
emamian
الأردن: خطر توسع الحرب يزداد مع استمرار العدوان على غزة
حذر وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي من خطر توسع الحرب، معتبرا أن استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة يزيد ذلك كل يوم، ومؤكدا على ضرورة إطلاق تحرك دولي فوري لوقف الحرب وما تنتجه من كارثة إنسانية غير مسبوقة.
جاء ذلك خلال لقاء الصفدي نظيره الفرنسي ستيفان سيجورنيه الذي يقوم بزيارة رسمية للأردن ضمن جولة بدأها بمصر، وهي الأولى له منذ توليه مهام منصبه.
وحسب بيان الخارجية الأردنية، فقد بحث الوزيران جهود التوصل إلى وقف كامل لإطلاق النار في غزة، وضمان حماية المدنيين، واستمرار الجهود المشتركة لإيصال المساعدات الإنسانية الكافية والمستدامة إلى جميع أنحاء القطاع.
وشدد الجانبان الأردني والفرنسي على موقفهما الرافض لتهجير الفلسطينيين داخل أرضهم أو خارجها، كما بحثا "التصعيد الخطير الذي تشهده الضفة الغربية"، حيث شدد الصفدي "على ضرورة وقف الإجراءات الإسرائيلية اللاشرعية واللاقانونية التي تقوض حل الدولتين وكل فرص تحقيق السلام".
قضية الأونروا
كما أكد الصفدي على ضرورة استمرار المجتمع الدولي في توفير الدعم لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا).
بدوره، قال سيجورنيه إن أونروا تعتبر من الجهات الأساسية في غزة، خاصة في الوقت الذي تزداد فيه الحالة الإنسانية سوءا "وفرنسا لم توقف دعمها للأونروا، ولم تتم جدولة أي تمويل إضافي للثلث الأول من العام الجاري".
لكن الوزير الفرنسي أضاف أنه "يتعين على الأونروا وبعد الاتهامات الخطيرة التي وجهت لها أن تظهر أعلى مستوى من الشفافية"، مضيفا أن بلاده بانتظار نتائج وتوصيات التحقيق من أجل ضمان الثقة الكاملة فيها"، على حد قوله.
وكانت 18 دولة تتقدمها الولايات المتحدة إضافة إلى الاتحاد الأوروبي قد قررت تعليق تمويلها للأونروا بناء على مزاعم إسرائيل بمشاركة 12 من موظفي الوكالة في عملية طوفان الأقصى التي شنتها المقاومة الفلسطينية بقيادة كتائب القسام في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على مستوطنات إسرائيلية في محيط قطاع غزة.
وخلفت الحرب الإسرائيلية على غزة حتى الأحد 27 ألفا و365 شهيدا و66 ألفا و630 مصابا -معظمهم أطفال ونساء- وفق السلطات الفلسطينية، وتسببت في دمار هائل وكارثة إنسانية غير مسبوقة، بحسب الأمم المتحدة.
جولة استمرّت 4 ساعات للإمام الخامنئي في معرض قدرات الإنتاج المحلّي
أهم ما يميز المعرض هذا العام الإنتاج المحلي المرتبط بالشركات القائمة على المعرفة وسلسلة التوريد للإنتاج، فيما عرضت الشركات المعرفية أحدث إنجازاتها ومنتجاتها في قطاعات الطاقة والنفط والبتروكيماويات، وصناعات السيارات، والمناجم والصناعات المعدنية والفلزية، والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات والأقمار الاصطناعية، والصناعات الغذائية والزراعية، والمعدات الطبية، والحِرف اليدوية، والشحن الجوي والبحري والبري وبالسكك الحديدية، وصناعات النسيج، والسكن والأجهزة المنزلية.
كما أنّ قطاع التعدين والصناعات المعدنيّة والفلزيّة والآليّات الثقيلة كانت بين الأقسام الحاضرة في هذا المعرض حيث عرض الشركات المعرفيّة منتوجاتها. كما عرضت الشركات المعرفية العاملة في مجال الكهرباء ومحطات الطاقة إنجازاتها وقدراتها.
وكان قسم سلسلة التوريد للسيارات من سائر الأقسام المرتبطة بصناعة السيارات. ومن الأقسام اللافتة في المعرض غرفة العمليّات الإيرانيّة بالكامل التي جرى تصنيع معدّاتها كافّة محليّاً.
وكانت طاقات الشركات المعرفية في تصميم وتصنيع المعدات اللازمة لحفر آبار النفط وصناعة البتروكيماويات والمحفزات من أجزاء هذا المعرض. كذلك جرى عرض للسيارات والدراجات الكهربائية وشواحنها ومحركات السيارات المُحسّنة ذات الاستهلاك المنخفض.
