
Super User
متى تقومين بفطام طفلك الرضيع
إنّ القرار لك ولطفلك الرضيع. يوصي محترفو الصحة ومنظمة الصحة العالمية بإرضاع الطفل من الصّدر لستّة شهور على الأقل، مع تقديم المواد الصلبة تدريجية في الشهور الستّة الثانية مع استمرار الرضاعة من الصّدر لمدة سنتان أو أكثر.
إذا كنت لا ترضّعين من الصّدر، فنفس القاعدة تنطبق: يجب أن يكون مصدر طفلك الرضيع الرئيسي للتغذية حتى السنة الأولى من الحياة هو الحليب. قدّمي المواد الصلبة بشكل تدريجي بعمر ستّة شهور، اعتمادا على استعداد طفلك الرضيع. بعد فطم الطفل، يجب أن تواصلي تقديم مشروبات تحتوي على الحليب للطفل ثلاثة إلى أربعة باليوم.
توصيات للمواد الصلبة:
ستّة شهور من العمر: غذاء ذات قوام ناعم. تتضمّن المواد الصلبة الملائمة حبوب أرزّ الأطفال المحصّن بالحديد، مخلوط مع الحليب، هريس الثمار والخضار مثل الموز والكمثرى والتفاح والقرع والبطاطس والأفوكادو والجزر. ابدئي بنصف ملعقة شاي ثم زيدي الكمية بشكل تدريجي إلى 2 ثم 3 ملاعق طعام.
ثمانية إلى تسعة شهور من العمر: لا تنتظري بروز الأسنان للبدء في تقديم الغذاء الأكثر كتلا (المهروس أو المفروم) فالأطفال الرضّع يمكن أن يمضغوا بلثتهم. قدمي تشكيلة أوسع من الغذاء مثل اللحم المطبوخ بشكل جيد والدجاج والسمك والرزّ والباستا والجبن.
عشر إلى 12 شهر: يجب أن يصبح الغذاء الآن أكثر أهميّة من الحليب. قدّمي طعام يمكن أن يأكله الطفل بنفسه (سندويتشات، أعواد الخضار وأشرطة اللحم المطبوخ بشكل جيد).
يجب أن يكون غذاء طفلك الرضيعa تجربة لذيذة وسعيدة لكلاكما. عندما تفطمي طفلك الرضيع يجب أن يبقى وقت الأكل ووجبات الطعام أوقاتا سعيدة، ابدأ بزخرفة الطعام بحيث يبقى طفلك مستمتعا به.
مشاكل الامومة .. هل تخبوا فعلا..؟
مبروك، أنت حامل!
هذه البشرى التي تنقل مثل هذا الخبر السعيد، تنتظرها المرأة بفارغ الصبر، لكن لا تعي حقيقة المسؤولية التي تنتظرها، والتي ستغير مجرى حياتها، قد تشعر بالقلق والخوف من احتمال عدم استطاعتها توفير العناية اللازمة والاهتمام الكافي بهذا الطفل الذي سيولد قريبا.
في هذه الحالة لا تفصح الام عن مشاعرها الحقيقية، لانها في قرارة نفسها قد تحس بعقدة الذنب وبالندم لانها قد تتمنى تأجيل هذا الحمل، وربما عدم حدوثه.. لكن مشاعر الامومة على الرغم من ذلك لا تلبث ان تطغى عليها.
ترى ماهي العوامل التي تؤثر في احساس المرأة بعاطفة الامومة؟ وهل من الطبيعي ان تحتاج الام الى بعض الوقت لتشعر بأمومتها؟
تكثر الاحاديث التي تشيد بعاطفة الامومة، ولا احد ينكر قدسية هذه العاطفة ونبلها وعظمتها، ومن هذه الاحاديث ما يهدف الى تشجيع الولادات وزيادة نسبتها عالميا، خصوصا في البلدان التي يتناقص فيها عدد السكان ويقل عدد المواليد.
ولان عاطفة الامومة شأن خاص، لا يمكن تعميم قوانين خاص به، فقد بينت الدراسات عدم وجود قاعدة ثابتة حول كيفية محبة الام لطفلها، فالوضع يختلف باختلاف شخصية كل أم وظروفها، لذا ينصح اهل الاختصاص، النساء الحوامل اللواتي سيصبحن امهات للمرة الاولى ان يعشن حملهن كل حسب ما تمليه عليها امومتها.
لقد بينت الدراسات ان مشاعر الامومة تتأثر بعوامل عدة، اهمها:
۱- التربية التي تلقتها الام في صغرها.
۲- الظروف التي عاشتها خلال فترة الحمل.
۳- مدى استعدادها النفسي للولادة.. الا ان اكتشاف هذا الاحساس يختلف باختلاف وضع المرأة، فقد تشعر بأمومتها. لحظة معرفتها بوجود حمل.
۴- عندما تحس بحركة الجنين في احشائها.
۵- في لحظة الولادة.
۶- وقد تحتاج الام الى بعض الوقت حتى تعتاد على وجود طفلها معها، خصوصا اذا كانت موعودة بطفل تختلف ملامحه عن طفلها الحقيقي، واذا احتاج طفلها الى الحضانة الاصطناعية التي قد تعكر صفو اللقاء الاول.
وتجدر الاشارة الى ان الطفل يشعر بلا مبالاة امه، فيحاول جذب اهتمامها بلطف، واذا لم تتجاوب معه، تعرض لحالة اكتئاب.
ويلعب المحيط دورا اساسيا في مساعدة الام للتقرب من طفلها بسرعة: جملة واحدة قد يتفوه بها الاب او احد الاقارب، والسماح للام بحضن طفلها في غرفة الولادة، وتكليفها الاهتمام به منذ الايام الاولى لولادته، كل هذه الامور من شأنها ان تحرك عندها مشاعر الامومة، وتعزز علاقتها بولديها. كما ان الرضاعة الطبيعية لها دور كبير لايمكن اغفاله، اذ انها تشكل رابطة عاطفية متينة بين الطفل وأمه، شرط ان تحصل بقناعة ورغبة ذاتية وليس بعد تقريع ولوم.
وقد اظهرت الدراسات التي تواصلت منذ السبعينات من القرن المنصرم:
۱- ان نسبة الامهات اللواتي يشعرن بالامبالاة تجاه اطفالهن في الاسبوع الاول من الولادة، تتراوح بين ۲۵ بالمئة و۴۰ بالمئة.
۲-ان تناغم العلاقة بين الام وطفلها في اللحظات الاولى من الولادة، يساعد على توثيق الروابط العاطفية بينهما بسرعة.
الانقلاب الامومي –الابوي في الغرب
من بين الظواهر الغربية التي تطبع اوائل القرن الحادي والعشرين وتوحي بدخول مفاهيم مختلفة الى الالفية الثالثة، واحدة بدأت فعلا تقلق الغرب خصوصا انها تنتشر وبقرار.. هذه الظاهرة هي الانقلاب الامومي –الابوي، حيث الزوج وتحت الحاح رغبة الابوية، يصر مطالبا زوجته بطفل، ليصبح أبا، بينما هي ترفض وباصرار التخلي عن موانع الحمل؟! فهل هو تضاؤل لغريزة الامومة ودوافعها المفترض بها -طبيعيا- في فطرة المرأة؟
هناك في العالم الغربي، باتت المرأة اكثر قدرة على التحكم في أبوة الرجل، خاصة انها تضمن طول عمر خصوبتها، بفعل التطور الطبي، وتؤجل الدخول الى عالم الامومة، هذا ما يلاحظه اخصائيون الطب النسائي والغدد، اذ تغيرت الاحوال كثيرا، فقبل الستينات من القرن العشرين، كان أمر الطفل والاهتمام به يوكل الى المربية في البيت، وكانت الام هي المربية، أما في التسعينات، فقد اختل التوازن وتفشت الظاهرة: رجال يطالبون بحقهم في الابوة، فيما تصر النساء على رفع شعار: طفل عندما اريد.. فما الذي يدفع المرأة الغربية الى تأجيل امومتها؟ وهل يحق لها ذلك؟ وللمسألة بعد طبيعي انساني له علاقة بالغريزة، هل هو نجاح المرأة العملي الذي يثير غيرة الرجال؟ ام رغبة الرجل الملحة في العودة الى أبوته العزيزة.. وتمرد المرأة على مشاعر الامومة وعواطفها؟
وفي كتاب (اسرار الامهات)، تشير كاترين مسوليك محللة نفسية متخصصة بشؤون الامومة، الى وجود ازمة حقيقية عند المرأة الغربية عندما تصبح اما، في حال لم تكن ترغب في انجاب الاطفال.
ولمعرفة الاسباب غير العضوية التي قد تدفع المرأة الى رفض خوض تجربة الامومة، تقول هذه المتخصصة النفسية: ترتبط الحاجة الانجابية عند المرأة ارتباطاً وثيقا بأنوثتها، اما الاسباب التي تمكن وراء عدم احساسها بهذه الرغبة، فهي:
۱- وجود خلل ما في طبيعة علاقتها بأمها، فهي باتخاذ قرار العيش من دون اطفال، تقطع نسلها، وترفض ان تكون ابنة لامها.
ان موقفها هذا -بصعوبة تنفيذه- يحتاج الى طاقة نفسية كبيرة والى القدرة على نكران الذات.
