emamian

emamian

الأربعاء, 07 كانون1/ديسمبر 2022 15:36

التكريمُ لونٌ من ألوان الشُّكر

التكريمُ لونٌ من ألوان الشُّكر كونه إشادة بالجهود، وتثميناً للمنجزات، ومكافأة للإبداعات، وتقديراً للمواقف البطولية أو المُشرِّفة، وهو (تكريمان):

1- تكريمٌ في الحياة.

2- تكريمٌ بعد الوفاة.

والثاني - كما يُعبِّر مرتضى المطهّري - هو من سمات الأُمم الميِّتة أو المتخلِّفة، التي تنتظر موت كبارها، ورحيل عباقرتها، وغياب مُبدعيها، وانطواء صفحات العاملين المُصلحين، أو المفكِّرين المُجيدين، حتى تقيم لهم (حفلات التأبين) بدل (حفلات التكريم)، وتنصب لهم (تمثالاً) حديدياً أو برونزياً، وهي قلّما اكترثت بحياتهم، وبعطائهم أبّان حياتهم.. وهذا النوع من التكريم وإن مَثَّل حالةً من رفع العتب، هو تكريم في الوقت الضائع، أو حيث لا ينتفع به المُكرَّم إلّا أنّ مُذكَّرَ الأحياءُ به وبمنجزاته وآثاره.

وقد لا يحتاج المُصلح المُخلص، والعامل المُجتهد، والمُبدع المُجيد، والفنّان الماهر، والأديب البارع، إلى حفلات تكريم يُقدَّم له فيها وسام أو درع، أو كلمات ثناء وإطراء، إلّا أنّ الذين يُكرِّمون يتحمّلون مسؤولية الإشادة بالإنجاز العظيم، والافتخار بالعطاء الكريم، أي إنّهم - بتكريمهم للمُكرَّم أيّاً كان - إنّما يشكرون الله تعالى على أن أنعم عليهم برجلٍ أو امرأةٍ قدَّما لها الأفضل والأروع والأنفع لحياتهم، مثلما يشكرون عطاء المُبدع على طريقة (ردّ السلام) أو (مقابلة الإحسان بالإحسان)!

إنّ وردة تُقدَّم لحيّ أكرم الحياة بعطاياه، خيرٌ من باقات الزُّهور تحوط قبره.. وإنّ كتاباً يُهدى إليه، أفضل من كلِّ كُتُب الشُّكر والتكريم بعد حياته.. وإنّ كلمة طيِّبة تُقال له تثميناً لمواقفه وعطاءاته، قد يكون لها من التأثير الفاعل في مزيد من العطاء، أكثر من كلِّ قصائد الإشادة والتمجيد بعد رحيله. يقول الشاعر:

لا ألفِيَنَّكَ بَعدَ الموت تَندُبُني      وفي حياتي ما زَوَّدتَني زادي!

إنّ تكريم الأحياء للأحياء هو بعضٌ من الشعور الحيّ بالحياة وبمن يثري الحياة، بل هو تكريمٌ للمُكرِّمين أنفُسهم، على طريقة (أُهنِّأ ذاتي) أو (نُهنِّئ أنفُسنا) لأنّنا حظينا برجل عظيم مثلك!

وحفلة تكريم الحيّ يُفترض أن لا تكون على طريقة الشاعر:

أَتَت وحياض المَوتِ بيني وَبَينهَا      وجادت بوصلٍ حيث لَا ينفعُ الوَصلُ!

أي ينبغي أن لا يُكرَّم المُبدع والمُصلح والعامل وهو قاب قوسين من القبرِ وأدنى، لأنّ هذا والتكريم بعد الموت شبيهان أو متقاربان، إذ ما يمنع تكريم الشاب أو الشابّة في ريعان شبابهما على تميّزهما في أيّ من مجالات العطاء والإبداع، دفعاً للحماسة، ودفعاً لعطاء أعلى وأرقى، ما يمنع أن يُكرَّم الإنسان الذي كَرَّس حياته في خدمة وطنه وأبناء وطنه أكثر من تكريم، ما يمنع أن تتحوَّل (ثقافة التكريم) إلى عُرف اجتماعي يُكرَّم فيه كلّ عطاء وإبداع وإنجاز ومفخرة إنسانية.

ولو لاحظنا كيف أنّ المُبدعين أو العاملين المُخلصين يحتفظون بأوسمة التكريم ودُروعه وكُتُبه في أماكن بارزة من واجهات مكتباتهم وغرفهم الخاصّة، أو في عياداتهم، أو في معارضهم الشخصية، لعرفنا أنّ المُكرَّمَ في حياته، كما يعتز بأساتذته وبكُتُبه التي تَعلَّم منها، وكُتُبه التي ألَّفها، أو لوحاته التي أبدعها، أو فعّالياته الكبيرة التي أنتجها، يفتخر بهذه الألوان التكريمية التي تعتبر (شهادات فخريّة) من لدن أُناس أوفياء، انتفعوا بعطاء القائد، أو المربِّي، أو المعلِّم، أو العالم، أو الكاتب، أو المُصلح، أو القائد، أو العامل، أو الشهيد.. إنّها تُذكِّره أنّ (جميلَه) قُوبِلَ ذات يوم بـ(جميل)، وأنّ قومه كُرماء عُرفاء يعرفون قيمة العطاء والمُعطي فيُكرِّمونهما

 

أعلنت بعض الدول الغربية الداعمة لأعمال الشغب في إيران أنها لن تدعم المشاغبين بشرط استيفاء عدة شروط.

ففي حين أن بعض الدول التي تدعم المشاغبين تؤكد ظاهريا على عدم دعم مثيري الشغب في إيران ، إلا أنه من الناحية العملية فإن الحقائق الميدانية تثبت عكس ذلك .

مسؤول أمني اشار في حديث مع قناة "العالم" ، الى الدعم الواسع النطاق من قبل بعض الدول الغربية لدعم اعمال الشغب الأخيرة في إيران ، وأكد أن هذه الدول أعلنت أنها ستتوقف عن دعم المشاغبين في إيران مقابل القبول بأربعة شروط.

وبحسب هذا المسؤول الأمني ​​، فقد أعلنت هذه الدول المتورطة في أعمال الشغب الأخيرة في إيران أنها وفي مقابل دعم سوق الطاقة العالمية بالنفط والغاز الإيراني بشكل غير مشروط نظرا للأزمة الحالية ، قبول وجهات النظر الغربية بشأن القضية النووية، التوصل الى اتفاق مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية مع النظام السعودي فيما يتعلق بالقضايا الإقليمية ، وأخيراً عدم التعاون مع روسيا ، فانها ستكف عن دعم الاضطرابات في إيران .

التأمل في الشروط التي أعلنتها الدول الغربية يظهر أن هذه الدول تنظر إلى المشاغبين كأداة بحتة، وانها تتابع هذه النظرة على شكل شعارات حقوقية وفرض حرب إعلامية.

يشار الى ان الاحتجاجات في إيران انطلقت بذريعة مقتل المرحومة مهسا أميني، وتحولت إلى أعمال شغب بدعم من بعض الدول الغربية ، وكانت نتيجة أعمال الشغب تدمير الممتلكات العامة وظهور حالة من انعدام الأمن والاضطراب في البلاد لمدة شهرين ، و أخيرا ، مقتل واستشهاد أكثر من 200 شخص ، وأصابة عدد كبير من المدنيين وقوات الأمن.

يشار الى انه تم استدعاء سفراء بعض هذه الدول إلى وزارة الخارجية في غضون أعمال الشغب.

 

إذا كنت ترضعين طفلك رضاعة طبيعية، فاعلمي أن كل ما تأكلينه ينتقل إلى طفلك (بيكسلز)

محمد سناجلة

تعاني الكثير من الأمهات من بكاء أطفالهن دون سبب معروف، والكثير منهن يقضين الليل ساهرات لا يكاد النوم يغزو جفونهن بسبب البكاء المتواصل لأطفالهن، مما قد يدفعهن لحافة الانهيار الجسدي والعصبي.

وفي الحقيقة، فإن تربية الأطفال تحدٍّ يومي مع الاضطرار لحل الكثير من الألغاز التي لا تكاد تنتهي، مثلا تكون الأم قد أرضعت طفلها وأطعمته، وغيرت حفاضته، وتأكدت من شبعه، وقامت بتجشئته، ومع ذلك يئن الطفل ويبكي.

تعود الأم من جديد لتفقد القائمة، تفحص حفاضته مرة أخرى، وتحاول إرضاعه من جديد، وتتأكد من أن كل الاحتياطات اللازمة قد اتخذت لينام طفلها بهدوء وسلام، ومع ذلك لا فائدة فصراخ الطفل ما يزال يطن في الغرفة.

تغيير الحفاضة للرضيع أول الاحتياطات التي تتخذها الأم لوقف صراخ الطفل غير معروف السبب (الألمانية)

ما الأسباب التي تدفع الأطفال للبكاء بشكل متواصل دون سبب مفهوم؟

الكاتبة "ريانون لوسي كوسليت" تناولت هذا الموضوع في مقالة لها بصحيفة "الغادريان" The Guardian البريطانية مؤخرا.

تقول الكاتبة إن طفلها كان يبكي باستمرار دون سبب واضح، وكانت قد تأكدت من إطعامه وتنظيفه وغيّرت حفاضته، وتأكدت من عدم وجود غازات في بطنه، ومع ذلك ما يزال يبكي، وفي النهاية وبعد أسابيع من البحث المضني اكتشفت أنه يبكي بسبب برودة يديه!

وتوضح الكاتبة "أعتقد أننا كبشر لدينا غريزة تجاه حل المشكلات، ويمكن للآباء والأمهات الأكثر خبرة أن يتذكروا الساعات الطويلة التي قضوها في محاولة معرفة الأسباب التي دفعت طفلهم للبكاء دون سبب واضح".