جرى أيضاً عرض منتوجات الصناعات اليدويّة والطاقات المتنوّعة للبلاد في هذا المجال، في معرض قدرات الإنتاج المحلّي. ومن ضمن الأقسام، كانت الشبكة الوطنيّة للمعلومات والمعدّات المرتبطة ببنيتها التحتيّة وكذلك الشركات ذات الصّلة بتصنيع الأقمار الاصطناعية.
أيضاً شُرحت الخطط المنجزة لجعل الشركات الصناعية الكبرى قائمةً على المعرفة، إضافة إلى أنشطة الشركات المعرفية في أقسام مختلفة من هذا المعرض. وكانت صناعة الصلب وقدرات الشركات المعرفية في هذا القطاع وفي الصناعات المعدنية مثل النحاس جزءاً آخر من هذا المعرض.
كيف تؤثر حبة طماطم واحدة يوميا على ضغط الدم؟
ونشرت المجلة العلمية الأوروبية لعلوم الوقاية تفاصيل الدراسة المنشورة التي أكدت على أن تناول الطماطم أو المنتجات التي تحتوي عليها يمكن أن يساعد في تقليل خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم.
وبحسب الدراسة، اكتشف أحد العلماء أن تناول ما يعادل حبة طماطم كبيرة يوميا يقلل من فرص إصابة الشخص بخطر الموت السريع جراء ارتفاع ضغط الدم بنسبة تصل إلى 36 في المئة.
ولفت الباحثون في المجلة الأوروبية لأمراض القلب الوقائية أن تناول الطماطم، بما في ذلك المنتجات التي تحتوي على تركبيته مفيدة في الوقاية من ارتفاع ضغط الدم وإدارته.
ووفقا للدراسة، تابع الباحثون نحو 7056 رجلا وامرأة تتراوح أعمارهم بين 55 و80 عاما، وكان 5821 منهم يعانون من ارتفاع ضغط الدم، مما يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية وأمراض القلب والسكتة الدماغية وأمراض الكلى والخرف الوعائي وتمدد الأوعية الدموية.
وأشارت الدراسة أنه تم تقسيم المشاركين إلى أربع مجموعات اعتمادا على استهلاكهم من الطماطم، أقل من 44 غراما، وبين 44 و82 غراما، و82 إلى 110 غرامات، وأكثر من ذلك.
عادة يومية بسيطة تحميك من هذه الأمراض الخطيرة!
وتقي الأنشطة الحركية من العديد من الأمراض مثل السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية وألزهايمر والروماتيزم وأمراض العظام والأمراض النفسية.
وأضافت رئيسة قسم النشاط البدني وتعزيز الصحة بالجامعة الرياضية في كولن بألمانيا أن الأنشطة الحركية تحارب أيضا العديد من عوامل الخطورة المؤدية إلى أمراض خطيرة مثل ارتفاع ضغط الدم وداء السكري.
ولتحقيق الاستفادة المرجوة من الرياضة، ينبغي ممارسة رياضات قوة التحمل (مثل المشي والركض والسباحة وركوب الدراجات) بمعدل لا يقل عن 150 دقيقة بشكل معتدل أو 75 دقيقة بشكل مكثف في الأسبوع، مع ممارسة تمارين تقوية العضلات بمعدل لا يقل عن مرتين أسبوعيا من أجل تدريب المجموعات العضلية الكبيرة، وذلك وفقا لتوصيات منظمة الصحة العالمية.
وأشارت جويستين إلى أن المشي بمعدل 2400 خطوة في اليوم يعمل على الحد من خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية، في حين أن المشي بمعدل 4000 خطوة يوميا يسهم في الحد من خطر الموت العام.
ويمكن دمج الأنشطة الحركية في الحياة اليومية من خلال بعض الإجراءات البسيطة مثل صعود الدرج بدلا من ركوب المصعد، باِلإضافة إلى ركوب الدراجة الهوائية بدلا من السيارة في المسافات القصيرة.
ماذا تفعل القهوة بالأسنان؟
ويزيد تناول كوب واحد من القهوة يومياً من فرص الإصابة بالتسوس، بالإضافة إلى ذلك يمكن أن تساهم القهوة في رائحة الفم الكريهة بسبب رائحتها الكثيفة والطريقة التي تزيد بها بكتيريا الفم في الفم.
كما تسبب القهوة تغير لون الأسنان بسبب وجود مادة تسمى التانين، وهو نوع من البوليفينول الذي يتحلل في الماء.
