
Super User
موسكو ترفض احتجاجا إسرائيليا على دعوة هنية لزيارة روسيا
رفضت موسكو احتجاجا إسرائيليا على توجيهها دعوة إلى إسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" الفلسطينية لزيارة روسيا، بحسب إعلام إسرائيلي.
وذكرت القناة الإسرائيلية العاشرة (غير حكومية) الثلاثاء، أن السفير الإسرائيلي لدى موسكو غاري كورين، وجه إلى الخارجية الروسية رسالة احتجاج رسمية على هذه الدعوة، كما وجهت الخارجية الإسرائيلية رسالة مماثلة إلى السفارة الروسية في تل أبيب.
وتعتبر إسرائيل حماس "جماعة إرهابية"، فيما تؤكد الحركة أنها تقاوم الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية.
وأضافت القناة التلفزيونية أن الخارجية الروسية رفضت هذا الاحتجاج، وردت على الدبلوماسيين الإسرائيليين بالقول: "أنتم أنفسكم تتحدثون مع حماس".
وتابعت القناة أن رئيس الوكالة اليهودية (حكومية) يتسحاق هيرتسوغ، بحث هذا الموضوع، أمس، مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف.
وقال لافروف إن روسيا دعت هنية إلى زيارتها في إطار جهود موسكو لمنع تدهور الأوضاع في المنطقة، وفقا للقناة الإسرائيلية.
ماذا يريد العدو من زيادة نشاطاته العدائية على الحدود مع لبنان؟
بمعزل عن اختراقاته الدائمة للاجواء اللبنانية، عبر القاذفات او الطيران المسير، والتي ما انفك يقوم بها منذ ما قبل عدوان تموز 2006 وحتى الان مخالفا القرار الدولي 1701، تتكاثر تحركات العدو الاسرائيلي في هذه الفترة على الحدود مع لبنان. وتحت عنوان عملية "درع الشمال"، والتي خصصها بمهمة التفتيش عن انفاق مزعومة اخترقت اراضي فلسطين المحتلة، يبدو من نشاطاته العدائية الاخيرة على الحدود، وكأنه يبحث عن أهداف اخرى تختلف عن اكتشاف الانفاق.
تتوزع النشاطات العسكرية لوحدات العدو على اغلب المناطق الحدودية، بين اعمال الحفر والبحث عن الانفاق، والتي يقوم بها في عدة امكنة ومنها بمواجهة كفركلا والعديسة، او بمواجهة رامية وعيتا الشعب، او بمواجهة ميس الجبل ومحيطها، وبين اعمال واجراءات عسكرية اخرى، مثل زرع أجهزة تجسس وتحسس مع كاميرات مراقبة على نقاط محاذية بالكامل للشريط الشائك المحدد للخط الازرق، او لخط السياج التقني الذي وضعه العدو كمستند ميداني لحركة وحداته، او محاولة العبث بالشريط الشائك وتحريكه في نقاط متداخلة مع الاراضي اللبنانية بغياب ضباط ارتباط اليونيفل وبغياب فريق الطوبوغرافيا التابع للجيش اللبناني، بالاضافة لاستحداث مراكز مراقبة ورماية جديدة قريبة مباشرة من الحدود، مع تحصينها وتجهيزها بالاسلحة المتوسطة وبكاميرات المراقبة بشكل استفزازي وعدائي.
عمليا، ومن الجهة المقابلة من الاراضي اللبنانية، بالاضافة لتواجد المواطنين اللبنانيين من مقاومين ومن أصحاب الاراضي الحدودية والمعنية مباشرة بتحركات العدو، يتولى الجيش اللبناني مهمة المراقبة والحماية والمتابعة بشكل مباشر لتلك النشاطات العدائية، من خلال انتشار مقابل وموازٍ بالكامل لتواجد وتحركات الوحدات العدوة في المكان وفي التوقيت، وتقوم وحداته بتنفيذ كافة الاجراءآت العملية بمواجهة العدو، والتي تحفظ السيادة وخط الحدود وقواعد الاشتباك كما يرعاها القرار 1701 بالكامل، وفي نفس الوقت بشكل يرد على الاستفزازات العدوة بالشكل المناسب، وكان آخرها بالامس وقوف مجموعة عسكرية لبنانية بإمرة ضابط مقدام شجاع، بطريقة عنيفة وصادمة، بوجه وحدة عدوة تراجعت مرغمة، بعد أن كانت تحاول زرع وتثبيت شريط شائك بطريقة مخالفة لقواعد الاشتباك ولبنود ومندرجات القرارين الدوليين 425 و1701.
إذا تجاوزنا موضوع استغلال هذه النشاطات العدائية التي يقوم بها العدو لخلق ذريعة تنفيذ عدوان واسع على لبنان، كون هذا العدوان الذي لا شك انه يريده دائما، يخشاه ويتهرب منه حاليا لعدة اسباب اصبحت معروفة لدى الجميع، ليس آخرها معادلة الردع التي فرضتها المقاومة، فلا شك ان نشاطاته واستفزازاته الحدودية هذه، والتي تتطور بشكل يومي لدرجة تزيد من فرص الاحتكاكات المباشرة ومن امكانية الصدام او المواجهة مع الجيش اللبناني، وربما مع المقاومين والمواطنين، لا تأتي بشكل عفوي او نتيجة اجراءات عادية وردات فعل آنية وطارئة، بل كما يبدو، يقوم بها العدو استنادا لمخطط مدروس ومبرمج، من الواضح ان اهدافه منها تتمحور حول التالي:
ـ اختبار التزام وجدية الجيش اللبناني بقرار المواجهة، عله يتوصل الى ظهور تهاون ما من الجيش في الرد او في التصرف حيال استفزازاته، يعتقد انه قد يحصل نتيجة الخوف او التهرب من المواجهة نظرا للفارق الكبير في القدرات العسكرية، فيستعمله دوليا واعلاميا اولا للايحاء بأن الجيش اللبناني لا يرغب بمواجهته، وثانيا وهذا هو الاهم، لمحاولة الايقاع بين هذا الجيش ومن ورائه الحكومة والدولة اللبنانية، وبين المقاومة والمواطنين، على خلفية تراخي الجيش وامتناعه عن مواجهة استفزازات العدو.
ـ محاولة إدخال تعديل اساسي في بنود القرار 1701 لناحية معالجة الانفاق في الجانب اللبناني، من خلال اعطاء اليونيفيل صلاحيات ميدانية على الحدود، اوسع من صلاحياتها الحالية، وهذا الموضوع دائما كان العدو ومن ورائه الولايات المتحدة الاميركية، يحاولان طرحه عند كل تصويت لتجديد مهمة اليونيفل في مجلس الامن.
