
Super User
استراتيجية التعامل مع ابنك المراهق
الانطواء على النفس حالة طبيعية لدى المراهق، ولكن لا ينبغي ان تشكل عائقاً أمام تقدمه في الحياة. يمكن ان يكون المراهق خجولاً في عدد من المواقف، ضمن العائلة، داخل الصف، مع أصدقائه أو مع أشخاص بالغين، بل وحتى في مواجهة جسده. وترى الطبيبة النفسية الفرنسية ايمانويل ريغون ان والدي المراهق يمكنهما مساعدته إن كان الأمر يخص حيزاً واحداً منها فقط، أما ان تعداه الى ثلاثة أو أربعة ميادين، فحينها يصبح من الافضل استشارة الاختصاصي.
بين سن الحادية عشرة والخامسة عشرة، تكون التحولات البدنية سريعة، وقد يشهد المراهق أحياناً تغيراً في حالته النفسية من أسبوع الى آخر. وهذا وضع طبيعي، لكن نظرات الآخرين اليه تسبب له الانزعاج، فالفتيات على سبيل المثال يبدأن بالادراك ان الرجال ينظرون اليهن على نحو مختلف: هذا الشعور المربك مؤقت ولا يستغرق سوى بضعة أشهر.
لمساعدة المراهق، ينبغي اعطاء القيمة للتغيرات الطارئة على بدنه. وحتى لو ابدى عدم اكتراثه بذلك، فلسوف تريحه عبارات الاطراء الصادرة عنك. بيد أنه يجب ألا يسخر أحد من مظهره، وتجدر استشارة الطبيب النفسي في حالة امتناعه عن الاستحمام أو إحداثه جروحا في ذراعيه باستخدام آلة حادة. ولو أبدى تذمرا مستمرا من شكل أنفه، ومن وزنه أو من طوله، فإن ذلك يعكس معاناة كبيرة في تقبل وضعه.
صامت: يعيش الشاب المراهق عادة فترة انسحاب عن العائلة، لا يلجأ فيها الى احد ويقاطع وجبة من بين كل وجبتين. هذا الابتعاد طبيعي، فهو يحتاج اليه لكي ينضج.
بغية مساعدته: احرصي على ألا يتعرض لأي رد قاس اذا ما تفوه بحديث اثناء تناول الطعام، وينبغي بالذات تجنب توجيه عبارات معينة اليه على غرار: "تبين الامر قبل ان تتكلم"، بل يفترض التعامل معه بلطف وتمكينه من التعبير عما يريد. على ان من المهم استشارة الطبيب النفسي اذا كان المراهق لا يبدي رأيه على الاطلاق، لكن يفترض انتظار أن ينهي الكبار حديثهم لتحديد الموقف بدقة، فحتى الخجولون يتكلمون في حضن العائلة.
بعض المراهقين يؤثر التفرج على المشاركة. إن عدم الاضطلاع بالادوار القيادية لا يؤدي بالضرورة الى الشعور بالتعاسة، لكنه يصبح كذلك عندما يشعر المراهق بأنه خيب ظنك فيه. لذا فإن كان لديه صديق واحد أو صديقان وأنه يتفاهم جيدا معهما، فلا بأس في ذلك.
لمساعدته: يمكنك دعوة اصدقائه الى المنزل، وتسجيله في نشاطات يمكنه ان يلتقي خلالها بشباب آخرين غير أولئك الذين يعرفهم في المدرسة. ولكن ينبغي استشارة طبيب مختص إن لم يكن لديه أي صديق، وليس هناك شخص يتصل به هاتفيا واستمر الوضع على حاله أشهرا عدة، فالشباب المراهقون يحتاجون فعليا الى ان يكونوا معاً لكي يستطيعوا تحمل الابتعاد عن آبائهم.
ليس سهلاً علينا فقدان القدرة على الكلام أمام مجموعة من الافراد حتى لو كنا بالغين. أما في الصف، فعدم امكانية التحدث قد يفضي الى الحصول على درجات ضعيفة، كما يتوجب ان يتعلم المراهق كيف ينسى المواقف التي أخطأ فيها وأثار خلالها عاصفة من الضحك.
لأجل مساعدته: شجعيه على ابداء وجهة نظره اثناء الجلوس حول المائدة مثلا، ودعيه يقدم درسه امام العائلة. وإذا كان اختلاطه جيدا في الصف، فسوف يظهر مهارة في التقديم بعد فترة وجيزة. وتصبح استشارة احد الاختصاصيين لازمة ان تحدث مدرسوه عن مشكلات يعاني منها في التعبير الشفوي رغم معرفته الجيدة بالدرس، لذا يتعين التدخل في هذه الحالة لأن درجاته قد تهبط عندما يواجه اختبارات ومقابلات شفوية.
عدم الارتياح: مع تقدم المراهق في السن، يطرح على نفسه تساؤلات عدة: كيف يخاطب من هو أكبر منه سنا وعن أي شيء يتحدث معه؟ ذلك ان القواعد الاجتماعية تتغير حسب الفئة العمرية ولا يعود باستطاعة المراهق تحديد كيفية التصرف. لمساعدته: اسمحي له بمقابلة أناس بالغين في المنزل، ويمكنك دعوة اصدقاء لديهم أولاد مراهقون ايضاً. بهذه الطريقة يستطيعون الدخول في نقاش مع الشباب خصوصاً، لا تدعي ولدك ينحشر في غرفته، واذا لم يكن يرغب في البقاء طيلة السهرة مع كبار السن، فمن المناسب ان يتناول المقبلات معهم وأن يجيب عن اسئلتهم. شجعيه ايضاً على اداء بعض الاعمال البسيطة وعلى ممارسة الرياضة مع مجموعات تضم أشخاصا بالغين. ولكن يتوجب استشارة الطبيب النفسي حينما تشعرين بأن ولدك المراهق يعاني من صعوبات في الاحتكاك بالبالغين أو بأفراد عائلته أو بشباب ينتمون الى فئة سنه. هنا يغدو التدخل الخارجي أمراً ضرورياً جداً.
إرادة التغيير بين الآباء والأبناء
(بعد خمسين عاماً من الآن لن يكون مهماً نوعية السيارة التي تركبها ولا فخامة المنزل الذي تسكنه.. ولكن المهم والأهم هو نوع تربيتك لأطفالك) "الملياردير وارن بافيت ـ ثاني أغنى رجل في العالم".
يوماً بعد يوم تزداد الفجوة الثقافية بين الآباء والأبناء، فالأبناء أسرع تقبلاً للثقافات الجديدة من آبائهم، وهم أكثر حرصاً على التقنية متابعة واستعمالاً، ممّا يولد شعوراً سلبياً لدى الآباء بأحد اتجاهين، إما بمحاولة رفض أفكار أبنائهم المتجددة والضغط عليهم وقسرهم على أن يسيروا على خطى والديهم، وبتحذيرهم من كل جديد من باب الحرص والخوف على مصلحتهم، أو بترك الحبل على الغارب لينتقي الأبناء ما يريدون من كل جديد عن طريق الأصدقاء أو الإنترنت أو الإعلام بكل صورة.
وبين اتجاه محاولة الآباء أن يجعلوا أبناءهم نسخة أخرى منهم، والاتجاه المضاد له، تبرز أهمية تقارب التفكير وإعطاء مساحة للحرية في الاختيار والفعل بين الآباء والأبناء.. ففي بعض الآثار (لا تقسروا أولادكم على أخلاقكم، فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم).
وبين هذين الاتجاهين يظهر أثر التربية الصحيحة التي تراعي التوازن بين المحافظة على القيم والثوابت، والأخذ بالجديد المفيد، والتي تحتّم أن يكون الآباء مواكبين لتفكير أبنائهم، مطّلعين على حاجاتهم النفسية ومتطلبات نموهم وسيرهم في ركاب المجتمع الذي يتسارع التغيير فيه بطريقة لا يمكن وصفها.
فمحيط الأبناء وعلاقاتهم الاجتماعية أكبر مما يتمتع به آباؤهم من خلال احتكاكهم في المدرسة وبقائهم أمام شاشات التلفاز والحاسب فترات طويلة، إضافة إلى أنّ عقولهم وأفكارهم متقدة ويمرون بمراحل وأطوار عقلية ونفسية تدفعهم إلى تجربة كل جديد ومحاولة الخروج عن المألوف لإثبات الذات وإظهار التميز، ورفض الوصاية المباشرة.. ولذا يبقى دور الآباء ـ بالدرجة الأولى ـ هو التوجيه غير المباشر ومحاولة الدخول في محيط الأبناء وفهم طريقة تفكيرهم وإعطاؤهم الفرصة ليكتشفوا العالم من حولهم. ويجب على الآباء أن يسعوا بجد للحاق بركب التطور ومتابعة أبنائهم حتى يتمكنوا من توجيه الأبناء نحو الأخذ بالأفكار الجديدة البناءة، والاستفادة من التقنيات الحديثة في إطار من القيم والثوابت التي تميز الفرد وتبرز هويته الإسلامية، كما تعطي المجال للآباء ليجدوا الإجابات المقنعة تجاه تساؤلات أبنائهم .
وتبقى النقطة الأهم أن تغير الأبناء عن آبائهم ليس سيئاً في كل الأحوال، بل قد يكون ضرورياً لعمارة الأرض وسير عجلة الحياة بطريقة أفضل، كما إنّ هذا التغير فرصة للآباء لمراجعة طريقتهم في التفكير والتربية، فليست التربية العملية سهلة مثل الآراء التنظيرية للتربية.
الإمام الخامنئي في نداء الحج مخاطباً قادة ونخب الدول الإسلامية: العالم الإسلامي غافلٌ عن واجب إنقاذ فلسطين المحتوم
بالتزامن مع أداء ضيوف الرحمن شعائر الحج للعام الهجري 1438 وجّه قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي نداءً لمسلمي العالم دعا خلاله إلى تحمل قادة العالم الإسلامي والنخب السياسية والدينية واجباتهم الجسيمة، كما أشار سماحته إلى أن العالم الإسلامي غافلٌ عن واجبه الحتمي المتمثل في إنقاذ فلسطين.
ابنا: بالتزامن مع أداء ضيوف الرحمن شعائر الحج للعام الهجري 1438 وجّه قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي نداءً لمسلمي العالم دعا خلاله إلى تحمل قادة العالم الإسلامي والنخب السياسية والدينية واجباتهم الجسيمة، كما أشار سماحته إلى أن العالم الإسلامي غافلٌ عن واجبه الحتمي المتمثل في إنقاذ فلسطين.
وفي ما يلي النص الكامل للنداء الذي وجّهه قائد الثورة الإسلامية الإمام الخامنئي لمسلمي العالم:
بسم الله الرحمن الرحیم
والحمد لله ربّ العالمین، والصلاة والسلام علی سیدنا محمد خاتم النبیین، وآله الطاهرین وصحبه المنتجبین.
أحمد الله العظیم إذ مَنّ هذا العام أیضاً على جموع المؤمنین من أنحاء العالم کافة بتوفیق إقامة الحج والانتهال من هذا المعین العذب الفیاض، والاعتكاف في الأیام واللیالي ـ التي تُعدّ ساعاتها المغتنمة المبارکة إکسیراً معجزاً بوسعه تغییر القلوب وتطهیر الأرواح وتجمیلها ـ في جوار بیت الله العظیم وفي مواقیت العبادة والخشوع والذکر والتقرّب.
الحجّ عبادةٌ زاخرةٌ بالأسرار والرموز، والبیت الشریف موضعٌ طافحٌ بالبرکات الإلهیة ومظهرٌ لآیات الحق تعالى وبیّناته. وللحجّ أن یرتقي بالعبد المؤمن الخاشع المتدبّر إلى الدرجات المعنویة، وأن یصنع منه إنساناً سامیاً نورانیاً، وأن يجعل منه عنصراً ذا بصیرة وشجاعة وإقدام ومجاهدة. کلا الجانبین: معنوياً وسیاسياً، أو فردياً واجتماعياً واضحان بارزان في هذه الفریضة المنقطعة النظیر، والمجتمع الاسلامي الیوم بأمسّ الحاجة لکلا الجانبین.
من جهة یعملُ سحرُ النزعة المادیة علی الإفساد والإغراء باستخدامه الوسائلَ المتطورة، ومن جهة ثانیة تنشط سیاسات نظام الهیمنة لاختلاق الفتن وتأجیج نیران النزاعات بین المسلمین وتحویل البلدان الإسلامیة إلی جحیم من الخلافات وانعدام الأمن.
للحجّ أن یکون دواءً شافیاً لکلا هذین الابتلائین العظیمین الذَین تعاني منهما الأمة الإسلامیة، فهو یطهّر القلوب من الأدران، وینوّرها بنور التقوى والمعرفة، ویفتح کذلك العیون على واقعیات العالم الإسلامي المُرّة، ویُرسّخ العزائم لمواجهتها، ویُعزّز الخطوات، ویجعل الأیدي والأذهان مجنّدة للعمل.
یعاني العالم الإسلامي الیوم من انعدام الأمن أخلاقياً ومعنوياً، وكذلك سیاسياً. والسبب الرئیس لهذا هو غفلتنا وهجمات الأعداء الشرسة. نحن لم نعمل بواجبنا الدیني والعقلي مقابل هجوم العدو اللئیم. لقد نسینا (أشداء على الکفار) ونسینا أیضاً (رحماء بینهم). والنتیجة هي أنَّ العدو الصهیوني ما زال یثیر الفتن في قلب جغرافیا العالم الإسلامي، ونحن غافلون عن الواجب المحتوم لإنقاذ فلسطین، وانشغلنا بحروب داخلیة في سوریا، والعراق، والیمن، ولیبیا، والبحرین، وبمواجهة الإرهاب في أفغانستان وباکستان وأماکن أخرى.
يتحمّل رؤساء العالم الإسلامي والنخب السياسية والدينية والثقافية في العالم الإسلامي واجبات جسيمة منها: واجب تحقيق الوحدة وتحذير الجميع من النزاعات القومية والطائفية؛ وواجب توعية الشعوب بأساليب العدو ومكائد الاستكبار والصهيونية؛ وواجب تعبئة الجميع لمواجهة العدو في شتّی ساحات الحروب الناعمة والصلبة؛ وواجب الإيقاف الفوري للأحداث الكارثية بين البلدان الإسلامية من قبيل أحداث اليمن التي سبّبت صورها الشنيعة اليوم، الحزن والاعتراض في كل أرجاء العالم؛ وواجب الدفاع الحاسم عن الأقليات المسلمة المضطهدة كمظلومي بورما وغيرهم؛ والأهمّ من كل ذلك واجب الدفاع عن فلسطين والتعاون والتضامن، من دون قيد وشرط، مع شعب يكافح منذ نحو سبعين عاماً من أجل وطنه المغتصب.
هذه واجباتٌ مهمة تقع على عاتقنا جميعاً، وعلى الشعوب أن تطالب حكوماتها بها وعلى النخب أن يسعوا بعزمٍ راسخ ونيّةٍ خالصة لأجل تحقيقها. إنَّ هذه الأعمال لهي تجسيد قاطع لنصرة دين الله التي ستقترن مع النصرة الإلهية وطبقاً للوعد الإلهي بلا شك.
هذه جوانب من دروس الحجّ آمل أن نفهمها ونعمل بها.
أسأل الله تعالى لكم جميعاً حجّاً مقبولاً، وأحيّي ذكرى شهداء منى والمسجد الحرام، وأسأل الله الرحيم الكريم لهم علوّ الدرجات.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السيد علي الخامنئي
7 شهريور 1396 هـ ش
7 ذي الحجة 1438 هـ
أول امرأة في الإسلام آمنت بالرسالة أم المؤمنين السيدة خديجة (عليها السلام)
في ذكرى رحيلها الأليم .في مثل هذا اليوم العاشر من شهر رمضان المبارك رحلت سيدة عظيمة، قدمت للإسلام كي تقوم قائمته ما لم يقدمه أحد قبلها وبعدها، هي السيدة خديجة بنت خويلد زوجة النبي الأعظم محمد خاتم الأنبياء والرسل (ص))
السیدة خدیجة (ع) فی سطور
خدیجة بنت خویلد بن أسد بن عبد العزّى بن قصّی بن کلاب بن مرة بن کعب بن لؤی بن غالب بن فهر، جدّها «خویلد» کان بطلاً مغواراً دافع عن حیاض الکعبة المشرّفة فی یوم لا ینسى. والدتها «فاطمة» بنت زائدة بن أصمّ بن رواحة بن حجر بن عبد بن معیص بن عامر بن لؤی بن غالب بن فهر، کانت سیّدة جلیلة مشهود لها بالفضل والبرّ. إذن، فهذه السیّدة العظیمة خدیجة الکبرى سلام الله علیها تنتسب إلى قبیلة قریش، ویلتقی نسبها بنسب الرسول الأعظم صلى الله علیه وآله عند جدّها الثالث من أبیها، وعند جدّها الثامن من أمّها.
أسماؤها وألقابها (علیها السلام)
للسیّدة خدیجة علیها السلام ألقاب کثیرة تعکس عظیم نبلها وشدید قدسها، من هذه الألقاب: الصدّیقة، المبارکة، أمّ المؤمنین، الطاهرة، الراضیة، المرضیة …إلخ. کانت تعطف على الجمیع، وتحنو علیهم کأمّ رؤوم بأولادها، فکانت «أمّاً للیتامى»، و«أمّاً للصعالیک» و«أمّاً للمؤمنین»، وهی کوثر الخلق، وسمّیت أیضاً «أمّ الزهراء» أو ینبوع الکوثر.
ملامح السیدة خدیجة فی مرآة الوحی
بعد عامین من بعثة الرسول صلى الله علیه وآله التی بدأت من بیت خدیجة، وفی طریق عودته من معراجه فی شهر ربیع الأول، جاءه أمین الوحی جبریل وقال له: «حاجتی أن تقرأ على خدیجة من الله ومنّی السلام»، وعندما أبلغ الرسول الأکرم صلى الله علیه وآله زوجه خدیجة علیها السلام سلامَ الله تعالى، قالت: إنّ الله هو السلام، منه السلام وإلیه السلام.
فی إحدى الحملات الوحشیة لقریش انتشرت إشاعة اغتیال النبی الکریم صلى الله علیه وآله وسلم، فهامت السیّدة خدیجة علیها السلام على وجهها فی الودیان والصحاری المحیطة بمکة بحثاً عن حبیبها، وکانت الدموع تنهمر على خدیها، فما کان من جبریل إلا أن نزل على الرسول الأکرم وقال له: لقد ضجّت ملائکة السماء لبکاء خدیجة علیها السلام، أُدعُها إلیک وأبلغها سلامی وقل لها بأنّ ربّها یقرؤها السلام ویبشّرها بقصر فی الجنة، لا صخب فیه ولا نصب.
خدیجة الکبرى (علیها السلام) عند الرسول الأعظم صلى الله علیه وآله
رویت عن الرسول الأکرم صلى الله علیه وآله أحادیث کثیرة فی مناقب السیّدة خدیجة علیها السلام، نسلّط الضوء على بعضاً منها:
- یا خدیجة إنّ الله عزّوجلّ لیباهی بک کرام ملائکته کل یوم مرارا.
- والله ما أبدلنی الله خیراً منها قد آمنت بی إذ کفر بی الناس، وصدَّقتنی إذ کذبنی الناس ، وواستنی بمالها إذ حرمنـی الناس، ورزقنی الله أولادها وحرمنی أولاد الناس.
- خیر نساء العالمین: مریم بنت عمران، وآسیة بنت مزاحم، وخدیجة بنت خویلد وفاطمة بنت محمد صلى الله علیه وآله.
- خیر نساء الجنة: خدیجة بنت خویلد، وفاطمة بنت محمد، ومریم بنت عمران، وآسیة بنت مزاحم (امرأة فرعون).
- خدیجة سبقت جمیع نساء العالمین بالإیمان بالله وبرسوله.
- أحببتها من أعماق فؤادی.
- أحبّ من یحبّ خدیجة.
- لم یرزقنی الله زوجة أفضل من خدیجة أبدا.
- لقد اصطفى الله علیّاً والحسن والحسین وحمزة وجعفر وفاطمة وخدیجة على العالمین.
السیّدة خدیجة فی أقوال العظماء
السلام علیک یا ناصرة الرسول ونکتفی هنا بالإشارة إلى بعض أصحاب السیر والتراجم:
یقول ابن هشام صاحب المصنَّف الشهیر «السیرة النبویة»: خدیجة صاحبة النسب الکریم، والشرف الرفیع، والثروة والمال، وأحرص نساء قریش على صون الأمانة والتمسّک بالأصول الأخلاقیة والعفة والکرامة الإنسانیة، فهی التی تربّعت على قمة الشرف والمجد”. والذهبی وهو رائد علم الرجال عند العامة یقول: “خدیجة، سیّدة نساء الجنة، حکیمة قریش، من قبیلة أسد، عظیمة القدر، ذات دین ومروءة وعزّة، من نساء الجنة وإحدى النساء اللائی تربّعن على قمة الکمال”. ویقول ابن حجر العسقلانی فیها: “لقد صدّقت خدیجة بالرسالة فی اللحظات الأولى لبعثة الرسول الکریم صلى الله علیه وآله، وکان رسوخ إیمانها وثبات قدمها نابعین من یقین تام، وعقل راجح، وعزم راسخ. ویقول السهیلی الذی له تصانیف کثیرة فی السیر والمغازی: خدیجة سیدة نساء قریش، لقبّت بـ«الطاهرة» فی الجاهلیة والإسلام.
السیّدة خدیجة علیها السلام عبر التاریخ
لقد کان التاریخ مجرّد قلم بید المتملّقین یخطّونه خدمة لأغراض المستبدین، فاستبیحت الکثیر من الحقائق وزوّرت الکثیر غیرها حتى اشتبه الأمر وأصبحت الأکاذیب کأنّها وقائع تاریخیة، وبلغت حدّاً من السوء بحیث إذا ما أماط الباحث اللثام عن الوقائع بالاستناد إلى الحقائق العلمیة، أثار عمله دهشة الجمیع واستغرابهم. لقد صرّح الکثیر من الرواة بأنّ السیّدة خدیجة علیها السلام کانت بکراً قبل الزواج، وأنّه لم یدخل علیها أحد قبل النبی قطّ، ومن هؤلاء:
الشریف المرتضى علم الهدى، فی کتابه «الشافی فی الإمامة».
الشیخ الطوسی، فی کتاب «تلخیص الشافی».
البلاذری، فی کتاب «أنساب الأشراف».
أبو القاسم الکوفی، فی کتاب «الاستغاثة فی بدع الثلاثة».
هذا، وقد أیّد الکثیر من الرواة والمؤرخین هذا الرأی، حیث یؤکدون أنّ السیدة خدیجة علیها السلام فی ذلک الوقت لمّا تتجاوز الـ25 أو الـ28 عاماً، وأنّها لم تختر زوجاً آخر غیر النبی قطّ، لأنّها کانت تکفل زینب ورقیة وأم کلثوم بنات أختها «هالة». لکن الأمر الذی اتّفق علیه جمیع المؤرخین هو أنّها کانت من أجمل بنات الحجاز. والإمام الحسن المجتبى علیه السلام الذی کان آیة فی الجمال کان یعتبر نفسه أشبه أهل البیت بأمّه خدیجة الکبرى علیها السلام.
سئل عبد الله المحض والد ذی النفس الزکیة: من أین لأسنان الإمام الصادق علیه السلام هذا الجمال والنصاعة والتألق بحیث أنّها تجذب کل من رآها؟. فأجاب قائلاً: لا علم لی، ولکن أعلم بأنّ خدیجة علیها السلام کانت کذلک، وأنّ الزهراء علیها السلام ورثت عن أمّها ذلک الجمال والتألّق.
أول سیّدة فی الإسلام
مقامات کریمة هدکها أل سعود لقد کانت السیّدة خدیجة علیها السلام على دین أبیها إبراهیم علیه السلام وذلک قبل أن یُبعث الرسول الکریم صلى الله علیه وآله، وکانوا یُعرفون بالحنفاء، وقد آمنت فی الیوم الأول من بعثة المصطفى صلى الله علیه وآله، کما جاء فی الحدیث الشریف: أوّل من آمن بالنبی صلى الله علیه وآله من الرجال علی علیه السلام ومن النساء خدیجة علیها السلام.
عندما رجع الرسول الکریم صلى الله علیه وآله من غار حراء وهو ینوء بثقل الرسالة العظیمة، کانت السیّدة خدیجة علیها السلام فی استقباله حیث قالت له: أیّ نور أرى فی جبینک؟ فأجابها: إنّه نور النبوّة، ومن ثمّ شرح لها أرکان الإسلام، فقالت له: «آمنت وصدّقت ورضیت وسلّمت».
أول سیّدة مصلّیة
کانت السیّدة خدیجة أول سیّدة فی الإسلام تصلّی، إذ أنّه لسنوات طویلة انحصر الإیمان بالدین الإسلامی بخدیجة علیها السلام والإمام علی علیه السلام، وکان الرسول الأعظم یذهب إلى المسجد الحرام ویستقبل الکعبة وعلی علیه السلام إلى یمینه وخدیجة خلفه، وکان هؤلاء الثلاثة هم النواة الأولى لأمّة الإسلام، وکانوا یعبدون معبودهم الواحد إلى جانب کعبة التوحید.
أوّل مؤمنة بالولایة
کان الإمام علی علیه السلام منذ سنینه الستّ فی بیت النبی وتحت ناظری السیّدة خدیجة علیها السلام ورعایتها، لذلک کان لها حقّ فی رقبته هو حقّ الأمومة. وعندما شرح الرسول الکریم صلى الله علیه وآله لزوجه مفهوم الولایة وموقعها السامی، وطلب إلیها أن تؤمن بولایة أمیر المؤمنین علی علیه السلام، استجابت فوراً حیث قالت بصراحة ووضوح: آمنت بولایة علی وبایعته.
کانت السیدة خدیجة علیها السلام تفیض بالحنان والعطف على الإمام علی علیه السلام، لدرجة أنّها قالت فیه: إنّه أخی، وأخو النبی، أعزّ الناس إلیه، وقرّة عین خدیجة الکبرى علیها السلام.
أول سیّدة تأکل من فاکهة الجنّة
نعم، إنّها أول سیّدة مسلمة تأکل من فاکهة الجنّة حیث ناولها الرسول الأعظم صلى الله علیه وآله بیده الشریفة عنقوداً من عنب الجنّة.
الزوجة الوحیدة
مبارک زواج النور من الطهر السیّدة خدیجة علیها السلام هی الزوجة الوحیدة من بین أزواج النبی الکریم صلى الله علیه وآله التی أنسلها واستمرّ نسلها الطاهر حتى یومنا هذا. لقد ارتأت المشیئة الإلهیة أن تکون السیّدة خدیجة وعاءً لأنوار الإمامة وضیائها. والرسول الکریم صلى الله علیه وآله فی معرض بیان عظم منزلة هذه السیّدة الجلیلة، نجده یخاطب ابنته الأثیرة على قلبه الزهراء البتول علیها السلام بقوله: یا ابنتی، إنّ الله تعالى جعل خدیجة وعاء لنور الإمامة. إنّ الرسول الأعظم صلى الله علیه وآله لم یتزوّج على السیّدة خدیجة فی حیاتها أبداً حتى ماتت، لقد کانت کوثر النبوة الصافی أفاضت على العالمین بما یقرب من 80 ملیون سیّداً علویاً جمیعهم ینتمی إلى الدوحة المحمدیة الوارفة، وهم مظاهر الخیر العمیم ومصادیق الکوثر الوفیر، عطایا الرحمن لحبیبه خیر الأنام وسیّد البشر النبی المصطفى صلوات الله علیه وعلى آله. فی اللحظات الختامیة من عمر هذه السیّدة الجلیلة، بشّرها زوجها الحانی بأنّها ستکون زوجه فی الجنّة أیضاً.
حکیمة قریش والزواج
اشتهرت السیّدة خدیجة علیها السلام بالجمال والکمال والثروة والشرف الرفیع والعلم والحلم وصلابة فی اتّخاذ القرار، ودقة فی الرأی، ورأی سدید، وعقل راجح وفکر صائب، ومن الطبیعی أنّ من تجتمع لها صفات الکمال والفضل یتسابق الرجال إلى خطبتها والزواج بها، وهذا ما کان مع السیّدة خدیجة حیث سارع رؤوس بنی هاشم وأقطابها، لا بل وصل الأمر إلى ملوک الیمن وأشراف الطائف، الذین سعوا عبر إغداق الأموال والهدایا للفوز بقلبها، والتربّع على قمّة الشرف والمجد، لکنّها خذلتهم جمیعاً، ووقع اختیارها على أمین قریش ومؤتمنها لکی یفوز بقلبها.
وتدخل غرفة الرسول العظم فی بیت االسیدة خدیجة شرح السیّدة خدیجة علیها السلام سبب هذا الاختیار بالقول:
«یا بن عمّ إنّی رغبت فیک لقرابتک منّی وشرفک من قومک وأمانتک عندهم وصدق حدیثک وحسن خلقک». کما أفشت بسرّ هذا الاختیار إلى صفیّة بقولها: «إنّی قد علمت أنّه مؤیّد من ربّ العالمین». لقد استشارت السیّدة خدیجة علیها السلام سیّدة أخرى جلیلة فی هذا الأمر حتى ذهبت بمعیّتها إلى الرسول الکریم صلى الله علیه وآله وعرضت علیه الزواج قائلة: لقد اخترت لک امرأة من قریش، فأجاب الرسول العظیم: ومن تکون؟ فقالت السیّدة خدیجة: هی مملوکتک خدیجة.
الخطبة والزواج
حضر هذه المراسیم أبو طالب علیه السلام وکان أول المتکلمین إذ ألقى خطبة ذکر فیها عظمة منزلة النبی الکریم صلى الله علیه وآله وشرفه وفضله، ثمّ خطب خدیجة للنبی من والدها خویلد، الذی خیّرها، بعدها استأذنت خدیجة عمّها «عمرو بن أسد» کبیر قومه، فأعلنت موافقتها وقالت بأنّ مهرها سیکون من مالها. ثم قام عمّها فخطب فی الحاضرین خطبة بلیغة ختمها بقوله: زوّجناها ورضینا به. بعد ذلک أعلنها على الملأ بکل صراحة: من ذا الذی فی الناس مثل محمد. وقال خویلد فی مراسیم الخطبة: یا معشر العرب، لم تظلّ السماء ولم تقلّ الأرض رجلاً أفضل من محمد، فاشهدوا أنّی أنکحته ابنتی وأنّی لأفخر بهذا الارتباط المقدّس.
بعد ذلک أرسلت السیّدة خدیجة علیها السلام إلى أبی طالب أموالاً وأغناماً وقواریر العطور وأنواع اللباس لیعدّ لولیمة العرس. ولم یأل أبو طالب علیه السلام جهداً فی التحضیر لأعظم مأدبة، حیث أطعم أهالی مکة وأطرافها لثلاثة أیام متتالیة. وکانت أول ولیمة یعدّها الرسول الأعظم صلى الله علیه وآله.
ثروة السیّدة خدیجة (ع)
لسنوات طویلة کانت القوافل التجاریة للسیّدة خدیجة علیها السلام من أکبر قوافل قریش، وقد ربحت من تجارتها ثروات طائلة، وضعتها جمیعها تحت تصرّف الرسول الکریم صلى الله علیه وآله، لینفقها فیما یراه مناسباً. یقول العلامة المامقانی: لقد وصلنا بالتواتر عن الرسول الأکرم صلى الله علیه وآله أنّه قال: ما قام الدین إلاّ باثنتین: سیف علیّ وأموال خدیجة.
حکمة السیّدة خدیجة
خدیمة الکبرى أم الأئمة الأطهاریکفی فی رجاحة رأیها وصلابة فکرها ما رواه المؤرّخون من أنّ النبی الأکرم صلى الله علیه وآله وسلم کان یشاورها فی جمیع أموره.
کان علیه الصلاة والسلام یتطلّع إلى أن تُسلم قریش لتنجو من عذاب الله وسخطه، فکان یجابه بعنادهم ورفضهم وإصرارهم على باطلهم، فیعتصر قلبه الشریف ألماً وحزناً، فی تلک اللحظات العصیبة کان یلجأ إلى بیت العطف والرسالة فیشکو بثّه ومعاناته إلى زوجه وشریکة همّه السیّدة خدیجة علیها السلام، فکانت تواسیه وتشدّ من أزره بکلماتها الحکیمة ونظرات العطف والحنان، فتسکن من آلامه وأحزانه.
فی مراحل الشدّة والمشقة والحصار الاقتصادی فی شعب أبی طالب، کان لأموال السیّدة خدیجة علیها السلام الدور الکبیر والحاسم فی التخفیف من آثار الحصار الجائر الذی فرض على آل أبی طالب، فکانت هذه السیدة الجلیلة تشیع الأمل والفرح فی قلوب القوم وترفع الحزن والشقاء عن کاهلهم. وعلى الرغم من أنّ الله تعالى کان سنداً وظهیراً لنبیه الکریم ولم یقطع عنه حبل کرمه ولطفه طیلة تلک الفترة العصیبة، إلاّ أنّ وجه السیّدة خدیجة علیها السلام المضیء والمشرق، ونظراتها المتفائلة کانت تجعله أکثر إصراراً وعزماً على مواجهة قدره والاستعداد لأیّام أصعب وأقسى.
أصداف الکوثر
رزقت السیّدة خدیجة علیها السلام من الرسول الأکرم صلى الله علیه وآله ولدین هما القاسم وعبد الله، وبنت واحدة، فاختطف الموت ولدیه وهما صغیران وأبقى على بضعته کوثر الخلق ووالدة أئمة النور والهدى الأحد عشر، سیدة النساء الزهراء البتول علیها السلام. یتّفق أهل السیر والمؤرخین على أنّ الرسول الکریم صلى الله علیه وآله أنجب من السیّدة خدیجة علیها السلام وماریة القبطیة فقط، حیث أنجبت الأخیرة له ابنه «إبراهیم» الذی فارق والده المکرّم وهو فی الثالثة من عمره.
النبی الکریم: غروب حزین ووحدة موحشة
وفاة السیدة خدیجة الکبرى علیها السلاملقد کانت السیّدة خدیجة علیها السلام طیلة ربع قرن نجماً ساطعاً یشعّ بنوره على بیت النبوة والرسالة، تجلی بنظراتها الحانیة الهمّ والشجن عن نبی الرحمة صلى الله علیه وآله، حتى حان موعدها مع القدر فی العاشر من رمضان فی السنة العاشرة من البعثة عندما أسلمت الروح لبارئها وألقت برحیلها المفجع ظلالاً من الکروب والأحزان على قلب النبی، وکان ذلک فی السنة الثالثة قبل الهجرة، ودفنت فی الحجون، حیث دخل النبی صلى الله علیه وآله قبرها ووضعها فی لحدها بیدیه الشریفتین، فی ذلک الوقت لم تکن صلاة المیّت قد شرّعت بعد، وکانت وفاتها بعد وفاة أبی طالب بثلاثة أشهر، وقیل بأنّ الفترة بین الوفاتین هی من ثلاثة أیام إلى ثلاثة أشهر، وعلى أیّ حال، کان وقع ذلک شدیداً على النبی الکریم الذی فقد نصیرین له، وقد سمّی ذلک العام بعام الحزن، وأعلن الحداد فیه. ما فتئ الرسول الأکرم صلى الله علیه وآله یقول: لم یسیطر علیّ الحزن والهمّ طیلة حیاة أبی طالب وخدیجة. لقد ظلّت ذکرى خدیجة والسنوات المشترکة خالدة وماثلة فی ذاکرة النبی لم یمحها الزمان.
وصایا السیدة خدیجة علیها السلام
لقد أوصت السیّدة خدیجة علیها السلام النبی الکریم عدّة وصایا وهی على فراش الموت هی:
أن یدعو لها بالخیر
أن یلحدها بیده
أن یدخل قبرها قبل دفنها
أن یضع مرطه الذی ادّثر به عند نزول الوحی، على کفنها.
إنّ السیّدة خدیجة علیها السلام التی وهبت کل ثروتها وأموالها إلى الحبیب المصطفى لم تطلب فی مقابل ذلک سوى مرط، ومع ذلک فهی لم تطلبه منه مباشرة، بل بواسطة ابنتها الزهراء علیها السلام. حینذاک نزل الوحی من عند الله العلی القدیر بکفن من الجنّة.
قامت أمّ أیمن وأم الفضل (زوجة العباس) بغسل جسد السیّدة خدیجة علیها السلام ثم ألقتا علیها نظرة الوداع الأخیرة.
فی البدایة قام الرسول الأکرم بوضع مرطه على الکفن، ثمّ وضع کفن الجنة علیها. کانت السیّدة خدیجة علیها السلام فی الرمق الأخیر من عمرها تنظر بقلق إلى ابنتها الزهراء علیها السلام، فما کان من أسماء بنت عمیس إلا أن تعهّدت لها بأن تکون أمّاً لها لیلة زفافها.
المزار الطاهر للسیدة خدیجة
مقام قبر السیدة خدیجة الطاهرةیقع المزار الطاهر للسیّدة خدیجة علیها السلام فی بطن جبل حجون حیث کان على مدى أربعة عشر قرناً مزاراً یحجّ إلیه ملایین المسلمین فی موسم الحجّ والعمرة، لینهلوا من فیض نوره، وقد أفتى العدید من المراجع العظام من جملتهم آیة الله العظمى السید محمد الشیرازی رحمه الله والسید صادق الشیرازی (دام ظله الوارف) باستحباب زیارة القبر.
لقرون عدیدة کانت تعلو القبر ضریح وقبة شامخة، حتى جاء العام 1344 هـ، فسوّی الضریح بالأرض من قبل الوهابیة. بعد رحیل السیّدة خدیجة علیها السلام، کانت السیّدة الزهراء تحیط بالرسول الکریم کفراشة تحوم حول الشمعة، وتسأله: أبتاه، أین أمی؟ فکان الرسول الأعظم یواسیه بأن یذّکرها بمنزلة والدتها الرفیعة فی الجنّة. لقد أنشد أمیر البیان وإمام المتقین الإمام علی علیه السلام قصیدة فی رثاء السیّدة خدیجة علیها السلام، یستعرض فیها مناقبها وجمیل خصالها.
خدیجة یوم الحشر
یصف الرسول الکریم صلى الله علیه وآله ورود خدیجة یوم الحشر بهذه العبارات البلیغة: یأتی لاستقبالها سبعون ألف ملک یحملون رایات زیّنت بعبارة «الله أکبر».
هزيمة اميركا في القضايا الجارية ستكون قطعية ومؤكدة
اكد قائد الثورة الاسلامیة آیة الله العظمى السید علي الخامنئي، أن هزيمة اميركا في القضايا الجارية ستكون قطعية ومؤكدة، مشدداً على استحصال الضمانات الاوروبية من اجل مواصلة الاتفاق النووي.
وأفاد الموقع الإعلامي لمكتب قائد الثورة الإسلامیة، أن سماحته استقبل عصر الیوم الاربعاء وتزامنا مع سابع ایام شهر رمضان المبارك، رؤساء السُلطات الثلاث وجمعا من كبار المسؤولین في المؤسسات الحكومیة والعسكریة في البلاد.
وشدد قائد الثورة الاسلامية في هذا اللقءا على ضرورة التعامل الصحيح في مواجهة اميركا وتوفير مستلزمات الحركة الاقتصادية في داخل البلاد.
وأكد آية الله الخامنئي ضرورة استحضار التجارب في العلاقات مع الغرب واستحصال الضمانات الاوروبية لمواصلة الاتفاق النووي، معتبرا اداء المسؤولين الايرانيين لمهامهم شرطا اساسيا لالحاق هزيمة حاسمة بالولايات المتحدة الاميركية.
وقال قائد الثورة الاسلامية: انه منذ بداية الثورة ولحد الآن قامت اميركا بمجموعة من الاعمال العدائية لضرب الجمهورية الاسلامية، ونظمت انواعا مختلفة من الاجراءات السياسية والاقتصادية والعسكرية والدعائية ضد الجمهورية الإسلامية.
واشار سماحته الى ان الممارسات الاميركية كانت تستهدف تقويض نظام الجمهورية الاسلامية، مؤكدا ان جميع هذه المؤامرات باءت بالفشل، ولفت الى ان الجمهورية الاسلامية الايرانية في الوقت الحاضر تمضي قدما الى الامام بامتلاكها امكانيات متنوعة،
وقال: لاتساورنا اية شكوك في هزيمة العدو، وكل من لديه اطلاع على المعارف الاسلامية يدرك ذلك.
واشار الى ان اميركا مثل القط في قصة توم وجيري ستهزم مرة اخرى.
واضاف: ان الرئيس الاميركي الحالي لن يكون مصيره افضل من اسلافه من امثال بوش والمحافظون الجدد وريغان، وسيختفي في طيات التاريخ.
واكد قائد الثورة الاسلامية على ضرورة اخذ الدروس والعبر من التجارب السابقة، مضيفا : "من جَرّب المُجرّب حَلّت به النّدامة".
وتطرق سماحته الى عدة تجارب واجهتها ايران وهي مهمة لاتخاذ القرارات في الوقت الحاضر وايضا بالنسبة للاجيال القادمة:
1- التجربة الاولى هي ان حكومة الجمهورية الاسلامية الايرانية لا يمكنها التعامل مع اميركا، لماذا؟ لان اميركا لا تلتزم بتعهداتها، وهذه ليست مختصة بالحكومة الاميركية الحالية وترامب، فالحكومة الاميركية السابقة تحادثت معنا ونقضت الاتفاق بشكل آخر، فهم قد وجهوا التهديدات وكذلك لم يفوا بتعهداتهم، وهذا جواب الذين قالوا مرارا لماذا لا تتفاوض ايران مع اميركا.
2- التجربة الثانية هو عمق العداء الاميركي لايران، فعداوة اميركا لا تتمحور حول القضية النووية بل هي اوسع من ذلك، فنظامنا ناهض ولا يأبه لاميركا، ويرفع راية الاسلام، فاميركا تعارض بشدة مثل هذا النظام، وتريد القضاء على مقومات القدرة في الجمهورية الاسلامية.
- التجربة الثالثة هو المرونة امام هذا العدو لن تبطئ نصله، لكنها ستجعله اكثر وقاحة، فبوش الثاني وفي مواجهة مرونة الحكومة (الايرانية) آنذاك، اطلق عليها تسمية محور الشر، معتبرا ان اسلوب المرونة لايقلل من عداء اميركا لايران.
4- التجربة الرابعة ان الصمود في مواجهة اميركا سيجبرها على التراجع، فاعتراف الامم المتحدة بحق ايران بالتخصيب ليس ناجما عن التفاوض، بل سببه تطور ايران في المجال النووي، لذلك قبلوا بذلك مرغمين.
5- التجربة الخامسة هي تجربة مماشاة اوروبا لاميركا في القضايا المهمة، ليست لدينا مشكلة مع اوروبا لكن هذه البلدان الثلاثة (بريطانيا وفرنسا والمانيا) اثبتت انها تؤيد اميركا في القضايا الاكثر حساسية، فالحركة القبيحة التي قامت بها فرنسا بلعب دور الشرطي السيئ في المفاوضات النووية والعراقيل التي وضعها الانجليز امام انتاج الكعكة الصفراء هما من هذه الحالات.
6- التجربة السادسة ، عدم ربط قضايا البلاد بالاتفاق النووي والقضايا الخارجية، لذلك ينبغي عدم ربط قضايا البلاد بأمور خارجة عن صلاحيتنا.
واكد سماحة القائد على ضرورة عدم الوقوع في نفس الخطأ مرة اخرى، والاستفادة من التجارب السابقة، محذرا من ان اوروبا لن تعارض اميركا في قضية الاتفاق النووي.
واعلن قائد الثورة الاسلامية شروط الجمهورية الاسلامية الايرانية لمواصلة الاتفاق النووي مع اوروبا:
- البلدان الاوروبية الثلاث نكثوا بتعهداتهم قبل نحو 14 عاما في المفاوضات النووية التي جرت عامي 2004 و2005، ولم يفوا بوعودهم، يجب ان يثبتوا اليوم أنهم لن يكونوا غير أمناء وناقضي عهود، في العامين الماضيين نقضت اميركا الاتفاق النووي مرارا والتزم الاوروبيون الصمت، يجب على اوروبا التعويض عن صمتها.
- امريكا نقضت القرار رقم 2231، لذا يجب على اوروبا ان تصدر قرارا يدين نقض اميركا.
- يجب على اوروبا ان تتعهد بان لاتطرح قضية البرنامج الصاروخي والنفوذ الاقليمي للجمهورية الاسلامية الايرانية.
- يجب على اوروبا مواجهة اي حظر ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية وان تتصدى بكل صراحة لاجراءات الحظر الاميركية.
- يجب على اوروبا ضمان مبيعات النفط الايراني بشكل كامل، بحيث اذا اراد الاميركان توجيه ضربة الى مبيعات النفط الايراني، ينبغي ان نتمكن من بيع كميات النفط التي نريدها، ويجب على الاوروبيين التعويض بشكل مضمون وشراء النفط الايراني.
- على المصارف الاوروبية ضمان المعاملات التجارية مع الجمهورية الاسلامية الايرانية، ليست لدينا مشكلة مع الدول الاوروبية الثلاث، لكن ليست لدينا ثقة بها، وذلك بسبب ماضيهم.
- اذا تقاعس الاروبيون في الاستجابة لمطالبنا، فايران تحتفظ بحق استئناف الانشطة النووية، وعندما نرى ان الاتفاق النووي عديم الفائدة، فاحدى الطرق هو العودة لاستئناف الانشطة المعطلة.
المفوض العام للأونروا يوجه نداءً عاجلاً للعالم لإنقاذ القطاع الصحي في غزة
قال مفوض عام وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأنروا" بير كرينبول إن "العالم لا يقدّر فعلاً ما الذي حدث في غزة منذ بداية مسيرة العودة في 30 آذار/مارس الماضي".
وأضاف في مؤتمر صحفي عقده بمدينة غزة اليوم الثلاثاء أن "عدد جرحى مسيرات العودة يفوق عدد جرحى حرب 2014"، معبّراً عن صدمته بعد الجولة التي أجراها في المستشفيات والمراكز الصحية في القطاع.
وذكر كرينبول أنه "ليس مصدوماً فقط بالنسبة لعدد المصابين، إنما بالنسبة لطبيعة الإصابات"، موضحاً أن "طبيعة الاصابات تشير إلى أن الذخيرة الحية استخدمت لتسبب ضرراً كبيراً في الأعضاء الداخلية والعضلات والعظام".
ووجّه مفوض الأونروا نداءً عاجلاً إلى العالم من أجل انقاذ القطاع الصحي في غزة، قائلًا "إن تجريد غزة من الإنسانية لن يجلب السلام للمنطقة".
وإذ حذّر من أن "غزة تواجه كارثة صحية وإنسانية، سيكون لها تداعيات لا تحصى على سكان القطاع"، لفت إلى أن 70% من سكان غزة لاجئين، وأن هناك عدداً منهم استشهد وآخر أصيب.
وبشأن الأونروا، أوضح أن ميزانية الأونروا ما زالت تعاني عجزًا بقرابة 200 مليون دولار، مؤكداً أن الأولوية للتعليم وأنه سيتم العمل خلال الفترة المقبلة اجل ذلك.
الأسدي للميادين: التيار الصدري وشركاؤه لن يخضعوا لرغبات أميركية وبيننا وبين إيران علاقات ثابتة
أكد مسؤول المكتب السياسي للسيد مقتدى الصدر ضياء الأسدي أن ليس هناك علاقة سرية بين المملكة العربية السعودية والسيد الصدر عدا عن الزيارات المعلنة، مشيراً إلى أن "وزير الدولة السعودي ثامر السبهان متسرّع ولا يعرف أن أي تدخل بالشأن العر اقي سيكون مسيئاً".
وقال الأسدي في حديث له لـ الميادين ضمن برنامج حوار الساعة ، إن "تحالفاتنا فاجأت البعض ولكن يجمعنا الكثير من المبادئ الفكرية"، و إن كتلة "سائرون" حصلت على الأصوات التي كانت تتوقعها وذلك بسبب إدراك الشعب أن لا تغيّير حصل خلال 4 سنوات"، مضيفاً أن "الجماهير عاقبت الكتل السياسية التي كانت فاعلة في الحكومات السابقة".
وشددّ الأسدي على أن السيد الصدر لن يسمح باستخدام العراق كمنصة للهجوم على أي من دول الجوار، وأن "التيار الصدري وشركاؤه لن يخضعوا لرغبات أميركية"، مؤكداً أن"بيننا وبين إيران علاقات ثابتة".
وأكد مسؤول المكتب السياسي للسيد مقتدى الصدر أننا "لن نخضع لأي إرادة خارجية سواء كانت أميركية أو غيرها"، مشيراً إلى أن "الوجود الأميركي في العراق وجود مرفوض خارج التمثيل الدبلوماسي".
وذكر مسؤول المكتب السياسي للسيد مقتدى الصدر أن هناك سخط على الحالة السياسية في العراق وقد ترجم ذلك بالعزوف عن الانتخابات، مشيراً إلى أن "أي شكل من أشكال التحالفات التي يتم الحديث عنها لا تتجاوز التمنيات".
وفي وقتٍ أوضح فيه أن مطالبة الصدر بانسحاب الرئيس العبادي من حزب الدعوة كان سابقاً للانتخابات، قال في الوقت نفسه"لا أستبعد أن يكون السيد الصدر طلب انسحاب الرئيس العبادي من حزب الدعوة مجدداً في اللقاء الأخير".
وإذ أكد أنه "ليس هناك أي فيتو على أي شخصية من تكتل الفتح أو غيره، أوضح "أننا منفتحون على تحالف مع دولة القانون ولكن هناك فرق بين التحالف وبين الشخصيات السياسية فيه".
وأشار الأسدي إلى أن السيد الصدر ليس لديه هدف الوصول إلى السلطة، مضيفاً أن "تحالف سائرون والتحالفات معه هدفهم بناء دولة لا الوصول إلى السلطة"، مذكّراً أن "العراق تحمّل ضغوطاً كثيرة منها الاحتلال الأميركي وداعش بالاضافة إلى فشل الحكومات المتعاقبة".
وعن التواصل والانفتاح مع الأطراف الأخرى أكد الأسدي أن "تحالف سائرون يتواصل مع الكثير من شخصيات المكون السني على المستويين السياسي والاجتماعي"، مضيفاً أنه تلقى الكثير من الاتصالات من الكثير من الأطراف الكردية السياسية والدينية.
كما أوضح أنه "لا علاقة للانتماء السياسي لشخص رئيس الحكومة بأدائه في إدارة الحكومة".
روحاني يردّ على بومبيو: من أنتم؟
توجّه الرئيس الإيراني حسن روحاني للإدارة الأميركية بالقول "من أنتم لتحددوا لإيران والعالم ما الذي يتوجب عليهم فعله؟".
كلام روحاني جاء رداً على تصريحات لوزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، توعدّ فيها إيران بضغوطات "ستجعلها تكافح لمجرد البقاء".
وبينما أكد روحاني "مواصلة طريقنا بالاعتماد على شعبنا"، أعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنها تقوم "بتقييم ما إذا كنا سنضاعف الإجراءات الحالية على إيران أو ننفذ إجراءات جديدة".
روحاني قال إن عالم اليوم لا يقبل أن تقرر واشنطن للعالم وللدول المستقلة، مشيراً إلى أن الإدارة الأميركية الحالية عادت ببلادها إلى مرحلة بوش الإبن وواشنطن تكرر كلام العام 2003.
وكان بومبيو قد أعلن في وقت سابق من اليوم الإثنين أن العقوبات التي فرضتها واشنطن على إيران "هي البداية فقط"، طارحاً مجموعة من الشروط للتوصل إلى اتفاق جديد مع طهران لرفع العقوبات عنها وتطبيع العلاقات معها.
ومن هذه الشروط إعلان إيران "أهدافها من البرنامج النووي وإقفال مفاعلاتها"، وكذلك وقف إيران لما وصفه بومبيو بتهديداتها لجيرانها والتهديدات الصاروخية للسعودية والإمارات، إضافة إلى وقف دعمها لحزب الله وحركات حماس والجهاد وأنصار الله وسحب قواتها من سوريا.
وكان الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد أعلن بداية شهر أيار/مايو الجاري، انسحاب بلاده من الاتفاق النووي وإعادة فرض العقوبات على إيران.
رسالة الإمام الخامنئي الثانية لشباب الغرب
في تاريخ 29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015 وجه قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي رسالته الثانية إلى شباب العالم الغربي، في محاولة من سماحته لإيصال صوت العقل والإسلام الأصيل إلى مسامع الطبقة الشابة في المجتمع الغربي.
فيما يلي النص الكامل للترجمة العربية لرسالة سماحة الإمام الخامنئي:
بسم اللّه الرّحمن الرّحيم
إلى كل الشباب في البلدان الغربية
إنّ الأحداث المريرة التي ارتكبها الإرهاب الأعمى في فرنسا، دفعتني مرة أخرى لمحاورتکم. إنّه لأمر مؤسف بالنسبة لي، أنّ أحداثاً كهذه توفّر الفرصة للحديث، لكنّ الحقيقة هي أنّ القضايا المؤلمة إذا لم توفّر الأرضيّة للتفكير بالحلول ولم تُعطِ الفرصة لتبادل الأفكار، فإنّ الخسارة ستكون مضاعفة. إنّ معاناة أي إنسان، في أيّ مكان من العالم، بحدّ ذاتها تثير الحزن لبني البشر؛ فمشهد طفل تفارق روحه جسده أمام أحبّائه، وأمٍّ تبدّلَ فرحُ عائلتِها إلى عزاء، وزوجٍ يحمل جسد زوجته القتيلة مسرعاً إلى ناحية ما، أو مُشاهد لا يعلم أنّه سيحضر، بعد لحظات، المقطع الأخير من مسرحية حياته؛ [هذه كلّها] مشاهد تثير العواطف والمشاعر الإنسانيّة. كلّ من له نصيب من المحبّة والإنسانيّة يتأثّر ويتألم لرؤية هذه المناظر، سواء وقعت في فرنسا، أو في فلسطين والعراق ولبنان وسورية. ولا شك أنّ ملياراً ونصف المليار من المسلمين لديهم هذا الإحساس نفسه، وهم براء ومتنفرون من مرتكبي هذه الفجائع ومسبّبيها. غير أنّ القضية هي أنّ آلام اليوم إذا لم تؤدِّ إلى بناء غدٍ أفضل وأكثر أمناً، فسوف تُختزل [تتنزل] لتكون مجرّد ذكريات مريرة لا فائدة منها ولا ثمر.
إنني أؤمن أنكم أنتم الشباب وحدكم قادرون، ومن خلال استلهام العبر والدروس من محن اليوم، أن تجدوا السبل الجديدة لبناء المستقبل، وتسدّوا الطرق الخاطئة التي أوصلت الغرب إلى ما هو عليه الآن.
صحيح أنّ الإرهاب اليوم هو الهم والألم المشترك بيننا وبينكم، لكن من الضروري أن تعرفوا أنّ القلق وانعدام الأمن الذي جرّبتموه في الأحداث الأخيرة يختلف اختلافين أساسيين عن الآلام التي تحمّلتها شعوب العراق واليمن وسورية وأفغانستان طوال سنين متتالية: أولاً، إن العالم الإسلامي كان ضحية الإرهاب والعنف بأبعاد أوسع بكثير، وبحجم أضخم، ولفترة أطول بكثير. وثانياً إنّ هذا العنف كان ــ للأسف ــ مدعوماً على الدوام من قبل بعض القوى الكبرى بشكل مؤثر وبأساليب متنوعة. قلّ ما يوجد اليوم من لا علم له بدور الولايات المتحدة الأمريكية في تكوين وتقوية وتسليح القاعدة، وطالبان، وامتداداتهما المشؤومة. إلى جانب هذا الدعم المباشر، نرى أنّ حماة الإرهاب التكفيري العلنيين المعروفين كانوا دائماً في عداد حلفاء الغرب على الرغم من أن أنظمتهم هي أكثر الأنظمة السياسية تخلّفاً، بينما تتعرض أكثر الأفكار ريادةً واشراقًا، والنابعة من السيادة الشعبية الحيوية في المنطقة إلى القمع بكل قسوة. إنّ الإزدواجية في تعامل الغرب مع حركة الصحوة في العالم الإسلامي هي نموذج ساطع حاكٍ عن التناقض في السياسات الغربية.
الوجه الآخر لهذا التناقض يلاحظ في دعم إرهاب الدولة الذي ترتكبه "إسرائيل". يعاني الشعب الفلسطيني المظلوم منذ أكثر من ستين عاماً من أسوأ أنواع الإرهاب. إذا كانت الشعوب الأوروبية اليوم تلتجئ في بيوتها لعدة أيام وتتجنّب الحضور في التجمّعات والأماكن المزدحمة، فإنّ العائلة الفلسطينية لا تأمن من آلة القتل والهدم الصهيونية منذ عشرات الأعوام، حتى وهي في بيتها. أيّ نوع من العنف يمكن مقارنته اليوم، من حيث شدة القسوة، ببناء الكيان الصهيوني للمستوطنات؟ إنّ هذا الكيان يدمّر كل يوم بيوت الفلسطينيين ومزارعهم وبساتينهم من دون أن يتعرض أبداً لمؤاخذة جادّة مؤثّرة من قبل حلفائه المتنفذين، أو على الأقل من المنظمات الدولية التي تدّعي استقلاليتها، من دون أن يُتاح للفلسطينيّين حتى فرصة نقل أثاثهم أو حصاد محاصيلهم الزراعية، ويحصل كل هذا في الغالب أمام الأعين المذعورة الدامعة للنساء والأطفال الذين يشهدون ضرب وجرح أفراد عوائلهم، أو نقلهم في بعض الأحيان إلى مراكز التعذيب المرعبة. هل رأيتم في عالم اليوم قسوةً متواصلة مع الوقت بهذا الحجم والأبعاد؟ إنّ إطلاق الرصاص على سيدة في وسط الشارع لمجرد الاعتراض على جندي مدجّج بالسلاح، إنْ لم يكن إرهاباً فما هو إذاً؟ وهل من الصحيح أن لا تعدّ هذه البربرية تطرّفاً لمجرّد أنها ترتكب من قبل قوات شرطة حكومة محتلّة؟ أو هل من المفترض أن لا تستفزّ هذه الصور ضمائرنا، فقط لأنّها تشاهد تكرارًا على شاشات التلفزة منذ ستين سنة؟
إنّ الحملات العسكرية التي تعرّض لها العالم الإسلامي في السنوات الأخيرة، والتي تسبّبت في الكثير من الضحايا، لهي نموذج آخر لمنطق الغرب المتناقض. وإنّ البلدان التي تعرضت للهجمات، فقدت بناها التحتية الاقتصادية والصناعية، وتعرضت مسيرتها نحو الرقي والتنمية إما للتوقف أو التباطؤ، وفي بعض الأحيان تراجعت لعشرات الأعوام، فضلاً عمّا تحمّلته من خسائر إنسانيّة. ورغم كل هذا يطلب منهم بوقاحة أن لا يعتبروا أنفسهم مظلومين. كيف يمكن تحويل بلد إلى أنقاض وإحراق مدنه وقراه وتحويلها إلى رماد، ثم يقال لأهله وشعبه: رجاءً لا تعتبروا أنفسكم مظلومين! أليس الأفضل الاعتذار بصدق بدل الدعوة إلى تعطيل الفهم أو نسيان الفجائع؟ إن الألم الذي تحمّله العالم الإسلامي خلال هذه الأعوام من نفاق المهاجمين وسعيهم لتلميع صورتهم ليس بأقل من الخسائر المادية.
أيها الشباب الأعزاء؛
إنّني آمل أن تغيّروا أنتم في الحاضر أو المستقبل هذه العقلية الملوّثة بالتزييف والخداع، العقلية التي تمتاز بإخفاء الأهداف البعيدة وتجميل الأغراض الخبيثة. أعتقد أن الخطوة الأولى في توفير الأمن والاستقرار هي إصلاح هذه الأفكار المنتجة للعنف. ينبغي عدم البحث عن جذور العنف في أماكن أخرى، ما دامت المعايير المزدوجة تحكم السياسة الغربية، وما دام الإرهاب يقسّم في أنظار حماته الأقوياء إلى أنواع حسنة وأخرى سيئة، وما دام يتم ترجيح مصالح الحكومات على القيم الإنسانية والأخلاقية.
لقد ترسّخت ــ للأسف ــ هذه الجذور تدريجاً على مدى سنين طويلة في أعماق السياسات الثقافية للغرب أيضاً، وقامت بغزوٍ ناعم وصامت. إنّ الكثير من بلدان العالم تعتزّ بثقافاتها المحلية والوطنية؛ ثقافات رفدت المجتمعات البشرية على أحسن وجه، وغذّتها طوال مئات الأعوام، وفي الوقت نفسه حافظت على ازدهارها وإنتاجها. العالم الإسلامي ليس استثناءً لهذه الحالة. ولكنّ العالم الغربي في هذا العصر، ومن خلال استخدامه لأدوات متطوّرة، يمارس ضغوطه مُصِراً على الاستنساخ الثقافي للعالم على شاكلته!
إنني أعتبر فرض ثقافة الغرب على سائر الشعوب، واحتقار الثقافات المستقلة، عنفاً صامتاً وشديد الضرر. يجري تحقير الثقافات الغنية والإساءة لجوانبها الأكثر حرمةً، في حين أنّ الثقافة البديلة ليست جديرة، ولا تمتلك القدرة لأن تحلّ محلها بأي وجه من الوجوه. وعلى سبيل المثال، إنّ عنصرَي «العدوانیة» و«التحلّل الأخلاقي» اللذين تحوّلا ــ للأسف ــ إلى مكوّنين أصليين في الثقافة الغربية، هبطا بمكانتها ومدى تقبّلها حتى في موطن ظهورها. السؤال الآن هو: هل نحن مذنبون لأنّنا نرفض ثقافة عدوانية وهابطة وبعيدة عن القيم؟ هل نحن مقصّرون إذا منعنا سيلاً مدمراً ينهال على شبابنا على شكل نتاجات شبه فنية مختلفة؟
إنني لا أنكر أهمية التبادل الثقافي وقيمته. فهذا التواصل، كلّما حصل في ظروف طبيعية حظي باحترام المجتمع المتلقّي له، وإنه ينتج النمو والازدهار والإثراء. وفي المقابل فإن التبادل والعلاقات غير المنسجمة والمفروضة لطالما جرّت الفشل والخسائر الفادحة. بمنتهى الأسف يجب أن أقول، إنّ جماعات منحطّة مثل "داعش" هي ثمرة مثل هذه العلاقات الفاشلة مع الثقافات المستوردة. إذا كانت المشكلة عقائدية حقاً لوجب مشاهدة نظير هذه الظواهر في العالم الإسلامي قبل عصر الاستعمار أيضاً، في حين أن التاريخ يشهد بخلاف ذلك. إنّ الوثائق التاريخية الأكيدة تدلّ بوضوح كيف أن التقاء الاستعمار بفكر متطرف منبوذ، ناشئ في قلب قبيلة بدوية، قد زرع بذور التطرف والعنف في هذه المنطقة. وإلّا فكيف يمكن أن تخرج حثالة مثل "داعش" من إحدى أكثر المدارس الدينية أخلاقية وإنسانية في العالم، التي تعتبر وفق نصّها الأصلي أن قتل إنسان واحد يعدّ بمنزلة قتل الإنسانية كلها؟
ومن جانب آخر ينبغي طرح السؤال: لماذا ينجذب شابّ قد وُلِد في أوروبا وتربّى في تلك البيئة الفكرية والروحية إلى هذا النوع من الجماعات؟ هل يمكن التصديق بأن الأفراد ينقلبون فجأة، بسَفْرة أو سَفْرتين إلى المناطق الحربية، إلى متطرفين يمطرون أبناء وطنهم بالرصاص؟ بالتأكيد علينا أن لا ننسى آثار ونتائج التنشئة الثقافية غير السليمة في بيئة ملوثة ومنتجة للعنف على مدى عمر كامل. ينبغي امتلاك تحليل شامل في هذا الخصوص، تحليل يكشف النقاب عن أنواع التلوّث الظاهرة والخفية في المجتمع. ولعلّ الكراهية العميقة التي زُرعت في قلوب شرائح من المجتمعات الغربية طوال سنوات الازدهار الصناعي والاقتصادي، ونتيجة حالات عدم المساواة، وربما حالات التمييز القانونية والبنيوية، قد أوجدت عُقَداً تتفجّر بين الحين والآخر بهذه الأشكال المريضة.
على كل حال، أنتم الذين يجب أن تقوموا بتشريح الطبقات الظاهرية لمجتمعاتكم، وتجدوا مكامن العُقَد والأحقاد وتزيلوها. ينبغي ترميم الهوّات بدل تعميقها. إنّ الخطأ الكبير في محاربة الإرهاب هو القيام بردود الأفعال المتسرّعة التي تزيد من حالات القطيعة الموجودة. إنّ أي خطوة انفعالية متوترة ومتسرعة تدفع المجتمع المسلم في أوروبا وأمريكا، والمكوّن من ملايين الأفراد الناشطين المتحمّلين لمسؤولياتهم، نحو العزلة أو الخوف والاضطراب، وتحرمهم أكثر من السابق من حقوقهم الأساسية، وتقصيهم عن ساحة المجتمع، فهي لن تعجز عن حل المشكلة فحسب، بل ستزيد المسافات الفاصلة وتعزز الأحقاد. لن تثمر التدابير السطحية والانفعالية- وخاصةً إذا تمت بغطاء قانوني- سوى بتكريس الاستقطابات القائمة وفتح الطريق أمام أزمات مستقبلية.
وفقاً للأنباء الواصلة، فقد سُنّت في بعض البلدان الأوروبية قوانين ومقرّرات تدفع المواطنين للتجسّس على المسلمين. إنّ هذه السلوكات ظالمة، وكلّنا يعلم أنّ الظلم يعود عكسيًّا ويرتدّ على صاحبه شئنا أم أبينا. ثم إنّ المسلمين لا يستحقّون نكران الجميل والجحود هذا. إنّ العالم الغربي يعرف المسلمين جيداً منذ قرون.
حين كان الغربيون ضيوفاً في دار الإسلام وامتدّت أعينهم إلى ثروات أصحاب الدار، أو يوم كانوا مضيفين وانتفعوا من أعمال المسلمين وأفكارهم، لم يروا منهم في الغالب سوى المحبة والصبر. وعليه، فإنّني أطلب منكم أيها الشباب أن تُرسوا أسس تعامل صحيح وشريف مع العالم الإسلامي، قائم على ركائز معرفة صحيحة ونظرة عميقة، وبالاستفادة من التجارب المريرة. في هذه الحالة ستجدون في المستقبل غير البعيد أنّ البناء الذي شيّدتموه على هذه الأسس يمدّ ظلال الثقة والاعتماد على رؤوس بُناته، ويهديهم الأمن والطمأنينة، ويشرق بأنوار الأمل بمستقبل زاهر على أرض المعمورة.
السيد علي الخامنئي
29 نوفمبر/ تشرين الثاني 2015
رسالة الإمام الخامنئي إلى الشباب في أوروبا وأمريكا الشمالية
وجّه قائد الثورة الإسلامية الإمام السيد علي الخامنئي رسالةً إلى الشباب في العالم الغربي دعاهم خلالها إلى مطالعة الإسلام من منابعه الأصيلة والاطلاع على سيرة نبي الرحمة محمد (ص) وعدم الحكم على الإسلام من خلال ما تعكسه وسائل الإعلام الغربية من صورة مشوهة عن دين الإسلام الحنيف وخاطب سماحته الشباب الغربي بقوله: "اليوم ونحن نرى أن وسائل التواصل اخترقت الحدود الجغرافية، لا تسمحوا لهم أن يحاصروكم في الحدود الذهنية المصطنعة".
وفيما يلي النص الكامل للرسالة:
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى جميع الشباب في أوروبا وأمريكا الشمالية، إنَّ الأحداث الأخيرة في فرنسا وما شابهها في بعض الدول الغربية الأخرى دفعتني وشجعتني أن أتحدّث معكم عنها مباشرة.
إني أخاطبكم أيّها الشباب؛ ولا يعني هذا أنني أتجاهل آباءكم وأمهاتكم، بل لأني أرى مستقبل شعبكم وبلادكم بأيديكم، وكذلك أرى بأنَّ رغبة البحث عن الحقيقة في قلوبكم أكثر حيوية واتقاداً. وأنا أيضاً لا أخاطب في كلمتي هذه السياسيين والمسؤولين عندكم لأني أتصور أنهم وعن سابق تصور وتصميم قد فصلوا درب السياسة عن مسار الصدق والحقيقة.
حديثي معكم عن الإسلام، وبصورةٍ خاصة عن الصورة التي يتم تقديمها لكم عن الإسلام .
منذ عقدين وإلى يومنا هذا -أي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي تقريباً- بُذلت جهود ومحاولات كثيرة لتقديم هذا الدين العظيم بصورة عدوٍ مخيف. وللأسف إنَّ عملية إثارة مشاعر الرعب والكراهية واستغلالها لها ماضٍ طويل في التاريخ السياسي للغرب. لا أريد هنا أن أتطرق إلى ما يثيرون من أنواع الرهاب [الفوبيا] في أوساط الشعوب الغربية حتى الآن، بإطلالة سريعة وموجزة على الدراسات التاريخية والنقدية المعاصرة ستجدون كيف تذم وتستنكر [الدراسات التاريخية] التعامل غير الصادق والمزيِّف للحكومات الغربية تجاه سائر الشعوب والثقافات. إنَّ تاريخ أوروبا وأمريكا يطأطئ رأسه خجلاً أمام سلوكه في استرقاق العبيد وسلوكه الاستعماري وظلمه الذي ألحقه بذوي البشرة الملونة وغير المسيحيين. إنّ المؤرخين والباحثين عندكم عندما يمرون على عمليات سفك الدماء باسم الدين بين البروتستانت والكاثوليك أو باسم القومية والوطنية خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية يشعرون بالخجل والخزي.
وهذا بحد ذاته يدعو الى التقدير؛ ولست أهدف من خلال استذكار قسمٍ من هذه اللائحة الطويلة معاتبة التاريخ ولكني أريد منكم أن تسألوا كل مثقفيكم ونخبكم لماذا لا يستيقظ الوجدان العام في الغرب دائماً إلّا متأخراً عشرات السنين وأحياناً مئات سنين؟ ولماذا تتّجه إعادة النظر في الوجدان العام نحو الماضي البعيد وتُهمل الأحداث المعاصرة؟ ولماذا يُمنع تشكّل وعيٍ عام في موضوعٍ مهم كأسلوب التعامل مع الثقافة والفكر الإسلامي؟
أنتم تعلمون جيداً أنَّ الاحتقار و إيجاد الكراهية والرهاب والخوف الوهمي من الآخر قد شكّلت أرضية مشتركة لكل حالات الاستغلال الظالمة تلك. الآن أطلب منكم أن تسألوا أنفسكم لماذا استهدفت سياسة نشر الكراهية والرهاب القديمة، هذه المرة، الإسلام والمسلمين بقوة وبشكلٍ لا مثيل له في الماضي؟ لماذا يتّجه نظام القوة والسلطة في عالمنا اليوم نحو تهميش الفكر الإسلامي وجرّه إلى حالة الإنفعال وردات الفعل ؟
ما هي تلك المفاهيم والقيم الموجودة في الإسلام والتي تُزعج وتُعيق برامج ومشاريع القوى الكبرى وما هي المنافع التي تجنيها هذه القوى عبر تقديم صورة مشوّهة وخاطئة عن الإسلام؟ لهذا فإني أتمنى عليكم أولاً أن تتساءلوا وتبحثوا عن عوامل هذا التشويه الواسع للإسلام.
الأمر الثاني الذي أرغب منكم أن تقوموا به، في مواجهة سيل الاتهامات والتصورات المسبقة والإعلام السلبي، أن تسعوا لتكوين معرفة مباشرة ودون واسطة عن هذا الدين. إنَّ المنطق السليم يقتضي وبالحد الأدنى أن تدركوا حقيقة الأمور التي يسعون لإبعادكم عنها وتخويفكم منها فما هي وما حقيقتها؟
أنا لا أصرّ عليكم أن تقبلوا رؤيتي أو أية رؤية أخرى عن الإسلام، لكني أدعوكم ألّا تسمحوا أن يُقدموا لكم -وبشكل مُراءٍ- الإرهابيين العملاء لهم على أنهم (1) يمثلون الإسلام. تعرّفوا على الإسلام من مصادره الأصيلة ومنابعه الأساسية. تعرّفوا على الإسلام من القرآن الكريم ومن حياةِ رسوله العظيم (صلّى الله عليه وآله وسلّم). وأودّ هنا أن أتساءل: هل سبق أن رجعتم الى قرآن المسلمين مباشرة؟ هل طالعتم تعاليم رسول الإسلام (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ووصاياه الإنسانية والأخلاقية؟ هل اطلعتم على رسالة الإسلام من مصدر آخر غير وسائل الإعلام؟ هل سألتم أنفسكم ولو لمرة، كيف استطاع الإسلام ووفق أية قيم طوال قرون متمادية أن يبني أكبر حضارةٍ علمية وفكرية في العالم وأن يربي أفضل العلماء والمفكرين؟
أطالبكم ألّا تسمحوا لهم بوضع سدّ وحاجز عاطفي بينكم وبين الحقيقة والواقع، عبر رسم صورة سخيفة مُهينة عن الإسلام ليسلبوا منكم إمكانية الحُكم الموضوعي. اليوم ونحن نرى أن وسائل التواصل اخترقت الحدود الجغرافية، لا تسمحوا لهم أن يحاصروكم في الحدود الذهنية المصطنعة، وإن كان من غير الممكن لأحدٍ أن يملأ الفراغات التي تم إيجادها، بشكلٍ فردي؛ ولكن كل واحد منكم يستطيع، وبهدف توعية نفسه ومحيطه، أن يبني جسراً من الفكر والإنصاف فوق هذه الفراغات.
رغم أنَّ هذه الأزمة المفتعلة بين الإسلام وبينكم ،أنتم الشباب، أمرٌ مؤلم؛ إلّا أنّ بإمكانها أن تثير تساؤلاتٍ جديدة في أذهانكم المتقدة والباحثة عن الحقيقة.
إنَّ سعيكم لمعرفة الأجوبة عن هذه التساؤلات يشكل فرصة يجب اغتنامها لكشف الحقائق الجديدة أمامكم، وعليه يجب أن لا تفوّتوا هذه الفرصة للوصول إلى الفهم الصحيح وإدراك الواقع دون حكم مسبق؛ ولعلّه وبنتيجة [ببركة] تحملّكم هذه المسؤولية تجاه الحقيقة، سترسم الأجيال الآتية (2) صورة هذه المرحلة من تاريخ التعامل الغربي مع الإسلام، بألمٍ أقل ووجدانٍ أكثر اطمئناناً.
السيد علي الخامنئي
2015/01/21