Super User

Super User

السبت, 14 تموز/يوليو 2018 04:50

المسؤول عن عودة الإرهاب إلى تونس

القبول بالضغوطات الأجنبية لاستعادة موجات من الإرهابيين العائدين من معسكرات العدوان الإرهابي تلفّه ضبابية متواصلة حول الإجراءات الأمنية الاستباقية والإجراءات القانونية وتكتنفه مقاربات معالجة هذا الملف داخل وخارج السجون والعلاقات الديبلوماسية والاستخبارية الثنائية ومتعددة الأطراف مع الدول الشقيقة المتضررة والارتهان لسياسة خارجية تابعة تزيد وفي واقع عدم وضوح رؤية ائتلاف الحكم والتعتيم على سير التعاطي مع كل هذه الملفات وعدم اطلاع التونسيين على أهمها.

التراخي وترك الفراغات تحثّ على التحذير من مغبة تخطيط العصابات الارهابية لحشد الخلايا والعودة الإستراتيجية إلى العمليات الموضعية أو متعددة المسارح من مدخل العائدين من بؤر العدوان الإرهابي على سوريا وليبيا ومن منطلق استغلال لحظة احتياجات الساحة التونسية إلى مخرج سياسي للأزمة المستفحلة متعددة الأبعاد.

الكيانات الإرهابية ورعاتها المحليين والاقليميين والدوليين لا تجد مثل  كيان العدو الإسرائيلي ما يصرف على طاولات الهزيمة الدولية في المدة المقبلة. وربما لا قضاء على الإرهاب دون معادلة تكون فيها المقاومة الشعبية (وإن انحصرت في جانب الدعم المعنوي ولفظ العصابات الإرهابية ومن يتعامل معها) جزءا أساسيا ويكون فيها النظام الحاكم نظاما وطنيا. فمن غير المنطقي أبدا أن تعمل وزارة الداخلية بوزير بالنيابة على رأسها في مثل هذا الظرف بعد الصراعات على المواقع والفراغات الأمنية والاقالات الواسعة والسريعة والغامضة. بل لعلّها فضيحة في حد ذاتها وجريمة في حد ذاتها (بصرف النظر عن حقيقة التفاصيل). وارتباطا ترِد الأسئلة التالية:

- إن ترصد تلك الطريق وصعوباتها وفي ذلك التوقيت القريب من انتهاء السوق الأسبوعية، مريب.

- إن حدوث الجريمة وقت التناوب (كما أوردت صحيفة الخبر الجزائرية) يطرح مشكلاً أيضاً.

- أن يكون الشهيد رئيس فرقة الحرس الوطني بالمركز الحدودي المتقدّم بالصريّة في أول يوم يباشر فيه العمل يطرح أسئلة كذلك

- إن بقاء الإرهاب كل هذه السنوات في تلك المناطق بالذات يثير قلقا استثنائيا

-  يعتبر نجاحه في كل عملية في تلك المناطق (3 عمليات إرهابية سنة 2014 مثلاً)  مصورة  لأسئلة كبرى

وانطلاقاًَ من كل ما سبق ونظراً للحساسية المضاعفة لعملية غار الدماء الإرهابية والتي عكست حالة من الوقوع في كماشة فراغ الحلقة والانتقال من الفوضى إلى العبث، والاستنتاج المنطقي :

1 ــ المس من كبرياء ومن كرامة التونسيين والجزائريين على حد السواء

2 ــ ىتلويث سمعة الفقراء والمناطق المعزولة والحدودية أكثر من غيرهم (المناطق التي يريدها الاستعمار ضعيفة ومحرومة وهشة وذريعة استنزاف وحزاما إرهابيا احتياطيا كاسرا لوحدة الشعوب والدول ولتمرير سياساته غصبا وتبريرها بالإرهاب وتبرير نظريته في الوصاية والحماية والانتداب وصناعة الإرهاب والتفقير والمرتزقة والعملاء بالفقر والدكتاتورية)

3 ــ  قضم حياة الشباب حديثي العهد بمباشرة المهام والمنفيين إلى المناطق البعيدة والوعرة والمعتزلة  ممن لا جاه ولا وجاهة لهم

4 ــ احتكار عامل التأثير الارهابي لإسقاط حكومات وتصعيد حكومات أخرى لا دخل للشعب فيها وتحول دونه ودون الدفاع عن حقوقه والوصول إلى أهدافه

5 ــ فرض معادلات معينة على الشعب المعدم والمنهوب والمهدور دمه؛ معادلات اقتصادية ومالية وانتخابية يكون العامل الإرهابي قد مهد لها بكل وظائفه وحدد نتائجها

6 ــ إدامة حكم التوجيه الخارجي والإدارة المحلية لمصالح الاستعمار على جميع الصعد داخلياً وخارجياً.

صلاح الداودي

اعلن رئيس منظمة الحج والزيارة، حميد محمدي" بانه تم لحد الآن اصدار 18 الف تأشيرة دخول للحجاج والمعنيين بشؤون قوافل الحج الايرانية.

وقال محمدي في تصريح أمس الخميس، ضمن اشارته الى عملية اصدار تأشيرات الدخول للحجاج الايرانيين: تم خلال الاسابيع الماضية انجاز عملية تسجيل معلومات الحجاج الايرانيين في منظومة "مسار" السعودية وكذلك تآييد هذه المعلومات.

واضاف رئيس منظمة الحج والزيارة: انه تم لغاية الآن اصدار 18 تأشيرة دخول الكترونية وسيتم اصدار باقي التأشيرات خلال الايام القادمة تدريجيا.

يذكر ان اكثر 85 ألف حاج ايراني سيؤدون فريضة الحج خلال العام الجار ي والتي تنطلق رحلاتها يوم 18 تموز / يوليو الجاري.

السبت, 14 تموز/يوليو 2018 04:42

بسط لآية الصراط في سورة الفاتحة

إشارات:
· يطرح القرآن الكريم وجهين من الهداية:
- الهداية التكوينية، نظير هداية النحل وغريزته في إمتصاص رحيق الأزهار، وفي صنع القرص الشمعي، أو هداية الطيور في هجرتها في رحلتي الصيف والشتاء، ويبيّن القرآن الكريم هذا النوع من الهداية في قوله تعالى ﴿قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى[1].
- الهداية التشريعية، والمتمثّلة في إرسال الرسل والأنبياء والكتب السماوية لهداية البشر.

· ذكرت كلمة "الصراط"[2] في القرآن الكريم ما يزيد عن أربعين مرة. إن اختيار النهج الفكري دلالة على شخصية الإنسان ووعيه.

· ثمّة طرق عدّة غير إلهية أمام الإنسان عليه اختيار أحدهما:
- طريق طلباته ورغباته.
- طريق توقّعات الناس وأهوائهم.
- طريق وساوس الشيطان.
- طريق الطواغيت.
- طريق الأجداد والماضين.
- طريق الله وأوليائه.

 أما الإنسان المؤمن فيختار طريق الله وأوليائه، لما يتميّز به على الطرق الأخرى، ومن جملة هذه المزايا:
1-  إنّ الطريق الإلهيّ طريق راسخ وثابت، على العكس من طرق الطواغيت وأهواء الناس والأهواء الشخصية التي تتغيّر في كل يوم.
2-  إنّ الصراط المستقيم واحد، والطرق الأخرى متعددة ومتفرقة.
3-  إنّ السير في هذا الطريق يوصل الإنسان إلى هدفه المنشود.
4-  لا خسران أو فشل في هذا الطريق.

