
Super User
روحاني: الاتفاق النووي أقوى مما كان ترامب يظن وهو غير قابل للتفاوض مجدداً
الرئيس الإيراني حسن روحاني يقول إن الاتفاق النووي أكثر قوة مما كان يظن ترامب، وأنه غير خاضع للتفاوض مجدداً، ويشدد على أن طهران ملتزمة بتعهداتها فيه، ووزارة الخارجية الإيرانية تؤكد أنّ القوة الصاروخية الإيرانية هي دفاعية وردعية وقد لعبت دوراً مؤثراً في حفظ الاستقرار الإقليمي.
قال الرئيس الإيراني حسن روحاني إن الاتفاق النووي بين إيران ومجموعة 5+1 أكثر قوة مما كان يظن ترامب في حملته الانتخابية، معتبراً أن الدول الكبرى وقفت أمام الموقف الأميركي من الاتفاق النووي وواشنطن تبدو أكثر انعزالية.
وفي كلمة متلفزة بثها التلفزيون الإيراني أعاد روحاني التأكيد على أنه "لا يمكن إضافة أي بند أو أي ملاحظة إلى الاتفاق النووي"، مشدداً على أن إيران ستحترم الاتفاق النووي وتتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية طالما أن الاتفاق يحقق مصالحها.
ورأى روحاني أن ترامب "كذّب وكال اتهامات غير صحيحة ضد الشعب الإيراني"، وأن الشعب الإيراني يعي أن الحكومة الأميركية تتحرك ضده وضد والشعوب المظلومة في المنطقة.
ودعا الرئيس الإيراني نظيره الأميركي إلى "قراءة التاريخ والجغرافيا بشكل أفضل، وأن يقرأ بشكل أفضل عن الأدب والأخلاق والعرف الدولي والاتفاقات الدولية"، مذكراً إياه بأن أميركا أسقطت حكومة قانونية في إيران بانقلاب، وأنها سعت إسقاط الثورة الإسلامية في إيران بعد انتصارها، وأنها وقفت إلى جانب صدام حسين في حربه ضد إيران ودعمت قصف القنابل والأسلحة الكيميائية.
وتوجه روحاني لترامب بسؤال حول القلق الأميركي من الصواريخ الإيراني بالقول: أنتم قلقون من صواريخ إيران فكيف ترسلون الأسلحة لدولة تقصف الشعب اليمني، مشدداً على أن الصواريخ في إيران هي لحماية البلاد والدفاع عن النفس، قائلاً "سعينا دائماً لتعزيز أسلحتنا الدفاعية ومن الآن سنضاعف ذلك
روحاني لماكرون: الاتفاق النووي غير قابل للتفاوض مجدداً
وفي اتصال هاتفي مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون أكد الرئيس الإيراني أن إيران ملتزمة بتعهداتها في الاتفاق النووي وفي تعاونها مع الوكالة الدوية للطاقة الذرية، معتبراً أن الاتفاق النووي "غير خاضع للتفاوض مجدداً بالمطلق".
وأكد روحاني أنه لا يمكن السماح للرئيس الأميركي أو للكونغرس أن يخطوا ضد الاتفاق النووي، قائلاً إن الحكومة الأميركية لا تريد الالتزام بتعهداتها الدولية، سواء فيما يخص الاتفاق النووي مع إيران أو باقي المعاهدات والقوانين الدولية.
وألمح روحاني إلى أن كل ضربة يوجهها الرئيس الأميركي للاتفاق النووي هي ضربة لاتفاق متعدد الأطراف، وهنا على الاتحاد الأوروبي وإيران "التعاون للوقوف في وجه التحركات المخربة وغير السليمة ضد الاتفاق النووي.
وشدد روحاني على أن خلط التعهدات المتعددة الأطراف والدولية مع الخلافات الداخلية لأي دولة يمكن أن يكون خطراً جداً على ثقة العالم، معتبراً في هذا السياق أن وكالة الطاقة الذرية هي الجهة الوحيدة التي يمكن أن تتحدث عن طبيعة التزام إيران بالاتفاق النووي.
الخارجية الإيرانية: أي خطوة ضد القوات المسلحة ستواجه برد قوي ومناسب
أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أنّ أولوية طهران هي محاربة داعش والمجموعات الإرهابية، مشيرة إلى أنّ "سياسة أميركا في المنطقة تقوم على دعم المجموعات الإرهابية والأنظمة الاستبدادية".
وأضافت الخارجية الإيرانية في أول تعليق لها على وثيقة البيت الأبيض حول استراتيجية الرئيس دونالد ترامب، أنّ سياسة واشنطن تقوم على دعم إسرائيل والأنظمة القمعية وهو ما أدى إلى حروب وصراعات في المنطقة.
وفي هذا الإطار، قالت إنّ "أصدقاء وحلفاء أميركا في المنطقة هم المؤسسون والداعمون الأساسيون للإرهاب الدولي".
وأكدت أنّ القوة الصاروخية الإيرانية هي دفاعية وردعية وقد لعبت دوراً مؤثراً في حفظ الاستقرار الإقليمي، مشيرة إلى أنّ طهران عازمة على توسيع قدراتها الدفاعية.
وبحسب وزارة الخارجية الإيرانية فإنّ "أي خطوة ضد القوات المسلحة الإيرانية بما في ذلك الحرس الثوري الإيراني سيواجه برد قوي ومناسب"، منوهة إلى أنّ الولايات المتحدة الأميركية لم تحترم روح الاتفاق النووي.
وتابعت أنّ أميركا في عزلة أكثر من أي وقت مضى وصحة السياسات الإيرانية باتت واضحة لكل العالم، لافتة إلى أنّ "الجميع شاهد كيف أن أغلب دول العالم دعمت الاتفاق النووي".
حُبُّ الحسين علیه السلام
لماذا خلَقَنا الله؟!!
تساؤل يدور في أذهان الناس، وجوابه يحدّد مسيرة الإنسان في الحياة، ويُشبع ما غرزه الله في النفس الإنسانيّة من عشق الكمال والسعي نحو السعادة. وقد أتى هذا الجواب في كلام الله القرآنيّ ليحدِّد مكمن السعادة الإنسانيّة: ﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ﴾.
ففي عبادة الله كمال الإنسان وسعادته، لكنّها ليست العبادة التي تقتصر على مراسم طقوسيّة يكرِّرها الإنسان في حياته، بل هي العبادة التي تشمل كلّ شؤون الحياة الإنسانيّة، والتي من خلالها يكون الإنسان خليفة الله على الأرض.
من هنا كانت "العبوديّة" أشرف مرتبة وأرقى وسام للإنسان لأنّها تعني كماله، وهذا ما يُفهمنا سرَّ شهادتنا لمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم بالعبوديّة قبل أن نشهد له بالرسالة، في قولنا ونحن نصلّي "أشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله" فمحمّد صلى الله عليه وآله وسلم لو لم يكن عبداً لله لما كان رسولاً له.
العبوديّة = الحريّة
فالعبوديّة تعني التحرُّر من أغلال الشيطان وحبائل النفس والهوى، فما أبلغ قولَ الله تعالى، وهو يحدثنا عن قصّة امرأة عمران التي نذرت أن يكون ما في بطنها عبداً لله، خادماً في بيت المقدس، فقال تعالى يحكي نَذْر هذه المرأة المؤمنة ﴿إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرً﴾، كانت هذه المرأة العظيمة تفهم معنى العبوديّة لله، فوصفت مولودها في عبوديته لربِّه وخدمته بيت الله أنّه محرَّر، إنّها الحريّة الحقيقيّة التي ترقى بالإنسان إلى قاب قوسين أو أدنى.
العبوديّة و"بِشْر الحافي"
وشتان بين امرأة عمران وبين تلك الجارية التي كانت لأحد الفاسقين المشتغلين بالملاهي ويدعى "بِشْر"، فقد ورد أنّ الإمام موسى الكاظم عليه السلام مرَّ أمام دار بِشْر فسمع منها الغناء واللّهو، ورأى على باب الدار جارية، فقال له:
- أيّتها الجارية، مولاك حرٌّ أم عبد؟
فقالت: حرّ.
فقال عليه السلام: صدقتِ، لو كان مولاك عبداً لعمل بمقتضى العبوديّة، وخاف الله تعالى.
فذهبت الجارية إلى داخل الدار، وأخبرت بِشْراً بذلك، فأثّر فيه هذا الكلام وخرج حافياً إلى خارج الدار، وجعل يركض خلف الإمام حتى وصل إليه، فوقع على قدميه، وتاب على يده وأناب وبقي حافياً طول عمره.
العبوديّة في العاطفة
وعبوديّة الإنسان لله تعالى لا تقتصر وتنحصر بعمل الجسد، بل تشمل تعلّق القلب وعاطفة الإنسان، فحتّى يكون الإنسان عبداً لله يجب عليه أن يُخضِعَ عاطفته لله، فلا يُحبُّ إلاَّ من يرضى الله بحبّه، ولا يُبغض إلاَّ من يرضى الله ببغضه. من هنا ذكرت بعض الروايات أثراً لحبّ الإنسان، ففي الحديث الشريف عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "يا علي، لو أنّ رجلاً أحبَّ في الله حجراً لحشره الله معه".
وقد حدَّد نبيُّ الإسلام ميزان الحبّ والبغض حينما قال - في ما ورد عنه: "أَوثَقُ عُرى الإيمان أن تُحبّ في الله وتُبغض في الله".
وعلى أساس هذه الضابطة حُدِّد الأحباء بعد الله تعالى الذين يجب على المؤمن أن يتوجّه بعاطفته نحوهم:
الأحبّاء
فأوّلهم رسول الله محمّد صلى الله عليه وآله وسلم فقد ورد عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده والناس أجمعين".
وتحدَّث القرآن الكريم عن حبٍّ يلي حبَّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ويسأل الله عنه مقابل أجر رسالة الإسلام وذلك في قوله تعالى: ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾.
وقد أجمع الشيعة ووافقهم ثُلَّة من علماء أهل السُنَّة أنّ المراد من القربى هنا هم أهل بيته الأطهار، ففي الرواية عن ابن عباس: "لمّا نزلت هذه الآية ﴿قُل لَّا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَى﴾ قالو: يا رسول الله، من قرابتك هؤلاء الذين وجبت مودّتهم؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: علي وفاطمة وولداها".
وتكاثرت الأحاديث عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في حبّ أهل بيته الطيّبين، وذلك في توجيه للمسلمين أن يرتبطوا بها بقلوبهم ليكون ذلك مدخلاً لطاعتهم في ولايتهم الإلهيّة.
ومن تلك الأحاديث الواردة في حبّ آل محمّد صلى الله عليه وآله وسلم ما رواه الزمخشري صاحب الكشّاف عن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
ألا مَن مات على حبّ آل محمّد مات شهيداً.
ألا مَن مات على حبّ آل محمّد مات مغفوراً له.
ألا مَن مات على حبّ آل محمّد مات تائباً.
ألا مَن مات على حبّ آل محمّد مات مؤمناً مستكمل الإيمان.
ألا مَن مات على حُبّ آل محمّد بشَّره ملك الموت بالجنّة ثمّ منكر ونكير.
ألا مَن مات على حبّ آل محمّد يُزفّ إلى الجنّة كما تُزفُّ العروس إلى بيت زوجها.
ألا مَن مات على حبّ آل محمّد فُتح له في قبره بابان إلى الجنّة.
ألا مَن مات على حبّ آل محمّد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة.
ألا مَن مات على حبّ آل محمّد مات على السنَّة والجماعة.
ألا ومَن مات على بُغض آل محمّد جاء يوم القيامة مكتوباً بين عينيه آيسٌ من رحمة الله.
ألا ومَن مات على بُغض آل محمّد لم يشمَّ رائحة الجنّة.
وبيَّن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أنّ حبّ أهل البيت عليهم السلام فريضة في الدنيا يُسأل عنها كلّ عبد يوم القيامة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "لا تزول قدم عبدٍ يوم القيامة من بين يدي الله حتى يسأله عن أربع خصال:
1 - عمرك فيما أفنيته؟
2 - وجسدك فيما أبليته؟
3 - وعن مالك من أين اكتسبته وأين وضعته؟
4 - وعن حبّنا أهل البيت.
وتحدّث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن حبّ أهل البيت عليهم السلام الذي يسمو بالإنسان يوم القيامة ليجعله في درجة النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، فقد روى أحمد بن حنبل والترمذي "وهما من كبار علماء أهل السنَّة" أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أخذ بيد الحسن عليه السلام والحسين عليه السلام وقال: "من أحبّني وأحبَّ هذين وأباهما وأمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة".
من هنا ذكر العلماء أنّ حبَّ أهل البيت هو ضرورة دينيّة منكرها كافر خارج عن الإسلام، ولذا كان أئمّة أهل السنَّة يتغنّون بحبّ أهل البيت عليهم السلام، حتى قام إمام الشافعيّة منشد:
يا راكباً قِفْ بالمحصَّبِ من مِنًى***واهتِفْ بساكنِ خَيْفِها والناهِضِ
سَحَراً إذا فاضَ الحجيجُ إلى مِنًى***فيْضاً كما نَظْمِ الفُراتِ الفائضِ
إنْ كان رَفْضاً حُبُّ آل محمَّدٍ***فَلْيشهَدِ الثَّقَلانِ أنّي رافضي
حبّ عليّ عليه السلام
وركَّز النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديثه على حبّ أوّل أهل بيته وأبي الأئمّة المعصومين أمير المؤمنين ومولى الموحّدين عليّ بن أبي طالب عليه السلام فربط صلى الله عليه وآله وسلم قبول أعمال المسلمين بحبّه حينما قال: "من أحبَّ عليّاً قَبِل الله منه صلاته وصيامه وقيامه واستجاب دعاءه".
وتابع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "ألا ومن أحبَّ عليّاً أعطاه الله بكلّ عِرْق في بدنه مدينة في الجنّة".