وتضيف "في بعض الأحيان، نجد أنا وأمي وزوجي أنفسنا نعقد "قمة عائلية" في غرفة المعيشة للتكهن معا في أسباب المشكلة. هل يمكن أن تكون مشكلة نمو أسنان؟ هل نوعية الحفاضات غير مريحة وغير مناسبة له؟ كل هذا الجهد وكل تلك القوة العقلية للبالغين مخصصة لرضيع واحد صغير الحجم".

وتشير الكاتبة إلى أن هناك العديد من أسباب بكاء الأطفال منها أن مذاق الطعام ليس شهيا بالنسبة له، وبعض الأمهات مثلا يتناولن أطعمة حارة أو ذات نكهة غير محببة، وينعكس هذا على مذاق حليبها فيجعل الطفل يبكي، هناك أيضا مسألة التسنين وهي مسألة قد لا تشعر بها الكثير من الأمهات غير المرضعات بالذات، وهناك مشاكل انتفاخ البطن أو النوم كثيرا في النهار وغيرها من الأسباب.

بكاء الرضيع قد يكون بسبب مشاكل انتفاخ البطن أو النوم كثيرا في النهار (بيكسابي)

منصة "هيلث لاين" (Healthline) ذكرت عددا من الأسباب الأكثر شيوعا لبكاء الأطفال، من أبرزها:

1- مشاكل في الجهاز الهضمي

يتطور الجهاز الهضمي لطفلك مع نموهم وتقدمهم اليومي في السن، وقد يكون هذا أحد أسباب بكاء الأطفال دون سبب واضح لك كأم.

2- دخول الهواء مع الطعام

الأطفال يولدون دون خبرة في أي شيء، وقد يستغرق تعلم كيفية تنسيق التنفس مع الأكل بعض الوقت عندهم، ومن المرجح أن يبتلع طفلك الهواء أثناء الرضاعة، يمكنك مساعدة طفلك على التخلص من الغازات عن طريق التأكد من تجشؤهم أثناء الرضاعة وبعدها، وللأسف بعض الأمهات لا تولي هذا الأمر الاهتمام الكافي، فيقمن بهذه العملية بسرعة واستعجال مما يتسبب في بكاء الطفل.

قد يبتلع طفلك الهواء أثناء الرضاعة، ويمكنك مساعدته على التخلص من الغازات عن طريق التجشؤ (الألمانية)

3- طبيعة طعام الأم

إذا كنتِ ترضعين طفلك رضاعة طبيعية، فاعلمي أن كل ما تأكلينه ينتقل إلى طفلك من خلال حليبك. وقد يصعب على طفلك هضم الغلوتين والبيض ومنتجات الألبان، ولهذا إذا كنت ترضعين طفلك رضاعة طبيعية، فقد ترغبين في تعديل نظامك الغذائي بما يناسب طفلك بالتعاون مع طبيب الأسرة.

أما إذا كان طفلك يرضع من حليب صناعي، فتحدثي إلى مقدم الرعاية الصحية الخاص بك للتأكد من نوع الحليب المناسب لطفلك.

4- التعب والإعياء

يمكن أن يصاب الأطفال بالإرهاق الشديد إذا ظلوا مستيقظين لفترة طويلة، سيشير لك طفلك أنه متعب وقد يأخذ في البكاء والتثاؤب، وقد يبدأ بلمس وجهه أو شد أذنيه أو التشبث الشديد بك. ووظيفتك في هذه المرحلة هي مساعدتهم على النوم، وهنا عليك تعتيم الغرفة، ووضع "اللهاية" في فمه وهز سريره برفق حتى ينام.

تأكدي أن درجة حرارة طفلك مناسبة بلمس أصابع يديه وقدميه (بيكسلز)

5- درجة حرارة الجسم

مثلنا نحن الكبار، لا يحبذ الأطفال الحرارة الشديدة أو البرودة الشديدة، لهذا تأكدي أن درجة حرارة طفلك مناسبة من خلال لمس أذنيه وأصابع يديه وقدميه، كذلك تأكدي من أن درجة حرارة غرفته طبيعية، وغير باردة جدا أو دافئة أكثر مما يجب.

وذكرت منصة "بيبي كارت" (baby cart) أسبابا إضافية لبكاء الأطفال لعل من أبرزها:

6- طريقة الاستلقاء

التصلب بسبب الاستلقاء في نفس الوضع لفترة طويلة، وهو شيء تفعله الكثير من الأمهات بسبب انشغالهن بواجباتهن المنزلية أو عملهن، لذلك تذكري تغيير طريقة استلقاء طفلك أثناء صحوه كي يشعر بالراحة والاسترخاء، أما حين ينام فتأكدي أنه ينام على ظهره خلال العام الأول من عمره.

التصلب بسبب الاستلقاء في نفس الوضع لفترة طويلة من أهم أسباب بكاء الرضيع (بيكسلز)

7- الشعور بالوحدة

يشعر الأطفال أحيانا بالوحدة حين تتركهم أمهاتهم لفترة طويلة وحدهم، وهذا أمر مزعج للطفل يدفعه للبكاء والصراخ، فلا أحد يحب الوحدة ولا حتى الأطفال الرضع.

المصدر : مواقع إلكترونية

 

 

يقف السودان أمام مرحلة سياسية جديدة، تشكّل فرصة لنقل السلطة إلى المدنيين، وإنهاء تبعات انقلاب قائد الجيش عبد الفتاح البرهان على حكومة عبد الله حمدوك في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي.

العالم- السودان

جاء ذلك عبر الاتفاق الذي ستوقّع عليه قوى تحالف الحرية والتغيير، وأطراف أخرى، مع المكون العسكري في البلاد، بهدف تشكيل سلطة مدنية تقود المرحلة الانتقالية وصولاً إلى إجراء انتخابات.

غير أنّ هذه التسوية، التي ترفضها أطراف سودانية عديدة، تحوم الشكوك بنجاحها في وضع حد للأزمة السياسية، في ظل اتهامات للمكون العسكري بأنه غير جاد ويستخدم التسوية ضمن تكتيكاته السياسية، إضافة إلى غياب التوافق الكامل عليها، وهو ما يدفع أطرافاً عديدة، وأبرزها لجان المقاومة، للعودة إلى الشارع لإسقاط هذا الاتفاق.

يضاف إلى ذلك عدم حسم العديد من القضايا الخلافية، وأبرزها العدالة الانتقالية وإزالة تمكين نظام الرئيس المعزول عمر البشير، والتي جرى تأجليها إلى المرحلة الثانية من التسوية، وهي نقاط قد تفجّر الاتفاق من أساسه.

وأعلن كل من المكون العسكري وقوى "الحرية والتغيير"، في بيانين منفصلين الأول من أمس الجمعة الماضية، نيّتهما التوقيع على أول اتفاق بينهما الإثنين المقبل، بعد أكثر من عام على انقلاب البرهان الذي أطاح "الحرية والتغيير" من الحكم.

ولن يكون تحالف "الحرية والتغيير" هو الطرف الوحيد الموقّع على الاتفاق مع العسكر، إذ ستوقّع عليه قوى سياسية أخرى، من بينها "المؤتمر الشعبي" حزب الراحل حسن الترابي، والحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل فصيل محمد الحسن الميرغني، وجماعة "أنصار السنة المحمدية"، والحزب الجمهوري، إضافة إلى حركات مسلحة موقّعة على اتفاق سلام مع الحكومة، أبرزها الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عضو مجلس السيادة مالك عقار، وحركة تحرير السودان المجلس الانتقالي بقيادة عضو مجلس السيادة الهادي إدريس، وتجمّع قوى التحرير برئاسة الطاهر حجر، وهو أيضاً عضو في مجلس السيادة.

واجتمعت كل الأطراف، أول من أمس الجمعة الماضية، في مقر إقامة البرهان، بحضور رئيس بعثة الأمم المتحدة فولكر بيرتيس، وممثل الاتحاد الأفريقي محمد بلعيش، ورئيس بعثة منظمة "إيغاد" في السودان إسماعيل وايس، ومعهم سفراء الولايات المتحدة وبريطانيا والسعودية والإمارات والنرويج، وسفير الاتحاد الأوروبي.

ووفق بيان صدر عن "الحرية والتغيير"، فإن الاجتماع ناقش جاهزية الأطراف السودانية للشروع في توقيع الاتفاق السياسي الإطاري، الذي يؤسس لسلطة مدنية انتقالية تتولى أعباء تنفيذ مهام ثورة ديسمبر واستكمال الطريق نحو بلوغ غاياتها، واتفقت الأطراف على أن يكون التوقيع الإثنين المقبل.

وأوضح البيان أن مرحلة التوقيع على الاتفاق الإطاري تعقبها مباشرة مرحلة إكمال تفاصيل بعض القضايا بأوسع مشاركة من قوى الثورة وأصحاب المصلحة، ليتأسس عليها الدستور الانتقالي، وتنشأ مؤسسات السلطة الانتقالية، على ألا تتجاوز مدة المرحلة الثانية أسابيع محدودة.

وأشار بيان آخر من مجلس السيادة إلى أن الاتفاق الإطاري السياسي يشكل أساساً لحل الأزمة السياسية الراهنة بالبلاد، مبيناً أن الاتفاق سيظل مفتوحاً للنقاش والمشاركة من الأطراف الأخرى المتفق عليها، لتطوره في المرحلة الثانية إلى اتفاق نهائي وترتيبات دستورية انتقالية، في غضون أسابيع محدودة، تمهيداً لتشكيل سلطة مدنية تقود المرحلة الانتقالية وصولاً إلى انتخابات حرة ونزيهة يختار فيها الشعب السوداني من يحكمه.

ويضع الاتفاق الإطاري في نصوصه مبادئ عامة للتحوّل الديمقراطي وإنشاء سلطة مدنية كاملة في مستوياتها السيادية والتنفيذية والتشريعية، من دون أن يكون العسكر جزءاً منها. ولكن الاتفاق لن يتطرق إلى تفاصيل العدالة الانتقالية وإزالة تمكين نظام البشير، وقضايا أخرى لا تزال في طور النقاش تُركت للاتفاق النهائي المقدر له، حسب مصادر تحدثت إلى "العربي الجديد"، في الـ19 من الشهر الحالي أو الـ25 منه.

لكن بعيد الإعلان عن الاتفاق الإطاري، تصاعدت في السودان الحملات الرافضة له. وسارع عدد من لجان المقاومة إلى إصدار بيانات بعد ساعات من الإعلان عن موعد التوقيع، من بينها تنسيقيات لجان الخرطوم، التي عبّرت عن رفضها التام لتلك التسوية. وأعلنت عن مليونية في يوم التوقيع تتوجه إلى القصر الرئاسي لتأكيد الرفض والتمسك بتطلعات الشعب.

كما جاء الاعتراض الأبرز من تحالف "الحرية التغيير-الكتلة الديمقراطية"، والحزب الاتحادي الديمقراطي فصيل جعفر الميرغني. وجدد رئيس حركة "العدل والمساواة"، وزير المالية الحالي جبريل إبراهيم، رفض الكتلة الديمقراطية للاتفاق الإطاري، مشيراً إلى أنهم طالبوا في آخر اجتماع مع البرهان بوقوف المكون العسكري على مسافة واحدة من كل القوى السياسية في البلاد.

وأوضح أن الكتلة الديمقراطية تنادي منذ مدة بطاولة مستديرة للنظر في كل الطروحات والمبادرات من قبل جسم وطني، للوصول إلى ورقة واحدة تتفق عليها كل المكونات السياسية والاجتماعية.

المصدر: العربي الجديد

 

  • حسني محلي

حديث "رويترز" عن رفض الرئيس الأسد لقاء إردوغان، عدّته الأوساط الإعلامية والسياسية رسالة واضحة من الأسد، أولاً إلى المعارضة التركية، في كل أطيافها، ليقول لها "إن دمشق معها وليست مع إردوغان".

بعد أن حسم مصالحاته مع ابن زايد وابن سلمان والسيسي، وهم جميعاً حلفاء نتنياهو، حليف إردوغان الجديد، زاد الرئيس إردوغان ووزراؤه في تصريحاتهم المتناقضة والغامضة والخاصة بالمصالحة مع الرئيس الأسد.

أَولى الإعلام العربي والإعلام الدولي هذه التصريحات أهمية إضافية بعد تصريحات المسؤولين الروس، ومنهم لافرنتيف وبوغدانوف وبيسكوف، وتحدثوا معاً عن احتمالات قمة سورية - تركية يستضيفها الرئيس بوتين في موسكو، والبعض يقول سوتشي، لكن من دون تحديد الزمان.

وجاء خبر وكالة "رويترز" ليُثير عدداً من التساؤلات، بعد أن قيل "إن الرئيس الأسد رفض لقاء إردوغان قبل الانتخابات التركية"، في أيار/مايو أو حزيران/يونيو المقبل، حتى لا يستغلّ إردوغان هذه المصالحة في حملته الانتخابية ضد المعارضة، التي لم تستطع اتخاذ أي موقف عملي تجاه الأزمة السورية، وخصوصاً قضية اللاجئين. فبعد أن أرسل نائبه فاروق لوغ أوغلو إلى دمشق، حيث التقى الرئيس الأسد مرتين، في أيلول/سبتمبر 2011 وتشرين الأول/أكتوبر 2012، اتخذ زعيم حزب الشعب الجمهوري، كمال كليجدار أوغلو، موقفاً عنيفاً جداً ضدّ سياسات إردوغان بشأن سوريا، الأمر الذي دفع إردوغان إلى مهاجمته في أكثر من مناسبة، متهماً إياه بـ"التضامن مع بشار الأسد لأنه علوي مثله".

كان هذا الاتهام كافياً لكليجدار أوغلو، الذي تهرّب بعد ذلك من زيارة دمشق، على الرغم من زيارته بغداد في آب/أغسطس 2013، وإرساله فاروق لوغ أوغلو إلى القاهرة في تشرين الأول/أكتوبر 2013، بعد أن كان مقرَّرا لكليجدار أوغلو أن يقوم بهذه الزيارة، فتراجع عن قراره خوفاً من ردّ فعل إردوغان، الذي كان يشنّ آنذاك هجوماً عنيفاً ضد السيسي بسبب انقلابه على الإخواني محمد مرسي في تموز/يوليو 2013.

لكنّ هذا الهجوم لم يمنع كليجدار أوغلو، ومن معه في المعارضة، من التصدي لسياسات الرئيس إردوغان الخارجية، وبصورة خاصة "مغامراته الخطيرة في سوريا وليبيا والمنطقة بصورة عامة"، وكل ذلك بغياب الاهتمام عربياً ودولياً، إعلامياً وسياسياً، بموقف المعارضة هذا، كأنّ الجميع كان متضامناً، سراً أو علناً، مع إردوغان.

كما لم يحظَ كليجدار أوغلو بأيّ اهتمام من دمشق وطهران، اللتين رجّحتا التعاون مع زعيم حزب الوطن، دوغو برينجاك، في حين أن شعبيته لا تزيد على مئة ألف صوت في الانتخابات من أصل 55 مليون ناخب، وهو الآن حليف إردوغان.

حديث وكالة "رويترز" عن رفض الرئيس الأسد لقاء إردوغان قبل الانتخابات التركية، عدّته الأوساط الإعلامية والسياسية هنا رسالة واضحة من الأسد، أولاً إلى المعارضة التركية، في كل أطيافها، ليقول لها "إن دمشق معها وليست مع إردوغان".

كما هي رسالة إلى موسكو، التي تتهمها المعارضة التركية بدعم الرئيس إردوغان في كل الوسائل، من أجل ضمان بقائه في السلطة، ما دامت علاقاته بالرئيس بوتين "مثالية".

موقف دمشق هذا شجّع أحزاب المعارضة على التحرك تجاه دمشق، وأعلنت قياداتها، في أكثر من تصريح، أنها تخطط من أجل زيارة سوريا، مع تأكيد ضرورة الحوار المباشر مع الدولة السورية ورئيسها الشرعي بشار الأسد، من أجل الاتفاق معه بشأن مجمل القضايا التي تخص البلدين. ومن دون أن يكون واضحاً هل ستتعامل دمشق مع تحركات المعارضة هذه، وكيف، في الوقت الذي يعرف الجميع أن الأزمة السورية، في كل معطياتها الأمنية والسياسية والعسكرية، ستكون من أهم موادّ الحملة الانتخابية المقبلة، التي وضع إردوغان من أجلها عدداً من السيناريوهات، أهمها إبعاد حزب الشعوب الديمقراطي (الكردي) عن تحالف المعارضة، والعمل على سحب هذا الحزب إلى جانبه، وهو ما يتطلّب موقفاً أكثر وضوحاً تجاه الوضع شرقي الفرات؛ الموضوع الرئيس في الحوار السوري - التركي المستقبلي.

المسؤولون الأتراك يتحدثون باستمرار عن ضرورة القضاء على وحدات حماية الشعب الكردية، وهي الذراع السورية لحزب العمال الكردستاني التركي، كما يتّهمون موسكو، بين الحين والآخر، بالوساطة بين هذه الوحدات ودمشق. وترى أنقرة في ذلك خطراً عليها، بحسب تصريحات المسؤولين الأتراك، بمن فيهم إردوغان، الذي اتّهم ويتّهم أيضاً حلفاءه التقليديين الأميركيين باحتلال شرقي الفرات، وتقديم كل أنواع الدعم إلى الميليشيات الكردية هناك.

ولا تتجاهل الأوساط السياسية والإعلامية الحديث عن دعم خليجي (إماراتي وسعودي وقطري) لإردوغان، من خلال ضخ المليارات من الدولارات في المصرف المركزي والخزانة في تركيا، التي تعيش أخطر أزماتها.

وتتحدّث الأوساط المذكورة أيضاً عن دعم واشنطن والعواصم الغربية لإردوغان، على الرغم من كل ما يصدر عنها من تصريحات ومواقف سلبية ضدّه بسبب تقاربه وتعاونه مع موسكو، التي تعتقد أنها ستستطيع أن تُبعد أنقرة عن حلفائها التقليديين في الغرب.

في جميع الحالات، وفي خضمّ هذه المعطيات المثيرة، تعود بنا الذكريات إلى بدايات ما يسمى "الربيع العربي"، عندما وقف الجميع في المنطقة وخارجها مع الرئيس إردوغان في سياساته المعروفة ضد سوريا، التي عادَتها أغلبية الأنظمة العربية، وما زالت، على الرّغم ممّا يصدر عنها بين الحين والحين من تصريحات تتحدّث عن "ضرورة لمّ الشمل العربي وحلّ الأزمة السورية". وهو ما يتحدث عنه المصريون باستمرار، لكن من دون أن يمنع ذلك الرئيس السيسي من مصافحة عدوه اللدود إردوغان (بوساطة عدوه الأخطر تميم) بدلاً من مصافحة الرئيس الأسد، الذي قطعت القاهرة وتونس العلاقة به في عهد محمد مرسي وإخوان الغنوشي.

فعسى ألّا تكون هذه الذكريات بداية جديدة لتحالفات إقليمية جديدة، كما هي الحال في بدايات "الربيع العربي"، عندما كان الجميع معاً ضدّ سوريا، وبسببها، ضدّ إيران وحزب الله. وهم جميعاً الآن هكذا. وهذه المرة بفارق مهم، هو استسلام الأنظمة المذكورة للكيان الصهيوني بصورة مباشرة، بعد أن كانت حليفة لهذا الكيان في الخفاء طوال الأعوام الماضية.