· فالصراط المستقيم، هو طريق الله ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ [3].
· الصراط المستقيم طريق الأنبياء، ﴿إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ[4].
· الصراط المستقيم، طريق العبودية لله، ﴿عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ[5]
· الصراط المستقيم، طريق التوكل على الله، ﴿وَمَن يَعْتَصِم بِاللّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ[6].
· الصراط المستقيم، طريق التوحيد والإستعانة بالله وحده[7].
· الصراط المستقيم هو كتاب الله[8].
· الصراط المستقيم، طريق الفطرة السليمة[9].
 
- ينبغي للإنسان أن يستعين بالله، في إختياره الصراط المستقيم وفي الثبات عليه، مثل المصباح الكهربائي فإن إنارته تتطلب تزويده في كل لحظة بطاقة كهربائية من المولّد، ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ.

- كل مسلم يدعو الله في كل صلاة أن يهديه الصراط المستقيم، حتى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الأطهار عليهم السلام يدعون الله أن يثبّت خطاهم على الصراط ذاك.

- يجب على الإنسان أن يدعو الله ليهديه إلى الصراط المستقيم في أي أمرٍ كان، سواء في اختيار العمل، أو الصديق، أو الفرع الدراسي أو الزوجة...، إذ، ربّما كانت معتقدات الإنسان سليمة لا غبار عليها، لكنه عند التطبيق يتعرّض لمزالق أو منحدرات، أو العكس. إذن، فطلب الصراط المستقيم من الله في كل لحظة أمر ضروري.

- للصراط مراتب ومراحل، لذلك حتى أولئك الذين يسيرون في طريق الحقّ، مثل أولياء الله، ينبغي لهم أن يدعوا الله أن يثبّتهم على طريق الحقّ، وأنيزيدهم من نور الهداية، ﴿وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى[10].

- الصراط المستقيم هو الطريق الوسطى التى أوصى بها الإمام علي عليه السلام في قوله: "اليمين والشمال مضلّة والطريق الوسطى هي الجادّة"[11].

- الصراط المستقيم هو الإعتدال والوسطية والإحتراز من أي إفراط أو تفريط، إن في العقيدة أو في العمل. فهذا يخرج عن الجادة بتطرّفه عقائدياً، وذاك في العمل والأخلاق، وهذا ينسب جميع الأعمال إلى الله، لدرجة أنّه يسلب الإنسان كلّ دور واختيار في تقرير مصيره، وآخر يرى نفسه الفعّال لما يشاء، من دون أي رقابة أو حساب من الله، واحد يعتقد بأن رسل السماء كالناس العاديين وأحياناً سحرة أو مجانين، والثاني يرفعهم إلى منزلة الله. هذا يرى أن زيارة الأئمة والمعصومين والشهداء بدعة، والآخر يُفرط في تقديس وإحترام كلّ حجر وشجر، ويتّخذها قبلة يتوسّل بها، وهذا يرى أن الإقتصاد هو القاعدة والأساس، والثاني يزهد في شؤون الدنيا ويطوي عنها كشحاً، بعضهم يُبدي غيرة مفرطة في حياته، والآخر يطلق العنان لزوجته لتسرح وتمرح في الأسواق والطرقات سافرة دونما رقيب أو حجاب يسترها، هذا يفرط في البخل، والثاني يبسط يده كلّ البسط فيسرف ويبذّر بلا حساب، هذا يعتزل الخلائق، وذاك يفرّط في الحقّ من أجل الخلق... إلخ.

هذه السلوكيات والأعمال إنحراف عن صراط الهداية المستقيم. لقد جعل الله دينه القويم هو الصّراط المستقيم[12]، إذ ورد عن الأئمة المعصومين عليهم السلام في الروايات: "نحن الصراط المستقيم"[13]، بمعنى، أنّهم التجسيد العملي والموضوعي للصراط المستقيم، والأسوة الكاملة للسير في طريق رُسُل السماء، لقد أوصى أولئك العظام شيعتهم بالإعتدال والوسطية في جميع شؤون الحياة، في العمل، والترفيه، والدرس، والمأكل، والإنتقاد والغضب والصلح وحب الأبناء... إلخ[14]. والمثير للعجب أن إبليس يكمن لنا في هذا الصراط المستقيم[15].

-لقد وردت في القرآن والروايات أمثلة عدة على توخّي جانب الإعتدال، وتنهى عن الإفراط والتفريط، لنتأمل هذه الأمثلة:
* ﴿وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ [16].
* ﴿وَلاَ تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلاَ تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ[17]
* ﴿وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامً[18]
*﴿وَلاَ تَجْهَرْ بِصَلاَتِكَ وَلاَ تُخَافِتْ بِهَا وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيل[19]
* كن براً بوالديك، ﴿وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَان[20]، ولكن إذا أرادا حرفك عن سبيل الله، فلا تطعهما، ﴿وَإِن جَاهَدَاكَ عَلى أَن تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَ[21].
* النبي يحمل رسالة عامة، ﴿وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّ[22]، وفي ذات الوقت، يدعو أسرته، ﴿ وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ[23].
* لقد أمر الإسلام بالصلاة وهي المرقى الذي يصل العبد بالخالق، ﴿وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ، وأوصى أيضاً بأداء الزكاة، وهي جسر بين العبد والناس، ﴿وَآتُواْ الزَّكَاةَ[24].
* لا نتأثر بالمحبّة فنزيغ عن شهادة الحق، ﴿شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ[25] ولا نَقعدْ للعداوات فننحرف عن جادة العدل والصواب، ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ[26].
* للمؤمن طرد، ﴿أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ وجذب ﴿رُحَمَاء بَيْنَهُمْ[27].
* فهو يحتاج للإيمان القلبي، ﴿آمَنُو ليعضده بالعمل الصالح ﴿وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ[28].
* يحتاج إلى الدموع والدعاء وطلب النصرة من الله، ﴿رَبَّنَا أَفْرِغْ عَلَيْنَا صَبْرً[29]، ويحتاج إلى المصابرة والثبات في الشدائد، ﴿عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُواْ مِئَتَيْنِ[30]. كان الإمام الحسين عليه السلام يذرف الدموع ويبتهل إلى الله في جوف الليل، وفي الوقت نفسه، كان يحدّ سيفه لمحاربة الأعداء.
* في يوم عرفة غداة عيد الأضحى يبتهل الحاج إلى الله تعالى، وفي صبيحة العيد يشهد ذبح الأضحية.
* يبيح الإسلام الملكية الخاصة: "الناس مسلطون على أموالهم"[31] لكنه يمنع الإضرار بالآخرين، ويحدّ منه: "لا ضرر ولا ضرار"[32].

ليس الإسلام ديناً أحادياً ليهتمّ بجانب ويترك جوانب أخر، بل ديدنه الاعتدال في كل أمر، والحثّ على الوسطية والصّراط المستقيم.
 
التعاليم:
1-  كل الوجود يتحرّك في طريق مشيئة الله وإرادته. أللهمّ! اهدنا إلى ما تحبّ وترضى، ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ.
2-  طلب الهداية إلى الصراط المستقيم، أهمّ مطلب للموحدين، ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ...﴾﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ.
3-  من أجل السير على الصراط المستقيم، يجب أن ندعو بدعوة، ﴿اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ.
4-  نبدأ بالحمد، ثم بالإستعانة فالدعاء، ﴿الْحَمْدُ للّهِ... اهدِنَ.
5-  أفضل أنواع الإستعانة بالله، طلب الهداية إلى الصراط المستقيم، ﴿وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ... اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ.
 
الشيخ محسن قراءتي - بتصرّف

[1] - سورة طه الآية 50.
[2] - "الصراط" جسر في يوم القيامة على جهنّم، يعبر جميع الناس عليه.
[3] - سورة هود الآية 56.
[4] - سورة يس الآيتان 3-4.
[5] - سورة يس الآية 61.
[6] - سورة آل عمران الآية 101.
[7] - نظراً إلى أن الألف واللام في {الصِّرَاطَ} تشير إلى طريق التوحيد نفسه في الآية السابقة.
[8] - طبقاً لرواية في تفسير مجمع البيان ج 1، ص 58.
[9] - طبقاً لرواية عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير الصافي، ج 1، ص 86.
[10] - قائل عبارة { الْحَمْدُ للّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ *} ... طوى مراحل من الهداية لذلك فإن طلبه هو لمراحل هداية أرقى.
[11] - بحار الأنوار ، ج87، ص 3.
[12] - { قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} سورة الأنعام الآية 161.
[13] - تفسير نور الثقلين، ج 1، ص 20.
[14] - انظر: أصول الكافي، باب الإقتصاد في العبادات.
[15] - لقد أقسم الشيطان لله بقوله: { لأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ}، سورة الأعراف الآية 16.
[16] سورة الأعراف الآية 31.
[17] - سورة الأعراف الآية 16.
[18] - سورة الفرقان الآية 67.
[19] - سورة الإسراء الآية 110.
[20] - سورة البقرة الآية 83.
[21] - سورة لقمان الآية 15.
[22] - سورة مريم الآية 51.
[23] - سورة مريم الآية 55.
[24] - سورة البقرة الآية 43.
[25] - سورة النساء الآية 135.
[26] - سورة المائدة الآية 8.
[27] - سورة الفتح الآية 29.
[28] - سورة البقرة الآية 25.
[29] - سورة البقرة الآية 250.
[30] - سورة الأنفال الآية 65.
[31] - بحار الأنوار، ج 2، ص 272.
[32] - الكافي، ج 5 ،ص 28.

وصل رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، إلى محافظة البصرة التي تشهد احتجاجات منذ أيام، قادما من بروكسل بعد مشاركته في اجتماع التحالف الدولي ضد تنظيم "داعش" الإرهابي.

وأكد رئيس الوزراء حيدر العبادي أن المواطن البصري لن يعرّض أمن محافظته للخط، معتبراً إياه "احرص" عليها من غيره، فيما أشار إلى وجود "عناصر مندسة" تريد الإساءة للمتظاهرين والقوات الأمنية، وأضاف العبادي، إن "هناك عناصر مندسة تريد الإساءة للتظاهر السلمي والقوات الأمنية"، لافتاً إلى أن "الحكومة حريصة على توفير الخدمات في البصرة بشكل سريع".

بدوره أصدر رئيس الجمهورية العراقية فؤاد معصوم، الخميس، بياناً بشأن التظاهرات الأخيرة في البصرة، فيما طالب بتغليب الهدوء والالتزام بالقانون وضبط النفس وعدم إلحاق الضرر بالممتلكات الحكومية ومقرات الشركات النفطية، داعياً الحكومة المحلية في المحافظة والحكومة الاتحادية للعمل الجاد والفوري للاستجابة لمطالب المتظاهرين المشروعة.

وقال معصوم في بيان "شهدت عدد من مناطق محافظة البصرة خروج تظاهرات وتجمعات احتجاجية لمواطنين معظمهم من العاطلين عن العمل وذوي الدخل الضعيف مطالبين بإيجاد فرص عمل لهم وتوفير الخدمات كما يدعون إلى تحسين شروط حياتهم الاقتصادية والخدمية فضلاً عن رفضهم مظاهر الفساد والإحباط في مختلف المجالات، وقد تطورت تلك الاحتجاجات لتشهد في وقت لاحق قيام متظاهرين معدودين باقتحام مقرات لمؤسسات نفطية في حقل القرنة وإلحاق أضرار في مبانٍ وممتلكات تعود لدوائر حكومية ومكاتب لشركات نفطية أجنبية، ما أسفر عن مواجهات أدّت إلى سقوط جرحى وإصابات بين المواطنين العزل".

ورحّب معصوم، بـ "اتخاذ الحكومة الاتحادية جملة قرارات عاجلة لاحتواء هذه الأزمة وبتشكيلها لجنة وزارية لمتابعة الأوضاع في المحافظة، كما ندعم مباشرة وزارة النفط بتنفيذ إعلانها الالتزام بتوفير 10 آلاف درجة وظيفية على قطاع النفط لأبناء المحافظة في أسرع وقت، فإننا نجدد التأكيد دون كلل على الضرورة القصوى لحل كل المشكلات وإنهاء كل أشكال التوتر على أساس الدستور والقوانين السائدة"، مشدداً على "ضرورة عودة حياة المواطنين في محافظة البصرة إلى حالتها الطبيعية بشكل عاجل ودائم".

وخرجت في غضون الأيام الماضية العديد من التظاهرات في مناطق متفرقة من واسط والبصرة، وفي إحدى تلك التظاهرات بالبصرة قتل شاب وأصيب ثلاثة بجروح، ما أثار موجة من الغضب الشعبي في ظل تأكيد الحكومات المحلية أن التظاهرات لم تكن مسلحة، وفي محاولة لتهدئة الموقف أعلنت الحكومة التحقيق في الحادث.

براغماتية أردوغان تفتح الباب أمامه اليوم لإعاد بناء الدور التركي إقليمياً في تنافُسه مع إيران في العراق وسوريا وكردستان وفي دول الخليج (الفارسي)  ودول الطوق وفلسطين.وفي الوقت الذي تحكم فيه العداوة علاقة إيران بإسرائيل وبحلفائها شششالمقبلين، تحكم المنافسة البرغماتية محدّدات السياسة الخارجية التركية تجاه هذين الطرفين اللذين يبحث كل منهما عن إنهاء وجود الآخر.

بنظامٍ دستوري رئاسي تحظى فيه مؤسّسة الرئاسة بالهيمنة على عملية صناعة القرار السياسي، وفي وسط التجاذبات الإقتصادية بين الصين والولايات المتحدة وروسيا، يبدو أن الدور التركي الإقليمي التنافسي مع إيران  سيزداد في المنطقة.

تشهد المنطقة العربية ولازالت تصاعد أقطاب إقليمية  ( إيران، تركيا)، فبعد سنوات طويلة من التخفّي وراء دور الضحية في الهولوكوست، تخرج اليوم إسرائيل لتُعلن عن نفسها قطباً إقليمياً قوياً في المنطقة، يبحث عن أتباعه وعن مناطق نفوذه وعن خصومه وأعدائه.

لم تعد اليوم إسرائيل قادرة على إخفاء إقتصادها القوي في مجال التكنولوجيا والزراعة والمياه وفي تجارة الأسلحة، وفي الوقت الذي ارتكست فيه معدّلات التنمية في الدول العربية، ازداد توهّج الإقتصاد الإسرائيلي. تُقدِّم إسرائيل اليوم نفسها للعالم الغربي قوّة إقليمية ديمقراطية، ونموذجاً يجب أن يُحتذى ويُتّبع.

في مقابلِ هذا البحث عن مناطقِ النفوذ والتوسّع، ازداد ضمور الدور الإقليمي المصري، الذي أصبحت تُكبّله إرادة دول البترودولار، التي لم يزدها وجودها الإستراتيجي في قلب منابع الطاقة العالمية إلا ضعفاً وتبعيّة للدول العُظمى. إسرائيل تفرض سطوتها اليوم على تلك الدويلات التي أنشأتها بريطانيا بعد الاستعمار، وورثتها أميركا بعد الحرب العالمية الثانية، وتسترجع ميراثاً تقلّب بين الأيدي الغربية طيلة قرنٍ من الزمان.

المنطقة العربية تشهد اليوم تزايُد دور الأقطاب الإقليمية في زمنٍ لم يعد فيه الأميركيون قادرين على تحمّل تكاليف جثث جنودهم خارج العالم الجديد، لتنفتح الساحة لصراعات القوى الإقليمية المنافسة لإسرائيل: تركيا، إيران. تبحث إسرائيل عن اقتسام خارطة العالم العربي مع إيران مذهبياً، لأن ذلك سيؤدّي إلى حروبٍ أهليةٍ دائمةٍ يستطيع الكيان الصهيوني من خلالها تملّك المحور السنّي عسكرياً وإقتصادياً.

لا ترضى إسرائيل عن تقارُب حماس مع إيران، لأن هذه العلاقة تُهدِّد مخطّط التوازُنات الإقليمية الجديدة. ومن جهةِ أخرى تمثّل تركيا  مُنافِساً حقيقياً في استقطاب "المحور السنّي" الذي يتم صوغه اليوم بعد مرور مئة سنة على خريطة سايكس بيكو التي أكلتها أرضية الفِتَن العربية.

على صعيدٍ آخر تنفتح العلاقات التركية الإيرانية اليوم على واقعٍ جديدٍ عنوانه الأساس قوّة كاريزما أردوغان في قيادة المنطقة، وتوجّه تركيا نحو بناء حلفٍ جديدٍ مع روسيا التي أصبحت قُطباً مُنافِساً لأميركا بعد أن كانت عدواً لدوداً. تركيا اليوم تبحث عن ريادةٍ إقتصاديةٍ في عالمٍ تسوده حرب إقتصادية باردة لا هوادةَ فيها بين الصين والولايات المتحدة، والتي ستُحدّد نتائجها مصير النظام العالم الجديد في العشر سنوات المقبلة.

وبمقابل هذه الوضعية المريحة نسبياً لتركيا في علاقتها مع محوري الصراع في المنطقة، لا زالت ولاءات تركيا مع الأقطاب الدولية غير مُستقرّة تماماً، فدعم الولايات المتحدة يزداد منذ سنوات للكرد المعارضين، وللتيارات الإسلامية التركية المعارضة لأردوغان، كما أن دول تفضّل الحليف الإسرائيلي عن ذاك التركي الذي يدعم  مشروع حركة الإخوان المسلمين في العالم العربي.

من جهةٍ أخرى تعتمد بنية الإقتصاد التركي على نظامٍ نقدي عالمي وعلى إقتصادٍ خاضعٍ لرؤوس الأموال الأجنبية التي لا زالت الدولة غير قادرة على السيطرة عليها حتى الآن. ورغم أن النظام الرئاسي الجديد سيبحث جاهداً عن سياساتٍ إقتصاديةٍ صارِمةٍ يتمكّن من خلالها بناء إقتصاد وطني حقيقي، فإن طابع العولمة الذي يغزو العالم اليوم، قد يجعل من الصعب على تركيا الخروج من التبعيّة إذا لم تبحث عن تحالفاتٍ إقتصاديةٍ وإستراتيجيةٍ جديدة، قد تؤثّر على وجودها في حلف الناتو المتهالك.

يبحث أردوغان عن إحياء القوّة العثمانية وعن إعادة النظر في اتفاقيات سيفر ولوزان وغيرهما، يُشكّل إعلانًا جديداً عن عودة القوّة الإقليمية التركية في المنطقة، التي ستطرحها القضية الفلسطينية أمام أسئلة صعبة، قد لا يجد لها أردوغان جواباً شافياً في تاريخ سلاطين بني عثمان.

براغماتية أردوغان تفتح الباب أمامه اليوم لإعادة بناء الدور التركي إقليمياً في تنافُسه مع إيران في العراق وسوريا وكردستان وفي دول الخليج(الفارسي) ودول الطوق وفلسطين. وفي الوقت الذي تحكم فيه العداوة علاقة إيران بإسرائيل وبحلفائها المقبلين، تحكم المنافسة البرغماتية محدّدات السياسة الخارجية التركية تجاه هذين الطرفين اللذين يبحث كل منهما عن إنهاء وجود الآخر.

أحمد فال السباعي

نشرت الصحيفة الإسرائيلية "هأريتز" في 12 تموز/ يوليو 2010 بمناسبة الذكرى الرابعة للحرب المدمرة على لبنان دراسة جامعية مفصلة في هذا الموضوع للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية. هي بحث أكاديمي قام به ضابط رفيع في المخابرات الإسرائيلية تدعم مقولة أنّ حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله، هو أول زعيم عربي يتمتع بقدرة على التأثير بخطابه على الرأي العام الإسرائيلي منذ الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.

حزب الله هو صانعُ انتصارين عسكريين ضد إسرائيل، وأحد أكبر حركات التحرر في العالم الثالث هيبةً، مضاهياً بذلك جبهة التحرير الوطنية الفيتنامية وجبهة التحرير الوطنية الجزائرية وثورة الملتحين الكوبية. واللافت أن تجريم حزب الله من الخليج والجامعة العربية جاء باسم العروبة وهو الشعار الذي كانت السلالة الوهابية أول من أراد دفنه. 

السيد حسن نصر الله يزن كلماته وأقواله التي تساوي وزنها ذهباً، فتؤوّل في الحال على ألسنة كل المفسرين وفقهاء اللغة وعلماء المعاني واللسانيات؛ سواء كانوا أكاديميين أم دبلوماسيين أم باحثين استراتيجيين أم اختصاصيين في الحرب النفسية؛ سواء كانوا من الناطقين الأصليين بالعربية أم من المستشرقين الزائفين. فالفقاعة الإعلامية السياسية الغربية على وشك الاختناق من الغضب المكتوم، كما هي حال العرب المصفقين لها، أمام إثبات متطابق مع الواقع: السيد حسن نصرالله زعيم حزب الله، الحركة الشيعية اللبنانية الشبه عسكرية، هو رجل لا يكتفي بالكلام. فأفعاله تتطابق مع أقواله وأقواله مع أفعاله.

فما يقوله في خطاباته ليس تبجّحاً وتباهياً. ومصداقيته ليست كأثر حملة دعائية. فالوقائع موثّقة يؤكدها كبار الصحفيين الإسرائيليين العرب الذين حصل هذا المقال على اعترافاتهم بها.

نشرت الصحيفة الإسرائيلية "هأريتز" في 12 تموز/ يوليو 2010 بمناسبة الذكرى الرابعة للحرب المدمرة على لبنان دراسة جامعية مفصلة في هذا الموضوع للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية. هي بحث أكاديمي قام به ضابط رفيع في المخابرات الإسرائيلية تدعم مقولة أنّ حسن نصرالله، الأمين العام لحزب الله، هو أول زعيم عربي يتمتع بقدرة على التأثير بخطابه على الرأي العام الإسرائيلي منذ الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر.

يقول المقال "إن العقيد رونين ناقش هذه الأطروحة في جامعة حيفا مستنداً إلى تحليل لمضمون خطاب حسن نصرالله خلال الحرب الثانية على لبنان في عام 2006". يصف الضابط الإسرائيلي نصرالله على أنه "أول زعيم عربي استطاع تطوير قدرته على التأثير في الرأي العام الإسرائيلي منذ عبد الناصر" في الستينات. يكتب رونين، الذي كان وقتئذٍ في منصب ضابط المخابرات في الجيش الإسرائيلي، ما يلي "استعمل نصرالله لمواجهة التهديدات الإسرائيلية سلاحين: خطابه الذي توجه به لجمهوره وقاد به المعارك الدفاعية على الجبهة اللبنانية والصواريخ الموجهة ضد إسرائيل".

كانت خطابات نصرالله موضوع غالب الصحف الإسرائيلية كما أنها أثارت ردود أفعال شديدة لدى القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين. لقد أشار رونين إلى أنه "لو قامت إسرائيل بتحليل عقلاني لخطابات نصرالله خلال الحرب لكان أثر ذلك على قرارها". وذكر بأن نصرالله كان يؤكد أثناء الحرب "بأننا سنربح الحرب لو نجحنا في الدفاع". فالانتصار يعني بالنسبة له "الاستمرار في المقاومة وأن يبقى لبنان موحداً دون القبول بشروط مذلة".

كما أشار الضابط الإسرائيلي إلى أن "مقاومة حزب الله استمرت حتى اليوم الأخير ووحدة لبنان لم تمسّ". كما لفت النظر "إلى أنه بالنسبة للشروط المذلة فالجواب ليس قطعياً في أن نصرالله أجبر على القبول بانتشار الجيش اللبناني وعناصر الأمم المتحدة في جنوب لبنان، الشيء الذي كان يرفضه في بداية الحرب".

في المنطقة التي يكون أسلوب الحكومة فيها هو الغوغائية، يظهر الرجل رزيناً غير متباهٍ حتى في أصغر تفصيل من التفاصيل المسرحية، فيقوم بالعرض المذهل بعد ظهر يوم أحد من شهر تموز/ يوليو 2006 معطياً الأمر في خطاب سياسي من على منبره التلفزيوني وأمام مئات آلاف المشاهدين المذهولين بتدمير بارجة إسرائيلية عائمة قرب السواحل اللبنانية.

في منطقة تتآكل بالطائفية البغضاء، يقف رجل الدين السيّد محامياً بلغته البليغة ومفرداته الغنية التي تتمازج فيها التعابير الدينية مع الدنيوية، والفصحى مع الدارجة، وبنغمة خطابه المستوحاة من روح العروبة الأكثر تشدداً. وهكذا دفع ببلده ليصبح المؤشر الدبلوماسي الإقليمي والمثل الأعلى في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي وخاصة أنه بارتدائه ثوب الذاكرة العربية الجماعية كان له أثر نفسي هام يعادل أثر عملية بدر (الاستيلاء على خط بارليف) وعبور قناة السويس في حرب تشرين الأول/ أكتوبر عام 1973.

أعاد السيد حسن نصرالله الكرّة بعد ثماني سنين غير آبهٍ برفض كل المملكات العربية تقريباً، فوضع الأسس لطريقة جديدة في مواجهة قوة عدوّه النارية، وهي الصراع المتنقل في ميدان مغلق، نهج جديد في القتال العسكري الحديث، مدعوم بقوة ردع صاروخية قويّة أمام ذعر الغرب وحلفائه العرب.

لقد قاتل حزب الله بعداده الخفيف وتحكّمه التام بسلاحه وخاصة ذلك المضاد للدبابات بطريقة لامركزية على طريقة الفنلنديين في حربهم مع السوفييت عام 1940.

لكن بالنظر إلى هذا الإنجاز الفريد في تاريخ العالم العربي المعاصر الذليل فإن احتجاجات طبقة سياسية مهترئة نشأت في لدن الإقطاعية الحديثة ونتجت عن تيار الانتهازية سيحرّك الشعور الطائفي في منطقة تعتبر فريسة للتعصب وفي بلد عانى الكثير في الماضي. هو بلد يقع شعبه فريسة اليأس نتيجة الإفقار المتزايد، فريسة نسيان ضحايا الأعمال الشائنة القديمة، فريسة الفاقة الفكرية والأخلاقية لفئة من النخبة، وأخيراً فريسة نازية كبار الساسة اللبنانيين المتحالفين بطريقة شاذة عن الطبيعة مع أسياد الحرب القدماء ومموّليها.

أصبح حزب الله حركة لبنانية سياسية-عسكرية، مطلوباً القضاء عليها أميركيا. وأصبح يتمتع بتمثيل برلماني لا سابق له بفضل الغالبية الرقمية للطائفة الشيعية، وبفضل إسهامه في تحرير أرضه، وبفضل هيبته على الصعيد الإقليمي وأخيراً بفضل الالتفاف الشعبي حوله دون أن يبحث عن أيّ استفادة من ذلك.

رئيس الوزراء الاشتراكي الفرنسي الأسبق ليونيل جوسبان، دفع من حسابه ثمناً باهظاً لتوصيفه حزب الله بالإرهابي، فكان ضحية أشهر حادثة رجم بالحجارة في التاريخ المعاصر، منهياً حياته السياسية بطريقة مثيرة للشفقة فاحترق سياسياً إلى الأبد.

رينيه نبعة إعلامي وكاتب في فرنسا

السبت, 14 تموز/يوليو 2018 04:19

الأردن على هامش المعادلات الإقليمية

يُعدّ الأردن بسبب اقتصاده الضعيف وجهة أساسية للمساعدات الأجنبية وقروض المؤسسات الدولية وأموال الحلفاء، واعتماد الأردن على المساعدات والمِنَح والقروض سمحَ لدول مجلس التعاون الخليجي، بدفع الأردن إلى الاصطفاف بشكلٍ علني وأكبر مع سياساتها الخارجية المعارضة، وعلى الرغم من توقّعات حصول الأردن على وعود بالمساعدات من الحلفاء التقليديين على المدى القريب، إلا أن الحل لن يكون سوى بإصلاح اقتصاد المملكة الذي يعاني خللاً واضحاً وهيكلياً.

وفي ما يتعلق بدول مجلس التعاون الخليجي، فقد ركب الأردن أجنحة الصعود الخليجي في وقت مبكر، بل أنه فكّر في الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي أثناء الربيع العربي، إلا أن هذه الدول ربطت مساعداتها بمشاريع محدّدة، والأردن يعي تماماً نقطة ضعفه ويعرف أن عليه أن يقدّم تنازلات ليحصل على هذه المساعدات من حلفائه الأغنياء، وهذا بالنسبة إلى الإمارات والسعودية خصوصاً، يشمل اصطفافاً علنياً وواضحاً وبصورةٍ أكبر إلى جانب توجّهاتهما في المنطقة وحملاتهما الداعية إلى مواجهة المصالح الإيرانية في الشرق الأوسط.

الأردن يناضل من أجل التوصّل إلى استراتيجية للبقاء في ظلّ المحور الأميركي الإسرائيلي السعودي الذي يسعى ليُهيمن على شؤون المنطقة، ولكنه لم يجد لنفسه مكاناً ثابتاً في هذا النظام الجديد حتى الآن، فالأردن طوال تاريخه تعلّم على شَبْك نفسه بطموحات الولايات المتحدة والقوى الإقليمية التي كانت تحتاج إلى دولة وكيلة مستقرّة لرصد أزمات خط المواجهة وتوجيه التدخّلات المجاورة، وفي المقابل حصل الأردن على المساعدة والسلاح والحماية الضرورية لتغذية اقتصاده والحفاظ على جيشه وبناء مؤسّسات دولته.

إلا أن هذه الاستراتيجية أصبحت تُخرِج الأردن من المركز وتُلقي به إلى هامش المعادلة الإقليمية وتتجاهل مصالح الأردن تماماً في المنطقة، وذلك من خلال قلب القضية الفلسطينية رأساً على عقب ووضع بذور صراعات لا ُتطاق، فالحديث الآن ينصبّ على مؤامرة صفقة القرن، والتي لا يمكن للأردن والأردنيون أن يمرّروها، لأن الملك والنظام نفسه لا يستطيع التخلّي عن الوصاية الهاشمية على مقدّسات القدس، ولهذا أمسكت المملكة العربية السعودية مبلغ 250 مليون دولار من مساعدة موعودة ردّاً على رفض الملك عبدالله الإنصياع إلى مُناشدة محمّد بن سلمان له بأن يعتذر عن حضور قمة منظمة التعاون الإسلامي الأخيرة حول فلسطين، كما أن الأردن يُعاقَب أيضاً لأنه رفض التورّط في حرب اليمن، وإرسال قوات للمشاركة في عاصفة الحزم، وفضّل البقاء بعيداً عن كل هذه المخطّطات الخليجية التي تصبّ في محصّلة تفتيت الأمّة العربية، واستنزاف ثرواتها ودماء أبنائها.

الأردن دولة وقيادة وشعباً، مُستهدَف استهدافاً استراتيجياً حثيثاً وأدوات الاستهداف بين ظهرانينا، فهو مُستهدَف من المحور الأميركي – الإسرائيلي – الخليجي معاً، كما أنه على موعدٍ مع موقفٍ مسؤول وطنياً وقومياً من صفقة القرن التي تستهدف القضية الفلسطينية باستخدام الأردن وقوداً لها، فالضغوطات كلها الآن في سياق مخطّط تصفية القضية الفلسطينية نهائياً وعلى حساب الأردن كوطنٍ بديل، لهذا يجب أن يكون موقف الأردن الرفض لصفقة القرن جملة وتفصيلاً، ويقرن قوله بالفعل والبحث عن نهجٍ مختلفٍ وجديد.

فمنذ اتفاقيات أوسلو توسّط النظام الملكي الأردني في العلاقات الإسرائيلية الفلسطينية على فرضيّة أن ذلك سيؤول في نهاية المطاف إلى تشكّل دولة فلسطينية مستقلة (حق العودة)، ولكن كما ظهر من الجدل حول القدس ونقل السفارة الأميركية إليها، عمل المحور الأميركي الإسرائيلي السعودي على قتل حلّ الدولتين سامِحاً لإسرائيل وحدها بأن تُملي ما هو مصير الفلسطينيين، وهذا يهدّد الأردن وجودياً، حيث أن نسبة كبيرة من سكانه هم من الفلسطينيين، رغم أن معظمهم مواطنون أردنيون، وتحويل الأردن إلى الوطن البديل للفلسطينيين.

طوق النجاة للأردن هو فقط في تغيير النهج السياسي والتمسّك بالشعب، فالأردن اليوم في مرحلة متقدّمة من هجوم المحور الأميركي – الصهيوني – الخليجي، والذي يسعى لإخضاع الأردن والملك لمختلف الضغوطات الأمنية والعسكرية والسياسية للانضمام إلى حملة الإجهاز السياسي على القضية الفلسطينية، وإلى الحملة العسكرية ضد إيران في المنطقة، وفي كليهما مقتل محتّم، لأن الأردن ونظامه اليوم بلا غطاء سياسي ولا اقتصادي ولا عسكري، هذا من دون أن ننسى طبعاً كل السياسات الاقتصادية الظالِمة للخزينة والشعب والهدّامة للدولة (مشروع قانون الضريبة) والفساد الداخلي، حتى إن انتفاضة الشعب الأردني الأخيرة تجاوزت قانون الضريبة والضغوطات الإقتصادية إلى الدخول في عُمق طبيعة الأزمة السياسية بكل وعي وانضباطية.

لم تكن أهمية الأردن في يومٍ من الأيام ناجمة عن حجمه أو قوته وإنما عن قدرته على إقناع الحلفاء الخارجيين الراغبين أنه قادر على المساعدة في حماية مصالحهم، لأنه في واقع الأمر رقم صعب وموقعه الجيوسياسي صعب، لهذا يجب أن يلجأ الأردن إلى سياسة إعادة التموضع مع تركيا وإيران ويبحث عن تحالفات جديدة سعياً للحفاظ على وجوده، وأن يتصرّف بكل ذكاء وشجاعة لحماية نفسه ويُفشِل ويُسقِط كل محاولات الابتزاز، وقد لا يقتصر الأمر على احتفاء الأردن بالعلاقات مع إيران وإنما سيشمل تطبيعاً كاملاً مع سوريا والعراق، مع الاستمرار في رفض القبول بأن تكون القدس عاصمة إسرائيل، وربما الانحياز إلى جانب قطر في ما تتعرّض له من حصار، وضمان داعمين جدّد مثل تركيا، ومثل هذه الاستراتيجيات لن تجعل من المملكة بلداً أكثر نفوذاً ولكنها ستضمن بقاءها على قيد الحياة، وهذا هو الهدف الوحيد المهم الآن بعد موجة الاحتجاجات في الداخل والصراعات في المنطقة.

فإيران دولة كأية دولة قوية تبحث عن مناطق نفوذ، وهي توسّع نفوذها بما يُزعج جيرانها بشكلٍ كبير، ولكن جيرانها ليس عندهم دولة مركزية برؤية استراتيجة، بل يتصرّفون مشرذمين كرد فعل لا كفعل، أما الفعل فإن الخليجيين يرغبون في تمويل فعل أميركي إسرائيلي ومساندته ضد إيران، وتركيا هي أيضاً دولة عريقة تاريخياً ومتجذّرة في المنطقة وفي دول الإتحاد السوفياتي السابق الناطقة بالتركية، وهي كما إيران من الدول الكبرى في المنطقة، وكلاهما تتصرّفان وفق مصالحهما وتبحثان عن دوائر نفوذ لهما، أما نحن فلا مشروع عربي ولا دولة تدافع عن عروبتها.

العدو التاريخي يبقى هو إسرائيل والمشروع الصهيوني الذي لم يتوقّف ولن يتوقّف، ولا يجب أن نكبّر من أية عداوة أو خصومة أخرى لأن ذلك يخدم المشروع الصهيوني، فإسرائيل تمهّد لطرد الفلسطينيين إلى أراضي الأردن ليكون وطناً بديلاً، وحتى إن إبقاء الفلسطينيين في الأردن وتجنيسهم ومعاملتهم وفق المادة الثامنة في معاهدة وادي عربة هو شكل التوطين الجديد، والإسرائيليون لا تزال عندهم خطط حقيقية لتفريغ أراضي 1948 م والقدس والضفة الغربية من العرب، ولكن أهلنا في فلسطين بقوا بقوّةٍ وعناد، رافضين أية خطط مستقبلية لتهجيرهم، حتى لا ينفرد الإسرائيليون بيهوديّة الدولة.

وأياً كان الشكل الذي ستأتي به صفقة القرن، فإن المساهمة الأردنية فيها غير مطلوبة وغير مرحّب بها من قِبَل الأطراف الأميركية والإسرائيلية والسعودية التي صمّمتها، لأنها سوف تأتي على حسابه (أرضاً وشعباً)، مع تناسي ولاية الأردن على الأماكن المقدّسة في القدس، أي الوصاية الهاشمية على المقدّسات الإسلامية والمسيحية، فالأُردن مُستهدَف من قِبَل جهاتٍ عديدة، عربية وأجنبية، لأنه حاول اتّباع سياسات مسؤولة في العديد من الملفات الساخنة في المنطقة، وخاصة ملف تهويد مدينة القدس ومقدّساتها المسيحية والإسلامية، وتحويلها إلى عاصمةٍ أبديةٍ لدولة الاحتلال الإسرائيلي، ورفضه لصفقة القرن التي تشكّل تصفية للقضية الفلسطينية وطمساً لحق العودة وكل الثوابت الأخرى.

الأُردن كان دائماً عنواناً للاستقرار في المنطقة، ولم يُغلق حدوده مطلقاً في وجه كل إنسان مظلوم يلجأ إليه بحثاً عن الأمن والعيش الكريم، سواء جاء من فلسطين أو العراق أو سوريا أو ليبيا أو اليمن، كما وضرب المثل في التعايش بين الأديان والمذاهب والأعراق من دون أية تفرقة، ولذلك يستحق كل الدعم والمساندة للخروج من هذه الأزمة، هذا وإن كل أردني وطني صادق وقلبه على الأردن وعلى فلسطين، يجب أن يرفض صفقة القرن، فلا شيء أكبر من الأردن الوطن وكرامة الإنسان، ولا خيانة أعظم من ترك فلسطين وشعبها، فتحالفتنا يجب أن تكون مع كل المُتناقضات معاً.

حسني الخطيب

قال الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، الاثنين، إن العملية الإرهابية التي أودت أمس بحياة 6 من عناصر الحرس الوطني، بمحافظة جندوبة (شمال غرب)، تهدف إلى ضرب استقرار البلاد في وقت شهدت فيه الأوضاع الأمنية "تحسنا ملحوظا ومتواصلا".

جاء ذلك في بيان صادر عن الرئاسة التونسية،.

وتوجه السبسي في وقت سابق اليوم، يرافقه عبد الكريم الزبيدي وزير الدفاع إلى المستشفى العسكري بتونس العاصمة للاطمئنان على الحالة الصحيّة لأفراد الحرس الوطني (قوة أمنية تتبع وزارة الداخلية) المصابين في الهجوم ذاته.

وقدم تعازيه لعائلات الضحايا وزملائهم، معربا عن أمنياته بالشفاء العاجل للجرحى.

وأشاد السبسي "بتضحيات وبطولات القوات الأمنية والعسكرية في ذودها المتواصل عن كرامة الوطن ومناعته".

وشدد على ضرورة "تأمين الرعاية اللازمة اجتماعيا ومعنويا لكل عائلات الجرحى والشهداء".

وتبنى تنظيم "القاعدة في المغرب الإسلامي"، مساء الأحد، الهجوم الإرهابي، بحسب بيان نقلته وسائل إعلام تونسية.

ويعد الهجوم، الأكبر في البلاد منذ الهجوم الذي وقع في 7 مارس/آذار 2016، بمدينة بن قردان على الحدود الجنوبية مع ليبيا، وأسفر عن مقتل 12 من عناصر الأمن والجيش.

وتأتي العملية في وقت يشهد الموسم السياحي تعافيا كبيرا، إذ بلغ عدد السياح الوافدين على تونس خلال النصف الأول من العام الجاري، حوالي 3,23 مليون سائح أي بزيادة بلغت 26 % مقارنة بالفترة نفسها من العام 2017.

الأربعاء, 11 تموز/يوليو 2018 11:32

ماذا يعني إغلاق إيران لمضيق هرمز؟

فبعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الموقّع في 2015 (6+1) مع إيران، بالإضافة إلى محاولة الإدارة الأميركية فرض عقوبات جديدة على طهران، ووصلت التهديدات الأميركية لدرجة منع طهران من تصدير نفطها، كان منطقياً أن تلوّح إيران باستخدام ورقة مضيق هرمز التي ستزيد من عزلة ترامب دولياً في ما يخصّ طريقة التعامُل مع إيران.

يقع مضيق هرمز تحت السيادة الإيرانية وهو الأبرز عالمياً لموقعه الحيوي، حيث يمرّ قُرابة 40% من النفط المُصدَّر عالمياً عبره، يضمّ المضيق جزراً تتبع للسيادة الإيرانية أيضاً ثلاث منها عليها نزاع مع الإمارات وهي طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، ويكاد جزء كبير من تواجد القوات الأميركية في دولة الإمارات العربية المتحدة ودول خليجية أخرى، هو لضمان انسيابية نقل النفط من الدول العربية النفطية إلى أنحاء متفرّقة من العالم، أبرزها اليابان وأوروبا والولايات المتحدة.

حيث تعتمد السعودية على نسبة 88% على مضيق هرمز لتصدير نفطها، والعراق بنسبة 98%، ثم الإمارات بنسبة 99% وكذلك بلدان أخرى مُنتجة للنفط مثل الكويت وقطر، ويُعدّ المضيق ممراً أساسياً للصادرات النفطية الإيرانية أيضاً.

فبعد انسحاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق النووي الموقّع في 2015 (6+1) مع إيران، بالإضافة إلى محاولة الإدارة الأميركية فرض عقوبات جديدة على طهران، ووصلت التهديدات الأميركية لدرجة منع طهران من تصدير نفطها، كان منطقياً أن تلوّح إيران باستخدام ورقة مضيق هرمز التي ستزيد من عزلة ترامب دولياً في ما يخصّ طريقة التعامُل مع إيران.

أغنى الدول العربية بالنفط التي تعتمد الدول الصناعية الكبرى عالمياً على نفطها، يمّر هذا النفط عبر "هرمز"، فلو تم وقف تصدير النفط عبره، هذا يعني ارتفاعاً كبيراً في أسعار النفط عالمياً، ومن المؤكّد أن يتجاوز سعر النفط الـ 100$ للبرميل الواحد، وبالتالي ارتفاعاً كبيراً في أسعار المحروقات في أميركا وأوروبا ودول أخرى، وهذا سيكون كفيلاً بزيادة الضغط على ترامب والحكومات الأوروبية من قِبَل شعوبها، فباتت المعادلة اليوم التي وضعها الرئيس الإيراني حسن روحاني وقيادات الحرس الثوري الإيراني هي الآتي (مضيق هرمز إما يكون متاحاً للجميع، أو ممنوعاً على الجميع).

الردّ الأميركي على التلويح الإيراني الخطير، جاء دبلوماسياً ودلّل على ورطة كبيرة تعانيها الإدارة الأميركية، لأنه إذا منع تصدير النفط الخليجي عبر هرمز هذا يعني انقلاباً كبيراً في السوق الاقتصادية عالمياً، بالإضافة إلى أنه بالتأكيد سيزيد من ابتعاد أوروبا عن واشنطن، إذا وجّهت إيران هذه الضربة القاصمة فعلاً لأميركا.

إذا أغلقت إيران مضيق هرمز، هل سيكون ذلك بداية لحرب عسكرية طاحنة عليها؟

المؤشّرات تقود إلى العكس من ذلك، واشنطن تعي جيّداً أن طهران ربما لا تغلق المضيق عبر قوات بحرية في وجه ناقلات النفط العملاقة وحتى إذا حدث ذلك، فالولايات المتحدة لن تستخدم القوّة مع إيران لعدّة أسباب، من أبرزها هناك شبه توازن في القوّة، وبالعودة إلى بعض الأحداث التي حصلت خلال الفترة الماضية، حيث اعترضت الزوارق الحربية الإيرانية، سفينة تجارية أميركية في عام 2015 وقبل ذلك في ذات العام احتجز الحرس الثورة سفينة أخرى، وقبل وبعد ذلك العام كان الحرس الثوري الإيراني يمنع البحرية الأميركية من الاقتراب أو أخذ حريتها في المضيق، فكل هذا لا يعني أنه إذا أغلقت إيران المضيق سيكون ذلك ذريعة للحرب عليها، لكن طهران قد تنفّذ وعيدها بصورةٍ مختلقةٍ تماماً عن إشهار السلاح، وربما تعمد لإغراق ناقلة نفط إيرانية عملاقة في المضيق وهذا لوحده سيكون كفيلاً بمنع تصدير 40% من النفط عالمياً لأشهر عديدة.

وإذا كان السؤال كيف يمكن أن تغلق إيران مضيق هرمز، وهو الممّر الرئيس لنفطها؟

فعلاً يُعدّ إغلاق مضيق هرمز، مشكلة اقتصادية كبيرة لإيران وفي وقتٍ تعاني طهران فعلاً من أزمات اقتصادية داخليه تتعلّق بالعقوبات الأميركية والحصار الاقتصادي عليها، لكن هذه الخطوة ومع صعوبتها البالغة على الداخل الإيراني، زادت من التفاف الشارع حول القيادة الإيرانية، لأن القناعة الإيرانية تعرف جيداً ما لم تلوّح طهران بهذه الخطوة فستكون هي الخاسِرة الوحيدة، لأن الإدارة الأميركية في طريقها لمنع إيران من تصدير نفطها، فالرسالة الإيرانية بالتأكيد وصلت إلى المعنيين، وهي (ستشربون أولاً من ذات الكأس، قبل أن نشرب منها).

محمّد سلام إعلامي وكاتب صحافي عراقي

الأربعاء, 11 تموز/يوليو 2018 11:31

الأزمة الاقتصادية في إيران وحلولها

في ظل هذه الأجواء المحفوفة بأزمة إقتصادية لا ينكرها أحد، يبرز مشهد آخر يُظهر توافقاً داخلياً على إيجاد حل سريع وينبأ هذا الأمر بإمكانية عودة الإستقرار إلى الأسواق بوقت قياسي خاصة وأن الحكومة تؤكد أن البنك المركزي لا يعاني من نقص في احتياطي العملة الأجنبية ولا في احتياطي القطع الذهبية التي يتم تداولها في الأسواق المالية، وبانتظار عبور هذه المرحلة يبقى التحدي الآخر مواجهة العقوبات الإقتصادية الأميركية.

قليلاً ما يتدخل المرشد الإيراني السيد علي خامنئي مباشرة في ملفات داخلية إلا في تلك الصعبة الكأداء التي تحتاج إلى شخصية المرشد وثقله الديني والسياسي لحلّها، وتاريخ الجمهورية الإسلامية على مدى أربعة عقود شاهد على ذلك في مفاصل حساسة مرت بها إيران منذ عام 1979م.

تعيش إيران اليوم مرحلة حساسة بدأت تظهر للعيان قبل أشهر من الانسحاب الإميركي من الاتفاق النووي عقب ارتفاع تدريجي بأسعار العملات الأجنبية مقابل العملة المحلية ما ترتب عليه إرباك في الأسواق التجارية لا سيما في حركة الإستيراد والتصدير، فانعكس الأمر على التجار كما انعكس على المواطنين بعد ارتفاع الأسعار بشكل ملحوظ بحجة تدني العملة المحلية. فتأثرت معظم القطاعات الحيوية كأسواق الهواتف المحمولة والإكترونيات والسيارات حتى المصنعة منها داخلياً وقطاعات أخرى وحاولت حكومة الرئيس روحاني استدراك هذه الأزمة فاتجهت نحو تثبيت سعر صرف الدولار رسمياً على عتبة الـ4200 تومان.

لكن السوق السوداء كان لها كلمة أخرى واستمر الدولار بالصعود فأغلقت محال الصرافة أبوابها ولم تنجح الحكومة فعلياً حتى الآن بضبط الأسواق لا سيما المالية منها رغم محاولات حثيثة تقوم لكنها لم تفلح إلى الآن، الأمر الذي جعلها عرضة لانتقادات واسعة حتى من التيار الإصلاحي الذي طالب باجراءات أكثر حزماً وصرامة لمواجهة الأزمة الإقتصادية.

آخر هذه الانتقادات من رئيس تكتل الأمل الإصلاحي في البرلمان محمد رضا عارف الذي انتقد سياسة النقد الأجنبي وإدارتها داعياً إلى تشكيل غرفة وطنية لابتداع أفكار عملية لحل الأزمة الراهنة لكن الحكومة لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الإتهامات فأعتبر الرئيس حسن روحاني إتهام الحكومة بالتقصير فيه إجحاف بحقها وعدم إدراك حقيقي للواقع ويخدم أعداء إيران في حربهم النفسية ضدها، بينما أشار نائبه إسحاق جهانغيري إلى أياد داخلية تعبث بالإقتصاد بهدف النيل من حكومة روحاني.

ويشير بعض خبراء الإقتصاد إلى أسباب عديدة منها انعدام التنسيق بين الأجهزة الإقتصادية المؤثرة للحكومة وعدم سيطرتها على العرض والطلب من العملة الأجنبية في الأسواق، كما يشير مساعد رئيس البنك المركزي السابق أصغر فخرية كاشان "فضلاً عن تلاعب بعض تجار العملة بالأسعار والطلب المرتفع على الدولار بسبب المخاوف التي تنتاب المواطن من تداعيات العقوبات الأميركية ومن عدم استقرار السوق".

وسط هذا الوضع المقلق يجد المرشد نفسه مضطراً للتأكيد في اجتماع غير علني مع قادة السلطات الثلاث التنفيذية والتشريعية والقضائية على تشكيل غرفة عمليات الحرب الإقتصادية التي يشير اسمها إلى حجم التحدي وحجم الأزمة ومدى الإصرار الإيراني على التصدي للفساد الإقتصادي وتوجيه البوصلة الإقتصادية توجيهاً سليماً في هذه المرحلة الحساسة قبل دخول العقوبات الأميركية حيز التنفيذ في تشرين الثاني. ويبدو من الواضح أن الإيرانيين يسابقون الزمن قبل هذا الموعد لترتيب البيت الداخلي بمزيد من التكاتف وتحمل المسؤولية بشكل جماعي استعداداً لمواجهة إقتصادية مرتقبة مع الإدارة الأميركية التي تحارب طهران بكل أدواتها وفي هذا السياق تم تشكيل لجنة عُليا للتنسيق الإقتصادي بدأت بعقد اجتماعاتها، وتتألف من17 عضوا منتخبين من السلطات الثلاث بينهم رؤساء هذه السلطات كما طلب المرشد من الرئيس مباشرة اطلاعه على التقارير المتعلقة بأوضاع العملة الأجنبية في الأسواق وبأليات إدارتها وبتفاصيل التحقيقات لمعرفة أسباب هذه الأزمة...

وقد لا يكون تحرك المرشد في توجيه السلطات الثلاث أمراً جديداً في اللحظات الصعبة التي تمر بها البلاد، لكنه يؤشر إلى دقة المرحلة وإلى الإهتمام الواسع التي تحظى به هذه الأزمة على مستوى القيادة الإيرانية. كما يؤشر أيضاً إلى الإرادة السياسية باعادة الاستقرار إلى الأسواق بأسرع وقت ممكن سيما وأن مصير الاتفاق النووي في مهب الريح حتى هذه اللحظة بانتظار الخطوات العملية الأوروبية لضمان المصالح الإيرانية وهذا ما يراه البعض صعباً وليس مستحيلاً إذا صدقت النوايا...

وقد تداعى العديد من خبراء الإقتصاد وأساتذة الجامعات والطلاب لتقديم مقترحات لحل الأزمة ووجه البعض منهم رسالة إلى رؤساء السلطات الثلاث كاشفين خلالها عن رؤيتهم لحل الأزمة عبر سلسلة خطوات منها إقالة رئيس البنك المركزي فوراً وتشكيل محكمة الحرب الإقتصادية لمعاقبة المفسدين وعدم التساهل معهم مطلقاً وربط بيانات المعاملات العقارية بالنظام المالي مباشرة، وفرض ضريبة على القيمة المضافة على أسعار السيارات. كما غرد النائب السابق والخبير الإقتصادي أحمد توكلي على صفحته على تويتر واعداً باجتماع قريب لكبار الخبراء الإقتصاديين الإيرانيين للخروج بمقترحات وتقديمها للحكومة...

لكن في ظل هذه الأجواء المحفوفة بأزمة إقتصادية لا ينكرها أحد، يبرز مشهد آخر يُظهر توافقاً داخلياً على إيجاد حل سريع وينبأ هذا الأمر بإمكانية عودة الإستقرار إلى الأسواق بوقت قياسي خاصة وأن الحكومة تؤكد أن البنك المركزي لا يعاني من نقص في احتياطي العملة الأجنبية ولا في احتياطي القطع الذهبية التي يتم تداولها في الأسواق المالية، وبانتظار عبور هذه المرحلة يبقى التحدي الآخر مواجهة العقوبات الإقتصادية الأميركية...

ملحم ريا خبير في الشؤون الإيرانية