وبيَّن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم في أحاديثه أنّ أعمال الإنسان بدون ولاية عليّ عليه السلام لا يستحقّ بها الجنّة، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "يا عليّ، لو أنّ عبداً عَبَدَ الله عزَّ وجلَّ مثل ما قام نوح في قومه، وكان له مثل أُحُد ذهباً، فأنفقه في سبيل الله، ومدَّ في عمره حتى حجَّ ألف عام على قدميه، ثُمَّ قُتِلَ بين الصفا والمروة مظلوماً ثمّ لم يوالك يا عليّ، لم يشمّ رائحة الجنَّة ولم يدخلها".
ومن منطلق هذه الأحاديث أنشد المحقّق الطوسي رحمه الله قصيدته المشهورة:
لو أنَّ عبداً أتى بالصالحاتِ غداً***وودَّ كلَّ نبيٍّ مرسلٍ وولي
وصامَ ما صامَ صوَّامٌ بلا مَللٍ***وقامَ ما قامَ قوَّامٌ بلا كَسلِ
وحجَّ ما حجَّ من فرض ٍ ومن سُننٍ***وطاف ما طاف حافٍ غيرُ منتعلِ
وطارَ في الجوِّ لا يأوي إلى أحدٍ***وغاصَ في البحر مأموناً من البللِ
يكسو اليتامى من الدّيباجِ كلَّهُمُ***ويُطعم الجائعين البُرَّ بالعسلِ
وعاش ما عاش آلافاً مؤلَّفةً***خالٍ من الذنب معصومٌ من الزلل
ما كان في الحَشر عند الله منتفعاً***إلاَّ بحبِّ أمير المؤمنين عليّ
وتحدّث النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن علاقة الحبّ بعليّ عليه السلام، تلك العلاقة التي تنفع الإنسان في مسيرته في عالم الآخرة، فيكون عليّ عليه السلام مع محبِّه في بداية رحلة الموت، ينقذه حبه لعليّ عليه السلام كما أنقذ حبّ عليّ عليه السلام شاعر أهل البيت عليهم السلام إسماعيل الحميري الذي اجتمع حوله وهو يحتضر شيعة وناصبة، فإذا بنقطة سوداء ترتسم في وجه إسماعيل لتنتشر ويصبح وجهه أسود واغتمَّ الشيعة لذلك، إنّها آثار المعاصي تبدو على وجهه، لكن ما هي إلاَّ لحظات حتى ظهرت بارقة نور في وجه إسماعيل أخذت تنتشر فيه ليشرق لونه نوراً وبهاءً. ما الأمر؟ ماذا حدث؟ لقد جاءه المنقذ؟ لقد رأى عليّاً عليه السلام، وأنشد إسماعيل يُعبِّر عمّا جرى له:
كَذِب الزَّاعمون أنَّ علياًّ***لن يُنَجِّي محبَّه من هَناتِ
قد وَربي دخلتُ جنَّة عدنٍ***وعَفا لي الإلهُ عن سيِّئاتي
فابشروااليومَ أولياءَ عليٍّ***وتوَلَّوا عليّاً حتى الممات
ثمّ من بعده توَلَّوا بنيه***واحداً بعدَ واحد بالصّفات
ومات إسماعيل الحميري مشرق اللّون لحبّه وولائه لعليّ، وكيف لا! وقد أخبرنا حبيبنا المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم: "إن ملك الموت يترحَّم على محبِّي عليّ بن أبي طالب كما يترحَّم على الأنبياء عليهم السلام ".
سعادة محبّ عليّ عليه السلام في الآخرة
وتابع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يخبر عن السعادة التي يتلقّاها محبّ عليّ عليه السلام فقال - في ما ورد عنه -: "إنّ السّعيد كلّ السَّعْد من أحبَّ عليّاً عليه السلام في حياته وبعد موته...".
وأقبل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم بوجهه على عليّ بن أبي طالب عليه السلام فقال: ألا أبشّرك يا أبا الحسن؟ قال عليه السلام: بلى يا رسول الله، قال صلى الله عليه وآله وسلم: هذا جبرئيل يخبرني عن الله تعالى أنّه أعطى شيعتك ومحبّيك سبع خصال:
1 - الرفق عندالموت.
2 - والأنس عند الوحشة.
3 - والنور عند الظلمة.
4 - والأمن عند الفزع.
5 - والقسط عند الميزان.
6 - والجواز على الصراط.
7 - ودخول الجنّة قبل سائر الناس، نورهم يسعى بين أيديهم وبإيمانهم.
وهناك في مشاهد النور يوم القيامة يَعرف الناس مقام حبّ الأمير عليه السلام ويتذكّر السامعون لأقوال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "لو اجتمع الناس على حبّ عليّ بن أبي طالب لما خلق الله النار".
وما أجمل قولَ الشاعر:
ولايتي لأميرِ النَّحْلِ تكفيني***عند المماتِ وتغسيلي وتكفيني
وطينتي عُجِنَتْ من قبلِ تكويني***بحبِّ حيدرْ، فكيف النارُ تكويني؟!
حبُّ الحسين عليه السلام
وكما علَّم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم المسلمين حبَّ عليّ عليه السلام ركَّز في تعليمه على حبِّ سبطه الحسين فكان يقول صلى الله عليه وآله وسلم على مسامع المسلمين: "حسين منّي وأنا من حسين، أحبَّ الله من أحبَّ حسيناً".
واللّافت في هذا الحديث هو قول النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم "وأنا من حسين"، فكون الحسين عليه السلام من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أمر طبيعي، ولكن كيف يكون النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم من الحسين عليه السلام ؟ إنّه صلى الله عليه وآله وسلم يشير إلى المهمّة الإلهيّة الكبرى للحسين عليه السلام في كربلاء والتي من خلالها حافظ على الإسلام، لذا عقَّب الكلام بقوله: أحبَّ الله من أحبَّ حسيناً، من هنا واصل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم تعليم المسلمين حبَّ الحسين عليه السلام فكان يقول لهم: "من أحبَّ أن ينظر إلى أحبِّ أهل الأرض إلى أهل السماء فلينظر إلى الحسين عليه السلام ".
وكان صلى الله عليه وآله وسلم يأخذ بيد سبطه الحسين عليه السلام ويقول: "أيّها الناس، هذا الحسين بن علي فاعرفوا، فوالذي نفسي بيده إنّه لفي الجنّة، ومحبّيه في الجنّة، ومحبّي محبّيه في الجنّة".
مظاهر حبّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم للحسين عليه السلام
لم يكن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يدعو إلى حبّ الحسين عليه السلام بلسانه فقط، بل كان المسلمون يرون منه حبّاً كبيراً لسبطه الحسين عليه السلام، فكان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يصلّي بالناس جماعةً والحسين الطفل يركب ظهره ثمّ يُنزلُه النبيّ ثم يرجع إلى ركوب ظهره ثمّ ينزله النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بوداعته الحنونة إلى أن ينهي الصلاة، وقد أثَّر هذا المشهد بأحد اليهود حينما رأى ذلك فأعلن إسلامه.
وفي ذات مرّة كان النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يخطب على المنبر، إذ خرج الحسين عليه السلام فوطىء في ثوبه فسقط فبكى، فنزل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عن المنبر وضمَّه إليه . ورأى المسلمون النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم يحبو للحسن والحسين وهما على ظهره وهو يقول: "نِعْمَ الجملُ جملُكما، ونِعْمَ العِدْلانِ أنتما".
وتُحدّثنا أمُّ سلمة أنّها رأت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُلبس ولده الحسين عليه السلام حلَّة ليست من ثياب الدنيا، فقالت له: يا رسول الله، ما هذه الحلَّة؟ فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "هذه هدية أهداها إليَّ ربِّي للحسين عليه السلام، وإنّ لُحمتها من زغب جناح جبرئيل، وها أنا أُلبسه إيّاها، وأزيّنه بها، فإنَّ اليوم يوم الزينة وإنّي أحبُّه".
إبراهيم عليه السلام فداء الحسين عليه السلام
وفي قصّة رواها أحد الصحابة ترسم حبّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم للحسين عليه السلام بأسمى وأرقى حبّ عرفته البشريّة، فقد روى هذا الصحابيُّ أنّه دخل على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وكان واضعاً الحسين عليه السلام الطفل على فخذه الأيمن وابنه إبراهيم على فخذه الأيسر فقال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم له: (أتاني جبرائيل من ربي) فقال لي: (يا محمّد إنّ ربك يقرؤك السلام ويقول لك: "لست أجمعهما لك، فافدِ أحدهما بصاحبه، فنظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى إبراهيم فبكى ثم قال: (إنّ إبراهيم متى مات لم يحزن عليه غيري، وأمّ الحسين فاطمة، وأبوه علي ابن عمي لحمي ودمي، ومتى مات حزنت إبنتي، وحزن ابن عمّي، وحزنت أنا عليه، وأنا أوثر حزني على حزنهما يا جبرئيل! يُقبض إبراهيم، فديت الحسين بإبراهيم)، فكان إبراهيم فداء الإمام الحسين عليه السلام.
عشَّاق الحسين عليه السلام
وعلَّم النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم الناس أن يحبّوا حسيناً، وأراد من حبّهم له أن يكون المدخل لولائه وطاعته.
وأحبَّ الناس الإمام الحسين عليه السلام، لكنّ الكثير منهم لم يحقّقوا غاية حب الحسين عليه السلام، سوى ثُلّة من الناس أحبّوا الحسين عليه السلام كما أراد لهم نبيّ الإسلام... عشقوه في الله، فقدّموا كلّ ما عندهم لأجل الحسين عليه السلام في مرضاة الله تعالى إنّهم أصحاب الحسين عليه السلام في كربلاء الذين وصفهم أمير المؤمنين عليه السلام في نداء الغيب الناظر إلى شهداء كربلاء (مصارع عشّاق شهداء لا يسبقهم من كان قبلهم ولا يلحقهم مَن بعدهم)... وأيّ عشَّاق هم؟
ها هو بشر الحضرمي يؤسر ابنه، فيقول له الحسين عليه السلام: "رحمك الله، أنت في حلٍّ من بيعتي، فاذهب وأعمل في فِكاك إبنك"، فأجاب بِشْر: "أكلتني السباع حيًّا إن أنا فارقتك يا أبا عبد الله".
وها هو عابس بن شبيب الشاكري يقف أمام الإمام الحسين عليه السلام في عاشوراء ويقول له: "ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعزّ منك، ولو قدرت أن أدفع الضيم عنك بشيء أعزّ عليَّ من نفسي لفعلت"، وسار نحو جيش يزيد فأحجم القوم عنه لأنّهم عرفوه أشجع الناس، فصاح عمر بن سعد أرضخوه بالحجارة، فرُمي بها، فلمّا رأى ذلك ألقى درعه ومِغْفرَهُ وشدَّ على الناس وروي أنه قيل له: يا عابس هل جننت؟!! فأجاب: حبُّ الحسين قد أجنَّني.
الحبّ مدخل العبوديّة
أراد الله والرسول للمسلمين أن يحبّوا الحسين عليه السلام كحبّ أصحابه له يوم عاشوراء، الحبُّ الذي يكون مدخلاً لطاعة الإمام التي أرادها الله تعالى، ليكون المحبّ بحبِّه عبداً لله يحركّه حبّه نحو العبوديّة وهو مستعدّ للتضحيّة في سبيلها، ولم يرد الله تعالى من حبِّ الحسين مثل حبِّ أهل الكوفة الذين كانوا يحبّونه بقلوبهم لكنّهم سلَّطوا سيوفهم عليه، كانوا يحبّونه، لكنّهم داسوا جسده المبارك بخيولهم، وسبوا نساءه، وسرقوا ماله، وكان بعضهم حين فعل جريمته يبكي، كذلك الرجل الذي كان يسرق ابنة الحسين عليه السلام وهو يبكي فقيل له: لمَ تبكِ؟ فأجاب: كيف لا أبكي وأنا أسرق ابنة ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم !!!
فلنتعلّم من مدرسة عاشوراء كيف نحبّ الحسين حبَّ الولاء والتضحية، حبَّ الطاعة والإلتزام ملبّين دعوة الحبّ الإلهي: ﴿إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾. حتى لا نكون كما قال الشاعر:
تعصي الإلهَ وأنت تُظهرُ حبَّهُ***هذا لَعمرُك في الفعال بديعُ
لو كان حبُّكَ صادقاً لأطعتَهُ***إنّ المحبّ لمن يحبُّ مُطيعُ
* وليال عشر، سماحة الشيخ أكرم بركات.
الحسين (عليه السلام) وجده المصطفى (ص): تماثل في الموقف والتكليف
الحسين (عليه السلام) وجده المصطفى (ص): تماثل في الموقف والتكليف
هل كان أصحاب الحسين (عليه السلام) في ليلة عاشوراء مستعدّين لتلك المواجهة الصعبة؟ ولماذا استمرّوا في نصرة سيد الشهداء، مع أنّ الحسين (عليه السلام) قد برّأ ذمّتهم، وجوّز لهم الانصراف؟ وحينها سيكون وحده يواجه هذا الجيش الجرّار، وقد أمر الله النبي أن يجاهد الكفار حتّى لو وصل به الأمر أن يبقى لوحده في الميدان، قال تعالى: {فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ}[1]، فالحسين مستعدّ للقتال حتّى لو كان وحيداً، وهذا يدلّل على أنّ موقف الحسين (عليه السلام) في قتال بني أمية يضاهي ويماثل موقف النبي (صلى الله عليه وآله) في قتال الكفار، وهذا لم يكن للإمام علي (عليه السلام); لأنّ وظيفة الإمام علي (عليه السلام)، وكذلك الإمام الحسن(عليه السلام) أن يستنصر المسلمين في قتال أعدائه فإن نصروه جاهدهم وإن لم يفعلوا فلا يبقى لوحده في الميدان ويسقط عنه التكليف، أمّا الإمام الحسين (عليه السلام) فوظيفته الشرعية أن يبقى ولو كان وحده، كما أمر الله نبيّه (صلى الله عليه وآله) في الآية الآنفة الذكر.