ـ تبادل الادوار مع الولايات المتحدة الاميركية، من خلال إظهارتساهل ووقوف اميركي مع لبنان تجاه ما تطرحه "اسرائيل" لناحية فرض عقوبات على الجيش اللبناني، بسبب تساهله بتطبيق بنود القرار 1701، والهدف من ذلك قد يخفي مناورة اميركية، تقوم على التقرب من الجيش اللبناني عبر الدخول اكثر معه بمشاريع عسكرية تتعلق باعطائه تجهيزات خاصة بضبط الحدود والخط الازرق، مثلا دعم افواج او وحدات الحدود بتقنيات حديثة للمراقبة، تخلق الفرصة لضباط اميركيين بالتواجد عند تلك الحدود مباشرة، مما يعطيهم مجالا اوسع للحصول على معلومات حساسة، تتعلق بالمقاومة وبطريقة عملها.
ـ خلق ربط نزاع مع الجيش اللبناني وتوسيعه تدريجيا، من خلال خلق الحاجة الدائمة لمعالجة الاشكالات والاستفزازات والاجراءات التي تدخل ضمن صلاحية اللجنة الثلاثية، فتزداد بذلك اجتماعات هذه اللجنة في الناقورة، ويعتقد العدو ان ذلك قد يخلق نوعاً من التقارب او ما يشبهه مع الجيش اللبناني .
ـ خلق جو من التطبيع غير المباشر على الحدود بين وحداته من جهة وبين الجيش والمقاومة والمواطنين من جهة اخرى، من خلال زيادة فرص الاحتكاك اليومي غير المُفَجِّر للاوضاع وغير المُسَبِّب للمواجهة، وفرض حالة من التواصل غير المباشر بين اللبنانين وبين جنوده عبر الصراخ او التحرش غير العنيف بالكلام وما شابه.
العهد - شارل ابي نادر
ایران والسعودية توقعان مذكرة تفاهم حول موسم الحج القادم
وقعت الجمهورية الاسلامية الايرانية والسعودية اليوم الثلاثاء مذكرة تفاهم حول موسم الحج القادم في ختام المحادثات التي بدات بين الجانبين اول امس الاحد.
وفي اجتماع الخبراء تم مناقشة واعداد القضايا التنفيذية للحج للمحادثات التي جرت بين رئيس منظمة الحج والزيارة الايرانية علي رضا رشيديان ووزير الحج السعودي محمد صالح بن طاهر بنتن.
وفي الاجتماع النهائي بين رشيديان وبنتن تباحث الجانبان حول حصيلة محادثات الخبراء والقضايا المطروحة من قبل الطرفين، حيث قدم رئيس منظمة الحج والزيارة الايرانية قائمة بمشاكل الحج للموسم الماضي وعرض مقترحات للحج القادم.
من جانبه طرح وزير الحج السعودي وجهات نظره حول القضايا المطروحة ووعد بمعالجة المشاكل السابقة والتخطيط لتحسينها في موسم الحج القادم، وهو ما اسفر بالتالي عن توقیع مذكرة تفاهم للحج القادم بین الطرفین.
ومن ضمن البنود المتفق عليها بين الطرفين؛ تدشين مكتب لمنظمة الحج والزيارة الايرانية في السعودية وتسهيل اصدار تاشيرات الدخول واقامة اعضاء اللجان التنفيذية والفريق القنصلي في الموعد المقرر ومتابعة معالجة المشاكل في مختلف مجالات العمليات التنفيذية.
ووفقا لمذكرة التفاهم فقد اتفق الطرفان على ان يكون عدد الحجاج كما كان في العام الماضي وهو 86 الفا و 500 حاج يؤدون مراسم الحج في منتهى العزة والكرامة والامن والسلامة.
يذكر ان وزارة الحج السعودية تدعو كل عام جميع الدول الاسلامية فيما يتعلق بموسم الحج وبناء عليه فقد وجهت الدعوة لمنظمة الحج والزيارة الايرانية للبحث حول هذا الموضوع.
الادلة علی العدل الالهی
تعريف العدل([1]):
ورد عن الإمام علي (عليه السلام) في تعريفه للعدل الإلهي: والعدل ألاّ تتوهمه، أي ألاّ تنسب إليه ما لا ينسجم مع كماله كالظلم للعباد أو العبث فيما يصدر عنه من قول أو فعل، وبهذا فالعدل يطلق على:
أ ـ نفي الظلم بإعطاء كل ذي حق حقه.
ب ـ نفي العبث، وذلك بوجود المصلحة، بكل ما يصدر عن الله تعالى.
الأدلة على العدل الإلهي([2]):
أولاً: الدليل العقلي: وملخصة أن الله تعالى لو كان يفعل الظلم والقبيح فإن الأمر لا يخلو عن أربع صور.
1 ـ أن يكون جاهلاً بالأمر فلا يدري أنه قبيح.
2 ـ أن يكون عالماً به، ولكنه مجبور على فعله وعاجز عن تركه.
3 ـ أن يكون عالماً وغير مجبور عليه ولكنه يحتاج إلى فعله.
4 ـ أن يكون عالماً به وغير مجبور عليه ولا يحتاج إليه فينحصر في أن يكون فعله له تشهياً وعبثاً ولهواً.
وكل هذه الصور محال على الله تعالى وتستلزم النقص في الله تعالى وهو محض الكمال، فيجب أن نحكم أنه منزه عن الظلم وفعل ما هو قبيح.
ثانياً: دليل النصوص الشرعية:
قال تعالى: (وما الله يريد ظلماً للعباد). فاطر / 31
وقال: (وما خلقنا السماوات والأرض وما بينهما لاعبين). الأنبياء / 16
يقول الإمام علي (عليه السلام): وإرتفع عن ظلم عباده وقام بالقسط في خلقه وعدل عليهم في حكمه([3])، ويقول (عليه السلام) أيضاً: ولم يخلق السماوات والأرض وما بينهما باطلاً، ولم يبعث النبيين مبشرين ومنذرين عبثاً([4]).
آثار العدل الإلهي([5]):
ومن آثار الإيمان بالعدل الإلهي نذكر:
أ ـ ضبط النفس: لأن الإنسان حينما يشعر أن قوله وعمله تحت رقابة الله وأنه سوف يرى جزاء كل خير أو شر محضراً في حياة ثانية، فإنه يعمل على الإلتزام بفعل الأوامر الإلهية وترك النواهي يفعل الطاعات ويترك الذنوب، قال تعالى: (فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره). الزلزلة / 7 ـ 8
ب ـ التفاؤل: حيث يرى أن إله العالم عادل فلديه التفسير السليم للكوارث الطبيعية والشرور الإجتماعية والمصاعب في الأحكام الإلهية، مما يرفع عنه القلق ويكسبه المقاومة، يقول الإمام علي (عليه السلام) عن المؤمن: صبور في المكاره، وقور في الزلازل([6]).
ج ـ حياة العدل: الإنسان المؤمن بالعدل الإلهي مهيأ بل وحريص لقبول العدل في الحياة الفردية والإجتماعية، وهذا ما يحقق للجميع سعادة الدنيا والآخرة.
