emamian

emamian

عدد الحجاج عام 1440 هـ الذي سبق الجائحة بلغ 2.5 مليون حاج

قالت وزارة الحج والعمرة في السعودية إن المملكة ستلغي قيود كورونا موسم الحج هذا العام، وستستضيف أعدادا من الحجاج تضاهي ما كانت عليه قبل انتشار الجائحة، وذلك بعد 3 سنوات من تقليص أعداد ضيوف الرحمن بشكل كبير على خلفية تفشي جائحة "كوفيد-19".

وخلال كلمة في مؤتمر "إكسبو الحج" الذي انطلق أمس بمدينة جدة لمناقشة الخدمات التي تُقدَّم للحجيج والمعتمرين، ذكر وزير الحج والعمرة توفيق الربيعة أن أعداد الحجاج هذا الموسم ستعود كما كانت قبل جائحة كورونا، دون أي قيود على العمر.

وقد تسبّب الوباء في عرقلة كبيرة للحج موسمين متتاليين حيث اقتصر موسم الحج عام 1441هـ (2020) على 10 آلاف حاج من الموجودين داخل المملكة، كما اقتصر موسم الحج لعام 1442هـ على 60 ألفا من الداخل ملقحين بالكامل جرى اختيارهم بواسطة القرعة وذلك بسبب جائحة فيروس كورونا.

العام الماضي، رفعت السعودية عد الحجاج إلى نحو مليون حاج ممن تتراوح أعمارهم بين 18 و65 عاما بينهم 850 الفا من خارج المملكة اختيروا أيضا بالقرعة، واشترطت السلطات السعودية أن يكون جميع الحجّاج الوافدين من الخارج قد تلقّوا تطعيمهم بالكامل، وأن يُبرزوا نتيجة سلبيّة لاختبار فيروس كورونا.

أما عدد الحجاج عام 1440هـ (2019) -الذي سبق جائحة كورونا- فقد بلغ نحو 2.5 مليون حاج، كما كان نحو 19 مليونا يؤدون العمرة سنويا قبل انتشار الجائحة.

ومن المقرر أن يبدأ موسم حج 1444 هذا العام الأسبوع الأخير من يونيو/حزيران، ويمتد إلى الأيام الأولى من يوليو/تموز.

المصدر : وكالات

 

صالح النعامي

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية الجديدة بنيامين نتنياهو -خلال الكلمة التي ألقاها عشية أداء أعضاء حكومته اليمين القانونية أمام الكنيست- أن التصدي لبرنامج إيران النووي وضمان حرمانها من تطوير سلاح ذري سيكون على رأس أوليات ائتلافه الحاكم.

لا يعد هذا الإعلان مفاجئا، حيث إن الحكومات التي رأسها نتنياهو وتعاقبت على إدارة دفة الأمور في إسرائيل منذ 2009 وحتى عام 2021 رأت في البرنامج النووي الإيراني تهديدا "وجوديا"؛ ليس فقط بسبب الخشية من أن تستخدم طهران السلاح النووي ضد تل أبيب، بل أيضا لأن حصول إيران على سلاح نووي يمنح حلفاءها في المنطقة مظلة دفاعية تقلص قدرة إسرائيل على استهدافهم.

في الوقت ذاته، فإن نتنياهو يرى أن السماح لإيران بتطوير سلاح نووي سيطلق العنان لسباق نووي إقليمي يمنح دولا أخرى في المنطقة المسوغات لتطوير قدرات ذرية مماثلة؛ مما يفقد إسرائيل واحدا من أهم ركائز تفوقها النوعي على المحيط العربي.

وإلى جانب العوامل الإستراتيجية، فإن نتنياهو يولي أهمية كبيرة لإرثه الشخصي كقائد، حيث إنه كثيرا ما جاهر بأنه سيعمل على تجنيب "الشعب اليهودي" مخاطر النووي الإيراني كما جنب رئيس الوزراء البريطاني السابق ونستون تشرشل أوروبا خطر النازية. فضلا عن ذلك، فإن نتنياهو معني حاليا بفرض أجندة أمنية على الجدل العام في إسرائيل لتقليص مستوى الاهتمام بقضايا الفساد التي يحاكم فيها حاليا، والتي يمكن أن تفضي إلى إيداعه السجن فترة طويلة.

وعلى الرغم مما تقدم، فقد طرأت بعض التحولات "السلبية" التي تضع الكثير من العراقيل أمام إسرائيل في سعيها لإحباط البرنامج النووي الإيراني؛ حيث إن بعض هذه التحولات تسبب فيها نتنياهو شخصيا.

وإن كان نتنياهو لا يعترف بذلك، فإن الكثير من القيادات السياسية والأمنية في إسرائيل ترى أنه ارتكب خطأ إستراتيجيا أثناء توليه رئاسة الحكومة السابقة عندما أقنع الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب بالانسحاب من الاتفاق النووي الذي وقعته إيران والقوى العظمى في 2015، دون إلزام طهران بإطار آخر يقلص قدرتها على مواصلة تطوير برنامجها النووي؛ فانسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق وجملة عقوبات "الحد الأقصى" التي فرضتها إدارة ترامب بتشجيع من نتنياهو منح إيران المسوغ للتحرر من قيود اتفاق 2015 والشروع في زيادة مستويات تخصيب اليورانيوم إلى 60%، وتطوير الإمكانات التقنية والفنية اللازمة، وعلى رأسها أجهزة طرد مركزي متقدمة.

على الرغم من أن جهاز الموساد نفذ خلال عهد حكومات نتنياهو وحكومة بينيت-لبيد مئات العمليات السرية ضد البرنامج النووي الإيراني، وشملت تصفيات طالت علماء ذرة، وهجمات سيبرانية استهدفت المنشآت النووية الإيرانية وتفجيرات ضربت بنى صناعية عسكرية نوعية في العمق الإيراني؛ فإنها لم تنجح في إجبار إيران على التراجع عن مواصلة تطوير برنامجها النووي.

في الوقت ذاته، فإن تركيبة الحكومة الجديدة وطابع موازين القوى فيها وتباين الأجندات التي تحكم توجهات أحزابها لا تساعد نتنياهو على الوفاء بمتطلبات مواجهة البرنامج النووي الإيراني.

ففي حين تقع مواجهة البرنامج النووي الإيراني على رأس أولويات نتنياهو، فإن شركاءه في الحكومة من ممثلي اليمين الديني يصرون على وجوب استثمار إسرائيل أقصى طاقتها من أجل حسم الصراع مع الشعب الفلسطيني عبر توسيع الاستيطان وتجذير التهويد وضم الأراضي والمس بقدرة الفلسطينيين على مواصلة المقاومة.

صحيح أن ممثلي اليمين الديني في حكومة نتنياهو لن يعارضوا سياساته الهادفة إلى إحباط البرنامج النووي الإيراني؛ لكنهم في الوقت ذاته لن يسمحوا بأن تكون مواجهة إيران على حساب مخطط حسم الصراع مع الشعب الفلسطيني.

فممثلو اليمين الديني في الحكومة الجديدة يعون تماما أنه ليس بوسع إسرائيل استنفاد طاقتها في مواجهة النووي الإيراني في وقت تطبق فيه الأجندة التي تتمسك بها حركة "المنعة اليهودية" التي يقودها وزير الأمن "الوطني" إيتمار بن غفير وحركة "الصهيونية الدينية" برئاسة وزير المالية والاستيطان بتسلئيل سموتريتش، والمتمثلة في العمل على ضم مناطق واسعة في الضفة الغربية.

فقد كشفت قناة التلفزة الإسرائيلية الرسمية "كان" مؤخرا عن أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أبلغت نتنياهو أن إقدام حكومته الجديدة على أية خطوة تهدف إلى ضم أجزاء من الضفة أو تغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى سيؤثر على استعداد واشنطن للتعاون مع تل أبيب في مواجهة نووي طهران.

لكن حتى لو لم تتجه الحكومة الجديدة إلى ضم أجزاء من الضفة ولم تغير بشكل كبير الوضع القائم في الأقصى، فإن تطبيق الاتفاقات بين نتنياهو وشركائه في اليمين الديني التي على أساسها تم تشكيل الحكومة الجديدة سيقلص قدرة إسرائيل على مواجهة النووي الإيراني.

فتوجه وزير الأمن الوطني الجديد إلى تغيير أوامر إطلاق النار بشكل يسمح لعناصر شرطة الاحتلال بالتوسع في استهداف الفلسطينيين وتنفيذ خطته الهادفة إلى إحداث مزيد من التدهور على ظروف اعتقال الأسرى في سجون الاحتلال؛ سيشعل الأوضاع الأمنية في الضفة وإسرائيل بشكل يزيد من فرص انضمام غزة وفلسطينيي الداخل إليها؛ مما سيقلص قدرة الجيش والمؤسسة الأمنية الإسرائيلية على التفرغ لمواجهة التحديات الخارجية، وعلى رأسها النووي الإيراني.

في الوقت ذاته، فإن اشتعال مواجهة بين إسرائيل والفلسطينيين وما سيسفر عنها من بروز مظاهر استهداف المدنيين الفلسطينيين على نطاق واسع سيمس مكانة إسرائيل الدولية؛ مما سيقلص قدرة صناع القرار في تل أبيب على تجنيد دعم دولي، وتحديدا غربي، لدعم سياساتهم تجاه إيران.

إلى جانب ذلك، فإنه رغم أن تراجع فرص التوصل لاتفاق بين طهران والغرب قد أفضى إلى تقارب الموقفين الأميركي والإسرائيلي من الملف النووي الإيراني، وتحديدا بعد تكثيف موسكو وطهران تعاونهما العسكري، فإنه لا زالت هناك خلافات جوهرية تفصل بين الجانبين في كل ما يتعلق بطابع الظروف التي توجب التدخل العسكري لإحباط المشروع الذري الإيراني. فإسرائيل تعلن أنه يتوجب استخدام الخيار العسكري ضد إيران حتى لا تتحول إلى دولة على "حافة قدرات نووية". أي عدم تمكينها من مراكمة القدرات التقنية والعلمية التي تمكنها من تخصيب اليورانيوم بمستويات وكميات كافية لإنتاج سلاح نووي، حتى لو لم تستخدم هذا اليورانيوم في إنتاج هذا السلاح.

في المقابل، فإن الولايات المتحدة أوضحت بشكل لا يقبل التأويل أنها تلتزم بالعمل عسكريا ضد إيران فقط لمنعها من إنتاج السلاح النووي؛ أي أن الولايات المتحدة لا ترى في تحول إيران إلى دولة على حافة قدرات نووية مسوغا لمهاجمتها عسكريا.

مما يفاقم الأمور تعقيدا حقيقة أنه من دون دعم عسكري وسياسي أميركي لن يكون بوسع إسرائيل وحدها القضاء بالوسائل العسكرية على البرنامج النووي الإيراني؛ فقد أقر كل من رئيس الوزراء السابق إيهود أولمرت ورئيس الموساد السابق تامير باردو بأن إمكانيات وموارد إسرائيل الذاتية لا تسمح لها بتوجيه ضربة قاضية للمشروع النووي الإيراني.

وإن كانت القيادات العسكرية الإسرائيلية تقر بأنه ليس بوسع إسرائيل وحدها تدمير المنشآت النووية الإيرانية، فإنه لن يكون بوسع نتنياهو تمرير قرار داخل الحكومة بتنفيذ ضربة عسكرية للنووي الإيراني. فكما كشف رئيس الموساد السابق مئير دغان، فقد حاول نتنياهو في 2010 تمرير قرار بتوجيه ضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية، إلا أن اعتراض رئيس أركان الجيش في ذلك غابي أشكنازي ودغان نفسه حالا دون ذلك.

لذا يرجح أن تزاوج إسرائيل تحت قيادة نتنياهو بين مواصلة تنفيذ العمليات السرية الهادفة إلى التشويش على البرنامج النووي الإيراني من جهة، ومن جهة أخرى تكثيف الجهود السياسية والدبلوماسية لإقناع الولايات المتحدة وأوروبا بفرض مزيد من العقوبات، التي ترى أنها يمكن أن تقلص قدرة الحكم في طهران لمواصلة التفرغ لتطوير البرنامج النووي.

لكن نجاح هذه الجهود يتوقف بشكل أساسي على قدرة نتنياهو على إقناع شركائه في الحكومة من ممثلي اليمين الديني بتجنب التصعيد في الساحة الفلسطينية

المصدر :الجزيره.

الجيش الإسرائيلي اقتحم بلدة جنوبي بيت لحم وسط إطلاق كثيف للرصاص والقنابل الغازية والصوتية (رويترز)

أصيب 9 فلسطينيين الجمعة خلال مواجهات مع جيش الاحتلال جنوب وشمال الضفة الغربية، فيما أجبرت محكمة إسرائيلية شابا فلسطينيا على هدم منزله ذاتيا في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، بذريعة البناء دون ترخيص.

وذكر تلفزيون فلسطين الحكومي أن "3 شبان أصيبوا خلال اقتحام قوات إسرائيلية لبلدة الخضر جنوبي مدينة بيت لحم (جنوب) مساء الجمعة".

