Super User

Super User

وزير الخارجية السعودي عادل الجبير يقول في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي جان إيف لو دريان أن بلاده ستزود فرنسا بملف يشمل كل ما وصفه "بالأعمال السلبية التي قامت بها قطر". لودريان يدعو من جهته إلى تخفيف حدة التوتر تمهيداً لإعادة الحوار بين أطراف الأزمة الخليجية.

الجبير يقول إن بلاده ستزود فرنسا بملف كل الفساد الذي قامت به قطر ولودريان يدعو لتخفيف حدة التوتر (أ ف ب)

أعلن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير أن بلاده ستزود فرنسا بملف يشمل كل ما وصفه "بالأعمال السلبية التي قامت بها قطر".

وفي مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الفرنسي جان إيف لودريان في جدة ثمّن الجبير الموقف الفرنسي بشأن جميع الأزمات في المنطقة.

بدوره، دعا لودريان إلى "تخفيف حدة التوتر تمهيداً لإعادة الحوار بين أطراف الأزمة الخليجية"، آملاً "ألا تؤثر إجراءات الدول المقاطعة لقطر على حياة المدنيين".

وقال لودريان "نشعر بالقلق إزاء الأزمة التي نشهدها حالياً في الخليج كما نشعر بالقلق إزاء تأثير هذه الأزمة على الناحيتين السياسية والاقتصادية في الوقت الذي يجب أن تعمل فيه دول المنطقة على التماسك من أجل مواجهة التهديدات المحدقة بأمنها".

وأضاف "أنا والرئيس الفرنسي على اتصال بجميع الأطراف وندعو إلى الحوار ونريد أن نبعث برسالة من أجل التهدئة والتشاور لحل هذه الأزمة".

وزير الخارجية الفرنسي الذي يزور الكويت في إطار جولته الخليجية كان قد زار الدوحة، حيث أشار إلى أن "قطر تؤيد مباحثات لا تمسّ سيادتها" للوصول إلى حلّ.

بدوره قال وزير الخارجية القطرية محمد بن عبد الرحمن آل ثاني إن "مكافحة الإرهاب لا تكون بممارسة الإرهاب السياسي والفكري".

السبت, 15 تموز/يوليو 2017 14:56

ما بعد الموصل

سؤال ما بعد الموصل ليس مرتبطاً بالموصل أو بالعراق حصراً، هو سؤال يعني المنطقة بأسرها التي كانت خلال أعوام دولة داعش أمام أسئلة وجودية حاسمة. ‏

ما بعد الموصل لا يعني فقط نهاية كابوس داعش، لكنه أيضاً يعني نهاية زمن الحدود المغلقة وحدود الدول، كل محور تمتد حدوده على امتداد الدول المنضوية فيه، فيقاتل ويدافع بحسب مقتضيات أمن المحور لا فقط الأمن القومي.

في صيف 2014 مباشرة بعد سقوط الموصل كنت في بغداد وكانت هي تحت الخطر الداهم لداعش، لم يكن أحد ليظن حينها أن بأس داعش سيهزم بعد ثلاثة أعوام. لم يكن لدى العراق جيش حقيقي حينها، مجرد أسماء على لوائح، خمسون ألفاً من الجنود الوهميين، ضباط كبار في مناطق القتال لا يعول عليهم. سقطت المناطق بأقل جهد ممكن في ظل تفتت شعبي غير مسبوق، كان الساسة العراقيون مختلفين على جنس الملائكة بينما داعش على الأسوار. السقوط عنى بشكل أو بآخر سقوط آخر أوراق التوت عن سوءات الاحتلال الأميركي لهذا البلد، عن الفساد، عن اللادولة التي خلفتها واشنطن، مسخ الدولة. لم يكن المطلوب فقط أن يكون عراق الاحتلال مسخاً، بل كيان بلا دور، مجرد مساحة جغرافية مقسمة تكون صندوق بريد لمن يرغب بذلك.

‏أمام مشهد السقوط لم يكن هناك من يتوقع أن يحصل ما يغير المسار، وأكثر المرجحين كان ينتظر تدخل أميركي يعيد أراضي العراق إليه.

توقع العودة الأميركية كان سببه حينها أن غياب الأفق والشعور بأن داعش لا تسقطه سوى قوى عظمى وكذلك أن أقرب حلفاء العراق، إيران، غارقة في سوريا. جاءت فتوى المرجع الأعلى السيد علي السيستاني لتهز الداخل العراقي الذي لم يكن من قبل، في زمن ما بعد صدام حسين، قد شهد عملية تعبئة من هذا النوع.

   

إطلاق الحشد الشعبي شكل نقطة تحول في العراق

كل ما كتبته الآن هو قبل وخلال معركة الموصل. إطلاق الحشد الشعبي شكل نقطة تحول في مسار هذا البلد بعد الاحتلال، وهو الذي أوصل الى الموصل. خلال الفترة الماضية التي شهدت تأسيس ونشاط الحشد ظهر الكثير من الآمال والانتقادات. هناك إنجازات وتجاوزات، هناك نجاحات وإخفاقات. في بداية التجربة كانت التناقضات ضخمة بين المجموعات التي شكلت أساس الحشد الشعبي، لكنه لاحقا بدأ ينتظم، أو إذا صح القول بدأ ينظم تناقضاته.

‏لم يكن العراقيون بحاجة إلى مقاتلين، كانوا أحوج إلى من يدير المعركة وهو الدور الذي لعبه قائد فيلق القدس الإيراني اللواء قاسم سليماني. الدخول الإيراني على الساحة بشكل مباشر رافقه الدخول الأميركي، وبدا الأمر كأنه سباق بين طرفين لتحقيق الانتصار، تقاطع الطرفان في أكثر من مكان. ولأنهما يقاتلان لهدف واحد وبمعية ذات الحليف، بدا المشهد سوريالياً، في صلاح الدين والأنبار والفلوجة ولاحقاً في الموصل. وضعت أميركا خطها الأحمر.

الحكومة العراقية استفادت من هذا التناقض والخط الأحمر لتأمين المزيد من الدعم للقوى الأمنية، بينما عمدت إيران للالتفاف حول الخطوط لدعم الحشد. في نهاية المطاف كان المطلوب عراقياً أن تتحرر الموصل، بالحشد أم بالقوى الأمنية، لا فرق. لكن أميركا استمرت بوضع خطوطها الحمراء. كان الخط الأحمر الرئيس دخول الحشد إلى الموصل ووصوله الى الحدود مع سوريا، لكن أميركا لم تكن تملك على الأرض ما يجعلها تمنع ذلك واقعاً، سوى السياسة. ‏

في السياسة كلام كثير ليس وقته الآن، أما في الميدان فكانت النتيجة تحرير الموصل ووصول الحشد الى الحدود، إيران كسرت الخط الأحمر الأميركي.

 

العراق أمام مفترق طرق في مرحلة ما بعد الموصل

 ما بعد الموصل عراق أمام مفترق طرق حقيقي، صحيح أن يد داعش قُطعت لكن هذا لا يعني أن روحها ماتت، لذا فحذار من العودة إلى عقلية ما قبل السقوط. العودة إلى التهميش والإقصاء ومأسسة الفساد سيعني بث الروح مجدداً حيث الوهن، وهذا ما سيسقط البلاد مجدداً ولكن بشكل اسوأ. قوة العراق في شعبه لا في جماعاته المتفرقة، ولولا الوحدة النسبية التي خلقتها حالة داعش بين العراقيين ما كان ممكناً أن نرى تحريراً.

‏في المنطقة، يبدو واضحاً أن دور "محور المقاومة" أصبح أساسياً في كل معارك المنطقة، أميركا تملك الجو  لكنها ضعيفة على الأرض. صحيح أن العراق ليس بالكامل ضمن المحور الإيراني، لكنه أيضاً ليس مصطفاً بالكامل في المحور الحليف لأميركا، هو دولة تقاسم نفوذ. لكن تقاسم النفوذ في هذه المرحلة بالنسبة للإيرانيين لن يكون عبر جماعات تدعمها طهران مشتتة، بل من خلال مظلة الحشد الشعبي. هناك من يجهز الخرائط خلف أبواب موصدة في غير مكان في العالم، لكن العراق اليوم نجا بروحه من عملية التقسيم، لديه القوة للرفض.

 

أميركا صاحبة خطة اللاخطة في الشرق الأوسط

 أميركا أثبتت أنها في الشرق الأوسط صاحبة خطة اللاخطة، وهي تشبه كثيراً بريطانيا أواخر أيام عظمتها. إيران مجدداً أحد أكبر الرابحين، محورها يتقدم، ميدانياً حاضرة أكثر من كل الأطراف، تقدم نفسها في سوريا والعراق كضامن بقاء الدولة. السعودية غائبة عن المشهد بغم كونها في صراع مع إيران، وهو ما يعطي طهران المزيد من النقاط في هذه الحرب.

ما بعد الموصل، المعركة الإقليمية الدولية ستستعر أكثر، في ميادين أخرى، في سوريا واليمن وربما تعود جبهات أخرى للظهور. أما العراق فحذار من الفتنة. الفتنة السنية الشيعية بالعنوان السياسي والمناطقي والفتنة الشيعية الشيعية التي قد تجد لها مساحة للظهور.

من القضايا التي تطرح حولها بعض التساؤلات قضية تعدد زوجات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث أنه من المعروف أن عدد زوجاته صلى الله عليه وآله تعدى إلى تسع نسوة في حين أنه لا يجوز للمسلم أن يتعدى الأربع! فما هو السبب في ذلك ولماذا تفرد النبي صلى الله عليه وآله بهذه المسألة؟

يقول صاحب تفسير الميزان:

تزوج النبي صلى الله عليه وآله - أول ما تزوج - بخديجة رضي الله عنها وعاش معها مقتصرا عليها نيفا وعشرين سنة وهي ثلثا عمره الشريف بعد الازدواج منها ثلاث عشرة سنة بعد نبوته قبل الهجرة من مكة ثم هاجر إلى المدينة وشرع في نشر الدعوة وإعلاء كلمة الدين، وتزوج بعدها من النساء منهن البكر ومنهن الثيب ومنهن الشابة ومنهن العجوز والمكتهلة وكان على ذلك ما يقرب من عشرة سنين ثم حرم عليه النساء بعد ذلك إلا من هي في حبالة نكاحه، ومن المعلوم أن هذا الفعال على هذه الخصوصيات لا يقبل التوجيه بمجرد حب النساء والولوع بهن والوله بالقرب منهن فأول هذه السيرة وآخرها يناقضان ذلك.

على أنا لا نشك بحسب ما نشاهده من العادة الجارية أن المتولع بالنساء المغرم بحبهن والخلاء بهن والصبوة إليهن مجذوب إلى الزينة عشيق للجمال مفتون بالغنج والدلال حنين إلى الشباب ونضارة السن وطراوة الخلقة، وهذه الخواص أيضا لا تنطبق على سيرته (صلى الله عليه وآله وسلم) فإنه بنى بالثيب بعد البكر وبالعجوز بعد الفتاة الشابة فقد بنى بأم سلمة وهي مسنة، وبنى بزينب بنت جحش وسنها يومئذ يربو على خمسين بعد ما تزوج بمثل عائشة وأم حبيبة وهكذا.

وقد خير (صلى الله عليه وآله وسلم) نساءه بين التمتيع والسراح الجميل وهو الطلاق إن كن يردن الدنيا وزينتها وبين الزهد في الدنيا وترك التزيين والتجمل إن كن يردن الله ورسوله والدار الآخرة على ما يشهد به قوله تعالى في القصة: يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرا عظيما: - الأحزاب 29، وهذا المعنى أيضا - كما ترى - لا ينطبق على حال رجل مغرم بجمال النساء صاب إلى وصالهن.

فلا يبقى حينئذ للباحث المتعمق إذا أنصف إلا أن يوجه كثرة ازدواجه (صلى الله عليه وآله وسلم) فيما بين أول أمره وآخر أمره بعوامل أخر غير عامل الشره والشبق والتلهي.

فقد تزوج (صلى الله عليه وآله وسلم) ببعض هؤلاء الأزواج اكتسابا للقوة وازديادا للعضد والعشيرة، وببعض هؤلاء استمالة للقلوب وتوقيا من بعض الشرور، وببعض هؤلاء ليقوم على أمرها بالإنفاق وإدارة المعاش وليكون سنة جارية بين المؤمنين في حفظ الأرامل والعجائز من المسكنة والضيعة، وببعضها لتثبيت حكم مشروع وإجرائه عملا لكسر السنن المنحطة والبدع الباطلة الجارية بين الناس كما في تزوجه بزينب بنت جحش وقد كانت زوجة لزيد بن حارثة ثم طلقها زيد، وقد كان زيد هذا يدعى ابن رسول الله على نحو التبني وكانت زوجة المدعو ابنا عندهم كزوجة الابن الصلبي لا يتزوج بها الأب فتزوج بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونزل فيها الآيات.

وكان (صلى الله عليه وآله وسلم) تزوج لأول مرة بعد وفاة خديجة بسودة بنت زمعة وقد توفي عنها زوجها بعد الرجوع من هجرة الحبشة الثانية، وكانت سودة هذه مؤمنة مهاجرة ولو رجعت إلى أهلها وهم يومئذ كفار لفتنوها كما فتنوا غيرها من المؤمنين والمؤمنات بالزجر والقتل والإكراه على الكفر.

وتزوج بزينب بنت خزيمة بعد قتل زوجها عبد الله بن جحش في أحد وكانت من السيدات الفضليات في الجاهلية تدعى أم المساكين لكثرة برها للفقراء والمساكين وعطوفتها بهم فصان بازدواجها ماء وجهها.

وتزوج بأم سلمة واسمها هند وكانت من قبل زوجة عبد الله أبي سلمة ابن عمة النبي وأخيه من الرضاعة أول من هاجر إلى الحبشة وكانت زاهدة فاضلة ذات دين ورأي فلما توفي عنها زوجها كانت مسنة ذات أيتام فتزوج بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).

وتزوج بصفية بنت حيي بن أخطب سيد بني النضير قتل زوجها يوم خيبر وقتل أبوها مع بني قريظة، وكانت في سبي خيبر فاصطفاها وأعتقها وتزوج بها فوقاها بذلك من الذل ووصل سببه ببني إسرائيل.

 

وتزوج بجويرية واسمها برة بنت الحارث سيد بني المصطلق بعد وقعة بني المصطلق وقد كان المسلمون أسروا منهم مائتي بيت بالنساء والذراري، فتزوج (صلى الله عليه وآله وسلم) بها فقال المسلمون هؤلاء أصهار رسول الله لا ينبغي أسرهم وأعتقوهم جميعا فأسلم بنو المصطلق بذلك، ولحقوا عن آخرهم بالمسلمين وكانوا جما غفيرا وأثر ذلك أثرا حسنا في سائر العرب.

وتزوج بميمونة واسمها برة بنت الحارث الهلالية وهي التي وهبت نفسها للنبي (صلى الله عليه وآله وسلم) بعد وفاة زوجها الثاني أبي رهم بن عبد العزى فاستنكحها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وتزوج بها وقد نزل فيها القرآن.

وتزوج بأم حبيبة واسمها رملة بنت أبي سفيان وكانت زوجة عبيد الله بن جحش وهاجر معها إلى الحبشة الهجرة الثانية فتنصر عبيد الله هناك وثبتت هي على الإسلام وأبوها أبو سفيان يجمع الجموع على الإسلام يومئذ فتزوج بها النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) وأحصنها.

وتزوج بحفصة بنت عمر وقد قتل زوجها خنيس بن حذاقة ببدر وبقيت أرملة وتزوج بعائشة بنت أبي بكر وهي بكر.

فالتأمل في هذه الخصوصيات مع ما تقدم في صدر الكلام من جمل سيرته في أول أمره وآخره وما سار به من الزهد وترك الزينة وندبه نساءه إلى ذلك لا يبقى للمتأمل موضع شك في أن ازدواجه (صلى الله عليه وآله وسلم) بمن تزوج بها من النساء لم يكن على حد غيره من عامة الناس، أضف إلى ذلك جمل صنائعه (صلى الله عليه وآله وسلم) في النساء، وإحياء ما كانت قرون الجاهلية وأعصار الهمجية أماتت من حقوقهن في الحياة، وأخسرته من وزنهن في المجتمع الإنساني حتى روي أن آخر ما تكلم به (صلى الله عليه وآله وسلم) هو توصيتهن لجامعة الرجال قال (صلى الله عليه وآله وسلم): "الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانكم لا تكلفوهم ما لا يطيقون، الله الله في النساء فإنهن عوان في أيديكم" الحديث.

وكانت سيرته (صلى الله عليه وآله وسلم) في العدل بين نسائه وحسن معاشرتهن ورعاية جانبهن مما يختص به (صلى الله عليه وآله وسلم) على ما سيأتي شذرة منه في الكلام على سيرته في مستقبل المباحث إن شاء الله وكان حكم الزيادة على الأربع كصوم الوصال من مختصاته التي منعت عنها الأمة، وهذه الخصال وظهورها على الناس هي التي منعت أعداءه من الاعتراض عليه بذلك مع تربصهم الدوائر به.

قال قائد "فيلق القدس" الإيراني اللواء قاسم سليماني إنّ الجيش العراقي "هو جيش يمكن الثقة فيه للدفاع عن سيادة العراق أمام أية تهديدات"، مشدداً على أن هذا الجيش لا يحتاج أي دعم خارجي أو أن تملي عليه أي جهة أي شيء.

ووصف سليماني الحشد الشعبي العراقي بشجرة طيبة كبيرة، مضيفاً "الانتصارات كانت بجهود الحشد والقوات العراقية".

وتابع: "الجيش العراقي والحشد الشعبي أحبطا أخطاراً كبيرة وأطماعاً عن العراق".

ورأى سليماني أنّ الجيش العراقي لن يسمح ببقاء أية قوى ذات أطماع في بلده، مشيراً إلى أن إنهاء سيطرة داعش إنجازٌ كبير يحتاج لسنوات من التحليل.

ولفت سليماني إلى أنّ دور رئيس الوزراء في العراق لا نظير له، مذكّراً بأنّ مجلس النواب العراقي شرّع دور الحشد الشعبي ضد الإرهاب.

ووصف سليماني رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي بالشخصية المميزة وأنه استطاع أن ويجد لحمة بين الجيش العراقي والحشد الشعبي.

واعتبر سليماني أنّ "السيد السيستاني العظيم هو الذي أنقذ العراق من الإرهاب، وفتوى هذا الرجل هي التي أسست الحشد الشعبي".

ورأى سليماني أنّ الحشد الشعبي في العراق "أقوى من كل جيوش المنطقة وسطر ملاحم لن تُنسى في محاربة الإرهاب".

وبحسب سليماني، فإنّ "أهم أسباب الانتصار في العراق هو دعم حزب الله في لبنان للشعب العراقي"، وتابع "العالم كله مدين للشعبَيْن العراقي والسوري في محاربة إرهاب داعش".

تمهيد
سنُسلّط الضوء على أهمّية الطفل والمصلحة من وجوده في حياة الأسرة والمجتمع في ضوء الرؤية الإسلامية، ممّا يلعب دوراً مهمّاً كعنصر تحفيزيّ وترغيبيّ على إنجاب الأطفال.

العامل الفطريّ: فطرة الأمومة والأبوّة
عن الإمام جعفر الصادق عليه السلام قال: "قال موسى بن عمران: يا ربّ، أيّ الأعمال أفضل عندك؟ فقال عزّ وجلّ: حبُّ الأطفال، فإنّي فطرتهم على توحيدي، فإن أمّتهم أدخلتهم برحمتي جنّتي"1.

كلُّ إنسانٍ يشعر في أعماق وجدانه بأنّه مجبول على غريزة حبّ الأطفال، ومعجون بالميل إلى إنجاب الأطفال، وحبّ أن يكون أباً أو أمّاً. ومهما حاول إنسان ما التنكّر لهذا الشعور الفطريّ فإنّه سيبقى معجوناً في طينته، وسيطفو في بعض اللحظات على السطح، ويلّح على الإنسان بالاستجابة لندائه وتلبية صوت هذا الشعور، وإلا سيبقى الإنسان يتحرّك في دائرة القلق والشعور بعدم الطمأنينة.

فالسعي نحو إنجاب الطفل هو إشباع لحاجة فطرية جُبلت عليها كلّ نفس بشرية في حبّ الأمومة والأبوة.

غريزة حبّ البقاء
إنّ من الخصائص الرئيسة التي تتميّز بها الكائنات الحيّة الواقعة في الطبيعة تحت الحسّ والاستقراء من حيوانات ونباتات هي التكاثر الجنسيّ، وهو عبارة عن حصول عملية اتّصال وتلاقح بين زوجين - ذكر وأنثى - ينبثق عنها كائن حيّ ثالث جديد مغاير لهما. وهذه الخصيصة الطبيعية أيضاً تُدغدغ في الإنسان غريزة حبّ البقاء فيسعى لتوليد كائنات حيّة جديدة تؤمّن استمرارية النوع البشريّ لحفظه عن الفناء والزوال.

عامل القوّة بالكثرة العددية
يعرض لنا القرآن الكريم العديد من الآيات التي تُشير إلى كون الكثرة العددية عامل قوّة وعزّة للمجتمع والأمة. يقول تعالى:
- ﴿ثُمَّ رَدَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرً2.
- ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارً3.

وقد كانت وما زالت الكثرة العددية للأمم مثار فخر واعتزاز.
- ﴿وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرً4.
- ﴿وَقَالُوا نَحْنُ أَكْثَرُ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا وَمَا نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ5.

عامل الوراثة والخلافة
يقول تعالى: ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا * يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى6.

وعن أبي عبد الله عليه السلام، أنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يقرأ: ﴿وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي، يعني أنّه لم يكن له وارث حتّى وهب الله له بعد الكبر7.

كلّ إنسان يرغب في استمرار وجوده الشخصيّ بمثال وشبيه له، يخلّد اسم العائلة، بنحو لا ينقطع ذكره بين الناس، ويُعبّر عن هذه الحالة بالوراثة أو الخلافة. وقد اعتبرت الروايات أنّ من محقّقات سعادة الإنسان أن يرى وريثه وخليفته.

وقد تقدّم ذكر العديد من الروايات - في الدرس السابق فقرة: تعليم أئمة أهل البيت الناس بعض الأعمال لإنجاب الأطفال - تُفيد هذا المعنى، منها:

- عن الإمام عليّ بن الحسين زين العابدين عليهما السلام، قال لبعض أصحابه: "قل في طلب الولد: ربّ لا تذرني فرداً، وأنت خير الوارثين، واجعل لي من لدنك وليّاً يرثني في حياتي..."8.

- وعن بكر بن موسى الواسطي، قال:كُنتُ عند أبي إبراهيم - الكاظم - عليه السلام، فقال: إنّ أبي جعفراً كان يقول: "سعد من لم يمت حتّى يرى خلفه من نفسه".

ثم أومى بيده إلى ابنه عليّ - الرضا عليه السلام -، فقال: "وقد أراني الله خلفي من نفسي"9.

وعن أبي الحسن عليه السلام: "سعد امرؤ لم يمت حتى يرى خلفاً من نفسه"10.

- وعن أبي الحسن عليه السلام: "إنّ الله تبارك وتعالى إذا أراد بعبد خيراً لم يُمته حتى يُريه الخلف"11.

سعادة الإنسان بالأطفال
اتّضح من بعض الروايات السابقة أنّ من سعادة الإنسان وجود الأطفال في حياته، ونُضيف إليها:

- عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "من سعادة الرجل الولد الصالح"12.

- وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أربعة من سعادة المرء: الخلطاء الصالحون والولد البار..."13.

- وعن أبي جعفر عليه السلام، قال: "من سعادة الرجل أن يكون له الولد يعرف فيه شبهه خلقه وخلقه وشمائله"14.

عامل العون والخدمة والمساعدة للوالدين
يقول تعالى: ﴿وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ15.

إنّ التدبّر في هذه الآية القرآنية الكريمة يُعطينا عدّة دلالات:

الأولى: أنّ إنجاب الأطفال أحد أهداف بناء بيت الزوجية.

الثانية: كما تُفيد الآية بقرينة سياق الآيات التي تسبقها - وهي في مقام عدّ النعم والآلاء الإلهية على الإنسان - أنّ الأولاد نعمة إلهية16.

والثالثة: أنّ الأولاد بالإضافة إلى كونهم هدفاً لتأسيس بيت الزوجية، ونعمة إلهية، هم مددٌ وعونٌ لوالديهم، كما تُشير إليه مفردة: ﴿وَحَفَدَةً. فالحفدة لغة جمع حافد، وهو من الحفد، والحفد في اللغة: الخدمة17. وأصل الحفد يدلّ على الخفّة في العمل والتجمّع، فالحفدة الأعوان لأنّه يجتمع فيهم التجمّع والتخفّف18، والسرعة إلى الطاعة. ومنه قيل للأعوان حفدة، لإسراعهم في الطاعة19.

وقد اختلف المفسّرون في مصداق المعنى المراد من كلمة حفدة في الآية:

- قال بعضهم: إنّ بنين تُطلق على الأولاد الصغار، والحفدة تُطلق على الأولاد الكبار الذين يستطيعون إعانة ومساعدة آبائهم20.

- وتبنّى بعضهم: أنّ المقصود بها أولاد الأولاد.

- واعتبرها بعض ثالث: أنّها من باب العطف لتغاير الوصفين21، أي أنّ الأولاد جامعون للأمرين معاً، فهم بنون وهم حافدون أي يخدمون أهلهم ويعاونونهم22. أو من باب عطف الخاصّ على العامّ بحيث يكون المقصود بالحفدة خصوص البنين الذين يُعاونون والديهم ويُساعدونهم ويخدمونهم ويُسارعون إلى طاعتهم.

- وقد حملها بعض المفسّرين على كلّ المعاني السابقة23.

وعلى كلّ حال، بأيّ معنى أُخذت، يبقى الجامع المشترك هو جهة العون والمدد والخدمة والمساعدة للوالدين24.

يقول السيد الطباطبائي: "المراد بالحفدة في الآية الأعوان الخدم من البنين...، وجعل لكم من أزواجكم بالإيلاد بنين وحفدة وأعواناً تستعينون بخدمتهم على حوائجكم وتدفعون بهم عن أنفسكم المكاره"25.

وبعض الروايات يشهد على هذا الفهم للآية: فعن جميل بن درّاج، عن أبي عبد الله عليه السلام، عن قول الله: ﴿وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً قال عليه السلام: "هم الحفدة، وهم العون منهم، يعني البنين"26.

عامل المعاونة والمعاضدة في الروايات
وقد صرّحت الروايات بأنّ أحد أهداف وجود الولد في حياة الوالدين هو أن يكون عضداً لهما، وأصل العضد في اللغة: ما بين المرفق إلى الكتف، ويدلّ على العضو الذي يستعار في موضع القوّة والمعين27، وجمعه: أعضاد، و"أعضاد كلّ شيء ما يشدّ من حاليه من البناء وغيره"28. وقد شبّه الولد بأنّه عضد لوالديه لأنّه العامل الذي يفترض أن يستندون إليه ويعتمدون عليه في الحياة بكافّة جوانبها ومجالاتها، فعندما تشتدّ الظروف يجد الوالدان في الولد العنصر الذي يقف إلى جانبهم ويُعينهم على تجاوز صعابها.

- عن عيسى بن صبيح29، قال: دخل الحسن العسكريّ عليه السلام علينا الحبس، وكُنتُ به عارفاً، فقال لي: "لك خمس وستون سنة وشهر ويومان".
وكان معي كتاب دعاء عليه تاريخ مولدي، وإنّي نظرت فيه فكان كما قال.
ثم قال: "هل رُزقتَ من ولد"؟
قُلتُ: لا.
قال: "اللهم ارزقه ولداً يكون له عضداً. فنعم العضد الولد". ثم تمثّل عليه السلام: "من كان ذا عضد يُدرك ظلامته إنّ الذليل الذي ليس له عضد"30
قُلتُ: ألك ولد؟
قال عليه السلام: "أي والله سيكون لي ولد يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، فأمّا الآن فلا"31.

- وعن الإمام علي بن الحسين عليهما السلام، قال: "من سعادة الرجل أن يكون له وُلْدٌ يستعين بهم"32.

نعم الشيء الولد
- روي عن الحسن البصريّ أنّه قال: بئس الشيء الولد، إن عاش كدّني، وإن مات هدّني. فبلغ ذلك الإمام زين العابدين عليه السلام، فقال: "كذب، والله نِعْمَ الشيء الولد، إن عاش فدعاء حاضر، وإن مات فشفيع سابق"33.

تُستعمل كلمة نِعْمَ في مقام المدح للشيء، ويظهر من أصلها الاشتقاقيّ في اللغة العربية أنّها من النعمة، ويرجع معناها إلى ما "يدل على ترفّه وطيب عيش وصلاح"34، ولا ريب في أنّ الولد نعمة من الله تعالى، فعن أبي عبد الله عليه السلام، قال: "البنون نعيم، والبنات حسنات..."35. وهذه النعمة الإلهية تجعل الإنسان يعيش حياة طيّبة، إذ بدون الولد يبقى الإنسان ناقص العيش، كما سيأتي في بعض الروايات اللاحقة.

إثقال الأرض بالتوحيد والتسبيح
إنّ الله عزّ وجلّ خلق الإنسان لهدف العبادة، وحقيقة العبادة متقوّمة بالتوحيد، ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي36، فعبادة الله تعالى وذكره وتسبيحه وحمده... هي الهدف الغائيّ لخلقة الإنسان كما ذكرنا في الدروس السابقة. ووظيفة التربية هي إيصال الإنسان إلى هذه المنزلة. وكي يصل الإنسان إلى هذه المنزلة لا بد من وجود الإنسان على الأرض، ووجوده رهن إرادة والديه، من هنا حثّت الروايات الأهل على إنجاب الأطفال من أجل تحقيق هذا الهدف الأعلى.

- عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "ما يمنع المؤمن أن يتّخذ أهلاً، لعلّ الله يرزقه نسمة، تُثقل الأرض بلا إله إلا الله"37.

- وعن أبي عبد الله عليه السلام، قال: "لمّا لقي يوسف أخاه، قال له: يا أخي كيف استطعت أن تتزوّج النساء بعدي؟! قال: إنّ أبي أمرني، وقال: إن استطعت أن تكون لك ذرية تُثقل الأرض بالتسبيح فافعل"38.

الأولاد أنس للوالدين
الإنسان كائن اجتماعيّ بالفطرة، أي يميل بأصل الخلقة إلى التشكّل داخل وحدات اجتماعية، لأنّه لا يستغني عنهم في تأمين متطلّبات حياته ووجوده، من جهة، كما أنّه يستأنس بالآخرين، ولذا لو بقي الإنسان بمفرده سرعان ما يشعر بالغربة والوحشة، وأصغر وحدة يتكوّن منها المجتمع هي الأسرة، التي تُظلّل حياة الإنسان، وتُخرجه من حالة الوحدة والفرادة التي تجعله يعيش الشعور بالوحشة، إلى حالة السكن والطمأنينة، فالولد يمنح حياة الإنسان أُنساً خاصاً، ويُعطيه إحساساً بالألفة.

- عن أبي بصير، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام: "إذا أبطأ علي أحدكم الولد فليقل: اللهمّ لا تذرني فرداً وأنت خير الوارثين، وحيداً وحشاً فيقصر شكري عن تفكري، بل هب لي عاقبة صدق ذكوراً وإناثاً، آنس بهم من الوحشة، وأسكن إليهم من الوحدة..."39.

- وعن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "خمس خصال من فقد واحدة منهنّ لم يزل ناقص العيش، زائل العقل، مشغول القلب: فأوّلها: صحّة البدن، والثانية: الأمن، والثالثة: السعة في الرزق، والرابعة: الأنيس الموافق".
قُلتُ - أي الرواي -: وما الأنيس الموافق؟
قال عليه السلام: "الزوجة الصالحة، والولد الصالح، والخليط الصالح".
والخامسة: وهي تجمع هذه الخصال، الدّعة"
40.

الولد قرّة عين الإنسان وكبده وريحانة قلبه
الولد بضعة من الإنسان حقيقة لا مجازاً. وهذه البضعة على نحو الحقيقة تتقلّب في أعضاء الإنسان على نحو المجاز، فتارة يُعبّر الإنسان عن ولده أنّه عينه التي يرى بها، وأخرى أنّه يده التي تمدّه بالعون، وثالثة أنّه قلبه وفؤاده، ورابعة أنّه كبده...إلخ. ويلحظ في كلّ تعبير جنبة من الجوانب المناسبة للتعبير. وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدلّ على أنّ الإنسان لا يُمكنه الاستغناء عن الولد كما لا يُمكنه الاستغناء عن أيّ عضو من أعضائه. وهذا ما نُلاحظه بشكل واضح في الروايات.

- وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اطلبوا الولد والتمسوه، فإنّه قرّة العين وريحانة القلب"41.

- وعن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "الولد كبد المؤمن..."42.

- عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "أولادنا أكبادنا"43.

- وقد قال أمير المؤمنين عليه السلام يوماً لولده العباس لمّا كان صغيراً: "قل: واحد، فقال: واحد، فقال: قل: اثنان، قال: استحي أن أقول باللسان الذي قُلت واحد اثنان، فقبّل عليّ عليه السلام عينيه، ثمّ التفت إلى زينب، وكانت على يساره والعباس عن يمينه، فقالت:يا أبتاه أتُحبّنا؟ قال عليه السلام: نعم يا بني، أولادنا أكبادنا"44.

- عن أبي عبد الله عليه السلام، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الولد الصالح ريحانة من الله قسمها بين عباده..."45.

العامل الأخرويّ
إنّ الولد ليس نعمة وأنساً وريحانة وعوناً وسنداً... لأهله في الدنيا فقط، بل الولد الصالح ذخيرة لأهله بعد موتهم، فباستغفاره ودعائه وقيامه بالأعمال الصالحة قد يكون نجاتهم من العذاب والنار.

- عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قال: "إذا مات ابن آدم، انقطع عمله إلا من ثلاث: ولد صالح يدعو له، وصدقة جارية، وعلم يُنتفع به"46.

- وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "مرّ عيسى ابن مريم عليه السلام بقبر يُعذّب صاحبه. ثم مرّ به من قابل47، فإذا هو ليس يُعذّب. فقال عليه السلام: يا ربّ، مررت بهذا القبر عام أول وهو يُعذّب، ومررت به العام وهو ليس يُعذبّ! فأوحى الله جلّ جلاله إليه: يا روحالله، قد أدرك له ولد صالح فأصلح طريقاً وآوى يتيماً، فغفرت له بما عمل ابنه.

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ميراث الله عزّ وجلّ من عبده المؤمن ولد يعبده من بعده..."
48.

- عن معاوية بن عمار، قال: قُلتُ لأبي عبد الله عليه السلام: ما يلحق الرجل بعد موته؟ فقال: "سنّة يسنّها يعمل بها بعد موته، فيكون له مثل أجر من عمل بها من غير أن ينتقص من أجورهم شيء، والصدقة الجارية تجري من بعده، والولد الصالح يدعولوالديه بعد موتهما، ويحجّ ويتصدّق عنهما، ويعتق ويصوم ويُصلّي عنهما.
فقلتُ: أشركهما في حجّي؟
قال عليه السلام: "نعم"49.

- وعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "ستّة تلحق المؤمن بعد وفاته: ولد يستغفر له..."50.

- وعن النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "الولد كبد المؤمن، إن مات قبله صار شفيعاً، وإن مات بعده يستغفر له فيغفر الله له"51.

فانتفاع الوالدين بالولد يوم القيامة ينبغي أن يكون عنصراً مرغِّباً في إنجاب الأطفال، وهذا ما نُلاحظه فيما رواه إسحاق بن عمار، عن الإمام الصادق عليه السلام، قال: "إنّ فلاناً - رجل سمّاه - قال: إنّي كنتُ زاهداً في الولد، حتّى وقفت بعرفة، فإذا إلى جنبي غلام شابّ يدعو ويبكي ويقول: يا رب، والدي والدي، فرغّبني في الولد حين سمعت ذلك"52.

ما للوالدين من الأجر في موت أطفالهم
يقول تعالى: ﴿وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ53.

قد يمتحن الله تعالى الإنسان ويبتليه بموت أطفاله قبل الولادة أو بعد الولادة، ولأنّ الله تعالى كتب على نفسه الرحمة بعباده فقد جعل لمن يفقد أحبّته من الأطفال عوضاً وأجراً وثواباً عظيماً يوم القيامة، فحتّى الطفل السقط يكون له أثر في نجاة والديه يوم القيامة.

- عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "اعلموا أنّ أحدكم يلقى سقطه محبنطئاً على باب الجنّة، حتى إذا رآه أخذ بيده حتى يُدخله الجنّة، وإن ولد أحدكم إذا مات أجر فيه، وإن بقي بعده استغفر له بعد موته"54.

- وعن أبي عبد الله عليه السلام، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:... أما علمتم أنّي أُباهي بكم الأمم يوم القيامة حتّى بالسقط، يظلّ محبنطئاً على باب الجنّة فيقول الله عزّ وجلّ: ادخل الجنّة، فيقول: لا أدخل حتّى يدخل أبواي قبلي. فيقول الله تبارك وتعالى لملك من الملائكة: ايتني بأبويه فيأمر بهما إلى الجنّة. فيقول: هذا بفضل رحمتي لك"55.

- وعن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لرجل: ... أوما علمت أنّ الوِلدان تحت العرش يستغفرون لآبائهم، يحضنهم إبراهيم وتُربّيهم سارة، في جبل من مسك وعنبر وزعفران؟"56.

هذه النصوص الدينية بأجمعها، مؤشّر واضح على وجوب سعي الوالدين إلى حسن تربية أطفالهما كي تكون ثمرة تلك التربية وعاقبتها وجود ولد صالح. فالإنسان يأنس ويفتخر ويفرح ويسعد بطفله وولده إذا كان صالحاً، ويأسف ويحزن ويتألّم إذا لم يكن الطفل كذلك، فـ "ولد السوء يهدم الشرف، ويشين السلف"57، كما ورد عن الإمام علي عليه السلام. وعنه أيضاً: "ولد السوء يعرّ الشرف"58. وعنه أيضاً: "أشدّ المصائب سوء الخلف"59.
 

* المنهج الجديد في تربية الطفل، نشر جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.

1- المحاسن، ج1، ص200.
2- سورة الإسراء، الآية 6.
3- سورة نوح، الآيات 10-11-12.
4- سورة الكهف، الآية 34.
5- سورة سبأ، الآية 35.
6- سورة مريم، الآيات 5-7.
7- الكافي، ج6، ص3.
8- من لا يحضره الفقيه، ح3، ص474، ح4660.
9- الخزاز القمي، علي بن محمد، كفاية الأثر في النص على الأئمة الاثني عشر، ص273. ورواه الشيخ الطوسي في الغيبة، ص41، ح22.
10- الكافي، ج6، ص5.
11- من لا يحضره الفقيه، ج3، ص482، ح4690.
12- الكافي، ج6، ص3.
13- الرواندي، النوادر، ص110.
14- الكافي، ج6، ص4.
15- سورة النحل، الآية 72.
16- الميزان في تفسير القرآن، ج12، ص297. يقول السيد محمد حسين الطباطبائي في تفسير الآية: "... النعمة هي جعل الأزواج من أنفسهم، وجعل البنين والحفدة من أزواجهم، فإن ذلك من أعظم النعم وأجلاها، لكونه أساساً تكوينياً يبتني عليه المجتمع البشري، ويظهر به فيهم حكم التعاون والتعاضد بين الأفراد، وينتظم به لهم أمر تشريك الأعمال والمساعي، فيتيسّر لهم الظفر بسعادتهم في الدنيا والآخرة .ولو أنّ الإنسان قطع هذا الرابط التكويني الذي أنعم الله به عليه وهجر هذا السبب الجميل وإن توسّل بأيّ وسيلة غيره لتلاشى جمعه وتشتّت شمله وفي ذلك هلاك الإنسانية".
17- العين، ج3، ص185.
18- معجم مقاييس اللغة، ج2، ص84.
19- أنظر: مجمع البيان، ج6، ص178.
20- يراجع: الطبرسي، مصدر سابق. والطبري، جامع البيان عن تأويل آي القرآن، ج14، ص191. والأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج8، ص256 وما بعد.
21- البيضاوي، عبد الله بن عمر، أنوار التنزيل وأسرار التأويل، المعروف بتفسير البيضاوي، ج3، ص411.
22- الزمخشري، محمود بن عمر، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون الأقاويل في وجوه التأويل، ج2، ص419.
23- الرازي، محمد بن عمر، مفاتيح الغيب أو التفسير الكبير، ج20، ص80.
24- الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج8، ص257.
25- الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن، ج12، ص297.
26- العياشي، محمد بن مسعود، تفسير العياشي، ج2، ص264. والحويزي، عبد علي بن جمعة العروسي، تفسير نور الثقلين، ج3، ص68. والبحراني، هاشم، البرهان في تفسير القرآن، ج3، ص438.
27- معجم مقاييس اللغة، ج4، ص348.
28- العين، ج1، ص268.
29- وفي: الأربلي، علي بن عيسى، كشف الغمة في معرفة الأئمة، ج3، ص307: عيسى بن شج. وفي الفصول المهمة في معرفة الأئمة، ص1087: عيسى بن الفتح.
30- نسب الدينوري ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم، في عيون الأخبار، ج3، ص5، هذا البيت إلى عمرو بن حبيب الثقفي أحد شعراء الجاهلية، أسلم سنة 9 ه. والبيت الثاني منه:
تنبو يداه إذا ما قل ناصره ويأنف الضيم إن أثرى له عدد
31- الخرائج والجرائح، ج1، ص478.
32- الكافي، ج6، ص2.
33- الراوندي، سعيد بن هبة الله، الدعوات سلوة الحزين-، ص285.
34- معجم مقاييس اللغة، ج5، ص446.
35- الكافي، ج6، ص7.
36- سورة طه، الآية 14.
37- من لا يحضره الفقيه، ج3، ص382.
38- الكافي، ج6، ص3.
39- م.ن، ص7.
40- الخصال، ص284.
41- مكارم الأخلاق، ص224.
42- عوالي اللآلي، ج1، ص270.
43- بحار الأنوار، ج101، ص97.
44- مستدرك الوسائل، ج15، ص215.
45- الكافي، ج6، ص3.
46- عوالي اللآلي، ج1، ص97. ويراجع: النسائي، أحمد بن شعيب، سنن النسائي بشرح جلال الدين السيوطي، ج6، ص25.
47- قابل: وقت لاحق.
48- الكافي، ج6، ص4.
49- نفس المصدر، ص57.
50- من لا يحضره الفقيه، ج4، ص246.
51- عوالي اللآلي، ج1، ص270.
52- الكليني، الكافي، ج6، ص3.
53- سورة البقرة، الآيتان 155-156.
54- من لا يحضره الفقيه، ج3، ص483.
55- م.ن.
56- الكليني، الكافي، ج5، ص334.
57- مستدرك الوسائل، ج15، ص215، ح18039.
58- عيون الحكم، ص503.
59- ميزان الحكمة، ج4، ص3671.

تحرير الموصل من فلول "داعش" يحمل في أبعاده مأزق دول تحالف واشنطن الداعمة للإرهاب من أجل حماية النفوذ والمصالح الضيّقة. لكنه يحمل أيضاً ترجيح كفة المعادلات الإقليمية ــ الدولية الساعية لوقف الحرب والانهيار في العراق وسوريا على أساس عودة المنطقة إلى أهلها.

على الرغم من التشكيك الغربي الطويل في إمكانية دحر "داعش" وهزيمته في العراق أو سوريا وغيرها، تتحرر الموصل من فلول "داعش" بأقل خسائر ممكنة. ويكشف تحرير الموصل أن هزيمة الإرهاب في المنطقة هو في متناول اليد إذا توفرت سبُل المشاركة الشعبية في المواجهة على مستوى تمدّد الإرهاب في المنطقة وصولاَ كل بلد وناحية. والحقيقة أن هزيمة "داعش" في الموصل بدأت خطواتها الأولى أثناء استعادة حلب التي خطّت أسس تطوّر المعادلات الإقليمية في اتجاه دحر الإرهاب بمشاركة شعبية من القوى الحليفة.

وقت استعادة حلب في السنة الماضية، لم تبقَ صحيفة دولية مرموقة من دون الالتفات إلى رابط مع الموصل. فصحيفة "نيويرك تايمز" التي خاضت حملة الإدعاء بارتكاب مجازر في حلب، راحت كغريمتها "الواشنطن بوست" تحذّر مما سمته مخاطر السماح بمشاركة الحشد الشعبي في معركة الموصل، وذلك بذريعة منع ارتكابه "مجازر طائفية" متوقعة بحسب مزاعم تحالف واشنطن. والحال أن الحشد الشعبي خيّب مثل هذه المزاعم في حرصه على تقديم يد العون للسكان خلال معارك تحرير الموصل، لكنه خيّب كذلك حرث التحريض الطائفي الذي ألهب مخيال العداء لإيران وحلفائها على خلفية التلاعب الجيني بذاكرةالأهوال التي ارتكبها الغزو المغولي والصليبي في العراق وبلاد الشام.

في موسوعته بين أمهات الكتب، يؤرخ يزيد بن محمد الأزدي المعروف بالموصلي "تاريخ الموصل" العام 334 هجري كجزء من حواضر المنطقة الشاهدة على قلاع الممرات نحو الشرق الأقصى. وبينما ذكر شكسبير مدينة حلب دليلا على ثرائها في مسرحيته "ماكبث"، ذكرها مرة أخرى في مسرحية "عُطيْل" دليلا على تلاقي الثقافات ومن بينها الثقافات الايرانية والتركية والثقافات الأخرى الممتدة في المنطقة. وعلى هذا المنوال يؤرّخ الموصلي لنينوى التي تسمّت بالموصل كناية لها عن صلة الوصل بين هذه الممرات بين نواحي المنطقة البعيدة وكناية لها عن واسطة العقد مع حلب في تلاقي ثقافات المنطقة وتلاقحها. وعلى مرّ تاريخ العمران في بلاد الشام والرافدين، تزدهر الموصل مع حلب في انفتاح سكان بلاد المنطقة على بعضهم البعض ويدبّ الخراب في المدينتين ما أن تنغلق الشام والرافدين عن أرجاء بلاد المنطقة في قهرها على التسيّب بين وراء البحار وبين الصحاري اليباب.

هي المعضلة التي تخرج منها الموصل منتصرة على فلول "داعش"، في سياق استعادة حلب من الإرهاب. وفيما وراء هذا السياق مواجهة بين تغريب المنطقة في تبعيتها لنفوذ ومصالح دول "تحالف واشنطن"، أو تشريقها في الانفتاح والتعاون بين بعضها البعض لتوسيع الممرات الداخلية والتلاقح الثقافي المنسوج بعرق الأجيال السابقة متراكم على خيوط الدهر. فما ذكره نائب رئيس الحشد الشعبي أبو مهدي المهندس يوّضح ميدان هذه المواجهة بين التغريب والتشريق بعد الموصل على الحدود العراقية السورية. فهو يؤكد أن واشنطن نصبت منظومة صواريخ أرض ــ أرض لفتح طريق بغداد ــ عمان. وهو الخط الذي تراهن عليه واشنطن لربط بغداد والعراق بالتبعية لواشنطن وليس ربط بلدين عربيين مستقلين عن التبعية لواشنطن في انفتاحهما على بعضهما البعض وعلى أرجاء المنطقة.

وقد يكون خط بغداد ــ عمان في التصوّر الأميركي، ركيزة تفتيت العراق في السعي إلى إنشاء إقليم في الأنبار بوابته مثلث التنف على الحدود السورية ــ العراقية ــ الأردنية وقطع الطريق على سوريا والعراق. لكن أبو مهدي المهندس يؤكد من جهة أخرى أن طريق بغداد ــ دمشق باتت مفتوحة ومؤمنة وهو الخط الذي يرسم من تلعفر والحويجة في العرق ومن دير الزور والبادية في سوريا، المعادلات الإقليمية ــ الدولية ووجهة مستقبل المنطقة.

السبت, 15 تموز/يوليو 2017 14:43

التدخل الإلهي لرفع الظلم

إن نظرة سريعة إلى ما يجري في العالم كفيلة بمعرفة حجم المآسي التي تجري فيه فالحروب ونتائجها الكارثية من جهة وسوء الأحوال الاقتصادية والفقر والمجاعات من جهة أخرى والتلوث والأمراض والتشوهات وغيرها من الأزمات الكبرى التي يعاني منها البشر تطرح سؤالا كبيرا عن السبب الذي يمنع من رفع المعاناة عن الناس من قبل خالقهم! لماذا لا يتدخل الله تعالى؟ لماذا لا يرفع الله الظلم عن الناس ويساعد المظلومين؟ هل خلق الله البشر وتركهم لمصيرهم؟

ترتبط الاجابة عن هذا السؤال بمجموعة من العناوين بمعنى أن الاشكال ناشئ من عدم الفهم الصحيح لمضامين هذه العناوين وأن فهمها بشكل صحيح يعطينا صورة مغايرة عما يجري في العالم وهذه العناوين هي الله تعالى والنبوة والانسان:

العنوان الأول: الله
إن النظرة إلى الله تعالى باعتبار أن علاقة العالم بالله تعالى هي علاقة ايجاد فقط بمعنى أن دور الله ينتهي بمجرد ايجاد العالم هي نظرة ناقصة وقاصرة ولا تنسجم مع الكمال الإلهي فالله تعالى خالق ومدبر الوجود ولا يجري أي أمر في الكون الا بمشيئته وارادته وتحت رعايته وبعبارة أخرى نقول إن حركة الكون المستمرة تعني أن هناك أمرا جديدا يحدث باستمرار وهذا الأمر الجديد هو خلق جديد فكأن الكون يخلق في كل لحظة وهذا الخلق يحتاج إلى خالق بشكل دائم بمعنى أن الخالقية أمر مستمر وليست فقط في إيجاد أصل العالم! والقرآن الكريم يحدثنا عن تدبير الله تعالى للعالم في كل مراحله وليس في مرحلة أصل ايجاده فيحدثنا عن انزال الله تعالى للماء من المزن وينسب مراحل خلق الانسان إلى الله تعالى: (ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَامًا) (المؤمنون:14)

ويحدثنا عن دور الله تعالى في قتل المعتدين: (فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) (الأنفال:17) وينسب النصر اليه تعالى: (وَمَا النَّصْرُ إِلَّا مِنْ عِندِ اللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ) (آل عمران:126)

كما يحدثنا عن رعايته لحركة الأنبياء ففي قصة نوح يقول عن السفينة: (تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) (القمر:14) ويخاطب موسى عليه السلام وأخاه هارون: (إنَّني مَعَكُمَا أَسْمَع وَأَرَى) (طه:46) كما يحدثنا عن الحوادث التفصيلية: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) (المجادلة:1) ويمكن أن نلخص كل ما مر بقوله تعالى: (وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ) (الحديد:4).

فالله تعالى هو الخالق والمدبر للعالم في كل لحظة وليس في لحظة معينة وبالتالي لا يمكن أن نعزل الله تعالى عن الوجود لأن الإله المعزول عن خلقه ليس بإله والعالم المستقل عن خالقه ليس مخلوقا فخالقية الله تعالى ومخلوقية العالم تقتضى وجود الارتباط الدائم للعالم بالله تعالى.

العنوان الثاني: الأنبياء
إن النظرة إلى الأنبياء باعتبارهم أنهم دعاة إلى الله تعالى وأن دورهم يقتصر على تنظيم العلاقة بين الله تعالى والفرد هي نظرة خاطئة وظالمة! فمن المعلوم حجم المعاناة التي جرت على الأنبياء والتضحيات التي قدموها وقد قتل عشرات الأنبياء بمختلف الأساليب البشعة حرقا وذبحا ونشرا وعذبوا وأوذوا أشد التعذيب والأذى فهل كان هذا الموقف العدائي منهم هو لمجرد أنهم يريدون تنظيم العلاقة بين الفرد وربه!؟ أم أن سبب محاربتهم ومواجهتم من قبل الظالمين والمفسدين هو أن أولى مهمات الأنبياء كانت محاربة الظلم والطغيان والجور والفساد ورفع الظلم عن المظلومين والمضطهدين والمستضعفين!؟

فهل كان هدف طلب موسى من فرعون أن يقوم فرعون بالصلاة ولا علاقة لموسى ببني اسرائيل وما يجري عليهم من ظلم!؟ وهل اعترض فرعون على موسى وهدده بالقتل من أجل ذلك!؟ إن القرآن الكريم يخبرنا بكل وضوح أن طلب موسى عليه السلام كان: (فَأَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ) (طه:47) وأن الهدف الإلهي من ارسال موسى عليه السلام وكل الرسل أيضا هو: (نُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِيالْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ) (القصص:5) إذن دور الأنبياء ليس عبارة عن دور الواعظين الذين يجلسون في زاوية معبد فالله تعالى يقول: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ۖ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ ۚ إِنَّ اللَّهَ) (الحديد:57) فالرسل لديهم البينات وكذلك معهم الحديد وهو اشارة إلى العنصرين الأساسيين الذين يحتاجهما التغيير كما قال الله تعالى عن طالوت عليه السلام: (وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ) (البقرة:247)

العنوان الثالث: الإنسان
ان النظرة إلى الانسان باعتباره في موضع الانفعال دائما هي نظرة خاطئة ومحرفة فالانسان بحسب النظرة القرآنية هو خليفة الله تعالى ومطلوب منه أن يقوم بهذا الدور صحيح أنه لن يترك وحده للقيام بهذا الدور ولكن هذا لا يعني أن لا دور له أو أن يبقى في مقام الانفعال وردة الفعل! وقد ذكر الله تعالى في القرآن الكريم الحوار الذبي يجري في النار بين المستكبرين والمستضعفين فليس من يدخل النارفقط هو المسستكبر والظالم بل إن المستضعف المظلوم الراضي بالظلم بمعنى عدم محاولته رفع الظلم عن نفسه هو من أهل النار أيضا!إن معنى أن الانسان خليفة الله هو أن عليه القيام بتغيير العالم ودورالانسان هو الحلقة المكملة للرعاية الإلهية ولدور الأنبياء!

فمن جهة الله تعالى يخبرنا أنه لن يحدث أي تغيير ما لم يقم الناس بالتغيير: (إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ) (الرعد:11) فالدور الإلهي في التغيير ليس بديلا عن دور الإنسان بل مكمل له صحيح أن الله تعالى قادر على التغيير بمعزل عن الانسان ولكن هذا الأمر يتنافى مع فلسفة خلق الانسان ودوره والله منزه عن التناقض بين أفعاله.وقد كانت إحدى خطوات التغيير الإلهي الأساسية هي في توفير القائد للتغيير دوما على مدار التاريخ منذ بدء خلق الإنسان وحتى نهاية الوجود البشري على الأرض فالإنسان الأول كان نبيا أي أنه قائد التغيير في الكون والإنسان الأخير فيما لو بقي إنسان واحد سيكون القائد القادر على التغيير ولكن قيام القادة الإلهيين بالتغيير متوقف على استجابة الناس لهم ولدعوتهم والا فإن تغيير المجتمع لن يتم كما في قصة موسى عليه السلام حين طلب من قومه الدخول إلى قرية لمحاربة الجبابرة فرفضوا وتخاذلوا فقال موسى عليه السلام: (قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي ۖ فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) (المائدة:25) فدور القادة الإلهيين وتوفير الله تعالى لهؤلاء القادة لا يعني أنهم بديل عن دور الناس بل يعني أن جهوزية الناس للقيام بالتغيير تعني حتما توفر القائد الإلهي لعملية التغيير وتعني توفر الرعاية والنصر لهذه العملية وكمثال على ذلك نذكر قصة طالوت التي وردت في سورة البقرة فقد طالب بنو اسرائيل أن يكون لهم قائد يقاتلون تحت رايته وأبدوا استعدادهم للتضحية وللدفاع عن المستضعفين من الرجال والنساء فكانت النتيجة أن الله تعالى وفر لهم القائد وهو طالوت عليه السلام وفي النهاية أنزل الله نصره عليهم مع أنهم كانوا فئة قليلة.

إن فهم دور الله تعالى ودور الأنبياء ودور الإنسان بشكل صحيح يبين أن الله تعالى لم يترك عباده المستضعفين والمظلومين وأن الله تعالى لا يرضى بالظلم لعباده وكذلك يبين أن معنى النبوة هو قيادة عملية التغيير في العالم كما يبين أن دور الانسان ليس في رفع الشكوى وذرف الدموع بل إن دور الانسان أن يكون في موقع الفعل في عملية التغيير لا الانفعال.

الجمعة, 14 تموز/يوليو 2017 14:31

الوحدة الإسلامية

تمهيد
يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن الأيدي التي تريد أخذ ثرواتكم منكم ونهبها، ومصادرة كل ما تملكون من خيرات سواء فوق الأرض أو تحتها، إن هذه الأيدي لا تسمح باتّحاد إيران مع العراق، ولا إيران مع مصر، ولا إيران مع تركيا...، يريدون ألاّ تتحقق وحدة الكلمة"1.

في الوقت الذي كانت الأمة الإسلامية في حالة من الاحتضار على كل مستوياتها، قامت ثورة ميمونة مباركة، قام بها شعب أعزل بقيادة العالم الزاهد الشجاع القائد السيد روح الله الموسوي الخميني قدس سره في إيران، والتي كانت مرتعاً للمخابرات الأجنبية ولا سيما الأمريكية والصهيونية، وأرضا مسلوبة الخيرات مسخرة لتنفيذ المآرب الكبرى لقوى الاستكبار العالمي وأذنابه من الحكام الذين باعوا ضمائرهم وشعوبهم ليصبحوا مجرد أداة بيد أسيادهم الإمبرياليين الطامعين بالسيطرة على مقدرات العالم.

الثورة الإسلاميّة والوحدة الإسلاميّة
إنّ قيام الثورة الإسلاميّة المباركة أحبط الكثير من المؤامرات، وأهمها التي كانت تحاك لتوسعة الشق الكبير في الأمة الواحدة، فلطالما كانت التفرقة بين مذاهب الأمة من الأساليب الدنيئة التي ينتهجها العدو الطامع للسيطرة على الأمم الأخرى، فقاعدة فرّق تسد تاريخياً لم يخل عهد ولا زمان من رموز انتهجت هذه القاعدة كأسلوب ناجح تتوصل به إلى الهيمنة في بعض الأحيان، ولاستتباب الهيمنة في موارد أخرى، فإن السيطرة على أمة ممزقة، ومتكالبة على أطرافها، غافلة عما يحاك لها أمر في غاية البساطة ولا يكلف العدو إلا أن يتكلف عناء جني الثمر.

ونتيجة وعي الإمام الخميني قدس سره في تلك الفترة لخطورة الأمر على الأمة، فقد ركز في الكثير من توجيهاته وخطاباته على مسألة الوحدة الإسلامية، ولم يأل جهداً في تذكير الأمة دائما بخطر الاختلاف والتشرذم.

خطر التفرّق
لو دققنا النظر في ما يجلبه التفرق من المخاطر على الأمة لألفيت كل أفراد الأمة يتحملون المسؤولية في الحفاظ على توحدها وعدم حصول النزاعات فيها، فالمشكلة الأساسية هي في عدم الوعي لدى الكثيرين بأن هذه الإختلافات لا تستدعي نزاعا ولا الملاحاة بين أفرادها، هذا الأمر سهل العلاج نسبة للخطورة الكبرى المتمثلة في الرؤوس الكبيرة المسيطرة على مراكز المسؤولية فيها فهم واعون كل الوعي لهذه المؤامرة الكبرى التي تحاك في الليل والنهار، ورغم هذا فإنهم لا يهبون لمقارعة هذا المشروع الخطر على حاضرها ومستقبلها، ويخلص الإمام قدس سره في نهاية المطاف إلى تشخيص مكامن الخطر على الأمة في مشكلتين أساسيتين يقول قدس سره: "إننا نعلم، وكذلك المسلمون، بل المهم أن الحكومات الإسلامية تعلم أيضاً، أن ما لحق ويلحق بنا ناتج عن مشكلتين:

الأولى: الاختلاف بين الدول:
هي المشكلة بين الدول ذاتها، حيث لم تتمكّن حتى الآن - ومع الأسف - من حلها، وهي مشكلة الاختلاف في ما بينهم. ويعلمون أن سبب جميع مصائب المسلمين هي هذه الاختلافات، ونحن تحدثنا عن هذا الموضوع منذ ما يقرب من عشرين سنة، وقلنا وكتبنا ودعونا قادة هذه الدول للاتحاد، ولكن مع الأسف لم يحصل شيء حتى الآن.

والمشكلة الثانية: الحكومات والشعوب:
هي مشكلة الحكومات مع شعوبها, فنرى أن الحكومات تعاملت معها بحيث أن الشعوب لم تعد سنداً للحكومات، وبسبب عدم التفاهم بين الطرفين فإن الشعوب لا تساهم في حل المشاكل التي تواجه الحكومات، والتي يجب رفعها بيد الشعوب، فتقف الشعوب موقف اللامبالاة، هذا إن لم تزد في مشاكل الدول"2.

وقبل أن نسلط الضوء على نقاط القوة التي يمكن للمسلمين الالتفاف حولها والتمسك بها، لا بد وأن نلقي نظرة على الإسلام نفسه وما هو الموقف الإسلامي من مسألة التوحد بين المسلمين؟

موقف الإسلام من الوحدة
لا شك في أن الاختلاف في الرأي موجود بين فئات المسلمين، وهذا لا يشكل خطورة بنفسه، وإنما الخطورة في أن يتحول الاختلاف إلى عداوة والحوار إلى حرب، فحقيقة الحوار تختصر بأن لا يتحول الإختلاف بيننا وبين الآخر إلى عداوة، وهذا لبُّ الأمر الذي يغفل عنه الكثيرون في هذه الأيام، فينجر بعض الناس من هذا المذهب أو ذاك للتعنيف أو التكفير خلافاً لما أراده الإسلام من غرس الأخوة بين المؤمنين به، وما المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار إلا نموذج إنساني حضاري شاخص في تاريخنا يقول لنا تعالوا إلى سعة صدر الإسلام ورحابته التي تسع المسلمين على اختلاف وجهات نظرهم وفكرهم وطرقهم، ولهذا يؤكد الإمام الخميني قدس سره على أن مسألة الوحدة بين المسلمين ليست مسألة نستنسبها أو نراها مفيدة لنا في الظرف الحالي، بل هي أمر إلهي بكل ما للأمر الإلهي من معنى، يقوله: "يجب أن نكون يقظين، وأن نعلم أن هذا الحكم ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ3، هو حكم إلهي، إنهم إخوة، وليست بينهم حيثية غير الأخوّة، وإننا مكلفون جميعاً بالتعامل كالإخوان. إن هذا حكم سياسي؛ فلو كانت الشعوب الإسلامية البالغ عدد أفرادها مليار مسلم تقريباً، لو كانوا إخوة في ما بينهم، ويتعاملون بأخوّة، فإنه سوف لا يلحق بهم أي ضرر، ولا تتمكن أي قوة عظمى من الاعتداء عليهم. فانتبهوا لهذا المعنى أيها الأخوة.

توجد مجموعة من المسلمين شيعة وأخرى سنة، مجموعة حنفية وأخرى حنبلية وثالثة إخبارية، أساساً لم يكن صحيحاً أبداً طرح هذا المعنى منذ البداية؛ يجب أن لا تطرح مثل هذه المسائل في ذلك المجتمع الذي يهدف فيه الجميع إلى خدمة الإسلام، وأن يكونوا لأجل الإسلام. كلنا جميعاً إخوة، ويقف بعضنا إلى جانب بعض. غاية الأمر أن علماءكم، مجموعة منهم أعطوا فتوى لشيء، وأنتم قلّدتموهم، فأصبحتم حنفيين، بينما عمل قسم آخر بفتوى الشافعي وعمل قسم ثالث بفتوى الإمام الصادق، وصار هؤلاء شيعة. فهذه ليست دليلاً على الاختلاف، يجب أن لا نختلف مع بعضنا، وأن لا يكون بيننا تضاد؛ فكلنا إخوة.

يجب أن يحترز الأخوة السنة والشيعة عن أي اختلاف. إن اختلافنا اليوم هو فقط لصالح أولئك الذين لا يعتقدون بالمذهب الشيعي ولا بالمذهب الحنفي ولا بسائر الفرق الأخرى. إنهم يريدون أن لا يكون هذا ولا ذاك، ويعتقدون أن السبيل هو في زرع الفرقة بيننا وبينكم.

يجب أن ننتبه جميعاً إلى هذا المعنى، وهو أننا جميعاً مسلمون، وكلنا من أهل القرآن ومن أهل التوحيد، وينبغي أن نبذل جهدنا من أجل القرآن والتوحيد وخدمتهما"4.

مراكز التوحّد في الإسلام
هناك نقاط تجمع المسلمين، نقاط يتفق عليها كل المذاهب: الله سبحانه تعالى، والنبي الأكرما، والقرآن الكريم، والحج وو.....

تتفق المذاهب الإسلامية جميعا حول الكثير من المسائل، وما يجمعها أكثر مما يفرقها، ولو أرادت الإجتماع حول ما يجمع لوجدت نفسها أقوى الأمم على الإطلاق. إن إثارة نقاط الخلاف في ما بينها هي العمل الأكبر الذي تقوم بها القوى الكبرى المسيطرة، وتسخر له الكثير من الوسائل الدعائية والإعلامية، والأبواق والأقلام المأجورة، فلماذا نترك هذا الكم الهائل مما يجعلنا الأمة الأكثر تماسكا لنتلهى ببعض ما يشتتنا ويجعلنا أمماً متفرقة؟

يقول الإمام الخميني قدس سره: "إن الذين يدّعون الإسلام، ويسعون من أجل زرع الفرقة والتنازع لم يجدوا ذلك الإسلام الذي كتابه القرآن، وقبلته الكعبة، ولم يؤمنوا بالإسلام. إن الذين آمنوا بالإسلام إنما هم الذين يقبلون القرآن ومحتوى القرآن الذي يقول ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ5 فيلتزمون بكل ما تقتضيه الأخوّة. تقتضي الأخوة أن يتأثر جميع الإخوان أينما كانوا إذا ألمّت بكم مشكلة، وأن يفرحوا جميعاً لفرحكم"6.

ويقول حول وسائل الإعلام التي تروج للمسائل الخلافية بين المذاهب الإسلامية: "إنهم يحاولون عبثاً زرع الفرقة. إن المسلمين أخوة في ما بينهم ولا يتفرقون من خلال الإعلام السيئ لبعض العناصر الفاسدة. أصل هذه المسألة وهي الشيعة والسنة، أن السنة في طرف والشيعة في طرف آخر، قد وقعت بسبب الجهل والإعلام الذي يمارسه الأجانب، مثلما نلاحظ بين الشيعة أنفسهم وجود أشخاص مختلفين في ما بينهم، يحارب أحدهم الآخر، ووقوف طائفة ضد أخرى بين نفس الإخوة أهل السنة.

جميع طوائف المسلمين تواجه اليوم قوى شيطانية تريد اقتلاع جذور الإسلام. هذه القوى التي أدركت أن الشيء الذي يهددها هو الإسلام، وأن الشيء الذي يهددها هو وحدة الشعوب الإسلامية.

على جميع المسلمين في كل بلدان العالم أن يتحدوا اليوم في ما بينهم، لا أن تقف طائفة هنا وتطرح نفسها، وتقف طائفة أخرى في مكان آخر وتطرح نفسها أيضاً"7.

وسنتحدث عن بعض مراكز الوحدة التي يمكن للمسلمين استغلالها بشكل كبير ليرتقوا معاً إلى المكان الذي أرادهم الله تعالى أن يكونوا فيه:

1- الحج والوحدة الإسلامية:
"الحج هو تنظيم وتدريب وتأسيس لهذه الحياة التوحيدية، والحج هو ميدان تجلي عظمة طاقات المسلمين واختبار قواهم المادية والمعنوية.

الحج كالقرآن، ينتفع منه الجميع، ولكن العلماء والمتبحّرين والعارفين بآلام الأمة الإسلامية، إذا فتحوا قلوبهم لبحر معارفه، ولم يرهبوا الغوص والتعمق في أحكامه وسياساته الاجتماعية، فسيصطادون من أصداف هذا البحر جواهر الهداية والوعي والحكمة والرشاد والتحرر، ولارتووا من زلال الحكمة والمعرفة إلى الأبد"8.

الحج فريضة إلهية لها أبعاد توحيدية كبيرة، وهو مؤتمر كبير يجمع المسلمين من كل الأقطار، وكما يقول الإمام الخميني قدس سره، إنه لا تقدر أي دولة في العالم أن تنظم هكذا مؤتمر حاشد يوحد بين أصحاب المذاهب المختلفة في مناسك متحدة نحو قبلة واحدة وبيت واحد، في طاعة إله واحد مستنّين بسنة الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، يقول قدس سره: "الآن وبينما يتوجه مسلمو الدول المختلفة في العالم إلى كعبة الآمال وحج بيت الله الحرام وإقامة هذه الفريضة الإلهية العظيمة والمؤتمر الإسلامي الكبير، في أيام مباركة ومكان مبارك، فإنه يجب على المسلمين المبعوثين من قبل الخالق تعالى أن يستفيدوا من المحتوى السياسي والاجتماعي للحج إضافة إلى محتواه العبادي، ولا يكتفوا بالظاهر. فالكل يعلم أن أي مسؤول وأية دولة لا يمكنها إقامة مثل هذا المؤتمر العظيم، وهذه هي أوامر الباري جل وعلا التي أدت إلى انعقاد هذا المؤتمر. ومع الأسف فإنّ المسلمين على طول التاريخ لم يتمكنوا من الاستفادة بشكل جيد من هذه القوة السماوية والمؤتمر العظيم لصالح الإسلام والمسلمين"9.

ولأجل ما في الحج من القدرة على التوحيد بين المسلمين فمن هنا علينا أن نسعى بكل طاقاتنا لاستثمار هذه الفرصة التي تمر علينا في كل عام مرة، لتوحيد المسلمين وتحديد الخطر الذي يواجههم جميعاً للتعاضد والتكاتف في مواجهته، يقوله: "ومن جملة الوظائف في هذا الاجتماع العظيم دعوة الناس والشعوب الإسلامية إلى وحدة الكلمة وإزالة الاختلافات بين طبقات المسلمين، ويجب على الخطباء والكتّاب المساهمة في هذا الأمر المهم وبذل الجهد من أجل إيجاد جبهة المستضعفين، فيمكن - من خلال وحدة الجبهة، واتحاد الكلمة، وشعار لا إله إلا الله - التخلص من أسر القوى الشيطانية للأجانب والمستعمرين والمستغلين، والتغلب على المشاكل من خلال الأخوة الإسلامية"10.

2- الوحدة الإسلامية والجهاد:
لا شك أن وحدة العدو الذي يواجهه المسلمون من أهم المسائل التي تلزمنا بالاتحاد ونفي الاختلاف، فقد توحد الأعداء ليطالوا هذه الأمة المتشرذمة بشكل أفضل كما نراه اليوم في الحروب التي يقوم بها الإستكبار العالمي على البلدان الإسلامية محاولاً الاستفراد بكل بلد منه على حدة ثم ينتقل منه إلى آخر، فإذا اتحدت الأمة وكانت صفاً واحداً شكلت بذلك سداً منيعاً يخلق الرعب في نفوس الأعداء يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفًّا كَأَنَّهُم بُنيَانٌ مَّرْصُوصٌ11. وقد أكد الإمام الخميني قدس سره على هذه المسألة في الكثير من الخطابات التي توجه بها للعالم الإسلامي، يقول قدس سره: "في مرحلة هجوم القوى الكبرى على البلدان الإسلامية مثل أفغانستان وقتل المسلمين الأفغانيين دون رحمة وبوحشية لمعارضتهم تدخل الأجنبي في مقدراتهم، أو أمريكا الضالعة في كل فساد، ومع الهجوم الشامل الذي تشنه إسرائيل المجرمة على المسلمين في فلسطين ولبنان العزيز، ومع تنفيذ المشروع الإسرائيلي الإجرامي الرامي إلى نقل عاصمتها إلى بيت المقدس وتوسيع جرائمها ومذابحها الوحشية بين المسلمين المشردين من أوطانهم، وفي هذا الوقت الذي يحتاج فيه المسلمون أكثر من أي وقت آخر إلى وحدة الكلمة، يعمد عملاء قوى الاستكبار في مركز القوة في بلاد المسلمين، إلى التفرقة بين المسلمين، ولا يألون جهداً في ارتكاب كل جريمة على هذا الطريق، يأمر بها سيّدهم.

إن هجوم أمريكا المتوالي على ايران وإرسال الجواسيس لإسقاط ثورتنا الإسلامية، ولإيجاد الاختلاف، وبث دعايات السوء والأكاذيب والافتراء على القائمين بأمر الحكومة الإسلامية، كلها من نسيج واحد.

على المسلمين أن يتنبّهوا إلى خيانة هؤلاء العملاء لأمريكا بالإسلام والمسلمين"12.

مخاطر على طريق الوحدة

1- القومية بالمعنى السلبي:
من الطبيعي أن يعمل العدو الذي يتربص بالأمة ليل نهار لبثّ الفرقة فيها، ومن أهم المسائل التي حذرنا الإمام الخميني قدس سره منها هي مسألة القومية بالمعنى السلبي، أي القومية في مواجهة الآخر من نفس الأمة، كمسألة العرب والعجم من المسلمين أنفسهم، وقد أستطاع العدو أن يجيّش في هذا الإطار بعض الأدوات التي تفعل هذا الأمر وقد نجح في أكثر من مرة في هذا السعي، يقول لنا الإمام الخميني قدس سره: "من المسائل التي طرحها المخططون لإيجاد الاختلاف بين المسلمين وهمّ عملاء المستعمرين بنشرها، هي القومية والوطنية، وحكومة العراق تضرم نيرانها منذ سنوات، وانتهجت فئات (أخرى) أيضاً هذا الطريق، جاعلين المسلمين مقابل بعضهم الآخر، وحتى جروهم إلى العداء، غافلين أن حبّ الوطن، وحبّ أهل الوطن وصيانة حدود البلاد مسألة لا نقاش فيها، ورفع شعار القومية أمام الشعوب المسلمة الأخرى مسألة تخالف الإسلام والقرآن الكريم وتعاليم النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، والقومية التي تؤدي إلى العداء بين المسلمين والانشقاق بين صفوف المؤمنين مخالفة للإسلام ولمصلحة المسلمين، وهي من حيل الأجانب الذين يؤلمهم الإسلام وتوسّعه"13.

2- أهل الفتنة والتكفيريون:
وهذا ما برز جلياً في أيامنا الحاضرة حيث برزت بعض الجماعات لبث التكفير بين الفرق الإسلامية، وهذا ما كان يحذر منه الإمام الخميني قدس سره دائماً: "أخطر من القومية وأمضّ منها، إيجاد الاختلاف بين أهل السنة والجماعة وبين الشيعة، وبث الدعايات المثيرة للفتنة والعداء بين الأخوة المسلمين. وبحمد الله لا يوجد اختلاف بين الطائفتين في الدولة الإسلامية، ويعيش الجميع متعايشين بودّ وأخوة. وأهل السنة، الذين يعيشون بكثرة في أطراف إيران وأكنافها ولهم علماؤهم ومشايخهم الكثيرون، أخوة لنا ونحن أخوة لهم ومتساوون معهم، وهم يعارضون النغمات المنافقة التي يعزف عليها بعض المجرمين والمرتبطين بالصهيونية وأمريكا. ليعلم الأخوة أهل السنة في البلدان الإسلامية، أن العملاء المرتبطين بالقوى الشيطانية الكبرى لا يريدون خير الإسلام والمسلمين، وعلى المسلمين أن يتبرأوا منهم، وأن يعرضوا عن دعاياتهم المنافقة"14.

نداء الوحدة
حرص الإمام الخميني قدس سره في كل عام على نداء يوجهه إلى حجاج بيت الله الحرام وسماه بنداء الوحدة، يحث فيه المسلمين على نفي الخلافات في ما بينهم، في نداءاته هذه الخلاص للأمة فيما لو عملت بها، ولقد خلدت هذه الكلمات في قلوب المحبين للإسلام، وفي قلب كل حريص على إعلاء رايته، ومن هذه الكلمات يقول قدس سره: "يا مسلمي العالم المؤمنين بحقيقة الإسلام!

انهضوا، وتجمعوا تحت لواء التوحيد وفي ظل تعاليم الإسلام، واقطعوا الأيدي الخائنة للقوى الكبرى عن بلدانكم وخزائنكم الطائلة، وأعيدوا مجد الإسلام، وكفوا عن الاختلافات والأهواء النفسية، فأنتم تملكون كل شيء، اعتمدوا على ثقافة الإسلام، وحاربوا الغرب والتغرّب، وقفوا على أقدامكم، وهاجموا أنصاف المثقفين الذائبين في الغرب أو الشرق، واستعيدوا هويتكم، فأنصاف المثقفين المأجورين أنزلوا المآسي بشعوبهم وبلدانهم، فإن لم تتحدوا ولم تتمسكوا دقيقاً بالإسلام الصحيح فسينزل بكم ما نزل بكم حتى الآن. إن هذا عصر ينبغي أن تضيء الشعوب فيه الطريق لأنصاف مثقفيها، وتنقذهم من الذوبان والضعف أمام الشرق والغرب؛ فاليوم يوم حركة الشعوب، وهي الهادية مَنْ كان يهديها من قبل.

اعلموا أن قدرتكم المعنوية تفوق كل القدرات، وبعددكم البالغ مليار انسان، وبما تملكونه من خزائن طائلة، قادرون على تحطيم جميع القدرات. انصروا الله كي ينصركم"15.

* خط الإمام الخميني (قدس سره)، جمعية المعارف الإسلامية الثقافية.

1- من خطاب له قدس سره حول اتحاد الأمة الإسلامية ودعم فلسطين.
2- من خطاب له قدس سره حول اتحاد الأمة الإسلامية ودعم فلسطين.
3- سورة الحجرات، الآية 10.
4- من خطاب له قدس سره حول اتحاد الأمة الإسلامية ودعم فلسطين.
5- سورة الحجرات، الآية 10.
6- من خطاب له قدس سره حول اتحاد الأمة الإسلامية ودعم فلسطين.
7- من خطاب له قدس سره حول اتحاد الأمة الإسلامية ودعم فلسطين.
8- من كلمة للإمام الخميني قدس سره بعنوان: الحج وأبعاده.
9- من كلمة للإمام الخميني قدس سره بعنوان: الحج وأبعاده.
10- م.ن.
11- سورة الصف، الآية 4.
12- نداء الإمام الخميني إلى حجاج بيت الله الحرام 2 ذي الحجة 1400هـ.ق.
13- نداء الإمام الخميني إلى حجاج بيت الله الحرام 2 ذي الحجة 1400هـ.ق.
14- م.ن.
15- نداء الإمام الخميني إلى حجاج بيت الله الحرام 2 ذي الحجة 1400هـ.ق.

الخميس, 13 تموز/يوليو 2017 08:34

من هم الصحابة عند الشيعة؟

الصحبة تشمل كل من صحب النبي او رآه او سمع منه ، فهي تشمل المؤمن والمنافق والعادل والفاسق والبر والفاجر ... فالصحبة ليست بمجردها عاصمة تلبس صاحبها ايراد العدالة ، وانما تختلف منازلهم وتتفاوت درجاتهم بالاعمال . ولنا في كتاب الله واحاديث رسول الله كفاية عن التحمل في الاستدلال على ما نقول ، والآثار شاهدة على ما نذهب اليه من شمول الصحبة وان فيهم العدول من الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه ، ورسخت اقدامهم في العقيدة ، وجرى الايمان في عروقهم ، واخلصوا لله فكانوا بأعلى درجة من الكمال . وقد وصفهم الله عز وجل بقوله تعالى ( اشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً من الله ورضواناً سيماهم في وجوههم من اثر السجود ، ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الانجيل كزرع اخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة واجراً عظيماً) .

وهم المؤمنون ( الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وانفسهم في سبيل الله اولئك هم الصادقون ) ( سورة الحجرات ) . وقد أمر الله باتباعهم والاقتداء بهم بقوله ( يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين ) ( سورة التوبة ) . هؤلاء هم اصحاب محمد العدول عند الشيعة .

الشيعة تناقش اعمال ذوي الشذوذ من الصحابة بحرية فكر وتزن كل واحد منهم بميزان عمله فلا يوادون من حاد الله ورسوله ويتبرأون ممن اتخذوا ايمانهم جنة فصدوا عن سبيل الله . وهم بهذا الاسلوب لا يخالفون كتاب الله وسنة رسوله وعمل السلف الصالح في تمييز الصحابة .

نقطة الخلاف الجوهرية

أهل السنة يقولون بعدالة كل الصحابة بالمعنيين اللغوي والاصطلاحي . واهل الشيعة يقولون بعدالة المتصف بالعدالة من الصحابة فقط .

دعاء الشيعة لاصحاب محمد(ص)

ان الدعاء الذي تردده الشيعة لاصحاب محمد لدليل قاطع على حسن ولاء الشيعة للصحابة واخلاص المودة لهم . فهم يدعون الله لاتباع الرسل عامة ولاصحاب محمد خاصة بما ورثوه من ائمتهم الطاهرين .

أشهر أدعية الشيعة

ومن اشهر ادعية الشيعة للصحابة دعاء زين العابدين عليه السلام في صحيفته المعروفة بالسجادية ، وهو :

اللهم واتباع الرسل ومصدقوهم من اهل الارض بالغيب عند معارضة المعاندين لهم بالتكذيب ، والاستباق الى المرسلين بحقائق الايمان ، في كل دهر وزمان ارسلت فيه رسولاً ، واقمت لاهله دليلا من لدن آدم الى محمد من ائمة الهدى وقادة اهل التقى على جميعهم السلام ،

فاذكرهم منك بمغفرة ورضوان . اللهم واصحاب محمد خاصة الذين احسنوا الصحبة ، والذين ابلوا البلاء الحسن في نصره وكاتفوه واسرعوا الى وفادته وسابقوا الى دعوته واستجابوا له حيث اسمعهم حجة رسالاته ، وفارقوا الارواح والاولاد في اظهار كلمته ، وقاتلوا الآباء والابناء في تثبيت نبوته وانتصروا به ، ومن كانوا منظومين على محبته يرجون تجارة لن تبور في مودته والذين هجرتهم العشائر اذ تعلقوا بعروته ، وانتفت منهم القرابات اذ سكنوا في ظل قرابته ، فلا تنس لهم اللهم ما تركوا لك وفيك وارضهم من رضوانك وبما حاشوا الخلق عليك ، وكانوا مع رسولك دعاة لك اليك واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم وخروجهم من سعة المعاش الى ضيقه ومن كثرت في اعزاز دينك من مظلومهم . اللهم واوصل الى التابعين لهم باحسان الذين ( يقولون ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالايمان ) خير جزائك الذين قصدهم سمتهم وتحروا وجهتهم ومضوا على شاكلتهم لم يثنهم ريب في نصرتهم ولم يختلجهم شك في قفو آثارهم ولائتمام بهداية منارهم ، مكاتفين ومؤازرين لهم يدينون بدينهم ويهتدون بهداهم ينفقون عليهم ولا يتهمونهم فيما ادوا اليهم ، اللهم صل على التابعين من يومنا هذا الى يوم الدين وعلى ازواجهم وعلى ذرياتهم وعلى من أطاعك منهم صلاة تعصمهم بها من معصيتك وتفسح لهم في رياض جنتك ، وتمنعهم بها من كيد الشيطان ، وتعينهم بها على ما استعانوك عليه من بر وتقيهم طوارق الليل والنهار الا طارقاً يطرق بخير ، وتبعثهم بها على اعتقاد حسن الرجاء بك ، والطمع في ما عندك وترك التهمة في ما تحويه ايدي العباد لتردهم الى الرغبة اليك والرهبة منك وتزهدهم في سعة العاجل وتحبب اليهم العمل الآجل والاستعداد لما بعد الموت وتهون عليهم كل كرب يحل بهم يوم خروج الانفس من ابدانهم ، وتعافيهم مما تقع به الفتنة من محذوراتها وكبة النار وطول الخلود فيها وتصير لهم الى امن من مقيل المتقين.

اكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله في كلمته عبر شاشة المنار التي خصصها للحديث عن الانتصار الكبير في الموصل وعدد من الموضوعات الداخلية، ان الانتصار العراقي الذي أعلن عنه رئيس الوزراء حيدر العبادي انتصار عظيم ولا يمكن التقليل من شأنه وهو نتيجة انتصارات متراكمة. واشار ان الموصل أكبر مدينة كان يسيطر عليها داعش وعاصمة دولة الخلافة المزعومة ومنها أعلن مشروع قيام المشروع التكفيري، مؤكدا ان الإنتصار في الموصل انتصار عظيم وكبير جداً  وتحرير الموصل خطوة عظيمة ومتقدمة على طريق القضاء على داعش، وما جرى في العراق والموصل لا يرتبط فقط بمصير العراق وشعبه وإنما يرتبط بمصير الأمة وشعوب المنطقة.

 وعاد السيد نصر الله بالحديث الى ما جرى عند احتلال داعش اجزاء كبيرة من العراق فأشار الى ان المحنة كانت كبيرة جدا على العراقيين وحصلت حينها حالة ذهول واحباط وحجم ما حصل كان ضخما جدا. واضاف: جاءت فتوى المرجعية الدينية ، المرجع الديني آية الله العظمى السيد علي السيستاني بوجوب الدفاع وموجهة داعش بكل قوة وكانت فتوى المرجعية هي المفصل الحاسم والبداية الحاسمة لهذه النهايات الجميلة والانتصارات الكبرى، وتمكنت هذه الفتوى من استنهاض الشعب واخراجه من حالة الذهول واليأس، وهذا مما ادى لتاسيس حشد شعبي مبارك شكل قوة للعراق الى جانب القوات العراقية، كما  جاء الموقف الحاسم للجمهورية الاسلامية وعلى رأسها الامام القائد الخامنئي ومسارعة قيادات كبيرة بالحرس الثوري للحضور الى بغداد والاستعداد لتقديم اي دعم ومساندة من الجمهورية الاسلامية، ويبقى الاهم التفاعل الشعبي من كل المناطق والانتماءات.

ولفت الى ان عدم الاصغاء الى الخارج هو نقطة مهمة جدا لان دوره كان تثبيط العزائم والقول للعراقيين انكم لن تستطيعوا الانتصار على داعش واثارة الخلافات بين العراقيين.

وتوجه السيد نصر الله بالتهنئة والتبريك الى اية الله العظمى السيد السيستاني وجميع المراجع الذين ايدوا هذا الموقف والفتوى والى المسؤولين العراقيين وبالاخص الى رئيس الحكومة الدكتور حيدر العبادي وجميع القيادات الدينية والسياسية والامنية وقيادات الحشد الشعبي وكل المجاهدين وعموم الشعب العراقي الصابر الذي انتصر دمه على السيف وعوائل الشهداء والجرحى والمضحين، بهذا النصر التاريخي المؤزر ، والى كل من ساند العراق في معركته وفي مقدمتهم الجمهورية الاسلامية وسماحة الامام القائد السيد الخامنئي.

واكد ان امن المناطق العراقية يكون بالاجتثات النهائي لهذا التنظيم وهذا الوجود الارهابي القاتل والمجرم وهذا ما يجب ان يبقى اولوية. واشار الى ان العراق وسوريا ولبنان وشعوب المنطقة والدول الخائفة من داعش أمام فرصة تاريخية.

الملفات الداخلية

في الموضوع الداخلي اكد السيد نصرالله أننا مع استمرار الحكومة والحفاظ عليها وتفعيلها واعطاء الاولوية للملفات الامنية والخدماتية والمعيشية ، واكد اننا نؤيد كل ما صدر على اللقاء التشاوري والوثيقة التي صدرت عن بعبدا وخارطة الطريق والعناوين الرئيسية ومع متابعتها الجادة .

ودعا السيد نصر الله الى تفعيل عمل الحكومة والنشاط النيابي وحضور النواب جلسات لجنة الموازنة واقرار سلسلة الرتب والميزاينة العامة للبلد وتمويل السلسلة ولكن ليس من جيوب الفقراء مشيرا الى اننا اليوم أمام فرصة للانتخابات المقبلة وخلافا لما يشيعه البعض في المجالس أو السجال السياسي.

وشدد على انه لا ينبغي لاي خلاف على أي ملف أن يؤدي الى سقوط الحكومة أو تهديد احد بالانسحاب منها .

النازحون

وفي موضوع النازحين اكد السيد نصر الله ان  كل اللبنانيين يَئِنّون من تبعات ملف النازحين السوريين الذي بات يحتاج إلى حل. واشار الى ان الحكومة السورية ليست بحاجة إلى شرعية من أطراف لبنانيين إذا جرت مفاوضات بشأن النازحين. ولفت سماحته ان النازحين السوريين ينتشرون على كل الاراضي والعبء يتحمله النازحون أنفسهم الذين يعيشون في الخيم ومختلف المناطق اللبنانية.

ودعا السيد نصر الله الحكومة اللبنانية أن تتصل بالحكومة السورية وأن تتفاوض معها ليتم تسهيل عودة النازحين الى بيوتهم وقراهم ، مشيرا الى اننا  نعتبر لاسباب انسانية واجتماعية واخلاقية وامنية واقتصادية بكل المعايير أن عودة النازحين الى سوريا مصلحة للنازحين وللشعب اللبناني.

وأمل السيد نصرالله أن لا يكون تيار المستقبل يفكر بأن نسمح بإستمرار مأساة النازحين السوريين ومعهم اللبنانيين للحصول على المساعدات الخارجية . ونوه السيد نصر الله وعبّر عن تقدير كبير جدا للجهود الجبارة التي يقوم بها الجيش والاجهزة الامنية اللبنانية الرسمية على اختلافها، لافتا ان هناك جهودا جبارة بذلت في كشف الشبكات الارهابية ومموليها وداعميها ومسؤوليها وآخرها ما كشفته مديرية المخابرات في عرسال.

جرود عرسال

في موضوع الجماعات الارهابية في جرود عرسال اشار  السيد نصرالله ان الجرود مشكلة حقيقية وجزء من الانتحاريين يأتون من الجرود والعبوات والتهديد لايزال قائما في الجرود وهذا الامر يحتاج الى حل . واضاف: آن الاوان للانتهاء من هذا التهديد، وهذه الفرصة الاخيرة للمسلحين الموجودين في الجرود وما زال بعض الوقت القليل جدا للوصول الى تسويات ومعالجات معينة .

وقال السيد نصرالله ان المسألة وصلت الى النقطة الاخيرة وهذه هي المرة الاخيرة التي سأتحدث فيها عن جرود عرسال. ولفت ان المتواجدين هناك هم تهديد على مدار الساعة ،  و كل شبكات داعش كانت تدار من الرقة والجهات الموجودة في جرود عراسل جهات تنفيذية تتلقى التعليمات من الرقة أو الموصل.

وأمل السيد نصرالله أن يتم استغلال الفرصة المتاحة والا فنحن أمام الكلام الاخير والوضع الاخير الذي يجب أن نصل إليه ولا يبقى حيئنذ أي وجود مسلح على الاراضي اللبنانية.