emamian

emamian

عجيب هو حبُّ الإمام علي (عليه السلام) الذي انتشر بين القريب منه والبعيد عنه.

حبّ المعتقدين من أهل الطاعة
أمّا حبّه ممّن تولاه فحدّث ولا حرج، فهو كان وما زال دافعاً للتضحية بالأغلى فها هو حجر بن عدي الكندي يؤتى به وأصحابه من قبل جند معاوية إلى مرج عذراء فيحبسون فيه بسبب حبّهم وولائهم لأمير المؤمنين (عليه السلام)، وإذا بهم يصلون عامة الليل، فلما كان الغد قدموهم ليقتلوهم، فقال لهم حجر: اتركوني أتوضأ وأصلي، فإني ما توضأت إلا صليت. فتركوه فصلى، ثم انصرف منها وقال: والله ما صليت صلاة قط أخفّ منها، ولولا أن تظنوا فيَّ جزعاً من الموت لاستكثرت منها، ثم قال لهم جند معاوية: إنا قد أمرنا ان نعرض عليكم البراءة من علي واللعن له، فإن فعلتم تركناكم وإن أبيتم قتلناكم، فأبوا، فحُفرت لهم القبور، وأحُضرت الأكفان، وقتل عدد من أصحاب حجر، وحينما وصل الأمر إليه قال لهم: لا تحلوا قيودي؛ فإني اجتمع أنا ومعاوية على هذه المحجة، ثم قال للمأمور بالقتل: إن كنت أمرت بقتل ولدي فقدّمه، وضرب عنقه، فقيل له: تعجَّلت الثكل!! فقال (رض): خفت أن يرى ولدي هول السيف على عنقي، فيرجع عن ولاية عليّ (عليه السلام).

حبّ المعتقدين من أهل معصية
ها هو الشاعر اسماعيل الحميري، في رحلة اختصاره وقد بدا على وجهه أثر الذنوب ثم زال لتظهر عليه بارقة نور انتشرت في وجهه فأشرق نوراً وبهاء، فإذا به قبيل وفاته يعبِّر عن حبِّه لعلي (عليه السلام) الذي أنقذه من تلك العقبة فيقول:
كذب الزاعمون أن علياً لن ينجي محبه من هناة
قد وربي دخلتُ جنَّة عدن وعفا لي الاله عن سيئاتي
فأبشروا اليوم أولياء علي وتولّوا علياً حتى الممات
ثم من بعده تولّوا بنيه واحداً بعد واحد بالصفات

وها هو ذلك السارق المحبّ يمثل بين يدي الإمام علي (عليه السلام) يعترف بالسرقة، فأراد الإمام أن يبعده عن الاعتراف الكامل المؤدّي إلى قطع اليد، لكن السارق أصرّ، فقطع أمير المؤمنين (عليه السلام) يده، فحملها وسار بين الناس، رآه أحدهم وسأله من قطع يدك؟ فأجاب: قطعها سيدي ومولاي... أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فتعجّب السائل وقال: قطع يدك وتمدحه.

فأجاب: كيف لا أفعل وقد خامر حبّه لحمي ودمي.

حبّ من لم ينتسب إلى مدرسته
وها هو العالم الكبير النسائي صاحب سنن النسائي الذي هو من الصحاح الستة عند أهل السنّة، يزعجه عدم معرفة أهل الشام بالإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام)، ويلامس الصورة المشوّهة التي قدّمها الأمويون لهم، فوقف يحدّثهم عن فضائل علي بن أبي طالب (عليه السلام)، هُدِّد، لكنّه استمر غير آبه بالتهديد حبّاً بأمير المؤمنين علي (عليه السلام) حتى قُتل في مسار حبّ الإمام علي (عليه السلام).

حبّ من لم ينسب إلى دينه
وها هو الشاعر اللبناني المسيحي بولس سلامة ينشد في أمير المؤمنين (عليه السلام) قائلاً:
لا تقل شيعة هواة عليّ إنَّ في كل منصفٍ شيعيّا
هو فخر التاريخ لا فخر شعب يدعيه ويصطفيه وليّا
جلجل الحق في المسيحي حتى عاد من فرط حبّه علويّا

لماذا أحبّه هؤلاء؟
قد يقول قائل: إنَّ المسلمين أحبّوا عليّاً (عليه السلام) بسبب ما سمعوه وقرأوه من دعوة الله تعالى ورسوله الأكرم (صلى الله عليه وآله) إلى حبّه بدءاً بقوله تعالى: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾، فعن ابن عباس: "لما نزلت هذه الآية (قل لا أسألكم عليه أجرا إلا المودّة في القربى) قالوا: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت موّدتهم؟

قال (صلى الله عليه وآله): "علي وفاطمة وولداها". استمراراً بروايات كثيرة جداً رواها عن النبي الأعظم (صلى الله عليه وآله) أهل السنة فضلاً عن الشيعة من قبيل:
ما رواه الخوارزمي بسنده عن النبي (صلى الله عليه وآله): "من أحبّ علياً قَبِل الله منه صلاته وصيامه وقيامه، واستجاب دعاءه، ألا ومن أحبّ علياً أعطاه الله بكل عرق في بدنه مدينة في الجنّة".

ما رواه – أيضاً - الخوارزمي بسنده عن حبيبنا المصطفى (صلى الله عليه وآله): "إن ملك الموت يترّحم على محبّي علي بن أبي طالب (عليه السلام) كما يترّحم على الأنبياء (عليه السلام)"
ما رواه الخوارزمي بسنده عنه (صلى الله عليه وآله): "إنّ السعيد كلّ السعد من أحبّ علياً في حياته وبعد موته".
ما رواه الخوارزمي بسنده عنه (صلى الله عليه وآله): "لو اجتمع الناس على حبّ علي ابن أبي طالب (عليه السلام) لما خلق الله النار".
ما رواه الذهبي عن النبيّ الأكرم (صلى الله عليه وآله) أنه قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): "حبيبك حبيبي، وحبيبي حبيب الله، وعدوّك عدوّي، وعدوّي عدوّ الله".