هل الإنسان مسير أم مخير([7])؟
للإنسان جانبان:
الأول: غير إرادي فلا يخضع لإرادة الإنسان وإختياره كحركة القلب والتنفس وما شابه ذلك.
الثاني: إرادي يخضع لحرية الإنسان وإختياره كالأكل والشرب والصلاة والصيام.
والسؤال المطروح ليس هو من الجانب الأول لوضوحه، وإنما وقع الإختلاف في الجانب الثاني وهل أنه خاضع لإرادة الإنسان وحريته أم أنه مفروض عليه؟
ومن أجل الإجابة على هذا السؤال فقد طرحت ثلاث إجابات لثلاث فرق إسلامية فيما يلي عرضها:
الأولى: المجبرة: ويراد بالمجبرة أولئك الذين يقولون بأن كل فعل يصدر عن الإنسان فهو مخلوق لله سواء كان ذلك الفعل الصادر خيراً أو شراً، من دون أن يكون للإنسان أي إختيار أو أثر في صدوره عنه أو منع صدوره وقد إستدل هؤلاء لمذهبهم بآيات منها قوله تعالى: (الله خالق كل شيء وهو على كل شيء وكيل). الزمر / 62، وقوله تعالى: (والله خلقكم وما تعملون). الصافات / 92، ويقال بأن أول من إبتدعها وروج لها الجعد بن درهم مولى بني الحكم من أهل الشام مربي بعض الخلفاء الأمويين أخذها عن اليهود بعد إتصاله بهم ثم أخذها عنه الجهم بن صفوان عندما إلتقاه في الكوفة، وقد ثبت الأمويون هذه الفكرة في أذهان بعض أتباعهم ومريديهم ثم إحتضنوها وعملوا على نشرها وترويجها وحمايتها وذلك لأنها ترفع عنهم أمام الناس وزر ما يرتكبون من موبقات ويأتون من منكرات وجرائم بإعتبار أنهم مجبورون على إتيانها ولا إختيار لهم فيها.
ويلاحظ أن فكرة الأشاعرة عن أفعال الإنسان تلتقي في نتيجتها مع فكرة المجبرة، وذلك لأن الأشاعرة يقولون: إن أعمال العباد مخلوقة لله مقدورة له، ومرجع ذلك إلى إنكار السببية الطبيعية بين الأشياء وأن الله هو السبب الحقيقي لا سبب سواه إذ ظنوا أن ذلك هو مقتضى كونه تعالى هو الخالق الذي لا شريك له.
الثانية: القدرية المفوضة: ويراد بالقدرية أولئك الذين يقولون بأن كل فعل يصدر عن الإنسان خيراً كان أو شراً فهو مخلوق له وحده بعد أن قدره بعلمه وتحرك نحوه بإرادته من دون أن يكون لعلم الله أو إرادته دخالة في تقديره وإرادته بل ذهب هؤلاء إلى القول بأن الله لا يعلم فعل العبد إلاّ بعد إيجاده له، وقد إتخذ القدرية هذا الموقف من أفعال الإنسان كرد فعل لموقف المجبرة المتقدم من تلك الأفعال، ومن حملة لواء هذه الفكرة غيلان الدمشقى الذي يستدل على فكرته بقوله تعالى: (انا هديناه السبيل إمّا شاكراً وإمّا كفوراً). الإنسان / 3
ويلاحظ أن عقيدة المعتزلة في أفعال الإنسان تلتقي في جوهرها مع فكرة القدرية وذلك لأن المعتزلة يقولون بمبدأ حرية الإرادة في أفعال الإنسان، وبعبارة أخرى يقولون: إن الإنسان مستقل في أفعاله وليست له حاجة إلى الله تعالى بإعتبار أن نسبة الأفعال إليه تستلزم نسبة النقص إليه.
الثالثة: الأمر بين الأمرين: وهو الطريق الوسط الذي عليه أهل البيت (عليهم السلام)وشيعتهم حيث يقول الإمام الصادق (عليه السلام): لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين([8])، وخلاصته أن أفعالنا من جهة هي أفعالنا حقيقة ونحن أسبابها الطبيعية وهي تحت قدرتنا واختيارنا ومن جهة أخرى هي مقدورة لله تعالى وداخلة في سلطانه لأنه مفيض الوجود ومعطيه ولأنه الآمر والناهي، قال تعالى: (وما تشاؤن إلاّ أن يشاء الله). الدهر / 30
فالإستثناء من النفي يفيد أن مشيئة العبد متوقفة في وجودها على مشيئة الله، فلمشيئة الله تأثير في فعل العبد من طريق تعلقها بمشيئة العبد، وليست متعلقة بفعل العبد مستقلاً في إرادته يفعل وبلا واسطة حتى تستلزم بطلان تأثير إرادة العبد وكون الفعل جبرياً ولا أن العبد مستقلاً في إرادته يفعل ما يشاؤه شاء الله أو لم يشأ، فالفعل إختياري لإستناده إلى إختيار العبد، وأمّا إختيار العبد فليس مستنداً إلى إختيار آخر.
ومن هذا العرض ظهر لنا بأن المجبرة ينسبون الظلم لله تعالى عندما ذهبوا إلى أن الإنسان مجبور في أفعاله من خير أو شر ومع ذلك يحاسب الله تعالى عليها، كما أن المفوضة بإعتبارهم الإنسان مستقلاً في أعماله عن الله قد أخرجوا الله من سلطانه وأشركوا غيره معه في الخلق، وأمّا مذهب أهل البيت (عليهم السلام) فقد أدرك الحقيقة عندما إعتبر الإنسان مسؤولاً عن أعماله ولكنه في نفس الوقت مرتبط بالله الذي خلقه وأمده بالجوارح ومختلف الطاقات وأمره بما فيه صلاحه ونهاه عما فيه خسرانه، وقد أوضح السيد الخوئي الأمر بين الأمرين بالمثال الآتي:
لنفرض أن إنساناً كانت يده شلاء لا يستطيع تحريكها بنفسه، وقد إستطاع الطبيب أن يوجد فيها حركة إرادية وقتية بواسطة قوة الكهرباء، بحيث أصبح الرجل يستطيع تحريك يده بنفسه متى أوصلها الطبيب بسلك الكهرباء، وإذا إنفصلت عن مصدر القوة لم يمكنه تحريكها أصلاً، فإذا وصل الطبيب هذه اليد المريضة بالسلك للتجربة مثلاً وإبتدأ ذلك الرجل المريض بتحريك يده ومباشرة الأعمال بها ـ والطبيب يمده بالقوة في كل آن ـ فلا شبهة فى أن تحريك الرجل ليده في هذه الحال من الأمر بين الأمرين، فلا يستند إلى الرجل مستقلاً لأنه موقوف على إيصال القوة إلى يده وقد فرضنا أنها بفعل الطبيب ولا يستند إلى الطبيب مستقلاً، لأن التحريك قد أصدره الرجل بإرادته، فالفاعل لم يجبر على فعله لأنه مريد، ولم يفوض إليه الفعل بجميع مبادئه لأن المدد من غيره، والأفعال الصادرة عن الفاعلين المختارين كلها من هذا النوع، فالفعل صادر بمشيئة العبد، ولا يشاء العبد شيئاً إلاّ بمشيئة الله تعالى.
