذلك، وترامب اليوم بحاجة إلى إقناع الأميركيين مع إقتراب الاستحقاق الإنتخابي أكثر فأكثر أنه استطاع استيعاب إيران عبر صفقة افضل من تلك التي عقدها سلفه باراك أوباما.

قرأت ايران ذلك بوضوح، وهي تدرك أن ترامب وضع نفسه في مأزق، فهل يدير المرشد الأعلى مرة جديدة المفاوضات بشروطه هذه المرة أم أنه يُسقطها من حساباته بهدف إسقاط ترامب معنويًا قبل إنتهاء ولايته الرسمية؟

عبد الله محمد

دعا الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز لعقد قمتين؛ خليجية وعربية، "لمناقشة الهجمات الأخيرة على سفن النفط الخليجية".

وبحسب وكالة الأنباء السعودية فقد أعلن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية السعودية أن العاهل السعودي وجه دعوة لقادة دول مجلس التعاون الخليجي وقادة الدول العربية لعقد قمتين خليجية وعربية طارئة في مكة المكرمة، نهاية شهر أيار/مايو الحالي.

وقال المصدر إن الدعوة أتت بهدف "تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة" في ظل الهجوم على سفن تجارية في المياه الإقليمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، والهجوم بطائرات مسيرة يمنية على محطتي ضخ نفطيتين بالمملكة في منطقة ينبع.

وأكمل المصدر أن لهذه الأحداث تداعيات خطيرة على السلم والأمن الإقليمي والدولي وعلى إمدادات واستقرار أسواق النفط العالمي

المصدر:المیادین

دعت مجموعة من الأحزاب والحركات الإسلامية إلى التظاهر ضد الاتفاق بين المجلس العسكري وتحالف "قوى الحرية والتغيير"

أعلن المجلس العسكريّ الانتقاليّ في السودان استئناف التفاوض مع إعلان "قوى الحرية والتغيير" غداً الأحد.

وقرّر المجلس العسكريّ نقل المفاوضات إلى القصر الجمهوري وذلك بعد رفض قوى التغيير إزالة المتاريس وفتح سكة الحديد قبل الاتّفاق على عملية قيادة المرحلة الانتقالية، ودعت هذه القوى الشعب السوداني إلى مواصلة الاعتصام أمام مقر قيادة القوات المسلّحة.

ودعت مجموعة من الأحزاب والحركات الإسلامية إلى التظاهر ضد الاتفاق بين المجلس العسكري وتحالف "قوى الحرية والتغيير" الذي يقود حركة الاحتجاج في وسط الخرطوم، بحجة أنه "اتفاق إقصائي" و"يتجاهل تطبيق الشريعة الإسلامية"، وفق ما نقلت وكالة "أ ف ب" عن قياديين إسلاميين.

وكانت مفاوضات بين العسكريين وقادة الاحتجاج أحرزت تقدّماً مهماً منذ الإثنين، لكنّ أعمال عنف وقعت في اليوم نفسه في محيط موقع الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش أودت بخمسة متظاهرين وضابط جيش.

ويوم الاثنين، تم الاتفاق على فترة انتقالية مدتها 3 سنوات وتشكيل 3 مجالس للسيادة والوزراء والتشريع لحكم البلاد خلال هذه الفترة.

إلا أن رئيس المجلس العسكري الفريق عبد الفتاح برهان علّق الأربعاء المباحثات مدة 72 ساعة، معتبراً أن الأمن تدهورت في العاصمة، حيث أقام المتظاهرون متاريس في شوارع عدة، داعياً إلى إزالتها.

إستعداد للشهر:

والإستعداد لشهر رمضان لا یبدأ مع رمضان، وإنّما یکون قبله، ولهذا جاء فی الأثر أن یدعو المسلم أن یبلغه الله تعالى رمضان، کما جاء فی الأثر: “اللّهمّ بارک لنا فی رجب وشعبان، وبلّغنا رمضان”، ومعنى هذا أنّ الإستعداد له یکون من بدء رجب على الأقل، بل ورد أنّ الصحابه کانوا یستعدون لرمضان قبله بسته أشهر، ویتزودون منه للسته التی بعده.