يفسّر كل ذلك مصالحات إردوغان مع الإمارات والسعودية، بعد أن صالحت الإماراتُ والبحرين والسودان (البرهان زار أنقرة مرتين خلال هذا العام) والمغرب "تلَّ أبيب"، حليفة إردوغان الجديدة في المنطقة، التي حدّدت اتفاقيتا كامب ديفيد ووادي عربة مسارها، سياسياً وعسكرياً، منذ أكثر من أربعين عاماً.

ويبقى السؤال الأخير، وهو: "لماذا يتحدث إردوغان باستمرار عن مصالحته مع الأسد، والجميع يعرف أن عواصم المنطقة ما زالت تتآمر على دمشق وعلى إيران ولبنان والعراق واليمن والمنطقة، بصورة عامة، وكل ذلك وفق المسرحية التي أدّى الكلّ، وما زالوا، أدوارهم فيها بمهارة فائقة، وهم الآن يكرّرونها تحت شعار السلام والأمن والاستقرار، تحت مظلّة "اتفاقيات أبراهام". ويعرف الجميع أنها لا ولن تحمي سوريا وحلفاءها من لهب الشمس الحارقة، كما كانت عليه طوال الأعوام الأخيرة.

فعسى ألّا يُلدغ المرءُ من جُحره مرتين أو ثلاثاً، ما دام التآمر مستمراً ضد حزب الله، مصدر الرعب الحقيقي للكيان الصهيوني وحلفائه، القدامى والجدد!

 

السبت, 03 كانون1/ديسمبر 2022 16:31

هل للحج دور في تنمية الشباب؟

محمود حسين عيسى

 فرحت كثيراً بقرار صديقي الشاب وعزمه على أداء فريضة الحج هذا العام، وقد جاء قراره بعد الحديث المطول الذي دار بيني وبينه، عن الفوائد العظيمة التي يتركها هذا الركن العظيم – ركن الحج – في نفس المسلم الذي يقبل عليه بفهم عميق لمغزاه، فضلاً عن تلبيته لأمر الله سبحانه وتعالى، وأدائه لما افترضه عليه.

وقد عقدت النية قبل حديثي معه على أن أشجعه وأحدثه في أمر مصاحبتي للحج هذا العام، وأن يكون تشجيعي له وحديثي إليه أحد الأسباب التي تدفعه إلى أداء هذه الفريضة، خاصة وأنّه يمتلك الاستطاعة البدنية والمالية منذ أعوام عديدة خلت، ولكنه التسويف الذي حال بينه وبين أدائه هذه الفريضة.

وقد ركّزت في حديثي معه حول: وجوب أداء فريضة الحج على كل مسلم يستطيع أداءها، والثواب العظيم الذي ينتظر من يؤديها بحقها، وكيف يستفيد الحاج – وخاصة الشاب – من الفوائد الروحية، والإجتماعية، والإقتصادية، والخاصة بتنمية وتطوير الذات، التي يتيحها الحج.

-        فريضة الحج:

فرض الله سبحانه وتعالى الحج على المسلمين، ومن رحمته سبحانه بعباده أن جعله في العمر مرّة واحدة لمن استطاع إليه سبيلاً.. قال تعالى: (وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ) (آل عمران/ 97).

وقال رسول الله (ص): "مَنْ أراد الحج فليتعجل، فإنّه قد يمرض المريض، وتضل الضالة، وتعرض الحاجة".

وها هي هذه الأيّام تمر بنا كأنّها ساعات، وها هو شهر ذي الحجة يعود إلينا.. وهو الشهر الذي اختصه الله سبحانه وتعالى بالركن الخامس من أركان الإسلام.. الحج، واختصه سبحانه وتعالى بخير الأيّام.. العشر الأوائل من ذي الحجة، والتي تحمل معها الخير كلّه من رب كريم رحيم، واختصه سبحانه وتعالى أيضاً بخير يوم.. يوم عرفات الله.. وجعل الوقوف به من أركان الحج، حيث يقول رسول الله (ص): "الحج عرفة".. ويا له من موقف عظيم، إنّه يوم الدعاء.. يوم التذلل إلى الله؛ حيث ترفع فيه الأكف.. وتُبح فيه الأصوات.. وتذرف فيه العيون.. وهو موقف يباهي به الله سبحانه وتعالى ملائكته..

وكما قيل: الحج عبارة عن مجموعة من المناسك والشعائر، وجملة من الأفعال والأقوال؛ تنتظم جميعها في أطر زمنية ومكانية محددة؛ لتجسد بمجموعها معنىً تعبدياً، وعملاً تربوياً يساهم في بناء شخصية المسلم، ويعمل على إعادة تنظيمها، وتصحيح مسيرتها في الحياة، ويسدد وجهتها ومسارها إلى الله.

-        أوّلاً: معنى الحج المبرور:

انتهى العلماء في أقوالهم المتعددة إلى معنى واحد وهو: أنّ الحج المبرور هو الحج الذي وُفيت أحكامه، ووقع موقعاً لما طلب من المكلف على الوجه الأكمل.

وقد وصف الرسول (ص) الحج المبرور بقوله: "والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة".

-        ثانياً: علاماته:

1- قبول عملك عند الله سبحانه: إنّ قبول العمل عند الله سبحانه يتوقف على مدى إخلاصك في هذا العمل – وهو الحج – وتوجهك به بدءاً من النية إلى الله سبحانه لا شريك له في ذلك، وطاعتك لأوامره، واجتنابك نواهيه، واتباعك في الحج – وغيره – سنة نبيه (ص): فعن جابر (رض) قال: قال رسول الله (ص): "لتأخذوا عني مناسككم؛ فإني لا أدري لعلي لا أحج بعد حجتي هذه".

وتكون غايتك بهذا الحج التقرُّب إلى الله سبحانه بأداء فرض فرضه عليك، ويكون مبتغاك قبول هذا الحج دون رياء ولا سمعة ولا حظ من حظوظ النفس، وقد روى ابن ماجه أنّ رسول الله (ص) حج على رحل رث وقطيفة تساوي أربعة دراهم، ثمّ قال: "اللّهمّ حجة لا رياء فيها ولا سمعة".

والإخلاص لله في كل عمل يجب أن يكون مبدأً عاماً يجب التزامه، وعدم الحياد عنه، فالإخلاص في العمل يولد الإتقان، الذي بدوره يميّز صاحبه عن غيره، ويرتفع به إلى أعلى الدرجات والمناصب في عمله الدنيوي سواء كان حرفة، أو مهنة، أو تجارة، فضلاً عن بناء علاقات إجتماعية إيجابية وقوية مع أفراد مجتمعه، مما يشعره بسعادة غامرة تدفعه إلى مزيد من العمل المتقن، والنجاح الدائم.

2- التخطيط وتهيئة النفس للحج:

إنّ التخطيط وتهيئة النفس قبل الحج يعيناك – ويعينا كل حاج – على أن يكون حجه مبروراً، وهناك العديد من الخطوات العملية التي تساعدك على تهيئة نفسك.. منها:

-        ترغيب النفس في الحصول على الثواب العظيم الذي ينتظرها إذا كان حجها مبروراً، فهي تعود بذنب مغفور.

-        التوبة النصوح.

-        اختيار النفقة الحلال.

-        اختيار الرفقة الصالحة.

-        التحلل من حقوق العباد.

-        سكينة النفس.

-        التعرف على حِكَم وأسرار الحج: وهذا التعرف يعد من الوسائل المهمة التي تعمل على تهيئة النفس لإستقبال رحلة الحج، ومن ثمّ العمل على نجاحها، فيجب على كل حاج أن يتعرف ويستشعر حكم الحج وأسراره، فالحج شعيرة من شعائر الله، والحاج أثناء حجه يسير على خُطا الأنبياء والصالحين، ويستشعر الحاج في وقفة عرفات حيث يحتشد ملاين الحجيج يوم العرض الأكبر والوقوف بين يدي الله سبحانه، كما يستشعر في تلبيته: "لبيك اللّهمّ لبيك.. لبيك لا شريك لك لبيك.. إنّ الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك"، عبوديته لله الواحد الأحد الذي لا شريك له، ويستشعر أنّ الحمد والنعمة والملك لا تكون إلا له سبحانه، وفي هذا إقرار بالولاء المطلق لله سبحانه، ويستشعر الحاج أيضاً أنّه في ضيافة الكريم سبحانه، وأنّه قد ترك الأهل والمال والولد، ملبياً مستجيباً، لأمره سبحانه وتعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ) (الحج/ 27)، سعياً لرضاه سبحانه، راجياً القبول، والرجوع من حجه بذنب مغفور، عائداً إلى دنياه كيوم ولدته أُمّه دون ذنوب.

ويستشعر الحاج أيضاً أنّ الحج يتطلّب بذل المال والجهد، كما يتطلّب تحمل المشاق البدنية، وفي ذلك تدريب عملي للنفس على بذل المال والجهد، وكسر ما تعودت عليه من راحة ورفاهية، وهذا يساعدها – بلاشكّ – على تحمل ما يصادفها من مشكلات أو ظروف عملية أو شخصية صعبة، تتطلب منها بذل المزيد من الجهد للتغلب عليها، وعدم الإنكسار أمامها، وفي ذلك خير كبير لهذه النفس.

إنّ التخطيط الصحيح إن تأصل في نفسك، وكان منهجاً لك، تلجأ إليه قبل الشروع في القيام بأي عمل، هذا التخطيط يؤدِّي بك إلى النتائج التي تصبو إليها، ويساعدك في تحقيق أهدافك، وجعلها واقعاً ملموساً على الأرض، وشريطة الهمة العالية، والإرادة القوية الصلبة أثناء تنفيذ ما سبق التخطيط له.

3- احرص على إكتساب خصال البر أثناء حجك: ومن أجمع خصال البر التي تحتاج إليها، ويحتاج إليها كل حاج – كما يقول ابن رجب – ما وصى به رسول الله (ص) أبا جُرَيٍّ الهجيمي حين قال لك: "لا تحقرن من المعروف شيئً ولو أن تعطيَ صلة الحبل، ولو أن تعطيّ شسع النعل، ولو أن تنزع من دلوك في إناء المستسقي، ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق، ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه، ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض".

يا لها من خصال عظيمة إن تأصلت في نفسك بعد الحج، وتعاملت بها، ونشرتها بين أفراد أسرتك الصغيرة، ومجتمعك الكبير تكون من أسعد الناس في الحياة الدنيا، ومن الفائزين – إن شاء الله – في الآخرة، فهذه الخصال تعمل على تقوية الأواصر الإجتماعية بينك وأفراد أسرتك ومجتمعك، وتجعل مجتمعك مجتمعاً متحاباً، ومتعاوناً، وقوياً، ومتقدماً، والذي يعمل بدوره على تهيئة أسباب النجاح والتميز والرقي لأفراده، فضلاً عن مساعدتهم في أن يكونوا مشاعل مضيئة تحمل النور، والعلم، وتنشر الحب والتعاون بين المجتمعات البشرية الأخرى.

4- كن في تجارة دائمة مع الله سبحانه وتعالى: احرص على وقتك أثناء الحج، فوقتك رأسمالك – في الحج وغيره – وكن تاجراً ناجحاً مع الله، أكثر من الطاعات، وابتعد عن المعاصي والمخالفات، وكل ذلك من بر الحج.. يقول سبحانه وتعالى: (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الألْبَابِ) (البقرة/ 197).

فإلزام نفسك – أثناء الحج – بالمحافظة على الطاعات حيث الثواب العظيم في الدنيا والآخرة، واجتناب المعاصي والمخالفات حيث تجنبك العذاب الأليم في الدنيا والآخرة، وشغل وقتك بكل ما هو مفيد من ذكر ودعاء، متجنباً سفاسف الأمور، والجدال، هذا الإلزام وذاك الشغل المفيد للوقت صفات مفيدة حسنة تكتسبها أثناء الحج، ويجب عليك تنميتها في حياتك العملية والعلمية والخاصة، فالنفس تتطبع بما تعودها عليه، وإن استطعت تعويدها الإلتزام، واحترام الوقت – الذي هو حياتك – فسوف ينعكس ذلك بآثار إيجابية تساعدك على تطوير ذاتك، ومن ثمّ نجاحك وتميزك العلمي والعملي، فضلاً عن نجاحك في حياتك الخاصة بانتظام شؤونك، وترشيد وتوجيه إهتماماتك نحو الأهم دوماً.

5- استفد من منافع الحج:

يقول الله سبحانه وتعالى: (وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) (الحج/ 27-28).

ففي الحج تلتقي جموع المسلمين الآتية من كل أصقاع الأرض، في مكان واحد، يلبسون زياً واحداً تتلاشى من خلاله الفروق المادية والطبقية والإدارية، فالكل سواسية – وفي ذلك تهذيب وتربية عملية للنفس – فهم يمارسون عملاً واحداً، ويتجهون نحو غاية واحدة، ويعلنون في آن واحد عبوديتهم وولاءهم لله سبحانه وتعالى. ولحكمة يعلمها الله سبحانه أقر لهذه الجموع – التي تقدر في زماننا هذا بالملايين – أن تشهد منافع لها سواء كانت منافع إجتماعية في التعارف بين المسلمين الذين تفصل بينهم المسافات الطوال، واللغات واللهجات، أم منافع إقتصادية حيث يتوافر للتجار الوافدين والمقيمين عدد هائل من المستهلكين في مكان وزمان واحد، قلما يجدونه في أي وقت أو مكان آخر، فينتج عن هذا الإلتقاء بين التجار والمستهلكين حراك إقتصادي ومالي ضخم؛ عن طريق النقل، والإستهلاك، وحمل البضائع، وتبادل النقود، وشراء الأضاحي والحاجيات ومستلزمات الحج والإقامة والسفر؛ فينتفع العديد من المسلمين، وتشهد مجتمعاتهم حركة إقتصادية ومالية نشطة. وهذا يدفعنا – كل الحجيج – إلى العمل على الإستفادة القصوى من هذا التجمع البشري الضخم، فلما لا نتاجر في أشياء مفيدة؟ وتكون نقطة إنطلاق لإكتساب مهارة جديدة في عمل حر يجلب الكثير من الفوائد سواء على المستوى الشخصي أو على مستوى المجتمعات والأوطان ككل.

6- ألزم نفسك الإستقامة بعد الحج: قال بعض العلماء: علامة بر الحج أن يزداد – الحاج – بعده خيراً، ولا يعاود المعاصي بعد رجوعه، وقال الحسن البصري: الحج المبرور أن يرجع – الحاج – زاهداً في الدنيا، راغباً في الآخرة.

وذلك لما في الحج من إعداد وتربية لسلوك الفرد ونوازعه؛ فالحج تدريب عملي يكتسب الحاج من خلاله الكثير من الصفات الحميدة.. مثل: الصبر، وتحمل المشاق، وحسن الخلق، والتواضع، واللين، والتحكم في الإنفعالات وعدم الغضب، وحسن العشرة، والبذل والتضحية، والتعاطف، والإمتناع عن الكذب، والغيبة.. وغيرها من الصفات التي إن تمسكت بها – أيها الحاج – وحرصت على ممارستها بعد العودة من الحج فسوف يساعدك هذا الحرص وذاك التمسك على إصلاح وتهذيب نفسك، وفي ذلك خير عظيم على حاضرك ومستقبلك في الحياة الدنيا، فضلاً عما ينتظرك من نعيم مقيم في دار الخلد إن شاء الله.

 

السبت, 03 كانون1/ديسمبر 2022 16:30

مونديال قطر بيـن صراع الحضارات وتعارفها

  • وليد القططي

 

نظرية التعارف الإسلامية، هي البديل الأصيل لنظرية صراع الحضارات الغربية، وفيها يتم تقديم مفاهيم: تفاعل الحضارات وتدافعها على صدامها وتطاحنها، وتعارف الشعوب على تنافرها.

بعد ما يقرب من قرنٍ مضى على إبحار سفينة بطولة كأس العالم في كرة القدم (المونديال)، رست سفينة المونديال بأمان، لأول مرة، في ميناء دولة عربية وإسلامية، هي قطر، وبعد أكثر من عقدٍ من انطلاق قطار الحملة الغربية الشرسة لسحب تنظيم قطر لمونديال 2022، وصل قطار مونديال قطر بسلام إلى محطته الأخيرة بالافتتاح والمباريات.

وقد تركزت محاور الحملة الغربية ضد قطر على:

-  نزع شرعية تنظيم قطر للمونديال بإلقاء تُهمة الفساد على قرار "الفيفا" إسناد البطولة إليها.

-  نفي قدرة قطر كدولة عربية صغيرة على تنظيم البطولة كفعالية رياضية كبيرة.

-  ضرب مصداقية قطر الأخلاقية بادعاء انتهاكها لحقوق العمال الأجانب.

-  تصوير قطر كدولة "متخلّفة" عن قيم "التحضر" الغربية المتعلّقة بحرية الشواذ "المثليين" وشرب الخمور...

هذه الحملة الغربية التي شارك فيها سياسيون وإعلاميون ورياضيون وحقوقيون من مختلف الدول الأوروبية تتطلب البحث في خطورتها وجذورها في إطار التناقض بين نظريتَي صراع الحضارات في الغرب وتعارف الحضارات في الإسلام. 

خطورة الحملة الغربية ضد مونديال قطر تكمن في تنصيب الغرب نفسه سيداً على العالم ليكون: حكماً للأخلاق، ومعياراً للقيم، وميزاناً للحقيقة، ومقياساً للحضارة. لأنه – بزعمه – يملك: النموذج الأخلاقي الأمثل، والمنظومة القيَمية الأسمى، والحقيقة المطلقة الأصدق، والمثال الحضاري الأرقى.. وعلى العالم أن يحتذي به ويتبعه في كل ذلك، ومن هذه العقيدة الفوقية انطلق السياسي الإسباني جوزيف بوريل، ممثل الاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية، ليؤكدها بقوله: "أوروبا حديقة العالم.. وأغلب بقية العالم غابة"، مستثنياً الدول التي أنشأتها أوروبا في العالم بعد إبادتها وتهجيرها واستعباد سكانها الأصليين.

وبهذه النظرة الفوقية ترى أوروبا نفسها وامتداداتها الاستعمارية من أستراليا ونيوزيلندا إلى أميركا وكندا مروراً بـ"إسرائيل" مركزاً للعالم ومنبعاً للحضارة، بينما بقية العالم هامش مُتخلف عليه أن يتبع المركز الحضاري للعالم، حتى لو كانت أخلاق المركز انتهازية ميكافيلية، وقيمه شاذة إباحية، وحقيقته أُحادية مُطلقة، وحضارته مادية استعلائية.

رؤية السياسي الإسباني جوزيف بوريل المُعبّرة عن الغرب الأوروبي ومستعمراته في الزمن الحاضر والتي لخّصها في نظرية "الحديقة والغابة" الجديدة، هي إعادة إنتاج لرؤية الفيلسوف اليوناني 

أرسطوطاليس، المُعبّرة عن كل الأوروبيين والغرب في الزمن الغابر، والتي لخّصها مُخاطباً تلميذه الإسكندر الأكبر: "ثقافتنا هي الأفضل، حضارتنا هي الأفضل، رجالنا هم الأفضل، وكل الآخرين برابرة". وبهذه الروح العنصرية الاستعلائية الغربية، انطلق الإسكندر الأكبر اليوناني الوثني غازياً الشرق، وانطلق هرقل الأكبر الروماني مجتاحاً الشرق، وسار على دربهما كل الغزاة القادمين من الغرب، أمثال: فريدريك الأول الألماني الصليبي، ونابليون بونابرت الفرنسي الكاثوليكي، وأدموند ألنبي البريطاني الإنجيلي، وجورج بوش الابن الأميركي البروتستانتي...

وبالروح نفسها، عمد فلاسفة أوروبا ومنهم جورج هيغل وديفيد هيوم وإيمانويل كانط إلى تأصيل فكرة تفوّق العِرق الأبيض والحضارة الأوروبية، وعمد علماء أوروبا ومنهم آدم سميث وتشارلز داروين وهربرت سبنسر إلى التنظير لفكرة الصراع وحتمية سيطرة الأغنى والأصلح والأقوى، فأنتجت فلسفتهم وعلمهم: النازية، والفاشية، والعنصرية، والإمبريالية، والصهيونية، والعولمة.

الفلسفات والنظريات التي تُؤصّل للصراع وتُنظّر للاستعلاء أعطت الغرب أحقية حسم الصراع لمصلحته، وصلاحية قيادة العالم باستعلاء؛ لكونه الأفضل عرقياً والأرقى حضارياً، وقد أعاد تأكيدها المؤرخ البريطاني الأميركي باري بوزان في أطروحته حول "المركز والأطراف" عام 1991 التي قسّم فيها العالم إلى مركز "متحضر" هو الغرب، وأطراف "متخلفة" هي بقية العالم، والمركز مُهدّد بزحف الهجرة من الأطراف، وبالصراع الحضاري بين الغرب والإسلام. ولخّصها الفيلسوف الأميركي فرانسيس فوكوياما في أطروحته حول "نهاية التاريخ" عام 1992 والتي عدّ فيها ما وصل إليه الغرب بقِيَمه الليبرالية ونظامه الرأسمالي قمة الحضارة الإنسانية، وأنَّ المشكلة الأساسية بالنسبة إلى الغرب هو الصراع مع الإسلام كحضارة متناقضة معه. ووضحها المفكر الأميركي صاموئيل هنتنغتون في أطروحته حول "صدام الحضارات" عام 1996م، إذ رأى فيها أنَّ الغرب هو مركز الحضارة العالمية وحتمية خضوع الآخرين لها لا سيما الحضارتين الإسلامية والصينية؛ فَشَرْعَن بذلك العدوان الغربي بقيادة أميركا على العالم، وحمّل الرئيس الأميركي الحالي، جو بايدن، كل هذا الإرث للصراع الحضاري الغربي وسجّله في مقاله في أثناء حملته الانتخابية بعنوان "لماذا على أميركا أن تقود العالم؟".

صراع الحضارات الغربي هو الأرض التي نبتت فيها شجرة العنصرية والاستعلاء الغربية، فأنتجت ثمارها المُرّة بطعم الكراهية ورائحة العدائية، التي أكل منها الأوروبيون الذين تولوا الحملة الغربية المُعادية لمونديال قطر، فكان الرد الواضح عليها والبديل الحضاري لها من مونديال قطر نفسه عندما افتتح الشاب القطري المُبدع غانم المفتاح المونديال بالآية الكريمة: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ". وهي الآية القرآنية التي وضعت الأساس لنظرية "تعارف الحضارات" الإسلامية كرؤية أصيلة للتعايش السلمي بين شعوب العالم وتعارف حضاراتهم.

نظرية "تعارف الحضارات" تقوم على أُسس هي:

-  إنَّ الله خلق الناس مختلفين: "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ الناس أُمَّةً واحِدَةً، وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ".

-  خلق الله الناس أحراراً "وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأرض كُلُّهُمْ جَمِيعاً، أَفَأَنتَ تُكْرِهُ الناس حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ".

-  وخلقهم مختلفين وأحراراً ليتعارفوا "وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا"، فأصل العلاقة بين الناس المختلفين والأحرار هو التعارف الإنساني القائم على مبادئ: الوحدة الإنسانية " يَا أَيُّهَا النَّاسُ"، والأصل الإنساني الواحد "إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى"، والتنوع الإنساني "وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ"، وعلاقة التعارف الإنساني "لِتَعَارَفُوا"، التعارف القائم على: تبادل المعرفة والخبرة، واستمرارية الاتصال والتواصل، وديمومة التضامن والتعاون. 

وبنظرية التعارف الإسلامية، البديل الأصيل لنظرية الصراع الغربية، يتم تقديم مفاهيم: تفاعل الحضارات على تصادم الحضارات، وتدافع الحضارات على تطاحن الحضارات، وتعارف الشعوب على تنافر الشعوب، وتلاقح الثقافات على تناقض الثقافات، ومراكمة الإنجازات البشرية على إلغاء إنجازات الآخرين، وقيم الأخوّة الإنسانية على قيم التفوّق العنصرية، والالتقاء على كلمة سواء والقواسم المشتركة على فرض الكلمة والنموذج الأوحد.

المصدر:الميادين

السبت, 03 كانون1/ديسمبر 2022 16:29

كيف نستثمر في أبنائنا؟

ما هو الأفضل للأبناء.. أن نترك لهم رصيداً في البنوك.. أم نترك لهم عقارات نمنحها لهم ليبدؤوا بها حياتهم.. أم نترك لهم شركات ومؤ سسات تقيهم شر الزمن.. أم ننفق قيمة كلّ ذلك على تعليمهم وتأهيلهم.. أم نحاول أن نفعل كلّ ذلك معاً؟!

    إنه السؤال الصعب الذي يواجه الآباء، فالأسرة هي السوق الاستثماري الذي يبدأ فيه استثمار الأموال في البناء، وهي المصنع الحقيقي الذي ينتج البشر، فحين يبني الإنسان نفسه جيداً، فهو يبني أباً جيداً لأبنائه، وحين يختار زوجة صالحة فهو يختار أماً قادرة على تربية أبنائه، باختصار فإن الإنسان يبني مشروع حياته الذي سوف يستثمر فيه أبناءه.

    مصطلح الإستثمار في الموارد البشرية والبشر هو مصطلح جديد، يضع معايير لهذه القضية المعقدة، حتى داخل كلّ أسرة.

مفهوم الاستثمار البشري، هو مصللح جديد بدأ يظهر في علم الإدارة مؤخراً، وأصبحت هناك مواصفات عالمية خاصة بالإستثمار البشري، فقد بدأ علم الإدارة يخاطب اهتمامات الأشخاص وهواياتهم وطموحاتهم، ماذا يحبون وماذا يكرهون، فالإنسان كائن متكامل بما يملكه من أفكار ومشاعر وأحاسيس، وليس كما ينظر إليه البعض على أنه زوج من الأيدي والأرجل.

    لذلك فإن الاستثمار في الموارد البشرية هو استثمار بأموال ولكن ليس بضخ النقود فقط، وإنما من حيث الوقت وإعطاء فرصة للتعلم، فمن حق الفرد أن يخطئ ويناقش خطأه في سبيل تقويم سلوكه، وهذا نوع من الاستثمار غير المباشر، في حين يكون الاستثمار المباشر من خلال التدريب والتأهيل.

    الاستثمارفي التعليم

     ماذا عن حيرة الآباء فيما يجب أن يفعلوه للأبناء، هل يمنحونهم المال أم الميراث أم المشروعات أم العقارات؟

    يُجمع الكثير من العلماء والباحثين على أن أفضل أنواع الاستثمار في الأبناء، هو الاستثمار في التعليم، فالإنسان هو المحور الأساسي للإبداع والإختراع لذلك فهو أهم قيم الحياة. ويخطئ بعض الآباء في اعتقادهم أن استثمار الآبناء في التعليم يعني اختيار مدرسة أو جامعة نموذجية ودفع مبلغ معين من النقود فقط، دون الاهتمام بجوانب وتفاصيل حياة الأبناء الأخرى، وهذه نظرة قاصرة لأنها تغطي جانباً واحداً وهو تعليم المناهج الدراسية، في حين أن هناك جوانب أكثر أهمية، وهي أن نستثمر أبناءنا نفسياً وجسدياً وفكرياً ومعنوياً ليشمل هذا الاستثمار كافة جوانب الحياة، ولكن بلا أدنى شك أن التعليم الجيد هو أفضل طرق الاستثمار، ولكنه ليس الطريقة الوحيدة، فليس هناك معنى لشخص تعلم جيداً بينما شخصية لا تصلح لمواجهة الحياة ومصاعبها.

    تنمية الهوايات

    ولكن البعض يعتقد أن الهوايات مضيعة للوقت..؟

    هذا حقيقي وينظر بعض الآباء بالفعل إلى هوايات أبنائهم وميولهم على أنها ترف ويقفون حجر عثرة أمام تنميتها، وقد يعتقدون أن هوايات كالموسيقى أو الرياضة أو الرسم تهدر وقت الأبناء و تصرفهم عن دراستهم وعن بناء مستقبلهم، وعلى خلاف هذا الفهم الخاطئ فإن تنمية ميول الأبناء أحد أهم السبل لتعليمهم وتطوير طرق تفكيرهم وتعزيز ثقتهم بأنفسهم، فعلى سبيل المثال، أكدت دراسة حديثة أن تعلم الموسيقى ينمي ملكات التفكير، فحجم الخلايا الذهنية في أثناء تعلم العزف يزداد. ويجب علينا أن نكون آباء متعلمين منفتحين مع الحفاظ على ما يصلح من عاداتنا وتقاليدنا، كذلك يجب علينا في بعض الحالات التدخل لتوجيه ميول أبنائنا بما يصب في مصلحتهم، فنحن وبحكم تجاربنا قد نكون أكثر إدراكاً وفهماً للحياة.

