Super User

Super User

هاجس إسرائيل حيال إمكان توصل واشنطن وطهران إلى اتفاق حول البرنامج النووي الإيراني، بات شبه محقق. هذا ما أكدته مصادر سياسية إسرائيلية، رفيعة المستوى، في حديث مع قنوات التلفزة العبرية، مشيرةً إلى أن ثمانين في المئة من الخلافات بين الجانبين، حلّت بالفعل.
وأشارت المصادر الإسرائيلية إلى أن تل أبيب قلقة من رغبة ادارة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بالتوصل إلى اتفاق يسمح لإيران بالحفاظ على عدد كبير جداً من أجهزة الطرد المركزي، الأمر الذي يتيح لإيران الوصول إلى «العتبة النووية»، اي تصنيع قنبلة نووية أولى خلال أشهر معدودة إن قررت القيادة الإيرانية ذلك. وبحسب المصادر نفسها، كما نقلت القناة العاشرة العبرية، «سيناريو كهذا لا يقبله الإسرائيليون».

مسؤولون رفيعو المستوى في الاتحاد الأوروبي، أكدوا في لقاءات جمعتهم بنظراء لهم في إسرائيل، أن الولايات المتحدة وإيران تقتربان من بلورة اتفاق يمثل تهديداً لإسرائيل، ونقلت إذاعة الجيش الإسرائيلي عن الدبلوماسيين الأوروبيين قولهم إن تسوية تجري بين الجانبين، تتنازل بموجبها واشنطن عن مطالبها في الملف النووي، مقابل ضمانات إيرانية بممارسة نفوذهم في العراق وأفغانستان وسوريا، للحفاظ على الاستقرار الإقليمي.
واقتبس الدبلوماسيون الإسرائيليون عن نظرائهم الأوروبيين، قولهم إن واشنطن قبلت في الأسابيع الأخيرة تشغيل 6500 جهاز طرد مركزي من مفاعلات إيران النووية، مع رفع العقوبات التي أضرّت بالاقتصاد الإيراني. وبحسب إذاعة الجيش فإن الاتحاد الأوروبي يُعارض الربط المقترح بين القضية النووية الإيرانية والمسائل الجيوسياسية في منطقة الشرق الاوسط، إذ «يشتبه الأوروبيون بأن واشنطن تتواصل وتتفق مع طهران من دون اعلام بروكسل بما يجري، بل إن (وزير الخارجية الأميركي جون) كيري لا يكلف نفسه عناء اعلامهم عن أجواء لقاءاته بـ(وزير الخارجية الإيراني محمد جواد) ظريف».
وشنت، أمس، صحيفة «إسرائيل اليوم» ــ شبه الناطقة بلسان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو ــ حملة انتقادات عنيفة ضد سياسة الإدارة الأميركية إزاء إيران، مشيرةً إلى أن السياسة التي يتبعها الرئيس الأميركي مع طهران، تتيح لإيران إزالة عثرة ضخمة من أمامها (الولايات المتحدة) لتحقيق أهدافها، وهي السيطرة على الخليج وعلى العالم الإسلامي، وبقدر ما أمكن، السيطرة على العالم.
وقالت الصحيفة إن الرغبات الإيرانية مكشوفة جداً، إذ إنه كل عام يعمد الإيرانيون إلى الاحتفال في الرابع من تشرين الثاني بـ «يوم الموت لأميركا»، كما أن طهران تدعم "الإرهاب الإسلامي الدولي المعادي لأميركا"، وأيضاً تقود "إرهاباً" في العراق وأفغانستان ودول الخليج الموالية لأميركا، وكذلك في الاردن، وها هي الآن تتوغل في اليمن، حيث تتبلور ثورة باتجاه السعودية وعمان. وتضيف الصحيفة أن إيران تعمل على السيطرة على مضيق هرمز وباب المندب، الأساسيين في الاقتصاد العالمي.
وذكرّت «إسرائيل اليوم»، الأميركيين، بأن إيران تدعم نظام (الرئيس السوري بشار) الأسد، وأيضاً حزب الله في لبنان، وتطور مع كوريا الشمالية صواريخ عابرة للقارات، وتوسع تعاونها مع أنظمة راديكالية في أميركا الجنوبية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هذه الوقائع لا تثني الرئيس الأميركي، باراك أوباما، عن السعي إلى اتفاق بالتراضي مع طهران بدلاً من فرضه عليها، مضيفةً أن إصرار أوباما على الخيار المهدىء للإيرانيين، من شأنه أن يضحي بهدف منعهم من امتلاك سلاح نووي، مقابل اتفاق دبلوماسي قاتل.
وتخلص الصحيفة إلى الطلب من أوباما أن يستخلص العبر من الماضي والحؤول دون أخطاء مصيرية، وأن يسأل نفسه إن كان بالإمكان تغيير سياسة إيران، أم يجب عليه أن يسعى إلى تغيير النظام.

وافق مجلس الشورى الإيراني على مشروع قانون يقضي، في حال التصديق النهائي عليه، بإلزام الحكومة «صيانة المنجزات النووية» ورفع جميع إجراءات الحظر المفروضة على الجمهورية الإسلامية بصفة ذلك شرطاً لإبرام اتفاق نووي شامل.
وأفادت وكالة «مهر» بأن المجلس وافق، أمس، على هذا المشروع «بغالبية 173 صوتاً من مجموع 205 نواب شاركوا في الجلسة». وعلى هذا الأساس، ينص مشروع القانون على أنه إذا شددت السلطات الأميركية إجراءات الحظر على طهران، فإن الحكومة الإيرانية ستكون «مكلّفة إلغاء برنامج العمل المشترك، المبرم في 24 تشرين الثاني 2013، واتخاذ الإجراءات التالية في إطار معاهدة حظر الانتشار النووي».

ومن «الإجراءات التالية» التي ذكرها المجلس: تنشيط مراكز التخصيب من دون أي قيود، وإنتاج الوقود النووي الذي تحتاجه البلاد، والإسراع في تدشين مفاعل «آراك» للمياه الثقيلة (يوفر احتياجات البلاد في مختلف المجالات الطبية والزراعية والصناعية)، إلى جانب التخصيب بدرجة 20 في المئة في منشأة «فردو»، وتطوير الأبحاث النووية، وتصنيع الأجهزة المطلوبة لدورة الوقود النووي. وتشمل الإجراءات حظر أي عمليات تفتيش وتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية خارج إطار معاهدة حظر الانتشار النووي، ومنع خروج أي مواد مخصبة خارج البلاد، فضلاً عن تأكيد مشروع القانون «إلغاء جميع إجراءات الحظر دفعة واحدة» مع بداية تنفيذ الاتفاق النووي الشامل.
ورغم أن مشروع القانون، الذي أتى رداً على التهديدات الأميركي (على مستوى الكونغرس) بفرض عقوبات جديدة على إيران، فإن التصريحات الرسمية الإيرانية توحي بالتفاؤل إزاء هذا الملف. إذ أعرب الرئيس، حسن روحاني، عن سعادته بسير المفاوضات «بصورة جيدة»، كما أفادت وكالة «فارس». وأشار، خلال اجتماع لرؤساء السلطات الثلاث، إلى أن «الفريق النووي (الإيراني) المفاوض يعمل وفق قوانين النظام ويحظى أعضاؤه بدعم جميع المسؤولين فضلاً عن قائد الثورة». وأضاف روحاني: «لقد توصلنا اليوم إلى نقاط جيدة لكن بعض العقبات قائمة... الغرب شعر بضرورة الاعتراف والإقرار بحقوق الشعب الإيراني».
في السياق نفسه، أكد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، إمكانية التوصل إلى اتفاق في القضية النووية «لو أدرج موضوعان لنص الاتفاق النهائي، هما سلمية برنامج إيران النووي وإلغاء الحظر كلياً. وقال ظريف، في مؤتمر مع وزير الخارجية الأوغندي بالوكالة (هنري أوكيلو أوريم) أمس، إننا «توصلنا العام الماضي إلى اتفاق تاريخي مكّننا من مواصلة المفاوضات للوصول إلى الاتفاق». وأضاف أنه خلال المفاوضات تجري متابعة هدفين: الأول «إثبات سلمية البرنامج النووي الإيراني»، والثاني هو «الإلغاء الكامل لإجراءات الحظر... لو حققنا هذين الهدفين، فبالإمكان الوصول إلى الاتفاق الشامل».
كذلك أكد وزير الخارجية الإيرانية أن الحصول على الطاقة النووية في ظل معاهدة حظر الانتشار النووي «حقّ مشروع لإيران»، مؤكداً أن طهران تمتلك هذه التقنية ولا يمكن أن تسلب هذه التكنولوجيا منها، لأنها «تحققت على يد العلماء وبفضل الخبرة المحلية».
بشأن الوصول إلى اتفاق، توقع وزير الخارجية العماني، يوسف بن علوي، التوافق بين إيران ومجموعة دول «5+1» في آذار المقبل أو حزيران. وقال في مقابلة مع شبكة «سي ان ان» الأميركية، إن «الاتفاق قادم، لأن ذلك يعود بالمنفعة على الجميع»، مشيراً إلى أن ذلك سيمنع وقوع أزمات في المستقبل، لأنه «الجدار القوي بين الاستقرار والأزمة». وأشار بن علوي إلى أن أيّاً من الأطراف لا يفكرون في بدائل، رافضاً في الوقت نفسه إجراء محادثات أميركية ـ إيرانية منفردة بعيداً عن المجموعة الدولية. وعزا هذا الرفض إلى أن «الأزمة ليست مسألة أطراف، بل هي مخاوف دولية، والولايات المتحدة الأكثر قلقاً في الملف الدولي، ولكن الاتفاق بحاجة إلى دعم من الأمم المتحدة ودول كبرى».
على خط آخر، ردّ مساعد وزير الخارجية الإيراني في الشؤون القانونية والدولية، عباس عراقجي، على تعليقات المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، بشأن برنامج إيران الصاروخي، مؤكداً أن هذا البرنامج «من الشؤون الدفاعية... إيران لا تتفاوض بشأن القضايا الدفاعية، ولن تقبل أي تدخل في هذه الشؤون».
وكانت المتحدثة جين بساكي قد عبّرت عن مخاوفها بشأن برنامج إيران الصاروخي، قائلة إنه «يستمر في تشكيل تهديد خطير على المنطقة، ويمثل مشكلة نراقبها عن كثب».
عراقجي رد بالتشديد على أن إيران «لن تفسح المجال لإجراء النقاش حول قدراتها الدفاعية والصاروخية» خلال المفاوضات النووية الجارية مع الدول الست. أما عن إطلاق القمر الصناعي الإيراني «فجر» إلى الفضاء الخارجي، فقال إن إطلاق القمر الصناعي الوطني ووضعه في المدار الخارجي للأرض هو «حصيلة مساعي العلماء الإيرانيين، وضمن الاستراتيجية البعيدة الأمد للحضور في الفضاء وتعزيز البنى التحتية في مجال الاتصالات والمعلومات».

