
Super User
رسالة حرب من اوباما لايران
لا نعتقد ان زيارة الرئيس الامريكي باراك اوباما الى المنطقة التي اقتصرت على دولتين هما اسرائيل والاردن، وثالثة وهمية شكلية، هي السلطة الفلسطينية في رام الله، جاءت من اجل السلام، وانما من اجل الحرب، وفي اطار الاستعداد لها وتوزيع الادوار والمهام على 'فرسانها'.
فعندما يجتمع اوباما مع بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي لثماني ساعات على مرحلتين، ويتوجه من المطار مباشرة لزيارة القبة الصاروخية الحديدية التي بُنيت بمساعدة امريكية، مالية وتقنية، فهذه ليست زيارة مجاملة، ولا هي من اجل السياحة السياسية، ولا يمكن ان يكون هدفها الاستماع الى القادة المعنيين، مثلما اشاع المتحدثون الرسميون الامريكيون قبل بدئها.
الرئيس اوباما ركز في خطابه الذي نافق فيه الاسرائيليين بطريقة غير مسبوقة، على عدم تكرار، او السماح بمحرقة اخرى لليهود، واكد ان اسرائيل قوية وستبقى، وستحظى دائما بالدعم الامريكي القوي. وتطرق الى البرنامج النووي الايراني مشددا على ان كل الخيارات واردة تجاهه، وان ايران النووية لا يمكن احتواؤها، ومعطيا اسرائيل الحرية المطلقة في التعاطي مع الخطر الايراني دون التشاور مع واشنطن.
السيد علي خامنئي المرشد الايراني الاعلى التقط هذه الرسالة بسرعة، وردّ عليها بشكل مباشر على غير عادته، عندما هدد بسحق تل ابيب وحيفا في حال شن اسرائيل اي عدوان على ايران، متوعدا برد قوي مزلزل وغير مسبوق، وهذا الرجل هو الوحيد الذي يملك في يده مفتاح السلام او الحرب.
من يزور المنطقة مرتديا قبعة السائح لا يرعى مصالحة متعثرة او شبه مستحيلة، بين اسرائيل وتركيا، ويطلب من نتنياهو الاتصال هاتفيا بالسيد رجب طيب اردوغان مقدما اعتذارا صريحا واضحا لا لبس فيه، ومتعهدا بدفع تعويضات لأسر ضحايا السفينة مرمرة، ورفع الحصار عن الاراضي الفلسطينية المحتلة، وقطاع غزة على وجه الخصوص.
' ' '
قادة اسرائيل لم يعتــذروا مطلقا عن اي جريمة او مجزرة ارتكبوها منذ قيام دولتهم في فلسطين، ونتنياهو اكد اكثر من مرة انه لن يعتذر لتركيا، بل طالب الاخيرة بالاعتذار، في وقاحة وغطرسة غير مسبوقتين، وتعمّد وزير خارجيته افيغدور ليبرمان ان يستدعي السفير التركي في تل ابيب ويجلسه على كرسي منخفض، ويحاضر عليه حول كيفية التعاطي مع اسرائيل، ويوبخه على تصريحات لرئيس وزرائه اردوغان حول قطاع غزة والحصار الاسرائيلي له.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو عن الاسباب والدوافع التي تكمن وراء هذا التراجع من قبل نتنياهو عن مواقفه المتغطرسة هذه، ويرفع سماعة الهاتف ليتصل بأردوغان، معتذرا دون تحفظ، وقابلا جميع شروطه، وفوقها، مثلما قال البيان الرسمي، رفع الحصار عن الاراضي الفلسطينية المحتلة؟
ثم هناك سؤال آخر حول الدوافع التي دفعت رئيس الوزراء التركي اردوغان لقبول هذا الاعتذار فورا، والمسارعة الى تبادل السفراء، وتطبيع العلاقات بين البلدين، ودون السماح بفترة انتقالية لاختبار النوايا على الاقل، والاسرائيليين على وجه الخصوص؟
هناك طبخة ما عكف اوباما في الايام الاربعة من زيارته على سلقها على نار ملتهبة، ربما نرى نتائجها جلية في الاسابيع او الاشهر المقبلة، احداها تتعلق بالملف السوري، وثانيها بالملف الايراني، وهي طبخة غير سلمية على الاطلاق، والا لشاهدنا اوباما يقذف بعظمة للرئيس الفلسطيني محمود عباس، مثل تجميد الاستيطان مثلا، وعدم الاصرار على يهودية اسرائيل والتطبيع العربي المجاني معها.
الغرب لا يبني تدخلاته العسكرية على ردود الفعل، وبطريقة مفاجئة، مثل معظم دول العالم الثالث، والعربية منها على وجه الخصوص، وانما وفق مخططات معدة سلفا وقبل سنوات او اشهر من موعد التنفيذ، فقد خططوا لاحتلال العراق قبل ثلاث سنوات، واقاموا دولة اسرائيل بعد اكثر من ثلاثين عاما من اصدار وعد بلفور، والشيء نفسه يمكن ان يقال عن اي خطة تتبلور وتنتقل الى حيز التنفيذ قريبا ضد ايران.
' ' '
لا نعتقد انه من قبيل الصدفة ان تتصالح تركيا مع اكرادها، ويصدر عبدالله اوجلان زعيم حزب العمال الكردستاني قرارا لأنصاره بإلقاء السلاح، ولا نعتقد ايضا ان نصب صواريخ الباتريوت المضادة للصواريخ على الحدود السورية ـ التركية قبل شهرين تقريبا، جاء صدفة، ولا نعتقد للمرة الثالثة ان اعلان المملكة العربية السعودية عن كشف شبكة تجسس ايرانية هو من قبيل الصدفة.
تركيا عضو في حلف الناتو، ودورها في عملية اسقاط النظام السوري علني، وقلقها من القوة النووية الايرانية المتبلورة لا يقل عن القلقين الاسرائيلي والسعودي.
اوباما تصرف في زيارته هذه كشيخ عربي ثري، ينثر الملايين في المحطات التي توقف فيها، فقد لوّح لسلطة عباس بصك بنصف مليار دولار لاخراج السلطة من ازمتها المالية وتمكينها من تسديد رواتب موظفيها، ووعد الاردن بمئتي مليون دولار لمساعدته على مواجهة تبعات استقبال عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين، الأمر الذي دفع العاهل الاردني الى الاعلان بأنه لن يغلق الحدود وسيتركها مفتوحة على مصراعيها امام الجدد منهم الفارين الى ملاذات الاردن الآمنة للنجاة بأرواحهم، فهذا الكرم الامريكي الحاتمي المفاجئ لا يمكن ان يكون مجانيا، ودون مقابل.
لا نستبعد، وبعد كل ما تقدم، ان تكون الحرب على الابواب في المنطقة، وهي حرب اذا ما اشتعل فتيلها ستكون كارثية بكل المقاييس، فحالة الجمود الحالية، سواء على الجبهة السورية، او على صعيد الملف النووي الايراني، ممنوع ان تستمر، ولا بد من الحسم.
اربطوا الأحزمة على البطون، لان الاشهر المقبلة ستكون صعبة جدا، فعام 2013 قد يدخل التاريخ كعام الحسم العسكري في منطقة الشرق الاوسط.
في ذكرى شهادة فاطمة الزهراء(س) سيدة نساء العالمين
الحديث عن الزهراء فاطمة يتجاوز الفسحة التي امتدّت بين ساعة أبصرت فيها النور وساعة انطفأت فيها من عينيها لمعة الحياة.
لقد حازت على كمال العقل وجمال الروح وطيب الصفاء وكرم المحتد، وعاشت في جوّ شعّت عليه وامتدّت به وعبّرت عنه فكراً وانتاجاً، وغدت خطّـاً في الرسالة التي انطلقت ثورةً، فكانت هي ركناً من أركانها التي لا يمكن فهم تاريخ الرسالة من دون فهم تاريخها.
فإنّها ابنة نبيّ هزّ جذور الفكر في الإنسان وقفز به فوق الأجيال، كما أنّها زوجة رجل هو ركنٌ من أركان الحقّ واُمّ أئمّة هم امتداد لأعظم نبيّ في تاريخ الإنسانيّة.
وقد مثّلت الزهراء (س) أشرف ما في المرأة من إنسانية وصيانة وكرامة وقداسة ورعاية وعناية، بالإضافة إلى ما كانت عليه من ذكاء وقّاد وفطنة حادّة وعلم واسع، وكفاها فخراً أنّها تربّت في مدرسة النبوّة وتخرّجت من معهد الرسالة وتلقّت عن أبيها الرسول الأمين (ص) ما تلقّاه عن ربّ العالمين، وممّا لا شك فيه أنّها تعلّمت في دار أبويها ما لم تتعلّمه طفلة غيرها في مكّة [1].
مظاهر من شخصية الزهراء(س)
* علمها ومعرفتها :
لم تكتفِ الزهراء فاطمة (س) بما هيّأ لها بيت الوحي من معارف وعلوم، ولم تقتصر على الاستنارة العلمية التي كانت تُهيّئها لها شموس العلم والمعرفة المحيطة بها من كلّ جانب.
لقد كانت تحاول في لقاءاتها مع أبيها المصطفى(ص) وبعلها المرتضى باب مدينة علم النبيّ أن تكتسبَ من العلوم ما استطاعت، كما كانت ترسل ولديها الحسن والحسين إلى مجلس أبيها الرسول الأعظم(ص) بشكل مستمر ثم تستنطقهما بعد العودة إليها، وهكذا كانت تحرص على طلب العلم كما كانت تحرص على تربية ولديها تربيةً فُضلى، ولقد كانت تبذل ما تكتسبه من العلوم لسائر نساء المسلمين بالرغم من كثرة واجباتها البيتية.
إنّ هذا الجهد المتواصل لها في طلب العلم ونشره قد جعلها من كبريات رواة الحديث ومن حملة السُنّة المطهرة، حتى أصبح كتابها الكبير الذي كانت تعتزّ به أشدّ الاعتزاز يُعرف باسم «مصحف فاطمة» وانتقل إلى أبنائها الأئمة المعصومين يتوارثونه كابراً عن كابر، كما سوف تلاحظه بالتفصيل في باب تراثها سلام الله عليها.
ويكفيك دليلاً على ذلك وعلى سموّ معرفتها وكمال علمها ما جادت به قريحتها من خطبتين خطيرتين[2] ألقتهما بعد وفاة أبيها رسول الله (ص) إحداهما بحضور كبار الصحابة في مسجد الرسول الأعظم(ص) والاُخرى في بيتها، وقد تضمّنتا صوراً رائعةً من عمق معارفها وأصالتها وسعة ثقافتها وقوّة منطقها وصدق نبوءاتها فيما ستنتهي إليه الاُمّة بعد انحراف مسيرة القيادة عن المسار النبوي، هذا فضلاً عن رفعة أدبها وعظيم جهادها في ذات الله وفي سبيل الحقّ تعالى.
لقد كانت الزهراء (س) من أهل بيت اتقوا الله وعلّمهم الله ـ كما صرح بذلك الذكر الحكيم ـ وهكذا فطمها الله بالعلم فسمّيت فاطمة، وانقطعت عن النظير فسمّيت بالبتول.
* مكارم أخلاقها :
كانت فاطمة (س): «كريمة الخليقة، شريفة الملكة، نبيلة النفس، جليلة الحس، سريعة الفهم، مرهفة الذهن، جزلة المروءة، غرّاء المكارم، فيّاحة نفّاحة، جريئة الصدر، رابطة الجأش، حميّة الأنف، نائية عن مذاهب العجب، لا يحدّدها ماديّ الخيلاء، ولا يثني أعطافها الزهو والكبرياء».
«لقد كانت سبطة الخليقة في سماحة وهوادة إلى رحابة صدر وسعة أناة في وقار وسكينة ورفق ورزانة وركانة ورصانة وعفة وصيانة.
عاشت قبل وفاة أبيها متهلّلة العزة وضّاحة المحيّا حسنة البشر باسمة الثغر، ولم تغرب بسمتها إلاّ منذ وفاة أبيها (ص).
كانت لا يجري لسانها بغير الحقّ ولا تنطق إلاّ بالصدق، لا تذكر أحداً بسوء، فلا غيبة ولا نميمة، ولا همز ولا لمز، تحفظ السرّ وتفي بالوعد، وتصدق النصح وتقبل العذر وتتجاوز عن الإساءة، فكثيراً ما أقالت العثرة وتلقّت الإساءة بالحلم والصفح».
«لقد كانت عزوفة عن الشرّ، ميّالة إلى الخير، أمينة، صدوقة في قولها، صادقة في نيّتها ووفائها، وكانت في الذروة العالية من العفاف، طاهرة الذيل عفيفة الطرف، لا يميل بها هواها، إذ هي من آل بيت النبيّ الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
وكانت إذا ما كلّمت إنساناً أو خطبت في الرجال يكون بينها وبينهم ستر يحجبها عنهم عفةً وصيانة.
ومن عجيب صونها أنّها استقبحت بعد الوفاة ما يصنع بالنساء من أن يطرح على المرأة الثوب فيصفها»[3] .
وكانت الزهراء (س) زاهدةً قنوعة، موقنة بأنّ الحرص يفرّق القلب ويشتّت الأمر، مستمسكة بما قاله لها أبوها: «يا فاطمة! اصبري على مرارة الدنيا لتفوزي بنعيم الأبد»[4] فكانت راضية باليسير من العيش، صابرة على شظف الحياة، قانعة بالقليل من الحلال، راضيةً مرضيّة، لا تطمح إلى ما لغيرها، ولا تستشرف ببصرها إلى ما ليس من حقّها، وما كانت تتنزّل إلى سؤال غير الله تعالى، فهي رمز لغنى النفس ، كما قال أبوها (ص): «إنّما الغنى غنى النفس»[5] .
إنّها السيّدة البتول التي انقطعت إلى الله تعالى عن دنياها وعزفت عن زخارفها وصدفت عن غرورها وعرفت آفاتها، وصبرت على أداء مسؤولياتها وهي تعاني شظف العيش ولسانها رطب بذكر مولاها.
لقد كان همّ الزهراء الآخرة، فلم تحفل بمباهج الدنيا وهي ترى إعراض أبيها (ص) عن الدنيا وما فيها من متع ولذائذ وشهوات.
وعرف عنها صبرها على البلاء وشكرها عند الرخاء ورضاها بواقع القضاء، وقد روت عن أبيها (ص): «إنّ الله إذا أحبّ عبداً ابتلاه، فإن صبر اجتباه وإن رضي اصطفاه»[6] .
