
Super User
أجواء التوتر بين الآباء والأبناء
ردة فعل الآباء نحو الأبناء لا تكون دائما ايجابية، البعض منها يؤدي إلى إشعال فتيل التوتر وتحويل الوسط الأسري إلى ساحة معركة يبسط فيها الآباء سيطرتهم، ويصدر عنها الأبناء ردود أفعال تتراوح بين الخضوع المرضي والتمرد بالمقاومة وكلها أجواء لا تخدم أهداف تكوين أسرة سليمة.
فما هي المظاهر التي تؤدي إلى التوتر بين الآباء والأبناء؟
- مطالبة الأطفال بالكمال أثناء إنجازهم لواجبات قد تفوق قدراتهم العقلية، ويتخذ الآباء هذا الموقف من خلال حرصهم على تفوق الطفل وسرعة نضجه... فمثلا الطفل لا ينال رضا والديه إلا بحصوله على نتائج متميزة في المدرسة، وإضافة إلى ذلك قد يطالب الآباء الأبناء بالتزام قواعد الكبار في الجلوس وطريقة الأكل والتحية.
- ينظر بعض الآباء إلى اللعب كسبب رئيس في إهمال أبنائهم أو ضعف قدرتهم على التركيز وإهمال الدروس المدرسية وعدم الرغبة في العمل والمثابرة، بل هناك من الآباء من يعتبر اللعب عملا شيطانيا.... بينما يعتبر في الواقع ميل الأطفال إلى اللعب وسيلة مهمة للتعلم تعتمد عليها رياض الأطفال الحديثة في مناهجها التربوية، وهو ما أكدت عليه أبحاث علمية توصلت إلى أن المعلمين الذين يعتمدون على وسائل لعب في تمرير الدروس يحققون نتائج تعلم جيدة، ويحبذ أن يشارك الآباء أبنائهم لعبهم.
- يحلم الآباء بمستقبل زاهر لأبنائهم لكن منهم من يقرر ويضع خطة ما يجب أن يسير عليها الأبناء في مشوار التعليم وصولاً إلى العمل.... ودوافعهم من ذلك كثيرة، فبعض الآباء قد حُرِموا من الحصول على تعليم عال بسبب ظروف اجتماعية أو مادية قاهرة ومن هنا بعد تنبع الرغبة في رؤية صورة الأحلام المجهضة تتحقق على يد الأبناء.
- الخضوع المستمر لرغبات الأطفال يحولهم إلى أسرى نزواتهم ويبعدهم كثيرا عن مواجهة الواقع ويؤدي إلى عدم قدرتهم على التجاوب مع أي موقف يحمل في طياته الكبت والحرمان سواء كان ماديا أو معنويا، و يصبح الطفل نزقا غير مكثرت لعائلته وأسرته، متهورا في تصرفاته داخل البيت وخارجه، سريع الغضب إن لم تلبى طلباته، كذلك الأمر حين يغرق الأهل الطفل بالحاجيات ويفرطون في توفير الخدمات بشكل يفوق حاجيات الطفل الفعلية عندها يشعر الطفل بالملل وتضعف المثابرة، فكل شيء متوفر ولا مكان للجهد والصبر.
- مقارنة الطفل بالآخرين وتذكيره الدائم بنقاط ضعفه، واحتقار إمكانياته... كل ذلك يضعف من قدرته على حل المشاكل. - تداول عبارات مثل "عيب، أنت عار على الأسرة،أنت فاشل لا تصلح لشيء، إن لم تحصل على أعلى درجة في الامتحان لن تكون ابني".
- المبالغة في التوجيه ومراقبة الطفل وإعطائه الأوامر في كل كبيرة وصغيرة، فكثير من الآباء لا يدركون انتقال أبنائهم إلى مرحلة المراهقة بالرغم من أنهم يستشعرون ذلك من خلال عبارات مثل " ابني أصبح لا يطيعني بعد بلوغه الثانية عشر".
- المبالغة في العقاب، فقد يكون الخطأ نتيجة عدم نضج الطفل وعدم إدراكه نتيجة تصرفاته.... لذا فالعقاب يجب أن يكون بعيدا عن الانفعالات الشديدة أو حب الانتقام، فالابن لا يستطيع الفكاك من أهله لذلك نجده يستجيب أمام العقاب بالمقاومة الظاهرة كالتمرد والعصيان أو المقاومة الخفية كالمماطلة والتردد.
بعض سبل الخروج من التوتر العائلي:
- إدراك أن مقارنة الأطفال بالآخرين، وإظهار الجزع والقلق و اللهفة حول صحتهم وحياتهم قد تتسبب في توليد عقد الذنب والخوف وعدم الطمأنينة لدى الطفل.
- تبسيط مشكلات الآباء الاجتماعية والاقتصادية أمام الأبناء وأن لا يبالغوا في تهويل المشاكل السياسية والحربية التي يمر بها العالم و التي تدخل للبيت عبر الفضائيات.
- عدم المبالغة في مظاهر القلق والانفعال.
- استشارة أخصائيين نفسيين واجتماعيين كلما استدعت الحاجة.
- إتاحة الفرصة للأبناء أن يعبروا عن مشاعرهم وطموحاتهم وذلك بتشجيع الحوار وخلق أجواءه المناسبة.
- يجب على كل أفراد الأسرة إبداء اهتمام خاص ببعضهم البعض.
- التعاون والتشارك فيما بينهم أثناء مواجهة الأسرة لصعوبات، وهذا لا يعني منح الأطفال إمكانية الاستقلالية واثبات الشخصية
تجاهل الأبناء ..من المسؤول ؟
المسألة المهمة هي ان بعض الأبناء يتم تجاهلهم من قبل أسرهم ولايولون الاهتمام كما يجب ويفترض . فالبعض يهتم بجمع الأموال وباثاث البيت وديكوراته أكثر من اهتمامة بأبنائه . ومع أن الاموال وزخارف الدنيا هي وسائل ينبغي استخدامها في سبيل نمو وتقدم الانسان , إلا انها أصبحت هدفاً بحد ذاتها لدي هؤلاء واهم من الأبناء ومن الاعتناء بتربيتهم .
قد يكون هناك اهتمام بالابناء لدي هذا البعض , لكنه اهتمام بتوفير المأكل والملبس فقط , وليس بالبعد العاطفي والنفسي . ان إزالة الغبار عن أثاث البيت وتنظيف زجاجات الأبواب والنوافذ وما إلي ذلك هي من الأعمال اليومية المعتادة لدي الامهات والآباء ,غير ان ازالة الغبار عن قلوب أبنائهم والاعتناء بهم تربوياً لا وجود لها في جدول أعمالهم .
ومن المناسب أن نضيف هنا ان الأبناء يتم تجاهلهم وعدم الاهتمام بهم داخل الاسرة احياناً بسبب جنسيتهم , أو قبح اشكالهم , أو لنقص عضوي فيهم , وان العلاقة التي تربط أولياء الامور بهم لاتتجاوز حدود توفير الطعام واللباس دون أن يلتفت هؤلاء مثلاً إلي إنجاب الذكور أو الإناث هو أمر خارج عن إرادة الزوجين , وقدر إلهي مقدر .
وقد قال رسول الله صلي الله عليه وآله : يقول الله تعالي :(( من لم يرض بقضائي ولا يؤمن بقدري , فليبحث له عن اله غيري )).
ضرورة الاهتمام بهم
يمكن تناول أمر الاهتمام بهذا الجيل ضرورة والاعتناء بيربيتة من جهات عديدة منها :
1_من ناحية وجوب تربية الأبناء كحق مسلم لهم عند الأبوين كما يفرضه الشرع والأخلاق .
2_من ناحية كون الأبوين مسلمين ويجب عليهما القيام بدورهما مع أبنائهما من خلال أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر .
3_من ناحيةكون الاساءة أو الاحسان في المجتمع تترك آثارها علي حياة أعضاء المجتمع الآخرين أيضاً .وبحكم إذا مااثيرت فتنة في المجتمع أوثقبت سفينة في البحر , لا يسلم الأخرون من عواقبها أيضاً .
4_من ناحية وجوب تلبية دعوة الاسلام ووصايا الائمة التي تقول : عليكم بالأحداث فإنهم أسرع إلي كل خير .
من المسؤول ؟
الجميع مسؤولين في أمر هداية وإرشاد الجيل الحدث في المجتمع , خصوصاً فئة الاناث اللاتي هن أمهات الغد ومربيات الرجال والنساء في المستقبل من حياة المجتمع .وبالاصل ان الناس _بحسب الرؤية الإسلامية _ أمانات بأيدي بعضهم… فالولد امانة الله بيد الوالدين , والزوجة أمانة بيد الزوج و…
وهكذا لايحق لأحد تجاهل أمر تربية الأبناء حتي وإن كانوا أبناء الغير . فاذا ما تعرض أحدهم إلي خطر أو مفسدة ما فإن الواجب يحتم علي الجميع المبادرة إلي حمايتة ,وتقديم العون له , ودفع الشرور والآثام عنه , وتوجيهه إلي سبل الخير والرشاد .
