
Super User
رمضان ـ شهر الله ـ شهر الکرم و الإحسان
فها نحن نستقبله ومعنا من معنا کتب الله لهم الحیاه، وفقدنا من فقدنا من الأحبه الذین أسأل الله العلی القدیر أن یعمهم برحمته ورضوانه، فنحن فی شهر السعید منّا من أدرکه، فعلینا فی البدایه أن نحمد الله تعالى على أنّه بلغنا هذا الشهر العظیم لننعم بالخیر الوفیر، فما أعظم هذه الأیام ونحن نحیا مع هذا الزائر العزیز على قلوب جمیع المسلمین!
فنسعد بلقائه، فما أکرمه من ضیف تمضی زیاراته لنا کلمح البصر! لذا لابدّ أن نعامله ونستقبله أحسن إستقبال، ونغتنم ساعاته ولیالیه بالعمل الصالح وشکر الله بالقلب واللسان والجوارح، وأن نلتقی دوماً بالصدق والإخلاص والمحبه والوفاء، ولا نضیّع على أنفسنا فرصه التوبه والدعاء والتطهر وطلب المغفره والرحمه، ولنجاهد أنفسنا ونغسل قلوبنا وألسنتنا قبل أجسادنا وأیدینا.
فهو شهر وحید فی فضله.. عظیم فی أجره، فالملائکه تستغفر للصائمین حتى یفطروا، فعلینا أن نتسامح مع من أسأنا لهم، ونصل من قطعنا، ونعطی من حرمنا، ونعفو عمن ظلمنا، ونراجع کشف حسابنا، وما حصدناه طوال حیاتنا السابقه.
ونبتهل إلى الله أن یغفر لنا ما اقترفناه فی حق أنفسنا وفی حق من حولنا، ونتمنّى الخیر لنا ولکل الناس، وعلینا أن نتزود بکل ما هو کفیل بأن یخفف علینا الحساب، ویثقل میزان حسناتنا فلعلنا لا نلحق به فی العام المقبل.. وینبغی لنا ألا نترک هذه الفرصه ونتکاسل فی هذه اللیالی المعدوده ونحرم أنفسنا من أجرها، فهی لیالٍ مبارکه فیها لیله خیر من ألف شهر.
فما أجمل أن نلتقی فی رمضان بالصدق والإخلاص والوفاء والمحبه! فبالحب نعیش ونسعد من دون لوم أو تجریح، فنطوی آلامنا، ونفتح قلوبنا للمحبه، ونتمنّى الخیر لنا ولکل الناس، فالحیاه قصیره، وکل شیء إلى زوال، فلا شباب دائماً، ولا غنی سیدوم، ولا فقیر سیخلد،
والباقی هو الذکرى الجمیله والکلمه الطیبه والعمل الصالح، فهناک فرق بین أن یعیش الإنسان بقلب محب وبین قلب حاقد، وبین أفکار صادقه وأخرى تتصارع وتعصف بکل ما حولها، وبین مشاعر صافیه وأخرى تعیش الخوف، وبین نظره تتمنّى الخراب وأخرى تتمنّى العمار، فیا لیت العام کله رمضان لنکسب ثوابه وأجره العظیم.
وبقدر فرحتنا بإستقباله بقدر ما نرفع أیدینا بالدعاء، راجین من المولى أن یعیده علینا ونحن أسعد حالاً وأکثر إیماناً وحباً.. اللّهمّ أعنَّا على صیامه وقیامه والعمل الصالح فیه وفی غیره من الشهور، وثبّتنا على الطاعه حتى نلقاک على الوجه الذی یرضیک عنّا، وأقرر عینی سیدنا محمد (ص)، بأُمّته، إنّک سمیع مجیب الدعاء.
وکل رمضان ونحن وجمیع الأُمّه الإسلامیه والعربیه ننعم بالصحه والعافیه والخیر والمحبه والعدل والسلام.
واشنطن وطهران.. لعبة وقت على وقع انقسامات أميركية حادة
بعد موجة أميركية عالية من التهويل ضدّ إيران، بدأت تتكشف معطيات جديدة تشير إلى انقسامات جدّية داخل إدارة الرئيس دونالد ترامب حيال التعامل مع المسألة الإيرانية. وتتمحور هذه المعطيات حول نهجين مختلفين، أولهما نهج ترامب نفسه الخائف من الحرب، خصوصاً لناحية تداعياته على مستقبله السياسي. بينما ثانيهما نهج جون بولتون وفريقه الراغب بحربٍ "عقائدية" مع طهران، لها أصولها في المعتقدات المتطرفة التي يعتنقها، والقريبة جداً من الموقف الإسرائيلي ضد إيران. وبين هذا وذاك، يقف مايك بومبيو وزير الخارجية في موقف ثالث، باحثاً عن فرصة مؤاتية لخلافة ترامب في الرئاسة.
وتوحي تفاعلات الأحداث الأخيرة التي شهدتها هذه الأزمة بوجود فروقات جوهرية داخل الإدارة، حيث تشير معظم القراءات التحليلية إلى أن ترامب يريد الضغط على إيران اقتصادياً ومحاصرتها في محيطها الحيوي جيوسياسياً، ومحاصرة حلفائها في اليمن والعراق وسوريا ولبنان، وتجنب المواجهة المباشرة معها في الوقت نفسه.
وتستند هذه التحليلات إلى وعود ترامب بالانسحاب من الحروب الخارجية، وتخفيف أعباء واشنطن من الأزمات المنفجرة جول العالم، واستخدام الحلفاء بدلاً من التدخل المباشر، فضلاً عن أن قرار الحرب يحتاج إلى موافقة مستبعدة من الكونغرس في الظروف الحالية، مع عدم إسقاط خيار الحرب من يده في حال تعرضت القوات الأميركية المنتشرة في محيط إيران لهجوم مباشر، أو في حال تعرضت المصالح الأميركية في المنطقة لتهديد مباشر وحقيقي، حيث يمكن للرئيس في هذه الحالة اتخاذ قرار الرد مباشرةً من دون الحاجة إلى موافقة الكونغرس. إلى جانب حساباتها الانتخابية التي يزيد قرب الانتخابات الرئاسية في 2020 من حساسيتها.
وفي هذا السياق، كشفت صحيفة "واشنطن بوست" الخميس عن أن ترامب منزعج مما وصفها بـ"خطط حربية" يرسمها صقور الإدارة (بومبيو وبولتون) لجر أميركا إلى حربٍ، تناقض وعوده الانسحابية من الحروب، وقالت الصحيفة إن اجتماعاً عقده ترامب حول إيران صباح الأربعاء سلط الضوء على "تكاليف الحرب مع إيران".
معلومات أخرى في السياق نفسه أشارت إلى تحذيرٍ وجهه الديبلوماسي الأميركي دايفيد ساترفيلد إلى القادة اللبنانيين من أي ردة فعل يمكن أن تقوم بها المقاومة في لبنان في سياق التوتر الذي تشهده المنطقة، ودعوته لهم للالتزام بسياسة النأي بالنفس عن قضايا المنطقة.
بينما في الوقت نفسه، رُصدت إشارات في الصحافة التركية تشير إلى مخاوف تركية من أن تكون الخطوات الأميركية لحصار إيران تستبطن حصاراً لتركيا ومصالحها في المنطقة، وصولاً إلى التحضير لمحاولة انقلاب عبر أكرم إمام أوغلو وفتح الله غولن. وهي مخاوف تستند إلى بدء رصد عبور أموال سعودية وإماراتية إلى تركيا، ما يعتبر بداية تحضير الأرضية لتحركات مناهضة لحكم أردوغان.
وفي مواجهة خيار ترامب، يتولى كلٌ من وزير الخارجية مايك بومبيو ومستشار الأمن القومي جون بولتون شؤون التهديد بالحرب وجر الأساطيل وتحفيز الحلفاء، والتهويل على القادة الإيرانية لدفعهم مرغمين إلى التفاوض على اتفاق نوويٍ مغاير لمضمون الاتفاق الذي وقعه معهم الرئيس السابق باراك أوباما والدول الخمس.
وبين هذا وذاك، لا تبدو المسألة أنها مجرد عملية توزيع أدوار متقنة تدار من قبل واشنطن حيال المسألة الإيرانية، بل إن الخلافات المتّسعة بين المواقف داخل الإدارة نفسها تنعكس في التطورات اليومية وفي تصريحات المسؤولين.
ووفق هذا المنطق، فإن الهدف المركزي لهذه الأدوار المتمايزة هو حصار إيران وخنقها اقتصادياً لتحقيق إحدى نقطتين: إجبار إيران على التفاوض، وتالياً تجميد برنامجها النووي وتغيير سلوكها الداعم لحركات المقاومة في المنطقة، وهو خيار ترامب الذي يعمل من اجله. بينما النقطة الثانية وهي إسقاط النظام في إيران من خلال خنقه اقتصادياً وترويع الإيرانيين لإضعاف إيمانهم بمشروع بلادهم الوطني الثوري، أو من خلال عمل عسكري مباشر، وهو خيار بولتون ويميل إليه بومبيو.
وحول هذه النقطة الأخيرة، فإن انزعاج ترامب من تصريحات مسؤولي إدارته حول النية بإسقاط النظام الإيراني يأتي من باب محاولة الحؤول دون تحشيد الإيرانيين خلف قيادتهم فيما لو أعلن الهدف العلني وهو استهداف بلادهم بصورةٍ مباشرة. ومن جهة أخرى منع إيران من استخدام أوراقها القوية في اتجاهين. الاتجاه الأول، تعطيل أوراق القوة الذاتية من ترسانة تسليح طورتها طهران على مدى سنوات من الاعتماد على الذات، بسبب الحصار المتواصل الذي منعها من الاستفادة من التعاون مع دول العالم المنتجة للتقنية بصورةٍ طبيعية. بينما يتضمن الاتجاه الثاني النفوذ الإيراني في المنطقة والذي يشمل مجموعة من الحلفاء في محور المقاومة، الذين بدورهم يمتلكون أظافر حادة قادرة على إصابة المصالح الأميركية إلى حدٍ موجع، في اليمن والعراق وسوريا ولبنان وغيرها.
