Super User

Super User

الأربعاء, 09 آب/أغسطس 2017 04:44

واجبات الطواف

يشترط في الطواف سبعة أمور:

الأول: الإبتداء بالحجر الأسود، وذلك بأن يبدأ من محاذاته ، ولا يشترط الطواف من أول الحجر بحيث يمرّ بجميع بدنه أمام جميع أجزائه، بل يكفي صدق الإبتداء عرفاً، ولهذا يصحّ الابتداء من أيّ نقطة منه، نعم يجب ختمه من حيث بدأ، فإن بدأ من الوسط ختم به وهكذا.

الثاني: الختم به في كل شوط .
لا يجب التوقف عند كل شوط ثم البدء من جديد ، بل يكفي أن يطوف سبعة أشواط من دون توقف على أن يختم الشوط السابع من حيث بدأ الشوط الأوّل، نعم لا مانع من زيادة مقدار احتياطاً تحصيلاً للعلم بأنّه قد ختم بنقطة الابتداء، فيأتي بالزائد بنيّة الاحتياط.
يجب في الطواف أن يكون الطواف كما يطوف سائر المسلمين فيبدأ من محاذاة الحجر الأسود ويختم به من دون تدقيق أهل الوسوسة. ولا يجب الوقوف مقابل الحجر الأسود عند كل شوط.

الثالث: الطواف على جهة اليسار، وذلك بأن تكون الكعبة على يسار الحاجّ حال طوافه ، والمقصود من ذلك تحديد جهة سيره.
المناط في كون الكعبة على جهة اليسار هو الصدق العرفي دون الدقّة العقلية، فالانحراف قليلاً حين الوصول إلى حجر إسماعيل عليه السلام والأركان الأربعة لا يضرّ بصحة طوافه، فلا يحتاج إلى الميل بكتفه عند الوصول إليها.
إذا طاف مقداراً على خلاف المتعارف ، كما إذا استقبل الكعبة لتقبيلها أثناء طوافه أو ألجأه الزحام إلى استقبالها أو استدبارها أو جعلها على يمينه لم يصحّ طوافه بل يجب جبران ذلك المقدار.

الرابع: إدخال حجر إسماعيل عليه السلام في طوافه فيطوف خلفه.
إذا أتى بطوافه داخل حجر إسماعيل عليه السلام أو على جداره بطل طوافه ووجبت إعادته، ولو طاف في شوط من الأشواط داخل الحجر يبطل ذلك الشوط فقط .
إذا أتى بطوافه داخل الحجر عمداً فحكمه حكم تارك الطواف عمداً، وإن أتى به سهواً فحكمه حكم التارك للطواف عن سهو ، وسيأتي بيانهما.

الخامس: الخروج أثناء الطواف عن الكعبة المعظّمة وعن الأساس في أسفل حائطها الذي يُسمى بـ "الشاذروان"
لا بأس بوضع اليد على جدار حجر إسماعيل عليه السلام وكذا وضع اليد على جدار البيت.

السادس: يشترط على المشهور أن يكون الطواف بين البيت ومقام إبراهيم عليه السلام وفي حدود مقدار الفصل بينهما من سائر الجوانب، ولكن الأقوى عدم اشتراط ذلك فيجوز الإتيان به فيما وراء ذلك من المسجد الحرام لاسيّما إذا منعه الزحام الشديد، نعم الأولى الطواف داخل المطاف المذكور فيما إذا لم يمنعه الزحام منه.
لا يبعد إجزاء الطواف في الفضاء الواقع بين الأرض ومحاذاة سقف الكعبة المعظّمة إلاّ أنّه خلاف الاحتياط.
لو لم يتمكّن من الطواف إلاّ في الطابق العلوي (الدور الثاني) فالأحوط وجوباً أن يطوف بنفسه في الطابق العلوي ويستنيب أيضاً من يطوف عنه في صحن المسجد الحرام.

السابع: الطواف سبعة أشواط.
وهنا مسائل‌ حول‌ ترك ‌الطواف ‌ونقصانه‌ والشك‌ّ فيه
الطواف ركن تبطل العمرة بتركه عمداً إلى وقت فواته ، ولا فرق في ذلك بين العالم بالحكم والجاهل به.
لا تجب الفوريّة في الطواف بعد دخوله مكة، بل يمكنه تأخيره إلى الزمن الذي لا يضيق معه الوقوف الاختياري في عرفات (الوقوف الاختياري في عرفات يبدأ من ظهر اليوم التاسع من ذي الحجة إلى غروبه) بحيث يمكنه بعد الإتيان بالطواف والأعمال الأخرى المترتبة عليه أن يدرك الوقوف المذكور.
إذا أبطل عمرته كما في الحالة المتقد‌ّمة وفي حالات أخرى سنبيّنها فالأحوط أن يعدل بها إلى حج الإفراد ويأتي بعده بعمرة مفردة، ثم يأتي بالعمرة والحج من قابل إن كان الحج واجباً عليه.
إذا ترك الطواف نسياناً وذكره قبل فوات وقته أتى به وبصلاته وأعاد السعي بعدهما
إذا ترك الطواف نسياناً وذكره بعد فوات وقته وجب عليه قضاؤه وقضاء صلاته في أيّ وقت أمكنه، وأمّا إذا ذكره بعد العود إلى وطنه فإن أمكنه الرجوع من دون مشقّة وحرج وجب وإلاّ استناب، ولا يجب عليه إعادة السعي بعد قضاء الطواف وصلاته.
التارك للطواف سواء كان عامداً أو ناسياً لا يحلّ له ما كان حلّه متوقفاً على الطواف ما لم يأتِ به بنفسه أو بنائبه، وكذا من نقص من طوافه سهواً.
مَن عجز عن مباشرة الطواف بنفسه قبل فوات وقته حتى بالاستعانة بالغير لمرضٍ أو كسرٍ أو غيرهما وجب أن يُطاف به محمولاً إن أمكن ذلك وإلاّ وجب عليه الاستنابة.
إذا شكّ بعد الطواف والانصراف - أي بعد الخروج من المطاف - في زيادة الأشواط أو نقصانها لا يعتني بشكّه ويبني على الصحّة.

قوة الأسطورة، هي ما يبرّر به هرتزل تفضيله لاختيار فلسطين وطناً قومياً لليهود، بعد أن كان على استعداد لقبول أوغندا، قبرص، الأرجنتين، موزمبيق أو الكونغو. هذا ما يقوله في يوميّاته وفي كتابه الدولة اليهودية. في هذا الكتاب يصف مؤسّس الصهيونية الأسطورة الدينية بـ"صرخة اصطفاف ذات سلطة لا تقاوم".

الفلسطيني ليس بحاجة إلى أسطورة دينية كي يؤسّس لملكيته لأرض فلسطين ولا كي يبرّر عملية دفاعه عن هذا الحق

لن نكون معنيين بمناقشة جواز اعتبار الدين أسطورة أم لا. فذاك ما اعتبره هرتزل. ولكننا معنيون بأن نتبيّن معنى "صرخة الاصطفاف" وسلطتها. وبمعنى آخر توظيف الشعور الديني من قِبَل سياسيين يعرفون جيّداً هدفهم، ولا يعنيهم سواه. بناء على وعيهم التام بأهمية هذا المحرّك الشاحِن الجامِع. وبالإسقاط على الحاضر يقود هذا إلى السؤال: ألا يعرف المخطط الاستراتيجي الإسرائيلي ما يعنيه ذلك عندما يتعلّق الأمر بالمسجد الأقصى؟ وبالإسقاط نفسه ينسحب هذا السؤال على ردّة الفعل الفلسطينية سواء من قِبَل المؤمنين أم من قِبَل المسيّسين كما كان حال هرتزل. مع فارق عميق هو أن الفلسطيني ليس بحاجة إلى أسطورة دينية كي يؤسّس لملكيته لأرض فلسطين ولا كي يبرّر عملية دفاعه عن هذا الحق. وإذا كان المساس برمزيّة دينية كبرى يمسّ شغافاً لا شك فيها لدى جميع الشرقيين في ما يتعلّق بالدين. فإن هذه الرمزية تصبح أكثر تجذّراً عندما تتماهى مع مسألة وجود يحتاج إلى استنفار جميع مصادر الشحن والاصطفاف ورموز الانتماء للدفاع عنه.

واقعياً. لا بدّ وأن الاسرائيلي يعرف جيّداً كل هذا. ويعرف أن التعدّي على المسجد الأقصى يشكّل خطر اندلاع انتفاضة جديدة. لكنه من جهة ثانية يعرف أن الواقع العربي والفلسطيني الراهن يقدّم له أكثر من فرصة:

- فرصة التعويد، عبر التكرا ، على الاعتداء على المُحرّمات والمُقدّسات.

- فرصة مصادرة أرشيف هائل من الوثائق والمخطوطات والموجودات في المسجد التي لا يعرف أحد إلى أين شُحِنت وماذا سيحلّ بها.

- فرصة التركيز أكثر فأكثر على أن الصراع مع الفلسطينيين والعرب هو صراع ديني بين الإسلام واليهودية. تركيز يصرف النظر عن القضية الأساسية وهي الأرض التي لا يختلف فيها شبر عن آخر، من أي دونم بُنيَت عليه وحدة استيطانية إلى المسجد الأقصى إلى كنيسة القيامة.

- وبتحوير الصراع هذا تتدرّج القضية، من قضية العرب المركزية، وقضية إسرائيل الكبرى مقابل سورية الكبرى ووادي النيل، إلى قضية القرار الوطني الفلسطيني الذاهب إلى أوسلو، ومن الفلسطيني إلى "الحرب على غزّة" وحصار غزّة وقضية غزّة، من جهة، مقابل السلطة والضفة والتنسيق الأمني، ومن الضفة إلى القدس، ومن القدس إلى المسجد ومن المسجد ومكتباته ووثائقه إلى البوابات الالكترونية، وغداً ربما تصبح المشكلة في نوع الكاميرا أو العصا الالكترونية الخاصة بالتفتيش.

هذا في وقت تتّجه فيه دول الخليج إلى أمرين خطيرين :

الأول هو التطبيع الكامل مع الكيان الصهيوني والتحالف معه ضدّ كل مَن يُعادي مشروعه، إيران وحزب الله والقوى القومية والوطنية من المشرق إلى المغرب. تحالف سنرى ترجمته في التبادل التجاري والعلمي والشبابي والثقافي والعسكري، كما سنراه في طُرق المواصلات من الأوتوسترادات إلى سكك الحديد. ( قيل لبيسمارك: "موحّد ألمانيا"، فردّ: لست أنا بل سكك الحديد)، إلى أنابيب النفط وفي أولها خط كركوك حيفا، إذا ما نجح الاستفتاء الكردي.

والثاني هو الصيغة الجديدة للإسلام التي تعمل مملكة محمّد بن سلمان، بإشراف أميركي، على تنفيذها. وقد صرّح تيري لارسن وزير الخارجية الأميركي، بأن مكتباً أميركياً قد بدأ عمله في الرياض للإشراف على هذه العملية: "صياغة إسلام جديد". وذلك عبر إعداد كتب دينية جديدة يحذف منها كل ما له علاقة بالتطرّف والإرهاب، وترسخ فيها مفاهيم جديدة. ثم يتم توزيعها على جميع أنحاء العالم التي يطالها المد السعودي، مع سحب جميع الكتب الموجودة حالياً. إضافة إلى إقامة حملة إعادة تأهيل للأئمّة. مخطّط يبدو للوهلة الأولى نقلة ممتازة، تمثّل ما يطمح إليه كل من طاله القرف من الفكر الإرهابي الظلامي المُدمّر الذي نشرته الوهّابية عبْر العالم.. لكن كم من كلمة حق يُراد بها باطل. فمَن يدري ما الذي سيُدرجه الأميركي من مفاهيم ومن قِيَم، سواء في ما يتعلّق بحاجات هيمنته أو ببذور التخريب أو بشكل أساسي ما يتعلّق بإسرائيل وقبول دولتها اليهودية بإسم الإسلام.

لقد كان التغيير السياسي حتمية قادمة في العالم العربي بحكم جملة أسباب موضوعية داخلية، فحصل الالتفاف عليه وتحويله إلى عملية تدمير لكل شيء وعودة رهيبة إلى الوراء. الآن يفرض الإصلاح الديني نفسه كحتمية تفرضها مآلات الخطاب الأصولي الإرهابي المتخلّف، وها هم الأميركيون وضمناً الصهاينة يلتّفون عليه نحو ما لا نعلم. ولنتذكّرمَن صاغ حرب احتلال العراق ومَن كتبَ دستور العراق بعد الاحتلال. ومَن رافق ترامب في زيارته إلى السعودية. ولنحاول أن نربط هذه الستراتيجية بما حصل للأقصى.

لكن علينا في المقلب المقابل أن نتذكّر أن هذا القدر الإسرائيلي، لم ينجح أن يكون قدراً في لبنان ومع مقاومته، ولم يستطع أن يكون قدراً مع سوريا رغم كل الاصطفاف، ولم يستطع أن يمنع الانتفاضتين الأولى والثانية من تحقيق أهداف تاريخية. ولم ينجح في جعل هبّة الأقصى، على الأرض، وبعكس الإعلام، هبّة إسلامية بقدر ما كانت هبّة فلسطينية بمسلميها ومسيحييها. سمعنا فيها صوت عطاالله حنا أكثر مما سمعنا هيئة الافتاء.

حياة الحويك عطية

رئيس حركة النهضة برر الدعوة بأن التحدي المطروح على رئيس الوزراء هو إدارة الشأن العام والانتخابات البلدية

دعا رئيس حركة "النهضة" التونسية راشد الغنوشي، الثلاثاء، رئيس الحكومة يوسف الشاهد، إلى الإعلان رسميا عن عدم اعتزامه الترشح لانتخابات الرئاسة عام 2019، من أجل التركيز حاليا على إدارة الشأن العام في تونس.

وبرر الغنوشي تلك الدعوة بقوله، في حوار مع قناة "نسمة" التونسية (خاصة)، بأن "التحدي المطروح عليه (الشاهد) هو إدارة الشأن العام والانتخابات البلدية، أما موضوع 2019 (الترشح لانتخابات الرئاسة) فهو أمر سابق لأوانه".

وأضاف: "هو (الشاهد) غير معني سوى بإدارة الشأن العام في البلاد، والوصول بالبلاد إلى انتخابات 2019".

ولم يعلن الشاهد صراحة نيته الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة، لكن تكهنات كثيرة تربطه بهذا الاستحقاق الانتخابي.

وفي انتقاد صريح، اعتبر الغنوشي، الذي يشارك حزبه في الائتلاف الحاكم، أنه "على الوزراء تركيز جهودهم على الوضع الاقتصادي والانتخابات البلدية، بدلا من الانشغال بمستقبلهم السياسي".

ورأى أنه "لا بد من إجراء تحوير (تعديل) وزاري على حكومة الوحدة الوطنية؛ لأن هناك مناصب حكومية شاغرة، ووزارات تحتاج للتغيير".

وأواخر أبريل/ نيسان الماضي، شهدت الحكومة التونسية تعديلًا جزئيا، تمثّل في إقالة وزيري التربية والمالية، وتعيين وزيري التعليم العالي، والتنمية والاستثمار والتعاون الدولي (على التوالي)، عوضا عنهما بالإنابة.

ويضم الائتلاف الحاكم كلا من حزب حركة "نداء تونس" (ليبرالي- 58 مقعدًا برلمانيا)، وحركة "النهضة" (إسلامية - 69 مقعدًا)، و"آفاق تونس" (ليبرالي- 10 مقاعد)، و"الحزب الجمهوري" (وسط- مقعد واحد)، وحزب "المسار" (يساري بلا مقاعد برلمانية).

وتتألف حكومة الشاهد، التي انبثقت عن "وثيقة قرطاج"، أواخر أغسطس/ آب الماضي، من 26 وزيرا، و14 كاتب دولة (موظف حكومي برتبة وزير).

وتضج الأوساط السياسية في تونس بدعوات من سياسيين ونقابيين إلى إجراء تعديل وزاري "عميق"، في حين أنه لم يتم الإعلان رسميًا عن إجراء تعديل وزاري.

وتطرّق الغنوشي إلى الانتخابات البلدية، المقررة أواخر العام الحالي، بالقول إن "هذه الانتخابات ستنتج 7 آلاف حاكم على المستوى المحلي"، وأعرب عن ثقته "في مشاركة التونسيين بكثافة في هذه الانتخابات".

وشدد الغنوشي على أن "التجربة التونسية ما زالت محل إعجاب في الخارج"، وحث التونسيين على "العمل والتضامن والوحدة الوطنية".

وشهدت تونس ثورة شعبية أواخر عام 2010، أطاحت في العام التالي بالرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي (1987-2011)، ونجت تونس من انتكاسات شهدتها دول عربية أخرى عقب ثورات مشابهة، حيث تتمسك الأطراف السياسية التونسية الفاعلة باحترام العملية الديمقراطية، وتداول السلطة عبر الانتخابات.

حذر وزير الخارجية الايراني محمد جواد ظريف امام الاجتماع الطارئ لمنظمة التعاون الاسلامي المسلمين باسطنبول من ان ينخدعوا بالاستعراض الاجوف للصهاينة وسراب وهمهم .

ودعا ظريف الامة الاسلامية بداية الى الاتحاد حول خطوة عالمية وشاملة لاحباط المحاولات الصهيونية الرامية الى التغطية على مخططاته واجراءاته المجرمة .

 وحث ظريف الجميع الى التصدي لاي محاولة لصرف الاهتمام عن الهدف الاساسي الذي جمعنا في الاجتماع الطارئ لمنظمة التعاون الاسلامي .

واكد ظريف انه لاينبغي السماح ابدا ولاي احد لحرف المبدأ الرئيسي لهذه المنظمة القائم على اساس النهوض بالوحدة الاسلامية والتصدي للاطماع التوسعية والاحتلالية للصهاينة ودعم اقامة دولة فلسطينية مستقلة وراسخة وعاصمتها القدس الشريف .

وشدد ظريف على انه لاينبغي السماح للصهاينة بان يضعوا لنا اجنداتنا للعمل او اثارة قضايا جديدة وصولا الى ايجاد حصانة لهم ازاء الجرائم التي ارتكبوها بحق الجميع .

واكد ظريف ضرورة ان يكون صوتنا واحدا امام الاسرة الدولية ولاسيما مجلس الامن الدولي وان ندعوهم لوضع حد لثقافة الفرار من العقاب للكيان الاسرائيلي وان يجبروا هذا الكيان على وقف مخططاته وجرائمه.

واوضح انه وعلى وقع اجراءات قوات الاحتلال التي تتمادى في تجاهل الحقوق الدولية بشكل كامل، يواصل الكيان الصهيوني مخططاته التوسعية ضد الشعب الفلسطيني والاماكن الاسلامية المقدسة ولاسيما الحرم القدسي الشريف ما يجعل الاوضاع في هذا المكان الشريف اكثر توترا.

وادان الاعتداءات الصهيونية التي تهدف الى تغيير الواقع التاريخي للقدس الشريف وايجاد تغييرات ديموغرافية فيه وبسط هيمنته على الاماكن الاسلامية المقدسة في قلب القدس المحتلة مؤكدا ان الوضع الراهن هو افراز للاحتلال الماساوي اللامشروع لارض فلسطين والانتهاكات المستمرة للحقوق الاساسية للشعب الفلسطيني .

وتابع ان القدس الشريف بات يختنق نتيجة الحصار الطويل لهذه المدينة ونقاط التفتيش وانتشار قوات الاحتلال والتمدد الاستيطاني اللامشروع والاعتداءات المسلحة والعنيفة للمستوطنين والاذلال والتمييز والقمع الذي يمارس بحق السكان الفسلطينيين .

وافاد بان محاصرة المسجد الاقصى ومنع اقامة صلاة الجمعة وفرض القيود على الفلسطينيين في الوصول الى الاماكن المقدسة قد اثار حفيظة الشعب الفلسطيني اكثر فاكثر فيما تواجه الاحتجاجات الشعبية السلمية الرامية الى اعادة حقوقهم المغتصبة وحماية هوية مدينتهم بوحشية وبلارحمة.

وخاطب ظريف مسؤولي الدول الاسلامية بالقول : لاينبغي لنا ان ننسى ايضا الحصار المفروض على مليوني فلسطيني يقطنون قطاع غزة يعانون من حصار غير مشروع وعقاب جماعي وحرمان من ابسط الحقوق ومنها الدواء ومياه الشرب الصحية والطاقة .

واعتبر حصار غزة كابوسا انسانيا يتطلب اجراءات عاجلة عبر انهاء الحصار فورا وقال ان الكيان الصهيوني مازال يتجاهل جميع المطاليب الدولية الداعية الى وقف وتغيير سياساته واجراءاته العنصرية بحق الشعب الفلسطيني .

في البيان الختامي للجنة التنفيذية لوزراء خارجية دول المنظمة عقب اجتماع طارئ عقدته في إسطنبول بدعوة من تركيا

أدان وزراء خارجية دول منظمة التعاون الإسلامي، بـ"شدّة" الممارسات "الاستفزازية" لسلطات الاحتلال الإسرائيلي مؤخرا في القدس والمسجد الأقصى.

جاء ذلك في البيان الختامي، الذي أصدرته اللجنة التنفيذية لوزراء خارجية دول المنظمة، عقب الاجتماع الاستثنائي الذي عقدته في إسطنبول بدعوة من تركيا.

وقال البيان، "ندين بشدة الاستفزازات الإسرائيلية الأخيرة، ومنها إغلاق المسجد الأقصى والعقوبات الجماعية التي تستهدف حرية العبادة للمسلمين والمسيحيين الفلسطينيين في الأماكن المقدسة، وحظر تلك الأماكن أمام الفلسطينيين الذي يمارسون عباداتهم بشكل سلمي عبر استخدام قوة مفرطة ومميتة".

ونوه البيان بالتسامح الديني المثالي، الذي عاشته القدس في ظل الحكم الإسلامي، على مدى مئات السنين.

وشدد الوزراء على الالتزام بالدفاع ضد جميع التهديدات، التي تسبب فيها "الاحتلال الإسرائيلي الاستعماري"، محذرين من مخاطر تغيير الطابع المعنوي والديني للمسجد الأقصى، أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.

ورفض البيان الإجراءات الإسرائيلية الرّامية إلى تغيير ديموغرافي بالقدس، كما وجه تحية "للفلسطينيين الذين ردوا على المعايير الإسرائيلية غير الشرعية، عبر المظاهرات والصلوات الجماعية".

وجدد البيان "دعم صمود الفلسطينيين الذي يحمون القدس باسم الأمة".

وأشاد بدعم وتفاعل تركيا والأردن والسعودية والمغرب من أجل الأقصى، وفي هذا الإطار، نوه بخطاب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الذي يتولى الرئاسة الدورية لمنظمة التعاون الإسلامي، في 22 يوليو/تموز الماضي.

وطالب البيان المجتمع الدولي ببذل الجهود اللازمة من أجل وقف الاحتلال الإسرائيلي، الذي بدأ العام 1967، والوصول إلى حل عادل ودائم.

كما دعا البيان المؤسسات الأممية، وبينها مجلس حقوق الإنسان، إلى تناول الأزمة الخاصة بالمسجد الأقصى، معربا عن الامتنان والتقدير للحكومة التركية لاستضافتها الاجتماع.

وشهدت إسطنبول فعاليات الاجتماع الطارئ للجنة التنفيذية على مستوى وزراء الخارجية بالدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، لدعم القدس والمسجد الأقصى.

وحضر المؤتمر الذي انتهت فعالياته مساء اليوم، 44 ممثلًا عن دول منظمة التعاون الإسلامي.

وترأس الاجتماع وزير الخارجية التركي، بصفته ممثلًا لتركيا التي تتولى رئاسة المنظمة في الفترة الحالية.

وشارك في الاجتماع، فضلًا عن الأمين العام للمنظمة يوسف العثيمين، وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، ونظيره الإيراني محمد جواد ظريف.

كما شارك في الاجتماع وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، ونظيرته الإندونيسية ريتنو ليستاري بريانساري، ووزير خارجية ماليزيا حنيفة أمان، ونظيره الأردني أيمن الصفدي، ووزراء ومسؤولون من دول أخرى.

وشارك السودان والصومال في الاجتماع على مستوى وزير الدولة للشؤون الخارجية، أما العراق وتونس وأفغانستان والكويت فشاركوا على مستوى نواب وزراء الخارجية.

وشهدت مدينة القدس خلال النصف الثاني من يوليو/تموز الماضي هبة شعبية امتدت إلى باقي المدن الفلسطينية، أجبرت إسرائيل على إلغاء إجراءات أمنية وقيود فرضتها على المسجد الأقصى ودخول المصلين إليه.

تجدر الإشارة إلى أنه صباح اليوم، أيضًا، اقتحم 1079 مستوطنًا، المسجد الأقصى، بحراسة عناصر من الشرطة الإسرائيلية، الأمر الذي لاقى رفضًا فلسطينيًا، وهو ما ينذر بعودة التوتر إلى القدس والأقصى.

الثلاثاء, 08 آب/أغسطس 2017 10:08

القدس عبر ودروس

انتصرت القدس، وكان انتصارها بفضل أهل القدس رجالاً ونساء وشيباً وشباباً، ولا فضل لأحد غيرهم في تحقيق هذا الانتصار.

هناك من ادّعوا أن جهودهم هي التي مهّدت لانتصار القدس، بينما لم تتعد تلك الجهود الاتصالات والبيانات والتصريحات في وسائل الإعلام. وكما هو معروف تاريخياً، للنصر آباء وأمهات كثر، والهزيمة يتيمة الأب والأم. أهل القدس وقفوا بشموخ وعزة وإباء وإصرار إلى أن وصلوا إلى النتيجة التي ارتضوها. وفي صمودهم وكفاحهم، نستخلص العديد من الدروس والعبر التي تفيدنا في مسيرة الشعب الفلسطيني نحو التحرير والحرية. من هذه الدروس:

أن الأموال لم تلوث هبة أهل القدس لنجدة الأقصى، ونحن نعلم أن المال كان دائما مفسدة وألهى الناس بالطمع والاتهامات والاتهامات المضادة. من شأن المال أن يشعل التهم ويثير الضغائن والأحقاد، وينشط اللصوص والأوغاد. لقد بقيت الحركة المقدسية طاهرة ونجت من النقود التي أفسدت على الشعب تضحياته في كثير من الأحيان. هناك بالتأكيد من يقول إن المال ضروري من أجل كفاية المعتصمين والمرابطين والمرابطات احتياجاتهم اليومية من مأكل ومشرب وخلاف ذلك وهذا صحيح، وقد أدركت نساء القدس المسؤولية وعملن على تغطية كل ما يحتاجه المجاهدون من أموالهن الخاصة. لقد استنفرت نساء القدس، وشددن الهمم وطهون الطعام وقدمنه هنيئا للمعتصمين. وقدمن الشراب والدواء والماء، وفتحن بيوتهن للمتعبين والجرحى وأدخلن المسعفين ليقوموا بواجبهم. لم تطلب نساء القدس شكرا، ولم ينتظرن جزاء إلا من الله سبحانه وتعالى، وبذلك ضربن المثل الأعلى في الكرم والتضحية والسخاء. ومنهن نتعلم أن الدفاع عن الوطن لا ثمن له، وهو واجب مقدس.

في عمل نساء القدس المبارك ما يؤكد لكل الشعب الفلسطيني أننا قادرون على حمل بعضنا البعض، وإذا عزمنا على التكافل والتضامن فإننا لن نحتاج أموالاً من أحد، ولن نحتاج الطحين والسكر والأرز. دائما الاعتماد على الذات يقي الذات من المذلة، ويمنع الآخرين من التحكم بالإرادة السياسية. نحن اعتمدنا على أنفسنا في القدس، ولولا إجراءات الاحتلال القمعية لرأينا مئات الآلاف من الناس يتدفقون إلى الأقصى حاملين معهم كل ما يلزم من الاحتياجات اليؤومية للجميع. الشعب الفلسطيني معطاء ويتمتع بالانتماء وروح الالتزام ومشكلته فقط غياب القيادة القادرة على استثمار طاقاته وقدراته وتوجديهها ضد الاحتلال.

من ناحية أخرى، أبدى الشعب الفلسطيني وحدة وطنية شعبية راسخة وقوية في هذه الأزمة. لقد توحد الناس بجميع فئاتهم وأطيافهم ومللهم ومشاربهم في بوتقة واحدة تحت علم واحد وشعار واحد. لقد شاركت الفصائل الفلسطينية كما الأحزاب المختلفة والتنظيمات والجمعيات في هذا الجهد الكبير، ولم يتأخر أحد عن القيام بواجبه، ولم يكن المجال مفتوحا لتحويل الجمهرة الفلسطينية إلى جمهرات فصائلية تثير النعرات والخلافات. كانت الوحدة الوطنية حقيقية تؤكد العمل الجماعي والتعاون المتبادل والاعتماد على الذات. حتى أن مسيحيين أدوا الصلاة مع المسلمين تضامناً مع الأقصى، وكان من المفترض وفق بعض وسائل الإعلام أن تخرج مظاهرة يوم الجمعة الفائت من كنيسة القيامة إلى المسجد الأقصى دعماً للمسلمين. وسبق للمسيحيين ان وضعوا كنائسهم تحت تصرف المسلمين إن أدت الظروف إلى انقطاعهم عن المساجد. وقد ظهر للعيان أن الخلافات على الساحة الفلسطينية غير مقبولة جماهيرياً وأن السياسيين هم الذين يوقعون الخلافات بين الناس وهم الذين يسببون الصدام والبغضاء والاقتتال. فهل يتعلم قادة الفصائل وقادة السلطة الدرس من الناس؟

ومن الدروس المهمة أن الشعب الفلسطيني يتوحد عند الأزمات وفي الأوقات التي تتطلب مقاومة عنيدة. تاريخياً، الشعب الفلسطيني كان يطور العمل الجماعي والتعاون المتبادل حين يصطدم بالعدو، وكان ينفرط عقده ولو جزئياً عندما يسترخي ويستكين للوضع القائم. استكان الشعب الفلسطيني على مدى سنوات بسبب الاتفاقات مع الصهاينة، لكنه الآن يدرك أن تلك الاتفاقات كانت وبالاً عليه، وأن لا وطن له دون التصدي والمقاومة.أدرك الشعب الفلسطيني الحقيقة والأخطار المترتبة عليه جراء اتفاق أوسلو وملحقاته، ويبدو أن القيادات الفلسطينية ذات استيعاب وإدراك أقل من المستوى الذي يتمع به الشعب.

وبعد هذا الانتصار ما هو المتوقع؟ يجب ألا يطمئن الفلسطينيون للوضع الذي استجد، لأن الصهاينة غدارون ومتآمرون، وهم بالتأكيد يعكفون على دراسة الأوضاع وتحضير مثالب جديدة للشعب الفلسطيني بهدف إحباطه من جديد وحرمانه من مشاعر القوة والعزة التي اجتاحت كل أوساطه. يجب أن يبقى الشعب مستنفراً ومفتوح العيون والآذان حتى لا يؤخذ على حين غرة. وللشعب درس لا بد أن يتعلّمه الجميع، بخاصة الشباب والشابات، وهو أننا إذا استطعنا أن نصنع أزمة عقب كل إجراء تعسفي يقوم به الصهاينة ضدنا فإننا سنستمر في حشر الكيان الصهيوني في زاوية لا يخرج منها إلا بالتراجع. وكلما تراجع وانخفضت معنوياته ارتفعت معنوياتنا نحن وكسبنا المزيد من الشعور بالقوة والتلاحم.

وما دامت القيادات لا تريد أن تدرك واجباتها ومسؤولياتها، فإن الشعب الفلسطيني أمام مهمة كبيرة وهي إفراز قيادة جديدة تتمكن من حشد الطاقات وتجميع القدرات، لتحقق نصراً مؤزراً على الاحتلال وأعوانه من العرب وأهل الغرب.

عبد الستار قاسم

تضغط السلطة الفلسطينية والمملكة المغربية، لإلغاء القمة "الإسرائيلية ـ الإفريقية" المقررة في مدينة لومي في دولة توغو نهاية أكتوبر / تشرين الأول المقبل، بحسب تقرير إسرائيلي نشر اليوم الثلاثاء.

ونقلت صحيفة "جروزاليم بوست" الإسرائيلية عن مصادر دبلوماسية إفريقية، لم تكشف هويتها، قولها إن السلطة الفلسطينية تمارس الضغوط على رئيس توغو، فور غناسيغني، لإلغاء القمة.

كما أشارت المصادر ذاتها إلى أن السلطة الفلسطينية تحث الدول الإسلامية في إفريقيا على "عدم المشاركة التي من شأنها إظهار الدعم لإسرائيل، ما يتسبب بتراجع النضال الفلسطيني".

وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد دعا قادة الدول الإفريقية إلى ربط أي تقدم في علاقة القارة بإسرائيل، بمدى التزامها بإنهاء احتلالها لأرض دولة فلسطين المحتلة منذ عام 1967، بعاصمتها القدس الشرقية.

وقال في كلمة أمام قمة الاتحاد الإفريقي في دورته التاسعة والعشرين المنعقدة في العاصمة الإثيوبية أديس أبابا يوم الثالث من يوليو / تموز: "لقد كانت دول إفريقيا واتحادها العتيد وما زالت، نعم السند والشريك في المصير، ونأمل أن تستمر شراكتنا مزدهرة، ونحن في نضالنا اليوم، نتطلع إليكم لمواصلة الثبات على مواقفكم من قضيتنا، واستمرار التشاور بيننا كأصدقاء وحلفاء تاريخيين".

وبحسب الصحيفة الإسرائيلية فإن توغو ستوجه دعوات إلى 54 دولة إفريقية للمشاركة في القمة "الإسرائيلية ـ الإفريقية"، المقرر أن تستمر 4 أيام، متوقعة مشاركة ما بين 20 ـ 30 رئيس دولة في القمة.

ولفتت إلى أن إسرائيل تقيم علاقات دبلوماسية مع 40 من أصل 48 دولة في جنوبي إفريقيا.

وقالت المصادر الدبلوماسية الإفريقية إن الرئيس الفلسطيني محمود عباس طلب من رئيس توغو في القمة الإفريقية في أديس أبابا، إعادة النظر في قرار عقد القمة.

وأضافت: "كانت هذه هي المرة الأولى التي يطلب فيها الرئيس الفلسطيني اللقاء مع رئيس توغو الذي وصل إلى الحكم عام 2005".

وتابعت المصادر الدبلوماسية الإفريقية التي تقول إنها على معرفة بمجريات اللقاء: "كان رد رئيس توغو أنه يدير بلاده بالطريقة التي يراها مناسبة، وأنه على صداقة مع كل من إسرائيل والفلسطينيين، وأنه إذا ما أسهمت القمة في تعزيز العلاقات الاقتصادية مع إسرائيل، فإن ذلك سينعكس بالنفع في نهاية الأمر على الفلسطينيين أيضا".

ولفتت الصحيفة إلى أن رئيس توغو سيقوم بزيارة تستمر 3 أيام إلى إسرائيل الأسبوع القادم، يلتقي خلالها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

وقالت: "لقد زار إسرائيل 3 مرات في العام الماضي، والتقى نتنياهو حينما شارك الأخير في مؤتمر اقتصادي في ليبيريا في شهر يونيو / حزيران الماضي".

وذكرت المصادر الدبلوماسية الإفريقية أن المغرب أيضا حثت الدول الإفريقية على عدم المشاركة في القمة.

وقالت: "المغرب غير راضية عن انطلاقة إسرائيل في إفريقيا لأنها ترى فيه منافسة في القارة".

وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، قد أعلن في أكثر من مناسبة منذ العام الماضي بما فيها خلال زيارته إلى إفريقيا، أنه يسعى إلى التقارب مع القارة السوداء بهدف كسر التأييد التلقائي للفلسطينيين في المؤسسات الدولية التي يحظى فيها الفلسطينيون بدعم واسع.

کلمة الإمام الخامنئي خلال لقائه القائمين على شؤون الحج على أعتاب أيام الحج الإبراهيمي، في حسينية الإمام الخميني (رضوان الله عليه)_30-7-2017

بسم الله الرحمن الرحيم (1)

الحمدلله ربّ العالمین والصّلاة والسّلام علی سیّدنا أبي ‌القاسم المصطفی محمّد وعلی آله الأطیبین الأطهرین المنتجبین لا سیّما بقیّة الله فی الأرضین.

أجمل ترحيب وأهلاً وسهلاً بالأعزاء، الإخوة والأخوات، المسؤولين والعاملين وخادمي الحج والحجاج. إنّ توفيق شعبنا للحج في هذا العام هو بحد ذاته خبر جيد؛ بحمد الله، فإنّ مسؤولي البلاد في السلطات الثلاث وغيرهم من المعنيّين، قد بحثوا وطالعوا كل أبعاد المسألة وقرروا أن يستأنف الحج هذا العام؛ نأمل أن يتفضل الله تعالى على شعبنا في هذا الطريق المبارك ليكون باعثاً على البركة والخير والصلاح والنجاح.

الحجّ؛ فريضةٌ لا شبيه لها
إن الحج هو فريضة بالغة الأهمية؛ ولعلّه لا يوجد لدينا بين الفرائض الإسلامية الهامة ما يشابه فريضة الحج. أولاً؛ في هذه الفريضة الكبيرة والواسعة المدى، توجد إمكانات وطاقات معنوية عديدة، بحيث يتمكن أولئك الذين يطلبون الارتباط المعنوي بحضرة الحق (جل وعلا) ويسعون للمعنويات والروحانيات وما شابه، من الحصول على إمكانات وافرة وقدرات عجيبة في طيات هذا الواجب وهذه الفريضة الكبرى، فالمعنويات تترشّح وتمطر؛ من الصلاة والطواف والوقوف والسعي والإحرام نفسه ومن كل شعيرة ومنسك وجزء من هذا الواجب الكبير والمركّب من أقسام متنوعة. إذا قدّرنا هذا وكنا نسعى للمعنويات، فإن طاقات الحج هي أكثر من جميع الواجبات؛ هذا من جهة. ومن جهة أخرى، يوجد في الحج إمكانات وطاقات اجتماعية لا نظير لها؛ لاحظوا، إنّ هذا من مميزات الفرائض الإسلامية. مع كل هذا التأكيد والتركيز على المعنويات في الإسلام، إلا أنّ المعنويات الإسلامية لا تعني أبداً الانزواء والرهبانية والعزلة والابتعاد عن الناس؛ فذلك الواجب الذي يتمتع بأكثر الإمكانات المعنوية، هو نفسه يتحلّى بأكثر القابليات والإمكانيات للحضور الاجتماعي أيضاً.

طاقة معنويّة واجتماعية.. وبيان موقف:لتعارفوا
الحج هو مظهر تجلّي عظمة الأمة الإسلامية، الحج هو مظهر الوحدة، الحج هو مظهر الانسجام والتضامن؛ الحج هو مظهر قوة الأمة الإسلامية. حيث يجري أكبر تجمع للأمة في كل عام، بشكل دائم ومستمر، بأوضاع وحالات محددة وفي مكان معين؛ أي إن الأمة الإسلامية ومن خلال الحج تقوم باستعراض قدرتها وحضورها وتقدم نفسها بواسطة الحج. إضافة إلى هذا البعد الخارجي للقضية، يوجد بعد داخلي أيضاً: الشعوب الإسلامية تتعرف إلى بعضها البعض في الحج وتأنس ببعضها البعض، تفهم لغة بعضها البعض – وليس المقصود هنا الكلام والاصطلاحات، بل الثقافة السائدة في أذهان بعضها – تتعارف الشعوب وتقترب من بعضها البعض، ترتفع الشبهات وتخف العداوات لتزول بشكل تدريجي في نهاية المطاف، تتآلف القلوب وتتعاون الأيدي، يمكن للبلدان أن تساعد بعضها البعض وللشعوب أن تعين بعضها البعض؛ هذا هو الحج. والحال أنه في الواقع العملي، كم يقوم المتصدّون أو المتولّون بالتعاون والتسهيل والسماح لتقام شعائر وأجواء الحج بهذا الشكل؛ فإنّ هذا بحث آخر، لكن هذا هو الحج: طاقة معنوية لا نظير لها بالتوازي مع طاقة اجتماعية لا نظير لها ومكان لإظهار العقيدة وبيان موقف الأمة الإسلامية.

لا حج من دون البراءة!
وما مسألة البراءة وكل إصرارنا وتأكيدنا عليها وكلام الإمام العظيم بما معناه بأنه لا يقبل ولا يعتقد بالحج من دون البراءة (2) فالسرّ هو هذا. في الحج، تستطيع الأمة الإسلامية بيان مواقفها الصحيحة والمتفق عليها؛ من الذي اتفق وتوافق عليها أيها السيد؟ إنها الشعوب، الناس. يمكن أن تفكّر الحكومات بشكل آخر وتعمل كذلك بأسلوب آخر – ونرى للأسف بأن الكثير من الحكومات تسير وتتحرك في طريق يخالف إرادة شعوبها – لكن أفئدة الناس وقلوب الشعوب في مكان آخر.

هذا هو المكان الذي تقدر فيه الشعوب على إظهار مواقفها في القضايا المختلفة.

القدس ..نبض قلب الأمة
قضية المسجد الأقصى مطروحة حالياً، قضية القدس؛ هذه ليست بالقضية البسيطة. لقد أصبح الصهاينة أكثر جرأة ووقاحة، فأعطوا لنفسهم الحق بالتضييق على أصحاب المسجد الأقصى وأهله – أي المسلمين- ؛ يغلقون البوابات يوماً، يستحدثون حواجز في يوم آخر، يسمحون للبعض بالدخول للمسجد ويمنعون الآخرين، يضعون شروطاً حول السن المسموح به وما شابه ؛ هذه وقاحة وصلافة وقلة حياء من النظام الصهيوني الغاصب والمصطنع. حسنا، واضح بأن قلب الأمة الإسلامية ينبض حباً للمسجد الأقصى. هنا مكان إعلان المواقف؛ الحج هو قدرة كهذه، هذا هو الحج. أين تجد الأمة الإسلامية مكاناً أفضل من بيت الله الحرام ومكة والمدينة وعرفات ومشعر ومنى، لتعلن ماذا تقول الشعوب وماذا تريد وكيف تفكر حول فلسطين والمسجد الأقصى؟ أي مكان أحسن من هنا ؟ يتمتع الحج بهذه الإمكانيات. أين ينبغي إعلان المواقف؛ حول تدخل أمريكا وحضورها الشرير في البلدان الإسلامية وفي منطقتنا وإطلاق هذه التيارات التكفيرية والإرهابية وأمثالها – حيث إن الأخبث بين الأجهزة الإرهابية وأكثرها شراً هو النظام الأمريكي نفسه؛ هو أخبث من الجميع - الحج هو أفضل مكان للأمة الإسلامية – للجميع ومن كل البلدان – لإظهار المواقف وإعلان الآراء؛ الحج هو قدرة كهذه ؛ يجب أن نقدّر هذا ونعرف قيمته، يجب السعي والعمل على هذا الاساس؛ هذه مسألة .

.. واِذ جَعَلنَا البَیتَ مَثابَةً لِلنّاسِ‌ واَمنًا.
هناك مسألة مهمة أخرى وقد أشار السادة المحترمون إليها – السيد قاضي عسكر المحترم وكذلك رئيس مؤسسة الحج المحترم – وهي مسألة الأمن . ﴿واِذ جَعَلنَا البَیتَ مَثابَةً لِلنّاسِ‌ واَمنً(3)؛ هذه هي القضية. يصرّح القرآن الكريم بوضوح أنّنا جعلنا هذا المكان محلّاً لتجمّع الناس واستقرارهم وأمنهم؛ الأمن بالغ الأهمية! توفير الأمن للحجاج من المسائل المهمة جداً. نحن لا ننسى الأحداث المريرة في الحج العام 94 ه. ش.(2015 م) فاجعة ألهبت قلب الأمة الإسلامية وقلبنا نحن الإيرانيين ولا يمكن أن تنسى، إنه جرحٌ لا شفاء له. بالطبع لقد بذل مسؤولو الحج في تلك السنة جهوداً كبيرة، ولكن الحادثة كانت كارثة مفجعة وكبيرة، ضمان أمن الحجاج يقع على عاتق ذلك البلد الذي يقع الحرمان الشريفان تحت سلطته وقدرته؛ تلك الحكومة التي كان ينبغي عليها المحافظة على أمن الحجاج؛ هذه مطالبتنا الجدية والدائمة. يجب توفير الأمن للحجاج؛ كل الحجاج! ونحن إذ نركّز على الحجاج الإيرانيين ولتطالب الحكومات الأخرى بأمن حجاجها أيضاً وليتعاملوا بحيوية وجدية مع المسألة. نحن لدينا مطالبة جدية؛ يجب المحافظة على أمن الحجاج وأمانهم. ليس هذا فحسب، بل المحافظة على عزتهم ورفاهيتهم وراحتهم. لقد ذكر السادة بعض النقاط، وهي صحيحة بشكل كامل، حسنًا؛ يجب أن تراقبوا؛ يجب أن تكونوا مستعدين لمواجهة أي حادثة تحصل؛ لتكن عندكم الجهوزية لمواجهة مختلف الظروف. مسألة توفير الهدوء والراحة للحجاج مهمة جداً. بالطبع حين نقول بتوفير الأمن والأمان، فهذا لا يعني خلق أجواء أمنية وسيطرة الضغوط الأمنية التي تؤذي الحجاج بشكل آخر؛ كلا، لينعموا بالأمن، بالهدوء وراحة البال. يجب ألا تتكرر تلك الحوادث المفجعة التي حصلت في المسجد الحرام ومنى، ينبغي ألا يبقى القلق والهواجس؛ بالنهاية هناك مخاوف جدية. لحسن الحظ فإنّ المسؤولين المحترمين في السلطات الثلاث وفي مجلس الأمن القومي قد اجتمعوا وأجمعوا بعد دراسة أبعاد المسألة على هذه النتيجة بأن يكون هناك مشاركة في الحج هذا العام؛ نأمل أن تتم مراسم الحج على أفضل وجه إن شاء الله.

فلسطين المحور الأصلي.. والوحدة هي السبيل
لا تتسلّل الغفلة عن قضية فلسطين؛ إنها قضية بالغة الأهمية. لطالما كانت قضية فلسطين مطروحة في هذه العقود الأخيرة – في الستين أو السبعين سنة الماضية - فكانت أحياناً تتزايد موجة الاهتمام بها وأحياناً تقل؛ واليوم يكثر التوجه والإهتمام بهذه القضية، بسبب الخباثة والألاعيب اللعينة التي يقوم بها الصهاينة حالياً وبسبب خيانة بعض رؤساء الدول الإسلامية. على كل حال، فإن قضية فلسطين هي المحور الأساسي لقضايا العالم الإسلامي اليوم، قضية فلسطين هي المحور الأصلي.

كذلك يجب الاهتمام بشكل كبير بمسألة الوحدة الإسلامية. هناك من ينفق الأموال الطائلة حالياً؛ ويصرف المليارات لبث الفتنة والاختلاف بين المذاهب الإسلامية وخلق العداوات والصراعات بينها؛ تنفق موازنات بالمليارات للقيام بهذا العمل. يجب ألّا يساعد أحد على إيجاد هذا الاختلاف؛ كل من يساعد على هذا، سيكون شريكاً في هذه المؤامرات وفي التبعات المعنوية والإلهية لهذا الذنب الكبير؛ ينبغي ألا يساعد أحد في هذا الأمر.

فرصة الحج والمسجد الحرام.. لا التسوق!
هناك مسؤوليات على الحجاج وينبغي عليهم مراعاتها، فليهتم الحجاج المحترمون بصلاة الجماعة؛ بالصلاة في أول الوقت؛ فليشارك الحجاج في صلاة الجماعة في المسجد الحرام وفي مسجد النبي. وليولوا أهمية بالغة لتلاوة القرآن – في هذه الأيام التي يوفقون فيها للحضور في الحرمين الشريفين-وكذلك لأعمال عرفة ويوم عرفة. وليتجنبوا التسوق والتبضع في الأسواق؛ أنا العبد لطالما كررت وأعدت التذكير بهذا المعنى. يوجد أسواق وبازارات في كل مكان في الدنيا! في طهران يوجد أسواق؛ هناك بضائع متنوعة ومتعددة، مجازة وغير مجازة، في كل مكان، في طهران وفي المدن الأخرى. ما لا يوجد في طهران هو الكعبة! ما لا يوجد في طهران وفي مناطقكم هو المسجد الحرام ومسجد النبي! هذه الأماكن موجودة فقط هناك؛ يجب الاستفادة من هذه الفرصة؛ وإلا فإن الأسواق والبازارات والبضائع موجودة في كل مكان. لا تصرفوا وقتكم الثمين بهذه الأشياء. في مراسم الحج، أهم ما ينبغي للحاج أن يفكر به؛ هو أن يقوم بتصفية نفسه وقلبه وروحه، ليحصل إن شاء الله على نتائج معنوية كبرى؛ فإن حقق هذا، فإنّ النتائج الاجتماعية ستتحقق حينها بتوفيق إلهي أيضاً.

نسأل الله أن ينزل توفيقه ولطفه على جميع حجاجنا الإعزاء الذين سيتشرفون بالحج في هذ العام، ندعو لهم بالحفظ المعنوي والمادي والإلهي؛ نسأل الله أن يوفق جميع العاملين والقائمين على الحج.

فلينتبه الجميع وليراقبوا بدقة وليقوموا بإنجاز مسؤولياتهم ليتحقق هذا العام حج بكل ما للكلمة من معنى، بكل عظمة وعزة إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

1- في بداية اللقاء تم عرض تقارير من قبل حجة الإسلام والمسلمين السيد علي قاضي عسكر(ممثل الولي الفقيه في أمور الحج والزيارة ) والسيد حميد محمدي (رئيس مؤسسة الحج والزيارة )
2- صحيفة الإمام ،ج12،ص22": وبالأصل فإن البراءة من المشركين هي من الواجبات السياسية للحج وبدونها لا يكون حجّنا حجّاً"
3- سورة البقرة، جزء من الآية 125
4- في 2 شهر مهر 1394 ه.ش الموافق للعاشر من ذي الحجة 1436 ه. ق وعيد الأضحى وخلال رمي الجمرات في منطقة منى، وقعت حادثة استشهد فيها 2431 حاجًا (بينهم 464 شهيدًا إيرانياً) وكذلك قبلها بمدة قصيرة ،وداخل المسجد الحرام استشهد 107 (بينهم 11 ايرانياً) في حادثة أخرى .

أمر العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبد العزيز، باستضافة ألف حاج من أسر ضحايا الجيش والشرطة بمصر.

جاء ذلك في بيان، حصلت الأناضول على نسخة منه، من السفارة السعودية لدى القاهرة، صدر اليوم الإثنين.

وقال مندوب السعودية، الدائم لدى جامعة الدول العربية، وسفيرها لدى القاهرة، أحمد قطان، إن العاهل السعودي "أمر باستضافة ألف من أسر شهداء القوات المسلحة والشرطة المصرية لأداء فريضة الحج هذا العام".

وأوضح قطان أن هذه الأمر الملكي "تكريما وتقديرًا منه لأسر الشهداء الذين ضحى أبناؤهم بأرواحهم في سبيل الدفاع عن وطنهم"، وفق البيان ذاته.

وكان القطان، ذكر في تصريحات متلفزة لإحدى الفضائيات المصرية، أمس الأحد، أنه "سيتم استضافة ألف من أسر الشهداء الفلسطينيين (500 من قطاع غزة و 500 من الضفة الغربية)".

وأشار إلى أن "هذا الأمر له سنوات عديدة ولكن هذه السنة أضاف الملك ألفا من أسر شهداء القوات المسلحة والشرطة المصرية".

وبحسب مراسل الأناضول، هذه المرة الأولى التي تستضيف فيها المملكة أسر الجيش والشرطة بمصر للحج، غير إنها اعتادت سنويا منح تأشيرات مجانية لأداء مناسك الحج، لعدد من الرموز المصرية لاسيما البرلمانيين.

مهامّ النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم

قال تعالى: ﴿ وَمَآ ءَاتَىٰكُمُ ٱلرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَىٰكُمۡ عَنۡهُ فَٱنتَهُواْۚ 1. للنبيّ الكريم صلى الله عليه وآله وسلم ثلاث مهامّ مختلفة، يختصُّ بها دون غيره، ولا تتعلّق إلّا به، وإذا ما انتقلت إلى الآخرين، فإنّما تصدر عنه إليهم، كما صدر بعضها بالفعل. ولقد جمع النبي صلّى الله عليه وآل هذه المهامّ الثلاث بأمرٍ ربّاني، وهي:

١. النبوّة والرسالة:

يتجلّى دورها في تبليغ الأحكام الإلهيّة الّتي كان يتلقّاها عن طريق الوحي، فكان يُبلغ الناس بما يوحى إليه مكلّفاً بذلك بصفته رسولًا ونبيًّا. قال تعالى: ﴿ مَّا عَلَى ٱلرَّسُولِ إِلَّا ٱلۡبَلَٰغُۗ 2. ومن الأحكام الّتي كان يتلقّاها ويؤمر بتبليغها: الصّلاة والصّوم والحجّ والزكاة وسائر المعاملات، وكلّ ما يتعلّق بالممارسات العباديّة وغيرها، مع العلم أنّ التعليم كان يرافق عمليّة التبليغ، وكان الناس في المقابل يشعرون بمسؤوليّتهم إزاء هذه المَهمّة النبويّة، فيأخذون عنه ما يلقي عليهم.

٢. القضاء:
أمّا ثاني هذه المهام، فهي مَهمّة القضاء، وهي مَهمّة مقدّسة، وعندما أقول: مقدّسة، فإنّي أقصد: أنّها يجب أن تصدر من قِبل الله - جلّ شأنّه - حتى يتيَسّر له أن يكون نبيًّا. وهذه المَهمّة، أعني القضاء والحكم بين الناس، منصب حسّاس ومُهمّ، لذلك ينبغي أن يفوّض من قِبل الله تعالى لأحد، حتى يتمكّن من الحكم بين الناس.

والحكم بين الناس يأتي بسبب الاختلاف الحاصل بينهم من حيث الحقوق الاجتماعيّة، وهذا ما يتطلّب وجود شخص يحمل مؤهّلات الحكم لأجل إحقاق الحقّ، وهذا الشخص يبثُّ في الأمر وفق قانون معيّن بعدما يقوم بدراسته وتحقيقه.

إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لم يكن نبيًّا هاديًا فحسب، بل كان قاضيًا أيضًا، والمنصبان أعني: النبوّة والقضاء، يقبلان الفصل في حدّ ذاتهما، ومنصب القضاء منصب مقدّس، والقاضي ينبغي أن يُنَصَّب من قِبل الله تعالى. وقد قال عزّ من قائل: ﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤۡمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيۡنَهُمۡ ثُمَّ لَا يَجِدُواْ فِيٓ أَنفُسِهِمۡ حَرَجٗا مِّمَّا قَضَيۡتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسۡلِيمٗا 3. هذه الآية تتعلّق بمنصب القضاء الّذي كان للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وتريد من الناس التسليم الكامل أمام حكم النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وتنبّههم أن لا يتوقّعوا تحّيز النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لأحدهم عندما يحكّموه. فعلى سبيل المثال: لو أنّ مسلمَيْن ترافعا إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم في قضيّة، وكان أحدهما من المسلمين المهاجرين الّذين ضحّوا بأموالهم، وفارقوا زوجاتهم وأولادهم في سبيل الله، والثاني من المسلمين الجدد، فلا يتوقّع المسلم الأوّل تحيّز النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى جانبه باعتبار سابقته في الإسلام، وكذلك لو كان المترافعان مسلمًا وذميًّا ممّن يعيش في ظلّ المسلمين، وله معهم ميثاق، وكانت المرافعة تدور حول قضيّة مالية، فلا يتوقّع هذا المسلم كذلك تحيّز النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى جانبه؛ لأنّ هذا خلاف المنطق الإيماني، أعني التوقّع خلاف المنطق الإيمانيّ، لأنّ الإيمان في هذه المواطن يتحقّق بالتسليم الكامل لقرار النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وحكمه عند الترافع إليه.

فالآية المذكورة ترتبط بالقضاء كأحد المهامّ الّتي كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يمارسها.

٣. الحكومة:

وأمّا ثالث هذه المهامّ، فهي مَهمّة الحكومة الّتي فوّضها الله تعالى إلى نبيّه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم، وينبغي أن تكون الحكومة من قِبل الله جلّ شأنه حتّى تضمن شرعيّتها. فالنبي صلى الله عليه وآله وسلم كان حاكمًا على الناس، وكان سياسيًّا ورئيس دولة، ومسؤولًا عن المجتمع، وقد أسّس صلى الله عليه وآله وسلم حكومة في المدينة كان يرأسها بنفسه، وكان يصدر الأوامر، ويعلن النفير العامّ أو التعبئة العامّة عندما تقتضي منه الظروف ذلك، وكان يأمر بزراعة محصول من المحاصيل في السنة الفلانيّة، وهكذا كان دأبه طيلة عشر سنين، وهي الفترة الّتي حكم فيها بصفته رئيسًا للدولة الإسلاميأة في المدينة المنوّرة. فمنصب الحكومة وإدارة شؤون الأمّة هو غير منصب النبوّة، ومنصب القضاء، فكان يبيّن الأحكام، ويبلّغ الأوامر الصادرة عن الذات الإلهيّة المقدّسة بصفته نبيًّا، وكان ينظر في دعاوى الناس ومرافعاتهم بصفته قاضيًا، وكان يدير شؤون الأمّة السياسيّة والاجتماعيّة بصفته حاكمًا ورئيسًا.

الخلافة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم والمهامّ الثلاثة
يقول تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَأَطِيعُواْ ٱلرَّسُولَ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ مِنكُمۡۖ 4. هذه الآية الكريمة تطالب الناس أن يتحلّوا بالانضباط والطّاعة المطلقة في مقابل الحاكم الربّاني، وأن ينفّذوا ما تُصدر السلطة من أوامر دون نقاش. ونحن - الإماميّة - نستفيد من هذه الآية المباركة بصفته دليلًا قاطعًا على أنّ ذكر:
﴿ وَأُوْلِي ٱلۡأَمۡرِ ﴾ يرتبط بالخلافة. فالآية تتحدّث عن منصب الخلافة، وهذا منصب آخر، وهو منصب مقدّس كذينك المنصبَيْن اللّذَيْن كانا للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وتعيين الخليفة يتمّ بأمر من الله تعالى بشكل مباشر أو غير مباشر.

وهنا يثار موضوعان: الأول: هل إنّ الله تعالى أمر نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم بتعيين خليفة بعده، وتفويض تلك المهام له، أم لا؟ نعم، ولكن ليس بمعنى اقتضاء النبوّة للنيابة، ومجيء نبيّ آخر بعده؛ لأنّه خاتم الأنبياء، ولا نبيّ بعده، وبما أنّه مبيّن للأحكام، فلا بُدّ له من تعيين أحد يُبيّن الأحكام بعده مع الفارق من حيث إنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يتلقّى الأحكام من الوحي بصورة مباشرة، أمّا الّذي يأتي بعده فيتلّقاها منه، ويبلّغها للناس، وهذه هي الإمامة، وهي منصب علميّ ومرجعيّة على جميع الأصعدة السياسيّة والاجتماعيّة والتربويّة والاقتصاديّة وغيرها.

هذا بالنسبة إلى تعيين الأحكام كمَهمّة من مهامّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعليه أن يفوضّها لمن يأتي بعده. أمّا القضاء فهو كذلك على نفس النمط، أي: لا بدّ أن ينتقل أيضًا إلى خليفة النبيّ ووصيّه، وذلك لأنّ منصب القضاء لا يُلغى بموت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، حيث إنّ الناس بحاجة إلى من يقضي بينهم، وينظر في دعاواهم، ويحكم في المشاجرات الحاصلة في وسطهم، لذلك لا بدّ للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم أن يعيّن شخصًا بعده للقضاء ورفع الخصومات حتّى ترفرف العدالة بأجنحتها على الناس، وتقصّ أجنحة الظلم والفوضى. لكن هناك اختلاف في هذه القضيّة بين الإماميّة وغيرهم من المسلمين؛ فعامّة المسلمين يرون أنّ الخليفة نفسه له الحقّ في ممارسة منصب القضاء، أو يعيّن قاضيًا. أمّا الإماميّة فيرون أنّ هذا المنصب هو من حقّ الإمام المعيّن من قِبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، لأنّ الإمامة تعني الحكومة، والحكومة لا تسقط بموت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وذلك لحاجة الناس إليها بعده.

إنّ الذي قصدته من وراء بحثي هذا هو أنّ تلك المهامّ الثلاث الّتي يختصّ بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم تنتقل بشكل من الأشكال إلى من يأتي بعده، باستثناء النبوّة حيث إنّه صلى الله عليه وآله وسلم كان يعرف الأحكام عن طريق الوحي، أمّا الذي يأتي بعده فيعرفها ويتعلّمها عن طريقه، أعني: إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم نفسه يقوم بتعليم الخليفة وإعداده ليكون مرجعًا للناس من بعده.

هذا فيما يخصُّ الموضوع الأول، أمّا الموضوع الثاني: فيدور حول منصب النبوّة من حيث تفرّده عن منصبَيْ القضاء والحكومة، إذ هو منصب شخصي تعييني، أي لا يمكن أن يكون عامًّا مطلقًا. أمّا منصبا القضاء والحكومة فيمكن أن يكونا عامَّيْن، أعني بذلك: إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لا يسعه توضيح منصب النبوّة، أو الإمامة بشكل عام، مثلًا أن يقول: كلّ من حاز على المؤهّلات الفلانيّة فهو نبيّ أو إمام، إذ ربما وجد بينهم مئة شخص كلّهم يحملون تلك المؤهلات، فهذا لا يمكن حدوثه أبدًا. أمّا القضاء والحكومة في تعيين مؤهلات من يتولاهما بشكل عام، أي إنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم يقول مثلًا: كلّ من يحمل المواصفات الفلانيّة، يمكنه أن يكون قاضيًا، وهذه المواصفات على سبيل المثال: العلم بالقرآن، معرفة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وإدراك النبوّة، العدالة، ترك الدنيا والإعراض عنها، ولو توفّرت فإنّها تكون مصداقًا للحاكم المذكور في نصّ المعصوم "قد جعلته عليكم حاكمًا"5.

فمثل هذا الشخص يمكنه القضاء بين الناس، ويمكن القول: إنّه منصّب من قِبل الله تعالى على النحو غير المباشر، وذلك أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذكر مبدأ في القضاء، يستطيع بموجبه أن يكون قاضيًا.

نحن الإمامية أتباع أهل البيت نقول: إنّ الشرط الأول في القاضي أن يكون مجتهدًا، أي أخصّائيًا في حقل القضاء، والشرط الثاني أن يكون طاهر المولد، والثالث: أن يكون عادلًا غير فاسق ولا منحرف، والرابع: أن لا يرتكب خلافًا أو معصية، وأن لا يكون مرتشيًا، وهذا الشرط الأخير لا يقتصر على القضاء فقط، بل يشمل الشؤون الحياتيّة كافّة، أي لا يكون القاضي ممّن يرتكب المعصية ويقترف الذنب في ممارساته ونشاطاته الأخرى، وذلك لأنّ البعض يقولون: إنّ القاضي ينبغي أن يكون أمينًا، وغير مرتشٍ، وأن لا يقع تحت تأثير الآخرين في مجال عمله فقط، ولا إشكال لو كان من شاربي الخمر؛ لأنّ شرب الخمر لا علاقة له بالقضاء.

أيّ كلامٍ هذا؟! والإسلام يقول: إنّ شغل القضاء مقدّس إلى الحدّ الّذي لا يحقّ فيه لأحد ممارسته إلّا إذا كان نزيهًا في كلّ حياته، إذ لا تقتصر النزاهة على القضاء فقط،


بل تشمل كلّ ميادين عمله ونشاطه. فلو كانت عدم نزاهته خارج القضاء فقط، فلا يحقّ له أيضًا أن يكون قاضيًا، لكن لو وجد أحدًا حائزًا على هذه الشرائط، وتحلّى بكلّ مؤهّلات هذه المهنة المقدّسة، فيمكننا أن نطلق عليه: أنّه مُنَصّب من قِبل الله تعالى.

منصب القضاء في عصر الغيبة الكبرى
إنّ الشخصّ الّذي يبيّن الأحكام الإلهيّة بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم هو الإمام، لكن قد انتهت مرحلة الإمامة وليس هناك من إمام يرجع إليه الناس، فماذا يفعلون إذًا؟ والجواب هو أنّ الإمام قد عيّن نائبًا عامًّا له حسبما ورد عن أحد الأئمّة المعصومين عليهم السلام ما نصّه "انظروا إلى من روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، فقد جعلته عليكم حاكمًا"6. وقد يأتي أحد فيدّعي أنّ من حقّه تعيين قيّم على القاصرين، وهذا نقول له: إنّ هذا المنصب مقدّس، والمنصب المقدّس ترتبط قدسيّته بالتنصيب الإلهي، وهذا التنصيب إمّا مباشر بتحديد شخص معيّن، أو غير مباشر من خلال ذكر الشرائط بشكل مجمل.إلى هنا لا مناقشة في هذا الموضوع من ناحية المبادئ الإسلامية، ولو ادّعى شخص أنّ له حقّ الإفتاء، وعلى الآخرين العمل بفتواه، فينبغي الالتفات قبل كلّ شي إلى أنّ هذا المنصب منصب مقدّس، وأنّ كفاءة بيان الأحكام الإلهية هي مِنحة ربانيّة، منَّ الله بها على نبيّه الكريم محمّد صلى الله عليه وآله وسلم أوّلًا وتحوّلت من النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم إلى الإمام عليه السلام، ثمّ من الإمام إلى من توفّرت فيه الشرائط المطلوبة، فهل هذه الشرائط متوفّرة في الشخص المفتي أم لا؟ وهل هو في حدّ من الكفاءة والتأهيل بحيث يليق بهذا المنصب المقدّس أم لا؟ فلو كان كذلك، وانطبق عليه ما ورد عن المعصومين عليهم السلام بقولهم: "أمّا من كان من الفقهاء صائنًا لنفسه حافظًا لدينه تاركًا لهواه مطيعًا لأمر مولاه، فللعوام أن يُقلّدوه". فهو مستحقّ لمنصب الإفتاء ومرجعيّة المسلمين، وإلّا فالموضوع هو من المواضيع الّتي كان لها وجودها في التاريخ الإسلاميّ، ومنصب الإمامة والمرجعيّة العلميّة منصب خاصّ لا يُفوّض إلى كلّ أحد.

المرجعيّة الفكريّة والعلميّة بعد النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم
أتذكّر أنّ المرحوم آية الله العظمى السيّد البروجردي كان يُنبّه على هذا الموضوع مرارًا، وكان يقول: هناك موضوعان لو فصلناهما عن بعضهما لزالت اختلافاتنا مع إخواننا السُّنّة، وكانت النتيجة في صالحنا، وهذا الموضوعان هما: موضوع الخلافة والقيادة، وموضوع الإمامة. فبالنسبة إلى الخلافة، نحن نقول بأحقيّة الإمام عليّ عليه السلام لها، وهو الخليفة بعد النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، في حين يرى المسلمون عامّة أنّ الخلافة لأبي بكر، وبالنسبة إلى الإمامة، فنحن لا نناقش مسألة الحكومة كمَهمّة من مهامّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقط، وذلك لأنّ للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مهامًا أخرى، منها: مَهمّة الرسالة والنبوّة وتبيين الأحكام، والّذي يهمّنا هو أن نعرف من هو الشخص المؤهّل لمرجعيّة الأحكام بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويكون كلامه حجّة علينا؟ (وليكن من كان).

بعد ذلك يجيب - رحمه الله - عن أنّ بعض الروايات ذكرت أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم نصّ على الإمام علي عليه السلام خليفة وحكامًا من بعده، وبعضها ذكر أنّه نصّ عليه مرجعًا للأحكام أيضًا، ونحن نقول لإخواننا السُّنّة: إنّ لنا معكم حديثًا حول الخلافة بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم ليس محلّه الآن، وذلك لأنّ موضوع الخلافة قد انتهى، فلا عليّ موجود حتى يكون خليفة ولا أبو بكر، لذلك نوصد باب النقاش على هذه القضيّة هنا، بيد أنّه يظلّ مفتوحًا في مجال حِجيّة قول من يأتي بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وهنا نقول: إنّ الحديث المشهور وهو: "إنّي تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي ..."7 يوضّح بلا شكّ أنّ الحجيّة لقول الأئمّة عليهم السلام وإنّ منصب الإفتاء والمرجعيّة العلميّة للعترة الطاهرة الّتي أذهب الله عنها الرجس وطهّرها تطهيرًا، وهذا ما ينفعنا في الحياة الحاضرة، حيث إنّنا نرجع إلى رالعترة الطاهرة في تعلّم الأحكام، وربّما يثار هنا سؤال وهو: هل أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم صرّح بحجيّة قول عترته، وأنّها كحجيّة قوله صلى الله عليه وآله وسلم؟ نعم، إنّه صرّح بذلك مرّات، فلا نقاش إذًا في قضية الخلافة؛ لأنّ ملفّها قد طُوي كما يقال.

أمّا قضيّة أخذ الأحكام فقد كانت وما زالت موجودة، وستبقى كذلك؛ لأنّها قضية تعيش مع الإنسان ومع متطلّبات الحياة، وهي من ضروريات كلّ مرحلة يعيش فيها جيل من الناس، فلماذا نتعب أنفسنا في مناقشة قضيّة الخلافة، ولا نناقش قضيّة معاصرة مُهمّة ألا وهي قضيّة المرجعيّة ومَهمّة الافتاء والقضاء؟ مع أنّنا نتمسّك باعتقادنا الاستدلاليّ القويّ من أنّ عليًّا هو الخليفة الشرعيّ بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، ولا يمكن التفريط بهذا أبدًا؛ لأنّ القضيّة قضيّة حقّ لا مناص عنه، ولو قُدّر للإمام عليه السلام أن يتسلّم مقاليد الأمور لكانت الأوضاع غير ما هي عليه الآن في العالم الإسلاميّ، بيد أنّ هذا بحث نظري يتعلّق بالماضي.أمّا بالنسبة إلى القضاء، فلم يكن له إلّا الإمام عليّ أيضًا، وكان هو القاضي بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. أمّا الخلفاء الّذين حكموا بعد النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم فلم يتدخّلوا في القضاء، لأنّ مَهمّته عسيرة، ويحتاج إلى كفاءة علميّة عالية. ولذلك كان الخلفاء يرسلون خلف الإمام لحلّ كثير من المشاكل والدعاوى القضائيّة، ولا سيّما في زمن عمر، حيث كان يقول: "عليّ يقضي بينكم"، وكان الإماميبادر إلى حلّ كلّ معضلة تبرز في هذا الحقل.

لقد كان منصب القضاء منصبًا مهمًّا وحسّاسًا، وعندما توسّعت رقعة الدولة الإسلاميّة ازدادت الحاجة إلى وجود قضاة أكثر حيث كانت كلّ ولاية بحاجة إلى قاضٍ، ولذلك فُصِل القضاء عن منصب الخلافة، وأصبحت له استقلاليّته إذ كان الخليفة يمارس عمله في حدود صلاحياته المحدّدة له ما عدا القضاء الّذي كان يمارسه قاض مستقلّ يعيش في مركز الخلافة، وأما بقيّة الولايات والأمصار فكان يعيّن لها القضاة من مركز الخلافة، ولا بدّ أن يكونوا من العدول. بعد ذلك ازدادت أهمّية القضاء شيئًا فشيئًا حتّى برز منصب جديد في القضاء هو منصب "قاضي القضاة"، وأوّل من تسلّم هذا المنصب هو "أبو يوسف" تلميذ "أبو حنيفة". وقد ذكرت قبل ليالٍ أنّ "أبا حنيفة" هذا لم يساوم العبّاسيّين، أمّا تلميذه "أبو يوسف"، وهو من أبرز تلامذته، فقد ساومهم، وذلك بحكم منصبه ومسؤوليّته في تعيين القضاة وإرسالهم إلى الولايات والأمصار مع العلم أنّهم يجب أن يُرسلوا من مركز الخلافة، فلا بدّ إذًا من وجود منصب أعلى في القضاء، وهو قاضي القضاة حتى يتسنّى له إرسال القضاة، وكان هذا المنصب يُشبه وزارة العدل في يومنا هذا تقريبًا.

كان "أبو يوسف" أوّل شخص يتولى هذا المنصب، وهو أوّل من فصل زيّ القاضي عن الأزياء الأخرى، حيث كان الزيّ قبله موحّدًا، ولكي يكون هناك امتياز معيّن للقضاة قام باختيار زيّ مستقلّ لهم يختلف عن بقيّة الأزياء، ولا أدري هل كان هذا العرف سائدًا في عصور ما قبل الإسلام أم لا؟ أي: هل كان زيّ القضاة مستقلًّا ومتميّزًا في تلك العصور، أم أنّه ظهر لأوّل مرّة في عصر "هارون الرشيد"؟ مع العلم أنّ زيّ طلبة العلوم الدينيّة قد استقلّ وتميّز عن بقيّة الأزياء منذ ذلك العصر.

* الإسلام والحياة، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.

1 سورة الحشر، الآية 7.
2 سورة المائدة، الآية 99.
3 سورة النساء، الآية 65.
4 سورة النساء، الآية 59.
5 الشيخ الكليني، الكافي، ج 1، ص 67.
6 راجع: الشيخ الكليني، الكافي، ج 1، ص 67.
7 العلامة المجلسي، بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار، ج 2، ص 226.