إن الأبوان مسؤولان عن تربية أبنائهما بالدرجة الأولي بحكم ولايتهما عليهم , وبالدرجة الثانية عامة الناس في مختلف المواقع والأوساط الاجتماعية والمؤسسات الحكومية ,… علي الجميع ان يعطف اهتمامة نحو تهذيب وإرشاد هذا الجيل بشكل خاص .
فعند القيام بالواجبات الملقاة علي عاتق الجميع تجاة هذا الجيل , ينبغي تمثل الأجواء التي تعيش فيها الفتيات المراهقات ومحاولة التأثير الايجابي فيها .
1_ان قسماً من الاهتمامات يجب أن ينعطف نحو الحياة الفردية لهن ويمكن في هذا المجال السعي إلي:
_ التربية والنمو البدني , إيجاد المهارة في الإعضاء والمقاومة في الجسم , والتوازن الغريزي , والسلامة الصحية .
_ التهذيب الذهني , التوجية الفكري , البناء العقلي , وتنمية الذكاء والحافظة , والخيال , والتركيز .
2_وقسم من الاهتمامات يجب أن ينصب علي الجوانب الاجتماعية ومنها:
_تنمية الاهتمامات الاجتماعية , الصداقات البريئة ,التمييز بين الصديق والعدو ,الخلق الحسن , الجرأة والشهامة , حب الخير للآخرين , أجتناب المعاصي والمحرمات , التوازن في السلوك , التواضع في المشي , و…
3_ وقسم آخر من الاهتمامات ,يجب تركيزه علي :
_علاقة الانسان بالله سبحانه وتعالي باعتبارها علاقة مالك ومملوك ورب عليم بما يضر عبادة أو ينفعهم ,رؤوف عليهم رحيم .
تاثيرات في صميم العلاقة بين الاباء والابناء
س: هل لفارق العمر بين الأبوين والأبناء تأثير في صميمية العلاقة والانفتاح فيما بينهم، وهل هناك حل لتجاوز آثار هذا الفارق؟
ج: للفارق في العمر تأثير على العلاقة بين أي شخصين، صديقين كانا، أم زوجين، أم أب وابن، أو أم وبنت، ولعل التأثير يتعاظم في حالة الأب، خصوصاً في المجتمعات الشرقية التي يكون فيها للأب مكانة خاصة وسلطة إضافية، فالأب يتعامل مع الابن بنظرة علوية والابن يكون عادة في موضوع المحكوم والتابع، وتقل بذلك فرص التفاهم وتبادل وجهات النظر وتعاطي الأفكار بينهما؛ ولكن في كل العلاقات التي ذكرناها فإنه يمكن تجاوز آثار الفاصل العمري أو التقليل منها ببعض الحكمة والمرونة في التعامل من كلا الطرفين.
فإذا أراد الأب مثلاً أن يكون قريباً إلى ولده البالغ أو الراشد، فعليه أن يتفهم أولاً طبيعة السن التي يمر بها الولد ونمط تفكيره وما هي اهتماماته واللغة التي يستسيغها ويتعامل بها، وبالتالي يحاول الأب أن يكون قريباً من ولده يكلّمه بمقدار عقله ويشاطره همومه ويشاركه اهتماماته الحياتية، ليكون له أباً وصديقاً ورفيقاً في آن واحد، ولعل خير دليل في ذلك الحديث المأثور: (مَن كان له صبي فليتصابى له)، وبالتالي يمكن للأب أن يتبادل الحديث بودّ مع ولده، وربما يقضي شطراً من أوقات فراغه معه في مشاهدة التلفاز أو الرياضة واللعب ومن ثم فإنه يتعامل مع ولده بمنظار الأب الودود من جهة، وبمنظار الصديق الوفي له.
ومن هذا المشهد فإنه يمرر لولده ـ البالغ أو الراشد ـ الملاحظات والنصائح بزاوية تقترب من الحالة الأفقية ليتلقاها ابنه وصديقه برحابة صدر وبعقل وقلب منفتحين، دون أن يحسّ بجرح في كرامته أو مسٍّ بشخصيته.
أما إذا كان الأولاد دون سن البلوغ أو الرشد فإن زاوية التعامل تزداد، لتكون قريباً من الأمر، ولكنه أمر ودّي ومبرر وحكيم، دون تعسف واضطهاد، مع الاقتراب دوماً من عقل الولد وقلبه.
وللأطفال دون السابعة وضع آخر، فإن هؤلاء يتلقون السلوك عادة بواسطة التأييد والتقليد لآبائهم، فعلى الآباء أن يكونوا منضبطين في سلوكهم وانفعالاتهم حريصين على الظهور بالمستوى اللائق، حتى لا يتلقى الطفل منهم إلا العمل الحسن ولا يحفظ في ذاكرته عنهما ومنهما إلا السلوكيات الهادئة واللطيفة، فإن الطفل في تلك السنين أكثر حساسية وأشد ملاحظة من غيرها، وفي هذه الفترة أيضاً ينبغي أن يتقرب الوالد إلى ولده بالمحبة والمودة ويشاطره اللعب واللهو حتى يكسب ودّه ويحصل منه على مراده من السلوك الجيد، وطبيعي أن لذلك آثار ايجابية على الوالد وروحيته أيضاً.
أما الولد الذي بينه وبين والده فارق كبير في العمر ويحسّ بوجود هوة وفاصلة بينهما، فإنه يمكنه أيضاً أن يعمل لتقريب المسافة من خلال احترامه والتودّ إليه أولاً، ومن خلال حسن الانصات إليه ومشاطرته الحديث عن تجاربه وأيام شبابه ودراسته وكفاحه في الحياة، أو عن أي موضوع يحبه الوالد الحديث عنه أو يهتم به، فإن ذلك سيجعل الوالد ينشرح لولده ويستمع إليه وتقلّ المسافة بينهما.
ويمكن للولد أن يتفنن في طرح رأيه على والده، مع حفظ الأدب وبعض من اللباقة فيمكن أن يضمن فكرته سؤالاً، أو بعنوان المشورة وأخذ النصيحة، أو بعنوان فكرة سمعها أو قرأها، أو أن يكتب موضوعاً ويعرضه على والده لقراءته وابداء الرأي فيه، وتدريجياً سيجد الوالد أن ابنه قد كبر وأصبح عاقلاً رشيداً يمكن الاعتماد عليه والاستماع إلى رأيه.
ومن المفيد أيضاً مرافقة الوالد في المناسبات الاجتماعية والذهاب معه إلى المسجد لأداء الصلاة والتعرف إلى أصدقائه والجلوس معهم مستمعاً غالباً ومشاركاً أحياناً، وكل ذلك سيجعل الوالد يأنس بولده ويألفه ويتخذه رفيقاً وصديقاً، وسيجد نفسه لا يستغني عن ولده ويود مرافقته، وطبيعي أن ذلك يعني مد جسر المودة والسلام بينهما وهو باب ينفتح منه كل خير لهما وللأسرة ويمكن أن يساهم في حل الكثير من المشاكل وإزالة العقبات، والله الموفق لكل خير.
أهميّة الحجّ بين الواجبات الإسلاميّة
يُعتبر الحجّ من أهم العبادات التي شُرّعت في الإسلام ولها آثار وبركات كثيرة جدّاً، فهو مصدر عظمة الإسلام وقوّة الدّين واتّحاد المسلمين، والحجّ هو الشعيرة العباديّة التي ترعب الأعداء وتضخ في كلّ عام دماً جديداً في شرايين المسلمين.
والحجّ هو تلك العبادة الّتي أسماها أميرالمؤمنين عليه السلام بـ (علم الإسلام وشعاره) وقال عنها في وصيته في الساعات الأخيرة من حياته (الله الله في بيت ربّكم لا تخلوه ما بقيتم فإنّه إن ترك لم تناظروا) أي أنّ البلاء الإلهي سيشملكم دون إمهال. وقد فهم أعداء الإسلام أهميّة الحجّ أيضاً إذ صرّح أحدهم : (نحن لانستطيع أن نحقّق نصراً على المسلمين ما دام الحجّ قائماً بينهم). راجع شبهات حول الإسلام.
وقال أحد العلماء (الويل للمسلمين إن لم يفهموا معنى الحجّ، والويل لأعدائهم إذا عرفوا معناه).
وفي الحديث المعروف عن أميرالمؤمنين عليه السلام في بيان توصفة الأحكام كما ورد في نهج البلاغة الحكمة 252 أنّه أشار عليه السلام إلى أهميّة الحجّ الكبيرة وقال (فرض الله الإيمان تطهيراً من الشرك... والحجّ تقوية للدّين).
ونختتم هذه الفقرة بحديث عن الإمام الصادق عليه السلام وسيأتي شرحه بالتفصيل في ذيل الآية 26 إلى 28 من سورة الحجّ وبيان أهميّة وفلسفة وأسرار الحجّ هناك) فقال عليه السلام : (لا يزال الدّين قائماً ما قامت الكعبة).
أقسام الحجّ وبيان أعمال حجّ التمتّع
لقد قسّم الفقهاء العظام وبإلهام من الآيات والأحاديث الشريفة عن النبي وآله عليهم السلام الحجّ إلى ثلاثة أقسام : حجّ التمتّع، حجّ القِران، وحجّ الإفراد.