* جودها وإيثارها :
وكانت على هدي أبيها في جوده وسخائه، وقد سمعته يقول: «السخي قريب من الله، قريب من الناس، قريب من الجنة، بعيد عن النار»[7] . «وأنّ الله سبحانه جواد يحبّ الجواد»[8] .
وكان الإيثار من شعار المصطفى(ص) حتى قالت بعض زوجاته: ما شبع ثلاثة أيام متوالية حتى فارق الدنيا، وكان يقول (ص) : «ولو شئنا لشبعنا ولكنّا نؤثر على أنفسنا»[9] ، وكانت الزهراء خير من يؤثر على نفسه اقتداءً بأبيها حتى عُرف عنها إيثارها بقميص عرسها ليلة زفافها(س)، وكفى بما أوردناه في سورة الدهر شاهداً على عظيم إيثارها وجميل سخائها.
وروي عن جابر بن عبدالله الأنصاري أنّه قال: صلّى بنا رسول الله (ص) صلاة العصر، فلمّا انفتل جلس في قبلته والناس حوله، فبينا هم كذلك إذ أقبل شيخ من مهاجرة العرب عليه سمل[10] قد تهلّل وأخلق، ولا يكاد يتمالك كبراً وضعفاً، فأقبل عليه رسول الله (ص) يستحثّه الخبر، فقال الشيخ: يا نبيّ الله، أنا جائع الكبد فأطعمني، وعاري الجسد فاكسني، وفقير فأرشني، فقال (ص): «ما أجد لك شيئاً، ولكنّ الدالّ على الخير كفاعله، إنطلق إلى منزل من يحبّ الله ورسوله، ويحبّه الله ورسوله، يؤثر الله على نفسه، انطلق إلى حجرة فاطمة». ـ وكان بيتها ملاصقاً لبيت رسول الله (ص) الذي ينفرد به لنفسه من أزواجه ـ وقال: «يا بلال قم فقف به على منزل فاطمة».
فانطلق الأعرابي مع بلال، فلمّا وقف على باب فاطمة; نادى بأعلى صوته: السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة، ومختلف الملائكة، ومهبط جبرئيل الروح الأمين بالتنزيل من عند ربّ العالمين، فقالت فاطمة: «عليك السلام، فمن أنت يا هذا؟» قال: شيخ من العرب أقبلتُ على أبيكِ السيّد البشير من شقّة، وأنا يا بنت محمّد عاري الجسد جائع الكبد فواسيني يرحمكِ الله.
وكان لفاطمة وعليّ ورسول الله (ص) ثلاثاً ما طعموا فيها طعاماً، وقد علم رسول الله(ص) ذلك من شأنهما، فعمدت فاطمة إلى جلد كبش مدبوغ بالقرظ كان ينام عليه الحسن والحسين(ع)، فقالت: «خذ أيّها الطارق، فعسى الله أن يختار لك ما هو خير فيه»، قال الأعرابي: يا بنت محمّد، شكوت إليك الجوع فناولتني جلد كبش ما أصنع به مع ما أجد من السغب؟
قال: فعمدت ـ لمّا سمعت هذا من قوله ـ إلى عقد كان في عنقها أهدته لها فاطمة بنت عمّها حمزة بن عبد المطلب، فقطعته من عنقها ونبذته الى الأعرابي وقالت: «خذ وبعه، فعسى الله أن يعوّضك به ما هو خير منه».
فأخذ الأعرابي العقد وانطلق إلى مسجد رسول الله (ص) والنبيّ جالس في أصحابه فقال: يا رسول الله، أعطتني فاطمة هذا العقد، فقالت: « بعه ».
قال فبكى رسول الله (ص) وقال: «كيف لا يعوّضك به ما هو خير منه ؟! وقد أعطتك فاطمة (س) بنت محمّد سيّدة بنات آدم».
فقام عمار بن ياسر رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، أتأذن لي بشراء هذا العقد؟ قال: «اشتره يا عمار، فلو اشترك فيه الثقلان ما عذّبهم الله بالنار»، فقال عمار: بكم العقد يا أعرابي؟ قال: بشبعة من الخبز واللحم وبردة يمانية أستر بها عورتي واُصلّي بها لربّي ودينار يبلّغني أهلي ..
وكان عمار قد باع سهمه الذي نفله رسول الله(ص) من خيبر ولم يبق منه شيئاً، فقال: لك عشرون ديناراً ومئتا درهم هجرية وبردة يمانية وراحلتي تبلغك أهلك، وشبعك من خبز البرّ واللحم.
فقال الأعرابي: ما أسخاك بالمال يا رجل! وانطلق به عمّار فوفّاه فأضمن له، وعاد الأعرابي إلى رسول الله (ص) فقال له رسول الله (ص): «أشبعت واكتسيت ؟» قال الأعرابي: نعم، واستغنيت بأبي أنت واُمي قال: «فأجز فاطمة بصنيعها» فقال الأعرابي: اللهمّ إنّك إله ما استحدثناك ولا إله لنا نعبده سواك، وأنت رازقنا على كلّ الجهات، اللهمّ أعطِ فاطمة ما لا عين رأت ولا اُذن سمعت.
فأمّن النبيّ على دعائه وأقبل على أصحابه، فقال: «إنّ الله قد أعطى فاطمة في الدنيا ذلك، أنا أبوها ولا أحد من العالمين مثلي، وعليّ بعلها ولولا عليّ; لما كان لفاطمة كفؤ أبداً، وأعطاها الحسن والحسين وما للعالمين مثلهما سيدا شباب أسباط الأنبياء وسيدا شباب أهل الجنة».
وكان بإزائه مقداد وعمار وسلمان. فقال: « وأزيدكم ؟ »، قالوا: نعم يا رسول الله، قال (ص): «أتاني الروح ـ يعني جبرئيل ـ أنّها إذا هي قُبضت ودفنت يسألها الملكان في قبرها: من ربّك؟ فتقول: الله ربّي، فيقولان فمن نبيّك؟ فتقول: أبي، فمن وليّكِ؟ فتقول: هذا القائم على شفير قبري ألا وأزيدكم من فضلها؟ إنّ الله قد وكّل بها رعيلاً من الملائكة يحفظونها من بين يديها ومن خلفها وعن يمينها وعن شمالها، وهم معها في حياتها وعند قبرها وعند موتها، يكثرون الصلاة عليها وعلى أبيها وعلى بعلها وبنيها، فمن زارني بعد وفاتي فكأنّما زارني في حياتي، ومن زار فاطمة فكأنّما زارني، ومن زار عليّ بن أبي طالب فكأنّما زار فاطمة، ومن زار الحسن والحسين فكأنّما زار عليّاً، ومن زار ذريّتهما فكأنّما زارهما».
فعمد عمار إلى العقد فطيّبه بالمسك، ولفّه في بردة يمانية، وكان له عبد اسمه سهم ابتاعه من ذلك السهم الذي أصابه بخيبر، فدفع العقد إلى المملوك وقال له: خذ هذا العقد وادفعه لرسول الله وأنت له، فأخذ المملوك العقد فأتى به رسول الله (ص) فأخبره بقول عمار، فقال النبيّ (ص): «انطلق الى فاطمة فادفع إليها العقد وأنت لها»، فجاء المملوك بالعقد وأخبرها بقول رسول الله (ص) فأخذت فاطمة(س) العقد وأعتقت المملوك فضحك الغلام، فقالت: «ما يضحكك يا غلام؟»، قال: أضحكني عظم بركة هذا العقد، أشبع جائعاً وكسى عرياناً وأغنى فقيراً وأعتق عبداً ورجع إلى ربّه[11] .
* إيمانها وتعبّدها لله :
الإيمان بالله قيمة الإنسان الكامل، والتعبّد لله سُلّم الوصول إلى قمم الكمال ، وقد حاز الأنبياء والأولياء على مقاعد الصدق في دار الكرامة بما اشتملوا عليه من درجات الإيمان وبما اجتهدوا في الدنيا وأخلصوا فيه من العبادة لله سبحانه .
وقد شهد القرآن الكريم ـ كما لاحظنا في سورة الدهر ـ على كمال إخلاصها وخشيتها لله سبحانه وعظيم إيمانها به وباليوم الآخر، وشهد الرسول (ص) لها قائلاً : « إنّ ابنتي فاطمة ملأ الله قلبها وجوارحها إيماناً إلى مشاشها[12] ففرغت لطاعة الله»[13] وأخبر عن عبادتها « أنّها متى قامت في محرابها بين يدي ربّها جلّ جلاله زهر نورها لملائكة السماء كما يزهر نور الكواكب لأهل الأرض. ويقول الله عزّوجل لملائكته : يا ملائكتي انظروا إلى أَمتي فاطمة سيّدة إمائي قائمة بين يديّ ترتعد فرائصها من خيفتي وقد أقبلت بقلبها على عبادتي ، أُشهدكم أنّي قد أمّنت شيعتها من النار»[14] .
وقال الحسن بن عليّ(ع): «رأيت اُمي فاطمة (س) قامت في محرابها ليلة جمعتها فلم تزل راكعةً ساجدةً حتى إتّضح عمود الصبح، وسمعتها تدعو للمؤمنين والمؤمنات وتسمّيهم وتكثر الدعاء لهم، ولا تدعو لنفسها بشيء ، فقلت لها : يا اُمّاه! لمَ لا تدعينَ لنفسكِ كما تدعين لغيرك ؟ فقالت : يا بُنيّ الجار ثم الدار»[15] .
وكانت تخصّص الساعات الأخيرة من نهار الجمعة للدعاء ، كما كانت لا تنام الليل في العشر الأخير من شهر رمضان المبارك وكانت تحرّض جميع من في بيتها بإحياء الليل بالعبادة والدعاء .
وقال الحسن البصري : ما كان في هذه الاُمّة أعبد من فاطمة ، كانت تقوم حتى تورّمت قدماها[16] . وكانت تنهج في صلاتها من خوف الله تعالى [17] .
وهل خرجت فاطمة في حياتها كلّها عن المحراب ؟ وهل كانت حياتها كلّها إلاّ السجود الدائم ؟ فهي في البيت تعبد الله في حسن التبعّل وفي تربية أولادها، وهي في قيامها بالخدمات العامة كانت تطيع الله وتعبده أيضاً، كما أنّها في مواساتها للفقراء كانت تقوم بعبادة الله بنفسها وبأهل بيتها مؤثرة على نفسها.
* حنُوّها وشفقتها :
«لمست الزهراء(س) من أبيها المصطفى سيّد الأنبياء(ص) حبّه ومودّته وحنوّه وشفقته فكانت نعم البرّة به، أخلصت له في حبّها وولائها وحنوّها ووفائها له ، فآثرته على نفسها ، وكانت تتولّى تدبير بيت أبيها البارّ بها وتقوم بإدارته ، فتنجز ما يصلحه وتبعث فيه الهدوء والراحة له ، وكانت تسارع إلى كلّ ما يرضي أباها رسول الله(ص)، تسكب له الماء ليغتسل وتهيّئ له طعامه وتغسل ثيابه ، فضلاً عن اشتراكها مع النساء في الغزو لحمل الطعام والشراب وسقاية الجرحى ومداواتهم، وفي غزوة اُحد هي التي داوت جراح أبيها حينما رأت أنّ الدم لا ينقطع، فأخذت قطعة حصير فأحرقته حتى صار رماداً ثم ذرّته على الجرح فاستمسك الدم[18] .. وجاءته في حفر الخندق بكسرة من خبز فرفعتها إليه فقال: ما هذه يا فاطمة ؟ قالت : من قرص اختبزته لابنيّ جئتك منه بهذه الكسرة ، فقال: «يا بُنيّة: أما إنّها لأوّل طعام دخل فم أبيك منذ ثلاثة أيّام »[20][19] .
وقد استطاعت الزهراء أن تسدّ الفراغ العاطفي الذي كان يعيشه الرسول(ص) بعد أن فقد أبويه في أوّل حياته وفقد زوجته الكريمة خديجة الكبرى في أقسى ظروف الدعوة والجهاد في سبيل الله .
إنّ مواقف الاُمومة التي صدرت عن الزهراء بالنسبة لأبيها وحدّثنا التاريخ عن نتف منها تؤكّد نجاح فاطمة في هذه المحاولة التي أعادت إلى النبيّ ـ الذي كان قد فقد أعزّته ـ المصدر العاطفي الذي ساعده دون شك في تحمّل الأعباء الرسالية الكبرى ، ومن هنا قد نفهم السرّفي ما تكرّر على لسانه (ص) من قول: « فاطمة اُم أبيها»[21] .
لقد كان يعاملها معاملة الاُم فيقبّل يدها ، ويبدأ بزيارتها عند عودته إلى المدينة ، كما يودّعها وينطلق من عندها في كلّ رحلاته وغزواته. كان يتزوّد من هذا المنبع الصافي عاطفةً لسفره ورحلته ، كما نلاحظ في سيرته كثرة دخوله عليها في حالات تعبه وآلامه، أو حال جوعه، أو حال دخول ضيف عليه ، ثم تقابله فاطمة البتول (س) كما تقابل الاُم ولدها فترعاه وتحتضنه وتخفّف آلامه كما كانت تخدمه وتطيعه .
* جهادها المتواصل :
لقد ولدت فاطمة في حدّة الصراع بين الإسلام والجاهلية، وفتحت عينيها والمسلمون في ضراوة الجهاد مع الوثنية الجائرة، وقد فرضت قريش الحصار على رسول الله (ص) وبني هاشم جميعاً، فدخل الرسول مع زوجته المجاهدة وابنته الطاهرة الشِعب، وحاصرتهم ثلاث سنين وأذاقتهم فيها ألوان الحرمان، وهكذا عايشت الزهراء هذا الحصار القاسي وذاقت في طفولتها مرارة الحرمان وشظف العيش دفاعاً عن الحقّ وتضحيةً من أجل المبدأ .
ومرّت سنون الحصار صعبةً ثقيلةً، وخرج رسول الله منها منتصراً، وشاء الله أن يختار خديجة لجواره في ذلك العام ويتوفى أبا طالب عمّ الرسول وحامي الدعوة وناصر الإسلام، ويأخذ الحزن والأسى من قلب الرسول(ص) مأخذه بعد أن فقد أحبّ الناس إلى قلبه وأعزّهم عليه .
وهكذا رزئت فاطمة وهي لم تشبع بعد من حنان الاُمومة ، وشاطرت أباها المأساة والألم بالرغم من أنّها قد فقدت مصدر الحنان الثر. ولقد صبّت قريش كلّ حقدها وأذاها على الرسول بعد وفاة عمّه وحاميه والزهراء ترى باُمّ عينيها ما يقوم به سفهاء قريش وطغاتهم من انتقاص الرسول وإيذائه وهو يريد إخراجهم من الظلمات إلى النور ، وكان الرسول يحاول أن يخفّف عنها عبء الألم ويحثّها على التجلّد قائلاً : «لا تبكي يا بنيّة ، فإنّ الله مانع أباك وناصره على أعداء دينه ورسالته»[22] ، وهكذا كان يزرع الرسول(ص) في نفس ابنته روحاً جهاديةً عاليةً ويملأ قلبها بالصبر والثقة بالنصر .
وهاجرت الزهراء بعد هجرة أبيها إلى المدينة في جوّ مكّة المرعب مع ابن عمّها عليّ بن أبي طالب الذي كان مستهيناً بكبرياء قريش وغرورها، ليلتحق بالرسول الأعظم (ص) في «قباء» بعد أن تورّمت قدماه من مواصلة السير على قدميه .
وانتقلت الزهراء إلى بيت زوجها المتواضع في المدينة بعد أن أرسى أبوها خاتم النبيّين دعائم دولته المباركة ، وشاركته في جهاده صابرةً على قساوة الحياة ومصاعب الجهاد في سبيل الله، وهي تحاول أن تقدّم صورة الحياة العائلية الفريدة ، ولعبت الزهراء دوراً بارزاً وشاقاً في نصرة الحقّ والدفاع عن وصيّة الرسول الأعظم (ص) حينما وقفت موقفاً لا مثيل له إلى جانب الوصيّ المرتضى عليّ بن أبي طالب(ع) في أحرج أيّام حياته مؤكّدةً أنّ الجبهة الداخلية في حياة عليّ صامدة لا تشعر بالضعف، ولكنها تترك تقدير الظروف وانتخاب الموقف لقائدها وزوجها الإمام المفترَض الطاعة فهو الذي، يقرّر ويصمّم ويأمر فيطاع .
لقد كانت الزهراء تأتي قبور الشهداء كلّ غداة سبت وتترحم عليهم وتستغفر لهم، وهذه البداية لأعمال الاُسبوع تفصح عن مدى تقدير فاطمة للجهاد وللشهادة، وتعبّر بوضوح عن حياتها العمليّة التي تبدأ بالجهاد وتستند على الجهاد والتضحية إلى درجة الاستشهاد [23] .
* الساعات الأخيرة قبل الرحيل :
كانت السيّدة فاطمة الزهراء (س) في ذلك اليوم الذي توفيت فيه طريحة الفراش، وقد أخذ منها المرض مأخذه، ولم يسمع لها سوى الأنين والحنين لأبيها، لقد رأت أَباها في المنام وهو يقول لها : «هلمّي إليّ يا بُنَيَّة فإنّي إليك مشُتاقٌ ثمّ قال لها : أنتِ الليلةَ عندي»[24] .
انتبهت من غفوتها واستعدّت للرحيل إلى الآخرة ، فقد سمعت من أبيها الصادق المصدَّق الذي قال : «من رآني فقد رآني»[25] . سمعت منه نبأ ارتحالها فلا مجال للشكّ والتردّد في صدق الخبر .
فتحت عينها واستعادت نشاطها ولعلّها كانت في صحوة الموت وقامت لاتّخاذ التدابير اللازمة ، واغتنمت تلك السويعات الأخيرة من حياتها، أقبلت الزهراء تزحف أو تمشي متّكئة على الجدار نحو الموضع الذي فيه الماء من بيتها، وشرعت تغسل ثياب أطفالها بيديها المرتعشتين، ثم دعت أطفالها وطفقت تغسل رؤوسهم، ودخل الإمام عليّ (ع) البيت وإذا به يرى عزيزته قد غادرت فراش العلّة وهي تمارس أعمالها المنزلية .
رقّ لها قلب الإمام حين نظر إليها وقد عادت إلى أعمالها التي كانت قد اعتادت على بذل الجُهد فيها أيّام صحّتها، فلا عجب إذا سألها عن سبب قيامها بتلك الأعمال المجهِدة بالرغم من انحراف صحّتها، وإذا بها تجيبه بكلّ صراحة بأنّ: هذا اليوم هو آخر يوم من أيام حياتي، قمت لأغسل أطفالي وثيابهم لأنّهم سيصبحون يتامى بلا اُمّ، سألها الإمام عن مصدر هذا النبأ فأخبرته بالرؤيا ، فهي بذلك قد نعت نفسها إلى زوجها بما لا يقبل الشك .
* وصيّة الزهراء (س) للإمام عليّ (ع) :
وفي الساعات الأخيرة من حياتها حان لها أن تكاشف زوجها بما أضمرته في صدرها طيلة هذه المدّة من الوصايا التي يجب تنفيذها.
فقالت لعليّ(ع): « يابن عمّ إنّه قد نُعيت إليَّ نفسي وإنّني لا أرى ما بي إلاّ أننّي لاحقة بأبي ساعة بعد ساعة ، وأنا اُوصيك بأشياء في قلبي» .
قال لها عليّ (ع) : «أوصيني بما أحببت يا بنت رسول الله(ص) » . فجلس عند رأسها ، وأخرج مَن كان في البيت .
ثم قالت : « يابن عمّ ما عهدتني كاذبة ولا خائنة ولا خالفتك منذ عاشرتني » .
فقال عليّ (ع) : « معاذ الله أنتِ أعلم بالله ، وأبرّ وأتقى وأكرم وأشدّ خوفاً من الله من أن أُوبّخكِ بمخالفتي وقد عزّ عليَّ مفارقتكِ وفقدكِ إلاّ أنّه أمر لا بدّ منه، والله لقد جدّدتِ عليَّ مصيبة رسول الله(ص) وقد عَظُمَتْ وفاتُكِ وفَقدُكِ فإنّا لله وإنّا إليه راجعون من مصيبة ما أفجعها وآلمها وأمضّها وأحزنها!! هذه مصيبة لا عزاء عنها، ورزية لا خلف لها ».
ثم بكيا جميعاً ساعة ، وأخذ الإمام رأسها وضمّها إلى صدره ثم قال : « أوصيني بما شئت فإنّكِ تجديني وفياً أمضي كلّما أمرتني به ، وأختار أمركِ على أمري». فقالت (س) : «جزاكَ الله عنّي خير الجزاء، يابن عمّ اُوصيك أوّلاً أن تتزوّج بعدي . . . . فإنّ الرجال لا بدّ لهم من النساء»، ثم قالت (س) : «اُوصيك أن لا يشهد أحد جنازتي من هؤلاء الذين ظلموني فإنّهم عدوّي وعدوّ رسول الله ، ولا تترك أن يصلّي عليَّ أحد منهم ولا من أتباعهم ، وادفّني في الليل إذا هدأت العيون ونامت الأبصار»[26] .
ثم قالت (س) : «يابن العمّ إذا قضيتُ نحبي فاغسلني ولا تكشف عنّي، فإنّي طاهرة مطهَّرة، وحنّطني بفاضل حنوط أبي رسول الله (ص)، وصَلِّ عليَّ، وليصلِّ معك الأَدنى فالأَدنى من أهل بيتي، وادفنّي ليلاً لا نهاراً، وسرّاً لا جهاراً ، وعفَّ موضع قبري، ولا تُشهِد جنازتي أحداً ممّن ظلمني ، يابن العمّ أنا أعلم أنّك لا تقدر على عدم التزويج من بعدي فإن أنت تزوّجت امرأة اجعل لها يوماً وليلةً ، واجعل لأولادي يوماً وليلةً ، يا أبا الحسن ! ولا تَصِح في وجوههما فيصبحا يتيمين غريبين منكسرين ، فإنّهما بالأمس فقدا جدّهما واليوم يفقدان اُمّهما»[27] .
وروى ابن عباس وصيّة مكتوبة لها جاء فيها :
«هذا ما أوصت به فاطمة بنت رسول الله (ص) أوصت وهي تشهد أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمّداً عبده ورسوله ، وأَنّ الجنّة حقّ ، والنار حقّ ، وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها ، وأَنّ الله يبعث من في القبور. يا عليّ أنا فاطمة بنت محمّد ، زوّجني الله منك لأكون لك في الدنيا والآخرة ، أنت أولى بي من غيري ، حنّطني وغسّلني وكفّني بالليل، وصلِّ عليَّ وادفنّي بالليل، ولا تُعلم أحداً ، وأستودعك الله، وأقرأ على ولديّ السلام إلى يوم القيامة»[28] .
* أوّل نعش أُحدث في الإسلام :
روي عن أسماء بنت عميس أنّ فاطمة الزهراء (س) قالت لأسماء : إنّي قد استقبحت ما يصنع بالنساء، إنّه يطرح على المرأة الثوب فيصفها لمن رأى، فقالت أسماء : يا بنت رسول الله أنا اُريك شيئاً رأيته بأرض الحبشة، فدعت بجريدة رطبة فحسنتها ، ثم طرحت عليها ثوباً ، فقالت فاطمة (س) : «ما أحسن هذا وأجمله ، لا تعرف به المرأة من الرجل»[29] .
وعن أبي عبدالله الصادق (ع) : «أوّل نعش اُحدث في الإسلام نعش فاطمة ، إنّها اشتكت شكاتها التي قبضت فيها، وقالت لأسماء : إنّي نحلت فذهب لحمي ، ألا تجعلين لي شيئاً يسترني ؟ فقالت أسماء : إنّي إذ كنت بأرض الحبشة رأيتهم يصنعون شيئاً أفلا أصنع لك مثله ؟ فإن أعجبك صنعت لك، قالت (س) : نعم ، فدعت بسرير ، فأكبته لوجهه ، ثم دعت بجرائد ـ نخل ـ فشدّدته على قوائمه، ثم جلّلته ثوباً فقالت أسماء: هكذا رأيتهم يصنعون ، فقالت (س) : اصنعي لي مثله ، اُستريني سترك الله من النار»[30] .
* لحظات عمرها الأخيرة :
انتقلت السيّدة فاطمة الزهراء (س) إلى فراشها، واضطجعت فيه وهي مستقبلة القبلة .
وقيل : إنّها أرسلت بنتيها زينب واُمّ كلثوم إلى بيوت بعض الهاشميات لئلاّ تشهدا موت اُمّهما ، كلّ ذلك من باب الشفقة والرأفة والتحفّظ عليهما من صدمة مشاهدة المصيبة .
وكان الإمام عليّ والحسن والحسين(ع) خارج البيت في تلك الساعة ولعلّ خروجهم كان للسبب نفسه أو لسبب آخر.
وحين حانت ساعة الاحتضار وانكشف الغطاء فتحت السيّدة فاطمة (س) عينيها ثم قالت : «السلام على جبرئيل، السلام على رسول الله، اللهمّ مع رسولك، اللهمّ في رضوانك وجوارك ودارك دار السلام، ثم قالت : هذه مواكب أهل السماوات وهذا جبرئيل وهذا رسول الله يقول : يا بنية أَقدمي فما أمامكِ خيرٌ لك». ثم قالت : «وعليك السلام يا قابض الأرواح عجّل بي ولا تعذّبني» ثم قالت : «إليك ربّي لا إلى النار» ثم غمضت عينيها ومدّت يديها ورجليها .
وجاء عن أسماء أنّ فاطمة الزهراء (س) لمّا حضرتها الوفاة قالت لأسماء : «إنّ جبرئيل أتى النبيّ ـ لما حضرته الوفاة ـ بكافور من الجنّة فقسّمه أثلاثاً، ثلثاً لنفسه، وثلثاً لعليّ، وثلثاً لي، وكان أربعين درهماً فقالت : يا أسماء ائتني ببقية حنوط والدي من موضع كذا وكذا، وضعيه عند رأسي ، فوضعته ثم قالت لأسماء ـ حين توضّأت وضوءها للصلاة ـ : هاتي طيبي الذي أتطيّب به ، وهاتي ثيابي التي اُصلي فيها فتوضأت» ثم تسجَّت بثوبها ثم قالت : «انتظريني هنيئةً وادعيني فإن أجبتك وإلاّ فاعلمي أنّي قدمت على أبي فأرسلي إلى عليّ».
فنادتها أسماء فلم تجبها ، فكشفت الثوب عن وجهها فإذا بها قد فارقت الحياة، فوقعت عليها تقبّلها وهي تقول : يا فاطمة إذا قدمت على أبيك رسول الله(ص) فاقرئيه عن أسماء بنت عميس السلام ، ودخل الحسن والحسين فوجدا اُمّهما مسجّاة فقالا : يا أسماء ما ينيم اُمّنا في هذه الساعة ؟ قالت : يا ابنَيْ رسول الله ليست اُمّكما نائمة ، لقد فارقت الدنيا .
فألقى الحسن(ع) نفسه عليها يقبّلها مرةً ويقول : «يا اُمّاه كلّميني قبل أن تفارق روحي بدني»، وأقبل الحسين(ع) يقبّل رجلها ويقول : «أنا ابنك الحسين كلّميني قبل أن يتصدّع قلبي فأموت» .
فقالت لهما أسماء : يا ابنَيْ رسول الله ، إنطلقا إلى أبيكما عليّ فأخبراه بموت اُمّكما ، فخرجا حتى إذا كانا قرب المسجد رفعا أصواتهما بالبكاء فابتدر إليهما جمع من الصحابة وسألوهما عن سبب بكائهما فقالا : «قد ماتت اُمّنا فاطمة (س)» . فوقع الإمام عليّ (ع) على وجهه يقول : «بمن العزاء يابنت محمّد»[31] ؟
* مراسم التشييع والدفن :
وارتفعت أصوات البكاء من بيت عليّ (ع) فارتجّت المدينة بالبكاء من الرجال والنساء، ودهش الناس كيوم قبض فيه رسول الله (ص) ، واجتمعت نساء بني هاشم في دار فاطمة (س) فصرخن وبكين ، وأقبل الناس إلى عليّ (ع) وهو جالس والحسن والحسين بين يديه يبكيان ، وخرجت اُمّ كلثوم وهي تقول : يا أبتاه يا رسول الله! الآن حقاً فقدناك فقداً لا لقاء بعده أبداً.
واجتمع الناس فجلسوا وهم يضجّون ، وينتظرون خروج الجنازة ليصلّوا عليها ، وخرج أبو ذر وقال : انصرفوا فإنّ ابنة رسول الله قد اُخّر إخراجها في العشية[32] .
وأقبل أبو بكر وعمر يعزّيان علياً (ع) ويقولان له : يا أبا الحسن لا تسبقنا بالصلاة على ابنة رسول الله (ص)[33] .
وهكذا تفرّق الناس ، وهم يظنّون أنّ الجنازة تشيّع صباح غد. وروي أنّ وفاتها كانت بعد صلاة العصر أو أوائل الليل .
ولكنّ الإمام عليّاً (ع) غسّلها وكفّنها هو وأسماء في تلك الليلة، ثم نادى: يا حسن يا حسين يا زينب يا اُمّ كلثوم هلمّوا فتزوّدوا من اُمّكم فهذا الفراق واللقاء الجنّة ، وبعد قليل نحّاهم أمير المؤمنين (ع) عنها[34] .
ثم صلّى عليٌّ على الجنازة ورفع يديه إلى السماء فنادى « اللهمّ هذه بنت نبيّك فاطمة أخرجتها من الظلمات إلى النور ، فأضاءت ميلاً في ميل »[35] .
فلمّا هدأت الأصوات ونامت العيون ومضى شطر من الليل تقدّم أمير المؤمنين والعباس والفضل بن العباس ورابع يحملون ذلك الجسد النحيف، وشيّعها الحسن والحسين وعقيل وسلمان وأبوذر والمقداد وبريدة وعمار [36].
ونزل عليّ (ع) إلى القبر ، واستلم جسد بضعة رسول الله (ص) وأضجعها في لحدها وقال : « يا أرض أستودعك وديعتي ، هذه بنت رسول الله ، بسم الله الرحمن الرحيم، بسم الله وبالله وعلى ملّة رسول الله محمّد بن عبدالله (ص)، سلّمتكِ أيتها الصدّيقة إلى من هو أولى بكِ منّي ، ورضيت لكِ بما رضي الله تعالى لكِ » ، ثم قرأ مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى[37] ، ثم خرج من القبر ، وتقدّم الحاضرون وأهالوا التراب على تلك الدرّة النبويّة، وسوّى عليّ (ع)[38] قبرها.
* تأبين الإمام عليّ (ع) للزهراء (س) :
انتهت مراسم الدفن بسرعة خوفاً من انكشاف أمرهم وهجوم القوم عليهم ، فلمّا نفض الإمام يده من تراب القبر هاج به الحزن لفقد بضعة الرسول وزوجته الودود التي عاشت معه عيشة الصفاء والطهارة والتضحية والإيثار، وتحمّلت من أجله الأهوال والصعاب ، فأرسل دموعه على خدّيه ، وحوّل وجهه إلى قبر رسول الله(ص) ثم قال:
«السلام عليك يا رسول الله عنّي ، والسلام عليك عن ابنتك وحبيبتك وقرّة عينك وزائرتك والبائتة في الثرى ببقعتك ، والمختار الله لها سرعة اللحاق بك ، قلَّ يا رسول الله عن صفيتك صبري، وعفى عن سيدة نساء العالمين تجلّدي، إلاّ أنّ في التأسي لي بسنَّتك في فرقتك موضع تعزي، فلقد وسّدتُك في ملحودة قبرك بعد أن فاضت نفسك بين نحري وصدري ، وغمضتك بيدي ، وتوليت أمرك بنفسي .
بلى ، وفي كتاب الله لي أنعم القبول، إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، قد استرجعت الوديعة ، وأخذت الرهينة، واختلست الزهراء، فما أقبح الخضراء والغبراء يا رسول الله!
أمّا حزني فسرمد ، وأمّا ليلي فمسهّد ، لا يبرح الحزن من قلبي، أو يختار الله دارك التي أنت فيها مقيم ، كَمَدٌ مقيّح ، وهم مهيّج ، سرعان ما فرّق الله بيننا وإلى الله أشكو ، وستنبّئك ابنتك بتضافر اُمّتك عليَّ ، وعلى هضمها حقّها فأحفها السؤال، واستخبرها الحال، فكم من غليل معتلج بصدرها لم تجد إلى بثه سبيلاً ، وستقول ويحكم الله وهو خير الحاكمين، والسلام عليكما يا رسول الله سلام مودّع لاسئم ولا قال، فإن أَنصرف فلا عن ملالة ، وإن أُقم فلا عن سوء ظنّ بما وعد الله الصابرين، والصبر أَيمن وأجمل .
ولو لا غلبة المستولين علينا لجعلتُ المقام عند قبرك لزاماً، والتلبّث عنده عكوفاً ، ولأعولتُ إعوال الثكلى على جليل الرزية ، فبعين الله تُدفَن ابنتك سرّاً ، ويُهتضم حقّها قهراً، ويُمنع إرثها جهراً ولم يطل منك العهد ، ولم يخلق منك الذكر، فإلى الله ـ يا رسول الله ـ المشتكى ، وفيك ـ يا رسول الله ـ أجمل العزاء ، فصلوات الله عليها وعليك ورحمة الله وبركاته»[39] .
* تاريخ شهادتها (س) :
لا شك أنّ وفاة الزهراء (س) كانت في السنة الحادية عشرة من الهجرة ، لأنّ النبيّ (ص) حجّ حجّة الوداع في السنة العاشرة ، وتوفّي في أوائل السنة الحادية عشرة ، واتّفق المؤرّخون على أنّ السيّدة فاطمة (س) قد عاشت بعد أبيها أقلّ من سنة ، علماً بأنّها كانت في ريعان شبابها كما كانت في أتمّ الصحة في حياة أبيها ، نعم اختلفوا في يوم وشهر وفاتها اختلافاً شديداً .
فقد روي أنّها عاشت بعد النبيّ (ص) ستة أشهر . وقيل : خمسة وتسعين يوماً . وقيل: خمسة وسبعين يوماً أو أقلّ من ذلك[40] .
فعن الإمام الصادق (ع) : «أنها قبضت في جمادى الآخرة يوم الثلاثاء لثلاث خلون منه ، سنة إحدى عشرة من الهجرة»[41] .
وعن الإمام الباقر (ع) : « وتوفّيت ولها ثماني عشرة سنة وخمسة وسبعون يوماً»[42] .
وعن جابر بن عبدالله الأنصاري : وقبض النبيّ ولها يومئذ ثماني عشرة سنة وسبعة أشهر[43] .
قال أبو الفرج الإصفهاني : وكانت وفاة فاطمة الزهراء (س) بعد وفاة النبيّ (ص) بمدّة يختلف في مبلغها، فالمكثر يقول ستة أشهر ، والمقلّ يقول أربعين يوماً ، إلاّ أنّ الثابت في ذلك ما روي عن الإمام الباقر (ع) أنّها توفيت بعد النبيّ بثلاثة أشهر[44] .
وهكذا انتهت حياتها الزاخرة بالفضائل والمناقب والمواقف المبدئية المشرّفة ، فالسلام عليها يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيةً ورحمة الله وبركاته .
* مصحـف فاطمة (س) :
لقد كانت الزهراء ربيبة العلم والتقى وكان حظّها منهما وفيراً ، ويدلّنا على شيء من ذلك بعض ما اُثر عنها من الأحاديث التي روتها عن رسول الله(ص) بالمباشرة في الأحكام والآداب والأخلاق وفضائل أهل البيت(ع) وقد جُمع في ما سُميّ بــ « مسند فاطمة الزهراء » لعدّة مؤلفين، أولهم السيوطي المتوفّى عام 911 هـ ، والثّاني للسيّد حسين شيخ الإسلامي التويسركاني، وقد جمع فيه 260 حديثاً مما نُقل عن الزهراء عن رسول الله(ص)، أو ممّا يرتبط بها صلوات الله عليها مع رسول الله (ص) ، والثّالث للشيخ عزيز الله العطاردي، والرّابع للشيخ أحمد الرحماني الهمداني، حيث جمع في كتابه «فاطمة الزهراء بهجة قلب المصطفى» حوالي 84 حديثاً ممّا نُقل عنها في كتب الخاصة والعامة .
ومن هنا نعود إلى ما كتبه السيّد هاشم معروف الحسني عن مصحف فاطمة الذي تشير الروايات إليه وتفصح مرويّاتها عن سعة علومها وفضلها عند الله وعند رسوله وأهل بيته، قال رضوان الله عليه : « فليس بغريب ـ والحال هذه ـ أن تكون السيّدة فاطمة (س) قد جمعت قسماً ممّا سمعته منه ومن زوجها في التشريع والأخلاق والآداب وما سيحدث في مستقبل الزمان من الأحداث والتقلبات ، وقد ورث الأئمة من أبنائها في جملة ما ورثوه عنها هذا الكتاب واحداً بعد واحد »[45] .
نماذج مختارة من مسند فاطمة (س)
* اهتمامها بالعلم وتدوين السنة :
1 ـ قال أبو محمّد العسكريّ (ع) : حضرت امرأة عند الصدّيقة فاطمة الزهراء(س) فقالت : إنّ لي والدة ضعيفة وقد لبس عليها في أمر صلاتها شيء، وقد بعثتني إليكِ أسألكِ ، فأجابتها فاطمة (س) عن ذلك فثنَّت فأجابت ، ثمّ ثلَّثت إلى أن عشّرت ، فأجابت ، ثمّ خجلت من الكثرة فقالت لا أشقّ عليك يا ابنة رسول الله، قالت فاطمة : هاتي وسلي عمّا بدا لك ، أرأيت من اكترى يوماً يصعد إلى سطح بحمل ثقيل وكراه مائة ألف دينار ، أيثقل عليه ؟ فقالت : لا ، فقالت : اكتريت أنا لكلّ مسألة بأكثر من مِلء ما بين الثرى إلى العرش لؤلؤاً ، فأحرى أن لا يثقل عليَّ ، سمعت أبي(ص) يقول :
«إنّ علماء شيعتنا يحشرون فيخلع عليهم من خلع الكرامات على قدر كثرة علومهم وجدّهم في إرشاد عباد الله حتّى يخلع على الواحد منهم ألف ألف حلَّة من نور، ثمّ ينادي منادي ربّنا عزّوجلّ : أيُّها الكافلون لأيتام آل محمّد (ص) الناعشون لهم عند انقطاعهم عن آبائهم الّذين هم أئمَّتهم ، هؤلاء تلامذتكم والأيتام الّذين كفلتموهم ونعشتموهم ، فاخلعوا عليهم خلع العلوم في الدنيا ، فيخلعون على كلّ واحد من اُولئك الأيتام على قدر ما أخذوا عنهم من العلوم حتّى إنّ فيهم ـ يعني في الأيتام ـ من يخلع عليه مائة ألف خلعة ، وكذلك يخلع هؤلاء الأيتام على من تعلّم منهم ، ثمّ إنّ الله تعالى يقول : أعيدوا على هؤلاء العلماء الكافلين للأيتام حتّى تتمّوا لهم خلعهم وتضعّفوها لهم ، فيتمّ لهم ما كان لهم قبل أن يخلعوا عليهم ، ويضاعف لهم ، وكذلك يخلع هؤلاء الأيتام على من تعلّم منهم، ثمّ إنّ الله تعالى يقول: أعيدوا على هؤلاء العلماء الكافلين للأيتام حتّى تتمّوا لهم خلعهم وتضعّفوها لهم، فيتمّ لهم ما كان لهم قبل أن يخلعوا عليهم ، ويضاعف لهم ، وكذلك من يليهم ممّن خلع على من يليهم».
وقالت فاطمة (س) : «يا أمة الله إنّ سلكة من تلك الخلع لأفضل ممّا طلعت عليه الشمس ألف ألف مرّة وما فضل فإنّه مشوب بالتنغيص والكدر»[46] .
2 ـ عن ابن مسعود قال : جاء رجل إلى فاطمة (س) فقال : يا ابنة رسول الله هل ترك رسول الله عندك شيئاً تطرفينيه ؟ فقالت : « يا جارية هات تلك الحريرة»، فطلبَتْها فلم تجدها، فقالت : «ويحكِ اُطلبيها فإنّها تعدل عندي حسناً وحسيناً»، فطلبتها فإذا هي قد قممتها في قمامتها[47] ، فإذا فيها : قال محمّد النبيُّ: «ليس من المؤمنين من لم يأمن جاره بوائقه، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيراً أو يسكت ، إنّ الله يحبُّ الخيّر الحليم المتعفّف ، ويبغض الفاحش الضنين السئّال الملحف ، إنَّ الحياء من الإيمان ، والإيمان في الجنّة ، وإنَّ الفحش من البذاء ، والبذاء في النار»[48] .
* التعريف بأهل البيت(ع) :
ـ وعنها سلام الله عليها أنَّ رسول الله(ص) قال لها : «أما ترضين أنّي زوَّجتك أوَّل المسلمين إسلاماً ، وأعظمهم علماً ؟ فإنّك سيِّدة نساء العالمين كما سادت مريم نساءَ قومها»[49] .
ـ عن يزيد عن عبد الملك النفليِّ ، عن أبيه ، عن جدِّه قال : دخلت على فاطمة بنت رسول الله(ص)، قال : فبدأتني بالسلام ، قال : وقالت : قال أبي وهو ذا حيٌّ : من سلَّم عليَّ وعليك ثلاثة أيّام فله الجنَّة . قلت لها : ذا في حياته وحياتك أو بعد موته وموتك ؟ قالت : في حياتنا وبعد وفاتنا [50] .
ـ إنّ فاطمة رضي الله عنها قالت : أتيت النبيَّ (ص) فقلت : السّلام عليك يا أبة، فقال : وعليك السّلام يا بنيَّة، فقلت : والله ما أصبح يا نبيَّ الله في بيت عليّ حبّة طعام، ولا دخل بين شفتيه طعام منذ خمس ، ولا أصبحت له ثاغية ولا راغية ، ولا أصبح في بيته سفَّة ولا هفَّة [51] .
فقال النبيُّ (ص) : ادني منّي ، فدنوت ، فقال : أدخلي يدك بين ظهري وثوبي ، فإذا حجر بين كتفي النبيِّ (ص) مربوط إلى صدره ، فصاحت فاطمة صيحة شديدة ، فقال لها: ما اُوقدت في بيوت آل محمّد نار منذ شهر .
ثمّ قال (ص) ورفع باب خيبر وهو ابن نيِّف وعشرين ، وكان لا يرفعه خمسون رجلاً .
فأشرق وجه فاطمة ، ثمّ أتت عليّاً فإذا البيت قد أنار بنور وجهها ، فقال لها : يا ابنة محمَّد ! لقد خرجت من عندي ووجهك على غير هذا الحال ؟ فقالت : إنَّ النبيَّ (ص) حدَّثني بفضلك ، فما تمالكت حتّى جئتك [52] .
* الأخلاق والآداب والسلوك :
ـ عن الحسين رضي الله عنه ، عن اُمِّه فاطمة رضي الله عنها ، قالت : قال لي رسول الله (ص) : «إيّاكِ والبخل ، فإنَّه عاهة لا تكون في كريم . إيّاكِ والبخل فإنه شجرة في النار ، وأغصانها في الدنيا ، فمن تعلّق بغصن من أغصانها أدخله النار . وعليكِ بالسخاء ، فإنَّ السخاء شجرة من شجر الجنّة ، أغصانها متدلّية إلى الأرض ، فمن أخذ منها غصناً قاده ذلك الغصن إلى الجنَّة»[53] .
ـ عن فاطمة البتول بنت رسول الله (ص) قالت : «قال رسول الله(ص) : شرار اُمّتي الَّذين غُذّوا بالنعيم، الَّذين يأكلون ألوان الطعام ، ويلبسون ألوان الثياب ، ويتشدَّقون في الكلام»[54] .
ـ عن فاطمة بنت الحسين ، عن جدّتها فاطمة الزهراء (س) قالت : كان رسول الله (ص) إذا دخل المسجد صلّى على محمَّد وسلَّم ، وقال : « اللّهمَّ اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب رحمتك » . وإذا خرج صلّى على محمّد وسلّم ثمّ قال : « اللّهمّ اغفر لي ذنوبي ، وافتح لي أبواب فضلك »[55] .
ـ قالت (س) : «البشر في وجه المؤمن يوجب لصاحبه الجنّة ، والبشر في وجه المعاند المعادي يقي صاحبه عذاب النار»[56] .
ـ عن زيد بن عليّ ، عن آبائه ، عن فاطمة ابنة النبيّ (ص) قالت : سمعت النبيَّ (ص) يقول : «إنَّ في الجمعة لساعةً لا يوافقها رجل مسلم يسأل الله عزّوجلّ فيها خيراً إلاّ أعطاه . قالت : فقلت : يا رسول الله أيُّ ساعة هي ؟ قال : إذا تدلّى نصف عين الشمس للغروب . قال : وكانت فاطمة تقول لغلامها: اصعد على السطح ، فإن رأيت نصف عين الشمس قد تدلّى للغروب فأعلمني حتّى أدعو» [57] .
ـ قال ابن حمّاد الأنصاريُّ الدولابيُّ المتوفّى 310 : حدَّثنا أبو جعفر محمَّد بن عوف بن سفيان الطائيُّ الحمّصيُّ ، حدّثنا موسى بن أيُّوب النصيبيُّ، حدّثنا محمَّد بن شعيب ، عن صدقة مولى عبد الرحمن بن الوليد ، عن محمّد بن عليّ بن حسين ، قال : خرجت أمشي مع جدّي حسين بن عليّ إلى أرضه ، فأدركنا النعمّان بن بشير على بغلة له فنزل عنها ، وقال للحسين: اركب أبا عبدالله ، فأبى، فلم يزل يقسم عليه حتّى قال : أما إنّك قد كلَّفتني ما أكره ، ولكن أُحدِّثك حديثاً حدَّثتنيه أمّي فاطمة : إنَّ رسول الله (ص) قال : « الرجل أحقُّ بصدر دابَّته وفراشه والصلاة في بيته ، إلاّ إماماً يجمع الناس » . فاركب أنت على صدر الدابّة و ] أردفني خلفك [ .
فقال النعمان : صدقت فاطمة ، حدَّثني أبي ـ وها هو ذا حيٌّ بالمدينة عن النبيّ (ص) قال : إلاّ أن يأذن، فلمّا حدّثه النعمان بهذا الحديث ركب حسين السرج ، وركب النعمان خلفه [58].
ـ حدَّثنا أحمد بن يحيى الأوديُّ ، حدّثنا جبارة بن مغلّس ، حدّثنا عبيد بن الوسيم ، عن حسين بن الحسن ، عن أمّه فاطمة بن حسن ، عن أبيها ، عن فاطمة بنت رسول الله (ص) ، قالت : قال رسول الله(ص): «لا يلومنّ إلاّ نفسه من بات وفي يده غَمَر»[59] [60] .
ـ حدّثنا أحمد بن يحيى الصوفيُّ ، حدّثنا عبد الرحمن بن دبيس ، حدّثنا بشير بن زياد ، عن عبدالله بن حسن ، عن اُمِّه ، عن فاطمة الكبرى(س)، قالت : قال رسول الله (ص) : «ما التقى جندان ظالمان إلاّ تخلّى الله منهما ، فلم يبال أيُّهما غلب، وما التقى جندان ظالمان إلاّ كانت الدائرة على أعتاهما»[61] .
ـ وقالت (س) في وصف ما هو خير للنساء : «خير لهنَّ ألاّ يرين الرجال ولا يرونهنَّ»[62] .
ـ عن جعفر بن محمّد عن أبيه محمّد بن عليّ عن أبيه علىّ بن الحسين عن أبيه الحسين بن عليّ عن اُمّه فاطمة بنت رسول الله (ص) قالت : «لمّا نزلت على النبىِّ (ص) لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضاً[63] ، قالت فاطمة : فتهيَّبت النبيَّ (ص) أن أقول له : يا أبه ، فجعلت أقول له : يا رسول الله، فأقبل عليَّ فقال لي : يا بنيَّة لم تنزل فيك ولا أهلك من قبل ، أنت منّي وأنا منك ، وإنّما نزلت في أهل الجفاء والبذخ والكبر ، قولي : يا أبه ، فإنَّه أحبُّ للقلب وأرضى للربِّ ثمَّ قبَّل النبيُّ(ص) جبهتي ، مسحني بريقه ، فما احتجت إلى طيب بعده»[64] .
ـ وقالت فاطمة (س) : «من أصعد إلى الله خالص عبادته; أهبط الله إليه أفضل مصلحته»[65] .
ـ عن ليث بن أبي سليم عن عبدالله بن الحسن عن اُمّه فاطمة بنت الحسين عن أبيها عن اُمّه فاطمة ابنة رسول الله (ص) : «خياركم ألينكم مَناكِبَ، وأكرمهم لنسائهم»[66] .
ـ سأل رسول الله (ص) أصحابه عن المرأة ما هي ؟ قالوا : عورةٌ ، قال: فمتى تكون أدنى من ربِّها؟ فلم يدروا، فلمّا سمعت فاطمة (س) ذلك قالت : «أدنى ما تكون من ربِّها أن تلزم قعر بيتها، فقال رسول الله(ص) : إنَّ فاطمة بضعة منّي»[67] .
ـ وعنها سلام الله عليها في حديث طويل ، قالت : «يا رسول الله! إنَّ سلمان تعجَّب من لباسي ، فو الَّذي بعثك بالحقِّ ما لي ولعليّ منذ خمس سنين إلاّ مَسك كبش نعلف عليه بالنهار بعيرنا ، فإذا كان اللّيل افترشناه ، وأنَّ مرفقتنا لَمِن أدم حشوها ليف ، فقال النبيّ (ص) : يا سلمان إنَّ ابنتي لفي الخيل السوابق»[68] .
ـ عن عليِّ بن الحسين بن عليّ(ص): «أ نَّ فاطمة بنت رسول الله (ص) استأذن عليها أعمى فحجبته ، فقال لها النبيُّ (ص) : لم حجبته وهو لا يراكِ؟ فقالت : يا رسول الله إن لم يكن يراني فأنا أراه ، وهو يشمّ الريح، فقال النبيُّ (ص) : أشهد أنّك بضعة منّي»[69] .
ـ حدَّثنا يزيد بن سنان ، حدثّنا الحسن بن عليّ الواسطيّ ، حدّثنا بشير ابن ميمون الواسطيّ ، حدَّثنا عبدالله بن الحسن بن الحسن بن عليّ بن أبي طالب ، قال : حدَّثتني اُمّي فاطمة بنت الحسين عن فاطمة الكبرى بنت محمّد : إنّ رسول الله (ص) كان يعوِّذ الحسن والحسين ويعلّمهما هؤلاء الكلمات كما يعلِّمهما السورة من القرآن ، يقول : « أعوذ بكلمات الله التامّة من شرِّ كلِّ شيطان وهامَّة ، ومن كلِّ عين لامّة »[70] .
ـ عن الزهراء صلوات الله عليها قالت : «دخل عليّ رسول الله (ص) وقد افترشت فراشي للنوم ، فقال: يا فاطمة لا تنامي إلاّ وقد عملت أربعة : ختمتِ القرآن ، وجعلت الأنبياء شفعاءَكِ، وأرضيت المؤمنين عن نفسك ، وحججت واعتمرتِ. قال هذا وأخذ في الصلاة ، فصبرت حتّى أتمّ صلاته ، قلت: يا رسول الله إنّك أمرت بأربعة لا أقدر عليها في هذا الحال ! فتبسَّم (ص) ] وقال [ : إذا قرأت قل هو الله أحد ثلاث مرّات فكأنَّك ختمت القرآن ، وإذا صلّيت عليَّ وعلى الأنبياءِ قبلي كُنّا شفعاءَك يوم القيامة ، وإذا استغفرت للمؤمنين رضوا كلُّهم عنك ، وإذا قلت : سبحان الله والحمد لله ولا اله إلاّ الله والله أكبر ، فقد حججت واعتمرتِ»[71] .
ـ في حديث طويل قالت (س) : «يا أبت فديتك ما الّذي أبكاك ؟» فذكر لها ما نزل به جبرئيل من الآيتين المتقدِّمتين وإنَّ جهنَّم لموعدهم أجمعين * لها سبعة أبواب لكلِّ باب منهم جزء مقسوم [72] فسقطت فاطمة (س) على وجهها وهي تقول : «الويل ثمَّ الويل لمن دخل النار» [73] .
فسلام عليها يوم ولدت ويوم استشهدت ويوم تبعث حيّةً وهي تحمل كلَّ أوسمة الشرف والسمو وعليها حلل الكرامة.
الهوامش
1 ـ أهل البيت لتوفيق أبو علم : 116، بتصرّف.
2 ـ راجع الخطبتين من أحداث حياتها بعد وفاة أبيها (ص).
3 ـ أهل البيت : 132 ـ 134.
4 ـ انظر كنز العمّال 12: 422 / ح35475.
5 ـ مسند أحمد 2: 243 و 443 ما أسند عن أبي هريرة، كنز العمال 15: 900 / ح43549.
6 ـ مسكن الفؤاد: 80 الباب الثّالث، بحار الأنوار 79: 142 / ح26 ولم يورد الرواية بسند عن الزهراء(س)أرسلوها عن الرسول(ص)، وأوردها بهذا السند توفيق أبو علم في كتابه أهل البيت: 137.
7 ـ مصباح الشريعة: 83 باب 37 في السخاء، مشكاة الأنوار: 409 الباب 5 من الفصل 4 في السخاء، بحار الأنوار 68: 355 / ح17، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 11: 222 ـ 223 بيان أحوال العافين، الجامع الصغير للسيوطي 2: 67 / ح4804، كنز العمال 6: 338 / ح15928.
8 ـ المصنف لابن أبي شيبة الكوفي 6: 254 / ح11 من باب الشح، كنز العمال 6: 347 / ح15990، كشف الخفاء 1: 288 / ح922.
9 ـ جامع السعادات 2: 91 باب الإيثار، فتح الباري 11: 240 باب كيف كان عيش النبيّ(ص).
10 ـ سمل: سمل الثوب يسمل سمولاً، وأسمل: أخلق، والسمل: الخلق من الثياب. لسان العرب 11: 345 مادة سمل.
11 ـ بشارة المصطفى: 217 ـ 221 / ح44، بحار الأنوار 43: 56 ـ 58 / ح50.
12 ـ المشاش جمع مشاشة: وهي رؤوس العظام الليّنة، لسان العرب 6: 347 مادة مشش.
13 ـ دلائل الإمامة: 139 / ح47، المناقب لابن شهرآشوب 3: 116 باب مناقب فاطمة(س)، بحار الأنوار 43: 46.
14 ـ أمالي الصدوق: 175 ـ 176، 178، فضائل شاذان: 9 خبر ابن عبّاس في فضل عليّ(ع)، بحار الأنوار 43: 172 / ح13.
15 ـ علل الشرائع 1: 181 ـ 182 / باب 145، ح1، دلائل الإمامة: 152 أخبار في مناقبها(س)، بحار الأنوار 43: 81 ـ 82 / ح3.
16 ـ المناقب لابن شهرآشوب 3: 119 باب مناقب فاطمة(س)، بحار الأنوار 43: 76 / ح62 وص84 / ح7.
17 ـ أعلام الدين : 247 ذكر مواعظ متفرقة، عدّة الداعي: 139 في بيان لزوم الخوف والرجاء على كلّ حال، بحار الأنوار 67: 400 / ح72.
18 ـ مجمع البيان 2: 417 في تفسير سورة آل عمران، بحار الأنوار 59: 192 / ح4، صحيح مسلم 5: 178 باب غزوة أُحد، سنن ابن ماجة 2: 1147 ح3464، الطبقات الكبرى لابن سعد 2: 48 ذكر من قتل يوم أُحد من المسلمين.
19 ـ ذخائر العقبى: 47 ذكر برّها بالنبيّ(ص).
20 ـ أهل البيت لتوفيق أبو علم: 141 ـ 142 بتصرّف.
21 ـ المناقب لابن شهرآشوب 1: 140 فصل في أقربائه وخدّامه(ص)، بحار الأنوار 22: 152 / ح4، المعجم الكبير للطبراني 22: 397 ذكر سن فاطمة ووفاتها(س)، تاريخ مدينة دمشق 3: 158 باب صفة خلقه(ص).
22 ـ السيرة النبويّة لابن هشام 2: 283 وفاة أبي طالب(ع)، تاريخ الطبري 2: 80 ذكر الخبر عن ابتداء أمر النبيّ(ص)، تاريخ مدينة دمشق 66: 338 في ترجمة أبي طالب(ع)، رقم 8613.
23 ـ من مقدمة كتاب فاطمة الزهراء وترفي غمد ، للسيّد موسى الصدر .
24 ـ بحار الأنوار 43: 179 / ح15.
25 ـ مسند أحمد 3: 55 ما أُسند عن أبي سعيد الخدري، المعجم الكبير للطبراني 22: 111 ذكر الهيثم بن حبيب عن أبي جحيفة.
26 ـ روضة الواعظين : 1 / 151 مجلس في ذكر فاطمة(س)، وفي رواية: إذا هدأت الأصوات ونامت العيون.
27 ـ بحار الأنوار : 43 / 178 و 192 / ح15 و 20.
28 ـ بحار الأنوار : 43 / 214 .
29 ـ كشف الغمّة 2: 126 فصل في وفاة فاطمة(س)، ذخائر العقبى: 53 ذكر وصيتها(س) إلى أسماء، بحار الأنوار 43: 189، السنن الكبرى للبيهقي 4: 34 باب ماورد في النعش للنساء، كنز العمال 13: 686 / ح37756.
30 ـ تهذيب الأحكام 1: 469 باب تلقين المحتضر، ح1540، بحار الأنوار 43: 212 ـ 213 / ح43.
31 ـ كشف الغمّة 2: 122 ـ 123 ذكر حالها بعد أبيها(س)، بحار الأنوار 43: 186 ـ 187 / ح18.
32 ـ روضة الواعظين: 151 ـ 152، بحار الأنوار 43: 192 / ح20.
33 ـ كتاب سليم بن قيس: 392 وقائع السقيفة عن ابن عبّاس، بحار الأنوار 43: 199 / ح29.
34 ـ بحار الأنوار 43: 179 / ح15.
35 ـ المصدر نفسه: 215 / ح44.
36 ـ روضه الواعظين: 152، بحار الأنوار 43: 193 / ح20.
37 ـ طه 20: 55.
38 ـ بحار الأنوار 79: 27 ـ 28 / ح13.
39 ـ الكافي 1: 458 ـ 459 / ح3 باب مولد الزهراء(س)، دلائل الإمامة: 137 ـ 138 خبر وفاتها(س)، أمالي الطوسي: 109 ـ 110 / ح 166، بحار الأنوار 43: 193 ـ 194 / ح21. وفيها اختلاف يسير باللفظ.
40 ـ انظر بحار الأنوار 43: 200 ـ 201، الإصابة لابن حجر 8: 266 ـ 267 ترجمة فاطمة(س) رقم 11587.
41 ـ دلائل الإمامة: 79 خبر ولادتها(س)و 134 خبر وفاتها(س)، بحار الأنوار 43: 9/ح16 و170 / ح11.
42 ـ الكافي 1: 457 / ح10 باب مولد الزهراء(س)، بحار الأنوار 43: 7/ح10.
43 ـ المناقب لابن شهرآشوب 3: 132 باب مناقب فاطمة(س)، بحار الأنوار 43: 6/ح8 .
44 ـ مقاتل الطالبيين: 19.
45 ـ سيرة الأ ئمة الإثني عشر : 1 / 96 ـ 97 .
46 ـ تفسير الإمام العسكري(ع): 340 ـ 341 / ح216، بحار الأنوار 2: 3 / ح3.
47 ـ القمامة ـ بالضمّ ـ : الكناسة .
48 ـ دلائل الإمامة: 65 ـ 66 / ح1.
49 ـ كنز العمّال 11، 605، حديث 32925، سبل الهدى والرشاد: 11: 291 ذكر جماع أبواب العشرة الذين شهد لهم الرسول(ص) بالجنّة، باب 10 .
50 ـ « المناقب » لابن المغازليّ الشافعيّ : ص364.
51 ـ الثاغية : الشاة . والراغية : البعير . والسفَّة : المأكول . والهفَّة : المشروب .
52 ـ دلائل الإمامة: 69 ـ 70 / ح8، ذكر مسند فاطمة(س)، أهل البيت(ع) لتوفيق أبو علم : 130 .
53 ـ دلائل الإمامة: 71 / ح9 مسندها(س).
54 ـ ذم الكلام وأهله للهروي 1: 116 ـ 117 / ح101، تاريخ مدينة دمشق 27: 366 ترجمة عبدالله بن الحسن الهاشمي رقم 3242. وتشدق في الكلام: أتسع فيه من غير احتياط.
55 ـ دلائل الإمامة: 75 / ح14 مسندها(س)، أمالي الطوسي: 401 / ح894، المصنف لابن أبي شيبة 1: 373 باب 110/ ح1، كنز العمال 8: 321 / ح23109.
56 ـ « تفسير الإمام العسكري» : 354 / ح243، بحار الأنوا 72: 401/ ح42، والمراد من الفقرة الثانية مداراة النواصب تقيّةً منهم .
57 ـ دلائل الإمامة: 71 / ح10 مسندها(س)، بحار الأنوار 86: 269 / ح8.
58 ـ الذريّة الطاهرة النبويّة: 137 / ح171.
59 ـ الغَمَر : الدَسَم .
60 ـ الذريّة الطاهرة النبويّة: 138 / ح172.
61 ـ كشف الغمّة 2: 176 ذكر من روى من أولاد الحسن(ع)، الذريّة الطاهرة النبوية: 149 / ح190.
62 ـ سؤالات حمزة للدارقطني: 280 / ح409، حلية الأولياء 2: 41 ترجمة فاطمة(س) رقم 133.
63 ـ النور 24 : 63 .
64 ـ المناقب لابن شهرآشوب 3: 102 باب مناقب فاطمة(س)، كشف اليقين: 354 ـ 355 / المبحث 20.
65 ـ تفسير الإمام العسكري(ع): 327 / ح177، عدة الداعي: 218 في بيان علاج الرياء، بحار الأنوار 67: 249 / ح25.
66 ـ دلائل الإمامة: 75 ـ 76 / ح15 مسندها(س).
67 ـ العُدد القوية: 224 / ح17، بحار الأنوار 43: 91 ـ 92 / ح16.
68 ـ الدروع الواقعيه: 275 التذكير بالآخرة، بحار الأنوار 43: 88 / ح9.
69 ـ دعائم الإسلام 2: 214 / ح792، بحار الأنوار 43: 91 / ح16.
70 ـ الذّرّية الطاهرة ، لابن حمّاد الأنصاريّ الدولابيّ : 149 / ح191.
71 ـ خلاصة الأذكار : 70، صحيفة الزهراء(س): 165 ـ 166 / ح37.
72 ـ الحجر 15 : 43 ـ 44 .
73 ـ الدروع الواقية: 275 التذكير بالآخرة، بحار الأنوار 43: 88 / ح9.
فلسطين وأهميتها في فكر الإمام الخامنئي(5)
"من الأمور المطروحة الآن من أجل ترك قضية فلسطين لرياح النسيان و الحؤول دون إثارتها في الرأي العام للأمة الإسلامية هو هذه التي تسمى بمفاوضات السلام".
الإمام الخامنئي 29/09/2009
الفصل الخامس: السلام والاستسلام
أولا: حيلة السلام
حيلة الصهاينة و حماتهم اليوم – و الحكومة الأمريكية هي أهم داعم لهم – هي استخدام كلمة السلام الجميلة. السلام طبعاً شيء جيد جداً. و لكن أين يكون السلام و مع من؟! شخص يدخل إلى داركم و يحطم الباب بالقوة و ينهال عليكم بالضرب، و يهين عيالكم و أولادكم، و يستولي من بين غرفكم الثلاث على غرفتين و نصف ليسكنها، ثم يقول لكم لماذا تشتكون لهذا و ذاك بلا سبب، و لماذا تعارضون و تتشاجرون دوماً، تعالوا نتصالح و نعيش بسلام. فهل هذا سلام؟! العدوان هو طبيعة هذا النظام. الكيان الصهيوني قام أساساً و يعمل على ركائز القوة و العنف و القسوة.
و لو لا هذه الركائز لما حقق أي تقدم و لن يحقق بعد اليوم أيضاً. يقولون: ليتصالحوا مع هذا الكيان! إذا اقتنع الصهاينة بحقهم – أي إذا تركوا الدار و هي فلسطين لأصحابها، و ذهبوا إلى شأنهم، أو إذا حصلوا على إذن من الحكومة الفلسطينية ببقاء عدد منهم أو جميعهم في ذلك البلد – فلن يحاربهم أحد.
الحرب هي أنهم دخلوا بالقوة و الاغتصاب إلى ديار الآخرين و طردوهم من ديارهم و يظلمونهم الآن. و لا زالوا لحد الآن يظلمون جميع بلدان المنطقة و يشكلون تهديداً للجميع. إذن، حتى السلام يريدونه كمقدمة لاعتداء لاحق! إذا كان ثمة سلام فهو مقدمة ليستطيعوا بعد ذلك الاعتداء و الاغتصاب بشكل آخر.
ثانيا: مشروع استسلام فلسطين أمام إسرائيل
من الأمور المطروحة الآن من أجل ترك قضية فلسطين لرياح النسيان و الحؤول دون إثارتها في الرأي العام للأمة الإسلامية هو هذه التي تسمى بمفاوضات السلام والجارية بين فئة من الفلسطينيين و الإسرائيليين. أعني عملية الاستسلام و حكومة ما يسمى بالسلطة الفلسطينية. هذه بدورها من أقبح الأحابيل و الحيل الإسرائيلية التي وقع فيها للأسف عدد من المسلمين و من الفلسطينيين أنفسهم. لماذا؟ لأنه على أساس أفضل الافتراضات لو تحققت في إحدى المفاوضات التي أجروها جميع الالتزامات التي أخذها الإسرائيليون على عاتقهم، فإن ما تحصل عليه تلك الفئة الفلسطينية هو أكثر بقليل من أربعة بالمائة من أرض فلسطين! بمعنى أنهم سيعطون من هذا البلد الفلسطيني الذي هو كله ملك الفلسطينيين و حقهم أربعة بالمائة منه! و أية أربعة بالمائة منه؟! أربعة بالمائة غير مجتمعة في مكان واحد، بل متفرقة على أجزاء منفصلة! والأشخاص الذين قالوا لهم تعالوا و شكلوا سلطة هنا لم يسمحوا لهم إطلاقاً بالعمل كحكومة. طلبوا منهم الذهاب إلى هناك و مراقبة الفلسطينيين في تلك المنطقة لئلا ينشطوا ضد الحكومة الإسرائيلية! أي منطقة محدودة صغيرة متفرقة لا يمكن إدارتها كبلد أعطيت لهم بشكل منقوص و غير كامل! و ما يجب عليهم أن يقوموا به في المقابل هو أن يعملوا هم أيضاً ضد المجاهدين الفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة إضافة إلى ما تقوم به الأجهزة الأمنية الإسرائيلية! خيانة الذين يقومون بمثل هذه الأعمال باسم الفلسطينيين أقبح و أفظع و أسوء من جميع الخيانات التي مورست ضد فلسطين لحد الآن! و لم يفعل هؤلاء أي شيء لشعب فلسطين لحد الآن، و لا يستطيعون أن يفعلوا.
ثالثا: منطق استسلام العرب أمام إسرائيل
الحكومات العربية كانت تقول: لسنا فلسطينيين أكثر من الفلسطينيين أنفسهم! يجب تنفيذ ما يطالب به الفلسطينيون أنفسهم. أولاً قضية فلسطين قضية العالم الإسلامي. و هي قضية تكليف إلهي و إسلامي ما عدا جوانبها السياسية والأمنية و الاقتصادية و هي فوق ذلك مسألة إلهية. لكن حتى لو لم يكن المرء مؤمناً بالله و أراد العمل من أجل شعب فلسطين فقط فعليه أن ينظر ماذا يقول جميع أبناء الشعب الفلسطيني. الشعب الفلسطيني اليوم هم من يُعتقل أبناؤهم في سجون الدولة الغاصبة، و هناك عشرات أضعافهم يهتفون و يقومون بالعمليات في الشوارع و في المسجد الأقصى و في الأسواق و في كل الأراضي المغتصبة. ثمة أقلية صغيرة جرى تطميعها و ذهبت و استسلمت للعدو.. هؤلاء ليسوا الشعب الفلسطيني حتى يقال لسنا فلسطينيين أكثر من أبناء فلسطين.
رابعا: سبب عدم نجاح الانتفاضة الأولى
في ذلك الزمن – زمن الانتفاضة الأولى – عمَّت أجواء الاستسلام في المنطقة تدريجياً. البعض مالت قلوبهم إلى أمريكا، و جماعة أخرى اعتقدت أنه لا يمكن الصمود أمام ذلك الضغط السياسي و الأجواء الدولية المعاكسة، و لا يوجد سبيل سوى قبول الاستسلام و بالشروط التي تمليها أمريكا و إسرائيل.
و بعد التطورات التي شهدتها المنطقة في ذلك الحين توفرت الأرضية لتكريس هذه النظرية أكثر. في ذلك الزمن (زمن الانتفاضة الأولى) كان هناك دوماً أسلوبان يطرحان للتعامل مع إسرائيل: المواجهة العسكرية بين جيوش العرب و الجيش الإسرائيلي – و التي يقال فيها إن جميع التجارب السابقة المماثلة كانت فاشلة – و أسلوب الاستسلام الذي يؤدي إلى تحقيق مطاليب إسرائيل بالطرق السلمية، و يضمن عدم نمو القدرات العسكرية للبلدان العربية مقابل الانسحاب من جزء من الأراضي المحتلة.. نظير ما حصل في كامب ديفيد. لم يكن نموذج المقاومة مطروحاً في ذلك الحين، و قيل إنه لا يحظى بقبول عام.
خامسا: نتائج مشروع أوسلو الاستسلامي
تحمّل الشعب الفلسطيني في انتفاضته السابقة خسائر فادحة، و قدم الكثير من الشهداء و المعاقين في سبيل الإسلام و تحرير الأرض الإسلامية، لكن محادثات أوسلو أوقفت الانتفاضة في النتيجة. حتى المخططون و المدافعون الفلسطينيون عن أوسلو لم يعودوا يدافعون عنها اليوم، لأنهم أدركوا عملياً أن إسرائيل لم تكن تقصد سوى حل مشكلتها، أي التخلص من المواجهة مع مجاهدي الحجارة، و التقليل من ضعفها و هشاشتها. إذا كانت قد أعطت شيئاً بسيطاً للطرف الفلسطيني و أسمت ذلك إعطاء امتيازات فما ذلك إلا لإطفاء نيران الانتفاضة و تقليل الضربات التي تتلقاها.
وبمجرد أن وجدت أن مشكلتها قد انحلت و شعرت خطأً أن الشعب الفلسطيني لم يعد قادراً على استئناف الانتفاضة و المقاومة و المواجهة معهم أوقفت منح حتى تلك الامتيازات البسيطة و أعلنت عن جشعها الذاتي. عملية الاستسلام و مشروع أوسلو جعلت شعب فلسطين في حالة أثبتت لهم أنه لا سبيل أمامهم سوى الثورة.
سادسا: خيانة القضية الفلسطينية
تجري المساعي من أجل نسيان شيء اسمه الشعب الفلسطيني بالمرة. كأنه لا توجد أرض اسمها فلسطين أو شعب يمتلك هذه الأرض! هكذا مهّدوا الأسباب و يرى الإنسان بمنتهى الغرابة و الحيرة و الأسف أن البعض يستسلمون و أن هناك اليوم أشخاصاً يستسلمون لمثل هذه الظاهرة الظالمة العجيبة الغريبة البلهاء بالنسبة لتلك الجماعة المستسلمة! هذا ما يحدث اليوم: يأتون بجماعة تسمى فلسطينية إلى جزء من أرض فلسطين الكبيرة و يعطونهم هناك – أي في أربعة بالمائة من بلد فلسطين – سيادة منقوصة و كاذبة و سطحية و غير حقيقية و ما يطالبونهم به في المقابل هو نسيان قضية فلسطين و أرض الشعب و قضيته بالكامل و تركها جانباً، و كل فلسطيني يذكر اسم الشعب الفلسطيني أو بلد فلسطين أو تاريخ فلسطين يقمع على يد نفس هؤلاء الذين أبرموا هذه الصفقة الخاسرة!
سابعا: خيانة الحكام العرب لفلسطين
الصهاينة و حماتهم و على رأسهم الولايات المتحدة أمسكوا بأيديهم زمام المبادرة في رفع شعارات الاستسلام و عموماً باتجاه تكريس الاحتلال الغصبي لفلسطين و جروا خصومهم إلى حيث أرادوا بمقدار استطاعتهم.
في الماضي طعنت بعض الحكومات المسلمة حتى جبهة بلدان الخط الأمامي بخناجرهم من الخلف! الصمت الراضي لغالبية رؤساء البلدان العربية و المصحوب أحياناً حتى بالخيانة الصريحة، مضافاً إلى المواقف الذليلة و الخيانية لأدعياء قيادة الشعب الفلسطيني هي حلقات مترابطة في سلسلة الغدر و الظلم و الاعتداء و الخيانة التي تروم أن تبقى أرض فلسطين الإسلامية مغتصبةً دوماً و شعبها الجريح المظلوم أسيراً مشرداً على الدوام. الصمت و الاستسلام الخياني للعديد من الحكومات العربية و حتى تظاهر بعضها بعدم الاهتمام و الحساسية لمصير فلسطين أوصل الأمور إلى أن تتجرأ الدولة الصهيونية الغاصبة و تعاود ادعاء إسرائيل الكبرى علناً بعد أن أبقت ذلك لسنوات في طي الكتمان و الإنكار، و تكرِّر بكل وقاحة و عدم حياء نواياها القذرة في اغتصاب أراضي أخرى من الوطن الإسلامي.
حَقّ رِجْلَيْكَ
6. وَ أَمّا حَقّ رِجْلَيْكَ فَأَنْ لَا تَمْشِيَ بِهِمَا إِلَى مَا لَا يَحِلّ لَكَ وَ لَا تَجْعَلَهُمَا مَطِيّتَكَ فِي الطّرِيقِ الْمُسْتَخِفّةِ بِأَهْلِهَا فِيهَا فَإِنّهَا حَامِلَتُكَ وَ سَالِكَةٌ بِكَ مَسْلَكَ الدّينِ وَ السّبْقِ لَكَ وَ لا قُوّةَ إِلّا بِاللّهِ .
زلزال ايران: الحصيلة النهائية 887 قتيلا وجريحا + صور
أعلن رئيس منظمة الاغاثة والانقاذ في ايران محمود مظفر بان عمليات الانقاذ من تحت الانقاض لمنكوبي الزلزال الذي ضرب محافظة بوشهر جنوب البلاد عصر امس الثلاثاء قد انتهت، مؤكدا انه لم يعد هناك حاليا احد تحت الانقاض.
وقال مظفر في تصريح ادلى صباح اليوم الاربعاء في منطقة دشتي بمحافظة بوشهر، ان عمليات الانقاذ من تحت الانقاض لمنكوبي الزلزال قد انتهت مساء الثلاثاء بينما عمليات الاغاثة مازالت مستمرة.
واوضح بان عمليات اسكان المنكوبين قد انتهت ايضا وتم نصب نحو الف خيمة في منطقة الزلزال.
واضاف، ان نحو 700 منزل قد دمر جراء الزلزال.
وبلغت اخر حصيلة لضحايا الزلزال 37 قتيلا واكثر من 850 جريحا.
وضرب زلزال قوي بلغت شدته 6،1 درجة على مقياس ريختر ناحية كاكي التابعة لمدينة دشتي بمحافظة بوشهر جنوب البلاد وذلك في الساعة الرابعة و 22 دقيقة و 49 ثانية من عصر امس الثلاثاء وفي عمق 12 كيلومترا في باطن الارض.
قائد الثورة يطالب ببذل الجهد لانقاذ المنكوبين بالزلزال
طالب قائد الثورة الاسلامية اية الله السيد علي الخامنئي مساء الثلاثاء المسؤولين المعنيين ببذل قصاري جهدهم لانقاذ المنكوبين بالزلزال الذي ضرب محافظة بوشهر جنوبي ايران.
وطالب قائد الثورة في نداء مندوب الولي الفقيه والمسؤولين في المحافظة وكذلك المسؤولين المعنيين في العاصمة طهران وغيرهم من المسؤولين بان يبذلوا قصارى جهدهم لانقاذ المنكوبين وحماية المتضررين.
ودعا سماحته ابناء الشعب الايراني كما في السابق الى القيام بايفاء دورهم الباهر في التخفيف من الام المنكوبين داعيا الرحمة والمغفرة الالهية للمتوفين والشفاء العاجل للمصابين والصبر والثواب لعوائل الضحايا.
الى ذلك قال محافظ بوشهر فریدون حسنوند انه وفقا للتقاریر الواردة فقد قتل 32 شخصا واصیب 850 اخرون جراء الزلزال.
واضاف حسنوند فی تصریح للمراسلین ان 750 من المصابین قد غادروا المستشفیات بعد تلقی العلاج.
وصرح ان اكثر من 700 منزل قد دمرت بشكل كامل كما ان 100 منزل اخر قد تضررت بنسبة 30 وحتي 50 بالمائة.
وقال: نحاول الانهاء من عملیات البحث عن الجثث حتى مساء الثلاثاء من خلال ارسال الطائرات العمودیة والكلاب المدربة.
وكان زلزلزال بقوة 6،1 درجة علي مقياس ريختر قد ضرب عصر الثلاثاء مناطق كاكي وشنبه وطسوج في جنوب محافظة بوشهر مما اسفر عن مقتل واصابة المئات من السكان.
أحمدي نجاد: لن يستطيع أحد سلب تقنيتنا النووية السلمية
أكد الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد اليوم الثلاثاء في كلمة له خلال مراسم اليوم الوطني للتكنولوجيا النووية الايرانية، ان ايران اصبحت دولة نووية وأنه لن يستطيع أحد ان يسلبها تقنيتها السلمية.
وأضاف أحمدي نجاد، منعوا عنا النظائر الطبية المشعة فقمنا بصنعها وطنيا، وبعد ان كانت إيران تؤمن الكعكة الصفراء من الخارج أصبحت الآن من الدول المنتجة لها، مشيرا الى ان إيران بدأت من الصفر لامتلاك التقنية النووية وان علماءها يتوصلون كل يوم الى اكتشاف جديد.
وأشار الرئيس الايراني الى ان الشعوب في العالم لو تعرفت على قيمة الطاقة النووية السلمية لسعت اليها، موضحا ان الغرب يريد احتكار السيطرة على تكنولوجيا الادوية المنتجة نوويا.
وأضاف: من يزعم الدفاع عن حقوق الانسان فليبادر بتقديم التقنية النووية السلمية للشعوب.
وقال: الغرب يرفع راية حقوق الانسان في حين أنه هو من يمارس القتل بالقنابل النووية، وعلى الغرب احترام حقوق الشعوب والنزول من بروجه العاجية، العالم يجب ان يدار من خلال التعاون وبشكل عادل وعلى الغرب ان يحترم الشعب الايراني.
وشدد على ان الطاقة النووية ثروة عالمية ينبغي ان تستفيد منها كل الشعوب في العالم، مضيفا ان الشعوب الاخرى سيكون بمقدورها امتلاك التقنية النووية كما فعل الشعب الايراني.
وأوضح: الشعب الذي يثق بنفسه بامكانه ان يفعل ما يريد، والشعب الايراني اصبح انموذجا لطلائع الشعوب، فايران تحقق في كل يوم انجازات جديدة في المجال النووي، و يجب على الغرب ان يغير أسلوبه في التعامل مع الشعب الايراني.
الجيش السوري يحبط محاولة تفجير شاحنة مفخخة
أحبط الجيش السوري محاولة تفجير شاحنة مفخخة بأكثر من ثلاثة اطنان من المتفجرات موضوعة بين أكياس بطاطا للتمويه على طريق ادلب المطسومة.
وأكد مصدر عسكري أن السيارة كانت متجهة الى مدينة ادلب، مشيرا الى أن العبوات المفككة من صناعة تركية.
وفي دمشق أطلق مسلحون قذائف هاون على حي كفرسوسة السكني، ما أدى الى استشهاد مواطن واصابة اثنين.
وأفاد مراسلون في سوريا عن مقتل القائد العسكري لما يسمى بجبهة النصرة الملقب بأبو زكوان في الطبقة بالرقة، اضافة الى القاضي الشرعي بالطبقة المدعو ابو قتادة.
من جهة اخرى، اكدت الوقائع الميدانية على الارض في سوريا فشل الحرب الاعلامية ضد سوريا ورئيسها بشار الاسد والتي صبت في معظمها على قرب رحيل الاسد وعائلته.
وكان قد قال وزير الحرب الاسرائيلي ايهود باراك امام اعضاء في الكنيست في اوائل عام 2012 انه يعتقد ان عائلة الرئيس السوري بشار الاسد بقي لديها عدة اسابيع فقط في الحكم ولكن لم يسقط الاسد رغم التحليلات الاسرائيلية وتوقعات الموالين للسياسة الاميركية.
ويتوقع مراقبون استمرار تلك الحرب الاعلامية والتي تكشف التواطؤ العربي الغربي ضد النظام السوري، بأشكال مختلفة وعبر لاعبين اقليميين ودوليين.
وقفة تأمل على ساحل التربية الحسينية
في ليلة ذلك اليوم الخالد جمع الإمام الحسين (ع) أهله و أصحابه وقال لهم : يا أهلي و شيعتي إتخذو هذا الليل جملاً لكم، فانجوا بأنفسكم، فليس المطلوب غيري، ولو قتلوني ما فكروا فيكم فانجوا رحمكم الله فأنتم في حل وسعة من يبغي وعهدي الذي عاهدتموني . فقال اهله و اخوته و انصاره بلسان واحد : والله يا سيدنا يا أبا عبدالله لا خذلناك ، ابداً، والله لا قال الناس : تركوا إمامهم وكبيرهم و سيدهم وحده حتى قتل، و نبلوا بيننا وبين الله عذراً والله لا نخليك أو نقتل دونك. فقال لهم (ع) يا قوم إني غدا أقتل و تقتلون كلكم معي، ولا يبقي منكم احد فقالوا: الحمدالله الذي اكرمنا بنصرك و شرفنا بقتل معك أولا نرضى ان نكون معك في درجتك يابن رسول الله فقال : جزاكم الله خيراً و دعا لهم بخير.. وكان من بين الحاضرين فتى لم يبلغ الحلم دب القلق في اعماقه فلعل سنين عمره القليلة تفوت عليه اللحوق بقافلة المجد فسأل سؤالاً يدل عن رغبة كامنة له في اعماق نفسه قائلاً و أنا فيمن يقتل؟ فسأله الحسين عدل كتاب الله الذين يقول ( لا إكراه في الدين ) ولم يكن يسأل القاسم وحسب بل كان يريد أن تسمع الأجيال رأي القاسم بن الحسن ليعروفوا انه لم يكن فرداً في قافلة العشق سأله: يا بني كيف الموت عندك؟ فاجاب : ياعم أحلى من العسل فقال له (ع) اي والله فداك عمك إنك من يقتل من الرجال معي . بعد ان تبلو ببلاء عظيم .
الاثار السلبية للإكراه :
أساساً أنّ اهداف التربية لا تتحقق بالميل والدافع الذاتي وفن التربية يتحقق عند تناغم المربي مع المتربي برغبته وميله ولا تتحقق بالتهديد و الإجبار الذي يسبب :
1. عدم تحقق التربية : ربما يجبر المربي المتربي القيام بعمل سام كالصلاة و تمسك بالحجاب لكن الأسلوب الخاطئ يدفع إلى نتيجة عكسية ، فالمجبر على الصلاة بدون فهم لفلسفتها و المحجبة بدون معرفة لأهمية الحجاب لحفظ إنسانيتها سيكون مثل القشة في مهب ريح
ذات يوم قال الإمام على عبارته المشهورة: سلوني قبل أن تفقدوني . فقام يهودي وإعترض عليه بطريقة غير مهذبة ، فهم المسلمون بضربه، لكن الإمام نهاهم قائلاً :( لا تعجلوا فإن الطيش لا يقوم به حجج الله و لا تظهر به براهين الله ) و طلب من اليهودي أن يسأل واجابه الإمام بكل لطف مما دفع إلى اسلام اليهودي على يد الأمير (ع) .
2. إضعاف عزة النفس : لو سئلت فتاة ورثت معنى الحجاب عن تقليد عن فلسفته ولم تلبسه؟ ولم سمح لها ان تعبر ما بداخلها من مشاعر لما كانت عاها أن تقول ؟
أما التي ارتدته كهبة الهية لحفظ إنسانيتها فهي غير مستعدة لخلطه بل مفتخرة بإرتداته .
3. النفاق :ان الشخص يخسر المبادئ التي حمل عليها عندما يغيب عنه الرقيب سواء كان المربي أو المجتمع .
4. العناد: ان كثرة الضغط تولد رغبة جامعة في العناد و الإنتقام .
5.تكرار الخطأ : متربي اليوم الذي يحمل و يجبر ويكره هو مربيي الغد الذي سيعيد ما تعرض له و يخلي العقد الناتجة في متربي الغد .
السيدة زينب (ع) : المبلغة الأولى التي حملت جذوة النهضة الحسينية
لا يختلف اثنان على اهمية التبليغ كونه وظيفة الانبياء ( فبعث اليهم رسله وواتراليهم انبياء ليستأدوهم ميثاق فطرته ويذكروهم منسي نعمته و يحتجوا عليهم بالتبليغ و يثيروا لهم دفائن العقول ) كما و ازدادت الحاجة اليه بتصاعد وتيرة الإعلام المضاد فمن القنوات الفضائية الى الإذاعات و المواقع الأنترنيتية المضلة منها و المشبوهة التي تدعى انها تحمل راية الاسلام .
فالتبليغ اليوم اسهل واقل كلفة واهم وانفذ من الحرب المسلحة ولذا وبواسطة الدعايات، اناموا الشعوب واقاموا الحروب النفسية ضد الحركات الشعبية والانقلابية ووصلوا الى انواع الاستعمارات بواسطة التبعية الثقافية ومع الاسف لابد من الاعتراف انهم وفقوا لما ارادو الى حد كبير ,
اسم زينب من السماء !
لما ولدتها الزهراء (ع) وطلبت من ابيها ان يسميها فاخبرها انه ما كان يسبق رسول الله وكان في سفر ولما جاء من السفر سألاه، فقال لهما ما كنت لا سبق ربي تعالى، فهبط جبرائيل يقرأ النبي السلام من الله الجليل وقال له : سم هذه المولودة زينب ثم اخبره بما يجري عليها من المصائب، فبكى النبي (ص) وقال : ( من بكى على مصائب هذه البنت كان كمن بكى على اخويها الحسن والحسين ) عند ذلك نتسائل : ما السر الذي تحوية زينب؟ لكي يكون البكاء عليها كالبكاء على مصائب امامين واجبي الطاعة ؟!
لاشك ان التربية الدور الاكبر و الأهم ، والتربية كما يقول المختصون هي ما يفعله الاهل امام الطفل من سلوك اذن صقلت شخصية زينب بمواقف العصمة وهي تتربى في احضانه جداً و اباً و اماص و اخاً ، فنراها تحجم وهي طفلة عن ان تقول باللسان الذي قالت به واحد ان تقول اثنان .
اشتراكها مع الحسين بالتغذية من الرسول (ص) :
جاء في الطراز المذهب عن ناسخ التواريخ : ان من معجزات الرسول (ص) انه كان يضع لسانه في فم اولاد فاطمة الرضع فيغنيهم عن اللبن قال الاولاد الرضع يشمل الذكور و الاناث فزينب وام اكلثوم تشاركان الحسنين (عليهما السلام ) بهذه الفضيلة .
وقال العلامة البرغاني في مجالس المتقين : ان المقامات العرفانية الخاصة بزينب تقترب من مقامات الامامة وانها لما رأت حالة الإمام السجاد (ع) حين رأى اجساد ابيه و اخوته و عشيرته واهل بيته على الثرى صرعى مجزرين كالأضاحي وقد اضطرب قلبه و اصفر وجهه اخذت "عليها السلام " في تسليته و حدثته بحديث ام ايمن حول ان ما دار في الطف عهد من الله تعالى .
وروى الصدوق في كتاب " كمال الدين وتمام النعمة " : ومن الشرف الذي لا يقابله شرف ان الامام الحسين (ع) ائيمنها على اسرار الامامة، وروى الصدوق ايضاً انها سلام الله عليه كانت لها نيابة خاصة عن الامام الحسين وكان الناس يرجعون اليها في الحلال والحرام حتى برىء زين العابدين (ع) من مرضه .
سير في اغوار عظمتها
ماذا نقول فيمن لقبت بالعقيلة اي المرأة الكريمة على قومها و عابدة آل علي فحسب ماورده الفاضل الدربندي و غيره انها كانت تعلم علم البلايا و المنايا كميثم التمار و رشيد الهجري .
زينب المفسرة للقرآن الكريم : عندما اختار الامام علي الكوفة عاصمة للدولة الاسلامية انتقلت معه ابنته زينب لا كمال تنتقل غيرها من الاميرات من قصر لقصر ارفع ومن لذة للذة امتع بل كانت سلام الله عليها تعقد جلسات نسوية لتفسير القرآن الكريم وكانت ذات يوم بصدد تفسير ( كهيعص ) اذ دخل عليها اميرالمؤمنين فقال لها بنبرة الاب الحنون: يا نور عيني سمعتك تفسرين ( كهيعص ) للنساء فقالت نعم فقال لها هذه رمز لمصيبة تصيبكم عترة آل رسول الله ثم شرح لها المصائب فبكت بكائا عالياً .
وقفة على موقفها في عاشوراء والمعطيات التي اوجدت هذا الموقف
لقد ارتبطت وامتزجت سيرة السيدة زينب (ع) بيوم عاشوراء حتى قيل كأنها ولدت في ذلك اليوم او لذلك اليوم ولكن قبل ان نتناول موقفها الفريد هذا لنرجع الى ما قبل عاشوراء نستشفي من صفحات التاريخ ماهي التربية التي اوجدت زينب المرأة التي تصّبر اماما معصوما و تحنو على جراحه تضميدا علنا نمد المجتمع بنماذج زينبية الوعي ولا ادعى في المستوى.
وما كان النجاح يكتب لزينب (ع) التي كانت العامل الاهم في اعلام الثورة الحسينية في قلب الموازين و كشف الحقائق التي اراد يزيد لها ان تنطمس انطماس الآثار في الكثبان الرملية وهو يحاصر الامام الحسين (ع) بجيش جرار في صحراء بعيدة و ينهي المسألة بعيدا عن الانظار ثم يفتري على الحسين بما يحلو له ، ما كان لها ان تقلب معادلة خططت من قبل سلطة حاكمة تستعين بشاطين الانس و الجن لو لا انها اعدت لهذا الدور عقائدياً فما كان لها سلام الله عليها ذلك لو لا صلابة عقيدتها وهي ترى ما يجري على الامام الحسين (ع) من فجائع لم يعرف لها التاريخ مثيلاً وكما يقول السيد الخامنئي : ان هناك مايدل على حصول الشك و الارتداد بعد حادثة عاشوراء بينما نجدها سلام الله عليها تؤدي النوافل فيما بعد عاشوراء.
كما للدور التربوي اثرا كبيراً اذ ان زينب انما استطاعت ان تضطلع بهذا الدور لانها اعدت لهذا اليوم و تربت على الشجاعة وقول الحق و تمتعت بعزة النفس وهي من اسمى ما يقدمه الاباء لابنائهم .
وهكذا صور لنا التاريخ صورة مشرقة ركزنا و للآسف على جانب المظلومية منها حين مرر الدناة النساء على الإجساد المباركة بعد ان داسوا عليها وقد مثلوا بها ليضهروا لهن مدى الانتصار مروا بهن تشفيا حتى يبكين حتى يندبن و يمكننا ان نتصور الموقف : كل امرأة لها اخ او زوج أو ابن لكن كيف موقف العقيلة ؟ عندما وصلت الى الجسد الطاهر و المقطع للحسين (ع) نفضت الحجارة ، نزعت الرماح، أخرجت السيوف ثم وضعت يدها تحته و رفعته تحت السماء، وقالت : اللهم تقبل منا هذا القربان إعلاناً ان هذا الموقف هو من صنع ايدنا ولا ولم يفرض علينا، طالما جنيناه صنع ايدينا، نحن قدمنا الحسين الى جواد المنية فداءاً للدين نرجو من الله ان يتقبل منا
احداث عاشوراء جميلة بعين زينب !
طرق أسماعنا جميعاً قول عبيدالله بن زياد حين خاطب السيدة زينب بمنطق الثمل بسكر العشق الدينوي: ( كيف رأيت صنع الله باخيك الحسين )؟! وبكينا من أعماق مشاعرنا ونحن نخال السيدة بعد كل المصائب التي جرت عليها ... بكينا لشماتة ابن زياد و نسينا ان علينا التدقيق في جواب السيدة لكي نستوحي من عاشوراء درس العبرة و العبرة ليطير القلب بهما في مدارج الكمال و لكي لا يكون نظرنا الى عاشوراء بعين عوراء وهذا ما نود تلافيه حين نتأمل عمق الرؤية الزينبية لحقائق الامور و بواطنها و نتائجها على المدى البعيد ، فأي فرق بين الرؤية التي نبع منها جواب ابن زياد و الرؤية التي انبثق منها جواب السيدة زينب .
مارغرت ثاتشر... نهاية أسطورة
رغم مغادرتها الحياة السياسية منذ سنوات، لا تزال مواقف «بارونة كيستيفين» تشكّل علامة في المشهد السياسي البريطاني والعالمي. 11 عاماً قضتها ثاتشر في رئاسة الحكومة، حيث كانت أول امرأة تتبوأ هذا المنصب منذ مطلع القرن التاسع عشر في الإمبراطورية العظمى التي لا تغيب عنها الشمس.
«المرأة الحديدية»، التي تركت بصماتها واضحة على سياسة «10 داوننغ ستريت» منذ مرحلة حكمها (1979-1990)، عادت الى الضوء مجدداً أمس في خبر نعي أعلنه ولداها مارك وكارول ثاتشر، إثر إصابتها بالسكتة الدماغية.
ورغم انقسام الشارع البريطاني بين مؤيد ومعارض لسياستها، إلّا أن الإرث السياسي للمرأة التي شهدت بداية تحولات القارة العجوز نحو مشروع الوحدة، قد طبع تأثيره الواضح على خلفائها، من المحافظين والعمال، فيما اشتهرت بطبيعتها الشديدة وعدم خشيتها من المواجهة إذا اضطر الأمر.
تميزت مرحلة حكم «البارونة» بقرارات مثيرة للجدل، سميت إصلاحات في نظر مؤيديها، بينما اعتبر معارضوها أن ما قامت به من إصلاحات في النظام المالي قلّص دور الدولة لمصلحة الشركات بعنوان الخصخصة، وأسهم في دعم السوق الحرة في البلاد. وكان من نتائج سياساتها رفع الضرائب على المواطنين واعتماد خطة تقشف صارمة وإلغاء الرقابة على الأسعار بذريعة تصحيح معدل التضخم، ما دفع بعض وسائل الإعلام إلى وصفها بـ«سارقة حليب الأطفال»؛ لأن خطتها للتقشف منعت توزيع الحليب المجاني على أطفال المدارس في بلادها.
وبدا أن هدف المرأة «المحافظة» التماهي أكثر مع سياسة حليفتها الولايات المتحدة، في تعزيز اقتصاد السوق وضرب النقابات العمالية، لهذا حفلت فترة جلوسها في «10 داوننغ ستريت» باحتجاجات شعبية وإضرابات قادتها الحركة النقابية. ولعل أبرز تلك الاحتجاجات تلك التي تحولت إلى مواجهات بين عمال المناجم والشرطة بعد أن رفضت حكومة ثاتشر تعديل برامج مجلس الفحم الحجري القومي التي تعنى بإغلاق المناجم.
وفي إيرلندا الشمالية، التي ارتبطت بعلاقة عداء طويلة مع لندن على خلفيات مذهبية بين الكاثوليك المعارضين والبروتستانت المؤيدين للملكية البريطانية، كانت ثاتشر حازمة في تعاطيها مع مطالب الجيش الجمهوري الإيرلندي، رافضة التنازل في هذا الملف، الأمر الذي أجج بشكل أكبر أعمال العنف في تلك المقاطعة. ولعل هذه الشدة التي أعطتها لقب «المرأة الحديدية» هي ما جعل «البارونة» مكروهة من الإيرلنديين الشماليين الذين حاولوا في عام 1984 اغتيالها بقنبلة موقوتة نجت منها بأعجوبة.
على صعيد السياسة الخارجية، اتخذت ثاتشر في عام 1982 قراراً بالمواجهة مع الأرجنتين التي حاولت إعادة جزر الفوكلاند في جنوب المحيط الأطلسي إلى سيادتها، من بريطانيا التي تتنازع معها على ملكيتها. وتمكن البريطانيون من الاحتفاظ بهذه الجزر بعد معركة لم تدم طويلاً. وفيما كشفت وثائق خاصة من أرشيف رئيسة الوزراء البريطانية السابقة، نشرت العام الماضي، النقاب عن رفض بعض الأعضاء الكبار في حزب المحافظين الحرب بشأن جزر فوكلاند، ومن أن ثاتشر فوجئت باندلاع هذه الحرب، تشير بعض المذكرات التي دونتها هي بنفسها، إلى أنها كرست معظم ساعات النهار والليل لمتابعة الحرب.
وعلى المستوى الأوروبي، ساعدت ثاتشر في إنشاء السوق الموحدة، وتفاعلت مع أوروبا الشرقية، ودعمت توسيع الاتحاد الأوروبي. وكانت علاقة ثاتشر بالرئيس الأميركي رونالد ريغان، متينة جداً، حيث اشترك الاثنان معاً في تبني عدد من الخطط التي كانت تستهدف إضعاف الاتحاد السوفياتي، بينما أيدت سياسة البريسترويكا للرئيس السوفياتي ميخائيل غورباتشوف، التي أدت إلى تفتيت المنظمة الشيوعية في شرق أوروبا. ولعل موقف لندن المحابي لواشنطن خلال غزو إسرائيل للبنان في حزيران 1982، يشكل وصمة عار على جبين المرأة التي باركت هذه الغزو.
عام 1990 كان بداية نهاية الحياة السياسية لثاتشر، التي تقدمت باستقالتها من رئاسة الحكومة، بعد تأكدها من عدم قدرتها على الفوز في انتخابات زعامة حزب المحافظين، لتستمر في مجلس العموم حتى سنة 1992، منهية بذلك مسيرة سياسية ورثتها بالأصل عن والدها.
فثاتشر ابنة بائع الخضار ألفريد روبيرتس، الذي حصل على عضوية حزب المحافظين وعضوية المجلس المحلي، مساهماً بنحو كبير في تشكيل حياتها السياسية، بينما ورثت عن والدتها، حائكة الثياب، قدرتها على نسج المواقف.
في الثالث عشر من تشرين الأول عام 1925، أبصرت «بارونة كيستيفين» النور في مدينة غرانثام التابعة لمقاطعة لينكونشاير. التحقت عام 1943 بكلية سومرفي في جامعة أكسفورد لتتخصص في علم الكيمياء. كذلك أصبحت ثالث سيدة تشغل منصب رئيس جمعية المحافظين في جامعة أكسفورد. بعد تخرجها، عملت ثاتشر في قطاع البحث الكيميائي في مجال الصناعات البلاستيكية، والتحقت أيضاً بالمنظمة المحلية التابعة لحزب المحافظين.
ويبدو أن الاختبارات الكيميائية لم تشبع رغباتها، فقررت متابعة أبحاثها في مختبرات السياسة، حيث دخلت في عام 1959 عالم السياسة لتتبوأ فيه عدة مناصب ومسؤوليات خلقت لديها خصوماً ومؤيدين في آن واحد. ففي عام 1959، انتخبت ثاتشر عضواً في البرلمان البريطاني عن حزب المحافظين في مقاطعة فينتشلي، ثم شغلت منصب وزير التعليم عام 1970 تحت رئاسة رئيس الوزراء الأسبق تيد هيث. إلا أن عدم التزام هيث السياسات الاقتصادية لحزب المحافظين، دفع ثاتشر إلى أن تنافسه على زعامة الحزب وتربح الرهان عام 1975. وبين عامي 1979 و1990، فازت ثاتشر في الانتخابات بثلاث فترات متتالية لتصبح أول سيدة بريطانية تتقلد منصب رئيس وزراء في بلادها.