کما یُسَنُّ إن رأى المسلم هلال رمضان دعا قائلاً: “اللّهمّ أهله علینا بالأمن والإیمان والسلامه والإسلام”.

همة عالیة:

ویحتاج المسلم إلى الهمه العالیه التی تدفعه إلى الإفاده من رمضان وما فیه من خیر عمیم، وثواب جزیل.

وللصیام فوائد إجتماعیه منها شعور الناس بأنّهم أُمّه واحده یأکلون فی وقت واحد، ویصومون فی وقت واحد، ویشعر الغنی بنعمه الله ویعطف على الفقیر، ویقلل من مزالق الشیطان لابن آدم، وفیه تقوى الله، وتقوى الله تقوی الأواصر بین أفراد المجتمع.

وینبغی للصائم أن یکثر من الطاعات، ویجتنب جمیع المنهیات، ویجب علیه المحافظه على الواجبات والبعد عن المحرمات، فیصلی الصلوات الخمس فی أوقاتها مع الجماعه، ویترک الکذب والغیبه والغش والمعاملات الربویه، وکل قول أو فعل محرم، قال النبی (ص): “من لم یدع قول الزور والعمل به والجهل فلیس لله حاجه أن یدع طعامه وشرابه”.

صحبة القرآن:

ولابدّ أن یکون للمسلم شأن وصحبه مع کتاب الله تعالى خاصه فی شهر القرآن.

ویستحب للمسلم أن یکثر من قراءه القرآن فی رمضان ویحرص على ختمه، لکن لا یجب ذلک علیه، بمعنى أنّه إن لم یختم القرآن فلا یأثم، لکنه قوّت على نفسه أجوراً کثیره.

أوّلاً: الشباب

۱-الحیویّه والنشاط

تتمیّز فتره الشباب بالحیویّه والنشاط، وهما یعبّران عن حاله صحیّه وإیجابیّه فی واقع الشباب، ولکن بشرط أن تنضبط هذه الحیویّه وهذا النشاط بروح الإیمان وحاجز التقوى، ویصبحان حاله عطاء فی الإیمان وحرکه فی التقوى، وفی ضوء ذلک یتحول الشاب شعله من الضیاء والعطاء،

ویستحق الشاب بذلک وسام الفتوّه، وهذا الوسام وإن لم یکن مختصاً بالشباب – یعنى السن الخاص – بل یشمل کلّ مؤمن صادق فی إیمانه ومتق حرکیّ فی تقواه، فعن الإمام الصادق (علیه السلام) قال لسلیمان بن جعفر الهذلی: یا سلیمان، من الفتى؟

قال: قلت: جعلت فداک، الفتى عندنا الشاب.

قال لی: أما علمت أنّ أصحاب الکهف کانوا کلّهم کهولا فسماهم الله فتیه بإیمانهم، یا سلیمان، من آمن بالله واتقى فهو الفتى. إلا أن الغالب حصول ذلک فی السن الخاص الذی یسمى بسن الشباب، أو ما یقرب منه.
هذا، وإذا افترقت الحیویه والنشاط عن الإیمان والتقوى،

وقع الشاب فی حاله الغرور بل الجنون، فقد ورد عن الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم): “الشباب شعبه من الجنون”. وهذا واضح، إذ الحیویّه والنشاط غیر المنضبطتین بالإیمان والتقوى، والمنطلقین فی أجواء اللهو والهوى، یخلقان من الشاب قنبله موقوته مخرّبه، وکتله من المشاعر المتناقضه.

۲- المیل لتحقیق شهواته ورغباته بالأسالیب المختلفه.
هذا المیل هو الطبیعه الأولیه للشباب، وهو مقتضى الحیویه والنشاط فی ذاتهما، ولکن من الواضح أنّه بالإیمان والتقوى تتکون لدى الشاب طبیعه ثانیه تمثل التعفف والتورع، وهذا الأمر وإن کان صعباً إلا أنّه ممکن وحاصل فی ظلّ التربیه الصالحه، والإراده القویه، وهذا هو السر فی الثناء الکبیر فی النصوص الدینیه على الشاب المتعفف المتورع، والشاب التائب.

فقد روی عن الرسول (صلى الله علیه وآله وسلم): إنّ الله تعالى یباهی بالشاب العابد الملائکه، یقول: انظروا إلى عبدی، ترک شهوته من أجلی.