أمّا حجّ التمتّع فيختص بمن كان على مسافة 48 ميلاً فصاعداً من مكّة (16 فرسخ وما يعادل 96 كيلومتر تقريباً، وأمّا حجّ القِران والإفراد فيتعلّقان بمن كان أدنى من هذه الفاصلة. ففي حجّ التمتّع يأتي الحاج بالعمرة أوّلاً ثمّ يحلّ من إحرامه وبعد ذلك يأتي بمراسم الحجّ في أيّامه المخصوصة، ولكن في حجّ القِران والإفراد يبدأ أوّلاً بأداء مراسم الحجّ ثمّ بعد الإنتهاء منها يشرع بمناسك العمرة مع تفاوت أنّ الحاج في حجّ القِران يأتي ومعه هديه، أمّا في حجّ الإفراد فلا هدي فيه ولكن بعقيدة أهل السّنة أنّ حجّ القِران هو أن يقصد بالحجّ والعمرة بإحرام واحد.
أمّا أعمال حجّ التمتّع فكما يلي :
في البداية يُحرم الحاج للحجّ من الأماكن الخاصّة به وتسمّى الميقات، أي أنّ الحاج يتعهد بالإحرام أن يترك ويتجنّب سلسلة من المحرّمات على المُحرم، ويرتدي ثوبي الإحرام غير المخيطة، ويبدأ بالتلبية وهو متّجه إلى بيت الله الحرام، ثمّ يشرع بالطّواف حول الكعبة سبعة مرّات، وبعد ذلك يصلّي ركعتين صلاة الطواف في المحل المعروف بمقام إبراهيم، ثمّ يسعى بين الصفا والمروة سبعة مرّات، ثمّ بعد الإنتهاء من السعي يقصّر، أي يقص مقداراً من شعره أو أظافره، وبذلك يخرج من الإحرام ويحلّ منه.
ثمّ يحرم مرّة اُخرى من مكّة لأداء مناسك الحجّ ويذهب مع الحجاج في اليوم السابع من ذي الحجّة إلى "عرفات" وهي صحراء على بعد 4 فراسخ من مكّة، ويبقى في ذلك اليوم من الظهر إلى غروب الشمس في ذلك المكان حيث يشتغل بالعبادة والمناجاة والدّعاء، ثمّ بعد غروب الشمس يتّجه إلى (مشعر الحرام) ويقع على بعد فرسخين ونصف من مكّة تقريباً ويبقى هناك إلى الصباح، وحين طلوع الشمس يتوجّه إلى "منى" الواقعة على مقربة من ذلك المكان، وفي ذلك اليوم الّذي هو يوم "عيد الأضحى" يرمي الحاج (جمرة العقبة) بسبعة أحجار صغيرة (وجمرة العقبة على شكل اُسطوانة حجريّة خاصّة) ثمّ يذبح الهدي ويحلق رأسه، وبذلك يخرج من إحرامه.
ثمّ أنّه يعود إلى مكّة في نفس ذلك اليوم أو في اليوم القادم، ويطوف حول الكعبة ويؤدّي صلاة الطواف والسعي بين الصفا والمروة ثمّ طواف النساء وصلاة الطواف أيضاً، وفي اليوم الحادي عشر والثاني عشر يرمي في منى الجمرات الثلاثة واحدة بعد الاُخرى بسبعة أحجار صغيرة، ويبقى في ليلة الحادي عشر والثاني عشر في أرض منى، وبهذا الترتيب تكون مناسك الحجّ إحياءً لذكرى تاريخيّة وعبارة عن كنايات وإشارات لمسائل تتعلّق بتهذيب النفس ولها أغراض إجتماعيّة كثيرة، وسوف نستعرض كلّ واحدة منها في الآيات المناسبة له.
3 ـ لماذا نسخ البعض حجّ التمتّع ؟
إنّ ظاهر الآية محل البحث هو أنّ وظيفة الأشخاص البعيدين عن مكّة هي حجّ التمتّع (الحجّ الّذي يبتدأ بالعمرة وبعد الإنتهاء منها يخرج من الإحرام ثمّ يجدّد الإحرام للحجّ ويأتي بمناسك الحجّ) وليس لدينا دليل إطلاقاً على نسخ هذه الآية، بل إنّ الروايات الكثيرة في كتب الشيعة وأهل السنّة وردت في هذا الصدد، ومن جملة المحدّثين المعروفين من أهل السنّة (النسائي في كتاب السنن) و (أحمد في كتاب المسند) و (ابن ماجة في كتابه السنن) و (البيهقي في السنن الكبرى) و (الترمذي في صحيحه) و (مسلم أيضاً في كتابه المعروف بصحيح مسلم) فهناك وردت روايات كثيرة في حجّ التمتّع وأن هذا الحكم لم ينسخ وهو باق إلى يوم القيامة. والكثير من فقهاء أهل السنّة أيضاً ذهبوا إلى أنّ أفضل أنواع الحجّ هو حجّ التمتع بالرّغم من أنّهم أجازوا إلى جانبه حجّ القِران والإفراد (بذلك المعنى الّذي تقدّم آنفاً من الفقهاء
.
ولكنّ هناك حديث معروف نقل عن عمر بن الخطاب حيث قال (متعتان كانتا على عهد رسول الله وأنا أنهى عنهما ويعاقب عليهما متعة النساء ومتعة الحجّ).
يقول "الفخر الرازي" في ذيل الآية مورد البحث بعد نقل هذا الحديث عن عمر : إنّ المراد من متعة الحجّ هو أن يجمع بين الإحرامين (إحرام الحجّ وإحرام العمرة) ثمّ يفسخ نيّة الحجّ ويأتي بالعمرة المفردة وبعد ذلك يأتي بالحجّ. التفسير الكبير، ج 5، ص 153.
فمن البديهي أنّه لا يحق لأحد نسخ الحكم الشرعي إلاّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأساساً أنّ هذا التعبير وهو أنّ رسول الله قال كذا وأنا أقول كذا هو تعبير غير مقبول من أي شخص، فهل يصحّ إهمال أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وطرحه والإلتزام بأوامر الآخرين ؟
وعلى كلّ حال، فإنّ الكثير من علماء أهل السنّة في هذا الزمان تركوا الخبر المذكور، وذهبوا إلى أنّ حجّ التمتع أفضل أنواع الحجّ وعملوا على وفقه1.
1- تفسير الأمثل / العلامة اية الله الشيخ مكارم الشيرازي.
الحجّ في أحاديث الإمام الخميني(قدس سره)
بسم الله الرحمن الرحيم
إلى حجاج بيت الله الحرام كافه أيّدهم الله تعالى.
بعد السلام ووافر التحيات.
اليوم، حيث نشِبت براثن الاستعمار الخبيثه ـ بسبب تهاون و تساهل الشعوب الإسلاميه ـ في أعماق الأرض المترامية لأُمّة القرآن، لتنهب جميع الثروات الوطنية والخيرات الطائلة، ولتنشر الثقافة الاستعمارية المسمومة في أعماق قرى وقصبات العالم الإسلاميّ، ولتقضي على ثقافة القرآن، وتجنّد الشباب أفواجاً في خدمة الأجانب والمستعمرين، وتطلع علينا كلَّ يوم بنغمة جديدة وبأسماء خادعة تظلّل بها شبابنا. في مثل هذه الظروف ; عليكم يا أبناء الأُمّة الأعزاء! المجتمعين لأداء مناسك الحجّ في أرض الوحي هذه، أن تستثمروا الفرصة وتفكّروا في الحلّ، وأن تتبادلوا وجهات النظر وتتفاهموا لحلّ مسائل المسلمين المستعصية.
واعلموا أنّ هذا الاجتماع الكبير الذي يعقد سنوّياً، بأمر الله تعالى، في هذه الأرض المقدسة، يفرض عليكم ـ أنتم المسلمين ـ أن تبذلوا الجهود على طريق الأهداف الإسلاميّة المقدسة، ومقاصد الشريعة المطهّرة السّامية، وعلى طريق تقدم المسلمين وتعاليهم واتحاد المجتمع الإسلاميّ وتلاحمه.
لتشترك أفكاركم وعزائمكم على طريق الاستقلال واقتلاع جذور سرطان الاستعمار.
اِسمعوا مشاكل الشعوب المسلمة من لسان أهل كل بلد، ولا تؤلوا جهداً في اتخاذ أيّ اجراء لحلّ مشاكلهم.
على أهالي كل بَلد أن يشرحوا في هذا الاجتماع المقدس مشاكل شعبهم للمسلمين...
فكّروا في أمر الفقراء والمساكين في العالم الإسلاميّ.
ابحثوا عن سبيل لتحرير أرض فلسطين الإسلاميّة من براثن الصهيونية العدو اللدود للإسلام والإنسانيّة.
لاتغفلوا عن مساعدة الرجال المضحّين الذين يناضلون على طريق تحرير فلسطين وعن التعاون معهم.