تساعد القهوة أيضًا البكتيريا الموجودة في الفم على تكوين حمض يؤدي إلى تآكل الأسنان والمينا، ويتكون المينا من معادن، خاصة الهيدروكسيباتيت، ويعمل كطبقة واقية للأسنان، وهذه الطبقة أيضًا مسؤولة جزئيًا عن لون الأسنان.
لتجنب تغير لون الأسنان، ينصح بالتقليل من استهلاك القهوة، وسيساعد شرب الكثير من الماء أيضًا على الشطف السريع للسوائل المتبقية من القهوة على الأسنان.
ويساعد تناول الخضروات مثل الجزر والكرفس بعد تناول فنجان من القهوة في تقليل تغير لون الأسنان وينعش النفس.
مودَّةُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ (عليه السلام)
عنْ عمّارِ بنِ سويد، عنْ أبي عبدِ اللهِ (عليه السلام) قال: «دعا رسولُ اللهِ (صلّى اللُه عليهِ وآلِه) لأميرِ المؤمنينَ (عليه السلام) في آخرِ صلاتِه، رافعاً بها صوتَه، يُسمِعُ الناس، يقول: اللهمَّ هَبْ لعليٍّ المودَّةَ في صدورِ المؤمنين، والهيبةَ والعَظَمةَ في صدورِ المنافقين، فأنزلَ اللهُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَٰنُ وُدًّا﴾[1]، قال: ولايةُ أميرِ المؤمنينَ هيَ الوُدُّ الذي قالَ الله»[2].
لا شكَّ في أنَّ التعبيرَ عَنِ الأئمَّةِ (صلواتُ اللهِ عليهم)، ولا سيَّما الإمامُ عليٌّ (عليه السلام)، بأنَّهُم أئمَّةٌ لهذا الدين، يحمِلُ في طيَّاتِه الاعتقادَ بأنَّهُمُ المقتدَونَ دونَ سائرِ الناس، والذينَ تجبُ طاعتُهم والالتزامُ بما يأمرونَ بهِ دونَ سائرِ الناس، بلْ وحَصْرَ الرجوعِ إليهم دونَ غيرِهم.
ولأنَّهُم، كما وردَ في الزيارةِ الجامعةِ الكبيرة: «أَئِمَّةُ الْهُدَى، وَمَصَابِيحُ الدُّجَى، وَأَعْلَامُ التُّقَى، وَذَوُو النُّهَى، وَأُولو الْحِجَى، وَكَهْفُ الْوَرَى، وَوَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، وَالْمَثَلُ الْأَعْلَى، وَالدَّعْوَةُ الْحُسْنَى، وَحُجَجُ اللَّهِ عَلَى أَهْلِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَالْأُولَى»[3]، فإنَّ مودّتَهم لازمة؛ وهيَ تلكَ المحبَّةُ التي تظهَرُ في سلوكِ الإنسانِ وتصرُّفاتِه، وهو معنى الاقتداءِ بهم.
ولذلكَ، كانتْ مودَّةُ عليِّ بنِ أبي طالبٍ علامةَ الإيمان، وعلامةَ النجاة، فقدْ رُويَ عنْ رسولِ اللهِ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّم): «لوِ اجتمعَ النّاسُ على حبِّ عليِّ بنِ أبي طالبٍ لَمَا خلَقَ اللَّهُ عزَّ وجلَّ النار»[4].
إنَّ الرواياتِ الكثيرةَ التي تحدَّثتْ عنْ مودَّةِ آلِ محمَّدٍ (صلَّى اللهُ عليه وآلِه)، وأوجبتْ محبَّتَهم، وعدَّتِ الموتَ على محبَّتِهم شهادةً في سبيلِ الله، وعداوتَهم نفاقاً، وبُغضَ عليٍّ (عليه السلام) نفاقاً، إنَّما جاءتْ لإيجادِ تيَّارٍ يسيرُ في خطِّهم، وللوقايةِ منْ ظهورِ مناهضٍ لهُم، ومُعادٍ -مآلاً- لتعاليمِ الدينِ ومعارفِ القرآن، قالَ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه وسلَّم): «لا تزولُ قدما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عنْ أربع: عنْ عُمُرِه فيما أفناه، وعنْ جسَدِه فيما أبلاه، وعنْ مالِه فيما أنفقه، ومِنْ أينَ كسبَه، وعنْ حبِّنَا أهلَ البيت. فقيل: يا رسولَ الله، فما علامةُ حبِّكُم؟ فضربَ بيدِه على مَنكِبِ عليّ (عليه السلام)»[5].