القضاء والقدر([9]):
المعنى:
القضاء: هو إمضاء الشيء وإبرامه، قال تعالى: (فقضاهن سبع سماوات في يومين). فصلت / 12، عن أبي عبدالله (عليه السلام): إن الله إذا أراد شيئاً قدره، فإذا قدره قضاه، فإذا قضاه أمضاه([10]).
وعلى ذلك فإن القدر يمكن أن يتخلف وأمّا القضاء فلا يرد.
القدر: ومعناه الحد فقدر الشيء هو المقدار الذي لا يتعداه والحد الذي لا يتجاوزه في جانبي الزيادة والنقيصة، قال تعالى: (كل شيء خلقناه بقدر). القمر / 62
أنواعهما:
الأول: القضاء والقدر في التكوين وهما بمعنى الخلق والإيجاد، قال تعالى: (فقضاهن سبع سماوات). فصلت / 12، وقال: (وقدر فيها أقواتها). فصلت / 41
الثاني: القضاء والقدر في التشريع، وهما بمعنى الأمر والحكم، قال تعالى: (وقضى ربّك ألاّ تعبدوا إلاّ إياه وبالوالدين إحساناً). الإسراء / 22، وقال: (إلاّ إمرأته قدرنا إنها لمن الغابرين). الحجر / 15
الثالث: القضاء والقدر بمعنى خضوع العمل للقانون الإلهي وسنته وعدم خروجه عن دائرته وهذا المعنى هو الذي فات بعض المسلمين إدراكه فزعموا أن ما يصيب الإنسان من خير أو شر إنما يصيبه بقضاء من الله وقدر، أي أن الإنسان مفروض عليه ذلك الفعل ولا خيار له فيه، والحقيقة أن ما يصيب الإنسان من خير أو شر هو بسبب فعله وإختياره ولكنه في نفس الوقت لا يخرج هذا الفعل عن قضائه وقدره أي قانونه، ففي رواية عن الإمام علي (عليه السلام) أنه كان جالساً في ظل جدار وفجأة عرف أن الجدار مشرف على الإنهدام فإبتعد عنه حالاً وحينئذ إعترض أحد الحضور قائلاً: أمن قضاء الله تفر يا علي؟ أي لو أن الله أراد لك الموت فسواء أفررت من تحت الجدار الموشك على السقوط أم لم تفر فإن موتك محقق، ولو أنه سبحانه أراد لك الحياة ففي أية صورة فهو يستطيع حفظك فما معنى فرارك إذن من تحت الجدار المفطور؟ فأجابه علي (عليه السلام): أفر من قضاء الله إلى قدره.
ومعنى هذه الجملة أن أي حادث لا يحدث بالكون إلاّ بتغيير من الله وقضاء، فإذا عرض الإنسان نفسه للخطر ثم تضرر من ذلك فهذا قانون الله وقضاؤه وإذا فر الإنسان من الخطر ونجا بنفسه فذلك أيضاً قانون الله وتقديره، ولو شرب الإنسان الدواء ونجا من المرض فهذا قانون الله أيضاً، وعلى هذا فإذا فر إنسان من تحت الجدار المفطور فهو لم يخالف قضاء الله وقدره، لأن هذه الشروط بحكم قانون الله أن يكون الإنسان مصوناً من الموت، وإذا بقي الإنسان مصراً على البقاء تحت ذلك الجدار ثم قضى عليه نتيجة لسقوط الجدار فهو أيضاً قانون الحياة الذي لا يتخلف، أمّا لو فسرنا القضاء والقدر بمعنى نسبة ما يصيب الإنسان من خير أو شر لله دون أي إرادة للعباد فهذا ينفي العدل الإلهي لأن الإنسان في هذه الحالة يحاسب عن أعمال ليس له إرادة في فعلها أو تركها.
أفعال العباد وعلم الله الأزلي([11]): إن علمه سبحانه وتعالى لم يتعلق بصدور أي أثر من مؤثره على أي وجه إتفق، وإنما تعلق علمه بصدور الآثار عن العلل مع الخصوصية الكاملة في نفس تلك العلل، فإن كانت العلة علة طبيعية فاقدة للشعور والإختيار أو واجدة للعلم فاقدة للإختيار فتعلق علمه سبحانه بصدور أفعالها وأثرها عنها بهذه الخصوصية، أي أن تصدر الحرارة من النار من دون أن تشعر فضلاً عن أن تريد، ويصدر الإرتعاش من الإنسان المرتعش عن علم ولكن لا بإرادة وإختيار، فالقول بصدور هذه الظواهر عن عللها بهذه الخصوصية يستلزم إنطباق علمه على الواقع وعدم تخلفه عنه قيد شعرة، وإن كانت العلة عالمة وشاعرة ومريدة ومختارة كالإنسان فقد تعلق علمه على صدور أفعاله منه بتلك الخصوصيات وانصباغ فعله بصبغة الإختيار والحرية فلو صدر فعل إنسان بهذه الكيفية لكان علمه مطابقاً للواقع غير متخلف عنه، وأمّا لو صدر فعله عنه في هذا المجال عن جبر وإضطرار بلا علم وشعور أو إختيار وإرادة فعند ذلك يختلف علمه عن الواقع.