على العلماء المشاركين في هذا الاجتماع، من أيّ بلد كانوا، أن يصدروا ـ بعد تبادل وجهات النظر ـ بيانات صريحة واضحة لايقاظ المسلمين، وأن يوزّعوها في مهبط الوحي بين أبناء الأُمَّة الإسلاميّة، ثم ينشروها في بلدانهم بعد عودتهم.
وعلى العلماء أيضاً أن يطالبوا زعماء البلدان الإسلاميّة بوضع الإسلام نصبَ أعينهم، ويتجنّبوا الاختلافات، ويبحثوا عن علاج للتخلص من مخالب الاستعمار.
ولو أنّ زعماء البلدان الإسلاميّة كفّوا عن الاختلافات الداخلية وتفهموا أهداف الاسلام السامية، واتّجهوا نحوها، لما أصبحوا بهذه الحالة أسرى ذليلين بيد الإستعمار.
إنّ اختلافاتهم، هي التي خلقت مشكلة فلسطين، وتحول دون حلّها. فلو أنّ سبعمائة مليون مسلم، بأرضهم الغنية المترامية الاطراف، يمتلكون وعياً سياسيّاً، وكانوا متّحدين منتظمين في صفّ واحد، لما أمكن للدول الاستعمارية الكبرى أنْ تنفذ إلى بلدانهم، فما بالك بحفنة من اليهود من عملاء الاستعمار...
أنا أشدُّ على يد أبناء الأُمَّة الإسلاميّة، وأحرار العالم على طريق قطع جذور الاستعمار والمستعمرين، واستقلال البلدان الإسلاميّة وتحطيم قيود الأسر. وأسئل الله تعالى أن يدفع عنا شرّ الأنظمة المتجبّرة وأذناب الاستعمار القذرين، وأسئله أن يتقبل منكم أعمالكم ومناسككم 1.
1-مجلة ميقات الحج.
الحج جوهـرة الايمـان
مظاهر الحياة وظواهرها تتصل بجواهر معدودات، وكل جوهر تتصل به مئات الظواهر والمظاهر. واولوا الالباب وهم العقلاء الحكماء من البشر ، هـم الذيـن ينفـذون ببصـيرتهم الى جوهر الحقائق ، ولا يقفون عند المظاهر السطحية التي لا تغني ولا تسمن من جوع. مثلاً؛ نحن ندعو الله تعالى دوماً ان يرزقنا العافية ، بتمامها وشمولها ودوامها ، ولكن نتسائل: ما هي العافية ؟
العافية هي ان تكون بُنية الانسان الاساسية سالمة ، فحتى لو طرأ مرض من الامراض على هذا الانسان ، فان هذا المرض سرعان ما يتلاشى ويتبدد ويعود الجسم بكامل صحته. اما اذا كانت بُنيـة هذا الانسان ضعيفة ، فإن العافية لا تزوره. فلا يكاد يتخلص من مرض. إلاّ ويبتلى بمرض آخر. اذن نحن يجب ان نبحث عن جوهر العافية وليس فقط عن مظاهرها الخارجية.
هـذا فـي الانـسان كفـرد ، كذلك فـي المجتمـع ، فبعض المجتمعات مثلاً تجدها مبتلاة بعشرات الاخلاقيات السلبية السيئة والعياذ بالله من قبيل الكبر ، والرشوة ، والدجـل ، والازدواجية ، والخيانة ، وعصيان من هو اكبر ، وظلم من هو اصغر ، والتفكك الاسري، وغيرها من الاخلاقيات السيئة.
ونتسائل: ما هو الخلق الفاضل في المجتمع ؟
ويجيب علماء الاجتماع؛ بان اساس الخلق الفاضل في المجتمع، هو ايمان ذلك المجتمع بالاخلاق بانها السبيل لسيرته في الحياة. فالمجتمع الذي يتمتع بالخلق الفاضل، هو المجتمع الذي يملك جوهر الاخلاق. بينما المجتمع الذي يفقــد ذلك هو المجتمع الذي لا يعتمد الاخلاق منهجاً ، ولا يتمسك بالآداب طريقاً ، ولا يهتم بالجوهر الذي امر الله سبحانه وتعالى به.
لـذلك مثـل هـذا المجتمـع اذا تكلمـت معه عن مفردات الاخلاق ، وارشدتـه الـى السليـم منهـا ونبهتـه الـى السقيـم منهـا ، فأنـه لاينتفــع بذلك، لان المشكلة ليست مشكلة المصاديق والمفردات ، وانما المشكلة هي ان هذا المجتمع طبيعته اللاإلتزام والا اهتمام واللاتأدب ، لذلك تجد ان كل المفاسد الاجتماعية متراكمة فيه.
الايمان جوهرة وتجليات:
قـد نتحـدث عن الصلاة وعن الصوم وعن الصدق وعن الوفـاء وعن سائر الواجبات التي امر الله سبحانه بها ، ولكن كل تلك انما هي مفردات الايمان وتجلياته ومصاديقه. اما الايمان فهو شيء آخر.
فـإذا كان الايمـان ضعيـفاً ، فإن كل هذه المصاديق تكون ضعيفة. فحتى لو صلى ، فإن صلاته لا روح فيها. فهو يسهى عنها ، وبالتالي لا تنهاه عن الفحشاء والمنكر ، ولا تأمره بالعطاء والانفاق للمساكين. لـذلك فـإن الصـلاة التي لا خشوع فيهـا ، انما هي ويل على صاحبها ﴿ فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ ﴾ (الماعون/4-5)
فبدلاً من ان تكون رحمة ، تكون ويلاً. وكما الصلاة كذلك سائر الواجبات التي قد يؤديها الانسان بصورة آلية.
ان المجتمع الناهض، هو المجتمع الذي تكون جوهرة الايمان فيه جوهرة نقية، صافية، حقيقية، اما المظاهر فليست مصاديـق. فقد نجد مجتمـعاً من المجتمعات كمجتمع الكوفة في زمن الامام الحسين عليه السلام يقيم الصلاة بوقتها، ولكنه يجتمع مع ذلك على قتال حقيقة الصلاة وجـوهرها ورمزهـا وامامها، أبا عبد الله الحسين عليه السلام.
ان جيش الكوفة بقيادة عمر بن سعد ، اقام صلاة المغرب والمعشاء ليلة عاشوراء ، وكذلك صلاة صبح يوم العاشـر مـن المحـرم ، ولكن اية صـلاة كانـت تلك؟! انها الصلاة التي يصدق عليها قوله تعالى: { فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ}. ويل لهذا الانسـان الذي يصلي بهذه الصلاة ، التي هي شرك وتصدية ومكاء. ان صلاته بدل ان تكون معراجاً الى الله سبحانه وتعالى، فإنها تكون وزراً عليه.
الحج جوهرة الايمان:
الحج من الفرائض الدينية التي تزيد جوهرة الايمان في الفرد ، وكذلك في المجتمع. فالمجتمع الذي يبعث بوفـده الـى الرحمـن سبحانه وتعالى، هذا المجتمع تزداد فيه جوهرة الايمان وحقائقه، وليست فقط مظاهره. ذلك ان الحج ليس ذا جانب فردي فقط ، وانما هو عبادة فردية واجتماعية.
فالانسان منـذ ان يخـرج من بيته متوجهاً الى الله سبحانه، وملبياً داعي الله، فإن الملائكة منذ تلك اللحظة تحف به، ويكون قلبه يخفق بالايمان ، وينبـض بالتقـوى ، ولا يواجـه في طريقه صعوبة او مشكلة او أذاً ، إلاّ وتسجل له بذلك حسنة.
ان هذا الانسان هو في ضيافة الله، محفوفاً بملائكة الله، الى ان يذهب الى التلبية.. "لبيك اللهم لبيك.. لا شـريك لك.." وهنا لك يستجيـب الله سبحانه وتعالى له، لانه ضيف عند اكرم المضيفين.
وهكذا فإن هذا الانسان منذ لحظة خروجه من بيته حاجاً ، الى ان يصل الى الميقات ، ومن الميقات الى مكة المكرمة.. الى ان يكون في وادي عرفة ، فإذا كان ظهـيرة يوم عرفة في ذلك الواد ، فإن الله سبحانه يخاطبه، ويقول له عبدي: " قد غُفر لك ، وطهرت من الدنس، فاستقبل واستأنف العمل ".
وكما جـاء فـي الحديـث عن أبي عبد الله عليه السلام قال: ".. فقال أبي عليه السلام: ما وقف بهذا الموقف -عرفات- أحد من الناس من مؤمن ولا كافر إلاّ غفر الله له ".
فهـذه الاوراق الـتي طـلاها الحاج بالسواد باعماله السيئة في كل حياته ، تتساقط عنه وتزول ، ويفتح صفحة جديـدة ، ويكون كيوم ولدته أمه. ولكن المشكلة هي بمجرد خروجه من عرفات، لان الشيطان يلحقه مرة اخرى، كما جاء في الحديث الشريف، لذلك فإن الكثير من المؤمنين يتمنون الموت في تلك اللحظة، ويدعون الله بذلك.
روي ان الحج افضل من الصلاة والصيام ، لان المصلي انما يشتغل عن أهله ساعة ، وان الصائم يشتغل عن أهله بياض يوم ، وان الحاج يشخص بدنه ويضحى نفسه وينفق ماله ويطيل الغيبة عن أهله لا في مال يرجوه ولا الى تجارة.