هل اختبرت نيّة أصحابك؟
وهكذا ثبت الإمام الحسين(عليه السلام)، وثبت معه أهل بيته وأصحابه، وكان الإمام(عليه السلام) قد ورث الشجاعة من جدّه (صلى الله عليه وآله) الذي كان الإمام علي (عليه السلام) يقول عنه: "لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله(صلى الله عليه وآله).."[2]، وقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): "أمّا الحسن فإنّ له هيبتي وسؤددي، وأمّا الحسين فإنّ له شجاعتي وجودي"[3]. والملفت في سيرة سيد الشهداء (عليه السلام) أنه غربل وصفّى واختبر أصحابه منذ خروجه من مكة المكرمة، وهذا ما كان يثير قلقاً عند الحوراء زينب (عليها السلام) حين قالت له في كربلاء: "أخي، هل استعملت من أصحابك نياتهم فإنّي أخشى أن يسلّموك عند الوثبة واصطكاك الألسنة!"[4]، ولكن الحسين (عليه السلام) كان مطمئناً من وقوف هؤلاء الأبطال في هذا الزلزال الرهيب وقوف الجبال الرواسي، وكانت المهمة صعبة، وكربلاء لا ترضى أن يكون أبطالها إلاّ عمالقة في الإنسانية، وقمم في الفضيلة.
ولذلك لا تجد باحثاً أخلاقياً، ولا باحثاً قانونياً يستطيع أن يسجّل مخالفة أخلاقية أو قانونية ارتكبها أصحاب الإمام الحسين (عليه السلام) رغم صعوبة الظروف وشدّة الموقف.
آية الله الشيخ محمد سند - بتصرف
[1] النساء (4): 84.
[2] ميزان الحكمة 5: 224، الحديث 14886.
[3] ميزان الحكمة 1: 153، الحديث 1114.
[4] موسوعة كلمات الامام الحسين : 493، علاج سيفه وكلامه مع اخته.
المدرسة الإلهية في الصحيفة السجادية
ثروة الإمام زين العابدين (عليه السلام) العلمية والعرفانية هي أدعيته التي رواها المحدّثون بأسانيدهم المتضافرة، والتي جمعت بما سمّي بالصحيفة السجّادية المنتشرة في العالم، فهي زبور آل محمد، ومن الخسارة الفادحة أنَّ الكثير من المسلمين غافلين عن ذلك وغير واقفين على هذا الأثر القيّم الخالد.
نعم، إنَّ فصاحة ألفاظها، وبلاغة معانيها، وعلوّ مضامينها، وما فيها من أنواع التذلّل للَّه تعالى والثناء عليه، والأساليب العجيبة في طلب عفوه وكرمه والتوسّل إليه، أقوى شاهد على صحّة نسبتها إليه، وإنّ هذا الدرّ من ذلك البحر، وهذا الجوهر من ذلك المعدن، وهذا الثمر من ذلك الشجر، مضافاً إلى اشتهارها شهرة لا تقبل الريب، وتعدّد أسانيدها المتّصلة إلى منشئها، فقد رواها الثقات بأسانيدهم المتعدّدة المتّصلة، إلى زين العابدين.
وقد أرسل أحد الأعلام نسخة من الصحيفة مع رسالة إلى العلّامة الشيخ الجوهري الطنطاوي (المتوفّى عام 1358 ه) صاحب التفسير المعروف، فكتب في جواب رسالته: «ومن الشقاء أنّا إلى الآن لم نقف على هذا الأثر القيّم الخالد في مواريث النبوّة وأهل البيت، وإنّي كلّما تأمّلتها رأيتها فوق كلام المخلوق، ودون كلام الخالق» .
وكان المعروف بين الشيعة هو الصحيفة الأُولى التي تتضمّن واحداً وستّين دعاء في فنون الخير وأنواع السؤال من اللَّه سبحانه، والتي تعلّم الإنسان كيف يلجأ إلى ربّه في الشدائد والمهمّات، وكيف يطلب منه حوائجه، وكيف يتذلّل ويتضرّع له، وكيف يحمده ويشكره. غير أنّ لفيفاً من العلماء استدركوا عليها فجمعوا من شوارد أدعيته صحائف خمسة كان آخرها ما جمعه العلّامة السيد محسن الأمين العاملي قدس سره.
ولقد قام العلّامة الحجة السيّد محمد باقر الأبطحي- دام ظلّه- بجمع جميع أدعية الإمام الموجودة في هذه الصحف في جامع واحد، وقال في مقدّمته:
وحريّ بنا القول إنّ أدعيته عليه السلام كانت ذات وجهين: وجهاً عبادياً، وآخر اجتماعياً يتّسق مع مسار الحركة الإصلاحية التي قادها الإمام عليه السلام في ذلك الظرف الصعب. فاستطاع بقدرته الفائقة المسدّدة أن يمنح أدعيته- إلى جانب روحها التعبّدية- محتوىً اجتماعياً متعدّد الجوانب، بما حملته من مفاهيم خصبة، وأفكار نابضة بالحياة، فهو عليه السلام صاحب مدرسة إلهيّة، تارة يعلّم المؤمن كيف يمجّد اللَّه ويقدّسه، وكيف يلج باب التوبة، وكيف يناجيه وينقطع إليه، وأُخرى يسلك به درب التعامل السليم مع المجتمع فيعلّمه أُسلوب البرّ بالوالدين، ويشرح حقوق الوالد، والولد، والأهل، والأصدقاء، والجيران، ثمّ يبيّن فاضل الأعمال وما يجب أن يلتزم به المسلم في سلوكه الاجتماعي، كلّ ذلك بأُسلوب تعليميّ رائع وبليغ.
وصفوة القول: إنّها كانت أُسلوباً مبتكراً في إيصال الفكر الإسلامي والمفاهيم الإسلامية الأصيلة إلى القلوب الظمأى، والأفئدة التي تهوى إليها لترتزق من ثمراتها، وتنهل من معينها، فكانت بحقّ عملية تربوية نموذجية من الطراز الأوّل، أسّس بناءها الإمام السجاد عليه السلام مستلهماً جوانبها من سير الأنبياء وسنن المرسلين.
ومن أدعيته عليه السلام في هذه الصحيفة دعاؤه في يوم عرفة، ومنه: "اللّهمَّ هذا يوم عرفةَ، يومٌ شرَّفتهُ وكرَّمتهُ وعظَّمتهُ، نَشَرتَ فيهِ رحمتَكَ، وَمَننتَ فيهِ بعفوك، وأجزلتَ فيهِ عطيتكَ، وتفضَّلتَ بهِ على عبادِك. اللّهمَّ وأنا عبدك الذي أنعمتَ عليهِ قَبلَ خَلقِكَ لهُ، وبعدَ خَلقِكَ إيّاهُ، فَجَعَلتَهُ مِمَّن هَديتَهُ لدينِكَ، وَوفَّقتَهُ لَحقّك، وعصمتَهُ بِحَبلِكَ، وأدْخَلتَهُ في حِزبِكَ، وأَرْشَدتَهُ لموالاةِ أوليائِكَ ومعاداةِ أعدائِكَ".
* أضواء على عقائد الشيعة إلامامية - بتصرف
هل تفلح القاهرة في فك عُقد المصالحة الفلسطينية هذه المرة؟
تبدأ اليوم حوارات المصالحة بين حركتي فتح وحماس في القاهرة برعاية مصرية وسط تفاؤل الخبراء بنجاح هذه الحوارات
أبدى محللان سياسيان فلسطينيان، تفاؤلهما في نجاح جلسات المصالحة الفلسطينية، في العاصمة المصرية "القاهرة"، اليوم الثلاثاء، بين حركتي "فتح" و"حماس"، برعاية جهاز المخابرات العامة المصرية.
وقال المحللان في حوارات منفصلة مع وكالة "الأناضول"، إن هذه اللقاءات تختلف عن الحوارات السابقة بين الحركتين، وإن فرص نجاحها أكبر بكثير.
ومن المقرر أن يجتمع وفدا حركة "فتح" و"حماس" اليوم الثلاثاء، في القاهرة لبحث ملف المصالحة وتمكين حكومة الوفاق من تسلم مهام عملها في قطاع غزة.
وقال المحلل السياسي، أكرم عطا الله، لوكالة "الأناضول"، إن هذه المرة نسبة نجاح لقاءات المصالحة أعلى من المرات السابقة".
وأضاف:" كل المؤشرات تشير لنجاح حوارات المصالحة، من حيث النوايا التي يبديها الطرفان، والمرونة التي يقدماها، وسرعة الأحداث".
وتابع:" لا يبدو أن هناك أي تربص من أحد الطرفين للآخر لإعاقة المصالحة، ولا يوجد تراشق إعلامي بينهما، بل تُظهر الحركتان رغبة حقيقة في إنهاء الانقسام".
وأشار إلى "أن الدور المصري هذه المرة أكثر حضورًا، مما يزيد فرص النجاح في إنهاء الانقسام الفلسطيني".
ويرى عطا الله أن الدور المصري الذي يقف خلف المصالحة، يعتبر أهم شروط وضمانات نجاحها وتطبيقها.
بدوره يتوقع الكاتب السياسي، حسام الدجني، نجاح مصر في إتمام المصالحة الفلسطينية وإنهاء الصراع الفلسطيني- الفلسطيني المستمر منذ نحو عشر سنوات.
وقال لوكالة الأناضول:" إن "المؤشرات التي تدعم نجاح لقاءات القاهرة أكبر بكثير من المؤشرات التي قد تفشلها".
وتابع:" الاهتمام غير المسبوق من مصر في إتمام المصالحة الفلسطينية، وأنها لن تسمح بفشلها، والبيئة العربية وخاصة الدولية التي أصبحت تدعم المصالحة، كلها مؤشرات تدفع للتفاؤل، و إنهاء سنوات الانقسام".
وأصدرت اللجنة الرباعية الدولية"، التي تضم الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا والاتحاد الأوربي، والأمم المتحدة، بيانًا نهاية الشهر الماضي، رحبت فيه بجهود المصالحة، ولم تهاجم حركة حماس، كعادتها.
وقال مبعوثو اللجنة الرباعية الدولية، في بيانهم، إنهم "يدعمون الجهود المبذولة لإعادة تمكين السلطة الفلسطينية من تسلم مسؤولياتها في قطاع غزة".
وحثّ البيان، الذي وصل وكالة الأناضول نسخة منه، "الأطراف على اتخاذ خطوات ملموسة لإعادة توحيد غزة والضفة الغربية في ظل السلطة الفلسطينية الشرعية".
وعلى غير العادة، فقد خلى بيان الرباعية من أي انتقادات لحركة "حماس".
وقال الدجني إن:" مصر ستسعى لإتمام المصالحة، رغم بعض الملفات الشائكة التي تواجهها ومن أبرزها ملف سلاح حماس".
وتابع:" كما أن حماس تشعر بالقلق المحدق بالقضة الفلسطينية، وحجم العقوبات التي تواجه قطاع غزة، والاوضاع الإنسانية الصعبة لسكانه".
ويعتبر ملف السلاح الذي تملكه "كتائب القسام" والفصائل الفلسطينية الأخرى، من الملفات الشائكة في المصالحة الفلسطينية، إلا أن رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، إسماعيل هنية، صرح الأسبوع الماضي، عن استعداد حركته للتفاوض مع الفصائل وفتح، لوضع استراتيجية "لإدارة سلاح المقاومة".
فتح وحماس: نواصل جلسة الحوار الوطني بالقاهرة غدًا وسط أجواء إيجابية
قررت حركتا فتح وحماس، مساء الثلاثاء، مواصلة الحوار الوطني الفلسطيني، غدًا الأربعاء، بالقاهرة، لاستكمال المناقشات، التي قالت الحركتان إن "أجواء إيجابية" سادتها.
جاء ذلك في بيان مشترك صادر عن الاجتماع الذي انطلق اليوم،.
وقال البيان إنه "انطلاقًا من الشعور واستجابة لتطلعات الشعب الفلسطيني في إنهاء حالة الانقسام، وتحقيق الوحدة الوطنية وتعزيز صمود الشعب الفلسطيني، عقدت حركتا فتح وحماس جلسة الحوار الوطني الأولى بالقاهرة برعاية مصرية".
وناقشت الجلسة الأولى "عددًا من موضوعات ملف المصالحة الفلسطينية بعمق"، دون تفاصيل.
وأشار البيان المشترك إلى أن "المباحثات سادتها أجواءً إيجابية، وسط تأكيد المشاركين تطلعهم لمواصلة الحوارغدًا بنفس الروح البناءة".
وأوضح البيان أن هدف تلك المناقشات "رفع المعاناة عن كاهل الشعب الفلسطيني، وتخفيف الأوضاع المعيشية في قطاع غزة".
وتقدمت الحركتان بـ"الشكر والامتنان للقيادة المصرية، لرعايتها جهود إنهاء حالة الانقسام وإتمام المصالحة، والتي اتخذت أولى خطواتها بحل اللجنة الإدارية في قطاع غزة، وبدء حكومة الوفاق الوطني في القطاع".
ويحتضن جولة حوار وفدي "فتح" و"حماس" مقر جهاز المخابرات العامة المصرية في القاهرة، لبحث ملف المصالحة وتمكين حكومة الوفاق من تسلم مهام عملها في قطاع غزة.
ولم تعلن السلطات المصرية عن تفاصيل جلسة الحوار أو المدة التي ستستغرقها حتى الساعة 20:55 ت.غ.
وفي الآونة الأخيرة، شهد ملفّ المصالحة الفلسطينية تطورات مهمة، فبعد قرار "حماس"، حل اللجنة الإدارية الحكومية في غزة، في 17 سبتمبر/أيلول الماضي، قرر الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، إرسال حكومته للقطاع لعقد اجتماعها الأسبوعي، وهو ما تم فعليًا، الثلاثاء الماضي.
كما زار العديد من وزراء الحكومة، مقرات وزاراتهم بغزة، والتقوا العاملين فيها.