وفي روايةٍ أخرى عنْ رسولِ اللهِ (صلَّى اللهُ عليهِ وآلِه): «يا أبا الحَسَن، مَثَلُكَ في أُمَّتي مَثَلُ «قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ»، فمَنْ قَرَأها مَرّةً فَقَدْ قَرَأ ثُلُثَ القرآنِ، ومَنْ قَرَأها مَرَّتَينِ فَقدْ قَرأَ ثُلُثَيِ القرآن، ومَنْ قَرَأها ثَلاثاً فَقدْ خَتَمَ القرآن، فمَنْ أحَبَّكَ بلِسانِهِ فقدْ كَمُلَ لَهُ ثُلُثُ الإيمان، ومَنْ أحَبَّكَ بلِسانِهِ وقَلبِهِ فَقدْ كَمُلَ لَهُ ثُلُثا الإيمان، ومَن أحَبَّكَ بلِسانِهِ وقَلبِه، ونَصَرَكَ بيَدِهِ فَقدِ استَكمَلَ الإيمان. والّذي بَعَثَني بالحَقِّ -يا عليُّ- لَو أحَبَّكَ أهلُ الأرضِ كمَحَبَّةِ أهلِ السّماءِ لَكَ، لَمَا عُذِّبَ أحَدٌ بالنّارِ»[6].
[1] سورة مريم، الآية 96.
[2] العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج35، ص354.
[3] راجع: الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج2، ص610.
[4] الشيخ الديلمي، إرشاد القلوب إلى الصواب، ج2، ص234.
[5] راجع: العلّامة المجلسيّ، بحار الأنوار، ج36، ص79. وج7، ص267.
[6] الشيخ الصدوق، فضائل الأشهر الثلاثة، ص50.
أوّل الأسئلة في مواقف القيامة
لقد أُشير في المصادر الإسلامية إلى نحو من الأولوية في ترتيب النظر في صحائف أعمال الناس وكتبهم يوم الحساب، فكانت الصلاة أوّل ما يُحاسب عليه العبد، ووجدنا أنّ القرآن الكريم يُصوّر حال أهل النار عندما يُسْأَلُون عن سبب ما هم فيه من عذاب فيقولون: لم نكن من المصلّين. قال تعالى: ﴿مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ﴾[1]، فالصلاة من أوّل الأعمال التي كفر بها أولئك المكذّبون، وأوّل ما يندمون على تضييعه يوم القيامة.
جاء في الحديث الوارد عن مولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : "إنّ عمود الدين الصّلاة، وهي أوَّل ما يُنظَر فيه من عمل ابن آدم، فإن صحّت نُظِرَ في عمله، وإن لم تَصِحّ لم يُنظَر في بقيّة عمله"[2]، وفي نفس المعنى جاء حديث آخر عن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: "أوّل ما يُنظر في عمل العبد في يوم القيامة في صلاته، فإن قُبِلت نُظر في غيرها، وإن لم تُقبَل لم يُنظر في عمله بشيء"[3]، وقال مولانا أمير المؤمنين عليه السلام مرشداً وموجّهاً: "واعلم أنّ كلّ شيء من عملك تبع لصلاتك، فمن ضَيّع الصلاة، فإنّه لغيرها أضيع"[4].
تبيّن لنا ممّا نطق به النبي المصطفى وأخوه علي المرتضى عليهما السلام أنّ الصلاة لا تُعتبر أوّل ما يُحاسب المرء عليه ذلك اليوم فحسب، بل إنّ سلامة صحيفة صلاة المرء شرط في النظر في سائر أعماله أيضاً، قال مولانا الإمام أبو جعفر الباقر عليه السلام: "إنّ أوّل ما يُحاسب به العبد الصلاة، فإن قُبِلت قُبِل ما سواها"[5]، وقال إمامنا الصادق جعفر بن محمد عليه السلام: ".. وفي إقامة الصلاة بحدودها وركوعها وسجودها وتسليمها سلامة للعبد من النار، وفي قبول صلاة العبد يوم القيامة قبول سائر أعماله، فإذا سلمت له صلاته سلمت جميع أعماله، وإن لم تسلم صلاته وردّت عليه ردّ ما سواها من الأعمال الصالحة"[6]، وفي حديث آخر قال عليه السلام: "إنّ أوّل ما يُسأل عنه العبد إذا وقف بين يدي الله عزّ وجلّ الصلوات المفروضات،.."[7]
وفي ذلك يقول الإمام السيّد علي الحُسيني الخامنئي دام ظله:
حين يتفضّل المعصوم بالقول: إنّ الصلاة لله، إذا قُبِلت قُبِل ما سواها من الخدمات والجهود، وإذا رُدّت رُدّ ما سواها، فهذا كلامٌ يعرض أمامنا حقيقة كبيرة. وتلك الحقيقة هي أنّ الصلاة إذا وضعت في موضعها المناسب في المجتمع الإسلاميّ فسوف تفتح كلّ الجهود المادّية والمعنوية البنّاءة طريقها نحو الأهداف والمبادئ، وتوصل المجتمع إلى المحطة المثاليّة المطلوبة في الإسلام. وإذا كانت هناك غفلة عن أهمّيّة الصلاة، وجرى عدم الاكتراث لها فسوف لن يُطوى هذا الطريق بشكل صحيح، ولن تترك الجهود والمساعي تأثيرها اللّازم في الإيصال إلى القمّة التي رسمها الإسلام للمجتمع الإنسانيّ[8].
[1] سورة المدثر، الآيتان 42 - 43.
[2] الفقيه المُحْدّث الشيخ مُحمّدْ بن الحسن الحُر العاملي، وسائل الشيعة، ج 4، ص 31، 8 - باب وجوب إتمام الصلاة و إقامتها.
[3] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 82، ص 227.
[4] الشيخ المفيد محمد بن محمد بن النعمان، الأمالي، ج 1، ص 267، المجلس الحادي والثلاثون، نشر مؤتمر الشيخ المفيد، قم.
[5] بحار الأنوار، ج 83، ص 25.
[6] الشيخ الصدوق، علل الشرائع، ج 2، ص 359، 77 باب علة التسليم في الصلاة.
[7] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 4، ص 118، 3 - باب استحباب الصلاة في أول الوقت.
[8] رسالة الإمام الخامنئي إلى المؤتمر السنوي الحادي والعشرين للصلاة، 1434 هـ.
المؤمن وفريضة الجهاد العظيمة
تميل غريزة الإنسان نحو الراحة والدِعة، وتكره كلّ ما يسلب منها الراحة ويورث العناء، وتبتعد تلقائيّاً عن الأمور الممزوجة بالمخاطر.
وإنّ أحكام الشريعة تضبط هذه الغرائز بما يتلاءم مع مصلحة الفرد والمجتمع على حدّ سواء.
ومن هنا كان تشريع الجهاد بما فيه من الآثار الهامّة، يقول الله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَعَسَى أَن تُحِبُّواْ شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ وَاللّهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾[1].
ويشير القرآن الكريم إلى أمثلة كثيرة لتخلّف الناس الجهاد والدفاع عن الأرض والعرض والكرامة، ففي سيرة بني إسرائيل أنّهم، وبعد النبي موسى عليه السلام، تخلّفوا عن الالتزام بهذا الواجب المقدّس، إلّا قليلاً منهم، يقول -تعالى-: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلإِ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ مِن بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُواْ لِنَبِيٍّ لَّهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُّقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِن كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلاَّ تُقَاتِلُواْ قَالُواْ وَمَا لَنَا أَلاَّ نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِن دِيَارِنَا وَأَبْنَآئِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْاْ إِلاَّ قَلِيلاً مِّنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾[2].
فضل الجهاد
تشير الكثير من الآيات القرآنيّة والروايات الشريفة إلى فضل الجهاد في سبيل الله تعالى، وتفضيل الإنسان المجاهد على القاعد عن القيام بواجبه في الدفاع عن أمّته ووطنه، يقول الله تعالى: ﴿لاَّ يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا﴾[3].
وتشير بعض الروايات إلى المكانة المرموقة التي يحتلّها الجهاد في سبيل الله بين العبادات، فعن الإمام أبي جعفر عليه السلام، قال: "ألا أخبرك بالإسلام، أصله وفرعه وذروة سنامه"[4]؟ قلت: بلى، جُعِلت فداك! قال: "أمّا أصله فالصلاة، وفرعه الزكاة، وذروة سنامه الجهاد"[5].
يقول الشيخ الكلينيّ رحمه الله، تعليقًا على هذه الرواية: "الجهاد ذروة سنامه، لأنّه سبب لعلوّ الإسلام"[6].
وفي رواية أخرى عن الإمام الصادق عليه السلام، قال:
"أتى رجلٌ رسولَ الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، إنّي راغب في الجهاد نشيط قال: فقال له النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: فجاهد في سبيل الله، فإنّك إن تُقتَل تكنْ حيّاً عند الله تُرزق، وإنْ تمُت فقد وقع أجرك على الله، وإنْ رجعت رجعت من الذنوب كما وُلدت"[7].
وللمجاهدين في سبيل الله تعالى مراتب عالية من الكرامة في الآخرة، منها ما أشار إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ جبرائيل أخبرني بأمر قرَّت به عيني وفرِح به قلبي، قال: يا محمّد، من غزا غزاة في سبيل الله من أمّتك، فما أصابه قطرة من السماء أو صداع، إلّا كانت له شهادة يوم القيامة"[8].
[1] سورة البقرة، الآية 216.
[2] سورة البقرة، الآية 246.
[3] سورة النساء، الآية 95.
[4] السنام هو المكان المرتفع في ظهر الجمل، وهي أعلى نقطة في الظهر، والتشبيه بالسنام في الرواية بل وذروة السنام، واضح في تبيان مكانة الجهاد في رأس هرم الشريعة.
[5] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج2، ص 23 - 24.
[6] المصدر نفسه، ج2، ص 25.
[7] المصدر نفسه، ج2، ص 160.
[8] الشيخ الكلينيّ، الكافي، مصدر سابق، ج5، ص 8.
دور الإمام السجاد (ع) والحوراء زينب (ع) في حفظ خط التشيع
لماذا يلجأ الإمام السجّاد عليه السلام، في مرحلة ما بعد الأسر، إلى المهادنة والتقيّة، ويُغطّي على التحرّكات الثورية والشديدة، بالدّعاء واستخدام اللين، بينما يتصرّف في مرحلة الأسر بشدّة وقوّة ووضوح؟
الجواب هو أنّ مرحلة الأسر كانت فصلًا استثنائيًّا، حيث كان على الإمام السجّاد عليه السلام، وبمعزل عن كونه إمامًا، أن يُهيّئ أرضيّة التحرّك المستقبليّ لإقامة الحكومة الإلهيّة والإسلاميّة، وقد كان اللسان النّاطق للدّماء المسفوكة في عاشوراء. فالإمام السجّاد عليه السلام لم يكن هنا بحقيقته، بل كان لسان الحسين عليه السلام الصّامت، الّذي تجلّى في هذا الشّاب الثوريّ في الشّام والكوفة. فلو لم يكن الإمام السّجّاد عليه السلام شديدًا وحادًّا وصريحًا في بيان القضايا، فإنّه لن يبقى في الحقيقة مجال لعمله المستقبليّ، لأنّ مجال عمله المستقبليّ ينطلق من دم الحسين بن علي عليه السلام الهادر، كما أنّ دم الحسين عليه السلام كان أيضًا أرضيّةً للنّهضات الشّيعيّة على طول التّاريخ. وهكذا ينبغي أن يبدأ العمل، أوّلًا بتحذير النّاس، ثمّ في ظلّ هذا التّحذير تبدأ المعارضة الأصوليّة والعميقة والبعيدة المدى. ولا يُمكن أن يتحقّق هذا التّحذير إلّا باللهجة الحادّة والشّديدة.
لذلك كان دور الإمام السجّاد عليه السلام في هذا السَّفر، ودور زينب عليها السلام حمل نداء ورسالة ثورة الحسين بن عليّ عليه السلام، إذ إنّ معرفة النّاس بقتل الحسين عليه السلام، ولماذا قُتل، وكيف قُتل، سوف تؤثّر على مستقبل الإسلام، ومستقبل دعوة أهل البيت عليهم السلام، بنحوٍ، ولو لم يعلموا فسوف تؤثّر بنحوٍ آخر. وكان ينبغي بذل الجهود الكبيرة لأجل نشر هذه الحقائق على مستوى المجتمع، وكان على الإمام أن يستخدم كلّ ما لديه من ذخائر، ويمضي بمثل هذا العمل إلى أبعد الحدود. لهذا تحرّك الإمام السجاد عليه السلام في هذا الاتّجاه مثل سكينة وفاطمة الصغرى، ومثل زينب نفسها، ومثل كلّ أسير (كلٌّ بقدر استطاعته) كحمَلة لرسالة. لقد اجتمعت كلّ هذه الطّاقات حتّى تنثر دم الحسين عليه السلام المسفوك في الغربة في كلّ المناطق الإسلاميّة الّتي مرّوا بها من كربلاء إلى المدينة. وحين دخل الإمام السجّاد عليه السلام إلى المدينة، كان عليه أن يُبيّن الحقائق أمام العيون والأنظار لحظة وصوله، فكان هذا الفصل القصير مقطعًا استثنائيًّا في حياته. المقطع التّالي يبدأ حين يُباشر الإمام السّجّاد عليه السلام حياته في المدينة كإنسانٍ ذي قدرٍ وشأن، ويبدأ عمله من بيت النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وحرمه. ولأجل بيان برنامج الإمام الرابع، نحتاج إلى دراسة الأوضاع الّتي كانت سائدة، وظروف زمانه أيضًا[1].