أما إيران، فمن خلال رصد تصريحات كبار مسؤوليها تبدو حذرة في ردها، وهي تتصرف على أساس أخذ كل الاحتمالات بجدّية. يصرح قائدها الأعلى السيد علي خامنئي بأن الحرب لن تحدث. وفي الوقت نفسه يقول قائد الحرث الثوري العميد حسين سلامي إن بلاده "على شفا مواجهة شاملة مع العدو" وان المرحلة "مصيرية".
كل هذا يشير إلى أن اللعبة في أولها. أوراق القوة كثيرة وموزعة اللاعبين، وهي متنوعة إلى ردجة لا يمكن توقع نتيجة أكيدة لها. لكن الوقت قد يكون العامل الأكثر تأثيراً لانتصار أحد الطرفين. ترامب يراهن عليه لرؤية انهيارات مفاجئة في طهران، بينما يراهن الإيرانيون عليه لرؤية لزيادة الشرخ في الإدارة الاميركية قبيل الانتخابات. فيما يزداد توتر بولتون وفريقه الذي يخسر وقتاً ثميناً من دون أن يتمكن من إشعال الحرب.
نورالدين إسكندر
القرآنُ الكريم عِند أهل البيت عليهم السّلام
للقرآن الكرَيم مكانة كبرى عند المسلمين لم تكن لأيّ كتابٍ آخر سواه.فمنذ نزوله أحبُّوه، وتَلَوْا ما تيَسَّر لهم منه آناء اللّيل وأطراف النّهار، وحَفِظُوا آياته، وحَفَّظوهُ أبنائهم، واعتنَوا بتفسيره، واستجلاء مقاصده.وقد كان هذا طبيعيّاً، فهو كتاب الله العظيم، المستجِمع لجميع عناصر الرّوحانية والجمال، وهو الذي أوجدَ منهم اُمةً عظيمةَ الشّأن، منيعة الجانب، سامية الحضارة، محترمةً بين الشّعوب والأمم، بما أعطاهم من شخصيّة وسموٍّ في الذّات والمعنى.
غير أنَّ القرآن الكريم كان له عند أهل بيت النّبوّة ـ بدءً بالإمام أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام ومروراً بفاطمة الزّهراء عليها السّلام ثمّ الحسنين والأئمّة التّسعة مِن وُلْد الحسين ـ مكانة أكبر، ومنزلَة أسمى فاقت ما لهذا الكتاب العظيم من المكانة والمنزلة عند غيرهم من المسلمين.* * *
1ـ أهميّة القرآن الكريم عند أهل البيت عليهم السّلامهذا أميرالمؤمنين عليّ عليه السّلام يقول في شأن القرآن موجِّهاً أنظار المسلمين إلى أهميَّة هذا الكتاب الإلهيّ المقدس:«اللهَ الله أيُّها النّاسُ فيما استحفَظَكم من كتابه».
(1)وقال في هذا المجال أيضاً:«عَليكُم بكتاب الله فإنَّه الحَبلُ المتين، والنّورُ المبين، والشّفاءُ النّافع، والرِّيّ الناقِع، والعصمةُ للمتمسّك، والنّجاةُ للمتعلِّق، لا يَعْوَجُّ فيُقام، ولا يَزيغُ فَيُستَعتَب». (2)
وهذا الإمام سيّد السّاجدين عليّ بن الحسين عليه السّلام يقول عن القرآن الكريم:«لو ماتَ مَن بينَ المشرق والمغرِب لَما اْستوحشتُ، بعد أن يكون القرآن معي». (3)
ولم يكن هذا بالأمر الغريب، فهم سلام الله عليهم قُرَناء الكتاب حسب حديث (الثّقلين) المتواتر (4)، وهما معاً يشكّلان المصدرَين الأساسِيَّين للمعرفة الإسلاميّة بعد ارتحال رسول الله صلّى الله عليه وآله، فلا غرابة أن تهتمّ العترةُ النّبويّة بالكتاب وتلفت النظر إليه، كما اهتمّ الكتاب بالعترة الطاهرة، ولَفت الأنظار إليها بقوله: إنّما يريدُ الله ليُذهب عنكم الرّجس أهل البيتِ ويطهّركم تطهيراً (5)،
وقوله: قل لا أسألكم عليه أجراً إلاّ المَودَّة في القربى (6).
من هنا حثَّ أهلُ البيت عليهم السّلام كثيراً على العناية بالقرآن الكريم بجميع الأشكال والصور:• قال الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:«تعلّموا القرآن فانه أحسن الحديث، وتفقّهوا فيه فإنَّه ربيعالقلوب». (7)•
وقال حفيده الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام:«يَنْبغي للمؤمن أنْ لا يموت حتّى يَتعَلّم القرآنَ، أو يكونَ في تعلّمه». (8)•
وقال الإمام الصّادق عليه السّلام أيضاً:«مَنْ شُدِّدَ عليه في القرآن كان له أجران، ومن يُسِّرَ له كان مع الأوَّلين». (9)
وأكَّدوا على تعليمه للشّباب والأولاد خاصة.• قال الإمام الحسن بن عليّ العسكري عليه السّلام:«إنّ القرآن يأتي يومَ القيامة بالرّجل الشّاحبِ يقولُ لربّه: يا ربّ، هذا أظمأتُ نهارَه، وأسهرتُ ليلَه، وقوّيت في رحمتك طمعه، وفسحتُ في رحمتك أمله، فكن عند ظنّي فيك وظنّه. يقول الله تعالى: اُعطوه المُلكَ بيمينه والخُلد بِشماله، واقرِنوه بأزواجه من الحور العين، واكسُوا والديه حلّة لا تقوم لها الدّنيا بما فيها، فينظر إليهما الخلائق فيعظّمونهما، وينظران إلى أنفسهما فيعجبان منهما، فيقولان: يا ربّنا، أنّى لنا هذه ولَم تَبلُغْها أعمالُنا ؟! فيقول الله عزّوجلّ: ومع هذا تاج الكرامة، لم يَرَ مثلَه الرّاؤون ولم يسمع بمثله السّامعون، ولا يتفكَّر في مثله المتفكّرون، فيقال: هذا بتعليمكما ولدَكُما القرآن، وبتبصيركما إيّاه بدين الإسلام، وبرياضتكما إيّاه على حُبّ محمّد رسول الله وعليّ وليّ الله صلوات الله عليهما، وتفقيهكما إيّاه بفقههما». (10)•
وقال الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام في هذا الصّدد:«إنّ الله عزّوجلّ لَيهمُّ بعذاب أهل الأرض جميعاً حتّى لا يحاشي منهم أحداً إذا عَمِلوا بالمعاصي واجترحوا السّيّئات، فإذا نظر إلى الشِّيب ناقلي أقدامهم إلى الصَّلوات، والوِلدان يتعلَّمون القرآن، رحمَهُم فأخَّر ذلك عنهم». (11)
ودعا الأئمّة الطّاهرون النّاسَ وشيعتهم خاصّة إلى الإكثار من قراءة القرآن الكريم وتلاوة آياته.• قال الإمام محمّد بن عليّ الباقر عليه السّلام:«إنّما شيعةُ علّي.. كثيرةٌ صَلاتُهم كثيرةٌ تلاوتُهم للقرآن». (12)•
وقال الإمام جعفر الصادق عليه السّلام:«عليكُم بتلاوة القرآن؛ فإنَّ درجاتِ الجنّة على عَدَد آيات القرآن، فإذا كان يومُ القيامة قيل لقارئ القرآن: إقْرَاْ وارقَ. فكلّما قرأ آية يرقى درجة». (13)•
وقال عليه السّلام أيضاً:«القرآنُ عهدُ الله إلى خلقه، فقد ينبغي للمرء المسلم أن يَنظُر في عهده، وأن يقرأ منه في كل يوم خمسين آية». (14)•
وقال عليه السّلام كذلك وهو يؤكد على التّلاوة في المصحف بالذّات:«مَن قرأ القرآن في المصحَف مُتِّعَ ببصره وخُفّفَ عن والِدَيه وإن كانا كافرَين». (15)•
وسئِلَ الإمام زين العابدين عليّ بن الحسين عليه السّلام ذات مرّة: أيّ الأعمال أفضل ؟ فقال: الحالُّ المُرْتحِل. فقيل: وما الحالُّ المرتحِل ؟ فقال عليه السّلام: «فَتْح القرآن وَخَتْمه، كلّما جَاءَ بأوّله ارتحَلَ في آخره». (16)أي خَتَمَ القرآن وابتَدَأ بأوّله ولم يفصل بينهما بزمان (17).