وروی عنه (صلى الله علیه وآله وسلم) کذلک: ما من شاب یدع لله الدنیا ولهوها، وأهرم شبابه فی طاعه الله إلا أعطاه الله أجر اثنین وسبعین صدیقاً.

وعنه (صلى الله علیه وآله وسلم): إنّ أحب الخلائق إلى الله عز وجل، شاب حدث السن فی صوره حسنه، جعل شبابه وجماله لله وفی طاعته، ذلک الذی یباهی به الرحمن ملائکته، یقول: هذا عبدی حقاً.

وعنه (صلى الله علیه وآله وسلم): إنّ الله تعالى یحب الشاب التائب.

وعنه (صلى الله علیه وآله وسلم): ما من شیء أحب إلى الله تعالى من شاب تائب.

۳- القابلیّه والإستعداد لتحصیل الکمالات العلمیّه والعملیّه.
هذه حقیقه ملموسه، ولکن المهم إخراج هذه القابلیه إلى مرحله الفعلیّه، وفی الاتجاه المناسب، واستثمار هذه الطاقه الهائله المخزونه فی کیان الشاب ووجوده.

وهذه مسؤولیه المنزل أولاً، والمجتمع ثانیاً، بالإضافه للإراده الواعیه المسؤوله لدى الشاب نفسه.
وهذا بالطبع یحتاج إلى جهد مدروس وتعاون صادق من جمیع الجهات التی لها تأثیر على حیات الشاب ومستقبله.

وفی هذا السّیاق نجد الإسلام یؤکد على هذه الحقیقه، ویدعوا إلى استثمارها على أحسن وجه.
فعن الإمام الصادق (علیه السلام): وصیه ورقه بن نوفل لخدیجه بنت خویلد إذا دخل علیها، یقول لها: اعلمی إنّ الشاب الحسن الخلق مفتاح للخیر مغلاق للشر، وأن الشاب الشحیح الخلق مغلاق للخیر مفتاح للشر. فهذه الروایه تشیر إلى حقیقه أنّ الواقع الخلقی الفعلی الراسخ یمثـّل منطلقاً ومفتاحاً لأبواب الخیر أو الشر بما یتناسب وهذا الواقع الخلقی.

وعنه (علیه السلام): لست أحب أن أرى الشاب منکم إلا غادیا فی حالین: إما عالما أو متعلما، فإن لم یفعل فرّط، فإن فرّط ضیّع، فإن ضیع أثم، وإن أثم سکن النار، والذی بعث محمدا بالحق.

وعن الإمام الباقر (علیه السلام): لو أتیت بشاب من شباب الشیعه لا یتفقه فی الدین لأدبته.

وعن الرسول الکریم (صلى الله علیه وآله وسلم): من تعلم فی شبابه کان بمنزله الرسم فی الحجر.

ثانیاً: شهر رمضان

وأقصد به هذه الحقبه الزمنیّه المبارکه بما تختزنه من برکه وعطاء: إنّه لمن الصعب القریب من المحال أن یتمکن إنسان من بیان حقیقه هذا الشهر الکریم، واستیعاب دائره عطائاته وبرکاته، فإنّه شهر الله تعالى، شهر القرآن، شهر الإسلام، ولذا یروى عن الرسول الکریم (صلى الله علیه وآله وسلم) أنّه لمّا حضر شهر رمضان، قال: سبحان الله، ماذا تستقبلون؟ وماذا یستقبلکم؟، قالها ثلاث مرّات.

وکان من دعاء الإمام زین العابدین (علیه السلام):

إذا دخل شهر رمضان: الحمد الله الذی حبانا بدینه، وخصّنا بملّته، وسبّلنا فی سبیل إحسانه لنسلکها بمنّه إلى رضوانه، حمداً یتقبّله منّا، ویرضى به عنّا، والحمد لله الذی جعل من تلک السبل شهره رمضان، شهر الصیام، وشهر الإسلام، وشهر الطهور، وشهر التمحیص، وشهر القیام.