لكن الحكومة، أجلت اتخاذ القرارات المهمة، الخاصة بالاستلام الكامل لمهام عملها، ورفع الإجراءات العقابية التي اتخذها عباس ضد "حماس"، عقب تشكيل الأخيرة للجنة الإدارية، إلى ما بعد مباحثات حركتي فتح وحماس، في القاهرة، التي بدأت اليوم.
وزير الخارجية الألماني: برلين وباريس ولندن تدعو واشنطن إلى الالتزام بالاتفاق النووي مع إيران
أعلن وزير الخارجية الألماني زيغمار غابريال أن برلين وباريس ولندن تدعو واشنطن إلى الالتزام بالاتفاق النووي مع إيران، مؤكداً أن طهران ملتزمة بشروط الاتفاق.
وأضاف غابريال "نحن قلقون من الإشارات القادمة من الولايات المتحدة التي تدل على أن الرئيس الأميركي سيعلن أمام أعضاء البرلمان ومجلس الشيوخ أنه لا يجري الالتزام بالاتفاق النووي الإيراني".
وتابع الوزير الألماني "قلقنا الكبير هو أن يزداد الوضع الأمني سوءاً إذا رفضت واشنطن الاستمرار في الاتفاق .. لن نحقق حينها وضعاً أمنيّاً أفضل، بل نحن معرّضون لخطر التراجع إلى الوقت الذي كانت إيران تطوّر فيه أسلحة نووية".
من جهته، أكّد رئيس الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوكيا أمانوا أن إيران تحترم التزاماتها بالاتفاق النووي.
وخلال افتتاح مؤتمر في روما، شدد أمانوا على احترام إيران التزاماتها النووية بموجب خطة العمل المشتركة.
وفي السياق نفسه، أعلن المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف أن خروج الولايات المتحدة من الاتفاق النووي سيكون له عواقب سلبية، مذكّراً بتأكيد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أهمية الاتفاق واعتباره أن خروج واشنطن من هذه الصفقة سيؤدي إلى آثار سلبية في أية مرحلة.
رغم الوساطة المصرية .. إسرائيل تمنع وفد "حماس" من التوجه إلى القاهرة
منعت إسرائيل وفد حركة "حماس" الفلسطينية من مغادرة الضفة الغربية للمشاركة في حوارات المصالحة الفلسطينية في القاهرة، المقرّرة الاثنين.
وقال القيادي في حماس حسن يوسف إنه رغم الوساطة المصرية، فإن إسرائيل أصرّت على منع وفد حماس من التوجّه إلى القاهرة.
من جهته قال عضو المكتب للجبهة الشعبية لتحرير في فلسطين كايد الغول إنه يجب إنهاء الانقسام الفلسطيني والانتقال إلى بناء الوحدة وكل مؤسسات النظام السياسي.
وفي حديث مع الميادين، شدد الغول على أن سلاح المقاومة الفلسطينية يُبحث ضمن رؤية مجابهة الاحتلال الإسرائيلي.
كلمة السيد نصر الله في ذكرى إسبوع الشهيد القائد علي هادي العاشق
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد ابن عبد الله، وعلى آله الطيبين الطاهرين وأصحابه الأخيار المنتجبين، وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. السلام عليك يا سيدي ويا مولاي يا أبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلّت بفنائك، عليك مني سلام الله أبداً ما بقيت وبقي الليل والنهار ولا جعله الله آخر العهد مني لزيارتكم.
السلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى أولاد الحسين وعلى أصحاب الحسين.
السادة العلماء، الإخوة والأخوات، عوائل الشهداء، السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
إنني في البداية أتوجه إلى جميع عوائل الشهداء بالتبريك بهذه الشهادة العظيمة وبالتعزية لفقدان هؤلاء الأحبة ولكل عوائل الشهداء في البقاع والجنوب وفي الضاحية الجنوبية وفي الشمال، في الكثير من البلدات، صباح اليوم ويوم أمس ويوم الجمعة أحيوا ذكرى أسبوع شهدائهم الذين قضوا في المواجهات الأخيرة في منطقة البادية السورية، قوافل الشهداء التي في الحقيقة سوف أتكلم عنها في سياق الكلام والتي صنعت بدمائها هذه الانتصارات. في حفلنا اليوم في بلدة العين، البلدة الكريمة، بأهلها وناسها، بلدة العيش الواحد وبلدة المحبة والأخوّة والجهاد والمقاومة والصبر والصمود طوال مرحلة المواجهة مع الجماعات الإرهابية في الجرود.
أتوجه إلى عائلتي الشهيدين العزيزين، إلى عائلة الشهيد علي الهادي أحمد العاشق، إلى والده ووالدته وزوجته وأبنائه وبناته وإخوانه وأخواته وإلى كل العائلة الكريمة. وأتوجه إلى عائلة الشهيد محمد حسين نصر الدين، إلى والده ووالدته وإلى أخته الكريمة وإلى كل أفراد العائلة.
أبارك لكم شهادة واستشهاد أعزائكم وأحبائكم وهنيئاّ لهؤلاء الشهداء الذين التحقوا بالحسين عليه السلام في أيام الحسين عليه السلام، في مثل هذه الأيام المباركة والعظيمة، وأنتم صورة عن شهدائكم.
ما سمعناه قبل قليل من نجل الشهيد الحاج عباس، ومن والد الشهيد الأخ محمد هو يعبّر عن حقيقة الشهداء وحقيقة عوائل الشهداء وحقيقة مسيرتنا ومجتمعنا وأهلنا، ويشكل في الحقيقة الضمانة الكبرى كما كان في الماضي ففي الحاضر وأيضاً في المستقبل.
اسمحوا لي في البداية، فأنا قمت بتقسيم كلامي إلى قسم عن الشهيدين العزيزين وقسم عن الوضع والتحديات التي نعشيها الآن.
ابدأ من الشهيد محمد، ابن العشرين عاماً، الملتزم دينياُ والملتزم جهادياً منذ الصغر، وهنيئاً لكل شاب عرف ربه وعبده، وأطاعه منذ سن التكليف وقبل سن التكليف، هذا الشهيد الذي لم يتوانَ عن تلبية نداء الواجب في أي يوم من الأيام والذي لم ينقصه شيء ليعيش حياته الطبيعية كالعديد من شباب لبنان. هو شاب لائق وصفاته الجسدية والروحية والأخلاقية صفات جميلة، ومحصّل علمياً، ولكنه اختار هذا الطريق ومشى إلى الشهادة بملء إرادته.
عندما أتحدث عن هذا الشهيد فأنا أتحدث عن الابن الوحيد، ومن هنا أريد أن أدخل إلى هذه الظاهرة قليلاً. في مقاومتنا عشرات الشهداء من الشباب الذين كانوا يصنّفون بالأبناء الوحيدين بعائلاتهم، فتكون العائلة مكوّنة من الوالد والوالدة والابن الوحيد فقط، أو من الممكن أن تكون مكوّنة العائلة من الوالد والوالدة مع فتيات والابن الوحيد.
من هؤلاء لدينا عشرات الشهداء، ولدينا أعداد كبيرة في صفوف المقاومة ممن لا زالوا في الجبهات. في مواجهة إسرائيل قضى العشرات من هؤلاء شهداء، وفي الحرب القائمة بمواجهة الإرهاب التكفيري حتى الآن قضى العشرات من هؤلاء الأبناء الوحيدين شهداء، وطبعاً هذه ميّزة وهذه ظاهرة انسانية وأقول للشعب اللبناني هذه ثروة إنسانية لبنانية يمتلكها لبنان، كيف؟
ببساطة ولا أقول أي شيء جديد: في أيّ منزل، عندما يكون الولد وحيداً، من جهة الولد نفسه هو لديه فرص أفضل من بعض الزوايا، يعني فرص أفضل للعيش، فمثلاً لا يوجد أخ ثانٍ يأخذ من طريقه شيئاً، وكل الحب له وكل العاطفة له وكل عناية الوالدين له، وإذا كان يوجد أخت أو أخوات يتوزعه معهم، المدرسة له والجامعة له والعناية الخاصة له، ومع ذلك هو يفضل أن يذهب في الاتجاه المؤدي إلى الشهادة.
أولاً: هي ميزة لنفس الشباب وثانياً هي ميزة للآباء والأمهات. يوجد شيء من الممكن أن لا يعلمه بعض الأشخاص في البلد وهو أن المقاومة لا تقبل أخذ أي شاب وحيد إلى جبهات القتال إذا لم يحظَ بموافقة الوالدين، إذا لم نحصل على إذن الوالدين وليس إذن الوالد فقط، بل إذن الأب والأم، وهنا تعلمون أن طبيعة الأمور تقول إن إذن الأم أصعب بكثير من إذن الأب، لأن العاطفة عند الأمهات تكون عادة أقوى تجاه الأولاد.
كان الشباب الوحيدون في البداية يقولون نحن أخذنا إذن الأب والأم، ولكن نحن لا نقبل ونقول لهم: من الضروري أن يكون الإذن خطياً، ويذهب ويأتي الشاب الوحيد بإذن خطي، والأم والأب وقعا على الورقة، أنهما موافقان على التحاق ابنهم بالجبهة، ومع ذلك أنا كنت احتاط وأقول للإخوة تأكدوا.
أخاف أن يكون الشاب هو من ضغط على والده وعلى والدته وأن يكون مخجلهم مثلاً أو أن يكون مجبرهم على التوقيع بشكل أو بأخر، انا جدياً أريدهم أن يكونوا راضين.
كانوا يتأكدون في بعض الحالات أنه بكامل رضا الأب والأم. جيد. صار الشباب يذهبون ويسقط منهم الشهداء، سقط عشرات الشهداء من هؤلاء الوحيدين وكان بعضهم أصلاً بمجرد التحاقه بالجبهة، أمر عجيب غريب، أنه أول يوم ثاني يوم ثالث يوم هو في الجبهة يستشهد، ورفاقه يبقون على قيد الحياة.
نقول سبحان الله مرت فترة أنا قلت للإخوة حتى لو وقع الأب والأم "خلص" لا تأخذوا أبناء وحيدين إلى الجبهات، يا أخي إذا الأب والأم هم مستعدون إلى هذا المستوى نحن يجب أيضا أن لا نفتح الباب إلى هذا الحد.
مرت فترة منعنا فيها حتى بعد توقيع الأب والأم، هل تعرفون أنه كان يأتي الأب والأم سويّاً إلى مقرات حزب الله ليضغطوا على المسؤولين من أجل السماح لأبنائهم بالذهاب إلى الجبهة. الشباب طبعا كانوا يقولون لهم المشكلة ليست عندنا، المشكلة عند فلان (سماحة السيد نصر الله) اكتبوا له.
هذه الرسائل هي موجودة عندي، كانوا يكتبون إلى حد التمني، الترجّي، التوسل، اسمح لابننا أن يذهب إلى الجبهة. مثلاً هناك رسالة عندي من والدة أحد هؤلاء الأبناء الوحيدين ـ الذي استشهد لاحقا ـ تقول "أنا أصلاً عندما حملت بهذا الولد وكان في رحمي جنيناً وعندما وُلد وعندما أرضعته ولما ربّيته شبراً بشبر، أنا كنت أتمنى أن يأتي اليوم الذي يدافع فيه عن زينب وينصر فيه الحسين، أنت يا سيد تمنع أبني من أن يحقق لي هذه الأمنية" إلى حد أن بعض الرسائل كانت تقول لي إذا أنت استمرّيت في هذا المنع نحن نشكوك يوم القيامة لأنك منعت أبناءنا من الذهاب إلى الجبهات ومن القيام بواجب الجهاد ومن الحصول على فرصة الشهادة.
هناك بعض الأبناء الوحيدين عندما يكون هناك والد ووالدة أيضا يبقى شيء ليعين، لكن أحيانا هناك أبناء وحيدين والأب متوفى، الأم فقط على قيد الحياة وربما يكون لديه شقيقات وقد لا يكون لديه، هناك حالات لديه شقيقات هنّ يحتجنَه، مع ذلك الأم تصر على ذهاب ولدها إلى الجبهة، هذه قيمة إنسانية عالية، هذه ثروة إنسانية عالية، وسنتحدث بعد قليل عن الشائعات.
لكل الذين ستستمعون خلال الأشهر المقبلة لاتهاماتهم وشائعاتهم وأكاذيبهم أنه لماذا هؤلاء الشباب يذهبون إلى الجبهات. حزب الله يأخذهم بالقوة لأن حزب الله لديه هيمنة بالبقاع مثلاً أو بالجنوب أو بالضاحية أو بالمكان الفلاني فهؤلاء الناس أهاليهم لأنهم يخافون من الحزب، يرسلون أبناءهم أشبه بالتجنيد الإجباري، لكن هذه الأكاذيب على من تنطلي؟ هم لا يصدقون لأنهم يعلمون أنهم يكذبون. أو أنه لا، القصة هي قصة مال، هذا الشاب فرصته أن يحصل على راتب وحقوق ويحصل على حياة مرفهة، كثير من هؤلاء الشباب لديهم فرص في أماكن أخرى. لمّا والده ووالدته يرسلانه، كل عوائل الشهداء هم يحملون هذه الروحية، عندما تكون عائلة شهيد لديها شابان أو ثلاثة أو أربعة، الأب والأم عندما تأتي لهم بشهيدهم يقول لك ابني الثاني والثالث والرابع خذهم على نفس الطريق، خذوهم. هذا جواب على كل التشويه الذي سنستمع إليه أو كنا نسمع به، وسنستمع إليه أكثر في الأزمنة القليلة الآتية. هذه ثروة إنسانية هائلة وهنا سر قوتنا لكل الذين يخططون لمواجهتنا، هذا هو سر قوتنا، هؤلاء الآباء، الأمهات، الزوجات، الإخوة والأخوات، الأبناء والبنات، هذه الروحية، هذه الثقافة.
