Super User

Super User

أكدّ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل خلال لقائهما في سوتشي، اليوم الجمعة، على استعداد روسيا وألمانيا للعمل المشترك في مصلحة كلا البلدين.

وقال بوتين خلال مؤتمر صحافي مشترك مع ميركل عقب محادثاتهما إنه "على الرغم من الظروف الخارجية السياسية المعقدة ووجود اختلافات في المواقف من عدة ملفات دولية، إلا أن روسيا وألمانيا تعتبران أنه من المهم والمفيد الاستمرار بالاتصالات الدورية بين الجانبين".

وأضاف بوتين أنّ الجانب الروسي مستعد للعمل مع الزملاء الألمان على أساس المنفعة المتبادلة أخذاً بعين الاعتبار مصالح شعبي البلدين.

كما نوّه إلى أنّ موسكو تسعى إلى المشاركة جدّياً في إعادة إعمار سوريا، مشيراً إلى أنّ بلاده وألمانيا تعتزمان الإسهام في التسوية السياسية للأزمة السورية وإحلال الاستقرار على الأرض في هذه البلاد.

وفي سياق متصل، أكد الرئيس الروسي على ضرورة الإسهام المشترك في عملية التسوية السياسية بما في ذلك عبر منصتي جنيف وأستانا، وكذلك إحلال الاستقرار على الأرض وتقديم مساعدات إنسانية لسكان سوريا.

بوتين الذي قدّر سعي ألمانيا للمشاركة جدياً في إعادة إعمار البنية التحتية الاجتماعية والاقتصادية في سوريا، شدد على أنه "من المهم أن يجري تقديم كل المساعدات بالتنسيق مع السلطات الشرعية للبلاد".

من جهتها، قالت ميركل إنه "لدينا مصلحة استراتيجية في مواصلة الحوار مع روسيا"، مشددةً على أن الاتحاد الأوروبي يؤيد الاتفاقية حول البرنامج النووي الإيراني وسيلتزم بها بعد انسحاب واشنطن.

ميركل اعتبرت أن "صفقة إيران النووية غير كاملة لكنها أفضل من عدم وجود اتفاق"، مؤكدةً أنه "من الضروري مواصلة المفاوضات حول برنامج إيران الصاروخي".

وتابعت "لقد دعوت حتى في الفترات الأكثر صعوبة إلى مواصلة عمل مجلس روسيا-الناتو والاستمرار بالاتصالات من قبل الاتحاد الأوروبي".

المستشارة الألمانية رأت أنّ "مواصلة الحوار يعد أمراً بالغ الأهمية، وهناك اتصالات واسعة جداً بين مجتمعينا المدنيين"، وأنه على التعاون الألماني الروسي أن يتجاوز الخلافات الكبيرة والمبدئية للغاية.

كما شددّت على الحاجة إلى الحوار بين البلدين خلال السعي إلى حلّ المشاكل، مشيرة إلى وجود ملفات تلتزم روسيا وألمانيا بمواقف مشتركة منها.

واعتبرت أنّ لقاءها مع بوتين "عُقد في لحظة جيدة".

دان البيان الختامي لمنظمة التعاون الإسلامي، والذي وافقت عليه معظم الدول المشاركة في قمة اسطنبول، المجازر الإسرائيلية في غزة ونقل السفارة الأميركية إلى القدس. كما دان نقل غواتيمالا سفارتها إلى القدس.

ودعا البيان إلى تشكيل لجنة تقصي حقائق بالمجازر الإسرائيلية في غزة، مشدداً على أنّ القدس عاصمة فلسطين.

وقدمت مشروع القرار باكستان نيابة عن منظمة التعاون الإسلامي (باستثناء ألبانيا).

وفي وقت سابق، أكد الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي يوسف العثيمين أن توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني بات أمراً ملحّاً في ظل الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة، كما دعا إلى عدم التساهل مع أي دولة تجاري الادعاءات الإسرائيلية بشأن مدينة القدس.

وقال العثيمين في كلمة له خلال القمة ، إن المجتمع الدولي يتحمل مسؤولية حماية الشعب الفلسطيني من التجاوزات الإسرائيلية، استجابة لاتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين.

من جهته، أشار وزير الخارجية التركي مولود جاويش إلى أن المواقف الأميركية وخطوتها الأخيرة بنقل سفارتها إلى القدس المحتلة شجعّت إسرائيل على ارتكاب جرائمها بحق الشعب الفلسطيني، كما قضت على عملية السلام في الشرق الأوسط.

وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي بدوره، قال إن" دولة فلسطين لم تختر المواجهة مع الولايات المتحدة، ولكن تصرفات هذه الإدارة الأميركية وسياساتها وخطابها، بما فيها الاعتداء على القدس، وحقوقنا، جوهر أمتنا الإسلامية، قد أجبرتنا على هذه المواجهة".

وأضاف أنّ فلسطين ستدافع عن نفسها "وسنواصل بذل الجهد عبر جميع الإجراءات الدبلوماسية والقانونية المتاحة للدفاع عن شعبنا وحقوقنا الوطنية وأماكننا المقدسة" على حد تعبير المالكي.

وكان 61 شهيداً وقرابة 3000  جريح سقطوا في 14 أيار/ مايو الماضي حصيلة اعتداءات الاحتلال على مسيرات العودة المليونية في قطاع غزة، وفي اليوم التالي استشهد فلسطينيان إثنان برصاص قوات الاحتلال شرق البريج في القطاع.

 

أردوغان: لا يمكن ترك مصير القدس لدولة إرهابية مثل إسرائيل

أكد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان أنّه لا يمكن ترك مصير القدس لدولة إرهابية مثل إسرائيل، مشيراً إلى أنّ قرار الولايات المتحدة بشأن القدس مخالف للقوانين الدولية.

كلام أردوغان جاء خلال القمة الاستثنائية لمنظمة التعاون الإسلامي لبحث الأوضاع في فلسطين المحتلة، حيث اعتبر أنّ "الخطوة الأميركية ستؤدي إلى اشتعال المنطقة" وستلحق ضرراً بالجميع مسلمين ومسيحيين ويهوداً.

وأضاف أنّ ما تقوم به إسرائيل من قتل للفلسطينيين هو "إرهاب دولة"، فضلاً عن أنها تحاول تبرئة نفسها معتقدة أن بوسعها التغطية على جرائمها بالأكاذيب.

الرئيس التركي أوضح أنّ عدم محاسبة إسرائيل أمام القانون يجعلها أكثر شراسة، منوّهاً إلى أنّ "الولايات باتت جزءاً من المشكلة في الشرق الأوسط بعد أن تلطخّت يداها بدماء الفلسطينيين".

وفي هذا الإطار، قال أردوغان إن تركيا ستتابع محاسبة إسرائيل أمام الأمم المتحدة على الرغم من الفيتو الأميركي على أي محاولة في هذا الاتجاه.

ولفت إلى أنّ البيان الختامي للقمة ستكون له أصداء مهمة في العالم الإسلام والعالم برمته.

كما شدد على أنّ القدس هي القبلة الأولى للمسلمين والدفاع عنها يعني الدفاع عن السلام والمقدسات الدينية، مضيفاً "نحن إلى جانب إخواننا الفلسطينيين في قضيتهم العادلة وفي مواجهة من يسفك دماءهم".

 

عبدالله الثاني: موقفنا الثابت هو أن القدس الشرقية أرض محتلة

بدوره، قال ملك الأردن عبدالله الثاني إنّ "موقفنا الثابت هو أن القدس الشرقية أرض محتلة يتحدد مصيرها بالتفاوض المباشر".

ورأى أنّ السبيل الوحيد لإنهاء الاحتلال هو تحقيق السلام في المنطقة، كما أشار إلى أنه "لابد من تمكين الفلسطينيين والتصدي لتهويد القدس".