۲- رغبة المرأة في تحقيق اهداف وطموحات مهنية، في هذه الحالة تتحول هذه الازمة الى طاقة ابداعية.
۳- ان ولادة الطفل تحدث عند المرأة الغربية اضطرابات نفسية وفيزيولوجية وهورمونية تجعلها تتمنى في قرارة نفسها تاجيل هذا الحدث حتى لو اعلنت عكس ذلك، مما يؤدي الى العقم او الاجهاض في الحالات التي لا يكون فيها السبب بيولوجيا.
میلاد السيدة المعصومة (عليها السلام) وورودها إلى قم المقدسة
ولدت السيدة فاطمة المعصومة (عليها السلام) في الأول من ذي القعدة عام 173هـ.ق. في المدينة المنورة. والدها الإمام موسى الكاظم (عليه السلام) ووالدتها السيدة نجمة خاتون. ولدت بعد ولادة الإمام الرضا (عليه السلام) ولقبت بـ"الطاهرة". وعلى هذا الأساس فالسيدة المعصومة (عليها السلام) أخت الإمام الرضا (عليه السلام) من الأبوين. نُقل الإمام الرضا (عليه السلام) عام 201هـ.ق بالاجبار إلى خراسان حاولت اللحاق به بعد سنة حيث تحملت مشقات البعد عن أخيها.
وبما أن السيدة المعصومة (عليها السلام) حاملة علوم ومعارف أهل البيت (عليهم السلام) والمدافعة عن المظلومين الشيعة والعاملة على استمرار نهج أبيها في مواجهة الطواغيت، فقد هاجم جنود بني العباس القافلة التي تقلها في مدينة "ساوه" فاستشهد من كان برفقتها. ويعتقد السيد جعفر مرتضى العاملي أن جنود بني العباس قد دسوا لها السم في ساوه[1]. على كل الأحوال مرضت السيدة فاطمة المعصومة على اثر السم وطلبت نقلها إلى مدينة قم لأنها كما سمعت عن أبيها فإن قم محل شيعتنا[2]. وعلى هذا الأساس دخلت السيدة المعصومة (عليها السلام) قم في 23 من ربيع الأول عام 201هـ.ق فاستقبلها الكثير من الناس المشتاقين لأهل البيت (عليهم السلام) وتوفيت بعد 17 يوماً قضتها في منزل موسى بن خزرج والذي عرف بـ"بيت النور" وكان ذلك في العاشر من ربيع الثاني عام 201هـ.ق ودفنت في "حديقة بابلان" التي هي الآن عبارة عن المزار.
مدينة قم قبل دخول السيدة المعصومة (عليها السلام) إليها:
كانت قم قبل الإسلام عبارة عن مجموعة من القلاع التي تعود للزردشتين واليهود. وتوسعت المدينة بعد الإسلام عند قدوم الأشعريين إليها (هم من الشيعة ومن اليمن). فتح جيش الإسلام مدينة قم عام 23هـ.ق حيث بدأ تردد المسلمين العرب إليها.
أما أوائل الأشخاص الذين جاءوا إلى قم: عبد الله بن سعد وعبد الله الأحوص وعبد الرحمن وإسحاق ولدا سعد بن مالك بن عامر الأشعري. وبهذا النحو نفهم بداية دخول الشيعة إلى قم. ومنذ ذلك الزمان بدأت علاقة أهل قم بأهل البيت (عليهم السلام)، ولهذا السبب تعرض الشيعة لمضايقات الخلفاء والظالمين.
لم تكن قم قبل دخول السيدة المعصومة، بلدة عامرة بالأخص وأنها كانت محل الممارسات الظالمة للحكام آنذاك. ولكن إذا نظرنا إليها من الناحية الدينية والاعتقادية فكانت أفضل مكان معنوي وأفضل أرضية لقبول فكر أهل بيت الرسول (صلى الله عليه وآله) وأصحابه الأوفياء[3]. ومن هذا المنطلق أظهر الأئمة الأطهار (عليهم السلام) اهتماماً خاصة بالمدينة وأهلها وتحدثوا بعبارات جميلة تبين مقدار علاقتهم وارتباطهم بها. وقيل أن الأئمة (عليهم السلام) كانوا يشرفون قم وأهلها بالهدايا والتحف التي كانوا يرسلونها. ومن جملة الذين تلقوا الهدايا من الأئمة المعصومين (عليهم السلام): أبي جرير زكريا بن إدريس وزكريا بن آدم وعيسى بن عبد الله وأشخاص آخرون[4].
من جهة أخرى فإن عدد الأحاديث الواردة عن المعصومين بحق قم لم ترد في أي مدينة أخرى وقد ذكر المرحوم الشيخ حسين مفلس في كتابه "تحفة الفاطميين" أربعين حديثاً حول قم[5]. وفي الكتب الشيعية المعتبرة أمثال: بحار الأنوار، سفينة البحار، مستدرك سفينة البحار و... العديد من الأحاديث نشير إلى بعض منها:
1 ـ السلام على أهل قم
يقول الإمام الصادق (عليه السلام) مخاطباً عيسى بن عبد الله القمي "سلام الله على أهل قم، يسقي الله بلادهم الغيث وينزل الله عليهم البركات ويبدل الله سيئاتهم حسنات، هم أهل ركوع وسجود وقيام وقعود، هم الفقهاء العلماء الفهماء، هم أهل الدراية والرواية وحسن العبادة"[6].
2 ـ طريق إلى الجنة
يعتبر صفوان بن يحيى من المقربين للإمام الرضا (عليه السلام). ينقل صفوان عن الإمام (عليه السلام) بعد كلام حول قم، يقول الإمام (عليه السلام): "رضى الله عنهم ثم قال: إن للجنة ثمانية أبواب وواحد منها لأهل قم؛ وهم خيار شيعتنا من بين سائر البلاد، ؟؟؟؟ الله تعالى ولايتنا في طينتهم"[7].
3 ـ مركز أنصار المهدي (عجل الله تعالى فرجه)
يقول عفان البصري: قال الإمام الصادق (عليه السلام): "أتدري لم سُمِّى قم؟ قلت: الله ورسوله وانت أعلم. قال: إنما سُمِّى قم لأن أهله يجتمعون مع قائم آل محمد (صلى الله عليه وآله) ويقومون معه ويستقيمون عليه وينصرونه"[8].
وتشير هذه الرواية إلى دور أهل قم وساكني هذه المدينة المقدسة في حكومة الإمام المهدي (عجل الله تعالى فرجه). وعلى هذا الأساس فإن أهل قم وعلماء قم يقع على عاتقهم مسؤولية هامة وثقيلة وهي العمل لأجل التمهيد لحكومة الإمام (عجل الله تعالى فرجه).
4 ـ مدينة قم في القرآن ووعد النصر على إسرائيل
كان الإمام السادس (عليه السلام) يجلس في يوم من الأيام مع أصحابه، يتلو القرآن فوصل إلى الآية الشريفة: ﴿فَإِذَا جَاء وَعْدُ أُولاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَاداً لَّنَا أُوْلِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُواْ خِلاَلَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْداً مَّفْعُول﴾[9] عند ذلك سأل الصحابة الإمام (عليه السلام): "جعلنا فداك من هؤلاء؟ فقال: (ثلاث مرات) هم والله أهل قم"[10].
5 ـ ملجأ أبناء فاطمة الزهراء (عليها السلام)
يقول الإمام الصادق (عليه السلام): "إذا أصابتكم بلية وعناء فعليكم بقم فإنه مأوى الفاطميين"[11].
تشير الروايات المتقدمة إلى أهمية قم عند الأئمة الأطهار. وقد عرفت المدينة بأسماء عديدة: قم، حرم أهل البيت، مدينة الأمن والأمان، مركز أنصار الأئمة، قطعة من بيت المقدس، مركز الشيعة، مجمع أنصار المهدي (عجل الله تعالى فرجه)، الأرض المقدسة، محل سقوط الظالمين، مصدر العلم والفضيلة والتقوى، أكثر المدن سلاماً وغير ذلك.
6 ـ لولا أهل قم
صحيح أن الروايات التي تحدثت حول فضائل المدينة وساكنيها كثيرة، إلا أنه يجب الاشارة إلى أن ذلك كله مشروط بالإيمان والاعتقاد بالقيم الإسلامية والعمل طبق نهج أهل البيت (عليهم السلام) وإلا فإذا كان البعض يظن أن بامكانية القيام بأي شيء لمجرد أنه قمي فما ظنه إلا باطل فقد جاء عن الإمام الصادق (عليه السلام): "تربة قم مقدسة وأهلها منا ونحن منهم، لا يريدهم جبار بسوء إلا عجلت عقوبته؛ ما لم يخونوا اخوانهم (وما لم يحولوا أحوالهم)، فإذا فعلوا ذلك سلط الله عليهم جبابرة سوء".
عبد الكريم باك نيا – بتصرّف يسير
[1] حياة الإمام الرضا (عليه السلام)، ص428.
[2] وديعة آل محمد (صلى الله عليه وآله)، ص12.
[3] تاريخ قم، ص16.
[4] تاريخ قم الديني، ص92.
[5] المصدر نفسه.
[6] بحار الأنوار، ج57، ص217؛ مستدرك سفينة البحار، ج8، ص598.
[7] بحار الأنوار، ج57، ص216.
[8] بحار الأنوار، ج57، ص216، ومعجم أحاديث المهدي (عليه السلام)، ج3، ص474.
[9] سورة الإسراء، الآية: 5.
[10] بحار الأنوار، ج57، ص216.
[11] المصدر نفسه، ص215.
ولادة فاطمة المعصومة (1/ ذي القعدة/ السنة 173هـ)
ولدت فاطمة المعصومة في المدينة المنورة في الأول من ذي القعدة سنة (173هـ)، أبوها الإمام موسى بن جعفر الكاظم(ع) ، وأمها أم الإمام الرضا(ع) تسمى خيزران وتكتم ونجمة، وتكنى بأم البنين.
كانت من أعظم نساء زمانها علماً وعملاً وعبادة وتقوى وأخلاقاً وفضلاً وتحملاً للمحن والمصائب، فقد فقدت (عليها السلام) أباها وهي في العاشرة من عمرها، وفارقت أخاها الرضا(ع) بعد ذلك بمدة وجيزية، كما عاصرت قتل إخوانها الذين ثاروا في بقاع الأرض لدفع الظلم عن الناس.
لقبت (عليها السلام) بألقاب عظيمة منها كريمة أهل البيت، وفاطمة الثانية، وذلك لشدة شبهها بجدتها فاطمة الزهراء(عليها السلام).
كما لقبت بالمحدثة لكثرة علمها، ومن أشهر ألقابها (المعصومة)، لإيمانها العميق وشدة ارتباطها بربها ولعظيم تقواها.
وامتازت السيدة المعصومة(عليها السلام) بعلمها الواسع، وكانت من المحدثات التي روت عن أبيها وأخيها، كما كانت تجيب على استفتاءات الناس في غيابهما، حيث روي أنه أتى جمع من الشيعة إلى المدينة لكي يعرضوا بعض أسئلتهم على الإمام الكاظم(ع) ، غير أنه (ع) وولده الإمام الرضا(ع) لم يكونا حاضرين في المدينة، فاغتم الجميع وكتبوا أسئلتهم وأودعوها في بيت الإمام، بنية أن يحصلوا على جوابها في سفرهم القادم، وعزموا على الرجوع إلى حيث جاؤوا، وإذا بأجوبة أسئلتهم تأتي من قبل السيدة فاطمة المعصومة(عليها السلام)، وعندئذٍ تبدل حزنهم بفرح، ورجعوا إلى بلدهم، وفي طريقهم التقوا بالإمام موسى الكاظم(ع) فأخبروه بما جرى، فنظر الإمام (ع) إلى أجوبة ابنته فقال: (فداها أبوها)([1]).
كما أنه بعد وفاة أبيها، وسفر أخيها الإمام الرضا(ع) إلى خراسان كانت المرجع الديني للناس في المدينة وبقيت على هذا الحال ردحاً من الزمان، غير أنها ولشدة تعلقها بأخيها الرضا(ع) ، حيث كانت تحبه حباً جماً، وكان عزيزها الذي كانت تشعر بالأمن والراحة إلى جواره، قررت (عليها السلام) أن تلتحق بالإمام (ع) في خراسان فتجهزت مع بعض إخوة الإمام وأبناء أخوته([2]).
خرج في قافلة السيدة المعصومة(عليها السلام) خمسة من إخوتها وهم: فضل وجعفر وهارون وقاسم وزيد، ومعهم بعض أبناء إخوة السيدة المعصومة، وعدة من العبيد والجواري، وكان ذلك سنة (201هـ)، وبعد المسير الطويل نزلت مدينة قم في (23/ ربيع الأول/ 201هـ).
مناسبات شهر ذی القعدة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على شمس الهداية نبينا محمد وعلى الأقمار المضيئة الأئمة الطاهرين.
شهر ذي القعدة الحرام هو أول أشهر الحرم.
ومن أعمال هذا الشهر ومهامه عمل ليلة النصف من الشهر المذكور، فقد روي في (الإقبال) عن أحمد بن جعفر بن شاذان قال: روي عن النبي أن في ذي القعدة ليلة مباركة وهي ليلة خمس عشرة، ينظر الله إلى عباده المؤمنين فيها بالرحمة، أجر العامل فيها بطاعة الله أجر مائة سائح له لم يعص الله طرفة عين، فإذا كان نصف الليل فخذ في العمل بطاعة الله والصلاة وطلب الحوائج، فقد روي أنه لا يبقى أحد سأل الله فيها حاجة إلا أعطاه.
وقد ورد في الأخبار الكثيرة أن في الخامس والعشرين من ذي القعدة نصبت الكعبة، ودحيت فيه الأرض، وهبط فيه آدم، وولد فيه الخليل وعيسى(عليهما السلام)، ونشرت فيه الرحمة.
ومنها عن أمير المؤمنين(ع) : Sإن أول رحمة نزلت من السماء إلى الأرض في خمس وعشرين من ذي القعدة، ومن صام ذلك اليوم وقام تلك الليلة فله عبادة مائة سنة، صام نهارها وقام ليلهاR([1]).
في هذه السلسلة من المناسبات الإسلامية لشهر ذي القعدة الحرام نقدم للقارئ الكريم وروداً عطرة مكلّلة بباقات من الأحداث والوقائع الإسلامية التي جرت في هذا الشهر، من ذكرى ميلاد السيدة فاطمة المعصومة بنت الإمام موسى الكاظم(ع) في الأول منه، وميلاد أخيها سيدنا ومولانا الإمام علي بن موسى الرضا(ع) في الحادي عشر منه، وذكرى أليمة مكلّلة بألوان من الأحزان والشجون ألا وهي مناسبة شهادة الإمام محمد الجواد(ع) في آخره، إلى غيرها من المناسبات كبناء الكعبة المشرفة، وغزوة بني قريظة، وخروج النبي(ص) من المدينة لأداء الحج.
وفي الختام.. نستمد العون من العلي القدير مواصلة الطريق لإحياء التراث الإسلامي الأصيل متمثلاً بتاريخه الحافل بالقيم والمبادئ، وذلك بعزيمة أشدّ وانطلاقة أكبر للعمل على تقديم كل ما هو مفيد من البحوث والمواضيع.
راجين منه سبحانه وتعالى التوفيق، ومن القارئ الكريم والمؤمن العزيز حسن المتابعة والمطالعة. وهو من وراء القصد، وعليه التكلان، وهو نعم المولى ونعم النصير.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
سوريا ما بعد تحرير الجنوب
مع استكمال العمليات العسكرية حتى خط الاشتباك مع الجولان السوري المحتل بعد تحرير منطقة سيطرة داعش جنوب غرب وصولاً حتى جباثا الخشب شمالاً مروراً بالقنيطرة والحميدية وخربة الحميدية، يحقّق الجيش السوري العودة إلى كامل نقاط انتشاره السابقة ما قبل إطلاق الحرب على سوريا على خط الاشتباك مع الجيش الصهيوني.
بعد انتهاء عمليات الغوطة الشرقية وتحريرها من الجماعات الإرهابية، واستكمال عمليات تحرير القلمون الشرقي والحجر الأسود كنّا على يقين بأن عمليات الجيش السوري ستنتقل إلى الجنوب السوري على وَقْعِ التهديدات الأميركية والصهيونية بمنع الجيش السوري من بدء عملياته في الجنوب السوري، والذريعة أمن "إسرائيل" ووجود قوات لإيران وحزب الله وهو ما ترجمته "إسرائيل" بسلسلة اعتداءات على مواقع مختلفة في سوريا، سبقها عدوان ثلاثي أميركي – بريطاني – فرنسي في الرابع عشر من نيسان/ أبريل 2018 بـ 103 صواريخ جوّالة مختلفة الطرازات، أسقطت الدفاعات الجوية السورية منها 71 صاروخاً وهو الأمر المُشابه لاعتداء مُماثِل على مطار الشعيرات بـ 59 صاروخاً جوّالاً بتاريخ 7 نيسان/ أبريل 2017 أصاب 23 منها أهدافه، في حين لم تصل الصواريخ الـ 36 الباقية إلى أهدافها وبقي حينها أمر عدم وصول هذه الصواريخ إلى أهدافها غير واضح، فلا القيادة السورية أشارت إلى السبب ولا القيادة الأميركية برّرت عدم وصول الصواريخ إلى أهدافها.
في العاشر من أيار/ مايو سنة 2018 كنّا أمام تحوّل كبير تمّثل في إطلاق عشرات الصواريخ السورية على مواقع حسّاسة "إسرائيلية" مرتبطة، وهي مواقع للرصد الإلكتروني ومواقع للقيادة والسيطرة ليتحوّل الأمر إلى اشتباك استمّر لساعات بين الصواريخ والطائرات الصهيونية من جهة ووسائط الدفاع الجوي السورية من جهة أخرى.
الهدف من هذه المُقدّمة هو الإشارة إلى أنّ طبيعة الميدان في هذه المرحلة ترتبط بسعي قادة الكيان الصهيوني لتثبيت قواعد اشتباك لمصلحتهم، بعد الخَلَل الكبير في ميزان القوى لمصلحة محور المقاومة بعد عملية ربط الحدود السورية – العراقية، التي يعتبرها قادة الكيان الصهيوني تحوّلاً جذرياً لمصلحة محور المقاومة، وهو أمر صحيح لجهة حجم القوى البشرية والوسائط القتالية المُضافة التي يمكن أن تشارك في أية مواجهة شاملة قادمة، وهو أمر لم يخفه قادة المحور من الرئيس بشّار الأسد إلى السيّد حسن نصرالله إلى قادة فصائل المقاومة العراقية.
قبل بدء عمليات الجيش السوري في الجنوب كنّا أمام تصريح لـ أفيغدور ليبرمان وزير الحرب الصهيوني بتاريخ 15 حزيران/ يونيو أنه لا توجد قوات إيرانية أو تابعة لحزب الله اللبناني في جنوب سوريا، وهوتصريح يُظهِر عجز "إسرائيل" أمام التحوّلات ويبرّر عدم استعداد قادتها للدخول في مواجهة مباشرة مع الجيش السوري، وهو الأمر نفسه الذي جاء في بيان للسفارة الأميركية في الأردن يترك لما أسمته فصائل المعارضة السورية حرية التصرّف واتّخاذ القرار المناسب بمواجهة عملية الجيش السوري.
من المؤكّد أنّ الجانب الروسي لعب دوراً أساسياً في المباحثات مع أميركا و"إسرائيل" وهو ما تجلّى في الموقفين الصهيوني والأميركي وتراجع الإسرائيليين عن مواقفهم التهديدية، وحَصْر مُطالباتهم بتنفيذ اتفاق فكّ الاشتباك عام 1974 مع الجيش السوري والإبقاء على لهجة مُرتفعة بما يرتبط بالوجود العسكري الإيراني في سوريا، مترافقة مع اعتداءات آخرها كان على قاعدة الـ T4 الجوية بذريعة وجود قوات إيرانية فيها.
بعد تحرير الغوطة الشرقية قلنا حينها إننا سننتقل في المشهد الميداني من مرحلة المعارك الكبرى والصعبة إلى مرحلة المعارك السريعة والسهلة بسبب توافر احتياطي استراتيجي كبير للجيش السوري في القوى والوسائط، وقوات زّج واقتحام كبيرة مدعومة بقوّة نارية استثنائية برّاً وجوّاً، مكّنت الجيش من تحقيق عامل الحرب الخاطِفة بهوامش مناورة عالية جدّاً أدّت إلى انهيارات سريعة في المناطق الصعبة والمفتاحية كمنطقتيّ اللجاة وبصر الحرير.
كان واضحاً منذ بداية العملية أن الجيش السوري يكرّر سيناريوهات استخدمها سابقاً من خلال التوازي بين الاندفاعات السريعة على المستوى العسكري وتحقيق تسويات ومُصالحات كانت نِتاج جهد مشترك للجان المُصالحة والعمل الإستخبارتي والجهد المتواصل لمركز حميميم الذي كان له دور هام ومفصلي في تسريع استسلام الجماعات المسلّحة وتسليم أسلحتها.
على المستوى العملاني نفّذت الوحدات السورية المُتقدّمة عمليات خرق سريعة من الشمال الشرقي لمحافظة درعا حتى خط الحدود جنوباً مع الأردن، لتبدأ بعدها بتنفيذ عمليات تقدّم عرضية على خط الحدود مع الأردن بطول بمسافة تجاوزت ال 90كلم من خط الحدود وصولاً حتى زيزون شمال غرب على خط التماس مع "جيش خالد "، وهو تابع لتنظيم " داعش " الإرهابي الذي يسيطر على 250 كلم2 من منطقة حوض اليرموك.
أقدم الجيش السوري من خلال مناورة الالتفاف عبر خط الحدود أغلق على مسلّحي مدينة درعا كافّة خطوط الإمداد ووضعهم داخل الطوق، ما أنتج اتفاقية ترحيل لمسلّحي جبهة النصرة، ما يعني تحرير المدينة ومحيطها المباشر في القريب العاجل ويؤمّن السيطرة على أكثر من نصف مساحة الريف الغربي لمحافظة درعا، في حين أن استكمال التسويات في مدن نوى وانخل وجاسم وبلدات كفرشمس ونمر والحارة سينهي سيطرة الجماعات الإرهابية على الريف الغربي كاملاً، لتنحصر العمليات في ريف القنيطرة الذي يفّر إليه أغلب المتمّنعين عن الدخول في التسوية والمُصالحة.
بالنظر إلى التسارُع في سير العمليات العسكرية من المؤكّد أننا سنكون أمام نتائج على المستويات العسكرية والاقتصادية والسياسية.
عسكرياً: باستكمال العمليات العسكرية حتى خط الاشتباك مع الجولان السوري المحتل بعد تحرير منطقة سيطرة داعش جنوب غرب وصولاً حتى جباثا الخشب شمالاً مروراً بالقنيطرة والحميدية وخربة الحميدية، يحقّق الجيش السوري العودة إلى كامل نقاط انتشاره السابقة ما قبل إطلاق الحرب على سوريا على خط الاشتباك مع الجيش الصهيوني، إضافة إلى ذلك رفع الاحتياطي في القوى والوسائط لاستخدامه في معارك الشمال السوري.
اقتصادياً: سيكون لفتح معبر نصيب نتائج هامّة في إعادة تفعيل حركة الترانزيت والتجارة عبر المعبر والمستفيد المباشر من فتح المعبر الأردن وسوريا ولبنان.
سياسياً: من المؤكّد أن أية مفاوضات مقبلة مع الدولة السورية ستكون مختلفة عن المفاوضات السابقة، فمع كل تقدّم ميداني واستعادة للجغرافيا كنّا نشهد تحوّلات سياسية لمصلحة الدولة السورية، وهو ما سيحسّن شروط الدولة السورية لاحقاً ويساهم في تعجيل إنهاء الحرب التي استنزفت قدرات الدولة والشعب في سوريا.
عمر معربوني
على الرغم من مشكلاته.. ما هي فرص السيسي للنهوض بالاقتصاد المصري؟
على الرغم من النمو الكبير والذي بلغ 5.4٪ في عام 2017 والتصنيف الجيد الذي حظي به بين الاقتصادات الإفريقية، غير أنّ الاقتصاد المصري يواجه استياء عاماً متزايداً من السياسات النقدية والمالية التي تُنفذها الحكومة الأمر الذي أدّى إلى ارتفاع التضخم بنسبة 14٪ في يوليو، ففي يونيو من العام الحالي 2018 زادت الحكومة من سعر مياه الشرب للاستخدام المنزلي ما نسبته 44.4 في المئة، كما ارتفع متوسط أسعار الكهرباء بنسبة 26 في المئة، وفي العاشر من أيار/ مايو 2018 ارتفعت أسعار تذاكر مترو الأنفاق في العاصمة القاهرة بنسبة تتراوح من 50 إلى 150 في المئة، ومع ذلك يؤكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن مصر تسير في مسار اقتصادي صحيح.
مصر التي واجهت العديد من التوترات السياسية والاقتصادية والأمنية منذ سقوط الرئيس السابق محمد حسني مبارك، يبلغ إجمالي ناتجها المحلي أكثر من 336 مليار دولار، فيما يبلغ عدد سكانها حوالي 100 مليون نسمة وتتمتع بدور معروف ومنذ زمن بعيد في وساطة السلام في الشرق الأوسط.
ومنذ أن وصل عبد الفتاح السيسي إلى السلطة عام 2013 كان يحاول حلّ مشكلات البنية التحتية في البلاد وتحسين سبل عيش الناس، وعلى هذا الأساس بدأت الحكومة التخطيط الاقتصادي الطموح عام 2015 في محاولة لتشجيع النمو الاقتصادي في البلاد، ومن هذه التدابير محاولة السيسي معالجة نقص الكهرباء التي تُعدُّ مشكلةً أساسية في مجال الاقتصاد من جهة وحياة الناس من جهةٍ أخرى.
وفي هذا السياق يحاول مسؤولو القاهرة خفض معدل البطالة في البلاد عن طريق زيادة الاستثمار الأجنبي، الأمر الذي يُعتبر في غاية الأهمية حيث إنّه ووفقاً للمحللين يُعدُّ النمو السكاني أحد العوامل التي ستتسبب بعدم الاستقرار في مصر بالعقود القادمة الأمر الذي يستوجب على الحكومة البحث عن استثمار خارجي لتحسين حياة الناس.
ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة سيصل عدد سكان مصر إلى 150 مليوناً بحلول عام 2050، وعلى هذا الأساس فإن النمو السكاني الكبير في ظل غياب نظام تعليم عالٍ لإعداد الشباب للدخول إلى سوق العمل بالإضافة لنقص المساكن وضعف القطاع الصحي وارتفاع معدلات البطالة سيجعل من مصر قنبلة موقوتة، وذلك نظراً لموقعها الاستراتيجي وقربها من الحدود الأوروبية الأمر الذي يمكن أن يسبب تأثيرات مدمّرة واسعة النطاق.
المشكلات الاقتصادية الرئيسية في مصر
على الرغم من أنّ بعض المؤسسات المالية والأبحاث الخاصة متفائلة بالاقتصاد المصري، غير أنّ البلاد تواجه بعض العقبات أمام تنميتها، حيث إنّ النمو السكاني السريع وعدم فعالية سياسات تنظيم الأسرة بالإضافة لعدم وجود بنية تحتية مناسبة يمكن أن يكون مصدر قلق كبير لقادة مصر.
فمن ناحية يدفع النهج السلطوي للرئيس السيسي وسياساته الخاصة بالقضاء على المعارضة وتقليص وسائل الإعلام مصر نحو استبدادية جديدة فيها يصفها الاقتصاديون بأنها أسوأ بكثير من استبدادية مبارك، حيث إنّ سيطرة الحكومة على وسائل الإعلام لن تسمح بانتقاد أو تحديد المشكلات وملفات الفساد الاقتصادية.
وبالإضافة إلى ما سبق فقد أثار التدخل العسكري الواسع في المشاريع والاستثمارات المخاوف بشأن مستقبل القطاع الخاص في مصر، كما أنّ تمكّن الحكومة من الوصول إلى عائدات النفط والغاز المُكتشف سيعطي دفعة قوية للحكومة الأمر الذي سيُحوّلها إلى نظام حكومي استبدادي كما سيكون الاقتصاد بيد الدولة بشكلٍ كامل.
ومن العقبات الرئيسية لنمو الاقتصاد المصري استمرار انعدام الأمن، فمنذ العام 2011، أدّى انهيار النظام السياسي إلى تحوّل شبه جزيرة سيناء لمركز لنمو الجماعات الإرهابية، حيث ستضطر القاهرة إلى إنفاق جزء كبير من ميزانيتها كل عام للحيلولة دون انتشار حالة انعدام الأمن في شبه جزيرة سيناء، وإلى جانب زيادة القوة العسكرية لإرساء الأمن، كما ستضطر الحكومة إلى دفع تكاليف كبيرة لتطوير البنية التحتية الاقتصادية والاجتماعية في شبه الجزيرة.
وبالإضافة إلى ما سبق يواجه الاقتصاد المصري معضلةً أخرى تتعلق بقيمة الجنيه المصري، حيث تسببت سياسة تعويم سعر الصرف بانخفاض الدولار بنسبة 50 في المئة مقابل الدولار في عام 2016، وفي الوقت ذاته أصدرت الحكومة أيضاً سندات لزيادة الاستثمارات الأجنبية، استناداً إلى اليورو والدولار وليس الجنيه المصري، الأمر الذي شكّل مصدر قلق للمستثمرين المصريين حول قيمة أموالهم واستثماراتهم في البلاد.
وأخير فإنّ الاقتصاد المصري يواجه مشكلة الدين العام، حيث أعلن صندوق النقد الدولي أنه وبنهاية العام 2017 ستكون نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في مصر والتي تشمل الدين الداخلي والخارجي ما نسبته 101.2 في المئة.
ووفقاً لأحدث البيانات من البنك المركزي المصري فقد ارتفعت نسبة الدين الخارجي إلى الناتج المحلي الإجمالي خلال العام المالي 2016 / 17 من 16.6 بالمئة إلى 33.6 بالمئة، ويرجع ذلك إلى ديون القاهرة للمنظمات متعددة الأطراف مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.
وبالرغم من كل ما سبق فإن عملية إدارة السيسي للدولة تظهر أن مصر في طريقها إلى الانتعاش الاقتصادي، فوفقاً للبنك المركزي فقد ارتفع الناتج المحلي الإجمالي إلى 5.3 في المئة في الربع الثاني من العام 2017، وذلك بارتفاع من 2.1 في المئة في العام 2012، كما أنّ معدّل البطالة في مصر في الربع الأول من هذا العام وصل إلى 10.60، وهو ما يمثل انخفاضاً بنسبة واحد في المئة عن العام 2017، كما توقّع مركز هارفارد للتطوير والتنمية الدولي أنه بحلول العام 2026 من المتوقع أن يبلغ النمو في مصر نسبة 6.63٪.
كلمة الامام الخامنئي (دام ظلّه) في حفل تخريج عدد من الضبّاط
كلمة قائد الثورة الاسلاميّة الامام الخامنئي (دام ظلّه الوارف) في حفل تخريج عدد من الضبّاط في كليّة الامام الحسين (عليه السلام) بتاريخ 30/6/2018
لن نستسلم للعدو: تكلفة الصمود أقل بما لا يقاس من تكلفة الاستسلام
محاور رئيسية
• حياة الشعوب منوطة بعناصر قدرتها
• الصبر والتقوى يدفعان شرّ الأعداء وضُرَهم
• مسيرة الثورة تحتاج إلى الصبر لبلوغ أهدافها
• العدو يحاول اليوم قهر شعبنا بفصله عن النظام
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، لا سيما بقية الله في الأرضين.
إنني مسرور جداً وأشكر الله سبحانه أن منَّ عليّ بالتوفيق مرة أخرى للحضور في هذا الجمع النوراني الباعث على الأمل، وفي هذا المركز الحساس والمهم جداً.
حياة الشعوب منوطة بعناصر قدرتها
هذه الساحة وهذا الجيل وهذه الجماعة الشابة هي إحدى تجليات تسامي بلدنا العزيز ورفعته وحياته. إنَّ حياة أي شعب وتعاليه منوط أساساً بأن يُعزز في داخله مكونات وعناصر القدرة، وأن ينتفع ويستفيد منها في المكان والوقت المناسبين. وما يُشاهَد في هذه الساحة اليوم نموذج لهذا المبدأ العام.
الصبر والتقوى يدفعان شر الأعداء وضُرَهم
يجب أن أقدم إيضاحاً في هذا الخصوص، ولكن قبل هذا الإيضاح أشير إلى آية قرآنية لكم أيها الشباب الأعزاء. وهذه الآية الشريفة في سورة آل عمران، وهي واحدة من الآيات التي تحكي عن الأعداء المعاندين للإسلام وللمجتمع الإسلامي. وهناك عدة آيات حول الأعداء المعاندين المشحونين بالبغضاء والأحقاد ضد الإسلام والمسلمين والرسول: «قَد بَدَتِ البَغضَاءُ مِن أفواهِهِم وَما تُخفي صُدورُهُم أكبَرُ» (2). بعد أن يذكر هذه الصفات لهؤلاء الأعداء ـ وصفات هؤلاء الأعداء تنطبق على صفات الأعداء الذين يعادونكم اليوم ويعادون الشعب الإيراني المسلم ويعادون إيران الإسلامية، وحقاً «قَد بَدَتِ البَغضَاءُ مِن أفواهِهِم وَما تُخفي صُدورُهُم أكبَرُ» أو «إن تُصِبك حَسَنَةٌ تَسُؤهُم» (3). إن أحرزتم مفخرة ونجاحاً فإنهم ينزعجون بشدة ـ وبعد هذه الآيات يقول القرآن في نهاية المطاف: «وَإن تَصبِروا وَ تَتَّقوا لا يضُرُّكم كيدُهُم شَيئًا» (4). هذا قانون وسنّة، إنه قانون الخِلقة. الصبر والتقوى يجعلان هذا العدو المعاند [الأشبه] بأسطوانة قبيحة من الحقد والبغضاء، على الرغم من كل قدراته التي وفرها لنفسه، عاجزاً عن ارتكاب أية حماقة في مواجهتكم. «لَا يضُرُّكم كيدُهُم شَيئًا»؛ أي لا يستطيعون إصابتكم بأي ضرر. ولكن بأي شرط؟ بشرط الصبر والتقوى. هذا ما أريد أن أقوله لكم اليوم في هذا الساحة الزاخرة بالمعاني والدلالات؛ أيها الشباب الأعزاء. وأنتم بحق نور عيون هذا الشعب. وهذا الدرس ليس لكم وحدكم، بل هو درسٌ لكل الشعب، ولكل الحرس الثوري، ولكل القوات المسلحة، ولكل أبناء المجتمع، خاصّة المسؤولين ومديري المجتمع الإسلامي، الصبر والتقوى.
أ ــ الصبر يعني الثبات والبقاء في الميدان
ما معنى الصبر؟ الصبر يعني البقاء في الساحة وعدم الخروج منها. البعض يهربون من الساحة، والبعض لا يخرجون؛ لكنهم يعتزلون الساحة تدريجياً. وهذا بخلاف الصبر. الصبر يعني الثبات والبقاء في الميدان والاستقامة. الصبر يعني التطلُّع والنظر إلى الأهداف والآفاق البعيدة.
• مسيرة الثورة تحتاج إلى الصبر لبلوغ أهدافها
أحياناً يفرح الإنسان ويبتهج بنجاح عاجل، وأحياناً يصاب بالغرور، والخطر يكمن في أن يقنع [بهذا المقدار]. هذا شيء خطير، ويؤدي إلى عدم بقاء الإنسان في الساحة. لا، انظروا إلى الأهداف البعيدة، وانظروا إلى القمة، ولاحظوا ما هي الرسالة الحقيقية للثورة وللنظام الإسلامي، ونحو أي أهداف يريد سوق الشعب الإيراني والأمة الإسلامية والمجتمع البشري. انظروا إلى هناك. مسيرة الثورة الإسلامية تحتاج إلى مثل هذا الصبر. لاحظوا أنهم في زمن صدر الإسلام وفي تلك العقود الأولى حيث كان الوضع صعباً جداً ـ وخصوصاً في زمن الرسول الأعظم ـ صبروا وثبتوا وقاوموا فكانت النتيجة أنه على الرغم من النواقص والسلبيات التي حصلت خلافاً لتعاليم الإسلام الحقيقيّة، إلا أنَّ ذروة الحضارة الإنسانية كانت في القرنين الثالث والرابع للهجرة من نصيب الأمة المسلمة والبلدان الإسلامية. هكذا هو الأمر. إذا صبرنا فستكون الآفاق البعيدة لنا. وإذا صمدتم اليوم فسوف ترتقي الأجيال القادمة إلى تلك القمة. إنهم سوف يرتقون إلى القمة لكن الفضل يعود لكم والجهد جهدكم. وبالطبع فإني أتمنى بتوفيق من الله أن تشاهدوا أنتم شباب اليوم، والجيل الحالي ذلك اليوم، وسوف تشاهدونه بتوفيق الله. الثورة متجذرة ولها مستقبلها وتحتاج إلى الاستمرار. هذا عن الصبر.
ب ــ التقوى تعني الحيطة والحذر والاستعداد
[أمّا] التقوى. فقد طُرحت في هذه الآية الشريفة بمعناها الواسع؛ أي بالمعنى العام للتقوى وهو مراقبة الذات حتّى لا تنحرف عن جادة الشريعة الإسلامية المستقيمة ـ وهو ما جاء في مواضع كثيرة ـ وأيضاً بمعنى الورع ومراقبة الذات مقابل العدو، وذلك بقرينة الآيات السابقة لهذه الآية والتي تتحدّث عن الأعداء. كونوا حذرين متنبهين يقظين مقابل العدو. يعيش الإنسان في ساحة الحرب بشكل مختلف، ويعيش بشكل آخر عندما لا تكون هناك حرب. الإنسان في الخندق يجلس ويستريح وينام بشكل، وفي غرفته المريحة داخل بيته ينام ويعيش بشكل آخر .اعلموا أنكم تقفون [اليوم] مقابل الأعداء -علينا جميعاً أن نعلم ذلك- والتقوى بهذا المعنى: مراقبة الذات عند مواجهة العدو، وتجنب الثقة بالعدو. لا تثقوا بالعدو. هذا هو معنى التقوى؛ بمعنى الحذر والحيطة من حيل العدو ومكره. لا تكتفوا بعدم الثقة به بل افهموا حيله وأحابيله وخططه واعلموا ما الذي يفعله، وما هي حيلته. وكونوا مستعدين يقظين؛ فحيل العدو ليست حيلاً عسكرية فقط. وكذلك التقوى بمعنى مراعاة التدبير. أي تجنب الأعمال غير المنضبطة والمخالفة للقواعد والمخالفة للعقلانية وتجنب التراخي والتساهل. هذا هو معنى الآية الشريفة. إذا عملتم أنتم الشباب الأعزاء ومسؤولو الشؤون العسكرية والأمنية والاقتصادية والآخرون بالدرجة الأولى، بذلك الصبر وهذه التقوى، وإذا عمل بها عموم الشعب بالدرجة الثانية «لا يضُرُّكم كيدُهُم شَيئًا» (5)، فلن يستطيعوا إلحاق أي ضربة أو ضرر بكم. وهذا ما سيكون بتوفيق من الله.
عناصر قوتنا: الإيمان والاستقلال والحرية والثقة بالذات وقدراتنا الذاتية
أ ــ قبل الثورة لم يملك الشعب من أمره شيئا
حسناً، لنعد إلى مُكوِنات القوة وعناصرها. لاحظوا يا أعزائي: لقد حكمت بريطانيا ومن ثم أميركا هذا البلد خلال العهد البهلوي بالمعنى الواقعي للكلمة لمدّة 57 سنة. بأي معنى؟ بمعنى أنهم هم الذين جاؤوا بالشاه وهم الذين عزلوه ثم جاؤوا بشاه آخر، وكانت الحكومات في هذا البلد تتألف طبقاً لآرائهم. والسياسات المهمة والأساسية لهذا البلد كانت ترسم طبقاً لآراء بريطانيا وأميركا. هكذا أدير البلد لمدة 57 سنة. وقبل ذلك أي في أواخر العهد القاجاري كان الوضع مؤسفاً بشكل آخر، وخاضعاً لعوامل أخرى باعثة على التعاسة. أي لم يكن الشعب يملك من أمره شيئاً طوال هذه المدة، وكان متفرجاً، وأحياناً لم يكن حتّى متفرجاً. أي لو سألنا شخصاً من أبناء الشعب من هو نائب مدينتكم لما علم ذلك، لأنه لم ينتخبه. ومن باب أولى لو سألنا من هو المسؤول عن الوزارة الفلانية لما كان سيعلم. وفي أحيان كثيرة لم يكونوا يعرفون حتى رئيس الوزراء. لم يكن للشعب من أمره شيء، كان معزولاً.
ب ــ الثورة تضع عن الشعب إصره والأغلال
وحين وقعت الثورة ـ ولعوامل الثورة تحليلها وتفسيرها الطويل ـ زالت هذه الأغلال عن أيدي الشعب وأرجله، وتحطَّم هذا القيد. كان الشعب أسيراً وعديم الاختيار وكان الآخرون مهيمنين عليه، فزالت هذه الهيمنة عن الشعب وذاق الشعب الإيراني طعم الاستقلال والحرية. وبتواجد الشعب الإيراني في ساحات الثورة وانتصار هذه الثورة تولّدت الثقة الوطنية بالذات، وأدرك أبناء الشعب الإيراني أنهم مؤثرون ويستطيعون التأثير في أوضاع بلادهم – تأثيراً بهذا الحجم أيضاً - واستئصال جذور ملكية امتدّ عمرها على حد تعبيرهم إلى 2500 سنة من أعماق الأرض، والإلقاء بها في مزبلة التاريخ.
ج ــ الشعب يبدأ مسيرة الاقتدار والتقدم
هذا ما شعر به الشعب الإيراني؛ وهو ما منحه ثقة بالذات. وكانت هذه الثقة بالذات الوطنية مصحوبة بقوة الإيمان. لم نكن مثل بعض البلدان الأخرى التي قامت بثورة، لم نكن بلا إله ولا توكل ولا روح معنوية، حتى نتوقف في وسط الطريق. إنما كان الإيمان هو الذي صاننا وحفظنا وهدانا وتقدَّم بنا إلى الأمام. هذا الإيمان كان جوهرة ثمينة، وكان روحاً في جسد هذه الحركة العامة. الإيمان هو الذي أحيا فينا روح الأمل وروح الإيثار والتضحية. أن تبعث أمّ أبناءها الشباب الثلاثة الذين ربَّتهم كالورود في أحضانها إلى ساحة الحرب وتعرِّض أرواحهم للخطر ثم تفتخر بأنها فعلت ذلك؛ فهذا ما لا يمكن حدوثه إلا مع الإيمان. وذلك الشاب الذي يقف أمام القادة ويغضُّ الطرف عن حياته المريحة الوادعة بكل إصرار وتوسل وبكاء ليأخذوه إلى ساحة الحرب، حالة لم تكن ممكنة إلا بالإيمان. لقد بعث الإيمان الأمل والإيثار والإقدام لدى الشعب، وتحرَّك الشباب، وتأسس الحرس الثوري، وتأسس جهاد البناء، وتأسست التعبئة، وتشكّلت الحركات العامة، واكتسبت القوات المسلحة روحاً جديدةً واستطاعت التعبير عن تواجدها ومشاركتها الحقيقية في الميدان، وتكونت المجاميع الخدمية ومجاميع البناء والمجاميع العلمية وانطلقت الحركة العلمية في البلاد، وذاق الشعب والنُخب والعناصر الناشطة الدؤوبة طعم استقلالهم وشموخهم ورفعتهم. هذه هي مكونات الاقتدار الوطني، وهذا هو معنى الاقتدار الوطني.
ليس معنى الاقتدار الوطني أن يعطي الإنسان أموال البلد لبلد أجنبي فيشتري أسلحته الحديثة ويخزنها في المخازن ولا يكون هو نفسه قادراً حتى على استخدامها بشكل صحيح. هذه حماقة وليس اقتداراً. ليس الاقتدار الوطني بأن يأتي بلد من تلك الناحية من العالم للدفاع عن إحدى الحكومات أو الدول، فيتواجد في تلك الدولة ويقيم قاعدة عسكرية فيها، ويمتص دماء شعبها، ويفعل كل ما يحلو له من حماقات في ذلك البلد من أجل الحفاظ على تلك العائلة المشؤومة [الحاكمة هناك]؛ مثلاً. هذا ليس اقتداراً بل هو ذلة. الاقتدار هو أن تتدفق طاقات البلد من الداخل، وأن يكتسب لنفسه العلم والقدرة العسكرية والبناء والتقدُّم والعزة الدولية. هذه هي عناصر اقتدار الشعب الإيراني. وهو ما تمتلكونه اليوم، وتمتلكون أيضاً النوع الجيد والنوع الكامل منه بتوفيق الله. ينبغي الاستفادة من عناصر القدرة هذه في المكان والزمان المناسبين.
الحرس الثوري أحد عناصر القوة والاقتدار. وينبغي للحرس الثوريّ أن يحقق الرفعة والجودة أكثر، ويوماً بعد يوم. إنني أشاهد تقارير الإخوة وأطّلع عليها. هناك أعمال جيدة يتم إنجازها لكنَّ الحرس الثوري لا يزال ينطوي على طاقات وإمكانيات كبيرة للتقدم. من الذي ينبغي أن يفعل هذا؟ أنتم الشباب، فهذا على عاتقكم، فأعدوا أنفسكم للتقدم بالحرس الثوري، ولكي يمكنكم التقدّم بهذا المكون من مكونات الاقتدار إلى الأمام.
1 ــ صمود الشعب بوجه أقوى البدان وأعتاها دليل اقتداره
يقول لنا البعض: «يا سيدي، إنكم تبالغون في توصيف اقتدار الشعب الإيراني وشرحه». وأقول في الجواب: إننا لا نبالغ بل نذكر الواقع. وأكبر دليل على اقتدار الشعب الإيراني وقوته أنَّ واحدة من أكثر قوى العالم سفكاً للدماء وأكثرها قسوة وخساسة ـ أي أميركا ـ تعمل منذ أربعين عاماً ضدَّ الشعب الإيراني وتمارس عراقيلها وشرورها ولم تستطع الإضرار بهذا الشعب ولم تستطع ارتكاب أيَّ حماقة. وقد سار الشعب الإيراني في طريقه وتقدَّم إلى الأمام وازداد قوة. هذا دليل على قوة الشعب الإيراني. ولو لم يكن الشعب الإيراني ونظام الجمهورية الإسلامية قويين مقتدرين، لكان عُشر مساعي الأعداء كافياً للانتصار على هذا الشعب وسلبه نظامه المحبوب. وقد وقف النظام بوجه هؤلاء وازداد قوة يوماً بعد يوم.
2 ــ هزيمة القوى الداخلية المعادية للثورة دليل آخر
ولم يكن أولئك وحدهم. كذلك كان الأمر في داخل البلاد أيضاً. وأقولها لكم: ظهرت منذ اليوم الأول للثورة ثلاثة تيارات معارضة للثورة الإسلامية ولحركة إمامنا الخميني الجليل: أحد هذه التيارات كان التيار المسمى بالتيار الليبرالي الميَّال للغرب وأميركا والمحبّ لأميركا والغرب. التيار الآخر كان تيار الشيوعيين الذين كانوا يحملون السلاح والذين لم يكن يردعهم رادع ولم يكونوا يتورعون عن أي شيء. وأحد هذه التيارات كان المنافقون ذوو الظاهر الإسلامي وباطنهم الخبث والكفر وانعدام الهوية والذين كانوا على استعداد للذهاب والوقوف تحت لواء صدام سيئ الصيت ليستفيدوا منه. كانت هذه ثلاثة تيارات أساسية في هذا البلد. وقد هُزمت كلُّ من هذه التيارات الثلاثة على يد الثورة الإسلامية، وراحت الآن تتملق للقوى [العالمية] وتقدِّم خدمات تجسسية واستخباراتية لحكومات مثل فرنسا وبريطانيا وأميركا وما شاكل، وانضوت تحت رايتها لتستفيد منها. وأحد التيارات [المعارضة للثورة الإسلامية] طبعاً هو تيار التحجُّر والرجعية الداخلية والذي كان يقف هو الآخر بوجه الثورة ومسيرتها بشكلٍ آخر ويخلق المتاعب. وهؤلاء طبعاً ليسوا جديرين بالذكر والاهتمام كثيراً، وقد تجاوزهم الشعب، تجاوز تيار الرجعية والتحجُّر والتشدق الديني. استطاعت الجمهورية الإسلامية بمساعدة الشعب، وبإبداعات شباب هذا الشعب وقدراته، فرض التراجع على أولئك الأعداء الخارجيين وهؤلاء الأعداء الداخليين، بحيث لم يستطيعوا الإضرار بالجمهورية الإسلامية ولم يستطيعوا الحؤول دون تقدُّمها أيضاً.
أعزائي، شبابي: إنكم اليوم أمام جمهورية إسلامية تختلف عن اليوم الذي ولدتم فيه في هذه الجمهورية كالاختلاف فيما بين السماء والأرض. فالحراك والإمكانيات والقدرات والتجارب والأداء، كلُّ ذلك شهد تقدماً ورقياً بدرجات وأضعاف كبيرة، وسوف تتقدم المعنوية أيضاً بين شبابنا إن شاء الله على النحو نفسه، ولا شكَّ أنَّ هذه المعنوية موجودة لدى فئة مهمة وجديرة بالملاحظة.
3 ــ احتياج أميركا للتحالف مع دول المنطقة دليل ثالث
وأحد الأدلة على قوة الجمهورية الإسلامية هذه التحالفات التي تقيمها أميركا في المنطقة. لو كانت أميركا قادرة على القيام بما تريده مقابل الجمهورية الإسلامية لما احتاجت إلى هذه البلدان المخزية وسيئة السمعة والرجعية في المنطقة لتشكيل تحالف معها، وطلب مساعدتها لإيجاد اضطرابات وتوترات وزعزعة للأمن [داخل الجمهورية الإسلامية]. هذا دليل على قوة الجمهورية الإسلامية. وبالطبع فإنَّ عداواتهم وعداوات أميركا ازدادت يوماً بعد يوم، وكذلك ازدادت كراهية الشعب الإيراني لأميركا يوماً بعد يوم.
العدو يحاول اليوم قهر شعبنا بفصله عن النظام
وأقولها لكم إنَّ خطة العدو اليوم بعد يأسه من كلِّ أعماله الأخرى هي خلق هوَّة بين نظام الجمهورية الإسلامية والشعب الإيراني العزيز. هذه هي حماقتهم. لا يعلمون أنَّ نظام الجمهورية الإسلامية ليس شيئاً سوى الشعب الإيراني. وهذان [شيئان] لا يمكن الفصل بينهما. ليس النظام الإسلامي نظاماً بيروقراطياً جالساً في القصور ومنفصلاً عن الشعب. إنه نظام متكوّن من الشعب نفسه ومعتمد على أبناء الشعب وعلى إيمان الشعب وعلى محبة الشعب وعواطفه. هذا هو النظام الإسلامي. فكيف يريدون فصل هذا النظام عن الشعب؟ طبعاً كان هناك ستة رؤساء أميركيين قبل هذا الشخص (6) حاولوا هذا الشيء أيضاً، وخرجوا كلهم من الساحة ولم يستطيعوا تحقيق هدفهم الشيطاني هذا. وضغوطهم الاقتصادية هذه – التي غالباً ما يمارسونها على الشعب - هدفها أنّه، لربّما يستطيعون [من خلالها] إنفاد صبر الناس وإتعابهم. وإننا بحول الله وقوته سنزيد ونقوّي ارتباطنا بالشعب يوماً بعد يوم. إننا نحافظ على انسجامنا المحطم للعدو. إننا نقوي الشباب المؤمن المتحفز والمقدام كل يوم أكثر من الماضي بحول الله وقوته.
• العدو يعادي عزة شعبنا وتقدمه
ليعلم الجيل الشاب الغيور المتحفز في البلاد أنَّ العدو يعادي استقلاله ويعادي عزته ويعادي تقدمه ويعادي تواجده في ساحات العلم والسياسة. عدو الشعب الإيراني يعني عدو عزة الشعب واستقلاله وتقدمه ورقيه. لن يترك العدو ممارساته الإيذائية مهما أمكن، ولكن يجب التيقن من أنه لن يحصل على نتيجة من إيذائه هذا، شرط أن يواصل الشعب الإيراني هذا الدرب الذي عرفه بتوفيق الله وهدايته باقتدار وعزيمة. وهو درب الصمود والصبر والتقوى المصحوبة بالوعي والتدبير والانسجام الوطني.
لن نستسلم للعدو
البعض يصفون وصفات أخرى ويقولون استسلموا حتى لا يمارس العدو إيذاءه ضدنا. هؤلاء لا يعلمون أنَّ تكلفة الاستسلام أكبر بكثير من تكلفة المقاومة والثبات. نعم، قد تكون للصمود تكلفة، لكنَّ له نتائج كبيرة جداً ذات أهمّيّة بالنسبة للشعوب تفوق مئات المرات تلك التكلفة. بينما الاستسلام مقابل العدو المعاند والوقح والخبيث فلن يكون له من أثر سوى الانسحاق والذلة وانعدام الهوية. هذا ما يجب على الجميع معرفته. هذه سنّة إلهيّة لا تقبل الخلف حيث قال تعالى: «فَلا تَهِنوا وَتَدعوا إلى السَّلمِ وَأنتُمُ الأعلَونَ وَاللهُ مَعَكم وَلَن يتِرَكم أعمالَكم» (7). لا تتراخوا ولا تدعوا إلى الاستسلام مقابل العدو. فقد جعلكم الله تعالى عالين متفوقين «وَلَن يتِرَكم» أي «لَن يُنقُصَكم». الله تعالى لن يترككم ولن يقصِّر معكم مقابل الجهاد الذي قمتم به وسوف يوفيكم أجر هذا الجهاد بشكل كامل.
حاذروا الغفلة والتهاون والكسل تجهضوا كيد أعدائكم
ونقطة أخرى أقولها في خاتمة كلامي. ذكرنا إجمالاً ما يجب أن نعلمه عن العدو، أمّا بالنسبة لنا فعلينا أن نراقب أعمالنا أيضاً: جميعنا، من الصغير إلى الكبير، من الشاب إلى الشيخ، من الأفراد العاديين إلى المسؤولين. وخاصّة المسؤولين يجب أن يحذروا من الغفلة والتهاون والكسل والنزعة الارستقراطية والتكبر على أبناء الشعب والاعتماد على موقع المسؤوليّة الذي لن يستمر إلا لأيام قلائل. وإذا ما حدث هذا، فإنَّ الله تعالى سوف يمنُّ عليكم أيّها الشعب الايراني بالتوفيق في قادم الأيّام أيضاً، كما فعل إلى اليوم. ولن يكون بعيداً إن شاء الله اليوم الذي يستطيع فيه الشعب الإيراني أن يكون في الموقع الذي لا يتجرأ معه الأعداء حتى بأن يفكروا في مخيلاتهم بالهجوم العسكري والاقتصادي والأمني والسياسي. وسوف تشهدون أنتم الشباب الأعزاء إن شاء الله ذلك اليوم بتوفيق من الله. والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1- في بداية هذه المراسم التي أقيمت في جامعة الإمام الحسين (ع) العسكرية، تحدَّث كل من اللواء محمّد علي جعفري (القائد العام لحرس الثورة الإسلامية) والعميد علي فضلي قائد جامعة الإمام الحسين (عليه السلام).
2- سورة آل عمران، شطر من الآية 118.
3- سورة التوبة، شطر من الآية 50.
4- سورة آل عمران، شطر من الآية 120.
5- سورة آل عمران، شطر من الآية 120.
6- الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
7- سورة محمد، الآية 35.
قاعدة تجسس متقدّمة.. لماذا تبني أمريكا أكبر قنصلية لها في العالم في أربيل؟
في الوقت الذي قرّرت فيه أمريكا بناء أكبر قنصلية لها في العالم بمدينة أربيل في كردستان العراق، ردّ سياسي كردي عراقي على القرار الأمريكي بأن أمريكا لم تكن فقط السبب في عدم استقرار العراق والمنطقة، بل هي أيضاً السبب الرئيسي للمشكلات والأزمات التي اُبتليت بها دول المنطقة.
وقال محمد بازياني الأمين العام لحركة الإصلاح والتنمية الكردستانية العراقية في تصريحات صحفية فيما يخصّ بناء أكبر قنصلية في العالم من قبل أمريكا في أربيل: "في الواقع إن أمريكا لم تتجاهل أو تنسى بعد خطة بايدن لتقسيم العراق إلى ثلاثة أقاليم فدرالية، وقد أشرت مراراً وتكراراً في العديد من المؤتمرات إلى أنّ واشنطن لا تزال تبحث عن هذا الأمر، ويأتي تخطيطها الآن لبناء أكبر قنصلية في أربيل في هذا السياق، ومن جهةٍ أخرى فإنّ بناء هذه القنصلية يشير إلى أن أمريكا أعدّت خططاً للعراق والشرق الأوسط وإنها ستنطلق من إقليم كردستان العراق لتنفيذ خططها تلك في المستقبل".
وأضاف: "هذه حقيقة أن لدى أمريكا استراتيجية خاصة لدول المنطقة، وقد رتّبت أوراقها ومصالحها الخاصة في هذه الاستراتيجية، وتسعى واشنطن وبأي ثمن لتنفيذ هذه الاستراتيجية".
ونوّه بازياني إلى أن الطريقة التي سيتفاعل بها المناخ الكردستاني العراقي في الاستراتيجية الأمريكية الجديدة قضية مهمة، فيجب ألّا تصبح كردستان رأس حربة ضد الدول الأخرى، وهنا يتعيّن على السياسيين العراقيين الأكراد أن يكونوا يقظين في هذا الصدد".
وأشار الأمين العام لحركة الإصلاح والتنمية الكردية إلى أن الخطوة الأمريكية الجديدة تُظهر أن واشنطن لديها خططها الخاصة لمواصلة وجودها في المنطقة وذلك لمواصلة نهب المنطقة وجني خيراتها سعياً لتحقيق مصالحها.
وفي إشارته إلى احتلال أمريكا للعراق أكد السياسي الكردي العراقي أن أمريكا التي تعتبر نفسها سبب سقوط حكم الطاغية صدام حسين، صرّحت مراراً وتكراراً بأنها تكبدت الكثير من التكاليف المادية والبشرية في سبيل احتلال العراق، وعلى الرغم من ذلك فإنّ إحكام سيطرتها على العراق لن تكون سهلة أو قريبة المنال، ويأتي اليوم بناء قنصليتهم في أربيل لتكون مركزاً مهمّاً ومتقدماً لهم، كما ستكون هذه القنصلية مسؤولة عن إدارة سياسات واشنطن في العراق والمنطقة بشكل كامل في المستقبل.
وذهب بازياني إلى أن أمريكا لم تكن فقط عاملاً لعدم استقرار وسلام العراق والمنطقة وحسب، ولكن أيضاً كانت سبباً رئيسياً في المشكلات والأزمات التي انتشرت في بلدان المنطقة، ويمكن النظر إلى الوضع العراقي منذ عام 2003 وهو ما يُشكّل دليلاً واضحاً على طبيعة السياسيات الأمريكية وطرق معالجتها للقضايا".
وعن دوافع قبول حكومة كردستان العراق بناء هذه القنصلية يقول بازياني: "الحقيقة هي أن الحكومة الإقليمية الكردية في كردستان العراق لا تثق بالحكومة المركزية في بغداد هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى فإن الدول الإقليمية لم تتمكن من حل مشكلات حكومة أربيل مع بغداد، ومن المتوقع أن تتزايد تلك المشكلات مع مرور الوقت لذلك تريد حكومة الإقليم العثور على مدافع عنها يمكن الاعتماد عليه في المستقبل فوجدت واشنطن الفرصة مواتية لها لبناء هذه القنصلية في أربيل".
وشدد بازياني على أنّ أمريكا ليست صديقة أو مدافعة عن أي دولة أو جماعة كما أنها لا تسعى سوى لتحقيق المصالح التي رسمتها لنفسها، وما مصير شاه إيران السابق، أو الطاغية صدام حسين أو حتى الرئيس المصري السابق محمد حسني مبارك إلّا مثال على تخلي أمريكا عن حلفائها.
وتابع بازياني: "إن المنطقة الكبيرة التي قررت أمريكا بناء قنصليتها عليها يمكن أن تشمل كل ما تريده واشنطن، وهنا يمكن مشاهدة أنّ العلاقات الأمريكية التركية قد خضعت لعدد من التغييرات على مدى السنوات الماضية، حيث رفضت أنقرة مراراً الاستجابة للطلبات الأمريكية لاستخدام قاعدة إنجرليك الجوية، ويمكن أن تكون الرغبة الأمريكية لبناء هذه القنصلية الكبيرة ردّاً على الرفض التركي، وعلى كل الأحوال فإنّ آثار هذه القنصلية ستكون أكثر وضوحاً في المستقبل.
وختم بازياني حديثه بأنّ الوضع السياسي الغامض نسبياً في العراق يعود في جزءٍ كبير منه إلى أن الانتخابات البرلمانية العراقية وحتى الآن لم يُحسم أمرها، ومن جهةٍ أخرى فإنّ معضلة تشكيل الحكومة العراقية الجديدة لاتزال يكتنفها هي الأخرى حالة من الغموض، ومن غير الواضح أيُّ مستقبلٍ سيكون في انتظار العراقيين، وبناءً على ما سبق فإن رغبة الساسة الكرد قد تكون بطريقة أو بأخرى نوعاً من استقراء المستقبل.
ولايتي: مستعدون لسحب المستشارين العسكريين من سوريا والعراق إذا طلبت دمشق وبغداد ذلك
أكد علي أكبر ولايتي، مستشار قائد الثورة الإسلامية الإيرانية استعداد بلاده لسحب قواتها من سوريا والعراق إذا طلبت دمشق وبغداد ذلك مشدداً على أن الوجود العسكري الإيراني في البلدين يقتصر على الدور الاستشاري.
وأضاف ولايتي: إن الذين يقولون إن روسيا تريد من إيران الخروج من سوريا هدفهم ضرب الوحدة القائمة بين موسكو وطهران.
وأوضح المسؤول الإيراني، أنه إذا خرجت إيران وروسيا الآن من سوريا، فإن الإرهاب سيعود للسيطرة من جديد.
وتأتي تصريحات ولايتي بعد يوم من زيارة قام بها إلى موسكو، ونقل خلالها رسالة من قائد الثورة الإسلامية الإيرانية السيد علي خامنئي إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وأكد ولايتي بعد اللقاء أن بوتين أبدى استعداد بلاده للاستثمار في إيران بمبلغ خمسين مليار دولار في قطاعي النفط والغاز فضلاً عن رفضه العقوبات الأمريكية المفروضة على طهران وأوضح ولايتي "كرر بوتين رفض روسيا لقرار أمريكا فرض عقوبات على إيران.. وقال إن روسيا ستقف مع إيران وستدافع عن حقوق طهران.