
Super User
قراءة في رؤية سماحة السيد خامنئي للمنطقة و طريقة الحل
ظروفٌ استثنائية تحتاج إلى مواقف استثنائية غير ضبابية كرمةً لأبناء هذه المنطقة وشبابها الذين يتعرضون لأكبر عملية مسح دماغي، وتشويه حقائق، وطمس هويات يشهدها التاريخ، ومن هنا كان لا بدّ من أن نضيء لكم جانباً من رؤية قائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي، الذي يقف سدّاً منيعاً في وجه الرياح الغربية التي تريد أن تعصف بكل هذا الشرق، ومن هنا نفهم لماذا تواجه إيران كل هذه الضغوط والرياح المسمومة التي لولا شباب الجمهورية الإسلامية، وعلمهم، ومثابرتهم، ووعيهم، لكانت نخرت عظام البلاد، وأسقطتها من الداخل.
ولأن جسور التواصل بين القائد الخامنئي، وأستاذة الجامعات، والباحثين، والمحققين الإيرانيين مبنية على الشفافية، والارتقاء ببلدهم، وتحصينها بالعلم والمعرفة، كان اللقاء في الأمس معهم تحت سقف حسينية الإمام الخميني(ره)، ليطرح قائد الثورة السيد علي الخامنئي مجموعة من المواضيع الحساسة تتعلق ببلاده، وما تتعرض له من أزمات، ومؤامرات، والقضية الأكثر جدلاً في هذه المرحلة والتي تبنى عليها حالياً سياسات جديدة وخارطة طريق لكل المنطقة ألّا وهي "القضية الفلسطينية".
دفعت الجمهورية الإسلامية الإيرانية الثمن غالياً نتيجةً لدعمها المستمر للقضية الفلسطينية، وعدم التخلي عنها في أحلك الظروف، فعندما كان الجميع يدير ظهره لفلسطين ويتبرأ منها، ويعقد على حسابها صفقات ليبقَ في مكانه أطول مدة ممكنة، كانت إيران تشدّ على أيادي المقاومين الفلسطينيين وتدعمهم على الملأ دون خشيةٍ من أحد، فلماذا تخشى وهي تدعم الحق؟، ولطالما أن صاحب الحق سلطان، بقيت الجمهورية الإسلامية سلطان هذه المنطقة المحق بينما كان غيرها يستمتع في لعب دور "التابع".
أن تكون سلطاناً، ومدافعاً عن الحق يعني أن تدفع ثمن ذلك؛ هذا الكلام تعرفه إيران جيداً، ومع ذلك تحمّلت جميع الضغوط الداخلية والخارجية كرمةً لعيون الحق ودفاعاً عن ثوابتها ومبادئها التي نشأت عليها.
خطة الجمهورية الإسلامية تجاه القضية الفلسطينية
وكان لافتاً في الأمس الطرح الذي أعاده السيد علي الخامنئي على مسامع الجميع فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، فخلال اجتماعه مع الأساتذة والباحثين قال سماحته: " قلنا دوماً أنه ومن أجل تعيين نوع الحكم في بلد فلسطين التاريخي يجب اللجوء إلى الأسلوب المقبول عالمياً أي إلى الرأي العام، وأن يتم استطلاع واستفتاء رأي جميع الفلسطينيين الحقيقيين، بمن فيهم المسلم واليهودي والمسيحي، من الذين سكنوا هذا البلاد منذ 80 عاماً، داخل الأراضي المحتلة أو خارجها".
وتساءل قائد الثورة:" مشروع الجمهورية الإسلامية هذا والذي تمت المصادقة عليه رسمياً في الأمم المتحدة.. ألا ينطبق على الموازين العامة التي تحظى بالإجماع العالمي؟ إذاً لماذا الأوربيون ليسوا مستعدين لفهمه؟".
ما يتحدث عنه السيد علي الخامنئي يتعلق بالتجربة الديمقراطية التي تقبل بها جميع دول العالم الحالي، ومن يعارضها لا يريد أن تنعم هذه المنطقة بالاستقرار والسلام، وهذا مفهوم لنا ويمكننا أن نلمسه كممارسة فعلية على الأرض في تصرفات وتصريحات القادة الغربيين والإسرائيليين، الذين يلبسون ثوب "الحَمَل" أمام المجتمع الدولي ويتعاملون مع الفلسطينيين ومن يدافع عنهم كالذئاب.
ازدواجية الغرب والصهاينة
هذا الكلام تطرّق إليه السيد علي الخامنئي في كلمته يوم أمس، مشيراً إلى أن رئيس وزراء الكيان الصهيوني القاتل للأطفال يذهب إلى أوروبا ليتظاهر بالمظلومية بأن إيران تريد القضاء على كيانه، في حين أن الصهاينة هم أعتى وأقسى الظالمين والمجرمين في التاريخ.
وانتقد قائد الثورة، الأوروبيين الذين يستمعون إلى كلام نتنياهو ويؤيدون مزاعمه، في حين لا ينبسون ببنت شفة حيال ما يرتكبه الكيان الصهيوني من جرائم في غزة والقدس.
ازدواجية مفتعلة يمارسها الغرب ضد "فلسطين" وبما أن إيران تعتبر الحجرة الأخيرة في معسكر الدفاع عن فلسطين قولاً وفعلاً، فلا بدّ من مهاجمتها في كل مكان وبذل قصارى الجهود لمنعها من تقديم أي دعم للفلسطينيين عبر تأليب الرأي العام العالمي ضدها، وتشويه سمعتها في كل مكان تصل إليه أيادي الصهاينة، ولكن لم يحدث حتى اللحظة ما تبحث عنه "إسرائيل".
سمعة إيران
وفي الأمس أشار السيد علي الخامنئي إلى هذه النقطة، قائلاً: " إن إيران في الوقت الحاضر هي الدولة التي لديها أكثر الأعداء من بين الدول الاستكبارية والقوى عديمة القيمة، ولدينا أكبر دعم من قبل الشعوب في معظم دول العالم".
وأضاف: "إن سمعة ومكانة الجمهورية الإسلامية هي أكثر من باقي الدول المجاورة وغير المجاورة، ولا يوجد بلد آخر يمتلك هذه السمعة والإرادة، لذلك فإنها تواجه أعداء خبثاء ولدودين".
العلم هو الحلّ
ولمن يبحث عن إجابة لسبب صمود إيران كل هذه الوقت في وجه هذه التحديات التي تعصف بها من كل حدب وصوب، عليكم أن تراقبوا حركة العلم في الجمهورية الإسلامية والتي شكّلت الحصن المنيع لأي مؤامرة تحاك ضدها، فبالعلم استطاعت إيران أن تصمد 40 عاماً في وجه الحصار المفروض عليها، وبالعلم استطاعت تخصيب اليورانيوم، وبعلم شبابها الذين حيّاهم سماحة السید خامنئي تقف اليوم صامدةً شامخة.
وحول هذا الموضوع دعا السيد خامنئي إلى تغيير أسلوب "استهلاك العلم " في البلاد إلى أسلوب "إنتاج العلم"، وبعد أن طرح عدد من الأساتذة وجهات نظرهم، في هذا اللقاء، ألقى قائد الثورة كلمة اعتبر فيها أن تجربة التخصيب بنسبة 20٪ تعدّ مثالاً بارعاً على موهبة الشباب الإيراني وقدراتهم، مشيراً إلى أنه "خلال الفترة التي كان فيها 20 في المئة من اليورانيوم المخصب معروض للبيع، وكان بعض المسؤولين يميلون إلى تقديم تنازلات في هذا الصدد، استطعنا بجهود الشباب مع المثابرة أن نصل إلى 20 في المئة من اليورانيوم، وأصبح العالم في صدمة عدم تصديق بأننا لسنا بحاجة إلى اليورانيوم الأمريكي أو الروسي أو الفرنسي.
المغرب.. جدل يتجدد حول "مجانية التعليم"
مجددا، عاد الجدل في المغرب حول مجانية التعليم، في ظل استعداد الحكومة لمناقشة مشروع قرار يضيف رسوما جديدة للتسجيل في بعض شعب الماستر (الماجستير) المتخصصة، باقتراح من وزير التربية الوطنية المغربي سعيد أمزازي.
وتتجاوز الرسوم الجديدة التي تعتزم وزارة التربية الوطنية فرضها 4 آلاف دولار بالنسبة للعاملين في سلك الوظيفة العمومية و5 آلاف دولار للعاملين في القطاع الخاص بينما ما يزال التداول حاصلا حول الرسوم التي ستفرض على بعض الطلبة ممن تتوفر عائلاتهم على دخل مرتفع.
وأمزازي الذي سبق وشغل منصب رئيس جامعة محمد الخامس (حكومية) بالعاصمة الرباط، قبل تعيينه وزيرا للتربية الوطنية في 22 يناير/كانون الثاني الماضي، كان أول رئيس جامعة مغربية يفرض رسوما للتسجيل ببعض شعب الماستر المتخصصة وعقد شراكات مع القطاع الخاص في شعب أخرى ماستر، ذات علاقة بالتسويق والاقتصاد.
وتظهر المعطيات التي حصلت عليها "الأناضول" أن التجربة ستوسع لتشمل جامعات مغربية أخرى وهو الأمر الذي يتزامن مع إثارة أعضاء من المجلس الأعلى للتربية والتكوين (جهاز استشاري حكومي) لقضية مجانية التعليم بعدما خمد النقاش لفترة.
و سبق للمجلس الذي يترأسه المستشار الملكي عمر عزيمان، أن فجر الجدل بعدما طالب بـ"خصخصة" التعليم تدريجيا.
حدث ذلك في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، وقتها اقترح المجلس الأعلى ، في اجتماع حضره ممثلو المجلس (من الحكومة والأحزاب والنقابات والمجالس)، فرض رسوم تسجيل على "العائلات الميسورة" من الثانوية إلى الجامعة.
وأثار هذا المقترح موجة احتجاج في البلاد، ورفض عبرت عنه الأسر إلى جانب النقابات والجمعيات المهنية.
** الإجهاز على مجانية التعليم
وفي يناير/كانون الثاني الماضي، عاد المجلس الحكومي، ليصادق على مشروع قانون لإصلاح التعليم ينص على فرض رسوم تسجيل في مؤسسات التعليم العامة على طلاب المرحلة الثانوية والجامعية، تقول الحكومة إنه سيقتصر تطبيقه على الأسر الميسورة.
وتتهم النقابات التعليمية في المغرب الحكومة بـ "الإجهاز على مجانية التعليم من خلال مشروع قانون يفرض رسوما على التعليم بمؤسسات الدولة"، وترد الحكومة بأن "الأسر الميسورة وحدها دون الفقيرة والمتوسطة، ستكون معنية بهذه الإجراءات ".
وبحسب مصطفى الخلفي، الناطق باسم الحكومة، في مؤتمر صحفي، عقده بالعاصمة الرباط، يناير/كانون الثاني الماضي، فإن مشروع القانون سيتم عرضه على اجتماع مقبل للمجلس الوزاري يرأسه العاهل المغربي الملك محمد السادس للمصادقة عليه، قبل طرحه أمام البرلمان لمناقشته والتصويت عليه، دون تحديد موعد لذلك.
ويقول الخلفي إنه بموجب هذا القانون "تضمن الدولة مجانية التعليم الإلزامي، الذي يشمل التعليم الأولي للأطفال المتراوحة أعمارهم بين 4 و6 سنوات، والتعليم الابتدائي والتعليم الإعدادي (أي من 4 إلى 15 عاما)".
واعتبر المتحدث الحكومي أن "إصلاح التعليم أولوية وطنية ملحة ومسؤولية مشتركة بين الدولة والأسرة وهيئات المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وغيرهم من الفاعلين في مجالات الثقافة والإعلام والاتصال."
** نقاش جديد قديم
النقاش حول "مجانية التعليم" بدأ الحديث عنه بالتحديد منذ المخطط الاستعجالي (برنامج لإصلاح التعليم أطلق عام 2009) الذي ما يزال موضع اتهام وملفاته ما تزال رائجة أمام القضاء بسبب تبديد الميزانية (أحال المجلس الأعلى للحسابات الذي يعنى بمراقبة المال العام بعض ملفات هذا المخطط إلى القضاء ).
وقتها قال أحمد أخشيشن وزير التعليم السابق (2007 و2012) إن إلغاء مجانية التعليم صار أمرا ضروريا.
** إملاءات البنك الدولي
نجيب أقصبي، المحلل الاقتصادي، يقول للأناضول إن "إلغاء مجانية التعليم هو مطلب قديم للبنك الدولي، والمغرب لم ينفذه خوفا من الاحتجاجات الاجتماعية لكنه يسعى إلى تحقيق ذلك على مراحل دون ان يكون قرارا يتخذ في دفعة واحدة".
ويضيف "هذا واحد من مظاهر السياسة النيوليبرالية للحكومة التي تروم القضاء على القدرة الشرائية للمواطنين، وأرى أن الحكومة تسير بخطوات ثابتة نحو خوصصة التعليم العمومي والإجهاز بشكل كامل على المدرسة العمومية".
بدوره، يرى إسماعيل العمري، الباحث في قضايا التعليم "أن مشروع القانون أحيا السِّجال القديم الحديث، حول إلغاء مجانيّة التعليم، والذي سيؤدي إلى إقبار المدرسة العموميّة، وسيمهد للإجهاز على فئات عريضة من أبناء الطبقة الفقيرة و المتوسطة، الذين سيكون مصيرهم الحرمان و الانقطاع عن الدراسة."
وبينما يؤكد نجيب أقصبي الذي سبق له أن اشتغل مع البنك الدولي، أن المشروع غايته الأولى والأخيرة ضرب الطبقة المتوسطة، يرى العماري أن" تجربة تجربة تسليع وخوصصة التعليم أثبتت فشلها في النهوض بالقطاع التربوي، وتحولت المدارس الخصوصية إلى أوكار للمتاجرة و السمسرة في أحلام المتعلمين، على حساب الجانب المعرفي، وأضحى القطاع الخاص يخيف الأسر بشكل كبير لارتفاع تكاليفه".
قانون انتخابات السودان.. المعارضون أمام "أمر واقع" والكلمة للبرلمان
مضت الحكومة السودانية في مسعاها لتمرير قانون الانتخابات الجديد لانتخابات عام 2020، غير عابئة باعتراضات أحزاب مشاركة في الحكومة، والحوار الوطني، وأحزاب المعارضة.
وأودع وزير شؤون مجلس الوزراء، أحمد سعد عمر، الإثنين، "مشروع قانون الانتخابات لسنة 2018" منضدة البرلمان السوداني بعد إجازته بمجلس الوزراء.
وأحال البرلمان مشروع القانون إلى "لجنة التشريع والعدل" المختصة، ووجه رئيس البرلمان، إبراهيم أحمد عمر، اللجنة المختصة بدراسة القانون بصورة تفصيلية للوصول إلى اتفاق حول القانون.
وكان مجلس الوزراء السوداني، أجاز الأحد، مشروع قانون الانتخابات الجديد لعام 2018، معتبرًا هذا المشروع "سيقود إلى ممارسة سياسية راشدة وانتخابات حرة ونزيهة في 2020".
وبذلك، وضعت الحكومة، وحزبها الحاكم (المؤتمر الوطني)، الرافضين لمشروع القانون من شركائها في الحوار الوطني، أمام الأمر الواقع، حسب مراقبين.
والحوار الوطني، مبادرة دعا لها الرئيس السوادني عمر البشير في عام 2014، وأنهت فعالياتها في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، وقاطعتها غالبية فصائل المعارضة بشقيها المدني والمسلح.
وشاركت فيه أحزاب متحالفة مع المؤتمر الوطني مثل: "الاتحادي الديمقراطي" (الأصل) بزعامة محمد عثمان الميرغني، أو انقسمت عنه، مثل "المؤتمر الشعبي"، و"حركة الإصلاح الآن".
كما شاركت في الحوار عدد من الحركات المسلحة في دارفور، التي انشقت في أوقات سابقة عن الحركات الرئيسية، ووقعت اتفاقيات سلام مع الحكومة؛ على رأسها "التحرير والعدالة" بزعامة التجاني سيسي.
وتركزت توصيات الحوار على التأسيس الدستوري والسياسي والمجتمعي في إطار توافقي بين السودانيين، لتنشأ دولة عادلة وراشدة ونظام سياسي فاعل.
كما تناولت ضرورة الاتفاق على نظم مستقلة، لحماية تلك الحقوق مع التوافق على التشريعات والإجراءات الضرورية لقيام انتخابات عادلة ونزيهة تحت إشراف مفوضية مستقلة سياسيًا وماليًا وإداريًا.
** أول الرافضين
منذ الإعلان عن مناقشة مجلس الوزراء مشروع قانون الانتخابات، الخميس الماضي، ارتفعت أصوات أحزاب الحوار الوطني معلنة رفضها، وعلى رأسها حزب "المؤتمر الشعبي" (أسسه الراحل حسن الترابي)، أكبر الأحزاب المشاركة في الحكومة.
واتهم "المؤتمر الشعبي"، الحزب الحكم بصياغة القانون منفردًا دون مشاورة، معلنًا وقوفه ضد القانون في البرلمان.
وقال الأمين العام للحزب، علي الحاج، السبت، إن "مجلس الوزراء استعجل مناقشة مسودة القانون لإجازتها والدفع بها إلى البرلمان والمصادقة عليها".
أما حركة "الإصلاح الآن"، المشاركة في الحوار الوطني، فاعتبرت أن الأمر يمثل خروجًا عن توصيات الحوار، وعلى الممارسة السياسية السلمية.
وقال، رئيس الحركة، غازي صلاح الدين، (مستشار الرئيس السوداني الاسبق) في تصريحات صحفية، الإثنين، إنهم "فوجئوا بالطريقة التي تجيز بها الحكومة قانون الانتخابات".
ونصح صلاح الدين، الحكومة بأن توقف إجراءات إجازة القانون بصورته الراهنة، وتعود إلى منصة التأسيس لإصدار قانون يحقق الوحدة الوطنية.
أما "قوى الاصطفاف الوطني" (تحالف يضم 15 حزبًا وكيانًا شاركت في الحوار الوطني أبرزها الإصلاح الآن، ومنبر السلام العادل، والإخوان المسلمين)، فأعربت عن أسفها لإجازة مشروع قانون الانتخابات في مجلس الوزراء.
وقالت في بيان، إن "الخطوة تعتبر تجاوزًا جديدًا لشركاء الحوار في القضايا المتفق عليها".
إلا أن حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم رفض اتهامه بصياغة قانون الانتخابات منفردًا، ونقلت وسائل إعلام محلية تصريحات لرئيس القطاع السياسي بالحزب، عبد الرحمن الخضر، قال فيها: "للأسف هذه مزايدة سياسية في قضية أنشأنا فيها عشرين لجنة". وأشار إلى أن "كل الأحزاب خوطبت كتابة ومباشرة من خلال تلك اللجان، والنقاش تم فيها مع الأحزاب من خلال ورشة عمل تمت في وقت سابق مطلع هذا العام."
** أهم ملامح القانون
يعد أبرز ملمح في القانون، إسناد مهمة تكوين مفوضية الانتخابات لرئيس البلاد، مع استشارة القوى السياسية.
وكفل المشروع لمفوضية الانتخابات شخصية اعتبارية، واستقلالًا ماليًا وإداريًا وفنيًا لممارسة اختصاصاتها.
ويتضمن القانون، اعتماد السجل المدني لأول مرة في تحديد عدد المقاعد الانتخابية.
وحدد المشروع عدد أعضاء المجلس الوطني (الغرفة الأولى للبرلمان) بـ300 عضو منتخب، نصفهم يتم انتخابهم لتمثيل الدوائر الجغرافية، وثلاثون في المئة (30%) نساء ينتخبن على أساس التمثيل النسبي، وعشرون في المئة (20%) يتم انتخابهم على أساس التمثيل النسبي.
بينما يتكون مجلس الولايات (الغرفة الثانية) من ثلاثة ممثلين لكل ولاية (18 ولاية) ينتخبهم أعضاء برلمان الولاية.
كما نظم القانون إجراءات الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية وعضوية البرلمان، وتأييد الترشيح وسحب الترشيح والطعون وأهلية الترشيح، وكذلك حقوق وواجبات المرشحين والأحزاب السياسية أثناء الحملة الانتخابية وضوابط الحملة ومصادر تمويلها.
** تفاؤل حكومي
رفض بعض الأحزاب المبكر لقانون الانتخابات، لا يبدو أنه يقلق الحكومة، وبرلمانها، ظهر ذلك جليًا في حديث مستشار رئيس البرلمان السوداني، عبد الماجد هارون.
وقال، هارون، الإثنين إن "المشاورات التي جرت بشأن مشروع القانون المعدل بين القوى السياسية كانت في حكم النوافل، وبات الحوار حول مشروع القانون المعدل بعد إيداعه منضدة البرلمان فرضًا وواجبًا وطنيًا على كل القوى السياسية".
وأضاف أن "الفترة حتى أكتوبر/تشرين الأول المقبل، ستكون وقتًا ثمينًا يجب على الاحزاب السياسية داخل وخارج البرلمان أن تغتنمه، لتحقيق أكبر قدر من التوافق فيما بينه".
لكن بحسب محللين سياسيين، فإن اتساع رقعة الرافضين، قد تضع الحزب الحاكم أمام خيارين، أولهما إجازة القانون بالبرلمان رغم الاعتراضات، وحينها يتعرض ما أنجزه من حوار وطني إلى الانهيار.
والخيار الثاني، هو إيقاف إجراءات المصادقة على القانون من البرلمان، وهو أمر مستبعد لدى الكثير من المحللين السياسيين في الوقت الراهن، باعتبار أن هذه الخطوات لم تأت بشكل عشوائي.
ويرى البعض أنه مخطط من الحزب الحاكم للانتقال إلى مربع آخر، قد تكون معركته أشد ضراوة، وهي تعديل الدستور لإتاحة الفرصة أمام الرئيس الحالي عمر البشير للترشح لدورة انتخابية جديدة في 2020.
علاوة على ذلك، تجد الدعوة لإعادة ترشيح البشير تجد تأييدًا من قطاعات الحزب الحاكم؛ لا سيما في الولايات، التي أعلنت عدد منها تأييد ترشيح البشير للرئاسة.
ولا يسمح دستور السودان الانتقالي لعام 2005 بأكثر من دورتين رئاسيتين للشخص الواحد، مدة الواحدة خمسة أعوام.
وانتخب البشير في 2010، ثم أعيد انتخابه ثانية في 2015، لدورة رئاسية تنتهي 2020، دون احتساب الفترات السابقة منذ يونيو/حزيران 1989.
** المعارضون أكثر تشددًا
أولى الإشارات السالبة، أتت من تحالف "قوى الإجماع الوطني" المعارض، (يضم 11 حزبًا أبرزها: الشيوعي، والبعث، والعربي الناصري)، ليس حول مشروع قانون الانتخابات فحسب، بل حول الانتخابات في حد ذاتها، وذلك بإعلانه عن تبني برنامج "مقاطعة إيجابية" للانتخابات العامة المقررة عام 2020.
وقال السكرتير الإعلامي للتحالف، محمد ضياء الدين، الإثنين، إن "مقاطعة الانتخابات هي عملية سياسية بامتياز، وبرنامج المقاطعة الإيجابية يهدف، عبر حراك سياسي للتحالف ولجان شعبية داخل الأحياء، إلى توضيح العيوب في القانون (الخاص بالانتخابات) وعدم جدوى العملية الانتخابية".
وأشار إلى أن "المؤتمر الوطني (الحزب الحاكم) أقر قانون الانتخابات، الذي رفضته القوى المتحالفة معه، وأبرزها حزب المؤتمر الشعبي (مشارك في الحكومة)".
** الأمر بيد البرلمان
تهديد "المؤتمر الشعبي" بالوقوف ضد القانون حال عرضه على البرلمان، لا يبدو ذو أثر، إلا أنه يشكل تحالف أكبر من الرافضين للقانون حتى من عضوية الحزب الحاكم.
لكن ذلك يبدو مستبعدًا بحسب محللين، لأن "المؤتمر الوطني" هو صاحب الأغلبية في البرلمان، ويمكنه أن يمرر القانون بكل سهولة ويسر.
ويبلغ عدد أعضاء البرلمان السوداني حاليًا 490 عضوًا، وذلك بعد إضافة 64 نائبًا برلمانيًا في مايو/أيار الماضي، بالتزامن مع إعلان حكومة "الوفاق الوطني" المكونة بناء على توصيات الحوار الوطني.
ويستحوذ "المؤتمر الوطني" الحاكم على أغلبية ميكانيكية في البرلمان، حيث يبلغ عدد نوابه حوالي 323 عضوًا.
وهذا العدد كاف لتمرير مشروع قانون الانتخابات، إذا أضيف إليه أصوات لنواب أحزاب متحالفة مع الحزب الحاكم في البرلمان، لم تبد اعتراضها على "قانون الانتخابات"، مثل: "الاتحادي الديمقراطي" (الأصل)، و"الاتحادي الديمقراطي المسجل"، و"حزب الأمة الفدرالي"، و"الأمة القيادة الجماعية"، بحوالي 53 عضوًا في البرلمان السوداني.
إيران بعيون جزائرية أبعد من الصورة السطحية
مع كل هذا الشغف الكبير ببناء المساجد في إيران بجمالها الفاخر، ودلالتها ورموزها المرتبطة بالدين الإسلامي في أبهى صوره، والتي تظهر مدى حب الإيرانيين لمكان عبادة الله، فليس من الغرابة أن يضاف إلى لوائح التهم التي تلاحق إيران تهمة عدم السماح ببناء مساجد للسنّة ويتم الترويج لهذا الأمر بمختلف الطرق، وتـُزيف الحقائق وتطمس، والغرض واضح: لتأجيج النفوس، وتعميق الشرخ بين أبناء الدين الواحد.
لكثرة الحملات المعادية لإيران ومديد زمانها واتساعها مكاناً وحجماً، بات الأزقة التي تناصب إيران العداء العصبوي مرادفة لنعوت يُقصد منها كيل الشتائم منها: الروافض، النواصب، الصفويون، المجوس، القرامطة، لعن وسب الصحابة، الإساءة لعائشة رضي الله عنها،الحج إلى قبر أبو لؤلؤة المجوسي قاتل عمر إبن الخطاب رضي الله عنه، مصحف فاطمة، فدك، عصمة الأولياء، الملالي، ولاية الفقيه، التقية، التحجّر، التزمّت، القمع، الاستبداد، معاداة أهل السنّة.
اتهامات ونعوت وصفات تتداعى وتكبر وتتضخّم كلما أشير إلى إيران بالأصابع في العلن أو السر. يقول الإيرانيون إنها مصنوعة ومفبركة في مخابر ومؤسّسات ودوائر الظل.ويقول أعداؤهم هي صورتها الحقيقية التي لا شوائب فيها. صوَر تتسرّب من أفواه الأفراد والمؤسّسات والأنظمة والعلماء والعملاء والمفكّرين والخبراء والعسكريين والفقهاء حتى آخر فرد من العوام.
في زيارتي الثانية لإيران دوّنت في الكراريس ما رأيت هناك، وحاولت فهم كل هذا واستقراءه من دون نيّة مُبيّتة أو هواجس مُسبَقة أو تخطيط مُدرَج في خانة المهادنة أو المصلحية أو تبيض السواد وتبرير الأخطاء والعماء عما هو مكشوف. عايشت بعض الأمور عن قرب،فيما وراء الضباب الكثيف حيث الجلبة الناعمة لواقع هادر، يقاوم، ويصمد، ويرسم بشتّى الطُرق مصير بقائه على أرض لا تهدأ رغم التناقضات والكثير من المظاهر التي لم أشاهدها بل لمست معاناتها في وجوه وعيون وكلام من قابلت، منصتاً إلى مخارج أحاديثهم المغلّفة بالرفض القاطع لما وصلت إليه بلادهم تارة، وتارة بالفخر والاعتزاز النادر بقوة عزيمتهم وتحدياتهم لكل ما يهيج من حولهم حيث يقولون نحن لن نركع للصهاينة ولأميركا وأذنابها مهما كان الثمن.
أشير إلى أن هذه الكراريس لا تخوض في بحر ما يحدث حالياً من تجاذبات كبيرة وخطيرة بين إيران وأميركا وإسرائيل وبعض الدول العربية بسبب البرنامج النووي الإيراني، ومسألة ما يُعرف بالتدخّلات الإيرانية في مناطق عربية. هذه الكراريس تنأى بنفسها عن هذا ليس لأنها ليست مهمة بل لأن تفكيرات صاحبها تتّجه أكثر نحو الشيء الأكثر عمقاً، نحو الأرض والإنسان.
رحلة وأسئلة
بدا شرطي الحدود في مطار الجزائر مرتبكاً عندما أخبرته عن وجهة سفري. قلت له أنا مسافر إلى طهران لحضور فعاليات المعرض الدولي للكتاب باعتباري شاعر. نظر إليّ ملياً وانهمك في البحث أمام الجهاز لعلّه يجد ثغرة ما في ملفي. بحث ودقّق، ثم بحث، وبحث، ولما لم يجد شيئاً .أسوق هذا الأمر وفي رأسي أكثر من فكرة تتطاير بقلق: لماذا وكيف ومتى ستتجلّى وتنجلي رؤية أخرى عن إيران؟.. متى ستتحرّك تلك الصخرة الصمّاء لتترك نهر الحقائق يجري ويفيض، ويمسح الشوائب، ويزيل الرواسب المتكلّسة التي أضنت العقول والضمائر حول بلد له من الحضارة والثقافة والجمال والعِلم والإبداع وروح التحدّي التي لا يمكن محوها بمجرّد حصار بائس. متى سننظر بأريحيّة لهذه الأمّة العريقة في التاريخ والمستقبل، ونبارك قوّتها ونقف معها كنُخب وأصدقاء ومفكّرين وكتاب وإعلاميين وناس بسطاء وهي تواجه بحزمٍ وقوة "بعض" العالم وهو يصبّ هدير غضبه وتذمّره وضيقه من روح هذا الإيمان، وهو يخرج من بين صلب وترائب هذا الشعب الذي يقاوم وفي رأسه عناد الصخر والحجر لا تكسره المعاول ولا السواعد؟.. متى سنرفع قيود الأفكار المُسبقة والغشاوات عن الأعين لنرى بوضوح حتى لا نصاب بالحيرة والتحفّظ والريبة عندما سنتقرب من هؤلاء وهم إخوة تجمعنا العقيدة والدين والكثير من ملامح الثقافة والعادات والتقاليد والإرث الإسلامي ، حتى لو كانت الفوارق طاغية ووجهات النظر مُتباعدة، بل مُتنافرة. متى سندرك عظمَة شعرائها وعلمائها وفلاسفتها ومفكّريها وسينمائيها ومبدعيها وقد تخطوا الآفاق وطاولوا عنان السماء ليس فقط بما أبدعوه وقدّموه للإنسانية ، وإنما بروحهم التي ما زلت ترصع سماء الحياة الدنيا؟.. متى سنتقبّل ما يختلف عنا ونرحّب بما يؤالفنا معهم؟
في قلب طهران
في رحلتي الثانية إلى إيران وفي نفس المناسبة، لم تشغل بالي هذه الأسئلة وأنا في طهران أسيح في حاراتها وشوارعها وطرقاتها وأزّقتها التي أعرف ولا أعرف. بل ما كان لي أن أطرحها وأنا أتمثل بـ "غزليات" شيرازي، وبـ "بستان" سعدي، و"فيه ما فيه" للرومي، و"حكمة الإشراق" للسهروردي القتيل، بـ "منطق طير" العطار، بـ "قواعد العشق الأربعون" لشمس تبريزي، بـ "رباعيات" الخيام.، بـ "لسان غيب" حافظ شيرازي، بـ "ميزان" الطباطبائي، بـ "صراطات" شروس، وبـ "صحراء" شريعتي، بـ "النفس المبتورة" لداريوش شايكان، بـ "لوليتا" آذر نفيسي، بـ "ميلاد" فروخ فرخزاد، و"لون" سهراب سبهري، و"هواء نقي" لأحمد شاملو، و"قشة" جلال آل أحمد، بـ "كاميرا" عباس كيارستمي، بـ "زجاجيات" منیر شاهرودی فرمانفرمائیان (فائقة آتشين)، بجواهر أخرى تتعلّق وتعلق بذاكرتي وكأنها ترتسم في كل خطوة شفافة على أرضهم.. أخطوها حيث أحفر في الثنايا والمنعطفات لأرى التاريخ والواقع يرتفع عن الصغائر والأحقاد والفتن.
هي إيران أرض تحتفي بشهدائها في كل مكان. ففي الكثير من شوارعها نلحظ صوَراً لشباب في ريعان العمر موشّحة ومزدانة بآيات قرآنية وأدعية وأذكار كأنها سيل منهمر من فم السماء. واقع متشابه مع صوَر بالنسبة لي أنا الأتي من أرض هي أرض شهداء أيضاً. أفتح عيني كي أستيقظ أكثر على سخاء نادر في السرور والفرح بهؤلاء وهم يواصلونا الطواف بحياتهم على الأرض كأنهم لم يغادروها أبداً إلى مكان آخر."هذا وفاء ضارب في التاريخ" يقول لي أكبري وهو يشرح لي معنى إقبال هؤلاء بأريحيّة وطمأنينة على طلب الشهادة في معاركهم المقدّسة.
بساتين العشق
تنفتح إيران أمامي وتنغلق وتستعصي وتدهش وتحيّر. أمامي كيلومترات طويلة من الجمال والنظافة. احتفاءات خاصة بالورود وهي ترن بكل لون وصوت.هوس خاص بالبساتين. أرى عشّاقاً يدخلونها لا بخطى حثيثة أو على حين غفلة من أهلها بل بسلام آمنين وببهجة وحبور. أسأل مرافقي: هكذا هي إيران؟. يقول لي: نعم وسرد عليّ ما يقول أنها أعظم قصة حب أسطورية معروفة في إيران وهي قصة: "شيرين وفرهاد".. فقد: "رأى كل منهما الآخر في حلم وهما صغيران، فجمعهما عشق أبدي.هذه قصة ككل قصص الحب العالمية التي يزخر بها العديد من الحضارات.. وتذكرت قصة مجنون ليلى وروميو وجوليت، وأخذني الحنين لقصتنا الشعبية "حيزية وسعيد"..
يختفي العشاق بين أجمة الورود، وفي ظلال الأشجار، وعلى بساط الريح يتجوّلون، ويمرحون بعواطفهم المتموّجة ولا تحوم عليهم غربان العيون، ولا تلاحقهم مخالب الرقيب، ولا تسائلهم الألسن: من أنتم أو ماذا تفعلون؟. عشاق يشبكون أيادي بعضهم، ويحتضنون بعضهم على حواف شجرة كستناء في غفلة ما.
ذاكرة مجروحة
"يلزم تناول المكنسة وإزالة الغبار عن سطح البحر".. يقول المولوي جلال الدين الرومي بلغته "السوريالية" حتى نفهم ما يجري تحت ركام الغموض الذي وسمَ لعقود وعهود صورة إيران في أذهان بعض العرب والمسلمين. عندما تتوارد الأفكار وأنا في إيران، وأحاول أن أستقصي وأتقدّم عميقاً في هذه الصورة الماثلة من أقاصي الزمن والتاريخ والكتب. وأنا أحاور، وأتحدّث، وأجالس، وأتفرّس حيث ينتابني حسّ مخالف، ومُغاير، ومختلف عما يُذاع، ويُنشر، ويُصوّر، ويُكتَب.. فيما أبحث في جيوبي ورأسي عن أية إشارة تدين أو تتّهم. هنا السنّي والشيعي والمسيحي واليهودي والزرادشتي وحتى الملحد والمؤمن بلا حدود، ستبدو لي الصورة مدهشة في أبهتها وسطوعها وتناقضها.. هنا الإيراني يذهب إلى أية صلاة بمشاعر جيّاشة حتى لكأنها لوحة تزخر بألوان حياتها الزاهية، أو لنقل كملاحم تواضب على الحضور الدائم في يومياته كمثل قصة كربلاء المثيرة التي يشعر فيها الإيراني المتعدّد بعلو روحه وقربه من الله.
مجاورة من خيال
اسأل وأنا أمشي خطوة خطوة في المعرض الدولي للكتاب وأقترب من "شيخ" شاب وقور.أقدّم نفسي بالإنكليزية.فيجيبني بعربية صافية مرحباً. لا بروتوكولات، ولا حرَج، ولا تعقيدات، ولا حدود للسؤال.. إسمي أبي بكر.. كنت مشوشاً.. فاسم "أبوبكر" يحمل معانٍ سلبية غامضة في الذهن، ومرّة في حلق الشيعة، وزاخمة بالدلالات المضنية، مثله مثل إسم عمر وعائشة وبعض أسماء الصحابة الذين كما تقول الروايات وقفوا وخرجوا ضد تولية علي الإمامة والخلافة بل وحاربوه بالسيف. لكن "الشيخ| كما لو أدرك قلقي وحيرتي واضطرابي رّبت على كتفي قال لي: سأقول لك ما قاله أحد علماونا.. "إذا سمعت شخصاً يلعن عمر، فقل له: أي عمر تقصد؟ أهوَ: عمر بن علي بن أبي طالب؟ أم عمر بن الحسن بن علي؟ أم عمر بن الحسين بن علي؟ أم عمر بن علي زين العابدين بن الحسين؟ أم عمر بن موسى الكاظم؟ فحدد أيَّ عمر تقصد؟.. وإذا سمعت أحدهم يهتف عائشة في النار ** عائشة في النار.. فأسأله: أي عائشة تقصد؟ أهيَ عائشة بنت جعفر الصادق؟ أم عائشة بنت موسى الكاظم؟ أم عائشة بنت علي الرضا؟ أم عائشة بنت علي الهادي؟ فحدّد أيَّة عائشة تقصد.. وإذا سمعت شخصاً يسبّ أبا بكر وينعته بـ (الزنديق) فقل له: من هو الشخص المقصود بهذه الصفة؟ أهوَ: أبو بكر بن علي بن أبي طالب؟ أم أبو بكر بن الحسن بن علي؟ أم أبو بكر بن الحسين بن علي؟ أم أبو بكر بن موسى الكاظم؟ فحدّد أيَّ أبا بكر تقصد؟.. فالإنسان لا يسمي ولده باسم أعدائه، وإنما يسميه باسم من يحبه، ويحب أن يسمع إسمه يتردّد في بيته، ويرجو أن يكون ولده مثل صاحب هذا الإسم. وهذا هو الذي نعتقده في حال هؤلاء الصحابة الكرام رضي الله عنهم، وهو الحق، إن هؤلاء الصحابة كأبي بكر وعمر وعائشة وسائر أمهات المؤمنين رضيّ الله عنهم أجمعين كانوا يحبون آل بيت النبي صلّى الله عليه وسلّم، وينزلونهم منزلتهم اللائقة بهم، وأن آل البيت كانوا أيضاً يحبون هؤلاء الصحابة الكرام ويحفظون لهم حقهم وحرمتهم أيضا"..
الجزائر/ إيران
عندما تُــذكر الجزائر أمام الإيرانيين لا تكاد تدور في أذهان الكثيرين ممن ألتقيتهم أو تناقشت معهم سوى إيقونتان. ثورة الجزائر ومليون ونصف مليون شهيد، ولاعب كرة القدم الفرنسي ذي الأصول الجزائرية زين الدين زيدان.. ربما لا تلخص هذه الرؤية كل ما يعرفه الشعب الإيراني عن الجزائر، ولا يمكن أن تنقص من متانة العلاقات التاريخية الضاربة في القدم بين البلدين حتى ولو كان الأمر فيه الكثير من التشويش والغموض لدى عريضة واسعة من جمهور الجانبين، فكتب التاريخ والمصنّفات وحتى المواقع زاخرة بالكثير من المُعطيات تحكي عن حضور الفرس في الجزائر ويمكن الرجوع إليه للفهم والتقصّي، وليس أقلها بروزاً أن مدينة تيارت كانت حاضنة الدولة الرستمية التي أسسها الفارسي المسلم عبد الرحمن بن رستم بن بهرام بن سام بن كسرى، وما يقال عن الخلافة الفاطمية التي أسّسها عبيد الله المهدي بعد أن هيّأ له الأرضية الداعية الكبير أبو عبد الله الصنعاني المعروف بأبي عبد الله الشيعي ليس بالقليل، فقد انتشر المد الشيعي نحو العالم العربي والإسلامي انطلاقاً من عديد المناطق الجزائرية خاصة من منطقة إيكجان الواقعة بدائرة بني عزيز الموجودة بولاية سطيف الجزائرية، وقد أقام بها عبيد الله المهدي مؤسّس الدولة الفاطمية، بعد أن هيّأ له الأرضية الداعية أبو عبد الله الصنعاني المعروف بأبو عبد الله الشيعي، وكانت هذه المنطقة مهد الدولة العبيدية (الدولة الفاطمية). هذه لوحة قديمة من وقائع لا يعرفها الكثير من الإيرانيين بل يندهشون لها، فهم يسمعونها لأول مرة، قد يكون سبب ذلك غياب التواصل أو اكتفاء الطرفين بعدم الخوض في معمان التاريخ وهمومه وتفاصيله وربما حتى جراحاته. وفي صورة أخرى حيث زمن آخر هارب من العلاقات الجزائرية الإيرانية أين يجهل الكثير من الجزائريين أن الشيخ الداعية أحمد سحنون رحمه الله كتب قصيدة في رثاء الإمام الخميني عنوانها: "هوى النسر"، ونشرت في جريدة الشعب، حيث أعتبره "قاهر الطغاة وحامي الوطن والإسلام"، و"صادق العزم وصانع الصحوة الإسلامية".. وهي قصيدة زلزلت المشهد آنذاك لحد أن الكثير من الشيوخ عاتبوه، بل ذهبوا إليه وتهجّموا عليه وكان على رأسهم آنذاك الشيخ علي بلحاج.. فكيف لشيخ ورع وبمستوى الشيخ سحنون أن ينزل ويكتب قصيدة في شخص هو في رأيهم من النواصب وشيعي مبتدع بكل ما تحمله هذه الصفات من معاني ودلالات قاهرة. جال وصال العديد من علماء الشيعة في الجزائر بمناسبات عديدة لعل أهمها ملتقيات الفكر الإسلامي التي كانت تقام برعاية وزارة الأوقاف ثم وزارة التعليم الأصلي والشؤون الدينية (وزارة الشؤون الدينية والأوقاف حاليا)، وقد كانت لواحد من علماء الشيعة الشيخ محمّد علي التسخيري جولة حوارات عميقة ومثمرة مع عموم الجمهور ونخب وأئمة في مساجد تلمسان والعاصمة كمسجد طارق بن زياد الواقع في حي الجبل المعروف بتشدّده أين ألقى دروساً في الدعوة والتربية والإسلام. ومن المفارقات أن تقريباً كل أشغال الملتقيات مفقودة لم يحتفظ بها إلا عند بعض الخواص في الجزائر، غير أنها بعضها طبع بمعاونية الرئاسة للعلاقات الدولية في منظمة الإعلام الإسلامي بطهران، وقد وصف تقرير وفود علماء إيران الشعب الجزائري بــ: "الشعب المسلم المتعطّش للعلم والنهضة وجو الصحوة العام الذي يسيطر عليه وعلى العالم الإسلامي".ثلاثة أقطاب من الدعوة الإسلامية ومن مذاهب متباينة الشيخ محمّد الغزالي والشيخ القرضاوي والعلاّمة الشيخ حسين فضل الله يلتقون في الجزائر بمناسبة ملتقى لـ "نصرة القدس"، ويصرّح هذا الأخير بأعلى صوته: "فلنتفق كلنا على كلمة سواء حول القدس ولنختلف حول جنس الملائكة". هذه لقطات أستعيدها من ماض قريب حين كانت الجزائر أرض خصبة للنقاش الحر والتسامح بعيداً عما تعرف الآن من انغلاق وتزمت وتعصب ونبذ الآخر حتى ولو كان يحمل مسلم يخالفك في الرأي أو في الفهم.
عداء بعض الجزائريين لإيران رغم روح الصداقة التي يكنّها الإيرانيون والمحاصرة في الكثير من الأحيان بظلال من الأوهام والأراجيف تنتظم في صراع عقائدي يضخّمه أهل التفرقة والطائفية، والذين لا يريدون إطاراً إنسانياَ متعدداً واقفاً على أرضية خصبة تنتج الأفكار الخلاّقة لبناء مستقبل تذوب فيه الفوارق والتعصّب ورفض الآخر..ورغبة الإيرانيين مثلما أوضحه لي العديد منهم هو أن تكون الجزائر مثلما عهدوها حاضنة للاعتدال والحوار، حيث روّح القبول والتسامح.. وأن تكون صورة حقيقية لإسلام محمّدي واسع يشمل الجميع بعيداً عن إسلام يهدّد أو يقتل أو يُقصي أو يكره.
لبرهة، بقيت مستنداً إلى عمود المسجد أحاول فهم كيف تحوّلت المساجد في إيران إلى تحف معمارية غاية في الجمال والروعة تخلب اللبّ وتبهر العين وتقلب القلب.. فمسجد طهران الكبير مثلاً مآذنه يبلغ إرتفاعها حوالى 230 متراً وتُعد الأطول عالمياً لحد الآن.. وقد استخدمت في تخطيط هندسته الأرقام الذهبية؛ وله 14 مئذنة و12 ساحة وفناء إضافة لخمسة مداخل، واختيار هذه الأرقام ليس من قبيل الصدفة أو من دون تخطيط، فهي ترمز لعدد الأئمة وأهل البيت عند المسلمين من أتباع المذهب الشيعي.. فإيواناته تصل إلى علو يبلغ 72 متراً وهو عدد شهداء كربلاء، وارتفاع القبة الرئيسية يبلغ 63 متراً، وهي فترة الحياة التي عاشها النبي محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم.. هكذا يتعايش بناء المساجد بالماضي المقدس والمشرق، وتتماهي معه عربوناً للوفاء العميق الأبدي المدهش لا تخطئه القراءات ولا التفاسير.
ومع كل هذا الشغف الكبير ببناء المساجد في إيران بجمالها الفاخر، ودلالتها ورموزها المرتبطة بالدين الإسلامي في أبهى صوره، والتي تظهر مدى حب الإيرانيين لمكان عبادة الله، فليس من الغرابة أن يضاف إلى لوائح التهم التي تلاحق إيران تهمة عدم السماح ببناء مساجد للسنّة ويتم الترويج لهذا الأمر بمختلف الطرق، وتـُزيف الحقائق وتطمس، والغرض واضح: لتأجيج النفوس، وتعميق الشرخ بين أبناء الدين الواحد، إلا أن الأمر فيه أيضاً من الغرابة حين تؤكّد الإحصائيات الرسمية أن هناك 12222 مسجداً وجامعاً لأتباع المذاهب السنّية داخل إيران، والعشرات من المدارس الدينية للأحناف والشوافع والحنابلة.. ليس هذا فقط بل هناك معابد لليهود وكنائس للمسيحيين، وللزرادشتيين (المجوس) هياكلهم التي يتعبدون فيها.. كل هذه الأمكنة المقدّسة تمتد من شرق البلاد إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها.. هذه هي الصورة الغائبة المتوارية خلف نسيج غليظ من المغالطات والتي تقرّها المواد الموجودة في الدستور الإيراني ومثلما هي واضحة للعيان حيث التعدّدية واحترام الخصوصيات الدينية، وهو أمر مسلم به في أعماق المجتمع الإيراني.
عثرت على فلسطين واليمن وسوريا والعراق ولبنان وحزب الله والمقاومة.. قلوب دامية ترفل في قلب إيران.. "لن نسلم فيها".. هكذا سمعتها تقال بدمدمة وصخب وقناعة وإيمان، و"مهما كان جحود الإخوة ونكرانهم وخيانتهم وتقاعسهم وتنديدهم في ما نقوم به فلن يقف نبض هذه القلوب في قلبنا".. هكذا أيضا تتردّد بدمدمة وصخب وقناعة وإيمان أيضاً..
عثرت على إسرائيل في مشهد ميت على كل شرفة بيت إيراني، في كل زقاق، وشارع، وصحيفة، ومذياع، وموقع، ومنصّة، وخطاب، وخطبة، وقصة، وشعر، ورواية، ومهرجان، وتجمّع.. عثرت عليها في مشهد ميت كأنها لا تموت إلا لتموت في كل إيران.
عثرت على سعدي، والعطار، والرومي، وشمس تبريز، والسهروردي، وعرفاء التصوّف الروحي وسادة النصوص المحرضة على الحب والمودة والعشق، المهاجرة والعابرة نحو فضاءات لا تحد.. عثرت على الإنسان البسيط يعزف على حياة مُضنية بشقاوتها وألمها، ولكنه سعيد حين يمنحك ابتسامة تتلألأ بالهدوء وتتسربل بالسكينة..
كانوا كلهم هنا في منظر حيّ، يلعبون، ويرفرفون فوق غيم إيران.. كأنهم يحرسونها ويحمونها أو تحرسهم وتحميهم.
أخرج من إيران. وعلى بعد أميال أدخل إلى الجزائر ناصعاً بأكثر من فكرة، وأكثر من معنى عن أرض مزهرة بمسرات مسكونة بالخلود والحرية.
أبو بكر زمال، كاتب أدبي وإعلامي جزائري
هآرتس: مسلكية ترامب في القمة مع كيم تؤكد انخفاض مكانة الولايات المتحدة
رأى الكاتب آنشيل بفيفر في صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية أن النجاح الظاهري للقمة بين رئيس الولايات المتحدة وزعيم كوريا الشمالية يعود إلى حد كبير، لأسلافهما في المنصب، عندما تولى دونالد ترامب منصبه، ورث التزاماً أميركياً بأمن الشرق الأقصى، الذي يعود إلى أكثر من سبعة عقود، خلال الحرب العالمية الثانية.
في المؤتمر الصحفي المرتبك بعد القمة، أوضح ترامب أنه مصمم على التحرر من هذا الالتزام. رئيس كوريا الشمالية كيم جونغ اون من جانبه بدأ للتو في جني ثمار ما زرعه والده وجده - بعد سنوات قُتل فيها الملايين من مواطنيهم لصالح تحصين مملكتهم وبناء ترساناتهم النووية الخاصة.
ترامب، الذي يحب أن يقدم نفسه كأكبر فنان في التفاوض في التاريخ، لم يتمكن من تحقيق أي شيء في هذه القمة - باستثناء توقيع كوري شمالي متجدد على اتفاقيات تم توقيعها بالفعل في عامي 1994 و2005، وسرعان ما انتُهكت. هذه المرة، ترامب مقتنع بأنه حصل على ضمانة أقوى بأن الاتفاقيات ستُحترم، وأن عملية نزع النووي ستحدث "بسرعة، وبسرعة كبيرة" كما توقع. وقال بعد القمة: "أعلم أنهم يريدون صفقة. أشعر بهذا بقوة. إنها غريزتي، موهبتي".
في مقابل توقيعه، حظي كيم بفرصة للخروج من الظلام واستُقبل كشريك شرعي لمفاوضات. كما حصل على تنازلٍ كبير من ترامب عندما أعلن عن إلغاء المناورات العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية التي تُجرى مرتين في السنة. ليس هناك من مؤشرات أوضح على أن ترامب ينوي تقليص الالتزام الأميركي بأمن المنطقة، خاصة عندما تُضاف إلى هذا الأمر تصريحات متكررة عن رغبته في إخراج الجنود الأميركيين من كوريا الجنوبية، وكلامه حول تكاليف نزع السلاح النووي "الذي دفعت مقابله الولايات المتحدة ثمناً باهظاً في الكثير من الأماكن". هذه أخبار رائعة لكيم ورعاته الصينيين - الولايات المتحدة تغادر الحي.
قد يكون ترامب مصيباً، ونجح فعلاً في إقامة صداقة مع الديكتاتور الأصغر منه. من المحتمل أن يكون كيم، على الرغم من قسوته الموروثة والتراثية المطلقة، مهتمًا بشكل حقيقي بفتح كوريا الشمالية للعالم. قد تكون نواياه قضاء بعض الوقت مع صديقه دينيس رودمان واستضافة فريق كرة السلة في بيونغ يانغ. كيم هو شاب متعطش للحياة تلقى تعليمه في سويسرا، وربما كان قادراً على اختراق الحدود القاسية التي حددها والده وجده وتبديل الأصول النووية التي تراكمت لديه مقابل بطاقة خروج من العزلة السياسية. حتى لو كان هذا هو الحال، في الوقت الحالي لا يوجد سبب للاعتقاد بأن ترامب قد حقق نجاحاً أكبر من جورج دبليو بوش، الذي أعلن في نهاية لقائه الأول مع فلاديمير بوتين في عام 2001: "نظرت إلى هذا الرجل في عينيه. لقد وجدته مباشراً وصادقاً جداً – أمكنني الشعور بروحه". ونحن نعرف كيف انتهى الأمر.
وإلى أن نعرف كيف ستنتهي العلاقة الرومانسية الحالية بين ترامب وكيم، فإن السؤال الأكثر إلحاحاً هو ما هي الخلاصات التي سيتوصل إليها قادة آخرون من القمة. بالنسبة للرئيس الروسي بوتين والزعيم الصيني، شى جين بينغ، إنه سبب للاحتفال. تحت قيادة ترامب، تعزل الولايات المتحدة نفسها طواعية، ولحلفاء الولايات المتحدة، من ناحية أخرى، هذا نذير شؤم يُضاف إلى عملية قاتمة.
في هذا الأسبوع فقط، تمّ تصوير المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل وهي تحدّق مستشيطة بترامب الذي رمقها بنظرة توبيخ في مؤتمر G7 في كندا. الآن عليها أن تتعامل مع المسؤولية التي لم تسعَ إليها أبداً. من أجل فهم الانقلاب الذي حدث في النظام العالمي، يجب مقارنة هذه الصورة بالصور المبتسمة للزوجين ترامب وكيم في سنغافورة. ميركل لم تُرد حقاً أن تحمل الصفة التي يحاولون الآن إلصاقها بها: "الزعيمة الجديدة للعالم الحر". على ألمانيا أن تستعد الآن، إلى جانب أعضاء آخرين في حلف الناتو، لإعادة تنظيم الحلف، الذي قد يشمل أيضاً في المستقبل تمويلاً لا تشارك فيه الولايات المتحدة.
بالطبع، ليس كل حلفاء الولايات المتحدة محبطون. بالنسبة لنتنياهو وقادة الدول العربية، الذين ربطوا مصيرهم بترامب منذ بداية ولايته، اختياره رمي كتاب القانون الدبلوماسي القديم وفعل كل ما لم يكن باراك أوباما ليفعله، هما عملية مشجعة. الآن، مع انتهاء القمة، يستطيع الصقور الحقيقيون في الإدارة - الذين صرّوا أسنانهم بصمت في الأيام الأخيرة أمام مشهد معانقة الرئيس للديكتاتور الشيوعي – التفرغ للمهمة الحقيقية بالنسبة لهم: تغيير النظام (الإيراني). من الممكن انهم سيكونون سعداء بأن يضيفوا إليها حرباً مع إيران. في المؤتمر الصحفي اعترف ترامب أنه وفقاً للاستخبارات الأميركية، الترسانة النووية لكوريا الشمالية "مهمة جداً"وأن هذا بذنب أسلافه في المنصب الذين تركوا هذا يحصل خلال نوبتهم. كلامه سيشد فقط على أيدي الذين يزعمون أنه ممنوع السماح للنظام في إيران بالوصول إلى نفس النقطة.
كتلتا "سائرون" و"الفتح" تعلنان تشكيل تحالف وطني عراقي وترحيب كردي بالخطوة
كتلتا ائتلاف الفتح وحركة سائرون يعلنان تشكيل تحالف وطني عراقي بينهما وفق برنامج حكومي موحد، والكرد يرحبون بالخطوة. ووفد من تحالف الفتح برئاسة قيس الخزعلي يلتقي بالسيد عمار الحكيم ويبحثان آخر المستجدات على الساحة السياسية ومرحلة ما بعد إعلان نتائج الانتخبات النيابية.
أعلن "ائتلاف الفتح العراقي" بزعامة الأمين العام لمنظمة بدر هادي العامري و"حركة سائرون" بزعامة السيد مقتدى الصدر تشكيل تحالف بينهما وفق برنامج حكومي موحد.
وأكد الصدر أن التحالف بين "سائرون" و"الفتح" هو تحالف حقيقي ضمن الأطر الوطنية.
بدوره، شدد العامري على أنه تمّ بحث التحالفات وأهميتها في هذه المرحلة. وأشار إلى تشكيل لجان للبحث مع جميع الأطراف للإسراع في كتابة البرنامج الحكومي.
الحزبان الكرديان الرئيسيان الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الكردستاني اعتبرا من جانبهما إعلان تشكيل تحالف بين "سائرون" و"الفتح" خطوة إيجابية وبداية لخارطة طريق سياسية.
وقال الحزبان في بيان مشترك لهما إن التحالف شكل من أجل تجاوز الأزمة السياسية. وأضاف البيان أنه سيتم تشكيل وفد مشترك لبدء المباحثات، على أمل العمل وفق المشتركات، وتشكيل حكومة توافقية وطنية.
في السياق، التقى وفد من تحالف الفتح برئاسة الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق الشيخ قيس الخزعلي بتيار الحكمة برئاسة السيد عمار الحكيم.
وجرى خلال اللقاء الذي جمع الوفدين في بغداد بحث آخر المستجدات على الساحة السياسية، ولا سيما في مرحلة ما بعد إعلان نتائج الانتخابات النيابية. كما ركز الجانبان خلال مباحثاتهما على ملف الانتخابات والخلافات المثارة حوله.
جولة لكوشنير وغرينبلات بالشرق الأوسط الأسبوع المقبل لبحث "صفقة القرن"
يجري جاريد كوشنير، كبير مستشاري الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، والمبعوث الأمريكي للشرق الأوسط جيسون غرينبلات، الأسبوع المقبل، جولة بالمنطقة تشمل إسرائيل ومصر والسعودية ودولاً أخرى.
وقالت القناة العبرية العاشرة، مساء الثلاثاء، إن كوشنير وغرينبلات سيناقشان، خلال الجولة، خطة السلام الأمريكية أو ما يعرف بـ "صفقة القرن".
وأشارت القناة العبرية إلى أن كوشنير وغرنبلات سيناقشان أيضًا الوضع الإنساني في قطاع غزة.
ونقلت القناة عن مسؤول أمريكي، وصفته بأنه رفيع المستوى، من دون تسميته، قوله إنه لا يتوقع أن يجتمع كوشنير وغرينبلات بمسؤولين فلسطينيين خلال زيارتهما للمنطقة، كما لم يحدد بقية الدول التي تشملها الجولة.
وكانت آخر زيارة لكوشنير لإسرائيل في مايو/ أيّار الماضي، عند حضوره افتتاح السفارة الأمريكية في القدس.
وفي 14 مايو/ أيّار الماضي، افتتحت السفارة الأمريكية رسميًا مقرها الجديد في القدس، ما أثار موجة استنكار عربية وعالمية.
وجاء افتتاح السفارة، تنفيذًا لإعلان ترامب في يناير/ كانون الثاني، باعتبار القدس بشقيها الشرقي والغربي عاصمة لإسرائيل، والبدء في نقل سفارة بلاده من تل أبيب للمدينة المحتلة.
و"صفقة القرن" هي خطة تعمل عليها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، لمعالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، عبر إجبار الفلسطينيين على تقديم تنازلات، بما فيها وضع مدينة القدس الشرقية، تمهيدًا لقيام تحالف إقليمي تشارك فيه دول عربية وإسرائيل، لمواجهة الرافضين لسياسات واشنطن وتل أبيب.
وترفض القيادة الفلسطينية "صفقة القرن"، كما ترفض أي انفراد أمريكي في الوساطة في عملية السلام المنهارة أصلا، عقب إعلان الرئيس الأمريكي، 6 ديسمبر 2017، اعتبار القدس (بشقيها الشرقي والغربي) عاصمة لإسرائيل.
الصدر يعلن تحالفه مع ائتلاف "الفتح" لتشكيل "الكتلة الأكبر" في البرلمان
أعلن زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، اليوم الثلاثاء، عن تشكيل تحالف جديد بين ائتلاف "سائرون"، الذي يدعمه، وائتلاف "الفتح" الذي يقوده هادي العامري.
جاء ذلك خلال مؤتمر صحفي مشترك عقده الصدر مع هادي العامري، في محافظة النجف (جنوب)، عقب اجتماع ثنائي، مساء اليوم.
وأضاف الصدر، "تحالفنا مع الفتح، ضمن الفضاء الوطني لتشكيل الكتلة الأكبر، مع المحافظة على التحالف الثلاثي".
وأعلن الصدر الأسبوع الماضي تحالفاً يضم سائرون وتيار "الحكمة" الوطني بزعامة عمار الحكيم، وإئتلاف الوطنية بزعامة إياد علاوي.
من جانبه، قال هادي العامري، خلال المؤتمر،: "لا توجد مشكلة لدينا في إعادة العد والفرز اليدوي، على أن تكون بنسبة 5 أو 10%".
ووفق النتائج المعلنة في مايو/أيار الماضي، حل تحالف "سائرون"، المدعوم من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في المرتبة الأولى بـ 54 مقعدا من أصل 329، يليه تحالف "الفتح"، المكون من أذرع سياسية لفصائل "الحشد الشعبي"، بزعامة هادي العامري، بـ47 مقعدا.
وبعدهما حل ائتلاف "النصر"، بزعامة رئيس الوزراء، حيدر العبادي، بـ42 مقعدا، بينما حصل ائتلاف "دولة القانون" بزعامة رئيس الوزراء السابق، نوري المالكي على 26 مقعدا.
عيد الفطر المبارک (1/ شوال/ من کلِّ عام )
معنى العيد لغةً واصطلاحاً
العيد في اللغة،([1]) مأخوذ من عاد بمعنى العود أي عاد إليه، فهو كل يوم يحتفل فيه بذكرى كريمة أو حبيبة، وفي الاصطلاح الإسلامي: هو الذكرى الّتي يجتمع المسلمون فيها ويبرزون إلى الله تعالى فيحمدونه على ما منّ عليهم من الرحمة فيه والمغفرة، وليس العيد في الإسلام للعب والتلهي، وارتداء أفخر الثياب وأغلاها ثمناً، والتلذذ بأصناف الطعام، وألوان الشراب، وعدم المبالاة بالأحكام والحدود الشرعية، كما درج على ذلك الناس في هذه الأزمنة، فالعيد في التشريع المقدس وإن كان لا يمنع من فرح المؤمن فيه، بل يدعو إليه، ولا يمنع من ارتداء الجديد، وأكل الطيبات، لكن لا يعني ذلك أن يرضى بجعل الطعام واللباس والسرور في العيد إلى درجة التفاخر والتباهي وبذل المال الكثير في تحصيله، بل لعل هذا العمل بداية لانحراف الكثير من الفقراء الّذين لا يتمكنون من جلب ما تراه أطفالهم من الطعام والثياب عند أطفال الأغنياء، فيقدم رب الأسرة ـ لما يداخله من رحمة بأطفاله ـ على جلب المال ولو من غير حلّه، أو إذا كان كثير التحفظ والتدين، فيقترض مبلغاً لعله يرهقه وفاؤه ويوجب التقصير على بيته وعياله، وقد لا يتمكن من وفائه، ويتنازع مع صاحبه فتفسد العلاقات الاجتماعية، ويمنع الإحسان ويسود التفكك في المجتمع الإسلامي. ولذا علينا جميعاً السعي لفهم المعنى الحقيقي للعيد، وما هي الواجبات الملقاة علينا تجاهه؟ وما هي أعياد الدين الإسلامي وفلسفتها؟ وقبل ذلك كله ينبغي أن نتعرف على مشروعية الأعياد في الإسلام، فنقول:
العيد حكم تشريعي خاص
ذكر العلماء المحققون أن الأحكام الإلهية لا يجوز الزيادة فيها أو النقيصة، فمثلاً الصلاة فرضها الله تعالى بالكيفية الّتي نعرفها، فلا يجوز أن نضيف عليها شيئاً، وإن كان مستحسناً، إذا كان ذلك الشيء الّذي تضيفه مما يخلّ بالهيئة التشريعية للصلاة، كإضافة ركعة إليها، فمثلاً أصلي الظهر خمسة ركعات، أو أضيف في كل ركعة ركوعين أو غير ذلك مما يخل بالكيفية المشروعة، نعم إذا كانت الاضافات غير مخلة بها فلا يضر، كما لو أكثرت الدعاء فيها، أو أطلت في سجودها وركوعها وقيامها على نحو لا يخلّ بالكيفية المشروعة، إذاً فالزيادة أو النقيصة في الأحكام الإلهية إذا كانت فهي غير جائزة، وهذا ما يصطلح عليه في عرف الفقهاء: أن الصلاة توقيفية، بمعنى أن تشريعها، بأجزائها وشرائطها وموانعها ومقدماتها موقوفٌ على إذن الشارع المقدس، فما لم يأذن به لا يجوز الادخال فيها أو الاخراج، وما نريد أن نعرفه الآن هو هل أن الأعياد توقيفية؟ أو أن كل إنسان أو مجتمع، أو قبيلة، يمكنهم تشريع العيد في يوم أو أيام يختارونها؟ ظاهر الفقهاء العظام أن الأعياد في التشريع الإسلامي توقيفي، بمعنى لا يحق لأحد أن يؤسس للمسلمين عيداً، وينسبه إلى الإسلام إلاّ أن يأذن به الشارع المقدس، مهما كان ذلك اليوم عظيماً عند الناس، نعم لو اعتبر عيداً باسم الوطن، أو المجتمع كيوم الانتصار، أو يوم أعد تكريماً لعظيم كالأم أو العالم الفلاني، أو ما شاكل ذلك، فلا يضر، ولكن لا يمكننا تحميله على الإسلام، بأن ينسب إلى الإسلام، ويعتبر من ضمن طقوسه، وممارساته، واختياراته. وهذه المسألة على مقدار من الأهمية ينبغي أن يلتفت إليها المجتمع المسلم، إذ كثيرا ًما نجد تأثير هذه الأعياد الّتي لم ينص عليها الإسلام إلى درجة، قد يتغافل عن مناسبة إسلامية تتعارض مع ذلك اليوم، لشدة شيوع عيد ذلك اليوم في مجتمع ما، فكم رأينا بعض المسلمين في مجتمع ما يحتفلون بيوم على أنه عيد متعارف عليه، في حين يعتبر ذلك اليوم ذكرى محزنة في الإسلام، وينبغي للمؤمن المسلم اظهار الحزن فيه لا الفرح والسرور.
الأعياد الإسلامية الأربعة
قال تعالی : (اللهُمَّ رَبَّنا أَنْزِلْ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ تَكُونُ لَنا عِيداً لأَوَّلِنا وَآخِرِنا وَآيَةً مِنْكَ وَارْزُقْنا وَأَنْتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ ) ([2])
يستفاد من النصوص الإسلامية الروائية، أنّ أعياد المسلمين أربعة وهي :
1- عيد الفطر، وهو اليوم الأول من شوال، وهو عيد الافطار، وحلية الطعام والشراب في النهار، بعدما كان محظوراً في أيام شهر رمضان.
2- عيدالأضحى، وهو اليوم العاشر من ذي الحجة بعد ما يقضي الحاج من المزدلفة إلى منى وهويوم النحر.
3- يوم الجمعة في كل اسبوع.
4- عيد الغدير، وهو اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، يوم نصب أمير المؤمنين (عليه السلام) إماماً للمسلمين.
وقد وردت الروايات الكثيرة في إثبات هذه الأعياد، أما الفطر والأضحى فهما محل إجماع واتفاق بين المسلمين جميعاً، وأما الجمعة، فقد ورد عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) : «عن رسول الله(ص) أنه قال: أن جبرئيل أتاني بمرآة في وسطها كالنكتة السوداء، فقلت له: يا جبرئيل ما هذه؟ قال: هذه الجمعة، قال: قلت، وما الجمعة؟ قال: لكم فيها خير كثير، قال: قلت، وما الخير الكثير؟ فقال: تكون لك عيداً ولأمتك من بعدك إلى يوم القيامة، قال (ص): قلت وما لنا فيها؟ قال: لكم فيها ساعة لا يوافقها عبد مسلم يسأل الله مسألة فيها وهي لـه قسم في الدنيا إلاّ أعطاها، وإن لم يكن لـه قسم في الدنيا ادُّخِرت لـه في الآخرة أفضل منها، وأن تعوّذ بالله من شرّ ما هو عليه مكتوب صرف الله عنه ما هو أعظم منه»([3]).
وأما مشروعية عيد الغدير، فقد ورد في جملة من النصوص ما يدل عليه، نذكر منها رواية واحدة فقط، فقد سئل أبو عبد الله الصادق (عليه السلام): هل للمسلمين عيد غير يوم الجمعة والأضحى والفطر؟ قال (عليه السلام):« نعم أعظمها حرمة»، قلت: وأي عيد هو جعلت فداك؟ قال: «اليوم الّذي نصب فيه رسول الله (ص) أمير المؤمنين (عليه السلام) ، وقال: من كنت مولاه فعلي مولاه، قلت: وأي يوم هو؟ قال: وما تصنع باليوم إنّ السنة تدور ولكنّه يوم ثامن عشر من ذي الحجة، فقلت: وما ينبغي لنا أن نفعل في ذلك اليوم؟ قال: تذكرون الله عز وجل فيه بالصيام والعبادة والذكر لمحمد وآل محمد، فإن رسول الله (ص) أوصى أمير المؤمنين (عليه السلام) أن يتخذ ذلك اليوم عيداً، وكذلك كانت الانبياء (عليهم السلام) تفعل، كانوا يوصون أوصياءهم بذلك فيتخذونه عيداً»([4]).
فلسفة الأعياد الإسلامية
بعدما عرفنا أن أعياد المسلمين أربعة: الفطر والأضحى والغدير والجمعة، ينبغي لنا أن نتعرف على معنى العيد في هذه الأيام، حيث أن العيد في الإسلام يحمل عناوين متعددة في حالات معينة، وهي كالآتي:
1ـ العيد هوالفرح بقبول الأعمال وغفران الذنوب
لا شك في أن جميع الأعياد الأربعة لابد وأن تعبر عن فرح وسرور لكل فرد مسلم، ولكن ليس المراد بفرحة العيد لذات العيد، بل ما يحمله العيد من معان ومفاهيم عظيمة في الإسلام، فعيد الفطر يعني أن يفرح الإنسان الصائم القائم برضا الله عنه وقبوله لأعماله، لأن ذلك إن تحقق فيحقق للمؤمن فرحة ليس بعدها ولا قبلها فرحة، فهو ينعم بحنان الله عليه، أن لم يضيع لـه ما قدّمه في ذلك الشهر من الصيام والقيام والدعاء والمناجاة والصلاة، فعن علي (عليه السلام) أنه قال في بعض الأعياد: « إنما هو عيد لمن قبل الله صيامه، وشكر قيامه ..وكل يوم لا يُعصى الله فيه فهو عيد »([5])
فالفرح بغفران الله تعالى هو عيد الصائم القائم، وليس الفرح بالزينة والثياب وحلّ الطعام والشراب، يروى أنَّ سويد بن غفلة دخل على أمير المؤمنين (عليه السلام) في يوم عيد فإذا عنده خوان عليه خبز السمراء ـ أي الحنطة ـ وصحيفة فيها خطيفة وملبنة، فقال له: يا أمير المؤمنين يوم عيد وخطيفة؟! فقال (عليه السلام) : «هذا عيد من غفر لـه»([6])، لقد كان يظن سويد أنه لا تناسب بين الخطيفة ـ وهي اللبن الّذي يطبخ ويختطف بالملاعق بسرعة ـ وبين العيد، حيث إن معنى العيد كما يفهمه الناس توفير الطعام الجيد والثياب الفاخرة الجديدة، فأفصح الإمام (عليه السلام) عن مكنون العيد وحقيقته، وأنه عيد المغفرة والقبول، لا عيد اللبس والطعام والشراب، وكما أن هذا المعنى قد سجلته النصوص في عيد الفطر، كذلك في عيد الأضحى، فهو عيد غفران ذنوب الحاج، وقبول حجه وسعيه، وقبول الرضا عليه.
فاللعب واللهو والانشغال في اللذائذ يفقد العيد قدسيته وعظمته ووقاره، ولهذا يروى أنه مرّ الإمام الحسن (عليه السلام) في يوم فطر بقوم يلعبون ويضحكون، فوقف على رؤوسهم، فقال:« إن الله جعل شهر رمضان مضماراً لخلقه، فيستبقون فيه بطاعته إلى مرضاته، فسبق قوم ففازوا، وقصّر آخرون فخابوا، فالعجب كل العجب من ضاحكٍ لاعب في اليوم الّذي يثاب فيه المحسنون، ويخسر فيه المبطلون، وأيم الله لو كشف الغطاء لعلموا أنّ المحسن مشغول بإحسانه، والمسيئ مشغول بإساءته، ثم مضى»([7]).
وأما عيد الغدير فهو عيد البيعة، عيد إكمال الدين وإتمام النعمة، وقبول الإسلام ديناً خالداً، كما ورد ذلك بقوله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً)([8]).
2ـ العيد هو العودة إلى الله تعالى
ومن المعاني العميقة الّتي يحملها العيد أنه يعبّر عن تحقق العودة إلى الله تبارك وتعالى، وأن أهل اللغة يقولون بأن معنى العيد من عاد ويعود، وهو ما يتناسب مع العودة إلى الله تعالى والرجوع إليه ذلك أن العابد إنما يقوم بطقوسه العبادية من الصيام والصلاة والدعاء والمناجاة لكي يعود إلى ربه ويرجع إليه بعد أن كان هارباً منه تاركاً لمراضيه، عازفاً عن الطاعة، ففي شهر رمضان يبدأ العبد بتطهير نفسه وقلبه وعقله حتى يرفع تمام الحجب المظلمة الّتي صنعها لنفسه مع ربه، وبالعيد يتحقق العود إلى الله والرجوع إليه، وكذا الحاج، فإنه بما يقوم به من فروض الطاعة من الاحرام والطواف والسعي والوقوف في عرفات والمزدلفة... يرجع ويعود إلى ربه تبارك وتعالى، ليعود الله عليه بالرحمة والمغفرة.
3ـ يوم العيد هوتذکار ليوم القيامة
فقد ورد أن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) خطب في يوم الفطربعد صلاة العيد فقال: «أيّها الناس، إنّ يومكم هذا يثاب فيه المحسنون ويخسر فيه المبطلون، وهو أشبه بيوم قيامكم، فاذكروا بخروجكم من منازلكم إلى مصلاّكم خروجكم من الأجداث إلى ربّكم، واذكروا بوقوفكم في مصلاّكم وقوفكم بين يديّ ربّكم، واذكروا برجوعكم إلى منازلكم رجوعكم إلى منازلكم في الجنة،...عباد الله إن أدنى ما للصائمين والصائمات أن يناديهم ملك في آخر يوم من شهر رمضان: أبشروا عباد الله فقد غفر لكم ما سلف من ذنوبكم، فانظروا كيف تكونون فيما تستأنفون؟!([9]).
وعلى العموم فإن العيد في الإسلام يعتبر شعاراً من شعائر الله تعالى، فالفرح والسرور للتوفيق في العبادة، ولغفران الله تعالى الذنوب، ومن هذا المنطلق يعطي أمير المؤمنين بعداً عميقاً للعيد، فيعتبر أن الفرحة ليست منحصرة بالأعياد الأربعة، بل يمكن أن يحصل ذلك في كل يوم لا يعصى الله فيه، قال الإمام علي(عليه السلام): …«وكل يوم لا نعصي الله فيه فهو عيد»([10]).
صلاة العيد
من جملة أعمال يوم عيد الفطر وکذلک عيد الأضحی هو إقامة صلاة العيد يقول الإمام الخميني في تحرير الوسيلة: (صلاة عيد) الفطر و الأضحی واجبة مع حضور الإمام(عليه السلام) ، وبسط يده وإجتماع سائر الشروط، ومستحبة في زمن الغيبة، والأحوط إتيانها فرادی في ذلک العصر،ولابأس بإتيانها جماعة رجاءً لا يقصد الورود،ووقتها من طلوع الشمس إلی الزوال، ولاقضاء لها لوفاتت، وهي رکعتان في کل منها يقرأ الحمد وسورة، والأفضل أن يقرأ في الأولی سورة الشمس وفي الثانية سورة الغاشية، أو في الأولی سورة الأعلی وفي الثانية سورة الشمس، وبعدالسورة الأولی خمس تکبيرات وخمسة قنوتات بعد کل تکبيرة قنوت ، ويجزي في القنوت کل ذکرودعاء کسائر الصلوات، ولوأتی بما هو المعروف رجاء الثواب لابأس به وکان حسناً، وهو:« اللهم أهل الکبرياء والعظمة ،.........إلی آخر الدعاء ([11]).
([1]) معجم الوسيط: 635،و لسان العرب: مادة عيد.
([6]) بحار الأنوار 40: 326 ،ح 7.
([9]) الأمالي للصدوق:100، المجلس 21،مجموعة ورَّام2: 157، بحار الأنوار 92: 361،الباب36.
([10])شرح نهج البلاغة 20: 73، وسائل الشيعة 14: 460 باب 49 .
([11]) للتعرف علی کيفية إقامة صلاة العيد وأحکامها تفصيلاً راجع تحرير الوسيلة1: 241، کتاب الصلاة.
نداء الإمام الخامنئي إلى حجاج بيت الله الحرام بمناسبة موسم حج عام 1438
في ما يلي النص الكامل للنداء الذي وجّهه قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي لمسلمي العالم:
بسم الله الرحمن الرحیم
والحمد لله ربّ العالمین، والصلاة والسلام علی سیدنا محمد خاتم النبیین، وآله الطاهرین وصحبه المنتجبین.
أحمد الله العظیم إذ مَنّ هذا العام أیضاً على جموع المؤمنین من أنحاء العالم کافة بتوفیق إقامة الحج والانتهال من هذا المعین العذب الفیاض، والاعتكاف في الأیام واللیالي ـ التي تُعدّ ساعاتها المغتنمة المبارکة إکسیراً معجزاً بوسعه تغییر القلوب وتطهیر الأرواح وتجمیلها ـ في جوار بیت الله العظیم وفي مواقیت العبادة والخشوع والذکر والتقرّب.
الحجّ عبادةٌ زاخرةٌ بالأسرار والرموز، والبیت الشریف موضعٌ طافحٌ بالبرکات الإلهیة ومظهرٌ لآیات الحق تعالى وبیّناته. وللحجّ أن یرتقي بالعبد المؤمن الخاشع المتدبّر إلى الدرجات المعنویة، وأن یصنع منه إنساناً سامیاً نورانیاً، وأن يجعل منه عنصراً ذا بصیرة وشجاعة وإقدام ومجاهدة. کلا الجانبین: معنوياً وسیاسياً، أو فردياً واجتماعياً واضحان بارزان في هذه الفریضة المنقطعة النظیر، والمجتمع الاسلامي الیوم بأمسّ الحاجة لکلا الجانبین.
من جهة یعملُ سحرُ النزعة المادیة علی الإفساد والإغراء باستخدامه الوسائلَ المتطورة، ومن جهة ثانیة تنشط سیاسات نظام الهیمنة لاختلاق الفتن وتأجیج نیران النزاعات بین المسلمین وتحویل البلدان الإسلامیة إلی جحیم من الخلافات وانعدام الأمن.
للحجّ أن یکون دواءً شافیاً لکلا هذین الابتلائین العظیمین الذَین تعاني منهما الأمة الإسلامیة، فهو یطهّر القلوب من الأدران، وینوّرها بنور التقوى والمعرفة، ویفتح کذلك العیون على واقعیات العالم الإسلامي المُرّة، ویُرسّخ العزائم لمواجهتها، ویُعزّز الخطوات، ویجعل الأیدي والأذهان مجنّدة للعمل.
یعاني العالم الإسلامي الیوم من انعدام الأمن أخلاقياً ومعنوياً، وكذلك سیاسياً. والسبب الرئیس لهذا هو غفلتنا وهجمات الأعداء الشرسة. نحن لم نعمل بواجبنا الدیني والعقلي مقابل هجوم العدو اللئیم. لقد نسینا (أشداء على الکفار) ونسینا أیضاً (رحماء بینهم). والنتیجة هي أنَّ العدو الصهیوني ما زال یثیر الفتن في قلب جغرافیا العالم الإسلامي، ونحن غافلون عن الواجب المحتوم لإنقاذ فلسطین، وانشغلنا بحروب داخلیة في سوریا، والعراق، والیمن، ولیبیا، والبحرین، وبمواجهة الإرهاب في أفغانستان وباکستان وأماکن أخرى.
يتحمّل رؤساء العالم الإسلامي والنخب السياسية والدينية والثقافية في العالم الإسلامي واجبات جسيمة منها: واجب تحقيق الوحدة وتحذير الجميع من النزاعات القومية والطائفية؛ وواجب توعية الشعوب بأساليب العدو ومكائد الاستكبار والصهيونية؛ وواجب تعبئة الجميع لمواجهة العدو في شتّی ساحات الحروب الناعمة والصلبة؛ وواجب الإيقاف الفوري للأحداث الكارثية بين البلدان الإسلامية من قبيل أحداث اليمن التي سبّبت صورها الشنيعة اليوم، الحزن والاعتراض في كل أرجاء العالم؛ وواجب الدفاع الحاسم عن الأقليات المسلمة المضطهدة كمظلومي بورما وغيرهم؛ والأهمّ من كل ذلك واجب الدفاع عن فلسطين والتعاون والتضامن، من دون قيد وشرط، مع شعب يكافح منذ نحو سبعين عاماً من أجل وطنه المغتصب.
هذه واجباتٌ مهمة تقع على عاتقنا جميعاً، وعلى الشعوب أن تطالب حكوماتها بها وعلى النخب أن يسعوا بعزمٍ راسخ ونيّةٍ خالصة لأجل تحقيقها. إنَّ هذه الأعمال لهي تجسيد قاطع لنصرة دين الله التي ستقترن مع النصرة الإلهية وطبقاً للوعد الإلهي بلا شك.
هذه جوانب من دروس الحجّ آمل أن نفهمها ونعمل بها.
أسأل الله تعالى لكم جميعاً حجّاً مقبولاً، وأحيّي ذكرى شهداء منى والمسجد الحرام، وأسأل الله الرحيم الكريم لهم علوّ الدرجات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السيد علي الخامنئي
7 شهريور 1396 هـ ش
7 ذي الحجة 1438 هـ ق