emamian

emamian

الثلاثاء, 20 شباط/فبراير 2024 03:12

ملامح انكسار الهجوم الإسرائيلي

ملامح انكسار الهجوم البري تتنامى في ظل شعور الجنود الإسرائيليين بأنهم يتعرضون لخطر كبير، ولا يستطيعون تحقيق أي إنجاز يمكن أن يتفاخروا به وأن يسوقوه أمام المجتمع الإسرائيلي بأنهم أبطال.

أيمن الرفاتي

على عكس الدعاية الإسرائيلية المتواصلة بقرب السيطرة على قطاع غزة، وبعد 80 يوماً من الحرب، بانت ملامح انكسار الهجوم العسكري الكبير لجيش الاحتلال في القطاع من دون تحقيق أيٍ من أهداف الحرب التي أعلنها، وسط صمود أسطوري للمقاومة وأثمان كبيرة يدفعها الجيش الإسرائيلي.

في منطقة شمال قطاع غزة، ظهر انكسار العملية العسكرية في ظل عدم قدرة الجيش الإسرائيلي على إحكام سيطرته على جميع المناطق التي دخلها على الرغم من استخدامه سياسة الأرض المحروقة والقصف السجادي المكثف، وبات مستنزفاً في هذه المناطق، وما زالت العمليات شديدة وقوية ومركزة في المناطق التي دخلها الاحتلال منذ الأيام الأولى للاجتياح البري، ولا يكاد يمر يوم دون إيقاع خسائر فادحة بهذه القوات.

وتظهر الشهادات التي قدمها العديد من جنود الاحتلال بأنهم يتعرضون لمقاومة شرسة غير متوقعة مليئة بالكمائن والضربات من الخلف، وباتت الدبابات لا توفر الحماية لهم في ظل تعرضها للاستهداف المتواصل من المقاومة التي استهدفت حتى الوقت الحالي أكثر من ألف آلية، وحيّدت أكثر من 10 آلاف جندي إسرائيلي مدرب، فيما يعترف العديد من الجنود بأنّ الخوف يتملك قلوبهم، وأن غالبيتهم عادوا بأمراض نفسية بعد المشاهد المخيفة داخل القطاع.

في مقابل ذلك، مثّل الصمود الأسطوري للمقاومة في قطاع غزة أكبر صدمة للمستويين السياسي والعسكري الإسرائيلي، فقد كان الجيش يتوقع أن تكون مهمته أقل صعوبة مما بدت خلال الهجوم البري، وهو ما جعل تفكيره في مرحلة ما بعد الحرب أمراً مشكوكاً في واقعيته، وبات يطرح حلولاً مثل إقامة شريط عازل داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، وهو أمر فاشل عملياتياً من المعلوم أن المقاومة لن تسمح بوجوده، وأن هذا الفعل هدفه إعلامي لإرضاء المستوطنين وتفاوضي مع قرب نهاية الحرب.

ملامح انكسار الهجوم البري تتنامى في ظل شعور الجنود الإسرائيليين بأنهم يتعرضون لخطر كبير، ولا يستطيعون تحقيق أي إنجاز يمكن أن يتفاخروا به وأن يسوقوه أمام المجتمع الإسرائيلي بأنهم أبطال، ولا يوجد هدف محدد لهم من قبل القيادة السياسية يمكن تحقيقه.

أحد أهم أسباب الانكسار هو حالة الخذلان الاستخباري التي بات الجيش الإسرائيلي يشعر بها، فجميع المعلومات الاستخبارية التي قدمها جهاز الأمن العام الإسرائيلي سطحية، وكثير منها مضلل وغير صحيح، ولا يرقى إلى حجم التحديات المفروضة أمام الجيش في الميدان.

هذا الأمر جعل قيادة الجيش والجنود في الميدان يشعرون بأنهم ذاهبون إلى المجهول، وأن نسبة عودتهم سالمين ضئيلة جداً، وهو ما جعل الجيش يشعر بالذهول مما يواجه من مقاومة، ويدرك أنه دخل وحلاً خطيراً سيؤدي الاستمرار فيه إلى انكسار وحدات وقوات كانت يتغنى بأن اسمها يرعب أعداء الكيان.

ملامح الانكسار ظهرت جلياً في صمود الفلسطينيين أمام الحمم التي يطلقها الجيش الإسرائيلي عليهم، بل والأشد عدم انكسار الفلسطينيين أو رفع أي مقاتل منهم الراية البيضاء، إضافةً إلى فشل الجيش في الوصول إلى قيادة المقاومة بمختلف مستوياتها. هذا الأمر لا يوجد أي أفق ميداني أو معلوماتي لدى "دولة" الاحتلال بقرب تحققه في ظل احتياطات كبيرة ومسبقة من المقاومة لسيناريو دخول الجيش.

الخسائر الكبيرة التي مُني بها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة لا يحتملها المجتمع الإسرائيلي. إنها حقيقة حاول المستويان السياسي والعسكري التغطية عليها بأن هذه الحرب هي حرب وجودية، لكن المعطيات الداخلية لدى الاحتلال تشير إلى انزعاج وضغط كبير بدأت عائلات الجنود تمارسه لوقف الحرب حتى لا يقتل مزيد من الجنود. وقد أكد آخر استطلاع لصحيفة معاريف أن ثلثي المجتمع الإسرائيلي بات مقتنعاً حالياً بضرورة التوصل إلى حل يؤدي إلى وقف الحرب مع غزة.

بعد 80 يوماً من الحرب، أيقنت "دولة" الاحتلال أنَّ إمكانية كسر المقاومة داخل قطاع غزة مستحيلة، وأن مهمة استعادة الأسرى أحياء بعيدة المنال. ولتحقيق جميع الأهداف المعلنة، قد يحتاج جيش الاحتلال إلى أشهر طويلة، وربما سنوات، وهو أمر لا يمكن تمريره بسبب تأثيرات الحرب في الاقتصاد العالمي والوضع الداخلي الأميركي والاستقرار الإقليمي والوضع الداخلي الإسرائيلي. 

انكسار الهجوم الإسرائيلي لا يظهر فقط في الميدان، بل من خلال حديث الكثير من المحللين السياسيين والعسكريين والمفكرين الإسرائيليين الذين باتوا يحذّرون من أن استمرار الحرب يعزز بشكل كبير الكره لـ"إسرائيل" لدى الفلسطينيين والعرب، وأيضاً لدى شعوب العالم، بسبب الفظائع التي ارتكبت ضد المدنيين والأطفال والنساء والمستشفيات والمرافق الطبية. هذا الأمر سيؤدي إلى تراجع الدعم الخارجي لكيان الاحتلال الذي يعد عمود بقائها في المنطقة.

وقد دلَّت تصريحات نائب رئيس هيئة الأركان في جيش الاحتلال السابق يائير جولان لصحيفة معاريف العبرية على حجم الأزمة التي وقعت بها "دولة" الاحتلال بقوله: "مشكلة العملية البرية أن المستوى السياسي لا يوضح أهداف الحرب. التصريح بأنه سيتم سحق حماس لا يكفي، والسؤال: ما الذي سيحدث بعد ذلك؟ لا مفر من التوصل إلى اتفاق مع الحركة، وليس مع أي فاعل آخر، لأنها الوحيدة القادرة على إطلاق سراح المختطفين".