ذلك ان الحاج يواجه في الحج تلك الصعوبات؛ في عرفات، وعند الجمرات، او في الطواف.. وقد يواجه هناك الموت من شدة الحر والزحام، فهو حاسر الرأس امام اشعة الشمـس اللاهبـة، وهو هناك ليس فقــط لا يجوز له ان يزاحم أحـد او يدفعــه ، بل حتـى الجـدال بالحـق لا يجـوز له ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَـن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ ﴾ (البقرة/197)
فهو لا يستطيع ان يقول لا والله، بلى والله. فهناك تسليم مطلق لله عز وجل.
فالمجاهد اذا يقتل فهو قد قاتل وقَتل وقُتل، اما الحاج فانه إن مات مات بـدون ان يدافع عن نفسه ، ولو كـان يـدافع عن نفسه لربما لم يمت. وهذا التسليم المطلق يربي في الانسان جوهرة الايمان ويصقلها ويصبغ حياته صياغة ايمانية جديدة1.
1- الحج ضيافة الله / محمد تقي مدرسي.
ما هي قواعد الاشتباك في الجولان بمواجهة الحلف الإسرائيلي؟
جبهة الاشتباك في مواجهة إسرائيل، تحاول القيادة الإسرائيلية أن تخوضها بذريعة منع إيران من تعزيز مواقعها وقواعدها في سوريا. لكن إسرائيل التي تبدو في قمة تثبيت احتلالها لفلسطين استناداً إلى دعم أميركي متصاعد تعبّر عنه مساعي ترامب واستناداً إلى تشكيل حلف إسرائيلي مباشر من الدول والمجموعات، تسعى إلى ذريعة تقسيم الجبهات مع محور المقاومة أملاً بالسيطرة على جغرافية المنطقة ومقدراتها. ففي مواجهة هذا المشروع الأميركي ــ الإسرائيلي ــ السعودي يردّ محور المقاومة في إرساء قواعد اشتباك تبدأ في الجولان لكنها لا تقتصر على حدود.
أعطى تحرير البادية السورية، واستعادة الحدود مع العراق نقطة تحول في ميزان الصراع بمواجهة إسرائيل وحلفائها. مع هذا التحول بدأت ترتسم في المنطقة ملامح جديدة لقواعد الاشتباك، بدأت بإسقاط طائرة الأف ستة عشر الإسرائيلية في العاشر من شباط /فبراير الماضي، ثم صد العدوان الثلاثي (الأميركي ـــ الفرنسي ــ البريطاني) على سوريا فجر الرابع عشر من نيسان/أبريل الماضي.
تحركت سوريا وحلفائها في محور المقاومة كجسد واحد، تعبر عنه كلمة السيد حسن نصرالله في الذكرى الأولى لاستشهاد القائد الجهادي "مصطفى بدر الدين " عندما قال: " أنا جزء من محور إسمه محور المقاومة " وتجلّت هذه العبارة في جبهة الجولان فانتظر الجميع رداً إيرانياً على العدوان الإسرائيلي على مطار التيفور، بينها القيادة الإسرائيلية التي على يقين من أن الرد قائم. المعلومات تؤكد أن القلق الإسرائيلي من الرد دفعه لرصد جبهة الجولان بدقة متناهية. الحذر الإسرائيلي والمراقبة وصلت إلى أطراف العاصمة دمشق عند الكسوة. فالمنطقة من الجولان إلى الكسوة توجد فيها نقاط انتشار مشتركة " سورية – إيرانية – حزب الله ". ومن هنا لا يمكن الفصل بين الأركان الثلاثة فاستهداف أي نقطة منها يعني استهداف المحور كاملاً. بدأ محور المقاومة بتحصين نقاطه في المنطقة، عندما كانت إسرائيل وأميركا منشغلتان بمخطط تقسيم سوريا ومع تحديد مخطط التقسيم كان محور المقاومة أكمل انتشاره كغرفة عمليات واحدة في المنطقة من جبل الشيخ إلى جباتا الخشب وصولاً إلى الكسوة في محيط دمشق.
الرد الإيراني المنتظر لم يكن قراراً منفرداً، كما أكّد أحد المصادر بأن قرار الرد أتخذ وجرى إبلاغ روسيا بذلك، لكن الرد ربط بما ستتمخض عنه زيارة نتنياهو إلى موسكو.
من الواضح أن نتنياهو أصرّ في موسكو على استهداف المنطقة، وبناءً عليه تم الرد بشكل عنيف مع أول استفزاز إسرائيلي في جبهة الجولان.
اطلقت المدفعية الإسرائيلية على نقاط الجيش السوري في سفوح جبل الشيخ، جاء الرد مفاجئاً لإسرائيل.
المفاجأة تجلت بتمكن الصواريخ من الوصول إلى أهدافها، كما أن المعلومات عن النقاط الإسرائيلية المستهدفة والتي كشفتها قناة "الميادين" حملت في طياتها رسالة واضحة أن التحركات الإسرائيلية في جبهة الجولان مرصودة بدقة من محور المقاومة. ولم تحدث أي من أركان المحور عمن نفذ الرد على الاستفزاز، لكن مما لا شك فيه أن الرد كان منسقاً بدقة. المعلومات لها من يعمل عليها والصواريخ ودقتها ودقة الإصابة لها من يتكفل بها، والمضادات السورية وعملها الدقيق في اسقاط الصواريخ الإسرائيلية كانت واضحة بأنها منسجمة مع كل ما سبق.
قال أحد القادة العسكريين في محور المقاومة أثناء شرح في جلسة مغلقة :" القرار ثلاثي ومشترك دائماً، وأي معركة أو رد استراتيجي لا يمكن أن يكون إلا بعد التنسيق بين القادة الثلاثة" الإشارة هنا " لقائد قوة القدس في الحرس الثوري الإيراني، الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، والرئيس السوري بشار الأسد".
التحرك كجسد واحد ظهر واضحاً في الجولان، وهذا ما دفع الناطق باسم جيش الاحتلال أفخاي أدرعي للقول مع الدقائق الأولى من الاشتباك: "نحن نستهدف الإيرانيين وندعو السوريين لعدم التدخل".
لم يرد أي من أركان المحور على الصراخ الإسرائيلي، تركت الاحتمالات مفتوحة دون إجابة. يبدو أن القرار تعمّد ارتباك الإدارة الإسرائيلية حتى تصلها رسالة أن جبهة الجولان لن تكون كما كانت على مدار أربعة وسبعين عاماً، بل باتت جبهة من جبهات تمتد من الجولان إلى جنوب لبنان وصولاً إلى غزة، وأن الرد سيكون كما قاله عنه الأمين العام لحزب الله في خطاب يوم القدس العالمي: "يجب أن يعرف العدو الاسرائيلى أنه إذا شن حرباً على سوريا أو على لبنان فمن غير المعلوم أن القتال سيبقى لبناني ــ إسرائيلي أو سوري ــ إسرائيلي.. هذا لا يعنى أن هناك دولاً قد تدخل بشكل مباشر ولكن قد تفتح الأجواء لعشرات آلاف بل مئات آلاف المجاهدين والمقاتلين من كل أنحاء العالم العربي والإسلامي ليكونوا شركاء في هذه المعركة من العراق ومن اليمن ومن كل مكان آخر ومن إيران وأفغانستان ومن باكستان".
ولعل الرسالة وصلت وبدت واضحة في كلام وزير الأمن الإسرائيلي " أفيغدور ليبرمان" خلال زيارته للجولان المحتل بعد الاشتباك عندما قال: "نحن بالفعل لا نبحث عن أي احتكاك، ولا أي مواجهة إضافية مع أحد، أنا هنا لاستخراج العبر مما حدث مؤخراً، ومعي وفد من الجبهة الداخلية، رسالتي للأسد: أبعد الإيرانيين، أبعد قاسم سليماني، وقوة القدس، هم لا يساعدوك، هم فقط يلحقون الضرر، وكل حضورهم نتيجته مشاكل ضرر"
يبدو أن إسرائيل باتت أكثر واقعية وحذر في التعامل مع سوريا وحلفائها، فمن كان يهدد البارحة باغتيال الرئيس الأسد بات اليوم يناشده بإبعاد الإيرانيين عن جبهة الجولان. وبات يدرك أن الحرب مع ايران لا يمكن دون أميركا، في وقت تبدو فيه واشنطن غير مستعدة لفتح جبهة مع محور المقاومة، لأنها تدرك بأن الرد سيطال كافة قواعدها "من اليمن إلى الخليج(الفارسی) وصولاً إلى آذربيجان وتركيا". وهذا ما لا يمكن لأحد أن يتحمله. وهي الرسالة الأولى التي فهمتها إسرائيل عندما اقتصر الرد الأميركي على التنديد بما وصفته واشنطن عدوان على إسرائيل، التي بدت وحيدة في وقت بدى محور المقاومة مجتمعا في تحركاته وقراراته.
رضا الباشا
قائد الثورة الاسلامية : فلسطين ستتحرر من الاعداء وستكون القدس عاصمة لها
اكد الثورة الاسلامیة الاسلامیة آیة الله السید علی الخامنئي بان فلسطین ستتحرر من الاعداء وستكون عاصمتها القدس ولیس بامكان امیركا واذنابها ارتكاب اي حماقة تجاه هذه الحقیقة والسنة الالهیة.
وخلال كلمة له فی جلسة لتلاوة القرآن الكریم بمناسبة بدء شهر رمضان المبارك اعتبر سماحته احدى حاجات الیوم الضروریة للامة الاسلامیة بانها تتمثل في 'التقرب للقرآن والعمل بتعالیمه' واكد بان السبب في المشاكل الراهنة لعالم الاسلام ومنها الظروف الماساویة لفلسطین وجرائم الكیان الصهیونی خاصة خلال الایام الاخیرة یعود الى ابتعاد الامة الاسلامیة عن القرآن وقال، ان القدس هي عاصمة فلسطین وبتوفیق من الله ستتخلص فلسطین من الأعداء، ولیس بامكان امیركا واذنابها ارتكاب اي حماقة تجاه هذه الحقیقة والسنة الالهیة.
واكد قائد الثورة الاسلامیة ضرورة المزید من الاهتمام بالقرآن في جمیع ابعاد الحیاة واشار الى مصائب ومعضلات العالم الاسلامي خاصة ظروف الشعب الفلسطیني واضاف، لقد شهدتم خلال الایام الاخیرة جرائم الكیان الصهیوني الخبیث والمصطنع التي ادت الى استشهاد العشرات وجرح الالاف من الفلسطینیین، وفي مثل هذه الظروف یعاتب البعض انه لماذا لا تتخذ امیركا الموقف في حین ان امیركا والكثیر من الحكومات الغربیة شریكة في ارتكاب هذه الجرائم.
واكد سماحته بانه على الامة الاسلامیة والدول والحكومات الاسلامیة اتخاذ الموقف تجاه هذه الجرائم وقال، ان القرآن یقول لنا بانه على المسلمین ان یكونوا اشداء على اعداء الدین والكفار ورحماء بینهم ولكن الیوم وبسبب الابتعاد عن القرآن نشهد فی عالم الاسلام الحروب والخلافات بین المسلمین والاستسلام امام الكفار.
واكد آیة الله الخامنئي بان العداء للاسلام لا ینتهي واضاف، انه لو اقتربت الامة الاسلامیة من القرآن مثلما جاء في القرآن فانها لاشك ستتغلب على العدو لان هذا وعد الهی.
ودعا سماحته البارئ تعالى بالمغفرة لشهداء فلسطین وكذلك المزید من الصمود للمناضلین في طریق الحق واكد قائلا بان امیركا واذنابها سیمنون بالهزیمة ویضطرون للاستسلام امام هذه السنة الالهیة التي لا تقبل التغییر.
واعتبر قائد الثورة جلسات وتلاوة القرآن الكریم مقدمة للتدبر في القرآن وفهمه والعمل به ودعا الشباب الایراني والثوري لتعزیز الانس والمعرفة بالقرآن یوما بعد یوم لان فهم القرآن والعمل به یمنح القوة والعزة.
وفي ختام المراسم صلى الحاضرون فریضتي المغرب والعشاء بامامة سماحة القائد.
هل يسعى الإتحاد الأوروبي للتحرر من التبعية لواشنطن؟
بينما تعبّر قوى حيوية في المجتمعات الأوروبية عن رفضها لسياسات دونالد ترامب التي تهدّد الاستقرار العالمي وأوروبا، يتعهّد زعماء الإتحاد الأوروبي بحماية مصالح الشركات الأوروبية المعرَّضة لعقوبات أميركية إثر انسحاب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران. لكن ما تواجهه أوروبا يتجاوز رؤية الإتحاد في أرباح بعض الشركات. فهي تجد نفسها في نهاية خط الانحدار أمام الرضوخ لأوامر ترامب أو التمرّد ضد السيطرة الأميركية.
في قمة الإتحاد الأوروبي ودول غرب البلقان في صوفيا، يحاول زعماء الإتحاد طمأنة دول البلقان إلى اعتمادهم على شريك قوي وطمأنة الأوروبيين القلقين من الإذلال الأميركي، إلى أن الاتحاد يملك القدرة على اتخاذ القرار في حماية المصالح الأوروبية من العقوبات الأميركية.
وزير الاقتصاد الفرنسي برونو لومير ينتفض على ما سماه شرطي العالم الاقتصادي، في التنديد بما هو غير مقبول بحسب تعبيره.
وفي السياق يتعهّد رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر بأن المفوضية ستتخذ خطوات حازمة لحماية مصالح الاتحاد الأوروبي وفق تصريحه.
ولعل رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك المشبع بإعجاب رونالد ريغان ومارغريت تاتشر خلال نشاطه مع زعماء الثورة الملوّنة في بولندا، يضطر إلى التعبير عن عمق أزمة الاتحاد الاوروبي في العلاقة مع الادارة الاميركية.
فهو الذي وصل إلى منصبه في رئاسة المجلس متبنياً التبشير بفضائل تعميم خير البشرية عبر السوق والتجارة، يصدمه دونالد ترامب الذي يصفه بالقول "إذا كان لدينا هكذا أصدقاء فما حاجتنا للأعداء؟". لكن على الرغم من إحساسه العميق بالتهديد الأميركي الذي يحدو به للدعوة "إلى أن نكون مستعدين للتصرف بمفردنا"، يؤكد على حماية الرابط بين ضفتي الأطلسي بين الاتحاد الأوروبي والإدارة الاميركية ومن شاب على شيء شاب عليه.
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هو الأكثر قدرة على إخماد نيران القلق بالركون إلى وصفات سحرية خرافية. فهو تعهّد في الانتخابات الرئاسية الفرنسية تطوير وإصلاح الإتحاد الأوروبي مع انجيلا ميركيل لاستعادة الثقة بالاتحاد وطمأنة الأوروبيين إلى أن التهميش الاجتماعي والسياسي الذي فرضه عليهم الاتحاد بحسب النموذج الأميركي كان خللاً عابراً. لكنه خلال سنة من الحكم نفّذ ما همّشته قرارات الاتحاد الأوروبي في المجتمعات الأوروبية طوال ثلاثة عقود.
في إطار أساطير معجزات كوكب المشتري كما يلقّبه الإعلام الفرنسي، يصرّح ماكرون بأن قمة الاتحاد في العاصمة البلغارية قررت دعم الاتفاق النووي مع طهران "بهدف حماية الشركات الأوروبية العاملة في طهران". فهو يراهن على القيام بمعجزة خيالية في توسيع الاتفاق النووي مع إيران وإقناع ترامب بذلك، بحسب تعبيره. ولا تبدو هذه المراهنة قابلة للبحث مع إيران التي تمهل الاتحاد الأوروبي ستين يوماً لاتخاذ قرار بالضمانات المطلوبة ولا تبدو أيضاً قابلة لاقناع ترامب بذلك.
حاول ماكرون إقناع ترامب أثناء زيارته لواشنطن بما سماه خطة العمل الشامل. وذلك في التفاوض على استمرار وقف التخصيب بعد العام 2025 وعلى القدرة البالستية وعلى السياسة الخاجية. لكن ترامب لم يعر ماكرون أذناً ولا اهتم في الإجابة على تصوراته. وفي المقابل حاول الاتحاد الاوروبي البحث في بروكسيل مع وزير الخارجية الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف بما يتعدّى الضمانات الأوروبية.
لكن إيران تنتظر أجوبة محددة على التزام أوروبا بشروط الاتفاق بمنأى عن الإدارة الأميركية وهو ما لم يقدمه الاتحاد الأوروبي من الضمانات العملية سوى الإعلان عن الالتزام.
يأمل الاتحاد الأوروبي أن يسمح له ترامب ببعض الإعفاءات للمحافظة على مصالح الشركات الأوروبية، ولا يتجرأ بخوض مغامرة الخروج عن طوع ترامب في تقديم ضمانات لإيران تتحدى الأوامر الأميركية. فالاتحاد يخشى رد الفعل الأميركي تجاه عجز الميزان التجاري لمصلحة دول الاتحاد بمقدار 566 مليار دولار. لكن ترامب يهدّد الاتحاد الأوروبي باستمرار بأن يتحوّل العجز إلى حرب تجارية مع أوروبا، كما صرّح على هامش منتدى دافوس الاقتصادي. ولم يقبل باعفاء الصلب والألمنيوم من الرسوم العقابية، مقابل زيادة استيراد الغاز الاميركي المسال المرتفع الثمن بحسب اقتراح المفوضية الأوروبية.
الإتحاد الأوروبي تهدّده أزمة التبعية للولايات المتحدة في السياسات الخارجية والدفاعية والنموذج الاقتصادي. وهو قادر على التصرّف للتحرر من التبعية كما صرحّ دونالد توسك "بمزيد من الوحدة السياسية والتصميم" وهو ما تفتقده أوروبا في بناء الاتحاد الاوروبي الذي يقتصر على السوق التجارية والعملة الموحّدة. والدليل على ذلك أن ترامب يهدّد الصين بذريعة خسارة الميزان التجاري الأميركي مع بكين بما يعادل العجز التجاري الأميركي مع دول الاتحاد. لكن الشركة الوطنية الصينية للنفط تعلن أنها ستحل محل شركة توتال الفرنسية في حقل فارس إذا انسحبت من إيران.