وحثَّ الأئمّة من أهل البيت عليهم صلوات الله على حفظ آيات القرآن واستظهارها، وقراءتها عن ظهر قلب ليختلط بدم المسلم ولحمه، ويملأ عقلَه وفؤادَه:• قال الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام:«إقرَأُوا القُرآنَ واستَظهِروه؛ فإنَّ اللهَ لا يُعَذّبُ قلبَاً وعَى الْقرآن». (18)•
وقال عليه السّلام في هذا الصدد:«مَن استَظْهَرَ القرآن، وحفِظه وأحلّ حلالَه وحرَّم حرامَه أدخلَه الله الجنّة به، وشفّعه في عشرة من أهله كلّهم قد وجبَ لهمُ النّار». (19)•
وعمّن يعالج حفظ القرآن وهو يعاني من ضعف الذّاكرة وقلّة الحفظ.. قال الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام:«إنّ الذي يعالجُ القرآن ليحفَظَه بمشقّة مِنهُ، وقِلّة حِفظه، له أجران». (20)
وأكدّوا عليهم السّلام أن يؤكّدوا على قراءة القرآن الكريم بالصَّوت الحَسَن؛ لأنَّ ذلك يزيد من روعته وجماله، ويساعد على تأثيره في النفوس ونفوذه في القلوب. فالصَّوت الحَسَن قيمة جماليّة وأحرى بها أن تَنْضمَّ إلى أجمل جَمالات الكون، ألا وهو القرآن الكريم، وبالتالي تتناسق نغمة الصوت الحسن ونسمة الوحي المقدّس لتحيي القلوب، وتنعش النّفوس. ألم يَقُل رسول الله صلّى الله عليه وآله: «إنّ مِن أجمل الجمال الشِّعر الحسن، ونَغمةُ الصَّوتِ الحَسَن». (21)
فأيّ موضع أجدر بأن تستعمل فيه هذه الموهبة الألهيّة من قراءة القرآن وتلاوته؟!• وقال الإمامُ أبو جعفر الباقر عليه السّلام لأبي بصير عندما قال للإمام عليه السّلام: إذا قرأتُ القرآن فرفعتُ به صَوتي جاءني الشّيطانُ فقال: إنّما تُرائي بهذا أهلَكَ والناسَ:«يا أبا محمّد، إقرأ قراءَة ما بين القراءتين تُسمعُ أهلَك، ورجِّع بالقرآن صوتَك؛ فإنَّ الله عزّوجلّ يحبّ الصّوتَ الحَسَن يُرجَّع فيه ترجيعاً». (22)
أي إقرأ قراءةً متوسّطةً، لا هي بالخفيَّة التي لا تُسمَع، ولا هي بالعالية التي تَصُكُّ الآذان.ومن هنا قال الإمام أبو عبدالله جعفر الصادق عليه السّلام:«يكرَه أن يُقرَأ قل هو اللهُ أحد، بنَفَس واحد». (23)
لأن ذلك من شأنه التقليل من فرَص الانتباه إلى جمال هذه السورة، والتقليل بالتالي من نفوذها في نفس القارئ والسّامع.وقد كانت تلاوة القرآن بالصَّوت الحَسَن والقراءة الجميلة هو ما عُرف عن أهل البيت عليهم السّلام.• عن أبي عبدالله الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام أنه قال:«كان عليّ بن الحسين (السجّاد) صلوات الله عليه أحسَنَ النّاسصوتاً بالقرآن، وكانَ السَّقّاؤون يمرُّون فيقفون ببابه يسمَعون قراءته. وكان أبو جعفر (الباقر) عليه السّلام أحسَنَ النّاس صوتاً (أي بالقرآن)». (24)
وممّا أكّد أهل البيت عليهم السّلام عليه في مجال القرآن هو قراءته في البيوت، ووجود مصحف شريف في البيت، لما يتركه ذلك (أي القراءة ووجود المصحف الكريم في البيت) من آثار معنوية في نفوس أهله وعقولهم وخلقهم وسلوكهم وحياتهم بصورة عامّة.• قال الإمام أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السّلام:«البيت الذي يُقرَأُ فيه القرآن ويذكَرُ الله عزَّ وجلّ فيه تكثر بركته، وتحضره الملائكة، وتهجره الشّياطين، ويُضيء لأهل السّماء كما تضيء الكواكب لأهل الأرض. وانّ البيت الذي لا يُقرأ فيه القرآن ولا يُذكر الله عزّوجلّ فيه تقلّ بركته، وتهجره الملائكة، وتحضره الشّياطين». (25)•
وقال الإمام الباقر محمّد بن عليّ عليه السّلام في هذا الصّدد:«إنّي لَيُعجبني أن يكون في البيت مصحف يطرد اللهُ عزّوجلّ به الشّياطين». (26)
كما أكّدوا عليهم السّلام على ختم القرآن الكريم في مكّة المكرمة، أي في أجواء نزول القرآن المكانيّة، وإن حُرِمنا من أجوائها الزّمانيّة، ومن المعلوم ما للأجواء الزّمانيّة والمكانيّة من تأثير وإيحاء نفسي.• قال الإمام محمّد الباقر عليه السّلام:«مَن خَتَم القرآن بمكّة لم يَمُت حتّى يرى رسول الله صلّى الله عليه وآله، ويرى منزلَه من الجنّة». (27)
وكان التأكيد أيضاً على كثرة تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان، شهر نزول القرآن الكريم الذي يمثلّ الأجواء الزّمانيّة، أليس نزول القرآن كان في شهر رمضان ؟!• في فقه الرضا عليه السّلامفي باب الصوم:«وأَكثِرْ في هذا الشّهر المبارك من قراءة القرآن». (28)
أما الإصغاء إلى القرآن الكريم عند تلاوته، احتراماً وتبجيلاً، بل واحترام القرآن الكريم مطلقاً، وفي كلّ زمان ومكان، فقد ورد عن أهل البيت عليهم السّلام في شأنه وحقّه ما يحمل المسلم على احترام الكتاب العزيز أشدّ الاحترام، وتكريمه أشدّ الإكرام.• قال الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام:«مَن استَمع حَرفاً مِن كتاب الله من غير قراءة كَتَب اللهُ له حسنة، ومحا عنه سيّئةً، ورفعَ له درجة». (29)•
وقال عليه السّلام أيضاً:«يجبُ الإنصات للقرآن في الصّلاة وغيرها، وإذا قُرِئ عندك القرآنُ وَجَب عليكَ الإنصات والاستماع له». (30)•
وقال عليّ عليه السّلام عن المواضع التي ينبغي أو يجب تجنُّبُ قراءة القرآن فيها إكراماً له، وحفظاً لشأنه:«سبعةٌ لا يَقرأون القرآنِ: الرّاكعُ والسّاجدُ، وفي الكنيفِ وفي الحمّام، والجنُب والنُفَساء والحائض». (31)* * *
2 ـ موقف أهل البيت العملي من القرآنوأما موقف أهل البيت العمليّ من القرآن الكريم فكان موقفاً يدعو إلى التأمّل والتدبر، كما يدعو إلى الإعجاب والإكبار.ونحن ننقل هنا نماذج جاءت على لسان أهل البيت أنفسهم أو على لسان من كتَب عنهم من علماء الإسلام ومؤرّخيه ومن المتعرّضين لسيرتهم عليهم السّلام.• روى الصّدوق في الخصال بسنده إلى نَوف البَكالي قال: بِتُّ عند أمير المؤمنين عليّ عليه السّلام فكان يُصلّي اللّيل كلَّه، ويخرج ساعة بعد ساعة فينظر إلى السّماء ويتلو القرآن. (32)•
وكتب ابن كثير في تاريخه: كان الإمام الحسَن بن عليّ عليه السّلام لا يمرُّ بآية تشتمل على نداء المؤمنين إلاّ قال: اللّهمّ لبَّيك، اللّهمّ لبَّيك. وكان يقرأُ في كلِّ ليلة سورة الكهف. (33)•
وكتب محمد بن طلحة الشّافعي في عبادات الإمام الحسن يقول:كان كأبيه في الجهاد بنفسه وبماله، وفي العبادة والصّلاة والصّيام وتلاوة القرآن. (34)
وعنه يقول ابن نسوة التّميمي:فليت قَلُوصي عرّبت أو رَحَلتُها إلى حَسَن في داره وابن جعفرِإلى ابن رسول الله يأمر بالتُّقى ويقرأ آيات الكتاب المطهَّرِ (35)•
وروى الطّبريّ فيمن روى أحداث واقعة كربلاء أنّه لمّا أراد جيش ابن سعد بدء القتال ومهاجمة المعسكر الحسيني، قال الإمام الحسين عليه السّلام لأخيه العبّاس بن عليّ عليه السّلام: إذهب إليهم واستَمهِلهم هذه العشيّة إلى غد؛ لعلنّا نصلّي لربّنا اللّيلة وندعوه ونستغفره، فهو يعلم أنّي اُحبّ الصّلاة له وتلاوة كتابه وكثرة الدّعاء والاستغفار. (36)•
وعن أبي الحسن الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام أنّه قال: كان عليّ بن الحسين عليهما السّلام يقرأ القرآن، فربّما مرّ به المارُّ فصَعِق مِن حُسن صوته. (37)•
وقال مالك بن أنس (مؤسّس المذهب المالكي) في الإمام جعفر الصّادق عليه السّلام:«جعفر بن محمّد، اختلفتُ إليه زماناً فما كنتُ أراه إلاّ على إحدى ثلاث خصال: إمّا مُصَلّياً، وإمّا صائماً، وإمّا يقرأ القرآن». (38)•
وجاء في الكافي عن حفص حول الإمام موسى بن جعفر عليه السّلام أنّه قال: ما رأيت أحداً أشدَّ خوفاً ( أي من الله ) على نفسه من موسى بن جعفر عليه السّلام، ولا أرجى للنّاس منه، وكانت قراءته (أي للقرآن) حزناً، فإذا قرأ فكأنّه يخاطب إنساناً». (39)•
وقال ابن شهر آشوب فيه عليه السّلام أيضاً: كان أفقه أهل زمانه وأحفظهم لكتاب الله وأحسنهم صوتاً بالقرآن، فكان إذا قرأ تحزَّنَ وبكى، وبكى السّامعون لتلاوته. (40)•
وأمّا الإمام عليّ بن موسى الرّضا عليه السّلام فقد جاء في كتاب «إعلام الورى بأعلام الهدى» عند ذكر طرف من خصائصه ومناقبه وأخلاقه: إنّ إبراهيم بن العبّاس (الصَّولي) قال: ما رأيت الرّضا عليه السّلام سئِل عن شيء إلاّ علِمه، ولا رأيتُ أعلمَ منه بما كان في الزّمان إلى وقته وعصره، وكان المأمون يمتحنه بالسّؤال عن كلّ شيء فيجيب عنه، وكان جوابه كلّه وتمثُّله انتزاعات من القرآن المجيد، وكان يختمه في كلِّ ثلاث، وكان عليه السّلام يقول:«لو أنّي أردتُ أن أختمه في أقرب من ثلاث لختمتُ، ولكنّني ما مررتُ بآية قطّ إلاّ فَكَّرتُ فيها، وفي أيّ شيء اُنزِلت وفي أي وقت، فلذلك صرتُ أختمه في كلّ ثلاث». (41)•