وأضاف أن الجيش الإسرائيلي "اقتحم القرية وسط إطلاق كثيف للرصاص والقنابل الغازية والصوتية".

ووفق المصدر نفسه، فقد أصيب 3 شبان بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بالاختناق بالغاز المدمع خلال المواجهات.

ولم يُشر التلفزيون الفلسطيني إلى أسباب اقتحام البلدة، فيما لم يصدر توضيح عن الجيش الإسرائيلي بشأن ذلك.

من جهتها، قالت وكالة الأنباء الفلسطينية إن "فلسطينيين اثنين أصيبا بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، و4 آخرين بالضرب، خلال مواجهات مع قوات الاحتلال والمستوطنين في قرية جوريش شرق نابلس (شمال)".

وأوضحت الوكالة أن مواجهات اندلعت مع الجيش الإسرائيلي عند بؤرة استيطانية أقامها المستوطنون على أراضي القرية، حيث حطموا زجاج 15 مركبة فلسطينية برشقها بالحجارة.

وفي وقت لاحق الجمعة، أعلنت الحكومة الإسرائيلية أن "البؤرة الاستيطانية التي أقامها مستوطنون شرق نابلس الخميس، تم اتخاذ قرار بإخلائها"، مشيرة إلى أنها أقيمت "دون موافقتها".

هدم منزل

من ناحية أخرى، أجبرت محكمة الاحتلال الشاب الفلسطيني مهران الديسي على هدم منزله ذاتيا في البلدة القديمة بالقدس المحتلة، وذلك بذريعة البناء دون ترخيص.

وتفاديا لدفع غرامة مالية باهظة كإيجار الجرافات لبلدية الاحتلال، اضطر الديسي لهدم منزله القائم منذ 14 عاما وتبلغ مساحته 47 مترا مربعا، بمنطقة باب الخليل في البلدة القديمة بالقدس المحتلة.

وقال الديسي في تعليقه على قرار الهدم الذاتي إن "ذكرياته كلها كانت في هذا المنزل، وإن أصعب شيء يواجهه أحد هو أن يبني منزله بيديه، ثم يهدمه بهما مرة ثانية، مشيرا إلى أن هذا يُعد ضريبة المقدسيين وضريبة أهل البلدة القديمة".

هذا ويؤوي المنزل عائلة الشاب مهران البالغ عددها 5 أشخاص، بينهم أطفال.

يشار إلى أن سلطات الاحتلال كانت قد اعتقلت الخميس 5 أطفال في حي رأس العامود بالقدس المحتلة، للاشتباه في مشاركتهم في إلقاء الحجارة باتجاه دورياتها، كما اعتدت على شبان فلسطينيين واعتقلت أحدهم في باب العامود، بعد محاولتهم التصدي لمجموعة من المستوطنين المتطرفين كانوا يستعدون لإقامة صلوات ليلة الجمعة بحسب معتقداتهم.

كما شيّع آلاف الفلسطينيين في جنين جثماني شهيدين، هما أدهم جبارين (28 عاما) وجواد بواقنة (57 عاما)، قتلا على يد قوات الاحتلال في مخيم جنين بعد اشتباكات مسلحة عنيفة دارت لنحو 3 ساعات مع مقاومين فلسطينيين، إثر توغل الجيش الإسرائيلي بنحو 70 آلية عسكرية في جنين.

المصدر : الجزيرة + الأناضول

 

حرصت "الجماعات اليهودية"، في نهاية القرن الثامن عشر، على إنشاء أجهزة استخبارات قوية، بعد الارتفاع الملحوظ في نسبة قدوم المهاجرين الصهاينة إلى أرض فلسطين.

مقدمة:

تحظى "أجهزة الاستخبارات" في كل دول العالم بمكانة خاصة داخل دوائر صنع القرار، يكاد لا ينافسها فيها أحد. وهي تتمتع بسلطات نافذة، وبتأثيرات حاسمة، وتحصل في معظم الأحيان على حصة الأسد من موازنات الدول وإمكاناتها التشغيلية. وهذا الاهتمام الفائق بتلك الأجهزة لا يأتي من فراغ، بل بسبب دورها المهم والمحوري في حماية أمن الدول، والمحافظة على مصالحها، بالإضافة إلى مساهمتها في عمليات التخطيط، لإدارة الأعمال العسكرية والسياسية والاقتصادية وتنظيمها، ولا سيما في أوقات الحروب والأزمات. وفي أحيان كثيرة تكون الاستخبارات ركناً أساسياً في صناعة القرارات الحاسمة والمفصلية في تاريخ الدول.

تُعَدّ "إسرائيل" من أكثر الدول التي تُولي أجهزة الاستخبارات التابعة لها عناية خاصة، وخصوصاً أنها تعيش في أزمات متتالية، وتخوض حروباً ونزاعات، في أكثر من صعيد، وهي تشعر على الدوام بأنها مهدَّدة في أمنها واستقرارها، وربما أكثر من ذلك في وجودها. وهذا الاهتمام مكّن أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية من التفوّق على كثير من مثيلاتها حول العالم، وتحديداً في منطقة الشرق الأوسط، التي تُعَدّ من أكثر الساحات اشتعالاً على صعيد الحرب الاستخبارية.

لكن، في الأعوام الأخيرة، طرأ تغيّر نوعي وملحوظ، فيما يتعلق بعمل أجهزة استخبارات بعض الدول والجماعات في المنطقة، ولا سيما تلك المناهضة للمشروع الإسرائيلي، والتي باتت تواجهه بكفاءة عالية في الساحة التي كانت تُعَدّ ملكاً حصرياً له، وأصبحنا نرى ونسمع نجاحات كبيرة تحققها أجهزة استخبارات تلك الدول والجماعات، وهو ما يعني بالضرورة مزيداً من الإخفاق والفشل لأجهزة استخبارات العدو.

ونحن، بدورنا، سنشير بشيء من التفصيل إلى المنظومة الاستخبارية في الكيان الصهيوني، ليس من أجل ترويجها طبعاً، وإنما من أجل معرفة أساليبها وأدواتها، وأخذ الاحتياطات اللازمة لمواجهتها، والتصدّي لها، كلّ بحسب إمكاناته وقدراته، وحدود مسؤولياته.

أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية

أولاً، النشأة والتأسيس: حرصت "الجماعات اليهودية"، في نهاية القرن الثامن عشر، على إنشاء أجهزة استخبارات قوية، بعد الارتفاع الملحوظ في نسبة قدوم المهاجرين الصهاينة إلى أرض فلسطين، بحيث تم الاعتماد منذ ذلك الحين، حتى عام 1948، على منظمتين استخباريتّين رئيستين.

كانت الأولى تحت مسمى "الشعبة السياسية للوكالة اليهودية"، وعُنيت بمتابعة علاقات الفلسطينيين بالبلدان المجاورة ومراقبتها، وحجم العلاقات بين الدول العربية والدول العظمى حول العالم، بالإضافة إلى التطورات الداخلية في الدول العربية، والتي يمكن أن يكون لها انعكاسات على الأوضاع في الأراضي الفلسطينية في ذلك الوقت.

أمّا المنظمة الثانية، والتي عُرفت باسم "هيئة المعلومات لمنظمة الهاغاناه العسكرية"، وشكّلت فيما بعدُ النواة الأولى لجيش الاحتلال الصهيوني، فركّزت نشاطها على الجبهة الداخلية، والمواطنين الفلسطينيين، بالإضافة إلى جنود الجيش البريطاني. وعملت على تجنيد متطوعين ومتعاونين، من أجل القيام بمهمّات جمع المعلومات، التي ساعدت على ترسيخ قواعد المشروع الصهيوني في الأراضي الفلسطينية.

ثانياً، التطوير والتحديث: في أثناء حرب عام 1948، ولمواكبة كثير من المتغيّرات التي طرأت نتيجة توسع المواجهة وانتقالها إلى بُعد إقليمي، تم تشكيل عدد من الأجسام الجديدة داخل المنظومة الاستخبارية الإسرائيلية، بحيث حلّت مكان الجهازين القديمين المشار إليهما آنفاً. أحد هذه الأجسام كان يُسمى "خدمات الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي"، وتحوّل في العام التالي إلى ما أُطلق عليه "شعبة الاستخبارات العسكرية"، وهو ما بات يُعرف الآن باسم جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان ".

أمّا الجسم الثاني فهو "القسم السياسي للعمل الاستخباري في الخارج"، والذي يُعَدّ الآن أحد أشهر أجهزة الاستخبارات على مستوى العالم، وهو جهاز "الموساد".

جسم ثالث تم استحداثه في تلك الفترة، هو "قسم خدمة المعلومات الداخلية"، والذي كان يُعنى بمعالجة شؤون الأمن الداخلي، ومواجهة الأخطار والمصاعب، داخل المناطق التي كانت تسيطر عليها العصابات الصهيونية، وتحوّل هذا القسم فيما بعد إلى "جهاز الأمن العام"، المعروف اختصاراً بـ"الشاباك".

ثالثاً، الشكل الحالي لأجهزة "الاستخبارات الإسرائيلية": تملك "إسرائيل" عدداً من أجهزة الاستخبارات التي تتمتع بقدرات وإمكانات كبيرة، والتي، على رغم تعرّضها لكثير من الإخفاقات، ولا سيما في الأعوام الأخيرة، فإنها تبقى جزءاً أساسياً من منظومة اتخاذ القرار في الكيان الصهيوني، وصاحبة اليد الطولى في تحديد شكل السياسات الإسرائيلية، تجاه عدد من الملفات الداخلية والخارجية.

1- جهاز الأمن العام "الشاباك":

يُنظر إلى جهاز "الشاباك " على أنه واحد من أكثر أجهزة الاستخبارات حضوراً وتأثيراً، على مستوى عملية صنع القرار في الكيان الصهيوني، سياسياً وعسكرياً، بحيث يملك تأثيراً طاغياً، مقارنة بما يماثله من أجهزة الاستخبارات الأخرى.

وحاز هذا الجهاز تلك "المكانةَ الرفيعة"، كونه يُعنى بمهمّات حسّاسة ومعقّدة على صعيد حفظ الأمن الداخلي للكيان الصهيوني، والذي يتعرض على الدوام لتهديدات ومخاطر جمّة.

ومن المهمّات الأساسية التي يختص بها حماية "الدولة" من أي أخطار تهددها على المستوى الداخلي، سواء كانت هذه الأخطار من داخل "المجتمع الصهيوني"، أو من خارجه، على مستوى الصراع مع الفلسطينيين، وتوفير الحماية لكبار الشخصيات السياسية والعسكرية، ورفع التوصيات بشأن التهديدات المحتملة وطريقة التعامل معها، وإحباط الهجمات التي يمكن أن تشكل تهديداً للجبهة الداخلية الصهيونية، والإشراف على عمليات التحقيق مع المعتقلين الفلسطينيين... إلخ.

وتمتاز هيكلية الجهاز بالشكل الهرمي، إذ تبدأ من قائد الجهاز، ويكون غالباً برتبة لواء أو عميد، وصولاً إلى القاعدة، التي تضم المحققين وضباط المناطق وخبراء في علمَي النفس والاجتماع وأمن المعلومات.

ويتضمن "الشاباك" عدداً من الأقسام، منها:

- قسم الشؤون "العربية": وهو أكبر أقسام الجهاز. وتتركّز مهمّاته في اكتشاف "التهديدات" التي تواجه "إسرائيل"، مثل العمليات الفدائية، والاختراقات التي تهدد المنظومة الأمنية. وتُناط به عمليات الإسقاط والتجنيد للعملاء والجواسيس، بالإضافة إلى حيازته وحدات المستعربين، "القوات الخاصة"، والتي تقوم بعمليات تجسس داخل المناطق الفلسطينية في بعض الأحيان، وتقوم، أحياناً أخرى، بتنفيذ عمليات الاعتقال أو الاغتيال بحق المقاومين الفلسطينيين.

- قسم الشؤون "غير العربية": يختص هذا القسم بإحباط عمليات التجسس ومنع العمليات السرية. ويقوم بمراقبة سفارات الدول الأجنبية العاملة في "إسرائيل"، والتجسس عليها، وعلى البعثات الدبلوماسية العاملة فيها. 

- قسم "التحقيقات": هذا القسم هو من أهم الأقسام في جهاز "الشاباك"، ويختص، بصورة مباشرة، بعمليات التحقيق مع المعتقلين الفلسطينيين، ويُعرف عنه استخدامه أساليب عنيفة تنافي المعايير الدولية، وأدّت في كثير من الأحيان إلى استشهاد عدد من المعتقلين. 

- القسم "التكنولوجي": هو مسؤول عن تطوير الوسائل التكنولوجية والتقنية وتشغيلها، والتي تختص بجمع المعلومات الهادفة إلى إحباط عمليات محتملة، أو مراقبة أهداف معينة من أجل استهدافها، في حال صدور قرار بذلك من الجهات العليا.