نص البيان الختامي لقمة إسطنبول الإسلامية بشأن التطورات في فلسطين
فيما يلي نص البيان الختامي لقمة منظمة التعاون الإسلامي الطارئة، بشأن التطورات في فلسطين، والتي عقدت اليوم الجمعة في مدينة إسطنبول، بدعوة من الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان:
"نحن، ملوك ورؤساء دول وحكومات الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي، المجتمعين في إطار القمة الإسلامية الاستثنائية السابعة، المعقودة في إسطنبول بالجمهورية التركية في اليوم الثالث من شهر رمضان المبارك لعام 1439 هـ (الموافق 18 مايو 2018)، تلبية لدعوة من رئيس تركيا، فخامة السيد رجب طيب أردوغان، رئيس الدورة الثالثة عشرة لمؤتمر القمة الإسلامي، رداً على التطورات الخطيرة في دولة فلسطين جرّاء استمرار العدوان الإسرائيلي الوحشي على الشعب الفلسطيني والافتتاح غير القانوني للسفارة الأمريكية في القدس ؛
بعد أن استعرضنا الوضع المقلق والتوترات المتزايدة في أرض دولة فلسطين المحتلة ؛
وإذ نعرب عن تقديرنا العميق لفخامة الرئيس رجب طيب أردوغان لمبادرته بالدعوة لهذه القمة واستضافتها حول قضية تكتسي أهميةً بالغةً للأمة؛
وإذ نشيد بالقرارات حول قضية فلسطين والقدس الشريف، عاصمة دولة فلسطين، الصادرة عن مجلس وزراء الخارجية في دورته الخامسة والأربعين التي عُقدت يومي 5 و6 مايو 2018 في دكا؛
وإذ نرحب بالقرارات المتعلقة بفلسطين والقدس الشريف التي اعتمدتها القمة العربية التاسعة والعشرون التي عُقدت في الظهران، ونعرب عن تقديرنا لخادم الحرمين الشريفين، الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود، لتسميتها "قمة القدس"؛
وإذ نؤكد أن المهمة المركزية لمنظمة التعاون الإسلامي وغاية وجودها تتمثلان في حماية مدينة القدس الشريف وصون طابعها التاريخي ووضعها القانوني ومكانتها الروحية واتخاذ جميع التدابير اللازمة لوضع حد للانتهاكات التي ترتكبها إسرائيل وأي طرف يدعم هذا النظام وسياساته الاستعمارية والعنصرية ؛
وانطلاقاً من المسؤولية التاريخية والأخلاقية والقانونية الملقاة على عاتق الأمة الإسلامية ومن واجب التضامن الكامل مع فلسطين وشعبها؛
1- ندين بأشد العبارات الأعمال الإجرامية للقوات الإسرائيلية بحق الشعب الفلسطيني في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولا سيما في قطاع غزة حيث يمارس المدنيون الفلسطينيون العزّل حقهم المشروع في الاحتجاج على هذا الاحتلال غير الإنساني وغير القانوني على الإطلاق؛ ونحمّل إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، المسؤولية الكاملة عن الفظاعات التي ترتكبها في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولاسيما آخر فصولها التي وقعت يوم 14 مايو، والمتمثل في القتل المتعمد لما لا يقل عن 60 مدنياً وإصابة ما يقرب من 2700 آخرين.
2- نعلن أن هذه الأعمال تشكل جرائم وحشية تقترفها قوات الاحتلال الإسرائيلي بدعم من الإدارة الأمريكية الذي يتخذ أشكالاً منها حماية الاحتلال الإسرائيلي من المساءلة في مجلس الأمن الدولي؛ ونلاحظ أيضاً أن هذه الجرائم تأتي في أعقاب قرار الإدارة الأمريكية غير القانوني نقل سفارتها رسمياً من إسرائيل إلى مدينة القدس المحتلة، مما شجع الحكومة الإسرائيلية على التمادي في سلوكها الأرعن تجاه المدنيين الفلسطينيين.
3- ندعو المجتمع الدولي، ولاسيما مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، إلى الوفاء بالتزاماته القانونية في الدفاع عن القانون والنظام الدوليين فيما يتعلق بفلسطين، والعمل وفقاً لالتزامه القانوني والأخلاقي لضمان المساءلة عن هذه الجرائم التي ترتكبها إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، دون رادع أو عقاب، ووضع حد لهذه الأعمال الهمجية، وتوفير الحماية الدولية لأبناء الشعب الفلسطيني.
4- ندعو إلى توفير الحماية الدولية للسكان الفلسطينيين من خلال إجراءات منها إيفاد قوة دولية للحماية.
5- نطلب من الأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي العمل فوراً على إنشاء لجنة خبراء دولية مستقلة للتحقيق في الجرائم والمجازر التي ترتكبها القوات الإسرائيلية ضد المتظاهرين السلميين العزل في قطاع غزة لإثبات إدانة المسؤولين الإسرائيليين وإبلاغ نتائج ذلك إلى الهيئات الدولية ذات الصلة.
6- نطالب مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة والأمين العام للأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان والمقررين الخاصين والمفوض السامي لحقوق الإنسان باتخاذ التدابير اللازمة لتشكيل لجنة دولية للتحقيق في الفظاعات التي ارتكبت في قطاع غزة في الآونة الأخيرة، وتمكين هذه اللجنة من الشروع في إجراء تحقيق ميداني وفق إطار زمني محدد، وضمان وضع آلية واضحة لتحديد مدى تورط المسؤولين الإسرائيليين وتحقيق العدالة للضحايا، ووضع حد لإفلات مرتكبي الجرائم من العقاب.
7- نهيب بمجلس الأمن الدولي والجمعية العامة ومجلس حقوق الإنسان تحمل مسؤولياتهم في هذا الصدد، وندعو جميع الدول إلى حشد جهودها من أجل إدراج هذه المسألة على جدول أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان على نحو عاجل.
8- نشيد بدور دولة الكويت كعضو غير دائم في مجلس الأمن الدولي وبردة فعلها الفورية على الأحداث الدامية في غزة وطلبها من مجلس الأمن الدولي عقد اجتماعٍ عاجلٍ يوم 15 مايو 2018، ونرحب بالخطوات الكويتية باقتراح مشروع قرار بشأن حماية المدنيين، ونعرب عن الأسف لقيام الولايات المتحدة الأمريكية بعرقلة إصدار البيان الصحفي حول تلك الأحداث المؤسفة.
9- نؤكد ضرورة التنسيق والعمل مع المنظمات الإقليمية والدولية، بما فيها جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي، بخصوص هذه المسألة.
10- نؤكد مجدداً على الأهمية المركزية للقضية الفلسطينية ولوضع القدس الشريف بالنسبة للأمة الإسلامية؛ ونجدد دعمنا المبدئي للشعب الفلسطيني في سعيه إلى نيل حقوقه الوطنية غير القابلة للتصرف، بما في ذلك حقه في تقرير مصيره وإقامة دولته الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على حدود 4 يونيو 1967، وعاصمتها القدس الشريف؛ وندعو جميع الدول إلى الاعتراف رسمياً بدولة فلسطين.
11- نؤكد مجدداً رفضنا للقرار غير القانوني الذي اتخذه رئيس الولايات المتحدة بالاعتراف بالقدس عاصمةً مزعومةً لإسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال؛ ونرفضه باعتباره قراراً باطلاً ولاغياً وانتهاكا لقرارات الشرعية الدولية؛ ونعتبره اعتداءً على الحقوق التاريخية والقانونية والطبيعية والوطنية للشعب الفلسطيني، ومحاولةً متعمدةً لتقويض جميع فرص السلام وتهديداً للسلم والأمن الدوليين.
ندين افتتاح السفارة الأمريكية في القدس، ونعتبره عملاً استفزازياً وعدائياً موجهاً ضد الأمة الإسلامية وضد الحقوق الوطنية الفلسطينية وانتهاكا صارخا للقانون الدولي، فضلاً عن أنه اعتداء على النظام الدولي، بما في ذلك الأمم المتحدة، مما يشجع إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، على زيادة تصعيد أعمالها غير القانونية والإجرامية ضد الشعب الفلسطيني.
12- نؤكد مجدداً موقفنا بأن القدس ستظل العاصمة الأبدية لفلسطين، وأن افتتاح السفارة الأمريكية في القدس لا يغير الوضع القانوني للمدينة المحتلة ولا يضفي أي شرعية على ضمها غير القانوني من جانب إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال.
13- نؤكد دعم الوصاية الهاشمية التاريخية التي يتولاها جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين على الأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية في القدس، والتي أكد عليها الاتفاق الموقع بين جلالة الملك عبد الله الثاني وفخامة الرئيس محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، بتاريخ 31 مارس2013، وعلى دعم ومؤازرة دور إدارة أوقاف القدس والمسجد الأقصى الأردنية في الحفاظ على الحرم القدسي والذود عنه.