وقال المسعودي في مروج الذّهب: سُعِيَ إلى المتوكل بعليّ ( الهادي ) بن محمد الجواد عليه السّلام أنّ في منزله كتباً وسلاحاً من شيعته من أهل قمّ، وأنّه عازم على الوثوب بالدَّولة، فبعث إليه جماعةً من الأتراك فهجموا على داره ليلاً فلم يجدوا فيها شيئاً ووجدوه في بيتٍ مغلَقٍ عليه، وعليه مدرعةٌ من صوف وهو جالس على الرَّمل والحَصا ومتوجّهُ إلى الله تعالى يتلو آياتٍ من القرآن. (42)
هذا، وما ذكرناه هنا ليس سوى نماذج معدودة من موارد عديدة كثيرة، لو أحصاها أحد وتقصّاها وتتبَّعها لتهيّأ منها مجلد ضخم كثير العبر والدروس.ولم يكن هذا بالأمر العجيب، فأَهلُ البيت بدءً بالإمام عليّ عليه السّلام وولديه الحسن والحسين عليهما السّلام أعرَف من غيرهم بقيمة القرآن الكريم وعظمته، وبفضله ومحتواه.* * *
طباعة1 ـ نهج البلاغة: الخطبة 86.2 ـ نهج البلاغة: الخطبة 156.3 ـ الكافي، للكليني 440:2.4 ـ حديث مشهور، راجع مسند أحمد وصحيح مسلم والنسائي وغيرها.5 ـ سورة الأحزاب / 33.6 ـ سورة الشورى / 23.7 ـ نهج البلاغة: الخطبة 110.8 ـ الكافي 444:2.9 ـ الكافي 444:2.10 ـ تفسير الإمام العسكري عليه السّلام 22.11 ـ ثواب الأعمال، للصدوق 21 و 16.12 ـ صفات الشيعة، للصدوق / ح 167.13 ـ وسائل الشيعة، للحرّ العاملي 842:2.14 ـ الكافي 446:2 ، 449 ، 442.15 ـ الكافي 446:2 ، 449 ، 442.16 ـ الكافي 446:2 ، 449 ، 442.17 ـ مرآة العقول، للمجلسي 488:12.18 ـ جامع الأخبار، كما في مستدرك الوسائل 290:1 عن نهج البلاغة.19 ـ جامع الأخبار، كما في مستدرك الوسائل 290:1 عن نهج البلاغة.20 ـ الكافي 443:2 ، 450 ، 451.21 ـ الكافي 443:2 ، 450 ، 451.22 ـ الكافي 443:2 ، 450 ، 451.23 ـ الكافي 451:2 ، 441.24 ـ الكافي 451:2 ، 441.25 ـ الكافي 451:2 ، 441.26 ـ ثواب الأعمال 93.27 ـ المحاسن، للبرقي 69.28 ـ مستدرك الوسائل، للنوري 294:1.29 ـ الكافي 488:2.30 ـ تفسير العياشي 44:2.31 ـ الخصال، للصدوق 10:2.32 ـ الخصال 337:1.33 ـ أمالي الصدوق 108، وتاريخ ابن كثير 37:8.34 ـ المناقب، لابن شهرآشوب 66.35 ـ أنساب الأشراف، للسَمعاني ق 1 ص 219.36 ـ الكافي 316:4.37 ـ الكافي 450:2.38 ـ تهذيب التهذيب، لابن حجر 104:2، والتوسل والوسيلة، لابن تيمية 520.39 ـ دعوات الراوندي 3، والكافي 606:2.40 ـ المناقب 432:3.41 ـ إعلام الورى، للطبرسي 327.42 ـ مروج الذهب 93:4.43 ـ الطبقات الكبرى، لابن سعد 2 ق 2 ص 101 ، والاستيعاب ـ بهامش الإصابة 253:2، والإتقان للسيوطي71:1، والتسهيل لعلوم التنزيل 4:1، وفهرست ابن النديم 47 ـ 48.44 ـ تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام للسيّد حسن الصّدر 316.45 ـ تأسيس الشيعة لعلوم الإسلام 327.46 ـ الإرشاد، للمفيد 241.47 ـ مطالب السؤول، لابن طلحة الشافعي 55:2.48 ـ الاتحاف، للشبراوي 52.49 ـ الإرشاد، للمفيد ـ حياة الإمام الجواد 320 ـ 321، وتحف العقول، في كلماته.50 ـ عيون أخبار الرضا عليه السّلام، للصدوق 142:2.51 ـ إثبات الوصيّة، للمسعودي 222 ـ 223.52 ـ الاحتجاج، للطبرسي 377.53 ـ المناقب 424:4.54 ـ التوحيد، للصدوق 224.55 ـ كنز العمال، للهنديّ 260:14 ـ 276.56 ـ نهج البلاغة بشرح محمّد عبده.57 ـ مسند أحمد، صحيح مسلم، سنن الترمذي، مستدرك الحاكم.58 ـ الكافي 311:8.59 ـ تفسير العيّاشي 71:1، والمحاسن، للبرقي 300.60 ـ الكافي 74:1.61 ـ وسائل الشيعة 327:1.62 ـ وسائل الشيعة 290:1 ـ 291.63 ـ مستدرك وسائل الشيعة، للميرزا النوريّ 291:1.
لماذا نتمرد علی الاوامر الالهیة مع علمنا بأن الله علیم و قادر و حکیم؟
الجواب الإجمالي
ان العلم بکون الله عالماً باعمالنا و قادراً و حکیماً لا یکفی لتحریک الانسان نحو الطاعة، فقد کان الشیطان عالماً بالله تعالی لکنه مع ذلک تمرد علی امره.
ان العلم بصفات الله اذا کان مقروناً بالاعتقاد و الایمان فانه یحرک الانسان نحو العمل، اما القلب المنقاد للاهواء النفسانیة فلیس فیه محل للاعتقاد و الایمان و بالتالی للعبودیة لله تعالی.
و فی النتیجة یجب فی حصول العبودیة لله اضافة الی العلم ان یتوفر الایمان به، و لاجل حصول الایمان فی القلب یجب ازالة اسباب سلب الایمان و إضعافه (کهوی النفس و التعلق بالدنیا و دخول الوساوس الشیطانیة فی القلب و…) و توفیر أجواء حصول الایمان فی القلب کالتفکر فی الآثار الایجابیة لطاعة الله فی الحیاة الدنیا و فی الآخرة و فی العواقب الوخیمة للعصیان و التمرد و …)
الجواب التفصيلي
ورد فی القرآن الکریم و روایات المعصومین (ع) بعض الصفات لله تعالی المرتبطة بالانسان بنحو من الانحاء. من هذه الصفات صفة الخالقیة التی هی اساس وجود الانسان.
و الربوبیة و هی صفة أخری من صفات الله و التی هی بمعنی المدبر و المربی.
و العالمیة و القادریة، و تعنی ان الله تعالی عالم بکل شیء و قادر علی کل شیء.
و الرؤفیة، و تعنی انه تعالی أراف بالانسان من کل شخص آخر حتی من نفس الانسان و کلما کان العلم بهذه الصفات اکثر عمقاً لدی الانسان فانه یساعد الانسان کثیراً فی مسیرة أداء التکالیف الالهیة.
و لکن من المسلم ان العلم وحده لا یکفی فی تحریک الانسان نحو الالتزام بلوازم علمه [1] فقد کان الفراعنة علماء و لکنهم کفروا مع ذلک، یقول الله تعالی بشأنهم: “و جحدوا بها و استیقنتها انفسهم ظلما و علوا” [2].
و من النماذج الاخری التی ذکرها الله تعالی هو بلعم باعورا، فهو بالرغم من کونه عالماً و لکنه زل فی العمل، یقول القرآن: “و اتل علیهم نبأ الذی آتیناه ایاتنا فانسلخ منها فاتبعه الشیطان فکان من الغاوین” [3] و لو شئنا لرفعناه بها و لکنه اخلد الی الارض و اتبع هواه …”[4].
و لذا فان العلم یوفر الارضیة فقط للالتزام بمضمونه، و لکن هذه الارضیة انما تؤثر فیما لو استتبعها الایمان. فبالعلم و الایمان یتعبد طریق العمل، و بالطبع فانه یجب ازالة الموانع عن الطریق ایضاً و القرآن الکریم یورد هذه الموانع کما یلی:
الف. اتباع هوی النفس:
ان اتباع الاهواء النفسانیة من دون ملاحظة الجوانب العقلانیة و الشرعیة، یؤدی الی الابتعاد عن الصراط المستقیم و عدم الاعتناء بالتعالیم الالهیة، یقول القرآن الکریم فی هذا المجال: “أ فرأیت من اتخذ الهه هواه و اضله الله علی علم و ختم علی سمعه و قلبه و جعل علی بصره غشاوة فمن یهدیه من بعد الله أ فلا تذکرون”[5] و یقول فی آیه أخری :” فان لم یستجیبوا لک فاعلم انما یتبعون أهواءهم و من اضل ممن اتبع هواه بغیر هدی من الله ان الله لا یهدی القوم الظالمین”.[6]
ب. الانبهار بالدنیا و النظرة الخاطئة الیها:
اذا اعتقد الانسان بعدم وجود حیاة بعد الحیاة الدنیویة فاختار الحیاة الدنیا باعتبارها هدفاً نهائیاً و اعتبر ان همّه الاساسی هو توفیر الاحتیاجات الدنیویة فاصبح بالتالی غافلاً عن الحیاة الاخرویة و عن العبودیة لله [7]، فان مثل هذه الافکار و المیول تحول دون حصول الایمان و العبودیة لله تعالی. و الله تعالی یصف مثل هؤلاء بقوله: “ ان الذین لا یرجون لقاءنا و رضوا بالحیاة الدنیا و اطمأنوا بها و الذین هم عن آیاتنا غافلون اولئک مأواهم النار بما کانوا یکسبون”[8] و یقول فی آیة أخری: “تریدون عرض الدنیا و الله یرید الآخرة…”[9].
ج. اتباع الوساوس الشیطانیة:
الوساوس الشیطانیة عن طریق القلب [10] بواسطة التزیین (الاظهار بصورة حسنة) للاعمال القبیحة [11]، و الوعود الکاذبة للانسان [12] و تخویف الانسان من المستقبل، تصیر مانعاً من الایمان و العبودیة لله تعالی،[13] و الله تعالی یحذر من ذلک بقوله: ” یا بنی آدم لا یفتننکم الشیطان کما اخرج ابوبکم من الجنة “.[14]
ان حصول الایمان و العبودیة یحتاج الی محرک داخلی، و حیث ان المحرک الاساسی للسلوک الانسانی هو رجاؤه بان یصل الی الکمال من اللذة و الخوف و الفرار من الاضرار و المهالک، فقد أشار القرآن الکریم الی المنافع الدنیویة و الاخرویة للایمان و العبودیة و کذلک الی العقوبات الدنیویة و الاخرویة للکفر و التمرد و قد وصف الانبیاء بأنهم مبشرون و منذرون [15].
- الثواب الدنیوی للاعمال: “و لو أن اهل القری آمنوا و اتقوا لفتجنا علیهم برکات من السماء و الارض”.[16]
- الثواب الاخروی للایمان و العبودیة: “و من یعمل من الصالحات من ذکر أو انثی و هو مؤمن فاولئک یدخلون الجنة و لا یظلمون نقیراً”. [17]
- العقوبة الدنیویة للکفر و العصیان: “و ما اصابکم من مصیبة فبما کسبت ایدیکم و یعفو عن کثیر”.[18]
- العقوبة الاخرویة للکفر و العصیان: لهم فی الدنیا خزی و لهم فی الآخرة عذاب عظیم [19]
و فی النتیجة ینبغی القول بان العبودیة لله تعالی انما تحصل بالاضافة الی العلم التوحیدی و الالهی عن طریق الایمان و الیقین و ازالة الموانع من طریق العمل الصالح.
[1] للاطلاع اکثر حول الفرق بین العلم و الایمان، لاحظ: الاربعون حدیثاً، للامام الخمینی: ص 37، الاخلاق فی القرآن، مصباح الیزدی، ص 140.
[2] النمل، 14.
[3] الاعراف، .175
[4] الاعراف، 176.
[5] الجاثیة، 23.
[6] القصص، 50 و یراجع فی هذا المجال سورة الاعراف، 176؛ الکهف، 28؛ طه، 16؛ الفرقان، 23؛ ص، 26؛ محمد (ص)، 16؛ النجم، 23.
[7] و من الواضح انه لولا الحیاة الدنیا لم تکن هناک حیاة اخرویة، فاذا لم تکن الدنیا موجودة فالجنة ایضاً لیست موجودة، فالدنیا باعتبارها مخلوقاً من مخلوقات الله لا تقع علیها المذمة، و المذموم فی الواقع هو الاستخدام الخاطی لهذه النعمة.
[8] یونس، 7 و 8.
[9] الانفال، 67.
[10] جل عمل الشیطان هو الوسوسة، طه 120.
[11] النحل، 63، النمل، 24.
[12] النساء، 120.
[13] البقرة، 268.
[14] الاعراف، 27.
[15] النساء، 165.
[16] الاعراف، 96.
[17] النساء، 124.
[18] الشوری، 30.
[19] البقرة، 114، و حول اوصاف الجنة و النار، یراجع: مصباح الیزدی، تعلیم العقائد، 3، 90، 91.
ألمانيا.. نقاشات حول حظر الحجاب بالمدارس الابتدائية
شهدت ألمانيا نقاشا حول حظر ارتداء الحجاب في المدارس الابتدائية، بعد يومين من إقرار البرلمان النمساوي الأربعاء، قانونا بشأن القضية ذاتها.
وقالت وزيرة الدولة الألمانية لشؤون الهجرة واللجوء والاندماج، أنيت ويدمان-ماوز، في تصريحات لصحيفة "بيلد" الألمانية، الجمعة، إنها تعتبر ارتداء البنات الصغيرات للحجاب "أمرا سخيفا".
وأضافت أنها تعتقد أن معظم المسلمين يوافقونها الرأي، واعتبرت أنه لابد من مناقشة جميع التدابير اللازمة لحماية البنات الصغيرات، بداية من الحديث مع أولياء الأمور، وحتى الحظر.
وقالت وزيرة التعليم في ولاية شليسفيغ هولشتاين (شمال)، كارين برين، في تصريحات صحفية، إن البنات الصغيرات لابد أن ينشأن دون حجاب، وأن المساواة بين الجنسين أحد الحقوق الأساسية التي لابد أن تضمنها الدولة، ولا يمكن التهاون بشأنها.
ورأت أن المدارس لابد أن تأكد على تلك القيم وتنقلها للطلاب، لكنها قالت إنها غير متأكدة ما إن كان النقاش حول حظر الحجاب سيسهم في الأمر، معتبرة أن "هذا النقاش لن يصب لصالح اندماج أفضل للمهاجرين، وإنما سيفتح الباب أمام تضامنات غير مرغوبة"، دون مزيد من التوضيح.
من جانبه، أعرب وزير التعليم في ولاية تورينغن (جنوب)، هيلموت هولتر، عن رفضه فرض حظر على الحجاب، قائلا إنه "لابد من منح المسلمين إمكانية تطبيق دينهم وإظهاره للآخرين".
واعتبر أن الأهم هو التأكيد على العيش المشترك، في إطار القيم الأساسية والديمقراطية الإنسانية التي يكفلها الدستور، بغض النظر عن ارتداء الحجاب من عدمه.
وقال رئيس المجلس الإسلامي في ألمانيا برهان كسيجي، في تصريح لوكالة "الأناضول"، إن بدء نقاش كهذا في ألمانيا أمر لا ضرورة ولا معنى له.
واعتبر أن النقاش بخصوص فرض حظر على الحجاب في المدارس الابتدائية، أمر "عنصري وجارح".
وأضاف أن هذا النقاش يظهر أن الساسة الألمان يسعون للظهور على الساحة عبر انتهاج سياسات معادية للمسلمين، كما أكد أن هذا النقاش من شأنه خلق مشاكل في المدارس الألمانية بين الطلبة المسلمين والمعلمين.
والأربعاء، أقر مجلس النواب النمساوي، مشروع قانون قدمه الائتلاف الحكومي اليميني، يحظر ارتداء الحجاب في المدارس الابتدائية.
وأدى رفض المعارضة التصويت لصالح مشروع القانون إلى تمريره على أنه قانون عادي، وليس بندًا قانونيًّا بحكم الدستور، كما كان يأمل الائتلاف الحكومي، وهذا يتيح إمكانية إحالة القانون إلى المحكمة الدستورية لإلغائه.
وأعلنت منظمات أهلية، على رأسها الجماعة الإسلامية في النمسا، أنها ستقدم طعنًا إلى المحكمة الدستورية لإلغاء القانون لأنه يتناقض مع مبدأ المساواة في الدستور.
وينص القانون الجديد على تغريم الأسر التي تخالفه 440 يورو.
ويقول متابعون إن أهم مؤشر على التمييز ضد المسلمين في النمسا هو عدم حظر ارتداء الصليب واستثناء القلنوسة اليهودية من القانون.
المصدر:الاناظول
ظريف يسبتعد إجراء حوار مع واشنطن والأخيرة تنتظر اتصال طهران
وزير الخارجية الإيرانيّ محمد جواد ظريف يستبعد إمكانية إجراء أيّ حوار مع الولايات المتحدة، مؤكداً أنّ الحفاظَ على الاتفاق النووي يستلزم خطوات عملية. فيما نقلت رويترز عن مسؤول أميركي قوله إن واشنطن تنتظر اتصال طهران وأنها لم يصلها أي رد إيراني بعد بشأن التفاوض.
وقال ظريف في حديث له من طوكيو قبل توجهه الى الصين، إن بلاده "لا تسعى الى الحرب، لكنها تدافع عن مصالحها بقوّة"، مؤكداً أنّ "تطبيع العلاقات الاقتصادية مع إيران هو السبيل الوحيد للحفاظ على الاتفاق النووي".
واعتبر أن الحفاظ على الاتفاق النووي يتم عن طريق الإجراءات العملية وليس عن طريق إعلانات الدعم فقط لهذا الاتفاق.
ظريف ولدى وصوله إلى الصين قال إن المجتمع الدولي اكتفى بالتصريحات وإصدار البيانات بدلاً من الخطوات العملية للحفاظ على الاتفاق النووي، وقبل مغادرته اليابان حذّر ظريف من أن أميركا تسعى إلى التصعيد والتوتر.
وصرّح ظريف:"أسافر إلى الدول الصديقة والشريكة لنا، وخاصة الدول التي هي عضو في الاتفاق النووي للتشاور معهم حول آخر التطورات بشان الاتفاق وكيفية الحفاظ عليه".
وأضاف قائلاً " لقد أكدنا لكل هذه الدول خلال هذه الجولة أن الحفاظ على الاتفاق النووي يتم عن طريق الإجراءات العملية وليس عن طريق إعلانات الدعم فقط لهذا الاتفاق".
وأردف: "من الضروري في الظروف التي تسعى فيها أميركا إلى التصعيد والتوتر ونقض الاتفاق النووي، من الضروري أن نضع الدول المهمة في صورة آخر التطورات، وان نكمل مشاوراتنا معهم وقد قمت بزيارة عدة دول لوضع شركائنا لا سيما أعضاء الاتفاق في صورة التطورات وزيارتي لليابان كانت حول كيفية الحفاظ على الاتفاق ونحن نرى أن الحفاظ عليه فقط من خلال اتخاذ خطوات عملية وليس عبر البيانات الداعمة".
من ناحيته حثّ رئيس الوزراء اليابانيّ شينزو آبي إيران على "التمسّك بالاتفاق النوويّ"، مشدداً على أنّ بلاده تدعمها.
في المقابل، دعت صحيفة arab news السعودية الصادرة بالإنجليزية الولايات المتحدة إلى "توجيه ضربات قوية إلى إيران".
وطالبت الصحيفة في افتتاحيّتها الولايات المتحدة بـ"ردّ فعل حاسم وعقابيّ حتى تعرف إيران أنّ كلّ خطوة تقوم بها ستكون لها عواقب".
وأضافت أنّ "العقوبات لا توصل الرسالة الصحيحة إلى إيران"، معتبرةً أنّه "كان من الأجدى أن تقبل إيران عرض الرئيس دونالد ترامب بالتفاوض من أجل التوصل إلى صفقة من شأنها أن تكون في مصلحة الشعب الإيرانيّ".
إلى ذلك، أعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني في بيان أن المجلس هو المؤسسة الوحيدة التي تملك صلاحية إبداء الرأي في المسائل الاستراتيجية، مشيراً إلى أن تصريحات رئيس لجنة الامن القومي في مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني فلاحت بيشه.