ما رواه عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) أنّه قال لأمير المؤمنين (عليه السلام): "يا علي لا يحبّك إلا مؤمن، ولا يبغضك إلا كافر ومنافق" إلى غير ذلك من الروايات الكثيرة حول حديث النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن حبّ أمير المؤمنين (عليه السلام) دعوة إليه، وبياناً لثوابه عند الله تعالى، والتي لا يمكن للمرء أن ينكر كونها عاملاً فاعلاً في حبّ المسلمين لأمير المؤمنين (عليه السلام) لكن إذا دقّقنا في معنى الحبّ نعرف أكثر عن سرّ حبِّ علي (عليه السلام)، وبالتالي نعرف سرّ حبِّ غير المسلمين الذين لم يكن حبّهم له بسبب القرآن الكريم وخاتم الأنبياء (صلى الله عليه وآله).

معنى الحبّ
فالحبُّ هو ميلٌ من القلب نحو كمال يراه المُحبّ في المحبوب، فالإنسان بطبيعته غرس اللهُ فيه حبَّ الكمال، وهو بطبيعته يحبّ الجمال؛ لأنه كمال، ويحبّ الصدق والوفاء والشجاعة والعدل والكرم لأنها كمالات، من هنا فإنّ قلب الإنسان ينجذب بدون اختيار إلى الجميل والشجاع والعادل والكريم.

أجل إنّه ينجذب بدون اختيار، بل بسبب تلك الفطرة الجاذبة له نحو الكمال، فالإنسان لا يستطيع أن يحب من يريد بمجرد إرادته، بل إنه في قضية الحبّ مجذوب نحو كمال المحبوب.

سرُّ حب علي (عليه السلام)
بناءً على ما تقدّم، فإنّ ما ذكره النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن حبّ الإمام علي (عليه السلام) هو ليس تكليفاً شرعياً بحبّه، بل هو إرشاد إلى كمال علي (عليه السلام).

وهذا ما نلاحظه في روايات تنصّب دلالتها على كمال أمير المؤمنين (عليه السلام)، كقوله (صلى الله عليه وآله): "من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، والى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب".

إنه حديث يرشد إلى بعض كمالات أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى علمه وحلمه وهيبته وعبادته وزهده.

وقد أشار بعض الصحابة إلى كمالات الإمام علي (عليه السلام) الداعية إلى حبّه، فها هو ابن عباس المحبّ لأمير المؤمنين (عليه السلام) يقول: "لو كانت بحار الدنيا مداداً وأشجارها أقلاماً، وأهلها كتّاباً فكتبوا مناقب علي بن أبي طالب (عليه السلام) وفضائله من يوم خلق الله الدنيا إلى أن يفنيها فما بلغوا معشار ما اتاه الله تبارك وتعالى ."

وكذا نلاحظ أن بولس سلامة المسيحي المحبّ لأمير المؤمنين (عليه السلام) يتحدّث عن كمالاته التي جذبته إليه، فأحبه فيقول في تتمة شعره السابق:
أنا من يعشق البطولة والإلهام والعدل والخلق الرضيا
فإذا لم يكن علي نبياً فلقد كان خلقه نبويّا
يا سماء اشهدي ويا أرض قرّي واخشعي إني أحبّ علياً

الأحد, 23 آذار/مارس 2025 10:34

أبعاد عظمة القرآن الكريم

إعلم أيها العزيز أن عظمة كل كلام وكل كتاب إما بعظمة متكلمة وكاتبه، وإما بعظمة مطالبه ومقاصده، وإما بعظمة نتائجه وثمراته، وإما بعظمة الرسول والواسطة، وإما بعظمة المرسل إليه وحامله، وإما بعظمة حافظه وحارسه، وإما بعظمة شارحه ومبيّنه، وإما بعظمة وقت إرساله وكيفية إرساله. وبعض هذه الأمور دخيل في العظمة ذاتاً وجوهراً([1]) وبعضها عرضاً وبالواسطة، وبعضها كاشف عن العظمة. وجميع هذه الأمور التي ذكرناها موجودة في هذه الصحيفة النورانية بالوجه الأعلى والأوفى؛ بل هي من مختصّاته بحيث أن أي كتاب آخر إما ألاَّ يشترك معه في شي‏ء منها أصلاً، أو لا يشترك معه في جميع المراتب.
 
أما عظمة متكلمه ومنشئه وصاحبه؛ فهو العظيم المطلق([2]) الذي جميع أنواع العظمة المتصورة في الملك والملكوت([3])، وجميع أنواع القدرة النازلة في الغيب([4]) والشهادة([5]) رشحة من تجليات([6]) عظمة فعل تلك الذات المقدسة، ولا يمكن أن يتجلّى الحق تعالى بالعظمة لأحدٍ وإنما يتجلى بها من وراء آلاف الحجب([7]) والسرادقات، كما في الحديث "إن لله تبارك وتعالى سبعين ألف حجاب من نور وظلمة، لو كشفت لأحرقت سبحات وجهه دونه"([8]).

وعند أهل المعرفة قد صدر هذا الكتاب الشريف من الحق تعإلى بمبدئيّة جميع الشؤون الذاتية والصفاتية والفعلية، وبجميع التجليات الجمالية([9]) والجلالية، وليست لسائر الكتب السماوية هذه المرتبة والمنزلة. وأما عظمته بواسطة محتوياته ومقاصده ومطالبه فيستدعي ذلك عقد فصل على حدة، بل فصول وأبواب، ورسالة مستقلة، وكتاب مستقل حتى يسلك نبذة منها في سلك البيان والتحرير، ونحن نشير بطريق الإجمال بفصل مستقل إلى كلياته، وفي ذلك الفصل نشير إلى عظمته من حيث النتائج والثمرات إن شاء الله.
 
وأما عظمة رسول الوحي وواسطة الإيصال فهو جبرائيل الأمين والروح الأعظم الذي يتصل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بعد خروجه عن الجلباب البشري، وتوجيه شطر قلبه إلى حضرة الجبروت([10]) بذاك الروح الأعظم، وهو أحد أركان دار التحقق الأربعة بل هو أعظم أركانها وأشرف أنواعها، لأن تلك الذات النورانية ملك موكل للعلم والحكمة وصاحب الأرزاق المعنوية والأطعمة الروحانية. ويستفاد من كتاب الله والأحاديث الشريفة تعظيم جبرائيل وتقدمه على سائر الملائكة.
 
وأما عظمة المرسل إليه ومتحمّله، فهو القلب التقي النقي الأحمدي الأحدي([11]) الجمعي([12]) المحمدي الذي تجلى له الحق تعالى بجميع الشؤون الذاتية([13]) والصفاتية([14]) والأسمائية والافعالية، وهو صاحب النبوة الختمية، والولاية المطلقة، وهو أكرم البرية، وأعظم الخليقة وخلاصة الكون، وجوهرة الوجود، وعصارة دار التحقق، واللبنة الأخيرة، وصاحب البرزخية الكبرى، والخلافة العظمى.
 
وأما حافظه وحارسه فهو ذات الحق جلّ جلاله، كما قال في الآية الكريمة المباركة ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾([15]) وأما شارحه ومبيّنه فالذوات المطهرة المعصومون من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى حجة العصر عجل الله فرجه([16]) والذين هم مفاتيح الوجود، ومخازن الكبرياء، ومعادن الحكمة والوحي، وأصول المعارف والعوارف، وأصحاب مقام الجمع والتفصيل.
 
وأمّا وقت الوحي فليلة القدر([17]) أعظم الليالي و﴿خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾([18]) وأنور الأزمنة، وهي في الحقيقة وقت وصول الوليّ المطلق والرسول الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم.
 


([1]) الجوهر: هو الوجود المستقل الذي لا يفتقر إلى محل ولا أنه تابع لشيء آخر.
([2]) المطلق: أي الوجود المطلق، يراد منه اللّه سبحانه وتعالى الذي لا يحد بحد ويقابله الوجود المقيد، مثل وجود الجماد والنبات والمعادن والعقول والنفوس و..
([3]) راجع صفحة 5 قد مر ذكره.
([4]) الغيب: ما يقابل عالم الشهود وهو مقام الجمع لدى العرفاء.
([5]) الشهادة: أي عالم الشهادة المحسوسة المادية.
([6]) قد مر ذكره في صفحة 5 راجع ذلك(التجلي).
([7]) الحجاب: يقصد العرفاء من الحجاب العوائق التي تتوسط بين العاشق والمعشوق.
([8]) بحار الأنوار ج‏58 ص‏45 الحديث 13 من الباب 5.
([9]) التجلي الجمالي: وهو التجلي بالرحمانية والرحيمية حيث يوجب الرعاية واللطف والرحمة، وأن كل ما هو تجلي جمالي يستلزم التجلي الجلالي لأن التجلي هو تجلي الحق على حقيقة لذاته عز اسمه أو هذا معناه احتجاب الحق سبحانه بحجاب العز والكبرياء عن غيره هذا هو التجلي بالجلال. كما أن كل تجلي بالجلال يستلزم التجلي بالجمال.
([10]) الجبروت: يطلق عالم الجبروت على عالم العقول المجردة وقال صدر المتألهين أن عالم الجبروت هو عالم العقول الكلية كما يطلق لدى بعض الفلاسفة على عالم البرزخ.
([11]) الأحد: هو كل شي‏ء لا يكون له مثيل من جنسه.
([12]) الجمع: هو مشاهدة الحق دون انتباه إلى الخلق حيث لا يكون الخلق حجايا للعارف وهذه مرتبة الفناء.
([13]) التجلي الذاتي: هو انكشاف الحقائق الغيبية من وراء الحجب.
([14]) التجلي الصفاتي: هو تجلي الصفات والأسماء والحجب النورانية.
([15]) سورة الحجر، الآية 9.
([16]) هو الإمام الثاني عشر من أئمة المسلمين من سلالة الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم وهو محمّد بن الحسن عليه السلام، ولد في الخامس عشر من شهر شعبان عام 255 ه.ق، أمّه نرجس، تولّى الإمامة في عامه الخامس،لكنه غاب عن أنظار الناس بأمر من الله وبسبب الأوضاع في ذلك الزمان، وقسمت غيبته إلى قسمين: فترة الغيبة الصغرى ودامت 69 عاماً، كان خلاله يتصل مع الناس بشكل غير مباشر بواسطة نوّاب أربعة. وبعد وفاة النائب الرابع بدأت فترة الغيبة الكبرى، وهي مستمرة إلى يومنا هذا، حتى يقضي الله سبحانه وتعالى بظهوره ليملأ الأرض قسطاً وعدلاً بعد أن ملئت ظلماً وجوراً. الفكر الإسلامي يعتبر أن المواجهات المستمرة للإمام المهدي عليه السلام وظهوره هي آخر حلقة من حلقات مواجهة أهل الحق مع أهل الباطل، أي أن مواجهات أهل الحق على مرّ التاريخ تبقى متأججة، وأرضية انتصار الحق تتحقق يوماً بعد يوم إلى أن يتحقق ظهور المهدي الموعود عليه السلام عندها تصل هذه المواجهات إلى النتيجة النهائية وظهور شمس العدل والحق على البشرية. ذلك اليوم سيكون يوم البلوغ الفكري والمعنوي والاجتماعي للإنسانية.
([17]) حسب الروايات فإن ليلة القدر هي إحدى ليالٍ ثلاث من شهر رمضان 19 و21 و23. وحسب القرآن فإن ليلة القدر هي خيرٌ من ألف شهر، وأن الله سبحانه وتعالى يقدّر كلّ الأمور في هذه الليلة حتى العام التالي، الليلة التي نزلت على النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حيث نزلت الملائكة بأمر ربها على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لتدبير أمر ما. ليلة القدر، هي ليلة الرحمة، ليلة العناية الإلهية الخاصة، ومن أجل هذا يوصي أئمة الدين بإحياء هذه الليلة والاستفادة منها بالدعاء والمناجاة مع الله سبحانه وتعالى، وقد عيّنوا أعمالاً وصلوات وأدعية خاصة لهذه الليلة.
([18]) القدر: 3.

الأحد, 23 آذار/مارس 2025 10:32

ما هي خصائص ليلة القدر؟

يقول تعالى في سورة القدر:﴿تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْر، سَلامٌ دَائِمُ الْبَرَكَةِ إلى طُلُوعِ الْفَجْرِ﴾
 
هناك خصائص متعدّدة لليلة القدر، وهي:

1- نزول الملائكة والروح
لعلّ من أهمّ خصائص ليلة القدر، هو نزول الروح، وفي الرواية: عَنْ أَبِي بَصِيرٍ قَالَ: "سَأَلْتُ أَبَا عَبْدِ اللَّه  عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي﴾[1]، قَال  عليه السلام: خَلْقٌ أَعْظَمُ مِنْ جَبْرَئِيلَ وَمِيكَائِيلَ، كَانَ مَعَ رَسُولِ اللَّه  صلى الله عليه وآله وسلم، وَهُوَ مَعَ الْأئمّة عليهم السلام، وَهُوَ مِنَ الْمَلَكُوت"[2].
 
2- سلام دائم
"ومعنى سلام، هي أنّ هذه الليلة ما هي إلّا سلامة وخير، فأمّا سائر الليالي، فيكون فيها بلاء وسلامة، أو ما هي إلّا سلام لكثرة سلام الملائكة على المؤمنين"[3].
في تفسير القمّيّ، قال: "تحيّةٌ يُحَيَّا بها الإمام إلى أن يطلع الفجر"[4].
قَالَ: كَانَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ عليهما السلام يَقُولُ في تفسيره: ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْر﴾، "يُسَلِّمُ عَلَيْكَ يَا مُحَمَّدُ مَلائِكَتِي وَرُوحِي بِسَلامِي، مِنْ أَوَّلِ مَا يَهْبِطُونَ إلى مَطْلَعِ الْفَجْرِ"[5].
 
"والدائم: الممتدّ زمانه والثابت والمتتابع، يُقَال: دام المطر، إذا تتابع نزوله.
والبركة: كثرة الخير ونماؤه"[6].
 
3- ليلة القدر وتعيّن مقدّرات السنة
عَنْ حُمْرَانَ أَنَّهُ سَأَلَ أَبَا جَعْفَر  عليه السلام عَنْ قَوْلِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ:
﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ﴾[7]، قَالَ: "نَعَمْ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَهِيَ فِي كُلِّ سَنَةٍ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ فِي الْعَشْرِ الْأَوَاخِرِ، فَلَمْ يُنْزَلِ الْقُرْآنُ إلاَّ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾. قَال عليه السلام: يُقَدَّرُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ كُلُّ شَيْ‏ءٍ يَكُونُ فِي تِلْكَ السَّنَةِ إلى مِثْلِهَا، مِنْ قَابِلٍ خَيْرٍ وَشَرٍّ، وَطَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ، وَمَوْلُودٍ وَأَجَلٍ، أَوْ رِزْقٍ، فَمَا قُدِّرَ فِي تِلْكَ السَّنَةِ وَقُضِيَ فَهُوَ الْمَحْتُومُ، وَلِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ الْمَشِيئَةُ. قَالَ: قُلْتُ: ﴿لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾، أَيُّ شَيْ‏ءٍ عُنِيَ بِذَلِكَ؟ فَقَال عليه السلام: الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا، مِنَ الصلة وَالزَّكَاةِ وَأَنْوَاعِ الْخَيْرِ، خَيْرٌ مِنَ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ، وَلَوْ لَا مَا يُضَاعِفُ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- لِلْمُؤْمِنِينَ، مَا بَلَغُوا، وَلَكِنَّ اللَّهَ يُضَاعِفُ لَهُمُ الْحَسَنَاتِ بِحُبِّنَا"[8].
 
4- تنزّل الملائكة في ليلة القدر
"عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ بِمَا أَحْكَمَ مِنْ قَضَائِهِ"
"المراد بمن يشاء من عباده: إمام الزمان  عليه السلام، وبما أحكم من قضائه: ما قضى وأبرم وأمضى وحتم ولم يكن فيه تقديم وتأخير، ولا تبديل وتغيير"[9].
عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سِنَانٍ، قَالَ: سَأَلْتُهُ عَنِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، فَقَالَ: "مَا عِنْدِي فِيهِ شَيْءٌ، وَلَكِنْ إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ تِسْعَ عَشْرَةَ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ، قُسِّمَ فِيهَا الْأَرْزَاقُ، وَكُتِبَ فِيهَا الْآجَالُ، وَخَرَجَ فِيهَا صِكَاكُ الْحَاجِّ، وَاطَّلَعَ اللَّهُ إلى عِبَادِهِ، فَغَفَرَ اللَّهُ لَهُمْ، إِلاَّ شَارِبَ الْخَمْرِ مُسْكِرٍ، فَإِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ ثَلاثٍ وَعِشْرِينَ، فِيه?ا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ، ثُمَّ يُنْهَى ذَلِكَ وَيُمْضَى ذَلِكَ، قُلْتُ: إلى مَنْ؟ قَالَ: إلى صَاحِبِكُمْ، وَلَوْلا ذَلِكَ لَمْ يَعْلَمْ"[10].
عَنْ هِشَامٍ، قَالَ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ  عليه السلام: قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى فِي كِتَابِهِ: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ﴾، قَالَ: "تِلْكَ لَيْلَةُ الْقَدْرِ، يُكْتَبُ فِيهَا وَفْدُ الْحَاجِّ، وَمَا يَكُونُ فِيهَا مِنْ طَاعَةٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ، أَوْ مَوْتٍ أَوْ حَيَاةٍ، وَيُحْدِثُ اللَّهُ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ مَا يَشَاءُ، ثُمَّ يُلْقِيهِ إلى صَاحِبِ الْأَرْضِ، قَالَ الْحَرْثُ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْبَصْرِيُّ: قُلْتُ: ومَنْ صَاحِبُ الْأَرْضِ؟ قَالَ: صَاحِبُكُمْ"[11].



[1] سورة الإسراء، الآية 85.
[2] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج1، ص273.
[3] السيّد علي خان المدني الشيرازيّ، رياض السالكين، مصدر سابق، ج6، ص32.
[4] عليّ بن إبراهيم القمّيّ، تفسير القمّيّ، تحقيق السيّد طيب الموسويّ الجزائريّ، مطبعة النجف، لا.م، 1387ه، لا.ط، ج2، ص431.
[5] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، مصدر سابق، ج25، ص80.
[6] السيّد علي خان المدني الشيرازيّ، رياض السالكين، مصدر سابق، ج6، ص33.
[7] سورة الدخان، الآية 3.
[8] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج4، ص157.
[9] السيّد علي خان المدني الشيرازيّ، رياض السالكين، مصدر سابق، ج6، ص34.
[10] الشيخ الحويزيّ، تفسير نور الثقلين، مصدر سابق، ج4، ص625.
[11] الصفّار، محمّد بن الحسن بن فروخ، بصائر الدرجات، تصحيح وتعليق وتقديم الحاج ميرزا حسن كوچه باغي، منشورات الأعلميّ، إيران -  طهران، 1404ه - 1362ش، لا.ط، ج1، ص221.

الأحد, 23 آذار/مارس 2025 10:31

ليلة القدر والاجتهاد في العبادة

ليلة القدر هي الليلة التي اختارها الله سبحانه لإظهار الربوبية الشاملة من حيث التقدير والتدبير، لذلك فهي الظرف الزماني الأنسب لإظهار العبودية الكاملة لله تعالى، ومن هنا فالعبادة في هذه الليلة لها أثر خاص متميز على ما ورد في الروايات الكثيرة عنهم‏ عليهم السلام.
 
ومن الواضح أن الإيمان التام بالتقدير الإلهي يستدعي العمل وبذل الطاعة في هذه الليلة.
 
كما أن الإحياء المذكور ثمرة الإيمان ومتفرع عليه، وبالعمل فيها يرجى الخير للعبد في التقدير بحسب درجة إيمانه.
 
وعليه فالعبادة في خصوص هذه الليلة تتجلى بأمرين:
1- الإعتقاد اليقيني بمضامين هذه الليلة المباركة (التقدير الإلهي).
2- إحياؤها بالعمل.
 
الجانب الإعتقادي في ليلة القدر (التقدير الالهي)
﴿يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ﴾([1]).
 
﴿حم وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُّبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنذِرِينَ فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا إِنَّا كُنَّا مُرْسِلِينَ﴾([2]).
 
عن أبي جعفر عليه السلام في قول الله: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَ﴾ قال: "تنزل فيها الملائكة والكتبة إلى السماء الدنيا فيكتبون ما يكون في السنة من أمره، وما يصيب العباد، والأمر عنده موقوف له، فيه المشيئة فيقدم ما يشاء، ويؤخر ما يشاء، (ويمحو ما يشاء) ويثبت وعنده أم الكتاب".
 
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "في تسعة عشر من شهر رمضان يلتقي الجمعان قلت: ما معنى قوله: "يلتقي الجمعان"؟ قال: يجمع فيها ما يريد من تقديمه وتأخيره، وإرادته وقضائه".
 
عن أبي عبد الله عليه السلام: "أن ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان هي ليلة الجهني فيها يفرق كل أمر حكيم وفيها تثبت البلايا والمنايا والاجال والارزاق والقضايا، وجميع ما يحدث الله فيها إلى مثلها من الحول".
 
الجانب العملي في ليلة القدر(إحياؤها):
عن الإمام الصادق عليه السلام وقد سئل عن ليلة القدر: كيف هي خير من ألف شهر؟ قال عليه السلام: "العمل فيها خير من العمل في ألف شهر..".
 
عن أبي عبد الله عليه السلام: ".. فطوبى لعبد أحياها راكعا وساجدا ومثل خطاياه بين عينيه ويبكي عليها، فإذا فعل ذلك رجوت أن لا يخيب إنشاء الله".
 
ثواب من أحيا ليلة القدر:
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "قال موسى: إلهي اريد قربك، قال: قربي لمن يستيقظ ليلة القدر، قال: إلهي اريد رحمتك، قال: رحمتي لمن رحم المساكين ليلة القدر، قال: إلهي اريد الجواز على الصراط، قال: ذلك لمن تصدق بصدقة في ليلة القدر. قال: إلهي اريد أشجار الجنة وثمارها، قال: ذلك لمن سبح تسبيحة في ليلة القدر، قال: إلهي اريد النجاة من النار، قال: ذلك لمن استغفر في ليلة القدر، قال: إلهي أريد رضاك، قال: رضاي لمن صلى ركعتين في ليلة القدر".
 
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: "يفتح أبواب السموات في ليلة القدر، فما من عبد يصلي فيها إلا كتب الله تعالى له بكل سجدة شجرة في الجنة، لو يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها، وبكل ركعة بيتا في الجنة من در وياقوت وزبرجد ولؤلؤ، وبكل اية تاجا من تيجان الجنة، وبكل تسبيحة طائرا من النجب، وبكل جلسة درجة من درجات الجنة، وبكل تشهد غرفة من غرفات الجنة، وبكل تسليمة حلة من حلل الجنة".
 
عن الباقر عليه السلام: "من أحيا ليلة القدر غفرت له ذنوبه، ولو كانت ذنوبه عدد نجوم السماء ومثاقيل الجبال، ومكائيل البحار".
 
علينا أن لا ننسى في هذه الليلة المباركة الدعاء لحفظ ولي أمر المسلمين الإمام القائد الخامنئي دام ظله ولنصر المجاهدين في سبيل الله ولفك الأسرى من سجون الأعداء.
  


([1]) النحل: 2.
([2]) الدخان: 5-1.

الأحد, 23 آذار/مارس 2025 10:23

أيّة ليلة هي ليلة القدر؟

لقد أكّدت روايات كثيرة أنّ ليلة القدر ليست ليلة معيّنة بذاتها، فهي الليالي العشر الأخيرة من الشهر الشريف. وهي عند الأخوة السنّة ليلة السابع والعشرين منه. إلاّ أن الروايات الواردة من طرف أئمة الهدى عليهم السلام، لا تجعلها ليلة بعينها، إنما تردّدها بين ليلة تسع عشرة ولو كان الشهر تسعة وعشرين يوماً تكون أول الليالي العشر الأخيرة، وليلة إحدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين من هذا الشهر. وما ذلك الترديد سوى زيادة في تشويق العبد للتفرغ للعمل الصالح، ليمحض الله اهتمامه وطاعته في هذه الليلة، وفي ذلك رفع لقدر المؤمن وتشريف له بهذه العبودية.
 
فعن محمد بن يعقوب الكليني، عن عدّة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد ﴿بن يحيى﴾، عن علي بن الحكم، عن سيف بن عميرة، عن حسّان بن مهران، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: "سألته عن ليلة القدر؟ فقال: إلتمسها في ليلة إحدى وعشرين أو ليلة ثلاث وعشرين"[1].
 
وفي رواية أخرى عن طريق محمد بن حمران، عن سفيان بن السمط، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: "الليالي التي يرجى فيها من شهر رمضان؟ فقال: تسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين..."[2].
 
وفي رواية تبيّن مدى الترابط بين الليالي الثلاث، بالإسناد إلى علي بن الحكم، عن ابن بكير، عن زرارة قال: "قال أبو عبد الله عليه السلام: التقدير في ليلة تسع عشرة، والإبرام في ليلة إحدى وعشرين، والإمضاء في ليلة ثلاث وعشرين"[3].
 
ولكن ما يتيحه الله لعباده، وما يمكن أن يملأ به العباد أوعيتهم من رشحات الأنس وتجليّات الوصال، أعظم من أن يحول دونه عدد الليالي التي يسافر فيها أهل القلوب المتوثّبة والنفوس الطامحة. ففي رواية محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عثمان بن عيسى، عن سماعة، عن أبي بصير قال: "قال أبو عبد الله عليه السلام: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل العشر الأواخر شدّ المئزر، واجتنب الليل، وتفرّغ للعبادة"[4].
 
أفضل ما ينبغي طلبه ليلة القدر:
إنّ أعزّ ما ينبغي للمؤمن العاقل طلبه في ليلة القدر هو فكاك الرقبة من النار، والفوز بالجنة. وهذا لا يكون إن أراده ميسّراً إلا إن غفر الله ذنوبه. وهو ما تشير إليه الكثير من الأحاديث باعتباره ثواباً لعمل ليلة القدر.
 
فعن محمد بن أبي عمير قال: "قال موسى بن جعفر عليه السلام: من اغتسل ليلة القدر وأحياها إلى طلوع الفجر خرج من ذنوبه"[5].
 
وفي حديث آخر عن أبي جعفر بن محمد بن علي بن موسى، عن آبائه عليهم السلام، قال: "قال أبو جعفر الباقر عليه السلام: من أحيى ليلة القدر غُفرت له ذنوبه ولو كانت عدد نجوم السماوات ومثاقيل الجبال ومكاييل البحار"[6].
 
وقد تقدّم أن ليلة القدر يقدّر الله فيها ما سيكون إلى مثلها من قابل، فليسأل العبد ربّه خاتمة حسنة وعاقبة منجية ليدرك بالموت الفوز بلقاء الله.
  


[1] الكافي، ج4، ص156، ح1.
[2] الفقيه، ج2، ص103، ح460.
[3] الكافي، ج4، ص549، ح8.
[4] الكافي، ج4، ص155، ح3.
[5] وسائل الشيعة، ج15، ص398، ج11، عن فضائل الأشهر الثلاثة للشيخ الصدوق، ص137، ح146.
[6] فضائل الأشهر الثلاثة، ص118، ح114.

الجمعة, 14 آذار/مارس 2025 08:50

القرآن يغير حياتك في شهر الله

القرآن كفيل بأن يغير لك حياتك في شهر الله إن التزمت بعلاقة ثابتة وراسخة وعميقة معه. وهو بالإضافة إلى ذلك يحجز لك الزاد الأنفع في دار الخلود. يقول تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَّن تَبُورَ﴾([1]).

والعلاقة الحقيقية مع القرآن الكريم كفيلة بأن تمنحك ما يلي:
 
الحديث مع الله: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إذا أحبَّ أحدُكم أن يحدِّث ربَّه فليقرأ القرآن"([2]).
 
أهلية القيادة: بعَثَ النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفداً إلى اليمن، فأمَّر عليهم أميراً منهم وهو أصغرهم، فمكث أياماً لم يسر... فقال له رجل يا رسول الله أتؤمِّره علينا وهو أصغرنا؟ فذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم قراءته القرآن([3]).
 
جلاء القلوب: عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ هذه القلوب تَصْدأ كما يَصدأ الحديد، قيل: يا رسول الله فما جلاؤها؟ قال: تلاوة القرآن"([4]).
 
الغنى الأكبر: عن الإمام الصادق عليه السلام: "من قرَأ القرآن فهو غنىً لا فقرَ بعدَه"([5]).
 
الأُنس الأكبر: عن الإمام الصادق عليه السلام: "من أَنس بتلاوة القرآن، لم تُوحشه مفارقة الإخوان"([6]).
 
وعن الإمام زين العابدين عليه السلام: "لو مات من بين المشرق والمغرب لما استوحشت بعد أن يكون القرآن معي"([7]).
 
كفَّارة الذنوب: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "عليك بقراءة القرآن، فإنَّ قراءته كفارةٌ للذنوب، وسَترٌ في النار، وأمانٌ من العذاب"([8]). عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "يا بنيّ، لا تَغفل عن قراءة القرآن، فإنَّ القرآن يَحيي القلب، ويَنهى عن الفحشاء والمُنكر والبغي"([9]).
 
تحت ظلال الوحي: عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "من قرأ القرآن فكأنما استُدرجت النبوة بين جَنْبيه، غير أنه لا يُوحى إليه"([10]).
 
أحبّ الخلق إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: فعن الإمام علي عليه السلام لما سمع ضجة أصحابه في المسجد وهم يقرأون القرآن: "طوبى لهؤلاء كانوا أحبّ الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "([11]).
  


([1]) فاطر 29.
([2]) ميزان الحكمة، ج3، ص 2524.
([3]) ميزان الحكمة، ج3، ص 2524.
([4]) ميزان الحكمة، ج3، ص 2524.
([5]) الكافي، ج2، ص 605.
([6]) ميزان الحكمة، ج3، ص 2524.
([7]) الكافي، ج2، ص 602.
([8]) ميزان الحكمة، ج3، ص 2524.
([9]) ميزان الحكمة، ج3، ص 2525.
([10]) ميزان الحكمة، ج3، ص 2525.
([11]) ميزان الحكمة، ج3، ص 2521.

قال الإمام أبو عبد الله الحسين عليه السلام لمروان بن الحكم حينما أراد أن يخطب أمّ كلثوم بنت عبد الله بن جعفر وأمها العقيلة زينب عليها السلام، ليزيد بن معاوية، فذكر أمام الحاضرين أنّ الغرض من هذه المصاهرة هو الإصلاح بين هذين الحيين.
 
فردّ عليه السلام الحسين عليه السلام قائلاً: "وأمّا صلح ما بين هذين الحيين، فإنّا قوم عاديناكم في الله، ولم نكن نصالحكم للدنيا، فلعمري فلقد أعيا النسب فكيف السبب!"[1].
 
ولقد أجاب الإمام الحسن عليه السلام عن هذا الإشكال بنفسه في غيرِ موقع:


أوّلاً: حينما سأله أبو سعيد عقيصاً، قال قلت للحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام يا ابن رسول الله لم داهنت معاوية وصالحته وقد علمت أنّ الحق لك دونه وأنّ معاوية ضالٌّ باغ؟.
 
فقال: "يا أبا سعيد، ألستُ حجة الله تعالى ذكره على خلقه وإماماً عليهم بعد أبي عليه السلام"؟
 
قلت: بلى. قال: "ألست الذي قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لي ولأخي، الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا؟ قلت: بلى. قال: فأنا إذن إمام لو قمت وأنا إمام إذا قعدت، يا أبا سعيد علة مصالحتي لمعاوية هي علة مصالحة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لبني ضمرة وبني أشجع ولأهل مكّة حين انصرف من الحديبية أولئك كفّار بالتنزيل ومعاوية وأصحابه كفّار بالتأويل. يا أبا سعيد إذا كنت إماماً من قبل الله تعالى ذكره لم يجب أن يسفَّه رأيي فيما أتيته من مهادنة. وإن كان وجه الحكمة فيما أتيته ملتبساً ألا ترى الخضر عليه السلام لما خرق السفينة وقتل الغلام وأقام الجدار سخط موسى عليه السلام فعله لاشتباه وجه الحكمة عليه حتى أخبره فرضي، هكذا أنا سخطتم عليّ بجهلكم بوجه الحكمة فيه ولولا ما أتيت لما ترك من شيعتنا على وجه الأرض أحد إلا قتل"[2].
 
ثانياً: يردّ الإمام الحسن عليه السلام على هذه الشبهة بموضع آخر فيقول عليه السلام: "والله لو قاتلت معاوية لأخذوا بعنقي حتى يدفعوني إليه سلماً، فوالله لأن أسالمه وأنا عزيز، خير من أن يقتلني وأنا أسيرهُ، أو يمنّ عليّ فتكون منّة على بني هاشم إلى آخر الدهر، ومعاوية لا يزال يمُنُّ بها وعقبه على الحيّ منّا والميت"[3].
 
ثالثاً: وهناك ما هو أعظم من هذا، فمعاوية الذي استحلّ قتال أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام وصحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كعمار بن ياسر، ومحمّد ابن أبي بكر، وحجر بن عديّ الكنديّ، وغيرهم كيف لا يأتي بما هو أعظم من قتل الإمام الحسن عليه السلام، وهو ما صرح به الإمام الباقر عليه السلام في حديثه مع سدير، قائلاً له: "يا سدير أذكر لنا أمرك الذي أنت عليه فإن كان فيه إغراق كففناك عنه وإن كان مقصّراً أرشدناك".
 
قال: فذهبت أن أتكلّم، فقال أبو جعفر عليه السلام: "أمسك حتى أكفيك، إنّ العلم الذي وضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند عليّ عليه السلام من عرفه كان مؤمناً ومن جحده كان كافراً، ثم كان بعده الحسن عليه السلام قلت: كيف يكون بذلك المنزلة وقد كان منه ما كان دفعها إلى معاوية"؟.
 
فقال: "اسكت! فإنه أعلم بما صنع، لولا ما صنع لكان أمراً عظيماً"[4].
 


[1] بحار الأنوار، المجلسي، ج44.
[2] علل الشرائع، الصدوق، ج1، ص211.
[3] الاحتجاج، للطبرسي، ج2، ص10.
[4] علل الشرائع، ج1، ص211.

الجمعة, 14 آذار/مارس 2025 08:48

ما هي حقيقة الصوم؟

حقيقة الصوم ليست الابتعاد عن المفطرات واجتنابها، فإنّ ذلك ظاهر الصوم، وأمّا باطنه وحقيقته التي يجب أن نطلبها بأدائنا لهذه الفريضة فهي صلاح الباطن.
 
فعن الإمام عليّ عليه السلام: "صيام القلب عن الفكر في الآثام، أفضل من صيام البطن عن الطعام"([1]).

وعنه عليه السلام: "صوم القلب خير من صيام اللسان، وصيام اللسان خير من صيام البطن"([2]).

وعنه عليه السلام: "صوم النفس عن لذّات الدنيا أنفع الصيام"([3]).
 
وعنه عليه السلام: في حديثٍ يقارن فيه بين صوم الجسد وصوم النفس فيقول: "صوم الجسد الإمساك عن الأغذية بإرادة واختيار خوفاً من العقاب ورغبةً في الثواب والأجر، وصوم النفس إمساك الحواس الخمس عن سائر المآثم، وخلوّ القلب من جميع أسباب الشرّ"([4]).

وعنه عليه السلام: "الصيام اجتناب المحارم كما يمتنع الرجل من الطعام والشراب"([5]).
 
وعن فاطمة الزهراء: "ما يصنع الصائم بصيامه إذا لم يصن لسانه وسمعه وبصره وجوارحه"([6])؟

ومعنى "ما يصنع" أي لا يمكنه أن يصنع به شيئاً، لأنّ هذا الصوم لا يرقى إلى مستوى إصلاحه لنفسه وتزكيته لها.

ويؤكّد رسول الله صلى الله علية وآله وسلم هذا المعنى بحديثٍ قدسيّ، فعنه صلى الله علية واله وسلم: "يقول الله عزّ وجلّ: من لم تصم جوارحه عن محارمي فلا حاجة لي في أن يدع طعامه وشرابه من أجلي"([7]).
 
وعن رسول الله صلى الله علية واله وسلم لجابر بن عبد الله – يبيّن له أنّ حقيقة الصوم إنّما هي الإبتعاد عن المحارم فيقول: "يا جابر!

هذا شهر رمضان من صام نهاره وقام ورداً من ليله وعفّ بطنه وفرجه وكفّ لسانه خرج من ذنوبه كخروجه من الشهر"، فقال جابر: يا رسول الله ما أحسن هذا الحديث! فقال رسول الله صلى الله علية واله وسلم: "يا جابر! وما أشدّ هذه الشروط"([8]).
 
وعن الإمام الصادق عليه السلام: "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك وشعرك وجلدك". وعدّد أشياء غير هذا، وقال: "لا يكون يوم صومك كيوم فطرك"([9]).

من لا ينفعه صومه وكما أكّدت الروايات على حقيقة الصوم ومفهومه الأكمل أكّدت كذلك على أنّ عدم مراعاة الجانب الروحيّ والباطنيّ للصوم يعني عدم انتفاع الصائم بصومه.
 