- دائرة الأمن الحماية: تُعنى هذه الدائرة بحماية المؤسسات والدوائر الحكومية، والمصالح الحيوية في الكيان، بالإضافة إلى توفير حماية خاصة لكل المسؤولين والقيادات السياسية والعسكرية.

- دائرة "الشؤون اليهودية": تختص بمكافحة عمليات التجسس التي تستهدف "إسرائيل"، وخصوصاً في أوساط اليهود القادمين من الخارج، وتركّز الدائرة معظم جهودها على اليهود القادمين من روسيا.

2- مؤسسة الاستخبارات والمهمات الخاصة "الموساد":

يُعَدّ "الموساد" بمثابة المؤسسة المركزية في منظومة الاستخبارات الإسرائيلية على المستوى الخارجي، وهو أحد أهم أركان المنظومة الأمنية في "إسرائيل"، إذ تبلغ موازنته السنوية نحو 2.5 مليار دولار، ويخدم فيه، بصورة مستمرة، أكثر من 7 آلاف موظف، ويُعنى بدرجة أساسية بجمع المعلومات والبيانات، على اختلاف نوعياتها، سواء كانت سياسية أو عسكرية أو مدنية، بالإضافة إلى تنفيذه عدداً من المهمّات الخاصة خارج حدود "الدولة"، والتي يمكن أن تصل إلى عمليات اغتيال أو اختطاف، أو عمليات تخريبية تستهدف منشآت حيوية وحسّاسة تَتْبَع دولاً وجماعات "معادية".

ويتولى الجهاز تنفيذ كثير من المهمّات، منها: 

* جمع المعلومات الاستخبارية ذات الطابع الاستراتيجي، سواء السياسية أو العسكرية.

* المنع والإحباط لأي عمليات فدائية، قد تنفذها دول أو جماعات معادية للكيان الصهيوني، ضد أهداف إسرائيلية في الخارج، مثل السفارات والقنصليات، والكنس اليهودية، والشركات والمصالح الأخرى.

* إحباط محاولات بعض الدول الإقليمية الحصول على أسلحة كاسرة للتوازنات، وإجهاضها، كالأسلحة النووية والكيميائية، والصواريخ الباليستية.

* تطوير علاقات الكيان الصهيوني بالدول الأجنبية وتمتينها، ولا سيما الكبرى منها، وإقامة علاقات سرية تساعد على تأمين الدعم للكيان، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً. 

* تطويع كل الإمكانات المادية واللوجستية، من أجل جلب أكبر عدد ممكن من اليهود إلى "إسرائيل "، والضغط عبر مختلف الوسائل على بعض الدول الأجنبية لتسهيل هذا الأمر، والمساعدة على إضفاء الصفة الشرعية عليه، وخصوصاً عندما يتم اللجوء إلى عمليات التهريب عبر الحدود.

ويضم جهاز "الموساد" عدداً كبيراً من الأقسام، نشير إلى أكثرها أهمية:

- قسم جمع المعلومات: تتركز مهمة هذا القسم في جمع المعلومات السرية، ثم تصنيفها وتحليلها، ووضع الاستنتاجات المطلوبة قياساً على الغرض المراد تحقيقه من ورائها.

- قسم العمليات: يتولى قيادة هذا القسم بسبب أهميته نائبُ رئيس الجهاز، بحيث يقوم بوضع الخطط الخاصة بالعمليات التخريبية في الدول "المعادية" وتنفيذها، بالإضافة إلى عمليات الاغتيال والاختطاف من خارج الحدود.

- قسم الحرب النفسية: يستخدم هذا القسم وسائل الإعلام، في مختلف أنواعها، والإشاعات، واستعراض القوة، والإرهاب النفسي، من أجل خلق حالة من الفوضى والبلبلة في صفوف "العدو"، وترجيح وجهة نظر على أخرى، على نحو يصبّ في مصلحة "دولة" الكيان. 

قسم التنسيق مع أجهزة الاستخبارات "الصديقة": يقوم هذا القسم بتبادل المعلومات السرية مع أجهزة الاستخبارات الصديقة، سواء على مستوى الإقليم او العالم، وقد تعزز عمل هذا القسم بعد التوقيع على اتفاقية "أبراهام" بين العدو الصهيوني وعدة دول عربية في أيلول/سبتمبر 2020.

3- جهاز الاستخبارات العسكرية "أمان":

يتبع هذا الجهاز، بصورة مباشرة، هيئةَ أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، ويُعَدّ من أكبر الأجهزة الاستخبارية وأضخمها وأكثرها تكلفة لموازنة "الدولة". وبحسب القانون الإسرائيلي، فإن جهاز "أمان" مسؤول، بصورة أساسية، عن تزويد الحكومة الصهيونية بالتقييمات الاستراتيجية، والتي على أساسها تتم صياغة السياسات العامة لـ"الدولة"، ولا سيما على صعيد الصراع مع الدول الإقليمية "المعادية"، بالإضافة إلى تقديم إنذارات ساخنة وعاجلة من إمكان شن حرب أو عمل عسكري ضد "إسرائيل"، أو أيّ من مصالحها في الخارج.

وعلى المستويين العسكري والسياسي، يقدم الجهاز تقديراً عسكرياً فورياً من أجل أمن "الدولة"، والأمن الوقائي في "الجيش" الإسرائيلي، كما يُعَدّ موجَّهاً إلى جميع أقسام الاستخبارات الأخرى في الكيان الصهيوني. ويعتمد هذا الجهاز، في تنفيذ مهمّاته، على التقنيات التكنولوجية المتقدمة في درجة أولى، إلى جانب المصادر البشرية "العملاء والجواسيس".

يتكوّن جهاز "أمان" من مجموعة أقسام، هي: قسم تجميع المعلومات؛ قسم الاتصالات الخارجية؛ قسم الرقابة والاستخبارات القتالية؛ قسم الاستخبارات البرية؛ قسم الاستخبارات البحرية؛ قسم الاستخبارات الجوية؛ قسم إعلامي خاص بالصحافيين الأجانب العاملين في "إسرائيل".

كما يضمّ الجهاز عدة وحدات، مثل: وحدة الاستخبارات المعروفة، باسم "لمدان"، والتابعة لسلاح الجو؛ وحدة الاستخبارات والملاحة الاستخبارية، "مدان"، والتابعة لسلاح البحرية؛ وحدة الاستخبارات في القيادات الشمالية والوسطى والجنوبية؛ وحدة الاستخبارات في الجبهة الداخلية؛ وحدة الحرب النفسية؛ وحدة الرقابة العسكرية؛ الوحدة 8200؛ الوحدة 9990؛ الوحدة 504 الخاصة بتجنيد العملاء؛ وحدة "السايبر"؛ وحدة الخرائط؛ وحدة "هتصاب" الخاصة بالتنبؤ بشأن الاستخبارات؛ وحدة الاستخبارات والأمن البشري؛ وحدة البحث العلمي؛ وحدة أمن المعلومات.

بالإضافة إلى الأجهزة الاستخبارية الثلاثة المذكورة أعلاه، هناك عدة أجهزة أخرى، لكنها أصغر حجماً وأقل أهمية، وهي:

مركز الأبحاث السياسية "مماد":

هو تابع لوزارة الخارجية الإسرائيلية، ويختص بوضع تقدير موقف للجانب السياسي فقط، بناءً على ما يحدث عليه من معلومات أمنية واستخبارية وسياسية، من المكاتب والقنصليات التابعة للخارجية الصهيونية في مختلف دول العالم. كما يضمّ المركز جهازاً يسمى "كمان"، يتكون معظم موظفيه من النساء، إذ تتشابه أدوارهنّ مع تلك التي تنفذها عميلات "الموساد"، مع فارق أساسي، وهو أن العاملات في "كمان" هنّ من عالم السياسة، ويحملن صفات دبلوماسية، ويملكن شبكة علاقات واسعة بمسؤولين سياسيين وعسكريين وأمنيين ودبلوماسيين في معظم دول العالم.

استخبارات الشرطة الإسرائيلية:

هو جهاز استخبارات فعّال ونشط، ويتركز دوره في جمع المعلومات، وتنفيذ المهمّات الخاصة، والبحث والتحليل، وإحباط أي نشاطات "معادية"، والمحافظة على الأمن العام في "الدولة".

المخابرات الجوية والبحرية:

هما جهازان صغيران، لكنهما عاليا التخصص، ويتمحور عملهما حول المواضيع التي تخص المجالات الجوية والبحرية حصراً، ويساهمان في تقديم تصور شامل وواضح لمجمل التحديات التي تواجه "الدولة"، انطلاقاً من موقعيهما.

إخفاقات وانتكاسات:

لكن، على رغم كل هذه الأجهزة "الاستخبارية" المتخصصة، والتي تمتلك إمكانات هائلة، وتحظى بدعم كامل من سائر أجهزة "الدولة"، وعلى رغم الأساطير التي نُسجت على مدار عشرات الأعوام، بشأن بطولاتها الخارقة، وعملياتها الجريئة، فإنها أُصيبت بانتكاسات متعدّدة، وفشل كبير في كثير من عملياتها الأمنية، سواء الخاصة بجمع المعلومات، أو تلك الهادفة إلى تنفيذ عمليات اغتيال وتخريب.

وهذا ما أقر به كثير من القادة الصهاينة، على غرار العقيد أوري لافور في كتابه "الصفوة"، ومفاده أن مجموعة من عمليات هذه الأجهزة باءت بالفشل، وخصوصاً تلك العمليات التي جرت أحداثها في بعض الدول العربية. وهذا الفشل تحدثت عنه صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية الشهيرة، عندما قالت إن "جهاز الاستخبارات الإسرائيلي (الموساد) مشهور عالمياً بجرأته، لكنه في الأعوام الأخيرة مرّ في فترة عصيبة، شهد فيها كثيراً من الفشل والإخفاق". وسنعرّج فيما يلي على أشهر إخفاقات أجهزة الاستخبارات الصهيونية.

فضيحة "لافون": في عام 1954 من القرن الماضي، حاولت الاستخبارات الإسرائيلية القيام بعمليات تفجير ضد أهداف مصرية وأميركية وبريطانية في الأراضي المصرية. وكان وزير الحرب الإسرائيلي آنذاك، بنحاس لافون، يتولى الإشراف على العملية بنفسه، وسُميت هذه العملية "سوزانا"، وكانت تهدف إلى خلط الأوراق، وإحداث بلبلة تشي بأن الأوضاع في مصر غير آمنة، وتخويف اليهود المصريين، ودفعهم إلى الهجرة إلى فلسطين المحتلة، إلّا أن الاستخبارات المصرية اكتشفت الأمر قبل وقوعه، الأمر الذي عرّض الصهاينة لحرج شديد أمام حلفائهم الأميركيين والإنكليز. 

2 ـ عملية "عمود النور": جرت هذه العملية في إبّان حرب الاستنزاف، بحيث أرادت الاستخبارات الصهيونية معرفة التعليمات الواردة من القيادة المصرية في القاهرة، إلى وحدات الجيش الثالث في السويس، فقامت بتنفيذ عملية استخبارية معقّدة، بواسطة إحدى مجموعات "الوحدة 8200"، التابعة لجهاز الاستخبارات العسكرية، "أمان"، بحيث قامت بسرقة "عمود كهرباء"، موجود في الطريق الواصلة بين القاهرة والسويس، وزرعت مكانه عموداً مشابهاً، لكنه مليء بأجهزة التنصت والرصد السلكية واللاسلكية، إلّا أن العملية مُنيت بفشل ذريع، بحيث إن الاستخبارات المصرية كانت تراقب العملية منذ لحظتها الأولى، واستولت على كل الأجهزة والمعدات.

الطريق إلى النرويج: أرادت "إسرائيل" الانتقام لمقتل رياضييها الأحد عشر في ميونيخ في عام 1972، فقررت تصفية قادة مجموعة "أيلول الأسود" التي نفذت العملية، بحيث سعت لاغتيال القيادي في حركة فتح علي حسن سلامة، الذي كان موجوداً حينها في النرويج، إلّا أن العميلة سيلفيا رافاييل، التي أُوكل إليها تنفيذ العملية، قامت بقتل شاب مغربي يُدعى أحمد بوشيخي، كان يعمل نادلاً في أحد المطاعم، بدلاً من سلامة، بسبب فشلها في تحديد هويته بدقة، وتسرّعها في التنفيذ، بحسب لجنة التحقيق التي شُكلت بعد العملية. وتم اعتقال العميلة الإسرائيلية و5 من مساعديها، وحُكمت بالسَّجن 5 أعوام.

عملية قبرص: في نيسان/أبريل ‏1991‏، تم اعتقال 4 من عملاء الموساد‏ (‏رجلين وامرأتين‏)‏، في أثناء محاولتهم زرع أجهزة تنصت وتجسس في السفارة الإيرانية في قبرص، بحيث تم تقديمهم إلى المحاكمة، ثم ترحيلهم إلى "إسرائيل"، بعد وساطة أميركية. 