وهذا السؤال الكبير: ما الذي يدفع هؤلاء، كبيرهم والصغير، ما الذي يدفع هؤلاء إلى الجبهات؟ الحاج عباس هو متقدم في السن، أولاده شباب وبناته صبايا. في الجبهة الشباب تعرفون أن هناك شباباً على أساس نحن لا نأخذ دون الثامنة عشرة سنة أحيانا نتفاجأ ويقولون الشهيد فلان استشهد عمره 17 سنة أنا افتح لجنة تحقيق، افتح تحقيق، مَن سمح لهذا الشاب أن يذهب إلى الجبهة وهو ابن سبعة عشر سنة، لأنهم هم وضعوا ضابطة ممنوع من دون الثامنة عشر طبعاً عندما يستشهد شاب ما دون الثامنة عشر كيف تقوم القيامة، من يكونون حريصين ويقولون نرسل الأطفال ليقاتلوا بالجبهات وهم يؤيدون مثلا الحرب التي تسحق عظام الأطفال في اليمن.
إلى هذه الدرجة هم حريصون هؤلاء على الأطفال؟ نحن نفتح تحقيقاً: هذا الشاب كيف مرّ؟ يتبين أنه مرّ بشكل أو بآخر مع المسؤول، والده ووالدته وافقوا دعموا أيّدوا، يا أخي عملوا له واسطة، تصوروا نحن عندنا واسطة، واسطة إلى أين؟ إلى الجبهة؟ واسطة إلى أين؟ إلى الموت والشهادة.
هذا السؤال الكبير: لمَ يدفع هؤلاء الشباب والأهل والأقارب هذه العائلات الشريفة أن تقدم فلذات أكبادها في هذا الطريق.
أنقل لأتحدث قليلاً عن الحاج عباس كما نعرفه باسم الحاج عباس، الشهيد القائد الحاج علي هادي أحمد العاشق، الحاج عباس، اسمحوا لي أن أقول الحاج عباس لأن لساني معتاد على هذا الاسم. من البداية، من بداية شبابه التحق بالمقاومة مجاهداً، الحاج عباس من الذين ترقّوا بالسير الجهادي وبالعمل الجهادي إلى أن وصل إلى المسؤولية الثقيلة التي كان يحملها، وأيضا إلى المستوى الروحي الذي وصل إليه من البداية. التحق بالمقاومة، بمعسكرات التدريب، بمحاور الجنوب، من العين البقاعية إلى الخطوط الأمامية في الجنوب في الشريط الحدودي.
هذه أيضا ثروة إنسانية أخرى لأنه كثر تعاطوا من العام 1982 وحتى عام 2000 أن تحرير الشريط الحدودي هو شأن أهل الجنوب، لا علاقة للبقاع بالجنوب، ما علاقة الشمال بالجنوب، ما علاقة بقية الناس بالجنوب؟ فليقلّع أهل الجنوب شوكهم بأيديهم. أصلاً المطلوب دائما هو أن هذه الثقافة هي الموجودة بالبلد.
الحاج عباس من العين البقاعية في البقاع الشمالي، في محافظة بعلبك الهرمل إلى الخطوط الأمامية في الجنوب. الجزء الأكبر من شبابه أمضاه هناك بالمحاور، شارك في عمليات المواقع، شارك في الكمائن، وشارك في أعمال القنص للإسرائيليين، وكان يتحمل مسؤولية أساسية عندما كنا نقترب من العام 2000 وكان الانتصار في الجنوب، وكان الحاج عباس أحد قادة المقاومة في الجنوب. هنا يحصل الحاج عباس على عنوان أحد قادة التحرير الأول في 25 أيار عام 2000. طبعاً هؤلاء الجنود المجهولون في الأرض المعروفون في السماء يصبحون معروفين في الأرض بعد شهادتهم.
إلى هنا الحاج عباس هو أحد قادة التحرير الأول بعد العام 2000، استمر في مسؤولياته، في عمله، في التحضير، لأنه كان عنوان العمل هو بناء القوة والجهوزية، والكل يعلم أن الحاج عباس كان أساساً قائداً للقوة الخاصة التي تشكلت قبل العام 2000 ونمت بعد العام 2000 إلى أن كان أحد قادة المقاومة في حرب تموز 2006.
وبالتالي هو أحد القادة الميدانيين الذين صنعوا الانتصار عام 2006 بصمودهم وبثباتهم وشجاعتهم وحكمتهم وخبرتهم. وإلا فالله سبحانه وتعالى من ينصر؟ ينصر الذين أعدوا لهم ما استطاعوا من قوة ومن رباط الخيل. أما التنابل، الكسالى، الجبناء، الهاربون، الحياديون في معركة الحق والباطل فالله أصلا لا ينظر إليهم لينزل عليهم نصراً إلهياً.
مع بدء الأحداث في المنطقة وبروز ظاهرة الإرهاب التكفيري والتهديد الذي ظهر في منطقة البقاع عند الحدود الشمالية والحدود الشرقية، أيضاً مسؤوليات جديدة أمام المقاومة وفي مقدمتها قادتها الميدانيون ومنهم الحاج عباس.
هذه المعركة حضر الحاج عباس في كل ميادينها، بدءاً من معركة القصير، نبدأ فيها من تل مندو، ريف القصير والقصير، القلمون الأولى التي صارت بعد التفجير الذي حدث على مدخل مدينة الهرمل، إلى معركة الزبداني إلى معركة حلب التي غيّرت مسار الأحداث والحرب في سوريا، إلى معارك درعا إلى معركة جرود عرسال الأخيرة ومعركة القلمون الأخيرة تحت عنوان "وإن عدتم عدنا".
كان الحاج عباس العاشق أحد القادة الميدانيين الأساسيين على امتداد هذه الجبهات وهذه الساحات، ولذلك عندما نتحدث أيضاً عن التحرير الثاني، الحاج عباس العاشق هو أحد قادة التحرير الثاني، القادة الميدانيين الأساسيين.
أهلنا في البقاع وفي بلدة العين وفي كل البلدات المجاورة من الهرمل إلى بعلبك يجب أن يعرفوا أنه عندما كانت تنام عيون الناس في الليل كانت عيون الحاج عباس وإخوانه تسهر الليل، لتمنع أي عدوان ولتواجه الإرهاب. اليوم إذا كان البقاع وإذا كانت القرى في بعلبك الهرمل وخصوصاً البلدات المحاذية للجرود والسلسلة الشرقية تنعم بالأمن والسلام والهدوء والسكينة وهناءة العيش فلأن هناك قادة مثل الحاج عباس، وشهداء مثل الشهيد ناصر الدين ، ومجاهدين تحملوا المسؤولية إلى جانب الجيش اللبناني وحسموا المعركة، في هذه الجرود وفي هذه السلسلة وفي هذه المناطق حسموها جذرياً، ولذلك نحن نعيش ببركة تضحيات هؤلاء ودماء هؤلاء، وآلام عائلات هؤلاء آبائهم وأمهاتهم وزوجاتهم وبناتهم وأبنائهم وأهلهم، وهذا الفضل يجب أن يُعرف، وبالشكر تدوم النعم، الجحود يؤدي إلى فقدان النعمة، ويؤدي إلى سيطرة المتوحشين والقتلة على أي منطقة وعلى أي بلد وعلى أي وطن.
حسناً، الحاج عباس العاشق لم يتوانَ ولم يتردد ولم يتأخر عن الالتحاق بالجبهة في أي معركة، وأنا كنت أواكب هذه المعارك من أولها ومن بدايتها، شبابه، زهرة شبابه وعمره أمضاها في الجبهات، من الجنوب إلى البقاع إلى سوريا. عندما تقف أمام الحاج عباس يكفي أن تنظر إلى وجهه، وتسمع كلامه كي تكوّن صورة عن شخصيته: الحاج المتدين والمؤدب والخلوق وحَسن العشرة ودائم الابتسامة وليّن الجانب، إلى جانب الصلابة في القتال والمعركة، الهادئ والمربي والأب، ولم يكن العسكر الذي كان يديرهم يشعر أنه هو مسؤول كبير وقائد عسكري بقدر ما كان هو أب، لأن العسكر كانوا من جيل أولاده ومن جيل شبابه، الذين كان يقودهم ويقاتل بهم، صاحب الهمة العالية، الصبور والحكيم، بل كان من أهم المميزات أيضاً للحاج عباس، ولأمثاله من هؤلاء القادة، هو الحضور في الميدان، الحضور المباشر والحضور في الخطوط الأمامية واستشهد في الخط الأمامي، أغلب قادتنا الشهداء سقطوا في الخطوط الأمامية، الذي استشهدوا في الخلف استشهدوا بالاغتيال، وضعوا لهم عبوات واغتالوهم، أما الآخرون فقد استشهدوا في الخطوط الأمامية، وهذه ميزة أساسية أيضاً من مميزات هذه المقاومة وحركة هذه المقاومة.
أيها الإخوة والأخوات: نستطيع ببساطة أن نقول إن شهيدنا الحاج علي كان هادياً إلى الحق، ومربياً في طريق المقاومة، وكان عباساً لزينب وعاشقاً لله ولولي الله أبي عبد الله الحسين عليه السلام، ولذلك استحق هذا الوسام وهذه المرتبة الرفيعة، وسام الشهادة، ووصل إلى ما كان يحب وإلى ما كان يعشق.
اليوم أيها الإخوة والأخوات، هذه الدماء دماء هذين الشهيدين ودماء الشهداء الذين احتفل بهم في كل بلدات البقاع والجنوب ومناطق أخرى، هذه الدماء اليوم هي التي صنعت الانتصارات، وهي التي تصنع الانتصارات.
حسناً، هؤلاء الشهداء الذين نحيي ذكراهم في هذه الأيام، أين استشهدوا؟ هنا ندخل إلى الوضع، استشهدوا في البادية السورية، استشهدوا في تلك البادية الواسعة والشاسعة التي تبلغ مساحتها عشرات آلاف الكيلومترات، والتي توصل في نهاية المطاف إلى مدينة دير الزور وإلى مدينة الميادين وإلى مدينة أبو كمال وإلى الحدود السورية العراقية، هذه المعركة التي استشهد فيها هؤلاء الإخوة وفي مقدمهم الشهيد القائد الحاج عباس، كان لا بد منها، وما زال لا بد منها، لماذا؟
هذا الموضوع لنشرحه قليلاً، لأن هذه داعش لا تنتهي المعركة منها إلا بإزالتها من الوجود، خلال الأشهر القليلة الماضية الذي يرى الخريطة عشرات الآلاف من الكيلومترات تم استعادتها من داعش.
حسناً في الآونة الأخيرة أيضاً، تم إخراج داعش من شرق حلب، وفي الأسابيع الأخيرة تم إخراجها من شرق حماه، ومن شرق حمص، وتدمر والسخنة والمحطة الثالثة الحميمة وصولاً إلى دير الزور.
حسناً، عملياً داعش اليوم أين هي موجودة؟ اليوم في سوريا هي موجودة في جزء من مدينة دير الزور وفيما بقي من محافظة دير الزور، وأهم مدنها التي تقع غرب نهر الفرات الميادين وأبو كمال، وأما ما بقي فهي مجموعة من البلدات والضيع الموجودة على طرفي نهر الفرات، شرق وغرب، وصولاً إلى الحدود السورية العراقية.
إذا رأى أحد مثلاً أنه "طيب زيادة هالقد" (يكفي هذا)، هذه داعش انكفأت فاتركوهم في الميادين واتركوهم في أبو كمال، واتركوهم مثلاً شرقي نهر الفرات إلى الحدود السورية، لماذا الجيش السوري وحلفاؤه وأنتم في المقاومة لماذا تريدون أن تلحقوهم إلى هناك؟ ما معنى هذه المعركة والذهاب إلى هناك؟ معنى هذه المعركة والذهاب إلى هناك يكمن في أنه إذا بقيت داعش في بقية مدينة دير الزور وفي الميادين وفي أبو كمال وفي شرقي نهر الفرات إلى الحدود السورية معناه من جديد داعش سوف تهاجم وداعش سوف تخوض حروباً ومعارك لأنه ليس لديها شيء آخر غير الحرب والقتال والقتل والتفجيرات والانتحاريين والانغماسيين، هذا هو مشروع داعش، فماذا لديها داعش سوى القتل والإرهاب والتدمير وبالتالي ستحاول الإنطلاق من جديد والتمدد من جديد. ومثلما شاهدتم بالأسابيع القليلة الماضية في هذه المعارك استشهد الشباب، لأن داعش حاولت أن تستعيد زمن المبادرة وأرسلت انتحارييها وانغماسييها إلى طريق دير الزور وإلى السخنة وإلى المحطة الثالثة وإلى عمق المناطق التي تم تحريريها. ولولا المواجهات البطولية التي خاضها مجاهدو المقاومة والجيش العربي السوري وبقية المجاهدين من بقية الفصائل المقاومة والدماء التي نزفت هناك كان يمكن أن تأخذ الأمور منحىً مختلفاً للمعركة.
إذاً داعش لا يجوز أن تُترك داعش، تخطط للعودة إلى كل الأماكن التي خسرتها في سوريا، بل تخطط للعودة إلى جرود عرسال وإلى القلمون الغربي وإلى لبنان. هؤلاء يفكرون بهذه الطريقة. بتعبير آخر داعش وجود سرطاني، لا يكفي أن تقطع جزءاً منه، لا يكفي أن تعالجه بالوسائل الكيميائية، مثلما يعالج السرطان، يعني تعمل معالجات تمنع انتشاره. الحل الوحيد للسرطان هو استئصاله، وداعش إن شاء الله على طريق الاستئصال.
اليوم مثلاً في العراق، داعش انتهت في الموصل، وانتهت في تلعفر، في الأيام القليلة الماضية انتهت في قضاء الحويجة، الوجود الأخير لداعش الوهابية التكفيرية الآن هو في غربي الأنبار عند الحدود العراقية السورية في مدينة القائم وبعض البلدات والمدن المحيطة بها.
إذاً المساحة الجغرافية التي ما زالت تتواجد فيها داعش أصبحت مساحة ضيقة جداً نسبة لما كانت عليه السابق عندما طرحت شعار أنها باقية وتتمدد، وكما قيل بالرد عليها فانية وتتبدد ويجب أن تتبدد.