الخير والشر:
بعض الآيات تنسب الخير والشر كله لله تعالى، وبعضها ينسب الخير لله والشر للإنسان فكيف نوفق بين ذلك([12])؟
والجواب: إن نسبة الخير والشر كله لله على إعتبار أن مصادر القوة جميعها بيد الله العليم، حتى تلك القدرة التي يساء إستخدامها، ومن هذا المنطلق ينسب الخير والشر لله لأنه هو واهب القوى، قال تعالى: (وإن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله وإن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك قل كل من عند الله). النساء / 78
وأمّا نسبة الشر والسيئات إلى الناس فهي إنطلاقاً من مفهوم الجوانب السلبية للقضية ومن الأساءة في إستخدام المواهب الإلهية، تماماً مثل والد وهب إبنه مالاً ليبنى به داراً جديدة لكن هذا الولد بدلاً من أن يستخدم هذا المال في بناء البيت المطلوب صرفه في الفساد، لا شك أن الوالد مصدر هذا المال، لكن أحداً لا ينسب تصرف الإبن لوالده لأنه أعطاه للولد لغرض خيري حسن لكن الولد أساء إستخدام المال فهو فاعل الشر وليس الوالد، قال تعالى: (ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك). النساء / 79
الهدى والضلالة ونسبتهما إلى الله تعالى([13]):
حقيقة الجواب تتضح في التفريق بين الهداية العامة التي عليها تبتني مسألة الجبر والإختيار، والهداية الخاصة التي لا تمت إلى هذه المسألة بصلة:
1 ـ الهداية العامة: وتشمل:
أ ـ الهداية العامة التكوينية: والمراد منها خلق كل شيء وتجهيزه بما يهديه إلى الغاية التي خلق لها، قال تعالى: (ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى). طه / 50
ب ـ الهداية العامة التشريعية: وهي عبارة عن الهداية الشاملة للموجود العاقل المدرك المفاضة عليه بتوسط عوالم خارجة عن ذاته وذلك كالأنبياء والرسل والأوصياء والعلماء، قال تعالى: (لقد أرسلنا رسلنا بالبينات وأنزلنا معهم الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط). الحديد / 25
2 ـ الهداية الخاصة:
وهذه الهداية تختص بجملة من الأفراد الذين إستضاؤوا بنور الهداية العامة تكوينها وتشريعها، ليقعون مورداً للعناية الخاصة منه سبحانه، ومعنى هذه الهداية هو تسديدهم في مزالق الحياة إلى سبل النجاة وتوفيقهم للتزود بصالح الأعمال، ويكون معنى الإضلال في هذه المرحلة هو منعهم من هذه المواهب وخذلانهم في الحياة ويدل على ذلك قوله تعالى: (إن الله يضل من يشاء ويهدي إليه من أناب). الرعد / 27
فعلق الهداية على من إتصف بالإنابة والتوجه إلى الله تعالى وقوله: (والله لا يهدي القوم الظالمين). الجمعة / 5
وعلى ضوء ما تقدم نعرف أن الهداية العامة التي بها تناط مسألة الجبر والإختيار عامة شاملة لجميع الأفراد ففي وسع كل فرد أن يهتدي بهداها، وأمّا الهداية الخاصة والعناية الزائدة فتختص بطائفة المنيبين والمستفيدين من الهداية الأولى.
بقي هنا سؤال هو أن جملة من الآيات تعرب عن عدم تعلق مشيئة الله بهداية الكل كقوله: (ولو شئنا لآتينا كل نفس هداها). السجدة / 13
والجواب أن هذه الآيات ناظرة إلى الهداية الجبرية بحيث تسلب عن الإنسان الإختيار والحرية، وهي تنافي التكليف ومسؤولية الإنسان عن تصرفاته التى بها منزلته.
-----------------------------------------------------------
([1]) اليزدي، دروس في العقيدة الإسلامية: 1 / 191.
نهج البلاغة، الحكمة: 47.
([2]) المظفر، عقائد الإمامية: 53.
([3]) نهج البلاغة، الخطبة: 185.
([4]) الصدوق، التوحيد: 380.
([5]) قراءتي، دروس من القرآن: 83.
([6]) نهج البلاغة، خطبة المتقين.
([7]) الخوئي، البيان في تفسير القرآن: 86 ـ 88.
عقائد الإمامية: 58 ـ 61.
([8]) شبر، حق اليقين: 1 / 149 ـ 150.
([9]) سبحاني، الإلهيات: 429 ـ 542.
مطهري، العدل الإلهي: 146 ـ 147.
([10]) المجلسي، البحار: 121، الحديث 64.
([11]) سبحاني، الإلهيات: 1 / 542 ـ 544.
([12]) الشيرازي، الأمثل: 3 / 301 ـ 302.
([13]) سبحاني، الإلهيات: 1 / 731 ـ 739.
أردوغان وروحاني يترأسان الخميس اجتماع مجلس التعاون الثنائي بأنقرة
يترأس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ونظيره الإيراني حسن روحاني، الخميس المقبل، اجتماع مجلس التعاون رفيع المستوى بين البلدين.
ووفق بيان صادر عن الرئاسة التركية، فإن روحاني سيجري زيارة إلى تركيا للمشاركة مع الرئيس أردوغان في ترؤس أعمال الاجتماع الخامس لمجلس التعاون رفيع المستوى بين البلدين.
ومن المنتظر أن يناقش الاجتماع بمشاركة وزراء من الجانبين العلاقات الثنائية، إلى جانب تبادل وجهات النظر حول التطورات الإقليمية والدولية.
من ايران الى عالم ما بعد الدولار..
تمرّست ايران على مدى اربع عقود على السير في خطى الاكتفاء الذاتي على صعد عدة ابرزها التطوير الاقتصادي والصناعة العسكرية وعلى التكيف مع الحظر والحصار الاميركي والغربي.. لذا فانها ومع انسحاب الادارة الاميركية من الاتفاق النووي استطاعت امتصاص تداعيات القرار والتركيز على تكثيف الخطط الاقتصادية للمرحلة المقبلة وايجاد بدائل تجارية ومالية بغض النظر عن ما اذا كانت اوروبا ستنجح في تجاوز القرار الاميركي ام لا.
خلال الساعات الماضية كان لافتا في هذا المجال امران: ما اعلنه الرئيس روحاني من ان صادرات النفط الإيرانية تحسنت منذ أوائل ت2، وما اعلنه محافظ البنك المركزي الايراني عن إيجاد قنوات للتبادل المالي وإلغاء الدولار بين ايران وعدة دول، حيث وصف هذا الامر بأنه خطوة هامة في مواجهة الحظر المالي المفروض على ايران.
اتى ذلك غداة اعلان مسؤولة السياسة الخارجية لدي الاتحاد الاوروبي فدريكا موغيرني ان الآلية المالية الاوروبية الخاصة للتعاون مع ايران ستدخل حيز التنفيذ خلال الاسابيع القادمة، في وقت تؤكد فيه أوروبا وروسيا والصين التمسك بالصفقة النووية الإيرانية.
وعندما يبحث الاوروبيون عن الية لتجاوز قرار ترامب حول ايران فهم يبحثون عن مصالحهم اكثر من مصالح ايران، والمجال الاكثر حاجة لدى اوروبا هو الدخول الى الاسواق الايرانية اكثر من مسالة الطاقة لأن ايران تصدر النفط بنسبة 3.5 الى 5% فقط.
يقول الكاتب والخبير الاستراتيجي الايراني السيد محمد صادق الحسيني “ان ايران صبرت على الاوروبيين كثيرا وتامل ان يجدوا مساحة للاستقلال عن الولايات المتحدة وقرارات ترامب لانها تعتقد بضرورة الحوار والتعامل مع دول العالم عدا الكيان الصهيوني من اجل ايجاد آلية تعايش بين الاقتصاديات المختلفة خاصة اقتصاديات العالم الثالث المستقلة واقتصاديات الغرب الذي يبحث عن المنفعة المادية المباشرة” .
ويلفت ان “ايران بحاجة الى الجانب الاخلاقي والمعنوي في التعامل مع اوروبا اكثر من الجانب المادي وذلك لضرب الاحادية الاميركية التي تحاول ان تكون هي شرطي العالم ، ومع ذلك هناك عقيدة واسعة في ايران بين كل الاجنحة اعرب عنها سماحة السيد القائد الامام الخامنئي اننا لا نامل من هؤلاء كثيرا، لكن الفرصة متاحة لهم ولكل من يحاول الاستقلال عن الاحادية الاميركية”.
