
Super User
جامع السلطان قابوس الأكبر في عمان
يقع الجامع في محافظة مسقط. وقد أمر ببناءه عام 1992. يتميز الجامع بالتصميم الفريد الذي قام به المهندس المعماري محمد صالح مكية بالاشتراك مع كواد ديزين Quad Design ومركزهم لندن ومسقط. واستمر بناءه 6 سنوات حتى اكتمل.
الجامع بجانب وظيفته الدينية يعد مزاراً سياحياً حيث يسمح بالزيارة يومياً من الثامنة صباحاً وحتى 11 ظهراً بجانب وجود مكتبة وقاعة للمحاضرات.
يتميز تصميم الجامع باحتوائه على مختلف الفنون المعمارية والجداريات مثل فن الزليج المغربي والجداريات المغولية بجانب الممرات والقباب والمنائر والحدائق الواسعة والنوافير المائية.
استخدمت في بناءه مختلف المواد من الخشب والرخام والزجاج المعشق والجداريات والزخارف النحاسية
قاعه المصلي الرئيسيه
يقع المصلى الرئيس في شرق الصحن الغربي بقبته المركزية التي ترتفع 50 متراً. والمنبر بارز في جدار القبلة من الرخام المنقوش على يمين المحراب. وقد وصل عدد قطع الفسيفساء آلة في تزين المصلى الرئيس ما يقارب ثمانية ملاين قطعة، ومع إمكانية احتواء الصحن الخارجي لثمانية آلاف مصل بالإضافة إلى الصحن الداخلي والأروقة، فإن السعة الإجمالية للجامع تصل إلى إمكانية احتواء 40 ألف مصل ومصلية. وقد جهزت قاعة المصلى الرئيسية بوحدة إنتاج تلفازي تضم خمس كاميرات، وأحدث أنظمة الصوت لنقل الفعاليات من شعائر الصلاة وندوات ومحاضرات وتصويرها.
السجاده
من مقومات المسجد السجادة العجمية التي تفرش بلاط المصلى بقطعة واحدة. تبلغ أبعادها أكثر من 60 × 70 متراً، وتغطي مساحة 4263 متراً مربعاً. والسجادة مؤلفة من 1700 مليون عقدة وتزن 21 طناً. إن رقة نسيجها الرفيع وتعقيده يعود إلى جودة عقدتها التي تصل إلى 40 عقدة في كل 6.5 سنتيمتر. واستغرقت صناعة السجادة وإنتاجها أربع سنوات، استغرق منها 15 شهراً لإعداد التصاميم، والخيوط، والصباغة، وإقامة ورش الحياكة الخاصة بها. أما عملية الحياكة فبلغت مدتها 27 شهراً متواصلة تبعها فترة 5 أشهر في الإنهاء، والقطع، والغسيل التقليدي
و عدد القطع المؤلفة للسجادة 57، إضافة إلى سجادة خاصة بالمحراب والمتصلة بها. وتمت عملية تجميع التوصيل والحياكة لأطراف السجادة وحواشيها وضبطها داخل قاعة المصلى، وتمت حياكة السجادة في نيسابور، على أيدي 600 امرأة تحت إشراف خبراء في تصميم السجاد ونسجه.
مصلي النساء
يوجد بالجامع مصلى للنساء مزخرف بالأحجار المصقولة والمنقوشة والمحفورة يدوياً يتسع لأكثر من ثماني مئة مصلية. ويقع مصلى النساء خلف المصلى الرئيس عبر الصحن الداخلي ليشكل امتدداً للمصلى الرئيس، والمصلى مجهز بشاشة عرض لمشاهدة خطبة الجمعة والمحاضرات من قاعة المصلى الرئيسية خطط داخل الأروقة وحول الأعمدة المركزية والجانبية. أما باقي حقل السجادة فقد رسمت بمجموعة غنية من الزخارف المورقة المتأثرة بأسلوب الفن الصفوي والمبنية على منظومة هندسية في الابتكار وتصرف التشكيل. وتضم كل زهرة مرسومة في تركيبها ونسيجها العديد من الأزهار مضفية قيمة نادرة وفريدة على التصميم.
ولقد جمعت هذه السجادة في تأليفها ونوعية تصميمها سجادة تبريز وكاشان واصفهان الأصلية واستخدم في نسجها 28 لونا بدرجات متنوعة تم صناعة غالبيتها من الأصباغ النباتية والطبيعية. فالأحمر تم استئصاله نبتة الفوة والأزرق من النيلة ولون القشدة (البيج، الأبيض المصفر) من قشر ثمرة الرمان والجوز وأوراق العنب.
طريقه البناء
إنّ المسجدَ بُنى مِنْ 300,000 طنِّ مِنْ الحجر الرملي الهنديِ. والمصلّى الرئيسي (قاعة الصلاةِ) بنيت على شكل مربّعُ (أبعاد خارجية 74.4 - 74.4 متر) مَع قبة مركزية تَرتفعُ إلى ارتفاع خمسين مترِاً فوق الأرضيةِ. تعتبر القبةَ والمئذنةَ الرئيسيةَ (90 متر)، ومآذنِ أربع تحيط بالمسجد (45.5 متر) هي معالم المسجدَ البصرية الرئيسيةَ. المصلّى الرئيسي يُمْكِنُ أَنْ يستوعب أكثر من 6,500 مُصلّي، بينما مصلّى النِساء يُمْكِنُ أَنْ يحتمل 750 مُصلّي. الأرض المُعَبّدة الخارجية يُمْكِنُ أَنْ تستوعب 8,000 مُصلّي وهناك فضاء إضافي متوفرِ في الفناءِ الداخليِ والممرَّاتِ، جَعْل القدرة الكليّة بحدود 20,000 مُصلّي.
ثاني اكبر ثريا و سجاده محاكه يدويا في العالم
الميزّة رئيسية للتصميمِ الداخلِي للمسجد هو سجادةُ الصلاةَ التي تَغطّي أرضيةَ قاعةِ الصلاةَ.حيث تحتوي على 1,700,000 عقدة، و\تزنُ 21 طنَّ وأَستغرق إنتاجها أربع سَنَواتِ ويتجْمعُ تبريز الكلاسيكية والكاشان وتقاليد التصميمِ الأصفهاني من حيث اللون في الظلالِ المختلفةِ التي أُستعملتْ الأغلبيةُ عليه مِنْ الأصباغِ النباتيةِ التقليديةِ.
أما السجادة المحاكة يدوياً فهي الأكبر في العالم[بحاجة لمصدر]، أُنتجتْ بشركةِ سجادةِ إيران (آي سي سي) عن طريق طلبِ ديوان البلاط الملكي لسلطنة عُمان لتَغْطية كامل أرضيةِ قاعةِ الصَلاة الرئيسيةِ لمسجدِ السلطان قابوس الكبير في مسقط. تقاسُ السجادةُ على 70 × 60 أمتار، وتَغطّي 4,343 مترِاً من القاعةِ المربعة للصَلاة كلها بواسطة قطعة واحدة.
إنّ الثريا فوق قاعةِ الصَلاة يبلغ طولها 14 مترُ. هي أيضاً ثاني أكبرَ ثريا في العالمِ بعد الثريا الأولى في مسجد الشيخ زايد في أبو ظبي، الذي فَتحَ أبوابَه في عام 2007.
بُنِى المسجد على موقع يَحتلُّ 416,000 مترَ مربّعَ ويمتد البناء لتَغْطية منطقةَ مِنْ 40,000 مترِ مربّعِ. بَنى المسجد الكبير حديثاً حيث أُفتتحَ مِن قِبل السلطان قابوس بن سعيد سلطان عُمان في الرابع من مايو 2001.
الإمام الخامنئي يستقبل مسؤولي الدولة و سفراء البلدان الإسلامية بمناسبة عيد الفطر
استقبل سماحة قائد الثورة الإسلامية صباح يوم الثلاثاء الأول من شوال (الموافق للتاسع و العشرين من تموز 2014 م) المئات من مسؤولي الجمهورية الإسلامية الإيرانية و مختلف شرائح الشعب و سفراء البلدان الإسلامية و القائمین بأعمالها في إيران، و ذلك بمناسبة عيد الفطر السعيد، و دعا كل المسلمين لنصرة المظلومين في فلسطين مؤكداً: ليضع العالم الإسلامي خلافاته جانباً و ليستخدم كل قدراته لتأمين احتياجات الشعب في غزة، و يواجه الجرائم المخزية للصهاينة، و يعلن براءته و نفوره من حماتهم و خصوصاً أمريكا و بريطانيا.
و بارك سماحته عيد الفطر السعيد معتبراً هذا العيد عيد الأمة الواحدة، و أضاف قائلاً: للأسف و بخلاف التعاليم و المعارف الإسلامية، تعاني الأمة الإسلامية في الوقت الراهن من التفرقة بسبب الدوافع السياسية و السلطوية.
و دعا آية الله العظمى السيد الخامنئي مسؤولي البلدان الإسلامية لتخطي مثل هذه الدوافع و تكوين الأمة الواحدة المقتدرة القوية مؤكداً: إذا لم تستطع حالات طلب السلطة و التبعية و الفساد تجزئة العالم الإسلامي، فلن تستطيع أية قوة استكبارية أن تتجرّأ على الاعتداء و التطاول على البلدان الإسلامية أو ابتزاز الحكومات الإسلامية.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية وقاحة الصهاينة في المذابح التي يرتكبونها في غزة من نتائج تفرق العالم الإسلامي منوّهاً: الرقابة الخفية في الغرب لا تسمح للشعوب الغربية بالاطلاع على عمق الأحداث في غزة، لكن هذه الجرائم من الفجاعة و الوحشية بحيث أدى إعلان حتى جانب منها في وسائل الإعلام الغربية إلى هزّ الشعوب غير المسلمة و إخراجهم إلى الشوارع في مظاهرات.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى بقاء أهالي غزة لوحدهم بلا ملاذ، مردفاً: رسالتنا الواضحة للحكومات الإسلامية هي أن تعالوا ننهض لمساعدة المظلوم و نثبت أن العالم الإسلامي لا يهدأ مقابل الظلم و الجور.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: من أجل تحقيق هذا الهدف يجب أن تقلع كل الحكومات الإسلامية عن الاختلافات السياسية و غير السياسية، و نهبّ جميعاً و سوية لمعونة المظلومين الذين يتقلبون بين مخالب و أنياب الذئب الصهيوني السفاح.
و في هذا النطاق اعتبر سماحته أن وضع واجبين أساسيين ضمن جدول أعمال العالم الإسلامي من الأمور الضرورية: الأول توفير الإمكانيات الحياتية لأهالي غزة و الثاني رد الفعل القوي و المناسب مقابل الكيان الصهيوني السفاح و حماته.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى حاجة أهالي غزة المقاومين الممتحنين الماسة للطعام و الماء و الدواء و الإمكانيات الطبية و إعادة بناء البيوت، مردفاً: هذا الشعب يحتاج أيضاً إلى السلاح من أجل الدفاع عن نفسه.
و خاطب قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي الحكومات الإسلامية مرة أخرى قائلاً: تعالوا نتعاضد و نتكاتف و نعمل بواجباتنا الدينية و الإنسانية من أجل إيصال المساعدات لأهالي غزة و التغلب على الموانع التي يوجدها الصهاينة في هذا الطريق.
و عدّ سماحته مجابهة و معارضة منفذي الظلم التاريخي ضد غزة الواجب الثاني الذي يقع على عاتق العالم الإسلامي مضيفاً: المجرمون الصهاينة و حماتهم يختلقون المبررات و الأعذار بدون أي حياء للمذابح المذهلة و تقتيل الأطفال الكريه في غزة، و هذه هي ذروة الخبث و انعدام الخجل عندهم.
و اعتبر آية الله العظمى السيد الخامنئي الدعم العلني للمستكبرين بما في ذلك أمريكا و بريطانيا و التأييد التلويحي أو العلني للأوساط الدولية بما في ذلك منظمة الأمم المتحدة للفجائع التي يرتكبها الصهاينة، اعتبرها مشاركة و معاضدة لجرائم هذا الكيان السفاح.
و أضاف سماحته قائلاً: من واجب الشعوب المسلمة و الحكومات الإسلامية أن يعلنوا البراءة و النفور من مؤيدي و حماة المجرمين الحاكمين في تل أبيب، و أن يتصدوا لهم اقتصادياً و سياسياً إذا أمكن.
و أثنى قائد الثورة الإسلامية على العزيمة الراسخة لشعب إيران في دعمه الصريح لأهالي غزة و صموده مقابل العدوان و الخبث مردفاً: في الجمعة الأخيرة من شهر رمضان وصل صوت دعم المظلوم المدوّي من إيران إلى أسماع العالم، و فضلاً عن مثل هذه الأنواع من الدعم سيقدم شعب إيران أي خدمة أخرى يستطيعها و بكل ثبات و قوة.
في بداية هذا اللقاء تحدث حجة الإسلام و المسلمين الدكتور حسن روحاني رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية فبارك عيد الفطر السعيد، و اعتبره عيد الفطرة الإنسانية و أرقى أعياد المسلمين.
و أشار رئيس الجمهورية الإسلامية إلى أحداث غزة مؤكداً: الصيام لا يتناسب مع الرذائل الأخلاقية أو الصمت حيال طلاب الحروب و المجرمين.
و أوضح الشيخ حسن روحاني أن المنطقة و العالم الإسلامي يعاني من غدتين فاسدتين، مضيفاً: لقد انفتحت الغدة الصهيونية الفاسدة هذه الأيام و راحت تضرج أرض الزيتون بالدماء و تحيلها إلى أرض القطع المبضّعة لأجساد الأطفال المظلومين.
و أشار رئيس الجمهورية الإسلامية إلى أن الغدة الثانية أيضاً تمارس القتل و ذبح المسلمين باسم الإسلام و الدين و الخلافة و الإمارة، ملفتاً: كل التحليلات تشير إلى أن جذور كلا الغدتين واحدة.
و اعتبر رئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية أحداث غزة جريمة ضد الإنسانية مؤكداً: كل المحافل و المنظمات الدولية التي تتشدق بالإنسانية يجب أن تعد المحاكم الدولية لمحاكمة المجرمين الذين تتجلى ماهية خبثهم للعالم أكثر فأكثر باستمرار.
و أضاف الشيخ روحاني: من أجل حل هذه المعضلات لا سبيل أمامنا سوى وحدة العالم الإسلامي و طرح الإسلام الرحماني و الابتعاد عن الجمود و التحجر.
و أكد حسن روحاني على أن استراتيجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية على المستوى العالمي هي السلام و العدالة، و على مستوى العالم الإسلامي الأخوة و الاتحاد و تكوين الأمة الإسلامية الواحدة، منوهاً: الذين يحلمون بإضعاف الإسلام و المسلمين سوف يموتون قبل أن تتحقق لهم هذه الأحلام.
و أكد رئيس الجمهورية في ختام كلمته: تبذل الجمهورية الإسلامية الإيرانية كل جهودها و بكل قدراتها و إمكانياتها من أجل تحقيق الاستقرار و الأمن و الحيلولة دون المذابح و التقتيل، و توفير سلام عادل في المنطقة، و العالم الإسلامي سوف ينتصر بمعونة الله و بفضل الصحوة و اليقظة و الوحدة.
إقامة صلاة عيد الفطر السعيد بإمامة السيد قائد الثورة الإسلامیة في طهران
تضاعف جمال عيد الفطر السعيد الثلاثاء الأول من شوال سنة 1435 هـ ق (الموافق لـلثلاثین من تموز 2014 م) بإقامة صلاة العيد في كل أنحاء إيران الإسلامية، حيث هوى الشعب الإيراني المؤمن الموحد إلى سجود العبودية شكراً لله على شهر من التقوى و الورع و التضرع. و في قطب هذه التجمعات العبادية العطرة، أي مصلى طهران، تجمعت حشود الشعب منذ الساعات الأولى للصباح لتقيم صلاة عيد الفطر السعيد بإمامة قائد الثورة الإسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي.
و بارك الإمام السيد علي الخامنئي في الخطبة الأولى للصلاة حلول عيد الفطر السعيد، و اعتبر جلسات تلاوة القرآن الكريم الواسعة في كل أرجاء البلاد و مجالس الذكر و العبادة و الدعاء و الإطعام، و ساعات التوسل و التضرع في ليالي القدر، و غضب الشعب الإيراني و هتافاته المدوّية في يوم القدس العالمي، من أسباب نزول الرحمة و البركة الإلهية مردفاً: هذه الحقائق الجميلة جعلت الشعب الإيراني ينهي شهر رمضان المبارك بعيد الفطر السعيد شامخاً.
و أوصى سماحته كل أبناء الشعب بالحفاظ على مكتسبات شهر رمضان المبارك، و أشار إلى طلبه في العام الماضي بإقامة موائد إفطار بسيطة في شهر رمضان المبارك، مضيفاً: لحسن الحظ شوهدت في هذه السنة ظاهرة تقديم طعام الإفطار البسيط في الأماكن العامة و المراكز الدينية و الشوارع.
و أوصى قائد الثورة الإسلامية الناس قائلاً: لينشر الناس مثل هذه الظواهر و الأمور المؤثرة في تكوين أسلوب الحياة الإسلامية أكثر فأكثر.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية يوم القدس لهذا العام تجلياً للهمّة العامة لشعب إيران و أشار إلى المشاركة الملحمية لكل شرائح الشعب و خصوصاً الأمهات اللواتي جئن إلى المظاهرات مع أطفالهن، قائلاً: يوم القدس في هذه السنة كان - و الحق يقال - يوماً كبيراً، و قد أثبت فيه شعب إيران للعالم أنه شعب حيّ ذو إرادة.
و خصص آية الله العظمى السيد الخامنئي الخطبة الثانية لصلاة عيد الفطر لأحداث غزة نظراً لأهمية هذه الأحداث.
و اعتبر سماحته قضية غزة القضية الأولى في العالم الإسلامي و عالم الإنسانية، و أشار إلى المذابح التي ترتكب ضد الأطفال الأبرياء في غزة و مظلومية الأمهات هناك مؤكداً: ذئب مفترس اسمه الكيان الصهيوني يرتكب الفجائع في غزة، و يجب على البشرية أن تبدي ردود فعل حيال جرائم هذا الكيان السفاح الكافر.
و تابع آية الله العظمى السيد الخامنئي حديثه بالتأكيد على ثلاث نقاط مهمة في خصوص قضية غزة: 1 - ضرورة إدانة المجرمين الصهاينة و حماتهم و معاقبتهم. 2 - تكريم المقاومة المنقطعة النظیر للشعب الفلسطيني في غزة. 3 - ضرورة تعزيز و تجهيز الشعب الفلسطيني.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية الجرائم العلنية لقادة الكيان الصهيوني في غزة إبادة جماعية و فاجعة تاريخية عظيمة مؤكداً: يجب إدانة و معاقبة هؤلاء المجرمين و من يدعمونهم و يحمونهم من المستكبرين على مستوى عالمي، سواء كان هؤلاء المجرمون على رأس السلطة أو أزيحوا عن السلطة و سقطوا، و هذا ما يجب أن يطالب به المتحدثون باسم الشعوب و المصلحون و المخلصون في العالم.
و عدّ سماحته الصبر المثير للإعجاب و المقاومة الجديرة بالإكبار و الإجلال لأهالي غزة النقطة الثانية المهمة في قضية غزة مردفاً: يقاوم أهالي غزة و يصبرون بكل شجاعة و هم في منطقة محاصرة تماماً و تتعرض كل إمكانيات المحدودة لهجمات وحشية يشنها العدو الصهيوني القذر الخبيث النجس القاسي على مدار الساعة.
و اعتبر آية الله العظمى السيد الخامنئي مقاومة أهالي غزة المظلومين و قدرتهم على الصمود و الثبات درساً كبيراً للجميع مضيفاً: هذه المقاومة المتعالية على التصور، مؤشر على قدرة صمود الإنسان و قدرة مقاومة الشعب، و في نهاية المطاف سينتصر هؤلاء الأهالي بتوفيق الله و إذنه على أعدائهم.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى مساعي الكيان الصهيوني و حماته الأمريكان و الأوربيون المجرمون لفرض وقف إطلاق النار على أهالي غزة، ملفتاً: إلى حد هذه المرحلة يشعر العدو المعتدي بالندم على ما فعله بكل حقارة، و يسعى إلى وقف إطلاق النار، و هذه من علامات انتصار المقاومة.
و تابع سماحته يقول: لهذا السبب يسعى حماة المجرمين الصهاينة أيضاً إلى فرض وقف إطلاق النار على أهالي غزة لإنقاذ هذا النظام.
و في معرض بيانه للنقطة الثالثة أشار سماحته إلى تصريحات و مساعي الشخصيات السياسية في جبهة الاستكبار بما في ذلك رئيس جمهورية أمريكا بخصوص نزع سلاح حماس و الجهاد الإسلامي في فلسطين مردفاً: الهدف من نزع سلاح المقاومة هو سلب حتى هذه الإمكانيات القليلة التي يمتلكها تيار المقاومة و يستخدمها للدفاع بشكل جزئي عن الشعب الفلسطيني، و ذلك لكي يستطيع الكيان الصهيوني ضرب فلسطين متى ما أراد من دون أن يكون للفلسطينيين القدرة على الدفاع عن أنفسهم.
و أكد آية الله العظمى السيد الخامنئي في نهايتي خطبتي صلاة عيد الفطر قائلاً: خلافاً لرأي و مساعي حماة الكيان الصهيوني القاتل للأطفال، من واجب كل العالم بما في ذلك العالم الإسلامي أن يقدم كل ما يستطيع من مساعدة لتجهيز الشعب الفلسطيني.
القضية الفلسطينية في كلمات الإمام الخميني(ره)
- بيت المقدس ملك للمسلمين وقبلتهم الأولى.
- على الجميع أن يعلموا أن هدف الدول الكبرى من إيجاد إسرائيل لا يقف عند احتلال فلسطين، فهؤلاء يخططون -نعوذ بالله- للوصول بكل الدول العربية إلى نفس المصير الذي وصلت إليه فلسطين.
- ألم يدرك القادة بعد، أن المفاوضات السياسية مع الساسة المحترفين والجناة التاريخيين، لن تنقذ القدس ولبنان، وأنّها تزيد الجرائم والظلم.
- نحن ندعم وبشكل كامل نضال الأخوة الفلسطينيين والسكان في جنوب لبنان ضد إسرائيل الغاصبة.
- نحن سنكون على الدوام حماةً للأخوة الفلسطينيين والعرب.
- يجب علينا أن ننهض جميعاً للقضاء على إسرائيل، وتحرير الشعب الفلسطيني البطل.
- إن من الضروري إحياء يوم القدس المتزامن مع ليلة القدر من قبل المسلمين ليكون بداية لصحوتهم ويقظتهم.
- على المسلمين أن يعتبروا يوم القدس يوماً لجميع المسلمين، بل لجميع المستضعفين.
- إن تحرير القدس، وكف شر هذه الجرثومة الفاسدة عن البلاد الإسلامية هو في الأساس واجب كل المسلمين.
- إن مسألة القدس ليست مسألة شخصية، وليست خاصة ببلدٍ ما، ولا هي مسألة خاصة بالمسلمين في العصر الحاضر، بل هي قضية كل الموحدين والمؤمنين في العالم، السالفين منهم والمعاصرين واللاحقين.
- القدس ملك المسلمين ويجب أن تعاد إليهم.
- يوم القدس هو يوم الإسلام.
- يوم القدس هو اليوم الذي يجب أن يتقرر فيه مصير الشعوب المستضعفة.
- يوم القدس يوم عالمي، لا يختص بالقدس فقط، إنه يوم مواجهة المستضعفين للمستكبرين.
- يوم القدس، يوم يجب أن يحيا فيه الإسلام.
- يوم القدس يوم حياة الإسلام.
الكيـان الغاصب للقـدس ((إسرائيل))
- إنني أرى أن تأييد مشروع قيام إسرائيل والاعتراف بحدود لها، فاجعة بالنسبة للمسلمين وكارثة بالنسبة للدول الإسلامية.
- إن الكيان الإسرائيلي الغاصب، مع ما يطمح من أهداف يمثل خطراً عظيماً على الإسلام وبلاد المسلمين.
- على الأخوة والأخوات أن يدركوا أن أمريكا وإسرائيل معاديتان للإسلام من الأساس.
- إن الحلم المجنون لإسرائيل الكبرى، يدفع هؤلاء الصهاينة لارتكاب أية جريمة.
- لتعلم الشعوب العربية، والأخوة اللبنانيون والفلسطينيون بأن كل مآسيهم إنما هي بسبب إسرائيل وأمريكا.
- إن إسرائيل تعتبر بنظر الإسلام والمسلمين وكلّ الموازين الدولية غاصبة ومعتدية، ونحن نرى أن من غير الجائز التهاون والتساهل في الوقوف بوجه اعتداءاتها.
- لقد قلت مراراً ولابدّ أنكم سمعتموني: أن إسرائيل لن تكتفي بهذه الاتفاقيات، وإنها تعتبر الحكومات العربية من النيل إلى الفرات حكومات غاصبة.
- إسرائيل يجب أن تمحي من صفحة الوجود.
- على كل مسلم أن يعد نفسه لمواجهة إسرائيل.
- لا تدعموا إسرائيل عدوة الإسلام والعرب، فهذه الأفعى الضعيفة إذا اشتدت، لن ترحم صغيراً ولا كبيراً.
- على جميع أحرار العالم المؤيدين للأمة الإسلامية، أن يدينوا اعتداءات إسرائيل غير الإنسانية.
- سوف نرفض إسرائيل، ولن يكون لنا معها أيّة علاقة، فهي كيان غاصب ومعاد لنا.
- إنني أعلن لجميع مسلمي العالم ولجميع الدول الإسلامية أينما كانوا، أن الشيعة الأعزاء منتفرون من إسرائيل وعملائها، ومنتفرون من الحكومات المساومة لإسرائيل.
- لن تكون لنا علاقات مع إسرائيل لأنها غاصبة ومحاربة للمسلمين.
- لقد اغتصبت إسرائيل حقوق العرب، وسوف نقف ضدها.
- إن إسرائيل في حالة حرب ضد المسلمين، وهي غاصبة لأراضي إخواننا، لذا فلن نبيعها النفط.
- إسرائيل مرفوضة عندنا، لن نبيعها النفط أبداً، كما أننا لن نعترف بها رسميا مطلقاً.
- ما لم تثر الشعوب الإسلامية ومستضعفو العالم ضد الاستكبار العالمي وربائبه وخصوصا إسرائيل الغاصبة، فإن أولئك لن يكفوا أيديهم المجرمة عن البلدان الإسلامية.
- إسرائيل غاصبة وعليها أن تغادر فلسطين سريعاً، والحل الوحيد لإعادة الاستقرار إلى المنطقة هو قيام الأخوة الفلسطينيين بأسرع ما يمكن بمحو هذه الجرثومة الفاسدة وقطع جذور الاستعمار.
- إن على حكومات الدول الإسلامية النفطية، استخدام نفطها ومنابعها الأخرى كحربة ضد إسرائيل والمستعمرين.
- على المسلمين عموما والحكومات الإسلامية خصوصاً مواجهة جرثومة الفساد (إسرائيل) بأي نحو ممكن.
- لقد زرعت جرثومة الفساد (إسرائيل) في قلب العالم الإسلامي بدعم من الدول الكبرى، وصارت جذور فسادها تطال الدول الإسلامية تدريجيا، لذا وجب اقتلاع جذورها بهمة الدول الإسلامية والشعوب الإسلامية الكبيرة.
يوم القدس العالمي وتحديد مستقبل الأمة
تقع قضية القدس في صلب اهتمامات الأمة الإسلامية، انطلاقاً مما تمثله من معانٍ دينية وإيمانية، ووصولاً إلى دورها السياسي والواقعي على مستوى مصير الأمة ومستقبلها.
ومع استذكار الموقع الديني لأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، يمكن القول إن هذه المدينة المقدّسة تعتبر واحدة من أهم المدن في التاريخ الإسلامي، وفي العقيدة الإسلامية أيضاً، ولذلك فإن الاهتمام بها لا ينشأ من فراغ، وإنما هو تجسيد لحقيقة أهمية هذه المدينة ومحوريتها على المستوى العبادي والديني.
يضاف إلى ذلك الأهمية التاريخية المميزة للمدينة من ناحية الموقع والدور، حيث يمكن الحديث ـ دون اعتبار ذلك أي مبالغة ـ عن وقوع القدس في قلب خريطة الأرض، ويمكن القول إنها قطب رحى التاريخ منذ بداياته وحتى اللحظة الحاضرة.. امتداداً إلى يوم الدين.
وهذا الموقع الفريد للمدينة المقدّسة بين مدن العالم يجعل الوقوف عند معاناتها نوعاً من التصالح مع الذات والإلتفات إلى حقيقة الوجود الإنساني.
ربما من أجل هذا الموقع تعرضت هذه المدينة لأعتى الحملات من اجل الحملات من أجل السيطرة عليها، وتقف الحملة الصهيونية القديمة المتجددة على رأس هذه الحملات، في التاريخ الغابر كما في الواقع الحاضر.
لقد كانت القدس دائماً هدفاً للمشروع الصهيوني، واستمر العمل بهذا المشروع بشكل محموم وعلى مدى عقود ـ وربما قرون ـ حتى تمت السيطرة عليها وذلك في محاولة لتزوير هويتها وتغيير تاريخها وتحويلها من مدينة السلام إلى تجمع لكل الأشرار الذين ينفخون في نيران الحروب على مستوى الكون.
ومنذ قيام الكيان الصهيوني الغاصب تحوّلت المدينة المقدّسة إلى المفردة الرئيسية في هذا المشروع، فاحتُل القسم الغربي منها عند نشوء هذا الكيان، فيما احتُلّ الجزء الشرقي منها في العام 1967.
ومنذ ذلك التاريخ والمدينة ترزح تحت نير الظلم الصهيوني الذي تتصاعد وجوهه يوماً بعد يوم، حتى صارت الممارسات الإرهابية التي تعاني منها المدينة وأهلها فوق كل تصور، لا بل باتت هي الأعنف في التاريخ المعاصر.
هذا الواقع المرّ الذي تعاني منه المدينة المقدسة جعلها محور اهتمام المخلصين من أبناء الأمة بحيث أصبح تحريرها يشكل الهدف الأول للمؤمنين بأحقية أهلها بها وللرافضين للسيطرة الصهيونية الغاشمة عليها.
وكي تأخذ المدينة حقها من الاهتمام كان لا بد من توعية المسلمين على وضعها وعلى أهميتها في آن معاً.
من هنا كانت دعوة قائد الأمة ومفجر ثورتها وباني نهضتها الإمام الخميني الراحل منذ اللحظات الأولى لانتصار الثورة المباركة في إيران لإحياء يوم القدس العالمي بمثابة نفير النهوض الإسلامي من أجل جعل قضية القدس القضية المركزية للمسلمين في كل مكان وفي كل حين.
أطلق الإمام الخميني الراحل صرخته المدوية يوم السابع من آب/ أغسطس عام 1979 ـ أي بعد أقل من خمسة أشهر من انتصار الثورة الإسلامية المباركة في إيران، وجاء في هذا النداء:
"أدعو جميع مسلمي العالم إلى اعتبار آخر جمعة من شهر رمضان المبارك، التي هي من أيام القدر ويمكن أن تكون حاسمة أيضا، في تعيين مصير الشعب الفلسطيني، يوما للقدس، وأن يعلنوا من خلال مراسيم الاتحاد العالمي للمسلمين، دفاعهم عن الحقوق القانونية للشعب الفلسطيني المسلم".
إنها صرخة هادرة هزّت أركان الأمة، وأعادت إليها صحوة العمل من أجل ترتيب أولوياتها على أساس جعل مدى نجاحها في مسيرتها مرتبط بمدى قربها من تحرير القدس الشريف.
وانطلق الإمام الخميني الراحل في دعوته هذه من مسلّمة أساسية وهي أن القدس ملك المسلمين ويجب أن تعود إليهم، معتبرا أن واجب المسلمين أن يهبوا لتحرير القدس، والقضاء على شر جرثومة الفساد هذه عن بلاد المسلمين.
وفي العام التالي، 1980، رسم الإمام الراحل صورة يوم القدس كما يراه من أجل تحقيق الهدف المرجو منه حين قال:
"نسأل الله أن يوفقنا يوما للذهاب إلى القدس، والصلاة فيها إن شاء الله. وآمل أن يعتبر المسلمون يوم القدس، يوماً كبيراً، وأن يقيموا المظاهرات في كل الدول الإسلامية، في يوم القدس، وأن يعقدوا المجالس و المحافل، ويرددوا النداء في المساجد. وعندما يصرخ مليار مسلم، فإن "إسرائيل" ستشعر بالعجز، وتخاف من مجرد ذلك النداء".
لقد أحيت الأمة يوم القدس، وعاماً بعد عاماً انتشر الاهتمام بهذا اليوم وتوسع حتى بات ملتقى سنوياً في آخر جمعة مباركة من شهر رمضان المعظّم، وصار الاحتفال به يتميز بأن أبناء القدس أنفسهم يشاركون بهذا الاحتفال ويجتمعون في مدينتهم المقّدسة من أجل إعلان صمودهم في وجه كل الممارسات العاتية التي تريد أن تقتلعهم من مدينتهم.
لقد باتت مدن كبرى تشهد الاحتفال بيوم القدس العالمي، وإذا كانت مدن إيران ولبنان السبّاقة إلى الإحياء الجماهيري الشامل لهذا اليوم العظيم، فإن أبناء مدن عربية وإسلامية عديدة باتوا يعتبرون الاهتمام بهذا اليوم من أوجب واجباتهم.
ومن العراق إلى مدن باكستان والهند، إلى ماليزيا ومدن أفريقيا المتعددة، وحتى إلى المدن الأوروبية والأمريكية المختلفة، صارت آخر جمعة من شهر رمضان يوم المدينة التي تحمل روح الإسلام وإليها تهفو قلوب حاملي القرآن.
لقد تحوّل يوم القدس العالمي إلى عامل استنهاض للأمة من أجل ترك التلّهي بالتفاصيل المناطقية والإقليمية، والالتفات إلى القضية الكبرى التي تحدّد مصير المسلمين وترسم مستقبلهم، قضية العمل من أجل تحرير القدس الشريف وكل فلسطين والأراضي المحتلة من رجس الاحتلال الصهيوني، وإعادة الأمة إلى مجد الحرية الذي انتظرته طويلاً.
من هنا ينبع صدق دعوة الإمام الخميني الراحل إلى اعتبار يوم القدس "يوماً عالمياً، ليس فقط يوما خاصا بالقدس، إنه يوم مواجهة المستضعفين مع المستكبرين. انه يوم مواجهة الشعوب التي عانت من ظلم أمريكا وغيرها، للقوى الكبرى، وانه اليوم الذي سيكون مميزا بين المنافقين والملتزمين، فالملتزمون يعتبرون هذا اليوم، يوما للقدس، ويعملون ما ينبغي عليهم، أما المنافقون، هؤلاء الذين يقيمون العلاقات مع القوى الكبرى خلف الكواليس، والذين هم أصدقاء (لإسرائيل(، فإنهم في هذا اليوم غير آبهين، أو أنهم يمنعون الشعوب من إقامة التظاهرات".
الإمام الخامنئي في لقائه الرمضائي بالطلبة الجامعیین: یجب تسلیح الضفة الغربیة کغزة
التقى نحو ألف طالب جامعي من مختلف الجامعات و مراكز التعليم العالي في البلاد عصر يوم الأربعاء (23/07/2014 م) بآية الله العظمى السيد علي الخامنئي قائد الثورة الإسلامية لمدة ساعتين و نصف الساعة، و طرحوا أمامه هموم و مطالب و تصورات شريحة الطلبة الجامعيين، و استمعوا إلى كلمته و إجاباته الداعية إلى التدبّر في أولويات و قضايا المنطقة و البلاد.
و بعد استماعه لكلمات ممثلي التنظيمات و الجماعات الطلابية لمدة تسعين دقيقة، أثنى الإمام الخامنئي في كلمته على روح النشاط و الحيوية و المطالبة و التفكير و النقد، و في الوقت نفسه روح الشعور بالمسؤولية لدى المجتمع الطلابي، و تطرق لجذور و عوامل أحداث غزة مؤكداً: هذه الجرائم الخارجة عن حدود التصور، تمثل الحقيقة الذاتية لكيان قاتل للأطفال يتصف بصفات الذئاب، و علاجه الوحيد هو القضاء عليه و محوه، و طبعاً إلى ذلك الحين فإن المقاومة الفلسطينية الحاسمة و المسلحة و اتساعها إلى الضفة الغربية هي السبيل الوحيد لمواجهة هذا الكيان الوحشي. هذا بالإضافة إلى أن الدفاع الوقح لأمريكا و الغرب عن جرائم الصهاينة يجب أن تؤثر كتجربة مهمة في معرفتنا و نظرتنا للغرب و تعاملنا معه، و أن نفهم أن واقع أمريكا و حقيقتها هي هذه، و سيعلن شعب إيران في يوم القدس العالمي بهتافاته العظيمة عن دعمه و معونته و نصرته للمظلوم و عدائه للظالم.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى المصائب التي تنزل بأهالي غزة المظلومين مضيفاً: هذه الأحداث مظهر لسياسة العنف العلني و القبضة الحديدية التي نفذها هذا الكيان الزائف و غير الشرعي مراراً و تكراراً طوال عمره الممتد على مدى 66 عاماً، و افتخر بها بكل وقاحة.
و أكد سماحته قائلاً: كما قال الإمام الخميني فإن إسرائيل يجب أن تزول من الوجود، و طبعاً زوال إسرائيل باعتباره سبيل العلاج الواقعي الوحيد، لا يعني القضاء على اليهود في هذه المنطقة، إنما يوجد لهذه العملية المنطقية آلية عملية عرضتها الجمهورية الإسلامية في المحافل و الأوساط الدولية.
و أضاف سماحته قائلاً: على أساس هذه الآلية التي تستسيغها الشعوب، يشارك الأهالي الذين يعيشون في هذه المنطقة و الذين يعتبرون أهلها و أصحابها في استفتاء يختارون من خلاله نظام الحكم الذي يريدونه، و بهذا سيزول الكيان الصهيوني الغاصب الزائف.
و أردف قائد الثورة الإسلامية قائلاً: طبعاً إلى حين زوال هذا الكيان القاسي القاتل بعون الله، يبقى التعامل المقتدر و المقاومة الحاسمة المسلحة السبيل الوحيد لعلاج هذا الكيان المدمّر.
و لفت سماحته قائلاً: لا يتصور أحد أنه لو لم تكن صواريخ غزة لتنازل الكيان الصهيوني، ففي الضفة الغربية لا توجد صواريخ و بنادق و السلاح الوحيد بأيدي الشعب هو الحجارة، لكن هذا الكيان لا يكفّ مع ذلك عن تقتيل الناس و إذلالهم هناك.
و ذكّر قائد الثورة الإسلامية بإهانة ياسر عرفات و دسّ السم له من قبل الصهاينة مردفاً: المحتلون لا يتحرّجون حتى مع المستسلمين لهم، و لا يوجد احتمال لتنازلهم إلّا في حال التعامل المقتدر من قبل الفلسطينيين معهم.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى مساعي الصهاينة لتحقيق وقف إطلاق نار مضيفاً: الكيان الذي يرتكب الجرائم خارج حدود تفكير البشر و تصورهم صار بائساً بسبب المقاومة المقتدرة للفلسطينيين، و راح يبحث عن مخرج و حل، و هذا يثبت بأن الصهاينة لا يفهمون سوى لغة القوة.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: في ضوء هذه الحقائق نعتقد أن الضفة الغربية أيضاً يجب أن تتسلح مثل غزة، و الذين يحبّون مصير فلسطين يجب أن ينشطوا في هذا المجال، حتى تقل آلام الشعب الفلسطيني و محنهم في ظل أياديهم المقتدرة و ضعف العدو الصهيوني.
و اعتبر سماحته الدعم السياسي لأهالي غزة واجباً على كل الشعوب المسلمة و غير المسلمة، و ألمح إلى إعلان الشعوب كراهيتها لكيان الإسرائيلي الوحشي مؤكداً: سوف يرى العالم إن شاء الله الغضب الهائل للشعب الإيراني في يوم القدس إن شاء الله، و سوف يثبت شعب إيران بأن دوافع دعم فلسطين لا تزال قوية و موّاجة في هذه الأرض الإسلامية.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى شعار «لا غزة و لا لبنان» الذي رفعه أرباب الفتنة، موضحاً: أراد البعض بهذا الشعار أن يقلبوا حقيقة الشعب الإيراني، لكن الشعب لم يسمح بذلك، و سوف يثبت مرة أخرى في يوم الجمعة بأنه سیبقى دوماً عوناً للمظلوم و خصماً للظالم.
و انتقد قائد الثورة الإسلامية بشدة الدعم و الدفاع المخزي للمستكبرين و على رأسهم أمريكا عن الفجائع و العنف الخارج عن حدود الوصف الذي يرتكبه الصهاينة، مضيفاً: أحداث غزة مؤلمة و باعثة على الغم و الحزن، بيد أن الأهم من ذلك هو أنه يجب بنظرة أعمق لأحداث غزة الجارية دراسة و تحليل سلوكيات طلاب الهيمنة في هذه الأحداث.
و لفت سماحته في هذا الصدد يقول: بضع دول غربية و خصوصاً أمريكا و بريطانيا الخبيثة يدافعون بكل صراحة عن جرائم لا يقبلها حتى أي إنسان عادي، و يقول رئيس جمهورية أمريكا مقابل كل هذا التقتيل للأطفال و التدمير و المحن و التعذيب لأهالي غزة، و بمنطق يبعث على السخرية، إن من حق إسرائيل أن تدافع عن أمنها! و لكن أليس من حق الفلسطينيين الدفاع عن أمنهم و عن حياتهم؟
و أضاف آية الله العظمى السيد الخامنئي: مسؤولو البلدان المستكبرة لا يفهمون أنهم بدفاعهم عن جرائم الصهاينة القذرين المخرّبين إنما يريقون ماء وجوههم و بلدانهم أمام الشعوب، و سيكون حكم التاريخ عليهم لتعاونهم مع ارتكاب هذه الفجائع قاسياً.
و بحث قائد الثورة الإسلامية في جذور و أسباب السلوك الوقح للغربيين قائلاً: الدفاع عن جرائم الصهاينة له جذوره في النظام الليبرالي الديمقراطي و في منطق يمتاز بأدنى مستويات القيم الأخلاقية، و لا يوجد فيه أي شعور بالإنسانية.
و قال سماحته ملخصاً هذا الجانب من حديثه: واقع الأمريكان، الذين لديهم تحدياتهم مع الجمهورية الإسلامية في قضايا مختلفة، هو هذا الذي نشاهده، و علينا أن نتعرّف على أمريكا أفضل من خلال هذه الأحداث، و ينبغي أن تترك هذه المعرفة باعتبارها تجربة مهمة أثرها في تعاملنا و سلوكنا مع أمريكا و نظرتنا لها، و يتحول ذلك إلى معيار لشعبنا و طلبتنا الجامعيين و مثقفينا و لنا جميعاً.
و لفت قائد الثورة الإسلامية قائلاً: سلوك طلاب الهيمنة حيال الظلم الذي يقع على المظلومين في غزة يثبت أنهم لا يؤمنون قيد أنملة بالإنسان و حقوق الإنسان و الإنسانية، و كل ما يقولونه حول الحرية و حقوق الإنسان هو استهزاء بالحرية و بحقوق الإنسان.
و أكد سماحته مرة أخرى: إننا لا نقول هذا الكلام من باب النصيحة للمسؤولين الأمريكان، إنما نقوله لأنفسنا لنعلم ما الذي يجب أن نفعله، و نفهم في آرائنا و تحليلاتنا من هم الذين نواجههم.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: الشعارات المعادية لأمريكا و للغرب و للاستكبار التي تسمع في البلاد ترتبط بحقيقة أمريكا و واقعها، و لكن البعض يتصورون عن خطأ بأن هذه الشعارات عمل متعصب و من دون منطق فكري. و أضاف قائد الثورة الإسلامية: النظرة المعادية لأمريكا و للغرب في إيران نظرة عقلانية و تستند إلى تجارب و حسابات صحيحة.
و أشار سماحته إلى كلامه في لقائه الأخير بمسؤولي الدولة قائلاً: كما قيل فإن الهدف الأساسي للعدو هو إيجاد اختلالات في أجهزة حساباتنا، لأن نظام الحسابات إذا اختل فإنه سوف يعطي نتائج خاطئة حتى لو كانت المعلومات الداخلة إليه صحيحة، و لن تنفعه التجارب في شيء.
و عدد آية الله العظمى السيد الخامنئي بعض تجارب الإيرانيين لسلوك الغرب معهم طوال العقود الماضية مردفاً: تولي رضا خان زمام الأمور في إيران بحكومته الدكتاتورية العجيبة، و احتلال إيران خلال عقد العشرينيات [الأربعينيات من القرن العشرين للميلاد]، و نهب المصالح النفطية، و انقلاب الثامن و العشرين من مرداد، و الدعم التام لدكتاتورية محمد رضا بهلوي، و ممارسة العراقيل ضد انتصار الثورة الإسلامية، و الدعم الشامل لصدام، و عشرات المؤامرات الأخرى، كلها تجارب ثمينة تجعل معرفة الشعب الإيراني لأمريكا معرفة واقعية و عميقة، لكن المثقفين التغريبيين و لأن أجهزة حساباتهم مختلة لا يستنتجون نتائج صحيحة حتى من هذه التجارب المريرة.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية إحياء العقلانية الصحيحة من أهم الخدمات التي قدمتها الثورة الإسلامية مضيفاً: بخلاف الشعب، تروم بعض الأيدي أن تسيطر نفس تلك التيارات التغريبية الذليلة على مقدرات البلاد مرة أخرى، و ينبغي الوقوف بوجه مثل هذه المحاولات، و هذا الوقوف صحيح و عقلاني تماماً.
و اعتبر قائد الثورة الإسلامية في الجانب الأول من حديثه لقاءه اليوم بالطلبة الجامعيين لقاء جيداً و مؤشراً على روح الإيمان و الحماس و المنطق و التحفز لدى الشباب في البلاد قائلاً: الآراء التي أعرب عنها اليوم ممثلو التنظيمات الطلابية في الجامعات تدل على وجود هذه الروح بين الطلبة الجامعيين.
و أضاف آية الله العظمى السيد الخامنئي: قد تكون بعض الآراء المطروحة غير منطقية، أو غير قابلة للتحقيق، أو غير صحيحة، و لكن الأهم من هذه التفاصيل وجود روح التوثب و الحيوية و المطالبة بين الطلبة الجامعيين، و هي مبعث ارتياح كبير.
و أكد سماحته قائلاً: الشاب الجامعي يجب أن يكون صاحب مطالب و تحفز و حيوية، و متواجداً في الساحة، و مشرفاً على قضايا البلاد، و بفضل من الله تتوفر هذه الروح بين طلبتنا الجامعيين في الوقت الحاضر.
و أضاف قائد الثورة الإسلامية: طبعاً روح المطالبة و النقد بين الطلبة الجامعيين يجب أن تكون مصحوبة بمراعاة الأخلاق و الإنصاف و الحدود الشرعية و تجنب قول أشياء لا يوجد علم و يقين بها.
و قال الإمام السيد علي الخامنئي مخاطباً الطلبة الجامعيين: أتمنى أن تبقى روح الشعور بالواجب و المطالبات و النقد بينكم إلى حين تتولون المسؤوليات في المستقبل كمدراء للبلاد، فإذا كان هذا فسوف فيه خلاص البلد و إنقاذه.
و ألمح سماحته إلى آراء بعض الطلبة الجامعيين بخصوص ضرورة توجيه التيار العلمي في البلاد نحو العملانية و التطبيق العملي و معالجة مشكلات المجتمع، مردفاً: الأعمال و المساعي العلمية في البلاد و في الجامعات اليوم أعمال حيوية و ناجحة و جديرة بالتقدير، لكن هذه المساعي العلمية يجب أن تكون مقدمة لحل مشكلات البلاد.
و لفت قائد الثورة الإسلامية: نشر البحوث العلمية في المواقع العلمية المعتبرة عالمياً ممارسة علمية جديرة بالتقدير، لكن الهدف النهائي هو أن تختص الأعمال العلمية باحتياجات البلاد العملية.
و كان التواصل بين أساليب الإدارة الاقتصادية و ثقافة المجتمع من الآراء الأخرى للطلبة الجامعيين التي قال آية الله العظمى السيد الخامنئي عنها: إننا نوافق فكرة أن أسلوب الإدارة الاقتصادية قد یؤثر في التوجهات الثقافية، بيد أن القضية المهمة و الحيوية هي النظرة و التوجهات الثقافية التي ينبغي أخذها بنظر الاعتبار على كافة المستويات.
و استطرد سماحته قائلاً: في عقد السبعينيات [التسعينيات من القرن العشرين للميلاد] عندما كانت هناك اعتراضات على أسلوب الإدارة الاقتصادية، طرح موضوع الغزو الثقافي من قبل القيادة، و ذلك للأهمية البالغة لموضوع الثقافة و أصالته و أهمية الجانب الثقافي في كل المفاصل و الأطوار.
و أشار قائد الثورة الإسلامية إلى آراء أحد الطلبة الجامعيين بخصوص فترة الخدمة العسكرية باعتبارها عقبة في طريق زواج الطلبة الجامعيين، منوّهاً: زواج الشباب موضوع مهم، و عدم الاكتراث له في المجتمع قد يكون له تبعات غير محمودة في المستقبل.
و لفت آية الله العظمى السيد الخامنئي: سبيل حل مشكلة الجندية من أجل زواج الشباب ليس تقليل مدة الخدمة العسكرية و يجب العمل بأساليب أخرى، لكن الأهم من ذلك هو وجود الدوافع نحو الزواج لدى الشباب، و هي دوافع يجب أن لا تخفت و تقل.
و أبدى سماحته أسفه لارتفاع سن الزواج خصوصاً بين الفتيات، مؤكداً: يجب على الشباب و عوائلهم و مسؤولي الجامعات أن يفكروا بحلول لتوفير الظروف المساعدة على انتشار الزواج في البيئات الجامعية و الحيلولة دون ارتفاع سن الزواج.
و أوضح قائد الثورة الإسلامية أن بعض التقاليد و المعتقدات الخاطئة من العقبات التي تعترض طريق زواج الشباب، مضيفاً: الشباب الذين يتحلون دوماً بروح المطالبة و اقتراح الأساليب الجديدة يجب أن يمهدوا الأرضية لزوال هذه التقاليد و المعتقدات الخاطئة.
و أشار آية الله العظمى السيد الخامنئي إلى البركات المعنوية و المادية لسنة الزواج الحسنة منوّهاً: يجب إطلاق حراك جاد في المجتمع لترويج الزواج بين الشباب و الطلبة الجامعيين.
و تابع قائد الثورة الإسلامية حديثه بالإجابة عن سؤال أحد الطلبة الجامعيين الذي سأل: هل يجب للمواقف السياسية للأفراد و الطلبة الجامعيين و التنظيمات الطلابية أن تنطبق مع آراء القيادة؟
و قال سماحته في معرض الإجابة عن هذا السؤال: لا، ليس هذا التصور صحيحاً بأنه يجب أن تقتبس مواقف كل أبناء الشعب بما في ذلك الطلبة الجامعيين و هم من الشرائح الرائدة في المجتمع من آراء القيادة و تكون نسخة عنها.
و أضاف يقول: على الطالب الجامعي باعتباره إنساناً مسلماً و مؤمناً و صاحب أفكار أن تكون له تحليلاته برصده للساحة، و أن يتخذ مواقفه من الأشخاص و السياسات و التيارات و الحكومات على أساس تحليله هذا.
و أكد قائد الثورة الإسلامية: يجب أن تكون التقوى المعيار الصحيح الوحيد في التحليل، أي عدم إشراك هوى النفس في الانحياز أو المعارضة و في التقدير أو النقد.
و استطرد سماحته يقول: يجب أن لا يسود التصور بأن على الجميع الانتظار لكي تعلن القيادة أولاً عن مواقفها حول شخص أو سياسة و يتخذ الباقون مواقفهم على أساس ذلك الموقف. و أكد قائد الثورة الإسلامية: هذا الأسلوب سيخلق طريقاً مسدوداً أمام الأعمال و الأمور.
و أضاف آية الله العظمى الإمام الخامنئي: للقيادة واجباتها التي ستنهض بها بتوفيق من الله، و لكن على الطلبة الجامعيين أيضاً واجبات ينبغي أن ينهضوا بها حسب معيار التقوى و بالنظر لظروف الساحة.
و لفت سماحته إلى نقطة أخرى قائلاً: طبعاً إذا أعلنت القيادة رأياً في مسألة من المسائل أو مجال من المجالات فقد يكون هذا الرأي مؤثراً في تشخيص الذين يحسنون الظن بالقيادة، لكن هذا لا يعني سقوط آراء الآخرين.
و شدّد قائد الثورة الإسلامية على أن من واجب الطلبة الجامعيين أن يهتموا لمختلف الموضوعات و يتابعوا الأمور بعيون مفتحة، مردفاً: الطلبة الجامعيون هم في الحقيقة صورة الضمير الحي للشعب، و مؤشر الميول العامة في المجتمع، لذلك ينبغي أن ينظروا لمختلف القضايا و الأمور بمنتهى الوعي و بعيون مفتوحة و بشعور بالواجب، و أن يتعرفوا بصورة جيدة على أجواء البلاد و المنطقة و التهديدات و الفرص و الأعداء و العداوات.
و قدم آية الله العظمى السيد الخامنئي في الجانب الأخير من كلمته عدة توصيات للطلبة الجامعيين.
التوصية الأولآ هي تعزيز مطالعاتهم الدينية و السياسية إلى جانب أعمالهم العلمية و رفع مستوى قدرتهم على التحليل. و دعا قائد الثورة الإسلامية الطلبة الجامعيين إلى التفكير في الأمور و القضايا، و أكد على تجنب النظرة العاطفية و السطحية للأمور، منوّهاً: الكثير من الموضوعات بما في ذلك الموضوعات التي تطرح من قبل الطلبة الجامعيين يجب أن يحدَّد وضعها و الموقف منها مسبقاً في كراسي التحرر الفكري التي تحدثنا عنها و في النقاشات الحرة بين الطلبة في الأوساط الجامعية.
و كانت التوصية الثانية التي قدمها قائد الثورة الإسلامية للطلبة الجامعيين تنافس الخطابات في البيئات الجامعية بمنطق قوي و بتحمّل الآراء المخالفة.
و قال آية الله العظمى السيد الخامنئي: يجب عدم التعجب أو الخوف أو الغضب من التيار المخالف، إنما ينبغي عن طريق تعزيز الركائز و تمتين المواقف الخوض في تنافس الخطابات و تحمل الآراء المخالفة.
في بداية هذا اللقاء تحدث ستة من الطلبة الجامعيين من ممثلي التنظيمات و التجمعات الطلابية في الجامعات، معربین عن مواقف و آراء تنظيماتهم حول مختلف الشؤون الطلابية و الجامعية و العلمية و السياسية و الاقتصادية و الثقافية و الاجتماعية.
خطر التقسيم واقع لا إحتمال
يكثر الحديث عن «تجزئة المجزأ»، وعن إعادة النظر بخرائط سايكس بيكو لعام 1916. الأمر ليس مجرد تكهنات أو مخاوف. ثمة مسار يتواصل ويتبلور أو، حتى، يتكامل على نحو ما، في أكثر من منطقة من عالمنا العربي على وجه الخصوص. وهو مسار تكثر فيه الصراعات، ومن ثم الإنقسامات والتصدعات، بما لا يجعل الوحدة العربية شعاراً بعيد المنال فحسب، بل يجعل إمكانية الحفاظ على وحدة عدد متزايد من البلدان العربية أمراً شبه مستحيل.
لنبدأ من أن المعادلات والتوازنات، وما ينجم عنها من اتفاقيات وخرائط وكيانات، تبقى، مهما طال امدها واتخذت صيغاً تبدو رصينة وحصينة، تبقى معرَضة، في ظروف الصراعات والتحولات المؤثرة والكبرى خصوصاً، للزوال أو التبدل والانقلاب.
لن نذهب بعيداً. مع انهيار الاتحاد السوفياتي ومعه تركيبته ومنظومته التي كرسها في «يالطا» الحلفاء المنتصرون على النازية والفاشية وحلفائهما في الحرب العالمية الثانية، انهارت بُنى وصيغ واحلاف ومنظومات وتوازنات ذات ابعاد وآثار كونية. انهارت ايضاً، وسريعاً، دول، توحدت قديماً أو حديثاً، ومنها تشيكوسلوفاكيا (إلى دولتين ) ويوغوسلافيا (إلى اكثر من ذلك). مؤخراً فقدت اوكرانيا وحدتها ايضاً في مخاض ما يزال قائماً ومريراً حتى الآن.
في منطقتنا، حصل التحول الدراماتيكي الأول في فلسطين عام 1948. وهو تحول مفتوح لا يزال «يعس» بالعدوان والدعم الدولي من أجل استكمال عملية الاغتصاب جغرافياً، ومن اجل توسيع استهدافاته ونتائجه على كامل «الشرق الاوسط الكبير»، سياسياً وإقتصادياً وامنياً... لم يمنع الاستقلال السياسي الذي نالته كل دول منطقتنا بعد الحرب العالمية الثانية وما انتهت اليه من توازنات واتفاقيات، تهديد سيادة ووحدة اراضي الدول المستقلة حديثاً. بسط الوصاية والهيمنة الاستعمارية، من جهة، وقيام سلطات تابعة ومعادية لمصالح اكثرية شعوب هذه الدول، من جهة ثانية، جعل استقلال وسيادة ووحدة الدول العربية «المستقلة» موضع تهديد واهتزاز فمراجعة... حسب شروط ومصالح الاقوى بشكل عام.
لا يحتاج الامر إلى «تبصير» ودراماتيكيات. يحتاج إلى تتبع حركة الصراع وتحولاتها وتوازناتها، والى متابعة ما تعده المؤسسات البحثية السياسية المعنية خصوصاً في الدول ذات سوق المعلومات المفتوح والتي تملك من فائض القوة والثقة ما يجعل مراكز البحث فيها تعد إقتراحات الخطط والتوجهات والسيناريوهات بشكل واضح وصريح ومعلن. ينطبق هذا الكلام، أكثر ما ينطبق، على سوق المعلومات الكبرى، وهي الاميركية تحديداً. هناك يتكرر الحديث في وثائق تنشر علناً في الصحافة («نيويورك تايمز» مثلاً أواخر العام الماضي) عن مخطط تقسيم سيطاول معظم الدول العربية.
قلت لا يحتاج الامر الى ادعاء العلم بالغيب على طريقة ما هو رائج الان (وبشكل معيب ومسيء لما بلغه الوعي والعقل البشريين)، بل يحتاج الى متابعة ينبغي ان تنتظمها خيارات وطنية وقومية شاملة.
أمام أعيننا يتوالى مشهد الانهيار والتقسيم (في نطاق الصراع الدولي على التقاسم دائماً). دشّن ذلك، خصوصاً، الغزو الاميركي للعراق وقبلها افغانستان. اعتُمدت في بلاد الرافدين المحتلة «عملية سياسية» ملغومة قامت على المحاصصة والتقاسم المفضي، في ظروف ملائمة، نحو التقسيم عندما تتعقد أو تتعذر لعبة التقاسم. خريطة العراق المعروفة مهدّدة الآن أكثر من أي وقت مضى.
في مجرى ذلك أيضاً دخل السودان رسمياً في الانقسام الى دولتين، لا يتوفر فيهما، بدورهما، أي عامل داخلي من عوامل التسوية والاستقرار والازدهار.
يغالب اليمن الآن، محاولات حثيثية وخطيرة لإعادة تقسيمه الى دولتين في الجنوب وفي الشمال (على الأقل). لا تملك ليبيا، هي الأخرى، من عناصر التوحد ما هو ضروري وحاسم. هي الان تواجه خطر التشظي القبلي والجهوي عبر فوضى قد لا يكون لها شبيه في أي بلد آخر... وفي سوريا يستطيع كلام الرئيس بشار الاسد في بداية ولايته الثالثة ان يعبر عن واقع السلطة اكثر مما يعبر عن واقع البلاد التي تسودها، منذ اكثر من ثلاث سنوات، حالة مخيفة من القتال والصراعات والتفكك والتطرف الذي عبّر عن نفسه من خلال إعلان «الخلافة الاسلامية» في «كوريدور» جغرافي ومذهبي وسياسي يمتد من الحدود السورية التركية إلى الحدود العراقية الإيرانية...
وحدة معظم الدول العربية الأخرى ليست بألف خير. بعض الانقسامات العرقية مرشّحة لمرحلة نوعية من الانعطافات. القضية الكردية تدق بقوة مسألة تقرير المصير. العصبيات المذهبية تهدد وحدة واستقرار عدد من البلدان مهددة بنزاعات ذات طابع قطري محدود أو إقليمي شامل. بلدان الخليج التي نعمت بمرحلة مديدة من الهدوء معرَضة الآن لإضطرابات وتحولات.
طبعاً ثمة لاعب أساسي ودائم، هو دول «المتروبول» الاستعماري، التي ما زالت تواصل مشاريعها ومساعيها من اجل الهيمنة على ثروات المنطقة الاسطورية في مجالي النفط والغاز. معظم هذه الدول يواصل التوظيف في دور الكيان الصهيوني كموقع أمامي في تهديد استقرار المنطقة وفي ضرب تطلعات شعوبها نحو التحرر والتقدم. هو يواصل أيضاً تغذية التناقضات العرقية والدينية والمذهبية من اجل تشتيت جهود شعوب هذه الدول وصرفها عن التوحد ضد الهيمنة الخارجية وما يرافقها من نهب وسيطرة ومطامع.
في مقابل كل تلك المخاطر والتهديدات، تغيب المشاريع الكبرى التي من شأنها توفير شروط ومستلزمات الدفاع عن مصالح شعوب المنطقة وحماية مصائرها وثرواتها.
لا يمكن أن يمر ذلك دون ثمن نشاهد حلقاته تتواصل اليوم على شكل مأساوي متصاعد في غير ما بلد وساحة من عالمنا العربي خصوصاً.
لقد نجحت قوى الهيمنة الخارجية وقوى الاستئثار والاستبداد والتبعية الداخلية في تعقيد المشهد العربي إلى أبعد الحدود. هي نجحت خصوصاً في دفع الصراعات الداخلية إلى المقدمة: الصراع حول الهويات والانتماءات والعصبيات، لا حول المصالح الكبرى والخيارات الاساسية في حقول السياسة والاقتصاد والتقدم والمشاركة.
يحتاج هذا الأمر إلى وقفة عميقة مع الذات والتجارب والى اعادة تقويم ومراجعة لكشف اسباب الخلل ولصياغة استنتاجات ومشاريع ملائمة.
لن تنهض بذلك سوى كتل سياسية ــ شعبية، وطنية وقومية، ذات برنامج نهوض شامل وثلاثي الابعاد: تحرري في مواجهة الهيمنة والنهب الاستعماريين. تنموي يستند إلى خطط ملموسة للنهوض الاقتصادي والاجتماعي. سياسي يضع في المقام المناسب مسألة المساواة وتأمين الحقوق الاساسية للمواطن وتوفير متصاعد لشروط ممارسة الحريات والديموقراطية.
الأخبار
المقاومة وقوّة الداخل: ولادة الكتلة الاجتماعية
هذه المرّة كانت الهبّة مختلفة. فقد بدأت في شعفاط، ومن ثمّ تمدّدت إلى الضفّة والقدس والمثلّث، قبل أن يحاول الصهاينة وأدها في غزة. صحيح أنّ نسبة خطف المستوطنين وقتلهم إلى «حماس» قد جعلت منها الفاعل الأكبر في المشهد، إلا أنها لا تملك أن تزعم التأثير خارج المعطى الاجتماعي العريض الذي بدا منحازاً منذ البداية لفكرة «الانتفاض» والحراك الشعبي الواسع النطاق. مقاتلو الحركة إضافة إلى مقاتلي «الجهاد الإسلامي» وباقي الفصائل يقودون المعركة ببسالة الآن، ويستخدمون تكتيكات لا تساعد الكيان الصهيوني في تسهيل مهمّته، وهذا سبب إضافي لحيازتهم الشرعية الشعبية وتأكيد افتراقهم عن المستوى السياسي، وخصوصاً في حالة «حماس».
طبعاً، لا يقدر المنطق الانهزامي المبتذل على فهم هذه المعادلة، إذ انه يعتمد في مجمله على فكرة الثمن، ويقترح علينا التعامل مع هذه الحرب على أساس القياس العددي، فما دام الكيان لم يخسر إلا قتيلين اثنين في مقابل مئتي شهيد وأكثر من المدنيين الفلسطينيين إذن فهو يحتفظ بقدرة الردع، ولن يتأثّر كثيراً بإطالة أمد الحرب. والحال أنّ هذا المنطق بالذات هو الذي يعقّد فهمنا لطبيعة الصراع الحالي، وأشدّد هنا على كلمة الحالي، على اعتبار انّه يسقط الهبّة الشعبية التي سبقت الحرب من حسابه ويتعامل مع الواقع الذي أفرزها كما لو أنه كتلة جامدة، لا تتغيّر أو تتطوّر في سياق ما يجري حولها. دعونا نذكّر أصحابه بالسياق الذي جرت فيه حربا 2008 و2012. في كلتي الحربين لم يحدث أن تصاعدت الاحتجاجات في المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية كما هي الحال الآن، ولم يحصل أيضاً أن انتفضت الكتلة الفلسطينية على هذا النحو في المناطق التي تخضع لسلطة الاحتلال (أراضي 48 تحديداً). يكفي أنّ المقاومة الآن تحظى بغطاء داخلي يندر أن تحظى به أيّ «حركة تحرّر» مسلّحة في العالم، وخصوصاً بعد المعاناة الشديدة من حالة الانقسام في السنوات الماضية. في الحربين السابقتين تعذّر وجود هذا الغطاء ليس فقط بسبب الانقسام، بل لأنّ الناس أيضاً كانوا قد يئسوا من فكرة الانتفاض وتكوين كتلة اجتماعية متماسكة تأخذ على عاتقها مهمّة الصدام الدائم والمستمرّ مع الاحتلال وأعوانه. في هذا السياق تصبح الأثمان التي يتذرّع بها المنطق الانهزامي المبتذل أقلّ بكثير مما نظنّ، ويغدو القياس على أساسها بلا أيّ قيمة تذكر. لا يحتاج الأمر هنا إلى شروحات أو تفسيرات معقّدة، فالكتلة الاجتماعية المتحالفة مع المقاومة الآن كبيرة بالفعل، وتحالفها هذه المرّة من النوع «العضوي» الذي يجعل من أيّ محاججة لا تستند إلى الإرادة الشعبية فعلاً مستحيلاً، ومن دون أيّ فائدة، هذا إذا افترضنا أنّ أصحاب هذا المنطق يريدون حقّاً خدمة الشعب الفلسطيني وتجنيبه الآلام والمآسي. الكتلة هنا تاريخية بكلّ ما في الكلمة من معنى، وإذا استمرّت الحرب طويلاً فستزداد صلابة وسيسقط رهان «إسرائيل» على تأليب قواعد «حماس» الشعبية عليها. أصلاً مشكلة الكيان الصهيوني الكبرى اليوم أنه لا يفهم طبيعة الالتفاف الحاصل حول المقاومة، وهذا أمر بديهي في ظلّ غربته عن المحيط الذي انتفض عن بكرة أبيه طيلة سنوات ثلاث. السلطة الصهيونية تعاني من إشكال حقيقي هنا، فهي بخلاف باقي السلطات في المنطقة لم تتعرّض إلى هزّات حقيقية، وبقي شعورها بالتهديد مرتبطاً بأفعال منظّمات تحوّلت هي الأخرى إلى سلطات أمر واقع، عاجزة وتابعة ومنقطعة عن محيطها المباشر.
«حماس» نفسها لولا حفظها لخطّ الرجعة بعد التبعية المقيتة لقطر وتركيا ومصر أيّام الإخوان كانت ستلحق بالسلطة الفلسطينية، وتتحوّل إلى مجرّد هيكل سلطوي يمارس التهميش تجاه مواطنيه، ولا يشعر بأنه خارج معادلة القوّة والتأثير في محيطه الإقليمي. عادت الحركة الآن إلى «دورها الطبيعي» بفعل الكتلة الاجتماعية التي تمدّدت خارج قواعد «حماس» التقليدية، وباتت - أي الكتلة - بمثابة الحاضن الجديد للهبّة الشعبية العارمة. هذه الأخيرة تعسكرت بفضل المقاومة، ولم تعد فقط فعلاً احتجاجياً على استشهاد الشاب محمّد أبو خضير والتمثيل بجثّته. طبيعة الصراع مع الاحتلال هي التي فرضت العسكرة، إذ إنّ الانتفاضة السلمية لن تقدر مهما تمدّدت على مقارعة كيان يحتمي بالجيش والاستخبارات والمستعربين الأوباش وقطعان المستوطنين المسلّحين، وهو بالضبط ما ميّز هذا الطور من المواجهة، حيث وقعت الاشتباكات مع المستوطنين على نطاق أوسع من ذي قبل (القدس، الضفة، المثلّث... الخ)، وبقدر من الحدّة لم يكن معهوداً منذ توقيع اتفاقية أوسلو. الاشتباكات تمدّدت إلى معظم أنحاء فلسطين المحتلّة (باستثناء رام الله الخاضعة لسيطرة حديدية من أمن السلطة)، وبقيت على وتيرة معيّنة، أي في إطار المواجهات بين المتظاهرين والمستوطنين إلى أن تدخّل الجيش الصهيوني (وهو أصلاً كان ينظّم حملات المستوطنين ويديرها عن بعد) وبدأت حملة الاعتقالات الواسعة وانتهاك حرمات المنازل. في هذه المرحلة لم تعد الاحتجاجات قادرة على الصمود وحدها، وأضحت بحاجة إلى تدخّل منظّم يواكبها ويحميها ويدفع بها إلى ذروة جديدة من المواجهة. ولأنّ شبه الدولة المسخ القائم في رام الله غير قادر على توفير هذه الحماية، لا بل متعاون مع الاحتلال في عدم توفيرها تقدّمت القوّة المنظّمة الوحيدة القادرة على ملء هذا الفراغ، وإشعار الناس في شعفاط وباقي المناطق المستهدفة بأنّ لها ظهراً يحميهم لأداء المهمّة المنوطة «افتراضياً» بسواها. هذا الفائض من القوّة الذي تمتلكه المقاومة عزّز من شعور المنتفضين بغياب شبه الدولة، ووضع سلطة رام الله في مرمى غضبهم، فهي لم تتركهم فحسب لهمجية الاحتلال وعصابات المستوطنين، بل وقفت حائلاً أيضاً بينهم وبين أهلهم في رام الله وطول كرم و... الخ. على هذا الأساس أضحت المقاومة بالنسبة إليهم هي الشرعية الوحيدة القائمة، ولم تعد السلطة موجودة في حساباتهم، لا بل يمكن القول إنّ مستقبل «فتح» بمجمله أصبح في مهبّ الريح، ومهما حاولت السلطة في مصر أن تفعل لأجل تثبيت شرعية حليفتها الفلسطينية فلن تفلح في ظلّ الدينامية الداخلية المتصاعدة المطالبة بإنهاء هيمنتها على القرار، وكفّ يدها عن التحكّم بحياة الفلسطينيين في الداخل والخارج. بهذا المعنى فقط تتكامل جهود السلطة المصرية و«فتح» و«إسرائيل»، فجميعهم لا يقبضون على اللحظة المتكوّنة في الداخل، والمطالِبة بشرعيّة أخرى غير شرعيّة التفاوض والركون إلى مؤسّسات الأمم المتحدة و«المجتمع الدولي» البغيض.
عدم إدراك أطراف هذا «التحالف» حيثيات الكتلة الاجتماعية الآخذة بالتكوّن حول المقاومة يضعها جميعاً في موقع هامشي بالنسبة إلى الأحداث، ولا يساعدها في إنهاء المواجهة بشروطها المعتادة. هكذا، يصبح موت المبادرة المصرية وانعدام قدرتها على التأثير عاملاً داخلياً أكثر منه خارجياً، ويغدو كلام وزير الخارجية المصري سامح شكري عن دور المحور القطري ـ التركي ـ الاخواني في تعثّر المبادرة بلا أيّ قيمة، وخارج السياقات الممكنة للصراع. إذ حتّى لو عاودت «حماس» مزاولة انتهازيتها المعهودة - عبر ما يمثّله خالد مشعل تحديداً - وأرادت تعويم الدور القطري التركي على حساب غريمه المصري فستصطدم بممانعة داخلية كبيرة، وخصوصاً من الكتلة الاجتماعية التي قادت الاحتجاجات من خارج المعطى الحمساوي المباشر. وهؤلاء كثر بالمناسبة، وتأثيرهم المباشر في مجرى الصراع لا يقلّ عن تأثير أبطال المقاومة الذين يشتبكون مع العدو الآن على حدود القطاع، ويمنعونه من إتمام الطور البرّي من تدخّله العدواني. لا يجب الاستخفاف بما يفعله أولئك الثوريون الشجعان على الأرض، فلقد خبرنا قدرة نظرائهم في مصر على التأثير وكيف كانوا يجبرون السلطات المتعاقبة هناك على التراجع عن أيّ قرار يمسّ بمصالح الفقراء والمهمّشين وضحايا التعذيب و... الخ. وان كانوا قد تراجعوا اليوم «فلأسباب موضوعية» تتّصل بعسف السلطة وانضمام شرائح محافظة إلى قاعدتها الاجتماعية لا يغريها كثيراً الخطاب الثوري المطالب بالتغيير الجذري والقطيعة الكاملة مع النظام. والمدهش حالياً أنّ تراجعهم في مصر ترافق مع صعود ملحوظ لتأثيرهم في فلسطين المحتلة، حيث استطاعوا تشكيل قوّة ضغط أجبرت الاحتلال على التراجع عن مشروع «برافر» الذي يقوم على فكرة الترانسفير وترحيل سكان النّقب من أراضيهم، بغرض الاستيلاء عليها لاحقاً وضمّها إلى «أراضي الكيان الصهيوني». بعد الانتهاء من قضية برافر بقي تأثيرهم قائماً، وتزايدت قدرتهم على الحشد مع بروز قضية المعتقلين الإداريين المضربين عن الطعام، وحين انفجرت قضية شعفاط كانوا قد تحوّلوا بالفعل إلى قوّة ضغط على طرفي الكمّاشة التي تمسك بالشعب الفلسطيني، وتمنعه من «الانفجار»: سلطة عباس والاحتلال.
هذه القوّة مع امتداداتها الاجتماعية داخل الضفّة وغزة والقدس و... الخ تسهّل عمل المقاومة كثيراً ولا تتيح لها ظروف الاشتباك مع الرافضين لنهجها من لجان الأحياء وأعيان القرى ورؤساء البلديات وباقي المرتبطين بالسلطة والاحتلال. وقد حصلت بالفعل محاولات لوأد الاحتجاجات المؤيّدة للمقاومة من جانب هؤلاء، وجرى تجاوزها بفضل قدرة الشباب الغاضب والكتلة التي يمثّلها على تنظيم الصدام مع السلطة، سواء تمثّلت بقوى الأمن التابعة للسلطة الفلسطينية، أو بالمستعربين والأعيان المرتبطين بالاحتلال. لم يكن هذا الأمر متوافراً بالقدر نفسه في الحروب السابقة، حيث كانت المساحات المتاحة لتحرّك قوى الاحتجاج المؤيّدة للمقاومة ضئيلة للغاية، وما كان بالإمكان انتزاع أيّ هامش في ظل سيادة موازين قوى لا تعترف بالشعب أو بقدرته على التأثير. وهذا ناجم بشكل أساسي عن التحطيم الاجتماعي الذي بوشر العمل به عقب الإجهاز على الانتفاضة الثانية، وحصر المواجهة السياسية بين أطراف تعرف كيف تلعب مع بعضها لعبة المستعمِر الطيّب والمستعمَر المطيع. تحاول الكتلة الاجتماعية الوليدة الآن الانتهاء من هذا الإرث متّكلة على قوّة المقاومة، وعلى قدرتها على الحلول موقّتاً محلّ أجهزة السلطة التي تقبع الآن في غرفة الإنعاش. يطرح هذا الأمر سؤال السياسة بقوّة، فالحرب لن تبقى إلى الأبد، وحالما تنتهي ستحاول القوى التي تهمّشت بفعل دينامية الكتلة المتشكّلة حول المقاومة معاودة احتلال المساحات التي حُرّرت أثناء الحرب وما سبقها من احتجاجات ومواجهات في شعفاط والخليل وباب العمود و... إلخ. السؤال هنا حول قدرة هذه الكتلة على مزاولة السياسة خارج إطار الفعل الاحتجاجي الصرف، فإذا كانت قادرة على تقديم أطر بديلة من هياكل السلطة يصبح بإمكاننا الكلام عن مشروع سياسي مسنود «بكتلة تاريخية» متحقّقة، وإذا لم تكن تفعل فعلينا حينها انتظار خطواتها المقبلة بعد صدّ العدوان والانتهاء من تفكيك بنى السلطة. يبقى الموقف من «حماس»، وهو معضلة بكلّ المقاييس، فالحركة الآن تقود فعلاً تاريخياً، وتعيد إحياء مشروع المقاومة الذي «اندثر بالكامل» عقب امتثالها لشروط واملاءات الحلف التركي ـ
القطري (إلى جانب مصر أيّام مرسي)، وهي إذ تفعل تراهن على تمدّدها خارج أطرها المعروفة، وهو ما حصل بالفعل في الأيام القليلة الماضية. في هذا الخصوص أقول: التمدد سيستمرّ ويتصاعد طالما بقيت تعوّل على الكتلة الجديدة، ولكن بمجرّد اصطدامها بهذه الأخيرة ربطاً «بالتناقضات» التي يحيّدها العدوان الصهيوني حالياً فستعود حكماً إلى حجمها السابق، وسيصبح التعويل على أيّ شراكة معها من موقع الاعتراض على أداء السلطة وتجريمها أصعب من ذي قبل. طبعاً، هذا التقدير معلّق اليوم، فحماس كما ذكرت تقود المقاومة وتصنع ملحمة شبيهة بملحمة حزب الله في عدوان 2006، وعليه يصبح الاصطفاف الكامل وغير المشروط معها أثناء العدوان أضعف الإيمان.
الأخبار
يومان من العدوان الإسرائيلي المكثّف على غزة + صور
كثّف جيش الاحتلال الإسرائيلي عدوانه المتواصل على قطاع غزة، لليوم الثاني على التوالي، مرتكباً مزيداً من الجرائم التي أودت بحياة عشرات الشهداء وأوقعت مئات الجرحى. كذلك، تسببت مئات الغارات، التي أطلقها العدو، والقصف المدفعي، بإلحاق أضرار جسيمة بعدد كبير من المنازل والمحاصيل الزراعية. في المقابل، ردت الفصائل الفلسطينية على العدوان بقصف مستوطنات ومدن في الأراضي المحتلة بعشرات الصواريخ، الأمر الذي دفع سلطات الاحتلال بإطلاق صفارات الإنذار في تل أبيب ومناطق عديدة أخرى.
معارك عنيفة في مطار العاصمة الليبية طرابلس
ذكر مسؤول في أمن مطار طرابلس وشهود عيان لوكالة فرانس برس ان معارك عنيفة بالاسلحة الثقيلة دارت اليوم الاحد بين مجموعات مسلحة متناحرة تتواجه منذ اسبوع للسيطرة على مطار طرابلس الدولي.
وقال مسؤول امن المطار الجيلاني الداهش لفرانس برس ان "المطار تعرض صباح اليوم لهجوم بقذائف الهاون والصواريخ ومدفعيات دبابات"، مؤكدا انه "الهجوم الاعنف" منذ بداية الاشتباكات الاحد. واوضح ان طائرة ليبيا في المدرج تحترق.
وأظهرت صور وضعت على شبكات التواصل الاجتماعي طائرة تابعة لشركة الطيران الليبية تحترق بينما ترتفع سحابة دخان فوق المطار.
وقال الداهش ان كتائب ثوار الزنتان يتصدون لهجوم شنته مجموعة من مدينة مصراتة المنافسة وجماعات اسلامية اخرى في غرب طرابلس.
وقال سكان منطقة قريبة من المطار ان معارك "عنيفة جدا" تدور، موضحين انهم رأوا دبابات تشارك في القتال.
وكانت معارك جرت الجمعة بين مجموعات مسلحة حول المطار بعد بضع ساعات من اعلان وقف لاطلاق النار بين ميليشيات تتحارب منذ اسبوع من اجل السيطرة على المطار.
ومطار طرابلس مغلق منذ الاحد الماضي بعد هجوم شنته ميليشيات اسلامية لطرد كتائب ثوار الزنتان الذين يسيطرون عليه منذ 2011 مع مواقع اخرى عسكرية ومدنية في جنوب العاصمة الليبية.
ومنذ اندلاع اعمال العنف الاحد سقطت عشرات القذائف على المطار والحقت اضرارا بالمنشآت وباكثر من عشر طائرات ليبية.