إذاً الاستمرار بهذه المعركة اليوم والذي ما زال مجاهدونا وإخواننا وأبناؤكم في حزب الله يواصلونه في البادية السورية، ونعرف أن الكثير من الرجال والنساء والآباء والأمهات الموجودين اليوم في احتفالنا شبابهم وأولادهم موجودون في البادية.
هناك أهمية في هذه المعركة هنا أنه يجب حسم المعركة وجودياً مع داعش وأن السماح ببقاء داعش لأي زمن من الأزمنة هو خطر على العراق وعلى سوريا وعلى لبنان وعلى كل الإنجازات التي صنعتها دماء الشهداء.
اليوم طبعاً هذه المعركة في مواجهة داعش تتقدم بقوة. نعم هناك من يعمل على إعاقتها وعلى تأخيرها وهذا يجب أن يعرفه الناس ليبنوا عليه في وعيهم وفي ثقافتهم وفي فهمهم وفي آمالهم وفي رهاناتهم، مَن الذي يؤخر الآن حسم المعركة مع داعش؟؟ الذي يؤخر حسم المعركة مع داعش هم الأميركان، وليس نفس داعش، ويمكن البعض أن يتساءل كيف يا سيد؟ الاميركيون بالعراق يساعدون؟ وحتى بسوريا الأميركان يساعدون؟ مثلا بالرقة، نعم الأمريكان يساعدون، لكن على قاعدة أن من يسيطر على الرقة هي قوات حليفة للأميركيين، أما عندما نأتي إلى شرق الفرات وإلى بقية منطقة دير الزور وإلى جزء من الحدود السورية الأردنية سوف نجد الاميركيين يمنعون.
"نحن لا نفتري على أحد"، في الأيام القليلة الماضية أعلى المستويات في موسكو وفي سوريا اتهموا الاميركيين، وهذه دول كبيرة لا تتهم عشوائياً، لأنها إذا طولبت بالدليل يجب أن تقدم الدليل، وهي عندها دليل ولأن راداراتهم ومعلوماتهم كلها تؤكد أن سلاح الجو الاميركي يمنع في بعض المناطق وفي بعض الأماكن الجيش السوري وفصائل المقاومة من التقدم باتجاه مناطق سيطرة داعش، "جيد يا أخي إذا كانت قواتكم تقاتل فلتشرف تقاتل"، لا، القوات الحليفة للأميركان لا تتقدم ولا تقاتل وانتم ممنوع أن تتقدموا، هذا ماذا تصفوه؟! غير حماية لداعش، غير منع سقوط ما تبقى منطقة داعش في سوريا بيد الجيش السوري وحلفائه ماذا يسمى هذا؟ غير إعاقة، غير إطالة عمر لداعش، لماذا تريد أمريكا إطالة عمر لداعش؟
حتى في العراق، أريد أن أؤكد لكم أيها الاخوة والاخوات أنه لولا إصرار العراقيين، المرجعية الدينية والحكومة العراقية والقوى السياسية العراقية والشعب العراقي، على حسم المعركة مع داعش، فإن أميركا بطريقة تدخلها في المعركة مع داعش بالعراق كانت تريد لهذه المعركة أن تستمر لعشر سنوات أو عشرين سنة وتبتز العراقيين وتبني قواعد في العراق وتبيع سلاحاً للعراق وتثبّت وجودها في العراق، ولكن إصرار العراقيين هو الذي دفع الأمور باتجاه الحسم الحقيقي مع داعش.
وأنا أود أن أذكّركم أيضاً بخطبة بعلبك بعيد التحرير الثاني: "أنا قلت شيئاً مع العلم أنه في لبنان هناك أناس ليس لديهم مشكلة في أن يكذبوا و"يفتروا" ويدعوا، وأنا قلت ـ ومن يقول إنني أقول كلاماً غير صحيح فليخرج ويقول أنه غير صحيح، والكلّ سكت لأن الذي قلته صحيح ـ إن أميركا كانت لا تريد الانتهاء من داعش في جرود العين والفاكهة ورأس بعلبك والقاع، لا يريدون، وضغطوا على الدولة اللبنانية وضغطوا على الجيش اللبناني، وهددوا، وحقيقةً أوقفوا المساعدة للجيش لفترة من الزمن، وطلبوا الغاء العملية. حسناً، هذا ليس سؤالاً؟!
أنتم أهل المنطقة، سؤال؟ يا أخي لماذا الأميركان لا يريدون طرد داعش، وبعدها عندما طردناهم قامت القيامة، لماذا؟
لا، أميركا ليست على عجلة من الانتهاء من داعش. داعش لها وظيفة، وظيفة استنزاف الجميع، وظيفة القتل، وظيفة التدمير، وظيفة تخريب، لبنان، تخريب سوريا، تخريب العراق، تدمير الجيوش، تدمير الشعوب، ويجب أن تستمر في أداء هذه الوظيفة لأطول مدى زمني. ممكن هذه سياسة أميركا في موضوع داعش.
لكن هذه الإعاقة لم تحُل دون حسم المعركة، اليوم في البادية السورية القوات تتقدم في محيط مدينة الميادين، الميادين على الطريق إن شاء الله، الميادين سيتم استعادتها والبوكمال سيتم استعادتها. لم تبقَ باقية لداعش في محافظة دير الزور، وفي المقابل أيضاً نحن نعرف أن الإخوة العراقيين مصممون بقوة على حسم المعركة مع داعش في غربي الأنبار، في مدينة القائم وهذا المشروع سينتهي. المسألة هي مسألة وقت لا أكثر ولا أقل. هذه النقطة الأولى في الوضع العام. أدخل إلى النقطة الأخرى:
الآن في لبنان وفي المنطقة نحن لا شك أننا أمام وضع جديد تكلمت عنه في الليالي الماضية ولا أعيد ولكن أكمل: هناك مشروع آخر، اسمحوا لي أن أسمي الأشياء باسمها، هو مشروع أميركي سعودي، المشروع الذي كان في المنطقة، هذه الحرب في سوريا وفي العراق وفي المنطقة وفي اليمن هي مشروع أميركي سعودي، الآخرون دخلوا على المشروع، سواء كانوا دول أو دول عربية أو قوة إقليمية، لكن بالأصل المشروع أميركي سعودي.
هذا المشروع اليوم فشل، فشل في العراق وفشل في سورية، إن شاء الله سيحسم في سورية، وفشل بلبنان، ومظاهر الفشل فيه باليمن واضحة، حتى في البحرين لم يقدر أن ينهي الموضوع لمصلحته، رغم كل الصعوبات الموجودة في البحرين.
بطبيعة الحال، عندما يأتون ليصنفوا القوة التي وقفت في وجه هذا المشروع، سيحاسبونهم، وسينقلوننا إلى مواجهة جديدة.
حسناً من في مقدمة القوى التي هي معنية بالمواجهة الجمهورية الإسلامية في إيران، لذلك من الآن فصاعداً، الموضوع ليس قصة نووي، وترامب يخرج الآن ليقول إنهم يريدون أن يمنعوا إيران من الحصول على السلاح النووي، هذه الكذبة التي مشى بها الأميركيون والإسرائيليون من اليوم الأول يعرفون أنها كذبة وأن إيران لا تفكر أصلاً في الحصول على السلاح النووي، وبين هلالين أميركا ترفض التوقيع على أي اتفاقية للحد من السلاح النووي أو إلغاء الأسلحة النووية في الكرة الأرضية، هذه بين هلالين. المشكل الحقيقي لأميركا مع إيران أن إيران كانت عاملاً كبيراً وأساسياً في إسقاط المشروع الاميركي السعودي في المنطقة، ويجب أن تدفع الثمن، لذلك ما العنوان العريض؟ العنوان أن إيران تدعم الإرهاب، إيران التي قاتلت ودعمت كل من قاتل داعش التي يجمع العالم على أنها تنظيم إرهابي، داعش التي صنعتها أميركا والسعودية، يقولون لنا إن إيران هي من يدعم الإرهاب، لذلك يريد أن يفتح ملف إيران "من أول وجديد"، وسنرى في الأيام المقبلة ما هي الاستراتيجية التي سيعلن عنها ترامب تجاه إيران، وطبعاً هذه الاستراتيجية الأميركية الجديدة اذا كان فيها من جديد ستؤثر على كل وضع المنطقة، هذا وضع لا يخص فقط إيران، هذا وضع يشمل المنطقة كلها، لأن إيران ليست دولة في وسط المحيط الهادي أو الأطلسي، وليست دولة معزولة وليست دولة ضعيفة، إنما قوة إقليمية عظمى حقيقية ولها تأثير في كل المنطقة.
حسناً، هذا ملف إيران يريد أن يعيد فتحه، وأن هناك سياسة جديدة اميركية في اتجاه حزب الله ـ بالنسبة لإيران فإن إيران تتكلم عن نفسها ما شاء الله، فلنتكلم نحن عن نفسنا ـ أن هناك سياسة جديدة لمواجهة حزب الله، أيضا يأتي في هذا السياق، أنه حتى روسيا لا تسلم من العقوبات الاميركية والضغوط الاميركية في أكثر من موضوع، موضوع البعثات الدبلوماسية، موضوع العقوبات الاقتصادية، تحريض الاوروبيين على روسيا الخ... وأيضا روسيا تستطيع وتعرف كيف تدافع عن نفسها، فلنتكلم بما يعنينا.
الآن الأميركيون سيأتون في سياسة جديدة تجاه حزب الله، حسناً، لماذا هذه السياسة الجديدة تجاه حزب الله؟ لأنهم يعتبرون أيضاً أن حزب الله كان له شرف ـ وأنا أقول لكم ـ شرف المساهمة، الآن كم هي النسبة المئوية نحن لا نضع لنفسنا نسبة مئوية، نحن نعتبر أنفسنا جزءاً من محور قاتل مجتمعاً، صمد مجتمعاً، ضحى مجتمعاً، قدم الكثير من الدماء الزكية مجتمعاً، حتى كانت هذه الانتصارات، ولا نقول ولا ما كان ليكون الانتصار ولولا هذا ما كان انتصار، يعني هذه تجزيئية بالموضوع، كلا، لولا الجميع، لولا هذه المجموعة التي تضامنت وقاتلت كتفاً إلى كتف وحضرت في الساحات، في العراق وفي سورية وفي لبنان، ونحن نتكلم عن ميادين القتال، ومن وقف معهم وإلى جانبهم، ما كان ليتحقق هذا الانتصار، لا يستطيع أحد أن يقول لولاي ما كان، "مين ما كان"، دولة عظمة كبيرة صغيرة، كلا، لولا الجميع ما كان، هذا النصر هو حصيلة مجموع الجهود والتضحيات والمواجهات لأنه في الحقيقة، الذي كان يخاض هو حرب كونية.
حسناً، أنت اليوم لك شرف أنك ساهمت في إفشال هذا المشروع، وهؤلاء الشهداء الذين نحتفل بهم اليوم هم شاهدون أيضاً، إذاً لماذا يسمون شهداء؟ لأنهم يشهدون في الدنيا على الإنجاز وفي الآخرة على الموقف، يشهدون. حسناً، طبيعي هناك مشروع صنع في المنطقة، هم يقولون ـ وليس أنا أتكلم بشيء بأنني أنا أتخيل أو أتهم أو أفترض ـ كلكم تتذكرون نائب أوباما، جو بايدن خرج ليقول ـ وهذا أمر مسجل ومن نسي الموضوع يمكنه أن يعود للإنترنت ـ يسمي دول الخليج ومن جملتها السعودية، ويقول بأنهم دفعوا عشرات مليارات الدولارات وأرسلوا عشرات آلاف الأطنان من السلاح غلى سورية، هذا هو مشروعهم، كل وسائل الاعلام سُخّرت، كل الإمكانات سُخرت. بكلمة مختصرة: كل ما كانوا يستطيعون فعله عسكرياً، أمنياً، دبلوماسياً، سياسياً، إعلامياً، تحريضياً، توحشياً، كل شيء كان باستطاعة هذا المحور الآخر أن يفعله فعله وفشل.
الآن يريدون أن يحاسبوا كل من قام بإسقاط هذا المشروع وساهم في فشله. حسنا، ما لديكم فلتأتوا به، الآن بدأ المشروع أن الاميركيين يريدون أن يضعوا سياسة جديدة لم يعلنوا عنا ولكننا سنراها، لكن البداية كانت ما حصل في الأيام القليلة الماضية هو تحديث أو إضافات إلى قانون العقوبات المالية الأميركية على حزب الله، يعني في لبنان وخارج لبنان، المصارف التي تتعاطى مع حزب الله، الشركات التي تتعاطى مع حزب الله ستعاقب، يعني الآن إذا كان هناك من مدرسة لحزب الله أو يوجد مستشفى لحزب الله ويشتري مثلا جهاز اشعة أو دواء من شركة أدوية للمستشفى خاصتك هذا يعني دعماً للإرهاب ويعاقب عليه هذه الشركة أو هذا البنك، ومن يقدم مالاً لحزب الله هذا أيضاً يُعاقب وهكذا، لا نريد الآن أن نشرح القانون.
حسناً، هذا شكل من أشكال الضغط. هنا يوجد نقطتان:
النقطة الأولى أن هناك خشية في لبنان من أن هذا سيؤثر على الوضع الاقتصادي في لبنان والوضع المالي. حسناً، أولا القانون ليس بجديد، هذا قانون تم تصعيبه قليلاً، واستطاع اللبنانيون بشطارتهم وقدرتهم ووفودهم أن يحيّدوا الوضع اللبناني، حسنا، نحن بين هلالين لم نطلب من أحد ولم نتوقع من أحد وايضا لن يستطيع أحد، الآن يمكن أن يخرج أحدهم ليقول إن على الدولة اللبنانية أن تذهب لتفاوض الأميركيين لتقول لهم اوقفوا قانون العقوبات عن حزب الله. هو الأقل من هذا لا يستطيعون فعله، ونحن لا نطالبهم، ولا أحد من حزب الله يطالبهم، يعني دعونا نكون واقعيين، هذا الموضوع أكبر من الدولة اللبنانية، القرار الاميركي أكبر من الدولة اللبنانية، كل المساعي اللبنانية الرسمية خلال الفترة الماضية على ماذا كانت تركز؟ على تحييد البنوك، على تحييد الشركات، على تحييد الوضع الاقتصادي والمالي اللبناني، كي لا يتأثر بقانون العقوبات على حزب الله. طبعاً الموضوع ليس سهلاً، حزب الله "مش حبّة"، حزب الله ليس مجموعة أفراد موجودين في تنظيم، حزب الله اليوم تيار كبير وجمهور كبير وحركة كبيرة جداً، وبالتالي هناك من يؤيدها ومن يدعمها ومن يتبرع لها بالمال وهناك مشاريع ضخمة جداً في المجتمع اللبناني، وبالتالي اذا كانوا يريدون أن يعاقبوا كل هؤلاء فبالتأكيد سيتأثر الوضع الاقتصادي اللبناني، لكن بمعزل عن الجدية، يعني ممكن ان يكون هناك قانون عقوبات ويكون جزء من "الوَهوَلة النفسية" أو يقتصر تنفيذه ضمن فئات معنية.