ولکن لا یمنع ذلک من الإشاره إلى بعض جوانب هذا الشهر الکریم، فی ضوء اللفتات التی تطرحها النصوص المتعدّده:

۱- إنّه شهر نزول القرآن وانتشار الهدى، یعتبر موسماً تربویاً ثقافیّاً.
یتمیز شهر رمضان بعده میزات مهمه تجعله أفضل شهور شهور السنه، وأیامه أفضل الأیام، ولیالیه أفضل اللیالی، وساعاته أفضل الساعات.

من هذه المیزات؛ أنه شهر نزول القرآن وانتشار الهدى بین الناس، قال تعالى: «شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِیَ أُنزِلَ فِیهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِّلنَّاسِ وَبَیِّنَاتٍ مِّنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ…» (البقره-۱۸۵).

ولذلک تجد هذا الشهر الکریم یتمیز على غیره من الشهور بانتشار النشاطات الدینیه والثقافیه، وانتعاش حرکه التبلیغ والإرشاد بین الناس، حتى یتحول الشهر الکریم بأکمله إلى موسم ثقافی تربوی، وتظاهره دینیه کبرى.

ویتزین هذا الشهر بمجموعه من المناسبات الإسلامیه المهمه التی کانت – ولا زالت تصلح أن تکون – منطلقا لتحول أساسی فی حیات المسلمین، کغزوه بدر، ولیله القدر، وشهاده الإمام علی (علیه السلام)، وأخص بالذکر والتأکید لیله القدر التی هی خیر من ألف شهر (یعنی خیر من ستّین عاماً)، فإنّها فرصه استثنائیه لإعاده الحساب وترتیب الأمور فی الاتجاه الصحیح.

وهنا أؤکد على إخوانی الشباب بلزوم استغلال واستثمار الفرص المتاحه فی هذا الشهر الکریم للرجوع إلى الله تعالى، وتقویه العلاقه معه سبحانه، والاستناره بنور الوعی الدینی من خلال التواجد والتواصل مع الأنشطه الدینیه والثقافیه المنتشره هنا وهناک.

۲- إنّه شهر ضیافه الله یعتبر موسماً معنویاً.
إنّ التعبیر عن شهر رمضان بأنّه؛ شهر ضیافه الله، تعبیر عمیق ولطیف عن البعد المعنوی لهذا الشهر الکریم، فهو تعبیر مستوعب لجمیع حالات القرب من العبد لمولاه، وحالات اللطف من المولى على عبده.
فعن الإمام علی (علیه السلام): قال: إنّ رسول الله (صلى الله علیه وآله وسلم) خطبنا ذات یوم.

فقال: أیّها الناس، إنّه قد أقبل إلیکم شهر الله بالبرکه والرحمه والمغفره شهر هو عند الله أفضل الشهور، وأیامه أفضل الأیّام، ولیالیه أفضل اللیالی، وساعاته أفضل الساعات، هو شهر دعیتم فیه إلى ضیافه الله، وجعلتم فیه من أهل کرامه الله، أنفاسکم فیه تسبیح، ونومکم فیه عباده، وعملکم فیه مستجاب.
وهذه الخطبه کما ترى أعطت صوره واضحه لطبیعه وأجواء الضیافه الإلهیّه، ولا شکّ إنّ طبیعه الضیافه تقتضی أن یکون الضیف متأدّباً فی محضر مضیّفه، والمضیّف دائم العنایه والالتفات إلى ضیفه، والخطبه أوضحت جانباً من مظاهر هذه العنایه الخاصه.

إنّها فرصه ثمینه لاستنزال الرحمه والعنایه الخاصه الإلهیّه، فعلینا أن نستفید منها لما فیه خیرنا وسعادتنا فی الدنیا والآخره.

۳- إنّه شهر التوبه والمغفره والرحمه، رجوع العبد إلى مولاه، وقبول المولى لعبده.
هذه نتیجه طبیعیّه لتلک الحقیقه المتعالیه لشهر رمضان، فکیف یردّ المضیّف ضیفه إذا طلب شیئاً مما هو فی متناول یدیه وسهل عنده، ولذا ورد فی الحدیث الشریف عن الرسول الکریم (ص): إنّ الشقی حقّ الشقی من خرج منه هذا الشهر ولم یغفر ذنوبه.

فی ضوء فهم حقیقه هاتین المقولتین (الشباب وشهر رمضان) فهماً واعیاً، تتضح طبیعه العلاقه بینهما، ومدى التفاعل والتواصل الإیجابی بینهما، فلشهر رمضان تأثیر کبیر فی جذب الشباب للتعالیم الإسلامیّه العالیه، وربطهم بالحاله الإیمانیّه، فشهر رمضان مرکز إسلامی کبیر لرعایه الشباب وتربیتهم، وجذبهم إلى الحیاه الدینیّه الکریمه، والانطلاق بهم فی مدارج الکمال والجمال الروحی.

الفهم السطحی والسلبی لشهر رمضان
ولکن ومع الأسف هناک فهم سطحی وترفی لشهر رمضان، یفرغ الشهر الکریم من محتواه الحقیقی وتأثیره الواقعی، وذلک من خلال تصویر شهر رمضان وکأنّه:

۱- موسم ترفیهی، ملؤه المسابقات الریاضیّه، والبرامج الترفیهیّه، والتجمعات المختلفه التی تصبّ فی هذا المصب.

۲- موسم للسهرات اللاهیه، من خلال البرامج المخصوصه التی تعرض فی آخر اللیل، والحفلات الساهره، والسهرات غیر الهادفه.

۳- موسم للتنوع فی الأکلات، والإفراط فی الأکل، حتى عاد شهر رمضان موسماً للتخمه، والإیغال فی اللذات والشهوات، على خلاف أهدافه المعلنه وغیر المعلنه من أنّه موسم لتصفیه النفس وتطهیرها.

وعلى کلّ حال، فبهذا الفهم الخاطئ، وهذه الممارسه السیئه، یراد مسخ شهر رمضان، وتفریغه من محتواه الحقیقی وتأثیره الواقعی، لیتحوّل شهر رمضان إلى شهر الشیطان بدلاً من شهر الله، وشهر الدنیا وشهواتها لا شهر القرآن والإسلام، وشهر السهرات اللاهیه لا شهر القیام للعباده والمناجات للمحبوب الحقیقی.

والضحیّه الأولى لهذا الفهم الخاطئ هم الشباب، فإنّهم یحرمون من الفرصه الإستثنائیّه للعوده والرجوع إلى الله، وترتیب حیاتهم فی خط الدین.

ولکن مع ذلک یبقى الموقف النهائی بید الشاب، فهو الذی یقرر أن یلتحق برکب الرمضانیین الحقیقیین، ویستفید من العطائات المعنویّه والثقافیه للشهر الکریم، أو یبقى فی الدائره المفرغه للشهوات الدنیویّه على طول الخط، وأملنا فی الشباب کبیر أن یمثّلوا الفتوّه والوعی والإراده القویّه أمام جمیع مغریات الدنیا وطرقها الملتویه، وینجذبوا لجمال الدین وسبله المستویه، ومنها شهر رمضان کما مرّ علیک فی روایه الإمام زین العابدین (علیه السلام).

هذا بالنسبه لشهر رمضان على نحو العموم، أمّا لو نظرنا إلى شعیره الصیام فی هذا الشهر الکریم، التی هی من أهم ممیزات هذا الشهر، لوجدناها تعمّق تلک العلاقه الوثیقه بین الشباب وشهر رمضان، وذلک التأثیر الإیجابی لشهر رمضان على واقع الشباب. وهذا التأثیر بالطبع إنما هو للصیام فی فهمه الصحیح الواقعی، لا السطحی والشکلی.

الفهم الصحیح للصیام
هو حاله الکف والإمساک على المستویات الثلاثه التالیه:

۱- عن المفطرات المذکوره فی کتب الفقه، من الأکل والشرب والجماع.

۲- عن المحرمات والمآثم المرتبطه بالجوارح من اللسان والسمع والبصر.

۳- عن جمیع أسباب الشر والرذیله، من خلال تفریغ القلب من الاشتغال بغیر الله تعالى.

هذه مراتب الصیام، وبمجموعها تعبّر عن حقیقه الصیام الرفیعه.

وقد ورد عن الإمام علی (علیه السلام): الصیام اجتناب المحارم، کما یمتنع الرجل من الطعام والشراب.

وعن فاطمه الزهراء (علیه السلام): ما یصنع الصائم بصیامه إذا لم یصن لسانه وسمعه وبصره وجوارحه.