فعن رسول الله صلى الله علية واله وسلم: "ربّ صائم حظّه من صيامه الجوع والعطش، وربّ قائم حظّه من قيامه السهر"([10]). وعن علي (عليه السلام): "كم من صائم ليس له من صيامه إلّا الجوع والظمأ، وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر والعناء، حبّذا نوم الأكياس وإفطارهم"([11]).
 


([1]) عيون الحكم والمواعظ، ص 302.
([2]) عيون الحكم والمواعظ، ص 305.
([3]) عيون الحكم والمواعظ، ص 302.
([4]) عيون الحكم والمواعظ، ص 305.
([5]) مستدرك الوسائل، ج7، ص 367.
([6]) دعائم الإسلام، ص 268.
([7]) ميزان الحكمة، ج2، ص1688.
([8]) مصباح المتهجّد، ص127.
([9]) منتهى المطلب، ج2، ص 568.
([10]) فضائل الأشهر الثلاثة، ص144.
([11]) نهج البلاغة، خطب الإمام عليّ، ص35.

تتجلى النعم الإلهية بعدة مظاهر في حياة الإنسان، هذه التجليات التي من الطبيعي أن تبقى نصب عينه ومورد شكره لله تعالى، وأهمها:
 
1- طاعة الله وعبادته: قال تعالى: ﴿وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللّهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا﴾([1]).
 
وقال تعالى: ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ غَيرِ المَغضُوبِ عَلَيهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ﴾([2]). والصراط المستقيم هو الإلتزام بعبادة الله لقوله تعالى: ﴿وَأَنْ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ﴾([3]).
 
2- وجود الإمام المعصوم: وأي نعمة أكبر من وجود نور الولي بين الناس، يستنيرون بعلمه وهداه ويرشدهم سواء السبيل، إلى الله تعالى، قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ﴾([4]). وقد ورد في التفسير عن الإمام الكاظم عليه السلام: "النعمة الظاهرة الإمام الظاهر، والباطنة الإمام الغائب"([5]).
 
3- التقوى: أي نعمة الإرتباط بالله الذي يمنع الإنسان من الوقوع في المعصية، وهذه النعمة أهم من نعمة وفرة المال أو سلامة البدن على أهميتهما، فعن الإمام علي عليه السلام: "إن من النِّعم سعة المال، وأفضل من سعة المال صحَّة البدن، وأفضل من صحة البدن تقوى القلب"([6]).
 
4- العافية: أي عافية الدين والدنيا والآخرة، وعافية الإنسان في أهله ووطنه، فعن الإمام الباقر عليه السلام: "لا نعمة كالعافية، ولا عافية كمساعدة التوفيق"([7]).
 
وعن علي عليه السلام: "إني تذوقت كل الحلاوات فلم أجد أحلى من العافية، وتذوقت كل المرارات فلم أجد أمر من الحاجة إلى الناس"([8]).
 
وفي الدعاء: "ونسأله المعافاة في الأديان كما نسأله المعافاة في الأبدان"([9]).
 
5- الرزق: فالله تعالى أنعم على الإنسان من خلال ما أودع هذا الكون من مختلف سبل الرزق ودلّه على حلالها في تشريعاته ليكفل له طيب المأكل وحلاله، قال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالْأَرْضِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ﴾([10]).
 
6- الوحي الإلهي: وهو من أكبر النعم التي يعيشها المرء في حياته إن راعى الإلتزام لقواعد التشريع الإلهي، قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِّنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُم بِهِ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ﴾([11]).
 
7- الإلفة والتآخي بين المؤمنين: وهذه النعمة الإلهية التي نقلت الناس من قبائل متناحرة إلى أمّة رسمت للبشرية كافة سبيل الهداية والسعادة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ ِخْوَانًا﴾([12]) .
  


([1]) النساء 69.
([2]) الفاتحة 5.
([3]) يس 61.
([4]) لقمان 20.
([5]) كمال الدين وتمام النعمة، الشيخ الصدوق، ص368.
([6]) نهج البلاغة، ج4، ص94.
([7]) ميزان الحكمة، ج3، ص2022.
([8]) ميزان الحكمة، ج3، ص2022.
([9]) نهج البلاغةـ ج1، ص191.
([10]) فاطر 3.
([11]) البقرة 231.
([12]) آل عمران 103.

الصين وروسيا وإيران أكدوا في البيان المشترك لاجتماع بكين بين الصين، على ضرورة إلغاء كافة العقوبات الأحادية غير القانونية. موضحين أن إلى اإن التفاعل والحوار السياسي والدبلوماسي على أساس مبدأ الاحترام المتبادل هو الخيار العملي الوحيد في هذا المجال.

وأَضاف البيان يجب على الأطراف المعنية أن تلتزم بمعالجة الأسباب الجذرية للوضع الحالي والتخلي عن العقوبات أو الضغط أو التهديد باستخدام القوة.

وشددت الدول الثلاث على أهمية قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة رقم 2231، بما في ذلك الجداول الزمنية الواردة فيه، وطلبت من الأطراف المعنية تجنب أي عمل من شأنه تصعيد الوضع من أجل تهيئة الأجواء والظروف المناسبة للجهود الدبلوماسية.

وشددوا على أهمية احترام معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية باعتبارها حجر الزاوية في النظام الدولي لعدم انتشار الأسلحة النووية.

ورحبت الصين وروسيا بإعادة تأكيد إيران أن برنامجها النووي مخصص للأغراض السلمية حصرا وليس لإنتاج الأسلحة النووية، كما رحبتا بالتزام إيران بالامتثال الكامل لالتزاماتها بموجب معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية واتفاق الضمانات الشاملة.

كما أيدوا سياسة إيران الرامية إلى مواصلة التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وشددوا على ضرورة الاحترام الكامل لحق إيران، باعتبارها دولة عضو في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية.

وشددت الحكومات الثلاث على ضرورة تجنب كافة الحكومات أي عمل من شأنه تقويض النشاط الفني والمحايد والموضوعي للوكالة الدولية للطاقة الذرية.

كما تبادلت الأطراف الثلاث وجهات النظر حول القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، واتفقا على الحفاظ على تعاونهما وتعزيزه في المنظمات الدولية والترتيبات متعددة الأطراف، مثل منظمة شانغهاي للتعاون وبريكس.