Super User

Super User

واصل رئيس الحكومة الإسرائيلي بنيامين نتنياهو تحديه الرئيس الأميركي باراك أوباما على خلفية الاتفاق النووي مع إيران رغم مواقف الأخير المطمئنة لنتنياهو وتمسكه بالتفوق العسكري لإسرائيل وخدمة أمنها القومي.
فبعد الإعلان عن تفاهم لوزان بين إيران والدول الست الكبرى وتحذير إسرائيل من أنه تفاهم سيء يمهد لاتفاق سيء، بدأ نتنياهو بالإعداد لخطة ما بعد الاتفاق النووي.

خطة بدأت أولى إشاراتها بالمعركة على الرأي العام الأميركي عبر حملة إعلامية تضمنت اجراء أربع مقابلات تلفزيونية مع محطات أميركية في يوم واحد بهدف إقناع الرأي العام العالمي عموماً والأميركي خصوصاً بمساوئ الاتفاق النووي الآيل إلى التنفيد.

وقال محللون إن "نتنياهو لم يكتف بالشجب والتحذير بل بدأ عملياً بخطوات فعلية للضغط على المشرع الأميركي". وفي هذا السياق تحدث مراسل الشؤون السياسية في القناة الأولى يائير فاينرف عن أن هناك حرباً على الرأي العام الأميركي، مشيراً إلى أن العناوين الرئيسة للمواقع الإخبارية الأميركية هي "الهجوم بدأ". وقال فاينرف "إن نتنياهو لم يكتف بالقول إن ما جرى التوصل إليه هو صفقة سيئة، بل قال علناً سأمارس ضغطاً على المشرعين الأميركيين لمنع إيران من حيازة سلاح نووي".

وسائل الإعلام الإسرائيلية التي وصفت حملة نتنياهو بالهجوم المفاجئ الذي ينتقل فيه من كاميرا إلى أخرى، قالت "إن مقابلات نتنياهو تعتبر شرارة الانطلاق في الحملة ضد الاتفاق مع إيران". وفي غضون ذلك رأت صحيفة "هآرتس" "أن الحديث يجري عن إمكانية استغلال ظروف الاتفاق النووي للدفع قدماً نحو تشكيل حكومة وحدة في إسرائيل حيث تكون القضية الإيرانية وتوقيع اتفاق الإطار بين الدول الكبرى وإيران الأساس المشترك لتشكيل هذه الحكومة ما يبرر لبعض الأحزاب ولاسيما المعسكر الصهيوني التراجع عن مواقف سبق وأطلقها خلال حملته الانتخابية"

الثلاثاء, 07 نيسان/أبريل 2015 07:09

نتنياهو يشترط اعتراف إيران بإسرائيل

لم تنجح محاولات الرئيس الأميركي، باراك أوباما، في احتواء مفاعيل الصدمة التي تلقتها إسرائيل، جراء تفاهمات لوزان النووية، بين الدول الست وإيران، وخاصة أن بنود التفاهمات لا تتلاءم بالمطلق مع السقوف الإسرائيلية، بحديها الأدنى والأقصى، وهي لم تقترب من شروط تل أبيب التي سبق أن أعلنتها وكررتها على لسان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

وأكدت المقاربة الإسرائيلية لتفاهمات لوزان، على لسان نتنياهو وكبار المسؤولين الإسرائيليين، أن تل أبيب لا ترى في «الإنجاز» الأميركي مع الإيرانيين حداً أدنى يمكن التعايش معه، وخاصة أنه لم يشمل إبعاد إيران مسافة سنوات عن القنبلة النووية، ولم ينتزع منها تنازلات تتعلق بالموقف من أصل وجود إسرائيل، كما لم تمنعها من دعم المقاومين وتطوير قدراتها العسكرية والحد من نفوذها وسياساتها الإقليمية.
على هذه الخلفية، لم تكن صرخات الاعتراض الصادرة عن بنيامين نتنياهو ومجمل السياسيين والمعلقين في إسرائيل مفاجئة في المطلق، إذ جدد نتنياهو رفضه لتفاهمات لوزان، وأكد أن الاتفاق المطروح على الطاولة مع الإيرانيين يهدد أمن إسرائيل ووجودها، وطالب بضرورة أن تعترف إيران بالدولة العبرية، قبل أي اتفاق معها.
وفي بيان صدر عن مكتب نتنياهو، في أعقاب جلسة المجلس الوزاري المصغر للشؤون الأمنية والسياسية، التي خصصت لبحث الرد المناسب على تفاهمات لوزان، أكد نتنياهو أن الوزراء الأعضاء في الوزاري المصغر، إضافة إلى مسؤولي الأجهزة الأمنية والعسكرية، أجمعوا خلال الجلسة على معارضتهم لاتفاق الإطار في لوزان، الأمر الذي عُد رسالة موجهة للإدارة الأميركية تحديداً، بأن الرفض الإسرائيلي للاتفاق مع إيران لا يتعلق فقط بنتنياهو وعدد من وزرائه، بل يعبر عن إجماع شامل لدى الإسرائيليين.
وأكد نتنياهو في بيانه أن الاتفاق المطروح سيشكل خطراً حقيقياً على المنطقة والعالم أجمع، وأنه سيهدد أمن إسرائيل بل ويهدد أصل وجودها، لافتاً إلى أن الاتفاق لن يؤدي إلى إغلاق أي من المنشآت النووية الإيرانية، ولن يدمر أياً من أجهزة الطرد المركزية لدى إيران، كما أنه لن يوقف المساعي الإيرانية لتطوير أجهزة حديثة للتخصيب.
واعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلية في بيانه، أن الاتفاق سيبقي بيد إيران البنية التحتية النووية، في الوقت الذي ترفع فيه العقوبات الدولية المفروضة عليها، كما أن الاتفاق يأتي في ظل إقدام إيران على بسط نفوذها في مناطق واسعة من الشرق الأوسط، وإطلاقها التهديدات بتدمير إسرائيل.
وبحسب نتنياهو، فإن الاتفاق المطروح على الطاولة سيؤدي إلى إزالة القيود عن المشروع النووي الإيراني في غضون بضع سنوات، ما سيتيح لإيران إنتاج عدد كبير من القنابل الذرية، خلال فترة لا تتجاوز عدة أشهر.
وحذر من أن الاتفاق مع إيران سيؤدي إلى تعزيز متانة الاقتصاد الإيراني، ما سيسمح لها بتصعيد عدوانها وإرهابها في مناطق الشرق الأوسط، بل في العالم بأسره، مؤكداً أن الاتفاق المطروح لن يسد طريق طهران نحو الحصول على أسلحة نووية، بل إنه سيشق لها الطريق لذلك، كما أنه سيؤدي إلى سباق تسلح نووي في أنحاء الشرق الأوسط، ويزيد من خطر نشوب حرب مدمرة.
وفي رده على كلمة الرئيس الأميركي، أشار نتنياهو إلى أن «هناك من يعرض علينا الاتفاق ويقول إن الخيار البديل هو الحرب، وهذا ليس صحيحاً، إذ يوجد خيار ثالث وهو الصمود وتكثيف الضغوط على إيران، حتى يتم إنجاز اتفاق أفضل». وبحسب بيان نتنياهو، فإن «إيران تسعى إلى تدمير إسرائيل وتدعو علناً إلى تحقيق هذا الهدف. وعليه، فأنا أوضح للجميع أنه لا مساومة على وجود دولة إسرائيل، وأنها لن تسلم بأي صفقة تتيح لدولة تسعى إلى إبادتها، حيازة أو تطوير السلاح النووي». وختم قائلاً إن إسرائيل «تطالب بأن يشمل أي اتفاق نهائي مع إيران اعترافاً إيرانياً واضحاً بحق إسرائيل في الوجود».
وكانت مصادر سياسية إسرائيلية رفيعة قد أشارت لصحيفة «هآرتس» أمس، إلى أن «التفاهمات المبرمة مع الإيرانيين هي خطأ تاريخي وستؤدي إلى اتفاق سيئ وخطير». وبحسب كلامهم، فإن «اتفاق الإطار يمنح الشرعية الدولية للبرنامج النووي الإيراني، الذي يهدف فقط إلى إنتاج قنبلة نووية».
وأشارت «هآرتس» إلى أن المسؤولين الإسرائيليين هاجموا الولايات المتحدة والدول الخمس الأخرى الشريكة في تفاهمات لوزان، واصفين الصفقة بأنها مجرد «تراجع أمام الإملاءات الإيرانية» وأنها لن تؤدي إلى برنامج نووي سلمي، بل إلى أهداف عسكرية. وبحسب المسؤولين، فإنه يجب أن يكون هناك بديل للاتفاق الحالي، وليس بالضرورة حرباً، بل اتفاق آخر يفكك البنى التحتية للبرنامج النووي الإيراني، ويطالبها بوقف عدوانها وإرهابها في المنطقة والعالم.
وأشارت الصحيفة إلى أن المكالمة الهاتفية بين أوباما ونتنياهو، التي جاءت في أعقاب الكلمة التي ألقاها الرئيس الأميركي بعد أقل من ساعة على إعلان تفاهمات لوزان، كانت صعبة وقاسية جداً، إذ أعرب نتنياهو عن معارضة شديدة لاتفاق الإطار مع الإيرانيين، واعتبره خطراً يهدد إسرائيل والمنطقة والعالم، مستشهداً بكلام صدر في الأسبوع الماضي عن أحد الجنرالات الإيرانيين، قال فيه إن «القضاء على إسرائيل ليس قابلاً للتفاوض».

كان العام الذي خرج فيه النبي (ص) من شعب أبي طالب بعد حصار استمر ثلاث سنين، من أشد الأعوام التي مرّت عليه منذ بداية البعثة النبوية الشريفة. فقد كان هذا العام عام الحزن لأن النبي (ص) فقد فيه عمه أبي طالب (رضوان الله عليه) وزوجته السيدة خديجة (عليها السلام)، وهما اللذان كانا ينصرانه بكل قوة وبكل ما يملكان في مواجهة التحديات والمخاطر التي واجهت النبي (ص) في دعوته.