وفي تقييمه للموقف الاوروبي من ايران لا سيما مع الاعلان عن قرب دخول الالية الاوروبية المالية المشتركة للتعامل مع ايران حيز التنفيذ يلفت الحسيني ان “هناك ثغرة في جدار الاتحاد الاوروبي سيما في النمسا وسويسرا اذ على حد معلوماتنا هناك بعض البنوك الصغيرة التي استطاعت ان تعمل باستقلالية عن القرار الاميركي والدولار ، وربما وصل الاوروبيون الى قناعة مؤخرا بأنها يمكن ان تتحول الى الية عامة في الاتحاد الاوروبي خاصة ان امامهم الصين وروسيا ايضا وليس فقط ايران” .
وحول قراءته لعنوان المرحلة على صعيد كسر الاحادية الاميركية ربطا بكل هذه التطورات، يشير الحسيني الى ان “الخروج من الاحادية الاميركية هو سعي حثيث بدأ الحديث عنه بشكل ملموس في العالم منذ العام 2000 عندما بدأت الصين وروسيا بانشاء منتدى شنغهاي للتعاون وهو منتدى مهم جدا وسيكون له مستقبل كبير في المنظومة العالمية”.
ويلفت ان “هذا بدأ ياخذ حيزه الى الجانب العملي اكثر واكثر منذ قرار ترامب باعتبار ان هذا شجع الكثير من الدول على الابتعاد عن العملة الاميركية وهذا ما سينفذ على الارض قريبا خلال شهر بين روسيا والصين وايران وستنضم اليها الهند وتركيا” .
ويفسر الحسيني ان “ذلك سيكون عبر التعامل بطريقتين: إما بالعملات المحلية وهو ما اصبح ممكنا ، أو عبر المقايضة: نفط مقابل اتفاقيات عسكرية ومدنية او مواد زراعية… وهذا يؤسس الى عالم ما بعد الدولار وعالم ما بعد صندوق النقد الدولي والبنك الدولي المؤسستين الاكثر طغيانا في العالم واللتين تؤذيان كثيرا اقتصاديات الدول المستقلة وخاصة دول العالم الثالث وكل قوة في العالم تسعى الى انتعاش اقتصادياتها بعيدا عن الهيمنة الاميركية” .
ويخلص الى ان “هيمنة الدولار يجب ان تسقط وبدأ العالم يلمس هذا بشكل واقعي، من منتدى شنغهاي الى دول البريكس الى كل الدول المستقلة في العالم واظن اننا نتجه الى هذه المرحلة بشكل متسارع بعد ان كان السير نحوها بطيئا منذ العام 2000 “.
بنتيجة الامر يشكل القرار الاوروبي باستمرار التعاون مع ايران والالتزام بالاتفاق النووي وتجاوز الحظر على ايران ظاهرة لافتة بوجه الاحادية الاميركية يجدر التوقف عندها وعند دلالاتها ونتائجها بانتظار ان يتم تقييم نتائج عمل الالية الاوروبية المشتركة للقفز على الحظر الاميركي ضد ايران، واذا ما اضيفت القرارات الاوروبية الى التطورات المتعلقة بالتعاون الايراني الروسي الصيني ماليا خارج الدولار فإننا ندخل نحو عصر ما بعد الدولار عمليا وهذا يجعل هيمنة ونفوذ اميركا تضعف وتتقهقر شيئا فشيئا حتى مع امتلاكها قوة عسكرية ضخمة.
احمد شعيت
ماذا وراء تلويح أنقرة بعملية عسكرية في شرق الفرات؟
تلويح أنقرة المتلاحق في الإعراب عن عزمها تنفيذ عملية عسكرية في شرق الفرات، ربما تتعمدّه مشوباً بالغموض بشأن المدى الزمني المزمع أن تقوم به وبشأن جغرافية هذا الشرق الذي تسعى لاحتلاله وإذا كان يضاف إلى حوالي 10 آلاف كم2 باتت تحتلها من شمال سوريا لتحيل كما يبدو الشمال السوري جنوبا لها .
سلسلة التصريحات التركية يصعب الركون إليها لكثرة ما تعرجت خلال فترات متقطعة في البحث عن دلائل تدين الكرد بالإرهاب، لكي تبرر ذريعة الرد التركي في هذه المنطقة.
التعرجات بدأت منذ إعلان إردوغان قبل أشهر عن عملية عسكرية باتجاه منبج التي حنث الأميركيون بتعهداتهم إخراج القوات الكردية منها. ومن ثَمَ توسع إردوغان بتهديداته لتشمل تل أبيض ومنبج وعين العرب، وانتهت إلى ما يناقضها تماماً بتصريحه الأخير بأن عملية باتجاه شرق الفرات كله ستبدأ خلال يومين انقضت مهلتهما من دون أن يحدث ما هو معلن.
والأرجح أن أنقرة حققت جزءاً مهما من الأهداف التي سعت إليها من وراء الحملة الاعلامية الكثيفة عن عملية عسكرية واسعة. فقد أجرت حشد الجيش التركي على الحدود من منبج بريف حلب الشمالي وصولاً إلى المالكية بريف القامشلي الشمالي، ونقلت عدداً كبيراً من مسلحي الفصائل القتالية المقرّبة من تركيا في الجبهة الشامية وصقور الشام ولواء السلطان سليمان شاه التركماني، إلى جبهات التماس مع الكرد في ريفي الحسكة والرقة.
لكن الأنباء التي تؤكد انسحاب القوات الأميركية من أكثر من منطقة عند الحدود التركية ــ السورية، تؤكد بالمقابل أن العملية التركية مهما كان حجمها ستكون بالتنسيق مع واشنطن، على الرغم من الاعتراض الأميلاكب إعلاميا على العملية ووصفها بأنها غير حكيمة كما صرح مبعوث الرئيس الأميركي في التحالف الذي أضاف أن عمليات التحالف مستمرة لمعالجة مخاوف أنقرة الأمنية، كما نفى صحة التقارير التي تتحدث عن تغيير مناطق تمركز القوات الأمريكية، واتهمها بأنها تهدف إلى بث الفوضى.
موسكو التي غابت عن قرار العملية التركية، اكتفت بالإعراب عن قلق تجاه ما أسمتها تناقضات كردية ــ عربية في شرق الفرات، وحمّلت واشنطن مسؤولية الامتناع عن اجراء حوار منطقي مع واشنطن حسب الناطق باسم الدفاع الروسية إيغور كوناشينكوف.
أنقرة تحشد إعلامياً وعسكرياً للعملية، وفي هذا السياق استدعيت الصحف للاستنفار ليل نهار في الحديث عن أهمية العملية للأمن القومي التركي والحفاظ على التوازنات في المنطقة، ومنع استمرار انهيارها مع سيطرة الكرد على مساحات واسعة من شمال وشرق سوريا.