وأدى الضغط الذي تمارسه عائلات الجنود الأسرى لدى المقاومة إلى ضغط حقيقي أيضاً على المستوى السياسي والجيش بعدما انتقلت التظاهرات إلى مقر وزارة الحرب، وهو أمر غير مسبوق، وعدم اكتراث المستوى السياسي لمطالبهم سيؤدي إلى انكسار أحد أهم ركائز المجتمع الإسرائيلي القائم على أولوية الجندي واستعادته من المعركة مهما كلف الثمن.

 

 

أعلن تحالف المنظمات المؤيدة لفلسطين تفاصيل اليوم العالمي الثاني للتضامن مع سكان قطاع غزة، المزمع انطلاق مسيراته اليوم السبت في أكثر من 100 مدينة في أكثر من 45 بلدا حول العالم.

وقال إنه ستشارك في هذا الحدث العالمي عواصم كبرى من جميع أنحاء العالم، مثل لندن وواشنطن وسيدني وإسطنبول وسيول.

وفي بريطانيا، ستبدأ المسيرة المقررة من منطقة ماربل آرش، المحاذية للهايد بارك، وسط العاصمة لندن، الساعة 12:30 ظهرًا، اليوم السبت متجهة نحو السفارة الإسرائيلية في حي كينسيغتون.

تشغيل الفيد وقد أصدر التحالف المكون من المنتدى الفلسطيني في بريطانيا وتحالف أوقفوا الحرب وحملة التضامن مع فلسطين وحملة وقف التسليح النووي والرابطة الإسلامية في بريطانيا ومنظمة أصدقاء الأقصى، نداء عاجلا للتحرك ردا على الأزمة الإنسانية الكارثية غير المسبوقة في رفح، جنوبي قطاع غزة.

وقال إنه "مع تصاعد عمليات الجيش الإسرائيلي، يواجه المدنيون في رفح خطر نزوح وشيك، إضافة إلى جميع أنواع المعاناة الأخرى التي تحيط بهم، مما سيضاعف العدد الصادم من الشهداء والجرحى والنازحين".

ودان التحالف بشدة جميع أشكال العدوان ضد السكان المدنيين في غزة، وأهاب بالمجتمع الدولي أن "ينفّذ إجراءات حازمة وجدية لمحاسبة إسرائيل على جرائمها ضد الإنسانية".

ودعا التحالف لمشاركة العالم أجمع في اليوم العالمي لنصرة غزة، وللدعوة لوقف الإبادة الجماعية في القطاع، والمطالبة بالحرية لفلسطين.

وقال عدنان حميدان نائب رئيس المنتدى الفلسطيني في بريطانيا إن الحراك في اليوم العالمي الثاني للتضامن مع غزة يكتسب زخما خاصا بمشاركة مئات المدن والعواصم حول العالم، وفي لندن بالذات، حيث يأتي هذا الحراك في توقيت مهم بين يدي تصويت البرلمان مجددا على تبني الدعوة لوقف إطلاق النار في غزة في 21 من الشهر الجاري.

 

السيد نصر الله يؤكد أنّ تضحيات حركات المقاومة "لا تنطلق من حالة انفعالية أو رد فعل مؤقت، بل من الوعي والمعرفة بالأهداف". ويضيف أنه على "الأميركيين والصهاينة، أن يعرفوا أنهم في فلسطين، أمام شعب لن يتراجع مهما بلغت التضحيات".

"ثمن دماء المدنيين سيكون دماءً وليس مواقع وآليات وأجهزة تجسس إسرائيلية"، وفق الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، الذي قال إنّ "هدف العدو الإسرائيلي من قتل المدنيين، الضغط على المقاومة لتتوقف، لأن كل الضغوط منذ 7 أكتوبر كان هدفها وقف جبهة الجنوب"، مؤكداً أنّ المقاومة لا تتحمل موضوع المس بالمدنيين "ويجب أن يفهم العدو أنه ذهب في هذا الأمر بعيداً".

وشدّد السيد نصر الله، في حفل الذكرى السنوية للشهداء القادة، الذي أقامه حزب الله في بيروت، أنّ الجواب على المجزرة، "يجب أن يكون مواصلة وتصعيد العمل في الجبهة"، مؤكداً أنّ استهداف مستوطنة "كريات شمونة" بعشرات صواريخ الكاتيوشا وعدد من صواريخ "الفلق"، "هو ردٌ أولي"، على ما جرى في النبطية والصوانة.

وفي إطار ردّه على وزير "أمن" الاحتلال، يؤآف غالانت، الذي هدّد مؤخراً بالوصول إلى بيروت، حسم السيد نصر الله، موقفاً سابقاً، مذكراً غالانت وقادة العدو، بأنّ "المقاومة في لبنان تملك من القدرة الصاروخية الهائلة والدقيقة التي تمتد من كريات شمونة إلى إيلات"، مشيراً إلى أنّ المقاومة "في قلب معركة حقيقية على جبهة تمتد أكثر من 100 كيلومتر"، وارتقاء شهداء من المقاومة "جزء من المعركة القائمة".

وفي سياق خطابه، أكد السيد نصر الله، أنّ تضحيات حركات المقاومة "لا تنطلق من حالة انفعالية أو رد فعل مؤقت، بل من الوعي والبصيرة والمعرفة بالأهداف". ووفقاً له، فإنّه "على الأميركيين والصهاينة أن يعرفوا أنهم في فلسطين أيضاً، أمام شعب لن يتراجع مهما بلغت التضحيات ومهما بلغ البذل".

وفي  السياق نفسه، شكر السيد نصر الله، القوات المسلحة اليمنية وحركة أنصار الله، الذين واصلوا حتى اليوم، استهداف السفن الأميركية والبريطانية، "على الرغم من العدوان الأميركي والبريطاني عليهم"، مضيفاً أنّ "المعركة الأساسية تبقى ما يجري في غزّة"، معقباً بالقول، إنّ الجزائر قدّمت أكثر من مليون أو مليوني شهيد، "ولو لم تقدم كل هؤلاء الشهداء، هل كانت الجزائر ستتحرر؟".

كلفة الاستسلام كبيرة وخطيرة

وفي حديثه عن كلفة المقاومة وثمنها وتبعاتها والتضحيات المترتبة عليها، وهو "عنوان مطروح منذ العام 1984" وفق السيد نصر الله الذي شدّد على أنّ "كلفة الاستسلام كبيرة وخطيرة وباهظة ومصيرية جداً". 

ورأى السيد نصر الله أنّ "الاستسلام يعني خضوعاً وذلاً وعبودية واستهانة بكبارنا وصغارنا وأعراضنا وأموالنا"، مردفاً أنّ "ثمن الاستسلام في لبنان، يعني الهيمنة السياسية والاقتصادية الإسرائيلية على بلدنا".

إضافةً إلى ذلك، قال السيد نصر الله إنّه لو استسلم الشعب الفلسطيني، "لكان اليوم أهل غزّة خارجها وأهل الضفة خارجها وحتى أهل أراضي 48 خارجها"، موضحاً أنّه "من جملة المسؤوليات الملقاة على عاتقنا، وعلى عاتق الشعوب الإسلامية وأحرار العالم هو تبيان الحقائق".

وتساءل السيد نصر الله: "أليس من الذل والهوان والضعف والوهن أنّ دولاً تدير ملياري مسلم لا تستطيع إدخال الدواء والغذاء إلى أهل غزّة؟"

المقاومة الفلسطينية تعرّضت لأبشع عملية تزوير وإهانة

وعن الأكاذيب والشائعات، التي طالت المقاومة الفلسطينية منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، أكّد السيد نصر الله أنّها تعرّضت منذ عملية طوفان الأقصى إلى اليوم، "إلى أبشع عملية تزوير وإهانة، تعرضت لها المقاومة في تاريخنا".

وقال إنّ المقاومة جعلت العدو "يعيش في أزمة وجود ذروتها كانت طوفان الأقصى"، مؤكداً أنّ الإسرائيلي لم يستطع أن يقدّم للعالم دليلاً واحداً على الأكاذيب التي روّج لها منذ 7 أكتوبر.

كما لفت إلى أنه لو فُتح تحقيق حول 7 أكتوبر، فسيكون من نتائجه انهيار "الأساس الأخلاقي والقانوني الذي يدعيه نتنياهو وبايدن بإصرارهما على القضاء على حماس".

وفي هذا الإطار، بيّن السيد نصر الله أنّ كثيرين صدّقوا التزوير التاريخي الإسرائيلي بخصوص 7 أكتوبر، "بما في ذلك دول تقول إنّها صديقة لحماس"، مشيراً إلى أنّ "أكبر ظاهرة نفاق يشهدها العالم اليوم، هي موقف الإدارة الأميركية تجاه ما يجري في غزّة"، موضحاً أنّه إذا أوقفت الولايات المتحدة تسليح ودعم "إسرائيل" الآن، "فسيتوقف العدوان مباشرة شاء نتنياهو أم أبى".

وشدد السيد نصر الله أنّ الذي يصرّ على هدف القضاء على حماس هي أميركا أكثر من "إسرائيل"، موضحاً أنّ المسؤول عن كل قطرة دم في المنطقة هو الإدارة الأميركية "والمسؤولون الإسرائيليون هم أدوات تنفيذ".

الهدف الإسرائيلي تهجير الفلسطينيين

كذلك، أوضح السيد نصر الله أنّ ما كشفته "طوفان الأقصى" هو أنّ الهدف الإسرائيلي الذي كان يعمل عليه "هو تهجير الفلسطينيين وإقامة دولة يهودية خالصة"، مشيراً إلى أنّ هدف حصار قطاع غزّة، كان "إيصالها إلى الموت بسكون وهدوء ومن دون أن يهتز العالم".

ولافتاً إلى أنّ "الهدف الإسرائيلي هو تهجير أهل الضفة إلى الأردن، وأهل غزّة إلى مصر، وأهل الـ48 إلى لبنان، والمسؤولية تقتضي منع تهجير الفلسطينيين، وهذا يتطلب مواجهة كبرى".

السيد نصر الله: نحن لا نتدخل في المفاوضات

أما بالنسبة إلى التفاوض السياسي بين فصائل المقاومة الفلسطينية والعدو الإسرائيلي، فأكّد نصر الله أنّ "المعني بها هو الفصائل الفلسطينية، التي فوّضت حماس، ونحن لا نتدخل بما يجري في المفاوضات".

كما أشار إلى أنّ حماس والمقاومة الفلسطينية، "يُمثلون جبهات محور المقاومة وكل مواقع الإسناد العسكري واللوجستي لهم".

هدف محور المقاومة إلحاق أكبر خسائر بالعدو

وفي خطابه أيضاً، قال السيد نصر الله، إنّ المقاومة في لبنان وفلسطين، "كسرت ميزان الردع الإسرائيلي وهشّمت صورته وأوجدت ميزان ردع حماية"، مضيفاً: "مهما قلنا وشرحنا، ستكون ألسنتنا عاجزة عن توصيف المقاومة الأسطورية في غزة والصمود الأسطوري لشعب غزّة".

ولفت السيد نصر الله أيضاً إلى أنّ "الإسرائيلي والأميركي لم يتوقعا"، أن تكون لدى المقاومة في لبنان "الإرادة والشجاعة لفتح الجبهة لمساندة غزّة".

وفي ردٍ على تساؤلات حول هدف محور المقاومة، قال السيد نصر الله إنّ المحور "دولاً وشعوباً وحركات ومقاتلين هدفه كان وسيبقى هو هزيمة العدو"، متابعاً: "المقصود بهزيمة العدو في هذه المعركة، هو فشله في تحقيق أهدافه".

سلاح المقاومة لحماية لبنان

وعن الوضع الداخلي اللبناني، شدد السيد نصر الله على أنّ "سلاح المقاومة ليس لتغيير النظام السياسي والدستور ونظام الحكم وفرض حصص طائفية جديدة في لبنان"، مؤكداً أنّ "سلاح المقاومة هو لحماية لبنان".

وشرح أنّ الحدود البرية مُرسّمة وأيّ مفاوضات ستكون على قاعدة "اخرجوا من أرضنا اللبنانية"، مردفاً أنّ "ثقافة مقاومتنا ثقافة حياة وكرامة وليست ثقافة ذل وهوان واستسلام".

المصدر: المیادین

الناطق باسم "كتائب القسّام"، أبو عبيدة، يؤكّد أنّ ما يُبثّ من مشاهد جزءٌ من إنجازات المقاومين في الميدان، ويضيف أنّ الخسائر في صفوف أسرى العدو باتت كبيرة جداً.

 أكّد الناطق باسم "كتائب القسّام"، الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، أبو عبيدة، اليوم الجمعة، أنّ معركة "طوفان الأقصى" تُمثّل بداية النهاية لأقدم احتلال في التاريخ الحديث، وستكون نقطةً فاصلة في تاريخ أمتنا".

وقال أبو عبيدة، في كلمةٍ مُسجّلة، إنّ "مجاهدينا يُوقعون في صفوف العدو خسائر فادحة غير مسبوقة، ويوقعون أفراده في كمائن مُحكمة".

وأشار إلى أنّ ما تبثّه "القسّام" من مشاهد جزءٌ من إنجازات المقاومين في الميدان، مضيفاً: "نُؤْثِر تأجيل بث بعض المشاهد لأسباب أمنية"، مضيفاً أنّ "مجاهدينا يُنفذون عملياتٍ نوعية قاتلة، بالتوازي مع عمل قوى الأمة في المقاومة".

ولفت إلى أنّ مجاهدي "القسّام" يخوضون في مناطق التوغل كافّة، في شمال غزّة ووسطها وجنوبيّها، معاركَ عبر تكتيكاتٍ مُتنوعة، وبأسلحةٍ ملائمة، مشدداً على أنّ المقاومة ضد العدو الإسرائيلي "مُستمرة حتى خروج آخر جندي صهيوني من قطاع غزّة".

وتابع: "لسنا معنيين بالتفنيد التفصيلي لمزاعم العدو وأكاذيبه في الميدان، والمستقبل القريب والمستقبل البعيد سيثبتان وهم العدو وأكاذيبه".

وذكّر أبو عبيدة بتحذير كتائب القسام "عشرات المرّات من المخاطر، التي يتعرّض لها أسرى العدو لدى المقاومة، لكن قيادة العدو تجاهلت ذلك".

وشدّد أبو عبيدة على أنّ "الخسائر في صفوف أسرى العدو باتت كبيرة جداً، وحاولنا حمايتهم ورعايتهم، منذ أشهر، من أجل تحقيق مصالح شعبنا، ولا نزال نسعى لذلك".

وفي اليوم الـ 133 منذ بداية ملحمة "طوفان الأقصى"، تواصل المقاومة في غزّة استهداف القوات الإسرائيلية المتوغلة في خان يونس، وتخوض الاشتباكات في عدّة محاور في المدينة.

وبينما تواصل المقاومة تصدّيها للقوات الإسرائيلية المتوغّلة في القطاع، فاقت حصيلة قتلى "جيش" الاحتلال 230، منذ بدء المعارك البرية في قطاع غزة، وتجاوزت الحصيلة الإجمالية 570 قتيلاً من الجنود والضباط، منذ بداية "طوفان الأقصى".

 

الثلاثاء, 20 شباط/فبراير 2024 03:04

كيف تهيئين طفلك لوظائف المستقبل؟

لاريسا معصراني

تتغير الوظائف تزامنا مع التطور التكنولوجي واحتياجات السوق، لتظهر وظائف أخرى كنتيجة حتمية تنسجم مع مخرجات الثورة الصناعية الرابعة والروبوتات المتقدمة والذكاء الاصطناعي، والتعلم الآلي، لذا يجب إعداد الأطفال لوظائف غير موجودة بعد؛ لمساعدتهم على الاستعداد لمستقبلهم، كما يجب تزويدهم بمجموعة من المهارات المناسبة.

وبحسب الباحثين المتخصصين، فإن تهيئة الأطفال ليكونوا ناجحين في وظائفهم المستقبلية تكون من خلال دعم الأهل، فما الذي يمكن للوالدين القيام به لمساعدة أطفالهم في اختيار وظائف المستقبل؟.. إليك ما يقوله المختصون.

القيادة الفعالة من أهم ما يجب أن يتقنها الطفل، وتعتبر مؤشرا قويا على الثقة في النفس (غيتي)

تنصح الأخصائية في علم الاجتماع شانتال صعب الوالدين في حديثها إلى الجزيرة نت باتباع عدة خطوات لمساعدة الطفل للتوجه إلى المهن المناسبة التي تواكب العصر والتكنولوجيا، وهي:

  • جمع المعلومات: جمع كل الخطوات التي سيقوم بها الطفل على مدار الأعوام المقبلة ليهيئ نفسه للالتحاق بالكلية التي تناسبه، ومن المهم أيضا معرفة أماكن المعاهد والجامعات التي يستطيع الالتحاق بها.
  • تنمية المهارات الحياتية: تنمية مهارات الطفل بشكل فعّال لتحقيق النجاح الشخصي في المستقبل، ومنها تشجيع الطفل على الاطلاع والاشتراك بمواقع مختلفة لتزويده بالمعلومات، إضافة إلى تشجيعه على الاستمرارية والتحدي للوصول للهدف، مما يسعده على اكتساب ميزة اتخاذ القرارات.
  • تشجيع الطفل على التفكير والإبداع بحرية: يجب أن يكون الطفل قادرا على التعبير عن كل ما يدور في ذهنه، فأي عمل إبداعي هو شكل من أشكال التعبير عن الذات، كما يجب السماح له بالتعبير عن ما يحبه بطريقته الخاصة، وهكذا يستكشف الأمور ويبحث عما يستهويه.
  • الحوار والمناقشة مع الطفل: القيام بجلسات حوارية مع الطفل وتحديد ماذا يحب أن يكون، وماذا لا يحب وعمل قوائم بما يفضل، وما لا يفضله أيضا، لمناقشة الاختيارات جميعا. ومن المهم ترك حق الاختيار للطفل وعدم إجباره على اختيار دراسة أو مهنة ما.
  • عدم توبيخ الطفل: ترك العنان للطفل للتجارب واختيار المناسب له مع التوجيه غير المباشر.
  • التدريب على المرونة: الطفل الذي يستطيع فهم كل تغيير والتفاعل معه سينجح في الحياة كبالغ. لذا من المهم تعليم طفلك كيفية استيعاب لحظات التغيير وتحويلها إلى فرصة للنمو، مما يعلمه أن يكون أكثر مرونة.
  • تطوير القيادة الفعّالة: تعدّ هذه من ضروريات القوى العاملة المستقبلية. فالقيادة الفعالة هي من أهم ما يجب أن يتقنه الطفل، وتعتبر مؤشرا قويا للثقة في النفس وتمثل دورًا مهمًا في نجاح المستقبل المهني لها، فهذه الصفة لها تأثير إيجابي على تحقيق الطفل إنجازات مميزة تختلف عن الآخرين.
    أي عمل إبداعي يقوم به الطفل هو أيضًا شكل من أشكال التعبير عن الذات (غيتي)

ما وظائف المستقبل؟

وفي هذا الإطار، تحدثت الإخصائية صعب عن أهم هذه الوظائف المستقبلية، ومنها:

 وظائف التكنولوجيا والمعلومات: تخصص الطفل في البرمجة يجب أن يبدأ مبكرا من خلال جمع المعلومات والاشتراك فى كورسات البرمجة، وأيضا الممارسة في تطبيق كل هذا مما قد يجعله يلتحق بهذه الوظائف في المستقبل.

  • وظائف الطاقة البديلة: بات الاعتماد الآن على الطاقة الشمسية والرياح بشكل كبير، وهذا يتطلب مهندسين لشغل هذه الوظيفة.
  • وظائف التسوق الإلكتروني: أصبح كل شيء عبر الإنترنت، الشراء، البيع، إنجاز ومتابعة الأوراق المهمة، حجز رحلات السفر، فمعظم الأمور الحياتية أصبحت تتم باستخدام التطبيقات الإلكترونية.

كليات الذكاء الاصطناعي هي الأهم

وتشير "صعب" إلى أن كليات الذكاء الاصطناعي ستصبح من أهم الكليات على الإطلاق، كون وظائف المستقبل ستعتمد على خريجي هذه الكليات اعتمادا تاما. لذلك تدريب الطفل وخوض تجارب الذكاء الاصطناعي من أهم الأمور التي ستهيئ طفلك لوظائف المستقبل، وتشمل مدربين ومشرفين مستقلين، كتابا وموسيقيين وفنانين وخبراء في الأمن الإلكتروني، وكلهم معززون بقدرات الذكاء الصناعي.

مهارات الطفل التكنولوجية تشجعه على التفكير المنطقي وتعزيز مهاراته في حل المشكلات (غيتي)

5 طرق لتهيئة الطفل لوظائف مستقبلية

ومن جهة أخرى نشر موقع "كودا كيد" تقريرا عن أهم الطرق لإعداد طفلك لوظائف المستقبل الجديدة:

وفقاً لخبيرة تقنية التعليم في المستقبل كاثي دفيدسون، هناك 65% من أطفال اليوم ستنتظرهم وظائف مستقبلية لم تخطر في بال أحد.

وتوضح بأن هنالك 5 طرق أساسية لتهيئة الطفل وإعداده لوظائف مستقبلية، وهي:

  • تنمية حب العلم لدى الأطفال: إضافة للتمتع بالمهارات الأحدث كالتفكير التحليلي والقيادة والتعلم النشط ومتعة الاستكشاف وما إلى ذلك؛ لتحل محل المهارات القديمة؛ كالمهارة اليدوية والقدرة على التحمل وقوة الذاكرة والقدرات اللفظية.
  • تنمية مهارة القيادة: يحتاج الأطفال إلى الإيمان بأنفسهم والثقة بقدرتهم على تجربة أنشطة جديدة، وتساعدهم مهارات القيادة على ذلك.
  • التعامل مع الصعوبات: يجب على الوالدين تعليم أطفالهم كيفية التعامل مع الصعوبات التي يواجهونها، وتشجيعهم على النهوض بسرعة بعد الفشل أو التعثر، ومنحهم فرصة أخرى للتجربة والتحسين. كما يجب تعليم الطفل مهارة التفاوض واتخاذ القرارات مع زرع الثقة بالنفس.
  • تحفيز الطفل على التعاون والعمل الجماعي: تشجيع الأطفال على المشاركة في الأنشطة الجماعية الخارجية، والاستماع لآراء الآخرين واحترامها.
  • إتقان القراءة والكتابة والرياضيات: فكلها تسهم في التركيز والتحليل النقدي وتحسين النقاش مع زيادة المعرفة.
  • تعليم الطفل مهارة التكنولوجيا وتقنية البرمجة: في عالم الرقميات المتسارع أصبح تطوير مهارات التكنولوجيا للأطفال ضرورة ملحة لتشجيعهم على التفكير المنطقي وتعزيز مهاراتهم في حل المشكلات، وحتى يمكن تنمية مهاراتهم الإدراكية، فيميل تفكيرهم للإبداع والاختراع والابتكار.

المصدر :  مواقع إلكترونية

 

من الجيّد أن نلفت النظر إلى شخصيّة الإمام الحسين عليه السلام وصفاته وبعض الملامح العامّة لهذه الشخصيّة. ومن هذه الخصائص والملامح في شخصيته القيادية سلام الله عليه:
 
1- قوّة الإرادة: ويكفي أن نرى قوّة الإرادة عنده من إصراره على إنهاء المسيرة حتّى النهاية مع عائلته وأولاده رغم سماعه نبأ استشهاد مسلم بن عقيل رضوان الله عليه، في جوّ لا يطمئن بأيّ حسم عسكريّ لصالحه، بل في ظروف يعلم أنّه ملاقٍ فيها الشهادة، وهو القائل: "لا أرى الموت إلا سعادة والحياة مع الظالمين إلّا برماً"[1].
 
2- إباء الضيم: لقب "أبيّ الضيم" من أهمّ ألقابه المباركة، وقد قال عنه ابن أبي الحديد المعتزليّ: "سيّد أهل الإباء الّذي علّم الناس الحميّة والموت تحت ظلال السيوف اختياراً على الدّنيّة أبو عبد الله الحسين بن عليّ بن أبي طالب عُرض عليه الأمان هو وأصحابه فأنف من الذلّ، وخاف ابن زياد أن يناله بنوع من الهوان مع أنّه أبى الموت على ذلك"[2].
 
وهو الذي خلّد لنا التاريخ كلمته المشهورة الّتي تنبض بالعزّة والكرامة: "ألا إنّ الدعيّ ابن الدعيّ قد ركز بين اثنتين بين السلّة والذلّة وهيهات منّا الذلّة، يأبى الله ذلك ورسوله والمؤمنون وحجور طابت وطهرت، وأنوف حميّة، ونفوس أبيّة، من أن نؤثر طاعة اللِّئام على مصارع الكرام"[3].
 
3- الشجاعة: ومواقف عاشوراء كلّها دليل على هذه الشجاعة اللافتة للإمام عليه السلام وهو الّذي قال لأصحابه حينما أمطرتهم سهام الأعداء: "قوموا رحمكم الله إلى الموت الّذي لا بدّ منه، فإنّ هذه السهام رسل القوم إليكم"[4].
 
4- الصراحة والوضوح: توّجت كلّ هذه الصفات بصفة مهمّة جداً وهي الوضوح والصراحة، وهو القائل: "يا أمير إنّا أهل بيت النبوّة، ومعدن الرسالة، بنا فتح الله وبنا يختم ويزيد فاسق، شارب الخمر، قاتل النفس المحترمة، معلن بالفسق والفجور، ومثلي لا يبايع مثله"[5].
 
5- الصلابة في الحقّ: وقد قال عليه السلام: "ألا ترون إلى الحقّ لا يُعمَل به، وإلى الباطل لا يُتناهَى عنه، ليرغب المؤمن في لقاء الله"[6].
 
6- الصبر: قال الأربليّ: "شجاعة الحسين عليه السلام يُضرَب بها المثل، وصبره في الحرب أعجز الأوائل والأواخر"[7].
إلى غيرها من الصفات الّتي اجتمعت في الإمام عليه السلام.
 


[1] الذهبي، سيرة أعلام النبلاء، ج3، ص310، والحديث في كتاب الطبري، والطبراني "إلا برما".
[2] ابن أبي الحديد، شرح نهج البلاغة، ج1، ص302.
[3] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج45، ص8.
[4]  ابن طاووس، اللهوف على قتلى الطفوف، ص65.
[5] البلاذري، أحمد بن يحيى بن جابر ، أنساب الأشراف، ج1، ص1.
[6] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج44، ص381.
[7] الأربليّ، كشف الغمّة، ج2، ص20.

الثلاثاء, 13 شباط/فبراير 2024 03:34

المودّة والرحمة في الحياة الزوجية

يقول تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا﴾([1]) أي: جعل لكم من شكل أنفسكم "أزواجاً".
 
وإنّما منَّ سبحانه علينا بذلك، لأنّ الشكل إلى الشكل أميل ﴿لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَ﴾ أي: لتطمئنّوا إليها، وتألفوا بها، ويستأنس بعضكم ببعض. ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً﴾ يريد بين المرأة وزوجها، جعل سبحانه بينهما المودّة والرحمة، فهما يتوادّان ويتراحمان، وما شيء أحبّ إلى أحدهما من الآخر من غير رحم بينهما. والمودّة هي المحبّة الّتي تستتبع عملاً بمقتضاها ولا تقتصر على مجرّد الشعور القلبيّ، والرحمة: الشفقة. ﴿ إِنَّ فِي ذَلِكَ﴾ أي: في خلق الأزواج مشاكلة للرجال  لَآيَاتٍ   أي: لدلالات واضحات ﴿لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ في ذلك.
 
لأنّهم إذا تفكّروا في الأصول التكوينية الّتي تبعث الإنسان إلى بناء المجتمع من الذكورة والأنوثة الداعيتين إلى الاجتماع المنزليّ والمودّة والرحمة الباعثتين على الاجتماع المدنيّ والأنس ثمّ ما يترتّب على هذا الاجتماع من بقاء النوع واستكمال الإنسان في حياتيه الدنيا والأخرى، لعثروا من عجائب الآيات الإلهية في تدبير أمر هذا النوع على ما يبهر عقولهم ويدهش أحلامهم، فالإنسان يسدّ من خلال الزواج حاجات ودوافع فطرية منغرسة في حاقّ نفسه وأعماق فطرته، لا بُدّ له من قضائها وإلا يبقى في حالة اضطراب داخليّ وبحث باطنيّ عمّا يسدّها ولو كان بطرق غير إنسانية، فهذا في الواقع نفع دينيّ شخصيّ ومجتمعيّ، وهو أكبر مساعد على عفّة النظر وعفّة الفرج اللذين هما من أفضل العبادة.
 
لكي نتكلّم عن مقوّمات الحياة الزوجية إسلاميّاً وبالمنظار الإلهي لا بُدّ لنا أوّلاً أن نُلقي نظرة على كيفية نظرة الإسلام والقرآن لبناء البيت الزوجي والعلاقة الزوجية، إلى أيّ حدٍّ يُقدِّر ويحترم هذا البناء وهذه العلاقة؟
 
إنّ تقدير الإسلام للعلاقة الزوجية يُصنّف في أعلى درجات التقديس والاحترام وذلك من خلال عدّة أمور:
 
أوّلاً: نجد الآية القرآنية تجعل خلق الزوج لزوجه آيةً من آياته تعالى ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم﴾ إذاً هي أمر يُعطيه الخالق أهميّة مميّزة حيث جعله آية من آياته.
 
ثانياً: ختم الآية سبحانه وتعالى بقوله: ﴿إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ﴾ أي أكّد كون العلاقة الزوجية آية ودعا إلى التفكّر والتدبّر في مكتنفات هذه الآية لما لها من أبعاد لطيفة جديرة بأن تُستنبط عن طريق التفكّر.
 
ثالثاً: الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "ما بُني بناء في الإسلام أحبّ إلى الله عزّ وجلّ من التزويج"([2]).

وهذا يؤكّد على أنّ الأبنية الكثيرة الّتي هي ضمن الإطار الإسلاميّ، بعضها أحبّ إلى الله تعالى من بعض وأحبّها على الإطلاق التزويج، وهذا من أعظم التعابير عن الأهمية والتقدير من قبل الله تعالى للبيت الزوجيّ!
 
وفي رواية عنه صلى الله عليه وآله وسلم:"ما استفاد امرؤ مسلم فائدة بعد الإسلام أفضل من زوجة مسلمة تسرّه إذا نظر إليها، وتُطيعه إذا أمرها، وتحفظه إذا غاب عنها في نفسها وماله"([3]).
 
إذا كانت أهمية هذه المؤسّسة العائلية لهذا الحدّ، وهذه المرتبة السامية بالنظر الشرعيّ الإسلاميّ فلا بُدّ أن نعرف كمؤمنين متديّنين عظم المسؤولية فيها، وذلك من خلال عدّة أمور:
 
أ- المؤمن يُحبّ ما أحبّ الله، فإذا كان البناء الزوجيّ أحبّ الأبنية الإسلامية إلى الله، فالمؤمن لا بُدّ أن يُحبّه ويكون لديه من أحبّ المؤسّسات، وإذا كان كذلك فإنّه سيعتني به، ويُعطيه أهمية قصوى ليكون بناءً متيناً قويّاً ومحقِّقاً للأهداف الإلهية الّتي سنذكرها فيما سيأتي.
 
ب- سيكون حذراً دائماً من إلحاق أيّ ضرر بهذه المؤسّسة المحترمة غاية الاحترام لدى الله سبحانه وتعالى، لأنّه لو قصّر أو تهاون أو حقّر ـ لا سمح الله ـ هذا البناء فإنّه سيكون قد وضع ما رفعه الله، وحقّر ما عظّمه الله تعالى وهذا سيكون من المهلكات..!
 
كيف إذا رأيت أحداً يريد تخريب بناء مقدّس كالمسجد، فإنّك تعتبره خاطئاً بل مجرماً، فكذلك العلاقة الزوجية هي بناء محترم غاية الاحترام في الإسلام بل بنصّ الرواية: "ما بني بناء في الإسلام أحبّ إلى الله من الترويج" فإنّ من أراد تخريبه وإلحاق الضرر به فإنّه سيكون قد ارتكب إحدى الموبقات.
 
وهذا طبعاً يُحمِّل المؤمن مسؤولية كبرى، كيف يرعى؟ كيف يحمي؟ كيف يكون حكيماً في معالجة الأمور الموهنة للحياة الزوجية؟ كيف يُعطي وقتاً ويبذل طاقة ويولي أهمية لهذه الحياة العائلية، ولا يكون مستصغراً لقدرها ولا متهاوناً بشأنها؟
 
وهذا بدوره يحتاج إلى علمٍ وحكمة وفنٍّ في التعامل ومهارة في التعاطي وتغافل عن السفائف والصغائر وتعقّل وتحمُّل وتصبُّر.
 
رابعاً: إنّ الله تعالى قد أمر الإنسان المكلَّف بأن يقي نفسه النار، وقرن هذا الأمر بأمرٍ آخر في نفس السياق وهو أمره بأن يقي أهله النار أيضاً، وهذا يعني تكليفاً إلزامياً وجوبياً يُحمِّل الإنسان الّذي يتّخذ أهلاً "من خلال بناء الأسرة والحياة الزوجية" مسؤولية عظمى تجاههم، وهذه المسؤولية الكبيرة شعر بها بعض المؤمنين بعد نزول الآية وعبّر عن ذلك للرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
 
فعن أبي عبد الله عليه السلام قال: "لمّا نزلت هذه الآية ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾([4]) جلس رجل من المؤمنين يبكي وقال: أنا عجزت عن نفسي وكُلّفت أهلي".
 
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "حسبك أن تأمرهم بما تأمر به نفسك وتنهاهم عمّا تنهى عنه نفسك"([5]).
 
وفي رواية عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام في قوله: ﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ قال عليه السلام: "علِّموا أنفسكم وأهليكم الخير وأدّبوهم"([6]).
 
فإذاً لاحظوا المسؤولية الملقاة على عواتق المؤمنين تجاه عوائلهم.
 
فعلى المؤمن أن يأمرهم بما يأمر به نفسه، وينهاهم عما ينهى عنه نفسه، يعني إذا رأيت ابنك يتكلّم كلام الفحش فتكليفك أن تنهاه، وإذا رأيته يُصاحب أصدقاء السوء فعليك أن تُبادر إلى نصيحته بالامتناع عن مصاحبة الفاسدين، وإذا رأيته يتهاون في صلاته فعليك أن تأمره بأداء الصلاة والاهتمام بأوقاتها وشرائطها، فإذا رأيته مثلاً لا يستيقظ لصلاة الفجر فعليك أن تُبادر إلى أمره بالاستيقاظ لأدائها، وكذلك عليك أن تنهاه عن الكذب والنميمة والغيبة والظلم والعقوق، ومُرْه بأضدادها، فإذاً القضيّة ليست بالسهولة الّتي نتصوّرها، بل هي مسؤوليّة دفعت بعض المؤمنين الّذين يستشعرون المسؤوليّة الرساليّة بكلّ أبعادها إلى أن يبكي.
 
وكذلك أمير المؤمنين عليه السلام يُحمِّلنا هذه المسؤولية بالبعد التعليميّ للخير "علّموا أنفسكم وأهليكم الخير". فلا تبخل على أهلك بالعلم الّذي تعلّمته، ولا تقل مللت من الكلام، ولا أجد عندي طاقة للحديث والموعظة، وتكفيني همومي المعيشية وهموم الحياة.
 
فهذا واجب عليك يأمرك به أمير المؤمنين عليه السلام.
 
وبالبعد التأديبيّ "وأدّبوهم" أي اذكروا لهم الآداب وتابعوهم لكي يتحلّوا بها. فالتعليم ليس هو التأديب، فقد يلقي شخص المعلومة إلى آخر ويتلقّاها الآخر، إلا أنّه لا يعمل ولا يتخلّق بها، فهذا تعليم وليس تأديباً. فالتأديب هو تعليم وزيادة، هو تعليم الآخر الآداب ومتابعته بتكرارها والتذكير بها ومداومة الحثّ عليها حتّى تُصبح جزءاً ملتصقاً به تصدر تصرّفاته عنها فيكون مؤدّباً حينئذ.
 


([1]) سورة الروم، الآية: 21.
([2]) وسائل الشيعة، الحرّ العامليّ، ج 20، ص 15.
([3]) م.ن، ص 41.
([4]) سورة التحريم، الآية: 6.
([5]) الكافي، الشيخ الكلينيّ، ج 5، ص 62.
([6]) كنز العمّال، المتّقي الهندي، ج 2، ص 540.

الإثنين, 12 شباط/فبراير 2024 04:34

بالإسلام قامت الثورة

 

* الأعداء في مواجهة الإسلام
كما تعلمون، فإنّ الدول الكبرى عملت على محاربة الثورة الإيرانيّة الإسلاميّة منذ البداية وحتّى الآن، وشنّت ضدّها الهجوم العسكريّ ودفعت أعداء الإسلام لمهاجمة هذا البلد العزيز، لا لذنب إلّا لأنّه يدعو إلى الإسلام. أمّا بالنسبة إلى بلدنا، فينبغي القول بأنّه ليس له معين غير الله تبارك وتعالى. فالشعوب التي تربطها علاقات طيّبة مع شعبنا، والمستضعفون في العالم ممّن هم على اطّلاع بالإسلام ويتطلّعون إلى العدل والكرامة الإنسانيّة، يتعرّضون لأنواع الضغوط من قِبل حكوماتهم التي تعمل على إقصاء الإسلام ومحاربته، وتمارس الضغوط ضدّ شعوبها خشية أن تطالبها بالعدالة وبالكرامة الإنسانيّة.

* ضرورة توعية المستضعفين بهمومهم‏
إنّ المسؤوليّة التي تقع على عاتقكم جميعاً، تتمثّل في تناول قضايا هذه الثورة في مجالات الأدب والفن والإعلام وغيرها كي تُحفظ للأجيال القادمة. لا بدّ من توعية الناس وشعوب العالم والمستضعفين بالمصائب التي حلّت على رؤوسهم والهموم التي يعانون منها، والأوضاع التي يعيشون فيها، ولفت أنظارهم إلى أوضاع حُكّامهم والترف الذي يعيشون فيه. ولا بدّ لأبناء الدول الإسلاميّة أن يعلموا كيف تُنفق ثرواتهم وأين تذهب خيرات بلدانهم، في ذات الوقت الذي تعاني فيه شعوبهم من الجوع والفقر والحرمان، وإنّ الكثير منهم يموت جوعاً فيما يسرق هؤلاء ثروات بلدانهم وخيرات شعوبهم. إنّ هؤلاء الغاصبين لو أنفقوا على شعوبهم عشر أعشار هذه الثروات؛ لاستطاعوا أن يحقّقوا النموّ والازدهار لشعوبهم، غير أنّهم يقدّمون كلّ ثروات بلدانهم لأعداء الإسلام.

حاولوا توعية الجماهير بما حدث في إيران وما تجرّعه الشعب الإيرانيّ من مصائب ومعاناة في عهد النظام البائد. حدّثوهم عن أساليب النضال التي انتهجها الشعب الإيرانيّ، فحقّق ما حقّق بمشيئة الله تبارك وتعالى، وإنّ هذه الانتصارات في تنامٍ مستمرّ ولله الحمد.

* البداية كانت من الصفر
لقد كان كلّ شيء مهدّداً، وقد وصل الكبت إلى درجة لم تستطع المرأة أن تقول لزوجها ولا الزوج لزوجته كلمة تعارض النظام. لقد بدأنا من الصفر، فاستفاق الناس من غفلتهم، وشيئاً فشيئاً تنامى الاعتراض وكبر وتحوّل إلى قبضات محكمة دون أن تكون ثمّة تشكيلات منظّمة ولا قطعة سلاح واحدة. لقد كرّس الواعون جهودهم للعمل على مدى عشرين عاماً تقريباً، وفجأةً، حدثت الثورة وحدث الانفجار. وبفضل هذه الثورة، هُزم النظام البائد الذي كان مدجّجاً بالسلاح. لقد استطعنا أن نحقّق متطلّبات البلد المستقلّ، رغم كلّ الضغوط والحصار الاقتصاديّ والعسكريّ، فلا تيأسوا من رحمة الله، فهو حاضر ناظر، وآمنوا بأنّ قدرته تعالى فاعلة في كلّ مكان. ولا تخشوا قلّة العدّة والعدد، فالله تبارك وتعالى يساعدكم، وإذا ما نصرتموه فإنّه سبحانه قد وعدكم بالنصر(1).

* ما هي مسؤوليّتنا؟
أمريكا لا تعبأ بالأديان، حتّى أنّها لا تفكّر بمصالح الأميركيّين، وإنّما بمصالحها كإدارة فقط، وقد أضرمت النيران في العالم بأسره وتعمل على تأجيجها باستمرار. إنّ الحكومات الخانعة توفّر لأمريكا قواعد لجيوشها في البلدان الإسلاميّة، وكلّ ذلك من أجل إرعاب لبنان وإيران. فكيف ينبغي للمسلمين أن يتعاملوا مع أمثال هذه الحكومات وهؤلاء الحكّام؟ هل يجب أن يتفرّجوا بصمت؟ فلو كان فكّر الإيرانيّون على طريقة: “ما شأني أنا بكلّ ما يحصل ولأنشغل برزقي”، فالله العالم ما كان سيحلّ بالإسلام في هذا البلد على يد نظام الطاغية الفاسد.

* نحن شيعة المضحّين الأوائل
لقد منّ الله تبارك وتعالى بقدراته الغيبيّة على هذا الشعب ليصبح هؤلاء الشباب رجالاً ينهجون نهج العارفين بالله، ويضحّون من أجله تبارك وتعالى، ويسترخصون كلّ شيء في سبيله، فيحثّ الآباء والأمّهات أبناءهم على التضحية والفداء. وبفضل هذه التضحيات، وفقداننا الكثير من أعزّتنا وشبابنا الأعزّاء وتحمّلنا خسائر فادحة، استطعنا أن نصون الإسلام العزيز ونعيده إلى واقع الحياة. ولا شكّ في أنّ ديننا يستحقّ أن يضحّى بكلّ شيء من أجله، مثلما فعل أولياء الله، حيث ضحّى النبيّ محمّد صلى الله عليه وآله وسلم بكلّ ما لديه في سبيله، وضحّى الإمام الحسين عليه السلام بنفسه وأهل بيته وأصحابه من أجله. ونحن أيضاً علينا أن نقتدي بهم. فنحن أمّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، وشيعة هؤلاء الذين ضحّوا في صدر الإسلام.

على الشعوب أن تنهض، وإذا كانت تفكّر بأن يأتي الآخرون ويخلّصوها من محنتها، فهي مخطئة. ولكن إذا ما لجأت إلى الله تبارك وتعالى وعملت بواجباتها بالاتّكال عليه وسخّرت طاقاتها من أجل الإسلام، فإنّ الله تبارك وتعالى سيدلّها على سبيل الخلاص، كما حصل في هذه الثورة المباركة.

*من خطاب للإمام الخميني قدس سره ألقاه بتاريخ 26 ربيع الثاني 1403هـ.ق‏.
(1) إشارة إلى قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ﴾ (محمد: 7)

نعم الله تعالى بحسب القرآن الكريم منوعة منها مادية ومنها معنوية ومنها نوع يشير إلى الحفظ من أي مكروه.

وقال الله تعالى في الآية الـ33 من سورة فاطر المباركة “يَدْخُلُونَهَا يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ” فيمنّ الله تعالى على المؤمنين الذين هجروا الدنيا ولم يهتموا بمظاهرها بأفضل الألبسة وأجمل المظاهر.

بالطبع البشر لا يستوعب الكثير من نعم الجنة لأنها وإن كانت مماثلة لنعم الله في الدنيا فإنها مختلفة في الماهية فإن الحلية التي تخصص بها العرب دون غيرهم والتاج الذي وضعه الملوك من غير العرب فهي أمور مفهومة بالنسبة لنا بقدر فهمنا الدنيوية ولكنها لن تكون كذلك في الآخرة.