بكل الأحوال نحن ندعم هذا المسعى الرسمي والحكومي اللبناني الذي يحاول أن يعزل الاقتصاد اللبناني والوضع المالي اللبناني عن تأثيرات قانون العقوبات، لا يوجد مشكلة وبالنسبة لنا نحن نتحمل هذا القانون، لأن هذا جزء من المعركة، يُفرض علينا نتيجة التزامنا وجهادنا وموقفنا ومواجهتنا لمشروع كان سيطيح بكل شيء في المنطقة بحكوماتها وجيوشها وشعوبها وطوائفها ومساجدها وكنائسها ومقاماتها الدينية وأعراضها ونسائها، الآن الذي يضحي بهؤلاء الآباء، بهؤلاء الأحبة والأبناء ولا يتحمل القليل من العقوبات المالية؟ لا مشكلة هذه هي أول نقطة في هذا الموضوع.
النقطة الأخرى أنه نحن نعرف ونحب أن نقول إن هذا لن يغير شيئا في مسار حزب الله. إذا الاميركيون يفكرون وكل من يحرّض الاميركيون ان قانون العقوبات المالية بمعزل عن حجم تأثيره علينا ـ يعني يستطيع الآن أن يخرج أحدهم ليقول ، لا هذا لا يؤثر علينا نهائيا، ليس صحيحاً، الصحيح أنه لا يؤثر على تمويلنا الأساسي، لكن هناك أناس يتبرعون يمكن أن يخافوا ويحتاطوا، يوجد بعض التسهيلات التي نحصل عليها يمكن أن تقف، حسناً، يعني هذا يلحق بنا بعض الأذى، يؤثر بنا جزئياً، يضغطنا، حتى من الناحية النفسية والمعنوية بعض الناس ستخرج لتقوم ببعض الحسابات ـ ولكن هذا لا يغير بالمسار، لا يغيّر من موقف حزب الله شيئاً على الإطلاق، لا في الموضوع الاسرائيلي ولا في الموضوع التكفيري ولا في مواجهة مشروع الهيمنة الأميركية في المنطقة، ولا في الملف الداخلي اللبناني، لا يقدم ولا يؤخر، حتى لو كان لديه عبء وتبعات، لأن من هو جاهز للتضحية بالدم وبنفسه وفلذة كبده وأعزائه واحبائه، إذا انضغط بالموضوع المالي لا يغير موقفه لأنه هنا يوجد قضية أكبر بكثير من هذه الحسابات وهذا الشكل من أشكال المعركة.
لكن أنه يوجد رهان؟ نعم يوجد رهان، اسمحوا لي أن انطلق وإن كان هو لا يستأهل أن أرد عليه أنا، لكنني سأنطلق من كلامه باعتباره يعبر عن موقف الحكومة السعودية، وأنا كنت أريد أن أتكلم بالموضوع لكن في سياق مختلف، لكن طالما هو تحدث هكذا، مع ذلك دعوني أقرأ لكم النص لتعرفوا مملكة الخير كيف تفكر بالنسبة للبنان، ونعقّب عليه بالمناسبة: اليوم كل وسائل الإعلام والوكالات (نقلت أنه) اعتبر وزير الدولة السعودي لشؤون الخليج، "لأنه نحن معتبرنا ملف عن وزير شؤون الخليج"، لبنان ملف عند هذا الوزير في السعودية، فلان الفلاني السبهان في تصريح له أن العقوبات الأميركية على الحزب الميلشياوي الإرهابي في لبنان جيدة، ولكن الحل بتحالف دولي صارم لمواجهته ومن يعمل معه لتحقيق الأمن والسلام الإقليمي. أنا عندما قرأت هذا التصريح، بالنهاية هو يعبر عن موقف الحكومة السعودية، أنا أقول لكم هذا التصريح فيه إيجابيات مهمة، الآن ستتفاجأون:
أول إيجابية أنه هو سلّم أن العقوبات الأمريكية هذه لا تحلّ الموضوع، جيدة لكن ليست هي الحل، هذه النقطة الأولى، جيد إذاً لا تراهنوا كثيراً على العقوبات الأمريكية.
ثانياً وهو المهم وهو الأهم أنه يعترف بحزب الله قوة إقليمية يعترف بحزب الله قوة كبيرة جداً في لبنان وفي المنطقة، ويعترف أنه لا يمكن مواجهة حزب الله إلا بماذا؟ بتحالف دولي صارم، تحالف دولي صارم يعني أيضا من الإيجابيات كونه يتابع الملف اللبناني يعرف أن الذهاب إلى تشكيل تحالفات لبنانية داخلية لمواجهة حزب الله عبث ولعب ولا فائدة منه.
حزب الله أكبر من أن يواجهه السبهان وسادته بتحالف محلي، ولذلك هو يدعو إلى ماذا؟ يدعو إلى تحالف دولي لمواجهة حزب الله، وأيضا هو يعرف أن السعودية بمفردها وأن حكام السعودية مهما فعلوا لا يستطيعوا فعل شيء مع حزب الله، يمكنهم شتمنا وسبّنا على فضائياتهم وعلى قنواتهم وأن يدفعوا لبعض الناس بعض المال بالجرائد والمجلات وبعض المساجد، يعني ماذا يستطيع أن يفعل؟
ولذلك هو يحتاج إلى تحالف دولي، يحتاج إلى تحالف دولي صارم. من أين سيأتي بهذا التحالف الدولي؟ هذا يظهر لكم الذي تحدثت به ليلة العاشر عندما قلت لكم إن هناك أناساً في المنطقة يخططون لتحالفات دولية جديدة لاستهداف محور المقاومة، يبيع للإسرائيلي ليأتي بالأمريكي وغيره لمواجهة أولئك الذين فشل في مواجهتهم.
ثم ما هي الحجة؟ الحجة هي لتحقيق الأمن والسلام الإقليمي. اسمحوا لي أن ننطق بالحق اليوم: الأمن والسلام الإقليمي أن تجلس السعودية جانباً، لا تتدخل، فيصبح هناك أمن وسلام إقليمي. تدخّل السعودية بالمنطقة مع الأمريكان ودعم إسرائيل هو الذي يدمر المنطقة.
سورية قبل أن تدخل السعودية بوهابييها وإعلامها وأموالها كان هناك أمن وسلام، أو لم يكن بالعراق لولا دعم السعودية والمخابرات السعودية لكل التكفيريين والانتحاريين من ال2003 الذين لم يتركوا مسجداً وحسينية وكنيسة وقرية ومدينة وحيّا وسوقاً إلا وفجروا به، كان العراق فيه أمن وسلام أم ليس فيه؟
لبنان "تحلّ عنه" السعودية يصبح فيه أمن وسلام، عندما تعود السعودية لتموّل نجد خطوط تماس بالشمال وغير الشمال، باليمن اليمنيون ألم يصلوا إلى حل وصلوا لحل من خلال الحوار؟ من رفض نتيجة الحوار، ومن فرض الحرب على اليمن، من شن الحرب على اليمن؟ في اليمن سنتين وثلاثة هناك مظاهرات واليمن مليء بالسلاح ولم يحدث قتال، لم تحدث حرب أهلية ولم تجرِ مواجهات مسلحة. من فرض الحرب على اليمن؟ السعودية، من الذي أرسل قوات إلى البحرين؟ السعودية. من يمنع الحوار من أجل أن تصبح البحرين بلدا آمنا معافى؟ السعودية.
إبحثوا عن المجازر وعن طالبان والقاعدة وجيش لا أعرف مين بباكستان تجدون السعودية. السعودية هي الخطر ـ إلى جانب إسرائيل ـ على الأمن الإقليمي وعلى السلام الإقليمي. هذه الحقيقة.
هذه الحقيقة التي تستند إلى الوقائع وإلى المعطيات. الأمم المتحدة أمس تضع السعودية على اللائحة السوداء بسبب ما ارتكبته من جرائم بحق أطفال اليمن. السعودية التي تستند عادة إلى الأمم المتحدة لتهاجم خصومها هاجمت الأمم المتحدة واعتبرت معطياتها خاطئة. حتى الأمم المتحدة التي فعلت هذا الأمر بالسابق تحت ضغط المال والترهيب الأمريكي السعودي سحبته. لم تعد تستطيع السكوت على المجازر اليومية، واليوم هناك مجزرة واليوم أيضا الذكرى السنوية للمجزرة المهولة في صنعاء، في القاعة التي قضى فيها المئات شهداء، وفي النهاية "شو الموضوع؟ بالخطأ".
هي الناس عند السعودية هذه قيمتهم. إذاً قبل أن تتحدث عن حزب الله، حزب الله هو من جملة العوامل الأساسية لتحقيق الأمن الحقيقي والسلام الحقيقي الإقليمي لشعوب المنطقة ودول المنطقة وحكومات المنطقة. هذا الأمن الإقليمي وهذا السلام الإقليمي الذي يهدده حكام السعودية وتهدده إسرائيل ومن خلفهما أمريكا، ولذلك من أحب على كل حال أن يذهب إلى مواجهة من هذا النوع، نحن إخوة عباس العاشق، كلنا عباس، وكلنا عشاق، وكلنا نحمل دماءنا على أكفنا، وكلنا جيلاً بعد جيل نواصل هذا المسير، بعضنا من شاب وبعضنا ما زال شابا ولم نتخلّ ولن نتخلى، نحن هنا في هذه المعركة ليعرف هؤلاء جيدا أننا هذا ما نؤمن به.
هذا ما نؤمن به. الفارق أنه في يوم العاشر ليس فقط الدم هو الذي ينتصر على السيف، ليس دمنا الذي ينتصر فقط على السيف، سيفنا أيضا ينتصر على السيف نحن الآن في هذا الزمن لدينا دم وسيف، لدينا دم وسيف، وكلاهما ينتصر. وبالتالي هذه معركة نحن نؤمن بها، نؤمن بها ولن نتخلى عنها. لا قانون العقوبات الأمريكية ولا التهويلات السعودية ولا التهديدات الإسرائيلية ولا كل ما يحضر له في المنطقة.
وأقول لكم أيها الإخوة والأخوات ما مضى هو أسوأ بكثير، ما مضى وبات خلف ظهرنا أسوأ بكثير مما قد يكون مقبلاً لأن الكثير من المعادلات والكثير من القناعات تبدلت والكثير من عناصر القوة وعناصر الضعف أيضا تبدلت.
واليوم محورنا في أقوى زمن، في أقوى حال نسبة لأي زمن مضى، أشد يقينا، أقوى بصيرة، أكثر عدة وعدداً وخبرة وتجربة. ومن لديه شرفاء مثلكم ولديه آباء شهداء مثل هؤلاء أآاء الشهداء، وأمهات شهداء مثل هؤلاء، وأبناء شهداء مثل هؤلاء، وعائلات شهداء مثل هؤلاء، ولديه مجاهدون مثل هؤلاء، لا يخيفه لا جبار مثل ترامب ولا "زعطوط" مثل السبهان، هؤلاء لا يخيفوننا وهؤلاء لن يغيروا شيئاً، لن يغيروا شيئا.
هؤلاء يعرفون جيداً أننا قوم بايعنا وعلى مدى الأيام والسنين، كنا نقول للحسين (ع) في أيام محرم لبيك يا حسين وما تركنا الحسين، وما تركنا الحسين.
الشعار الذي أطلقناه هذه السنة هو تعبير عن واقع الحال، لبيك يا حسين وعد بأن انصر الحسين، أما ما تركتك يا حسين يعني ما تركتك، ها أنا معك، ها نحن معك، شهداؤنا الذين استشهدوا كانوا معك، جرحانا الذين جرحوا معك، مجاهدونا يقاتلون بين يديك وتحت رايتك، أمهاتنا وبناتنا وأخواتنا وزوجاتنا الزينبيات يحملن صوتك وصبر أختك ويمضين به، ولذلك نحن اليوم هذه السنة وفي كل يوم وأنا سمعت هذا في تشييع الشهداء الذين جاؤوا في الأيام القليلة الماضية، بحق الناس هم صادقون، كل أولئك الذين هتفوا يوم العاشر وكل أولئك الذين هتفوا في تشييع الشهداء خلال الأيام الماضية كانوا صادقين، يشهد لهم الله وملائكته وأنبياؤه ورسله وكل هذا الوجود بالصدق والاخلاص عندما قالوا ما تركتك يا حسين.
أيها الاخوة والاخوات نحن هنا في بلدنا نريد الاستقرار، ونريد الامن والسلم والسلام، ونريد أن نحافظ عليه، ونريد إجراء الانتخابات في موعدها، نريد أن يكمل اللبنانيون حوارهم وتواصلهم السياسي، نريد أن تكمل الحكومة عملها، نريد أن تطبق السلسلة وتدفع الرواتب، نريد أن تعالج الأزمة المالية، نريد أن تهتم الحكومة بخدمات الناس، نريد أن يكون لبنان واحداً موحداً متماسكاً متآخياً متعايشاً عزيزاً قوياً كريماً سيداً حراً مستقلاً، واليد التي ستمتد إلى هذا البلد ستقطع، أيّا تكن هذه اليد.