وقال المتحدث باسم المجلس الأعلى إن رأي هذا النائب عن ضرورة إجراء سياسات خفض التوتر في المنطقة هو رأي شخصي ولا يعبّر عن الموقف الرسمي الإيراني.
ترامب: لا نريد الحرب مع إيران
نقلت وكالة رويترز عن مسؤول كبير في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب قوله إن واشنطن تجلس قرب الهاتف بانتظار اتصال من إيران.
وأوضح المسؤول الأميركي أن واشنطن لم تتلقَ أي رد إيراني بشأن إجراء مفاوضات مباشرة.
وقال المسؤول في إدارة ترامب: نعتقد أن على طهران التخلص من التصعيد والذهاب إلى المفاوضات.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" ذكرت أنّ الرئيس الأميركيّ دونالد ترامب أبلغ وزير الدفاع بالوكالة باتريك شانهان أنه "لا يريد الحرب مع إيران".
جاء ذلك قُبيل لقاء ترامب الرئيس السويسريّ أولي ماورر في البيت الأبيض في زيارة لم تكن مقرّرة على جدول أعمال الرئيسين، حيث بحثا التطورات في المنطقة وفنزويلا.
وكانت شبكة "سي ان ان" الأميركية قالت إن ترامب سيبحث مع نظيره السويسريّ "فتح قناة اتصال يمكنُه من خلالها التحدث مع الإيرانيين".
وفي تفاصيل مقال نيويورك تايمز، أعلن ترامب خلال اجتماع لغرفة العمليات الأربعاء الماضي، في رسالة إلى الصقور من مساعديه أنّ "حملة الضغط الأميركيّ على الحكومة الإيرانية يجب ألّا تتصاعد إلى صراع مفتوح".
ونقلت الصحيفة عن مسؤولين أنّ مستشار الأمن القوميّ جون بولتون عبرّ عن إحباطه من ترامب لـ"عدم رغبته في الدفع نحو إحداث تغييرات في منطقة لطالما اعتبرها مستنقعاً".
بدورها نقلت مجلة "تايم" الأميركية عن ثلاثة مسؤولين عسكريين أميركيين يشاركون في تخطيط للقوات العسكرية والإشراف عليها في المنطقة قولهم إنه لا توجد خطة فعلية قابلة للتنفيذ، أو أي شيء من هذا القبيل، لنشر قوات على نطاق واسع في الخليج.
وأضاف المسؤولون الأميركيون انه لم يجرِ اتصال مع المملكة العربية السعودية وقطر والكويت حول استضافة 120 ألف جندي أمريكي إضافي أو مئات الطائرات أو حول المساعدة في تحمل التكاليف المترتبة.
وقال الدبلوماسيان إنه لم تبذل جهود لتشكيل تحالف عسكري جديد شبيه بالتحالف الذي حشدته الولايات المتحدة في حرب الخليج الثانية عام 1991 وليس واضحًا على الإطلاق من الذي قد يكون مستعدًا للانضمام إلى مثل هذا التحالف.
من جهتها، أكدت المتحدثة بإسم البيت الأبيض سارة ساندرز ، أنّ "الرسالة المحورية للرئيس ترامب رغبته في الإنصات إلى وجهات النظر كافة لبلورة قراره النهائيّ، مشيرةً إلى أنّ الولايات المتحدة سـ"تستمر في ممارسة أقصى الضغوط على إيران".
وأوضحت ساندرز أنّ الخطوات التصعيدية التي تؤدي إلى الحربِ لا تحظى بإجماع داخل الكونغرس ومن كلا الحزبين الجمهوريّ والديمقراطيّ"، وأضافت: "ينبغي لإدارة ترامب العودة إلى الكونغرس للحصول على التفويض الضروريّ من أجل شنّ حرب على إيران".
ومن ناحيته، رأى السيناتور كريس ميرفي عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ أنّ الإدارة الأميركيّة "منخرطة في تصعيد أعمى من دون احتساب المخاطر، فقياداتنا العسكرية أخطرت الرئيس ترامب بأنّه إذا مضى في تطبيق سياسته المعلنة ضد إيران، فإنّ ذلك سيقوّض أمن قواتنا الموجودة في العراق".
في سياق متصل، ذكرت مصادر في الكونجرس أنّ مسؤولين في إدارة ترامب سـيُدلون بإفادات سريّة بشأن الموقف من إيران الأسبوع المقبل،
وقال معاونون في الكونجرِس إنّ "وزير الخارجيّة مايك بومبيو ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال جوزيف دانفورد والقائم بأعمال وزير الدفاع باتريك شاناهان سيحضرون جلسة الثلاثاء المقبل أمام مجلس الشيوخ بِكامل هيئته".
يأتي ذلك بعد أن طلب مشرّعون من الحزبين الديمقراطيّ والجمهوريّ مزيداً من المعلومات الاستخباريّة حول إيران.
اشرب الحلیب وتجول في الهواء الملوث براحة بال!
الحليب غني بمواد مفيدة تبعدك عما يضر بصحتك ونوضح لك ما هي علاقة الحليب بالهواء الملوث.
إن الهواء الملوث بإمكانه أن يصيبك بأمراض مختلفة تدريجياً بما فيها الربو والأمراض الجلدية وأمراض العين والعقم وضعف نمو الاطفال والزهايمر والباركنسون وكذلك السرطان.
وعندما نتحدث عن الهواء الملوث نعني به دخان السجائر والسيارات والدخان الناجم عن الأنشطة الصناعية وغيرها.
ویوصي خبراء التغذية جميع الفئات العمرية بشرب الحليب قليل الدسم لاسيما من يعمل في الأماكن التي تتعرض باستمرار للأشعاعات الضارة إذ إن الحليب يمد الجسم بالبوتاسيوم والمغنيسيوم والفوسفور والكالسيوم وهي ما يسلّحه أمام المواد الضارة التي تنتقل إليه عبر استنشاق الهواء الملوث بالرصاص مثلاً.
کما لا تقتصر فوائد الحليب على هذا الحد إذ إنه يساعد الجسم في تقوية العظام ويزيد من صلابة طبقة مينا الأسنان.
ویشار إلى أن كوباً واحداً من الحليب قليل الدسم يحتوي على 102 كيلو سعرة حرارية و8 غرامات من البروتين و12 غراما من الكاربوهيدرات و13 غراماً من السكر وغرامين من الدهن والمنغسيوم والبوتاسيم والفوسفور والكالسيوم وفيتامينات 12و B2و BوD.
صلح الإمام الحسن (عليه السلام) وبنوده
اضطر الإمام الحسن (عليه السلام) إلى قبول الصلح، بعدما أتم الحجة على أهل العراق، حفاظا على البقية الباقية من شيعته وأصحابه، كما صرح (عليه السلام) بذلك في أكثر من مقام، فقد سأله سائل عن السبب الذي دفعه إلى الصلح، فأجابه الإمام (عليه السلام) مبينا الحكمة في ذلك، وقال فيه: "...ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا عل وجه الأرض أحد إلا قتل[1]".
وحين اعترض عليه حجر بن عدي بعدما وافق على الصلح وقال له: "سودت وجوه المؤمنين"، فأجابه الإمام (عليه السلام): "ما كل أحد يحب ما تحب ولا رأيه كرأيك، وإنما فعلت ما فعلت إبقاء عليكم[2]".
هذا مع أن الإمام (عليه السلام) قد بين لهم سبب لجوئه إلى الصلح، فإنه بعدما تمت المعاهدة قام في أهل العراق، فقال: "يا أهل العراق، إنه سخى بنفسي عنكم ثلاث: قتلكم أبي، وطعنكم إياي، وانتهابكم متاعي[3]".
وهي أسباب يكفي كل واحد منها في إبراز الوجه الحقيقي لتشيع أهل العراق، كما تقدم الحديث عنه، من أن تشيعهم لرغبة منهم في سبيل الحصول على غاية دنيوية، ولم يكن الدافع لها محض ديني ولا إطاعة الإمام من حيث هو إمام.
وأراد معاوية ان يضلل الناس من جديد، فصعد المنبر بعد ابرام الصلح وقال: "إن الحسن بن علي رآني أهلا للخلافة، ولم ير نفسه أهلا لها". فلما فرغ صعد الإمام الحسن (عليه السلام) وخطب فيهم مبينا فضله وموقعه في الإسلام، قال فيها: "... وإن معاوية زعم لكم أني رأيته للخلافة أهلا، ولم أر نفسي لها أهلا، فكذب معاوية. نحن أولى بالناس في كتاب الله عز وجل، وعلى لسان نبيه (صلى الله عليه وآله) ولم نزل أهل البيت مظلومين منذ قبض الله نبيه (صلى الله عليه وآله)، فالله بيننا وبين من ظلمنا حقنا، وتوثب على رقابنا وحمل الناس علينا، ومنعنا سهمنا في الفيء ومنع أمنا ما جعل لها رسول الله (صلى الله عليه وآله).
وأقسم بالله لو أن الناس بايعوا أبي حين فارقهم رسول الله (صلى الله عليه وآله) لأعطتهم السماء قطرها، والأرض بركتها، وما طمعت فيها يا معاوية الخ[4]..".
بنود الصلح:
رغم أن التاريخ لم يحفظ لنا وثيقة الصلح على نحو متكامل، واكتفى المؤرخون بالقول ان معاوية أرسل إلى الإمام صحيفة بيضاء مختوما على أسفلها بختمه، وكتب إليه: أن اشترط في هذه الصحيفة التي ختمت أسفلها ما شئت فهو لك[5].
وكان الإمام قد أرسل صحيفة إلى معاوية ذكر فيها بعض الشروط، التي كان قد كتبها قبل ذلك ولكنها وصلت إلى معاوية متأخرة عن إرساله الصحيفة البيضاء المختومة بخاتمه[6]. على الرغم من ذلك إلا أن بعض بنود الصلح قد ذكرت بنحو متفرق وغير مكتمل في المصادر التاريخية. وهي كما استقاها العلامة آل ياسين وجمعها من مجمل المصادر التاريخية، كما يلي:
1- تسليم الأمر إلى معاوية، على أن يعمل بكتاب الله وبسنة رسوله (صلى الله عليه وآله)، وبسيرة الخلفاء الصالحين.
