
Super User
مظاهرة قرب تل أبيب للمطالبة بتقديم لائحة اتهام ضد نتنياهو
تظاهر عشرات الإسرائيليين قرب مدينة تل أبيب، مساء السبت، للمطالبة بالإسراع في تقديم لائحة اتهام ضد رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو.
ونقل موقع صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية إن المظاهرة نُظمت في ميدان جورين، قرب منزل المستشار القانوني للحكومة، النائب العام، أفيحاي مندلبليت، بمدينة "بيتاح تكفا" (شمال).
وطالب المتظاهرون النائب العام مندلبليت؛ بتسريع التحقيق ضد نتنياهو، حسب الصحيفة.
وتعتبر هذه المرة الـ46 منذ بدء التحقيق مع نتنياهو، التي يتظاهر فيها إسرائيليون للمطالبة بتسريع التحقيقات مع رئيس الحكومة.
ونهاية الشهر الماضي، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الشرطة تعتزم التحقيق مجددًا مع نتنياهو، بعد انتهاء فترة الأعياد اليهودية التي تنتهي في الـ14 من الشهر الجاري، بقضيتي الفساد المعروفتين بـ "الملف 1000"و "الملف 2000".
و"الملف 1000" يتضمن شبهات بحصول نتنياهو وزوجته سارة، على هدايا من رجال أعمال معروفين.
أما "الملف 2000"، فيتعلق بعقد نتنياهو محادثات مع ناشر صحيفة "يديعوت أحرنوت"، أرنون موزس، للحصول على تغطية صحفية أفضل لأنشطة رئيس الوزراء، مقابل تقديم مشروع قانون ضد صحيفة "إسرائيل اليوم" المنافسة.
لندن تشهد مسيرة صامتة ضد الإرهاب ومظاهرة رافضة للعنصرية والإسلاموفوبيا
شهدت العاصمة البريطانية، مساء السبت، مسيرة صامتة رافضة للهجمات الإرهابية التي استهدفت البلاد هذا العام، ومظاهرة ضد العنصرية والإسلاموفوبيا.
وبحسب مراسل الأناضول، نظمت "رابطة شباب كرة القدم" (FLA) البريطانية اليمينية، المسيرة بلندن، ضد ما أسمته "التطرف" في إشارة للهجمات الإرهابية التي شهدتها البلاد العام الجاري.
وانطلقت المسيرة بمشاركة 30 ألف شخص تقريبا، من أمام منتزه هايد بارك، وتوجهت صوب جسر ويستمنستر، الذي شهد أولى الهجمات الإرهابية في بريطانيا يوم 22 آذار/مارس الماضي.
وضمت المسيرة مشجعين لبعض أندية كرة القدم البريطانية، التي كانت ظاهرة في القمصان التي ارتداها المشاركون في المظاهرة، بحسب مراسل الأناضول.
ووقف المتظاهرون دقيقة صمت على أرواح من فقدوا حياتهم في الهجمات الإرهابية.
تجدر الإشارة أنّ جون ميغهان (32 عاما)، أحد مشجعي نادي توتنهام الإنجليزي، أسس رابطة شباب كرة القدم، في 24 حزيران/يونيو الماضي، عقب الهجوم الإرهابي الذي شهده جسر لندن في 3 من الشهر ذاته، وينضوي تحته حوالي 70 ألف عضو.
وعلى الرغم من ذكر الرابطة بأن المشاركين في مسيرة اليوم "هم أناس عاديون"، إلا أنّ الرابطة تتلقى دعما من الجماعات اليمينية الإنجليزية.
يذكر أن "اتحاد الدفاع الإنجليزي" اليميني المتطرف، كان قد شارك في مظاهرة نظمتها الرابطة يوم 24 يونيو الماضي.
في المقابل، نظم منبر "قف في وجه العنصرية" (غير حكومي) مظاهرة قريبة من مسار المسيرة الصامتة، رافعين لافتات كتب عليها "لا للإسلاموفوبيا" الأمر الذي خلق لحظات من التوتر بين المجموعتين.
وشهدت بريطانيا خمسة هجمات إرهابية هذا العام، أسفرت عن مقتل 36 شخصا، واستهدفت إحدى الهجمات مجموعة من المصلين بعد صلاة التراويح في شهر رمضان الماضي.
وفي وقت سابق اليوم، أعلن مسؤولون بالشرطة إصابة عدد من الأشخاص، جراء دهس سيارة لعدد من المارة خارج "متحف التاريخ الطبيعي" بلندن.
كما أوضحت الشرطة البريطانية أنّ "شخصًا تم توقيفه على خلفية الحادث"، غير أنها لم تحدد هويته.
ونقلت وكالة "أسوشيتيد برس" عن مسؤولين بالشرطة (رفض ذكر اسمه) قولهم "مما رأيناه في منهجية الهجمات الأخرى لن نحكم عليه كعمل إرهابي، لكننا لا نملك من المعلومات ما يكفي لتحديد طبيعة الحادث بشكل مفصل".
منظمة BROUK: التجويع وسيلة جديدة تضاف لممارسات إبادة مسلمي الروهنغيا
"بورما الروهنغيا" التي تتخذ من بريطانيا مقرًا لها، قالت إن "جيش ميانمار ومعه المليشيات البوذية المتطرفة تواصل إضرام النار في منازل مسلمي أراكان".
قالت منظمة "بورما الروهنغيا"(BROUK)، إن "التجويع وسيلة جديدة تضاف لممارسات الإبادة العرقية التي يمارسها الجيش، والميليشيات البوذية المتطرفة ضد مسلمي الروهنغيا" بإقليم أراكان، غربي ميانمار.
وذكر بيان للمنظمة الأهلية التي تتخذ من بريطانيا مقرا لها - اطلعت عليه الأناضول- أن "مسلمي الروهنغيا يواجهون المجاعة، بسبب عدم سماح جيش وحكومة ميانمار بدخول المساعدات الإنسانية للإقليم".
وأشار إلى "عبور آلاف الأراكانيين إلى بنغلاديش جرّاء الجوع، علاوة على العنف الممنهج الذي يمارسه الجيش والمليشيات البوذية المتطرفة ضدهم".
وأكد البيان، أن "جيش ميانمار، والمليشيات البوذية، يواصلو إضرام النار بمنازل مسلمي الروهنغيا، وأماكن عملهم، رغم النداءات الأممية لوقف العنف في الإقليم".
تجدر الإشارة أن هذه الانتهاكات تتم بحق مسلمي الروهنغيا، منذ 25 أغسطس/آب الماضي، ما أسفر عن مقتل آلافٍ، وتشريد مئات آلاف من الأبرياء، حسب ناشطين محليين.
وفي آخر إحصائية أممية، أعلن المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة استيفان دوغريك، أمس الجمعة، أن عدد مسلمي الروهنغيا الفارين لبنغلاديش، من إقليم أراكان، ارتفع إلى 515 آلف.
لماذا يقوم الملك السعودي بزيارة باهتة إلى موسكو؟
أسئلة عدة تُطرح عن الزيارة الأخيرة للملك السعودي سلمان بن عبد العزيز إلى موسكو وسط بحث عن مخارج مقبولة في الملف السوري.
معلقون إسرائيليون لا يخفون قلقهم من اصطفاف "الدول العربية المعتدلة" في طابور دولي يبدأ من أبواب دمشق
تبدو عمليّات "جيش الإسلام" المدعوم من المملكة العربية السعودية في سوريا، أقرب إلى عمليات "تذكيرية" أكثر منها أعمال عسكرية مؤثرة ميدانياً في موازين القوى.
يختصر المديح الذي كاله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف لدور الرياض والقاهرة في توحيد منصات "المعارضة" السورية المصلحة الروسية من الحديث مع السعودية في الملف السوري في الوقت الراهن.
فمنذ أن أبدت الولايات المتحدة الأميركية "برودة" في التعامل مع الملف السوري، بالنسبة لحلفائها في الشرق الأوسط، إنتقلت دول الخليج تدريجيًا؛ كلٌ من موقعه، إلى البحث عن مخارج تحفظ لها موقعًا سياسيًا ممكنًا في تسويةٍ بعيدة المنال لكنها مع ذلك أقرب من أي وقت مضى إلى التحقق.
حتى أن المعلقين الإسرائيليين باتوا لا يخفون قلقهم من اصطفاف "الدول العربية المعتدلة" في طابور دولي يبدأ من أبواب دمشق.
في خضم هذا المشهد، للسعودية حساباتها وأولوياتها أيضًا.
للوهلة الأولى، تثير زيارة الملك سلمان إلى روسيا تساؤلات حول مدى استعداد الرياض للذهاب بعيدًا في إعادة التموضع سوريًا، لكن طبيعة العلاقة السعودية – الأميركية ومئات المليارات التي قطفها دونالد ترامب في زيارته الأخيرة إلى الرياض تؤكد بما لا يدعّ للشك أنّ اي تحرك سعودي محكومٌ بالبقاء تحت السقف الأميركي مهما بلغ في الظاهر إعلاميًا.
تنطبق هذه القاعدة على الخطوة السعودية تجاه موسكو.فالرياض ليست بصدد البحث عن بديل لواشنطن، من دون أن ينفي ذلك إمكانية جس النبض الروسي لتحقيق مكاسب تكتيكية لا تتعارض والسياسة الأميركية العامة في سوريا والمنطقة.
ولكن إن صحّ ذلك، فما هي دوافع اللقاء السعودي الروسي في هذا التوقيت والشكل؟ وما هي الأولويات التي تقود السياسة السعودية حاليًا؟
مجالات الإتفاقيات التي وقعها الملك السعودي في موسكو تشمل : الشراكة في "صندوق الإستثمارات العامة" بقيمة مليار دولار، مذكرة تفاهم لزيادة توطين الصناعات العسكرية، "مبادلةً" للإستثمار في البنية التحتية، مذكرة تفاهم لتأسيس منصة استثمارية في قطاع النفط بالإضافة إلى تفاهم لاستكشاف "الفرص" بين البلدين في هذا القطاع، مذكرة تفاهم في قطاع التقنية، واتفاقيات في قطاع الإتصالات والزراعة والثقافة، فضلًا عن اتفاقية منظومة "اس 400".
قيمة هذه الإتفاقيات جميعها لا تتجاوز العشرة مليارات دولار بأفضل تقدير، من ضمنها ثلاثة مليارات في المجال النفطي. هذه الأرقام لا يمكن مقارنتها بأي شكل من الأشكال بالصفقات السعودية – الأميركية.
العنوان النفطي الذي نال أكبر حصة في الإتفاقيات الموقعة كان محط تركيز خاص من الملك سلمان الذي اعتبر أن "المساهمة مع الأصدقاء الروس محورية للتوصل إلى آفاق نحو إعادة التوازن لأسواق النفط العالمية"، مضيفًا أن "رؤية 2030" للنهوض بالإقتصاد السعودي "تفتح فرصًا عديدةً أمام الشركات الروسية".
وكان لافتًا أن تعليقات الدوريات الروسية المعتبرة لم تعطِ الزيارة أبعادًا تفوق حجمها الحقيقي، فوضعتها ضمن مصلحة مفيدة لمصلحة الطرفين، مع الإشارة إلى أن الرياض تطمح لضمان "حياد" موسكو إزاء الحرب في اليمن والأزمة مع قطر.
أما في ما يخص صفقة "اس 400"، فإنّ الحاجات العسكرية السعودية تخضع عادةً للتقييم الأميركي، وقد أخلّت الرياض أكثر من مرة سابقًا بوعود تنفيذ صفقات عسكرية مع موسكو، ما دفع العديد من الخبراء العسكريين الروس هذه المرة إلى وضع الحديث عن صفقة "أس 400" ضمن سياق حملات الترويج السعودية بهدف جس نبض روسيا من إحتمالات تغيير الموقف من إيران.
ومع أن "الحدّ من النفوذ" الإيراني عنوان حاضر بطبيعة الحال في برامج الدبلوماسية السعودية، إلّا أن الرياض لا تتوقع بالتأكيد إحداث اختراق هام في الموقف الروسي من هذه المسألة بمذكرات تفاهم وبضع مليارات غير مضمون دفعها أصلًا.
لعل الزيارة هي في سياق "الإنفتاح" السعودي، المستجد داخليًا، والمطلوب خارجيًا بهدف إيجاد حلّ للحرب في اليمن والخروج بمكاسب الحد الأدنى في سوريا والحفاظ على دور إقليمي موازٍ لأنقرة وطهران، لكن هذه الأهداف جميعًا ربما لا يمكن ترقبها دفعةً واحدة من زيارة "بروتوكولية" إلى موسكو.