سلسلة تفجيرات وهجمات شهدتها مصر في الساعات الماضية بدءاًً من القاهرة إلى الاسكندرية والشرقية ورفح المصرية. وقد أفاد مراسلون في مصر باستشهاد شخص وجرح آخرَين في انفجار وقع غرب الاسكندرية.

كذلك انفجرت عبوة ناسفة في شارع قصر النيل وسط القاهرة من دون وقوع خسائر بشرية. العبوة التي وضعت داخل كشك للكهرباء، أدت إلى تحطم نوافذ بعض المحال التجارية. وانتشرت القوى الأمنية في المكان وفتحت تحقيقاً لمعرفة الضالعين في العملية. 

إلى ذلك أغلقت قوات أمن شمال سيناء المناطق الممتدة من العريش حتى الشيخ زويد ورفح وحولتها إلى منطقة عمليات. يأتي ذلك بعد أن انفجرت عبوتان في رفح من دون وقوع إصابات. إلى ذلك أحبطت قوات الأمن محاولة تفجير موقف حافلات عبد المنعم رياض في القاهرة. كما جرى تفكيك عبوتين ناسفتين في مركز الإبراهيمية بالشرقية، وأخرى كانت موضوعة في مستشفى بمحافظة المنوفية، بعد ساعات على تفكيك قنبلتين في مطار القاهرة. 

وكان فجر مجهولون خط الغاز في منطقة جنوب شرق العريش، للمرة الثامنة والعشرين في إطار سلسلة التفجيرات التى طالت خطوط الغاز في محافظة شمال سيناء. ولفت مصدر أمني إلى أن التفجير حصل على مسار الخط في منطقة خالية من العمران.

وأشار إلى أن التحقيقات الأولية تشير إلى قيام مجموعة مسلحين تابعين لجماعة أنصار بيت المقدس بحفر خندق أسفل الأنبوب وزرع كمية من المتفجرات وربطها بشريحة إلكترونية جرى توصيلها عبر هاتف وتفجيرها عن بعد. وفي مطار القاهرة نجحت القوات الأمنية بتفكيك قنبلتين بدائيتي الصنع. 

ذکر السيد نصر الله في احتفال تكريم شهداء القنيطرة اليوم الجمعة ببيروت, "ان ثلة شهداء المقاومة في القنيطرة تؤكد ان مجاهدي المقاومة سيبقون في طليعة المجاهدين والشهداء"، معتبرا ان ان شهداء القنيطرة يعبرون من خلال شهادتهم على دوام حضور القادة في الميدان الى جانب المقاومين.

واضاف: "الكيان الإسرائيلي يستمر في احتلال الجولان و يدعم الإرهابيين ويشن الغارات في سوريا"، مشيرا الى انه سيستمر في القصف والخروقات والاغتيالات في لبنان.

واشار السيد نصر الله الى ان الكيان الإسرائيلي الذي يتنكر لأبسط حقوق الإنسان في فلسطين، يظن أنه قادر على الاعتداء وممارسة العدوان على الجميع وفي أي وقت دون رادع، لافتا الى انه يستغل غياب الدول العربية وما يسمى بجامعة الدول العربية.

وتوجه السيد نصر الله بالشكر للشعب اللبناني وجمهور المقاومة وكل من وقف الى جانب المقاومة وخاصة المجاهدين الذين كانوا على مستوى المسؤولية، كما شكر كل من شارك حزب الله العزاء وقدم التبريك بالشهداء.

واوضح نقف باجلال واكبار امام شهداء الجيش اللبناني في وجه الجماعات الارهابية التكفيرية.

وقال السيد نصر الله في احتفال تكريم شهداء القنيطرة ان "كان هناك قرارا إسرائيليا اتخذ على أعلى المستويات في استهداف مجموعة القنيطرة"، مضيفا "نحن أمام عملية اغتيال علني وغادر في وضح النهار".

واكد ان المقاومة تفخر بشهداء القنيطرة وتعز بهم وتعلن اعدادهم واسمائهم للعالم، وتعتبرهم شهداء طريق القدس في سوريا.

واضاف السيد نصر الله: الكيان الإسرائيلي لايشعر بالحرج والخوف من جبهة النصرة بينما يخاف من مجموعة مقاومين"، مشير الى ان حجة الاغتيال كما سربها الكيان أن المجموعة كانت تريد تنفيذ عملية في الجولان السوري المحتل، ولكنه يعرف أن من يوجد عند الشريط الشائك هم "جبهة النصرة" الفرع السوري للقاعدة مع كافة المعدات. 

واوضح "ان قادة الكيان الإسرائيلي لا يجدون أي حرج في التواصل مع جبهة النصرة ولايشعرون بأي قلق منها" مشيرا الى ان هناك آلاف المقاتلين من جبهة النصرة يقفون بين الكيان الاسرائيلي وموقع اغتيال شهداء القنيطرة.

وشدد على انه اذا كان الآخرون يريدون نسيان الكيان الاسرائيلي وفلسطين بذريعة مشاكلهم، فاننا لن ننسى فلسطين والشعب الفلسطيني والكيان الاسرائيلي.

واوضح ان الجامعة العربية ليست مغيبة وحسب وانما ليست موجودة من الاساس، مشيرا الى انه عندما تكون المعركة مع الكيان الاسرائيلي لا يكون هناك وجود للمال او السلاح او الاعلام العربي او حتى للجامعة العربية والقرار العربي المستقل، ولكن عندما تكون المعركة في سوريا والعراق وسيناء يكون المال والسلاح والإعلام العربي والجامعة العربية كله حاضر.

 

 

أكد قائد الثورة الإسلامية في إيران «الإمام السيد علي الخامنئي» لدى استقباله اليوم الاثنين الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة «احمد جبريل» ان الشباب الفلسطيني سيشهد بالتأكيد يوما ما تحقيق النصر النهائي على الصهاينة.

وقال قائد الثورة: ان قضية فلسطين تأتي في مقدمة قضايا العالم الاسلامي، وان الشباب الفلسطيني سيشهد بالتأكيد تحقق الثمرة الطيبة للقضية الفلسطينية.

واضاف الامام الخامنئي: ان ايران ستبقى صامدة بكل عزم حتى اليوم الذي تعطي القضية الفلسطينية ثمارها، ومن المؤكد سيرى الشباب الفلسطيني ذلك اليوم.

وتابع الامام الخامنئي مخاطبا احمد جبريل: "انتم بالتأكيد تمثلون اليوم احد أسس وأركان القضية الفلسطينية، ونأمل ان تواصلوا المقاومة بنفس هذه التوجهات حتى تحقيق النصر النهائي".

من جانبه، أكد الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة: "ان الثورة الاسلامية حولت ايران الى دولة مؤثرة على الساحة الدولية".

واضاف جبريل مخاطبا قائد الثورة الاسلامية:"ان التطور والتقدم الذي حققته ايران في الوقت الراهن انما تحقق تحت ظل حكمتكم ودرايتكم".

كما اشاد جبريل بالمواقف المبدئية للجمهورية الاسلامية على صعيد استيفاء حقوق الشعب الفلسطيني.