14- نشيد بالجهود المتواصلة التي يبذلها جلالة الملك محمد السادس، ملك المملكة المغربية ورئيس لجنة القدس، في الدفاع عن المدينة المقدسة ودعم صمود الشعب الفلسطيني، وننوه بالجهود التي تبذلها وكالة بيت مال القدس التابعة للجنة القدس.
15- نعتبر أن أي دولة تحذو حذو الإدارة الأمريكية فيما أقدمت عليه أو تقبل به أو تغضّ الطرف عنه أو عن أي خطوة مماثلة تتخذها دول أخرى، نعتبرها دولةً متواطئةً تستهدف تقويض القانون والنظام الدوليين؛ ونعرب عن عزمنا على التصدي لهذه الأعمال المشينة باتخاذ التدابير المناسبة؛ ونقرر اتخاذ جميع الخطوات اللازمة لمنع الدول الأخرى من الاقتداء بالخطوة الأمريكية غير القانونية بنقل سفاراتها إلى القدس؛ وندين في هذا الصدد نقل غواتيمالا سفارتها إلى القدس، ونعتزم اتخاذ الإجراءات السياسية والاقتصادية وغيرها من الإجراءات المناسبة في حق البلدان التي تعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو تنقل سفاراتها إليها.
نكلف الأمانة العامة بإعداد توصيات بشأن الإجراءات المناسبة التي يمكن تطبيقها في هذا الصدد.
16- ندعو جميع الدول الأعضاء إلى إدانة هذا الإجراء علانية، وسلكِ كل السبل القانونية والديبلوماسية المتاحة للدفاع عن الحقوق الوطنية الفلسطينية إزاء جميع الأعمال العدائية وغير القانونية التي تقوم بها الولايات المتحدة أو أي طرف آخر، وتأييد القرارات التي اتخذتها القيادة الفلسطينية في الآونة الأخيرة بهدف تعزيز الحقوق الفلسطينية.
17- نؤكد أن البلدان التي تترشح لوظائف دولية وتلتمس دعم منظمة التعاون الإسلامي لترشيحها سيتم تقييمها على أساس مواقفها من قضية فلسطين، ومن القدس على وجه الخصوص.
18- نشدد على ضرورة تجاوب الدول الأعضاء في منظمة التعاون الإسلامي مع قرارات المنظمة بشأن القضية الفلسطينية، والالتزام بالتصويت لصالحها واتخاذ الإجراءات التي تسهم في الدفاع عن هذه القضية العادلة، وندعو إلى اتخاذ الإجراءات الضرورية ضد من يخالف هذا الأمر.
19- نطلب من الدول الأعضاء والأمانة العامة لمنظمة التعاون الإسلامي وأجهزتها المتفرعة ومؤسساتها المتخصصة والمنتمية اتخاذ التدابير اللازمة لتطبيق القيود الاقتصادية على البلدان أو المسؤولين أو البرلمانات أو الشركات أو الأفراد الذين يعترفون بضم القدس من طرف إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، ويحذون حذو الإدارة الأمريكية في قرارها نقل سفارتها إلى القدس الشريف، أو من يتعاملون مع أي تدابير تتعلق بتكريس الاستعمار الإسرائيلي للأرض الفلسطينية المحتلة.
20- ندعو الدول الأعضاء والمجتمع الدولي الأوسع نطاقاً إلى حظر دخول منتجات المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية إلى أسواقها، واتخاذ تدابير ضد الأفراد والكيانات المتورطة أو المستفيدة من استمرار الاحتلال ونظام الاستيطان.
21- نقرر اتخاذ جميع الإجراءات المتاحة وسلك جميع السبل السياسية والقانونية والديبلوماسية للدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وتطلعاته المشروعة إزاء نظام الاحتلال والعدوان الإسرائيلي المتجذر وإزاء الدول التي تدافع عن هذا النظام القمعي وترعاه.
22- ندعو الولايات المتحدة إلى الالتزام بقرارات الشرعية الدولية بشأن مدينة القدس التي تعد جزءاً لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967، وندعوها إلى حمل إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، على وقف مخططاتها الاستعمارية وانتهاكاتها الخطيرة التي تشكل تهديداً للسلم والأمن في المنطقة والعالم.
23- نحث الولايات المتحدة الأمريكية على الوقوف ضد الاحتلال والاستعمار الإسرائيلي، وأن تتحلى بالحياد في السعي لتحقيق السلام الشامل استنادا إلى قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، وقواعد القانون الدولي، ومرجعيات عملية السلام، ومبادرة السلام العربية، ومبدأ حل الدولتين، ودوما في إطار جهود جماعية متعددة الأطراف.
24- نؤكد مجدداً التزامنا بجميع القرارات الصادرة عن دورات مؤتمر القمة الإسلامي العادية والاستثنائية بشأن قضية فلسطين ومدينة القدس الشريف، ولاسيما القمة الاستثنائية الخامسة التي عُقدت يوم 6 مارس 2016 في جاكرتا، والقمة الإسلامية الاستثنائية حول القدس الشريف التي عُقدت يوم 13 ديسمبر 2017 في إسطنبول بتركيا؛ وندعو الدول الأعضاء إلى مراعاة هذه القرارات في خطاباتها اليومية وأجنداتها المتعلقة بالسياسة الخارجية، لاسيما في تعاملها مع نظرائها في مناطق أخرى من العالم وفي المنظمات الدولية.
25- نؤكد مجدداً عزمنا على مواصلة العمل وفق القانون الدولي والتعاون مع الدول التي تشاركنا قيمنا للدفاع عن القانون والنظام الدوليين، ونعيد التأكيد على التزامنا الثابت بحل الدولتين، لكونه الحل الدولي الوحيد المقبول في سياق تقرير المصير والقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة الحالية، وفقاً للمرجعيات الدولية ومبادرة السلام العربية لعام 2002 التي أقرتها القمة الإسلامية الاستثنائية في مكة المكرمة عام 2005؛ ونؤيد في هذا الصدد المبادرة السياسية الفلسطينية كما عرضها فخامة السيد محمود عباس، رئيس دولة فلسطين، أمام مجلس الأمن الدولي في 20 فبراير 2018.
26- نؤكد عزمنا على تخصيص جميع الموارد اللازمة للتصدي لأي محاولات تستهدف تغيير الهُوية الإسلامية والمسيحية لمدينة القدس الشريف أو تزوير تاريخها، بما في ذلك من خلال العمل سوية مع اليونسكو التي صنفت مدينة القدس القديمة وأسوارها ضمن التراث العالمي؛ ونندد في هذا الصدد باستمرار الاحتلال الإسرائيلي الرامي إلى تغيير الوضع التاريخي القائم للحرم القدسي الشريف والمواقع الدينية والمقدسة الأخرى في مدينة القدس، بما في ذلك أعمال المداهمة المتواصلة التي تقوم بها قوات الاحتلال الإسرائيلي وسماحها لمجموعات المستوطنين الإرهابيين بتدنيس باحة المسجد الأقصى بشكل يومي.
27- ندعو إلى تنفيذ القرارات السابقة المتعلقة بتمويل الخطة الإستراتيجية متعددة القطاعات الخاصة بالقدس، باعتبارها إطاراً لتحديد أولويات التمويل الإسلامي المتعلق بمدينة القدس الشريف؛ وندعو كذلك الدول الأعضاء إلى دعم احتياجات القدس الشريف ومؤسساتها وأهاليها وفقاً للخطة الاستراتيجية المنقحة للفترة (2018-2022) ودعم المشاريع المدرجة فيها، بما في ذلك على وجه الخصوص دعم قطاع التعليم، ونكلف الأمانة العامة بمتابعة تنفيذ هذه الخطة بالتنسيق مع دولة فلسطين.
28- نؤكد على الأهمية الخاصة لوكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا)، التي تقدم خدمات حيوية لأكثر من 5.3 مليون لاجئ فلسطيني؛ ونحث الدول الأعضاء على زيادة دعمها لمبادرات الأونروا حفاظاً على ميزانيتها المستدامة.
29- نرحب بإنشاء الصندوق الوقفي الإنمائي، وفق ما خلُصت إليه الدراسة الأولية التي قدمها البنك الإسلامي للتنمية، باعتباره أداةً لزيادة الدعم للاجئين الفلسطينيين والدول المستضيفة لهم، ولتعزيز الدعم الجماعي المقدم من الدول الأعضاء، ولضمان التمويل المستدام لعمليات الأونروا في مجال الإغاثة الإنسانية والتنمية والحماية الاجتماعية؛ ونحث الدول الأعضاء على تسريع وتيرة تفعيل صندوق الوقف الإنمائي.
30- نؤكد مجدداً موقفنا الداعم لحق اللاجئين الفلسطينيين غير القابل للتصرف في العودة إلى ديارهم، وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194؛ ونؤكد أيضاً على ضرورة الاعتراف بجرائم التطهير العرقي والقتل المرتكَبة ضد الشعب الفلسطيني خلال النكبة التي حدثت منذ سبعين سنة، وذلك كخطوة أولى ضرورية لتحقيق العدالة والسلام."