كلمة الإمام الخامنئي حول الأحداث الأخيرة في بورما
نص كلمة الإمام الخامنئي في بداية جلسة البحث الخارج في الفقه يوم الثلاثاء 12/09/2017 الذي تحدّث فيها قائد الثورة الإسلامية حول الأحداث الأخيرة في بورما.
الحكومات الإسلامية مطالبة بممارسة ضغوط عملية لنجدة مسلمي ميانمار
أحداث بورما فجائع لا رحمة فيها
قضية بورما المفجعة حقًّا، لا يعلم الإنسان كيف يبرّرها أمام أنظار البلدان والدول الإسلامية، أمام أنظار مليار ونصف مليار مسلم، أمام أنظار المحافل الدولية والحكومات الكاذبة المرائية التي تدّعي حقوق الإنسان. حكومة عديمة الرحمة وعلى رأسها امرأة نالت جائزة نوبل للسلام! امرأة عديمة الرحمة. هي بحق حادثة قلّ نظيرها: يقتلون حشوداً من النّاس العُزّل، يحرقونهم، يدمّرون منازلهم، يطردونهم. في واقع الأمر هذه حادثة عجيبة.
لا تتمّ أيضاً ملاحظة أيّ ردّ فعل بمعناه الواقعي. نعم، يُدينون، وما فائدة الإدانة؟ ينشرون البيانات، ما هو تأثير ذلك؟ يجب عليهم أن يتخذوا إجراءات عمليّة.
فجائع ترتكبها إمرأة نالت جائزة نوبل للسلام!
بداية وبدل أن يبيّنوا حقيقة القضيّة للناس؛ يجعلونها قضية بين المسلمين والبوذيين. قد يكون هناك تأثير لعدد من المتعصّبين في هذه القضيّة، لكن هناك حكومة ترتكب هذه الأفعال. القضية سياسيّة . وعلى رأس تلك الحكومة امرأة نالت جائزة نوبل ! لقد قضوا على نوبل وجائزة نوبل بعملهم هذا. جائزة نوبل للسلام تُمنح لإنسان بهذا القدر من انعدام الرحمة؟! امرأة وتملك هذا القدر من القسوة! يحار الإنسان فعلاً لما آلت إليه البشرية في العالم.
الحكومات الإسلامية مطالبة بممارسة ضغوط عملية
الحل هو أن تتدخّل الحكومات الإسلامية بشكل عملي. لا نقول بأن يحشدوا الجيوش ويهاجموا تلك المنطقة، لكن فليمارسوا ضغوطاً سياسية واقتصادية. توجد العشرات من البلدان الإسلامية، قد يكون لدى بعض هذه البلدان علاقات تجارية وعلاقات اقتصادية، فليمارسوا الضغوط من ذاك الباب على تلك الحكومة، فلينبّهوها وليكرّروا ذلك. فليصرخوا ضدّهم في المحافل الدوليّة. عليهم القيام بهذه الأعمال. ولكن جلوسنا في زاوية ما وإدانتنا [..]. لقد أدان الأمين العام للأمم المتحدة -بذل جهداً كبيراً!- ما هي فائدة هذه الإدانات؟ يجب أن يكون هناك أثرٌ عملي.
الشعوب مدعوة لمطالبة حكوماتها بنجدة مسلمي ميانمار
حيث تقتضي سياساتهم؛ في بعض الأحيان يقلبون الدنيا رأساً على عقب بسبب وجود ضغوط على مجرم ما في بلد معيّن. ينادون ويصرخون، لأن مجرماً تلقّى عقابه في أحد الأماكن، لقد قُتل هنا عشرات الآلاف. عددهم معروف ولا يسمحون بإعلانه. شُرّد عشرات الآلاف. لا تتمّ ملاحظة أيّ ردّ فعل منهم للأسف. هذه حادثة عظيمة جدّاً. نعم، الشعوب غاضبة وحزينة؛ هناك مظاهرات في البلدان الإسلامية، لكن على الحكومات اتخاذ الإجراءات. يجب أن تتم مطالبة الحكومات بأن يتم القيام بهذه الخطوات. يجب أن تعقد منظمة التعاون الإسلامي جلسة لأجل هذه القضية، فليجلسوا وليبحثوا سبل نجدة هؤلاء المسلمين. للأسف فإن العالم عالم الظلم.
الجمهورية الإسلامية تفتخر بمواقفها حيال الظلم أينما كان
وعلى الجمهورية الإسلامية أن تحتفظ لنفسها بهذا الفخر بأن تعلن موقفها بصراحة وشجاعة حيال الظلم في أي نقطة من العالم؛ سواء في المناطق المحتلة من قبل الصهاينة، أو في اليمن حيث يرزح شعب اليمن تحت وطأة القصف، أو في البحرين أو في أي مكان آخر أو في بورما. يجب أن تتخذ الجمهورية الإسلامية موقفها الصريح والشجاع حيال هذه الأحداث.
كلمة الإمام الخامنئي لدى لقائه رئيس وأعضاء مجلس خبراء القيادة
مشكلات البلاد على أنواعها لا تعالج إلا على أيدي أبناء البلاد أنفسهم
المحاور الرئيسية
عاشوراء مظهر لكل القيم الإنسانية
لعلاقات مع العالم من منطلق الاعتماد على الذات
الأميركيون غاضبون لفشل مخططاتهم في منطقتنا
الكلام الأخير للرئيس الأميركي قبيح وسخيف
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله الطاهرين، لا سيما بقية الله في الأرضين.
نرحّب بكم أجمل ترحيب أيها الإخوة الأعزاء والسادة المحترمون. واحدٌ من اللقاءات المحببة والطيبة بالنسبة إلينا في أوقات معينة، هو اللقاء بكم أيها السادة الخبراء. التأثير الذي تتركونه في أجوائكم الاجتماعية، والتأثير الذي يتمتع به هذا الاجتماع الشريف والعزيز في فريق عمل النظام، كلها نقاط مهمة ونتمنى أن يكون كل ما فكّرتم وتأمّلتم فيه وما قلتموه وما أردتم تحقيقه وما قمتم به لذلك، إن شاء الله مشمولاً باللطف والمدد الإلهي، وأن يصل إلى نتائجه إن شاء الله.
نشكر سماحة الشيخ جنتي وسماحة السيد الشاهرودي كثيراً على كلمتيهما، فقد عرضا مطالب مفيدة، وعرّفانا في هذه الجلسة على أجواء المجلس خلال أيام الاجتماع. بالطبع كنت قد اطلعت سابقاً على تقرير في هذا الخصوص. تناول السادة قضايا مهمة جديرة بالاهتمام حقاً. تحية لذكرى المرحوم الشيخ معصومي، سماحة الحاج الشيخ علي أصغر معصومي رحمة الله عليه، فقد كان من أصدقائنا القدامى، وكان عضو مجلس خبراء القيادة لعدة دورات. ولم يرغب هو نفسه أن ينضم للمجلس في دورته الأخيرة هذه، فقد كان مريضاً وغير قادر على التحرك، وقد انتقل إلى رحمة الله قبل بضعة أيام (2)، وكلنا أمل أن تشمله رحمة الله ولطفه إن شاء الله.
عاشوراء مظهر لكل القيم الإنسانية
أشار السيدان - سماحة الشيخ جنتي وسماحة السيد الشاهرودي -إلى مناسبة محرم؛ إنها مناسبة بالغة الأهمية. محرم شهر الإمام الحسين، إنه شهر حسيني. شهر كل تلك القيم التي تجلت وتبلورت في وجود سيد الشهداء ( سلام الله عليه). شهر الجهاد، وشهر الإخلاص، وشهر الوفاء، وشهر التضحية، وشهر القيام لحفظ الدين، دين الله، والوقوف مقابل القوى المعادية للدين. الوجود المبارك لسيد الشهداء وأحداث عاشوراء ومحرم وأمثالها هي مظهر لهذه القيم. والحق في الواقع، إن هذا الاعتقاد صحيح بأن قيام سيد الشهداء هو الذي حفظ الإسلام.
تيار المتدينين يتقدم باستمرار بفضل عاشوراء
كذلك فإن هذه الحادثة ازدادت حيوية ونضارة يوماً بعد يوم على مرّ القرون. وازدادت مراسم إحياء هذه الحادثة في الوقت الراهن بالمقارنة إلى ما قبل مئة سنة -حيث لم يكن لتديّن الناس بحسب الظاهر آنذاك معارضون كمعارضي اليوم- حرارةً وجاذبيةً وحماسة واتساعاً؛ هذا كله له معناه. هذا كله يدل على حقائق وعلى تيار يسير ويتقدم حالياً في العالم بقيادة الحسين بن علي (سلام الله عليه)؛ وسوف يتقدم أكثر إن شاء الله، وسيكون فتحاً للآفاق وحلاً لعقد مشاكل الشعوب.
لتشكيل هيئة فكرية تُعنى بتقويم المسار الإستراتيجي الثورة
أريد تناول ثلاث نقاط: إحداها تتعلق بهذا المجلس المحترم، مجلس خبراء القيادة. والأخرى - وهي نقطة تكررت تقريباً - حول شؤون البلاد. ونقطة حول النظرة إلى أوضاع المنطقة والعالم وعلاقتها بنا وبالجمهورية الإسلامية.
بالنسبة إلى النقطة الأولى، إن هذا المجلس مجلس استثنائي ومنقطع النظير حقاً من حيث التركيب ومن حيث الوظائف ومن حيث الأداء خلال هذه الأعوام الماضية وإلى اليوم. برأيي أنا العبد، يمكن عقد الآمال على هذا المجلس لأمر مهم آخر إلى جانب الأعمال والمهام التي قام بها حتى الآن ولا يزال، وهو عبارة عن النظرة العامة الاستراتيجية للثورة ومسار الثورة. ليس لدينا بين أجهزتنا جهاز لهذه المهمة. وهي طبعاً من جملة واجبات القائد. وقد بُذلت جهودٌ لهذا الأمر في حدود الإمكان؛ رغم النواقص الموجودة عند هذا العبد الحقير. ولكننا لا نمتلك جهازاً لهذه المهمة. السلطات الثلاث مكلفة بإدارة البلاد، ويجب عليها إدارة البلاد؛ كل واحدة في مجال ما وبشكل ما. طبعاً هم يجب أن يديروا الأمور إدارةً ثورية، ولا شكَّ في هذا. لكن نظرتهم بشكل طبيعي مركزة على هذا المسير والدرب الذي يسيرون فيه، وهي على العموم ليست نظرة عامة واستراتيجية لمجمل مجموعة الثورة طوال هذه الأعوام التسعة والثلاثين، وعلى مدى عشرات السنين القادمة. هناك حاجة لوجود مركز يمتلك هذه النظرة.
ما معنى هذا؟ لأوضح المسألة أكثر: يمكن تصور وجود هيئة تفكير في مجلس خبراء القيادة هذا - والحمد لله على أن أصحاب الرأي وأهل الفكر في هذه المجموعة المكوّنة من سبعين أو ثمانين شخصاً ليسوا بالقلائل- وتكون وظيفة هذه الهيئة المفكرة أن تلقي نظرة كلية على مسار الثورة منذ بدايتها وإلى اليوم.
حسنًا، لقد كان لهذه الثورة أهداف؛ هناك حركة انطلقت نحو أهداف معينة. لينظروا كي نرى كم اقتربنا من هذه الأهداف. من أي هدف اقتربنا. وأي الأهداف توقفنا عن متابعتها وأيها تخلفنا عنها. قد تكون هناك حالات سجلنا فيها تقدماً نحو هدف ما في بدايات الثورة لكننا بعد مدة لم نتوقف فحسب، بل وربما عدنا إلى الوراء. يجب أن نعرف هذه الأمور.
نماذج من السياسات العامة محل التقويم
أ ــ سياسات "لا شرقية ولا غربية"
إذا شاهدنا مثل هذه الحالات في بعض الأمور، ينبغي أن ينظّم هذا المجلس مطالباته على هذا الأساس. وطالما جرى الحديث عن مطالبات. كانت هناك في كلمات السادة ـ وأشار السادة هنا، وسبق أن قلت أنا: نعم يجب أن يكون لمجلس الخبراء مطالباته من الأجهزة والمؤسسات المختلفة. يمكن تنظيم هذه المطالبات على أساس هذه الدراسة، ولنضرب مثلاً بشأن الأمور الموجودة.
لنفترض أن من العناوين المهمة لهذه الثورة، كان ثورة "لا شرقية ولا غربية". ولا يوجد اليوم شرق، وفي المقابل يوجد غرب بكل قوة وقدرة. فما معنى "لا غربية"؟ معناها أنْ لا ننجذب إلى الغرب ولا نقع تحت تأثير الغرب ولا نتقبل الثقافة الغربية، ويجب أن نشذّب البلاد والثقافة لتنقيتها من الامتزاج بالثقافة الغربية المنحطة؛ أن لا نخضع لتأثير الغرب من الناحية السياسية. أن لا نكون تابعين للغرب. لا نكون مطيعين ومنقادين للغرب. هذا هو معنى "لا غربية". وكذلك الحال بالنسبة لشعار: "لا شرقية". غير أنه لا يوجد اليوم "شرقية".
أين هو الغرب؟ الغرب هو أمريكا وأوروبا. حسنًا، الحكومات الأوروبية لديها ثقافة ولديها سياسة وخارطة طريق طويلة وعامة. نحن باعتبارنا جمهورية إسلامية مهمتنا أن ننقذ أنفسنا من السقوط في الدرب الذي يريده الغرب. هذا واجب. فهل قمنا بهذا الواجب لحد الآن أم لا؟ كم هي نسبة ما قمنا به؟ أين هي الأمور التي قمنا بها؟ وإذا لم نقم به في قضايا معينة فأين تكمن المشكلة؟ طبقاً لتشخيص تلك المشكلة تطرح "المطالبات" في هذا المجلس. وقد تكون هذه المطالبة من هذا الحقير، وقد تكون مطلوبة من الحكومة، وقد تكون السلطة القضائية مطالبة بها. وقد يكون الحرس الثوري مطالباً بها، وقد يكون مجلس الشورى مطالباً بها. يمكن طرح مطالبات على هذا الأساس. كان هذا مثالاً.
ب ــ الإقتدار الإقتصادي
أو لنفترض في المجال الاقتصادي. الاقتدار الاقتصادي هو أحد أركان اقتدار البلاد. وقوة العملة الوطنية من العناصر الأساسية التي تشكل الاقتدار الاقتصادي، بمعنى أن تكون للعملة الوطنية قدرة شراء، وأن تنتج هذه القدرة الثروةَ للمواطنين ولمن يمتلكون هذه العملة. إذا وصلنا بناء على سياسات خاطئة، سياسات تنفيذية خاطئة وقرارات خاطئة وحالات عدم الاهتمام وعدم الاكتراث على اختلاف أنواعها، إلى وضع يهبط بقيمة العملة الوطنية يوماً بعد يوم، فهذا رجوع إلى الوراء وهذا تخلّف. يجب أن نُشخّص هذه الحال. ونطرح على أساسها مطالبات. ويمكن أن تكون هذه المطالبة من الحكومة وقد تكون من مجلس الشورى، وهلمّ جراً.
ج ــ قضية العدالة
من الأمور التي كانت مطروحة منذ مطلع الثورة قضية العدالة. العدالة معناها تقليل المسافات الفاصلة بين الفقير والغني في البلاد، ومكافحة الفقر، والتوزيع الصحيح للثروة في البلاد. وهذا مختلف عن الأفكار الماركسية، وهو غير المساواة التي يطرحها الاشتراكيون أو الشيوعيون . هذا هو رأي الإسلام؛ المصادر والوثائق الإسلامية تؤيد وتؤكد كلها هذا المعنى. لا بمعنى أن نسيطر على ثروة الأثرياء ونريد أن نسلبهم هذه الثروة. كلا، بل ينبغي إدارة البلاد بحيث تقل الفوارق والمسافات بين الفقير والغني. حسنًا، هذه قضية شديدة الأهمية، وهي قضية تطرح اليوم في العالم. و"مُعامل جيني" الذي يطرح في العالم ويُعدّ اليوم من المعايير والمؤشرات الاقتصادية هو هذا. إنه في الواقع وبمعنى من المعاني المسافة الفاصلة بين الفقير والغني. يجب أن ننظر لنرى كم تقدمنا إلى الإمام من هذه الناحية - من وجهة نظر الإسلام - وكم سِرنا وتحركنا، ولماذا أصبح الوضع هكذا. يجب أن نحسب هذه الأمور وندرسها.
د ــ حماية الدوافع الثورية وتعزيزها
أو لنفترض مثلاً حماية وحراسة الدوافع الثورية. شرط استمرار حياة الجمهورية الإسلامية وجود الدوافع الثورية ووجود الروح الثورية. إذا لم تكن الروح الثورية موجودة، فلن تكون الجمهورية الإسلامية. نعم، ستكون هناك دولة تتولى الأمور لكن تلك الدولة لن تكون جمهورية إسلامية. فحركة الشعب هذه، وهذه الدماء التي قدّمها الناس وهذه الجهود والمشاق التي تحملوها لإحياء الإسلام وإحياء الشريعة الإسلامية، كلها كانت لهذا الغرض، وسوف تزول وتداس بالأقدام إذا زالت الدوافع الثورية. إذًا، لا بدّ من وجود الدوافع الثورية للمحافظة على الجمهورية الإسلامية. ما هو حال هذه الدوافع الثورية؟ هل انخفضت؟ هل ازدادت؟ هل استمرت؟ ما هي حالات مواجهة ومكافحة هذه الدوافع؟ وما هو السبيل لمواجهة هذه الحرب التي تُشنُّ ضد هذه الدوافع الثورية؟ ندرس هذا ونُعدُّ مطالباتنا على ضوء دراستنا. لنفترض مثلاً أنني أنا العبد اقول في كلماتي المختلفة: يجب أن تساعدوا الشباب الثوري والحزب اللهي، فهذا هو معنى هذا الكلام. أي إنها مطالبة قائمة على رؤية للمسيرة الثورية في البلاد. وطبعاً لحسن الحظ ، لم يتراجع البلد في هذا المجال، ليس هذا فحسب، بل وتقدم إلى الأمام. هذا شيء مسلّم وقابل للإثبات.
هـ ــ صيانة روح التدين وتنميتها
أو لنفترض قضية تديّن الناس؛ نحن نريد أن يكون الناس متدينين. تتكرر هذه العبارة أحياناً «إننا لا نريد أن نُدخلَ الناس إلى الجنة بالقوة». هذه العبارة في رأينا عبارة غير صحيحة. إنه تعبير فيه مغالطة. لا يريد أحد إدخال أحد إلى الجنة بالقوة، ولكن علينا أن نفتح طريق الجنة أمام الناس ونشجعهم. بل إن الأنبياء بالأصل جاءوا لأجل هذا: ليأخذوا الناس إلى الجنة ولا يدعوهم يدخلون النار. إنَّ كل إرسال الرسل وإنزال الكتب وكل هذه الصعاب والمجاهدات كانت من أجل أن لا يدعوا الناس تواجه جهنم. هذا واجبنا ويجب أن نقوم به، ويجب أن يكون الناس متدينين؛ هذا ما لا شكَّ فيه. طبعاً بالطريق الصحيح وبالشكل السليم المناسب. إما أنْ يقول قائل: «ليس في الإسلام قوة في هذا المجال» فهذا ليس بالكلام الصحيح. فما هي هذه الحدود الشرعية إذًا؟ ما هي إذًا هذه الـ«فاجلدوا .... مئة جلدة» (3) أو «فاجلدوهم ثمانين جلدة» (4) ؟ إنها تلك القوة والقدرة.
إذًا، هذه دراسات استراتيجية؛ أي عندما تجتمع هيئتكم المفكرة وتلقي نظرة على مسيرة الثورة وعلى هذه المجموعة طوال هذه السنين التسع والثلاثين، وتسجل كل واحدة من هذه الحالات ـ وعشر حالات أو خمس عشرة حالة مهمة أخرى يمكن تعدادها ـ وتجد أننا حققنا تقدماً في هذا الجانب فسيكون هذا التقدم مبعث تشجيع، ينبغي القيام بأعمال من أجل أن نواصل هذا التقدم ونحافظ عليه، فمن المؤكد أن لهذا التقدم من يعارضه ويخالفه. أو إننا عانينا من المراوحة في أمور معينة، وتراجعنا في بعض المسائل. يجب أن ننظر ما الذي ينبغي فعله حيال هذه الحالات. وهذا ما ينتج مطالبات، بمعنى أن المطالبات اللازمة أكبر بكثير من المطالب الجزئية والتنفيذية، من قبيل أن المحافظة الفلانية أو المدينة الفلانية تعاني من هذه المشكلة أو تلك. وتلك أيضاً مشكلات بالطبع ولا نريد إنكارها، غير أنّ شأن مجلس خبراء القيادة هو متابعة تلك القضايا الأساسية. هذه برأيي من المهام الأصلية والمهمة التي يمكن لهذا المجلس أن يقوم بها.
مشكلات البلاد على أنواعها لا تعالج إلا على أيدي أبناء البلاد أنفسهم
والنقطة الثانية التي أشرت إليها، تتعلق بمشكلات البلاد؛ هي كلام مكرر قيل مرات عديدة ونريد أن نطرحه مرة أخرى. خلاصته أننا نريد القول: ليعلم مسؤولو البلاد وكل أبناء الشعب أن حل مشكلات البلاد غير ممكن ولا يتحقق إلّا على أيدي أبناء البلاد أنفسهم؛ سواء المشكلات الاقتصادية أو المشكلات الثقافية. كل أنواع المشكلات يمكن لهذا الشعب نفسه أن يعالجها.
أ ــ ضرورة تحويل قضية " العلاج الداخلي " إلى مطلب شعبي
ولأذكر شيئاً حول ذلك. الموضوع السابق، يصدق أيضاً على هذه القضية. وهو أنكم عندما تصلون إلى نتيجة ما بخصوص عنوان من العناوين المهمة الأساسية للثورة، فيجب أن تحوّلوه إلى "خطاب" ومنطق رائج، كأنْ تنشروه مثلاً في الصحف والمجلات. أنتم مجموعة كبيرة، عدد كبير من السادة من أئمة الجمعة أو الشخصيات البارزة في المحافظات أو في العاصمة، ولهم منابرهم ويستطيعون التحدث مع الناس ومخاطبتهم، كرّروا وتكلموا إلى أن تصبح الفكرة خطاباً. "الخطاب" هو تلك الفكرة الشائعة بين الناس والتي تمثل مطالبة عامة من قبل الشعب. عندما يتحول أمر ما إلى مطالبة عامة وخطاب عام، سيقترب بشكل طبيعي من التطبيق العملي. وكذا الحال بالنسبة إلى هذه القضية أيضاً. قضية التأكيد على أن الأيدي الداخلية هي التي تحل مشكلات البلاد، يجب أن تتحول إلى واحدة من الواضحات والبينات الفكرية للشعب. يجب أن تقال هذه الفكرة وتكرر ويستدل عليها منطقياً ويتم تبيينها حتى تصبح" خطاباً" مسلّماً.
لدينا شباب متحفز وأفراد متخصصون ومنتجون جيدون وصناع فرص عمل جيدون، ولدينا عمال جيدون ومزارعون صالحون ومعلمون جيدون وأساتذة جيدون. يجب إصلاح الأمور على أيي أمثال هؤلاء. هم الذين يجب أن يعالجوا مشكلات البلاد. هؤلاء هم من ينبغي أن يعالجوا المشكلة الاقتصادية أيضاً والمشكلات العملية المتنوعة الأخرى. الأجانب لا يعوّل عليهم لفعل شيء.
ب ــ للتعامل مع العالم لكن من منطلق الاعتماد على الذات
أنا لا أقول اقطعوا العلاقات بالعالم، هذا ليس رأيي أبداً. منذ بداية الثورة، كنت من الأشخاص الذين أصروا على إقامة العلاقات - الارتباط بأطراف العالم - والآن أيضاً لديّ هذا الاعتقاد نفسه. لكن ما أقوله هو أن لا نبدل أرجلنا القوية الطبيعية بعصا الأجانب. من الخطأ أن نتوكأ على عصا الأجنبي بدل الوقوف على أرجلنا والاعتماد عليها.
طبعاً لا إشكال في المفاوضات في العلاقات العالمية. الإشكال الذي كان لديّ حول المفاوضات النووية ولا يزال وطرحته على المسؤولين أنفسهم مراراً في جلسات خاصة وعامة هو: أقول لم يكن ثمة مشكلة في أن نتفاوض، لا إشكال في التفاوض، ولكن كان ينبغي التدقيق والحذر اللازم في هذه المفاوضات حتى لا يتمكن الطرف المقابل من ارتكاب أي حماقة يريدها من دون أن يُعتبر ذلك انتهاكاً للاتفاق النووي "برجام"، بينما بمجرد أن نقوم بحركة بسيطة يُعدّ ذلك انتهاكاً لهذا الاتفاق. هذا خطأ، وما كان يجب أن يحصل. هذا ما يحدث بسبب عدم الاعتماد والاهتمام بالقوة الداخلية، هذا يحصل بسبب الاعتماد على الطرف المقابل والعنصر الخارجي.
وهنا أقول يجب عدم تعليق الآمال على الأجانب، يجب أن نتعامل مع العالم، لا مشكلة لدينا في ذلك، والتعامل مع العالم له مستلزماته حتماً، ونحن نتقبل تلك الالتزامات ونتحملها على عاتقنا، لكننا لا نعتمد على الخارج ؛ لأن أعداءنا كثر في خارج بيئة مجتمعنا وبلادنا، هناك جبهة من الأعداء في مقابلنا. الحمد لله على أننا وجهنا ضرباتنا لهذه الجبهة إلى اليوم، لقد هزمناها وأجبرناها على التراجع، وهذا ما سيحصل ويستمر في المستقبل أيضاً، لكن لنعلم أن ما هو مقابلنا ليس مركز عداء واحد بل جبهة واسعة من الأعداء.
الجمهورية الإسلاميّة تزداد عزة على الأيام
وأما قضية أوضاع العالم والمنطقة ومتابعةً للكلمة الأخيرة التي ألقيتها. يجب أن أقول باختصار: إنّنا في خصوص القضايا العالمية في حال تقدم والحمد لله. ليس أننا لم نتراجع وحسب؛ نحن لم نتوقف، بل ونحن في حال تقدم إلى الأمام. بعكس ما يريد البعض إظهاره من ادّعاء «أننا فقدنا ماء وجهنا وسمعتنا في العالم وأصبحنا طرفاً صغيراً في العالم». كلا، الجمهورية الإسلامية في إيران بحول الله وقوّته عزيزة بالعزة الإلهية، وقد ازدادت عزة إلى اليوم باستمرار وتضاعف اقتدارها. وهذا ما يغيظ الأعداء.
الرئيس الأميركي بدا غاضبا في كلامه الأخير
لقد سمعتم الكلمة البلهاء لهذا الرئيس الأمريكي (5) في منظمة الأمم المتحدة - يفترض أنكم سمعتم هذا الكلام بشكل مباشر أو غير مباشر- وقد استخدم عبارات قبيحة جداً وسخيفة؛ أدبيات رجال العصابات والكاوبوي (رعاة البقر) والتهديدات العديمة المعنى والخاطئة والتحليلات الأكثر خطأ بنسبة مئة في المئة. كلمةٌ مليئة بالأخطاء والأكاذيب. ربما كان في هذه الكلمة عشرون كذبة واضحة. إنه كلام مضطرب يدلُّ على أنه غاضب، وخائب أيضاَ ويعاني من الناحية الفكرية من مشكلة وتخلف عقلي. أي إن هذه الكلمة عبّرت عن جميع الأشياء الثلاثة، دلّت على الغضب والغيظ، وكذلك على الخيبة واليأس؛ حيث لا يعلمون ما الذي يجب أن يفعلوه مقابل هذا الواقع الموجود. وعبَّرت أيضاً عن خفة عقل. لم يكن الكلام الذي قيل مبعث فخر لشعب مثل الشعب الأمريكي. وأعتقد أن على النخب الأمريكيين أن يشعروا بالخجل - وهم يشعرون بالخجل - من أن يكون لهم رئيسٌ كهذا يتكلم بهذا الكلام.
الأميركيون غاضبون لهزيمتهم وفشل مخططاتهم في منطقتنا
ولا شأن لي الآن بما قاله وكيف قاله. ما أريد قوله يتعلق بسبب غيظهم وعصبيتهم. السبب هو تقدمنا إلى الأمام. قضية الغضب هذه قضية مهمة. ما كان بادياً في هذه الكلمة أكثر من أيّ شيء آخر وبوضوح هو الغضب. لماذا هم غاضبون؟ الغضب سببه أن أمريكا كان لها مخططها لمنطقة غرب آسيا هذه التي يسمونها الشرق الأوسط، منذ خمس عشرة سنة أو ست عشرة سنة ماضية، وربما منذ فترة أبعد من هذه، ربما كان المخطط عائداً إلى فترة سابقة، لكنه ظهر منذ نحو خمسة عشر أو ستة عشر عاماً، وقد طرحوا على أساسه لفترة من الزمن عنوان «الشرق الأوسط الجديد»، وطرحوا لمدة اسم «الشرق الأوسط الكبير». كان لهم مخططهم لهذه المنطقة. وكان المحور الأصلي لهذا المخطط وقلب هذا المخطط هو سوريا ولبنان والعراق. كانت هذه البلدان عبارة عن ثلاثة محاور وثلاثة مراكز يجب أن تطبق الخطة فيها. فكيف تطبق؟ بأن تتولى السلطة في هذه البلدان الثلاثة حكومات مستسلمة وعميلة لأمريكا بشكل مطلق، فتطيع أمريكا في كل ما تريده، وتعمل لصالحها. ماذا ستكون النتيجة؟ ستكون النتيجة أن تصبح هذه المنطقة كلها ساحة لسيادة الكيان الصهيوني، ويجري بنحو من الأنحاء السيطرة "من النيل إلى الفرات" الذي نادوا به في هذه المنطقة، حتى وإن لم يكن على شكل سياسة ظاهرية بل على شكل سلطة ونفوذ وهيمنة معنوية وواقعية. هذا ما أرادوا القيام به. أرادوا أن يكون العراق، هذا البلد التاريخي العظيم، بكل هذه المفاخر، تحت هيمنة الصهاينة والأمريكيين. وأرادوا أن تكون سوريا، هذا المركز بهذه الأهمية الفائقة، مركز المقاومة ضد الكيان الصهيوني، في قبضة الكيان الصهيوني. والوضع بالنسبة الى لبنان واضح. هذا ما أرادوه وهذا هو العمل الذي أرادوا القيام به.
أنظروا الآن إلى الواقع، لتروا كم يختلف الواقع عمّا أراده هؤلاء. لاحظوا أنهم لم يستطيعوا ارتكاب أي حماقة في لبنان. ولاحظوا أنه في العراق حصل العكس تماماً لما أرادوه. ولاحظوا سوريا، بالطبع فقد ارتكبت أمريكا وحلفاؤها الكثير من الجرائم في سوريا، وأيديهم ملطخة بدماء الشعب السوري إلى المرافق، هذا مما لا شك فيه. أطلقوا داعش، وأطلقوا التكفيريين مثل جبهة النصرة وما شابه، وارتكبوا ضد الناس نوعًا من المذابح الجماعية. فعلوا هذا لكنهم لم يستطيعوا تمرير مخططهم. لاحظوا اليوم أن قضية داعش آخذة بالانتهاء في الواقع، والتكفيريون في عزلة تامة. لقد تكرس الوضع الذي أرادوا إزالته من أجل الإتيان بوضع آخر، وتحقق ما هو معاكس تماماً لما أرادته أمريكا. وحين ينظر الأمريكيون يعتبرون إيران مؤثرة ومذنبة، لذلك يغضبون. وعلى حد تعبير المرحوم السيد بهشتي «اغضبوا وموتوا بغيظكم». فليغضبوا، هذه هي القضية وهذه هي المعركة.
يجب أن لا يخطئ أحد ويتصور أن قوة جبارة وعندها كذا وكذا من القوة تقف بوجه إيران. كلّا، ردود الأفعال التي يبدونها تدل على الضعف وتظهر التراجع والتخلف وتشير إلى الغضب الناجم عن هزيمتهم، لقد تمرّغ أنفهم بالتراب، لذلك فهم غاضبون ويطلقون هذا الكلام ويلقون هذه الكلمات السخيفة ويقومون بهذه الأعمال.
حضور عزيز للجمهورية الإسلامية في المنطقة والعالم
لذلك فإنّ ما أريد قوله: إنّه في خصوص نوعية حضور الجمهورية الإسلامية في العالم المعاصر، الحمد لله أن الجمهورية الإسلامية حققت نجاحات «وَلِله العِزَّةُ وَلِرَسولِه وَلِلمُؤمِنين» (6). نحمد الله أن الجمهورية الإسلامية المؤمنة شملتها هذه الآية القرآنية الشريفة وتتحلى بهذه العزة، نشكر الله على ذلك، ويجب أن نحافظ عليه. يجب أن نحافظ على هذه العزة، ونضاعفها إن شاء الله، بالعقل والأفكار الصحيحة والخطط المناسبة وعدم الوقوع في الأخطاء في نوعية العلاقات وفي نوعية اتخاذ القرارات وفي نوعية التصريحات .
• عزة إيران بفضل جهاد شبابها ودوافعهم الثورية
وهذه العزة تحققت بفضل المجاهدة. وهذا أحد نماذج ما قلناه من أن دوافع الجهاد اليوم أفضل من السابق. لاحظوا الشهيد العزيز محسن حُجَجَي (7)، هذا نموذج واحد، وليسوا قلائل الشباب من أمثال محسن حججي. لقد أظهر الله تعالى هذا النموذج لحكمة وأسباب، وجعله واضحاً مشرقاً، ليكون أمام أنظار الجميع ويراه الجميع ويُسلِّموا لهذه الحقيقة الشريفة العزيزة بأنّ هذه الدوافع الثورية تزداد لدى الشباب بفضل من الله وتوفيقه. هناك من يكتبون لنا الرسائل ويتوسلون، يتوسلون حقاً بأن اسمحوا لنا بالذهاب للجبهات. هذا بالنسبة إلى الذين يمكنهم أن يتصلوا هاتفياً هنا ويكتبوا الرسائل، ولا بدّ أن هناك عدة أضعاف منهم لا تتوافر لهم هذه الإمكانية. يتوسلون بأن أرسلونا إلى هناك لنذهب ونحارب العدو ونجاهد. هذه هي دوافع شبابنا وحوافزهم. إنها معجزة. في مواجهة العوامل الموجودة مقابل هذه القيم. وأحد هذه العوامل هو الفضاء الافتراضي الذي أشار له سماحة الشيخ جنتي، وقوله وتحذيره طبعاً صحيح، ونحن نتابع القضية بشكل جاد، ولكن على الرغم من وجود هذا الفضاء الافتراضي وعلى الرغم من هذه المؤامرات ووجود هذه الوساوس، تشاهدون كيف أن الجمهورية الإسلامية تشهد وجود مثل هؤلاء الشباب ومثل هذه الدوافع. هذا لطف إلهي.
نرجو من الله تعالى أن يديم هذا اللطف على هذا البلد وعلى هذا الشعب. وأن يشمل بلطفه ورحمته الذين أوجدوا هذا الوضع للبلاد؛ الإمام العظيم والشهداء الأعزاء ومجاهدي طريق الحق.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
1 ـ في بداية هذا اللقاء -الذي انعقد في نهاية الاجتماع الثالث من الدورة الخامسة لمجلس خبراء القيادة- تحدث آية الله الشيخ أحمد جنتي (رئيس مجلس خبراء القيادة)، وآية الله السيد محمود الهاشمي الشاهرودي (نائب رئيس مجلس خبراء القيادة).
2 ـ آية الله علي أصغر معصومي (النائب في مجلس خبراء القيادة لأربع دورات ومسؤول ممثلية الولي الفقيه في الجامعة الإسلامية الحرة بمحافظة خراسان الرضوية) الذي توفي بتاريخ 18/09/2017 م.
3 ـ سورة النور، شطر من الآية 2.
4 ـ سورة النور، شطر من الآية 4.
5 ـ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
6 ـ سورة المنافقون، شطر من الآية 8.
7 ـ الشهيد محسن حُجَجَي من القوات المدافعة عن المقدسات، وقع في آب 2017 م في أسر تنظيم داعش الإرهابي في المنطقة الحدودية بين سوريا والعراق، واستشهد على أيديهم بعد يومين، وقد استعادت المقاومة الإسلامية في لبنان جثمانه الطاهر ضمن عملية تبادل بعد تطهيرها كل الأراضي اللبنانية من التكفيريين ودحرهم، في عمليات جرود عرسال و"إن عدتم عدنا" في شهر
الشهادة
"من التحق بي منكم استُشهد..".
إنّها مقدمة الرسالة التي جعل فيها الإمام الحسين عليه السلام الاستشهاد في مقام البشرى.
"قد أهدى الله إليك كرامة،.. هذا الحسين بن علي يدعوك إلى نصرته، فإن قاتلت بين يديه أُجرت، وإن متَّ فقد استشهدت".
إنّه قول الحجّاج بن مسروق الجحفي لعبيد الله بن الحر، يُخبره عن كرامة أهداها الله إليه وهي: إمّا أجر القتال وإمّا الاستشهاد.
"...مصارع عشاق شهداء لم يسبقهم من كان قبلهم، ولا يلحقهم مَنْ بَعدهم".
إنه استشراف الإمام علي عليه السلام للمستقبل الذي رأى فيه الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه شهداء.
"حشرنا الله معكم في المستشهدين، ورزقنا مرافقتكم في أعلى عليّين"
إنه دعاء للإمام المهدي عليه السلام أثناء زيارته لشهداء كربلاء.
وهكذا نلاحظ عنوان الشهادة سمةً بارزةً لأبطال الملحمة الكربلائية، كما نجد عنوان الشهيد لصيقاً بالإمام الحسين عليه السلام في نصوص النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليه السلام، التي منها:
1- ما أورده الشيخ الطوسي في كتابه "الغيبة" أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال في الليلة التي كانت فيها وفاته، للإمام علي عليه السلام: "يا أبا الحسن، أحضر صحيفة ودواة، فأملى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وصيته" إلى أن قال:"يا علي، إنه سيكون من بعدي اثنا عشر إماماً" إلى أن قال:"فإذا حضرتك الوفاة فسلِّمها إلى ابني الحسن البرّ الوصول، فإذا حضرته الوفاة فليسلِّمها إلى ابني الحسين الشهيد الزكي المقتول...".
2- ما ذكره الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام في حديث السلسلة الذهبية التي وصف فيها كل إمام من آبائه بأبرز صفاته التي تُعبِّر عن دوره الأساس، أو مقامه الخاص، فقال عليه السلام للحشود المجتمعة في نيشابور -وبينهم عشرون ألف كاتب يناشدونه أن يحدِّثهم بحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم - فإذا به يقول:"حدّثني أبي موسى الكاظم عليه السلام، عن أبيه جعفر الصادق عليه السلام، عن أبيه محمد الباقر عليه السلام، عن أبيه علي زين العابدين عليه السلام، عن أبيه الحسين شهيد كربلاء عليه السلام، عن أبيه علي بن أبي طالب عليه السلام، أنه قال: حدّثني حبيبي، وقرة عيني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن جبرئيل عليه السلام أنه قال: سمعت ربَّ العزّة سبحانه يقول: كلمة لا إله إلا الله حصني، ومن قالها دخل حصني، ومن دخل حصني أمن عذابي".
3- ما ورد في لوح فاطمة عليها السلام الذي ورد فيه أسماء الأئمة المعصومين عليهم السلام مع عرض لأبرز صفاتهم ومحطّات حياتهم ففيه: "...وجعلت حسيناً خازن وحيي، وأكرمته بالشهادة، وختمت له بالسعادة، فهو أفضل من استُشهد، وأرفع الشهداء درجة...".
إنَّ كل هذا يدعونا إلى دراسة حقيقة الشهادة التي نالها الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه في كربلاء، وحرم الكثير أنفسهم من نيلها.
الشهيد والشهداء في القرآن الكريم
أطلق القرآن الكريم صفة الشهيد على الإنسان في مقام حضوره ومشاهدته حدثاً ما بحيث يؤهِّله ذلك ليُدليَ بإفادة حول ما حصل، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَلْيَكْتُب بَّيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَلاَ يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللهُ فَلْيَكْتُبْ وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللهَ رَبَّهُ وَلاَ يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا فَإن كَانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهًا أَوْ ضَعِيفًا أَوْ لاَ يَسْتَطِيعُ أَن يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَاسْتَشْهِدُواْ شَهِيدَيْنِ من رِّجَالِكُمْ فَإِن لَّمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّن تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاء أَن تَضِلَّ إْحْدَاهُمَا فَتُذَكِّرَ إِحْدَاهُمَا الأُخْرَى وَلاَ يَأْبَ الشُّهَدَاء إِذَا مَا دُعُواْ وَلاَ تَسْأَمُوْاْ أَن تَكْتُبُوْهُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا إِلَى أَجَلِهِ ذَلِكُمْ أَقْسَطُ عِندَ اللهِ وَأَقْومُ لِلشَّهَادَةِ وَأَدْنَى أَلاَّ تَرْتَابُواْ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً حَاضِرَةً تُدِيرُونَهَا بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوهَا وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ وَلاَ يُضَآرَّ كَاتِبٌ وَلاَ شَهِيدٌ وَإِن تَفْعَلُواْ فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَاتَّقُواْ اللهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللهُ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾.
كما أطلق هذه الصفة على العارف المتيقِّظ غير الغافل، فقال تعالى: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ﴾.
وقد تحدّثت بعض الآيات عن مقام الشهداء عند الله تعالى بالمعنى المعرفي للشهادة دون تحديد للسبب الذي أوصلهم إلى هذه المكانة، قال تعالى:
1- ﴿وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقً ﴾.
2- ﴿وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّهَا وَوُضِعَ الْكِتَابُ وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَدَاء وَقُضِيَ بَيْنَهُم بِالْحَقِّ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ ﴾.
3- ﴿اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ أَعْجَبَ الْكُفَّارَ نَبَاتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَرَاهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطَامًا وَفِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِّنَ اللهِ وَرِضْوَانٌ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُور ﴾.
وقد وردت صفة الشهيد باعتبارها من صفات الله تعالى، قال عزَّ وجلَّ:
1- ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لِمَ تَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا تَعْمَلُونَ ﴾.
2- ﴿فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾.
3- ﴿قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادةً قُلِ اللهِ شَهِيدٌ بِيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾.
4- ﴿وَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا مَرْجِعُهُمْ ثُمَّ اللهُ شَهِيدٌ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ ﴾.
5- ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾.
6- ﴿قُلْ مَا سَأَلْتُكُم مِّنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى اللهِ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾.
7- ﴿سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾.
8- ﴿يَوْمَ يَبْعَثُهُمُ اللهُ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا أَحْصَاهُ اللهُ وَنَسُوهُ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾
9- ﴿الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾.
ويلاحَظ في ألفاظ الشهيد والشهداء في الآيات السابقة أنها وإن كانت ترجع إلى معنى واحد يتعلّق بنوع من المعرفة، إلا أنّ هذه المعرفة تختلف في درجتها بلحاظ ما نُسبت إليه، فالمعرفة الإنسانية، في مقام شهادة الإنسان على حدث ما كالبيع، تكون من خلال الحواس، بينما حينما تُطلَق الشهادة المعرفية على الله تعالى يجب أن "تُعشَّب"، وتنقَّح من كل ما لا يتلاءم مع الكامل المطلق الذي لا يتوسَّط شيء بينه وبين معلومه.
وهذا هو حال العديد من الصفات والأفعال المنسوبة إلى الله تعالى كقوله تعالى: ﴿إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا * وَأَكِيدُ كَيْدً ﴾. فكيد الله تعالى ومكره هو نوع من التخطيط الإلهي الإيجابي في مقابل إبطال كيد الأعداء.
وبناءً على ما تقدم، فإنّ شهادة الله تعالى في الآيات المتقدمة تعني أعلى حالات المعرفة الحضورية، فالوجود كله حاضر عند الله تعالى بنفسه بدون أي وسيط.
الشهيد في السُنَّة
على الرغم من الحشد الكبير من الآيات التي تحدّثت عن الشهيد والشهداء والشهادة فإنه لم يُصرِّح أيٌّ منها بكون الشهيد هو المقتولَ في ساحة الجهاد، أو ما يشابه ذلك، وإن كانت بعض الآيات تتحمل كون المقتول كذلك من مصاديق الشهيد أو الشهداء الوارد فيها، إلا أنّ السُنَّة النبوية والروايات الواردة عن أئمة أهل البيت المعصومين عليهم السلام أكثرت من استعمال لفظ الشهيد بمعنى المقتول في سبيل الله ممّا أدَّى إلى انصراف هذا المعنى من كلمة الشهيد. ونذكر من تلك الأحاديث ما يلي:
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "للشهيد سبع خصال من الله: أول قطرة من دمه مغفور له كل ذنب...".
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "يُعطى للشهيد ست خصال: يُغفر له في أول دفعة من دمه...".
عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ما من نفس تموت لها عند الله خير يَسُرُّها أن ترجع إلى الدنيا، وأنّ لها الدنيا وما فيها إلا الشهيد، فإنه يتمنّى أن يرجع، فيُقتل في الدنيا لما يرى من فضل الشهادة".
عن أمير المؤمنين عليه السلام:"إنّ الجهاد أشرف الأعمال بعد الإسلام...فيه حسنات والبُشرى بالجنة بعد الشهادة".
عن أمير المؤمنين عليه السلام:"إن أفضل الخلق بعد الأوصياء الشهداء، ألا وإن أفضل الشهداء حمزة بن عبد الله، وجعفر بن أبي طالب....".
الشهيد وسبب التسمية
لعلّ إصرار النصوص الشريفة على إطلاق الشهيد عن المقتول في سبيل الله تعالى لما لهذا اللفظ من صفة معرفية إدراكية خاصة، أراد الإسلام أن يؤكِّد عليها لما تحمله من معنى يدلُّ على المقام والخصوصية للشهيد.
ويظهر هذا المقام وتلك الخصوصية من خلال التأمل بالألفاظ التي استُعملت بمعنى الإدراك والمعرفة، وقد ذكر العلامة الطباطبائي (ره) "أنّ الألفاظ المستعملة في القرآن الكريم من أنواع الإدراك كثيرة ربما بلغت العشرين، كالظن، والحسبان، والشعور، والذكر، والعرفان، والفهم، والفقه، والدراية، واليقين، والفكر، والرأي، والزعم، والحفظ، والحكمة،والخبرة، والشهادة، والعقل....".
وعند المقارنة بين هذه الألفاظ في مدلولاتها الإدراكية، وبين الشهادة التي من مادتها صيغت صفة الشهيد، يتبيَّن الفرق المقامي. وهذا يظهر من العرض الآتي الذي فصَّله صاحب الميزان وهو:
الظنّ: التصديق الراجح، وإن لم يبلغ حدّ الجزم والقطع.
الحسبان: مثل الظنّ بفارق بسيط.
الشعور: الإدراك الدقيق، أُخِذ من الشَّعر لدقَّته، ويغلب استعماله في المحسوس دون المعقول.
الذكر: استحضار الصورة المخزونة في الذهن بعد غيبته عن الإدراك، أو حفظه من أن يغيب عن الإدراك.
العرفان وكذا المعرفة: تطبيق الصورة الحاصلة في المدركة على ما هو مخزون في الذهن.
الفهم: انفعال الذهن عن الخارج بانتقاش الصورة فيه.
الفقه: التثبُّت في هذه الصورة المنتقشة فيه، والاستقرار في التصديق.
الدراية: التوغُّل في ذلك التثبُّت حتى يدرك خصوصية المعلوم، وخباياه، ومزاياه، ولذا يستعمل في مقام تضخيم الأمر وتعظيمه. قال الله تعالى: ﴿الْحَاقَّةُ * مَا الْحَاقَّةُ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْحَاقَّةُ ﴾.
اليقين: اشتداد الإدراك الذهني، بحيث لا يقبل الزوال.
الفكر: سير ومرور على المعلومات الموجودة الحاضرة لتحصيل ما يلازمها من المجهولات.
الرأي: التصديق الحاصل من الفكر والتروِّي، غير أنه يغلب استعماله في العلوم العملية مما ينبغي فعله، وما لا ينبغي، دون العلوم النظرية الراجعة إلى الأمور التكوينية، ويقرب منه البصيرة، والإفتاء، والقول.
الزعم: هو التصديق من حيث إنه صورة في الذهن سواء كان تصديقاَ راجحاَ أو جازماً قاطعاً.
العلم: الإدراك المانع من النقيض.
الحفظ: ضبط الصورة المعلومة بحيث لا يتطرق إليه التغيير والزوال.
الحكمة: الصورة العلمية من حيث إحكامها وإتقانها.
الخبرة: ظهور الصورة العلمية بحيث لا يَخفى على العالم ترتّب أيّة نتيجة على مقدماتها.
فالملاحَظ في هذه الألفاظ الإدراكية أنّ بعضها يُعبِّر عن ترجيح إدراكي بدون يقين وقطع فيه، وبعضها يُعبِّر عن إدراك يحصل من خلال حضور صورة الشيء إلى الذهن بنحو من أنحاء الحضور المتقدمة. وعليه فأرقى معاني هذه الألفاظ الإدراكية لا يتعدَّى حضور صورة الشيء في الذهن.
وهنا يبرز معنى الشهادة، لأنّ الشهادة هي نيل نفس الشيء وعينه.
ولعلّ المعنى يتضح من خلال التمييز بين ثلاث مراتب من المعرفة اليقينية:
الأولى: أن نتيقَّن بوجود النار بدون أن نراها وهو علم اليقين.
الثانية: أن نتيقَّن بوجود النار من خلال رؤيتها بالعين المجرّدة، وهو عين اليقين.
الثالثة: أن نتيقَّن بوجود النار من خلال وضع اليد فيها، وهو حقّ اليقين، وفي هذه المرتبة فإنّ المعرفة تعني نيل نفس الشيء وعينه، لا صورته وماهيته.
السرُّ في الوصف الشهودي
إنّ اختيار الإسلام لصفة الشهيد للمقتول في سبيل الله تعالى يُشِعر بأنّ قيمة الإنسان المضحِّي تنبع من معرفته ووعيه قبل أن يتجسّد في سلوكه العملي، وذلك يتضح من خلال معرفة البنية النظرية التي من خلالها تمَّ تشريع العمل الاستشهادي في الإسلام.
فمن الواضح في شرع الله الحنيف أنَّ الله تعالى لم يُسلِّط الإنسان على نفسه بالمطلق، فحرّم عليه الانتحار، فقال تعالى: ﴿وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمً ﴾ معتبراً أنه من موجبات العذاب الإلهي، ففي الرواية المعتبرة عن الإمام الصادق عليه السلام: "من قتل نفسه متعمِّداً فهو في نار جهنم خالداً فيها". وعن الإمام الباقر عليه السلام: "إنّ المؤمن يُبتلى بكل بليّة، ويموت بكل ميتة، إلا أنه لا يقتل نفسه".
وورد نفس المضمون في روايات أهل السُنَّة، ففي مسند أحمد ابن حنبل بسنده عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "من تردَّى من جبل فقتل نفسه، فهو في نار جهنَّم خالداً مُخلَّداً فيها أبداً، ومن تحسَّ سماً فقتل نفسه، فسمُّه في يده يتحسّاه في نار جهنم خالداً مخلَّداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة... كانت حديدته في يده يُجَأُ بها في بطنه في نار جهنم خالداً".
وهذا الأمر مبنيٌّ على تقدير إلهي خاص لحياة الإنسان التي لا يجوز له أن يجازف بها، بل له أن يدافع عنها حتى لو قضى ذلك قتل المتعرِّض له بالقتل، كما أفتى بذلك الفقهاء.
وبناءً عليه، فإنّ السير في الطريق الذي يؤدّي حتماً إلى قتل النفس كالعمل الاستشهادي، أو يُظَنُّ فيه ذلك ظنَّاً معتدًّا به كأغلب الأعمال الجهادية العسكرية يحتاج إلى مسوِّغ شرعي واضح يرجح على محافظة الإنسان على حياته، لذا فإنّ شرعيَّة هذا العمل الجهادي الشهادتي يحتاج إلى قضية كبرى تخرج عن نطاق الذات والفرد لتطال المبدأ الأساس كالدفاع عن الإسلام والدِّين، أو المجتمع الإسلامي، على أساس الأولوية في مقام التزاحم بين تلك القضية الكبرى والحفاظ على النفس.
ومن الواضح أنَّ تحديد هذه الأولوية لا يتوفَّر للفرد العادي من المجتمع، بل لا بدّ لتحديدها من قائد إلهي كُفْء عالم بالخطوط والقواعد الشرعية، قادر على تطبيقها في الزمان والمكان المناسبين على أساس أولويات الأمة.
من هنا ورد عن الإمام علي عليه السلام في وصيته: "... الله الله في الجهاد في سبيل الله بأموالكم، وأنفسكم، فإنما يجاهد في سبيل الله رجلان، إمام هدى، ومطيع له مقتدٍ بهداه".
ومن لطيف ما أشار إلى هذا المعنى ما ورد عن عبّادٍ البصري أنه قال للإمام زين العابدين عليه السلام في موسم الحج: تركتَ الجهاد وصعوبته، فأقبلت على الحج ولينه، وإنّ الله عزَّ وجل يقول: ﴿إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ فقال له الإمام عليه السلام: أتمَّ الآية، فقال عبَّاد: ﴿التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدونَ الآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾. فقال له الإمام عليه السلام: "إذا رأينا هؤلاء الذين هذه صفتهم، فالجهاد معهم أفضل من الحج".
إذاً فالجهاد والشهادة بحاجة إلى دقّة في تحديد المسار. وهذا ما يتطلَّب من المجاهد طالب الشهادة وعياً دينياً من جهة ضمانة شرعية عمله، ووعياً اجتماعياً يدرك من خلاله قيمة عمله الذي يدخل في كبرى قضايا الدين وأولويات الأمة، بحيث يقرِّر أن يقدِّم الخاص العزيز عليه، وهو نفسه لأجل العام الأعزّ، وهو الدين أو المجتمع الذي تمثّل خدمته والتضحية لأجله اختزالاً لمسيرة كماله في سبيل الله تعالى.
إذاً معرفة طالب الشهادة ووعيه الواسع في مسيره الجهادي شرط أساس في نيله مراتب الشهيد، ولذا استحقّ أن ينال مقاماً، ويوسم بصفة تنطلق من المعرفة، فينال بذلك الشهادة ويوصف بالشهيد.
مقام الشهيد
قال الله تعالى: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ اللهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ ﴾.
في هذه الآيات خصائص ومراتب للمقتول في سبيل الله هي:
1 –الحياة.
2- الاطمئنان.
3- النعيم المتواصل.
4- الفرح بالثواب.
5- الاستبشار بالتحاق رفاق الجهاد.
6- الاستبشار بالنعيم المستقبلي.
وتفصيل ذلك في ما يلي:
1- حياة الشهيد
نهى القرآن الكريم عن أمرين يتعلقان بحياة الشهيد:
الأول: الاعتقاد بموته، قال تعالى: ﴿وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾.
الثاني: التعبير عن الشهيد بأنه ميت، قال تعالى: ﴿ وَلاَ تَقُولُواْ لِمَنْ يُقْتَلُ فِي سَبيلِ اللهِ أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاء وَلَكِن لاَّ تَشْعُرُونَ ﴾.
والسبب في ذلك أنّ معنى الموت في أصله -كما نص عليه ابن فارس في معجم مقاييس اللغة- هو ذهاب القوة من الشيء، وقد استشهد لذلك بما رُوي عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم حول نبتة الثوم: "من أكل من هذه الشجرة الخبيثة فلا يقربنَّ مسجدنا، فإن كنتم لا بدَّ آكليها، فأميتوها طبخاً". فمن الواضح أنّ معنى أميتوها أي اذهبوا ما فيها من قوة الرائحة.
وعليه فإن القرآن الكريم ينفي عن الشهيد ذهاب قوته، بل يُخبر عنه بأنه ما زال في موقع القوة الحياتية، والتي هي باقية، ليس في الجسد المادي الذي يتغيَّر ويتحوَّل، وإنما في النفس الإنسانية، وهذا ما قد تختلف معه الحياة، وبالتالي القوَّة، إذ إنَّ هذه النفس لن تكون بلبوس مادي، وإنما بجسم مثالي برزخي كما نصَّت عليه الروايات، فعن الإمام الصادق عليه السلام حينما سُئل: أين هي أرواح المؤمنين؟ أجاب عليه السلام: "في روضة كهيئة الأجساد في الجنة"، وفي رواية أخرى "في أبدان كأبدانهم".
الشهداء وموتى البرزخ
وهنا يطرأ تساؤل عقيديٌّ يستند إلى ما ثبت في العديد من الروايات التي تتحدث عن الحياة البرزخية، إما لكلِّ الموتى، أو لمن محض الإيمان، أو محض الكفر، ولكن على كلا الاحتمالين، فإنّ هذه الحياة لا تختص بالشهداء.
ومن تلك الروايات التي تعمِّم الحياة البرزخية:
1- ما ورد عن أمير المؤمنين: "القبر روضة من رياض الجنة، أو حفرة من حفر النار".
2- ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "إنَّ أرواح المؤمنين لفي شجرة من الجنة، يأكلون من طعامها، ويشربون من شرابها، ويقولون: "ربَّنا أقم الساعة لنا، وأنجز لنا ما وعدتنا، وألحق آخرنا بأوَّلنا".
3- ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام أيضاً: "إنّ الأرواح في صفة الأجساد في شجرة في الجنة تعارف وتساءل، فإذا قدمت الروح على الأرواح يقول: دعوها، فإنها قد أفلتت من هول عظيم. ثم يسألونها: ما فعل فلان؟ وما فعل فلان؟ فإن قالت لهم: تركته حياً، ارتجوه، وإن قالت لهم: قد هلك، قالوا: قد هوى هوى".
ما ورد عن أبي بصير أنه سأل أبا عبد الله عن أرواح المؤمنين فأجاب عليه السلام: "في حجرات في الجنة يأكلون من طعامها ويشربون من شرابها، ويقولون: ربَّنا أقم الساعة لنا، وأنجز لنا ما وعدتنا، وألحق آخرنا بأوَّلنا".
ومن الروايات التي تخصِّص الحياة البرزخية بمن محض الإيمان ومحض الكفر، ما روي عن الإمام الصادق عليه السلام:
1- "لا يُسأل في القبر إلا من محض الإيمان محضاً، أو محض الكفر محضاً، والآخرون يلهون عنهم".
2- "إنما يُسأل في قبره من محض الإيمان محضاً، والكفر محضاً، وأما ما سوى ذلك فيُلهى عنهم".
3- "لا يُسأل في القبر إلا من محض الإيمان محضاً، أو محض الكفر محضاً".
ويمكن الجمع بين هاتين الطائفتين من الروايات بأنّ المقصود من الإلهاء في الطائفة الثانية ليس نفي إحساسهم وحياتهم نهائياً، بل المقصود هو تركهم من دون سؤال، ومن دون نقلهم إلى جنَّة البرزخ ونار البرزخ، بل يُتركون في قبورهم.
ويشهد لهذا الجمع ما ورد في صحيح ضريس الكناسي عن أبي جعفر عليه السلام قال: "قلت له: جُعلت فداك، ما حال الموحّدين المقرّين بنبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم من المسلمين المذنبين الذين يموتون وليس لهم إمام، ولا يعرفون ولايتكم؟ فقال: أمّا هؤلاء، فإنهم في حفرهم لا يخرجون منها، فمن كان له عمل صالح، ولم يظهر منه عداوة، فإنه يُخدّ له خدّاً إلى الجنة التي خلقها الله بالمغرب، فيدخل عليه الروح في حفرته إلى يوم القيامة حتى يلقى الله، فيحاسبه بحسناته وسيئاته، فإمّا إلى الجنّة وإما إلى النار، فهؤلاء الموقوفون لأمر الله. قال: وكذلك يفعل بالمستضعفين والبله والأطفال وأولاد المسلمين الذين لم يبلغوا الحلم، وأمّا النُّصّاب من أهل القبلة، فإنه يُخدّ لهم خدّاً إلى النار التي خلقها الله في المشرق، فيدخل عليهم اللهب والشرر والدخان وفورة الحميم إلى يوم القيامة، ثم بعد ذلك مصيرهم إلى الجحيم".
فهذه الرواية تصلح كشاهد على أنّ الذين يُلهى عنهم هم "الموقوفون لأمر الله".
وعليه فإن كان الموتى بشكل عام تبقى أنفسهم حيَّة إمَّا في جنة البرزخ أو ناره وإما في قبورهم، فما الوجه لتخصيص الحديث عن الشهداء بأنهم أحياء ؟!!!
يُقال في مقام الجواب: إنّ نوعية الحياة للشهداء تختلف، فهي حياة قوية، خاصة، فيها نعيم استثنائي تُعبِّر عنه العندية ﴿عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾، وهذا جواب صحيح، نضيف إليه أنَّ هناك ميزة أُخرى تتعلق بحياة الشهداء، وهي تتعلق بالفترة الواقعة بين نفخ صور الإماتة، ونفخ صور الإحياء يوم القيامة، ففي هذه الفترة يتم صعق جميع الأحياء سوى استثناء قليل، إذ يقول تعالى: ﴿ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاء اللهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى فَإِذَا هُم قِيَامٌ يَنظُرُونَ ﴾، فالذي يظهر من إطلاق هاتين الآيتين أنّ الصعق يشمل كل من في السموات والأرض بمن فيهم الذين ماتوا قبلاً، وانتقلوا إلى البرزخ، وهذا ما رُوي عن الإمام الصادق عليه السلام حينما سأله أحدهم: "أفيتلاشى الروح بعد خروجه عن قالبه أم هو باق؟، قال عليه السلام: "بل هو باق إلى وقت يُنفخ في الصور، فعند ذلك تبطل الأشياء وتفنى، فلا حسَّ ولا محسوس، ثم أُعيدت الأشياء كما بدأها مدبّرها، وذلك أربع مئة سنة يسبت فيها الخلق وذلك بين النفختين.
وممّا ينسجم بل يؤيِّد ما تقدم تفسير قوله تعالى: ﴿قَالُوا رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ فَاعْتَرَفْنَا بِذُنُوبِنَا فَهَلْ إِلَى خُرُوجٍ مِّن سَبِيلٍ ﴾ بأنّ المُراد من الموت الأول فصل الروح عن الجسد في الدنيا، ومن الموت الثاني هو الصعق والسبات بعد النفخ الأول". وبناءً عليه فعند النفخ الأول يكون هناك سبات عام، وعدم حياة عام لجميع الكائنات، لكن يوجد استثناء من هذا السبات، ومن فقدان الحياة عبَّر عنه سبحانه في ما مرّ بـ "من شاء الله". وقد فسّر البعض المُستثنى في الآية بالشهداء، فقد نقل الشيخ الطبرسي في تفسير جوامع الجامع عن ابن جبير في تفسيره لـ: "من شاء الله":"هم الشهداء متقلدو السيوف حول العرش"، وهذا يعني قوَّة في حياة الشهداء تؤهلهم لبقاء حياتهم بين النفختين.
2- اطمئنان الشهيد.
تصف الآيات الكريمة السابقة حال الشهداء بأنهم ﴿أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾، وحينما نتأمل في معنى الخوف والحزن نلاحظ أنّ الأول يتعلق بحذر الإنسان أن يفقد في المستقبل ما يملكه أو له حقٌّ فيه، فمن عنده ولد، فإنه يخاف عليه المرض والموت، ومن عنده أموال، فإنه يخاف أن يفقدها وهكذا، أما الحزن فهو يتعلق بالحالة النفسية التي تعتري الإنسان حينما يفقد شيئاً قد ملكه، أو كان له حق فيه، فمن فقد ولده يحزن عليه، ومن فقد ماله يحزن عليه وهكذا، فمتعلَّق الحزن الماضي، ومتعلَّق الخوف المستقبل، وكلاهما يعتريان من يعتقد بملكه لشيء أو حقّه فيه.
لكنّ هذا الشعور لا يعتري ثلة من الناس سمَّاهم الله تعالى في كتابه بأولياء الله، فقال عنهم: ﴿أَلا إِنَّ أَوْلِيَاء اللهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾، لأنّ وليَّ الله يعتقد اعتقاداً عقلياً وقلبياً بأنّ كلَّ شيء هو ملكٌ لله وحقٌّ له تعالى، فلا يحزن على ما مضى حزن الفاقد الذي كان يملك، أو كان له حق فيه، ولا يخاف على شيء خوف المعتقد بملكه أو حقِّه، وهذا غير خوفه وحذره العقلائي، وحزنه الإنساني العاطفي.
من هنا فإنّ وليَّ الله يعيش اطمئناناً في حياته، لا يزعجه فيه خوف ولا حزن، لأنّ ذكر الله تعالى ملأ حياته، فكان قلبه مصداقاً لقوله عزَّ وجلّ: ﴿الَّذِينَ آمَنُواْ وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوب ﴾.
والآية السابقة على تفسير رجوع الضمير "عليهم" إلى "الذين قُتلوا في سبيل الله" تصف حال الشهداء بهذا الاطمئنان، فهم في حياتهم البرزخية لا يحزنون على ما فاتهم، وقد وجدوا خيراً منهم كثيراً، ولا يخافون من مستقبل وهم في كنف الله تعالى، وعنده عزَّ وجل.
إنَّ اطمئنان الشهداء هو أحد الأسباب الرئيسية لقوَّة الحياة عندهم، فإنّ المطمئن الحقيقي يشعر بتلك القوة النابعة من ذكره لله واستحضاره الدائم له. فيكون بهذه القوة مصداقاً للقويّ بالقوة التي بحث عنها ذلك الحكيم القائل في رحلة بحثه:
"بحثت عن أقوى الأشياء فوجدته الحديد..
نظرت إلى الحديد فوجدت أن النار تمدده، فعلمت أنّ النار أقوى من الحديد.
نظرت إلى النار، فوجدت أنّ الماء يطفئها، فعلمت أنّ الماء أقوى من النار..
نظرت إلى الماء، فوجدت أنّ السحاب ينزله، فعلمت أنّ السحاب أقوى من الماء..
نظرت إلى السحاب، فوجدت أنّ الرياح تجره، فعلمت أنّ الرياح أقوى من السحاب..
نظرت إلى الرياح، فوجدت أنّ الجبال تصدُّها، فعلمت أنّ الجبال أقوى من الرياح..
نظرت إلى الجبال، فوجدت أنّ الإنسان يعلوها، فعلمت أنّ الإنسان أقوى من الجبال..
نظرت إلى الإنسان، فوجدت أنّ النوم يسكته، فعلمت أنّ النوم أقوى من الإنسان..
نظرت إلى النوم، فوجدت أنّ القلق يذهبه، فعلمت أنّ القلق أقوى من النوم..
نظرت إلى القلق، فوجدت أنّ الاطمئنان يعدمه، فعلمت أنّ الاطمئنان أقوى من القلق..
عندها علمت معنى قول ربّي: ﴿أَلاَ بِذِكْرِ اللهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾.
ومن هنا كان مشهد الاطمئنان والقوة بادياً على معالم الإمام الحسين عليه السلام الذي تعجَّب من رآه قبيل شهادته، إذ كان كلَّما اشتدّ عليه الأمر سكنت نفسه، وهدأت جوارحه، وأشرق لونه نوراً وبهاءً، فقيل: انظروا إليه. لا يُبالي بالموت، فقال لهم عليه السلام:"صبراً بني الكرام، فما الموت إلا قنطرة يعبر بكم عن البؤس والضرّاء إلى الجنان الواسعة والنعيم الدائم، فأيُّكم يكره أن ينتقل من سجن إلى قصر؟! وما هو لأعدائكم، إلا كمن ينتقل من قصر إلى سجن وعذاب، إنَّ أبي حدَّثني عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ الدنيا سجن المؤمن وجنَّة الكافر، والموت جسر هؤلاء إلى جنانهم، وجسر هؤلاء إلى جحيمهم".
3-النعيم المتواصل
فقد وصفتهم الآية السابقة بأنهم "يُرزقون"، فرزقهم بحسب مفاد الفعل المضارع متواصل مستمر.
وأيُّ رزق هو رزق الشهداء!
إنه الرزق الحسن من خير الرازقين الذي ورد في قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ﴾.
إنَّه الرزق الذي يتمنّى الشهيد أن يرجع لأجله إلى الدنيا ليدخل باب الشهادة من جديد، كما ورد في الحديث السابق عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم بأنه "ما من نفس تموت لها عند الله خير يَسُرُّها أن ترجع إلى الدنيا، وأنّ لها الدنيا وما فيها إلا الشهيد، فإنه يتمنّى أن يرجع، فيُقتل في الدنيا لما يرى من فضل الشهادة".
من هنا نفهم بعضاً من سرِّ روحية الشهادة لدى شهيد الإسلام الأكبر علي بن أبي طالب الذي شكا إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بعد إحدى الغزوات لكونه لم يُستشهد فيها، فأجابه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أبشر فإنّ الشهادة من ورائك، فطالبه بذلك في معركة أُخرى قائلاً: يا رسول الله أوليس قد قلت لي حيث استُشهد من استُشهد من المسلمين وحيزت عني الشهادة، فشقَّ ذلك عليَّ فقلت لي: أبشر فإنّ الشهادة من ورائك؟!!!، فأجابه صلى الله عليه وآله وسلم: إنّ ذلك لكذلك، فكيف صبرك إذاً؟ فقال عليه السلام:"يا رسول الله، هذا ليس من مواطن الصبر، ولكن من مواطن البشرى والشكر".
4-الفرح بالثواب
يكمل القرآن الكريم وصفه للشهداء ب ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ ﴾، وكيف لا يفرحون، وقد وصف الله تعالى أجرهم بالعظيم في قوله تعالى: ﴿فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآخِرَةِ وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمً ﴾.
وقد تحدَّثت بعض الروايات عن بعض معالم ذلك الأجر والثواب الإلهي للشهيد. فعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "للشهيد سبع خصال من الله،
الأولى: أول قطرة من دمه مغفور له كلّ ذنب.
الثانية: يقع رأسه في حجر زوجتيه من الحور العين، تمسحان الغبار عن وجهه، وتقولان: مرحباً بك، ويقول هو مثل ذلك.
الثالثة: يُكسى من كسوة الجنة.
الرابعة: تبتدره خزنة الجنة بكل ريحٍ طيبة، أيّهم يأخذه إليه.
الخامسة: أن يرى منزله.
السادسة: يقال لروحه: اسرح في الجنة حيث شئت.
السابعة: أن ينظر في وجه الله، وإنها لراحة لكل نبيٍّ وشهيد".
من هنا كان الخُلَّص من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصرُّون على الاستشهاد في سبيل الله تعالى لما يعرفون من فضل الشهادة، ومن هؤلاء عمرو بن الجموح الذي كان رجلاً أعرج، فلما كان يوم "أُحد"، وكان له بنون أربعة يشهدون مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم المََشَاهد أمثال الأسد، وأراد قومه أن يحبسوه، وقالوا: أنت رجل أعرج، ولا حرج عليك، وقد ذهب بنوك مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. فأجابهم: بخٍ، يذهبون إلى الجنة، وأجلس أنا عندكم!! فقالت: هند بنت عمرو امرأته: كأني أنظر إليه مولِّياً قد أخذ درقته، وهو يقول: اللهم لا تردَّني إلى أهلي. فخرج ولحقه بعض قومه يكلِّمونه في العودة. فأبى وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: "يا رسول الله، إنَّ قومي يريدون أن يحبسوني عن هذا الوجه، والخروج معك، والله لأرجو أن أطأ بعرجتي هذه في الجنة". فقال صلى الله عليه وآله وسلم له: "أما أنت فقد عذرك الله، ولا جهاد عليك"، فأبى، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم لقومه وبنيه: "لا عليكم أن تمنعوه، لعلّ الله يرزقه الشهادة"، فخلّوا عنه، فقُتِلَ يومئذ شهيداً، فحملته هند بعد شهادته، مع ابنها خلاد، وأخيها عبد الله على بعير، فلما بلغت منقطع الحرة برك البعير، فكان كلَّما تُوجِّهه إلى المدينة برك، وإذا وجّهته إلى أُحد أسرع، فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فأخبرته بذلك، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "إن الجمل لمأمور. هل قال عمرو شيئاً"؟ قالت: نعم، إنه لما توجَّه إلى "أُحد" استقبل القبلة، ثم قال: اللهم لا تردَّني إلى أهلي، وارزقني الشهادة. فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "فلذلك الجمل لا يمضي. إنّ منكم يا معشر الأنصار من لو أقسم على الله لأبرَّه، منهم عمرو بن الجموح".
ومما مرَّ نفهم سرَّ ذلك الفرح الذي كان يظهر على ملامح شهداء كربلاء قبيل شهادتهم حتى إنَّ البعض تعجَّب من ذلك.
فها هو برير قبيل شهادته يضاحك عبد الرحمن الأنصاري، فقال له عبد الرحمن: "يا برير، ما هذه ساعة باطل"! فأجاب برير: "لقد عَلِمَ قومي أني ما أحببت الباطل كهلاً ولا شابّاً، وإنما أفعل ذلك استبشاراً بما نصير إليه، فوالله ما هو إلا أن نلقى هؤلاء القوم بأسيافنا نعالجهم بها ساعة، ثم نعانق الحور العين"
وها هو يزيد بن الحصين يرى حبيب بن مظاهر يضحك في كربلاء، فيقول له: "يا أخي ليست هذه بساعة ضحك! فيجيبه حبيب: فأيُّ موضع أحق من هذا بالسرور؟ والله ما هو إلا أن يُقبل علينا هؤلاء القوم بسيوفهم فنعانق الحور".
وقد تعلَّم مجاهدو المقاومة الإسلامية في لبنان من هؤلاء الشهداء كيف يفرحون، ويضحكون على عتبة شهادتهم. ومن جميل تلك المواقف ما حصل مع الاستشهادي الأول في هذه المقاومة وهو الشهيد أحمد قصير الذي استشهد في سن التاسعة عشر ربيعاً، فقد رآه رفيقه في الجهاد الذي كان يجهِّز العبوة في السيارة يضحك ويضحك، فسأله عن سبب ذلك، فأجابه: ثقِّل العبوة تحت مقعدي، فإني أريد أن أطير بسرعة.
5- الاستبشار بالتحاق رفاق الجهاد
تشير الآية السابقة إلى أنَّ الشهداء مع ما يعيشونه من نعيم متواصل وسعادة غامرة، فإنهم لا يعيشون أنانية النعمة التي تنسيهم الآخرين، بل يبقون على تواصل روحي معنوي مع رفاقهم المؤمنين، لذا هم ﴿فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ ﴾
وقد ورد في بعض الروايات بأنّ أرواح المؤمنين تسأل القادم إليها في جنتهم البرزخية عن بعض رفاقهم المؤمنين، فإن قالت لهم "تركته حيّاً ارتجوه".
وفي كربلاء صرَّح الإمام الحسين عليه السلام لأصحابه أنَّ الشهداء يتوقعون قدومهم وذلك بعد أن فرغ من الصلاة، وقال لهم: "يا كرام، هذه الجنة قد فتحت أبوابها، واتصلت أنهارها، وأينعت ثمارها، وهذا رسول الله والشهداء الذين قُتلوا في سبيل الله يتوقعون قدومكم، ويتباشرون بكم، فحاموا عن دين الله، ودين نبيِّه، وذبّوا عن حرم الرسول".
6-الاستبشار بالنعيم المستقبلي
ورغم كل النعيم والثواب الجزيل الذي يؤتيه الله تعالى للشهداء تصفهم الآية أنهم "يستبشرون بنعمة من الله وفضل...".
ومن النعم القادمة على الشهداء هو مقام الشفاعة الذي ورد فيه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ثلاثة يشفعون إلى الله فيُشفَّعون: الأنبياء، ثم العلماء، ثم الشهداء".
وتنطلق الشفاعة يوم القيامة في كثير من مجرياتها بسبب فعل الهداية الذي كان يمارسه الشفيع في حياته الدنيا، فالأنبياء والعلماء كان دورهم الأساس هو هداية الناس، لذا فإنَّ شفاعتهم للناس تكون في ضوء تجاوب الناس معهم من خلال اهتدائهم، وهذا ما يوضِّح ميزة تقدم الأنبياء عليهم السلام والعلماء في موقع الشفاعة.
ولكنّ السؤال الذي يفرض نفسه هو أنَّ مقام شفاعة الهداية واضح من خلال دور الأنبياء عليهم السلام والعلماء، ولكن كيف نتعقَّل شفاعة الهداية في الشهيد الذي قد يكون غير عالم، بل قد يكون صغيراً لم يكتب كتاباً، ولم يعتلِ منبراً، ولم يُقدِّم محاضرة، كذلك الشهيد الصغير الذي قام بالعملية الاستشهادية وهم لم يتخطَّ زمن بلوغه إلا بفترة قليلة، فنوَّه به الإمام الخميني(ره) واصفاً إياه بـ "قائدنا ذلك الطفل الذي فجّر نفسه، تحت دبابات العدو في خرمشهر".
فالسؤال هو: كيف نتعقَّل مقام شفاعة الهداية له؟ هنا يُنقل عن الإمام الخميني(ره) مطلب لطيف يجيب فيه عن هذا السؤال وهو أنَّ الشهيد يهدي بدمه.
وفعلاً صدق الإمام الخميني قدس سره ، فكم رأينا من أناس انقلبت حياتهم نحو الإيمان، ببركة دم الشهيد، من أقربائهم أو جيرانهم! وكم رأينا شباناً تأثّروا بالشهداء، فاهتدوا نحو التدين والالتزام! بل لقد رأينا بركات الشهداء في التحوُّل الاجتماعي الإيماني العامّ الذي ما فتئ يتقدّم ببركة دمائهم الطاهرة.
ومن هنا نطلّ على:
مسؤولياتنا تجاه الشهداء
المسؤولية الأولى: هي حفظ القضية التي استُشهدوا من أجلها. فإذا كان "من بلّغ رسالة غازٍ كمن أعتق رقبته، وهو شريكه في ثواب غزوته"، فكيف بمن حمل وبلَّغ القضية التي كانت نصب عين الشهيد حينما قُتِلَ في سبيل الله؟!
رحم الله سيد شهداء المقاومة الإسلامية السيد عباس الموسوي الذي كان يقول: "الوصية الأساس: حفظ المقاومة".
المسؤولية الثانية: هي حفظ عوائلهم وتكفّل أيتامهم، لقد كان ا
السودان ينفي قبوله "شروطا غير معلنة" لرفع العقوبات الاقتصادية الأمريكية
نفى وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، مساء السبت، تعرض حكومة بلاده "لضغوطات أو قبولها بشروط غير معلنة" من نظيرتها الأمريكية مقابل رفع العقوبات الاقتصادية.
وقال غندور، خلال حديثه في منتدى اقتصادي بالعاصمة الخرطوم، إن "بعض المعلقين والناشطين على وسائط التواصل الاجتماعي (لم يسمهم) أشاروا إلى قبول الحكومة السودانية بشروط غير معلنة قادت إلى رفع العقوبات عن البلاد".
وأعلنت واشنطن، الجمعة، رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على السودان منذ العام 1997، على أن يدخل القرار حيز التنفيذ في 12 أكتوبر/تشرين أول الجاري، ولم يتضمن القرار رفع اسم السودان من القائمة الأمريكية الخاصة بالدول الراعية للإرهاب.
وأضاف غندور: "لم تكن هنالك أي شروط غير خطة المسارات الخمس التي اتفق عليها الطرفان".
ومن بين هذه المسارات: تعاون الخرطوم مع واشنطن في مكافحة الإرهاب، والمساهمة في تحقيق السلام بدولة جنوب السودان، التي انفصلت عن السودان عام 2011، إضافة إلى تسهيل إيصال المساعدات إلى المتضررين من النزاعات المسلحة بالسودان.
ومضى الوزير السوداني في حديثه قائلا: "الحكومة الأمريكية كانت متعاونة والتزمت بكل ما تم الاتفاق عليه"، دون تفاصيل.
وقال إن "دول محيطة بالسودان (لم يسمها) كانت تقدم تقارير لأمريكا تفيد بدعم وإيواء السودان لقائد جيش الرب الأوغندي جوزيف كوني (يقود مجموعة مسلحة متمردة أوغندية تتهمها واشنطن بالإرهاب)"، إضافة إلى "اتهام تلك التقارير حكومة السودان بدعم وإيواء المعارضة المسلحة من دولة جنوب السودان".
وأكد غندور أن "متابعة الإدارة الأمريكية لجهود الحكومة السودانية حول ملفي جيش الرب ودعم سلام جنوب السودان، وهما أحد المسارات الخمس، أوضحت أن تلك التقارير لا أساس لها من الصحة وكل تلك التقارير التي كانت تكتب كاذبة".
وأشار المسؤول السوداني إلى أن "الحكومة الأمريكية تدرج السودان في قائمة وزارة خارجيتها للدول الراعية للإرهاب، وفي نفس الوقت تقر بأن السودان يعد من أفضل الدول المتعاونة في مجال مكافة الإرهاب".
وأردف: "تلك متطلبات السياسة وينبغي علينا التعامل معها حتى يتم إزالة السودان من تلك القائمة".
ويشمل قرار رفع العقوبات الاقتصادية في جانب منه إنهاء تجميد أصول حكومية سودانية، في وقت يعاني فيه اقتصاد السودان، منذ انفصال جنوب السودان عنه، عام 2011، حيث استحوذت الدولة الوليدة على ثلاثة أرباع حقول النفط.
ولم يتضمن القرار الأمريكي رفع السودان من قائمة الدول التي تعتبرها وزارة الخارجية "راعية للإرهاب"، والذي تم إدراجه عليها في عام 1993.
ويعني بقاء السودان في هذه القائمة استمرار فرض قيود عليه، منها حظر تلقيه المساعدات الأجنبية، أو بيع السلاح إليه.
السعودية.. مقتل رجلي أمن في هجوم على قصر ملكي بجدة
أعلنت وزرة الداخلية السعودية، مساء السبت، مقتل رجلي أمن وإصابة 3 آخرين في هجوم استهدف نقطة حراسة تابعةً للحرس الملكي بقصر السلام في مدينة جدة، غربي المملكة، تم خلاله أيضا مقتل المهاجم وهو سعودي الجنسية.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية (واس) عن المتحدث الأمني لوزارة الداخلية اللواء منصور التركي بأن الهجوم وقع عند الساعة (الثالثة وخمسة وعشرين دقيقة) من فجر السبت (00:25 ت.غ).
وفي التفاصيل، أوضح "التركي" أنه "تعرضت نقطة حراسةً خارجية تابعةً للحرس الملكي الموجودة أمام البوابة الغربية لقصر السلام بمدينة جدة، لإطلاق نار من شخص ترجل من سيارة كان يقودها".
وأضاف أنه "تم التعامل مع المهاجم على الفور من قبل رجال الحرس الملكي وفق ما يقتضيه الموقف؛ ما نتج عنه مقتله بنفس مكانه في الحال".
وأشار كذلك إلى أنه "نتج عن هذا العمل الجبان استشهاد كلٍ من: وكيل رقيب حماد بن شلاح المطيري، والجندي أول عبدالله بن فيصل السبيعي".
وبين أن الهجوم أسفر أيضا عن "إصابة كلٍ من: العريف وليد بن علي شامي ، والجندي أول أحمد صالح القرني، والجندي أول عبدالله هندي السبيعي"؛ حيث يتلقون حالياً العلاج اللازم (دون ذكر مدى خطورة إصاباتهم).
وأفاد المتحدث الأمني بأنه اتضح من إجراءات الثتبت من هوية ذلك الشخص (المهاجم) أنه يدعى "منصور بن حسن بن علي آل فهيد العامري" (سعودي الجنسية)، ويبلغ من العمر 28 عاماً.
وأشار إلى أنه ضبط بحوزة المهاجم، بالإضافة لسلاح رشاش من نوع كلاشنكوف، 3 قنابل حارقة (مولوتوف).
وقال إن "الجهات الأمنية ما تزال تباشر تحقيقاتها وسيتم الإعلان عما يستجد لاحقاً".
ولم يعرف يعد دوافع الهجوم، كما لم تعلن أي جهة مسؤوليتها عنه.
وفي وقت سابق من اليوم، طالبت القنصلية الأمريكية في جدة المواطنين الأمريكيين بتوخي الحذر في المنطقة المحيطة بقصر السلام الملكي في مدينة جدة، إثر تقارير إعلامية عن الهجوم الذي أعلقنت عنها الداخلية السعودية لاحقا.
ويكتسب قصر السلام أهمية خاصة كونه مقر الديوان الملكي، وكذلك مكان انعقاد مجلس الوزراء بمدينة جدة، وفيه يتم استقبال الوفود الزائرة، وهو يعد من القصور الحديثة.
وكانت آخر جلسة لمجلس الوزراء، التي ترأسها الملك سلمان بن عبد العزيز قبل سفره إلى روسيا، انعقدت في هذا القصر الثلاثاء الماضي.
وقبل اجتماع مجلس الوزراء بيوم، استقبل الملك سلمان في القصر ذاته عاهل البحرين الملك حمد بن عيسى آل خليفة.
ويقوم العاهل السعودي حاليا بزيارة إلى روسيا، بدأها الأربعاء الماضي، وتعد الأولى لملك سعودي إلى روسيا، وقد أناب ولي عهد الأمير محمد بن سلمان بإدارة شؤون المملكة خلال فترة غيابه.
مصر: وفاة محمد مهدي عاكف المرشد العام السابق للإخوان المسلمين في سجنه
محامي جماعة الإخوان المسلمين في مصر عبد المنعم عبد المقصود ينعي المرشد العام السابق للجماعة محمد مهدي عاكف الذي وافته المنية في سجنه، حيث اتهمته السلطات المصرية بالتحريض على العنف بعد أن ألغت محكمة النقض المصرية حكماً ضده بالسجن المؤبد.
عاكف وقف مواقف مؤيدة للمقاومة في لبنان وفلسطين في فترة توليه مسؤولية الإرشاد في الجماعة
قال محامي جماعة الإخوان المسلمين في مصر عبد المنعم عبد المقصود إنّ المرشد العام السابق للجماعة محمد مهدي عاكف توفي الجمعة عن عمر ناهز الـ89 عاماً.
وأضاف عبد المقصود أنه تلقى اتصالاً من مصلحة السجون يفيد بوفاة عاكف في مستشفى قصر العيني بالقاهرة.
وكان عاكف قد نقل من السجن إلى المستشفى للعلاج، وهو من قادة الجماعة الذين أُلقي القبض عليهم بعد عزل الرئيس السابق محمد مرسي المنتمي للإخوان في منتصف عام 2013 بعد احتجاجات حاشدة على حكمه الذي استمر عاماً.
يشار إلى أنّ عاكف شغل منصب المرشد العام للجماعة في الفترة من عام 2004 إلى 2010، وكان محبوساً على ذمة إعادة محاكمته في قضية اتهم فيها بالتحريض على العنف بعد أن ألغت محكمة النقض أعلى محكمة مدنية مصرية حكماً ضده بالسجن المؤبد.