 

أبو طالب الحامي والمؤمن والمحب :

فقد كان أبو طالب الرجل المدافع عن النبي (ص) والذي قام برعايته وكفالته منذ طفولته. إذ كان يقدمه على أولاده في الرعاية والاهتمام والحضانة عندما كان النبي (ص) ما يزال صغيرا، ويصطحبه معه أينما ذهب خوفا عليه.

فقد كان يخفّف عليه من الآمه، يعزيه ويسليه ويشد من عزيمته، ويؤثره حتى على نفسه وأولاده. ولقد مرّ معنا كيف أنه كان يحرس النبي (ص) بنفسه أثناء الحصار في شعب أبي طالب. ورضي بعداء قريش وبمعاناة الفقر والحرمان والحصار والمقاطعة الاجتماعية في سبيل الدفاع عن الرسول ورسالته.

أبو طالب هو الرجل الذي وقف ذلك الموقف في وجه طغاة قريش عندما ألقى بعضهم على النبي (ص) أوساخ ناقته، حيث أخذ السيف وتوجه نحوهم، وأمر أخاه حمزة أخذ الأوساخ ويلطخ بها من اعتدى على النبي (ص) واحدا واحدا.

ولقد جاء في إحدى الروايات أن أبا طالب نادى قومه وأمرهم بأخذ سلاحهم، وتوجه بهم نحو المشركين الذين آذاوا النبي، فلما رأه المشركون مقبلا إليهم أرادوا التفرق خوفا منه. فقال لهم :"ورب البيت لا يقوم منكم أحد إلا جللته بالسيف فالزموا أمكانكم".

وقام بضرب أنف كل من شارك في رمي الأوساخ على النبي (ص) حتى أدماه. وأمر بعد ذلك برمي الأوساخ والدم على لحاهم. ويحدثنا المؤرخون عن موقف أخر لأبي طالب عندما افتقد النبي (ص) ذات مرة فلم يجده فجمع بني هاشم وأعطاهم السلاح وأراد أن يجعل كل واحد منهم إلى جانب من كل شخصية من قريش ليفتك بها لو ثبت أن محمدا أصابه شر أو سوء.

فقد تخلى أبو طالب عن مكانته في قومه وضحى بعلاقاته وواجه المصاعب الكبيرة وتحمل المشاق العظيمة في الدفاع عن الرسول ودعوته. إن هذه المواقف والتضحيات الكبيرة من أبي طالب بدافع عاطفي أو لحبه الطبيعي لابن أخيه محمد، أو لارتباطه بالنبي (ص) بعلاقة قبلية أو عشائرية، إنما كانت بدافع من إيمانه بالنبي (ص) وحرصا على دعوة الإسلام الذي آمن به.

كانت بدافع عقيدي وإيماني واضح يدفع الإنسان ليبذل العطاء والتضحية بكل ما يملك في سبيل الدين والعقيدة.

 

خديجة الوفية والمتفانية :

أما السيدة خديجة (ع)، كانت الزوجة الوفية لزوجها رسول الله (ص)، والصادقة في إيمانها ووفائها.

كانت تستقبل النبي (ص) بقلبها وببشاشة وجهها لتهون عليه الشدائد وتخفّف عنه الالم والمصاعب، التي كان يواجهها في طريق الدعوة الاسلامية. لقد كانت السيدة خديجة الزوجة الثرية التي بذلت وأنفقت كل مالها وثرائها الواسع والجاهه الكبير في سبيل انجاح دعوة النبي (ص).

وفي السنة العاشرة من البعثة النبوية الشريفة كانت وفاة الرجل العظيم أبي طالب وبعده بمدة قصيرة وفاة السيدة خديجة (ع). وباتفاق جميع المؤرخين كانت السيدة خديجة أفضل زوجات النبي (ص) وأحسنهن سيرة وأخلاقا ووعيا وتضحية وعطاء، فسمى النبي (ص) ذلك العام بعام الحزن، لأنه فقد فيه أحب الناس وأعزهم عنده، فقد فيه الناصر والعزيز والمحب المخلص والوفي والحامي والمدافع عنه وعن رسالته.

ونستطيع معرفة حجم التضحيات التي قدمها كل من أبو طالب والسيدة خديجة في سبيل هذا الدين من تسمية النبي (ص) للعام الذي توفيا فيه "عام الحزن". ومن الواضح أيضا أن النبي (ص) لم ينطلق في حبه لهما وحزنه عليهما من مصلحته الشخصية أو من عاطفته إنما هو يحب في الله ويقدر أي إنسان ويحزن لفقده ويرتبط به روحيا وعاطفيا بمقدار ارتباط ذلك الانسان بالله عز وجل، وباخلاصه وتفانيه في سبيل الدعوة الإسلامية. فالنبي (ص). لم يتأثر على عمه أبي طالب والسيدة حديجة لأن هذه زوجته وذاك عمه وإلا فقد كان أبو لهب عمه أيضاً، وإنما تأثر عليهما وبكى لأجلهما لما وجده فيهما من قوة إيمان وصلابة وتضحيات وتفان في سبيل الله والعقيدة. ولما خسرته الأمة فيهما من جهاد وإخلاص قلّ مثيله في تلك الظروف الصعبة التي رافقت الدعوة في بداياتها.

ولقد لمّح النبي (ص) إلى ذلك حين جعل موت أبي طالب والسيدة خديجة خسارة ومصيبة للأمة جميعاً كما هو في صريح قوله :"اجتمعت على هذه الأمة مصيبتان لا أدري أيهما أنا أشدّ جزعاً".

 

الثلاثاء, 07 نيسان/أبريل 2015 06:25

تل أبيب: الاتفاق هزيمة للغرب ولنا

تنافس المستويان السياسي الرسمي والإعلامي داخل إسرائيل في التعبير عن المفاعيل السلبية للتفاهم النووي مع إيران، فما أجملته القيادة السياسية في بيانها الرسمي الذي صدر عن المجلس الوزاري المصغر أمس وتلاه بنيامين نتنياهو بنفسه، أسهب المعلقون في شرح أبعاده؛ إذ غلب على تعليقات الخبراء والمعلقين وصف ما جرى بأنه انتصار ونجاح لإيران، وهزيمة وفشل لإسرائيل. وإذا ما ورد وصفٌ للاتفاق بأنه جيد وينطوي على إيجابيات، فهو على قاعدة أنه لم يكن بالإمكان أكثر مما كان، لذلك فهو الأقل سوءاً بالنسبة إلى إسرائيل من الخيارات البديلة الأخرى الواقعية!

في هذا السياق، رأى ايتان هابر في صحيفة «يديعوت احرونوت» أن «الإنجازات السياسية التي تحققت في لوزان هي هزيمة فاخرة للعالم الغربي... وهزيمة أيضاً للرئيس الأميركي باراك أوباما»، مؤكداً أن الجمهورية الإسلامية لن تتنازل. ولفت هابر إلى أن ما قدمته إيران من تنازلات في لوزان هو «مثل تنازلات أي دولة أخرى معروفة لنا وتصرفت بأدب في الصف وتلقت في المقابل علامات عالية».
ولم تقتصر الهزيمة على العالم الغربي والأميركيين، وفق هابر، الذي سبق أن تولى إدارة مكتب رئيس الوزراء الأسبق إسحاق رابين، بل تنسحب باتجاه نتنياهو «الذي تلقى هزيمة قاسية أيضاً». لذلك اعتبر المسؤول السابق أن إيران باتت دولة ذات قدرات نووية، أياً كانت، وإن تأخرت بضع سنوات عن الوصول إلى ذلك. وحذر في الوقت نفسه من أن طهران تملك من الأرض والمال ما يسمح لها بتضليل أجهزة الاستخبارات كافة.
في «يديعوت» نفسها، قال معلق الشؤون السياسية، ناحوم برنياع، إنه لا يمكن إسرائيل أن تكون سعيدة في «اتفاق الإطار» الذي تحقق في لوزان، وشرح ذلك: «الاتفاق يوفر لإيران شرعية دولية لمكانتها كدولة حافة نووية، وهذا سيئ لإسرائيل ودول الخليج في المنطقة، وللاستقرار الإقليمي». وتابع: «الاتفاق يسمح لإيران بإعادة بناء اقتصادها وانطلاق النظام الإسلامي فيها»، إضافة إلى أنه يسمح للجمهورية الإسلامية بأن تواصل دعم حركات المقاومة من دون عراقيل... «ومهاجمة دول مجاورة والترويج لإبادة إسرائيل».
وفي ما يتعلق بترويج أوباما أن الاتفاق هو «أهون الشرور»، لمّح برنياع إلى أن معظم الإسرائيليين تعاطوا مع خطاب الرئيس الأميركي «باشتباه»، وخاصة أن خطواته في المنطقة انتهت في معظم الحالات بالفشل. ووصف إدارته بأنها تعاني «السذاجة والانهزامية، وسوء فهم الواقع في المنطقة والخوف الدائم من الالتزام العسكري»، ثم شكك في أن يعاود الغرب فرض العقوبات، حتى لو نقضت إيران الاتفاق، مشيراً إلى أن إلغاء العقوبات أسهل بكثير من إعادتها.
إلى ذلك، رأى برنياع أنه حان الوقت للكف عن الخيال، ودعا أيضاً إلى أن «نكون واقعيين»، مؤكداً في الوقت نفسه أنه «ليس لإسرائيل خيار عسكري بتدمير البرنامج النووي الإيراني، وحتى لو كان هناك خيار كهذا في الماضي، فقد انتهى». واستطرد قائلاً إن «الولايات المتحدة لن تقصف إيران، وخاصة أن الامتناع عن عملية عسكرية ضدها خيار يشترك فيه الحزبان الجمهوري والديموقراطي، فحتى لو هاجم الجمهوريون أوباما، فإنه ليس لهم أي مصلحة في أن يعتبروا مسؤولين عن حرب جديدة». وخلص المعلق السياسي إلى ضرورة قول الحقيقة: «كان لإسرائيل في هذه القضية فشل ذريع»، مضيفاً أن المعضلة التي يقف أمامها نتنياهو اليوم ليست بسيطة، وكذلك شكك في قدرة الكونغرس على عرقلة الاتفاق.
أما أليكس فيشمان، فاختار أن يبدأ مقالته بـ«الدرس القديم الذي تضطر إسرائيل إلى أن تتعلمه في كل مرة»، كما قال: «احفظني فقط ممن يحبني، وأنا سأتولى بنفسي من يكرهني»، مؤكداً أن أصدقاء إسرائيل في واشنطن «باعونا، وباعوا حلفاءهم الآخرين في الشرق الأوسط بأبخس الأثمان». ووصل فيشمان إلى استنتاجين: الأول أن «أي بند من البنود التي فُصِّلت في إعلان المبادئ لم يشر إلى تحويل البرنامج النووي العسكري إلى برنامج مدني، بل العكس هو الصحيح». وأشار كذلك إلى أن الاتفاق لم يتضمن أي نقاط تتعلق بالصواريخ الباليستية «والرؤوس المتفجرة النووية ولا قضايا البحث والتطوير العسكري».
الاستنتاج الثاني أنه إذا بقيت الرقابة بالفعل على المشروع النووي خلال المدة الزمنية التي تم الاتفاق عليها، يمكن افتراض أن إيران لن تتمكن من أن تحول قدرتها فجأة إلى سلاح نووي.
أما بوعز بسموت، فرأت في صحيفة «إسرائيل اليوم» أن «كلمة السر هي الثقة، ولا يوجد أي ثقة بالإيرانيين». وأضافت: «إذا كان هناك من فكر يوماً في الخيار العسكري يستطيع الآن أن ينقله من الدرج إلى الخزنة».
من جهة أخرى، اختار المعلق العسكري في صحيفة «هآرتس»، باراك رابيد، تبني الرؤية الأميركية انطلاقاً من أنه لم يكن هناك خيارات بديلة تحقق نتائج أفضل، لذا أوضح أن الاتفاق يتضمن نقاطاً إيجابية كثيرة تخدم المصلحة الأمنية الإسرائيلية انطلاقاً من أن «الاتفاق يفرض قيوداً كثيرة على البرنامج النووي الإيراني لسنوات... الأمر الذي لا يسمح لها (طهران) بإنتاج سلاح نووي». وأضاف رابيد: «أقصى ما يمكن أن تحققه إيران هو استخدام برنامجها لأغراض سلمية أو تخزينه في المخازن»، لكن ما تجاهله المعلق أن هذه الوجهة من الاستخدام هي التي يتبناها الطرف الإيراني، وعليه فإنه يقر ضمناً بأن الإيراني حقق هدفه، على الأقل لجهة ما يعلنه رسمياً طوال سنوات المفاوضات.

في اليوم الأول من السنة الإيرانية الجديدة 1394 هـ ش ألقى سماحة آية الله العظمى السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية عصر يوم السبت الموافق لـ 21/03/2015 م كلمة مهمة في حشود عشرات الآلآف من زوار الإمام علي بن موسى الرضا (ع) و أهالي مدينة مشهد المقدسة شارحاً شعار هذه السنة «الحكومة و الشعب، التعاطف و وحدة الكلمة»، و أكد على الواجب المتبادل بين الجانبين في دعم الشعب للحكومة القانونية الشرعیة، و كذلك ضرورة سعة صدر المسؤولين مقابل النقود المنطقية، و أشار إلى أربعة أركان أصلية في هندسة النظام الإسلامي و الفرص و التحديات التي تواجه النظام قائلاً: تحديد المسؤولين للأهداف و برمجتهم من أجل التقدم و الازدهار الاقتصادي و مساعدة كل أبناء الشعب، و الناشطين الاقتصاديين على الخصوص، و وسائل الإعلام للاقتصاد الوطني، هي واجبات كبيرة و عامة، و الساحة الاقتصادية اليوم ساحة معركة خاصة تحتاج إلى حراك جهادي على أساس تعبئة القدرات و الإبداعات الداخلية باستخدام الأدوات و الأساليب و السياسات الخاصة بهذه المعركة.
و أكد قائد الثورة الإسلامية بخصوص المفاوضات النووية: في إيران لا يوجد أي شخص يعارض الحل الدبلوماسي للملف النووي، و لكن من جهة أخرى فإن شعب إيران و المسؤولين و الوفد المفاوض لن يتنازلوا مقابل تعنت أمريكا و غطرستها و ما تريد أن تفرضه بالقوة، و سوف ينجحون في هذا الاختبار الكبير.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى آية من القرآن الكريم معتبراً المؤشرات الأربعة «الصلاة و الزكاة و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر» الترجمان و المؤشرات المكوّنة لهندسة النظام الإسلامي مردفاً: لقد وعد الله تعالى أي شعب تتوفر فيه هذه المؤشرات بالنصرة و الخروج من تحت نير و هيمنة المقتدرين الجائرين.
و أكد سماحته قائلاً: كل واحد من هذه المؤشرات له جوانب فردية و كذلك اجتماعية لها دورها المؤثر في صناعة النظام الإسلامي.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى الجانب الفردي للصلاة في سعادة الإنسان المؤمن و فلاحه مضيفاً: للصلاة في الوقت نفسه جوانب اجتماعية فهي الممهد لتركيز القلوب و تواصلها بعضها مع بعض في زمن واحد و نحو قطب واحد.
و ألمح قائد الثورة الإسلامية إلى دور الزكاة في التمهيد لتعزيز روح التضحية لدى الإنسان، و أضاف موضحاً البعد الاجتماعي للزكاة: تدل الزكاة في بعدها الاجتماعي على أن الفرد المسلم ليس عديم الاكتراث إزاء المجتمع الإسلامي و الفقراء و الضعفاء و المعوزين.
و عدّ قائد الثورة الإسلامية الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر أساساً لكل الأحكام الإسلامية، و شدد على أن جميع المؤمنين في أيّ مكان من العالم مكلفون بتوجيه المجتمع نحو الخير و الصلاح و المعروف و تحذيره من السير صوب الانحطاط و الفساد، قائلاً: ما ينبغي أن يحظى بالاهتمام المحوري هو الأمر بأكبر معروف أي تأسیس النظام الإسلامي و صيانته.
و أوضح سماحته أن من النماذج الكبيرة الأخرى للمعروف التي من واجب الجميع السعي لتحقيقها صيانة سمعة الشعب الإيراني، و رفع مستوى الثقافة، و سلامة البيئة الأخلاقية، و سلامة البيئة العائلية، و زيادة النسل و تربية الأجيال الشابة الجاهزة للعمل على رفعة البلاد، و العمل على ازدهار الاقتصاد و الإنتاج، و نشر الأخلاق الإسلامية، و إشاعة العلم و التقنية، و تكريس العدالة القضائية و الاقتصادية، و المجاهدة من أجل الوحدة الإسلامية، و رفعة الشعب و اقتدار الأمة الإسلامية.
كما أشار قائد الثورة الإسلامية إلى مصاديق لأكبر صنوف المنكر منها الابتذال الثقافي، و مساعدة الأعداء، و إضعاف النظام و الثقافة الإسلاميين، و إضعاف الاقتصاد، و عرقلة العلم و التقنية، مردفاً: الذات الإلهية المقدسة هي أول آمرة بالمعروف و ناهية عن المنكر، و الرسول الأكرم (ص) و الأئمة المعصومون (عليهم السلام) هم من أكبر و أفضل الآمرين بالمعروف و الناهين عن المنكر، و من الضروري على المؤمنين في أي مكان من العالم الإسلامي أن يعملوا بهذه الفريضة الإلهية.
و تابع آية الله العظمى السيد الخامنئي حديثه بإيضاح شعار السنة الإيرانية الجديدة «الحكومة و الشعب، التعاطف و وحدة الكلمة» و قال إن اختيار هذا الشعار جاء على أساس هذه المؤشرات الأصلية الأربعة، و في سياق الانسجام الوطني و الاجتماعي بين كل أبناء الشعب في النظام الإسلامي مضيفاً: الإسلام يطالب كل الأذواق الاجتماعية بالانسجام و التعاضد و مساعدة بعضهم للبعض الآخر، و عليه فإن كل حكومة في النظام الإسلامي يجب أن تحظى بدعم كل الشعب حتى الذين لم يصوّتوا لها.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية وحدة الكلمة بين الشعب و الحكومة، و خصوصاً عندما تمر البلاد بتحديات مهمة، أمراً ضرورياً مضيفاً: واجب كل أبناء الشعب اليوم أن يساعدوا مسؤولي البلاد و الحكومة و يدعموهم.
و اعتبر سماحته التعاون مع الحكومات في النظام الإسلامي و مساعدتها مبدأ ثابتاً و دائمياً، و قال شارحاً هذه القضية: الهمّ الأصلي و الأساسي لكل الحكومات هو معالجة مشكلات الشعب و البلاد بمقدار الاستطاعة، و عليه فمن واجب الجميع مساعدة الحكومات لحل هذه المشكلات.
و اعتبر سماحته أصوات أكثرية الشعب ممهداً لشرعية الحكومات قانونياً، و أضاف قائلاً: ليس من المهم نسبة المواطنين الذين منحوا أصواتهم لرئيس الجمهورية، إنما أية حكومة تنتخب بأيّ عدد من أصوات أكثرية الشعب هي حكومة شرعية حسب دستور البلاد، و على الشعب أن يساعد الحكومة القانونية بكل ما يستطيع.
و استطرد قائد الثورة الإسلامية موضحاً أن حقوق الجانبين تصان و تحفظ في أجواء التعاون و المساعدة هذه، و تطرّق إلى قضية الناقدين و طريقة طرح النقود و كيفية اتخاذ المواقف من الناقدين.
و أشار سماحته إلى سياق طبيعي دائم يتمثل بوجود جماعة ناقدة لكل حكومة قائلاً: هذه الحكومة أيضاً لها نقادها شأنها في ذلك شأن الحكومات السابقة، و لا يوجد أي إشكال أو مانع من أن ينتقد الحكومة الذين لا يوافقون نهجها و كلامها و سياستها، بيد أن النقود يجب أن تطرح في الإطار المنطقي.
و لفت آية الله العظمى السيد الخامنئي قائلاً: أنا أيضاً كانت لديّ انتقاداتي للحكومات على اختلافها، و لم أحجم عن طرح النقد في أي موضع وجدت أنه جدير بالنقد، بيد أنني طرحت المؤاخذات و الملاحظات في وضع مناسب و بشكل مناسب.
و قال قائد الثورة الإسلامية في معرض بيانه لأطر النقد المنطقي: يجب أن لا يكون النقد بحيث يسلب الثقة العامة بالمسؤولين العاملين، فيؤدي إلى أن لا يعود الشعب على ثقة بمسؤوليه، و ينبغي أن لا يكون أي نقد مصحوباً بالإهانة و الأساليب الغاضبة.
و اعتبر سماحته السلوك على أساس الأخوة الإسلامية و المماشاة و التعاطف و النظرة الرحيمة من المعايير الأخرى اللازمة لطرح النقود مردفاً: هذه التوصيات طبعاً ثنائية الاتجاه، و على مسؤولي البلاد في السلطات الثلاث أيضاً مراعاة هذه الحدود و التعامل بسلوك مناسب مع نقادهم بعيداً عن الإهانات و الامتهان، لأن إهانة الناقدين من قبل المسؤولين بخلاف التدبير و الحكمة.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي: إنني لا أدعو شعبنا العزيز لعدم الاكتراث و التفرّج، إنما ادعوهم للاهتمام بقضايا البلاد، و أصرّ على أن لا يكون التعامل تخريبياً مصحوباً بالإهانات و التحقير سواء من قبل الشعب أو من قبل المسؤولين.
و تابع سماحته: أن يكون البعض قلقین و مهمومین تجاه قضية مهمة في البلاد فليس هذا بجريمة و لا مانع منه أبداً، لكن هذا يجب أن لا يعني توجيه الاتهامات و تجاهل الجهود و الخدمات، و من جانب آخر لا ينبغي على الحكومة و أنصارها توجيه الإهانات للذين يبدون قلقهم و همومهم.
و ألمح قائد الثورة الإسلامية إلى منهجه الثابت في دعم كل الحكومات الماضية مؤكداً: إنني أدعم هذه الحكومة أيضاً، و أنا طبعاً لا أوقّع على شيك أبيض لأيّ شخص، إنما أعمل و أقيّم على أساس أداء الحكومات.
و واصل قائد الثورة الإسلامية حديثه بالإشارة إلى الفرص الكبرى أمام البلاد و كذلك التحديات التي تواجه البلاد ملفتاً: بالبرمجة و التوظيف الصحيح للفرص و الإمكانيات يمكن التغلب على التحديات بتوفيق من الله.
و اعتبر آية الله العظمى السيد الخامنئي الطاقات البشرية الكفوءة و المبدعة و الشابة في الغالب و مواكبة الشعب و الشباب للنظام الإسلامي من جملة الفرص الكبيرة للبلاد، و أضاف قائلاً: على الرغم من القصف الإعلامي الواسع للأجانب ضد شباب البلاد من أجل بث اليأس فيهم تجاه المستقبل، أو حشرهم في مواقف معادية للنظام الإسلامي، أو دفعهم صوب التحلل و اللاأبالية، لكن عشرات الملايين من هؤلاء الشباب يخرجون في يوم الثاني و العشرين من بهمن (ذكرى انتصار الثورة الإسلامية) إلى الشوارع في كل أنحاء البلاد و يبدون حبهم العميق للنظام الإسلامي و الإمام الخميني الراحل (رض).
و اعتبر سماحته التقدم العلمي خلال فترة الحظر المفروض فرصة أخرى من الفرص الكبيرة أمام البلاد قائلاً: حالات التقدم العلمي المختلفة في الأعوام الأخيرة، بما في ذلك تشغيل مشاريع صناعية كبيرة و معقدة مثل المرحلة 12 من حقول پارس الجنوبية للغاز، و إطلاق معدات جديدة و مثيرة لدهشة الأعداء في مناورات القوات المسلحة، حصلت كلها خلال فترة تصور الخصوم أنهم فرضوا فيها حظراً يشلّ إيران.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية الحظر الحالي فرصة على الرغم ما يسببه من صعوبات، ثم تطرق لبعض التحديات التي تواجه النظام الإسلامي موضحاً: من أهم التحديات الحالية أمام البلاد موضوع الاقتصاد الوطني و معالجة المشكلات الاقتصادية و المعيشية للشعب، و هذه القضية بحاجة إلى تحرك جاد و عمل كبير.
و ذكر آية الله العظمى السيد الخامنئي بتخمينه قبل سنوات حول تركيز الأعداء على الموضوع الاقتصادي و ضرورة جاهزية المسؤولين ملفتاً: قال خصوم الشعب الإيراني بصراحة أن هدفهم من الضغط الاقتصادي هدف سياسي هو إيجاد حالة عدم رضا بين الشعب و إفساد أمن البلاد بإيقاف الشعب في موقف مضاد للحكومة و النظام.
و شدد سماحته على أن مواجهة هذا التحدي بحاجة إلى مواكبة و تعاطف بين جميع القوى و المسؤولين و الاهتمام الجاد بموضوع الاقتصاد، و نوّه بأربعة نقاط.
و كانت النقطة الأولى التي لفت لها قائد الثورة الإسلامية تأكيده على ضرورة الحراك الجهادي مقابل سياسات أمريكا العدوانية في ساحة المعركة الاقتصادية، و أشار سماحته في هذا الخصوص إلى رؤيتين موجودتين في البلاد بخصوص معالجة القضايا و المشكلات الاقتصادية.
و استطرد سماحته: ثمة رؤية في البلاد ترى أنه يجب تحقيق التقدم و الازدهار الاقتصادي باستخدام الإمكانيات و القدرات الداخلية للبلاد و التي قل ما جرى الالتفات لها لحد الآن، أو إنها لم تستخدم أصلاً.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: في المقابل ترى الرؤية الثانية أن الازدهار و التقدم الاقتصادي ممكن بالنظر إلى خارج الحدود، لذلك علينا تغيير السياسة الخارجية و التأقلم مع المستكبر و تقبل غطرسته و عسفه من أجل حل المشكلات الاقتصادية!
و أكد سماحة آية الله العظمى السيد الخامنئي: هذه الرؤية الثانية خاطئة بالمرة و عقيمة و لا جدوى منها.
و أوضح سماحته في بيانه لسبب خطأ هذه الرؤية الثانية: الحظر الغربي الراهن ضد شعب إيران دليل واضح على خطأ رؤية الازدهار الاقتصادي بالاهتمام بالخارج، لأن القوى الخارجية لا تقنع بأية حدود من الغطرسة و التعسف، مضافاً إلى أنها تخلق مشكلات مفاجئة و غير متوقعة مثل التخطيط لخفض أسعار النفط العالمية و توجيه ضربات لاقتصاد البلاد.
و أضاف آية الله العظمى السيد الخامنئي: يحاول خصوم الشعب الإيراني في الوقت الحالي تقوية الرؤية الثانية، و لهذا السبب يقول رئيس جمهورية أمريكا في رسالته بمناسبة النوروز مخاطباً الشعب الإيراني إنكم إذا وافقتم على مطاليبنا في المفاوضات النووية فسوف تتحقق في بلد إيران أعمال و رساميل و ازدهار اقتصادي.
و أكد سماحته: النظر إلى الخارج من أجل حل القضايا الاقتصادية لن يؤتي نتيجة على الإطلاق، لذلك ينبغي دوماً السعي لتفعيل الإمكانيات الداخلية للبلاد، و الاقتصاد المقاوم الذي حظي بترحيب كل الخبراء الاقتصاديين يهتم بالقدرات و الإمكانيات الداخلية للبلاد و الشعب.
و النقطة الثالثة التي ذكرها قائد الثورة الإسلامية بخصوص الشؤون الاقتصادية هي ضرورة رسم الأهداف و السياسات من قبل المسؤولين و عدم الوقوع في فخ الروتين اليومي.
و قال آية الله العظمى السيد الخامنئي: الهدف الأهم الذي ينبغي للمسؤولين و الشعب الاهتمام به اهتماماً خاصاً في هذه السنة هو تعزيز الإنتاج الداخلي.
و أضاف سماحته مبيناً سبل تعزيز الإنتاج الداخلي: دعم المراكز الإنتاجية المتوسطة و الصغيرة، و تقوية نشاطات المراكز العلمية المحور، و خلق نهضة خفض بيع الخامات، و تسهيل الاستثمارات، و خفض استيراد البضائع الاستهلاكية و محاربة التهريب، هي سبل دعم الإنتاج الداخلي، و طبعاً يمكن للبنوك أن تمارس دوراً داعماً أو تخريبياً في هذا الخصوص، لذلك على مسؤولي البنوك الكبار في البلاد أن يهتموا اهتماماً خاصاً بهذا الموضوع.
و شدد قائد الثورة الإسلامية على أن تنفيذ هذه الأعمال و تطبيقها عملية صعبة، و لفت في الوقت نفسه: على المسؤولين القيام بهذه الأعمال الصعبة لأن قضية الاقتصاد و الازدهار الاقتصادي قضية مهمة.
و ذهب آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى أن دور المستثمرين و الشعب في دعم الإنتاج الداخلي مؤثر جداً و أضاف يقول: توجيه الرساميل صوب الإنتاج و استهلاك المنتجات الداخلية و تحاشي الإسراف من جملة أساليب دعم الإنتاج الداخلي.
و في معرض بيانه للنقطة الرابعة و الأخيرة في موضوع الاقتصاد الوطني أكد سماحته قائلاً: الحظر هو أداة العدو الوحيدة لمواجهة الشعب الإيراني، لذلك إذا تم البرمجة و العمل بتدبير صحيح و بالاعتماد على الطاقات الداخلية فإن تأثير الحظر سوف يقل ثم يكون عديم الجدوى.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: إذا أبدي مسؤولو الحكومة و أبناء الشعب و الناشطون الاقتصاديون الهمم، و ساعدتهم وسائل الإعلام العامة، سوف نرى أن الحظر غير قادر على منع شعب إيران من التقدم.
و تابع آية الله العظمى الإمام الخامنئي حديثه بالتطرق لموضوع المفاوضات النووية و أشار إلى جملة من النقاط في هذا الخصوص.
أشار سماحته إلى السياسات و المخططات الدقيقة للطرف المقابل في المفاوضات و خصوصاً أمريكا قائلاً: الأمريكان يحتاجون هذه المفاوضات حاجة ماسة و خلافاتهم الداخلية سببها هو أن التيار المنافس للحكومة الأمريكية الحالية يحاول أن لا يتسجّل امتياز هذه المفاوضات باسم الحزب المنافس له.
و أشار سماحته إلى نداء رئيس جمهورية أمريكا بمناسبة النوروز و كلامه غير الصادق في هذا النداء، مضيفاً: يقول رئيس جمهورية أمريكا في ندائه أن هناك في إيران أفراداً يعارضون حل الموضوع النووي دبلوماسياً، و الحال أن هذا الكلام كاذب، إذ لا يوجد في إيران أي فرد يعارض حل القضية النووية عن طريق المفاوضات.
و لفت قائد الثورة الإسلامية: الشيء الذي يعارضه الشعب الإيراني هو غطرسة الحكومة الأمريكية و تعسفها الذي يقف شعب إيران في وجهه.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي: لا المسؤولون و لا الوفد المفاوض و لا شعب إيران لن يتقبلوا غطرسة أمريكا على الإطلاق.
و أكد الإمام الخامنئي مجدداً على أن المفاوضات الحالية بين إيران و أمريكا هي حول الموضوع النووي فقط و ليست بشأن أي موضوع آخر، ملفتاً: إننا لن نتفاوض مع أمريكا أبداً بشأن القضايا الداخلية و الإقليمية و موضوع التسلح، لأن سياسة أمريكا في المنطقة هي زعزعة الأمن و مجابهة شعوب المنطقة و الصحوة الإسلامية، و هذه السياسة على الضد من السياسات المحورية للجمهورية الإسلامية الإيرانية.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى تصريحات الأمريكيين المتكررة بأن الحظر سوف يرفع تدريجياً بعد الاتفاق و بعد دراسة سلوك إيران و أدائها، معتبراً ذلك خدعة، و أضاف قائلاً: هذا الكلام غير مقبول لأن رفع الحظر جزء من المفاوضات و ليس نتيجة للمفاوضات، و عليه كما صرح رئيس جمهورية إيران المحترم بوضوح فإن رفع الحظر يجب أن يحصل بعد الاتفاق فوراً.
كما أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى تصريحات الأمريكيين بأن قرارات إيران في أي اتفاق يجب أن لا تقبل العودة، قائلاً: هذا الكلام أيضاً غير مقبول لأنهم إذا كانوا يقررون لأنفسهم الحق في أن يعيدوا الحظر إلى حاله بعد الاتفاق المحتمل و بسبب أية ذريعة من الذرائع، إذن لا يبقى أي سبب في أن نقبل خطوات و إجراءات لا يمكن العودة عنها.
و أكد سماحته قائلاً: الصناعة النووية الإيرانية صناعة محلية و شعبية يجب أن تتقدم، و التقدم هو من ذات أية صناعة و تقنية.
و ألمح قائد الثورة الإسلامية إلى ادعاء الأمريكان بأن إيران تحاول الحصول على سلاح نووي قائلاً: هم أنفسهم يعلمون أننا في هذه المفاوضات كنا ملتزمين بكل التعهدات الدولية و بکل التزامات الأخلاق السياسية، و لم ننقض عهودنا و لم نتلون، و لكن في المقابل نكث الأمريكان عهودهم و غشوا و تلونوا و كانت لديهم ازدواجية في المواقف و الكلام.
و اعتبر آية الله العظمى السيد الخامنئي سلوك الأمريكان في المفاوضات النووية درساً و عبرة لشعب إيران ملفتاً: سلوك الأمريكان هو أيضاً عبرة و درس لبعض المجاميع التنويرية داخل البلاد ليتنبهوا من هو الطرف المقابل في المفاوضات و ما هو سلوك أمريكا.
و أشار سماحته إلى بعض التهديدات الأمريكية باحتمال زيادة الحظر أو التحرك العسكري في حال عدم الاتفاق، مؤكداً: هذه التهديدات لا تخيف الشعب الإيراني، لأن هذا الشعب واقف و صامد و سيخرج بكل نجاح من هذا الاختبار الكبير.
و عدّ السيد علي الخامنئي التوفيق و الإمداد الإلهيين العامل الأصلي في نجاح شعب إيران في هذه المسيرة مردفاً: ثمة أعمال كبيرة تقع على عاتق الحكومة و الشعب منها موضوع الاتحاد الإسلامي و مساعدة الشعوب المستضعفة و نشر النفوذ المعنوي للإسلام في المنطقة، و الذي يرفع الشعب الإيراني اليوم رايته.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي في جانب آخر من حديثه إلى السابقة التاريخية للنوروز و اعتبر مراسم النوروز الحالية إبداع إسلامي ذكي ملفتاً: كان النوروز القديم نوروز الملوك و فرصة للسلاطين و الحكام المستبدين ليستعرضوا فيه عظمتهم و جلالهم الظاهريین أمام الشعوب، لكن الإيرانيين المسلمين غيّروا هذا النظام و الإطار لصالحهم بذكاء.
و اعتبر سماحته حقيقة النوروز حقيقة شعبية مؤكداً: النوروز اليوم ليس النوروز القديم إنما هو نوروز إيراني و نوروز شعب مسلم استطاع أن يصنع من إطار هذه المراسم لنفسه رصيداً من أجل التحرك صوب الأهداف المعنوية.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: نجد الآن في أيام النوروز و ساعات بداية السنة الجديدة أن أكثر الأماكن ازدحاماً في مناطق البلاد الواسعة هي المراقد المقدسة للأئمة و أبناء الأئمة (سلام الله عليهم).
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى تزامن الأيام الفاطمية مع النوروز قائلاً: في ضوء النظرة الإيرانية الذكية للنوروز يجب أن لا يكون لمراسم النوروز هذه السنة أي تعارض مع تكريم و احترام ذكرى استشهاد سيدة العالم الإسلامي الكبرى فاطمة الزهراء (س)، و لن يحصل مثل هذا التعارض يقيناً.

بسم الله الرحمن الرحيم
يا مقلّب القلوب و الأبصار، يا مدبّر اللّيل و النّهار، يا محوّل الحول و الأحوال، حوّل حالنا إلى أحسن الحال.
السّلام على فاطمة و أبيها و بعلها و بنيها.
تصادف بداية العام أيام استشهاد السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها). و حبّ شعبنا لعترة الرسول (ص) و لابنة الرسول الأعظم الكريمة، له مقتضياته التي ينبغي على الجميع مراعاتها، و سوف يراعونها يقيناً. نتمنى أن تكون هذه الأيام و هذه السنة مفعمة بالبركات الفاطمية، و أن يترك الاسم المبارك لهذه السيدة الجليلة و ذكراها تأثيراتها العميقة الباقية في حياة شعبنا خلال سنة 1394 . و نتمنى أن تكون بداية ربيع الطبيعة، و هي بداية السنة الهجرية الشمسية الجديدة، مباركة على شعب إيران، و على كل الشعوب التي تحيي النوروز. نتقدم بتحية ترابية متواضعة لساحة حضرة بقية الله الأعظم (أرواحنا فداه) و نحيّي في هذه الفرصة ذكرى إمامنا الخميني الجليل و الشهداء، و نأمل من الله أن يمتّعنا ببركات الأدعية و الأنفاس الطيبة لأرواح هؤلاء الأعزاء الطاهرة. نلقي نظرة إجمالية على سنة 1393 و نظرة إجمالية على السنة الجارية التي تبدأ في هذه الساعات. لقد كانت سنة 93 سنة زاخرة بالأحداث بالنسبة لبلادنا على المستوى الداخلي و على الصعيد الخارجي و الدولي. لقد كانت هناك تحديات واجهتنا، و كانت لنا في الوقت نفسه إنجازات و حالات تقدم. في بداية سنة 93 و بالنظر لهذه التحديات أطلقنا على السنة اسم «العزم الوطني و الإدارة الجهادية». و بإلقاء نظرة على ما مرّ في سنة 93 نشاهد أن العزم الوطني قد ظهر و برز و الحمد لله. لقد أثبت شعبنا عزيمته الراسخة على تحمل بعض المشكلات التي كانت أمامه، كما أبدى عن نفسه هذه العزيمة و الهمة و أثبتها في يوم الثاني و العشرين من بهمن، و يوم القدس، و في مظاهرات الأربعين العظيمة. و قد كانت الإدارة الجهادية بدورها بارزة و ظاهرة في بعض القطاعات و الحمد لله. و قد شهدنا الإنجازات و الحالات التقدم في القطاعات التي يشاهد فيها المرء الإدارة الجهادية. و هذه طبعاً ليست توصية تختص بعام 93 ، فالعزم الوطني و الإدارة الجهادية ضروريان لشعبنا في هذا العام و في كلّ الأعوام المستقبلية.
أما في سنة 94 فلدينا آمال كبيرة لشعبنا العزيز، و كل هذه الآمال ممكنة التحقيق. آمالنا الكبيرة للشعب في هذا العام هي التقدم الاقتصادي، و الاقتدار و العزة الإقليمية و الدولية، و القفزات العلمية بالمعنى الحقيقي، و العدالة القضائية و الاقتصادية، و الإيمان و المعنوية، و الإيمان هو الأهم بين هذه الآمال، و یعتبر رصيد كل الآمال و الجوانب الأخرى. نعتقد أن كل هذه الآمال و المطامح ممكنة، و ليس أيّ منها خارج حيّز إمكانية الشعب الإيراني و سياسات النظام. إمكانياتنا كبيرة جداً، و ثمة في هذا المجال كلام سوف أشير إن شاء الله إلى أهم نقاطه في كلمة عصر [يوم السبت].
ما أودّ قوله لشعبنا العزيز في هذه الساعة هو أن هذه الإمكانية العظيمة و المهمة ممكنة التحقيق، و لكن لها شروطاً. من أهم شروطها التعاون الصميمي بين الشعب و الحكومة. إذا تحقق هذا التعاون الصميمي من الجانبين فلا شك في أن كل آمالنا ستكون ممكنة و سوف يرى شعبنا العزيز آثار ذلك عياناً. الحكومة وكيلة الشعب، و الشعب موكل الحكومة. كلما كانت الصميمية و التعاون و التعاطف بين الشعب و الحكومة أكثر تقدمت الأعمال و الأمور إلى الأمام بصورة أفضل. يجب أن يثقوا ببعضهم. على الحكومة أن تؤمن بالشعب بالمعنى الحقيقي للكلمة، و تتقبل أهمية الشعب و قدراته بشكل صحيح، و على الشعب أيضاً أن يثق بالحكومة، و هي وكيلته في أعماله و مشاريعه، بالمعنى الحقيقي للكلمة. و لديّ في هذا الصدد أيضاً كلام و توصيات سوف أشير لها في كلمتي إن شاء الله. لذلك يلوح لي أنه ينبغي اعتبار هذا العام عام التعاون الواسع بين الحكومة و الشعب، و قد اخترت لهذه السنة شعار: «الحكومة و الشعب، التعاطف و وحدة الكلمة». نرجو أن يتحقق هذا الشعار على المستوى العملي، و أن تستطيع كفّتا هذا الشعار، أي شعبنا العزيز الكبير الهميم الشجاع البصير العالم، و كذلك الحكومة الخدومة، أن تعملا به بالمعنى الحقيقي للكلمة، و تجدا آثار ذلك و نتائجه.
نسأل الله تعالى لبلادنا التقدم في كل الأمور الكبيرة، و أن يوفقنا لتقديم الخدمة.
و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته.‌

السبت, 14 آذار/مارس 2015 08:16

الحرب الزائفة

الحملة الجوية المزعومة، التي تقودها اميركا على رأس «تحالف دولي» في العراق وسوريا، تحوي مفارقات لا يمكن تفسيرها أو عقلنتها، وهي أسئلة بدأ النقاش حولها يموج حتى في اميركا، بين العسكريين والخبراء. السؤال باختصار هو: كيف يمكن للطيران الأميركي، الذي سبق أن حطّم جيوشاً ضخمة خلال أيام من القصف، وقلب الوضع العسكري في ليبيا لحظة تدخّله، أن «يضرب» تنظيماً كـ «داعش» لشهورٍ متواصلة من غير أن يترك تأثيراً حقيقياً، أو تنهار الميليشيا المعادية؛ بل إنّ «داعش» تمكّن من الثبات في مواقعه وشنّ هجمات توسعية؟

لم تعد بيانات وادعاءات قيادة التحالف عن قتل «الآلاف» من مقاتلي التنظيم (وهي معلومات ليس بامكانهم الحصول عليها والتيقن منها من الجو) مقنعة، وتكريس عين العرب\كوباني كملحمة و»انجاز» مزحة سمجة. تمّ تركيز القوة الجويّة للتحالف، لأشهر، لاخراج «داعش» من بلدة حدودية مهجورة، هي بحجم حيٍّ صغير في تكريت أو الموصل. من هنا انطلق ريك فرانكونا، وهو عقيد متقاعد في سلاح الجو الأميركي، حين كتب مقالاً يشكك في فعالية الحملة الجوية.
أعطى فرانكونا مثالاً عملياً عن قرية اشورية في منطقة الحسكة، هاجمها «داعش» بموكب من أكثر من أربعين عربة مسلّحة، تقدّم مكشوفاً عشرات الكيلومترات، واحتل البلدة وأسر نساءها وأطفالها تحت عين التحالف، فكيف يحصل ذلك؟ هذه الأسئلة كرّرها جنرالٌ متقاعد، اسمه دايفيد ديبتولا، في مقابلة مع «راديو اميركا»، قال فيها إنّ تأثير الحملة الجوية لا يعكس الا «نسبة ضئيلة» من القدرات الأميركية.
بحث هؤلاء عن تفسيرات «حسنة النية» لانتفاء الفعالية العسكرية، طارحين عوامل كالبيروقراطية ومركزية القرار، اذ يقول الطيارون إنّهم لا يُعطون الاذن بالقصف الا بعد أن يشاهد جنرالٌ الهدف على شاشةٍ أمامه، ثمّ يجيز الضربة. وقد قال أحدهم لفرانكونا انّه وجد نفسه يحلّق لساعات فوق قوات لـ «داعش» ترتكب جرائم، وهو ينتظر الاذن بالتدخّل.
السّبب الحقيقي لهذا العجز واضحٌ وبسيط، وهو أنّ الضربات رمزية ومتناثرة وقليلة، وهي لم تصمّم أساساً كحملة لتدمير تنظيم «الدولة» أو اذيته بشكلٍ جديّ. يعقد الجنرال ديبتولا مقارنة بين الحملة الجوية ضد العراق عام 1991، حين كان المعدّل أكثر من 3000 طلعة و1100 هجوم في اليوم، مع الحملة الحالية التي يوازي عدد ضرباتها الاجمالي، بعد ستة أشهر، يومين من أيام الغارات ضد الجيش العراقي. خمس الى سبع ضربات في اليوم لا تكفي لقهر عصابة مخدرات مكسيكية، ناهيك عن تنظيم عسكري كبير.
يمكننا أن نفهم، من هنا، الاستراتيجية الأميركية الحقيقية خلف تأسيس «الحلف»، ومعنى تصريح القادة الأميركيين، الصيف الماضي، بأن قهر «داعش» سيستلزم حرباً تمتد لسنوات. السنوات الثلاث هي، فعلياً، الفترة التي تحتاجها واشنطن لتأسيس جيشٍ لها في كردستان وبين عشائر العراق، كما تفعل حالياً في سوريا، بهدف بناء تشكيل عسكري يشبه «تحالف الشمال»، يتبع لها، ويقاتل مع طيرانها، ويخوض معاركها في المستقبل.
همّ اميركا ليس هزيمة «داعش»، بل استخدام الأزمة للدخول مجدداً الى العراق وتثبيت بنية عسكرية دائمة في المنطقة. في جلسة أخيرة للكونغرس، لم يدافع جون كيري عن الحرب من منطلق نجاحاتها أو ضرورتها، بل تباهى بأن «خمس دولٍ عربية سنية» تشارك، لأول مرّة، في حلف اميركي يضرب دولاً أخرى في المنطقة. حين يدحر العراقيون «داعش» بأيديهم، فهم ايضاً يهزمون عدواً أخطر وأخبث وأقوى شكيمة، ويحطمون آماله وخططه.

الإيمان بالله تعالى هو أساس الأمن والفلاح، والسعادة والنجاح، والطمأنينة والإرتياح. والكفر بالله تعالى ضلال وضياع، ودمار وهلاك، ونكد وقلق، وجحيم وشقاء، ولست تجد أطيب قلباً، ولا أشرح صدراً، ولا أصفى ذهناً، ولا أهنأ عيشاً من المؤمنين بالله، إنّهم يعيشون سعادةً لو علم بها الملوك وأبناء الملوك لجالدوهم عليها بالسيوف.

«وما يستوي الأعمى والبصير * ولا الظلمات ولا النور» (فاطر/ 19-20).

إنّ الإيمان نور، نور في القلب، ونور في الجوارح، ونور في الحواس. نور يكشف حقائق الأشياء والقيم والأحداث وما بينها من ارتباطات ونسب وأبعاد. فالمؤمن ينظر بهذا النور، نور الله، فيرى تلك الحقائق ويتعامل معها، ولا يخبط في طريقه ولا يطيش في خطواته!

والإيمان بصر، يرى. يرى رؤية حقيقيّة صادقة غير مهزوزة ولا مخلخلة، ويمضي بصاحبه في الطريق على نور وعلى ثقة وفي اطمئنان.

والإيمان ظل ظليل تستروحه النفس ويرتاح له القلب، ظل من هاجرة الشك والقلق والحيرة في التيه المظلم بلا دليل!

والإيمان حياة. حياة في القلوب والمشاعر، حياة في القصد والإتجاه، كما أنّه حركةٌ بانية، مثمرة، قاصدة، لا خمود فيها ولا همود، ولا عبث فيها ولا ضياع.

إنّ المؤمن ليس بحاجة إلى مَن يؤكد له وجود الله تعالى، أو يشرح له ضرورة الإيمان، ولكنني أورد هنا مقاطع وكلمات وشهادات واعترافات لبعض رجال العلم، وأهل الفكر، وأرباب الفلسفة.

هذا الطبيب النفسي الأمريكي الشهير الدكتور «هنري لنك» الذي كفر بالدين، وحارب الإيمان، وأنكر وجود الإله، عاد بعد رحلةٍ طويلة، وتجارب عديدة، عاد إلى رحاب الإيمان، وله مقالات عديدة وشهادات فريدة، وممّا قال: "الدين هو الإيمان بوجود قوة ما كمصدر للحياة، هذه القوة هي قوة الله، مدبر الكون، خالق السماوات، وهو الإقتناع بالدستور الخلقي الإلهي الذي سنّه الله في كتبه المتعاقبة، واعتبار التعاليم السماوية أثمن كنز تغترف منه الحقائق الدينية، وهي أسمى في مرماها من العلوم كلّها مجتمعة".

ويقول: "لقد أدّت دراستي العميقة للأفراد إلى مشاهدتي ذلك القبس المضيء من نور الهداية. وسواء كان أمل الإنسان هو في الحصول على الوظيفة اللائقة أو الأمن الإقتصادي أو الإطمئنان الإجتماعي أو السعادة الزوجية، فلن يعمّ الرخاء إلا إذا حارب الناس أسلوب الحياة الراهنة والمجتمع الحالي حرباً لا هوادة فيها، تقود جذوتها عدّة من المثل العليا العملية الصادقة.

فالدين الذي أتكلّم عنه ليس ملجأ الضعفاء، ولكنه سلاح الأقوياء، فهو وسيلة الحياة الباسلة التي تنهض بالإنسان ليصير سيِّد بيئته المسيطر عليها، لا فريستها وعبدها الخانع".

ويقول أحدهم: "إنّ العالم في حقيقة أمره يزيد عجائبنا ولا يحلها، هذا الفلكي بعلمه ودقته وحسابه ورصده وآلته، ماذا صنع؟ أبان بأن ملايين النجوم في السماء بالقوة المركزية بقيت في أماكنها أو أتمت دورتها، كما أنّ قوة الجاذبية في العالم حفظت توازنها، ومنعت تصادمها، ثمّ استطاعوا أن يزنوا الشمس والنجوم، ويبيِّنوا حجمها وسرعتها وبُعدها عن الأرض، فزادونا عجباً. ولكن ما الجاذبية؟ وكيف وجدت؟ وما القوة المركزية؟ وكيف نشأت؟ وهذا النظام الدقيق العجيب كيف وجد؟ أسئلة تخلى عنها الفلكي لمّا عجز عن حلّها، وأبان الجيولوجي لنا من قراءة الصخور كم من ملايين السنين قضتها الأرض حتى بردت؟ وكم آلاف من السنين مرّت عليها في عصرها الجليدي، وكيف غمرت بالماء؟ وكيف ظهر السطح؟ وأسباب البراكين والزلازل، وكذلك فعل علماء الحياة في حياة الحيوان، وعلماء النفس في نفس الإنسان، ولكن هل شرحوا إلا الظاهر، وهل زادونا إلا عجباً؟

سلهم كلهم بعد السؤال العميق الذي يتطلبه العقل دائماً، وهو: مَن مؤلف هذا الكتاب المملوء بالعجائب التي شرحتم بعضها وعجزتم عن أكثرها؟ أتأليف ولا مؤلف، ونظام ولا منظم، وإبداع ولا مبدع؟ مَن أنشأ في هذا العالم الحياة وجعلها تدب فيه؟ مَن عقله الذي يدبره".

إنّ النشوء والإرتقاء لا يصلح تفسيراً للمبدع، وإنّما يصلح تفسيراً لوحدة العالم ووحدة المصدر، وكلما تكشفت أسرار العالم، وتكشفت وحدته ووحدة تدرجه، ووحدة نظامه وتدبيره، كان الإنسان أشد عجباً، وأشد إمعاناً في السؤال، وليس يقنعه بعد كشف العلم عن أسرار العالم وعجزه عن شرحها وتعليلها إلا أن يهتف من أعماق نفسه: "إنّه الله ربّ العالمين".

يقول الأستاذ «هوشل»: "كلما اتسع نطاق العلم، زادت البراهين الدامغة القوية على وجود خالق أزلي، لا حد لقدرته ولا نهاية، فالجيولوجيون والرياضيون والفلكيون والطبيعيون قد تعاونوا على تشييد صرح العلم وهو صرح عظمة الله وحده".

وأفاض «هربرت سبنسر» في هذا المعنى في رسالته في «التربية»، إذ يقول: "العلم يناقض الخرافات، ولكنه لا يناقض الدين نفسه، يوجد في كثير من العلم الطبيعي الشائع روح الزندقة، ولكن العلم الصحيح الذي فات المعلومات السطيحة، ورسب في أعماق الحقائق، براء من هذه الروح، العلم الطبيعي لا ينافي الدين، والتوجه إلى العلم الطبيعي عبادة صامتة، واعتراف صامت بنفاسة الأشياء التي نعانيها وندرسها، ثمّ بقدرة خالقها، فليس ذلك التوجه تسبيحاً شفهياً، بل هو تسبيح عملي، وليس باحترام مدعى، وإنّما هو احترام أثمرته تضحية الوقت والتفكير والعمل، وهذا العلم لا يسلك طريق الإستبداد في تفهيم الإنسان إستحالة إدراكه كنه السبب الأوّل، وهو: "الله"، ولكنه ينهج بنا النهج الأوضح في تفهيمنا الإستحالة بإبلاغنا جميع الحدود التي لا يستطاع اجتيازها، ثمّ يقف بنا في رفق وهوادة عند هذه النهاية، وهو بعد ذلك يرينا بكيفية لا تعادل صغر عقل الإنسان إزاء ذلك الذي يفوت العقل...".

ثمّ أخذ يضرب الأمثلة على ما ذهب إليه، فقال: "إنّ العالم الذي يرى قطرة الماء، فيعلم أنّها تتركب من الأوكسجين والهيدروجين بنسبة خاصة بحيث لو اختلفت هذه النسبة لكانت شيئاً آخر غير الماء، يعتقد عظمة الخالق وقدرته وحكمته، وعلمه الواسع بأشد وأعظم وأقوى من غير العالم الطبيعي الذي لا يرى فيها إلا أنّها قطرة ماء فحسب، وكذلك العالم الذي يرى قطعة البرد (قطعة الثلج الصغيرة النازلة مطراً) وما فيها من جمال الهندسة، ودقة التصميم، لا شك أنه يشعر بجمال الخالق، ودقيق حكمته أكثر من ذلك الذي لا يعلم عنها إلا أنّها مطر تجمد من شدة البرد".

وهذا هو الدكتور «دي نوي» الطبيب العالم الذي اشتغل بمباحث التشريح والعلم الطبيعي، يقول: "كثير من الأذكياء وذوي النيّة الحسنة يتخيّلون أنّهم لا يستطيعون الإيمان بالله، لأنّهم لا يستطيعون أن يدركوه، على أنّ الإنسان الأمين الذي تنطوي نفسه على الشوق العلمي لا يلزمه أن يتصور «الله» إلا كما يلزم العالم الطبيعي أن يتصور «الكهرب»، فإنّ التصور في كلتا الحالتين ناقص وباطل، وليس الكهرب قابلاً للتصور في كيانه المادي وإنه – مع هذا – لأثبت في آثاره من قطعة الخشب".

وهذا العالم الطبيعي «سير آرثر طومسون» المؤلف الاسكتلندي الشهير يقول: "إنّنا في زمن فيه الأرض الصلبة، وفقد فيه الأثير كيانه المادي، فهو أقل الأزمنة صلاحاً للغو في التأويلات المادية".

ويقول في مجموعة «العلم والدين»: "فنحن نقرر عن رويّة أن أعظم خدمة قام بها العلم، أنّه قاد الإنسان إلى فكرة عن الله أنبل وأسمى، ولا نجاوز المعنى الحرفي حين نقول: إنّ العلم أنشأ للإنسان سماء جديدةً وأرضاً جديدة وحفزه من ثمّ إلى غاية جهده العقلي، فإذا به في كثير من الأحيان لا يجد السلام إلا حيث يتخطى مدى الفهم، وذلك في اليقين والإطمئنان إلى الله".

أمّا الكاتب الأمريكي الشهير «ديل كارينجي» صاحب كتاب «دع القلق وابدأ الحياة»، فيقول: "إنّني يهمّني الآن ما يسديه إليَّ الدين من النعم، تماماً كما تهمني النعم التي تسديها إلينا الكهرباء والغذاء الجيِّد، والماء النقي، فهذه تعيننا على أن نحيا حياة رغدة، ولكن الدين يسدي إليَّ أكثر من هذا. إنّه يمدني بالمتعة الروحية، أو هو يمدني – على حد قول «وليم جيمس» – بدافع قوي لمواصلة الحياة.. الحياة الحافلة، الرحبة، السعيدة، الراضية. إنّه يمدني بالإيمان والأمل والشجاعة، ويقصي عنّا المخاوف والإكتئاب والقلق، ويزودني بأهداف وغايات في الحياة، ويفسح أمامي آفاق السعادة، ويعينني على خلق واحة خصبة وسط صحراء حياتنا".

أمّا «وليم جيمس» العالم النفسي الشهير، فيقول: "إنّ بيننا وبين الله رابطة لا تنفصم، فإذا نحن أخضعنا أنفسنا لإشرافه – سبحانه وتعالى – تحققت كل أمنياتنا وآمالنا".

وقال: "الإيمان من القوى التي لابدّ من توافرها لمعاونة المرء على العيش، وفقدها نذير بالعجز عن معاناة الحياة".

وقال حين كان أستاذاً للفلسفة بجامعة هارفارد: "إنّ أعظم علاج للقلق – ولا شك – هو الإيمان".

ويعقب على ذلك «كارنيجي» بقوله: "ولا يتحتّم أن تتعلّم في هارفارد لتدرك هذه الحقيقة، فقد أدركها والداي في بيتهما الريفي المتواضع، فما استطاعت الفيضانات، ولا الديون ولا النوازل أن تنال من روحهما القوية، المستبشرة الظافرة، ويسعني الآن أن أتسمع فيتردد في أذني صوت أُمّي تترنم بالأغنية التالية، بينما هي تدير شؤون المنزل:

الأمان، الأمان.. يا لروعة الأمان******إذ يسكبه في نفوسنا الرحيم الرحمن

إليك اللهم أدعو أن تحيطني بالأمان******فيّاضاً غامراً يملأ القلب والجنان

ويقول «ديل كارينجي» أيضاً: إنِّي لأذكر تلك الأيام التي لم يكن للناس فيها حديث سوى التنافر بين العلم والدين، ولكن هذا الجدل انتهى إلى غير رجعة، فإن أحدث العلوم – وهو الطب النفسي – يبشر بمبادئ الدين لماذا؟

لأن أطباء النفس يدركون أنّ الإيمان القوي، والإستمساك بالدين والصلاة، كفيلة بأن تقهر القلق والمخاوف والتوتر العصبي، وأن تشفي أكثر من نصف الأمراض التي نشكوها. نعم، إن أطباء النفس يدركون ذلك، وقد قال قائله الدكتور «أ.أ. بريل»: "إنّ المرء المتدين حقاً لا يعاني مرضاً نفسياً قط".

وعندي أن أطباء النفس ليسوا إلا وعاظاً من نوع جديد، فهم لا يحضوننا على الإستمسالك بالدين توقياً لعذاب الجحيم في الدار الآخرة، وإنما يوصوننا بالدين توقياً للجحيم المنصوب في هذه الحياة الدنيا، جحيم قرحات المعدة، والإنهيار العصبي، والجنون... إلخ.

يقول الدكتور «كارل يونج» أعظم الأطباء النفسيين الأمريكيين في كتابه «الرجل العصري يبحث عن روح»: "استشارني في خلال الأعوام الثلاثين الماضية من مختلف شعوب العالم المتحضرة، وعالجت مئات من المرضى، فلم أجد مشكلة واحدة من مشكلات أولئك الذين بلغوا منتصف العمر – أي الخامسة والثلاثين أو نحوها – لا ترجع في أساسها إلى افتقادهم الإيمان، وخروجهم على تعاليم الدين.. ويصح القول بأن كل واحد من هؤلاء المرضى وقع فريسة المرض، لأنّه حرم سكينة النفس التي يجلبها الدين – أي دين – ولم يبرأ واحد من هؤلاء المرضى إلا حين استعاد إيمانه، واستعان بأوامر الدين ونواهيه على مواجهة الحياة".

لماذا يجلب الإيمان بالله والإعتماد عليه – سبحانه وتعالى – الأمان والسلام والإطمئنان؟

سأدع «وليم جيمس» يجيب على هذا السؤال: "إنّ أمواج المحيط المصطخبة المتقلبة لا تعكر قط هدوء القاع العميق، ولا تُقلق أمنه، وكذلك المرء الذي عمق إيمانه بالله خليق بألا تعكر طمأنينته التقلبات السطحية المؤقتة، فالرجل المتدين حقاً عصيّ على القلق، محتفظ أبداً بإتزانه، مستعد دائماً لمواجهة ما عسى أن تأتي به الأيام من صروف".

- الدين علاج للأمراض العقلية والعصبية:

يقول الدكتور «بول أرنست أدولف» أستاذ مساعد التشريح بجامعة سانت جونس وعضو جمعية الجراحين الأمريكيين: "لقد أيقنت أنّ العلاج الحقيقي لابدّ أن يشمل الروح والجسم معاً في وقت واحد، وأدركت أنّه من واجبي أن أطبق معلوماتي الطبية والجراحية، إلى جانب إيماني بالله وعلمي به، ولقد أقمت كلتا الحالتين على أساس قويم، بهذه الطريقة وحدها، استطعت أن أقدم لمرضاي العلاج الكامل الذي يحتاجون إليه، ولقد وجدت بعد تدبر عميق أن معلوماتي الطبّية وعقيدتي في الله هما الأساس الذي ينبغي أن تقوم عليه الفلسفة الطبية الحديثة.

وقد وجدت أثناء ممارستي للطب أن تسلحي بالنواحي الروحية، إلى جانب إلمامي بالمادة الطبية، يمكناني من معالجة جميع الأمراض علاجاً يتسم بالبركة الحقيقية.. أمّا إذا أبعد الإنسان ربّه عن هذا المحيط، فإن محاولاته لا تكون إلا نصف العلاج، بل قد لا تبلغ هذا القدر.

فما هي الأسباب الرئيسة لما نُسمِّيه الأمراض العصبية؟

إنّ من الأسباب الرئيسة لهذه الأمراض: الشعور بالإثم والخشية والحقد والخوف والقلق والكبت والتردد والشك والغيرة والأثرة والسأم. وممّا يؤسف له أنّ كثيراً من المشتغلين بالعلاج النفسي قد ينجحون في تقصي أسباب الإضطراب النفسي الذي يسبب المرض ولكنهم يفشلون في معالجة هذه الإضطرابات، لأنّهم لا يلجأون في علاجها إلى بثّ الإيمان بالله في نفوس هؤلاء المرضى".

فإذا كان بعض المثقفين في أوطاننا لا يصغون إلا لصوت يجيئهم من الغرب، فإنّ عليهم أن يستمعوا وينصتوا لتلك الصيحات المخلصة، التي أطلقها أناس ليسوا بالأدعياء المتطفلين على العلم، ولا بالسطحيين المحكومين بالعاطفة، ولا بالخياليين المتعلقين بالأحلام، الذين يسبحون في غير ماء. إنّما هم «علماء» يحكمون منطق العلم العصري وحده، القائم على الملاحظة والتجربة والإستقراء.

والعجب أن تصدر هذه الصيحات من بلد بلغ القمة في الإرتقاء العلمي والغنى المادي، والرخاء الإقتصادي، واستطاع أن يضع أقدام أبنائه على سطح القمر! بلد يؤمن بالمنافع العلمية، والحياة الواقعية، لا بالمدن الفاضلة والمثل الأفلاطونية. ولكن أعلامه – كما رأينا – ينادون بضرورة التشبث بالإيمان، وقاية وعلاجاً، وزاداً وسلاحاً، وهداية ونوراً، وصاحباً ودليلاً.

فلنركل بقوّة وإلى الأبد تلك الأكذوبة الكبرى، التي يُردِّدها هنا أناس لا يمتازن إلا بصفاقة الوجوه وعمى القلوب: إنّ العلم يناقض الإيمان، أو يستغني عن الإيمان. هيهات هيهات لما يدعون".

هذه ثمرة الإيمان بوجود الله تعالى وقدرته وحكمته بصرف النظر عن النهج المتبع والدين المقتفى، فهذا بلا شك أرحم من الإلحاد بالله والكفر بوجوده، فما بالك بمن رضي بالله ربّاً، والقرآن منهجاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمّد (ص) نبيّاً ورسولاً، إنّها السعادة الأكمل، والحياة الأجمل، والراحة الأفضل، والمصير الأمثل.

قال (ص): "ذاق طعم الإيمان مَن رضي بالله ربّاً، وبالإسلام ديناً، وبمحمّد رسولاً".

المصدر: كتاب الله أهل الثناء والمجد

 

جواب:

تجدر الإشارة في البداية إلى أنّه على الرغم من اتّهام الشيعة في بعض مصادر إخواننا من أهل السنّة بأنّهم يعتقدون بنزول جبريل على علي عليه السلام بالوحي، (1) إلاّ أنّ هذا الكلام مرفوض بتاتاً، حيث لا يعتقد الشيعة أبداً بهذا الأمر، خصوصاً وأنّ أمير المؤمنين عليه السلام ـ من منظار الشيعة ـ إمام، ومكلّف بتطبيق الأحكام ومقتضيات الوحي الإلهي، وليس من وظائفه تلقّي الوحي ورؤية جبريل عليه السلام. (2)

ومن هنا، فقد سأل أحد الأشخاص عليّاً عليه السلام: «يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَ فَنَبِيٌّ أَنْتَ؟ فَقَالَ: وَيْلَكَ، إِنَّمَا أَنَا عَبْدٌ مِنْ عَبِيدِ مُحَمَّد صلى الله عليه وآله وسلّم». (3) وباعتقاد الشيعة، فإنّ نبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله وسلّم هو خاتم الأنبياء، ولهذا فقد انقطع الوحي السماوي بوفاته، ولم ينزل بعد ذلك الوحي التشريعي بتاتاً، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام في نهج البلاغة:

«يا رسول الله، لقد انقطع بموتک ما لم ينقطع بموت غيرک من النبوّة والأنباء وأخبار السماء». ‌(4)

وفي نفس الوقت، يرى الشيعة أنّ أوصياء الرسول وخلفاءه الحقيقيّين يطّلعون على الحقائق الإلهيّة والأحكام الدينيّة من خلال طرق مغايرة للوحي التشريعي، نظير العلم اللدني والإلهام و... ، وأنّ ارتباطهم بعالم الغيب لم ينقطع، حيث يملكون القدرة على إدراك حقائق الدين من خلال طرق متنوّعة.

 

الهوامش:

1. أحمد بن يحيي بن مرتضى اليماني، المنية والأمل في شرح الملل والنحل، بدون تاريخ، بدون مكان، ص 30.

2. ناصر مکارم، تفسير نمونه (التفسير الأمثل)، نشر دار الکتب الاسلاميّة، بدون تاريخ، ج 1، ص 441.

3. الکليني، محمد بن يعقوب، الکافي، دار الکتب الإسلاميّة، طهران، ‏1365 هـ ش. ج 1، ص 90.

4. نهج البلاغة، نشر مؤسّسة أمير المؤمنين، قمّ، 1375 ش، الخطبة 235.

 

دان الرئيس الأميركي باراك أوباما الهجوم المسلح الذي نفذه مجهولون على شرطيين في فيرغسون بولاية ميزوري. 

وتشهد ضاحية فيرغسون احتجاجات منذ أشهر بسبب ما يقال إنها "ممارسات عنصرية للشرطة". 

وكتب أوباما تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي تويتر الخميس يقول فيها إن "ممارسة العنف ضد أفراد الشرطة غير مقبول". 

وأشار أوباما في تصريحات تلفزيونية، إلى أن "ما حدث في فيرغسون كان قمعياً وبغيضاً ويستحق الاحتجاج، ولكن ذلك لا يبرر الأعمال الإجرامية". 

وتولت شرطتا ميزوري ومقاطعة سانت لويس المهام الأمنية في حين لا تزال الشرطة تبحث عن مرتكبي هذا الهجوم. 

وكان إطلاق النار قد وقع خلال تظاهرة جابت شوارع البلدة على إثر الإعلان عن استقالة قائد الشرطة. 

وتوالت الاحتجاجات الخميس لكنها اتخذت طابعاً سلمياً. 

وتكررت الاحتجاجات في البلدة منذ أطلق شرطي النار على فتى أسود غير مسلح يدعى مايكل براون وأرداه قتيلا العام الماضي.