 5ـ عملية "سايروس": في الخامس والعشرين من أيلول/سبتمبر 1997، قام عملاء الموساد، بأوامر مباشرة من رئيس الوزراء حينذاك، بنيامين نتنياهو، بمحاولة اغتيال خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس سابقاً، بحيث تم حقنه بمادة سامة في أثناء سيره في شارع وصفي التل في العاصمة الأردنية عمان، إلّا أن السلطات الأردنية، بمساعدة من الحارس الشخصي لمشعل، نجحت في إلقاء القبض على إثنين من عناصر الموساد المتورطين في عملية الاغتيال، وتم إرغام نتنياهو بعد تدخل الرئيس الأميركي في ذلك الوقت، بيل كلينتون، على تقديم المصل المضاد للسم المستخدم في العملية. وتم أيضاً إطلاق سراح الشيخ الشهيد أحمد ياسين، في مقابل إطلاق سراح العميلين الإسرائيليين.

عملية "الفشل العظيم": على رغم أن عملاء "الموساد" نجحوا في اغتيال الشهيد محمود المبحوح، القائد في حركة حماس، في دولة الإمارات، في كانون الثاني/يناير 2010، فإن هذه العملية عُدَّت من أفشل العمليات في تاريخ الاستخبارات الإسرائيلية، كما يقول موقع "قضايا مركزية" الإسرائيلي، الذي أشار إلى أن استخدام جوازات سفر مزورة لدول أوروبية، مثل أيرلندا وبريطانيا وألمانيا وفرنسا، قاد "إسرائيل" إلى دفع ثمن باهظ، وأن المعلومات التي نُشرت، بشأن أسماء القتلة وصورهن، أظهرت بصورة واضحة مدى التراجع في أداء جهاز "الموساد".

وهذا التراجع جعل صحيفة "يديعوت أحرونوت" تطلق على تلك العملية لقب "الفشل العظيم"، في حين وصفها بن كاسبيت، كبير المحللين العسكريين في صحيفة "معاريف"، بأنها استحقت مقعداً متقدماً في قائمة أفشل العمليات في تاريخ الأجهزة الاستخبارية الصهيونية.

الخاتمة:

حاولنا، من خلال طرح هذا الموضوع الخاص بأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، والتذكير بجملة من الإخفاقات التي تعرضّت لها، والإشارةَ إلى أنها ليست أجهزة "أسطورية"، وأن في الإمكان هزيمتها على رغم فارق الإمكانات، والذي يصب في مصلحتها.

وكنا أشرنا، في الجزء الأول من هذا المقال، إلى الحرب الاستخبارية التي تستعر في الإقليم، وإلى بعض النجاحات التي حققتها أجهزة استخبارات محور المقاومة. ونحاول في هذا الجزء الوصول إلى أفكار ومقترحات، تساهم، بصورة أو بأخرى، في التصدي لهذه الأجهزة المجرمة، والتعرّف إلى أساليبها وأدواتها، الأمر الذي يساهم في كشفها وتعريتها، وصولاً إلى إفشال عملياتها وإجهاضها. وبالتالي، يمكن لنا أن نقدّم فيما يلي بعض النصائح "المتواضعة" بشأن هذا الموضوع: 

1ـ ضرورة إنشاء أجهزة "استخبارية" قوية وحديثة ومهنية، لدى جميع الدول والفصائل في محور المقاومة.

2ـ إنشاء "غرفة عمليات" خاصة بالحرب الاستخبارية، تشمل نظام "الخط الساخن" لتبادل المعلومات أولاً بأول.

3ـ رفع مستوى "الثقافة الاستخبارية" لدى جميع الكوادر والقيادات والعناصر في "محور المقاومة".

4ـ تفعيل مبدأ "الثقافة الاستخبارية" في كل المؤسسات والدوائر السياسية والعسكرية والاقتصادية، والتي تكون معرّضة لخطر التجسس في معظم الأحيان. 

5ـ العمل على تشجيع البحث العلمي في مجال "الدراسات الاستخبارية".

6ـ الاهتمام بـ"الثقافة المعلوماتية"، وضرورة تفعيلها في كل المؤسسات المهمة والحسّاسة.

7ـ تعميم مواد الدراسات الأمنية والاستراتيجية والاستخبارية، في المعاهد والكليات المدنية، وعدم اقتصارها على الكليات العسكرية.

8ـ وضع خطة تعليمية في المدارس والجامعات، لتخريج أفراد لديهم القدرة على التعامل مع الحرب الاستخبارية، ولو في حدها الأدنى.

9ـ إقامة مراكز أبحاث خاصة، تقدّم التصورات الاستراتيجية، وعمليات تقدير الموقف، والتي يمكن أن تخدم صُنّاع القرار، وعدم الاقتصار على المعلومات التي تقدمها أجهزة الاستخبارات فقط.

 

السبت, 28 كانون2/يناير 2023 08:06

ذكرى ولادة الامام الباقر(عليه السلام)

ولادته و نشأته:لقد ازدهرت الحياة الفكرية والعلمية في الإسلام بهذا الإمام العظيم الذي التقت فيه عناصر الشخصيّة من السبطين الحسن والحسين عليهما السلام، وامتزجت به تلك الاصول الكريمة والاصلاب الشامخة، والارحام المطهَّرة، التي تفرّع منها.فالأب : هو سيد الساجدين وزين العابدين وألمع سادات المسلمين.والأم: هي السيدة الزكية الطاهرة فاطمة بنت الإمام الحسن سيد شباب أهل الجنة، وتكنى أم عبد الله وكانت من سيدات نساء بني هاشم، وكان الإمام زين العابدين عليه السلام يسميها الصديقة ويقول فيها الإمام أبو عبدالله الصادق عليه السلام: «كانت صديقة لم تدرك في آل الحسن مثلها» وحسبها سموّاً أنها بضعة من ريحانة رسول الله، وأنها نشأت في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه، ففي حجرها الطاهر تربى الإمام الباقر عليه السلام .

المولود المبارك:وأشرقت الدنيا بمولد الإمام الزكي محمد الباقر الذي بشّر به النبي (صلى الله عليه وآله) قبل ولادته، وكان أهل البيت عليهم السلام ينتظرونه بفارغ الصبر لأنه من أئمة المسلمين الذين نص عليهم النبي( صلى الله عليه وآله) وجعلهم قادة لاُمته، وقرنهم بمحكم التنزيل وكانت ولادته في يثرب في اليوم الثالث من شهر صفر سنة ( 56 هـ )، وقيل سنة ( 57 هـ ) في غرة رجب يوم الجمعة وقد ولد قبل استشهاد جده الإمام الحسين عليه السلام بثلاث سنين وقيل بأربع سنين كما أدلى عليه السلام بذلك وقيل بسنتين وأشهر.وقد أجريت له فور ولادته مراسيم الولادة كالاذان والاقامة في اُذنيه وحلق رأسه والتصدق بزنة شعره فضة على المساكين، والعَقِّ عنه بكبش والتصدّق به على الفقراء.وكانت ولادته في عهد معاوية والبلاد الاسلامية تعج بالظلم، وتموج بالكوارث والخطوب من ظلم معاوية وجور ولاته الذين نشروا الإرهاب وأشاعوا الظلم في البلاد.

تسميته:وسماه جده رسول الله صلى الله عليه وآله بمحمد، ولقّبه بالباقر قبل أن يولد بعشرات السنين، وكان ذلك من أعلام نبوته، وقد استشف صلى الله عليه وآله من وراء الغيب ما يقوم به سبطه من نشر العلم واذاعته بين الناس فبشّر به أمته، كما حمل له تحياته على يد الصحابي الجليل جابر بن عبد الله الانصاري.

كنيته:« أبو جعفر » ولا كنية له غيرها .ألقابه الشريفة:وقد دلّت على ملامح من شخصيته العظيمة وهي :  الشبيه (لأنه كان يشبه جده رسول الله (ص))  الأمين  الشاكر  الهادي  الصابر  الشاهد  الباقروهذا من اكثر ألقابه ذيوعاً وانتشاراً، وقد لقب هو وولده الإمام الصادق بــ ( الباقرين ) كما لقبا بــ ( الصادقين ) من باب التغليب. ويكاد يجمع المؤرخون والمترجمون للإمام على أنه إنّما لقب بالباقر لانه بقر العلم أي شقه، وتوسع فيه فعرف أصله وعلم خفيه. وقيل : إنما لقّب به لكثرة سجوده فقد بقر جبهته أي فتحها ووسعها. تحيات النبيّ صلى الله عليه وآله الى الباقر عليه السلام: ويجمع المؤرخون على أن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حمّل الصحابي العظيم جابر بن عبد الله الانصاري تحياته، الى سبطه الإمام الباقر، وكان جابر ينتظر ولادته بفارغ الصبر ليؤدي اليه رسالة جده، فلما ولد الإمام وصار صبياً يافعاً التقى به جابر فأدى اليه تحيات النبيّ صلى الله عليه وآله.

حياة الامام:مرّ الإمام الباقر عليه السلام بمرحلة رافقت الكثير من الأحداث والظواهر في ظلّ جده وأبيه عليهما السلام ويمكن تلخيصها بالشكل التالي : عاش الإمام الباقر عليه السلام في ظلّ جدّه الحسين عليه السلام منذ ولادته وحتى الرابعة من عمره الشريف وقد مكنه ذلك من الإطلاع على الأحداث والوقائع الاجتماعية والسياسية وإدراك طبيعة سيرها وفهم اتجاه حركتها بما اُوتي من ذكاء وفهم منذ صباه. لقد عاش الإمام الباقر عليه السلام في مقتبل عمره حادثة مصرع أعمامه وأهل بيته الطاهرين وشاهد باُم عينيه ملحمة عاشوراء ومقتل جدّه الحسين عليه السلام واُخذ مأسوراً الى طواغيت الكوفة والشام وشارك سبايا أهل البيت عليهم السلام فيما جرى عليهم من المحن والمصائب الأليمة التي تتصدّع لها القلوب. كما استمع إلى أقوال أبيه الساخنة وهو يخاطب الطاغية المتغطرس يزيد في الشام والتي كان منها قوله عليه السلام : يا يزيد! ومحمد هذا جدي أم جدّك ؟ فإن زعمت أنه جدّك فقد كذبت وكفرت، وإن زعمت أنه جدّي فِلمَ قتلت عترته ؟ ! ! ). وعاصر الإمام الباقر عليه السلام في سنة ( 63 هـ ) واقعة الحرّة التي ثار فيها أهل المدينة على حكم يزيد وهو في السادسة من عمره الشريف، حيث شاهد نقض أكابر أهل المدينة وفقهائها لبيعة يزيد الفاجر ورأى مدينة جدّه عندما أباحها يزيد لجيشه الجاهلي ثلاثة أيّام متواليات يقتلون أهلها، وينهبون أموالهم ويهتكون أعراضهم.

عاصر الإمام الباقر عليه السلام في هذه المرحلة من حياته الانحرافَ الفكريَ الذي تسبب الاُمويّون في إيجاده مثل بثّهم للعقائد الباطلة كالجبر والتفويض والإرجاء خدمةً لسلطانهم; لأن هذه المفاهيم تستطيع أن تجعل الاُمة مستسلمة للحكام الطغاة ما دامت تبررّ طغيانهم وعصيانهم لأوامر الله ورسوله .

ومن الظواهر التي عاصرها الإمام محمّد الباقر عليه السلام وهو في ظلّ أبيه السجّاد عليه السلام ظاهرة الانحراف السياسي وتتمثل في تحويل الاُمويين للخلافة إلى ملك عضوض يتوارثه الأبناء عن الآباء، ويوزّعون فيه المناصب الحكومية على ذويهم وأقاربهم . لقد عاش عليه السلام محنة عداء الاُمويين للعلويين والذي تمثل في ظاهرة سبّهم لجدّه الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام على المنابر طيلة ستة عقود.ومن الأحداث البارزة في حياة الإمام الباقر عليه السلام توالي الثورات المسلحة ضد الحكم الاُموي بعد واقعة كربلاء الخالدة.

ففي سنة( 63 هـ ) ثار أهل المدينة في سنة ( 65 هـ ) ثار التوابون ، وفي سنة ( 66 هـ ) ثار المختار بن أبي عبيدة الثقفي وثار الزبيريون، وفي سنة ( 77 هـ ) ثار المطرّف بن المغيرة بن شعبة، وفي سنة ( 81 هـ ) تمرّد عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث على حكومة عبد الملك بن مروان.

وانتشرت في هذه الفترة ظاهرة وضع الحديث المؤلمة فقد ركّز الاُمويون على هذه الأداة لخدمة سلطانهم ، حتّى روى ابن طرفة المعروف بنفطويه في تأريخه أن أكثر الأحاديث الموضوعة في فضائل الصحابة كانت في أيام بني اُميّة تقرّباً إليهم بما يظنّون أنهم يُرغمون اُنوف بني هاشم.

أما الانحراف الأخلاقي والاجتماعي فقد استشرى في أوساط الاُمة حيث اشتهر يزيد بن معاوية بفسقه إذ كان يشرب الخمر ويلعب بالكلاب والقرود ويقضي أوقاته بين المغنّين والمغنّيات وشاع عنه ذلك وعرفه عامّة الناس. وكان مروان بن الحكم أيضاً فاحشاً بذيئاً، كما كان أولاده وأحفاده على شاكلته. وأشاع الاُمويّون بين المسلمين روح التعصّب فقرّبوا العرب وأبعدوا غير العرب وأثاروا الشعوبية فمزّقوا بذلك وحدة الصف الإسلامي وأثاروا الأحقاد وزرعوا بذور الشر في قلوب أبناء المجتمع الاسلامي .

وعاش الإمام الباقر عليه السلام في هذه المرحلة من حياته في ظلّ سيرة أبيه عليه السلام بكل وجوده الذي كان يركز نشاطه على إعادة بناء المجتمع الإسلامي وتشييد دعائم العقيدة الاسلامية القويمة، حيث كان يحاول الإمام زين العابدين عليه السلام من خلال بثّ القيم العقائدية والأخلاقية عبر الأدعية وتوجيه رسائل الحقوق وما شابه ذلك صياغة كيان الجماعة الصالحة التي كان عليها أن تتولى عمليّة التغيير في المجتمع الذي راح يتردّى باستمرار. وكان يشارك أباه السجّاد عليه السلام في أهدافه وخطواته وأساليبه المتعددة في المرحلة التي استغرقت ثلاثة وثلاثين عاماً والتي تمثّلت في الدعاء والانفاق والعتق والتربية المباشرة للرقيق والأحرار باعتبارها نشاطاً بارزاً للإمام زين العابدين عليه السلام خلال هذه المرحلة .

وقف الإمام الباقر عليه السلام مواقف أبيه من الثورات والحركات المسلحة التي كانت تهدف إلى إسقاط النظام الفاسد إذ كان يرشدها ويقودها بصورة غير مباشرة من دون أن يعطي للحكام أي دليل يدل على التنسيق من الإمام عليه السلام مع الثوّار ضد الحكم الاُموي الغاشم.

وكان للإمام الباقر دور بارز وهو في ظلّ أبيه في حركته لتأسيس صرح العلم والمعرفة الاسلامية حيث كان يحضر المحافل العامة ليحدّث الناس ويرشدهم، كما كان يفسّر القرآن ويعلّم الناس الأحاديث النبويّة الشريفة ويثقّفهم بالسيرة النبويّة المباركة .

ان التنصيص من الإمام السجّاد عليه السلام على إمامة ابنه الباقر يعود تأريخياً الى النصوص التي وردت عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) والأئمة من بعده ونصّت على إمامة اثني عشر إماماً بعد رسول الله كلهم من قريش وبني هاشم، وتداولها الصحابة والتابعون واستند اليها أهل البيت عليهم السلام. ومن تلك النصوص التي ورد فيها اسم الإمام الباقر عليه السلام بشكل خاص هو النص الذي رواه جابر بن عبدالله الأنصاري وقد جاء في هذا النص ما يلي: «...فقال: يا رسول الله وَمَنْ الائمة من ولد علي بن أبي طالب؟ قال: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، ثم سيد العابدين في زمانه عليّ بن الحسين، ثم الباقر محمد بن عليّ وستدركه يا جابر، فاذا أدركته فاقرأه منّي السلام».

وكان الإمام زين العابدين عليه السلام يوجّه الانظار الى امامة ابنه الباقر عليه السلام، ويستثمر الفرص لإعلانها أمام أبنائه أو بعض أبنائه أو خاصّته وثقاته، يصرّح تارة بها ويلمّح إليها تارة اُخرى.

فحينما سأله ابنه عمر عن سرّ اهتمامه بالباقر عليهما السلام أجابه: «انّ الإمامة في ولده الى أن يقوم قائمنا عليه السلام فيملأها قسطاً وعدلاً، وانه الإمام أبو الأئمة...».

وعن الحسين ابن الإمام زين العابدين عليهما السلام قال: سأل رجل أبي عليه السلام عن الائمة ، فقال: «اثنا عشر سبعة من صلب هذا، ووضع يده على كتف أخي محمد».

وكان يصرّح لابنه الباقر عليهما السلام بامامته ويقول له: « يا بنيّ انّي جعلتك خليفتي من بعدي».وروي عن أبي خالد أ نّه قال: قلت لعليّ بن الحسين: من الإمام بعدك ؟ قال: « محمّد ابني يبقر العلم بقراً».

المصدر / منتديات مدرسة الامام الحسين(عليه السلام).

 

بحث الوفد قضايا الحج ومنها حصة الحجاج الإيرانيين

توجه وفد ايراني يوم السبت إلى السعودية لإجراء محادثات حول موسم الحج القادم، ولتوقيع مذكرة تفاهم بهذا الشأن، بحسب ما ذكرت وكالة "أنباء فارس".

وعقدت مفاوضات أولية في أوائل ديسمبر/ كانون الأول بين منظمة الحج والزيارة الإيرانية ووزارة الحج في السعودية بشكل افتراضي عبر الإنترنت، لبحث الإجراءات والترتيبات اللازمة بشأن الحجاج الإيرانيين.

وبحث الوفد الإيراني في السعودية التفاهمات على قضايا الحج للموسم القادم، ومنها حصة الحجاج الإيرانيين.

 

عبد اللهيان يؤكد استعداد إيران لاستئناف العلاقات مع السعودية

ومنذ قطع العلاقات بين إيران والسعودية في عام 2015 تجري محادثات بينهما حول موسم الحج عبر مسؤولي مؤسسة الحج والزيارة الإيرانية وبعثة قائد الثورة الإسلامية في شؤون الحج.

وفي ديسمبر/ كانون الأول الماضي، أعرب وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، عن استعداد بلاده لاستئناف العلاقات مع السعودية، وفتح سفارتي البلدين، إذا كانت الرياض مستعدة لذلك، معتبراً أن على الرياض اتخاذ قرار بشأن اتباع سياسة بنّاءة مع طهران.

ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" عن عبد اللهيان قوله في منتدى طهران الثالث للحوار: "نرحب بإعادة بناء الثقة والتعاون البناء مع دول الجوار، وخاصة الدول الخليجية"، معرباً عن "استعداد إيران لعقد اجتماع على مستوى وزراء الدفاع والخارجية لدول الجوار والدول المطلة على الخليج الفارسي، لإرساء الأمن في المنطقة بالتعاون مع هذه الدول ولنحظى بعالم يسوده السلام".

 

الجمعة, 20 كانون2/يناير 2023 09:23

كيف أحدد هدفي في الحياة؟

الأهداف مهمة؛ لأنها بوصلة تحدد اتجاهاتنا في الحياة، وتحمِّلنا مسؤولية تحقيق سعادتنا وراحتنا لعيش أفضل حياة ممكنة.

مريم ناجي

ليس ثمة تعريف محدد وصارم للهدف، لكنه ببساطةٍ يُساعدنا على تحديد التجارب التي نود خوضها على ضوء قيمنا التي نسير على نهجها، أي تحرِّك أهداف حياتنا سلوكياتنا. الأهداف طموحات شخصية؛ لذا تتخذ أشكالا مختلفة وتتطلب فترات متفاوتة لتحقيقها حسب أولويات كل فرد وظروفه. لكن الأهداف مهمة؛ لأنها بوصلة تحدد اتجاهاتنا في الحياة، وتحمِّلنا مسؤولية تحقيق سعادتنا وراحتنا لعيش أفضل حياة ممكنة.

 

مَن منا ليس لديه أحلام وتصورات عامة عن حياته، عما قد يُسعده، عن التجارب التي يود خوضها؟ وربما -بعضنا- لديه فكرة عامة عن كيفية تحقيقها. لكن تحديد أهداف واضحة وممكنة وواقعية أمر غاية في الأهمية؛ لأننا -بدايةً- سننتقل من "أتمنى لو أتعلم الإسبانية" إلى "كيف سأتعلم الإسبانية؟"، هذا هو الهدف، قفزة من الحلم إلى التخطيط، أو كما قال عالم النفس المجري الأميركي، ميهالي كسيسنتميهالي، "تحوِّلُ الأهداف المشي العادي إلى هرولة"(1).

 

ما يجب أن تعرفه عن تحديد هدفك بالحياة

تحديد الأهداف بعيدة المدى سيتطلب فهما ووعيا بالأهداف قصيرة المدى التي تكوِّن الهدف النهائي، فتتفهم طبيعة الوقت وتعقيد عملية تحقيق الأهداف، فلا تُحمِّل ذاتك فوق طاقتها. (شترستوك)

في الستينيات، وضع عالم النفس الأميركي، إدوين لوك، مبادئ تحقيق الأهداف حتى يجد المرء حافزا لتنفيذها وتوجيه سلوكياته بناء عليها وأيضا رفع من ثقته بنفسه والإيمان بإمكانية تحقيقها. لماذا عليك أن تحدد أهدافك؟ لتكوِّن صورة واضحة عن مسارك في الحياة، الوضوح يؤدي إلى إيجاد دافع مستمر يغذي رغبتك في الالتزام، كذلك لتفرض على نفسك تحديا يحثك على الاستيقاظ كل صباح والتقدم نحوه، حتى تتمكن من تقييم ذاتك كل فترة، أو نيل تقييمات من الآخرين إن كان الهدف لا يشملك وحدك، مثل أن تترقى في عملك أو تنجح في دراستك. تُساعدنا آراء الآخرين على ضبط بوصلتنا، وتفرز أدمغتنا الدوبامين حين نتلقى ردود فعل إيجابية ومُرضِية. أيضا تحديد الأهداف بعيدة المدى سيتطلب فهما ووعيا بالأهداف قصيرة المدى التي تكوِّن الهدف النهائي، فتتفهم طبيعة الوقت وتعقيد عملية تحقيق الأهداف، فلا تُحمِّل ذاتك فوق طاقتها.

 

يقول عالم النفس الأميركي، مارتن سيليغمان، إن سعادة الفرد ورضاه عن حياته يتحقق بـ5 متطلبات، جمَعَها في نموذج "بيرما (PERMA)": المشاعر الإيجابية، والانخراط في التجارب، والعلاقات الإنسانية بشتى أشكالها، ومعنى يكرِّس المرء حياته له، وإنجازات مستمدة من كل ما سبق. بمعنى آخر، أهداف الحياة هي ما يمنحنا المقدرة على تحمل المنغصات اليومية والروتين الممل، والاستمتاع بشعور الإنجاز مع كل خطوة نحو الهدف، حتى السعي نحو حياة أفضل يؤدي في بعض الأحيان إلى السعادة التي نتوق إليها(1).

 

كيف أحدّد هدفي بالحياة؟

ثمة الكثير من الطرق لتطويع حماس الأهداف، وأن نسجلها ونحن فعلا مدركون أن هذه حياتنا المتخيلة. (شترستوك)

  • أولا: اختر هدفا ذكيا

يحدد ملايين الناس قوائم طويلة في بداية كل عام جديد أو في أعياد ميلادهم، لكن البعض لا ينجح في تحقيق ربعها حتى، والسبب هو طريقة التخطيط من الأساس، إذ نضع أهدافنا في زخم اللحظة ونشوتها، ونتوقع أن نُحقق المستحيل دفعة واحدة دون تروٍّ، لهذا السبب تغيير المرء سلوكه نحو أهدافه أمر شاق، ثمة الكثير من الطرق لتطويع حماس الأهداف، وأن نسجلها ونحن فعلا مدركون أن هذه حياتنا المتخيلة. يسير الهدف الذكي (ينبع ذكاء الهدف من طريقة التخطيط له وتنظيمه، وليس من فحواه) وفق نظرية تُختصَر بـ5 حروف: "SMART"، التي تعني "ذكي" بالإنجليزية، وهي أنجح الطرق وأشهرها، حيث تمكنك هذه الطريقة من دمج النظري بالعملي خلال تفكيرك في المستقبل، إضافة إلى إبقائك على أرض الواقع حين تقيس بها أهدافك، وكلما اتضح المسار سَهُل البدء فيه والاستمرار عليه.

 

  1. هدف محدد (Specific): ينبغي أن يكون الهدف واضحا لأقصى حد ممكن حتى تتمكن من تفكيكه إلى أهداف أصغر تُحققها على المدى القصير، "أريد أن أحصل على منحة كذا" وليس "أريد أن أكون ذكيا"، هنا تدمج طريقة تحقيق الهدف مع تطبيقه في آن واحد، كذلك هدف المنحة نفسه ينطوي على تفاصيل أصغر وأصغر، "سأحسِّنُ لغتي"، "سأطوِّر من مهارة تقديم نفسي". حاول كتابة الهدف الذي تريد وليس ما ترغب أن تتجنبه، "لا أريد أن أصرف راتبي كله" بل "أريد استثمار جزء من راتبي في كذا وكذا".
  2. يمكن قياسه (Measurable): أضِف حسب هدفك معايير تقيسه من خلالها، سواء كانت أرقاما محددة أم تمارين أم فترات زمنية، متابعة تلك الأرقام ستشعرك بالرضا كلما تقدمت، وستساعدك في ألا تتعجل في خطواتك أو ترفع من توقعاتك. أيضا في حال وقوع خطأ ما، ستلاحظه وتُعدّل هدفك حسب المطلوب، مثل موقف تصرفت فيه على نحو خاطئ، أو مخاوف تمكّنت منك في لحظة ما، كلها يمكنك ملاحظتها وتعديلها خلال عملية تتبع الهدف.
  3. يمكن إنجازه (Achievable): لا تهيئ نفسك للفشل من خلال فَرْض أهداف غير معقولة على نفسك، بوسعك أن تكون طموحا لما هو واقعي وليس مستحيلا، لا يمكن لأحد احتراف الباليه وهو/هي في الثلاثين من عمره مثلا، لكن يمكنه أن يتعلمه ويستمتع به.
  4. مرتبط بحياتك (Relevant): من الضروري تحديد أهداف ملائمة لشخصيتك وظروف حياتك. إن أردت زيادة معدل حركتك فلك أن تختار بين تسلق الجبال أو الرقص مثلا، كلاهما هدفان يختلف التخطيط لهما، لكن لا يراهما الجميع على القدر نفسه من الإمتاع. أنت أفضل من يعرف نفسك، فعليك أن تقرر ما يناسبك. ينبغي أن يكون الهدف مُلهِما لك، وإلا إن لم تكن مصمما على تحقيقه وتراه على قدر بالغ من الأهمية، فكيف ستجد المحفزات كل يوم لتسعى خلف ما تريد؟
  5. مُحدَّد بوقت أو يمكن تتبع تقدمه (Trackable/time-based): عليك تحديد وقت معقول للبداية، ليس بعيدا للغاية فيتعاظم كسلك، ولا قريبا للغاية فتُهمل التخطيط والإعداد بتروٍّ. عليك أن تحدد فترات زمنية تتوقع من خلالها خط النهاية، دون تحديد فترة من الزمن ستظل عالقا في التسويف واختلاق الأعذار، كلما حددت هدفك بواقعية في فترة محددة لكن مرنة ستزيد احتمالية التزامك به وتحقيقه.

 

من هذا المنطلق، لا تقل: "أريد أن أخفض وزني"، هذا هدف غامض، يمكن تسويفه إلى ما لا نهاية، بل قل: "أود ممارسة المشي لمدة نصف ساعة ثلاث مرات في الأسبوع، أيام الأحد والثلاثاء والخميس، لمدة شهر"، هكذا اتضحت صورة خطوات الهدف، وأصبحت قادرا على رؤية ما يمكنك فعله الآن وتطبيقه على الفور(2).

"SMART" التي تعني "ذكي" بالإنجليزية، هي أنجح الطرق وأشهرها، حيث تمكنك هذه الطريقة من دمج النظري بالعملي خلال تفكيرك في المستقبل، إضافة إلى إبقائك على أرض الواقع حين تقيس بها أهدافك (شترستوك)

  • ثانيا: صمم الهدف وحدد تفاصيله

الهدف، كما ذكرنا، نية تشكِّل سلوكياتنا، لذا معنى تصميم الأهداف أن يكون ذا نهاية واضحة، نقطة منها نقيس تقدمنا والتزامنا من خلال تفاصيل واضحة. خلال عملية التفكير في الهدف يجب أن نظل واقعيين، أن تكون ثمة طريقة لتحقيق ما نريد، لنركز بسهولة على التقدم الإيجابي نحو إنجازنا بدلا من تجاهله أو الهرب من أي نتائج سلبية أو عثرات.

 

كذلك علينا أن نراعي تقسيمه إلى أهداف أصغر وأصغر في حالة الضرورة، أولا حتى نفرِّق بين الهدف النهائي والأهداف الصغيرة قصيرة المدى الذي يتكون منها، ولنتمكَّن من الاحتفال بنجاحاتنا خلال الرحلة كلها. قد يُقسَّم الهدف، حسب طبيعته والمسار الذي تقرره، على أساس أسبوعي أو شهري، توضّح الأبحاث ضرورة التقسيم والاحتفال من أجل الحفاظ على الحماس والتحفيز المستمر.

 

في هذه المرحلة، سجِّل كل الطرق المتاحة لتحقيق هدفك، بداية من خلال كتابة كل الطرق التي تخطر ببالك بغض النظر عن صعوبتها أو العراقيل فيها، إذ في هذه المرحلة لا توجد أفكار سيئة، بل أفكارنا تقرِّبنا وتوضح لنا الممكن والمتاح. في هذه الخطوة قد تستفيد من استشارة الآخرين، أصدقائك أو عائلتك أو من هم أكثر خبرة منك في العمل، في توليد المزيد من الأفكار عن كيفية تحقيق هدفك. بعدها تسجِّل أيا ما تحتاج إليه لتسلك كل طريق كتبته: الوقت المطلوب، المتطلبات المادية، الأدوات التي قد تحتاجها؛ تستكشف في هذه الخطوة توقعاتك من نفسك بشكل واقعي ومعقول، وقتها يمكنك حذف بعض الاختيارات التي لا تتناسب مع طبيعة حياتك أو ظروفك(1).

 

  • ثالثا: استعد للعراقيل

قد تكون المرونة هدفا في حد ذاتها؛ لأنها مهارة تنشأ بالتعلم ولا نولد بها، إنها القدرة على المثابرة والاستمرار رغم كل شيء. (شترستوك)

قد يأخذنا التفكير في مسارات أهدافنا إلى أفكار عظيمة وغير محدودة، النظر في العوائق المحتملة التي قد تنشأ أمامنا لن يعيدنا إلى أرض الواقع فحسب، بل سيهيئنا لكل مرحلة على حدة، وسنتمكن من الاستعداد نفسيا لأي طارئ مُقبِل. إدراك أننا سنتلقّى رسائل رفض، أو سنشعر بضجر غير مبرر، أو نمُرّ بعوائق مالية، أو ضيق في الوقت؛ بنفس أهمية التخطيط للهدف ذاته؛ لأن التعثر جزء من الرحلة، وإلا ما كان تحقيق الأهداف صعبا ويحتاج إلى إعداد.

 

أي شيء قد يحول بينك وبين هدفك؟ كيف ستجتازه؟ هل ثمة مسارات بديلة لم تستكشفها؟ هل يمكنك استشارة أحد؟ هل أنت مندفع وفي حالة من العجلة لتحقيق هدفك؟ ينبغي عليك الإجابة عن تلك الأسئلة حسب طبيعة الهدف والعائق المتوقع. قد تكون المرونة هدفا في حد ذاتها؛ لأنها مهارة تنشأ بالتعلم ولا نولد بها، إنها القدرة على المثابرة والاستمرار رغم كل شيء، إنها تقبُّل الهزيمة الحتمية، وستستفيد من الاستعداد لها والتدرب عليها على مدار حياتك(1).

 

  • رابعا: قسِّم أهدافك على نطاق حياتك

حين تضع لنفسك أهدافا خارج نطاق العمل فأنت بهذا تُسهم في مقاومة الثقافة المُلحّة على عيش حياة سريعة وهائلة واستثنائية، التي أحيانا تقودنا إلى الجنون. (شترستوك)

حين نقول كلمة "هدف" نتصور أمورا عملية لها علاقة بمستقبلنا الوظيفي أو الدراسي، لكن الحياة أوسع من العمل. أحد أهم العوامل التي أثّرت على صحتنا النفسية خلال الوباء كان محدودية الأنشطة -أو انقطاعها التام- التي كانت تُشعرنا بالسعادة والاسترخاء والرضا عن أنفسنا، مثل لقاء الأصدقاء أو حضور الحفلات أو حتى تناول الطعام في مطاعمنا المفضلة. تلك الأنشطة، على بساطتها، أساسية في حياتنا، وأدرك بعضنا حين حُرمنا منها أن بعضها مهمٌّ أهمية وظائفنا نفسها. سنظلم أنفسنا ظلما فادحا حين نقرر أن أهدافنا ينبغي أن تسهم بشكل مباشر في معدلات إنتاجيتنا.

 

حين تضع لنفسك أهدافا خارج نطاق العمل فأنت بهذا تُسهم في مقاومة الثقافة المُلحّة على عيش حياة سريعة وهائلة واستثنائية، التي أحيانا تقودنا إلى الجنون. قد يكون هدفك تعلُّم مهارة أو لغة جديدة، أو هواية بسيطة، أو حتى زيارة أماكن مميزة كل شهر، قد يكون الهدف ثريّا، مثل التعمُّق في القراءة عن ديانتك، أو البدء في ممارسة رياضة جديدة، أو دراسة شيء تشعر بالفضول نحوه، أو قد يكون الهدف ببساطة الحدّ من استخدام الهاتف. يُمكنك أن تضع هدفا لتحسين علاقتك بعائلتك وتخصيص وقت معين للعب لعبة جماعية أو وضع خطة للسفر سويا.

 

اسأل نفسك الأسئلة الآتية لتحدد أهدافك بشكل أفضل: أي أنشطة -خارج نطاق العمل برمته- أستمتع بأدائها دون توقع إنجاز أو تلقي مديح عليها؟ أي أمكنة تُثير فضولي؟ مَن في حياتي أودّ لو أعمِّق علاقتي به؟ أي اهتمامات أو هوايات كانت تُسعدني سعادة خالصة لكن سقطت من خانة أولوياتي؟ من تلك الأسئلة ستستنبط أهدافا ومتعا كثيرة مجزية كانت قد غابت عنك(3).

 

  • خامسا: اعرف نفسك كما ينبغي

حين تضع لنفسك أهدافا خارج نطاق العمل فأنت بهذا تُسهم في مقاومة الثقافة المُلحّة على عيش حياة سريعة وهائلة واستثنائية، التي أحيانا تقودنا إلى الجنون. (شترستوك)

إن سألنا بعضنا عن أهدافنا سنجد اختلافات هائلة بيننا، وهذا أمر طبيعي ومتوقع؛ لأن رحلات حياتنا فردية، لكن ثمة هدف واحد من دونه سيصعب تحقيق، أو حتى تحديد، أهدافنا الأخرى: أن يعرف المرء نفسه حق المعرفة ويفهمها. ليس أن تعرف ما تحب وما تكره فحسب، بل أن تفهم محفزاتك وأسباب ردود فعلك في مواقف بعينها، أن تعرف مواطن ضعفك وقوتك. مع الأسف الشديد، لا نعيش حياتنا وفق كتيب إرشادي، ولهذا نحتاج إلى كتابة واحد خاص بنا حتى لا نسير في الحياة بأعين معصوبة.

 

كيف نتعرّف إلى أنفسنا؟ ينصحنا الكاتب والطبيب "بروس واي لي" أنه كلما تعثرنا في خطوة ما أو لم يسر شيء ما كما خططنا عليه، علينا أن نسأل أنفسنا عما فعلناه خطوة خطوة حتى نصل إلى تلك النتيجة وماذا تعلمنا منها. "لا أدري" أو "لم أفعل شيئا" ليست إجابة أبدا؛ لأن سلسلة من القرارات التي اتخذتها بنفسك هي ما أدت لذاك الموقف. في إمكاننا أن نرثي حالنا فحسب حين نفشل، أو -بعد الانتهاء من الرثاء- أن نستغل تجاربنا السيئة لنتغيَّر ونتكيف ونحسِّن سلوكياتنا في المستقبل.

 

قد يصل المرء إلى السبعينيات من عمره وهو ما يزال جاهلا الكثير عن نفسه رغم كل الإنجازات التي حققها، يحاول فَهْم أسباب فشل علاقاته السابقة دون أن يحدد ما يبحث عنه لأنه لم يستكشف ذاته من الأساس. علينا أيضا أن نُعرِّض أنفسنا لمختلف التجارب والمواقف والأشخاص، ولا نكتفي بهذا فحسب، بل نتأمل فيما يحدث لنا حتى نتعلم. معرفة الذات ليست مهمة تُزيلها من قائمة مهامك اليومية، بل رحلة تمتد طوال حياتك، لن تأتي لحظة تشعر فيها بأنك تفهم نفسك، قد تكتشف أشياء وتغيب عنك أخرى لأننا نتغير باستمرار، مهمتك هي مراقبة هذا التغيّر وفهمه قدر المستطاع حتى يسهل عليك اتخاذ قراراتك وتحديد أهدافك وفهم دوافعك والتحرّك على أساسها كل يوم(4).

 

أدوات ستُساعدك

  • كتاب: اصنع أفضل حياة لك

كتاب: اصنع أفضل حياة لك (مواقع التواصل الاجتماعي)

تعاون كلٌّ من الكاتبة "كارولين ميلر" والطبيب "مايكل فريش"، مدرب علم النفس الإيجابي وطبيب نفسي إكلينيكي في جامعة بايلور، في كتابة كل خبراتهما عن الأهداف والإنجاز المستقاة من الأبحاث والدراسات العلمية. في الكتاب الكثير من التمارين التفاعلية والاختبارات القصيرة التي ستساعد القارئ على تحديد احتياجاته وطموحاته ورغباته وتحقيقها لعيش الحياة على نحو منتج وواعٍ وسعيد.

——————————————————————————————

المصادر والمراجع

  1. How to Set and Achieve Life Goals The Right Way, Catherine Moore, Positive Psychology, 2019.
  2. SMART Goals for Lifestyle Change, Mark Stibich, Verywell Mind, 2020.
  3. Setting Goals for a Life Worth Living, Jeffrey Davis M.A., Psychology Today, 2022.
  4.  Your Most Important Goal In Life, Bruce Y. Lee M.D., Psychology Today, 2022.

سلمى نبيل

يشيع المزاح حول ترتيب الإخوة وارتباطه بشخصياتهم؛ الامتياز الذي يتمتع به الشقيق الأكبر سنا واستبداده، والاضطهاد الذي يكال لأوسطهم، والدلال الذي ينعم به أصغرهم. فهل في هذا الهزل طرف من الحقيقة؟ أيعقل أن يؤثر موقعك بين أشقائك على شخصيتك؟ كيف لا وقد كانت مكانة عالم النفس "ألفرد أدلر" كابنٍ ثانٍ يرجو لو يملك حظوة أخيه الأكبر عند أبويه كفيلة بإثراء شخصه ودافعا له لوضع أشهر نظرياته.

في ضواحي فيينا بعد ولادة "أدلر" عام 1870 وتوالي الأعوام وبلوغه الأربع سنوات وتعافيه من الكساح والالتهاب الرئوي، قرر أنه لا بد أن يصبح طبيبا عله يتحصن بذلك من المرض(1). في تلك الأحيان، كانت قد تكونت لديه عادة التطلع إلى شقيقه الذي يكبره (سيغموند) وعقد مقارنات خفية مستمرة بينهما، لِمَا جانبه من إحساس بالدونية والغيرة؛ فبينما كان عليلا راقدا في سنواته الأولى كان أخوه بصحة سليمة ويلهو في الأرجاء. في كتاباته، يصف يوما بصحبة عائلته على الشاطئ: "يمكنه الجري والقفز والتنقل دون عناء، أما أنا فكان من شأن أي حركة أن تجهدني".

تمددت تلك المقارنة إلى مستقبله الوظيفي، إذ عاصر المعالج النفسي العتيد "سيغموند فرويد" الذي حاز على شهرة جعلت عددا ممن خلفوه يقبعون في ظله، فقورن أدلر أحيانا بفرويد رغم خلافه العلني معه في بعض نظرياته وتأسيسه لجمعية علم النفس الفردي (Society for Individual Psychology)(2). اعتقد أدلر أن كل سلوك بشري مدفوع بالرغبة المطلقة في التفوق التي تحركها مشاعر النقص أو الدونية. إننا جميعا نملك بعضا من تلك المشاعر المتصلة بالجانب الاجتماعي أو النفسي. يخبرنا أدلر في نظريته أن الجوانب الاجتماعية والمجتمعية لحياة الشخص لا تقل أهمية عن أفكاره وعواطفه الداخلية، ليمتد اهتمام أدلر ليشمل نمو الطفل ونظرية ترتيب الميلاد (Birth Order theory).

نعم توجد العديد من العوامل التي يمكن أن تسهم في شخصية الطفل، كالحالة الاقتصادية وهيكل الأسرة والتبني والأضرار العقلية أو الجسدية وغيرها، يتفق معظم علماء النفس مع أدلر على أن الأطفال لديهم سمات شخصية فريدة خاصة بهم اعتمادا على ترتيب ميلادهم.

تنص نظرية أدلر حول ترتيب الميلاد على أن موقع الفرد في عائلته سيؤثر على حياته وتطور شخصيته، وهو ما اعتنقه كثير من علماء النفس، كالدكتور النفسي "كيفين ليمان" الذي درس ترتيب الميلاد منذ عام 1967 وألف كتاب "ترتيب الولادة: لماذا أنت على ما أنت عليه"، وأكد فيه أن سر الاختلافات الشخصية بين الأشقاء يكمن في ترتيب الميلاد وكيف يتعامل الآباء مع أطفالهم بشكل مختلف بناء على ما إذا كانوا أكبرهم أو أوسطهم أو أصغرهم أو طفلهم الوحيد(3)(4).

وذهب بعض الباحثين إلى أن ذلك قد يؤثر أيضا على الصحة، إذ تشير دراساتهم إلى أنه إذا كنت أكبر سنا فمن المرجح أن يكون وزنك عند الولادة أقل من وزن إخوتك. يشرح أدلر كيف تلعب البيئات والديناميكيات الأسرية دورا في تكوين الطفل، وإن اختلفت الأسر، لوجود أوجه تشابه عامة بين تفاعلات الوالدين مع أطفالهم، وكذلك الأشقاء فيما بينهم.

وقد أتى أدلر على ذكر ترتيب الولادة النفسي أو وضعك المتصور داخل أسرتك واعتباره أكثر أهمية من الترتيب العددي للولادة والذي يمكن أن يكون مختلفا في بعض الأحيان، كأن يكون الطفل متوسطا ولكنه يتحمل مسؤوليات الطفل الأكبر بسبب إعاقة ما أو لثقافة الأبوين ورؤيتهم وخلفيتهم الاجتماعية، ففي بعض الثقافات، حتى لو ولد الصبي بعد أربع فتيات، فقد يظل يُعامَل على أنه الأكبر.

ويلاحظ أدلر أنه إذا كان فارق العمر لدى الأطفال يتعدى الثلاث سنوات، فقد تتشكل مجموعات فرعية ذات ديناميكيات مختلفة(5). يتفق معظم الخبراء، لكنهم يضفون أن الفجوة العمرية هي خمس سنوات، وأن التوائم غالبا ما يحظون باهتمام خاص من الوالدين، لذا ينوه الخبراء إلى أن هذه القواعد لا تنطبق بالضرورة على جميع الفئات، وأن ترتيب الميلاد، وإن ساعد في تشكيل الشخصية، فإنه ليس العامل الوحيد.

يستخدم العديد من المعالجين النفسيين هذه النظرية اليوم، لكن هل هي مبنية على أساس علمي؟ فيما يلي نظرة فاحصة على الحقيقة والعلم وراء ترتيب الولادة. دعنا نلقي نظرة فاحصة على نظرية ولادة أدلر ونرى السمات التي يعتقد أنه يمكن ربطها بترتيب الميلاد.

الأخ الأكبر

يغدق الأبوان على الطفل الأكبر سنا الاهتمام، يكونان أكثر حرصا بكل ما يتعلق بتربيته. ويتوجس الطفل من ولادة أخيه الثاني، إذ يجد نفسه مجبرا على مشاطرة والديه الاهتمام بالمولود. وفي حال تضاءل الفارق الزمني بينهما عن الثلاث سنوات لن يكون قادرا على فهم ما استجد وإن شُرح له مرارا بالكلمات أو المفاهيم، فيصعب عليه تقبل الوضع، وينظر بعداء تجاه شقيقه الأصغر لكونه مَن تسبب في خلعه عن العرش.

عادة ما يكون الطفل الأكبر سنا مطيعا، وحذرا، ومنظما ومحافظا، وذا علاقات محدودة، وعلى قدر كبير من الجدية، ومهيمنا في الأوساط الاجتماعية، معرضا للعصابية (Neurosis)، أو الكآبة والقلق الناشئين من التركيز غير الصحي على نواقص الإنسان، أو الاعتقاد الخاطئ بتفوقه على من سواه(6). يعزو أدلر هذا إلى فقدان الطفل اهتمام الوالدين الكامل، ومحاولة تعويض ذلك من خلال العمل على استعادته.

يلقي عليه الوالدان توقعات عالية حقا، وربما يمسيان أكثر صرامة معه، مطالبين بأن يكون قدوة ويتحمل مسؤولية إخوته الصغار. يتنقل ذلك الطفل من كونه طفلا وحيدا إلى أكبر طفل، فيجد نفسه مضطرا لتعلم كيفية المشاركة. هذا ما يجعل الطفل يتجه إلى نهج سلطوي وصارم، يشعر فيه بأنه مسؤول عن الأشقاء الآخرين، ومن ثم يشعر بأنه مسيطر. يميل هذا الطفل إلى أن يكبر ليكون قياديا ويتبع القواعد، لكنه يبدو أيضا ذا موقف متسلط.

تلك المهارات القيادية قد تجعل منه رائدا في عمله. ففي منتصف التسعينيات قام عالم النفس الأميركي فرانك ج سولاوي بتمشيط كتب التاريخ بحثا عن شخصيات بارزة من البكر والمتمردين الذين ولدوا فيما بعد، فرأى من بين المواليد المتأخرين مفكرين وثوريين من مثل تشارلز داروين وكارل ماركس والمهاتما غاندي. واكتشف بين البكر قادة مثل جوزيف ستالين وبينيتو موسوليني.

يخامر الأخ الأكبر غالبا خوف شديد من الفشل، ينشد الكمالية والمثالية ونزعة للتفوق، ولأنه يخشى ارتكاب زلة غير مقصودة ولكونه شخصية غير مرنة ولا تحب التغيير، فإنه يتردد في الخروج من منطقة راحته. يميل الأخ الأكبر أيضا إلى إكمال تعليمه بالدراسات العليا واختيار المهن التقليدية المرموقة، مثل الطب أو الهندسة. في إطار مجهوداته لإرضاء الآخرين.

الأخ الأوسط

يجد المولود الثاني أن الابن الأكبر يحظى بانتباه والديه فتنتابه شعور بأنه مهمل ومستبعد وغير محبوب وأن الحياة غير عادلة فهو لا يفقد مكانته كالطفل الأصغر سنا فحسب، لكنه لا يتمتع بحقوق ومسؤوليات الأخ الأكبر أو امتيازات الأصغر. فينظر إلى شقيقه الأكبر سنا كنموذج يحتذى به، محاولا مواكبته والتنافس معه لجذب الانتباه إليه ولأجل شعوره بالحاجة إلى إثبات قيمته الذاتية يقاتل من أجل الأهمية والامتياز وغالبا ما يدوم هذا التوجه في حياته المهنية بعمله بكد أكثر ممن حوله ليكون الأفضل لكنه قد يضع لنفسه أهدافا غير واقعية، تقوده للفشل النهائي. ليؤدي ذلك ربما إلى العصابية في وقت لاحق من الحياة.

وقد وجدت إحدى الأبحاث في مجلة الموارد البشرية عام 2016 أن الآباء بالفعل لا يقدمون للأطفال المولودين في وقت لاحق نفس الدعم المعرفي الذي يقدمونه لأبنائهم البكر. في ذات السياق يكون الابن الأوسط أكثر تعاونا ومرونة وغالبا ما يسعى لإرضاء من حوله وذو قدرة على التنازل وإن رفض التساوي بإخوته الذين يصغرونه ما جعل علماء النفس يصفونه بحمامة السلام (7)(8). كما يستمتع بالتفاوض والمساومات وعلى الأغلب فإنه يتواصل مع أشخاص من مختلف الأعمار بسهولة. كل ذلك يجعل الطفل يطور موقفا شديد السواد والبياض مما يجعله نافد الصبر وأكثر اتزانا وتمردا في وقت واحد وعلى الأرجح الأكثر استقلالية بين أشقائه.

الأخ الأصغر

يلقى الطفل الأخير عناية زائدة من والديه، إذ يكون معظم إخوته الأكبر سنا قد وصلوا إلى مراحل نمو مختلفة في الحياة، ولم يعودوا يعتمدون على أبويهم في كل شيء. وفي كثير من الأحيان يظهر بقية أفراد الأسرة مسؤولية تجاه أصغرهم مما يؤدي بهذا الطفل إلى الرغبة في النمو بشكل أسرع والتحكم بشكل أكبر في حياته، وأن يصبح أكثر استقلالية (9). لكن تلك الرعاية قد تفسد الطفل الأصغر وإن تمتع بحريات لم يتمتع بها أشقاؤه الأكبر سنا.

من المحتمل أن يكون الطفل الأصغر معاديا للأشقاء الأكبر سنا، وقد يطور الأخ الأصغر طرقا خاصة به لجذب الانتباه، فتميل العائلة أحيانا بشكلٍ مُفرِط إلى أن يكون الطفل الأصغر متأكدا من مكانته في العائلة وربما مبدعا ومتمردا ومنفتحا اجتماعيا: لا عجب إذن أن العديد من الممثلين والكوميديين المشهورين هم الأصغر في عائلاتهم. ولذا نجد الطفل الأصغر في الغالب يحبِّ المرح ويسترعي الانتباه وربما نشعر بأنّ الطفل الأصغر أناني أكثر من الّلازم، وعادة ما يكون مُغامرا ومُخاطِرا، وقد يكون الأبناء الأوائل ذوي الروح الحرة أكثر انفتاحا على التجارب غير التقليدية والمخاطر الجسدية مقارنة بإخوتهم.

الطفل الوحيد

التصنيف الرابع الذي وصفه أدلر هو الطفل الوحيد الذي يعرف بأنه طفل ليس له أشقاء. نظرا لعدم وجود منافسين أشقاء فإنه ينعم بكامل الاهتمام من والديه طوال فترة تربيتهم وغالبا ما يتم تدليلهم يمكن أن يؤدي ذلك إلى الشعور بالاستحقاق والتبعية حتى عندما تكون خارج الأسرة. لكن، قد يشعر بعض هؤلاء الأطفال فقط بالاختناق بسبب الانتباه من عائلاتهم ويسعون إلى الاستقلال والحكم الذاتي (10)

ما الذي تقوله لنا الدراسات حول ترتيب الولادة وعلاقته بالشخصية؟

تطعن العديد من الدراسات المبكرة في صحة ودقة هذه النظرية، لعيب منهجي من مثل حجم الأسرة، إذ يرتبط حجمهم بعدة عوامل اجتماعية كالعرق والتعليم والثروة. لتظهر دراسات أن الآباء الأكثر ثراء وذوي التعليم العالي ينجبون عددا أقل من الأطفال، مما يعني أن الأطفال الذين يكبرون في بيئات مريحة أو مترفة هم أكثر عرضة لأن يتطبعوا بسمات الابن الأكبر (يُستشهد بذلك بمنزلين لطفلين مقابل منزل لخمسة أطفال: في الأول، الطفل لديه 50٪ من كونه بكرا؛ في الثانية ، لدى الطفل فرصة 20٪ أن يكون بكرا)

بالرغم من هذه الشكوك، إلّا أنّ بعض الدراسات الحديثة التي خضعت للتدقيق كانت نتائجها داعمة لنظرية ترتيب الولادة على المستوى البيولوجي. على سبيل المثال، أظهرت دراسة في عام 2007 في النرويج أن معدل الذكاء لدى الأطفال البكر أعلى بمقدار نقطتين إلى ثلاث نقاط من الطفل التالي. فيما أثبتت دراسة أخرى في عام 2009 أن "ترتيب الميلاد يؤثر على اختياراتنا لأصدقائنا وشركائنا. يمرجح أن يرتبط البكر بالأبناء البكر، والوسطى المولودين بالوسطى، والأخير مع آخر المولودين". مما يعني أن ثمة عوامل شخصية تلعب دورا لا يستهان به في حياتهم (11)(12).

وجدت التحليلات الحديثة الأخرى لهذه الدراسات أن ترتيب الولادة قد يكون له بعض التأثير على نمو الطفل وإن لم يكن عميقا كما تدعي النظرية، ومن شواهد ذلك ما خَلُصَت إليه مُراجعة بحثية أجريت عام 2015 من أنّ الأطفال البكر لديهم مستويات ذكاء أعلى بالفعل من الأطفال في أوضاع ترتيب الولادة الأخرى. لكن الباحثين لم يجدوا أي اختلافات بين الأطفال البكر وغيرهم من حيث السمات الشخصية الأوسع مثل الانبساط، أو الاستقرار العاطفي، أو الخيال.

ومن الواضح أنّ مسألة ترتيب الولادة، تتداخل فيها عوامل ثقافية وبيولوجية بقائية، تتعلّق بمخاوف الأهل على الطفل الوحيد أو على الطفل الأكبر ونحو ذلك، فقد أظهرت دراسة سابقة أنّه وبالمقارنة مع المواليد اللاحقين تقل احتمالية مشاركة المواليد البكر في الرياضات الخطرة بسبب مخاوف من الإصابة الجسدية. وأظهرت دراسة أُجريت عام 1980 على 170 أنثى و 142 طالبا جامعيا انخفاضا في مستويات القلق وغرورا أعلى لدى الأطفال البكر، كما تم قياسه بواسطة استبيان شخصية هوارث. لكن في بعض الأحيان ، استخدمت هذه التحقيقات أساليب مشكوك فيها. كأن يُطلب من أفراد العائلة نفسها تقييم أنفسهم من حيث الانبساط والانفتاح على التجارب والانضباطية والتسامح والعصابية (13). لكن هذه الاستطلاعات أجريت في وقت واحد فقط كما أن شخصا واحدا فقط هو الذي حكم على شخصيته وشخصية أشقائه. هذه التفاصيل مهمة لأن إدراك الذات وإدراك الآخرين يمكن أن يختلف اختلافا كبيرا في بعض الأحيان. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون الأشخاص الخاضعون للاختبار قد أدمجوا لا شعوريا كليشيهات الأشقاء الأكبر سنا والمولودون العالميون في وقت لاحق في تقييمهم، وبالتالي كان بإمكانهم تحقيق النتيجة المتوقعة بأنفسهم.

وأيّا كان ترتيبك في العائلة، وبصرف النظر عن مدى دقّة الأوصاف التي تظهرها الدراسات على حالتك، نجد أنّ الاتّفاق العامّ بين الباحثين يكمن بخصوصية كل عائلة من العائلات، ولذلك سيكون من الجدير بالاهتمام أن تلحظ أثر ترتيبك بين أخوتك على تشكّل شخصيتك عبر فهمك لشخصية والديك، ومن ثمّ تلحظ كيف يتعاطون مع الأخ الأكبر أو الأصغر أو معك شخصيا بناء على تخوّفاتهم وتوقّعاتهم، ومن ثمّ ستبدأ بتعميق فهمك لنفسك ولمشكلاتك العائلية إن وجدت. وختاما تذكّر أنّ هذه مساحة لتساعد نفسك وأسرتك على تجاوز المشكلات، لا من أجل افتعالها أو تعظيمها أو إلقاء الاتّهامات جِزافا.

______________________________________

المصادر والمراجع:

  1. Birth Order Theory: Insights Into Your Personality
  2. BIRTH ORDER
  3. Does Birth Order Affect Personality?
  4. How Birth Order May Influence Your Kid’s Personality Traits
  5. What to Know About Birth Order
  6. Alfred Adler Birth Order Theory Explained
  7. An Analysis of Empirical Validity of Alfred Adler’s Theory of Birth Order
  8. What to Know About Birth Order
  9. Birth Order and Child Personalities: A Glimpse Into Adlerian Theory and Contempory Ideas
  10. Alderian overview of birth order characteristics
  11. Birth Order Theory: How Birth Order Affects Your Personality
  12. Does Birth Order Affect Personality?
  13. Does Your Birth Order Affect Your Personality?
الجمعة, 20 كانون2/يناير 2023 09:10

تعالوا ننشر ثقافة المحبّة والسلام

يعتبر السلام غايةً وهدفاً فوق كلّ الاعتبارات، وهو ما نادت به جميع الرسالات السماوية، والتقت حوله كقيمة تبرز أصالة الإنسان، وتسمح لإمكاناته بالإبداع والعطاء، بعيداً عن لغة الحسابات الضيِّقة.

جاء الدِّين ليبني علاقةً سليمةً بين الإنسان وربّه، وبينه وبين نفسه، ومع الناس ومع الحياة. وكلّ هذه العناوين لا تتمّ إلّا بالحبّ، فلا يمكن للإنسان أن يبنيَ علاقةً سليمةً بالله على أساس الخوف والرعب، فبدون استشعار الحبّ لله، لن يُعبَد الله حقّ عبادته، ولن يُطاع حقّ طاعته، ولن يخشى حقّ خشيته، ولن يكون مثالاً وغاية لعباده يتخلّقون بأخلاقه. والأمر نفسه مع رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلولا الحبّ الذي غمر كيانه حتى انعكس رفقاً وحناناً على الناس، لما بلغ رسول الله هذا الموقع. وإلى ذلك أشار القرآن الكريم: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) (آل عمران/ 159). والأمر نفسه يتعلّق بالنفس، فلأنّنا نحبّ أنفُسنا حبّ الإشفاق لا حبّ الأنانية، نسهر على راحتها وصحّتها وأمانها، ونعمل على وقايتها من كلّ ما يُسيء إليها. أمّا العلاقة بالناس، فهي لا تتحقّق بالعنف والقسوة والغلظة، وحده الحبّ الذي يبني مجتمعاً متوازناً متراصّاً وقويّاً. وحده المجتمع المتحابّ يتوحَّد ويقف سدّاً منيعاً في مواجهة التحدّيات، لأنّ كلَّ فرد فيه يشعر بقلبه بأنّ عليه أن يقف إلى جانب الآخرين؛ حبّ يوحّدنا دوماً، لأنّه نابعٌ من الروح والإيمان. ومن هنا تأتي كلمة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): «مَثلُ المُؤمنين في توادِّهم وتراحُمهم وتعاطفِهم مَثلُ الجسدِ، إذا اشتكى شيئاً تداعى له سائرُ الجسدِ بالسهر والحمى». كما قال (صلى الله عليه وآله وسلم): «الساعي في حاجة أخيه كالساعي بين الصفا والمروة». 

إنّ الخطّ البياني للإسلام هو ما يعبّر عنه بالرِّفق، وهو ممارسة الأسلوب السلمي في معالجة كلِّ القضايا، حتى إنّ القرآن الكريم يؤكِّد مسألة معالجة الخلافات بين الناس، بالأسلوب الذي يتمكّن به الإنسان من أن يحوِّل عدوَّه إلى صديق: (ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ) (فصِّلت/ 34)، ما يعني أنّ الإسلام يدعو إلى أن نكون أصدقاء العالم، مع التزامنا بمبادئنا والتزام الآخر بمبادئه. وقد أكَّد القرآن الكريم مبدأ الحوار مع أهل الكتاب، والانطلاق في التحاور معهم من الكلمة السواء، ليكون الالتقاء على ما يجمعهم والمسلمين من أفكار مشتركة، والحوار في ما يختلفون فيه معهم بالوسائل الحضارية.

عندما ينتشر الفساد الاجتماعي والجريمة، ويتعاون الناس على مكافحته، سيتمكّن هؤلاء الناس من تطهير المجتمع من ظاهرة الفساد والانحراف. لذلك أمر القرآن بالعمل الجماعي لإصلاح المجتمع بقوله: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ (آل عمران/ 104). وعندما يُداهم المجتمع خطر، كالحوادث الطبيعية، مثل الزلازل والفيضانات والجفاف... إلخ، أو يهاجم البلاد عدو، أو تحدّيات ومخاطر، ويتعاون الناس على صدّها، بما يُقدِّمون من مال وخبرة ومعلومات، وجهد ومشاركة في الدفاع عن العقيدة والأوطان ومصالح المجتمع، فسيتمكّنون من دحر العدو ومواجهة التحدّيات وتحقيق الأمن والسلام.. أمّا المجتمع الذي تنتشر فيه الأنانية والتخاذل ولا يتعاون أفراده، سيكون مجتمعاً مُتخلِّفاً مُنحلاً خاضعاً للأزمات والتحدّيات.

وفي النهاية، إنّها مسؤولية كبيرة أن تزرع ثقافة السلام في المجتمعات المتعطّشة لها، وأهمّ من ذلك، صناعة جيلٍ واعٍ لأهميّة السلام وقيمته؛ جيل مسؤول ليكون هناك جيل يؤمن بأنّ التربية التي تربّي الجيل الصاعد على أهميّة السلام، لابدّ من أن تترك الأثر، ولو بعد حين، في إعادة رسم المشهد العام، وليس فقط المؤتمرات والندوات التي هي في كثير منها مجرّد بروتوكولات، سرعان ما تنتهي في لحظتها.

 

وفق تقرير لوزارة الحج والعمرة

 

إبراهيم الخازن

أعلنت السعودية، الأربعاء، أن 7 ملايين شخص أدوا مناسك العمرة خلال العام الماضي 2022.

وكشف وزارة الحج والعمرة، في تقرير لها، عن "تقديم خدماتها لـ7 ملايين معتمر منهم 4 ملايين قدموا بتأشيرة عمرة خلال العام المنصرم 2022"، وفق وكالة الأنباء السعودية الرسمية.

الوزارة أضافت أنها عملت على "تسهيل أداء مناسك العمرة للحاصلين على أنواع التأشيرات سواء السياحية أو الفورية عند الوصول أو العائلية أو الشخصية وجميعها إلكترونية".

وفي إطار التسهيل "تم تمديد مدة تأشيرة العمرة (للبقاء بالمملكة) من 30 يوما إلى 90 يوما، مع زيارة المواقع الدينية والمعالم التاريخية بالمملكة، وإطلاق "منصّة نسك" تتضمن 121 خدمة لحجز وتصميم برنامج العمرة وإصدار التأشيرات إلكترونيا لدول العالم كافة"، بحسب الوزارة.

وبشأن الخطط المستقبلية، أفادت الوزارة بـ"سعيها خلال السنوات المقبلة أن تكون جميع الإجراءات إلكترونية بداية من الفكرة بالقدوم حتى المغادرة مرورا بالمحطات كافة من حجز للفنادق والخدمات والنقل وإدارة الحشود".

وواجهت العمرة قيودا مع انتشار فيروس كورونا في العالم، ما أدى إلى تعليق المناسك لنحو 7 أشهر قبل أن تستأنفها المملكة في أكتوبر/ تشرين الأول 2020.

ووفق رؤيتها الاستراتيجية، تستهدف السعودية استضافة 30 مليون معتمر بحلول 2030.

المصدر : الاناظول