    التفكيرالناقد

    في إطار التعليم الجيد، يجبر البعض الأبناء على اختيار تخصص معين باعتباره يقدم أفضل الفرص المادية بعد التخرج، فكيف ترى ذلك..؟

    هذه الإشكالية التي تحصل دائماً بيننا وبين أبنائنا حول ما نريده نحن، وما يريدونه، هي واقع شئنا أم أبينا، ولكن يجب أن ننتبه إلى أن هناك معطيات متوافرة في البيئة المحيطة بأبنائنا، توفر لهم فرصة لتكّون تفكيرهم الناقد الذي يعطيهم مفاتيح الحل لمشكلات الحياة وصعوباتها، فإذا استطعنا أن ننمي هذا التفكير لديهم، لا يهم أي المجالات سوف يدرسون، لأنهم سيكونون قادرين على تطويع هذه الدراسة لتخدم حياتهم العملية من خلال ابتكارات جديدة تساهم في تطوير حياتهم و تنعكس إيجاباً على بناء المجتمع، فتعلم مهارة حل المشكلات والتعامل مع التغيير الحاصل في المجتمع أهم من مجال الدراسة نفسه، فالدراسة هي جواز سفر الشخص وليس من الضروري التقيد بها، و إنما هناك فرصة للإبداع و التطوير.

    وقت لأبنائك

    *هل يقتصر الاستثمار في الأبناء على ترك حرية الاختيار لهم وتقديم فرص تعليم جيدة..؟

    الاستثمار في الأبناء ليس بالمال فقط، وليس بتقديم الفرص فقط، بل يجب أن نستثمر جزءاً من وقتنا أيضاً من أجل الأبناء، وهناك جزء من عملنا في تنمية الموارد البشرية هو المساهمة المجتمعية، وأحد أهم هذه الجوانب هو تطبيق مفاهيم الإدارة على الأسرة، وفي هذا المجال يوجد مفهوم في الإدارة يسمى «التغذية الراجعة» والذي يعني معرفة مدى رضى العلماء عن الخدمات المقدمة، وهذا المفهوم يمكن تطبيقه على أبنائنا، فبإمكانك تخصيص ساعة في الشهر لكل ابن من أبنائك، تخرج معه منفرداً، وتستمع له، تتعرف إلى مشكلاته وهمومه، وتعطيه جزءاً من خبراتك التي تصطلح لزمانه وتتوافق معه، وبنفس الوقت تحصل منه على التغذية الراجعة الخاصة بإدارة شؤون الأسرة، أين أخطأت و أين أصبت، فأنت بذلك تشعره بأهمية بالنسبة إليك، وتعلمه طرق جديدة، للتواصل مع ذاته ومع الآخرين، فالأسرة مشروع استثماري يحتاج إلى الإدارة، خاصة إذا علمنا أن نسب الطلاق قد تجاوزت 30% في بعض الدول العربية.

    قبل فوات الأوان

    هناك تباعداً حدث بين أفراد الأسرة العربية فرضته ظروف الحياة وتسارع عجلة الزمن، إلا أن هذا ليس مبرراً لعدم إعطاء الوقت الكافي لحياتنا الأسرية، فقد نستيقظ بعد فوات الأوان، يوجد مثال يطبق على حياتنا العملية والأسرية «خلال التدريب نعرض لقطة مدتها 30 ثانية، يؤديها أشخاص يلعبون بالكرة، وفي أثناء هذه اللقطة يمر شخص يرتدي لباس«غوريلا»، يطلب من المتدربين إحصاء عدد المرات التي لمست فيها الكرة الأرض، وعدد المرات التي التقطها الاعبون».

    بعد انتهاء اللقطة أسأل المتدربين، هل من شيء غريب حدث في أثناء اللعب؟ والمفاجئ أن واحداً أو اثنين من بين ثلاثين متدرباً، ينتبهون إلى مرور الغوريلا، في حين أن البقية وعلى الرغم من عدم إجابتم عن العدد فإنهم لا يلحظون مرور أي شيء. بالضبط هذا ما قد يحدث مع أبنائنا، فقد تمر كارثة أو مصيبة كبيرة ونحن منشغلون بتفاصيل صغيرة ولا ندركها إلا بعد فوات الأوان، لذلك يجب أن نكون على تواصل وعلم دائمين بكل التفاصيل التي تحيط بنا.

    قالب الحلوى

     وكيف نتغلب على ذلك؟

    حتى نستثمر وقتنا بالشكل الأمثل، يجب أن نرتب أولويات حياتنا حسب أهميتها، فالوقت أثمن شيء بالوجود، وبهذا الخصوص يقول أبو الإدارة الحديثة «بيتر دراكر» إن الشخص الناجح يبدأ يومه ليس بما يجب عليه فعله وإنما ما هو الوقت المتاح له للفعل، ويشبه دراكر الوقت بقالب الحلوى، الذي يسعى كلّ شخص للحصول على قطعة منه، فهذا يريد منك الرد على البريد الإلكتروني وذاك يريد منك حضور اجتماع أو تقديم خدمات، وأنت من واجبك توزيع هذا القالب حسب أهمية الأشياء. وهذا التنظيم سوف يتيح لك الفرصة لإعطاء الأهمية لكل جوانب حياتك على حدٍ سواء، ابتداءً من العمل ومروراً بالأسرة وانتهاءً بالتواصل الاجتماعي.

    يجب الإصرار على أن يكون يوم الإجازة مقدساً في حياتنا الأسرية، مهما بلغت إغراءات العمل، فهو فرصة لقضاء أوقات ممتعة مع أفراد العائلة وزيارة أماكن للترفيه، وليس بالضرورة رصد ميزانية كبيرة، فأي مكان يكسر الروتين المعتاد يفي بالغرض، بشرط التنويع والتغيير.

    الدكتاتورية مطلوبة

     عندما تتعارض الرغبات، كيف يمكن اتخاذ القرار في هذه الحالة، وهل الديمقراطية هي الأفضل..؟

    يقع على عاتق الآباء أحيانا وضع قواعد عامة لسولك الأبناء و شرح هذه القواعد ودواعيها التي تخدم مصلحة الأبناء، وعلى الرغم من أهمية الإقناع في الحوار بين الآباء وأبنائهم، فإن الديكتاتورية قد تكون مطلوبة في بعض الحالات، فالتعرض للتلفاز يجب أن يكون مقننا، وأوقات الفراغ يجب ملؤها بما هو نافع كتنمية الهوايات، كذلك يتوجب علينا الجلوس مع أبنائنا وتصفح مواقع الإنترنت التي يحبونها وتوجيههم لمواقع مفيدة تساهم في تكوينهم المعرفي، وعلينا ألا ننسي أبداً أن أبناءنا يحتاجون إلى مساحة خاصة بهم يقضونها مع أقرانهم، وينمون مهاراتهم في التواصل الاجتماعي.

    استثمار طويل المدى

    وختاماً، فالأسرة هي المكان الأول لاستثمار البشر، وقد لا تتوافر لديها الإمكانيات المادية، ولكن يجب أن نتذكر قولاً مفاده: إذا امتلكت الإدارة سوف تجد الطريق للوصول. فهناك أمثلة كثيرة لأشخاص تجاوزوا خط الفقر إلى الإبداع، حققوا ذاتهم بالإصرار والعزيمة، إن الاستثمار بالأسرة والأبناء هو استثمار معنوي طويل المدى وهو استثمار مادي أيضاً، لذلك يجب علينا زيادة الوعي من أجل الاهتمام بهذا الجانب من خلال وسائل الإعلام ومن خلال الدعوة لإعداد مناهج متكاملة تهدف إلى الاستثمار في الإنسان.

 

*د.علاء جراد (خبير الاستثمار في البشر)

 

فيتامين ج أحد أهم الفيتامينات التي لا غنى عنها في العديد من الوظائف الحيوية للجسم، مثل تكوين الأوعية الدموية والجلد والعظام على نحو صحي. وسنتعرف في السطور التالية بالتفصيل عن هذا الفيتامين الحيوي، من بينها فوائده وكذا مصدر فيتامين ج في الغذاء.

ما هو فيتامين ج؟

فيتامين ج (فيتامين سي) هو فيتامين قابل للذوبان في الماء. يوجد في العديد من الفواكه والخضراوات وهو مكمل شائع. كما أن هناك العديد من الأطعمة التي تحتوي على فيتامين ج.

ويشعر الكثير من الناس أن الجرعات الكبيرة تفيد الجسم. وفوائد فيتامين ج للجسم لا حصر لها، فهو مهم لصحة الأنسجة الضامة. وتظهر بعض الدراسات البحثية أن فيتامين ج قد يساعد على تقليل أعراض نزلات البرد وطول مدتها.

فوائد فيتامين ج (vitamin c)

يلعب فيتامين ج العديد من الأدوار في كيمياء جسم الإنسان، ومن بينها ما يلي:

- ضروري لصنع الكولاجين.

- جزء مهم من النسيج الضام في الجسم.

- يساعد على زيادة امتصاص الحديد من الأمعاء.

- فيتامين ج ضروري للعديد من التفاعلات الكيميائية.

- يستخدم الجسم فيتامين ج لصنع مواد مهمة أخرى. وتشمل هذه:

- كارنتين

- تيروزين

- المنشطات المصنوعة في الغدة الكظرية

- الناقلات العصبية

هذا الفيتامين هو أيضًا أحد مضادات الأكسدة القوية. ويعتقد أن مضادات الأكسدة تلعب دوراً في إبطاء عملية الشيخوخة.

قد يقلل أيضاً هذا الفيتامين من تلف بطانة الأوعية الدموية، ويقلل من خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان.