وفي المقلب الآخر نجد الإمام يلجأ إلى التقيَّة في التعامل مع الجهاز الحاكم, ويظنّ بعضٌ أنّه لو أراد الإمام أن يقاوم نظام بني أميّة لكان ينبغي أن يرفع راية المقاومة العسكريّة، أو أن يلتحق بالمختار، أو عبد الله بن حنظلة، أو أن يقودهما معلنًا بذلك المقاومة المسلّحة بكلّ وضوح. لكن بالنّظر إلى ظروف زمن الإمام السجّاد عليه السلام، وبالالتفات إلى هدف الأئمّة عليهم السلام، نفهم أنّ هذا النّوع من التّفكير هو تفكيرٌ خاطئ.
فلو قام الأئمّة عليهم السلام، ومن جملتهم الإمام السجّاد عليه السلام، في تلك الظّروف بمثل هذه التحرّكات العلنيّة والسّلبيّة، فباليقين لما بقي للشّيعة باقية، ولما بقيت الأرضيّة أو فُسح المجال لاستمرار ونموّ مدرسة أهل البيت، ونظام الولاية والإمامة فيما بعد. حيث كان الجهاز الحاكم، وخاصة حكومة عبد الملك بن مروان التي كان معظم عهد إمامة الإمام السجّاد، البالغة ثلاثين سنة ونيّف، في ظلّها، يقوم بالرّصد التامّ، والمراقبة الدائمة لحياة الإمام السجّاد عليه السلام، ويستخدم الجواسيس والعيون الكثيرة الّتي كانت تنقل إليه أدقّ التفاصيل، حتّى المسائل الداخلية والخاصّة بالإمام عليه السلام.
لهذا نجد أنّ الإمام السجّاد عليه السلام في قضيّة المختار، لم يُعلن التعاون معه. ورغم ما جاء في بعض الروايات عن ارتباطٍ سريّ بينهما، إلاّ أنّه، ودون شكّ، لم يكن ارتباطًا علنيًّا، حتّى قيل في بعض الرّوايات إنّ الإمام السجّاد عليه السلام كان يذمّ المختار. ويبدو هذا الأمر طبيعيًّا جدًّا من ناحية التقيّة، وذلك حتّى لا يُستشعر وجود أيّ ارتباط بينهما، مع العلم بأنّ المختار فيما لو انتصر، فإنّه بالتأكيد كان سيُعطي الحكومة لأهل البيت عليهم السلام، ولكن في حال هزيمته، ومع وجود أدنى ارتباط واضحٍ وعلنيّ، لكانت النّقمة شملت، وبشكل قطعيّ، الإمام السجّاد عليه السلام وشيعة المدينة، واجتثّت جذور التشيّع أيضًا. لأجل ذلك لم يُظهر الإمام عليه السلام أيّ نوعٍ من الارتباط العلنيّ به.
[1] مجلة باسدار إسلام، 6.
مدرسة الإمام علي (عليه السلام) العابرة للحضارات والأجيال
إنّ وجود أمير المؤمنين عليه السلام يُعدّ درسًا خالدًا لا يُنسى لكلّ الأجيال البشريّة، من جهاتٍ عدّة، وفي الظّروف والأوضاع المختلفة، سواءٌ أفي عمله الفرديّ والشخصيّ أم في محراب عبادته أم في مناجاته أم في زهده أم في فنائه في ذكر الله أم في جهاده مع النفس والشّيطان والدوافع النفسانية والمادية، وفي جهاده لأجل رفع راية الحقّ وإقامة العدالة...فلو لم يكن أمثال عليّ بن أبي طالب عليه السلام لَما كان اليومَ مِن وجود لأيّ قيمة إنسانيّة، ولما كانت هذه العناوين الجذّابة للنّاس تمتلك أيّ جاذبية، ولما كان للبشر حياةٌ وحضارةٌ وثقافةٌ وآمالٌ وقيمٌ وأهدافٌ ساميةٌ، ولتبدّلت البشريّة إلى حيوانيّة وحشيّة وسبعيّة. فالبشريّة مدِينَة لأمير المؤمنين عليه السلام ولكلّ إنسانٍ بلغ من السموّ مرتبته في حفظ المفاهيم السّامية.
معرفة فضائل الإمام علي عليه السلام ومحبته أمرٌ مطلوب، لكنه غير كافٍ، إذ يجب علينا أن نُقرّب أنفسنا إلى مركز النّور، فلازم وخاصّيّة هذا التقرّب هو التنوّر. يجب علينا أن نُصبح نورانيّين من خلال العمل، لا بواسطة المحبّة الفارغة، العمل الّذي تُمليه علينا هذه المحبّة وتلك الولاية وذاك الإيمان، ويطلبه منّا، بهذا العمل يجب أن نُصبح من هذه العترة والمتعلّقين بها. إذ ليس من السهل أبدًا أن يصير المرء قنبرًا في بيت عليّ عليه السلام. ليس من السهل أن يصبح الإنسان "سلمان منّا أهل البيت"[1]. فالوصول إلى هذا المقام يستلزم العمل والإيثار والتشبّه والتخلّق بأخلاقهم.
الإيثار ومواطنه في حياة أمير المؤمنين عليه السلام
يقول تعالى في محكم كتابه العزيز: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ﴾[2]، الآية الشّريفة نزلت في أمير المؤمنين.
والآية تشير إلى أنّ من بين النّاس من يبيع نفسه ووجوده - الوجود الذي هو أعزّ ما عند الإنسان - هذا الرّأسمال العزيز الوحيد الّذي لا يُمكن جبرانه ، بحيث أنَّك لو قدّمته لن يكون بعدها عنه بديل. فبعضٌ يُقدّم هذا الرأسمال وهذا الوجود دفعةً واحدة من أجل الحصول على رضا الله لا غير، ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي﴾ أي يبيع نفسه ويُقدّم وجوده ﴿ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ﴾، فلا يوجد أيّ هدفٍ آخر أو أيّ مقصدٍ دنيويّ أو أيّ دافعٍ ذاتيّ، بل فقط جلب رضا الله. وفي مقابل مثل هذا الإيثار وهذه التضحية، فإنّ الله لا يُمكن أن يكون من دون ردّ فعل مناسب: ﴿وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾. فمصداق الإيثار الكامل هو أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام.
الناظر إلى تاريخ حياة أمير المؤمنين عليه السلام، منذ الطفولة، ومنذ ذلك الوقت الّذي كان فيه في سنّ التاسعة أو الحادية عشرة، يرى أنّه كان قد آمن بنبوّة الرّسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، وأدرك الحقيقة بوعيٍ تامّ، وتمسّك بها، ومنذ تلك اللحظة وإلى حين لحظة محراب العبادة، سَحَر يوم التاسع عشر من شهر رمضان، قدّم نفسه في سبيل الله مسرورًا متشوّقاً إلى لقاء ربّه. فطوال هذه السّنوات الخمسين تقريبًا، أو أكثر، منذ سنّ العاشرة وحتى سن الثالثة والستين، يُلاحَظ أنّ هناك خطًّا واحدًا مستمرًّا يشرح ويُبيّن حياة أمير المؤمنين عليه السلام، وهو خطّ الإيثار. وفي كلّ القضايا الّتي مرّت عليه عليه السلام طيلة هذا التاريخ الممتدّ لـ خمسين سنة، تظهر علائم الإيثار من البداية وحتّى النّهاية: فمثلاً، خلال عهد النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وفي بداية الدعوة، تحمّل أمير المؤمنين الأذى والسخرية منذ بداية إيمانه بالنبيّ، وعندما كان ما زال في مرحلة الطّفولة.
تصوّروا مدينةً يستخدم أهلها العنف بشكل طبيعيّ، ولم يكونوا متحضّرين ووقورين ولائقين. قومٌ يتشاجرون عند أدنى مسألة، وشديدو التعصّب للعقائد الباطلة. في مثل ذلك المجتمع، طُرحت رسالة من إنسانٍ عظيم جعلت كلّ شيء في ذلك المجتمع مورد تشكيك، على مستوى العقائد والآداب والتقاليد، فمن الطبيعيّ أن ينهض الجميع، وبكلّ طبقاتهم، حتّى عوام النّاس، لمخالفة النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم. فحتّى يقوم شخص بالدّفاع عن هكذا إنسان، وعن هكذا رسالة، بكلّ وجوده، ويقوم باتّباعه، فإنّ ذلك يتطلّب نكران الذّات. وكانت هذه خطوة أمير المؤمنين الأولى في نكران الذّات.
[1] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج10، ص 123.
[2] سورة البقرة، الآية 207.