الملك الأردني وخلال كلمته، أكد أنّ العنف الاسرائيلي في الضفة والقدس يجب أن يتوقف وعلى المجتمع الدولي حماية الفلسطينيين، مؤكداً  أننا"سنواصل مع السلطة الفلسطينية وبمساعدتكم للتصدي لفرض أي واقع جديد في القدس".

 

الحمدالله: لا سلام أو استقرار في المنطقة من دون حرية للقدس

رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمدالله شدد على أنه "لا سلام أو استقرار في المنطقة من دون حرّية للقدس"، مضيفاً أنّ الإدارة الاميركية باتت جزءا من المشكلة في المنطقة وليست جزءاً من الحل.

ووفقاً لرئيس الحكومة الفلسطينية فإنّ نقل السفارة الأميركية إلى القدس يعد عملاً عدائياً، وأنه "يجب علينا إرسال رسالة صريحة ضد العمل العدائي الأميركي بحق الفلسطينيين".

وتابع أنّ نقل السفارة الأميركية يجعل الولايات المتحدة شريكة لإسرائيل في اعتداءاتها.

وفي سياق متصل، أشار الحمد الله إلى "أننا نتطلع أن تقوم منظمتنا بالضغوط من أجل فتح تحقيق دولي في الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين".

وعليه، أوضح أنه يجب اتخاذ قرارت قانونية ضد انتهاكات إسرائيل في القدس وضد الاستيطان، محمّلاً إسرائيل المسؤولية الكاملة عن التصعيد الخطير في غزة.

وأكد أيضاً أنّ التصعيد الإسرائيلي لا يمكن تبريره وعلى المجتمع الدولي مسؤولية لعدم إفلات إسرائيل من العقاب.

وختم قائلاً "شعبنا يحتاج إلى حماية دولية أمام آلة القتل الإسرائيلية".

 

روحاني: حان الوقت للتوحد لمنع إسرائيل من مواصلة انتهاكاتها

وفي كلمة للرئيس الإيراني حسن روحاني، أكد الأخير أنّ الفلسطينيين أثبتوا أنهم يستحقون السلام ونيل حقوقهم، معتبراً انه "حان الوقت للتوّحد حول منع العدو الصهيوني من مواصلة انتهاكاته بدلاً من فرض العقوبات على المقاومة".

وشدد روحاني على وجوب قطع كل العلاقات مع العدو الصهيوني وتعزيز المقاطعة، مقترحاً أنه يجب إعلان الجمعة الأخيرة من شهر رمضان يوماً للقدس في الدول الإسلامية احتجاجاً على الجرائم الإسرائيلية.

واستطرد داعياً"لتشكيل مجموعة متخصصة لمواجهة القرارات الأميركية غير القانونية الأخيرة على كل المستويات".

أفاد مراسل الميادين في جنيف بأن مجلس حقوق الانسان صوّت لصالح قرار تشكيل لجنة تقصي للتحقيق بانتهاكات إسرائيل في غزة.

وأضاف أن التصويت جاء بأكثرية 29 صوت، وتمنع 14 دولة ورفض دولتين فقط هما الولايات المتحدة الأميركية وأستراليا.

وكان  مندوب فلسطين في مجلس حقوق الإنسان في جنيف إبراهيم خريشة، طالب في كلمته صباح الجمعة بتشكيل لجنة تحقيق في الجرائم الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، مبدياً استعداد الطرف الفلسطيني للتعاون مع لجنة التحقيق الدولية لاظهار من ينتهك فعلاً القوانين الدولية.

وأكد خريشة على ضرورة أن يقرر المجلس ابتعاث لجنة تقصي حقائق دولية مستقلة للوقف على ملابسات الانتهاكات الإسرائيلية التي حصلت في الآونة الأخيرة، وأشار إلى إفشال ممثلة الولايات المتحدة الأميركية في مجلس الأمن في نيويورك المحاولات الفلسطينية لتشكيل آلية للتحقيق في هذه الأحداث"، لافتاً إلى وجود "مطالبة واضحة من الأمين العام، ومن أمين عام الجامعة العربية، فضلاً عن البيانات من العديد من الدول للمطالبة بضرورة إجراء تحقيق مستقل فيما حدث يوم 30 آذار/مارس الماضي"..

وشدد على أن أيّاً من المتظاهرين الفلسطينيين يوم 14 من هذا الشهر لم يستخدم أيّ سلاح ناري أو قاتل.

من جهته، أكد المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد بن رعد في كلمته الافتتاحية أن إسرائيل تحرم الفلسطينيين بشكل ممنهج من حقوقهم الإنسانية، منوّهاً إلى أن  1.9 مليون في غزة "محبوسون في عشوائيات سامة من المولد وحتى الموت".

وأضاف أن الأحداث المروعة لم تجعل أي شخص أكثر أماناً"، مشدداً على ضرورة وضع حد للاحتلال وضرورة فتح تحقيق دولي مستقل ومحايد بشأن الأحداث في قطاع غزة، والانتهاكات التي تقوم بها دولة الاحتلال ضد الفلسطينيين.

وأشار إلى "ضرورة محاسبة المسؤولين عن ذلك، ورفع الحصانة عنهم لإيقاف أعمال العنف"، موضحاً أنه منذ  بدء الاحتجاجات في 30 مارس/ آذار، استشهد 87 فلسطينياً برصاص جنود الاحتلال، من بينهم 12 طفلاً، وأصيب أكثر من  12 ألفاً، بينهم 3500 بالذخيرة الحية، وبالتالي فإن ما يحصل هو انتهاك لحقوق الإنسان ولاتفاقية جنيف الرابعة.

وقال المفوّض العام إن الأحداث الجارية اليوم تعد "الأكثر دموية في القطاع منذ عام 2014"، مؤكداً أن الفلسطينيين لم يكونوا يحملون سلاحاً ولم يشكلوا أي خطر على الجنود، وهذا لا يبرر استخدام القوة من قبل جنود الاحتلال.

وتطرّق المفوض السامي إلى المعاناة التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، خاصة في قطاع غزة، حيث أن أكثر من 2 مليون في قطاع غزة خلف الجدران يعانون القيود والفقر والظروف المعيشية الصعبة، ولا يوجد عمل نتيجة الحصار الإسرائيلي ونسبة البطالة آخذة في التصاعد، ولا يوجد خدمات ولا يوجد صرف صحيّ وهذا يهدد صحة المواطنين.

 

الخارجية الإسرائيلية: نتائج لجنة تحقيق معروفة مسبقاً

 وعقب صدور البيان، أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بياناً قالت فيه إن "إسرائيل ترفض كلياً قرار مجلس حقوق الانسان الذي أثبت مرة أخرى أنه جهة ذات أغلبية أتوماتيكية معادية لإسرائيل".

وأضاف البيان أن "مجلس حقوق الإنسان جهة يسيطر عليها النفاق والسخافة"، معتبراً أن "نتائج لجنة تحقيق التي أعلن عنها المجلس معروفة مسبقاً وقد أمليت في صيغة القرار نفسه".

وأضاف البيان أنه "واضح للجميع أن هدف المجلس ليس البحث عن الحقيقة وإنما المسّ بحقّ إسرائيل بالدفاع عن نفسها وشرعيتها وشيطنة خاصة للدولة اليهودية".

واستشهد يوم الثلاثاء الماضي فلسطينيان إثنان برصاص قوات الاحتلال شرق البريج في قطاع غزة خلال تشييع شهداء المجزرة التي كانت إسرائيل قد ارتكبتها في اليوم السابق، وبذلك ارتفع عدد شهداء المجزرة الإسرائيلية في غزة إلى 60 بينهم 8 أطفال.

كما كانت السلطة الفلسطينية قد قدمت طلباً إلى المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق قضائي في جرائم إسرائيل بحق المتظاهرين في غزة، وتعهدت المحكمة المذكورة بمتابعة الأمر.

إنّ للاستغفار آثارٌ عظيمة على الانسان تؤثر عليه من خلال مجريات حياته وقد يلمس بعضها من خلال هذه العبادة حين الاتصال بالله وهذا ما يسمى بالغذاء الروحي وهو أهم للنفس من الغذاء المادي للجسد وهذا ما أوضحته السنّة الشريفة وأكدت عليه وهو أن للاستغفار آثارٌ عديدة، منها:

أولاً ـ يزيد في الرزق: قال أمير المؤمنين (ع): أكثروا الاستغفار تجلبوا الرزق.

ولا غرو فإن الذنوب من المعاصي والمعاصي تبعد الانسان عن الرزاق العليم وتحجب الرزق فالاستغفار يمحو الذنوب ويطهر النفس ويدر الرزق وعند ذلك تنفتح البركة ويرى أثرها ولذلك ورد عن الإمام الرضا (ع) قال: قال رسول الله (ص): "مَن استبطأ الرزق فليستغفر الله".

ثانياً ـ إن الاستغفار يبعد الشيطان: عن الصادق (ع) عن آبائه (ع) قال: قال رسول الله (ص) لأصحابه: "ألا أخبركم بشيء إن أنتم فعلتموه تباعد الشيطان عنكم كما تباعد المشرق عن المغرب؟ قالوا: بلى، قال: الصوم يسود وجهه والصدقة تكسر ظهره والحب في الله والمؤازرة على العمل الصالح يقطعان دابره والاستغفار يقطع وتينه".

إن الاستغفار يكون بمثابة السلاح بيد المستغفر ولذلك عندما يستغفر يبتعد عنه الشيطان بل يقطع وتينه.

ثالثاً ـ دواء الذنوب: قال رسول الله (ص): "لكل داء دواء ودواء الذنوب الاستغفار".

وقال رسول الله (ص): "ألا أخبركم بدائكم من دوائكم؟ قلنا: بلى يا رسول الله، قال: دائكم الذنوب ودوائكم الاستغفار".

والذنوب بمثابة المرض وبحاجة إلى العلاج ولا يصلحها إلا الدواء وهو الاستغفار وهو خير علاج ناجع لمرض نفسي خطير.

رابعاً ـ معطر لروائح الذنوب: قال أمير المؤمنين (ع): تعطروا بالاستغفار لا تفضحكم روائح الذنوب.

الذنب كالرائحة الكريهة وبحاجة إلى معطر ولا يزيل هذه الرائحة إلا الاستغفار والالتجاء إلى الله تعالى بالعفو والمغفرة.

خامساً ـ الاستغفار يجلي الهم: قال رسول الله (ص): "إن للذنوب صداء كصداء النحاس فأجلوها بالاستغفار".

ولقد عبّر رسول الله (ص) عن الذنوب بالصدأ ولا يمكن جلاء ذلك إلا بالاستغفار فإنها إذا تركت وتراكمت فلا يجلي ذلك الصدأ إلا الاستغفار.

سادساً ـ المنجاة: فقد ورد عن الإمام موسى بن جعفر (ع) عن آبائه (ع) قال: قال رسول الله (ص): "عليك بالاستغفار فإنه المنجاة".

وبهذا الإسناد قال: قال رسول الله (ص): "مَن كثر همومه فليكثر من الاستغفار".

ومن الآثار التي تنجي الانسان من العذاب والعقاب الذي ينتظره نتيجة اقترافه الذنوب هو الاستغفار فإنه خير وسيلة لنجاة الانسان في الدنيا والآخرة.

سابعاً ـ خير العبادة: قال الإمام الرضا (ع): خير القول لا إله إلا الله وخير العبادة الاستغفار.

ومن الطبيعي إذا استغفر الانسان ربّه قبل استغفاره سيكون عبادة من خير العبادات لأن الانسان لا يتمنى إلا هذه العبادة وهي العفو عن ذنوبه والتجاوز عنه.

ثامناً ـ مكفر للذنب: قال رسول الله (ص): "مَن ظلم أحداً ففاته فليستغفر الله له فإنه كفارة".

ولا شك أن الاستغفار هو كفارة لكل ذنب يصدر من الانسان حتى ولو فاته ظلم ظالم وعليه أن لا يترك الانسان ذنبه من دون أن يكفره بالاستغفار والعودة إلى الله تعالى والندم على ما فعل ويتجنب الإصرار عليه لأن الإصرار ذنب جديد يرتقي إلى الكبائر.

تاسعاً ـ الممحاة: إن الاستغفار بمثابة عملية المسح للذنوب وذلك حينما يلتفت الانسان إلى ذنبه فيستغفر ربه سبحانه وهو غاية اللطف الإلهي على عباده وهو الذي وصف نفسه بالغفور الرحيم.

عاشراً ـ ينفي الفقر: عن الصادق (ع) عن آبائه (ع) قال: قال رسول الله (ص): "مَن ظهرت عليه النعمة فليكثر الحمد لله ومَن كثر همّه فعليه بالاستغفار ومَن ألحّ عليه الفقر فليكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله ينفي الله عنه الفقر.

إن الرواية الشريفة تتضمن أسباب نفي الفقر وهي الاستغفار وقول لا حول ولا قوة إلا بالله وقول الاستغفار يقابل شكر النعمة فكما إن النعمة تستحق الشكر فكذلك نفي الفقر يحتاج إلى الاستعانة بالله والاستغفار من الذنب.

الحادي عشر ـ خير الدعاء: عن أبي عبدالله الصادق (ع) قال: قال رسول الله (ص): "خير الدعاء الاستغفار".

وبهذا الإسناد قال النبي (ص): "أفضل العلم لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الاستغفار".

إن الاشتغال بالاستغفار هو الدعاء بعينه بل أفضل الدعاء والتوجه إلى الله تعالى بغفران الذنوب وتكفير السيئات بل على الانسان إذا أراد أن يتوجه مخلصاً إلى الله سبحانه عليه أن يندم ويستغفر من ذنوبه ثم يناجي ربه بما يريد أي يعمل عملية غسل لذنوبه كي يصبح طاهراً ثم يتوجه بالدعاء والاستغفار عملية اعتراف بالذنب أمام السيد المولى جل شأنه.

الثاني عشر ـ يبدل السيئات: إن الله بالتوبة والاستغفار يبدل ما في صحيفته من السيئات كلها بالحسنات.

وقد قال الله تعالى في كتابه الكريم: (إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين) هود/ 114، وفي نص آخر قال تعالى: (إلا مَن تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) الفرقان/ 70.

يستفاد من خلال هذه النصوص عظمة الاستغفار وما له من آثار تنفع الانسان في دنياه وآخرته وهذا هو الربح الذي يرتجيه الانسان ويسعى إلى تحقيقه لينال رضا الله في الدارين.

وكل ما ورد من ذكر الاستغفار التوبة يعطينا دليلاًَ واضحاً وبرهاناً قاطعاً على رحمة الله الواسعة وعطاياه الجزيلة لبني البشر عامة وأن لا يقنطوا من رحمته وأن هذا الاستغفار يقطع دابر القنوط واليأس بل يبث في الانسان بذور الأمل والرجاء ليبقى ملتفتاً إلى نفسه حينما يصدر منه الذنب فيبادر إلى الاستغفار والندم عليه لكي تبقى صحيفته متلئلئة ناصعة.

وبالاستغفار يبقى العبد على اتصال دائم بربه ويخشاه في كل عمل يقوم به صغيراً كان أم كبيراً وهذا هو الهدف من طلب المغفرة والاستغفار فإن الله تعالى يريد نجاة عباده وهو ينظر إليهم وهم لا ذنب عليهم خاشعين منيبين إليه يخافون عقابه.

الشيخ مجيد الصايغ

تواجه جماعة الإخوان المسلمين في الأردن هجوماً حاداً منذ خسارتها، وللمرة الأولى منذ ربع قرن، منصب نقيب المهندسين ونائبه، في انتخابات جرت يوم الجمعة الماضي.

لم يلتفت منتقدو الجماعة إلى سيطرتها على نقابات مهنية عديدة، كالممرضين والأطباء والمهندسين الزراعيين وغيرها، واعتبروا ما حدث في انتخابات ديموقراطية بمثابة "انكسار وهزيمة".

كثير من المراقبين يعتبرون أن الجماعة، ورغم المرحلة العصيبة التي مرت به إبان ثورات الربيع العربي (بدأت أواخر 2010)، من انقسامات وتضييق، ما زالت الأكثر تأثيرا على المستوى الشعبي.

وشهدت الجماعة انشقاق بعض منتسبيها أثناء فترة الربيع العربي، تمخض عنه تشكيل جمعية باسم "جمعية الإخوان المسلمين"، أسسها المراقب العام الأسبق للجماعة، عبد المجيد ذنيبات.

ورأت الجماعة في ذلك "انقلابًا" على شرعيتها، خاصة بعدما منحت الحكومة الأردنية، ممثلة في وزارة التنمية الاجتماعية، الجمعية الجديدة ترخيصًا في مارس/ آذار 2015.

** الجماعة بخير

محمد الزيود، الأمين العام لحزب جبهة العمل الإسلامي (الذراع السياسي للجماعة)، وصف نتيجة انتخابات نقابة المهندسين بـ"الأمر العادي.. لكن التهويل الذي جرى في توصيف الحالة كان كثيرا جداً، ووصفت بأنها معركة".

واستشهد الزيودبانتخابات نقابة الممرضين التي جرت قبل نحو شهر، قائلا إن "الحركة الإسلامية عادت فيها بعد أربع دورات، ولم يتم الحديث بكلمة واحدة عن انحسار الأطراف الأخرى".

وتساءل الزيود: "لماذا يتم الحديث والتهويل في ظل تحالف جميع القوى والأحزاب ودعم كبير من أجهزة الدولة وتحشيد كبير، رغم أن الحجم الأكبر في نقابة المهندسين هم من أتباع هذه الجماعة (الإخوان) وحلفائها، سواء في الفروع أو مجالس الشعب أو الكوادر الاخرى".

وأجاب عن تساؤله بأن "هذا الفوز فيه تهويل يخرج عن طبيعة الأشياء التي نتعاطى معها في الحياة السياسية اليومية".

وعن دورهم في الحياة السياسية، قال الزيود إن "كتلة الإصلاح النيابية (يقودها الإسلاميون) تتكون من 14 نائبا من أصل 130، وهي نسبة ضئيلة لن تتمكن من إحداث التغيير المطلوب".

واستطرد: "يوجد استهداف وإقصاء حكومي للكتلة.. لو سألت أي منصف سيقول إن الكتلة الوحيدة ذات البرنامج والرؤى والتأثير هي كتلة الإصلاح النيابية.. لكن رغم كل الظروف ننحاز لشعبنا".

وتابع: "للأمانة حتى نكون منصفين، وخاصة في السنوات العشر الماضية، كانت المعادلة صعبة في التعاطي مع الواقع السياسي بالأردن، ليس على صعيد الإخوان فقط، وإنما على جميع الأحزاب الموجودة، ولو سألت أي حزب سيقول لك ليس هناك سوى العمل الإسلامي".

وأردف الزيود: "أثر الحركة الإسلامية في المجتمع لا زال إيجابيا ومؤثرا، ويعتقدون (أفراد المجتمع) بصوابية الحركة الإسلامية، ولكن في ظل الضغوطات التي تمارسها الدولة وأجهزتها، فإن الحركة في حالة معافاة، وأنا راضٍ عن النتائج".

وأضاف: "منذ اليوم الأول الذي جئت به أميناً، عاماً عام 2014، قلنا إنه يجب على الحكومة أن تبتعد عن توجساتها ومخاوفها من الحركة الإسلامية التي تعمل لصالح الأردن، نحن نتقدم خمس خطوات في وقت لم تتقدم فيه الحكومة خطوة واحدة إلى الأمام".

واختتم الزيود بالتشديد على "الجماعة بخير ومعافاة، رغم كل الضغوط ومحاولات الإقصاء، وتضييق الحكومة الممنهج.. الجماعة تنظر في المستقبل إلى مشاركة سياسية أوسع، وسنبقى في خدمة الوطن".

** "قطيعة" مع النظام

"المنطقة العربية كلها تمور، والتغيرات طالت بعض الأنظمة والدول، ولن تكون بمعزل عن الاتجاهات السياسية القائمة، وما جرى مع الجماعة جرى مع اتجاهات سياسية سابقة"، وفق القيادي الإسلامي، أمين عام حزب "المؤتمر الوطني" (زمزم/ أحد انقسامات الجماعة)، إرحيل الغرايبة.

ومضى الغرايبة قائلا للأناضول إن "الاتجاهات الإسلامية ليست بمعزل عن التغيرات التي طرأت، وإذا لم يكن الإسلاميون قادرون على قراءة المشهد، فسيصيبهم ما أصاب من سبقهم".

وأردف: "أنظر إلى هذه المسالة من باب التغير الكبير، الذي طال المنطقة على مستوى الشعوب والأنظمة السياسية والدول بلا استثناء، والإخوان جزء من هذه المجتمعات، ومن الطبيعي أن تصاب بتراجع وبعض الانكسارات".

وحذر من أنه "إذا لم تقرأ الجماعة المشهد بصورة جيدة فإن التاريخ سيطويها، كما طوى قوى سياسية سابقة.. أثرهم في الحياة السياسة تراجع كثيراً، سواء على المستوى البرلماني أو النقابي أو الاجتماعي".

وتطرق الغرايبة إلى نتيجة انتخابات نقابة المهندسين الأخيرة، معتبرا أنها "تراجع مؤكد (للجماعة) لا يحتاج لمزيد من التدليل على الصعيد النقابي".

وعن دور كتلة الإصلاح النيابية، التي يقودها الإسلاميون، رأى أنها "ذات دور غير مشهود وغير مؤثر".

واعتبر الغرايبة أن "نهج الجماعة كحزب سياسي ينافس على السلطة والمكتسبات السياسية، أضعف وجودها في العصر الحاضر...أعتقد بتضاؤل الحركة الإسلامية في العصر الحاضر أردنيا وعربيا؛ لأنهم لم يستطيعوا نقل تجربتهم إلى أهداف أكثر شعبية".

وعلى صعيد تواصلها مع النظام الأردني، رأى أن الجماعة "لم تستطع أن تحقق تواصلا جيدا مع الدولة ورأس النظام، وقد أخفقت، ولم تقرأ المشهد، ولم تنجح في إيجاد قنوات سياسية، مما أوجد قطيعة مع النظام".

وشدد الغرابية على أن "الحركة الإسلامية إذا ما بقيت مصرة على ثوبها القديم وطرقها وقراءاتها القديمة فبالتأكيد تسير نحو الاندثار".

** الأكثر حضوراً وتأثيراً

على النقيض مما قاله الغرايبة، شدد الخبير في شؤون الجماعات الإسلامية، حسن أبو هنية، على أن "الجماعة لا تزال تمثل شريحة واسعة في الأردن وهي متماسكة، وما تزال قوية وفاعلة".

وأضاف أبو هنية للأناضول أن "الانتخابات أمر ديموقراطي يتقدم طرف ويتراجع آخر، وهذا لا يعني تراجعا، وهذا ليس معيارا يقاس عليه".

وتابع: "لا شك أن ما أعقب مرحلة الربيع العربي أدى إلى تداعيات كثيرة على الجماعة".

وتابع: "لكن الأردن لم يتبن نهج الاندماج كما هو حال الجماعة في تونس والمغرب، ولا الاستبعاد كالنموذج الاماراتي المصري، وإنما حاول (النظام) دعم ما يسميهم بالمعتدلين واستبعاد المتطرفين".

وأدت هذه الديناميكية، وفق الخبير الأردني، إلى "خلافات كانت تدبر في الجماعة، وفي النهاية حدثت انشقاقات، وعدد الخارجين على الصعيد الكمي لم يكن كبيرا، وبقيت الجماعة متماسكة وهي في ترقب".

وأوضح ما يقصده بالتراقب قائلا إنه "توجد مقاربة للتعامل مع الجماعة بشكل واضح وإدماجها، وهناك بعض الرسائل، ولكن لا إدماج كاملا".

واستطرد أبو هنية: "لا يوجد من طرف الحكومة نية لتصنيف الجماعة إرهابية أو استبعادها بالكامل، ولا نية للإدماج، ولكن ربما يحدث الإدماج في المستقبل إذا تغيرت الظروف والأحوال، ولكن تبقى الجماعة هي الأكبر والأقوى في الشارع الأردني، رغم كل ما حدث سواء على صعيد أزمتها الداخلية أو مع الحكومة".

وبشأن مستوى تواصلها بالنظام والحكومة، وصف أبو هنية ذلك بأنه "أقرب إلى الملف الأمني، وبالتالي هناك تغير في العلاقة بين النظام والإخوان، ولكن هي في السابق كانت دائماً ليست علاقة شراكة ولا استبعاد".

أعلنت وزارة الخارجية الفلسطينية أنها استدعت عدداً من سفرائها لدى بعض الدول الأوروبية التي شاركت في احتفال نقل السفارة الأميركية إلى القدس.

وأضافت الوزارة في بيان لها أنها استدعت سفراءها في كل من رومانيا والتشيك والمجر والنمسا للتشاور معهم، مضيفة أنها تعتبر هذه المشاركة "مخالفة جسيمة للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة".

عضو المكتب السياسيّ لحركة حماس خليل الحية قال إنّ مسيرات العودة مستمرة حتى تحقيق أهدافها، مؤكداً أن فعاليات مسيرات العودة أصبحت "أسلوب حياة".

بدورها، رأت عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية حنان عشراوي أن "المشكلة الرئيسية هي الإفلات الإسرائيليّ من العقاب". وسألت عشراوي "ماذا ينتظرون من الفلسطينيين عندما يتحيّز ضدّهم ويتمّ الخروج عن القانون لضمّ مدينة القدس التي هي مدينة فلسطينية".

من جهة ثانية، تواصل التنديد العالميّ بالمجزرة الإسرائيلية في غزة. ففي فرنسا هاجمت النائب في البرلمان  كليمنتين أوتين رئيس الكنيست الاسرائيلي الذي يزور باريس.

وخلال اجتماع وفد نيابي إسرائيلي مع أعضاء في لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية الفرنسية قالت أوتين إن "الحكومة اليمينية المتطرفة التي يرأسها نتنياهو تكافح ضد السلام"، مؤكدة أن "أيدي نتنياهو وترامب ملطّخة بالدماء"

وكان أمين سرّ اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات قال أمس الأربعاء إن الرئيس محمود عباس وقّع  طلب انضمام فلسطين إلى عدد من الوكالات الدولية التابعة للأمم المتحدة.

وفي تصريحات لتلفزيون فلسطين، أكد عريقات إعداد ملفات لتقديمها إلى محكمة العدل الدولية، تتعلّق بقرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وأخرى إلى المحكمة الجنائية الدولية لفتح تحقيق قضائي مع المسؤولين الإسرائيليين بشأن الجرائم المرتكبة ضدّ الشعب الفلسطيني.

أدى عشرات آلاف المقدسيين، أول صلاة تراويح بعد صلاة عشاء اليوم الأربعاء، في المسجد الأقصى.

وامتلأت باحات المسجد الأقصى بالمصلين، وسط حزن باد على الوجوه بسبب ارتقاء 62 شهيدا في قطاع غزة المحاصر على يد الجيش الإسرائيلي.

وكانت السلطات الإسرائيلية قد منعت، قدوم الفلسطينيين من قطاع غزة، إلى مدينة القدس من أجل أداء صلاة التراويح في شهر رمضان.

وقالت السلطات الإسرائيلية، الإثنين الماضي، إنها ستسمح للفلسطينيين الرجال فوق سن 40 عاما وجميع النساء من سكان الضفة الغربية، بأداء صلاة الجمعة خلال شهر رمضان في المسجد الأقصى، بالقدس الشرقية.

وتشهد الأراضي الفلسطينية المحتلة، فعاليات احتجاجية، تنديدا بنقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة، وكذلك إحياء الذكرى الـ 70 للنكبة.‎

وارتكب الجيش الإسرائيلي، الإثنين والثلاثاء، مجزرة بحق المتظاهرين السلميين على حدود قطاع غزة، واستشهد فيها 62 فلسطينيًا وجرح 3188 آخرين، بالرصاص الحي والمطاطي وقنابل الغاز المسيلة للدموع.

إنتصار الإرادة على النزوات والأهواء
من دروس شهر رمضان أن إرادة الإنسان الباحث عن الله بوسعها التغلب على كافة النـزوات والأهواء والملذات المادية التي تستقطب إليها نفس الإنسان. هذه نقطة مهمة جداً بالنسبة لنا. أحياناً يلقّن الإنسان نفسه : إنني لا أستطيع الانتصار على هوى نفسي. صيام شهر رمضان يثبت للإنسان أنه قادر؛ إذا ما عقد عزيمة راسخة وأراد فعلاً، أن يتغلب وينتصر على أهوائه. يمكن بفضل الإرادة المتينة والتوكل على الله تعالى قهر التجليات المغرية، والعادات القبيحة الذميمة فينا، وتحرير أنفسنا منها. بوسع هذه الإرادة القوية - وتأثير هذه الإرادة درس كبير لنا - أن تحررنا من عاداتنا الذميمة الشخصية وكذلك عاداتنا الاجتماعية وخصالنا المحلية التي تتسبب في تأخرنا على الصعد المادية والمعنوية.

تغليب حب الآخرين على حب الذات
مضافاً إلى ذلك، تشيع في شهر رمضان روح مساعدة الناس والتعاون فيما بينهم. أنانيات الإنسان تنهزم لصالح حبه للآخرين. لاحظوا: في هذه الأعوام الأخيرة وهذه السنة بالذات لحسن الحظ - كم من الناس جعلوا المساجد وحتى الشوارع في بعض الأحياء مراكز لاستضافة عباد الله دون أية أسماء أو عناوين. أعدوا طعام الأفطار ودعوا الناس إلى موائد إفطارهم من دون مجاملات دارجة أو ملاحظات واعتبارات شائعة عادةً في الضيافات الشخصية. حالة التعاون وطلب الخير للناس شيء له قيمة بالغة تفضي إلى طهارة نفس الإنسان. كم جرت مساعدة المعوزين في هذا الشهر.. بل جرى حتى التبرع بالدم في شهر رمضان. حينما أعلن المسؤولون أنهم بحاجة لدماء جديدة للمرضى، تبرع الكثيرون بدمائهم في شهر رمضان. هذه هي حالة تغليب حب الآخرين على الأنانية وحب الذات.. تغليب مصالح الآخرين على مصالح الذات.

إن شهر رمضان المبارك هو أفضل الشهور، كما عَبَّرَ عن ذلك النبي صلى الله عليه و آله بقوله: " شهر هو عند الله أفضل الشهور، و أيامه أفضل الأيام، و لياليه أفضل الليالي، و ساعاته أفضل الساعات " و لذلك فهو فرصة ثمينة لمن يريد اغتنام هذا الشهر المبارك الذي لا يتكرر في السنة إلا مرة واحدة، و لا يضمن فيه أحد نفسه أنه ستتاح له الفرصة في العام القادم، إذ قد ينتقل إلى الدار الآخرة قبل ذلك !

و شهر رمضان المبارك يجب أن يُحيى بالأعمال الصالحة، و اجتناب كل ما يسيء إلى مكانته و فضله مما يخدش في مفهوم الصيام الكامل، و هو اجتناب كل المفطرات المادية و المعنوية و السلوكية.

و في مجتمعنا ـ كما في الكثير من المجتمعات الإسلامية الأخرى ـ توجد بعض العادات و السلوكيات الحسنة التي يجب أن تُنَمَّى وتُقَوَّى، كما توجد في المقابل بعض العادات و السلوكيات الخاطئة التي ينبغي التخلص منها، و إحلال السلوكيات الحسنة مكانها.

السلوكيات الحسنة:

توجد في مجتمعنا الكثير من العادات و السلوكيات الحسنة التي يجب أن نسعى لتنميتها، و العمل على الإكثار منها، و استثمارها في خلق جو إيماني و روحي يساعد على تنمية التدين في المجتمع... و يمكن الإشارة إلى بعض هذه السلوكيات و العادات الحسنة في النقاط التالية:

1 ـ تلاوة القرآن الكريم:

ورد التأكيد على فضل تلاوة القرآن الكريم في كل وقت و زمن، و لكنه في شهر رمضان أكثر تأكيداً، و أعظم ثواباً و أجراً، فقد ورد عن النبي صلى الله عليه و آله قوله: " من تلا فيه آية من القرآن كان له مثل أجر من ختم القرآن في غيره من الشهور "، و قال الإمام الباقر عليه السَّلام: " لكل شيء ربيع، و ربيع القرآن شهر رمضان ".

و في مجتمعنا نرى في كل منزل و مكان هناك من يتلو القرآن الكريم، إذ عادة ما يلتزم الجميع بقراءة جزء من القرآن ليلياً على الأقل. و هذه عادة حسنة يجب التشجيع عليها، و في نفس الوقت ينبغي التأكيد على أهمية فهم القرآن، و الاهتمام بتجويده و تفسيره، و الاطلاع على علوم القرآن حتى يتسنى لقارئ القرآن الكريم معرفة الآيات الشريفة، و إدراك أبعادها و غاياتها و تفسيرها.

2 ـ الاهتمام بالفقراء و المساكين:

من العادات و السلوكيات الحسنة في مجتمعنا خلال شهر رمضان الكريم هو الاهتمام بالفقراء و المساكين؛ فعادة ما يهتم الناس في شهر رمضان أكثر من باقي الشهور الأخرى بالفقراء و المساكين ممن هم حولهم، سواء كانوا من ذوي الأرحام، أو من قاطني نفس الحي، أو من أهل المدينة أو القرية مما يضفي جواً من التكافل الاجتماعي العام.

و قد حًثًّ نبينا صلى الله عليه و آله الأغنياء في هذا الشهر الفضيل على الإنفاق على المحتاجين من الفقراء و المساكين، إذ يقول صلى الله عليه و آله: " و تصدقوا على فقرائكم و مساكينكم، و وقروا كباركم، و ارحموا صغاركم، و صلوا أرحامكم، و تحننوا على أيتام الناس يُتحنَّن على أيتامكم ".

و هذه العادة الحسنة يجب أن توظف في دفع عجلة العمل الخيري و التطوعي في مجتمعنا بما يساهم في الارتقاء بمستوى الخدمات التي تقدمها الجمعيات الخيرية و كافة المناشط التطوعية.

3 ـ تنشيط الزيارات:

و من العادات و السلوكيات الحسنة في شهر رمضان ما نلاحظه في مجتمعنا من الاهتمام بزيارة الأرحام، و صلة الأصدقاء، و تبادل الزيارات لمجالس الذكر و الدعاء، و اجتماع الناس في المجالس، مما يضفي أجواءً من الحيوية و التفاعل بين مختلف الشرائح الاجتماعية.

و قد حث النبي صلى الله عليه و آله على زيارة الأرحام في هذا الشهر المبارك، إذ يقول صلى الله عليه و آله: " من وصل فيه رحمه وصله الله برحمته يوم يلقاه، و من قطع فيه رحمه قطع الله عنه رحمته يوم يلقاه ".

كما ورد الحث على زيارة المؤمنين و الأصدقاء، فقد روي عن النبي صلى الله عليه و آله قوله: " من زار أخاه المؤمن إلى منزله لا حاجة منه إليه كتب من زوار الله، و كان حقيقاً على الله أن يُكرم زواره "، و قال صلى الله عليه و آله أيضاً: " الزيارة تنبت المودة "، و قال الإمام الصادق عليه السلام: " ما زار مسلم أخاه المسلم في الله ولله إلا ناداه الله عَزَّ و جَلَّ أيها الزائر طبت و طابت لك الجنة ".

فزيارة المؤمنين و الأصدقاء و الأرحام لها فوائد عظيمة، لَعًلَّ من أهمها: تقوية العلاقات الاجتماعية، و إشاعة الأخوة بين المؤمنين، و إزالة الضغائن و التشنجات من النفوس، و تثبيت المودة و المحبة بين أفراد المجتمع. و لذلك كله، ينبغي تنمية عادة التزاور بين الناس و خصوصاً في شهر الله ( شهر رمضان ) حيث تكون النفوس مهيأة لتبادل الزيارات، و نسيان ما قد يَعْلق بين بعض أفراد المجتمع طوال السنة من سوء فهم، أو حدوث توتر لأي سبب كان.

4 ـ الإقبال على صلاة الجماعة:

من العادات و السلوكيات الحسنة في شهر رمضان المبارك أيضاً الإقبال الشديد على المشاركة في صلاة الجماعة، خصوصاً في صلاتي المغرب و العشاء، حيث تمتلئ المساجد بالمصلين جماعة، و هي عادة حسنة، بل إن صلاة الجماعة مستحبة مؤكدة في كل وقت، و لكن في شهر رمضان يتضاعف الأجر فيها، فقد روي عن رسول الله صلى الله عليه و آله قوله: " قد أظلكم شهر رمضان، شهر فيه ليلة خير من ألف شهر، جعل الله صيامه فريضة، و قيامه لله عَزَّ و جَلَّ تطوعاً، من تَقَرَّبَ فيه بخصلة من خير كان كمن أدَّى فريضة فيما سواه، و من أدَّى فيه فريضة كان كمن أدَّى سبعين فريضة فيما سواه ".

و هذا الإقبال على صلاة الجماعة في شهر رمضان من السلوكيات الحسنة، و يجب أن يعاهد فيه الإنسان نفسه على الالتزام بإتيان صلاة الجماعة في كل أيام السنة لما في ذلك من تقوية للحالة الدينية في المجتمع، و تنمية أواصر الأخوة بين المؤمنين، و خلق الأجواء الإيمانية و الروحية في الفضاء الاجتماعي العام.

5 ـ تبادل أطباق الطعام:

و هي من السلوكيات الحسنة أيضاً، حيث يتبادل الناس في شهر رمضان المبارك، و خصوصاً بين الأرحام و الجيران و الأصدقاء، أطباق الطعام، مما ينمي المحبة بين أفراد المجتمع، و يساهم في خلق أجواء من الصفاء النفسي الذي يذيب مشاعر الكراهية التي قد توجد بين بعض الناس لأسباب مختلفة.

و هذه العادة الحسنة تعطي انطباعاً بتماسك المجتمع و ترابطه، و تساهم في تقوية النسيج الاجتماعي مما ينعكس أثره على التعامل الإيجابي بين الناس.

و إذا كان الإنسان يتبادل الطعام بعنوان ( إفطار صائم ) فإن له أجراً و ثواباً عظيماً كما ورد عن الرسول الأعظم صلى الله عليه و آله حيث قال: " أيها الناس: من فَطَّرَ منكم صائماً مؤمناً في هذا الشهر كان له بذلك عند الله عتق رقبة، و مغفرة لما مضى من ذنوبه.

قيل: يارسول الله ! و ليس كلنا يقدر على ذلك.

فقال: اتقوا النار ولو بشق تمرة، اتقوا النار و لو بشربة ماء ".

فلنجعل من تبادل أطباق الطعام بهدف الحصول على الثواب الكبير أيضاً من خلال عقد النية على تفطير الصائمين، و بذلك يحصل الإنسان على الثواب و الأجر الجزيل، بالإضافة لما في ذلك من فوائد كثيرة في صناعة التقارب و التواصل بين أفراد المجتمع.

السلوكيات الخاطئة:

و بالرغم من السلوكيات الحسنة الكثيرة الموجودة في مجتمعنا أيام شهر رمضان المبارك، إلا أنه في المقابل توجد بعض السلوكيات السيئة، و العادات الخاطئة، التي يمارسها بعض الناس في شهر رمضان الكريم، مما ينعكس سلباً على الأجواء الإيمانية التي يخلقها هذا الشهر الشريف، كما يؤدي إلى ضياع الفوائد المرجوة من مقاصد الصوم و فلسفته.

و يمكن الإشارة إلى بعض هذه السلوكيات الخاطئة ضمن النقاط التالية:

1 ـ قلة الفاعلية:

اعتاد الكثير من الناس في مجتمعنا على قلة الفاعلية، و انعدام النشاط، و عدم الإنجاز في شهر رمضان الكريم، فنجد أن الكثيرين يتضاعف نومهم في شهر رمضان الكريم عما في غيره من الشهور، و يصاب العديد من الناس بحالة من الكسل و الخمول و الملل مما يؤدي إلى تدني إنتاج ما يقوم به الموظف أو العامل أو الطالب عما تعود إنتاجه خلال الشهور الأخرى.

و بنظرة سريعة للتعاليم الدينية نلحظ التأكيد الشديد على أهمية إحياء أيام و ليالي شهر رمضان الكريم في العبادة و الذكر و الدعاء، و مضاعفة الأعمال الصالحة، فشهر رمضان الأعمال فيه مقبولة كما ورد عن النبي صلى الله عليه و آله حيث يقول: " و عملكم فيه مقبول، و دعاؤكم فيه مستجاب " و مادام الأمر كذلك، فيجب على كل واحد منا أن يضاعف فيه العمل الصالح، و أن يحيي شهر رمضان بالعبادة، و الدعاء، و الاستغفار، و التوبة النصوح.

2 ـ الإسراف في الطعام:

من السلوكيات الخاطئة أيضاً أيام شهر رمضان المبارك هو الإسراف و الإفراط في تناول الطعام و كأنه يريد تعويض ما فاته وقت النهار مما يضيع على نفسه الفوائد الصحية من الصيام.

و القرآن الكريم يشير إلى حقيقة مهمة و هي أهمية الاعتدال في الأكل و الشرب، يقول تعالى: ﴿... وكُلُواْ وَاشْرَبُواْ وَلاَ تُسْرِفُواْ إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ ﴾ و يقول الرسول العظيم صلى الله عليه و آله: " إياكم و فضول المطعم فإنه يسم القلب بالفضلة، و يبطئ بالجوارح عن الطاعة، و يصمّ ُالهمم عن سماع الموعظة " و يقول الإمام علي عليه السلام: " من كثر أكله قلت صحته، و ثقلت على نفسه مؤونته " و قال الإمام علي عليه السلام أيضاً: " كثرة الأكل و النوم يفسدان النفس، و يجلبان المضرة " و قال الإمام الصادق عليه السلام: " ليس شيء أضر لقلب المؤمن من كثرة الأكل، و هي مورثة لشيئين: قسوة القلب، و هيجان الشهوة ".

لقد أصبح الكثير من الناس يصرفون على أكلهم و شربهم في شهر رمضان الكريم أضعاف ما يصرفونه في غيره من الشهور، و هي نتيجة للإسراف الذي قد يصل أحياناً لدرجة التحريم، و الطريف في الأمر أن بعض الناس قد يأكل من الطعام في شهر رمضان أضعاف ما يأكله في غيره من الشهور! كل ما في الأمر تغير أوقات تناول الطعام، فبدلاً من تناوله نهاراً، و النوم ليلاً في الشهور الأخرى، ينام في شهر رمضان نهاراً، و يأكل ليلاً بشراهة أكبر!!

و هذا النوع من السلوك الخاطئ، قد يؤدي إلى انعدام الفوائد الصحية من الصيام، و الوقوع في شباك الأمراض المختلفة الناتجة من عدم الوعي الغذائي، و تناول الأطعمة و الأشربة بإفراط، و غياب الاعتدال و الاقتصاد في المأكل و المشرب.

و ما انتشار الأمراض الخطيرة في مجتمعنا كأمراض السكري، و ارتفاع ضغط الدم، و تصلب الشرايين، و أمراض القلب... إلخ إلا نتيجة ـ في أحد أسبابها ـ للإفراط في تناول الطعام، و عدم الوعي الغذائي فيما يجب تناوله يومياً.

و لذلك، يجب أن يكون شهر رمضان محطة للتأمل و التفكر في طريقة تناولنا للطعام، و التدرب على الانضباط في المأكل و المشرب، و الاعتدال دائماً في تناول الأغذية، و بذلك يتحقق لنا الفوائد الصحية من الالتزام بفريضة الصيام، و كما قال الرسول صلى الله عليه و آله: " صوموا تصحوا ".

3 ـ الإدمان على مشاهدة التلفاز:

يُعَدُّ الإدمان على مشاهدة التلفاز في شهر رمضان المبارك من السلوكيات الخاطئة، إذ يقضي الكثير من الناس أوقاتهم في مشاهدة برامج التلفاز، خصوصاً وأن بمقدور أي واحد منا أن يشاهد مئات القنوات المختلفة، و تتفنن هذه القنوات الفضائية في تقديم الأفلام و الفوازير و البرامج التي يغلب عليها عدم الفائدة و بعضها يدخل في قائمة ( ما يحرم مشاهدته ).

و من المؤسف حقاً أن يقضي الإنسان الصائم أغلب وقته و هو ينتقل من فيلم لفيلم، و من برنامج إلى برنامج، و من قناة لأخرى، و هكذا يحاول البعض أن يقضي على وقته في الإدمان على مشاهدة التلفاز بدلاً من إحياء ليالي و أيام شهر رمضان الفضيل بالعبادة و الذكر و الدعاء.

و بالطبع لا نقصد من ذلك أنه يمنع على الصائم مشاهدة التلفاز، و لكن المقصود هو أن لا يُسرف في مشاهدة التلفاز، و أيضاً أن يشاهد المفيد من البرامج، كما ينبغي أن يقضي الإنسان الصائم جُلَّ أوقاته في الإتيان بالمستحبات، و تلاوة الأوراد و الأذكار و الأدعية الوارد قراءتها في شهر رمضان الكريم.

إن علينا أن نتوجه إلى الله تعالى في شهر الله، شهر رمضان، الذي " هو شهر أوله رحمة، و أوسطه مغفرة، و آخره عتق من النار ".

أما الشقي حقاً فهو من يرتكب المحارم تلو المحارم و خصوصاً في شهر رمضان، و كما قال الرسول صلى الله عليه و آله: " إن الشقي حق الشقي من خرج منه هذا الشهر و لم يغفر ذنوبه " و عنه صلى الله عليه و آله أيضاً قوله: " فمن لم يغفر له في رمضان ففي أي شهر يغفر له ؟! ".

فلنضاعف أعمالنا الصالحة في هذا الشهر المبارك، عسى أن نفوز برضا الله تعالى و مغفرته و رحمته و رضوانه، و هو منتهى غايات المؤمنين.

الخلاصة:

و بعد أن ذكرنا بعض الأمثلة على السلوكيات و العادات الحسنة في مجتمعنا، و كذلك بعض الأمثلة على السلوكيات و العادات الخاطئة، من المفيد لكل واحد منا أن يتساءل مع نفسه ! إن كان يمارس السلوكيات الحسنة أم السيئة ؟ أم يخلط بينهما ؟!

إن شهر رمضان المبارك فرصة لنتدرب في أجوائه الإيمانية على الصبر، و قوة الإرادة، و الانضباط في كل شيء، و الالتزام بالضوابط الشرعية و الأخلاقية.

ليكن شهر رمضان الفضيل محطة لمجاهدة النفس، و ممارسة الرياضة الروحية، و الارتقاء إلى معالي الكمال المعنوي، و التخلص من الانشداد إلى الماديات في هذه الحياة الفانية.

إننا بحاجة لاستثمار أجواء رمضان الإيمانية في تكريس السلوكيات و العادات الحسنة، و التخلص من السلوكيات و العادات الخاطئة، و تجذير القيم الأخلاقية في البنية الاجتماعية، و إشاعة السلوكيات الحسنة في الفضاء الإجتماعي العام، و بذلك تتحقق الغايات النبيلة من فلسفة الصيام.

الأربعاء, 16 أيار 2018 07:06

الثقة بالله

عن رسول الله صلى الله عليه وآله: "والذي لا إلهَ إلّا هُو، لا يَحسُنُ ظَنُّ عبدٍ مُؤمِنٍ بِاللّهِ؛ إلّا كانَ اللّهُ عندَ ظَنِّ عَبدِهِ المؤمِنِ؛ لأنَّ اللّهَ كَريمٌ بيَدِهِ الخَيراتُ، يَستَحيِي أن يكونَ عَبدُهُ المؤمِنُ قد أحسَنَ بهِ الظَّنَّ، ثُمّ يُخلِفُ ظَنَّهُ ورَجاهُ، فَأحسِنُوا باللّهِ الظَّنَّ وارغَبُوا إلَيهِ".

التوحيدُ الحقيقيُّ لله عزَّ وجلَّ يُؤدِّي بالمؤمن إلى أنْ يَرىَ كلَّ شيءٍ بعينِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فخيرُ الدنيا وكلُّ ما يصلُ للإنسان هو بتقديرٍ من الله عزَّ وجلَّ، وكذلك خيرُ الآخرة.

ولمّا كانت الدنيا محفوفةً بالبلاءاتِ والمصاعبِ والمتاعبِ، وحالُ الإنسان فيها الحذرُ دوماً مما يأتيه من هذه الأمور التي يخشاها، فإنّ المؤمنَ يحملُ صفةً تجعلُهُ يتغلَّبُ على كلِّ خشيةٍ وخوفٍ وهي حسن ظنِّه بالله عزَّ وجلَّ، وإلى هذا تُشيرُ الروايةُ عن النبيِّ صلّى الله عليه وآله حيث يَجعلُ بابَ حُسنِ الظنِّ من أبوابِ الوصولِ إلى الخيرات.

إنّ الإنسانَ إذا كان يَتوقّعُ الخيرَ دائماً من عند اللهِ عزَّ وجلَّ فإنّ اللهَ عزَّ وجلَّ سوف يُعطيه ذلك، فعن الإمام الرضا عليه السلام: "أحسِنِ الظنَّ باللهِ"، فإنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول : "أنا عندَ ظنِّ عبديَ المؤمن بي، إن خيراً فخيراً، وإن شراً فشراً".

وهذا الأمرُ كما يَرتبطُ بحياةِ الإنسانِ على المستوى الفرديِّ وفي الجوانبِ الخاصّةِ يرتبطُ أيضاً بالأمّةِ كلِّها وبالجماعةِ الصالحةِ، وهذا يعني أنّه في المفاصلِ والأمورِ التي تُشكِّلُ أحداثاً مصيريّةً ترتبطُ بالصالحين جميعاً عليهم أن يكونوا عند حسنِ ظنِّهم بالله عزَّ وجلَّ، وأن لا يكونَ أملُهُم في شيءٍ إلا في العطاءِ الإلهيِّ انطلاقاً من مفهومِ التوحيدِ الحقيقيِّ وأنّ الأمورَ كلَّها بيدِ اللهِ عزَّ وجلَّ.

وهكذا يتوجّه المؤمنون دائماً إلى يَقينِهم بالحكمةِ الإلهيّةِ في كلِّ ما يُقدِّره لهم، سواء كانوا يرونه خيراً أو لا، ولذا مهما اشتدّت المصاعبُ وتكالبَ الأعداءُ عليهم فإنّ ذلك لا يُثنيهِم عن الإقدامِ على القيامِ بوظائِفِهم بل يَشتدُّ عَزمُهم وإرادتُهم لما يرونْه من الثقةِ باللهِ عزَّ وجلَّ.

وإذا أعطاهمُ اللهُ عزَّ وجلَّ نصراً وعزاً وكرامةً، فذلك لما لديهم من ثباتٍ ومن حُسنِ ظنٍّ، لأنّ ذلك يدفعُهُم للعمل والجدِّ والمثابرة على توفير أسباب النصر، وينطلقُ ذلك من الالتزامِ بالتكاليفِ الإلهيّةِ والعملِ بأوامرِه، فعن أميرِ المؤمنينَ عليه السلام: "وإِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ يَشْتَدَّ خَوْفُكُمْ مِنَ اللَّه، وأَنْ يَحْسُنَ ظَنُّكُمْ بِه فَاجْمَعُوا بَيْنَهُمَا، فَإِنَّ الْعَبْدَ إِنَّمَا يَكُونُ حُسْنُ ظَنِّه بِرَبِّه، عَلَى قَدْرِ خَوْفِه مِنْ رَبِّه، وإِنَّ أَحْسَنَ النَّاسِ ظَنّاً بِاللَّه أَشَدُّهُمْ خَوْفاً لِلَّه".

ولذا لا ينبغي أنْ يواجه الناسُ خوفاً من عدوٍّ، يقولُ الإمامُ الخامنئي: "كما حصلَ أنّ البعضَ شعرَ بالخوفِ من قوّةِ العدوِّ في معركةِ الأحزابِ والبعضَ الآخرَ صَمَدَ أمامَ العدوِّ في ضوءِ حُسنِ ظنِّه بالوعدِ الإلهيِّ، اليومَ أيضاً فإنّ البعضَ يَشعرُ بالخوفِ أمام هيمنةِ وقوّةِ أميركا العسكريّةِ والدبلوماسيّةِ والإعلاميّةِ ومساعداتِها الماليةِ ويعتقدون بأنّه لا يُمكنُ الصمودُ أمامَ أميركا في حين أنّ الوعدَ الإلهيَّ المحتمَ هو أنّه «ليُنصرنّ من يَنصُره»".

ويضيف: "إنّ نتيجةَ حسنِ الظنِّ بالوعدِ الإلهيِّ هي الصمودُ والتقدّمُ إلى الأمام في حين إن نتيجةَ سوءِ الظنِّ باللهِ هي الاستسلامُ أمامَ العدوِّ".