وعن الإمام علی (علیه السلام): صوم القلب خیر من صیام اللسان، وصیام اللسان خیر من صیام البطن.

وعنه (علیه السلام): صیام القلب عن الفکر فی الآثام أفضل من صیام البطن عن الطعام.

وعنه (علیه السلام): صوم النفس عن لذّات الدنیا أنفع الصیام.

وعنه (علیه السلام): صوم الجسد؛ الإمساک عن الأغذیه بإراده واختیار خوفاً من العقاب ورغبه فی الثواب والأجر، وصوم النفس؛ إمساک الحواس الخمس عن سائر المآثم، وخلو القلب من جمیع أسباب الشر.

وللصیام عدّه أبعاد، وله عدّه معانی مهمه ومعطیات أساسیّه فی حیات الإنسان المؤمن:

۱- یعبّر الصوم عن علاقه خاصه “موقف عبادی خفی” بین العبد ومولاه، البعد العبادی.

فهو بالإضافه لکونه واجباً شرعیّاً کباقی الواجبات العبادیّه، فإنّه یتمیز بخصوصیّه جعلته یختص بجناب الحق تعالى، فقد ورد فی الحدیث عن الإمام الصادق (علیه السلام): قال الله تبارک وتعالى: کلّ عمل ابن آدم هو له، غیر الصیام هو لی وأنا أجزی به.

وقد تعدّدت الأقوال فی تفسیر هذه الخصوصیّه. وکیف کان، فلا شک أن الصوم بما له من کفّ وإعراض عن مجموعه من الشهوات واللذات البطنیّه والفرجیّه، واستدامه ذلک طوال الیوم، من غیر أن یکون له صوره ظاهره کالصلاه والحج وغیرهما من العبادات، ممّا میّز الصوم بمستوى من الخلوص والمراقبه الدائمه لله تعالى، جعلته ینال هذا الوسام الرفیع.

۲- یحرّک الصیام جانب الشعور بالمواساه للفقراء والمساکین، وتثبیت الخشوع والإخلاص فی نفس الإنسان الصائم، البعد التربوی للصیام.

فللصیام دوره التربوی على المستوى الشخصی والذاتی، من خلال خشوع النفس، وتصفیتها وتزکیتها، والإرتقاء بها من حضیض النفس البهیمیّه إلى ذروّه التشبّه بالملائکه الروحانیین، وعلى المستوى الإجتماعی والإنسانی، وذلک من خلال التحسّس لآلام الضعفاء، والتعاون والتکافل بین أبناء المجتمع.

وفی هذا الإطار ورد عن الإمام الرضا (علیه السلام)، فی بیان علّه وجوب الصوم: لکی یعرفوا ألم الجوع والعطش، ویستدلّوا على فقر الآخره، ولیکون الصائم خاشعاً ذلیلاً مستکیناً مأجوراً محتسباً عارفاً صابراً لما أصابه من الجوع والعطش، فیستوجب الثواب، مع ما فیه من الإمساک عن الشهوات، ولیکون ذلک واعظاً لهم فی العاجل، ورائضاً لهم على أداء ما کلّفهم، ودلیلاً لهم فی الأجر، ولیعرفوا شدّه مبلغ ذلک على أهل الفقر والمسکنه فی الدنیاً، فیؤدوا إلیهم ما فرض الله تعالى لهم فی أموالهم.

وعن الإمام علی (علیه السلام): فرض الله الصیام ابتلاءً لإخلاص الخلق.
وعنه (علیه السلام): وعن ذلک ما حرس الله عباده المؤمنین بالصلاه والزکوات، ومجاهده الصیام فی الأیام المفروضه، تسکیناً لأطرافهم، وتخشیعاً لأبصارهم، وتذلیلاً لنفوسهم، وتخفیضاً (تخضیعاً) لقلوبهم.

۳- للصیام تأثیر إیجابی على سلامه وصحه الصائم، البعد الصحی.
فقد ورد عن الرسول الکریم (صلى الله علیه وآله وسلم): لکلّ شیء زکاه وزکاه الأبدان الصیام.
وعنه (صلى الله علیه وآله وسلم): صوموا تصحّوا. وهذا ما شهد به الأطباء والأخصائیین.
والحمد للّه على نعمائه وجزیل عطائه.