 

 

هناک تصورخاطئ لمفهوم التشيُّع وسببه إمَّا قلَّة معرفة بمبادئهِ وإصولهِ وفروعهِ أوتعصب طائفي، ولا شک أنَّ ماوراء ذلک أهداف ومصالح لأعداء الدين، وخصوم الشيعة ومن تبعهم من المستشرقين، ممَّا دفع أصحاب الملل والنحل والباحثين في الفرق والکُتَّاب القُدامی والجُدد إلى التخبُّط في فهم حقيقة نشأة هذا المذهب، فأخذوا يبحثون عن تاريخ ظهوره في السَّاحة الإسلامية، فنسبوا التشيُّع إلی الصراعات السياسية أونِتاج المُجادلات الكلامية أوالفتُوحات الإسلامية، والبعض منهم رمی التشيُّع بالسبئية وبعضهم نسبه إلی الفارسية، وهذه الإنتسابات في الواقع تكوِّن جزءاً من محاصرة التشيع، ولو أنَّ أولئك الدارسين شرعوا في دراستهم لتاريخ هذه النشأة من خلال العقائد التي ابتنى عليها التشيع وبلاتعصب لأدركوا بوضوح و دون لبُس أن هذا المذهب لا يشكل في جوهر تكوِّنه و قواعد اُصوله إلا الإمتداد الحقيقي للإسلام المحمدي الأصيل بحسب النصوص الواردة من الکتاب والسنة، والتي سنتعرف عليها من خلال دراستنا لنشأة التشيع والآراء المطروحة في هذا الموضوع، وتقديم الرأي الصحيح الذي يستند إلی تلک النصوص الشرعية، وقبل الخوض في البحث لابدَّ من معرفة معنی التشيع لغةً وإصطلاحاً:

التشيُّع لغة
التشيُّع لغة هو: المشايعة و المتابعة والمناصرة والموالاة، فالشيعة بالمعنى اللغوي هم الأتباع والأنصار([1]) وبهذا المعنى اللغوي استعمل القرآن الكريم لفظة الشيعة كما في قوله تعالى : « وَ إِنَّ مِنْ شيعَتِهِ لَإِبْراهيمَ » ([2])  اي: كان النبي ابراهيم  الخليل(ع)علی سنة النبي نوح(ع) قولاً وعملاً وكان بينهما 2640 سنة وكان بينهما هود وصالح، وكقوله تعالى : « وَ دَخَلَ الْمَدينَةَ عَلى‏ حينِ غَفْلَةٍ مِنْ أَهْلِها فَوَجَدَ فيها رَجُلَيْنِ يَقْتَتِلانِ هذا مِنْ شيعَتِهِ وَ هذا مِنْ عَدُوِّهِ فَاسْتَغاثَهُ الَّذي مِنْ شيعَتِهِ عَلَى الَّذي مِنْ عَدُوِّهِ فَوَكَزَهُ مُوسى‏ فَقَضى‏ عَلَيْهِ ...‏ » ([3]).

وكلمة «شيعة» في حد ذاتها و بمعناها اللغوي ليس لها قداسة خاصة، وكما تطلق علی أهل الحق، تطلق علي اتباع الباطل ايضاً، كما في قول الامام الحسين(ع) لجيش يزيد بن معاوية :« ويلکم يا شيعةَ آل ابي سفيان إن لم يكن لكم دين وکنتم لا تخافون المعاد فكونوا احراراً في دنياكم» ([4]) .

التشيع إصطلاحاً
قد أصبح مصطلح التشيُّع يطلق علی المذهب الذي يتبنی ولاية عليٍ وأهل بيته(ع) من بعد النبي(ص)، و غلب سم الشيعة على أتباع عليٍّ(ع) حتى اختص بهم وأصبح إذا اُطلِق ينصرف إليهم، وإليک أقوال أصحاب کتب الفرق في تعريف الشيعة:

قال الشهرستاني في الملل والنحل: «الشيعة هم الذين شايعوا علياً وقالوا بإمامته وخلافته نصَّاً و وصاية إمَّا جلياً و إمَّا خفياً و اعتقدوا أنّ الإِمامة لا تخرج من أولاده و إن خرجت فبظلم يكون من غيره أو بتقية من عنده»([5]).

 ويقول الحسن بن موسى النوبختي: « فالشيعة فرقة عليِّ بن أبي طالب المسمون بشيعة عليٍّ في زمن النبي ـ ثم عدد جماعة منهم وقال: ـ وهم أوَّل مَن سمي باسم التشيع لأنّ اسم التشيع كان قديماً لشيعة إبراهيم »([6]).

وقال الشهيد الثاني في شرح اللُمعة: «والشيعة من شايع علياً أي: إتَّبعه وقدَّمه على غيره في الإِمامة و إن لم يوافق على إمامة باقي الأئمة، فيدخل فيهم الإِمامية والجارودية من الزيدية والإِسماعيلية غير المَلاحدة منهم، والواقفية والفطحية »([7]).

 وقال محمد فريد وجدي : «الشيعة هم الذين شايعوا علياً في إمامته واعتقدوا أنَّ الإِمامة لا تخرج عن أولاده و يقولون بعصمة الأئمة من الصغائر والكبائر والقول بالتولِّي والتبرّي قولاً وفعلاً إلا في حال التقية إذا خافوا بطش ظالم وهم خمس فرق: «كيسانية وزيدية وإمامية وغلاة وإسماعيلية» وبعضهم يميل في الاُصول إلى الإِعتزال وبعضهم إلى السنة وبعضهم إلى التشبيه»([8]) .

 والحق إنّ عدِّ الغلاة من الفرق الشيعية جناية على المسلمين شيعة وسنَّة،  إذ هم فرقة مرفوضة من قبل جميع المسلمين، وإنّ هذا الخطأ صدر من النوبختي والأشعري وجاء الباقون فساروا على سيرتهما، وعلى فرض كونهم فرقة، فلم يكن لهم أتباع ولم يكتب لهم البقاء إلّا قلائل. وإنّ الكيسانية لم تكن فرقة نجمت بتوافق مع أئمة الشيعة، وإنّما خلقتها الإتجاهات الفکرية والسياسية، واستغلّها أعداء الشيعة ليقضوا بها على تماسك الشيعة ووحدتهم.

آراء الباحثين في بدأ التشيُّع
إنّ المؤرخين والباحثين عندما يحددون فترة نشُوء التشيع يتوزعون على مدى الزمان من بداية النبوة إلی وفاة النبي(ص) وبعد وفاته إلی مقتل الحسين(ع). وسنستعرض المعروف من تلک الآراء ونقدِّم الرأي الذي يختاره علماء الشيعة و يقبله ويستدلون عليه بالنصوص الروائية والتاريخية:

الرأی الأول : بدأ التشيع بعد وفاة النبي(ص) من يوم السقيفة:
 يقول أصحاب هذا الرأي : لقد غلب استعمال لفظ الشيعة علی من يوالي علياً ويعتقد بإمامته ووصايته، بعد وفاة النبي(ص) وبعد البيعة لأبي بکر في سقيفة بني ساعدة، و يظهر ذلك من خلال كلمات المؤرخين و أصحاب المقالات و التي نشير إلى بعضها:

روى المسعودي في حوادث وفاة النبي(ص): ان الإمام علياً أقام و من معه من شيعته في منزله بعد أن تمت البيعة لأبي بكر([9]) . وذکراليعقوبي جماعة من المتخلفين عن بيعة أبي بكر ثمَّ قال: « هم النواة الاُولى للتشيع ومن أشهرهم سلمان الفارسي وأبوذر الغفاري والمقداد بن الأسود والعباس بن عبدالمطلب »([10]) .

و قال ابن خلدون في تاريخه: إنّ الشيعة ظهرت لمَّا توفي الرسول صلى الله عليه (وآله) وسلّم وكان أهل البيت يرون أنفسهم أحق بالأمر وأنّ الخلافة لرجالهم دون سواهم من قريش ولمَّا كان جماعة من الصحابة يتشيعون لعليٍّ و يرون استحقاقه على غيره و لمَّا عُدل به إلى سواه تأسَّفوا من ذلك... ([11]) .

و قال الدكتور أحمد أمين في کتابه «فجر الإسلام»: وكانت البذرة الأولى للشيعة الجماعة الذين رأوا بعد وفاة النبي أنّ أهل بيته أولى الناس أن يخلفوه ([12]) . قال المستشرق جُولد تسيهِر: إنّ التشيع نشأ بعد وفاة النبي صلى الله عليه( وآله) وسلّم و بالضبط بعد حادثة السقيفة([13]).

الرأی الثاني: کان بداية التشيع في أيام عثمان:
 أصحاب هذا الرأي يقولون: إنَّ الثورة التي قامت ضد عثمان بن عفَّان وقتلته وأطاحت بخلافته و ولَّت من بعده علي بن أبي طالب(ع) کانت البذرة الاُولی للتشيُّع لعلي وأولاده، ومن الذاهبين لهذا الرأي جماعة من المؤرخين والباحثين منهم: ابن حزم الأندلسي، والمستشرق «فلهوزن» حيث يقول فلهوزون: بمقتل عثمان انقسم الإسلام إلى فئتين: حزب عليّ، وحزب معاوية، والحزب يطلق عليه في العربية اسم «الشيعة» فكانت شيعة عليّ في مقابل شيعة معاوية، لكن لمّا تولّى معاوية الملك في دولة الإسلام كلّها... أصبح استعمال لفظة «شيعة» مقصوراً على أتباع عليّ ([14]). وهناک أشخاص آخرون علی هذا الرأي ذكرهم بالتفصيل يحيى هاشم فرغل في المجلد الأول من كتابه: (عوامل وأهداف نشأة علم الكلام) ، ولکن هذا الرأي خلاف القول المشهور عند المؤرخين والباحثين.

الرأی الثالث: تكوّن التشيُّع في أيام خلافة الإمام عليٍّ (ع) :
 والذاهبين لهذا الرأي يقولون : لمَّا أصبح علي بن أبي طالب(ع) خليفة المسلمين فصار للشيعة کيان مستقل فتبلورت الشيعة وتکوَّنت، خاصَّة بعد المعارک الثلاث ( الجمل، وصفين وحرب النهروان) أي: الناکثين برئاسة طلحة وزبير، و القاسطين وهم معاوية وجماعته، والمارقين وهم الخوارج، واستمرهذا النزاع بين الفرقة الأموية والفرقة العلوية التي اشتهرت في ما بعد بشيعة علي.

 ومن الذاهبين إلى هذا الرأي النوبختي في كتابه فرق الشيعة ([15])، وابن النديم(ت .378هـ)  في الفهرست حيث حدَّد نشأة التشيُّع بفترة واقعة البصرة (معرکة الجمل) وما سبقها من مقدمات كان لها الأثر المباشر في تبلور فرقة الشيعة وتكوينها، فيقول :«إنّ عليّاً قصد طلحة والزبير ليقاتلهما حتّى يفيئا إلى أمر اللَّه، وسمّى من اتّبعه على ذلك الشيعة، وكان يقول: شيعتی » ([16]). وزعم بعض المستشرقين‏ أنّ الشيعة تكوّنت بعد وقعة صفين يوم افترق جيش عليّ في مسألة التحكيم إلى فرقتين، فلمّا دخل عليّ الكوفة وفارقته الحرورية، وثبت إليه الشيعة، فقالوا: في أعناقنا بيعة ثانية، نحن أولياء من واليت وأعداء من عاديت([17]).

وهذا الرأی الثالث کسابقيه لا يستند إلی أدلَّة قويَّة، نعم كان للشيعة بعد تولّي الإمام الخلافة وجود واضح حيث ارتفع الضغط فالتفّ حوله موالوه من الصحابة والتابعين، إلّا أنّ الأمر الثابت هو أنّ ليس جميع من كان في جيشه من شيعته بالمعنى الخاص للتشيّع، بل أغلب من انخرط في ذلك الجيش كانوا تابعين له لأنّه خليفتهم، وقد بايعوه على ذلك.

الرأی الرابع: إنَّ التشيُّع ولد أيام النبي(ص) :
هذا هو رأي علماء الشيعة وغيرهم من المحقيين من المذاهب الاُخرى، وأصحاب هذا الرأي يقولون:أنّ النبي(ص) نفسه هو الذي غرس بذرة التشيع في نفوس المسلمين من بداية الدعوة حتَّی قرب الوفاة عن طريق الأحاديث التي وردت على لسانه(ص) وكشفت عما لعليٍّ (ع) من مكانة في مواقع متعددة وقد روی تلک الأحاديث إضافة إلى الشيعة ثقاة من علماء أهل السنة، وعلی هذا الأساس لا نجد للتشيع تأريخا سوى تأريخ الإسلام، و النصوص الواردة عن رسول الله (ص) تؤکِّد هذا القول ويمکن الإستدلال علی صحة هذا الرأي وقوَّته بالأمور التالية:

الأدلة على بدء التشيُّع أيّام النبي(ص)
هناک أدلَّة من النصوص القرآنية والروائية والتاريخية على وصف جماعة بالتشيع أيام النبي(ص)، ولکن هذه الجماعة کانت قليلة ومعدودة وقد ذکر تلک النصوص علماء الفريقين والمؤرخين من أصحاب الملل والنحل وإليک نماذج منها:

 الدليل الأول- آية خَيْرُ الْبَرِيَّةِ: روای السيوطي عن ابن عساكر عند تفسير الآية السابعة من سورة البينة بسنده عن جابر بن عبدالله قال كنا عند النبي صلى الله عليه (وآله) وسلّم فأقبل عليّ (ع) فقال النبي صلى الله عليه (وآله) وسلّم: والذي نفسي بيده إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة: فنزل قوله تعالى:« إِنَّ الَّذينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ»  ([18]). وأخرج ابن عدي عن ابن عباس قال لمَّا نزل قوله تعالى: «إِنَّ الَّذينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ» ([19])، قال النبي (ص) لعليٍّ (ع) هم أنت وشيعتك. ([20]).ومن هنا ذهب أبوحاتم الرازي إلى أنّ أول إسم لمذهب ظهر في الإِسلام هو الشيعة وكان هذا لقب أربعة من الصحابة أبي ذر وعمَّار ومقداد وسلمان الفارسي وبعد صفين اشتهر موالي عليٍّ بهذا اللقب([21]).

الدليل الثاني- آية الإنذار وحديثُ الدَّار: عندما نزل قوله تعالى:« وَ أَنْذِرْ عَشيرَتَكَ الْأَقْرَبينَ » ([22])، قال المؤرخون: إنّ النبي(ص) دعا علياً(ع) وأمره أن يصنع طعاماً ويدعو آل عبدالمطلب وعددهم يومئذ أربعون رجلاً وبعد أن أكلوا وشربوا من لبن اُعدَّ لهم قام النبي صلى الله عليه وآله وقال: يا بني عبدالمطلب إنّي والله ما أعلم شاباً من العرب جاء قومه بأفضل مما قد جئتكم به إنّي قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة وقد أمرني الله أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني على هذا الأمر على أن يكون أخي و وصيي و خليفتي فيكم فأحجم القوم عنها جميعاً فقام عليّ وقال: ...أنا يا نبي الله أكون وزيرك عليه فأخذ النبي(ص) برقبته ثمَّ قال: إنّ هذا أخي و وصيي وخليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، فقام القوم يضحكون و يقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك و تطيع([23]). و وجه الإستدلال بهذا النص واضح حيث أمر رسول الله(ص) الحاضرين في ذلک المجلس أن يتبعوا علياً و يطيعوه وهذا معنی التشيع لعلي(ع) في بداية الدعوة وعلی لسان صاحب الدَّعوة وهو النَّبي(ص).
الدليل الثالث- آية التبليغ وحديث الغدير: لمَّا قضى النبي(ص) مناسكه، وانصرف راجعاً نحو المدينة و كان معه جموع من الحجَّاج، وصل إلى غدير خُم من الجحفة، وذلك يوم الخميس الثامن عشر من ذي الحجّة، نزل إليه جبرائيل الأمين(ع) عن الله مذكِّراً بقوله: «يا أيّها الرَّسُولُ بَلغ ما اُنزل إليك من ربّك ...» ([24])، وأمره أن يقيم عليّاً إماماً للناس، ويبلغهم ما نزل فيه من الولاية و فرض الطاعة على كلّ أحد، فلما انصرف النبي(ص) من صلاة الظهر، قام خطيباً وسط القوم على أقتاب الإبل، وأسمع الجميع، ... ثم أخذ بيد عليّ(ع) فرفعها حتى رُؤي بياض آباطهما وعرفه القوم أجمعون، فقال: «أيّها الناس من أولى الناس بالمؤمنين من أنفسهم؟» قالوا: الله ورسوله. قال(ص): «إنّ الله مولاي، و أنا مولى المؤمنين، وأنا أولى بهم من أنفسهم فمن كنت مولاه فعليّ مولاه»، يقولها ثلاث مرات، ثم قال: «اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وأحبّ من أحبّه، وأبغض من أبغضه وانصر من نصره، واخذل من خذله، وأدر الحق معه حيث دار، ألا فليبلّغ الشاهد الغائب» .ثمَّ لم يتفرقوا حتى نزل أمين وحي الله مذکِّراً بقوله:« الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي»([25]). فقال رسول الله (ص): «الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الربّ برسالتي، والولاية لعليّ من بعدي». ثمَّ طفق القوم يهنِّئون أمير المؤمنين صلوات الله عليه، وممّن هنّـأه في مُقدّمة الصحابة الشيخان: أبوبكر وعمر كلّ يقول: بخٍ بخٍ لك يا ابن أبي طالب أصبحت و أمسيت مولاي و مولى كل مؤمن و مؤمنة، قال ابن عباس: وجبت -واللهِ - في أعناق القوم. فقال حسان: ائذن لي يا رسول الله أن أقول في عليٍّ أبياتاً تسمعهنّ، فقال: «قل على بركة الله». فقام حسّان فقال: يا معشر مشيخة قريش أتبعها قولي بشهادةٍ من رسول الله (ص) في الولاية ماضية، ثمَّ أنشد:

يناديهم يوم الغدير نبيهم                 بخمّ وأسمع بالرسول مناديا

هذا مجمل القول في واقعة الغدير([26]).

لقد تعلّـقت المشيئة الربّانية بأن تبقى واقعة الغدير التاريخية في جميع القرون والعصور كتاريخ حيّ، ويكتب عنها الكتـّـاب و يتحدث عنها الخطباء، وقد أخرج حديث الغدير جماعة من حفاظ أهل السنة وقد رواه ابن حجر في صواعقه عن ثلاثين صحابياً ونص على أنّ طرقه صحيحة وبعضها حسن([27])

الدليل الرابع - النصوص التاريخية :هناک نصوص من المؤرخين و أصحاب الفرق على وصف جماعة بالتشيع أيام النبي(ص) منها : قال النوبختي: إن أول الفرق الشيعة، و هم فرقة علي ابن أبي طالب، المسمون شيعة علي في زمان النبي و بعده، معروفون ‏بانقطاعهم إليه والقول بإمامته([28]).
هذا غيض من فيض و قليل من كثير ممَّا جاء في كلمات المفسرين والمحدِّثين والمؤرخين و أصحاب المقالات، وهي تصرِّح بأنَّ لفيفاً من المسلمين کانوا في حياة الرسول مشهورين بالتشيع لعلي(ع)، و أنَّ لفظة الشيعة ممَّا نطق بها الرسول في مواطن عديدة وتداولت هذه الکلمة علی ألسن المسلمين في ذلك.

واستناداً إلی النصوص التي ذکرناها فإنَّ الفرقة الشيعية الأصيلة والأصلية هي الفرقة التي نشأت أيام النبي(ص) ومن بداية الإسلام، وإنّ الشيعة الذين نذكر عقائدهم وآراءهم أو ندافع عمَّا ينسب لهم هم الذين يؤلفون الجمهور الشيعي اليوم والذين تملأ كتبهم مكتبات العالم ولسنا نتكلم عمَّن يسمى شيعياً لغة لأنّه ذهب إلى تفضيل عليٍّ(ع) على غيره، ولا الفرق الشيعة التي انشعبت من تلک الفرقة الأصلية، وقد يكونون منقرضين لا يوجد لهم أثر إلا في مخيلة البعض أو في وريقات من كتب مهجورة. ولا الفرق المنسوبة إلی مذهب الشيعة کالغلاة والروافض وغيرها من المسميات التي اُطلقت من قبل أعداء الشيعة عليهم.

الروافض لا يختَّصوا بالشيعة
جاءت بعض النصوص تنعت الروافض بأنَّهم فرقة من الشيعة ومن تلك النصوص المزعومة ما جاء في کتاب تاج العروس للزبيدي: «والروافض كل جند تركوا قائدهم والرافضة فرقة منهم، والرافضة أيضاً فرقة من الشيعة قال الأصمعي سمُّوا بذلك لأنهم بايعوا زيد بن علي ثمَّ قالوا له تبرأ من الشيخين فأبى وقال: لا، كانا وزيري جدي فتركوه ورفضوه([29])

و الحقّ أنّ الرافضة كلمة سياسية نشأت أيام الأمويين و كانت تستعمل قبل أن يولد زيد بن علي ومن بايعه من أهل الكوفة، فالكلمة تطلق على كلّ جماعة لم تقبل الحكومة القائمة، سواء أكانت حقاً أو باطلًا. وهي ليست من خصائص الشيعة، بل هي لغة عامة تستعمل في كلّ جماعة غير خاضعة للحكومة القائمة، وبما أنّ الشيعة منذ تكوِّنها لم تخضع للحكومات القائمة بعد رسول اللَّه(ص)، وتعتبرها غير شرعية فكانت رافضة لها حسب الاصطلاح المذکور، وأمَّا إذا کان مجرَّد حبّ أهل البيت يساوي عندهم رفض الشيخين فکلُّ من يدعي حبَّهم من المسلمين هو رافضي ولا يختَّص هذا اللقب بالشيعة، ولذا  ‏نجد الإِمام الشافعي يقول في أبياته الشهيرة:

 

يا راكباً قف بالمحصَّبِ مِن منى          ‏ واهتف بقاعدِ جمعِها والناهضِ

 

سَحَراً إذا فاض الحجيج إلى مِنى          فَيضاً كملتطَم الفُراتِ الفائضِ

 

‏ أعلمتمُ أنَّ التشيعَ مذهبي          إنّي أقولُ به ولستُ بناقضِ

 

إن كان رفضاً حبَّ آل محمدٍ           فليشهدُ الثَّقلان أنّي رافضي([30]).

إنّ تعبير الإِمام الشافعي: إن كان رفضاً حبّ آل محمد يدلُّ على أنّ هناك إرادة لسحب لقب الرافضي على كل شيعي مبالغة في التشهير بالشيعة وشحن المشاعر ضدَّهم، ومما يدلُّ على أنّها تتماشى مع تخطيط شامل من قبل الاُمويين ويستهدف محاصرة التشيع، وأمثال هذه النعوت كثيرة ومنها رمي التشيع بالسبئية أو بالفارسية أو بالشعوبية، کما سيأتي الحديث والبحث حول هذه المواضيع  في الدروس القادمة إنشاء الله .

 الشيخ أيوب الحائري

الهوامش:

([1]) راجع القاموس المحيط وكتاب المنجدفي اللغة: مادة شاع.
([2]) الصافات: 83. 
([3]) القصص:15.
([4]) اللهوف : 119.
([5]) الملل والنحل :107. للمتكلّم الأشعري أبي الفتح محمد بن عبد الكريم الشهرستاني ، (المتوفّى سنة 548 هـ) .
([6]) الفرق والمقالات للنوبختي ، باب تعريف الشيعة.
([7]) شرح اللمعة 2: 228. 
([8]) دائرة المعارف 5 :424.  
([9]) الوصية للمسعودي: 121 .  
([10]) تاريخ اليعقوبي: 2: 104.
([11]) تاريخ ابن خلدون: 3: 364.
([12]) فجر الإِسلام : 266.
([13]) العقيدة والشريعة :174.
([14]) الخوارج والشيعة: 146.
([15]) فرق الشيعة : 16.
([16]) الفهرست لابن النديم : 175.
([17]) راجع  تاريخ الإمامية :37.
([18]) البينة: 7.
([19]) البينة: 7.
([20]) الدر المنثور 6 :376.
([21]) روضان الجنات للخونساري :88.
([22]) الشعراء: 124.
([23]) تاريخ الطبري2 :216، وتاريخ ابن الأثير2 : 28.
([24]) المائدة: الآية 67. وقد ذكر الرازي في سبب نزول الآية عشرة وجوه ومنها أنّها نزلت في عليٍّ A ( تفسير الرازي 3: 431) .
([25]) المائدة: 3.
([26]) المستدرك للحاكم 3: 533.ومجمع الزوائد 9: 106.وللتفصيل راجع المجلَّد الأول من موسوعة الغدير، للعلامة الأميني H .وأوآخر المجلد3 من موسوعة التاريخ الإسلامي  .
([27]) الصواعق المحرقة الباب الثاني ، الفصل التاسع.
([28]) فرق الشيعة :15
([29]) تاج العروس5: 35.
([30]) البيت الأخير من هذه الأبيات ذكره الزبيدي في تاج العروس في مادة رفض وباقيها في ترجمة الشافعي بمختلف الكتب راجع ( تاج العروس5: 35).

الإثنين, 26 كانون2/يناير 2015 00:00

دروس في معرفة الشيعة والتشيُّع

مقدَّمة

بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ التشيُّع بالمعنی الخاص هو: الإيمان بوجود النص من الکتاب والسنَّة على إمامة الإمام علي(ع) وسائر الأئمة من ولده، والقول بعصمتهم، ولذا فالفرقة الشيعية الأصلية والأصيلة هي الفرقة الإمامية الإثني عشرية التي نشأت من بداية الإسلام واستمرَّت إلی يومنا هذا، وقد انشعب منها سائر الفرق التي يمکن إدخالها في المفهوم العام للتشيُّع، وإنَّ الهدف من عرض هذه السلسلة من البحوث حول الشيعة والتشيُّع هو التعريف بهذا المذهب وهويته التاريخية والعقائدية وجلاء الضباب الذي حجب الرؤية الواضحة لشيعة أهل البيت(ع)عن أنظارسائر المسلمين من المذاهب المختلفة خاصَّة الباحثين منهم ممَّا سبَّب كثيراً من الجهلِ والخَلط والعداء علی مرِّ العصور. و لعلَّ بهذه المعرفةِ الأولية نخطو خطوة نحو إزالة تلک الحُجُب ممَّا يساهم في تقارب الآراء وتأليفِ القلوب، وجمعِ الكلمة علی الهُدی والصَواب، و لتكون مجرد مؤشر لمن يريد التوسع ويبحث عن حقيقة عقائد هذا المذهب الأصيل بعيداً عن الأهواء والتضليل والأقاويل.

أسأل الله العلي القدير أن يتقبَّل منَّا هذا الجُهد المتواضع بأحسن قبول، وأن ينفع بثوابه أرواح جميع المؤمنين لاسيَّما علماء الدين، وآخردعوانا أن الحمد لله رب العالمين ، وصلَّى الله على نبيه محمد وآله الطاهرين، لا سيما مولانا الإمام المهدي المنتظر(عج) أمل المحرومين والمستضعفين.

«وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ....»([1]).

 

مدخل البحث
إفتراق الاُمَّة الإسلامية وعواملها
لقد وقعت الإنشعابات في جميع الأديان السماوية وغير السماوية، وافترقت الاُمم إلی مذاهب وفرق، ودين الإسلام وأتباعه لم يسلَم من هذا الإنشعاب والإفتراق وقد أخبر النبي(ص) بهذا الإفتراق بقوله: «إنَّ اُمَّة موسى افترقت بعده على إحدى و سبعين فرقة، فرقة منها ناجية و سبعون في النَّار و افترقت اُمَّة عيسى (ع) بعده على اثنتين و سبعين فرقة، فرقة منها ناجية و إحدى و سبعون في النَّار و إن اُمتي ستفترِق بعدي على ثلاث و سبعين فرقة، فرقة منها ناجية و إثنتان و سبعون في النَّار»([2]). و لسنا في صدد تحقيق سند الحديث، أوإحصاء الفرق المذکورة وتعيين الفرقة الناجية منها، وقد وصفها رسول الله(ص) وحدَّدها بنفسه وکلُّ من يبحث في أحاديثه يجدها، خاصَّة حديث الثقلين وحديث تشبيه أهل البيت بسفينة نوح، والأمر المتفق عليه بين المسلمين أنَّ الفرقة المتمسکة بالکتاب والسنة هي الفرقة الناجية بأيِّ إسم من الأسماء ظهرت، ولا ريب أنَّ من السنة محبَّة أهل البيت(ع) والإقتداء بهم، فالمتمسِّک بهم والراکب في سفينتهم ينجو لامحالة، کما نصَّت عليه الآيات والروايات. ولکن وللأسف لم يرکب المسلمون تلک السفينة إلاَّ القليل فوقع الإختلاف بينهم بعد لحوق النبي الأكرم(ص) بالرفيق الأعلى فصارت الأُمّة فرقتين باقيتين إلى الآن فرقة قائلة بأنّ منصب الإمامة وخلافة المسلمين بعد رسول الله(ص) هو منصب إلهي وأنّ الإمام يقوم بالوظائف التي كانت على عاتق النبي(ص) من تبيين الأحكام الشرعية وتفسير كتاب اللَّه وصيانة الدين مضافاً إلى إدارة المجتمع واُمور الناس والتي يعبر عنها بالخلافة أوالحكومة الإسلامية، وقد قام النبي(ص) قبل رحيله بتعيين علي بن أبي طالب(ع) لهذا المنصب. والفرقة الاُخری تقول بأنّ منصب الإمامة والخلافة منصب عادي يجب أن يقوم به واحد من آحاد الأُمّة لإدارة المسلمين و اُمور المجتمع الإسلامي سياسياً واجتماعياً واقتصادياً وغير ذلك، وأنّه لم يرد في أمر الخلافة نص على شخص معين بل هو موکول إلی الاُمَّة تختار من تشاء عن طريق أهل الحل والعقد وبالشوری بينهم ثمَّ البيعة من قبل الناس، وهؤلاء هم الموسومون بأهل السنّة. وکان هذا الإختلاف بين الشيعة والسُّنة في کيفية إدارة النظام الإسلامي بعد النبي(ص) في الواقع يرجع إلی العقيدة في الإمامة والخلافة بعده(ص) وهي من اُمَّهات المسائل الخلافية، وهکذا استمرَّ الخلاف في المسائل الکلامية وحتَّی الفقهية، فجماعة أهل السنة افترقوا إلی عدة  فرق کلامية،(أهل الحديث ،الأشاعرة والمعتزلة) ، وافترقت بعد ذلک إلی مذاهب فقهية أربعة (الحنفي، المالکي، الشافعي، الحنبلي).

وکذلک افترقت الشيعة إلی عدة مذاهب کلامية أشهرها الفرق الثلاث الباقية إلی يومنا هذا وهي: الإمامية الاثني عشرية، الزيدية، الإسماعيلية، وفي الفقه کل اتبع مذهباً خاصَّاً به، فالإمامية علی المذهب الجعفري، والزيدية والإسماعيلية علی مذهب فقهي مختلط.

أمَّا فرقة الخوارج التي ظهرت في القرن الأول فلايعترف بهم أهل السنة ولا الشيعة فهم کانوا في برزخ يتخبَّطون، وقد انقرضوا وما بقي منهم إلاَّ القليل ،وقد تشعب منهم المذهب الأباظي وهو يختلف معهم في الاُصول و الفروع و قد تطور و أصبح مذهباً مستقلاً وأکثرمايقطن أتباعه حالياً في سلطنة عمان.

إذن كبار المذاهب الکلامية التي نشأت في صدر الإسلام لا تتجاوز الأربع: 1- المعتزلة (القدرية)  2- أهل الحديث والأشاعرة (وهم الصفاتية) 3- الشيعة (وهم العدلية) 4- الخوارج.

والمهم في مايتعلق بالبحث ومايناسب الموضوع أن نتعرَّف علی الشيعة وفرقها، ولکي تکون دراسة هذه البحوث مترابطة بعضها مع بعض منطقياً و تاريخياً  ليسهل فهمَها  نعرضنها ضمن دروس متتالية، ولکن قبل الخوض في صلب الموضوع لابدَّ من معرفة علل وأسباب نشأة تلک المذاهب والفِرَق وتکوينها وإنتشارها في المجتمع الإسلامي فنلخصها في الاُمور التالية:

أسباب نشأة المذاهب والفِرَق الإسلامية
أولاً- التعصبات القبلية والاتجاهات الحزبية: وبتلک الاتجاهات و التعصبات اجتمع عدد قليل من المهاجرين والأوسيين في سقيفة بني ساعدة واغتنموا فرصة عدم وجود الإمام علي(ع) بينهم حيث کان مشغولاً بتجهيز النبي(ص) ودفنه فاختاروا أبابکر خليفة عليهم، ومن ذلک اليوم افترق الناس بين المؤيد لهکذا خلافة وهم جمع غفير من المسلمين وقد اشتهروا بعد ذلک بأهل السنة، وبين مخالف لهم وهم القائلون بتعين ونصب الإمام علي(ع) بالخلافة من قبل الله ورسوله وقد اشتهروا بشيعة علي(ع) أي: أتباعه.

ثانياً- سوءالفهم لحقائق الدين واعوجاج التفكير: ومن هؤلاء: فرقة الخوارج التي ظهرت بعد حرب  صفين وبعد قضية التحکيم وقد زعموا أنّ مسألة التحكيم تخالف قوله سبحانه: «إِنِ الحُكْمُ إِلّاللَّه»([3])، وقد كان لظهور الخوارج أثر بارز في حدوث الفتن وظهور الحوادث الأُخر في المجتمع الإسلامي، وقد نجمت منها المُرجئة حيث إنّ الإرجاء بمعنى التَّأخير، قال سبحانه: «أَرْجه وَأَخاهُ وَأَرسل فِي المدَائنِ حاشِرين» ([4]). وأساس إختلاف هذه الفرقة وبداية ظهورها کان في أمر علي(ع) وعثمان، فالخوارج كانوا يحترمون الخليفتين أبا بكر وعمر ويبغضون علياً وعثمان، على خلاف أكثرية المسلمين، ولكن المُرجئة الأُولى لمَّا لم يوفقوا لحلّ هذه المشكلة التجأوا إلى القول بالإرجاء فقالوا: نحن نقدّم أمر أبي بكر وعمر، ونؤخّر أمر الآخرين إلى يوم القيامة، فصارت المرجئة فرقة نابتة من خلاف الخوارج في أمر الخليفتين، والعامل لتكوّنها كأصلها، هو سوء الفهم واعوجاج التفكير.

هذا هو أصل الإرجاء، ولكنّه قد نسي هذا المعنی للإرجاء في عصره وأخذ المعنی الآخر مكانه، و هو كون العمل داخلًا في الإيمان أو لا؟ وبعبارة أُخرى: هل مرتكب الكبيرة مؤمن أو لا؟ ذهبت الخوارج إلى دخول العمل في صميم الإيمان، فصار مرتكب الكبيرة كافراً، وذهبت المُرجئة الأُولى إلى خروج العمل من الإيمان، فصار مرتكب الكبيرة مؤمناً وأنّ إيمانه كإيمان الملائكة والأنبياء بحجّة عدم دخالة العمل في الإيمان، فاشتهروا بالقول: «قدّموا الإيمان وأخّروا العمل» فصار هذا أصلًا وأساساً ثانوياً للمرجئة، فكلّما اُطلقت المرجئة لا يتبادر منها إلّا هؤلاء.

إنّ الاكتفاء في تفسير الإيمان بالشهادة اللفظية أو المعرفة القلبية، وأنّ‏ عصاة المؤمنين لا يُعذَّبون أصلًا، وانّ النار للكافرين‏ واقتحام الكبائر لا يضر أبداً، فكرة خاطئة تسير بالمجتمع وخصوصاً الشباب فيه إلى الخلاعة والانحلال الأخلاقي وترك القيم. ولمَّا كان مذهب الإرجاء لصالح السلطة الأموية أخذت تروّجه وتسانده.

ثالثاً: المنع عن كتابة حديث رسول اللَّه(ص) ونقله: لقد خسر الإسلام والمسلمون خسارة عظمى‏ من جرّاء حظر تدوين الحديث ونشره بل التحدّث عنه بعد رسول اللَّه(ص) إلى عهد المنصور العباسي، وسبَّب الخلافات و الإفتراقات بين الاُمة الإسلامية، لأنَّ النَّبي(ص) قد أخبر بکثير من القضايا و بيَّن الحق من الباطل منها، وحدَّد المنهاج الصحيح للاُمَّة لکي لا تفترق وأمرها أن ترکب سفينة نوح لتنجو من الغرق وبذلک شخَّص الفرقة الناجية، ولکن بعض هذه الأحاديث اُوِّلت وبعضها حُرِّفت وبعضها حُذِفت ومُنِعت من الکتابة فکانت الکارثة الکبری علی الإسلام والطَّامة العظمی علی المسلمين، وسبَّب ذلک تفرُّقهم إلی مذاهب وفرق.

رابعاً: فسح المجال للأحبار والرهبان والفرس للتحدّث عن قصصهم وأفکارهم: إنّ الفراغ الذي خلَّفه منعُ کتابةِ الحديث، أوجد أرضيةً مناسبةً لظهور بِدَعٍ يهوديةٍ، وسخافاتٍ مسيحيةٍ، وأساطير مجوسية، خاصَّة من ناحية كَهَنةِ اليهُود، ورُهبان النصارى الذين افتعلوا أحاديثَ كثيرة ونسبوها إلى الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام كما افتعلوا على لسان النبي الأكرم(ص) الأساطير، يقول الشهرستاني:«وضع كثير من اليهُود الذين اعتنقوا الإسلام، أحاديث متعددة في مسائل التجسيم والتشبيه، وهي كلُّها مستمدة من التوراة». ويقول جولد تسيهر في هذا المضمار في كتابه (العقيدة والشريعة):« هناك جمل أخذت من العهد القديم والعهد الجديد وأقوال للربانيّين، أو مأخوذة من الأناجيل الموضوعة وتعاليم من الفلسفة اليونانية، وأقوال من حكم الفرس والهنود، كلّ ذلك أخذ مكانه في الإسلام عن طريق الحديث...» ([5]).

خامساً: الإحتكاك الثقافي واللقاء الحضاري بين المسلمين وغيرهم: مضى النبي الأكرم (ص) إلى جوار ربِّّه وقام المسلمون بعده بفتح البلاد ومكافحة الأُمم المخالفة للإسلام والسيطرة على أقطارها، وكانت تلك الأُمم ذات حضارة وثقافة في المعارف والعلوم والآداب، وكان بين المسلمين رجال ذوو دراية و رغبة في كسب العلوم وتعلم ما في تلك الحضارات من آداب وفنون فأدّت هذه الرغبة إلى المذاكرة، ونقل كتبهم إلى اللغة العربية، فصار ذلك سبباً لانتقال كثيرمن آراء الرومان والفرس والبربر والهنود إلى المجتمع الإسلامي وانتشارها بينهم، ولا شكّ أنّ بين تلك المعارف ما كان يضاد مبادئ الإسلام وأُسُسُه، وكان بين المسلمين من لم يتدّرع في مقابلها ومنهم من لم يتوّرع في أخذ الفاسد منها فأقبلوا عليها وتبنّوها، أمثال: ابن أبي العوجاء، ويحيى بن زياد، ومطيع بن أياس، وعبد اللَّه بن المقفع، فهؤلاء وغيرهم  اهتموا بنشر الفکرالإلتقاطي بين المسلّمين، وكانوا ينشرون آراءهم علناً ويهاجمون بها عقائد المؤمنين.

سادساً: الاجتهاد في مقابل النصّ: إذا كانت العوامل الماضية من عوامل تكوِّن المذاهب الكلامية فالاجتهاد في مقابل النص ممّا يتكَّون به المذاهب الكلامية والفقهية، فنرى أنّ الأُمّة بعد رسول اللَّه(ص) رجعوا إلى كلّ صحابي وتابعي وإلى من أدرك صحبة النبي(ص) ولو شهراً أو أقلّ ومع ذلك أعرضوا عن أهل بيته وعترته، فأُسّست في ظل هذا العامل المذاهب الفقهية فاجتهدوا في إسقاط سهم المؤلّفة قلوبهم من الزكاة و إسقاط سهم ذوي القربى من الخمس مع النصّ عليه في محكمات الفرقان وصحاح والسنن، ونهوا عن متعة الحجّ و متعة النساء مع وجود النصوص علی حليتها. وأسقطوا «حي على خير العمل» من الأذان والإقامة مع كونه جزءاً من كلّ منهما. إلى غير ذلك من الموارد التي جمعها العلّامة السيد شرف الدين العاملي في كتابه «النص والاجتهاد».

هذه هي أهمِّ الاُمور التي سبَّبت الإفتراق بين المسلمين وتکوين المذاهب والفرق بينهم، وعلی هذا الأساس ومن هذا المنطلق والمدخل ينبغي دراسة المذاهب و الفرق الإسلامية ومنها البحث حول الشيعة وفرقها، وبهدف التعرف علی هويتها التاريخية والعقائدية وجلاء الضباب الذي حجب الرؤية الواضحة عنها زمناً طويلاً حتَّی عن الباحثين ممَّا سبَّب كثيراً من الجهلِ والخَلط والعِداء ([6]).

الشيخ أيوب الحائري

الهوامش:
([1]) التوبة: 105.
([2]) الخصال 2: 585 ،عن الحسين بن علي بن أبي طالب( ع). وقدنقل الحديث بأسانيد اُخری ونصوص ومضامين مختلفة.
([3]) يوسف:40.
([4]) الأعراف: 111.
([5]) العقيدة والشريعة في الإسلام للمستشرق «جولد تسيهر»:  43، وراجع أضواء على السنّة المحمدية، لأبي ريَّه : 190.
([6]) إقتباس من موسوعة «الملل والنحل»  لآية الله السبحاني(دام ظله) مع تصرف في العبارات وتلخيص وإضافات . 

في الذکری العطرة لمیلاد نبي الرحمة محمد (ص) ومیلاد الامام جعفر الصادق (ع) قال قائد الثورة الاسلامیة ان الوحدة هي الدرس الکبیر لخاتم الانبیاء محمد (ص) والحاجة الماسة للامة الاسلامیة مؤکدا ان تکریم النبی الاکرم (ص) لا یجب ان یقتصر علی 

الکلام، بل ان العمل علی وضع نداءات النبي محمد (ص) الداعیة للوحدة، موضع التنفیذ یجب ان تشکل أهم اولویات البلدان الاسلامیة والشعوب الاسلامیة.

وقد استقبل قائد الثورة الاسلامیة بهذه المناسبة الغراء أمس الجمعة حشدا من ابناء الشعب وکبار المسؤولین المدنیین والعسکریین والعلماء والمفکرین المشارکین في مؤتمر الوحدة الاسلامیة وکذلك سفراء البلدان الاسلامیة المعتمدین لدی البلاد.

لیقدم التهاني والتبریکات بهاتین المناسبتین العطرتین معتبر میلاد نبي الاسلام (ص) بانه میلاد العلم والعقل والاخلاق والرحمة والوحدة وقال ان المسؤولین والساسة والعلماء والنخبة في البلدان الاسلامیة یتحملون مسؤولیة اکثر جسامة في تحقیق هذه 

المفاهیم المعمقة والمنادیة للسعادة والوحدة.

واعرب قائد الثورة عن بالغ الاسف لنجاح مخططات اعداء الاسلام في بث الفرقة وقال ان تناغمت وتوحدت الشعوب الاسلامیة بکل ما تملکه من طاقات هائلة ومیزات فریدة، لا في التفاصیل بل في التوجهات العامة، فانه یتم ضمان رقي وشموخ الامة الاسلامیة وان 

الانعکاس العالمي للوحدة والتلاحم الفکري للعالم الاسلامي، سیکون مصدر ومبعث شرف وفخر واعتبار وعظمة لنبي الاسلام (ص) .

ورأی القائد ان الصلاة التي تؤدیها الشعوب الاسلامیة في عید الفطر السعید واجتماع الحج العظیم یشکلان مثالین علی التوحد في التوجهات التي ترسي العزة والکرامة للامة الاسلامیة وقال ان الملایین من المسلمین وکان بینهم من اهل السنة أظهروا في 

اربعینیة الحسین (ع) لهذا العام ملحمة بطولية في مسيرات الحب والولاء، کان لها انعکاس عالمي، بوصفها اضخم تجمع للمسلمین في العالم، وتحولت الی مصدر ومنبع لفخر العالم الاسلامي وعزته وسموه.

واعرب ایة الله العظمی الخامنئي بهذه المناسبة عن شکره وتقدیره للحکومة والشعب والعشائر في العراق للتضحیات والتفاني في خدمة زوار اربعینیة الامام الحسین (ع) لهذا العام.

وفي معرض تبیانه للعوامل التي تساهم في ترسیخ اتحاد العالم الاسلامي اعتبر سماحة القائد، تحاشي سوء الظن والاساءة الی الفرق المختلفة للشیعة والسنة بأنه یکتسي اهمیة بالغة مشیرا الی المحاولات واسعة النطاق لاجهزة 'التجسس والاستخبارات' 

الغربیة لزرع الشقاق وقال ان ذلك التشیع الذي یرتبط بجهاز MI6 البریطاني وذلك التسنن العمیل ل CIA کلاهما من أعداء الاسلام ومناهض للنبي (ص).

واشار سماحته الی قيادة الامام الخمینی (رض) في قضیة الوحدة الاسلامیة والجهود الدؤوبة والمستمرة للجمهوریة الاسلامیة في هذا المجال وقال ان المساعدات الایرانیة الی الاخوة المسلمین علی مدی الاعوام الـ 35 الاخیرة کانت موجهة في الغالب الی 

الاخوة من اهل السنة وان النظام الاسلامي والشعب الایراني وفي ضوء دعمهما المتواصل للشعب الفلسطیني وشعوب بلدان المنطقة برهنا علی تمسکهما العملي بشعار الوحدة.

وتوجه قائد الثورة الی ساسة العالم الاسلامي وعلمائه ومثقفیه لیتساءل انه عندما یکون المتغطرسون الدولیون منهمکین بشدة في ایجاد الاسلاموفوبیا وتشویه الصورة الناصعة والنورانیة للاسلام، الا تعتبر التصریحات المثیرة للفرقة والتشویه المتبادل لصورة الفرق الاسلامیة، نقیضا للحکمة والعقل والسیاسة؟ .

وقال آیة الله العظمی الخامنئي ان تمرکز السیاسة الخارجیة لبعض دول المنطقة علی معارضة ایران، هو خطأ فادح.

واضاف انه علی النقیض من هذه السیاسات غیر العقلانیة، فان الجمهوریة الاسلامیة، ستتابع سیاستها الخارجیة علی اساس الصداقة والاخوة مع جمیع البلدان الاسلامیة بما فیها بلدان المنطقة.

واکد القائد ان الترکیز علی مصالح الامة الاسلامیة ووحدة العالم الاسلامي، یکفل مصالح البلدان الاسلامیة واحدا واحدا وقال "نحن المسلمون جمیعا یجب ان نستند الی النصوص القرآنیة بما في ذلك الآیة الکریمة (أَشِدَّاءُ عَلَی الْکُفَّارِ رُحَمَاءُ بَیْنَهُمْ) لنقف بوجه الاستکبار وسرطان الصهیونیة العالمیة المدمر وعلی رأسه امریکا والکیان الاسرائیلي الغاصب وان نکون رحماء بیننا ونتواصل ونتعاضد مع بعضنا البعض.

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

إن الأحداث الأخيرة في فرنسا وما شابهها في بعض الدول الغربية أقنعتني أن أتحدّث إليكم مباشرة.
أتحدّث إليكم أيّها الأعزة دون أن اتجاهل دور والديكم، لأني أرى مستقبل شعبكم وأرضكم بأيديكم، وأرى أن الإحساس بضرورة معرفة الحقيقة في قلوبكم أكثر حيوية ووعياً. وكذلك فإني لا أخاطب الساسة والمسؤولين عندكم لأني أتصور أنهم بعلمٍ ودرايةٍ منهم فصلوا درب السياسة عن مسار الصدق والحقيقة.

حديثي معكم عن الإسلام وبصورةٍ خاصةٍ عن الصورة التي يعرضونها عن الإسلام لكم.
قبل عقدين وإلى يومنا هذا، اي بعد انهيار الإتحاد السوفيتي تقريباً جرت محاولات كثيرة لإعطاء هذا الدين العظيم موقع العداء المخيف. وللأسف إن عملية إثارة مشاعر الرعب والفزع والنفور واستغلالها لها ماضٍ طويلٍ في التاريخ السياسي للغرب.
لا أريد هنا أن أتعرض إلى ما يثيرون من أنواع الرعب في قلوب الشعوب الغربية وعند استعراضكم العابر للدراسات التاريخية والنقدية المعاصرة ستجدون كيف تؤنب الكتابات التاريخية الأعمال الكاذبة والمزيِّفة للدول الغربية تجاه سائر الشعوب والثقافات. إن تاريخ أوروبا وأمريكا يطأطئ رأسه خجلاً أمام سلوكه الإسترقاقي والإستعماري وظلمه تجاه الملوّنين وغير المسيحيين. ثم انّ المؤرخين والباحثين لديكم عندما يمرون على عمليات سفك الدماء باسم الدين بين البروتستان والكاثوليك أو باسم القومية والوطنية إبان الحربين العالميين الأولى والثانية يشعرون بالمرارة والإنحطاط.
وهذا بحد ذاته يدعو الى التقدير؛ ولست استهدف من خلال استعادة قسم من هذه القائمة الطويلة جَلد التاريخ ولكني أريد منكم أن تسألوا كل مثقفيكم ونخبكم لماذا لا يستقيظ الوجدان العام في الغرب دائما إلا مع تأخير عشرات السنين وربما المئات من السنين؟ ولماذا كانت عملية النظر في الوجدان العام تتّجه نحو الماضي البعيد وتهمل الأحداث المعاصرة؟

لماذا نجدهم في موضوع مهم من قبيل أسلوب التعاطي مع الثقافة والفكر الإسلامي يمنعون من تكوّن وعي عام لديكم؟

أنتم تعلمون جيداً أن التحقير و إيجاد حالة النفور والرهاب الموهوم من الآخرين تشكل أرضية مشتركة لكل تلك الإستغلالات الظالمة. أريد الآن أن تسألوا أنفسكم لماذا استهدفت سياسة نشر الرعب والنفور القديمة الإسلام والمسلمين بقوة وبشكل لا سابقة لها؟ لماذا يتّجه نظام القوة والسلطة في عالمنا اليوم نحو تهميش الفكر الإسلامي وجرّه الى حالة الإنفعال؟
هل هناك مفاهيم وقيم في الإسلام تزاحم برامج ومشاريع القوى الكبرى وما هي المنافع التي تتوخاها هذه القوى من وراء طرح صورة مشوّهة وخاطئة عن الإسلام. ولهذا فإن طلبي الأوّل منكم أن تتساءلوا وتتحروا عن عوامل هذا التعتيم الواسع ضد الإسلام.

الأمر الثاني الذي أطلبه منكم أن تقوموا كردِّ فعلٍ لسيل الإتهامات والتصورات المسبقة والإعلام السلبي وأن تسعوا لتكوين معرفة مباشرة ودونما واسطة عن هذا الدين. إن المنطق السليم يقتضي أن تدركوا حقيقة الأمور التي يسعون لإبعادكم عنها وتخويفكم منها فما هي وما هي أبعادها وحقيقتها؟
أنا لا أصرّ عليكم أن تقبلوا رؤيتي أو أية رؤية أخرى عن الإسلام، لكني أدعوكم ألّا تسمحوا أن يستفيد هؤلاء من الإدعاءات المرائية للإرهابيين العملاء لهم وتقديمهم لكم بإعتبارهم مندوبي الإسلام. عليكم أن تعرفوا الإسلام من مصادره الأصيلة ومنابعه الأولى. تعرّفوا على الإسلام عبر القرآن الكريم وسيرة الرسول الأعظم (صلّى الله عليه وآله وسلّم). وأودّ هنا أن أتساءل: هل راجعتم قرآن المسلمين مباشرة؟ هل طالعتم أقوال رسول الإسلام(صلّى الله عليه وآله وسلّم) وتعاليمه الإنسانية والأخلاقية؟ هل اطلعتم على رسالة الإسلام من مصدر آخر غير الإعلام؟ هل سألتم أنفسكم كيف استطاع الإسلام ووفق أية قيم طوال قرون متمادية أن يقيم أكبر حضارة علمية وفكرية في العالم وأن يربي أفضل العلماء والمفكرين؟

أطالبكم ألّا تسمحوا لهم بوضع سدّ عاطفي واحساسي منيع بينكم و بين الواقع عبر رسم صورة سخيفة كاذبة عن الإسلام ليسلبوا منكم إمكانية الحكم الموضوعي. واليوم حيث نرى أن أجهزة التواصل اخترقت الحدود الجغرافية، عليكم ألّا تسمحوا لهم أن يحاصروكم في الحدود الذهنية المصطنعة، وإن كان من غير الممكن لأي أحد أن يملأ الفراغات المستحدثة بشكل فردي ولكن كلاً منكم يستطيع هادئاً لتوعية نفسه وبيئته أن يقيم جسراً من الفكر والإنصاف على هذه الفراغات.
إن هذا التحدي المبرمج من قبل لنوع العلاقة بين الإسلام وبينكم أنتم الشباب أمر مؤلم، لكن بإمكانه أن يثير تساؤلات جديدة في ذهنكم الوقاد والباحث.

إن سعيكم لمعرفة الأجوبة على هذه التساؤلات يشكل فرصة سانحة لكشف الحقائق الجديدة أمامكم، وعليه يجب أن لا تفوتوا هذه الفرصة للوصول الى الفهم الصحيح ودرك الواقع دون حكم مسبق؛ ولعلّه من آثار تحملّكم هذه المسؤولية تجاه الواقع، أن تقوم الأجيال الآتية بتقييم هذه الفترة من تاريخ التعامل الغربي مع الإسلام، بألمٍ أقل زخماً ووجدانٍ أكثر اطمئناناً. 

السيد على الخامنئي
2015/01/21

غداة تصريح الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بأن إيران يمكن أن تصبح «قوة إقليمية ناجحة للغاية»، إذا وافقت على اتفاق طويل الأمد لكبح برنامجها النووي، أعلنت الولايات المتحدة، أمس، إضافة تسعة أشخاص وشركات على لائحتها السوداء، لاتهامهم بالالتفاف على العقوبات المفروضة على إيران، «بسبب برنامجها النووي أو بالتواطؤ في انتهاك حقوق الإنسان في طهران».

وكان أوباما قد صرح في مقابلة مع «الإذاعة الوطنية» (ان. بي. آر) سجلت في البيت الأبيض في 18 كانون الأول ومن المقرر أن تذاع هذا الأسبوع، بأن «أمامها (إيران) فرصة للتصالح مع العالم»، مضيفاً أن عليها أن تنتهز فرصة التوصل لاتفاق يمكن أن يرفع العقوبات التي تصيب اقتصادها بالشلل. وقال: «لأنها إذا فعلت ذلك فسيكون هناك مواهب وموارد وتطور داخل إيران وستصبح قوة إقليمية ناجحة للغاية تلتزم أيضاً بالمعايير والقواعد الدولية وسيكون هذا من مصلحة الجميع».
وأشار الرئيس الأميركي إلى أنه يعترف «بمخاوف (إيران) الدفاعية المشروعة» بعدما «عانت حربا مروّعة مع العراق» في الثمانينات، لكنه انتقد طهران بسبب «مغامراتها ودعمها لتنظيمات مثل جماعة حزب الله والتهديدات التي توجهها لإسرائيل».
وردا على سؤال بشأن احتمال فتح سفارة في طهران، خلال السنتين الباقيتين من ولايته الرئاسية، قال أوباما: «أنا لا أقول أبداً أبداً، إلا أنني أعتقد أن هذه الأمور لا بد أن تجري على مراحل».
وفي أول ردّ إيراني على ذلك، أكدت المتحدثة باسم وزارة الخارجية، مرضية أفخم، أمس، أن «المفاوضات بين أميركا وإيران كُرست للموضوع النووي»، مشدّدة على أن «قضية إعادة فتح سفارتي البلدين في طهران وواشنطن غير مدرجة في أجندتها».
ورغم تصريحات أوباما وتأكيد وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أمس، أن المفاوضات ستستأنف في 15 كانون الثاني على مستوى مساعدي وزراء الخارجية، إلا أن وزارة الخرانة الأميركية أعلنت، في بيان، إضافة تسعة أشخاص وشركات متّهمين بالالتفاف على العقوبات المفروضة على إيران، موضحة أن خمسة من هؤلاء يشتبه بتقديمهم «دعماً مادياً ومالياً أو تكنولوجياً» يسمح بشراء سندات خزينة أميركية لمصلحة الحكومة الإيرانية، ما يمثل انتهاكاً للعقوبات. ومن المستهدفين أيضاً شركة للتكنولوجيا اسمها «دوران سوفتوير تكنولوجيز» التي تعاقب بسبب مساهمتها في «الرقابة» التي يمارسها النظام الإيراني.
وشدّدت السلطات الأميركية على أن هذه العقوبات تندرج ضمن إطار قانوني موجود ولا تتعلق بإجراءات جديدة تستهدف طهران، في الوقت الذي تتفاوض فيه القوى الكبرى مع إيران بشأن برنامجها النووي.
وقال مساعد وزير الخارجية الأميركي المكلف محاربة الإرهاب، ديفيد كوهين: «لا نؤيد عقوبات جديدة مرتبطة بالنووي بينما المفاوضات جارية»، مضيفاً «نحن واضحون في أقوالنا وتصرفاتنا من حيث الاستمرار في تطبيق العقوبات الموجودة».
وفي هذه الأثناء، أعلن وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، أن بلاده «على استعداد لأيّ نتيجة تتمخّض عن المفاوضات النووية»، مشيراً إلى أن «الجولة المقبلة ستستأنف في 15 كانون الثاني على مستوى مساعدي وزراء الخارجية».
وافادت وكالة «مهر» للأنباء، بأن المتحدث باسم لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية في مجلس الشورى الإيراني، نقوي حسيني، أوضح أن «اللجنة عقدت اجتماعاً بحثت فيه المفاوضات النووية والقضايا الإقليمية بحضور وزير الخارجية محمد جواد ظريف».
وأضاف أن «ظريف أوضح أن المفاوضات مستمرة وحسب توجيهات قائد الثورة الإيرانية فإننا نقبل أي اقتراح منطقي وفي غير تلك الحالة فإننا على استعداد لقبول أي نتيجة».