الذين سيتآمرون على هذا البلد لن يكون مصيرهم إلا الفشل كما فشل كل المتآمرين السابقين، هذه رسالة دماء شهدائنا اليوم، أسأل الله سبحانه وتعالى لهم الرحمة. نحن نؤكد بطبيعة الحال نحن لدينا اليوم عناصر قوة جداً. مثلاً انا قرأت أن هذا رئيس اللجنة (ما بعرف شو الاميركاني) بالكونغرس يقول يعني بطبيعة الحال كان يمكن لقانون العقوبات المالية أن تؤثر أكثر على حزب الله لو لم يكن هناك فلان الجالس في ذلك المكان بمعنى أن هذا عميل لحزب الله، لا أعلم إذا هو ذكر الاسم أو لم يسمِّ، لكن البعض في لبنان فسر كلامه أنه يقصد العماد عون رئيس الجمهورية فخامة الرئيس.
وأنا أحب أن أقول له: طبيعي أن تكون أنت منزعجاً من فخامة الرئيس ميشال عون، لأن فخامة الرئيس ميشال عون هو ليس عميل لحزب الله قطعاً، ودائماً كانت العلاقات هي علاقة ندية وصادقة وتفهم وحوار ونقاش وتلاقي، ويمكن أن نختلف في بعض الملفات، ولكن ما يزعج الأميركيين، وهذا ما أريد أن يعرفه اللبنانيون اليوم، ما يزعج الاميركيين أنهم يريدون رئيس جمهورية في قصر بعبدا عميلاً لهم، تابعاً للسفارة الأميركية في عوكر، ميشال عون ـ مع حفظ الألقاب ـ ليس كذلك. منذ زمن يعرفونه أنه ليس هكذا وأنه رجل مستقل. هم يريدون رجلاً، إن لم يكن عميلاً بال CIA، يريدون رئيس جمهورية يخاف في حال قال الأميركان شيء، لا ينام الليل إذا طلب الأميركان شيء يشتغل ليحققه، إذا هدد الأميركان "ترجف ركبتيه"، فخامة الرئيس ميشال عون لم يكن كذلك وليس كذلك، ولذلك يزعجهم وجوده في بعبدا، ربما كان لديهم حسابات، خابت حساباتهم، هو بالتأكيد ليس عميلاً لأحد، هو زعيم مستقل يمارس قناعاته الوطنية.
الأميركان يريدون رئيس يقدم مصالحهم الأميركية الأمنية السياسية على المصالح الوطنية، وأنا اعرف أن فخامة الرئيس ميشال عون ليس كذلك، لذلك إذا استهدفوه بالكلام أو فيما بعد بدأ أحدهم يقرب ويقول إنه ربما الأميركان يضغطون أو يقاطعون أو يعزلون أو ما شاكل، دعهم "يبلطوا البحر".
هذا رئيس يعبر عن أغلبية شعبية لبنانية، وهذا رئيس يشكل ضمانة وطنية حقيقية، ولذلك كل ما يمكن أن يقوله الأميركيون لن يقدم ولن يؤخر شيئاً، يمكن أن يقول لك بعض الناس انه ربما غداً عندما يفتح الرئيس العماد عون الصحف ويقرأ أن الأميركان قالوا عنه هذا القول سيبدّل ويعدل ويخاف ويتراجع، الرجل ليس كذلك، نحن نعرف هذا الرجل جيداً، هذا أيضاً من عناصر القوة في لبنان.
اذاً الوضع في لبنان وضع مختلف، وكل من يريد أن يقترب بأي شكل من الأشكال في الموضوع السياسي، في الموضوع الاقتصادي، في الموضوع الأمني، حتى في الموضوع العسكري بالمباشر أو بغير المباشر، يجب أن يعرف أن الحسابات مختلفة وأن يحسب جيداً وأن يفكر جيداً ويدرس جيداً ولا يغلط، لأن إخوة الشهداء ما زالوا موجودين، يصنعون الانتصارات وسيبقون يصنعون الانتصارات إن شاء الله.
رحم الله شهداءنا مجدداً، أبارك لكم جميعاً بشهادة هؤلاء الكبار والأعزاء والأحبة والتحاقهم بركب رسول الله وآل رسول الله وأبي عبد الله الحسين عليه السلام، وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يتقبل منكم قرابينكم وأن يجعلهم لكم ذخراً وشرفاً وكرامةً في الدنيا وفي الآخرة.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه عائلة الشهيد محسن حججي
كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه عائلة الشهيد محسن حججي ٠٣/١٠/٢٠١٧
الأعداء يفشلون في صد شبابنا عن النهج الثوري: الشهيد "حججي" مصداقاً
بسم الله الرحمن الرحیم
الشهيد حججي رمزً للشهادة المظلومة
لقد أصبح اسم "حججي" اليوم اسمًا بارزًا وممتازًا ومشرقًا في جميع أرجاء البلاد، وهذا ببركة جهاد ابنكم وشهادته المظلومة. بالتأكيد فإن شهداءنا جميعًا أعزاء ومظلومون. فبالإضافة إلى "مُحسنكم" –"مُحسننا"- هناك شهداء آخرون أيضًا نالوا الشهادة بهذا الشكل. أي إنّ العدو قطع رؤوسهم عن أبدانهم وأنزل بهم ضربات قاتلة وهم على قيد الحياة. لدينا شهداء بهذه الطريقة. كلّهم أعزاء عند الله ولهم درجات رفيعة. لكن كما يصبح شخص ما بين جماعة في مكان ما ممثلًا عنهم ومتحدثًا باسمهم، أضحى الشهيد محسن ممثلًا لجميع هؤلاء الشهداء المظلومين ومتحدثًا باسمهم في حقيقة الأمر.
لقد أعزّ الله تعالى هذا الشهيد ورفع شأنه، علمًا بأنّ الله لا يعزّ أحدًا إلا بدليل ما وحكمة ما. أي إنّ هذا ليس اعتباطًا وصدفة. كانت هنالك صفات يتحلّى بها هذا الشابّ؛ قد نعلم بعضها ونجهل الكثير منها. لقد أعزّه الله تعالى بسبب صفاته هذه بهذه الطريقة. وحين أضحى عزيزًا، صار ممثلًا ومتحدثًا باسم هؤلاء الشهداء جميعًا. أي إنّ هؤلاء الشهداء الذين استُشهدوا من إيران وأفغانستان والعراق ومناطق أخرى في مواجهة الأشرار التكفيريين وأدوات أمريكا وبريطانيا، يتلخّصون في الواقع ويتجسّدون بأجمعهم في هذا الشاب. فأصبح ممثلًا لهم ورمزًا للشهادة المظلومة. لقد جعل الله ابنكم وولدكم وشابّكم رمزًا للشهادة المظلومة الشجاعة.
شهادته عزة له وللشعب الإيراني
بحمد لله فإنّ الشعب الإيراني قدّر هذا وعرف الجميل حقًّا. هذه الجماهير الغفيرة التي شاركت في تشييع هذا الشابّ، سواء في طهران أو في مشهد أو في أصفهان أو في نجف آباد؛ حضورها له دلالة ومعنى عميق جدًا. في طهران كما أخبرونا، شارك في ذلك اليوم الذي شُيِّع جثمانه مختلف الأشخاص من النساء والرجال بملابس ومظاهر لا تتناسب مع هذه الشهادة والجهاد ونحوهما رافعين صور هذا الشاب بأيديهم. وهذا يعني أن الله تعالى هو الذي وجّه القلوب وجذبها نحو هذا الاتجاه. إن العزة التي وهبها الله عز وجلّ لهذا الشاب، إنما هي في الحقيقة عزة وهبها للشعب الإيراني، فأصبح هذا الشعب عزيزًا بهذه الحركة التي تحققت.
الأعداء يفشلون في صد شبابنا عن الثورة ونهجها
منذ سنوات والأعداء يبذلون جهودهم عبر المنافذ الثقافية لثني شعبنا عن طريق الثورة وطريق الجهاد وطريق النضال؛ أنتم ترون وتشاهدون. إن أهالي "نجف آباد" أهل وعي وذكاء ومطّلعون وعارفون بالأشخاص وأنواعهم. أنتم جميعًا تعرفون الخطوط والتيارات وتعلمون ما الذي يجري في البلد على يد الأعداء لدفع الثورة والإمام الخميني إلى مجاهل النسيان وتضييع خط الثورة النيّر المشرق بين الخطوط المتنوعة. هذا ما يجري العمل لتحقيقه،. من هم المعرَّضون لهذا الهجوم؟ الشباب في الدرجة الأولى، أي إنهم يحاولون فصل هؤلاء الشباب وهذا الجيل الذي لم يشهد الثورة ولا الإمام ولا الدفاع المقدس، وبلغ اليوم مرحلة الشباب، يحاولون فصله عن الثورة، وتكريس مفاهيم بعيدة ومناهضة للثورة عنده. منذ سنوات وهذه الجهود تُبذَل لتحقيق هذا الأمر.
شباب اليوم لا يقلّون ثوريّةً عن جيل الثورة الأول
ولكن على الرغم منهم، هنالك حركة شعبية عظيمة انطلقت بين هؤلاء الشباب أنفسهم. هؤلاء الشباب الذين لم يدركوا فترة الحرب والدفاع المقدس ولا صخب وحيوية تلك الأيام ولا الإمام ولا الثورة، حيث نجد قلوبهم قد انجذبت نحو الثورة لدرجة مدهشة تحيّر الإنسان حقًّا.
لقد قلتها مرارًا بأن شبابنا اليوم من حيث النزوع إلى المفاهيم الثورية، إن لم يكونوا أكثر وأفضل -كمًّا وكيفًا –من شباب فترة الدفاع المقدس في الستينيات (الثمانينيات ميلادية) فإنهم لا يقلّون عنهم. فلا تتصوّرا بأن كلّ الشباب قد انطلقوا إلى الجبهات في تلك الأيام برمتهم. كلا، ففي فترة الحرب كان البعض يشارك في الجبهات ويجاهد ويعرّض نفسه لشتى أنواع المخاطر، والبعض الآخر هنا كان مشغولًا بالعبث واللهو والأعمال المتنوعة. الكثير من الشباب كان هكذا. كل شهدائنا في فترة الحرب المفروضة التي طالت ثمانية أعوام يبلغون نحو ثلاثمئة ألف ونيّف، بينما كان سكّان إيران آنذاك يشكّلون أربعين مليون نسمة، وقد انطلق من بين هذا التعداد على سبيل الفرض مليونان أو ثلاثة أو أربعة ملايين للذهاب إلى الجبهات واستُشهد منهم نحو ثلاثمئة ألف شخص. وهذا العدد في قبال أربعين مليون نسمة من سكان إيران لا يشكّل عددًا كبيرًا. أي إنّ الشباب لم يكونوا كلهم ثوريين في ذلك الزمن. واليوم لو نظرتم إلى الشباب الذين يحملون نزعة ثورية ومعرفة ثورية نسبةً إلى مجموع الشباب لوجدتم –كما أعتقد- أنهم أكثر من ذلك اليوم أو بمقدارهم على أقل تقدير؛ وهذا على الرغم من العدو.
الشهيد حججي كان المصداق لثورية شباب اليوم
هذه حقيقة كان من الواجب إثباتها بطريقة ما. لقد أثبتها شهيدكم هذا وأظهرها بوضوح. أي إنّ الله تعالى رفع شأن هذا الشاب وأعزّه وجعله مثالًا ليُثبت أن الجيل الشابّ المعاصر يسير في هذا الاتجاه. جيل لم يشهد الإمام ولا زمن الحرب ولا فترة الثورة، وإذا به يسعى بكل إخلاص وصدق للذهاب إلى الجهاد في سبيل الله ويبذل جهده ويتوسل، طالبًا من الله ومن الإمام الرضا ومن والده ووالدته أن يأذنوا له ويساعدوه. وهذه آية إلهية. إنها تدل على معجزة الثورة. وهذه المعجزة جارية ومستمرة بحمد لله.
جهاد الشهيد وأشباهه أعزونا جميعا
اشكروا الله . وباعتقادي أنتم أسرته بالدرجة الأولى، والمسؤولون في البلد بالدرجة الثانية، ومن ثم أبناء الشعب الإيراني كله، مرهونون بجهاد هذا الشاب وأشباهه، والحق أن الجميع مرهون لهذا الجهاد. الجهاد هذا هو الذي أعزّ الجميع. أعزّ الجمهورية الإسلامية وأعزّ البلد وأعزّ إيران وأعز الشعب. وبالطبع فإنّ الإذاعات الأجنبية لا تتحدث عن هذا ولا تريد أن تغطي هذه الظاهرة. لكن المحلّلين والمتابعين للقضايا يرون ويعرفون ما الذي حدث في البلد.
لأسرته: شهادة ولدكم مبعث فخر وسلوان لكم
هذه الجموع الحاشدة التي نزلت في طهران إلى الشوارع لتشييع الشهيد، بأي جماعة أخرى يمكن مقارنتها؟ وفي أي مكان في العالم يحدث مثل هذا؟ بل كم قد حدث مثل هذا في بلدنا نحن؟ أو تلك الحشود التي احتشدت في مشهد وفي ذلك الصحن الشريف، أو في أصفهان -وقد رأيت صورتها- حيث تجمّع ذلك الجمهور الهائل في ميدان الإمام. أو في نجف آباد كما سمعت وفي تلك الساحة، حيث سمعت أن هذه الساحة الكبيرة كانت مليئة بالجماهير. إن الله تعالى هو الذي يوجّه القلوب ويقلّبها ويجذبها إلى هنا؛ القلوب بيد الله، وهذا فعل الله.
لقد أعزّكم الله؛ وهذا عزاء لكم وتسلية خاطر. المصيبة مصيبة كبيرة. لكنّ هذه العزة التي أسبغها الله عليه وعليكم وعلى البلد ببركته، هي مبعث فخر وسلوان لكم ولأبيه وأمه وزوجته. اشكروا الله تعالى على أنه وهب للبلد مثل هذه العزة بواسطة ولدكم وشابّكم وزوج هذه السيدة.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته