emamian

emamian

نشرع في ذكر العواقب الاجتماعية لترك هذه الفريضة. وقد سبق القول إن نفس الحرمان من بركات هذه الفريضة عقاب يضاف إليه جملة من الآفات:
 
1- إشاعة الفساد وإنقلاب القيم:
إن ترك أداء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سيفسح المجال تلقائياً لشيوع الفساد وانتشاره، حيث لن يجد الفاسدون وازعاً ولا رادعاً يقف أمام جنوحهم، إضافة إلى أنه سيجرئ آخرين للانضمام إلى هؤلاء المفسدين ليعم الفساد في المجتمع بما لا يستثني حتى الساكتين والتاركين لهذه الفريضة. قال صلى الله عليه وآله وسلم: "إن المعصية إذا عمل بها العبد سراً لم تضر إلا عاملها، وإذا عمل بها علانية ولم يغير عليه أضرت بالعامة"([1]).
 
ولو استمر الهجران لهذه الفريضة، فإن الذوق العام سيصاب بداية بالشك ثم سيتحول إلى التلذذ بالمعصية إلى أن يصل أبناء المجتمع هذا إلى أن يعيبوا على القائم بهذه الفريضة، ثم يتطور الأمر إلى تحول المعصية والفساد إلى قيم بذاتها تحل محل الشرف والفضيلة والتدين.
 
وقد أشارا إلى هذا التدرج في الحديث المعروف عنها: "كيف بكم إذا فسدت نساؤكم وفسق شبابكم ولم تأمروا بالمعروف ولم تنهوا عن المنكر؟
 
قالوا: أو يكون ذلك يا رسول اللَّه؟!
قالا: بلى وشر من ذلك! كيف بكم إذا أمرتم بالمنكر ونهيتم عن المعروف؟!
قالوا: أو يكون ذلك يا رسول اللَّه؟!
قالا: بلى وشر من ذلك! كيف بكم إذا رأيتم المعروف منكرا والمنكر معروفاً"؟!([2]).
 
2- تسلط الظالمين والأشرار:
إن اللَّه تعالى هو رب الناس جميعاً ومن مقام ربوبيته يوفّق الأفراد والمجتمعات إلى ما يليق بها من كمال بشرط أهليتها المنوطة بقيامها بواجباتها وأداء تكاليفها المعبرة عن اندفاعها للتربية الإلهية، فليس الأمر في الدنيا قائماً على الجبر وقد سبق القول إن نصر اللَّه للأفراد كما للمجتمع الإسلامي في دائرة الحياة الفردية والاجتماعية، متوقف في أحد نواحيه على نصر دين اللَّه عبر القيام بأداء وإحياء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
 
ولذا فإن خذلان دين اللَّه من خلال ترك هذه الفريضة ستكون نتيجته خذلان اللَّه لهذه الأمة ولهذا المجتمع.
 
وبالتالي فإن النتيجة ستكون حرمان هذا المجتمع من العناية والرعاية الربانية وأيضاً فإن النتيجة الموضوعية الطبيعية هي قيام ونشوء بيئة فاسدة سوف لن تنتج إلا أفراداً فاسدين، وولاة أمر هذا المجتمع سوف يكونون على شاكلتها وإلى هذا أشار الإمام علي عليه السلام: "لا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فيولي الله أمركم شراركم ثم تدعون فلا يستجاب لكم"([3]).
 
3- العذاب من اللَّه:‏
عن أمير المؤمنين عليه السلام: "إنما يجمع الناس الرضا والسخط وإنما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمهم اللَّه بالعذاب لما عموه بالرضا"([4]).
فالمجتمع الذي لا يقوم بهذه الفريضة يصبح محلاً لسخط اللَّه، وبالتالي فإن التقصير في أداء هذا التكليف لن تكون نتيجته فقط ما يترتب عليه موضوعياً من فساد وتسلط الظالمين، بل إن نزول العذاب حينها لن يكون مختصاً بمرتكبي المحرمات بل سيكون عاماً.
 
قال صلى الله عليه وآله وسلم: "لتأمرن بالمعروف ولتنهن عن المنكر أو ليعمنّكم عذاب اللَّه"([5]).
 
4- نزع بركة الرزق:
عن الإمام الصادق عليه السلام: "أيما ناشئ نشأ في قوم ثم لم يؤدب على معصيته فإن اللَّه أول ما يعاقبهم فيه، أن ينقص في أرزاقهم"([6]).
 
إن اللَّه عزَّ وجلّ‏ لا يمنع رزقه عن مخلوق حتى الملحدين فهو القائل ﴿كُلاًّ نُّمِدُّ هَؤُلاء وَهَؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُوراً﴾([7]).
 
ولكنّ لبعض الذنوب، وعلى رأسها ترك القيام بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر آثاراً كشفت عنها الروايات الواردة عن أهل بيت العصمة عليهم السلام تتعلق بإدرار الرزق أو نقصه أو ذهاب بركته.
 
بل أكثر من ذلك، إن القيام بأداء التكاليف وإقامة الدين سبب في ازدياد الرزق ونمو بركته، كما أن ترك أداء هذا التكليف موجب لقلة الرزق وذهاب بركته.
 
خاتمة:
إن أهم الآثار التي تترتب على التقصير في أداء فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، هو انقلاب الموازين في المجتمع، وانقلاب المفاهيم والقيم حتى تصل الأمور إلى ما يشبه المسخ. فكما أن أداء هذه الفريضة له دور في صناعة جمال الأمة وجلالها، فكذلك ترك أداء هذه الفريضة سيؤدي إلى ضعف جهاز مناعة هذه الأمة الثقافي والتربوي والأمني والاقتصادي بما يؤدي إلى صيرورة هذه الأمة وهذا المجتمع مخلوقاً غير متوازن الخلقة مشوهاً.
 
وبمعنى آخر فإن ترك هذه الفريضة يسلب الأمة شخصيتها ويفقدها استقلالها لتصبح محلاً للغزوات المختلفة الأنواع بما يؤهلها للسقوط فالموت الذي نرجو أن يجنب اللَّه أمتنا منه.
 
عن رسول اللَّه صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يزال الناس بخير ما أمروا بالمعروف ونهوا عن المنكر وتعاونوا على البر والتقوى فإذا لم يفعلوا ذلك نزعت عنهم البركات وسلط بعضهم على بعض ولم يكن لهم ناصر في الأرض ولا في السماء"([8]).
  


([1]) وسائل الشيعة ج‏16ص‏136.
([2]) الكافي ج‏5 ص‏59.
([3]) الكافي، ج‏7، ص‏52.
([4]) بحار الأنوار، ج‏60، ص‏214.
([5]) جواهر الكلام، الشيخ الجواهري، ج‏21، ص‏359.
([6]) وسائل الشيعة، ج‏16، ص‏133.
([7]) سورة الإسراء، الآية: 20.
([8]) وسائل الشيعة، ج‏11، ص‏398.

الجمعة, 25 تموز/يوليو 2025 20:00

دائرة المسؤولية العائلية في الإسلام

نتيجة ابتعاد مجتمعاتنا عن القيم الدينيّة والإلهيّة، ونتيجة تطوّر عالم الاتصالات وغزو التقاليد الغربيّة لمجتمعاتنا وتقاليدنا، فالوارد إلينا خطِر ومدمّر، وإن لم نكن على جهوزيّة للتصدّي له أو لم تكن لدينا المناعة المستمدّة من روح الدين والعلاقة مع الله تعالى، فإنّ السقوط في وادي الجهالة والضلالة حتميّ ومؤكّد إلا من رحم ربّي.

تتضمّن العائلة أو الأسرة، الّتي يسمّيها الإسلام بالحلقة الأضيق، الأب والأمّ والزوجة والأولاد. وهناك شبهة عند الناس في هذا الموضوع، فهم يفترضون أنّ الحلقة الأضيق هي الزوجة والأولاد. وبعضهم يفترض أنّهم عندما يستقلّون في حياتهم، فالوالد والوالدة أصبحا خارج الدائرة الأضيق، وهذا فهم خاطئ.

نأتي إلى النظرة الإسلاميّة في الموضوع الاجتماعيّ، إن على صعيد الفرد أو على صعيد العائلة، فرؤية الإسلام ترتكز إليهما بلحاظ:

1ـ أنّ الفرد هو أصل المجتمع، لذلك نجد كلّ تعاليم الإسلام وتشريعاته، وتعاليم الأنبياء عليهم السلام، كلّها تركّز على تربيته وتنشئته.

2ـ أنّ العائلة هي في نظر رسالات السماء أساس تكوين أيّ مجتمع إنسانيّ، وفي أيّ مدينة أو أيّ وطن، أمّا في حالة أفراد مفكّكين، فيفقد المجتمع البشريّ طبيعته وينتج بدلاً عنه مجتمع منحرف لا يستطيع الاستمرار والبقاء.

فالعائلة، ولو في إطارها الضيّق، عندما تكون متعاونة متراحمة، فهي تشكّل خلايا البيئة الاجتماعيّة السويّة، وهذا ينعكس على المجتمع كلّه.
من هنا تأتي التعاليم والرسالات لتؤكِّد على الزواج، الّذي هو مستحبّ، بل واجب في بعض الأحيان. الإسلام يتحدّث عن انتقاء الزوج والزوجة، وتسهيلات الزواج، وتقديمات الزواج، والحفاظ على الأسرة وبقائها، وتوزيع المسؤوليّات داخل الأسرة، كما يذكر تعقيدات موضوع الطلاق.

إن ابتلاءاتنا في المجتمع، هي فيما يأتينا من الغرب؛ ففي الغرب هناك مأساة على المستوى النفسيّ، برغم التطوّر العلميّ الهائل، وسنشهد خلال السنوات المقبلة، أزمات حادّة جدّاً في هذه الدول. إنّ ما نقرؤه من تقارير ودراسات حول مجتمعاتهم، والّذي يعكسونه في الأفلام السينمائية الّتي يصدّرونها إلى العالم العربيّ والإسلاميّ، كلّه يتحدّث عن تفكّك الأسرة، وارتفاع هائل في نسبة العزوبيّة. فلا توجد أسرة وعائلة طالما يظنّ الرجل والمرأة أنّهما يستطيعان تلبية حاجاتهما الجسديّة خارج إطار الأسرة، نتيجة الإباحيّة الّتي تنتشر في تلك المجتمعات. وهناك ارتفاع في نسبة الطلاق، ونسبة المولودين خارج الزواج الشرعيّ، حتّى خارج الزواج المدنيّ المتداول عندهم. وهذا ما يؤدّي إلى آثار روحيّة واجتماعيّة وأمنيّة سيّئة جدّاً.

هناك، عندما يكبر الوالدان، لا يسأل الأولاد عنهما، وإن سألوا يرمونهما في دور العجزة، وعندما يموتان تتكفّل البلديّة بدفنهما، وهذا ما يُريدون نقله إلى مجتمعنا!

الجمعة, 25 تموز/يوليو 2025 19:59

درس مقاومة الإمام الحسين (عليه السلام)

لقد انتصر ذلك المجاهد في سبيل الله (الحسين عليه السلام) على العدوّ، من جميع الجهات، حيث وقف بمظلوميّة في مواجهة ذلك العالم وسُفكت دماؤه وأسِرت عائلته، وهذا درس للشعوب. نُقل عن زعماء كبار في عصرنا الحالي - وهم ليسوا بمسلمين - أنّهم قالوا: "لقد تعلّمنا طريق الجهاد من الحسين بن عليّ عليه السلام". وإنّ ثورتنا - الثورة الإسلاميّة - هي أيضاً واحدة من تلك الأمثلة. لقد تعلّم شعبنا أيضاً من الحسين بن عليّ عليهما السلام، وأدرك أنّ القتل ليس دليلاً على الهزيمة وفهم أنّ التراجع أمام العدوّ، القويّ في الظاهر، موجب للشقاء والذلّ. ومهما كان العدوّ قوياً، فإنّه إذا صمدت الفئة المؤمنة والجبهة المؤمنة أمامه بالتوكّل على الله، ستكون الخاتمة هزيمة العدوّ وانتصار الفئة المؤمنة، وهذا ما أدركه شعبنا[1].
 
الصمود في مواجهة لوم الخواصّ
إنّ السير على طريق الله له معارضون على الدوام. ولو أنّ شخصاً من هؤلاء الخواصّ الذين تحدّثنا عنهم[2] أراد أن يقوم بعملٍ حسن - العمل الذي يجب القيام به - فقد ينبري له بضعةُ أفراد من أولئك الخواصّ أنفسهم باللوم على موقفه ذاك، قائلين: "أيّها السيّد، ألا عمل لديك؟ أجُننت؟ أليس لديك عائلة وأطفال؟ لماذا تسعى وراء أعمال كهذه؟! مثلما كانوا يفعلون في أيّام ثورتنا. لكنّ الخواصّ يجب عليهم أن يثبتوا، وإنّ إحدى ضرورات جهاد الخواصّ هي أنّه ينبغي الصمود والثبات في قبال هذه الملامة وهذا التقريع[3].
 
حفظ الدّين في ظلّ الاستقامة والصمود
يختلف زماننا كثيراً عن زمن الإمام الحسين عليه السلام. ففي ذلك اليوم كان الإمام وحيداً، واليوم، إنّ حفيد الحسين إمام الأمّة (رضوان الله عليه) ليس وحيداً. لو كان للإمام الحسين - في ذلك اليوم - آلاف عدّة من الشباب المتحمّس الشجاع أمثالكم لقضى على كلّ أجهزة بني أميّة، ولأقام الحكومة الإسلاميّة. ولو كان للإمام الصادق والإمام الباقر والإمام موسى الكاظم وبقيّة الأئمّة عليهم السلام - الذين كانوا يواجهون أجهزة الجور والظلم- 500 إلى 1000 شخص أمثالكم، أيّها الشباب المضحّون في حرس الثورة، 100 شخص، 500 ألف من أمثالكم لتغلّبوا على كلّ أعدائهم، لقد كانوا وحيدين، غرباء، وقد حفظوا الدّين بوحدتهم وغربتهم ومظلوميّتهم، وفي النهاية باستشهادهم ومقتلهم. واليوم سيحفظ شعبنا هذا الدّين بقوّته[4].
 
صمود في ظروف استثنائيّة
الحسين بن عليّ عليهما السلام في هذا المجال شخص فريد[5]، بمعنى أنّ النبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم نفسه لم يظهر هكذا مقاومة. وهذا ليس معناه أنّ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم لم يستطع إظهار ذلك، لا! فالنبيّ الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أكثر مقاومة من الحسين بن علي عليهما السلام وأقوى، ولا شكّ في ذلك، وكذلك أمير المؤمنين عليه السلام، كما إنّ الإمام الحسن عليه السلام أفضل من الإمام الحسين عليه السلام، والأمر هو كذلك، إلّا أنّ ظرف الزمان والمناسبة قد منح هذه الفرصة فقط للحسين بن عليّ عليهما السلام ليظهر مثل هذه المقاومة. بالطبع لو كان الإمام الحسن عليه السلام في نفس تلك الظروف لقام بالعمل نفسه، ولو لم يكن عمله أفضل فهو بالتأكيد لن يكون أقلّ، اعرفوا هذا الأمر، فالنبيّ الأكرم هكذا أيضاً، وأمير المؤمنين عليه السلام كذلك.
 
إنّ درس مقاومة الإمام الحسين عليه السلام درس لا يُنسى.
 
لم يكن على الأرض غير تلك المجموعة المعدودة التي اجتمعت حول الإمام الحسين عليه السلام، ولم يكن هناك شخص آخر كان مستعدّاً ليكون معه حتّى آخر المسير. وقد رأيتم بالنهاية! كان هناك أهل الكوفة بشعاراتهم وكلماتهم التي بقيت موجودة إلى ما قبل الخطر بقليل، وقبل وقوع الخطر فرّ الجميع، وتركوا الحسين عليه السلام وحيداً. يعلم الإمام الحسين عليه السلام ذلك ويعرفهم وقد صمد وقاوم في تلك الظروف العجيبة[6].
 


[1] في لقاء حشد من مختلف طبقات المجتمع، بمناسبة حلول شهر محرّم الحرام، 10/4/1371ش- 1/7/1993 م.
[2] في إشارة إلى بحث العوام والخواص، الذي جاء في بداية هذا الخطاب: "إذا نظرتم إلى المجتمع البشريّ، أي مجتمع كان، وفي أيّة مدينة أو بلد، تجدون الناس فيه يُقسمون- من وجهة نظر معيّنة - إلى فئتين: فئة تسير عن فكر وفهم ووعي وإرادة، وهي تعرف طريقها وتسلكه وليس نظرنا هنا إلى صوابيّة مسلكها أو خطئه - هذه الفئة يمكن تسميتها بالخواص. وفئة أخرى لا تنظر لترى ما هو الطريق الصحيح، وما هو الموقف الصائب،.." وهي التي تسمّى بالعوام.
[3] في جمع من قادة فيلق محمّد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، 2/3/1375ش- 23/5/1997 م.
[4] في جمع من عناصر ومسؤولي فيلق موسى بن جعفر عليهما السلام، 25/5/1367ش- 16/8/1989 م.
[5] يراجع الفقرة التي ستلي ص105 تحت عنوان: المقاومة العالمة والمدركة..حيث جاء في كلمة الإمام الخامنئيّ: إنّ المعلّم الكبير لهذه المقاومة العالمة هو الحسين بن عليّ عليهما السلام. فمهما حقّقنا وأنجزنا نشعر بالحقارة غير العاديّة في مقابل الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام".
[6] في مراسم ذكرى ولادة الإمام الحسين بن عليّ عليه السلام ويوم الحرس في مؤسّسة رئاسة الجمهوريّة 26/2/1362ش- 16/5/1984 م.

الجمعة, 25 تموز/يوليو 2025 19:58

ما هي أهمية حق الزوج في الإسلام؟

لقد بلغ حقُّ الزوج أهمِّيَّة عالية حتّى وُصف في السُّنَّة المباركة على لسان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: بأنّه الحقُّ الأعظم على المرأة.
 
فقد روي عنه صلى الله عليه وآله وسلم: "أعظم الناس حقّاً على المرأة زوجها، وأعظم الناس حقّاً على الرجل أُمُّه"[1].
 
وممّا يبرز عظَمة ذلك الحقّ أيضاً ما ورد عن الإمام الباقر عليه السلام: "لا شفيعَ للمرأة أنجح عند ربّها من رضا زوجها. ولمَّا ماتت فاطمة عليها السلام قام عليها أمير المؤمنين عليه السلام وقال: اللَّهمَّ إني راضٍ عن ابنة نبيِّك، اللَّهمَّ إنّها قد أُوحشت فآنسها"[2].
 
وفي الحديث: "لا تؤدِّي المرأة حقَّ الله عزَّ وجلَّ حتّى تؤدّي حقَّ زوجها"[3].
 
الحقُّ الأوَّل:
أن تجيب المرأة زوجها إلى حاجته الّتي هي عبارة عن طاعته في أمر العلاقة الخاصَّة بينهما، فإذا أبت سخط الله عليها حتّى تُرضي زوجها. وفي هذا ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "والذي نفسي بيده، ما مِنْ رجل يدعو امرأته إلى فراشه فتأبى عليه، إلا كان الّذي في السماء ساخطاً عليها حتّى يرضى عنها"[4] (أي زوجها).
 
وفي حديث آخر يجيب النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم امرأة سألته: ما حقُّ الزوج على المرأة؟ فيقول صلى الله عليه وآله وسلم: "أن تجيبه إلى حاجته، وإن كانت على قتب، ولا تعطي شيئاً إلا بإذنه، فإن فعلت فعليها الوِزْرُ وله الأجر، ولا تبيت ليلة وهو عليها ساخط"[5].
 
فالمستفاد من جوابه صلى الله عليه وآله وسلم حقوق ثلاثة.
 
الحقُّ الثاني:
وجوب المحافظة على ماله وسائر مختصَّاته في حال غيابه، كما هي مأمورة بذلك في حالة حضوره، فلا يكون تصرُّفها مشروعاً وسائغاً إلّا بإذنه وطيب نفسه، كما أوضح ذلك الحديث المتقدِّم.
 
ويعني هذا الحقُّ أنّ أموال الزوج أمانة بين يدي زوجته لا يجوز التصرُّف فيها، إلا حسب ما نصّت عليه الإجازة الّتي أعطاها لها في ذلك.
 
الحقُّ الثالث: عدم إغضابه
قال النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "ويلٌ لامرأة أغضبت زوجها، وطوبى لامرأة رضي عنها زوجها"[6].
 
وما من شكٍّ أنَّ الإغضاب نوع من أنواع الإيذاء المحرّم الّذي ورد في حديث النبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم: "مَنْ كان له امرأة تؤذيه لم يقبل الله صلاتها ولا حسنة من عملها حتّى تعينه وترضيه، وإن صامت الدهر"[7].
 
الحقُّ الرابع: عدم الخروج من بيته إلّا بإذنه
وعليه، فإن فعلت ذلك من دون مراعاة هذا الشرط وقعت في المحرَّم. وممَّا جاء للتنبيه على هذا الحقّ ما ورد عن الإمام الصادق عليه السلام: "أيُّما امرأة خرجت من بيتها بغير إذن زوجها، فلا نفقة لها حتّى ترجع"[8].
 
الحقُّ الخامس: الحداد عليه إنْ مات
فإنّه يجب على الزوجة، إن قضى زوجها، الحداد عليه مدَّة عدّتها.
 
في الحديث: "لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحدّ على ميْت أكثر من ثلاثة أيّام، إلّا على زوج، أربعة أشهر وعشراً"[9].
 
وممّا جاء في الرسالة العمليَّة للإمام الخمينيّ قدس سره: "يجب على المرأة، في وفاة زوجها، الحداد ما دامت في العدَّة، والمراد به ترك الزينة في البدن، بمثل التكحيل والتطيُّب والخِضاب وتحمير الوجه والخطّاط ونحوها، وفي اللباس بلبس الأحمر والأصفر، والحليّ ونحوها، وبالجملة ترك كلِّ ما يعدّ زينة تتزيّن به للزوج، وفي الأوقات المناسبة له في العادة، كالأعياد والأعراس ونحوهما، ويختلف ذلك بحسب الأشخاص والأزمان والبلاد، فيلاحَظُ في كلِّ بلد ما هو المعتاد والمتعارف فيه"[10].
 
فإذا راعت الزوجة جميع الحقوق المتوجِّبة عليها كانت المرأة الصالحة الّتي قال عنها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم: "خير متاع الدنيا المرأة الصالحة"[11] و"من سعادة المرء الزوجة الصالحة"[12].
 
وعن أمير المؤمنين عليه السلام: "الامرأة الصالحة خير من ألف رجل غير صالح"[13].
 


[1] ميزان الحكمة، ح 7863.
[2] م.ن، ح 7864.
[3] مكارم الأخلاق، ص 215.
[4] الإسلام والأسرة، ص 95.
[5] الكافي، ج5، ص 508.
[6] عيون أخبار الرضا عليه السلام، ج1، ص14.
[7] ميزان الحكمة، ج2، ص 1186.
[8] مكارم الأخلاق، ص 215.
[9] الإسلام والأسرة، ص 98.
[10] تحرير الوسيلة، ج2، ص239.
[11] ميزان الحكمة، ح 7894.
[12] م.ن، ح 7895.
[13] وسائل الشيعة، ج14، ص 123.

الجمعة, 25 تموز/يوليو 2025 19:57

هل يجب نصرة المظلوم؟

إنّ من أوجب الواجبات على أبناء الأمة، وخصوصاً أهل العلم منهم سعيهم لرفع الظلم عن المظلومين من البرية، إذ السكوت عن ذلك من المهالك الردية، ولقد كان من دأب خلّص الموالين لأهل بيت النبوة والرسالة عليهم السلام نصرة المظلوم على الظالم حتى في أحلك الظروف ظلمة، ولم يقتصر دفاع علمائهم على المظلومين من المسلمين، بل تعدّاه إلى المناداة برفع الظلم عن أهل الذمّة الذين يعيشون بينهم وفي جوارهم لأنّهم يعتبرون نصرة المظلوم واجباً دينياً وأخلاقياً على كل من شهد الظلم، ويملك القدرة على رفعه أو الحد منه، ويعتبرون ذلك من أفضل الطاعات، وأعظم القربات إلى الله عزّ وجلّ حيث إنّ الله تعالى أقسم بعزّته على نُصرة المظلوم، فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم في وصيّته: "يا علي أربعة لا يُردّ لهم دعوة إمام عادل، ووالد لولده، والرجل يدعو لأخيه بظهر الغيب، والمظلوم يقول الله عزّ وجلّ: وعزّتي وجلالي لأنصرنّك ولو بعد حين"[1]. انطلاقاً من ذلك وتنفيذاً لأمر الذي ما ينطق عن الهوى صلى الله عليه وآله وسلّم حيث روى حفيده الإمام الصادق جعفر بن محمد عن آبائه الكرام قال: "أمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلّم بسبع: أمرهم بعيادة المرضى، واتباع الجنائز، وإبرار القسم، وتسميت العاطس[2] ونصر المظلوم، وإفشاء السلام، وإجابة الداعي"[3]، وكان صلى الله عليه وآله وسلّم يشحذ همم المسلمين ويحثّهم على نصرة المظلوم فورد عنه: "ومن أخذ للمظلوم من الظالم كان معي في الجنة مصاحباً"[4].
 
وورد عنه صلى الله عليه وآله وسلّم: "ومن مشى مع مظلوم يعينه، ثبّت الله قدميه يوم تزلّ الأقدام"[5]. فمن مقتضيات العدل نصرة المظلوم، وتكون النصرة بتقديم العون له متى احتاج إليه، ودفع الظلم عنه إن كان مظلوماً، وردعه عن الظلم إن كان ظالماً تحقيقًا لقول المصطفى صلى الله عليه وآله وسلّم "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً، فقيل: يا رسول الله كيف أنصره ظالماً؟ قال: تردّه عن ظلمه، فذلك نصرك إيّاه"[6]. وقال الإمام الصادق عليه السلام: "ما من مؤمن يعين مؤمناً مظلوماً إلا كان أفضل من صيام شهر واعتكافه في المسجد الحرام، وما من مؤمن ينصر أخاه، وهو يقدر على نصرته إلا نصره الله في الدنيا والآخرة، وما من مؤمن يخذل أخاه، وهو يقدر على نصرته إلا خذله الله في الدنيا والآخرة"[7].
 
وفي قول النبي المصطفى صلى الله عليه وآله وسلّم: "مثل المؤمنين في توادّهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكى بعضه تداعى سائره بالسهر والحمى"[8]، و"المؤمن للمؤمن كالبنيان يشدّ بعضه بعضًا"[9] بيان لروح الإسلام، وحقيقته، وهي أحاديث صريحة في تعظيم حقوق المسلمين بعضهم على بعض، وتحثّهم على التراحم، والتعاضد في غير إثم ولا مكروه، وحيث إن - كلام الإمام إمام الكلام، وقول المرتضى مُرتضى - نستشهد بقول ربيب سيّد المرسلين صلى الله عليه وآله وسلّم مولانا أمير المؤمنين عليه السلام حيث قال: "أحسن العدل نصرة المظلوم"[10]، وقال عليه السلام: "خض الغمرات إلى الحق حيث كان"[11].
 


 [1] زين المحدثين الشيخ محمد بن الفتال النيسابوري الشهيد، روضة الواعظين، ج 1، ص 325، منشورات الرضي قم.
[2] التسميت: ذكر الله تعالى على الشيء والدعاء للعاطس يقولون للعاطس يرحمك الله فيقال التشمت ويقال التسميت.
[3] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 72، ص 17.
[4] م.ن، ج 72، ص 359.
[5] العلامة الحلي أبو منصور جمال الدين الحسن بن يوسف، الرسالة السعدية، ج 18، ص 10.
[6] الشهيد الثاني زين الدين بن علي العاملي قدس سره، مسالك الأفهام، ج 14، ص159، تحقيق ونشر مؤسسة المعارف الإسلامية، مطبعة پـاسدار اسلام، ط 1، 1419هـ.
[7] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 12، ص 282 ــ 307.
[8] الحر العاملي، وسائل الشيعة، ج 12، ص 282 ــ 307.
[9] العلامة المجلسي، بحار الأنوار، ج 58، 150.
[10] الآمدي التميمي عبد الواحد بن محمد بن عبد الواحد، غرر الحكم و درر الكلم، 2977.

الجمعة, 18 تموز/يوليو 2025 20:20

ثلاث وصايا من أريج الصلاة

الصلاة عمود الدين
إنّ أسمى هدفٍ يطمح إليه النظام الإسلاميّ هو تربية الناس العظماء ذوي الفضل، وبناء الفرد والمجتمع على صعيدي الجسم والروح، وفي كلا الجانبين الماديّ والمعنويّ، وبسط جناحي تسامي الإنسان وتكامله.
 
ومن هنا، تكتسب العبادات، وعلى رأسها "الصلاة"، هذا القدر من الأهمّية، وتُسمّى (الصلاة) عمود الدين. فالصلاة حينما تؤدّى بانتباهٍ وبحضورِ قلبٍ لا يقتصر تأثيرها على ما تغرسه في قلب المصلّي وروحه، وإنّما يتّسع مداها ليملأ الأجواء المحيطة به نوراً وشذًى يسري أريجه إلى رحاب البيت والأسرة، وإلى محلّ العمل ومجلس الأصدقاء، وإلى كلّ ربوع مدينته، بل، وكلّ آفاق الحياة.
 
كلّما ازداد المصلّي ذكراً وخشوعاً، تتبدّد من حوله ظلمات الأنانيّة والأحقاد، والاستبداد، ويضمحلّ الشحّ والبخل، ويرتفع العدوان والحسد، ويسطع نور الفلاح على جبين الحياة.
 
كلّ الوقائع المريرة في حياة الإنسان تعود جذورها إلى الغفلة عن ذكر الله والانغلاق في حدود المصالح الذاتيّة. والصلاة تطلق الإنسان من أسوار هذه الظلمات، وتحرّره من أغلال الشهوة والغضب، وتسمو به نحو الحقيقة المتعالية والخير الأشمل[1].
 
الصلاة أعظم الفرائض
إنّ الصلاة في مضمار البحث الدائم (الأبديّ) والذي لا مفرّ منه والمأمور به الإنسان بل المجبول عليه هي أعظم الفرائض وأكثرها تأثيراً، ولعلّ البعض عرّف هذه الخصوصيّة فقط في ميدان السعي الفرديّ نحو الكمال، ولم يسمع بدورها في ميدان الجهاد الجمعيّ والاجتماعيّ في مواجهة القوى الدنيويّة المناهضة. لذا، ينبغي أن نعرف أنّ المروءة والثبات، في المواجهات المختلفة، مرتبطان بكون القلوب والإرادات مليئة بالصفاء والتوكّل والثقة بالنفس والأمل بحسن العاقبة[2].
 
الصلاة مظهر العبادة الكامل
الحمد لله الذي جعل الأفئدة النيّرة الطاهرة ترنو إلى الصلاة وإلى إشاعتها وإقامتها، وبثّ فيها لهفة المجاهدة والسعي الحثيث في هذا السبيل.
 
لقد تلخّصت ثمرة مساعيكم الحكيمة خلال هذه السنوات بأن أصبح للصلاة وهي المظهر الكامل للعبادة والمناجاة والدعاء والمحبّة والإيمان بالمحبوب الفطريّ لعالم الوجود إشعاعٌ أكثر إشراقاً، وحضورٌ أكثر جلاءً في ذهن مجتمعنا الإسلاميّ وسلوكه.
 
والحمد لله، فقد أضحت الصلاة اليوم في الكثير من الأماكن التي يجتمع فيها الناس، ولا سيّما مراكز تجمّع الشباب كالمدارس، والجامعات، والمعسكرات، والمتنزّهات، والمؤسّسات الحكوميّة، والطرق، وغيرها، ظاهرة مشهودة وبارزة تقرّ بها العيون والأفئدة، وتعرض في وسائل الإعلام وفي الكتب والدروس والبرامج الفنيّة والإعلاميّة الكثير من الكتابات والكلمات بشأن الصلاة، ممّا يجعل أذهان الكثير من الناس وقلوبهم تهفو إلى هذا التكليف العذب اللطيف، ويحدوها الشوق إلى إقامتها.
 
لا ينبغي الشكّ في أنّ هذا هو طريق النجاح والتوفيق في جميع المهامّ الفرديّة والاجتماعيّة، وهو الطريق نحو السعادة والفلاح ﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾[3].
 
ما أكثر الأفراد والجماعات الذين بلغوا قمم التسامي والكمال بمعرفتهم لأهميّة ومكانة الذكر والخشوع والإنابة، التي تعدّ الصلاة مظهرها الكامل، وإرفاقها بالعمل والإبداع الدنيويّ؛ وما أكثر السذج وقصيري النظر الذين حرموا أنفسهم من السعادة الكاملة بالغفلة عن هذا السرّ العظيم في الوجود، سواء من خلال الانغماس في العمل الماديّ أو في أوقات الفراغ والكسل، وأينما حلّوا هووا بأنفسهم في مستنقع الحرمان والإخفاق بشكل أو بآخر.
 
فالناس الذين جعلوا مساعيهم وجهودهم في ميدان الحياة الإنسانيّة مشفوعة بذكر الله، والأنس به، وعشقه، يدركون المعنى الحقيقيّ للسعادة، وتنالها أجسادهم وأرواحهم.
 
أنتم أيّها الإخوة والأخوات، الذين عقدتم العزم على الاهتمام بأمر الصلاة، إنّما تؤدّون في هذا الطريق أكبر خدمة لشعبكم وبلدكم، ولا شكّ أنّ شعبنا سيجني من خلال معرفته للصلاة والعمل بها فوائدَ كبرى في جميع مجالات حياته.
 
لقد قدّم لي المسؤولون المحترمون عن إقامة الصلاة تقريراً يبعث على الأمل بشأن تنفيذ الوصايا السابقة بخصوص الصلاة. وإنّني أُقدِّم الشكر لكم ولجميع القطاعات التي أنزلت تلك الوصايا إلى حيّز التنفيذ[4].
 


[1] رسالة الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) إلى المؤتمر الثامن للصلاة 1419هـ.
[2] رسالة الإمام السيد علي الخامنئي (دام ظله) إلى المؤتمر السنوي الثالث للصلاة، المنعقد في مدينة بابلسر 1414هـ.
[3] القرآن الكريم، سورةالمؤمنون: 1و2.
[4] رسالة الإمام الخامنئي إلى المؤتمر السنوي لإقامة الصلاة، المنعقد في مدينة زنجان 1417هـ.

الجمعة, 18 تموز/يوليو 2025 20:14

ما هي أُسس المجتمع المهدويّ؟

إنّ إمام الزمان (عجل الله تعالى فرجه) يبني مجتمعه على هذه الأسس:

أوّلًا، على إزالة وقمع وقلع جذور الظلم والطغيان. فلا ينبغي أن يكون في هذا المجتمع، الذي يكون في زمان وليّ العصر (عجل الله تعالى فرجه)، أيّ ظلمٍ وجورٍ، لا أنّ الأمر يكون في إيران على هذه الشاكلة فحسب، ولا حتّى في المجتمعات التي يقطنها المسلمون، بل في العالَم كلّه. فلن يكون أيّ ظلمٍ اقتصاديٍّ أو سياسيٍّ أو ثقافيٍّ أو أيّ نوعٍ آخر في ذلك المجتمع. فيجب اقتلاع الاختلافات الطبقيّة كلّها، وأنواع التمييز وعدم المساواة والتسلّط والهيمنة كلّها. هذه هي الخصوصيّة الأولى.

ثانيًا، إنّ من خصائص المجتمع المثاليّ، الذي يصنعه إمام الزمان (عجل الله تعالى فرجه)، هو الارتقاء بمستوى الفكر البشريّ، سواءٌ أكان على المستوى العلميّ الإنسانيّ أو المعارف الإسلاميّة. ففي زمن وليّ العصر، لن تجدوا، في العالَم كلّه، أيَّ أثرٍ للجهل والأمّيّة والفقر الفكريّ والثقافيّ. هناك، يتمكّن الناس من معرفة الدين معرفةً صحيحةً، وقد كان هذا -كما تعلمون جميعًا- من الأهداف الكبرى للأنبياء، الذي أشار إليه أمير المؤمنين (عليه السلام)، في خطبة نهج البلاغة الشريفة، «... ويثيروا لهم دفائن العقول...»([1]). لقد جاء في رواياتنا أنّه عندما يظهر وليّ العصر، فإنّ المرأة تجلس في بيتها وتفتح القرآن وتستخرج منه حقائق الدين وتفهمها. فماذا يعني ذلك؟ يعني ذلك أنّ مستوى الثقافة الإسلاميّة والدينيّة يرتقي إلى درجة أنّ الأفراد جميعًا، وأبناء المجتمع كلّهم، والنساء اللواتي لا يشاركن في ميدان الاجتماع -على سبيل الفرض- ويبقين في بيوتهنّ، فإنّهنّ يتمكّنَّ من أن يصبحن فقيهاتٍ وعارفاتٍ في الدين، فيتمكّنَّ من فتح القرآن وفهم حقائق الدين بأنفسهنّ. انظروا إلى مجتمعٍ يكون فيه الجميع -نساءً ورجالًا- وعلى المستويات كافّةً، قادرين على فهم الدين والاستنباط من الكتاب الإلهيّ، فكم سيكون هذا المجتمع نورانيًّا! ولن يبقى فيه أيُّ نقطة ظلامٍ وظلمانيّةٍ. فهذه الاختلافات كلّها في وجهات النظر والتحليل، لن يبقى لها أيّ أثرٍ في ذلك المجتمع.

ثالثًا، خصوصيّة ثالثة لمجتمع إمام الزمان -المجتمع المهدويّ- هو أنّه في ذلك العصر ستكون القوى الطبيعيّة جميعها والطاقات البشريّة كلّها في حالة انبعاثٍ، فلا يبقى أيّ شيءٍ في باطن الأرض ولا يستفيد منه البشر. فهذه الإمكانات الطبيعيّة المعطّلة كلّها، وهذه الأراضي كلّها التي يمكن أن تُغذّي الإنسان، وهذه الطاقات والقوى كلّها التي لم تُكشَف بعد، كتلك الطاقات التي بقيت عبر قرون التاريخ؛ مثلًا، القدرة النوويّة والطاقة الكهربائيّة كانت -وعبر قرونِ عمرِ هذا العالَم- في باطن الطبيعة ولم يكن البشر يعرفونها، ثمّ بعد ذلك قاموا باستخراجها بالتدريج. فالطاقات والإمكانات اللامتناهية الموجودة كلّها في باطن الطبيعة، هي من هذا القبيل، وسوف تُستَخرَج في عصر إمام الزمان.

جملةٌ أخرى وخصوصيّةٌ أخرى، هي أنّ المحور في عصر إمام الزمان هو محور الفضيلة والأخلاق. فكلّ من كان صاحب فضيلةٍ أخلاقيّةٍ أكثر، سيكون مقدَّمًا وسبّاقًا.
(27/06/1980)

ورد في الرواية: «القائمُ منّا منصورٌ بالرُّعْبِ، مؤيَّدٌ بالنّصر، تُطوَى له الأرضُ، وتظهر له الكنوزُ، يبلغ سلطانُه المشرقَ والمغربَ»([2])، ممّا يعني أنّ الحكومات الظالمة والأجهزة الجائرة كلّها ستكون مرعوبةً منه. في ذلك الزمن، سيكون هناك حالةٌ، في زمان وليّ العصر -أرواحنا فداه- من الشموليّة والعموميّة، بحيث يمكن أن تُحَقَّق الحكومة العالَميّة. «مؤيَّدٌ بالنصر»، فنصر الله يؤيّده. و«تُطوى له الأرض»؛ أي إنّها ستكون بيده وفي قبضة قدرته. وتظهر تلك الكنوز وتبلغ سلطته مشرق العالَم ومغربه.

وبعد جملٍ عدّةٍ يقول: «فلا يبقى خرابٌ إلّا قد عمر»([3])؛ أي إنّ هذه السلطة سوف تُنفَق في عمارة الأرض، لا في السيطرة على ثروات البشر وفي استضعافهم. وفي نقاط العالَم كلّها، لن يبقى أيّ نقطةٍ من الخراب إلّا وستُعمّر، سواءٌ أكانت خراباتٍ حصلت على أيدي البشر، أو بسبب جهلهم. هناك روايةٌ أخرى عن الإمام الباقر (عليه السلام) يقول فيها: «حتّى إذا قام القائمُ، جاءت المزايلةُ، وأتى الرجلُ إلى كيسِ أخيه، فيأخذُ حاجتَه، فلا يمنعُه»([4])، وهي إشارةٌ إلى أخلاق المساواة بين البشر، وإلى الإيثار. وتُبشّر هذه الرواية بنجاة البشر من تسلّط البخل والحرص، الذي كان أكبر سببٍ لشقاء البشريّة. وهذا، في الحقيقة، علامةٌ على ذلك النظام الإسلاميّ السالم أخلاقيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا في ذلك الزمان. فلا يوجد أيّ قهرٍ وإجبارٍ في البَين، بل إنّ البشر أنفسهم ينجون من البخل الإنسانيّ والحرص البشريّ، وستتحقّق مثل هذه الجنّة الإنسانيّة. يوجد في روايةٍ أخرى أيضًا: «إذا قامَ قائمُنا، اضمحلّت القطائعُ، فلا قطائعَ»([5])، فتلك القطائع التي تمنحها الحكومات المستكبرة في العالَم لأتباعها وحلفائها، وذلك الكرم الحاتميّ الذي يحصل من جيوب الشعوب، سوف يتوقّف تمامًا في العالَم. وقد كانت القطائع في الماضي بشكلٍ، وهي اليوم بشكلٍ آخر. كانت في الماضي بحيث إنّ الخليفة أو السلطان يمنح أرضًا أو صحراء أو قريةً أو مدينةً أو حتّى ولايةً لشخصٍ ما، فيقول له: اذهبْ هناك، وافعل ما يحلو لك فيها، خذ من أهلها الجبايات والخراج، واستعمل مزارعها، واستفد منها، وكلّ فائدةٍ مادّيّة هي لك، وكان عليه طبعًا أن يعطي السلطان حظَّه. واليوم، هي بصورة الاحتكارات النفطيّة والتجاريّة والصناعيّة والفنّيّة المختلفة. وهذه الصناعات الكبرى، وهذه الاحتكارات، التي جعلت الشعوب مسكينةً، كلّها -في الواقع- في حكم القطائع التي أُشير إليها، وفيها كانت تُمارَس أنواع الرشاوة والمحاباة كلّها. إنّ هذا البساط الذي يقتل البشر ويقضي على الفضيلة، سوف يُطوَى، وسوف تُوضَع أسباب الاستفادة والنفع بيد الناس جميعًا.

وفي روايةٍ أخرى ناظرةٍ إلى الوضع الاقتصاديّ، يقول: «ويُسوِّي بين النّاسِ، حتّى لا ترى محتاجًا إلى الزكاة» ما يعني أنّه لن يبقى هناك أيّ فقيرٍ يحتاج إلى زكاة أموالكم. وبالطبع، سيكون لهذه الزكاة مصرفها في الأمور العامّة، لا للفقراء؛ لأنّه لن يبقى هناك أيّ فقيرٍ. ومثل هذه الروايات، ترسم الجنّة الإسلاميّة والعالَم الواقعيّ. وليس هذا الأمر مشابهًا لتلك المدن الفاضلة التي صنعها بعضُهم في خيالاتهم وأوهامهم. كلّا، إنّ تلك الشعارات الإسلاميّة كلّها، هي جميعًا قابلةٌ للتطبيق، ونحن في الجمهوريّة الإسلاميّة، نشعر أنّ هناك قدرةً وقلبًا وفكرًا متّصلًا بالوحي والتأييد الإلهيّ، ومعصومًا يُمكنه -يقينًا- أن يُحقّق مثل هذا الوضع، وسوف تُقبِل البشريّة على ذلك حتمًا. هذه هي حالة ذلك العالَم.
(10/04/1987)
 
([1]) نهج البلاغة، ص43.
([2]) الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، تحقيق وتصحيح علي أكبر غفّاري، نشر الإسلاميّة، طهران، 1395هـ، ط2، ج 1، ص 331.
([3]) المصدر نفسه.
([4]) الحرّ العامليّ، محمّد بن الحسن، وسائل الشيعة، تحقيق ونشر مؤسّسة أهل البيت (عليهم السلام)، قم، 1409هـ، ط1، ج 5، ص 121.
([5]) المصدر نفسه، ج 17، ص 222.

قال الأمين العام لحزب الله، الشيخ نعيم قاسم، في حفل تأبين القائد الجهادي الكبير الحاج علي كركي (أبو الفضل كركي)، إن الشهيد القائد كان أحد المعاونين في المجلس الجهادي للأمين العام، وشخصية بارزة تستحق أن يتعرف الناس على مسيرته ودوره.

 

وأشار سماحته إلى أن الشهيد علي كركي شارك في التخطيط لعملية الاستشهادي أحمد قصير، بالتعاون مع القائد الشهيد الحاج عماد مغنية.

وأكد الشيخ قاسم أن المقاومة شكّلت عنصر استقرار للبنان، إذ منعت العدو الإسرائيلي من تنفيذ أي عدوان على مدى 17 عامًا، وأفشلت المشروع الاستيطاني الإسرائيلي في جنوب لبنان، ليحلّ التحرير مكان الاحتلال.

وأضاف: “خلال 42 عامًا، راكمت المقاومة إنجازات نوعية، أبرزها تحرير لبنان ومنع "إسرائيل" من تحقيق أهدافها خلال عدوان تموز 2006”.

ولفت إلى أن المقاومة في معركة “أولي البأس” أحبطت محاولة العدو الوصول إلى بيروت، كما حالت دون تقدّم 75 ألف جندي وضابط إسرائيلي على الخط الحدودي في الجنوب.

وشدد على أن جوهر إنجازات المقاومة يتمثل في تحرير الأرض، حماية الوطن، ومنع الكيان من فرض هيمنته على خيارات اللبنانيين ومستقبلهم.

وأوضح سماحته أن حزب الله نفّذ بالكامل اتفاق وقف إطلاق النار في جنوب الليطاني، وأن الجيش اللبناني انتشر حيث أتيح له ذلك، مضيفًا: “نفّذنا كدولة لبنانية وكحزب الله ومقاومة ما علينا وفق الاتفاق، في حين لم تلتزم "إسرائيل" بشيء”.

وتابع: “جميع الأطراف الدولية تؤكد أن "إسرائيل" ارتكبت أكثر من 3800 خرق، بينما يقرّ الجميع بأن حزب الله ولبنان التزما بالاتفاق”.

وانتقد الشيخ قاسم محاولة الولايات المتحدة تمرير اتفاق جديد يبدأ بالمطالبة بنزع سلاح المقاومة مقابل انسحابات جزئية، موضحًا أن المبعوث الأمريكي هوكشتاين كان ضامنًا للاتفاق، لكنه يتنصل منه اليوم بعد ثمانية أشهر، مدّعيًا عدم تقديم أي ضمانات.

وتوقف عند التهديدات المحدقة بلبنان، مشيرًا إلى أن “كل الطوائف في لبنان مهددة، انظروا إلى ما يجري في سوريا وفلسطين، حتى الكنيسة الكاثوليكية في غزة لم تسلم من القصف”.

وأضاف: “ما يجري من ذبح وانتهاكات على يد بعض الجماعات المسلحة في سوريا يوضح حجم الخطر، وإذا صدر القرار، فالهجوم على لبنان من شرقه لا يحتاج إلى وقت طويل”.

وأكد أن “قوة المقاومة لا تقتصر على السلاح، بل تستند إلى الإيمان والثبات، والسلاح مجرد جزء من منظومة قوة الموقف”، مضيفًا: “نحن مستعدون لتحمّل التضحيات، وإذا وقعت خسائر كبيرة، فلدينا الأمل بالتصدي وإقفال الباب أمام العدو وفتح باب جديد للتحرير”.

وأشار إلى أن لبنان يواجه ثلاثة أخطار حقيقية: العدو الإسرائيلي من الجنوب، أدوات "داعش" من الشرق، والطغيان الأميركي الذي يسعى لفرض وصاية على لبنان، وتعطيل قدرته على الحياة واتخاذ القرار.

وقال سماحته: “المسألة ليست نزع السلاح، بل إن هذا السلاح هو العائق الأساسي أمام توسّع العدو، وهو ما أبقى لبنان واقفًا على قدميه”، داعيًا اللبنانيين إلى الصبر على هذا السلاح الذي يوفّر حماية حقيقية، مؤكّدًا: “لنضع أولوية الخطر نصب أعيننا، وبعدها نحن جاهزون لنقاش الاستراتيجية الدفاعية والأمنية الوطنية”.

ودعا الشيخ قاسم إلى عدم تقديم أي خدمة لـ "إسرائيل"، موضحًا أن أمريكا، في أي مواجهة، عاجزة عن تحقيق أهدافها. وقال: “لن نتخلى عن إيماننا وقوتنا، نحن حاضرون للمواجهة، ولا استسلام أو تسليم لسلاح المقاومة، ولن تستلمه "إسرائيل" منا”.

وأضاف: “ندرك أن المواجهة مكلفة، لكن الاستسلام لن يُبقي لنا شيئًا، فلنتعظ من تجارب المنطقة والعالم”، مؤكدًا الاستعداد الكامل لخوض مواجهة دفاعية إذا ما اعتدت "إسرائيل".

وختم بالتأكيد على أن “بيئة المقاومة متماسكة، ولا تراهنوا على خلاف شيعي شيعي، فالعلاقة بين حزب الله وحركة أمل تحالف استراتيجي”، مضيفًا: “لا تراهنوا أيضًا على انقسام الرؤساء الثلاثة، فهم يتحلّون بالحكمة ويملكون القدرة على التعاون لإخراج البلد من أزمته بطريقة صحيحة”.

أكد قائد الثورة الإسلامية سماحة اية الله السيد علي الخامنئي أنّ ما حققه الشعب الإيراني في مواجهة العدوان الأخير لم يكن إلا ثمرة الإيمان والوحدة واليقظة. مشدداً على أن الرد الإيراني على الهجوم الأميركي شكّل ضربة حساسة أفسدت حسابات الأعداء وأفشلت مخططاتهم.

 وقال قائد الثورة الإسلامیة في لقاءٍ صباح اليوم  الاربعاء مع رئيس السلطة القضائية وكبار مسؤوليها في أنحاء البلاد: إن الإنجاز العظيم الذي حققه الشعب في حرب الـ12 يومًا كان ثمرةَ عزيمة وإرادة وثقة وطنية بالنفس لأن مجرد التحلي بالروح والاستعداد لمواجهة قوة كأمريكا وكلبها المسعور الكيان الصهيوني، أمرٌ بالغ الأهمية.

وأشار إلى المذكرات المنشورة لعملاء ومرتزقي النظام البهلوي الذين لم يجرؤوا على الاحتجاج ضد أميركا حتى في الاجتماعات السرية والخاصة،وقال: منذ ذلك الحين، وصلت إيران إلى مرحلة لم تعد فيها تخشى أمريكا فحسب، بل تخاف أمريكا من إيران وهذه الروح والإرادة الوطنية هي ما يجعل إيران فخورة وتمكّنها من تحقيق أحلامها العظيمة.

وأکد ليعلم الأصدقاء والأعداء أن الشعب الإيراني لن يحضر ضعيفا في أي مجال ومیدان. 
وأضاف أننا نتمتع من جميع الأدوات اللازمة، كالمنطق والقوة العسكرية ولذلك عندما ندخل سواء في مجال الدبلوماسية أو العسكرية، ، سندخل بأيدي كاملة  بعون الله تعالی.
وقال سماحته: مع أننا نعتبر الكيان الصهيوني ورمًا خبيثًا، وأمريكا مجرمة لدعمها له، إلا أننا لم نرحب بالحرب لکن كلما هاجمنا العدو، كان ردنا ساحقًا وقويًا.

العدو ادرك أنه لا يستطيع الوقوف أمام الجمهورية الإسلامية الايرانية

وقال: لو لم يركع الکیان الصهيوني ولو لم يسقط على الأرض ولو كان قادرًا على الدفاع عن نفسه لما لجأ إلى أمريكا بهذه الطريقة لكنه أدرك أنه لا يستطيع الوقوف أمام الجمهورية الإسلامية الإیرانیة. 
كما وصف قائد الثورة الإسلامية رد إيران المضاد للهجوم الأمريكي بأنه ضربة بالغة الحساسية. وأضاف: المركز الذي هاجمته إيران كان مركزًا أمريكيًا بالغ الحساسية في المنطقة، وعندما ترفع الرقابة الإعلامیة، سيتضح حجم الضربة التي وجهتها إيران لهذه القاعدة وبالطبع، يمكن توجيه ضربة أكبر من هذه لأمريكا وغيرها.

واعتبر قائد الثورة الإسلامیة بروز القضية الوطنية في الحرب الأخيرة أمراً بالغ الأهمية وعائقاً أمام تحقيق مخطط العدو. 
وقال إن حسابات ومخططات المعتدين كانت تتمثل في إضعاف النظام من خلال مهاجمة بعض الشخصيات والمراكز الحساسة في إيران، وظنوا أنهم يستطيعون القضاء عليه بتحريض الشعب وإخراجه إلى الشوارع و بإدخال القوى المركزية النائمة لمرتزقتهم من المنافقين والملكيين إلى البلطجيین إلى الميدان.
وأضاف: عمليًا، حدث عكس مخطط العدو تمامًا، واتضح أن العديد من حسابات بعض الأشخاص في المجالات السياسية وما شابهها لم تكن صحيحة.

وأشار إلی كشف وجه العدو المعتدي ومخططاته وأغراضه الخفية أمام الشعب الإیراني وقال: أحبط الله مخططهم، وأدخل الشعب إلى الميدان لدعم الحكومة والنظام  وعلى عكس ما يتصوره العدو،قام الشعب لدعم النظام والدفاع عنه بأرواحه وماله.

وأكد سماحته على ضرورة الحفاظ على الوحدة العظيمة بين ابناء الشعب الايراني، قائلاً: ان الجميع بمن فيهم الصحافيين  والقضاة والمسؤوليين ورجال الدين وأئمة الجمعة ملزمون بحماية الوحدة الوطنية والحفاظ عليها.

وصرح  قائد الثورة الإسلامیة أن وجود اختلافات في الأذواق السياسية والمعتقدات الدينية  والمذهبیة المختلفة لا يتعارض مع الوقوف صفًا واحدًا للدفاع عن حقيقة مشتركة وهي الدفاع عن إيران العزيزة والحبیبة والنظام الإسلامي.
وفي معرض التعبير عن ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية، قال إن تبیین المغالطات وإزالتها ضروري، ولكن إثارة الأخطاء غير الضرورية ومناقشتها والجدال حول القضايا الصغيرة أمر مضر، وحتى دحض المغالطات ينبغي أن يتم بأفضل طريقة ممكنة حتى لا تُسبب مشاكل للبلاد.

وقال: على المسؤولين أن يواصلوا عملهم بكل قوة وروح ولیعلم الجميع أن الله تعالى، بحسب الآية الكريمة " وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ" قد ضمن نصرته للشعب الإيراني في ظل النظام الإسلامي ومظلة القرآن والإسلام، وأن هذا الشعب سينتصر بالتأكيد.

وشدد على  ضرورة متابعة الجرائم التي ارتكبها الکیان الصهيوني في الحرب الأخيرة وقال: كان ينبغي إجراء متابعة قانونية في القضايا السابقة، ولكن كانت هناك نواقص ومع ذلك، على القضاء متابعة الجرائم الأخيرة بجدية ودقة ويقظة تامة، مع مراعاة جميع الجوانب، من خلال المحاكم الدولية والمحلية.

وأكد على استمرار أنشطة الأجهزة العسكرية والدبلوماسية المسؤولة بقوة وباتجاه صحيح، وقال: بطبيعة الحال، يجب عليهم الانتباه إلى التوجهات، لأنها مهمة للغاية خاصة في المجال الدبلوماسي ويجب العمل بها بعناية ودقة.

واعتبر أن التعبير عن  الولاء للنظام والموافقة على السياسات العامة ودعمها ضروري ومفيد، مضيفا: ومع ذلك، لا ينبغي لنا أن نزید من حدة الخلافات القائمة والخلافات بين الأحزاب، وهو أمر ضار.

فشل العدو في تحقيق أغراضه یعود إلى يقظة الشعب وقيادة قائد الثورة الإسلامیة

واعتبر رئيس السلطة القضائية حجة الاسلام "غلام حسين محسني ایجئي" خلال کلمته في بداية هذا الاجتماع، أن فشل العدو في تحقيق أغراضه یعود إلى يقظة الشعب وقيادة قائد الثورة الإسلامیة وقال: لقد أُضيفت صفحة ذهبية أخرى إلى سجل الشرف الوطني، وقد شهد العالم أجمع عدم موثوقية خصومنا.

وأضاف: فيما يتعلق بالإجراءات القانونية ضد المجرمين والکیان الصهيوني الشرير في المحكمة الجنائية الدولية، يتم العمل في عذا المجال، بشكل فعال بالتعاون مع وزارة الخارجية وأمانة المجلس الأعلى للأمن القومي 

الجمعة, 18 تموز/يوليو 2025 19:58

حقيقة عاشوراء

بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل على محمد وأل محمد الطيبين الطاهرين
 
حقيقة عاشوراء بحسب

ما ورد من أقوال الإمام الخميني قدس سره باعتبارها حدثاً يتخطى حدود الزمان والمكان حيث إن مؤثرية شهادة الإمام الحسين عليه السلام وأهل بيته وأصحابه وتضحياتهم لا زالت تفعل فعلها بكل أرض وكل زمن مهما اختلفت الألسن والألوان والأعراق وحتى الأديان. لذا فإن النهضة الحسينية في عاشوراء إلهية بكل تفاصيلها، وإنسانية بمحض شمول مفاعيلها وتأثيراتها لكل حرّ. وعن ذلك يقول الإمام قدس سره: "ينبغي لنا أن ندرك أبعاد هذه الشهادة ونعي عمقها وتأثيرها في العالم ونلتفت إلى أن تأثيرها ما زال مشهوداً اليوم أيضاً ".

وبحسب قول الإمام الخميني قدس سره فبالإضافة إلى كون النهضة الحسينية قياماً لله وأداء للتكليف الإلهي لكنها أيضاً حركة سياسية كبرى بكل تفاصيلها من أول خطوة فيها حتى الشهادة وعن ذلك تحدث قدس سره: "إن مجيء سيد الشهداء عليه السلام إلى مكة وخروجه منها بتلك الحال يعد حركة سياسية كبيرة ففي الوقت الذي كان فيه الحجيج يدخلون مكة كان الحسين عليه السلام يغادرها وهي حركة سياسية، فكل سلوكيات الحسين عليه السلام وأعماله كانت سياسية إسلامية وهي التي قضت على بني أمية ولو لا تلك الدم لكان سحق الإسلام وانتهى".

ويقول عن كون نهضة سيد الشهداء قياماً لله: "والرسول الأكرم هو الوسيط. ليست أكثر من موعظة واحدة هو {إنما أعظكم بواحدة أن تقوموا لله} قوموا لله عندما تشاهدون الخطر يحدق بدين الله.

قام أمير المؤمنين لله عندما شاهد دين الله في خطر وان معاوية يحرّف دين الله ونفس الشيء بالنسبة لسيد الشهداء فقد قام لله وهذا أمر لا يختص بزمن معين إن موعظة الله دائمية...".

وهي تكليف إلهي يقول قدس سره: " عندما يرى سيد الشهداء عليه السلام أن حاكماً ظالماً جائراً يحكم الناس فإنه يصرّح ويقول إن من يشاهد حاكماً جائراً يحكم بين الناس ويظلمهم فيجب عليه أن يقف بوجهه ويمنعه بقدر استطاعته. إن بضعة أنفار لم يكونوا شيئاً يذكر إمام ذلك الجيش، ولكنها المسؤولية والتكليف إذ كان يجب عليه أن ينتفض، ويقدم دمه حتى يصلح هذه الأمة وحتى يقضي على راية يزيد، وهذا ما قام به فعلاً فقد قدم دمه ودم أولاده وأنفسهم، وكل ما يملك من أجل الإسلام " .

أسباب النهضة الحسينية:
بعد هذا العرض دعنا نتلمّس رؤية الإمام الخميني قدس سره لأسباب هذه النهضة بحسب الوارد في كلماته وخطاباته.
1ـ عداء الحكام للإسلام: ويقول قدس سره عن يزيد وبني أمية: "... فهم لم يكونوا يؤمنون بالإسلام منذ البداية وكانوا يكنون الحسد والحقد لأولياء الإسلام".
 
2ـ التآمر على الإسلام: ويقول الإمام قدس سره: "وأنقذ (أي الإسلام) من تآمر العناصر الفاسدة وحكم بني أمية الذين أوصلوا الإسلام إلى حافة الهاوية".

3ـ العمل على محو الإسلام وإضاعة جهود النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "لقد أوشكت حكومة يزيد وجلاوزته الجائرة أن تمحو الإسلام وتضيّع جهود النبي صلى الله عليه وآله وسلم المضنية وجهود مسلمي صدر الإسلام ودماء الشهداء وتلقي بها في زاوية النسيان، وتعمل ما من شأنه أن يضيع كل ذلك سدى".

4ـ القضاء على الإسلام وطمس معامله: "لقد هدف بنو أمية للقضاء على الإسلام".
"لقد رأى سيد الشهداء عليه السلام أن معاوية وابنه لعنة الله عليهما يعملان على هدم الدين وتقويض أركانه وتشويه الإسلام وطمس معالمه...".

5ـ تشويه الإسلام وقلب حقيقته: "لقد أوشك حكم بني أمية المنحط أن يظهر الإسلام بمظهر الحكام الطاغوتي ويشوه سمعة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم وقد فعل معاوية وأبنه الظالم الأفاعيل ضد الإسلام وارتكب ما لم يرتكبه جنكيز خان فقد بدلاً أساس عقيدة الوحي ومعالمها إلى نظام شيطاني".

"فقد حاولا (أي معاوية ويزيد) قلب حقيقة الإسلام، فقد امتلأت مجالسهم بشرب الخمر ولعب القمار".

6ـ تحويل الحكم الإسلام إلى ملَكية: "إن الخطر الذي كان يمثله معاوية ويزيد ضد الإسلام لم ينحصر في كونهما غاصبين للخلافة فهو أهون من الخطر الأكبر الآخر وهو أنهما حاولا جعل الإسلام عبارة عن سلطنة وملكية وأرادا أن يحولا الأمور المعنوية إلى طاغوت".

"لم تكن القضية غصب الخلافة فحسب، لقد كان قيام سيد الشهداء عليه السلام وثورته قياماً ضد السلطة الطاغوتية".

7ـ الإساءة إلى سمعة الإسلام والحكم: يقول قدس سره: "عندما رأى سيد الشهداء عليه السلام أن هؤلاء يسيؤون باعمالهم سمعة الإسلام ويشوّهون صورته باسم خلافة الرسول ويرتكبون المعاصي ويحكمون بالظلم والجور وأن انعكاس ذلك على الصعيد العالمي هو أن خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يمارس هذه الأعمال، فرأى من واجبه أن ينهض ويثور حتى لو أدى الأمر إلى مقتله، المهم هو إزالة ما تركه معاوية وابنه من آثار على الإسلام".

ويقول قدس سره كذلك: "عندما يرى سيد الشهداء عليه السلام أن حاكماً ظالماً يحكم في الناس بالجور والعدوان فإنه يقول: من رأى حاكماً جائراً يحكم في الناس بالظلم والجور فعليه أن يقوم بوجهه ويمنعه من الظلم بمقدار ما يستطيع ولو كان معه بضعة أنصار فقط يقفون معه بوجه ذلك الحاكم ذي الجيش العظيم الجرار".

8ـ الانغماس في المعاصي ومخالفة سنّة الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: يقول قدس سره: "... إنه (أي يزيد) يقترف المعاصي ويخالف سنّة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم... فهو يسفك الدماء ويهدر الأموال ويبذرها وهي ذات الأفعال التي كان يقوم بها أبوه معاوية أتى أمير المؤمنين علياً عليه السلام إلى معارضته".
 
 
عاشــوراء فـي فكر الإمام الخميني -قدس سره-