ويشير البارئ عز وجل في الآية 34 من سورة فاطر المباركة إلى تمتع البشر بالنعم المادية ثم يشير إلى الطمأنينة التي منّ الله بها على البشر بعد ذلك فيقول تعالى “وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ إِنَّ رَبَّنَا لَغَفُورٌ شَكُورٌ”.

إن ذكر الصفتين “غفور” و”شكور” لله تعالى في نهاية الآية يدلّ على أن النعم الالهیة هي في الحقيقة نتيجة مغفرة الله، وثانياً، أنها أضعاف الثواب الذي يعطيه الله تعالى لعباده على أعمالهم الصالحة.

ويستطرد الله تعالى بالقول “الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ”(فاطر / 35) فإن الرفاه قد يوجد في الدنيا ولكن الطمأنينة والراحة النفسية قد لا توجد في الدنيا وهي التي ينعم بها أهل الجنة.

إن مفردة “نَصَبٌ” في هذه الآية تعني التعب والمعاناة، ومفردة “لُغُوبٌ” تعني الضعف والعجز، وأحياناً تستخدم في الاكتئاب. نشهد حالياً أن البلدان المتقدمة والأسر الغنية تتمتع بالرفاه، ولكن الطمأنينة والراحة النفسية في هکذا بلدان وأسر قليل، وبحسب القرآن الكريم إن أهل الجنة ینعمون بالراحة التامة والطمأنينة بعيداً عن الأحزان والمعاناة.

الإثنين, 12 شباط/فبراير 2024 04:31

وظائف العائلة

إن المبررات المادية لوجود العائلة لمؤسسة من المؤسسات الاجتماعية عند بني الإنسان قد زالت والمبررات الخلقية في طريقها إلى الزوال، فهل ستظل العائلة قائمة في المستقبل أم ستنهار وتفنى نهائياً؟ لو أردت أن أتبع الديالكتيك في بحبي لحكمت بأن العائلة في طريقها إلى الفناء إذ لا معنى لوجودها بعد أن تتطور وسائل الإنتاج المجتمع ولكنني لا أرى ذلك صائباً، بل أعتقد بأن العائلة ستحافظ على وجودها، مهما تغيرت وسائل الإنتاج الاقتصادي ومهما تطورت الحياة الاجتماعية وتبدلت الحضارات والأعراف أو حتى الأديان والنظريات الخلقية.

فالحياة العائلية في واقعها لا تقوم على هذه المبررات المادية والخلقية وحسب، بل هناك مبرران أساسيان هما اللذان أوجدا العائلة وهما اللذان يجعلانها قادرة على البقاء كمؤسسة اجتماعين لها خطرها، هذان السببان هما مبرران نفسانيان لا ينتهيان من نفس البشر وهما الرغبة في الانسال.
الرغبة في الاطمئنان

فالإنسان لا يرغب في الناحية الجنسية بسبب الدفع البيلوجي فقط، وليس الاتصال الجنسي هو حاجة جسمية وحسب ولكنه حاجة نفسية أكثر من ذلك، ويدل على ذلك العنة النفسية، وهي العنة الأكثر شيوعاً وأصعب علاجاً، فالإنسان لا يستطيع الاتصال الجنسي مع أي فرد كان، بل لا بد من الود المتبادل والثقة حتى يتمكن من القيام بواجبه في هذا الصدد، وربما يكون الرجل في حاجة إلى ذلك أكثر من المرأة وإن كانت تشاركه في أنها أيضاً لا تصل إلى قمة اللذة إلا مع زوج ترغب فيه وتطمئن إلى ثقته ومودته، فحاجة الإنسان إلى الاطمئنان بوجود شريك يبادله مشاعر الحب والولاء والإخلاص هو الذي يدفع إلى التضحية بقسم كبير من حريته واستقلال فيرضى بالاقتران مع شخص آخر يلتزم تجاهه بكثير من الواجبات {وهو الذي جعل لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة}.
الرغبة في الأنسال

والرغبة في الأنسال لدى الإنسان رغبة أصيلة وشديدة فهو بذلك يشعر أنه يشارك في استمرار بقاء نوعه، فالحياة الخالية من دون نسل لهي في نظره حياة خالية من المعنى، حياة عذاب وقلق مستمر، بل أن هدف الزواج الأول هو الإنجاب ولن يهدأ الزوجين بال حتى يريا ثمرة اقترانهما تملأ البيت بالضجيج، وأعتقد اعتقاداً جازماً بأن الناس سوف يظلون ينجبون الأطفال وأن تمكن العلماء من إيجاد أطفال صناعيين بمكيات تجارية، ذلك أن شعور الإنسان بالطفل الذي يولد منه كشعوره بالطفل المتبنى، ولم يخترع الإنسان مفهوم التبني إلا للتعويض عما يحس من نقص في قرارة نفسه عندما تخلو حياته من الأطفال ويتأكد بأنه غير قادر على الإنجاب مطلقاً.

فالابن بالنسبة إلى أبويه إنما هو استمرار لوجودهما فلكأن بقاءه يخفف عنهما وطئة الشعور بأن للحياة …لابد أن ينتهي بالموت ولذلك يطلقون على النسل (الخلف) بمعنى البقاء، فما دام للإنسان ذرية فهو موجود إن لم يكن يعينه فبشمائله وبذكره… {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالاً كثيرا ونساءاً فاتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام}.

هذا السببان هما المبرران الرئيسيان لوجود العائلة حسب المفهوم القرآني: ولذلك لم يشر القرآن إلى أي من المببرات المادية لعلم الله أنها ليست أسباباً رئيسية لوجود العائلة ولا لبقائها، ولذلك لم تجعل شريعة ضمن الحقوق والواجبات المتبادلن واجب الطبخ أو الغسل أو التمريض ضمن حقوق الزوجين وذلك لأن المجتمعات مختلفة في طبيعتها وفي تطورها الحضاري والماديـ وإنما أشار إلى هذين السببين وفي آيات متعددة إلى أهميتها في بقاء العائلة واستمرار وجودها، وأن على الناس أن يرفضوا أي فكرة قد يؤدي إلى إزالتهما من الناس البشرية.

فليس ثمة من فكرة أو دعوة أخطر على مستقبل العائلة من دعوة الحرية الجنسية والدعوة إلى تحديد النسل.

فالدعوة إلى الحرية الجنسية والتي ابتدأت في القوى المعادية للإنسانية تتبناها وتنشرها بكافة الوسائل تعمل على إزالة الثقة المتبادلة بين الزوجين فعندما يشعر الرجل بأن قرينته تخونه وتباشر العملية الجنسية مع رجل آخر تزول ثقته منها ولا يبقى له اطمئنان يسكن إليه. والمرأة عندما تعلم بأن شريكها يخونها مع امرأة أخرى بدون رابط معترف به شرعاً ومجتمعاً فإنها تعيش في جحيم من المشاعر النفسية فتزول بذلك ثقتها ويذهب اطمئنانها.

فازدياد الحالات العصبية لا يرجع إلى النواحي الاقتصادية والمضادات الاجتماعية بقدر ما يعود إلى الحياة العائلية.

وازدياد نسبة الطلاق في العالم ككل وفي البلاد الإسلامية بصورة خاصة انما هو نتيجة ذهاب الثقة المتبادلة بين الزوجين بسبب الخروج على الأخلاق.

أما الدعوة إلى تحديد النسل فهو دعوة مضادة للفطرة العامة في هذا الكون، ونظراً لتبني المؤسسات العالمية لهذه الدعوة صراحة وبدون حياء فلابد من الكلام عنها تفصيلاً وإن كان في ذلك خروج عن نطاق بحث العائلة إذ لابد له من اتصال به.