2- أن يكون الأمر للحسن من بعده، فإن حدث به حدث فلأخيه الحسين، وليس لمعاوية أن يعهد إلى أحد.
3- أن يترك سب أمير المؤمنين والقنوت عليه بالصلاة، وأن لا يذكر عليا إلا بخير.
4- استثناء ما في بيت مال الكوفة، وهو خمسة آلاف ألف، فلا يشمله تسليم الأمر، وعلى معاوية أن يسلم إلى الحسين كل عام ألفي ألف درهم، وأن يفضل بني هاشم في العطاء والصلات على بني عبد شمس، وأن يفرق في أولاد من قتل مع أمير المؤمنين يوم الجمل، وأولاد من قتل معه بصفين ألف ألف درهم، وأن يجعل ذلك من خراج دار ابجرد.
5- ان الناس آمنون حيث كانوا من أرض الله، في شامهم وعراقهم وحجازهم ويمنهم، وأن يؤمن الأسود والأحمر، وأن يحتمل معاوية ما يكون من هفواتهم، وأن لا يتبع أحدا بما مضى، وأن لا يأخذ أهل العراق بإحنة.
وإن أصحاب علي آمنون حيث كانوا، ولا ينال أحدا من شيعة علي بمكروه، وأن أصحاب علي وشيعته آمنون على أنفسهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم، وأن لا يتعقب عليهم شيئا، ولا يتعرض لأحد منهم بسوء، ويوصل إلى كل ذي حق حقه....
ثم كتبها معاوية بخطه، وأشهد على ذلك جميع رؤساء أهل الشام، وأخذ على نفسه عهد الله وميثاقه بالوفاء بكل ما ورد فيها[7].
وروى الصدوق (رحمه الله) شرطا آخر، قال: بايع الحسن بن علي صلوات الله عليه معاوية على أن لا يسميه أمير المؤمنين، ولا يقيم عنده شهادة الخ..[8].
ومن الملاحظ انه رغم تشتت جيش الإمام (عليه السلام)، وتأثير معاوية على الكثيرين منهم وشراء ذممهم، إلا أنه كان لا يزال يخشى قوته، وقدرته على قلب المعركة لصالحه، ولذلك بادر إلى إرسال الصحيفة البيضاء ليشترط الإمام ما يريد، وإلا فلم يكن مضطرا إلى ذلك، لو أنه ضمن النتيجة لصالحه، وهو ما يفسر قبوله تفضيل بني هاشم في العطاء على بني قومه، الأمر الذي يعني إقراره علنا بحق بني هاشم وفضلهم على بني عبد شمس، وهو ما لم يقربه أموي أصلا.
سماحة الشيخ حاتم اسماعيل
[1] بحار الأنوار، ج44، ص2
[2] نفس المصدر، ج44، ص57
[3] الكامل في التاريخ، ج3، ص405
[4] نفس المصدر، ج44، ص63
[5] صلح الحسن، آل ياسين، ص258؛ والكامل في التاريخ، ج3، ص405
[6] الكامل في التاريخ، ج3، ص405
[7] صلح الحسن عليه السلام، ص259-262
[8] البحار، ج44، ص2
في أموالهم حقّ معلوم...
المال من الحاجات الأساسية التي بدونها لا يستطيع الإنسان أن ينفق على نفسه وعياله. وعلى ذوي المكنة والغنى وظيفة اجتماعية تتمثل بمساعدة السائلين والمحرومين. وقد أطلق القرآن الكريم على هذا الإنفاق صفة الحقّ، كما في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾[1].
ويظهر من الرواية التالية أن هذا الحق له وظيفة تكافلية، فليس هو من الزكاة والصدقات المفروضة، بل هو أمر تبرعي يقدم عليه المحسن طوعاً لأجل إشاعة مبدأ التعاون ومواساة المعوزين.
عن القاسم بن عبدالرّحمن الأنصاري قال: سمعت أبا جعفر (عليه السلام) يقول: «إنّ رجلاً جاء إلى أبي علي بن الحسين عليهماالسلام فقال له: أخبرني عن قول الله عزّ وجلّ: ﴿فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ * لِّلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ﴾ ما هذا الحقّ المعلوم؟ فقال له علي بن الحسين عليهما السلام: الحقّ المعلوم الشيء يخرجه من ماله ليس من الزّكاة ولا من الصّدقة المفروضتين. قال: فإذا لم يكن من الزّكاة ولا من الصّدقة، فما هو؟ فقال: هو الشيء يخرجه الرّجل من ماله إن شاء أكثر، وإن شاء أقلّ، على قدر ما يملك، فقال له الرّجل: فما يصنع به؟ فقال: يصل به رحما، ويقوي به ضعيفاً، ويحمل به كلاًّ، أو يصل به أخاً له في الله، أو لنائبة تنوبه، فقال الرّجل: الله أعلم حيث يجعل رسالته»[2].
وعن سماعة، عن أبي عبدالله (عليه السلام) قال: «الحقّ المعلوم ليس من الزّكاة، هو الشيء تخرجه من مالك إن شئت كلّ جمعة، وإن شئت كلّ شهر، ولكلّ ذي فضل فضله، وقول الله عزّ وجلَّ: ﴿إِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ﴾[3] فليس هو من الزكاة، والماعون ليس من الزكاة، هو المعروف تصنعه، والقرض تقرضه ومتاع البيت تعيره، وصلة قرابتك ليس من الزكاة، وقال الله عزّ وجلّ: ﴿وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَّعْلُومٌ﴾ فالحق المعلوم غير الزّكاة، وهو شيء يفرضه الرّجل على نفسه، يجب أن يفرضه على قدر طاقته ووسعه»[4].
والإسلام يحثّ على أن يكون إنفاق المال لغاية سامية أطلق عليها القرآن (سبيل الله)، فمثل هذا الإنفاق يباركه الله تعالى لكونه يخدم مبدأ التكافل، من خلال تقديم العون والمساعدة للآخرين بنية خالصة، وبشرط أن لا يصاحب مثل هذا الإنفاق المنّ أو الأذى، قال عزّ من قائل: ﴿مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾[5]. وعليه فالله تعالى يعتبر المال أمانة في يد حامله، وعليه أن يحسن التصرف بها، وأن ينفقها في سبيله، وليس من أجل الرِّياء أو السمعة الفارغة، لذلك يعتبر الذي ينفق أمواله من أجل الرِّياء من قرناء الشيطان، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَن يَكُنِ الشَّيْطَانُ لَهُ قَرِينًا فَسَاءَ قَرِينً﴾[6]. ولم يأل أئمة أهل البيت: جهداً من أجل توعية شيعتهم على إدراك وظيفة المال الاجتماعية، ورسالته التكافلية، قال أمير المؤمنين (عليه السلام): «فمن آتاهُ الله مالاً فليصل به القرابة، وليُحسن مِنهُ الضيافة، وليفُكَّ به الأسير والعاني، وليُعط مِنهُ الفقير والغارِمَ»[7]، وعنه (عليه السلام): «أفضل المال ما قضيت به الحقوق»[8].
ولم تكن وصايا أمير المؤمنين (عليه السلام) مجرّد كلمات تطلق في الفضاء كحال المنظرين، بل كانت تترجم إلى سلوك سويّ، شهد عليها التاريخ وسجلها الثقات، قال أبو صالح السمّان: « رأيت عليا دخل بيت المال فرأى فيه مالاً، فقال: هذا ها هنا والناس يحتاجون! فأمر به فقسّم بين الناس وأمر بالبيت فكنس فنضح وصلّى فيه»[9].
وعن هارون بن مسلم البجلي عن أبيه قال: «أعطى علي (عليه السلام) الناس في عام واحد ثلاث اُعطيات ثم قدم عليه خراج أصفهان فقال: أيها الناس، اغدوا فخذوا ما أنا لكم بخازن، ثم أمر ببيت المال فكنس ونضح، فصلى فيه ركعتين ثم قال: يا دنيا غري غيري...»[10].
كان (سلام الله عليه) يعتبر المال أمانة بيده، فيحرص أشد الحرص على إيصاله إلى مستحقيه، وتقسيمه بالسّوية فيما بينهم، ولما بويع بالخلافة، صعد المنبر في اليوم الثاني من البيعة، وهو يوم السبت لإحدى عشرة ليلة بقين من ذي الحجة، فقال: «فأنتم عباد الله، والمال مال الله، يقسَّم بينكم بالسوّية، لا فضل فيه لأحد على أحد، وللمتقين عند الله غداً أحسن الجزاء وأفضل الثواب»[11].
ومن كتاب له (عليه السلام) إلى قثم بن العبّاس، وهو عامله على مكّة: «وانظر إلى ما اجتمع عندك من مال الله فاصرفه إلى من قِبَلَكَ من ذوي العيال والمجاعة، مصيبا به مواضع الفاقة والخلاّت، وما فضل عن ذلك فاحمله إلينا لنقسمه فيمن قبلنا»[12].
وكان (عليه السلام) يقول لمن أراد منه العودة إلى سنّة عمر في التمييز بين الناس في العطاء!!: «لو كان المال لي لسوّيت بينهم، فكيف وإنما المال مال الله»[13].
وقام (عليه السلام) خطيباً بالمدينة حين رجعت إليه خلافته، بعد أن حمد الله وأثنىٰ عليه: «إنّي والله لا أرزؤكم من فيئكم درهما ما قام لي عذق بيثرب، فليصدقكم أنفسكم، أفتروني مانعاً نفسي ومعطيكم؟! فقام إليه عقيل (كرّم الله وجهه) فقال له: والله لتجعلني وأسود بالمدينة سواءً؟! فقال له: أجلس، أما كان ها هنا أحد يتكلّم غيرك؟ وما فضلك عليه إلاّ بسابقة أو بتقوى!!»[14].
وعن ابن دأب قال: ولّى أمير المؤمنين (عليه السلام) بيت مال المدينة عمّار بن ياسر وأبا الهيثم بن التيّهان، فكتب: «العربي والقرشي والأنصاري والعجمي وكل من كان في الإسلام من قبائل العرب وأجناس العجم سواء فأتاه سهل بن حنيف بمولى له أسود فقال: كم تعطي هذا؟ فقال له أمير المؤمنين (عليه السلام): كم أخذت أنت؟ قال: ثلاثة دنانير وكذلك أخذ الناس، قال: فأعطوا مولاه مثل ما أخذ ثلاثة دنانير»[15].
وروى أبو إسحاق الهمداني أنّ امرأتين أتتا عليّاً (عليه السلام)، إحداهما من العرب، والأخرى من الموالي، فسألتاه فدفع إليهما دراهم وطعاماً بالسواء، فقالت إحداهما: إنّي امرأة من العرب وهذه من العجم، فقال عليّ (عليه السلام): «والله لا أجد لبني إسماعيل في هذا الفيء فضلاً على بني إسحاق»[16].
وعموما فقد كان أئمة أهل البيت: يحثّون أتباعهم على بذل الأموال سواءً المفروض منها أو المستحب، ويكشفون لهم الحكمة من وراء ذلك، والفائدة المرجوّة، قال الإمام الصادق (عليه السلام) لعمّار الساباطي: «يا عمّار أنت ربّ مال كثير، قال: نعم جعلت فداك، قال: فتؤدي ما افترض الله عليك من الزّكاة، فقال: نعم، قال: فتصل قرابتك؟ قال: نعم، قال: فتصل إخوانك؟ قال: نعم، قال (عليه السلام): يا عمّار، إن المال يفنى، والبدن يبلى، والعمل يبقى، والدّيان حيّ لا يموت. يا عمّار، أما أنّه ما قدمت فلن يسبقك، وما أخرّت فلن يلحقك»[17].
ولما كان البخل والشح يكبحان طريق الإنفاق، عَمَلَ أهل البيت: على التسامي بنفوس أتباع مدرستهم وحثهم على قلع جذور البخل من خلال التكافل، لكي ينجحوا في الابتلاء ويجتازوا الامتحان.
عن جميل بن درّاج، عن أبي عبدالله (عليه السلام)، قال: «ما بلى الله العباد بشيء أشدّ عليهم من إخراج الدّراهم»[18].
وكان أمير المؤمنين (عليه السلام) يشنع أشد التشنيع بالشحيح، ويعتبر الشحّ أقبح من الظلم، يروى أنه (عليه السلام) سمع رجلاً يقول: إنّ الشحيح أعذر من الظالم، فقال له: «كذبت، إنّ الظالم قد يتوب ويستغفر ويردّ الظلامة إلى أهلها، والشّحيح إذا شحّ منع الزّكاة والصّدقة وصلة الرّحم وقري الضّيف والنفقة في سبيل الله، وأبواب الخير، وحرام على الجنّة أن يدخلها شحيح»[19].
التكافل الاجتماعي في مدرسة أهل البيت عليهم السلام
[1] سورة المعارج: 70 / 24 ـ 25.
[2] الكافي 3: 500 / 11.
[3] سورة البقرة: 2 / 271.
[4] من لا يحضره الفقيه 2: 48 / 1666.
[5] سورة البقرة: 2 / 261 ـ 262.
[6] سورة النساء: 4 / 38.
[7] تصنيف نهج البلاغة / لبيب بيضون: 648.
[8] عيون الحكم والمواعظ: 122.
[9] انساب الأشراف / البلاذري: 133، مؤسسة الأعلمي، بيروت، والدعوات / الراوندي: 60، مدرسة الإمام المهدي (عليه السلام)، ط 1 ـ 1407 ه ق.
[10] الغارات / إبراهيم بن محمّد الثقفي 1: 83، مطبعة بهمن ـ إيران، ونحوه في شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 2: 198، دار إحياء الكتب العربية.
[11] شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 7: 37.
[12] نهج البلاغة، كتاب 67.
[13] نهج البلاغة / الخطبة 126.
[14] روضة الكافي 8: 182 / 204.
[15] الاختصاص / الشيخ المفيد: 152، طبع جماعة المدرسين في الحوزة العلمية.
[16] شرح نهج البلاغة / ابن أبي الحديد 2: 200، دار إحياء الكتب العربية.
[17] الكافي 3: 501 / 15 باب فرض الزكاة وما يجب في المال من الحقوق، من كتاب الزكاة.
[18] الخصال / الشيخ الصدوق: 80.
[19] الكافي 4: 44 / 1 باب البخل والشحّ، من كتاب الزكاة.
مَن يحاول دفع الخليج إلى حرب؟
لا تريد الأطراف الخليجية أن يخفف ترامب من ضغوطه على إيران، كما يجدون أن العقوبات تحقّق لهم أهدافاً مهمة، كتقويض النظام الإيراني، وتأليب الشعب الإيراني ضد حكومته، كما منع إيران من تصدير نفطها وإفقارها، ما يقلّص من قدرتها على دعم المقاومات في العالم العربي. لكن، بطبيعة الحال، تدرك هذه الدول أن الحرب لن تكون نزهة وستؤدّي إلى كوارث على المنطقة وشعوبها، وستكون لها ارتدادتها الكارثية على الأسواق العالمية.
تتزاحم التطوّرات في منطقة الخليج بشكلٍ دراماتيكي، فبعدما وصلت العقوبات الأميركية على إيران إلى مستوى غير مسبوق، جاء الردّ الإيراني الحاسِم بإعطاء أطراف الإتفاق النووي مهلة ستين يوماً لتنفيذ التزاماتهم أو الخروج من الاتفاق...
ثم أخذت التهديدات بين الطرفين منحى عسكرياً، فأرسل الأميركيون حاملة الطائرات إبراهام لنكولن إلى المنطقة وهدّد بولتون بالرد عسكرياً على إيران في حال اعتدت على المصالح الأميركية أو على الحلفاء، وكان الردّ الإيراني واضحاً بأن وجود القوات الأميركية في المنطقة يشكّل فرصة بدل أن يكون تهديداً.
وعلى وقع ضجيج التهديدات، حصلت حادثة تخريب السفن في ميناء الفجيرة الإماراتي، بشكل يوحي وكأن هناك مَن يحاول أن يدفع الأمور إلى التصعيد، فمَن هم أصحاب المصلحة في ذلك؟
لا شكّ أن البيانات الهادئة التي صدرت عن كل من السعودية والإمارات وعدم توجيه الاتهام لأيّ طرف، تشي بأن الأطراف الخليجية تُدرِك جيداً بأن أيّ تصعيد في المنطقة لن يكون لصالحها.
بالطبع، لا تريد الأطراف الخليجية أن يخفف ترامب من ضغوطه على إيران، كما يجدون أن العقوبات تحقّق لهم أهدافاً مهمة، كتقويض النظام الإيراني، وتأليب الشعب الإيراني ضد حكومته، كما منع إيران من تصدير نفطها وإفقارها، ما يقلّص من قدرتها على دعم المقاومات في العالم العربي. لكن، بطبيعة الحال، تدرك هذه الدول أن الحرب لن تكون نزهة وستؤدّي إلى كوارث على المنطقة وشعوبها، وستكون لها ارتدادتها الكارثية على الأسواق العالمية.
أما إيران، فهي - وبالرغم من مواجهة التهديد الأميركي بتهديد مقابل- إلا أن الإيرانيين أيضاً يدركون خطورة الانجرار إلى حرب، بالإضافة إلى خطورة إغلاق مضيق هرمز على سمعة إيران الدولية وأمن المنطقة والاقتصاد الإيراني أيضاً، إذ أن أكثر من 70 بالمئة من الصادرات الإيرانية تمرّ عبره.
لذا نجد أن الإيرانيين غير معنيين بالتصعيد، وهم يحاولون منذ مجيء ترامب إلى الإدارة الأميركية أن يستخموا سياسة "الصبر الاستراتيجي" بالرغم من كل الصعوبات التي يمر بها الاقتصاد الإيراني.
بالنسبة للأميركيين، تنقسم المواقف في الإدارة الأميركية بالنسبة للتصعيد مع إيران، فنجد أن الرئيس ترامب وبالرغم من تعنّته ضد الإيرانيين، إلا أنه ليس من هواة شنّ الحروب العسكرية طالما تحقّق الحروب الاقتصادية الأهداف الأميركية من دون كلفة، لذا عرض على الإيرانيين الاتصال به للمفاوضات . أما مستشار الأمن القومي في إدارة ترامب، جون بولتون، فيمكن التكهّن برغبته الدائمة بالتصعيد، وعدم رغبته بأيّ انفراج مع الإيرانيين، لدرجة أنه يمكن التكهّن بقيامه بإفشال أيّ اتفاق أميركي إيراني - قد يحصل- بغضّ النظر عن المكاسب الأميركية فيه.
أما الطرف الأكثر استفادة من أيّ تصعيد، ولا نستبعد قيامه ببعض الاستفزازات لشحن الأجواء للحرب، هو إسرائيل. واللافت ما كانت قد ذكرته صحيفة معاريف قبل أيام من حادثة الفجيرة ، من أن جهاز الموساد الإسرائيلي قد حذّر الأميركيين من هجوم ستشنّه إيران على الأميركيين أو أحد حلفائهم في الخليج. وتحدّثت الصحيفة أن إسرائيل نقلت تلك المعلومات إلى الأميركيين قبل أسبوعين خلال لقاء عُقِد فى واشنطن بين رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلى مئير بن شبات وجون بولتون.
بالطبع، من مصلحة الإسرائيليين دفع منطقة الخليج إلى حرب تنخرط فيها دول مجلس التعاون الخليجي ضد إيران... وبالرغم من إدراك الإسرائيليين عدم قدرة الخليجيين على الانتصار في هذه الحرب، ولكن على الأقل يأمل الإسرائيليون أن يزيد التقارب الخليجي الإسرائيلي، ويتم إحراج إيران وإغراقها في حرب تلهيها عن دعم حركات المقاومة الفلسطينية وحزب الله، فتحقّق مصلحة مزدوجة.
وبغضّ النظر عن الآمال الإسرائيلية تلك، لا نجد أن المنطقة ستذهب إلى حرب، وستمارس الدول المعنية أقصى درجات ضبط النفس لإدراك الجميع أن شرارة قد تشعل حرباً اقليمية سرعان ما ستلهب العالم كله.
ليلى نقولا، أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية