Super User

Super User

الأحد, 24 آذار/مارس 2013 23:23

شهادة فاطمةُ الزَهراء(ع)

عَن المسـَـــوَّر بن مَحزمَــةَ قالْ :

سمعتُ النبيَّ صلواتُ الله عليه وعلى آله وسَلَم على النبر يقولُ (( فاطمةُ بضعَةٌ مني يؤذيني ماآذاها ، ويَريبُني مارابها )) ـ رواهُ الشيخان ـ

إســمها فاطمةُ ولقبها الزهراء .. إســمٌ لهُ في التأريخِ معانٍ ودلالات ، إنتسبت لهُ أُسـرٌ فعرفوا بين الناس بالأشراف أو السادات .. وأقترنت بأسمها دولٌ فَسموا أنفسهُم بالفاطميينْ فهيَّ التي تمنح الوجاهةَ والطمأنينةَ والحظوةَ لمن تقربَ اليها مؤمناً بما آمنت بهِ ..

أبوها محمـدٌ رســـولُ اللهِ وكــفى

وأُمها السيدة خديجة بنتُ خويلد وحسبُكَ فخراً

زوجها عليُ بنُ أبي طالبٍ نجيبُ هاشم وفتى قريشٍ وسيفُ الأسلام وبطله الهُمامْ

وإبناها الحسنُ والحُسينُ ريحانتا رسول اللهِ وسيدا شبابِ أهل الجنةِ .

إن الأحاديثَ التي صرحَت بسيادة وتفضيل أُم الأئمة وقُرةَ عين الرسول محمد (ص) على نساء العالمين كثيرةٌ جداً وإنَ من أعظم تلكَ الأحاديث الواردة إلينا روتها أُم المؤمنين عائشة وأبنُ عباس وعمران بنُ حصين وأبي بريدة الأسلمي وغيرهم وقد ثََبَتَ تلكَ الأحاديثُ الأمام أحمد بنُ حنبل في مسندهِ وكذلكَ فعَلَ البخاري .. روى الأمام أحمد حديثاً بأسنادهِ عن عائشة قالت : أقبلت فاطمةٌ تمشي كأنَ مشيتها مسية رسول الله فقال : مرحباً بأبنتي ثمَ أجلسها عن يمينهِ وروى البخاري في صحيحهِ إن رسول الله قال : فاطمةٌ بضعةٌ مني فمن أغضبها فقد أغضبني ويقول (ص) يافاطمة إن الله يغضبُ لغضبكِ ويرضى لرضاكِ .. وفي حديثٍ آخر يصفُ فيهِ فاطمةَ قائلاً ( هيَّ قلبي وروحي التي بينَ جنبيَّ ، فمن آذاها فقد آذاني ) وقد روى هذهِ الأحاديث أكثر من خمسين من رجال الحديث والسُنن حيثُ كانت عليها السلام قائمةٌ قانتةٌ في محرابها تدعوا الله أن يرشد الناسَ الى سراطهِ المستقيم وتسألهُ العَفوَ عن مُسيئهُمْ

هيَّ وزوجها وإبنــاها أقربُ الناسِ الى رسولِ الله وأَعزهُم عليهِ

وِلِدَتْ فاطمةُُ الزهراءُ قُبيلَ البعثةِ النبويةِ بزمنٍ إختلفت في تحديده الروايات فقيلَ خمسُ سنواتٍ أوأَقـلُ أَوأكثـر.. والمتعارف عليه بينَ الناس إن يوم ولادتها كانَ في العشرينَ من جمادي الثاني ، كما حددوا يومَ وفاتها عليها السلام وهو الثاني عشر من شهرِ جمادي الأول ووجدنا إن أغلب المصادر تقولُ إنها توفيت في ليلة الثلاثاء سنةَ إحدى عشرةَ من الهجرةِ حيثُ تَلَقت السماءُ روحَ فاطمةَ البتولِ ودُفِنتْ ليلاً كما أَوصَت بذلكَ ..

فعليها سلامُ اللهِ ما أشرقت شمسٌ وما برحَت وما دَجى ليلٌ ومابقيَّ الحدثـانِ .

فی الیوم الأول من العام الإیرانی الجدید 1392 هـ ش، حضر سماحة آیة الله العظمی السید علی الخامنئی عصر یوم الخمیس (21/03/2013 م) وسط حشود الآلآف من زوّار مرقد الإمام علی بن موسی الرضا (ع) و أهالی مدینة مشهد المقدسة، و قدّم فی کلمة بالغة الأهمیة تقییماً للمکتسبات و التقدم فی البنی التحتیة الذی حققه الشعب الإیرانی خلال العام الإیرانی الماضی (1391 هـ ش) علی الرغم من العقبات العملیة و الإعلام و الدعایات الواسعة و الضخمة التی یبثّها أعداء الشعب الإیرانی، و أشار إلی نقاط أساسیة بخصوص قضیة المفاوضات مع أمریکا، و کذلک متطلبات الملحمة الاقتصادیة، لا سیّما ضرورة التحرّر من التبعیة للنفط، و الاهتمام الجاد بالسیاسات الاقتصادیة العامة، و المبادرة الواعیة قبل تنفیذ الأعداء لمخططاتهم. و بخصوص الملحمة السیاسیة اعتبر سماحته انتخابات رئاسة الجمهوریة التی ستقام بعد نحو ثلاثة أشهر مظهر هذه الملحمة و تجسیدها، مؤکداً علی ضرورة مشارکة کل الأذواق و التیارات السیاسیة المؤمنة بنظام الجمهوریة الإسلامیة، و تمنّی بفضل من الله و همّة الشعب الإیرانی أن تکون المشارکة فی الانتخابات واسعة، لأن انتخابات رئاسة الجمهوریة لها تأثیرها فی کل القضایا الرئیسیة فی البلاد.

و بارک الإمام الخامنئی ثانیة فی کلمته فی الحرم الرضوی الشریف للشعب الإیرانی حلول العام الجدید، معتبراً تقییم نقاط قوة البلاد و ضعفها خلال العام الماضی و البرمجة علی أساس هذه التقییمات العامة عملیة ضروریة، و أضاف قائلاً: کما أن الإنسان فی قضایاه الفردیة و الشخصیة بحاجة للتقییم و المحاسبة الدائمیة، کذلک التقییم و المحاسبة الوطنیة فی قضایا البلاد عملیة مهمة، لأن فیها العبر و الدروس النافعة للمستقبل.

و ألمح سماحته إلی أن الشعب الإیرانی و أداءه و نجاحاته مرصودة من قبل الشعوب و النخب فی مختلف البلدان للاستفادة من تجاربه، مضافاً إلی أن مکتسبات إیران و نقاط ضعفها مرصودة بدقة من قبل الأعداء أیضاً، ملفتاً: من هذه الزاویة أیضاً یجب أن یکون للشعب الإیرانی نظرته العامة و الواقعیة و تقییمه الصحیح لظروف البلاد.

و اعتبر قائد الثورة الإسلامیة تقییم ظروف البلاد بمجرد النظر لأمور من قبیل الغلاء و انخفاض الإنتاج فی بعض الوحدات الإنتاجیة و الضغوط الاقتصادیة تقییماً ناقصاً و غیر صائب، مؤکداً: النظرة الصحیحة هی أن تؤخذ بنظر الاعتبار فی الساحة الهائلة الملیئة بالتحدیات للشعب الإیرانی، حالات التقدم و المکتسبات الکبری إلی جانب نقاط الضعف و المشکلات، و فی هذه الحالة ستکون نتیجة مثل هذا التقییم العام شموخ الشعب الإیرانی و بطولته.

و أشار آیة الله العظمی السید الخامنئی إلی الأقوال الصریحة للساسة الأمریکان بإن فرض العقوبات و الحظر هو من أجل شلّ الشعب الإیرانی، مردفاً: فی هذه الساحة الملیئة بالتحدیات، استطاع الشعب الإیرانی بوعی و ذکاء و إمکانیات و قدرات عالیة أن یبدّل التهدیدات إلی فرص، و أن یخرج کالبطل الریاضی منتصراً من منازلة صعبة مکتظة بالجهد و المساعی و التعب، و یثیر استحسان و إعجاب الجمیع. و قال سماحته أیضاً: فی مثل هذه النظرة للبلاد و ظروفها، فإن بطل هذه الساحة العظیمة هو الشعب الإیرانی بالتأکید.

و أضاف قائد الثورة الإسلامیة: نجاحات و مکتسبات الشعب الإیرانی فی هذه الساحة الزاخرة بالتحدیات بشکلٍ أثار إعجاب حتی الواعین الدقیقین و النخبة السیاسیین و الجامعیین فی مختلف بلدان العالم، بما فی ذلک بلدن مخاصمة لإیران.

و أشار آیة الله العظمی السید الخامنئی إلی الجماعة غیر المرتاحة دوماً لما یحققه شعب إیران من تقدّم، مؤکداً: هذه الجماعة و هم أعداء الشعب الإیرانی یستخدمون أسلوبین لمواجهة تقدمه: 1 - خلق العقبات و الموانع العملیة مثل الحظر الاقتصادی و التهدیدات و إشغال المسؤولین و النخبة و الشعب بالأمور الفرعیة التی لا تحظی بالأولویة. 2 - الإعلام و الدعایة الواسعة الضخمة للتعتیم علی تقدم الشعب الإیرانی، و تضخیم بعض نقاط الضعف.

و اعتبر سماحته سنة 91 من هذه الناحیة إحدی أکثر السنوات مشغلةً لخصوم الشعب الإیرانی مردفاً: لقد أعلنوا أن هدفهم شلّ الشعب الإیرانی و إخضاعه، لذلک إذا بقی الشعب الإیرانی مقابل کل هذه الضغوط واقفاً و حیویاً و یحقق مزیداً من التقدم فإن سمعتهم سوف تذهب أدراج الریاح.

بعدها طرح قائد الثورة الإسلامیة سؤالین: 1 - أین هو الوکر الأصلی للتآمر ضد الشعب الإیران؟ 2 - من هم أعداء هذا الشعب؟

و أکد آیة الله العظمی السید الخامنئی فی معرض جوابه عن السؤال الأول: القطب الأصلی للمؤامرات ضد شعب إیران هو أمریکا، و الیوم بعد مضی 34 عاماً متی ما ذکر اسم العدو ینصرف ذهن الشعب الإیرانی بسرعة نحو أمریکا. و أضاف سماحته قائلاً: علی المسؤولین الأمریکان أن یتأمّلوا بدقة فی هذا الموضوع، و یسألوا أنفسهم: لماذا ینصرف ذهن الشعب الإیرانی دوماً نحو أمریکا حین یذکر العدو؟

و لفت قائد الثورة الإسلامیة بخصوص أعداء الشعب الإیرانی: فضلاً عن أمریکا، و هی العدو رقم واحد و مرکز التآمر، هناک أعداء آخرون منهم الحکومة الإنجلیزیة الخبیثة، لکنها لیست مستقلة بنفسها، بل تابعة لأمریکا و مکمّلة لدور الحکومة الأمریکیة.

و لفت آیة الله العظمی السید الخامنئی فی هذا الجانب من حدیثه نظر الحکومة الفرنسیة إلی نقطة قائلاً: لم یکن للجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة مشکلة مع الحکومة و الشعب فی فرنسا، لکن الحکومة الفرنسیة فی السنوات الأخیرة و خصوصاً فی زمن سارکوزی، انتهجت سبیل العداء الواضح ضد الشعب الإیرانی، و لا تزال هذه السیاسة الخاطئة مستمرة، و هی ممارسة غیر مدبِّرة و غیر واعیة.

و أشار سماحته أیضاً إلی الکیان الصهیونی قائلاً: الکیان الصهیونی الغاصب لیس بمستوی و حجم یخوّله لأن یعدّ فی عداد أعداء الشعب الإیرانی. و لفت قائد الثورة الإسلامیة إلی بعض التهدیدات التی یطلقها ساسة الکیان الصهیونی بخصوص الهجوم العسکری علی إیران مؤکداً: إذا صدرت عنهم حماقة فإن الجمهوریة الإسلامیة سوف تسوّی تل أبیب و حیفا بالأرض.

و لفت آیة الله العظمی السید علی الخامنئی: تطلق أمریکا دوماً علی هذا العدد القلیل من أعداء الشعب الإیرانی عبارة «المجتمع العالمی» غیر الصحیحة، و الحال أن المجتمع العالمی لم یکن أبداً فی صدد معاداة إیران الإسلامیة و الإیرانی.

و بعد شرحه للأعداء الواقعیین و المعدودین لشعب إیران، شرح سماحته مبادراتهم العدوانیة فی سنة 91 موضحاً: الأمریکان و خلافاً لإبدائهم الصداقة الظاهریة لشعب إیران، بدأوا منذ مطلع السنة الماضیة حظراً نفطیاً و مصرفیاً شدیداً و واسعاً ضد إیران، و یصرّون فی الوقت نفسه و مع وجود مثل هذه الممارسات العدوانیة الخصامیة أن لا یُعتبرون أعداءً.

و عدّ قائد الثورة الإسلامیة هذه السیاسة استمراراً لسیاسة «القبضة الحدیدیة فی القفاز المخملی» ملفتاً: خلافاً لهذه الظواهر المخادعة، بدأوا أعمالاً مخططاً لها و کانوا یتوقعون أن یستسلم الشعب الإیرانی لتعسفهم بعد عدة أشهر، و یتخلی عن نشاطاته العلمیة المتصاعدة، لکن ما حدث کان بخلاف إرادة الخصوم و توقعاتهم.

و أشار الإمام الخامنئی إلی إبداء الساسة الأمریکان ارتیاحهم لتأثیر الحظر و تصریحات بعض المسؤولین الإیرانیین بهذا الشأن، مردفاً: لقد ترک الحظر تأثیراً، و لکن لیس التأثیر الذی کانوا هم یریدونه.

و لفت سماحته قائلاً: إذا کان الحظر قد ترک تأثیراً فسبب ذلک الإشکال الأساسی فی تبعیة اقتصاد البلاد للنفط، و علیه یجب أن یکون الاقتصاد من دون نفط أحد الخطط الرئیسیة و الأولویات لدی الحکومة المقبلة.

و أشار قائد الثورة الإسلامیة إلی کلامه قبل أعوام بخصوص ضرورة الوصول إلی ظروف تتیح إغلاق آبار النفط و إدارة البلد من دون نفط، مردفاً: فی ذلک الحین تبسّم بعض السادة الذین یسمّون أنفسهم تکنوقراط ابتسامة ذات معنی، و قالوا: و هل مثل هذا الشیء ممکن؟

و أکد الإمام الخامنئی قائلاً: الوصول إلی اقتصاد من دون نفط أمر ممکن، لکنّ شرط ذلک التخطیط الصحیح و التنفیذ.

و بعد شرحه للخطوات و الممارسات العدائیة للأعداء علی الصعید الاقتصادی خلال عام 91 أشار إلی مساعیهم علی المستوی السیاسی أیضاً قائلاً: من ممارسات خصوم الشعب الإیرانی فی المجال السیاسی السعی لعزل النظام الإسلامی، إلّا أن إقامة مؤتمر عدم الانحیاز فی طهران بمشارکة رؤساء و مسؤولی بلدان عدم الانحیاز رفیعی المستوی و إعجابهم بإیران لتقدمها المذهل فی المجالات العلمیة و التقنیة و الاقتصادیة، فرض الهزیمة الساحقة علی مخططات الأعداء هذه.

و اعتبر آیة الله العظمی السید الخامنئی بعض المساعی الفاشلة علی الصعید الأمنی و السعی للحدّ من نفوذ و اقتدار الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة إقلیمیاً من الخطوات و الأعمال العدوانیة الأخری للخصوم، مردفاً: المشارکة المقتدرة لإیران فی موضع الإسناد خلال حرب الأیام الثمانیة فی غزة و ترکیع الکیان الصهیونی مقابل المجاهدین الفلسطینیین، و کذلک اعتراف الخصوم بعدم إمکانیة حل قضایا المنطقة من دون مشارکة إیران، مؤشرات علی عدم جدوی ممارساتهم العدوانیة فی هذه المجالات.

و أکد قائلاً: کل هذه الضغوط و العداوات، و خصوصاً الحظر، کان لها إلی جانب آثارها السلبیة آثاراً إیجابیة أخری أهمّها تفعیل الطاقات الداخلیة و مواهب الشعب الإیرانی و تحقیق أعمال عظیمة فی ما یتعلق بالبنی التحتیة خلال العام الماضی.

بعدها أشار آیة الله العظمی الخامنئی إلی بعض نماذج التقدم و المکتسبات الکبری و التأسیسیة خلال عام 91 و التی تحققت فی ظروف الحظر، مردفاً: اکتشاف مصادر نفطیة جدیدة و مصادر جدیدة للیورانیوم، و إنشاء و تنمیة محطات الطاقة و المصافی، و الأعمال التأسیسیة فی قطاعی الطرق و الطاقة، و المکتسبات العلمیة و التقنیة المهمة من قبیل إرسال القمر الصناعی «ناهید»، و إطلاق صاروخ «پیشگام» البحثی مع کائن حیّ، و صناعة طائرات مقاتلة فوق المتطورة، و إنتاج أدویة حساسة و ذات تراکیب جدیدة، و إحراز المرتبة الأولی فی مجال تقنیات النانو فی المنطقة، و إحراز مراتب علمیة جیدة، و زیادة سرعة التقدم العلمی، و نمو عدد الطلاب الجامعیین فی البلاد، و النجاحات العلمیة فی مضمار الخلایا الجذعیة و الأشکال الجدیدة من الطاقة و الطاقة النوویة، جزء من حالات التقدم المذهلة للشباب و العلماء الإیرانیین خلال العام الذی کان من المقرّر لشعب إیران فیه أن یصاب بالشلل نتیجة الحظر.

و أکد سماحته قائلاً: الدرس الکبیر لنجاحات و مکتسبات عام 91 هو أن الشعب الحیّ لا یرکع أبداً نتیجة الحظر الذی یفرضه الأعداء و ضغوطهم و تشدّدهم.

و لفت قائد الثورة الإسلامیة: کان عام 91 فی الواقع ساحة تدریب و مناورة استطاع فیه شعب إیران التعبیر عن قدراته و تقدمه، و التعرّف فی الوقت نفسه علی بعض نقاط الضعف.

و فی استعراضه لنقاط الضعف الاقتصادیة للبلاد خلال العام المنصرم قال سماحته: تبعیة البلاد للنفط، و عدم الاهتمام للسیاسات الاقتصادیة العامة، و الانهماک فی السیاسات الیومیة، من جملة نقاط الضعف التی یجب علی مسؤولی البلاد، و خصوصاً الحکومة المقبلة، أن تهتمّ بها و أن تعلم أن البلد لا بدّ أن یکون لها سیاساته الاقتصادیة الشاملة و الواضحة و المبرمجة و المدوّنة.

و أوضح سماحته أن من الدروس الأخری فی عام 91 التأکّد من البنیة المتینة و القویة للبلاد منوّهاً: کلما کانت بنیة البلاد قویة و عمل المسؤولون بوحدة و وئام و علی أساس التدبیر، کلما انخفضت تأثیرات الخصوم العدائیة إلی أدنی المستویات.

و شدّد قائد الثورة الإسلامیة علی أن القضایا ذات الصلة بالأمن و سلامة الناس و التقدم العلمی و الاستقلال و العزة الوطنیین هی أیضاً من الأمور المهمة فی البلاد إلی جانب القضایا الاقتصادیة، مضیفاً: لقد أثبت الشعب الإیرانی بنجاحاته فی السنة الماضیة أن عدم الارتباط بأمریکا و القوی الکبری لا یسبب التخلف إطلاقاً، و لیس هذا و حسب بل یؤدی إلی التقدّم و النمو.

و بعد تقدیمه تقییماً عاماً لظروف البلاد الواقعیة فی سنة 91 أشار الإمام الخامنئی إلی نقطتین بخصوص المستقبل باستلهام الدروس من أحداث الماضی.

و کانت النقطة الأولی التی أشار لها قائد الثورة الإسلامیة تشخیص مخططات الأعداء و المبادرة الفعالة و الواعیة فی مواجهة هذه المخططات.

و أضاف السید الخامنئی فی هذا الخصوص: ما قام به العلماء الإیرانیون الشباب من تأمین الوقود المخصّب بنسبة عشرین بالمائة لمفاعل طهران البحثی بهدف إنتاج الأدویة الرادیویة نموذج لهذه المبادرات الفطنة التی یجب تعمیمها علی کل قضایا البلاد الأساسیة.

و عدّ سماحته المبادرة فی الأعمال العملیة واجب أخلاقی و عقلائی کبیر علی عاتق الحکومات و الصناعیین و المزارعین و أصحاب الرسامیل و صنّاع فرص العمل و الباحثین و المخططین العلمیین و الصناعیین و أستاذة الجامعات و المدراء الاقتصادیین و المتنزهات العلمیة و التقنیة، مؤکداً: واجب الجمیع تحصین البلد إزاء الأعداء و جعله غیر قابل للتغلغل و التأثر.

و نبّه قائد الثورة الإسلامیة: إن هذا الشیء هو أحد متطلبات الاقتصاد المقاوم.

و النقطة الثانیة التی أشار لها الإمام علی الخامنئی فی هذا الجانب من حدیثه هو قضیة الرسائل المتکرّرة و تصریحات المسؤولین الأمریکان للتفاوض بین الجانبین.

و أضاف سماحته قائلاً: منذ مدة و الأمریکان یوصلون بطرق متعددة رسائل یطلبون فیها المفاوضات المستقلة مع إیران بخصوص الملف النووی، لکننی انطلاقاً من التجارب الماضیة لستُ متفائلاً بمثل هذه المفاوضات.

و أکد قائد الثورة الإسلامیة علی أن المفاوضات من وجهة نظر الأمریکان لا تعنی التفاوض لأجل الوصول إلی حل منطقی، مردفاً: الحوار من وجهة نظر الأمریکان یعنی أن یفرضوا علی الجانب الآخر قبول کلامهم، لذلک نعتبر دوماً مثل هذه المفاوضات أمراً مفروضاً، و الجمهوریة الإسلامیة الإیرانیة لا تخضع للأمر المفروض.

و أکد آیة الله العظمی الخامنئی ثانیة علی عدم تفاؤله بمثل هذه المفاوضات مضیفاً: طبعاً أنا فی الوقت نفسه لا أعارض هذه المفاوضات.

ثم بیّن سماحته بصراحة عدة مواضیع للأمریکان.

الموضوع الأول الذی أشار له السید القائد هو الرسائل المتکرّرة للأمریکان بشأن عدم نیّتهم تغییر نظام الحکم فی إیران.

و أکد سماحته فی هذا الخصوص: إننا غیر قلقین من نیّتکم تغییر نظام الجمهوریة الإسلامیة، لأنکم یوم کنتم تریدون هذا الشیء و تعلنونه بصراحة لم تستطیعوا فعل شیء، و سوف لن تستطیعوا ذلک بعد الآن أیضاً.

کما أشار سماحته إلی الموضوع الثانی و هو تأکیدات الأمریکان بأنهم صادقون فی اقتراحهم المفاوضات موضحاً: لقد قلنا مراراً إننا لا نسعی لامتلاک سلاح نووی، لکن الأمریکان یقولون إننا لا نصدّق هذا. فی مثل هذه الظروف لماذا یجب أن نصدّق نحن کلام أمریکا بشأن صدقهم فی اقتراح المفاوضات؟

و أردف قائد الثورة الإسلامیة: تصوّرنا هو أن اقتراح المفاوضات تکتیک أمریکی لخداع الرأی العام العالمی و الشعب الإیرانی، و إن لم یکن کذلک فیجب علی الأمریکان إثبات ذلک عملیاً.

و أشار آیة الله العظمی السید الخامنئی فی هذا الجانب من حدیثه إلی أحد التکتیکات الإعلامیة الأمریکیة قائلاً: قالوا فی بعض الحالات إن بعض الأشخاص تفاوضوا من قبل القیادة فی إیران مع أمریکا، و الحال إن هذا الکلام کذب محض، و لم یتفاوض أحد لحد الآن من قبل القیادة مع أمریکا.

و أضاف سماحته: فی حالات معدودة فقط، قامت حکومات مختلفة بالتفاوض مع أمریکا فی خصوص موضوعات محدودة، و فی تلک المفاوضات أیضاً کانت الحکومة ملزمة بمراعاة الخطوط الحمراء للقیادة، و الیوم أیضاً یجب أن تراعی هذه الخطوط الحمراء.

الموضوع الثالث الذی أشار له قائد الثورة الإسلامیة بشأن التفاوض مع أمریکا هو عدم میل الأمریکا لتمخّض هذه المفاوضات النوویة عن نتیجة و انتهائها.

و أضاف آیة الله العظمی السید الخامنئی: إذا کان الأمریکان یرغبون حقاً فی حلّ الملف النووی الإیرانی فإن الحل سهل، و یجب أن یعترفوا بحق إیران فی التخصیب النووی للأغراض السلمیة.

و أوضح سماحته بأن تنفیذ المقررات الإشرافیة للوکالة الدولیة للطاقة النوویة بوسعه أن یبدد القلق، منوّهاً: تجارب الساحة و ظروفها تشیر إلی أن الأمریکان لا یسعون لحلّ هذا الموضوع، و یریدون عن طریق إبقائه إبقاء ذرائعهم للضغط علی شعب إیران، و علی حد تعبیرهم شلّ الشعب الإیرانی، لکن الشعب الإیرانی سوف لن یشلّ علی رغم أنف الأعداء.

و کانت النقطة الأخیرة فی هذا الموضوع تقدیم قائد الثورة الإسلامیة طریقة حلّ للأمریکان.

و قال آیة الله العظمی الخامنئی: إذا کان الأمریکان یریدون بصدق انتهاء الموضوع فإن حلّنا المقترح هو أن یقلعوا فی أقوالهم و أفعالهم عن معاداة الشعب الإیرانی.

و ذکّر سماحته بالسیاسات العدائیة لأمریکا ضد شعب إیران طوال الأعوام الـ 34 و هزیمة هذه السیاسات، مؤکداً: إذا استمرت هذه السیاسات فسوف تُهزم مرة أخری.

و فی الجانب الأخیر من کلمته، تحدث السید قائد الثورة عن موضوع انتخابات رئاسة الجمهوریة بالغ الأهمیة التی من المقرر أن تقام فی الرابع و العشرین من شهر خرداد قائلاً: الانتخابات تجسید للملحمة السیاسیة و اقتدار النظام الإسلامی و الإرادة الوطنیة و سمعة النظام.

و شدّد آیة الله العظمی السید الخامنئی علی أهمیة المشارکة الواسعة للشعب فی الانتخابات قائلاً: المشارکة الواسعة و الملحمیة للشعب فی الانتخابات فضلاً عن تأمین أمن البلاد، تبطل مفعول تهدیدات الأعداء و تفرض علیهم الیأس.

و أکد سماحته علی ضرورة مشارکة کل التیارات و الأذواق السیاسیة المؤمنة بالنظام الإسلامی فی انتخابات رئاسة الجمهوریة مردفاً: لا تختص الانتخابات بتیار و مشرب سیاسی معین، إنما المشارکة فی الانتخابات واجب و حق لکل الذین یهمّهم استقلال البلاد و المصالح الوطنیة.

و أکد قائد الثورة الإسلامیة: الإعراض عن الانتخابات یناسب الذین یعارضون النظام الإسلامی.

و اعتبر الإمام الخامنئی أصوات الجماهیر هی الحاسم النهائی فی الانتخابات مردفاً: تشخیص الشعب فی معرفة المرشح الأصلح أمر مهم، و علی أبناء الشعب أن یحققوا و یبحثوا الأمر مع من یثقون به و یدققوا فی المرشحین لیصلوا إلی المرشح الأصلح.

و أکد سماحته علی أن القائد لیس له فی الانتخابات سوی صوت واحد، و لن یطلع أحد علی هذا الصوت، ملفتاً: أی کلام أو تصریح بشأن أن القائد یمیل إلی مرشح معین، کلام خاطئ.

و أوصی قائد الثورة الإسلامیة الشعب قائلاً: احذروا عند تشخیص المرشح الأصلح من التأثر بما یُنسب، و من التصریحات التی تُنشر فی وسائل الإعلام المتنوعة، بما فی ذلک رسائل الهواتف الجوّالة التی شاعت بشکل مکثف.

و شدّد آیة الله العظمی السید علی الخامنئی علی ضرورة خضوع الجمیع للقانون موضّحاً: بدأت أحداث سنة 88 عندما لم یشأ البعض قبول القانون و أصوات الشعب، بل دعوا الناس فی المقابل إلی التمرّد فی الشوارع، و کانت هذه من الأخطاء التی لا تعوّض.

و أضاف قائلاً: لحسن الحظ هناک آلیات قانونیة لرفع کل ألوان الشبهات، لذلک علی الکل الرضوخ لأکثریة الشعب فی الانتخابات.

و أوضح قائد الثورة الإسلامیة بخصوص ممیزات رئیس الجمهوریة القادم قائلاً: یجب أن یتحلی رئیس الجمهوریة القادم بإیجابیات رئیس الجمهوریة السابق، و یکون بعیداً عن نقاط ضعفه.

و أضاف سماحته: الذین یخوضون فی ساحة انتخابات رئاسة الجمهوریة یجب أن یکونوا ملتزمین بالثورة الإسلامیة و قیمها و بالمصالح الوطنیة و مؤمنین بإدارة البلاد بالتدبیر و العقل الجمعی.

قبل کلمة الإمام الخامنئی تحدّث آیة الله الشیخ واعظ طبسی ممثل الولی الفقیه فی خراسان و المسؤول عن سدانة الروضة الرضویة المطهرة مرحّباً بزوّار الإمام الرضا (ع)، و أشار إلی تسمیة العام الجدید قائلاً: فی سنة «الملحمة السیاسیة و الملحمة الاقتصادیة» سیحقق الشعب الإیرانی الواعی البصیر نجاحات کبری علی الصعد السیاسیة و الاقتصادیة، و سوف یتجاوز المشکلات بمساعیه و تعاطفه.

بسم الله الرحمن الرحيم

يا مقلب القلوب و الأبصار، يا مدبّر الليل و النهار، يا محوّل الحول و الأحوال، حوّل حالنا إلى أحسن الحال.

اللهم صلّ على حبيبتك سيدة نساء العالمين، فاطمة بنت محمّد صلى الله عليه و آله. اللهم صلّ عليها و على أبيها و بعلها و بنيها. اللهم کن لوليك الحجة بن الحسن، صلواتك عليه و على آبائه، في هذه الساعة و في کل ساعة، ولياً و حافظاً و قائداً و ناصراً و دليلاً و عيناً، حتى تسکنه أرضك طوعاً و تمتّعه فيها طويلاً.. اللهم أعطه في نفسه و ذرّيته و شيعته و رعيته و خاصّته و عامّته و عدوّه و جميع أهل الدنيا ما تقرّ به عينه و تسرّ به نفسه.

أبارك لکل أبناء وطننا الأعزاء في کل أنحاء البلاد، و لکل الإيرانيين في أية منطقة من العالم کانوا، و لکل الشعوب التي تعتزّ بالنوروز، و خصوصاً المضحّين الإيرانيين الأعزاء، و المعاقين و عوائلهم، و لکل العاملين و الناشطين في سبيل خدمة النظام الإسلامي و بلادنا العزيزة. نتمّنى أن يجعل الله تعالى هذا اليوم و مطلع السنة هذا سببَ سرورٍ و تقدّم و نشاط لکل المسلمين في العالم، و يوفقنا و یؤيدنا لأداء واجباتنا. أقول لأبناء وطننا الأعزاء أن يتنبّهوا إلى أن الأيام الفاطمية ستصادف أواسط أيام العيد، و من اللازم على الجميع تکريم هذه الأيام و احترامها.

ساعة تحويل السنة و وقت التحويل هو في الحقيقة حد فاصل بين نهاية و بداية؛ نهاية العام الماضي و بداية السنة الجديدة. طبعاً نظرتنا العامة يجب أن تکون باتجاه الأمام، و أن نرى السنة الجديدة، و نعدّ أنفسنا لها و نبرمج لها، و لکن من الأکيد أن النظرة للماضي و للطريق الذي سلکناه ستکون مفيدة لنا من أجل أن نرى ماذا فعلنا، و کيف سرنا، و ما کانت نتائج عملنا، فنستلهم من ذلك الدروس و نتعلّم التجارب.

سنة 91 کانت مثل کل السنين عاماً متنوعاً ذا ألوان و صور متعددة، فقد کانت فيه الحلاوة و کانت فيه المرارة، و کان فيه الانتصار، و کان فيه التراجع. و هکذا هي حياة البشر على مدى الزمان، فيها المدّ و الجزر و المنعطفات المتنوعة. المهم هو الخروج من المنعطفات و إيصال أنفسنا إلى الذرى.

ما کان واضحاً و جلياً طوال عام 91 من حيث مواجهتنا للعالم الاستکباري هو تشدّد الأعداء مع الشعب الإيراني و على نظام الجمهورية الإسلامية. طبعاً ظاهر القضية هو تشدّد الأعداء، لکن باطنها تمرّس الشعب الإيراني و انتصاره في مختلف الميادين. ما هدفَ إليه أعداؤنا هو ساحات و مجالات مختلفة، أهمّها المجال الاقتصادي و المضمار السياسي. على الصعيد الاقتصادي قالوا و صرّحوا بأنهم ينوون شلّ الشعب الإيراني عن طريق الحظر الاقتصادي، لکنهم لم يستطيعوا شلّ الشعب الإيراني، و قد حققنا في الکثير من المجالات، و بتوفيق و فضل من الله، الکثير من التقدّم، و قد ذُکرت تفاصيل ذلك لشعبنا العزيز، و سوف تُذکر، و سأذکرُ إجمالاً إن شاء الله بعض النقاط في کلمتي يوم الأول من فروردين إذا بقيتُ على قيد الحياة.

من الناحية الاقتصادية تعرّض الشعب طبعاً لبعض الضغوط و المشکلات، خصوصاً أنه کانت في الداخل أيضاً بعض الإشکالات، حيث کانت هناك بعض حالات التقصير و التساهل ساعدت مخططات العدو، و لکن على العموم کانت مسيرة النظام و الشعب متقدّمة نحو الأمام، و ستظهر إن شاء الله في المستقبل آثار هذا التمرّس و نتائجه.

و على الصعيد السياسي، انصبّت جهودهم من ناحية على عزل الشعب الإيراني، و من ناحية أخرى على بثّ حالة التردّد و عدم التصميم في الشعب الإيراني و زعزعة همّته و تقصير مداها. و قد حصل عکس هذا تحديداً. من حيث عزل الشعب الإيراني لم يفشلوا في تطویق السياسات الدولية و الإقليمية و حسب، بل و کانت هناك نماذج من قبيل إقامة مؤتمر عدم الانحياز بحضور عدد کبير من الرؤساء و مسؤولي بلدان العالم في طهران، فحصل عکس ما کان يريده أعداؤنا، مما أثبت أن الجمهورية الإسلامية ليست غير معزولة و حسب، بل ينظرون لها و لإيران الإسلامية و لشعبنا العزيز في العالم بعين التکريم و الاحترام.

و على الصعيد الداخلي، في المناسبات التي يعبّر فيها شعبنا العزيز عن مشاعره - و هي في الغالب ذکرى الثاني و العشرين من بهمن - عبّر الشعب سنة 91 عن ما يثبت حماسه و اندفاعه، إذ شارك في الساحة بملحمية و شوق و کثافة أکبر من الأعوام الماضية. و من النماذج الأخرى على ذلك مشارکة أهالي محافظة خراسان الشمالية في ذروة الحظر، ما يکشف عن نموذج لوضع الشعب الإيراني و معنوياته تجاه النظام الإسلامي و مسؤوليه الخدومين. و قد أنجزت و الحمد لله طوال العام الماضي أعمال و مشاريع کبرى، و أبدى المسؤولون و الشعب الکثير من الجهود و المساعي العلمية و التحرّك و إنجاز المشاريع الخاصة بالبنى التحتية. و قد توفرت مقدمات السير نحو الأمام بل و ممهّدات قفزات نوعية إن شاء الله، سواء في المضمار الاقتصادي أو على الصعيد السياسي، أو کل المجالات الحياتية الأخرى.

سنة 92 حسب الأفق المتفائل الذي تمّ رسمه لنا بلطف من الله و همّة الشعب المسلم، ستکون سنة تقدّم الشعب الإيراني و تحرّکه و تمرّسه، لا بمعنى أن عداء الأعداء سيقلّ، بل بمعنى أن جاهزية الشعب الإيراني ستکون أکبر، و مشارکته أکثر تأثيراً، و بناءه للمستقبل بيديه و بهمّته و کفاءته سيکون إن شاء الله أفضل و أبعث على الأمل.

طبعاً ما يشخص أمامنا في سنة 92 لا يزال يختصّ بالمجالين الاقتصادي و السياسي. على المستوى الاقتصادي يجب الاهتمام بالإنتاج الوطني کما جاء في شعار العام الماضي. و قد أنجزت بعض الأعمال بالطبع، بيد أن ترويج الإنتاج الوطني و دعم العمل و رأس المال الإيرانيين قضية طويلة الأمد، و لا تُنجز في سنة واحدة. لحسن الحظ تمّت في النصف الثاني من عام 91 المصادقة على سياسات الإنتاج الوطني و إبلاغها - أي تمّ في الواقع رسم الطريق و الخطة لهذه الأعمال - حيث يستطيع مجلس الشوري الإسلامي و الحکومة البرمجة على أساس ذلك و البدء بمسيرة جيدة و التقدم إلى الأمام إن شاء الله بهمم عالية و جهود دؤوبة.

و على الصعيد السياسي فإن القضية الکبيرة في سنة 92 هي انتخابات رئاسة الجمهورية، و التي تُبرمج في الحقيقة للمقدرات التنفيذية و السياسية، و بمعنى من المعاني لمقدّرات البلاد العامة لأربعة أعوام قادمة. و سيستطيع الشعب إن شاء الله بمشارکته في هذه الساحة أن يسجّل للبلاد و لنفسه مستقبلاً حسناً. طبعاً من الضروري إنْ على المستوى الاقتصادي و إنْ على المستوى السياسي أن يکون تواجد الشعب تواجداً جهادياً. يجب المشارکة بملحمية و حماس و شوق، و بهمّة عالية و نظرة متفائلة، و قلوب مفعمة بالأمل و الحيوية، للوصول إلى الأهدافهم بطریقة ملحمیة.

بهذه النظرة، نسمّي سنة 92 باسم «سنة الملحمة السياسية و الملحمة الاقتصادية»، و نتمنى بفضل من الله أن تتحقق ملحمة اقتصادية و ملحمة سياسية في هذه السنة على يد شعبنا العزيز و مسؤولي البلاد المخلصين.

على أمل أن تشملنا نظرات الخالق و عنايته، و أدعية سيدنا بقية الله الإمام المهدي المنتظر (أرواحنا فداه)، و مع تحياتنا لروح الإمام الخميني الجليل و أرواح الشهداء الأبرار الطاهرة.

و السّلام عليكم و رحمة الله و بركاته.

السبت, 16 آذار/مارس 2013 09:39

في ذكرى ولادة السيدة زينب (س)

إذا رجعنا إلى الحوراء زينب (س) ، وألقينا نظرة فاحصة على مجمل حياتها سواء ما قبل كربلاء أو فيها، وفي يوم عاشوراء ـ الذي يعتبر بحقّ ـ ذلك الفعل الحضاري، الذي لا تزال البشرية بحاجة إلى أن تنهل من معينه العذب ، أو ما بعد عاشوراء، وقصة التاريخ البطولي الذي صنعته امرأة تعيش أعلى درجات المأساة وأقسى مراحل التاريخ.

نعم، إذا رجعنا إلى تلك المرأة العظيمة وفي تلك الأيام، بل في كل مراحل حياتها، فسوف لا نجد لها إطاراً أو انتماءً أو محوراً غير الإطار والانتماء الإسلامي، سواءً على مستوى الفكر أو العاطفة، وهذا ما يمكن لنا أن نلحظه ـ وعلى سبيل المثال ـ من خلال مخاطبتها ليزيد الطاغية المتجبّر وهو رأس الدولة آنذاك، وهي تقول له:

>والله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا<[1] ، حيث أنها، ومع كل تلك البشاعات والأهوال لم ترَ أمامها سوى انتمائها الفكري والعقائدي، وهو الإسلام، وذكر الإسلام؛ حيث أرادت أن تقول وتصرخ بوجه الزمن وتبعثها صرخة حضارية مدوّية في أعماق التاريخ وبكل أبعاده: إنّ القضية كلّها قضية فكر ورسالة، ومنهج عمل لبناء أمّة، وهداية مجتمع، رغم الإرادات والمساعي التي بذلها الآخرون في سبيل شخصنة القضية، وإذابتها في بوتقة الصراعات القبلية المتسافلة.

ومن هنا يجب الإلتفات إلى هذه النقطة المهمّة في دراسة تاريخنا الإسلامي بشكل عام، والتاريخ الفاعل لأهل البيت (ع) بشكل خاص؛ باعتبارهم رموزاً حضاريةً، تحتل مساحات واسعة في تاريخنا الممتد بتأثيره الإيجابي إلى نهاية العالم كما هي الرسالة الخاتمة.

فلا يجوز أن نعمل على إلغاء الأثر الإيجابي الفعّال لقادتنا في الحياة من خلال تحجيم الدور الريادي والثقل العظيم الذي نهضوا به.

وفي هذه النقطة بالذات، يمكننا أن نقف على عمق التربية المركّزة، التي تلقتها السيّدة زينب (س) ؛ كونها نتاج تلك الأُسرة النموذجية لكل التاريخ البشري على الإطلاق، تلك الأُسرة المحمّدية العلوية، التي تربّت على مائدة الوحي الإلهي ؛ حيث أصبحت جامعة الدنيا في العلم والعمل.

نعم، في هكذا بيئة تربّت السيّدة زينب، وقد صقلتها وعركتها قوّة المبادئ الرسالية التي نبتت بذورها الأولى في ذلك البيت الطاهر المجسّد لتلك المبادئ بأعلى درجات التجسيد؛ وما يترتّب على ذلك كلّه من ثمار تربوية تُنشئ جيلاً ؛ لا يمكن لدواهي الحياة إلا أن تزيده وعياً ولمعاناً في سماء الفكر والممارسة.

 

عقيلة الوحي:

السيدة زينب (س) عقيلة الوحي والنبوة.

أبوها: أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع) أخو النبي ووليه ووزيره ونجيبه ووارث علمه ووصيه, وأول الناس إيماناً بالله, وأعلمهم بأحكامه, فتى الإسلام شجاعة وتقىً, وعلماً وعملاً وزهداً في الدنيا, ورغبة فيما عندالله.

وأمها: فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين, وخير نساء أهل الجنة وأفضلهنَّ بحكم النصّ الصريح الصحيح, وإجماع الأمة كافة, آثرها الله عز وجل بذرية نبية,فإن ذرية كل نبي من صلبه إلا رسول الله’ فإن ذريته إنما هي من علي وفاطمة.

وجدّها لأمها: سيد المرسلين. و خاتم النبيين محمد’ البشير النذير السراج المنير, وكفى بذلك فخراً.

وجدّتها لأمها: خديجة بنت خويلد أُم المؤمنين صدّيقة هذه الأُمة, وأولها إيماناً بالله, وتصديقاً بكتابه و مواساة لرسوله’.

قال لها رسول الله’: «يا خديجة هذا جبريل يقرئك السلام عن اله عزوجل, ويبشركِ ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب» .[2]

فقالت في جوابه : «الله عزوجل هو السلام, و منه السلام, و إليه يعود السلام, وعلى رسول الله و جبرائيل السلام, ورحمة الله وبركاته» .[3]

وجدّ زينب لأبيها : شيخ الأباطح, أبو طالب بن عبد المطلب‘, عم النبي’ القائم في كفالته مقام أبيه, إذ مات أبوه عبدالله وهو جنين, ثم مات جدّه عبد المطلب (ع), و النبي’ في السابعة من عمره الشريف, فكفله عمه أبو طالب (ع), فكان أفضل أب عطوف, ولم يغفل عما يجب له لحظة واحدة, ولم يسلمه إلى طغاة قريش, وقد لجوا في طغيانهم يعمهون, اذ طلبوه منه, ولاسيما إذ سمعوه’ يقول : «والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن أترك هذا الأمر ما تركته أو أموت دونه»[4] , فيحنو عليه حنو المرضعات على الفطيم و هو قول : اذهب وشأنك فوالله لا أسلمك لشئ أبداً.

وجدّة زينب لأبيها : فاطمة بنت أسد بن عبد مناف بن هاشم زوجة أبي طالب عم رسول الله’ وأول هاشمية ولدت لهاشمي. كانت من السابقات الى الإسلام, فحسن إسلامها, وأوصت الى النبي’إذا حضرتها الوفاة, فقبل وصيتها, وكفنها بقميصه, وصلّى عليها, ونزل في لحدها, فاضطجع معها فيه, فقال له بعض أصحابه: ما رأيناك صنعت بأحد هذا الصنع ؟ فقال’ : «إنه لم يكن أحد بعد أبي طالب (ع) أبر بي منها, إنما ألبستها قميصي لتكسى من حلل الجنة, واضطجعت معها في قبرها ليهون عليها» [5].

هذا نسب العقيلة , ولها من الحسب ما يكافئ هذا النسب شرفاً .. {ذُرّيّةً بَعضُهَا مِن بَعضٍ وَالله سَمِيعًُ عَلِيمُ} [6].

 

ولادتها:

ولدت (س) سنة ست للهجرة [7] وهي سنة صلح الحديبية , ونزول سورة الفتح على رسول الله’ وهو قافل منها الى المدينة المنورة. فكانت في الهاشميات كالتي انجبتها, تنطق الحكمة و العصمة من محاسن أخلاقها, ويتمثلان وما إليها من أخلاق في منطقها وأفعالها, فلم ير أكرم منها أخلاقاً, ولا أنبل فطرة, ولا أطيب عنصراً, ولا أخلص جوهراً, إلا أن يكون جدهاو اللذين أولداها, و كانت مما لا يستفزها نزق ولا يستخفها غضب, ولا يروع حملها رائع , آية من آيات الله في الذكاء والفهم, وصفاء النفس, ولطافة الحس, وقوة الجنان, و ثبات الفؤاد, في أروع صورة من الشجاعة والإباء والترفع, وحسبك في ذلك موقفها من الطاغيه عبيدالله بن زياد إذ دخلت عليه, وقد حفّ بها إماؤها فأخذت مجلسها دون أن تلقي بالاً إليه, فحدث اللعين بها عينيه, وهي تجلس بادية الترفع, لا تنتظر أن يأذن لها في الجلوس, فكلمها مرتين أو ثلاثاً وهي لا تجيب احتقاراً له, و تكبراً عليــــه.

فقال الطاغية مستخفاً من هذه ؟ فأجابت إحدى إمائها : هذه زينب بنت فاطمة, فقال : الحمد لله الذي قتلكم وفضحكم وأكذب أحدوثتكم.

فقالت (س) في جوابه «الحمدلله الذي أكرمنا بنبينا محمد’وأذهب عنا الرجس أهل البيت و طهرنا تطهيراً, إنما يفتضح الفاسق, ويكذب الفاجر, وهو غيرنا والحمدلله» [8].

فقال : كيف رأيت صنع الله بأخيك, والعتاة المردة من أهل بيتك؟

فأجابته (س) باستعلاء : «أُولئك قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم, وسيجمع الله بينك و بينهم, فتحاج وتخاصم, فانظر لمن الفلج يومئذٍ, ثكلتك أمك يا ابن مرجانة».

فغضب الطاغية وهم ّ أن يضربها بقضيب كان في يده, فقال له عمرو بن حريث : مهلاً أيها الأمير إنها إمرأة والمرأة لا تؤاخذ في شئ من منطقها. فقال اللعين متشفياً : لقد شفى الله نفسي من طاغيتك.

فردّت عبرتها وقالت (س): «لعمري لقد قتلت كهلي, واستأصلت أهلي, وقطعت فرعي, واجتثثت أصلي, فإن يشفك هذا فقد اشتفيت».

فقال : هذه سجّاعة, ولقد كان أبوها سجّاعاً شاعراً.

فقالت (س) : «ما لي وللسجاعة إنّ لي عنها لشغلاً».

فردّ عليها بصرة متأملاً في وجوه أسرى آل محمد فرأى زين العابدين علي بن الحسين (ع) وكان يظنه مقتولاً. فسأله ما اسمك ؟ فقال (ع): أنا علي بن الحسين .

فقال اللعين: أولم يقتل الله علي بن الحسين ؟ فسكت الإمام.

فقال الطاغية : مالك لا تتكلم ؟

فقال الإمام : «كان لي أخ يقال له علياً فقتله الناس».

قال ابن زياد : بل الله قتله . فأمسك الإمام, فاستحثه الطاغية على الجواب . فقال (ع) : {اللهُ يَتَوَفّى الأنفُسَ حِينَ مِوتِهَا}[9] {وَمَا كَانَ لِنَفسٍ أن تَمُوتَ إِلّا بإذنِ الله} [10].

فانتهره الطاغية قائلاً : أبك جرأة على ردِّ جوابي ؟ ثم أمر به أن يقتل . فاعتنقته زينب وهي تقول: حسبك يا ابن زياد من دمائنا ثم آلت عليه ليدعنَّ ابن أخيها أو ليقتلنها قبله فتأملها الطاغية برهة , ثم انثنى يقول لجلاديه : عجباً للرحم , إني لأظنها ودّت أن أقتلها قبله, دعوه ينطلق معها.

وسجل التاريخ لها موقفاً مع أهل الكوفة, وقد أحاطوا بها مطأطئي رؤوسهم يبكون حزناً على ما أصابهم من القتل و السبي. فقالت (س) :

« أما بعد .. يا أهل الكوفة أتبكون؟! فلا سكنت العبرة, ولا هدأت الرنة, إنما مثلكم مثل التي نقضت غزلها من بعد قوة أنكاثاً, تتخذون أيمانكم دخلاً بينكم ألا ساء ما تزرون. إي والله فأبكوا كثيراً واضحكوا قليلاً, فقد ذهبتم بعارها وشنارها, فلن ترحضوها بغسل أبداً, وكيف ترحضون قتل سبط خاتم النبوة, ومعدن الرسالة, ومدار حجتكم ومنار محجتكم, وهو سيد شباب أهل الجنة؟ لقد أتيتم بها خرقاء شوهاء, أتعجبون لو أمطرت دماً؟ ألا ساء ما سولت لكم أنفسكم أن سخط الله عليكم , وفي العذاب أنتم خالدون. أتدرون أي كبد لرسول الله فريتم؟ و أي دم له سفكتم؟ وأي كريمة ابرزتم؟ لقد جئتم شيئاً إداً, تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض وتخر الجبال هداً» [11].

قال من سمعها: فلم أر والله خفرة أنطق منها, كأنما تفرغ عن لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب, فلا والله ما أتمت حديثها حتى ضج الناس بالبكاء وذهلوا, وسقط ما في أيديهم من هول تلك المحنة.

وللعقيلة زينب مواقف في الشام أحدها حين أمر يزيد بإدخال سبايا الوحي عليه, فأدخلوهن مربقات و عنده وجوه دمشق, فغظوا أبصارهم احتراماً وإستحياءً, ولكن رجلاً من أعوانه و مقوي سلطانه من أجلاف الناس أمعن النظر في فاطمة بنت الحسين فراقه جمالها, فخافت منه, وروعها إذ التهمها بعينيه, فلاذت بعمتها مذعورة ترتعد, فتسمعه العقيلة يقول ليزيد يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية. فتقول (س) وهي تحتضن الفتاة : «كذبت والله ولؤمت, ما كان ذلك لك ولا له».

فغضب يزيد وقال : كذبت والله إن ذلك لي , ولو شئت أن أفعله لفعلت.

قالت (س): «كلا والله ما جعل الله ذلك لك إلا أن تخرج عن ملتنا, وتدين بغير ديننا». فاستشاط غضباً وقال : إياي تستقبلين بهذا . إنما خرج من الدين أبوك وأخوك.

فأجابته (س): « بدين الله ودين أبي وأخي وجدي اهتديت يا يزيد أنت و أبوك وجدك إن كنتم مسلمين».

فقال : كذبت يا عدوة الله. فهزت رأسها استخفافاً وهي تقول (س) : «أنت أمير تشتم ظالماً, وتقهر بسلطانك». فلم يجب و اعتراه والحاظرين كلهم وجوم طويل, فعاد الشامي يلتهم فاطمة بعينيه ويقول يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية, فصاح به يزيد اعزب, وهب الله لك حتفاً قاضياً.

ثم كان المشهد الفظيع إذ كشف يزيدعن رؤوس الشهداء فجعل بعبث بقضيب في يده بثنايا سيد الشهداء, و خامس اصحاب الكساء وهو ينشد :

ليت أشياخي ببدر شهدوا      جزع الخزرج من وقع الأسل

لأهلوا واستهلوا فرحــــاً      ثم قالوا يا يزيد لا تشــــل

لعبت هاشم بالملـك فلا      خبر جاء ولا وحي نــــزل [12]

فبكت النسوة والبنيات من ودائع الرسول, وخفرات البتول, غير عقيلتهن فإنها اهتزت واستعلت على الطاغية تكفّره وتخزيه بقولها (س) :

«صدق الله تعالى يا يزيد إذ يقول عز من قائل: {ثُمّ كَانَ عَاقِبَةَ الّذيِنَ أسَاءُوا السّوَءَىَ أن كَذّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَكَانُوا بِهَا يَستَهزِئُونَ} [13].

أظننت يا يزيد, حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الأُسارى, ان بنا على الله هواناً, وبك عليه كرامة... فشمخت بأنفك ونظرت في عطفك جذلان مسروراً, حيث رأيت الدنيا لك مستوسقة والأمور متسقة, وحيث صفا لك ملكنا وسلطاننا, فمهلاً مهلاً, أنسيت قول الله تعالى : {وَلا يَحسَبَنّ الّذِينَ كَفَرُوا أنّمَا نُملِي لَهُم خَيرُ لأنفُسِهِم إِنّمَا نُملِي لَهُم لِيَزدَادُوَا إِثمَاً وَلَهُمُ عَذَابُ مّهِينُ} [14].

أمِنَ العدل يا ابن الطلقاء, تخديرك حرائرك وإماءك, وسوقك بنات رسول الله’ سبايا قد هتكت ستورهن وأبديت وجوههنُّ, تحدوا بهن الأعداء من بلد إلى بلد... ثم تقول غير متأثم ولا مستعظم : ليت أشياخي ببدر شهدوا, منحنياً على ثنايا أبي عبدالله سيد شباب أهل الجنة تنكتها بمخصرتك, وكيف لاتقول ذلك؟ وقد نكأت القرحة, واستأصلت الشأفة, بإراقتك دماء ذرية محمد’ ونجوم الأرض من آل عبد المطلب, وتهتف بأشياخك زعمت أنك تناديهم فلتردن وشيكاً موردهم, وتودنَّ أنك شللت وبكمت, ولم تكن قلت ما قلت, وفعلت مافعلت»...

والحمد لله رب العالمين، الذي ختم لأولنا بالسعادة والمغفرة، ولآخرنا بالشهادة والرحمة، ونسأل الله أن يكمل لهم الثواب، ويوجب لهم المزيد، ويحسن علينا الخلافة، إنه رحيم ودود، وحسبنا الله ونعم الوكيل» [15].

ثم سيّرهم يزيد بن معاوية مع النعمان بن بشير الأنصاري إلى المدينة [16].

 

السيدة زينب بعد رجوعها إلى المدينة المنوّرة:

وأما أحوال السيدة زينب (س) في المدينة بعد رجوعها من الشام فإنها لما عادت والإمام السجاد وأهل بيته (ع) إلى مدينة جدّهم رسول الله’، بلغ عبد الله بن جعفر زوج زينب مقتل ابنيه محمد وعون مع الحسين (ع)، فجلس للعزاء عليهم، وأخذ الناس يدخلون عليه يعزّونه بمصابه بهم، فلما اجتمعوا عنده قال: الحمد لله عزّ وجل على مصرع الحسين، إن لم تكن يداي واست حسيناً فقد واساه وَلَداي، والله لو شهدته لأحببت أن لا أفارقه حتى أُقتل معه، والله إنه لممّا يُسخي بنفس عنهما، ويهوّن عليّ المصاب بهما، أنهما أصيبا مع أخي وابن عمّي، مواسيَين له صابرَين معه [17].

ونقل العبيدلي العرجي في كتابه (أنساب آل أبي طالب) [18] بسنده عن مصعب بن عبد الله، قال: لما قام عبد الله بن الزبير بمكة، وحمل الناس على الأخذ بثأر الحسين، وخلع يزيد، وبلغ ذلك أهل المدينة، خطبت زينب فيهم وصارت تؤلّبهم على القيام للأخذ بالثأر، فبلغ ذلك الأمير الأموي على المدينة عمرو بن سعيد الأشدق وكتب إلى يزيد يُعلمه بالخبر.

فكتب يزيد إليه: أن فرّق بينها وبينهم (أهل المدينة).

فأبلغها بالخروج من المدينة والإقامة حيث تشاء [19].

وخرجت الحوراء زينب (ع) من المدينة كرهاً، في أواخر شهر ذي الحجة سنة 61 للهجرة أي قبل أن يحول الحول على قتل أخيها الحسين (ع) ومعها ابنتاه فاطمة وسكينة، قاصدة مصر.

وبعد مضي سنة توفيت عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من شهر رجب سنة 62 للهجرة.

 


الهوامش

 

1 مقتل الإمام الحسين×، أبو مخنف الازدي: 227، وبحار الأنوار، المجلسي 45: 135.

2 راجع العمدة: 392.

3 راجع بحار الأنوار 8:16

4 بحار الأنوار 182:18.

5 شرح نهج البلاغة 14:1.

6 آل عمران :34.

7 في الخامس من جمادي الأول في المدينة المنورة

8 مثير الاحزان 90.

9 الزمر 42.

10 آل عمران :145

11 راجع اللهوف :146.

12 الاحتجاج 307:2

13 الروم 10 .

14 آل عمران :178.

15 مقتل الحسين× للخوارزمي: ج3 ص71 ـ 74، بلاغات النساء: ص31 ـ 33 ط بيروت.

16 مقتل الحسين للخوارزمي ج3/ 71 ، بلاغات النساء : 31 ـ 33 ط بيروت.

17 وقعة الطف: ص272 ـ 274، عن تاريخ الطبري: ج5 ص466، وإرشاد المفيد: ج2 ص124.

18 إن أقدم مصدر معتبر لأخبار السيدة زينب(س) هو ما كتبه السيد علي بن الحسن العبيدلي الأعرجي، المنسوب إلى عُبيد الله الأعرج بن الحسين بن علي بن الحسين السجاد×، الذي أدرك الإمام الرضا× وروى عنه، له كتاب: أنساب آل أبي طالب، ولذا عُرّف بالعُبيدلي النسّابة، وله رسالة أخبرا الزينبات، جمع فيه الأخبار التي تخص المسمّيات بزينب المنتسبات إلى بني هاشم منهن، أو من غيرهنّ، ومنهنّ السيدة زينب بنت فاطمة(س)، وهي رسالة مطبوعة ومنشورة.

19 السيدة زينب وأخبار الزينبات للعُبيدلي: ص19 ـ 22، نشر حسن محمد قاسم ط المنيرية، بمصر.

السبت, 16 آذار/مارس 2013 07:44

حَقّ اللّسَانِ

3- وَ أَمّا حَقّ اللّسَانِ فَإِكْرَامُهُ عَنِ الْخَنَا وَ تَعْوِيدُهُ عَلَى الْخَيْرِ وَ حَمْلُهُ عَلَى الْأَدَبِ- وَ إِجْمَامُهُ إِلّا لِمَوْضِعِ الْحَاجَةِ وَ الْمَنْفَعَةِ لِلدّينِ وَ الدّنْيَا وَ إِعْفَاؤُهُ عَنِ الْفُضُولِ الشّنِعَةِ الْقَلِيلَةِ الْفَائِدَةِ الّتِي لَا يُؤْمَنُ ضَرَرُهَا مَعَ قِلّةِ عَائِدَتِهَا وَ يُعَدّ شَاهِدَ الْعَقْلِ وَ الدّلِيلَ عَلَيْهِ وَ تَزَيّنُ الْعَاقِلِ بِعَقْلِهِ حُسْنُ سِيرَتِهِ فِي لِسَانِهِ وَ لا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ الْعَلِيّ الْعَظِيمِ .

السبت, 16 آذار/مارس 2013 05:57

الذنوب الكبيرة (8)

الذنوب الكبيرة (8)

قطع الرحم

قال تبارك وتعالى : ( فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم * أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم ) (محمد / 22 - 23) .

وقال أيضا : ( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) (الرعد / 25) .

وروي عن الصادق ( عليه السلام ) ، أنه قال : " اتقوا الحالقة فإنها تميت الرجال ، قلت : وما الحالقة ؟ قال : قطيعة الرحم " .

جاء رجلالنبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فسأله أي الأعمال أبغض إلى الله ؟

قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الشرك بالله ، قال : ثم ماذا ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : قطيعة الرحم ، قال : ثم ماذا ؟ قال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف " .

وقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " لا تقطع رحمك وإن قطعك " .

وروي عن الباقر ( عليه السلام ) ، قال : " ثلاث خصال لا يموت صاحبها حتى يرى وبالهن : البغي ، وقطيعة الرحم ، واليمين الكاذبة " .

وهناك آيات وأحاديث كثيرة بهذا الصدد يعسرحصرها في هذه العجالة .

التعرب بعد الهجرة

التعرب بعد الهجرة ، معناه الهجرة إلى البلاد التي تكون سببا لنقص الدين ولا يتمكن المسلم من إقامة شعائره الدينية والمحافظة على إيمانه من الضعف والتناقص ، وبذلك يعود إلى وضعه السابق من الجهل وعدم المبالاة بأحكام الدين قبل أن يتعلم ما ينبغي أن يتعلمه .

وقد روي عن أهل البيت ( عليهم السلام ) كما ورد في مجمع البحرين : " من الكفر التعرب بعد الهجرة " . وروي في الكافي : " تفقهوا في الدين ولا تكونوا أعرابا ،ومن لم يتفقه في الدين فهو أعرابي " . وهذا الحديث يدلنا على أن أحد مصاديق التعرب هو ترك التفقه في الدين ، لأن من ترك التفقه لا يتمكن من أداء واجباته العبادية بالشكل الصحيح كما أمر الله عز وجل بها ، فتكون عبادته باطلة ، لأن الجاهل كالعامد لا يكون معذورا ، وكذلك معاملاته مع الغير قد تكون ربوية وغررية محرمة فاسدة من حيث لا يشعر ، ويترتب على ذلك التصرف الغصبي بما انتقل إليه بهذه المعاملات الفاسدة أو الدخول في كبيرة الربا .

والتعرب لا يراد منه السكنى في البادية مع أهل البوادي فحسب ، بل يشمل الهجرة والسكن والمخالطة في جميع البقاع التي لم ينشر فيها دين الإسلام وشعائره ، ويعجز المسلم عن القيام بمراسيم دينه والمحافظة على إيمانه وقد وردت روايات كثيرة تنهى أشد النهي عن هذا العمل ، علما بأن التعرب بعد الهجرة لا يشمل الهجرة إلى تلك البلدان لأجل الدعوة إلى الإسلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مع المحافظة على الدين والإيمان ، بل على العكس هذا النوع من الهجرة ممدوح ومحبوب عند الله تعالى والنبي الكريم ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والأئمة الطاهرين ( عليهم السلام ) وتعتبر هجرة إلى الله ورسوله ، كما بينه الله تعالى في محكم كتابه : (. . . فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون ) (التوبة / 122) .

كما روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : " من فر بدينه من أرض إلى أرض وإن كان شبرا من الأرض استوجبت له الجنة وكان رفيق أبيه إبراهيم ( عليه السلام ) ونبيه محمد ( صلى الله عليه وآله وسلم ) " .

وعلى العكس من ذلك كما تروي لنا الأخبار أن عددا من المسلمين الذين يقولون : " لا إله إلا الله " مثل قيس بن الفاكه ، وقيس بن الوليد ، وأمثالهم من المسلمين الذين لم يهاجروا من مكة إلى المدينة مع قدرتهم على ذلك ، ولما جاء رۆساء قريش إلى بدر لمحاربة رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) والمسلمين ، حضروا معهم وقتلوا بسيوف المسلمين فنزل قوله تعالى فيهم : ( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا ) (النساء / 97) .

وقد روي عن عكرمة أن جمعا من المسلمين في مكة لم يقدروا على الهجرة استثنتهم الآية الثانية ، وهي قوله تعالى : ( إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لايستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا * فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم وكان الله عفوا غفورا ) (النساء / 98 - 99) .

وقد سمع رجل من المسلمين الآيات السالفة وكان اسمه جندع بن ضمرة وكان بمكة فقال : والله ما أنا مما استثنى الله ، وإني لأجد قوة وإني لعالم بالطريق وكان مريضا شديد المرض ، فقال لبنيه : والله لا أبيت بمكة حتى أخرج منها فإني أخاف أن أموت فيها ، فخرجوا يحملونه على سرير حتى بلغ التنعيم ظهرت عليه آثار الموت ، فوضع يده اليمنى في اليسرى ، وقال : اللهم هذه لك وهذه لرسولك ، أبايعك على ما بايعك عليه ، ثم مات ، ولما وصل خبر وفاته إلى المدينة قال بعض الأصحاب لو وصل إلى المدينة لنال ثواب الهجرة ، فأنزل الله سبحانه فيه قرآنا ، حيث يقول : ( ومن يخرج من بيته مهاجرا إلى الله ورسوله ثم يدركه الموت فقد وقع أجره على الله وكان الله غفورا رحيما ) (النساء / 100) .

السرقة

معناها أخذ مال الغير بحالة تستر ، ومن حرز ، وقد وعد تعالى عليها القطع حيث يقول : ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء بما كسبا نكالا من الله والله عزيزحكيم * فمن تاب من بعد ظلمه وأصلح فإن الله يتوب عليه إن الله غفور رحيم ) (المائدة / 38 - 39) .

وأما ما كان من أخذ المال ظاهرا فهو اختلاس أوانتهاب ، وإن منعها صاحبها فأخذها بالقوة فهو الغصب ، وإن أخذ المال عن طريق التزوير فهو محتال ، وهۆلاء ليس عليهم حد كما في باب الحدود ، وإنما يعزرون فقط .

روي أن أبا العلاء المعري قال للشيخ المفيد أو السيد المرتضى مستهزئا بهذا الحكم : يد بخمس مئين عسجد فديت * ما بالها قطعت في ربع دينار.

السبت, 16 آذار/مارس 2013 05:53

الذنوب الكبيرة (7)

الذنوب الكبيرة (7)

ترك الصلاة

أو ترك شئ مما فرضه الله تعالى . يأمر سبحانه المۆمنين بالصلاة وينهى عن تركها بقوله تعالى : ( منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين ) (الروم / 31 ) .

فقد قرن سبحانه تاركي الصلاة بالمشركين ، وقال أيضا : ( في جنات يتسائلون عن المجرمين * ما سلككم في سقر * قالوا لم نك من المصلين * ولم نك نطعم المسكين* وكنا نخوض مع الخائضين * وكنا نكذب بيوم الدين *حتى أتانا اليقين ) (المدثر / 40 - 47) .

وقوله تعالى في موضع آخر : ( فلا صدق ولا صلى *ولكن كذب وتولى ) (القيامة / 31 - 32) .

وروي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر " .

وعنه أيضا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ما بين المسلم وبين أن يكفر إلا أن يترك الصلاة الفريضة متعمدا أو يتهاون بها فلا يصليها " .

وعنه أيضا ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " ليس مني من استخف بصلاته وليس مني من شرب مسكرا لا يرد علي الحوض لا والله " .

ومن وصيته للإمام الصادق ( عليه السلام ) حينما حضرته الوفاة : " لا ينال شفاعتنا من استخف بالصلاة " .

وعن المفضل بن عمر عن الصادق ( عليه السلام ) قال : " من ترك الصلاة متعمدا فقد برء من ذمة الله عز وجل وذمة رسوله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) " .

وعن الصدوق بسنده عن أمير المۆمنين ( عليه السلام ) قال : " لا ينظر الله عز وجل إلى عبد ولا يزكيه إذا ترك فريضة من فرائض الله أو ارتكب كبيرة من الكبائر ، قال : قلت : لاينظر الله إليه ؟

قال : " نعم وقد أشرك ، قلت : أشرك ؟ قال : نعم ، إن الله عز وجل أمر بأمر وأمره إبليس بأمر فترك ما أمر الله عزوجل به وصار إلى ما أمر إبليس به فهو مع إبليس في الدرك السابع من النار " .

المستخف بالحج

ويحصل بالتسويف به بدون عذر .

فقد روى الصدوق عن محمد بن فضيل قال : سألت الإمام أبا الحسن ( عليه السلام ) عن قوله تعالى : ( ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا ) (الإسراء / 72) قال ( عليه السلام ) : " نزلت في من سوف الحج وعنده ما يحج به ، فقال العام أحج ويكررها كل سنة حتى يموت قبل أن يحج " .

وقوله تعالى :( ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين ) (آل عمران / 97 ) .

ويكفي في إثمه أنه من الذنوب الكبيرة ، فقد عبر سبحانه عن ترك الحج بالكفر ، كما أن الكفر والشرك لا يغتفر فكذلك ترك الحج ، وفي حديث آخر : " من سوف الحج حتى يموت بعثه الله يوم القيامة يهوديا أو نصرانيا " . وهناك آيات وروايات كثيرة بهذا الشأن .

نقض العهد

هو أن تعاهد الله سبحانه على شئ وتنقضه ، كذلك النذرالشرعي الذي يجب الوفاء به ، فقال تعالى : ( بلى من أوفى بعهده واتقى فإن الله يحب المتقين * إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أولئك لا خلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم ) (آل عمران / 76 - 77) .

وقال تعالى : (إن شر الدواب عند الله الذين كفروا فهم لا يۆمنون * الذين عاهدت منهم ثم ينقضون عهدهم في كل مرة وهم لا يتقون ) (الأنفال / 55 - 56) .

وقال تعالى أيضا : ( والذين ينقضون عهد الله من بعد ميثاقه ويقطعون ما أمر الله به أن يوصل ويفسدون في الأرض أولئك لهم اللعنة ولهم سوء الدار ) (الرعد / 25) .

وقال تعالى في آية أخرى : ( وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسۆولا ) (الإسراء / 34) . كما أن هناك روايات كثيرة منها ما روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " لا دين لمن لا عهد له " .

وعن السجاد ( عليه السلام ) ، قال : " قول الحق ، والحكم بالعدل ،والوفاء بالعهد ، هي جميع شرائع الدين " .

السبت, 16 آذار/مارس 2013 05:50

الذنوب الكبيرة (6)

الذنوب الكبيرة (6)

شهادة الزور

هي من أخطر أنواع الكذب ، وقد قرن سبحانه وتعالى شهادة الزور بالشرك في كتابه المجيد : (فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور ) (الحج / 30 ) .

وقوله تعالى في وصفه المۆمنين :( والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما ) (الفرقان / 72 ) .

وقد روي عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) قوله : " عدلت شهادة الزورالشرك بالله " قالها ثلاثا ثم قرأ قوله تعالى : ( فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور ) .

والتزوير هو إظهار الباطل بمظهر الحق .

كتمان الشهادة

معناه إخفاء ما علم به في مورد يجب الإدلاء به لإثبات الحق أو إبطال باطل ، وقد وصفها الله تعالى بالظلم ، فقال : ( ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله وما الله بغافل عما تعملون ) (البقرة / 140 ) .

وفي مورد آخر وصفها بالإثم : ( ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم ) (البقرة / 283 ) .

وهناك أحاديث وروايات كثيرة ، منها ما روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من رجع عن شهادته أو كتمها أطعمه الله لحمه على رۆوس الخلائق ويدخله النار وهو يلوك لسانه " .

وروي عن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) ، قال : " من كان في عنقه شهادة فلا يأب إذا دعي لإقامتها ، وليقمها ، ولينصح فيها ، ولا تأخذه فيها لومة لائم وليأمر بالمعروف ولينه عن المنكر " .

شرب الخمر

ولشدة إثمه قرنه الله بعبادة الأوثان ، كما جاء في قوله تعالى :( يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون * إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون ) (المائدة / 90 - 91 ) .

ولشدة حرمته وخباثته خص سبحانه الخمر والميسربالرجس وقرنها بالأصنام والأزلام وجعلها من عمل الشيطان ، وأمر باجتنابها وجعل الاجتناب سبب الفلاح ، ثم بين مفاسدها في الدين والدنيا ، ثم أنهى سبحانه وتعالى هذا الكلام الذي يعتبر من أشد عبارات التحريم ، أنهاه بأسلوب التهديد بقوله : ( فهل أنتم منتهون ) ، وعبارة : ( فاجتنبوه ) تدل على أكثر من التحريم ، ومن هنا وردعن بيت العصمة ( عليهم السلام ) النهي عن الجلوس إلى مائدة فيها خمرأو في مكان يلعب فيه القمار .

وهناك آيات وروايات كثيرة نذكر منها على سبيل المثال ما روي عن الصادق ( عليه السلام ) قوله : " كل مسكر حرام ، فما أسكركثيره فقليله حرام " .

وقد جاء في الوسائل للحر العاملي ( قدس سره ) أنه ورد عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أنه قال : " لا ينال شفاعتي من استخف بصلاته فلا يرد علي الحوض لا والله ، ولا ينال شفاعتي من شرب المسكر لا يرد علي الحوض لا والله " .

وفي حديث آخر عنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " إن الخمر رأس كل إثم ،يلقى الله يوم يلقاه كافرا " .

وقد ورد عن الأئمة الأطهار ( عليهم السلام ) : " ما عصي الله بشئ أشد من شرب المسكرات ، ا حدهم يدع الصلاة الفريضة ويثب على أمه أو ابنته أو أخته وهو لا يعقل " .

وروي عن الإمام الباقر ( عليه السلام ) : " لعن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الخمر عشرة : غارسها ، وحارسها ، وعاصرها ، وشاربها ،وساقيها ، وحاملها ، والمحمولة إليه ، وبائعها ، ومشتريها ، وآكل ثمنها " .

وروي عن الإمام الصادق ( عليه السلام ) : " من شرب جرعة من خمر لعنه الله عز وجل وملائكته ورسله والمۆمنون ، فإن شربها حتى يسكر منها نزع روح الإيمان من جسده " .

وعنه ( عليه السلام ) : " مدمن الخمر يلقى الله يوم القيامة كعابد وثن " .

وأما حد شارب الخمر ، فإنه لو شربها العاقل البالغ عالما متعمدا مختارا - ولو قطرة واحدة - وثبت عليه بالإقرار أوالشهود العدول ، وجب إجراء الحد عليه وهو ثمانون جلدة ،وإذا تكرر منه ذلك يتكرر عليه الحد ثلاث مرات ، وفي المرة الرابعة يكون حده القتل إذا لم يتب ، قبل أن تقوم عليه البينة ، وهذا يشمل سائر المسكرات .

وهنا لا بد لي أن أتوقف قليلا لأذكر نفسي ومن سمع مقالتي بالحديث المشهور عن الرسول الأمين ( صلى الله عليه وآله وسلم ) : " من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطيع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان " .

واذكر أولادي والشباب الذين يعيشون في البلدان غيرالإسلامية التي تكثر فيها جلسات شرب الخمر في المطاعم والنوادي والمتنزهات والأماكن العامة ، وتكثر فيها مناظرالفسق والفجور والخلاعة بأجلى صورها وأفضعها ، فإذا تعذر عليهم تحصيل الدرجتين الأوليين من إنكار المنكر فلا أقل يجب عليهم أن يحافظوا على الدرجة الثالثة ، وهوالإنكار القلبي ، الذي يعني التألم والتأثر النفسي على ذلك المنكر الذي يواجهون به الله عز وجل ، وحذار ثم حذار من فقدان هذه الدرجة الضعيفة من الإيمان بأن تكون هذه المناظر طبيعية ومألوفة عندكم ، لا تحرك قلوبكم ولا تحزن نفوسكم ، وبالتالي النزول إلى الحضيض والانقلاب عن حقيقة الإنسانية وهذا ما تدلنا عليه الروايات ، فقد روي عن أمير المۆمنين ( عليه السلام ) في الجزء الأخير من نهج البلاغة ،الحكمة رقم 375 - 380 قوله : " إن أول ما تغلبون عليه من الجهاد الجهاد بأيديكم ، ثم بألسنتكم ، ثم بقلوبكم ، فمن لم يعرف بقلبه معروفا ولم ينكر منكرا ، قلب فجعل أعلاه أسفله ، وأسفله أعلاه " .

السبت, 16 آذار/مارس 2013 05:46

بيريز وحرصه على الدم السوري

يلجأ شمعون بيريز رئيس الدولة الاسرائيلية الى تقديم نفسه كزعيم معتدل يتطلع الى السلام، ويستخدم معسول الكلام لكي يقنع مستمعيه خاصة في العالم الغربي.

بيريز الذي زار اكثر من عاصمة عربية ليس معتدلا على الاطلاق وتاريخه حافل بالحروب ويكفي الاشارة الى انه ارتكب مجزرة قانا الثانية اثناء العدوان الاسرائيلي على جنوب لبنان التي راح ضحيتها اكثر من مئة شهيد، معظمهم من النساء والاطفال لجأوا الى مقر للامم المتحدة طلبا للنجاة من صواريخ الطائرات الاسرائيلية المغيرة.

بالامس، واثناء خطابه في البرلمان الاوروبي وقف الرئيس الاسرائيلي محاضرا حول كيفية حقن الدماء في سورية، ووضع حد للمجازر التي ترتكبها قوات النظام وطائراته في مختلف انحاء البلاد.

بيريز دعا الى تدخل قوة تابعة لجامعة الدول العربية لوقف المجزرة التي تجري حاليا في سورية، وافتى بضرورة تشكيل حكومة سورية مؤقتة تضم شخصيات من المعارضة، وقال 'لا يمكننا ان نقف مكتوفي الايدي فيما الرئيس بشار الاسد يقتل شعبه واطفاله'.

لو صدر هذا الكلام عن رئيس سويدي او فنلندي او برازيلي او عربي، فاننا يمكن ان نفهمه ونتفهمه، فحقن دماء الشعب السوري ووقف اعمال القتل التي يتعرض لها مهمة انسانية واخلاقية، لكن ان يصدر عن رئيس دولة تمارس القتل كعقيدة، وتجتاح اراضي جيرانها، وتلجأ الى ارتكاب المجازر لارهاب البسطاء، وتتفنن في ممارسة التطهير العرقي لاقامة كيان غاصب على اراضي الغير فهذه قمة المأساة.

بيريز ليس الشخص الذي يجب ان يعلمنا كيف نتعاطى مع الاوضاع في بلداننا، واذا كان فعلا حريصا على الشعب السوري، فلينسحب من هضبة الجولان التي تحتلها قوات حكومته، وتنهب ثرواتها، وتصدر قانونا بضمها.

في زمن رئاسة بيريز دمرت الطائرات الاسرائيلية مفاعل الكبر السوري قرب دير الزور شمال شرق سورية، واغارت على عين الصاحب قرب دمشق بحجة تدمير قاعدة للجبهة الشعبية القيادة العامة، واغتالت الشهيد عماد مغنية قائد الذراع العسكرية للمقاومة الاسلامية اللبنانية.

وعندما كان بيريز رئيسا للوزراء ارسل طائراته لقصف القرى اللبنانية الآمنة في جنوب لبنان، وارتكبت مجزرة 'قانا 2' في موقع يرفع علم الامم المتحدة الازرق مثلما ذكرنا سابقا، وهي مجزرة وصفها الكاتب البريطاني الشهير روبرت فيسك في برنامج تلفزيوني بانها من ابشع المجازر في تاريخ المنطقة.

ما نجادل ونرفضه هو ان يقدم شخص مثل بيريز، يداه ملطختان بالدماء مثل معظم المسؤولين الاسرائيليين، سياسيين كانوا او عسكريين، على انه حمل وديع يحاضر على العالم في السلام ووقف المجازر.

بيريز الذي يتحدث نيابة عن الجامعة العربية، ويعلن تأييده لارسال قوات تابعة لها الى سورية، ربما نجده يقف يوما على منبرها في ميدان التحرير مخاطبا وزراء الخارجية، وربما الزعماء العرب باعتباره واحدا من اهل البيت تماما مثلما خاطب القمة الاقتصادية في المغرب قبل عقد ونصف العقد من الزمن.