
Super User
استغلال المونديال لأغراض سياسية.. "إسرائيل" في المقدمة
يُعدّ كأس العالم فرصة جيدة للالتقاء الثقافات والتعرّف على الآخر، جميع الدول على اختلاف سياساتها الخارجية وأنظمتها تحارب للوصول إلى المشاركة في هذا الحدث الرياضي العالمي لما يحمله من تأثير على قلوب الشعوب مجتمعة، ولكن البعض يستغل الحدث لأغراض سياسية في محاولة للتأثير على الرأي العام العالمي، وإنّ الكيان الإسرائيلي الأكثر سعياً في هذا المضمار.
وبينما تجري حالياً تصفيات كأس العالم في روسيا تعمل "إسرائيل" ليلاً نهاراً على استغلال الحدث لمصلحة سياساتها الحالية تجاه العرب والتي يأتي "التطبيع" على رأس أولويتها.
ومن هنا بدأت ماكينات الإعلام الإسرائيلية بالعمل على عدة مستويات:
المستوى الأول: "جسّ نبض" الجماهير العربية ومعرفة مدى تقبّلها لفكرة تطبيع العلاقات في الوقت الحالي
برز هذا الكلام في المباراة التي جمعت منتخب المغرب مع البرتغال في الجولة الثانية من منافسات المجموعة المونديالية الثانية بكأس العالم 2018.
وخلال المباراة حاول "إسرائيلي" رفع العلم بعد نهاية مباراة البرتغال والمغرب في كأس العالم، لكن على ما يبدو ما زال المناخ العربي غير مجهّز لتقبل فكرة الصهاينة، حيث اندفع مجموعة من الشبان المغاربة نحو العلم وأرادوا تمزيقه، وظهر في مقطع الفيديو المنتشر عن هذه الحادثة رفض جماهير المغرب رفع العلم "الإسرائيلي" بين صفوفهم، وفي التفاصيل، نشب اشتباك وعراك بالأيدي بين مشجعين مغربيين وآخرين رفعوا العلم "الإسرائيلي".
وكان واضحاً جداً أن "الإسرائيليين" يحاولون استغلال المناسبة الرياضية لبثّ أجنداتهم التطبيعية، وسبق ذلك محاولات عديدة في هذا المجال "التطبيع عبر الرياضة"، نجحت في بعض الدول الخليجية وفشلت في أماكن كثيرة، ولكن حرب التطبيع ما زالت مستمرة ولن تهدأ "إسرائيل" حتى تروّض الجميع عبر حربها الناعمة.
المستوى الثاني: استغلال منصّات وسائل التواصل الاجتماعي لـ"دسّ السّم بالعسل"
في الأيام التي سبقت بدء جولات المنافسة في كأس العالم، وبما أن هناك 4 دول عربية تشارك حالياً في هذا الحدث الرياضي العالمي، سارعت "إسرائيل" لاستغلال الفرصة والدخول عبر بوابة بثّ خدعة "حسن النوايا" تجاه الفرق العربية لمعرفتها الجيدة بمدى أهمية هذا الحدث بالنسبة للجماهير العربية.
وخلال كأس العالم قامت حسابات "إسرائيلية" على مواقع التواصل بإظهار أنها تشجع المنتخبات العربية، فقد كتب موقع "إسرائيل بالعربية" على حسابه على "تويتر"، "المنتخب التونسي يخوض اليوم غمار المونديال في روسيا بعد غياب 12 عاماً، ونتمنى لنسور قرطاج التوفيق خاصة مع وقوعهم في مجموعة صعبة تضم إنجلترا وبلجيكا ومعهما أيضاً بنما، حظ سعيد للنسور ولكل المنتخبات الأخرى"، ووضع الموقع صورة كبيرة للاعبين وكتب عليها "بالنجاح والتوفيق تونس".
وكرّر الموقع الكلام نفسه مع بقية الفرق العربية، في محاولة حثيثة لكسب ودّ العرب، ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم في حدث يجتمع على مشاهدته الكبير والصغير، ومن هنا تحاول "إسرائيل" أن تجد لنفسها مساحة للدخول إلى عمق المجتمعات العربية.
المستوى الثالث: عرض المباريات على قنوات "إسرائيلية" لجذب المتابع العربي
في خطوة اعتبرت محاولة لاستمالة المشاهد العربي خصوصاً في الدول المحاذية لـ "إسرائيل"، كالأراضي الفلسطينية ومصر والأردن، حيث كررت "إسرائيل" تأكيدها بأن إحدى قنواتها التابعة لهيئة الإذاعة الإسرائيلية والناطقة بالعربية ستبث مباريات كأس العالم 2018، مرفقة بتحليل رياضي للحديث عن فرص المنتخبات العربية المشاركة في هذا العام.
يعدّ هذا الكلام تحدياً صارخاً لمجموعة قنوات "بي إن سبورتس" القطرية، حيث أكدت قناة "مكان" الإسرائيلية الناطقة باللغة العربية، أنها ستبث مباريات كأس العالم المقبل، المقرر انطلاقه على الأراضي الروسية منتصف الشهر الحالي، مجاناً.
ونشر الحساب الرسمي "لإسرائيل بالعربية" تغريدة تقول: "ستبث قناة "مكان" الإسرائيلية بالعربية مباريات كأس العالم لكرة القدم مجاناً، بالتركيز على المنتخبات العربية المشاركة في المونديال، شاهدوا التقرير الخاص عن الاستعدادات وفيه قراءة محلل رياضي "إسرائيلي" لفرص المنتخبات العربية".
يضاف إلى ما سبق أن المنتخبات العربية ترفض المشاركة في منافسة رياضية في حال كان الطرف المقابل "إسرائيلياً"، وإذا عدنا إلى جذر هذه القضية سنجد أنها تعود إلى ممارسات الصهاينة الإجرامية بحق العرب عموماً والفلسطينيين خصوصاً منذ عام 1948م وحتى اللحظة، فكيف يمكن أن يلتقي الطرفان في مناسبة تحتاج إلى "أخلاق وقيم ومبادئ" و"إسرائيل" لا تملك أيّاً منها.
وحاول الإسرائيليون حل القضية الفلسطينية من خلال الرياضة، حيث أرادوا من ذلك تصوير أنفسهم أمام العالم أجمع بأنهم دعاة سلام ولا يرغبون سوى بالسلام، وكيف يتم ذلك وفي كل يوم يعتدي الصهاينة على الفلسطينيين ويقتلون أطفالهم ونساءهم دون ذنب ارتكبوه، وحاولت الفيفا أيضاً عبر رئيسها السابق الخوض في هذا المجال، حيث اقترح الرئيس السابق لـ "فيفا"، جوزيف بلاتر، حلّ قضية فلسطين، برعاية مباراة سلام في كرة القدم بين منتخب "إسرائيل" ومنتخب فلسطين، فهل يعدّ هذا اقتراحاً عقلانياً ومفيداً؟ وما الذي يضمن للفلسطينيين ألّا تستغل "إسرائيل" كرة القدم في خدمة أغراضها وأجنداتها السياسية داخلياً وخارجياً؟، وبكل الأحوال المناخ العربي ما زال رافضاً للاحتلال الإسرائيلي جملةً وتفصيلاً، وإن كانت بعض الأنظمة تستميل الصهاينة حالياً لكنّ شعوبها ترفضها رفضاً قاطعاً.
الأم مدرسة الأجيال وصانعة الرجال
الأم هي أهم منشأ للراحة والمحبة في العائلة وأقوى مصدر لسعادتها، فهي التي تبعث الطمأنينة والسلام والقدرة والقوة والاستقلال في نفوس الأطفال.
إن تكوين الطفل من الناحية العلمية يتم من خلايا الأب والأم معاً، إلا أن العلوم الحياتية تشير إلى أن دور الأم في تكوين الجنين ونقل الصفات الوراثية إلى الطفل أشد من تأثير دور الأب، إضافة إلى أن الرحم يصبغ الجنين بصبغته، أثبتت تجارب العلماء أن اللقاح من الممكن أن يتم خارج الرحم وينتج عنه جنين حي، لكن لديمومة حياة الجنين وتكوينه النهائي هو بحاجة ماسة للرحم، لذا إن دور الأم في تكوين الجنين وخلق الأرضية اللازمة لنموه داخل الرحم وتكامله أمر لا يمكن الإغفال عنه، وهو حياتي ومهم جداً.
من خصائص المرأة وتكوينها الجسدي والروحي، استعدادها لتحمل مسؤولية تربية الأطفال ورعايتهم، ومن الناحية العلمية المرأة تعني الأم وإذا حالت الظروف الطبيعية والاجتماعية دون ذلك، فإنها ولا شك ستصاب بالأمراض الجسيمة والروحية، إن هدف الأمومة من الأهداف السامية والتي وضعت على عاتق المرأة، وهي بلا منازع مظهر من مظاهر اللطف والصفاء والعناية والمحبة للطفل.
يحتاج الطفل بطبيعة تركيبته وحجمه وضعفه إلى حبّ وأحاسيس رقيقة، يحتاج إلى حب وتضحية إنسان عاشق ومضحي، يهدي بإخلاص كل ما عنده إلى صغيره وحبيبه، وهذا المخلوق العاشق المضحي بالغالي والثمين لا يمكن أن يكون سوى الأم، الأم تسهر الليالي لتلبي متطلبات حبيبها الصغير، وفلذة كبدها العزيز، تضمه إلى صدرها وتبعث الطمأنينة في قلبه الصغير، يبدأ حبها عندما تشعر أن هناك حملاً، ويشتد عندما يرى حبيبها القادم النور.
إنها مظهر من أعلى مظاهر الحب السامية، والإنسانة المحبوبة في البيت، بحنانها وعاطفتها تجعل من بيتها جنة وبكلماتها الجميلة تسعد أفراد أسرتها، بأعمالها وتصرفاتها تجعل من بيتها المدينة الفاضلة، فتقوم ببناء أبنائها بناءاً صحيحاً وتشع الفرحة والبهجة من البيت، وتضحك الوجوه البريئة فرحة عندما تلتقي بوجه الأم الضاحك.
وإنها المسؤولة عن البناء والتغيير الضروري في هيكل أعضاء الأسرة الروحي والجسمي، خاصة إذا كانت سياساتها منسجمة من سياسات الأب، إذا ما اعتبرنا التربية أمراً دائماً ومستمراً يمكننا القول أن الطفل وخلال السنوات السبع الأولى من عمره يستمد تصرفاته وعاداته من تصرفات وعادات الأم، وإن هذه العادات والتصرفات التي اكتسبها من الأم ستؤثر ولا شك على شخصيته عندما يكبر، وستبقى عالقة فيه، وبالنهاية إن تأثير الأم سيكون هو الغالب على الأطفال، فالأم هي التي ترسم شخصية الطفل وتصنعه، إن عملها حساس وظريف للغاية، بأناملها الرقيقة تلاطفه، وبقلبها المحب تزرع الثورة والوجود في كيانه، وبمسحة حنان تزيل الهموم عن قلبه الصغير وتسكن آلامه.
تصرفات الأم تشكل البناء الداخلي والخارجي للأطفال، وتبعد الطفل من عالم الرياء والكذب والحقد والحسد وتزرع في قلبه الحب والصفاء والخير له ولغيره.
فالأم مدرسة الأجيال، فهي التي تقوم بزرع الصفات الطيبة في الطفل وتسوق طفلها إلى العلياء والى المستقبل المشرق وتصنع منه شخصية قوية ونافعة في المجتمع فما من عظيم إلا ويتواضع أمام عطاء الأم ويعتبر نفسه مديناً لأمه، فلولا تلك الأمهات العظام، لما توصلوا إلى ما وصلو إليه.
فصدق من قال: إن وراء كل رجل عظيم امرأة
منهج الحقوق في الرؤية الإسلامية
العدل له وجود تكويني
إنّ العدل من أصول الدين، وهل من الممكن أن تكون أصول الدين أموراً اعتبارية؟! والعدل الذي هو صفة من صفات الله، هل من الصحيح أن تكون هذه الصفة أمراً اعتبارياً؟! بل صفات الله أُمور تكوينية، إذا كان في صميم اعتقادنا وبداية رؤيتنا أنّ العدل صفة كعلم الله وكحياة الله وكقدرة الله وغيرها من الصفات الفعلية والذاتية هذه الصفات من صميم التكوين، إذن العدل له وجود تكويني، كما في منطق أهل البيت(عليهم السلام) الذي يقول: "بالعدل قامت السماوات والأرض"[1].
المدح الصادق يلازم الكمال، والذم الصادق يلازم النقص
المدح غير الكمال هذه المغالطة طرحها الأشعري، وهل يمكن للإنسان أن يمدح النقص؟! وهذا يستلزم أن ننكر الكمال وننكر النقص، وننكر كلّ هذه الأُمور الخارجية، وكذلك الأمر بالنسبة للذم فلا يمكن أن نفكّك بين الذم والنقص، الإنسان يدرك الكمال، ومن ثمّ ينجذب المدح للكمال، والمدح يعتبر إخباراً صادقاً عن الكمال، هذا إذا كان المدح صادقاً، أمّا إذا كان كاذباً فهو ليس كذلك، والمدح الصادق يعبّر عن تقرير علمي مطابق للحقيقة، والمدح معلومة من المعلومات تنبىء عن الكمال، والذم الحقيقي هو معلومة صادقة تُنبىء عن النقص.
الحقوق الإلهية قبل سن القانون
والذين قالوا: إنّ من دون القانون لا ترسم الحقوق، ومن دون رسم منظومة الحقوق لا يستتب العدل، كلامهم هذا ينطوي على مغالطة ناشئة من وجود حقوق اعتبارية بعد رسم منظومة القانون، يعني: وليدة للقانون، لكن هناك منظومة للحقوق هي في الواقع قبل القانون، يعني: حقوق إلهية تكوينية.
لابدّ من نظرة شاملة لحقوق الإنسان
نحن لسنا ماديين حتّى نحصر الحقوق في حقوق الطبيعة، ولسنا غرائزيين وجنسيين حتّى نحصر الحقوق في الحقوق الغرائزية، بل نسلّم برؤية تكوينية بأنّ الإنسان ذو طبقات متعدّدة، فيه الغرائز الجنسية، وفيه العقل، وفيه الوهم، وفيه الخيال، وفيه القلب، وفيه الضمير، وفيه الوجدان، وهو شبيه بمنبنى ذي طبقات، وكلّ قوّة من قوى الإنسان لها حقوق، وليس من الصحيح أن ننظر إلى طبقة من طبقات الإنسان ونهمل باقي الطبقات، وهذه الرؤية تؤثّر في أُسس الحقوق وأُسس القانون بين المدرسة الإسلامية والمدرسة الغربية، وبين المدرسة الإمامية والمدارس الأُخرى، هذه كلّها أُسس للانطلاق.
العدل في تنمية قوى الإنسان
فمثلا: من العدل أن ينمّي الإنسان كلّ قواه، ولا ينمّي قوّة على حساب القوى الأُخرى، فليس من الصحيح أن ينمّي الجانب الغريزي ويهمل الجوانب الأُخرى كالجانب العقلي ـ مثلا ـ أو إذا اهتمّ بالجانب العقلي فيجب أن يعطي الجانب الغريزي حقّه أيضاً.
هل الإنسان مركز التقنين أم الله؟
إمّا أن نجعل الإنسان مركزاً للتقنين والحقوق، أو نجعل المنطلق في تقنين الحقوق هو الله عزّ وجل، والصحيح ـ طبعاً ـ في النظر الإسلامي أن يكون المنطلق هو الله عزّ وجلّ وليس الإنسان، وهذا فرق بين الرؤية الحقوقية الإسلامية وبين الرؤية الحقوقية غير الإسلامية، أو بتعبير أدق هناك فرق بين الرؤية الحقوقية الإديانية التي تشمل اليهود والنصارى الذين من المفترض أن يجعلوا محور الحقوق هو الله تعالى، وبين المدارس الوضعية التي جعل الإنسان هو مدار الحقوق.
إهمال الماديين لروح الإنسان
ويا ليتهم يضعون الإنسان بكلّ طبقاته نصب أعينهم، بل هم يهتمّون بالطبقة البدنية من الإنسان ويهملون باقي الطبقات الروحية والعقلية، وإن كانت هناك مدارس روحية غربية قد خطت خطوات كبيرة في هذا الجانب، إلاّ أنّ هؤلاء الماديين لا يعترفون بالروح، فهم في صراع دائم مع الحالة الروحية والوجدانية، وفي سنة 2001 أعلنت الأمم المتحدة أنّ شعارها هو مقاومة الأمراض الروحية والعقلية; لأنّ أكبر نسبة من الأمراض الروحية والعقلية وقعت في الغرب بشكل مذهل وحدّث ولا حرج، والأرقام تقرأ في كلّ يوم عن الأزمات الروحية التي يمرّ بها العالم الغربي، مثل: تفشّي الجريمة، وتفكّك الأُسرة، وتقطّع الأوصال الروحية، وما شابه ذلك أرقام كبيرة.
النظرة غير المتوازنة للإنسان كارثة
ومنشأ هذه الأزمة أنّهم جعلوا مدار الحقوق هو الإنسان، مع إغفالهم لبعض طبقات الإنسان، وتركيزهم على طبقات أُخرى، إذن هناك حقوق اعتبارية، وهناك حقوق تكوينية لا تحتاج إلى تقنين.
سلبيات جعل الإنسان هو المدار في التقنين
الغرائز لها نقائص ولها كمالات، هل كمال كلّ قوّة ينكر؟ لا، هل نقص كلّ قوّة ينكر؟ لا، سواء كاف من قوى الطبيعة.
الآن هم يحاولون أن لا يجعلوا الإنسان وحده مداراً للحقوق، بل يضيفون إليه الطبيعة الخضراء والطبيعة الحيوانية والهوائية والنباتية وما يحيط بالإنسان من كائنات أُخرى في هذه المنظومة الحقوقية، ولو يفتح للإنسان الباب على مصراعيه سيدمّر الطبيعة التي تحيط به ويعيش فيها، وبالتالي سيدمّر نفسه بيده، والسبب هو عدم وجود توازن في مدار الحقوق والتقنين.
العدالة الحقوقية تكوينية وليست وليدة التقنين
إذن العدالة الحقوقية ليست وليدة التقنين، وفي الأساس العدالة الحقوقية تكوينية; ولذلك هم يلمسونها بأنفسهم بأنّ تشريع حقّ الصناعة بلغ ما بلغ سيدمّر لنا البشرية، وتشريع الاستئثار بالمال سينحر الطبقات المحرومة في المجتمع، وسيخلق الإرهابيين والعنف، وإذا جعلنا التقنين الخاضع للميول والمصالح هو المدار فعلينا أن نتحمّل التبعات والآثار السلبية، إذن العدالة لها وجود تكويني، والحقوق لها وجود تكويني.
الله جعل للإنسان المعادلة التي تحقق سعادته
العدالة هي وصول كلّ ذي كمال إلى كماله، وذو الكمال الذي نعنيه: أنّه غير متوفّر على الكمال الآن.
الله تعالى هو محور العدل; لأنّه عالم بالخلق: {أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ}[2]، الله جعل المعادلة التي توفّر السعادة للإنسان وهو أعلم بها، ومن هنا جاء الحديث الذي يقول: "لو بقيت الأرض بغير إمام لساخت"[3]، وقال أبو الحسن (عليه السلام): "إنّ الأرض لا تخلو من حجّة"[4]; لأن البشر لا زالوا يعيشون النقص، ويكتشفون أنّهم مخطئون، ولكن المعصوم لا يخطىء، ولولا وحي الله والعلم اللدنّي عند الأئمة لحفظ الأرض لساخت الأرض بمن عليها.
* آية الله الشيخ محمد سند - بتصرّف
[1] تفسير كنز الدقائق 12: 553، ذيل آية {وَالَّسمَاءَ رَفَعَهَا}.
[2] الملك (67): 14.
[3] الكافي 1: 179، الحديث 10، كتاب الحجة، باب أنّ الأرض لا تخلو من حجه.
[4] الكافي 1: 179، الحديث 9، كتاب الحجة، باب أنّ الأرض لا تخلو من حجة.
من كرةِ القدمِ إلى السياسةِ بؤسٌ عربيٌ واحدٌ
في الرياضة وفي المواجهات الدولية الأخرى الثقافية والإبداعية، تُمارس الدول الغالبة في العالم تمارين غلبتها في الميدان الرياضي فتقيس ضوابط هذه الغلبة وشروطها بحيث يبقى المغلوب عموماً في مكانه ويبقى الغالب أيضاً في مكانه. وإن انتقل مغلوبٌ إلى مرتبةِ الغالبِ فإن انتقاله راهن يؤكّد قاعدة الغلبة ولا يُطيح بأسبابها. لذا نلاحظ في كل 4 سنوات في مناسبة كأس العالم لكرة القدم، على الشاشات وأيضاً على وسائل التواصل الاجتماعي رموز القوّة ورموز الضعف، رموز الحِنكة والتخطيط والتنفيذ ورموز الفشل والارتباك والضعف وسوء التدبير والفوضى، مع خاتمة تقليدية ضمنية مفادها أن على المهزوم أن يبذل جهوداً مُعادِلة لجهود المُنتصِر حتى يتغلّب. لكنه في الواقع لا يتغلّب لأن الغَلَبة ليست رياضية أو تقنية وإنما سياسية معمّرة منذ تأسيس المباريات الدولية أواخر القرن التاسع عشر ومطالع القرن العشرين، أي منذ نهاية النظام الامبراطوري الدولي وبداية النظام القُطبي ومن بعد القُطب الواحد.
تكرّست هذه الغَلَبة في هرميّةٍ دوليةٍ معكوسة في نِسَب الميداليات وتدرّجها. لذا لم نرَ في تاريخ المباريات الدولية انقلاباً أو معجزه تحمل دولة ما من قاعدة الهرم إلى رأسه والعكس. ولعلّ النظر إلى المسرح الرياضي العالمي من هذه الزاوية يُتيح فَهْم آليات الثقافة الرياضية التي تقدّم المباريات الدولية بوصفها تقنية بحتة أو مُحايدة ومعزولة عن السياسة. والحق يُقال أن مفهوم الحياد الرياضي راسِخ إلى أبعد الحدود في طُرق التعبير بل يكاد التساؤل عن الرابطة الوثيقة بين السياسة والرياضة الدولية يُثير الامتعاض والوجوم.
ويُلاحظ الناظِر إلى مباريات كأس العالم في كرة القدم بخاصةٍ والألعاب الأولمبية عموماً، إلى أي حدٍ كانت القوى المُتصارِعة في المعسكرين الرأسمالي والاشتراكي تُراهن على المسرح الرياضي العالمي حتى تؤكّد غَلَبتها التي تُعدّ في أحد وجوهها بُرهاناً على تفوّق كلٍ منها. كان هامش المناورة أمام الدول محدوداً في حِصاد الميداليات أي التفوّق الرياضي ، لكن هذا الهامش لم يتّسع كثيراً بعد انهيار الحرب الباردة ، وظلّ نظام الميداليات محكوماً بالهرميّة السابقة نفسها منقوصاً منها الطابع الأيديولجي.
إن مجموع الميداليات الروسية والأميركية أو الاشتراكية والغربية في فترة الحرب الباردة تكاد تشكّل أكثر من 90 بالمئة من مجموع البطولات في الألعاب الأولمبية. أما في كرة القدم فالواضح أن غَلَبة المُعسكر الغربي وحلفائه في فترة الحرب الباردة بلغت نسبة قياسية. وبرزت من تلك الفترة دول لاتينية في كرة القدم في حديقة أميركا الخلفية شأن البرازيل والأرجنتين، لا لتكسر قواعد الغَلَبة وتُرسي قواعد بديلة مستقلّة تتناسب مع مزاعم الرياضة المُحايدة، بل لتؤكّد أن قارةً عملاقة كالبرازيل استثمرت في كرة القدم ليس من أجل تحطيم الهرمية الرياضية السائدة، وإنما في سياق الانتظام فيها كحليفٍ قوّيٍ وكبيرٍ لواشنطن في حديقتها الخلفية. وقد رأينا ماذا حل بها بعد انتظامها في موجة التحرّر اللاتيني خلال عهديّ بوش الأبن وأوباما. والأمر نفسه ينطبق على الأرجنتين التي تغيّر وجهها الكروي بعد انحياز نجمها اللامع ورمزها الوطني العملاق مارادونا إلى النظامين الكوبي والتشافيزي في فنزويلا.
إن مباراة الولايات المتحدة الأميركية والجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 1998 في كأس العالم تقدّم مشهداً دامِغاً لارتباط السياسة برباطٍ وثيقٍ مع الرياضةِ ، حيث قدّمت المباراة بوصفها مناسبة لقياس القوّة والضعف في المجابهة المستمرة بين البلدين. وإذ هزمت واشنطن بنتيجتها، انبرى قضاة الرياضة للقول إن الهزيمة رياضية وليست سياسية ولا تعدّل الشيء الكثير في ميزان القوى السياسي، عِلماً أن المباراة نفسها كانت تعكس اندفاع شعبٍ للدفاعِ عن نفسه ومقاومته لحصارٍ أميركي ما زال مستمراً حتى اللحظة.
وفي السياق نفسه يمكن النظر إلى ردودِ فعلِ الألمان عندما هُزِمَ فريق بلادهم أمام الجزائر في كأس العالم عام 1982، إذ بادروا إلى الاعتداء على الجزائريين في ألمانيا فحطّموا مطاعمهم وبعض مظاهر وجودهم، وشتموا أفراد جاليتهم وتعرّضوا بالضرب للبعض الآخر. وكان لسان حالهم يقول من أنتم حتى تتجاوزوا رأس الهرم الكروي الألماني! ما يعني هنا أيضاً أن الهرميّة المُكرّسة بين غالب ومغلوب أو متفوّق ومُتخلّف يجب أن تحترم في المواجهة الدولية ، وإن تم خرقها فلا تَسل عن الروح الرياضية ولا تَسل عن الحياد الرياضي.
أما لماذا لا تسيطر واشنطن على رأس الهرم الكروي في العالم كما تسيطر على رأس الهرم الأولمبي، فلأن الثقافة الرياضية في الولايات المتحدة الأميركية لا تُعطي أولوية لكرة القدم، وإنما لمُزاولة ألعابٍ أخرى، في حين يتربّع حلفاء واشنطن الغربيون على رأس الهرم الكروي بنسبه تفوق ال 80 بالمئة.
من هذا المشهد البائِس ينبغي النظر إلى أداء الفِرَق العربية في كأس العالم كل أربع سنوات. والحق أن هذا المشهد يشمل أمماً وشعوباً أخرى محكومة بقاعدةٍ ذهبيةٍ مفادها أن النهضة الكروية والرياضية هي جزء لا يتجزّأ من نهضة سياسية واقتصادية وثقافية غالبة يؤكّدها المُتفوّقون في الرياضة كما يؤّدونها في ميادين لعبة الأمم الأخرى.
ولا يقتصر البؤس الكروي العربي على نتائج المباريات. هو يتّعداها إلى تعابير ساذِجة في مجمّعات المُتفرجين حيث يرتدي مصري قِناع خوفو أو خفرع، ثم ينفجر باكياً بعد هزيمة فريقه والقِناع يحيط برأسه. أو آخر يضع على رأسه طربوشاً تركياً فولكلورياً لا يرمز إلى هويةٍ جديرةٍ بالمنافسةِ. وثالث يُردّد عبارات المُنتصرين التي تتحوّل مع الهزيمة إلى بؤسٍ بحجمٍ قياسي.
في تعليقهم على أداء الفرق العربية لا يتوّرع المُعلّقون الأجانب عن استعراض مصادر قوّتهم في تلك الفرق فيقولون: هذا الفريق وصل إلى حيث هو الآن بفضل مُدرِّب إيطالي، وذاك الفريق وصل إلى كأس العالم لأن نجمين أو ثلاثة منه يلعبون في الدوري الإنكليزي أو الألماني أو الإسباني أو الفرنسي. ويختصر الفريق المصري بمحمد صلاح نجم ليفربول البريطاني.. هكذا نرى ألا وجود للفرق العربية لولا قواعد الغالب وإن عليها أن تعترف بغلبتها وألا تتعدّاها.
يمكن القول من دون تردّد إن كأس العام في كرة القدم كما المشاهد الرياضية والثقافية عامة، هي جزء لا يتجزّأ من لعبةِ أممٍ سياسيةٍ دوليةٍ مُعرّضة للاختراق على أصولها وليس على قاعدة استبدال الغالب بالمغلوب. وعليه نرى هيئة العرب في كأس العالم على صورتهم السياسية، فالحال من بعضه أو " حال بحال" كما يقول المغاربة.
فيصل جلول باحث لبناني مقيم في فرنسا
لماذا يُنتج التكفير ثقافة الانحلال!
في زمن داعش وأخواتها.. شاعت ثقافة التكفير... في كل القضايا من السياسة وأمور الحياة إلى الأدب والفن... ولم يقتصر الأثر السلبي لهكذا ثقافة على بلدانها التي أنتجت الوهّابية.. والتي مثّلت آلة التفريخ الكبري لكل ما هو ظلامي ومُتطرّف وأنتجت روافع لهذا الفكر من جماعات التوحّش الملتحفة زيفاً برداء الدين، لم يقتصر خطرها على بلدانها..
امتدّت (ثقافة الكفير) إلى بلدان عربية وإسلامية أخرى اشتهرت بالثقافة المُنفتحة والتحضّر والرقي المعرفي، ولعلّ سوريا والعراق ومصر أمثلة حيّة لذلك خلال السنوات الثماني الماضية.. حين غزتها جيوش التكفيريين بأسلحتهم وفتاويهم الداعية للقتل بإسم الدين.. والدين منها براء.. تلك الثقافة التكفيرية، التي خطفت ثورات الإصلاح وحوّلت ما سُمّي بالربيع العربي إلى موسم مفتوح بلا نهاية للقتل والذبح والإرهاب، أنتجت أيضاً فناً وثقافة تدعو إلى الانحلال الأخلاقي، وكأن ثمة تلازماً شرطياً بين الثقافتين.. ثقافة التكفير وثقافة الانحلال، وهو ما تبدّى واضحاً في البداية في الدول التي خرجت منها ثقافة التكفير حين لاحظ العلماء والخبراء المتخصصون أنها أكثر البلاد العربية انحلالاً خلقياً وأشدّها تدهوراً في التعليم والأدب والفن وفي كل مجالات الحياة.. تُرى لماذا ؟! ذلك ما نحاول الإجابة عليه في سطور موجزة: أولاً:.. في بحثنا عن تفسير لهذه العلاقة بين ثقافة التكفير وبين ثقافة الانحلال (وهي مسألة أظن أنه لم يتم تناولها بالتحليل المعمق في صحافتنا وإعلامنا العربي بعد) وجدنا أن كلتا الثقافتين تتميّز بالانغلاق والجمود ورفض الحوار والنقد والتعديل، فالثقافة التحريمية والتكفيرية متعالية وتدعي امتلاكها الحقيقة المطلقة ومن ثم فلا نقاش ولا حوار وما دونها باطل حتى لو كانت حجتها غير مؤسسة على قاعدة صلبة، حتى ولو جوبهت بحجج أخرى دينية، وكذلك ثقافة الانحلال والابتذال فهي تنطلق من منطلق غير مبال بالقيم ولا المجتمعات وثوابتها، وبالتالي فإن خرقها لهذه التابوهات أكسبها غروراً ووقاحة ترفض معها النقد والحوار وتسير في طريقها التخريبي من دون أن تعبأ بغيرها، وبالتالي فإن هذا الانغلاق والتعالي سمة مشتركة بين الثقافتين ويدخل في عوامل التشابُه من حيث الطبيعة.
ثانياً: كلتا الثقافتين محدودتين من حيث الأفق وكذلك الإمكانات الفنية فالتحريمية (التكفيرية) لا تعترف بالفنون وبالتالي جمالياتها وما تنتجه من فنون تعتبرها هي الفنون المُثلى، أما الثقافة المُنحلّة فهي تبتعد تماماً عن جماليّات الفن وأدواته وهي عادة ما تكون محدودة الإمكانات في الرؤية والفهم، ومن ثم تعتمد على أسلوبٍ سهلٍ وهو إثارة الغرائز وعادة ما يكون خالياً تماماً من الجماليّات الفنية والمُعاناة الإبداعية والصدق، وكل وسائل نجاح العمل والتي تجعله جديراً بلقب (عمل فني) وهذه المحدوديّة في الرؤية والإمكانات من عوامل التشابُه والترابُط بينهما أيضاً.
ثالثاً: ينتج من الثقافتين فن بعيد كل البُعد عن ضمير الأمّة وذائقتها، فالثقافة التحريمية والتكفيرية تنتج تجهّماً وتشدّداً يبتعد عن المزاج العام المُتّسم بالوسطيّة وحب الحياة والمِتَع المشروعة، وبالتالي فإن فنونه تكون بعيدة تماماً عن المُتلقّي ولا تعبّر عنه، وعلى الجانب الآخر فإن الانحلال والمجون والابتذال تبتعد تماماً عن ضمير الأمّة ومزاجها وحتى لو استهوت البعض لدواع غريزية أو فضولية فإنها تكون من خلال الخلسة والخجل وتكون النظرة العامة لها هي نظرة احتقار واستياء، وبالتالي فهي بعيدة تماماً عن مكوّن الأمّة الوجداني وطبيعتها ونشأتها ووسطيتها وأخلاقياتها.
رابعاً: المُحصّلة العامة من النتاج الأدبي والفني للثقافتين هي مُحصّلة صفرية لا ينتج منها أي عائد إيجابي على قضايا الأمّة وتطوّرها، لأن التجاوب مع الفن واستقبال رسالته يشترط التجاوب والتآلف والتوحّد وهذا ينتج من الصدق والاهتمام الحقيقي بالواقع والمرحلة التاريخية وطبيعتها وطبيعة قضاياها، كما أن الجمهور يتعلّق دائماً بالفن الجيّد والمُستوفي لشروط وقواعد وجماليّات الفن، وبالتالي فلا يوجد نتاج اجتماعي إيجابي بل على العكس هناك نتاج سلبي إما بالتجهّم والإحباط وإما بالإلهاء والاستسلام.
خامساً وأخيراً فإن كلا الثقافتين يؤدّي إلى الآخر فالإفراط في الكبت (كما هي الحال في بعض البلاد النفطية التي اشتهرت بالتكفير وثقافة التحريم) ربما يؤدّي إلى الانفجار في شكلٍ مُبتَذل وفاجِر ويكون دائماً الشعب داخل تلك البلدان أو خارجها حيث تم تصدير التكفير؛ ثقافة وفتاوى وشباب جاهل مُتعطّش للدمّ؛ هو الضحية وعلى الجانب الآخر فإن الإفراط في الانحلال والابتذال ربما يصحو معه الضمير ولكن ردّة الفعل على هذا الإغراق في المجون ربما تكون إغراقاً في التوبة ولكن ليس بالمعنى الصحيح لها، ولكنها عادة ما تأخذ شكلاً مُتجهّماً ومُتشدّداً في أقصى الجهة الأخرى، وبالتالي فإن الثقافتين متشابهتان من حيث الطبيعة والنتائج وربما تلتقيان في نهاية المطاف.. ولكن عادة ما يكون اللقاء على جثة الأمّة وثقافتها الوسطيّة ووحدتها وتقدّمها وانفتاحها الراقي الذي لا يخالف الدين.. وهو اللقاء الدامي الذي جنت – بالفعل - سوريا والعراق ومصر.. وغيرها ثماره المرّة خلال السنوات الثماني الماضية.. حين تَعانقَ التكفير الداعشي الوهّابي مع الانحلال الثقافي.. فأنتج إرهاباً وفوضى..لازلنا نعالج آثارهما حتى اليوم!!.
رفعت سيد أحمد
تحالف بين بين كتلتي العبادي والصدر في البرلمان لتأليف الحكومة العراقية
أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وزعيم التيار الصدري السيد مقتدى الصدر التحالف بين كتلتيهما في البرلمان لتأليف الحكومة المقبلة، وأوضحا أن التحالف بين "النصر" و"سائرون" عابر للطائفية والإثنية.
وأكد الطرفان الحفاظ على "وحدة العراق أرضا وشعبا والتأكيد على التداول السلمي للسلطة"،وأيضاً الحفاظ على علاقة متوازنة مع الجميع بما يحقق مصالح العراق.
وأضاف أن "التحالف لم يتطرق إلى ولاية ثانية للعبادي، والاستمرار في التحالفات الأخرى وليس ضدها".
وأكد مصدر عراقي أن تحالف الطرفين "مفتوح أمام مشاركة باقي الكتل السياسية العراقية".
وقال زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر إن "التحالف مع العبادي سيسهم في بلورة حكومة عراقية قوية تخدم تطلعات الشعب وندعو الكتل إلى اجتماع للاتفاق على الخطوات اللاحقة"
والتقى العبادي، مساء السبت ،بالصدر، في مدينة النجف الأشرف اليوم السبت .
من جهته، ذكر مصدر محلي في المحافظة لمراسل (واع) أن رئيس الوزراء العبادي التقي بالسيد مقتدى الصدر بعد حضوره المهرجان التأبيني لشهيد الحشد الشعبي .
ووصل العبادي في وقت سابق إلى النجف، حيث التقى بعدد من المسؤولين هناك.
وكات تحالف سائرون بقيادة السيد مقتدى الصدر تصدّر نتائج الانتخابات البرلمانية بـ54 مقعداً، يليه تحالف الفتح بزعامة هادي العامري الذي حصد 47 مقعداً، ثم تحالف النصر بقيادة رئيس الوزراء حيدر العبادي الذي حصد 42 مقعداً.
خطبتا الإمام الخامنئي في صلاة عيد الفطر السعيد
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين. «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ ثُمَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ يَعْدِلُونَ» (1). أحمده وأستعينه وأستغفره وأتوب إليه وأصلي وأسلِّم على حبيبه ونجيبه سيد خلقه أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديين المعصومين المكرَّمين، لا سيما بقية الله في الأرضين، والصلاة على أئمة المسلمين وحماة المستضعفين وهداة المؤمنين.
أبارك لكلّ الإخوة والأخوات الحاضرين في هذا التجمع الحماسيّ العظيم، ولكل الشعب الإيراني، ولكل الأمة الإسلامية عيد الفطر السعيد الذي ورد فيه عن المعصوم (عليه السلام) « يثابُ فيهِ المُحسِنون ويخسَرُ فيهِ المُبطِلون» (2). اليوم هو يوم أخذ المكافأة للذين تحمَّلوا المشاق وسعوا سعيهم وقاموا بالأعمال الحسنة. وشعبنا بحمد لله هو غالباً في عداد المحسنين.
ورد [في الحديث الشريف]: «إنَّ اللهَ جَعَلَ شَهرَ رَمَضانَ مِضماراً لِخَلقِهِ فَيستَبِقونَ فِيهِ بِطاعَتِهِ إلَى مَرضاتِه» (3). جعل الله شهر رمضان مضمار سباق بين المؤمنين ليقتربوا من رضى الله عبر طاعته. وحمداً لله أنَّ شعبنا يحصل كلّ سنة في هذه المسابقة على درجات وامتيازات أكثر. عندما نقارن كلَّ سنة بالسنوات السابقة نرى أنَّ التقدم في المعنوية وفي الأعمال الحسنة وفي الأعمال التي تقرّب الإنسان من الله تعالى يزداد كلّ سنة بين أبناء الشعب. فقد بدأت تلاوة القرآن الكريم، وتلاوة أجزاء منه قبل سنوات في إحدى المدن، واليوم راجت هذه السُّنّة الحسنة والجميلة جداً في كثير من مدن البلاد خلال شهر رمضان. مجالس الدعاء والمناجاة، ومعنويات الناس ومشاركتهم في هذه المجالس تزداد كلَّ سنة. وفي هذا العام وجدتُ، بعد التقصّي والتحرّي، أنَّ مجالس الدعاء والذكر والمناجاة والتوسل والموعظة كانت أكثر حرارة وحيوية وحضوراً وجاذبية من كل عام. وهذا هو ميدان السباق نفسه [الذي أشار الحديث إليه].
توزيع وجبات الإفطار على الناس سُنّة شاعت منذ سنوات بين الناس والحمد لله، حيثُ تُفرش الموائد في المساجد والشوارع والأزقة ويتم توزيع وجبات إفطار بسيطة، أو تُوزَّع وجبات الإفطار المعلّبة بين الناس. وقد ازدادت هذه الظاهرة في هذه السنة أكثر من السنوات السابقة، وكانت أكثر رونقاً، وهذا بدوره يعتبر تقدُّماً في هذا السباق.
وذروة التألق في شهر رمضان كانت في ليالي القدر وفي تلك التجمعات الشعبية الهائلة في الأنحاء المختلفة من هذه المدينة [طهران] وكل مدن البلاد حيث رفع الناس الأيدي بالدعاء وتحدثوا مع ربهم تعالى وطلبوا منه وناجوه وزادوا من لطافة أرواحهم وصفائها. هذه هي الجهود نفسها التي تُبذل في ميدان السباق.
ثم كانت مسيرات يوم القدس التي تُعدُّ بحق ظاهرة فريدة من نوعها في الجمهورية الإسلامية وقد كانت في هذه السنة أكثر بروزاً وتميزاً من أيَّة سنة أخرى. تحت تلك الشمس الحارقة، وفي هذه النهارات الطويلة وبأفواه صائمة، وبعد ساعات [قليلة] من إحياء ليلة الثالث والعشرين من شهر رمضان؛ بعد ساعات من انتهاء السهر في ليلة الإحياء، نزل الناس إلى الشوارع بحماسة ونشاط، ورفعت إلينا تقارير من قبل القائمين على الإحصاء تفيد بأنَّ حشود الجماهير المشاركة في هذه المسيرات في غالبية مدن البلاد كانت هذه السنة أكثر حماسة وحيوية، ومن حيث الكم كانت أكثر عدداً من السنة الماضية ومن السنوات السابقة.
هذا الشعب شعبٌ يقظٌ مملوء بالدوافع والمحفزات ولا يشعر بالتعب والنصب. الذين يروّجون تبعاً لدعايات العدو بأنَّ هذا الشعب متعب وعديم الحيوية هم أنفسهم متعبون وعديمو الحيوية! لكنهم يعمّمون الأمر ويقيسونه على أنفسهم. هذا الشعب الذي نزل بكل شرائحه - نساء ورجالاً وشيباً وشباناً - بعد ليلة إحياء بتلك الحماسة والنشاط وقام بتلك المسيرات، هذا الشعب ليس بمتعب وليس بيائس. إنَّه شعب يعدّ ميدان العمل ميدان سباق، ومعنوياته تزداد يوماً بعد يوم بحمد الله. إنّ معنويات شعبنا وصفاءه تزداد في شهر رمضان كل عام. وهذا يعني أنَّ الشعب الإيراني ملتزم بالأمور المعنويّة رغم أنف السياسات الرامية إلى إبعاد الناس عن المعنويات، وهو شعب صامد بوجه العالم السائر نحو الفساد والانحطاط المعنوي. والقائم بكل هذا الجد والجهد في كل أرجاء البلاد هم في الأعمِّ الأغلب شباب هذا البلد، وهذا رصيد معنوي فريد؛ أن تكون روح المعنوية موجودة في شباب البلد، وهذا ما يحافظ على هوية البلد واستقلاله وعزته وعظمته.
اللهم بمحمد وآل محمد أدم وأبق هذه العزة وهذه المعنوية وهذه العظمة وهذا الحركة التقدميّة لهذا الشعب العظيم والمؤمن.
﴿بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ * قُل هُوَ اللهُ أَحَدٌ * اَللهُ الصَّمَدُ * لَم یَلِد وَلَم یولَد * وَلَم یَکـُن لَه کُفُوًا أَحَدٌ﴾ (4)
الخطبة الثانية:
بسم الله الرّحمن الرّحيم
والحمد لله ربّ العالمين، والصّلاة والسّلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمّد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين الهداة المهديين المعصومين. اللهمّ صلّ على وليك أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وعلى حبيبته الزّهراء المرضية، وعلى الحسن والحسين سيدي شباب أهل الجنّة، وعلى علي بن الحسين سيد العابدين، وعلى محمّد بن علي باقر علم الأوّلين والآخِرين، وعلى جعفر بن محمّد الصّادق، وعلى موسى بن جعفر الكاظم، وعلى علي بن موسى الرّضا، وعلى محمّد بن علي الجواد، وعلى علي بن محمّد الهادي، وعلى الحسن بن علي الزّكي العسكري، وعلى الحجّة القائم المهدي صلواتك عليهم أجمعين، وصلّ علی أئمّة المسلمین وحماة المستضعفین وهداة المؤمنین.
لقد كان ليوم القدس في هذا العام رونقٌ وازدهارٌ أكبر وانتشارٌ أوسع في أوساط الشعوب الأخرى أيضاً. والأخبار التي بلغتنا من مختلف البلدان تدلُّ على أن الشعوب قد بادروا إلى إحياء يوم القدس في دول مختلفة. وهذا معناه أنه على الرغم من دعايات الأعداء فإنَّ التقارب بين الشعوب المسلمة والشعب الإيراني الكبير قد ازداد، وقد اقتربت توجّهاتهم ورؤاهم بعضها من بعض.
وبالطبع فإنَّ القوى الشيطانية في حال تآمر ورسم للخطط دائم ضد الشعب الإيراني، لأنها قلقة من صموده واقتداره واستقلاله وفكره الراقي الإبداعي بالنسبة للحياة الوطنية، وبين الشعوب. وهذه القوى تبذل مساعيها طبعاً، وسوف تخفق دائماً إن شاء الله. لقد أعلن الرئيس الأمريكي (5) أنهم أنفقوا في منطقة غرب آسيا هذه سبعة تريليون دولار! هو نفسه يقول إنّ الكلام ليس عن مليون، وليس عن مليار، بل الكلام عن تريليونات. «سبعة تريليون - سبعة آلاف مليار- دولار أنفقناها في هذه المنطقة ولم نحصل على شيء». هذا ما يقوله هو نفسه، وهذا يعني الهزيمة، لقد هُزمت أميركا في المنطقة. لم تتمكّن أميركا في المنطقة، والشيطان الأكبر بكل تلك المساعي وبكل تلك الوساوس والحيل لم يستطع تحقيق مراده في هذه المنطقة. لقد أنفق المال «فَسَينفِقونَها ثُمَّ تَكونُ عَلَيهِم حَسرَةً ثُمَّ يغلَبون» (6). إنها آية قرآنية، سينفقون الأموال لكنّهم لن يجنوا من ذلك أيّ فائدة. وفي قادم الأيّام أيضاً، مهما أنفقت القوى الشيطانية من المال في هذه المنطقة ستكون النتيجة هي ذاتها بالنسبة لهم.
لكن يجب على الشعب الإيراني أن يكون يقظاً، وأن يعي المؤامرات. أيها الإخوة الأعزاء، أيتها الأخوات العزيزات في كل أنحاء البلاد، إنَّ مؤامرة العدو اليوم عبارة عن ممارسة الضغط الاقتصادي على عموم الشعب الإيراني بغية إنهاكه وبثِّ اليأس فيه. اعلموا أنَّ على الجميع أن يسعوا في هذا المجال، على الحكومة أن تسعى، وعلى المسؤولين أن يسعوا، الحكومة بمعنى مجموع أجهزة الدولة. ولقد تأسس بحمد الله مركز لمتابعة هذه الأمور بمشاركة رؤساء السلطات الثلاث والمسؤولين الناشطين في هذه السلطات، ليتابعوا هذه المسألة - المسألة الاقتصاديّة الهامة - خطوة بخطوة ويتخذوا القرارات الحاسمة [بهذا الشأن] وينفّذوها. وهذا ما يجب متابعته إن شاء الله بكل جدية.
لكن على الناس أيضاً واجبات، ينبغي أداؤها. على عموم أبناء الشعب أن يلتفتوا لقضية الإسراف. لقد طرحنا قضية الإسراف قبل سنوات (7) والبذخ والتبذير في الأمور غير الضرورية. عليهم أن يتجنبوا هذا الأمر لصالح البلاد ولصالح الطبقات المستضعفة والفقيرة والمظلومة.
ليعلم الشعب الإيراني أنَّ السيولة النقدية في البلاد اليوم كبيرة جداً. ليوجِّه الذين يمتلكون هذه الإمكانيات المالية والذين يمتلكون هذه السيولة النقدية نحو الإنتاج من أجل إطلاق حركة العمل، ولتدور عجلة حياة الناس عبر الإنتاج. هذه مهمة تقع على عاتق أبناء الشعب.
ولينتبه الذين يعملون في التجارة الخارجيّة وليحذروا ألّا يستوردوا البضائع التي يتم إنتاجها في الداخل. وألّا يستوردوا البضائع البعيدة عن احتياجات الناس وغير الضرورية. هذه أعمال ومهام يمكن للناس القيام بها، وهي على عاتقهم، على عاتق كل واحد من أبناء الشعب.
وليُعمل على إحصاء كل الأعمال التي يمكنها في هذا المجال أن تساعد الحركة الاقتصادية المستقلة في البلاد. ينبغي على الذين اعتادوا على السفر إلى الخارج أن يتركوا هذه العادة. وليدعوا الرحلات الترفيهية الزائدة بذرائع مختلفة إلى الخارج وإلى مختلف البلدان؛ طبعاً ما عدا السفر إلى الحج وإلى زيارة العتبات [المقدسة]، فليس هذا هو مقصودنا؛ وهو سفر لا يحمّل البلاد كلفة كبيرة، وينطوي على بركات.
ينقل ويسمع أن وزارة الاقتصاد قد اتخذت تدابير لازدهار أجواء العمل والكسب والتجارة وقد أزالت الموانع والعقبات التي تحول دون ازدهار أجواء العمل والتجارة. هذه خطوة إيجابية وينبغي متابعتها. [كما] ينبغي متابعة قضية مكافحة الفساد بشكل جاد، وكذلك محاربة الإسراف. [أمّا] الشباب الناشطون في القطاعات الإنتاجية والبنائية ـ وبحمد الله أنَّ هذا الأمر قد انتشر كثيراً في البلاد بحيث ترى الشباب ينشطون في المجالات الإنتاجية ويعملون ويجدون ويسعون ولهم منتجاتهم المفيدة ـ فهؤلاء يجب تشجيعهم.
هناك قضية مهمة أخرى هي قضية وحدة كل أبناء الشعب ـ الوحدة الوطنية والوحدة الاجتماعية للشعب ـ. لقد شاع اليوم، للأسف، في الأجواء العامة وفي الفضاء الافتراضي أن يُهين البعض بعضهم الآخر ويوجهوا التهم لبعضهم البعض. وبالطبع، هذه الجماعة ليست جماعة كبيرة بالتأكيد، لكن ممارساتهم هذه تضرّ بالبلاد وبالأجواء العامة للبلاد. بعض هذه الممارسات من الذنوب الكبيرة. ينبغي أن تسود روح الوحدة وروح الاهتمام [بالآخر]، وليتركوا التهجم على بعضهم البعض لوقت آخر. اليوم حيث يقف العدو بوجه البلاد، ليضع الجميع أيديهم بأيدي بعضهم الآخر، وليتحدوا، وليعملوا في اتجاه واحد من أجل استقلال البلاد وعظمتها.
وما نرجوه ونأمله أن لا يُكرّر البعض كلام العدو ـ والذي هو في الواقع حرب نفسية لإضعاف معنويات الشعب ـ في الصحف والمطبوعات ووسائل الإعلام. يطلق العدو كلاماً من إجل إضعاف معنويات الشعب الإيراني فنرى شخصاً في الداخل ينبري ويكرر الكلام نفسه، والكذبة نفسها، والكلام الخاطئ نفسه من أجل إرضاء العدو أو بسبب عدم التحليل الصحيح للقضايا. لنترك هذه الممارسات.
وسيكون مستقبل البلاد إن شاء الله أفضل مرات ومرات من حاضرها بفضل هذه المعنويات وهذه الحركة وهذا الشعب وهذه الروح المعنوية وهذا الشعور بالاستقلال الموجود لدى الشعب وبفضل الله ولطفه. اللهم بمحمد وآل محمد احشر الروح المطهرة للإمام الخميني وأرواح الشهداء الطاهرة مع أوليائك، وبارك للشعب الإيراني هذا العيد.
﴿بِسمِ اللهِ الرَّحمنِ الرَّحیمِ * وَالعَـصرِ * إِنَّ الإِنسانَ لَفي خُسرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ﴾ (8)
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1 ـ سورة الأنعام، الآية 1.
2 ـ تحف العقول، ص 236.
3 ـ تحف العقول، ص 236.
4 ـ سورة الإخلاص.
5 ـ دونالد ترامب.
6 ـ سورة الأنفال، شطر من الآية 36.
7 ـ من ذلك كلمة الإمام الخامنئي في لقائه مختلف شرائح الشعب بمناسبة عيد الغدير بتاريخ 20/09/2016 م.
8 ـ سورة العصر.
ما هي خطة المعركة المرتقبة في الجنوب السوري؟
تفاصيل الإعداد لمعركة الجنوب السوري تُشارف على اكتمالها بحسب الخطة المرسومة. فالتعزيزات العسكرية من آليات عسكرية وراجمات صواريخ ومدرّعات وصلت إلى مدينة درعا مع تشكيلات من الفرقة الرابعة والحرس الجمهوري والمخابرات الجوية. فمحاور القتال بدأت ترتسم بالنار.
العملية مهّد لها الجيش السوري عسكرياً بعشرات عمليات القصف المدفعي والصاروخي خلال الايام الماضية ضد معاقل المسلحين، في الحراك والمليحة الغربية والغارية الغربية وبصَر الحرير لخلخلة خطوط دفاعهم تدريجياً.
مهّد لها الجيش سياسياَ أيضاً بمحاولات الوصول إلى مصالحات مناطقية كمعاملات انضمام بلدات الريف الغربي والشرقي التي خرجت عن الدولة منذ سبعة أعوام الى مسيرة المصالحات. فهي كانت جاهزة لكنها لم تتم بسبب حاجة المصالحين إلى قرار اقليمي بعد أن اختطفت المجموعات المسلحة قرار الوجهاء فيها.
المقاتلون في الجنوب يندرجون في خمسين فصيلا مسلّحاً يبلغ تعدادهم ثلاثين ألفاً بحسب تنسيقيات المسلحين، سيواجههم الجيش السوري في عمليته العسكرية التي يتقدم فيها من ثلاثة محاور. وقد شكّلت استعادة الشيخ مسكين قبل عامين بداية انقلاب موازين القوى في المنطقة الجنوبية لمصلحةالجيش السوري الذي استغل الوقت لتصليب مواقعه وحضوره مِن دون خوض معارك جديدة أو مكلفة كان آخرها في حي المنشية بدرعا قبل عام، فضلاً عن تحييد معظم الأرياف المحيطة بدرعا وبطريق درعا دمشق، مروراً بأزرع والصنمين حيث يحشد المجموعات الأساسية لقواته في الفرقة الخامسة والتاسعة والسابعة والخامسة عشر. وقد عمل الجيش السوري على توسيع دائرة المصالحات التي ألقى فيها آلاف المسلحين سلاحهم، أو بمحاصرة مَن يعاند ويعرقل تلك المصالحات.
وحدات الهجوم تقدمت من اللجاة بريف السويداء الشمالي وفصلتها عن بصر الحرير خط الدفاع الأول للريف الشرقي لدرعا. وإذا تمكن الجيش السوري من السيطرة عليها ستنفتح أمامه الطرق نحو بلدات المليحات والكرك والحراك وصولا إلى معبر نصيب على الحدود الأردنية. في ذلك يصبح ظهير القوات محميا إذا توجهت غربا نحو نوى والحارة بريف المحافظة الغربي. محور آخر ستتحرك منه القوات من سجنه وصولاً إلى المنشية في مدينة درعا والمخيم لتلتقي القوات بالقوات المتقدمة من بصر الحرير فمعبر نصيب.
تكتيك القضم التدريجي وتثبيت خطوط الاسناد، قبل الانتقال إلى مناطق أخرى، من شأنه أن يمهّد نارياَ لتشتيت المسلحين وتخفيف خسائر الجيش، والضغط عسكرياً على المجموعات المسلحة لإجبارها على الاستسلام والانخراط في التسويات لتحييد البلدات والقرى.
السباق نحو الجنوب اقليمي أيضاً. فالفصائل المسلحة تقول أنها تسلمت عبر الحدود الأردنية أسلحة متطورة، من بينها صواريخ تاو بمدى 8 كم، قادرة على إسقاط المروحيات بحسب وكالة آكي الايطالية نقلا عن أحد قادة المجموعات المسلحة في الجنوب. سبع غرف عمليات أنشأت على عجل استعداداً لمواجهة الجيش السوري والحلفاء في أرياف درعا وواحدة في ريف القنيطرة.
الخلافات الكبيرة والاقتتال في صفوف المسلحين لاسيما بين فصائل الجيش الحر والنصرة (وأغلب عناصرها في المنطقة الجنوبية من التيار السلفي الأردني) عطلت إمكانية قيام هذه المجموعات بأي هجوم ضد مواقع الجيش السوري حتى قبل ضم المنطقة الجنوبية لاتفاقات خفض التصعيد برعاية روسية ــ اميركية في تشرين الثاني/نوفمبر الفائت الذي أردات منه واشنطن الحد من النفوذ الايراني في الجنوب على حدود الجولان المحتل أكثر ما أرادت انقاذ الفصائل المدعومة اسرائيليا وأمريكيا من عملية عسكرية بدأت تلوح بالأفق بعد انتصار الغوطة الشرقية .
البيئة المحلية المحبطة هي ايضا ستشكل عنصرا أساسيا في انتصار الجيش . فالخسائر الكبيرة التي لحقت بالبيئة الحورانية بعد مقتل الالاف من أبنائها، في معارك عاصفة الجنوب وغيرها ادت الى استنزافها وإلى أزمة الحشد في صفوف المجموعات المسلحة من اجل استئناف الحرب. فمنذ هزيمة عاصفة الجنوب في 2015 تم تجميد غرفة عمليات الموك بقرار أردني. وهذا التجميد فضلا عن اقتتال الفصائل فيما بينها، قد يسهل موضوعيا تقدم الجيش في أرياف المحافظة خاصة بعد الوصول الى معبر نصيب والامساك بالحدود.
ومع تحريرالغوطة الغربية بداية هذا العام ، تم تحييد العامل الاسرائيلي إلى حدود كبيرة بقطع الطريق على المجموعات المسلحة المدعومة اسرائيليا من الاتصال بالجيوب المعزولة في مناطق الغوطة الغربية في زاكية والطيبة ومغر المير وخان الشيح من أجل تهديد العاصمة دمشق وخطوط إمداد الجيش نحو ريف القنيطرة. لقد جرى قطع الطريق أيضا على طموحات اسرائيل بتأسيس منطقة آمنة من فصائل موالية لها واستدراج المقاومة وإيران اللذين يحشدان في المنطقة، إلى حرب مصغرة في الجولان عبر هذه الفصائل بدعم لوجستي ومدفعي .
ديمة ناصيف
"نيويورك تايمز": الآفات "الترامبية" تنتشر في العالم لذا يجب على الغرب الوقوف بحزم في وجهها
كتبت صحيفة "نيويورك تايمز" مقالاً سلّطت الضوء فيه على الخلافات الأخيرة التي نشبت بين أمريكا وحلفائها الأوروبيين، حيث أعربت قائلة: لقد كان من أولويات أمريكا الحفاظ على تحالفها مع الدول الأوروبية والتضامن السياسي والاقتصادي والعسكري معها ولقد بذلت أمريكا التي كان لها حضور قوي على الساحة العالمية بعد الحرب العالمية الثانية، الكثير من الجهود لخلق حالة من الإجماع مع تلك الدول الغربية من أجل دعمها على الصعيد التجاري والأمني حول العالم وخلال تلك الفترة الزمنية كانت أمريكا تّدعي بفخر بأنها زعيمة العالم الحر، ولكنّ الرئيس الأمريكي الحالي "دونالد ترامب" قام باتخاذ نهجٍ مختلفٍ وأكثر حماقةً، فجميع الأعراف الدبلوماسية والقيم الليبرالية والقوانين واللوائح الأمريكية والمؤسسات والمنظمات الدولية والمثل السامية، تتعارض مع رغباته الأنانية.
وفي هذا المقال لفتت صحيفة "نيويورك تايمز" إلى أن المستشارة الألمانية "أنجيلا ميركل" عانت من أزمة سياسية داخلية شديدة خلال الأسبوع الماضي، وهذا الوضع استغلّه الرئيس "ترامب" الذي أطلق بعض التصريحات غير المنطقية، والمخادعة حول تأثير قضية الهجرة على "الائتلاف الحاكم الضعيف وغير المستقر في برلين"، وذكر بأن تزايد عدد المهاجرين في ألمانيا، كان من أهم الأسباب وراء ارتفاع عدد الجرائم في هذا البلد.
هل انهيار النظام العالمي يُعدّ مهمة تبشيرية ودينية لـ "ترامب"؟
في الواقع، إن رئيس أمريكا مسرور جداً من تلك الأخبار التي تُشير إلى أن حكومة أهم دولة أوروبية قد تنهار في أي لحظة ومن المتوقع أنه سيكون لهذا الانهيار نتائج واسعة على كل قارة أوروبا، ومنطقة التحالف الأطلسي، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل كانت رسالة الرئيس "ترامب" على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر" مجرد تسلية، يُريد بها أن يستعرض عضلاته وغروره والاستمتاع بفشل الطرف الآخر؟ أم إن تدمير النظام العالمي بعد الحرب العالمية الثانية يُعدّ مهمة تبشيرية ودينية للرئيس "ترامب"؟
لقد خلق هذا التساؤل الكثير من المضايقة لدى كبار المسؤولين الأوروبيين بالإضافة إلى العديد من المواطنين الأمريكيين، في حين أن "ترامب"، أجبر أصدقاء وحلفاء أمريكا على التخلي عن الاتفاقيات التي تم التوصل إليها بشق الأنفس وقام بإلغاء جميع المعاهدات التجارية وهدد بالقيام بحرب تجارية مع العديد من دول العالم.
وفي نهاية المطاف، ليس من الأهمية بمكان معرفة جذور "الآفات الترامبية" التي انتشرت في أنحاء العالم وإنما يجب في الوقت الحاضر الإجابة على السؤال القائل، كيف سيتمكن أولئك الذين يؤمنون بالقيم والمبادئ التي تأسست بعد الحرب العالمية الثانية، من التعامل مع هذه الأوضاع المتأزمة؟ من الواضح أن الإطراء وإطلاق العبارات المنمّقة على "ترامب" لن يُفيد في شيء.
أوروبا تعاني من عيب الازدواجية
حول هذا السياق كتبت صحيفة "نيويورك تايمز"، أنه يجب على الدول الأوروبية الرد والوقوف بحكمة في وجه الرئيس "ترامب" معتمدين في ذلك على كل الحقائق الميدانية، ولفتت هذه الصحيفة إلى أن الدول الأوروبية عانت خلال الفترة السابقة من الازدواجية في رؤيتها للأحداث العالمية وهذه الازدواجية نشأت بسبب الأزمات الاقتصادية التي مرّت بها وارتفاع عدد المهاجرين إليها، وتزايد النزعة الشعبية عند المواطنين الأوروبيين، وانتشار الشكوك حول الفوائد التي قدّمها الاتحاد الأوروبي للمواطنين الأوروبيين وخاصة بعد مغادرة بريطانيا لهذا الاتحاد، إن العداء ضد الرئيس "ترامب" لا يكفي بأي حال من الأحوال لجعل الأوروبيين موحدين ومتماسكين في المستقبل القريب، خاصة وأن الأغلبية العظمى من الجناح اليميني المتطرف في أوروبا لا يزالون يمتلكون رؤية جيدة ومحترمة تجاه "ترامب" ولهذا فإنه يجب على تلك الدول الأوروبية الاهتمام أكثر بقضايا تتعلق بإصلاح منطقة اليورو والقضايا التجارية الأخرى.
وفي سياق متصل، صرّح الرئيس "ترامب" كغيره من الرؤساء السابقين لأمريكا، بأن الدول الأوروبية لا تدفع نصيبها العادل لإحلال الأمن والأمان في الغرب ولهذا فلقد ارتفع الإنفاق الأوروبي في العام الماضي ومن المتوقع أن يستمر هذا الإنفاق في الارتفاع ومع ذلك، فإن أمريكا والأعضاء الثلاثة الآخرين في منظمة حلف شمال الأطلسي (الناتو) ينفقون ما لا يزيد عن اثنين في المئة من ناتجهم المحلي الإجمالي على هذه الأمور الأمنية.
يجب على الموقّعين على الاتفاق النووي الحفاظ على هذا الاتفاق وإبقائه على قيد الحياة
يجب على القادة الأوروبيين أن يقفوا بحزم في وجه استفزازات الرئيس "ترامب" وذلك لأن أمريكا لا يمكنها أن تفرض هيمنتها على جميع دول العالم ولقد بدأت دول الاتحاد الأوروبي وكندا ودول آسيوية بالفعل بمواجهة سياسات الرئيس "ترامب" العدوانية وذلك من خلال عقد وإبرام العديد من الاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف مع بعضهم البعض وهنا يجب عليهم أن يفعلوا كل ما في وسعهم لتحميل الصناعة والتجارة الأمريكية الكثير من النفقات الضخمة في هذه الحرب التجارية وينبغي على الموقعين على اتفاقية باريس بشأن المناخ، بالإضافة إلى الموقعين على الاتفاقية النووية الإيرانية، الحفاظ والالتزام بهذه الاتفاقيات على نحو مماثل، حتى لو لم تعد أمريكا عضواً فيهما.
وفي نهاية هذا المقال أعربت صحيفة "نيويورك تايمز"، بأنه يجب على جميع الأطراف أن يصرحوا بشكل علني بأن تلك القوانين والعلاقات والقيم التي تم تجميعها وتشكيلها على مدى عدة أجيال لها قيمة عالية ويجب الدفاع عنها والقتال من أجلها وعليهم أن يتذكروا بأن هنالك عدداً كبيراً من الشخصيات الأمريكية المؤثرة، تعارض مطالب الرئيس "ترامب" المتهورة، بما في ذلك العديد من الشخصيات التابعة للحزب الجمهوري وحتى بعض أعضاء الحكومة الأمريكية الحالية
معركة أحد وشهادة حمزة عم النبي (عليهما السلام) (7/ شوال/ السنة 3 هـ )
كان سبب غزوة أحد أن قريشاً لما رجعت من بدر إلى مكة وقد أصابهم ما أصابهم من القتل والأسر، فقد قتل منهم سبعون وأسر منهم سبعون. قال أبو سفيان: يا معشر قريش لا تدعوا النساء يبكين على قتلاكم فإنّ البكاء والدمعة إذا خرجت أذهبت الحزن والحرقة والعداوة لمحمد ويشمت بنا هو وأصحابه([1]).فلما أرادوا أن يغزوا رسول الله إلى أحد ساروا في حلفائهم من كنانة وغيرها، فجمعوا الجموع والسلاح، وخرجوا من مكة في ثلاثة آلاف، وأخرجوا معهم النساء يذكّرنهم ويحثنّهم على حرب رسول الله(ص)، وخرجت معهم هند بنت عتبة بن ربيعة.فلما بلغ رسول الله(ص)، ذلك جمع أصحابه وأخبرهم: أن الله قد أخبره: أنّ قريشاً قد تجمعت تريد المدينة([2]). قال الطبرسي: واستشار أصحابه ونزل (ص)، الشعب من أحد في عدوة الوادي إلى الجبل([3]).
وأصبح رسول الله(ص)، فتهيأ للقتال، وجعل على راية المهاجرين علياً(عليه السلام) ، وعلى راية الأنصار سعد بن عبادة، وقعد رسول الله(ص)، في راية الأنصار([4]).ووضع (ص)، عبد الله بن جبير في خمسين من الرماة على باب الشِّعب، وقال له ولأصحابه: إن رأيتمونا قد هزمناهم حتى أدخلناهم مكة فلا تخرجوا من هذا المكان، وإن رأيتموهم قد هزمونا حتى أدخلونا المدينة فلا تبرحوا والزموا منازلكم([5]).وقال (ص)، لهم: اتقوا الله واصبـروا، وإن رأيتمونا يخطفنا الطير فلا تبـرحوا مكانكم حتى أرسل إليكم.وقال (ص)، : لا تبـرحوا مكانكم هذا وإن قتلنا عن آخرنا، فإنما نُؤتى من موضعكم هذا([6]).
نشوب الحرب
وأوّل من أنشب الحرب هو أبو عامر عبد عمرو إذ طلع في خمسين من قومه، فتراموا فيما بينهم والمسلمين بالحجارة، ثم ولّوا مدبرين([7]).
وتقدّمت نساء المشركين أمام صفوفهم قبل اللقاء يضربن بالدفوف والطبول الكبار، ثم رجعن فكنّ في أواخر الصفوف خلف الرجال وبين أكتافهم يذكرن من أصيب ببدر ويحرّضن بذلك الرجال ويضربن بالدفوف ويقلن:
نحن بنات طارقْ |
|
نمشي على النمارقْ |
فراق غير وامق
بدء البراز بأحد
قال القمي في (تفسيره): كانت راية قريش مع طلحة بن أبي طلحة العبدوي، فبرز ونادى: يا محمد تزعمون أنكم تجهزونا بأسيافكم إلى النار، ونجهزكم بأسيافنا إلى الجنة، فمن شاء أن يلحق بجنته فليبرز إليّ.
فبرز إليه أمير المؤمنين(عليه السلام) يقول:
يا طلح إن كنت كما تقول |
|
لنا خيول ولكم نصول |
ينصره القاهر والرسول
فقال طلحة: من أنت يا غلام؟ قال: أنا علي بن أبي طالب. قال طلحة: قد علمت أنه لا يجسر عليّ أحد غيرك.
فشدّ عليه طلحة فاتقاه أمير المؤمنين(عليه السلام) بالترس، ثم ضربه أمير المؤمنين(عليه السلام) على فخذيه فقطعهما جميعاً، فسقط على ظهره وسقطت الراية، فذهب علي(عليه السلام) ليجهز عليه فحلّفه بالرحم فانصرف عنه، فقال المسلمون: ألا أجهزت عليه؟ قال: قد ضربته ضربة لا يعيش منها أبداً.
وأخذ الراية أبو سعيد فقتله علي(عليه السلام) وسقطت الراية إلى الأرض، فأخذها مسافع فقتله علي(عليه السلام) فسقطت الراية إلى الأرض، إلى أن قتل أمير المؤمنين(عليه السلام) التاسع من بني عبد الدار أرطاة فسقطت الراية إلى الأرض.
معصية الرُّماة
فحمل الأنصار على مشركي قريش فانهزموا هزيمة قبيحة، ووقع أصحاب رسول الله(ص)، في سوادهم، وانحطّ خالد بن الوليد في مئتي فارس فلقي عبد الله بن جبير وأصحابه فوق الجبل فاستقبلوهم بالسهام فردّوا.
ونظر أصحاب عبد الله بن جبير إلى أصحاب رسول الله(ص)، ينهبون سواد القوم، فقالوا لعبد الله: تقيمنا ههنا وقد غنم أصحابنا ونبقى نحن بلا غنيمة؟! فقال لهم عبد الله: اتقوا الله فإنّ رسول الله(ص)، قد تقدم إلينا أن لا نبرح.
فلم يقبلوا منه وأقبل ينسلّ رجل فرجل حتى أخلوا مراكزهم، وبقي عبد الله بن جبير في إثني عشر رجلاً([8]).
وانحطّ خالد بن الوليد على عبد الله بن جبير وقد فرّ أصحابه وبقي في نفر قليل، فقتلوهم على باب الشعب، واستعقبوا المسلمين فوضعوا فيهم السيف([9]).
ونظرت قريش في هزيمتها إلى الراية قد رفعت، فلاذوا بها.
هزيمة المسلمين ووقوف علي وبعض الصحابة
وانهزم أصحاب رسول الله(ص)، هزيمة قبيحة، وأقبلوا يصعدون في الجبال وفي كل وجه. فلما رأى رسول الله(ص)، الهزيمة كشف البيضة عن رأسه وقال: «إني أنا رسول الله فإلى أين تفرّون عن الله ورسوله».
لم يبق مع الرسول(ص)، إلاّ أمير المؤمنين(عليه السلام) وأبو دجانة، وكلما حملت طائفة على الرسول(ص)، استقبلهم أمير المؤمنين(عليه السلام) فيدفعهم عنه ويقتل فيهم حتى انقطع سيفه. فلما انقطع سيفه جاء إلى الرسول فقال: يا رسول الله إنّ الرجل يقاتل بالسلاح وقد انقطع سيفي. فدفع إليه الرسول سيفه «ذا الفقار» وقال: قاتل بهذا.
فلم يكن يحمل على رسول الله أحد إلاّ يستقبله أمير المؤمنين(عليه السلام) فإذا رأوه رجعوا، وانحاز الرسول(ص)، إلى ناحية أحد فوقف، فلم يزل علي(عليه السلام) يقاتلهم حتى أصابه في وجهه وصدره وبطنه ويديه ورجليه تسعون جراحة.
وسمعوا منادياً ينادي من السماء: «لا سيف إلاّ ذو الفقار، ولا فتى إلاّ علي». ونزل جبرئيل على الرسول وقال: هذه والله المواساة يا محمد. فقال الرسول(ص)،: لأني منه وهو مني. فقال جبرئيل: وأنا منكما.
استشهاد حمزة(عليه السلام)
وكان حمزة بن عبد المطلب(عليه السلام) يحمل على القوم فإذا رأوه انهزموا ولم يثبت له واحد منهم. وكان وحشي عبداً حبشياً لجبير بن مطعم. وكانت هند بنت عتبة قد أعطت وحشياً عهداً: لئن قتلت محمداً أوعلياً أو حمزة لأعطينّك رضاك.
يقول وحشي: أما محمد فلا أقدر عليه، وأما علي فرأيته رجلاً حذراً كثير الالتفات فلم أطمع فيه، فكمنت لحمزة فرأيته يهدّ الناس هداً، فمرّ بي فوطأ على جرف نهر فسقط، فأخذت حربتي فهززتها ورميته بها فوقعت في خاصرته وخرجت مغمّسة بالدم([10]).
وجاءت هند فأمرت بشق بطن حمزة وقطع كبده والتمثيل به، فجدعوا أنفه وأذنيه ومثّلوا به، ورسول الله مشغول عنه لا يعلم بما انتهى إليه أمره.
وقال القمي في (تفسيره): وجاءت إليه هند فقطعت مذاكيره وقطعت أذنيه وجعلتهما خرصين (حلقتين) وشدّتهما في عنقها، وقطعت يديه ورجليه([11]).