هل فيتامين ج هو فيتامين c؟

نعم، فيتامين ج أو حمض الأسكوربيك هو أنقى أشكال فيتامين سي، لكن أشكال فيتامين سي الأخرى تحتوي على مكملات أخرى. يأتي فيتامين سي بأشكال عديدة ، ولكل واحد منها استخدام وموقع بديل في عناصر العناية بالبشرة.

أعراض نقص فيتامين ج

يمكن أن يؤدي نقص هذا الفيتامين إلى الإسقربوط. يسبب الاسقربوط نزيفاً متزايداً في اللثة والجلد والعضلات والأعضاء الداخلية.

تشمل الأعراض الأخرى لنقص فيتامين ج ما يلي:

- بطء التئام الجروح

- الجلد الخشن المتشقق

- التغييرات في العظام

- آلام المفاصل والسوائل في المفاصل

- تضخم بصيلات الشعر، مع تراكم الجلد في قاعدة الشعر

- فقر دم

- إعياء

استخدامات صالحة طبياً

قبل اكتشاف فيتامين ج، أصاب الاسقربوط الأشخاص الذين لم يكن يتناولوا سوى القليل من الفواكه والخضراوات الطازجة. كان الاسقربوط شائعا بين البحارة الذين ظلوا بعيدا في البحر لعدة أشهر في كلّ مرة. لكن وُجد أن تناول الليمون يمكن أن يمنع الإسقربوط لدى هؤلاء البحارة. وفي وقت لاحق، تم اكتشاف هذا الفيتامين . وتم استخدامه لمنع وعلاج الاسقربوط.

تشير الأبحاث إلى أن تناول فيتامين ج بانتظام قد يساعد على تقليل أعراض نزلات البرد. قد يقلل أيضا من مدة استمرار البرد. لكن من المحتمل أن الفيتامين لا يمنع نزلات البرد. فعدم تناول فيتامين ج إلّا بعد ظهور أعراض البرد لا يفيد على ما يبدو.

أقاويل غير مثبتة علمياً

ثمة بعض الأقاويل التي يتم تداولها حول فيتامين ج، لكن لم يتم إثباتها من خلال الدراسات، ومن بينها:

- يقال إن فيتامين ج يساعد في الوقاية من أمراض اللثة أو علاجها (التهاب دواعم السن).

- في هذا الوقت، تختلف الأدلة حول ما إذا كان هذا الفيتامين يساعد في الوقاية من السرطان.

- لا تظهر معظم الدراسات أدلة كافية على أن مكملات الفيتامين تقي من أمراض القلب والأوعية الدموية.

- قد يحمي الفيتامين الجسم من آثار التلوث. قد يمنع أيضاً تجلط الدم ويقلل من الكدمات.

 

 

  • المصدر: وسائل إعلام إسرائيلية

وسائل اعلام إسرائيلية تعلّق بانزعاج على المشاهد المتكررة يومياً لعداء المشجعين العرب للاحتلال وتصف إخفاق المراسلين الإسرائيليين في انتزاع أي استصراح إيجابي تجته "إسرائيل" بالمخجل.

علّقت وسائل الإعلام الإسرائيلية بانزعاج كبير على مشاهد تفاعل الجمهور العربي السلبي مع المراسلين الإسرائيليين، الذين يحضرون إلى قطر بعنوان تغطية أخبار كأس العالم، وهم يحاولون منذ بدء المباريات انتزاع "استصراحات إيجابية"، تخدم عملية التطبيع.

وقال مقال في صحيفة "إسرائيل هيوم" الإسرائيلية بعنوان "المونديال في قطر مرآة للإسرائيليين: لا يحبوننا ولا يريدوننا أيضاً"، إنّ "المونديال في قطر وضع إسرائيل، أمام واقعٍ وحقيقة مؤلمة جداً للإسرائيليين".

وأوضح أنّ الإسرائيليين "شاهدوا للمرة الأولى المتحمّسين من الخليج(الفارسي)، وتجربة الرفض والتجاهل والكراهية وعدم قبول الإسرائيليين في بلد مسلم عربي".

مراسل إسرائيلي من قطر: برغم التطبيع لكن الشعوب العربية رافضة لوجودنا

وأشار المقال إلى أنّ "كلّ من يزعم أنّ سكان دول الخليج (الفارسي)ليس لديهم عداء تجاه إسرائيل، قد رأوا أنهم تعرّضوا للخداع وشاهدوا حقيقة مختلفة".

وتابع قائلاً إنّ "مراسلي الأخبار في المحطات الإسرائيلية سافروا بحماسة إلى قطر، وأقاموا الكاميرات وانتظروا قدوم عدد من العرب المقيمين في الخليج والدول العربية الأخرى ليمتدحوا إسرائيل، لكن سرعان ما وجدوا أنفسهم يتعرضون للازدراء والتجنب والاستهزاء من هؤلاء العرب".

وكانت مشاهد صوّرتها كاميرات وسائل إعلام إسرائيلية في قطر أظهرت مجموعة مشجعين من المغرب وهي ترفض التحدّث إلى صحافي إسرائيلي وتهتف مع فلسطين وضدّ الاحتلال، بالرغم من صراخ الصحافي الإسرائيلي بأنّ "حكومتكم طبّعت معنا.. يجب أن نكون في سلام الآن!".

صفعة ووضع مخجل

وعلّق المقال في الإعلام الإسرائيلي على رفض بعض المشجعين العرب، عندما عرفوا أنّ الصحافي الذي يستصرحهم إسرائيلي، إجراء المقابلة معه ومواجهته بأنه "لا يوجد شيء اسمه إسرائيل، هناك فلسطين فقط" وأكّد الكاتب أنّه كان يتوقع ذلك و"لم يفاجأ برفض الغالبية العظمى من المشجعين العرب الذين لم يوافقوا على إجراء مقابلات مع التلفزيون الإسرائيلي".

وأضاف  المقال "وحدَه من لا يفهم الأجواء في العالم العربي على مستوى عامة الناس والمواطن العادي، سيسارع إلى نصب كاميرا ويتوسل إلى عربي لإجراء مقابلة مع محطة إسرائيلية".

ووصف ما تعرّض له المراسلون الإسرائيليون من إذلال واضطرار إلى الكذب وإخفاء هويتهم فقال: "من المخجل رؤية صحافي إسرائيلي يتوسّل ويعانق من يجري معه مقابلة على الهواء مباشرة لحضّه على قول كلمة طيبة عن إسرائيل، ليتبيّن أنهم يعتبرون أنّه لا يوجد إسرائيل بل فلسطين فقط".

 

ضربة للتطبيع

وأضاف المقال "حقاً هذه صفعة مدوية على الوجه لمن يظنّ أنّ التطبيع في متناول اليد، وأنّ التطبيع مع الدول العربية ليس سوى مسألة وقت".

وقال إن "سلوك المواطن العربي العادي تجاه إسرائيل يشير إلى عداء يزيد عمره على 70 عاماً، ويشير إلى أنّ أصل المشكلة لا يزال حياً ويركلنا ويصفعنا بشدة".

وأكّد المقال أنّ هذا هو الواقع والحقيقة، وأنّ "على من لا يريد أن يراها أن يغمض عينيه، لكنّ الواقع المر والصعب، وفي نظري المؤلم، هو أنّه إذا لم تُحلّ القضية الفلسطينية بطريقة ما ومقبولة من جميع الأطراف، فنحن لسنا ولن نكون موضع ترحيب في الدول العربية، ولا حتى في البلدان التي أُبرِمَت معها اتفاقيات تطبيع".

وأشار إلى أنّه "يكفي النظر إلى اتفاقيات التطبيع مع مصر لنفهم كيف لم نحرز تقدماً في مواجهة الشعب المصري، الذي لا يزال أكثر العرب عداءً لإسرائيل، وبقينا على المفهوم الخطأ نفسه من الاتفاقيات بين قادة الدول فقط".

اتفاقيات التطبيع سقفها من زجاج

وأشار المسؤول السابق في جهاز "الشاباك" دورون ماتسا، في مقال في موقع "مكور ريشون" بعنوان "كراهية إسرائيل في قطر تشير إلى السقف الزجاجي لاتفاقيات التطبيع"، إلى أنّ "التعامل الفظّ لمشجعي كرة القدم العرب مع ممثلي وسائل الإعلام الإسرائيلية، فاجأ المراسلين من أصدقائه، ما فتح عيونهم على الواقع في الشرق الأوسط وعلاقة إسرائيل بالمنطقة".

وتابع مستخلصاً: "لا يحبوننا في قطر، وكما يبدو، في عموم الشرق الأوسط، وهذا هو الاستنتاج الذي استخلصه الصحافيون في ظلّ الاحتكاكات غير اللطيفة بمشجعين سعوديين وقطريين وإيرانيين وغيرهم".

 وأضاف: "اتضح أنّ لا شيء تغيّر.. حتى لو كان من الجيّد أن نتحلّى بالأمل، فإنّ قوة الواقع وضروراته يجب ألا تغيب عنا".

وقلل من قيمة اتفاقيات التطبيع الرسمية مع الأنظمة العربية على مستوى التأثير في الشعوب، التي قال إنه "جرى تشكيلها ضدّ العناصر الأقلّ أيديولوجيةً في المنطقة مثل الإمارات العربية المتحدة".

واستنتج المقال أنّ "معنى هذه الأمور واضح، اتفاقيات التطبيع لم تضع الشرق الأوسط في حقيقة نهاية التاريخ، لم يكن هناك تزامن بين التطبيع مع القيادات وبين التطبيع مع الشعوب".

وأشار إلى أنّ "الأحداث التي جرت على هامش كأس العالم في قطر تظهر أنّ مكانة "إسرائيل" الإقليمية ومضمون "اتفاقات التطبيع" تمتلك سقفاً زجاجياً".