أنقرة تحشد على الصعيد الشعبي أيضاً في اجتماع لشيوخ عشائر عربية من الشمال مع ضباط أتراك في الريحانية التركية، فضلاً عن تواتر المعلومات عن نية سعودية ــ إماراتية لإنشاء ما يسمى الجيش العربي من عناصر العشائر العربية في الشمال.
التحشيد السياسي توضّحه خريطة نشرتها وكالة أناضول تضمّ المناطق التي يسيطر على الكرد حيث تقارب ربع مساحة سوريا التي تحتوى على أغنى موارد الطاقة والزراعة والسدود في سوريا. وبأن القوات الكردية تسعى لتشكيل كيان كردي من خلال تهجير 700 ألف عربي من قراهم من دون السماح للأهالي بالعودة إلى مناطقهم بعد استعادتها من "داعش" بينما أعربت وزارة الدفاع الأميركية عن عزمها، قبل وقت مضى، على تشكيل ما يسمى "حرس حدود" من عناصر الوحدات الكردية.
في خضم هذه المتغيرات تقوم الولايات المتحدة بإنشاء نقاط مراقبة في منطقة شرق الفرات، لحماية التنظيم مما وصفته بـ"التحرش" التركي، وهو ما اعتبرته أنقرة حماية للكرد من أنقرة على المدى القصير وتمهيداً لإنشاء جيش نظامي من القوات الكردية كقوة باقية بشكل دائم في المنطقة.
وهو الأمر الذي ربما استدعى الاستعجال التركي للإعلان عن عملية عسكرية، قد يكون هدفها استدراج واشنطن في الوقت الراهن إلى تنازلات في الشمال السوري على حساب الحليف الكردي، على غرار ما قدمته واشنطن في عفرين. وفي هذا الأمر لعل واشنطن تتخذ إنهاء معاركها بمواجهة "داعش" في الهجين، أولوية لها قبل أن تبدأ التفاوض مع أنقرة على تحديد الأثمان.
ديمة ناصيف
اجتماع لوزراء خارجية الدول الضامنة لمسار أستانا الثلاثاء في جنيف
أعلنت وزارة الخارجية الروسية، اليوم الإثنين، أن لقاءً سيعقد غداً الثلاثاء 18 كانون الأول / ديسمبر في جنيف، لوزراء خارجية روسيا وتركيا وإيران، لـ"بحث التسوية السياسية للأزمة السورية، مع التركيز على تشكيل اللجنة الدستورية".
وأشار متحدث في المكتب الصحفي للوزارة للصحفيين، إلى أنّه "ستتركز المناقشات حول التسوية السياسة في سوريا مع التركيز على تشكيل المجلس الدستوري".
يذكر أنّه احتضنت العاصمة الكازاخستانية أستانا، يوم 29 تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، الجولة الحادية عشرة لمباحثات أستانا حول سوريا.
واشنطن ومحاولة إعادة "غزو العراق"
واشنطن لم تنسحب من العراق في نهاية العام 2011 وهي سعيدة بهذا الإجراء والأسباب كثيرة في هذا المضمار لعل أبرزها عدم قدرتها على تحقيق أيٍّ من أهدافها التي جاءت من أجلها لا المعلنة منها ولا المخفية، فقدرتها على التحكم بمفاصل العراق انتهت إلى غير رجعة، وادعاؤها بأنها جاءت لنشر الديمقراطية باء بالفشل، والعراقيون لم يعد بإمكانهم تحمّل التجاوزات الأمريكية بحق أبنائهم، فما كان منهم إلا أن ضغطوا باتجاه إخراج القوات الأمريكية وهذا ما حصل، لكن العقوبة الأمريكية لهذا القرار جاءت مكلفة جداً فقد اخترق "داعش" عمق البلاد الأمني ودمّر ما لم تستطع أمريكا تدميره، وتحوّل هذا التنظيم الإرهابي إلى ذريعة جديدة لدخول القوات الأمريكية من جديد إلى العراق وكان هذا في العام 2014.
القواعد الأمريكية في العراق
في العام 2014 ومع انتشار التنظيم الإرهابي في أغلب المحافظات العراقية بدأت واشنطن تحضّر نفسها لنشر قواعد عسكرية على امتداد العراق بهدف "محاربة تنظيم داعش" وبالفعل استمرت في بناء القواعد العسكرية هنا وهناك مستغلة الفوضى التي سببتها في العراق لاختراق مدنه والقيام بما يحلو لها هناك، ليصل عدد قواعدها اليوم إلى 12 قاعدة عسكرية خلال السنوات الثلاث الماضية.
في البداية وقّعت أمريكا اتفاقية عسكرية مع حكومة كردستان العراق على بناء خمس قواعد لها بمناطق تحت سيطرة الإقليم، القواعد الخمس، التي ضمنت في الاتفاقية تتوزع على الشكل الآتي: "قاعدة قرب سنجار، وأخرى في منطقتي أتروش والحرير، إضافة إلى قاعدتين حلبجة بمحافظة السليمانية والتون كوبري في كركوك"، وفقاً لمصادر عراقية.
وفي الموصل والأنبار، فإن القوات الأمريكية اتخذت قاعدتي "عين الأسد" في قضاء البغدادي و"الحبانية" في الأنبار كقاعدتين عسكريتين، عقب سيطرة تنظيم الدولة على أغلب مدن المحافظة في 2014.
وهناك معلومات تفيد بأن واشنطن قاربت على إنهاء تأسيس قاعدة لقواتها في مطار القيارة العسكري جنوبي مدينة الموصل، بعد تأهيل المدرج وبناء كانتونات سكنية لعوائل العسكريين، ولم تكتف القوات الأمريكية بقاعدة واحدة في الموصل، فقد شرعت بتشييد قاعدة أخرى عند سد الموصل، لكنها ليست بحجم قاعدة القيارة الجوية.
وفي محافظة صلاح الدين، تتخذ واشنطن قاعدة بلد الجوية مقراً لها للتحكم بطلعات طائرات "إف 16" التي منحتها للعراق مؤخراً، أما في معسكر التاجي شمال بغداد، فتوجد قوة أمريكية لأغراض التدريب، وفقاً لستيف وارن المتحدث باسم البنتاغون.
وهناك معلومات أيضاً بأن هناك قاعدة أمريكية أخرى قيد الإنشاء في منطقة المنصورية بمحافظة ديالى.
مقر أمني جديد
أعلنت السلطات العراقية، يوم الأحد الماضي، افتتاح مقر أمني جديد للقوات الأمريكية في العراق داخل محافظة الأنبار، وكشف" فرحان محمد الدليمي" ممثل مجلس محافظة الأنبار لوسائل الإعلام المحلية العراقية، تفاصيل المقر الأمني الجديد، والذي يتيح للقوات الأمريكية فرض سيطرتها الكاملة على الصحراء الغربية العراقية بين محافظتي الأنبار ونينوى أقصى غربي العراق.
وأضاف: إن القوات الأمريكية، تمركزت بشكل مفاجئ شمال نهر الفرات بالقرب من الرمانة على الشريط الحدودي مع سوريا، وهو الموقع الذي جعل القوات الأمريكية صاحبة السيطرة على الصحراء بين محافظتي الأنبار ونينوى.
الغايات والأهداف
هناك مجموعة من الأسئلة يمكن أن نطرحها فيما يخص الغايات والأبعاد السياسية والعسكرية التي ترسمها واشنطن في العراق بعد أن كادت ترتسم معالم الاستقرار على جبهاته، خاصة بعد أن تم تطهير أغلب المحافظات من التنظيم الإرهابي، فماذا تريد واشنطن اليوم؟.
أولاً: من خلال توزيع القواعد الأمريكية نجد أنها تملك قاعدة على الحدود العراقية - الإيرانية وأخرى على الحدود السورية - العراقية فضلاً عن المقر الأمني الذي افتتحته مؤخراً للسيطرة على الصحراء الغربية، صحيح أن ذريعتها هي محاربة "داعش" إلا أن الحقيقة أعمق من ذلك، فهي تريد كسر معادلة القوة التي تشكلها سوريا والعراق وإيران من جهة، وإيران وتركيا من جهة أخرى، وتبحث عن قطع أي نقاط ارتباط بين هذه الدول الأربعة لاسيما طرق "محور المقاومة" الذي كان من المقرر القضاء عليه إلا أن ما حصل جاء عكس توقعات واشنطن في العراق وسوريا وإيران وبالتالي الحلّ اليوم هو زرع قواعد جديدة لمنع هذا الالتقاء وتخفيف بريق أي نصر قادم وتفريغه من محتواه.
ثانياً: أمريكا تعلم بأن تشكيل "ناتو عربي" لمواجهة إيران حلم بعيد المنال طالما أن هناك خلاف بين دول مجلس التعاون الخليجي، كما أن هناك دول تربطها بإيران علاقات تاريخية واقتصادية وبالتالي موضوع تشكيله أمر مستبعد، ومن هنا وجدت واشنطن أن بناء مثل هذه القواعد سيشكل آلية ردع جديدة لإيران في المنطقة وتكون هذه القواعد بمثابة نقاط انطلاق لأي مواجهة مع إيران، خاصة وأن الأخيرة تمكّنت من الحفاظ على وحدة العراق على عكس ما كانت تخطط له أمريكا.
كثرة هذه القواعد بهذا الشكل تشكّل قلقاً كبيراً لمستقبل العراق وأمنه واستقراره وكأن واشنطن تحضّر لغزوه من جديد ولكن هذه المرة من الداخل، وبالتالي على العراقيين اليوم البحث عن حل لهذه الأزمة القائمة والتي لا يمكن تجاهلها مهما طال الزمن.
المصدر: الوقت
لبنان.. تفاصيل الحلحلة الحكومية المرتقبة بالشكل والمضمون
عندما سئل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري على هامش مؤتمر لندن الأخير، هل ستستقبل نواب اللقاء التشاوري بعد عودتك الى لبنان لتحقيق الخرق الذي يحكى عنه على صعيد عملية تشكيل الحكومة، كان جوابه إن "موعد لقاء النواب السنة الستة لم يوضع بعد على جدول أعمال رئيس الحكومة المكلف، والأمور ستبقى مرهونة بالإطّلاع على المشاورات التي أجراها رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في القصر الجمهوري كي يبنى على الشيء مقتضاه".
جواب الحريري هو أكثر من إيجابي بحسب المتابعين لعمليّة التأليف خصوصاً أنه لم يقفل الباب على لقاء النواب السنّة كما كانت تصريحاته في السابق، وخصوصاً أيضاً بعد الجمود الذي وصلت اليه مشاورات التأليف الحكومي. وفي هذا السياق تكشف المصادر المتابعة أن "الحريري لا يريد أن يعطي موعداً لنواب اللقاء التشاوري إلا إذا كان سينتج حلاً، وبالتالي، هو ينتظر عودته الى لبنان للقاء الرئيس عون ومحاولة الفهم منه ما إذا كان حزب الله سيسهل عمليّة التشكيل إذا وافق على إستقبال النواب السنة الستة". وبمعنى آخر، يريد الحريري أن يتأكد مسبقاً، أي قبل تحديده موعداً للنواب الستّة، بأنهم بعد اللقاء سيقبلون بإعطاء رئيس الجمهورية لائحة إسمية لشخصيات سنّية محسوبة على فريقهم السياسي، على أن يختار رئيس الجمهوريّة إسماً منها لا يستفز الحريري ويسمّيه وزيراً من حصّته، وهكذا يكون الحل قد أرضى الفريقين على قاعدة "ما يموت الديب ولا يفنى الغنم".
وفي تفسير لمعادلة الحريري المذكورة أعلاه، أي معادلة لقاء النواب الستّة مقابل الحل، يعتبر المقربون من رئيس حكومة المكلف أن الأخير لا يريد إعطاء نواب اللقاء التشاوري ومن دون مقابل شرعيّة سياسيّة، حتى لو أنهم فازوا في الإنتخابات النيابية الأخيرة بشرعيّة شعبيّة وأصبحوا نواباً داخل الندوة البرلمانية، وبما أن اللقاء معه سيشكل لهم إنتصاراً نوعياً بعدما طلبوا مواعيد من مكتبه لمرّات ثلاث متتالية من دون أن يحصلوا على جواب ولا حتى على تبرير لعدم إعطائهم هذا الموعد، يصرّ الحريري على تسجيل إنتصار مقابل عليهم بعدم توزير أيّ واحد منهم في حكومته الثالثة، حتى ولو أن هناك من سيحصل على مقعد وزاري بإسمهم.
إذاً حلحلة حكوميّة مرتقبة من المتوقع أن تبدأ ملامحها بالظهور مطلع الأسبوع المقبل وتحديداً بعد ورود خبر عاجل مفاده أن رئيس الحكومة وصل الى القصر الجمهوري للقاء الرئيس عون.
وبما أن الحريري يضع شروطاً شكليّة للقاء النواب السنّة الستّة، ومنها عدم إستقبالهم في بيت الوسط، وهذا أمر يرفضه نواب اللقاء التشاوري، قد يتم اللجوء في نهاية المطاف الى لقاء ثلاثي يدعو اليه رئيس الجمهورية في القصر الجمهوري ويحضره الحريري والنواب السنة الستة، وهكذا يكون رئيس الجمهورية قد توّج مشاوراته بتنازله عن المقعد السني من حصته لمصلحة شخص يسميه النواب السنّة الستّة وقد نجح بجمع الحريري بهم، كل ذلك تأكيداً لشعار "بيّ الكل" الذي رفعه مناصروه ومؤيدوه منذ بداية عهده، أي منذ ٣١ تشرين الأول من العام ٢٠١٦.
مارون ناصيف