
Super User
لماذا يريد الغرب منع السوريين من العودة؟
عانى السوريون من الحرب الدائرة في وطنهم ما لم يُعانه شعب من الشعوب، فبالإضافة إلى الدمار والقتل والفظائع التي حلّت بهم، وانخراط 86 دولة عسكرياً على أرضهم، تشرّدوا في بقاع الأرض ونزحوا داخلياً وإلى دول الجوار وأوروبا، وقضى منهم مَن قضى في البحر المتوسّط غرقاً أو إغراقاً. وكأن كل ما حصل لم يكفِ، فتظهر اليوم على السطح وبعد مؤتمر بروكسل 2، قضية استغلال المأساة السورية سياسياً، وهي ككل القضايا المُشابهة حيث تتداخل قضايا النزوح والتهجير الإنسانية بشكل عام مع القضايا السياسية في أية قضية تهجير سكاني ونزوح قسري بسبب الحروب، سواء كان التهجير داخلياً أو إلى خارج البلد المعني.
كان مؤتمر بروكسل 2 حول النازحين السوريين الذي دعت إليه الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي علامة فارقة في ملف النزوح السوري سواء الداخلي (داخل سوريا) أو خارجها، وحين نقول علامة فارقة فإننا لا نشير الى النتائج التي انبثق عنها وهي بمجملها اقرار مساعدات مادية بدون حلول جدية؛ بل إلى الملاحظات التي وُجّهت إليه، والتساؤلات والهواجس المشروعة التي طرحها هذا المؤتمر وما تلاه من بيان مشترك أصدرته الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، ولعلّ أبرزها ما يلي:
- أولاً إن عدم دعوة الدولة السورية إلى المؤتمر، يُشير إلى حدٍ بعيد إلى أن الجهات الداعِمة ليست جدّية في إنتاج حلول لوضع اللاجئين السوريين سواء في الداخل السوري أو خارجه. من المعروف والطبيعي أن تقوم الجهات المانِحة بالتنسيق مع الدولة السورية لتأمين وصول المساعدات إلى السوريين المُهجرّين داخلياً، خاصة أولئك الذي يعيشون في المناطق التي تسيطر عليها الدولة السورية، ويُقدّر عددهم بالملايين.
إن التذرّع بالأسباب السياسية لعدم دعوة الحكومة السورية للتنسيق معها في ما يخصّ المساعدات، يدفع إلى الشكّ بنوايا الجهات المانِحة خاصة وأن حاجة الأمم المتحدة لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين لها، حتّم عليها في وقتٍ سابق التعامُل مع قوى الأمر الواقع في الجنوب السوري المُسيطر عليه من قِبَل المسلحين، وتكليفهم بإيصال المساعدات إلى النازحين السوريين تحت سيطرتهم. عِلماً أن التقارير الدولية ومنها تقرير دولي في شباط الماضي بعنوان "أصوات من سوريا 2018" أكدّ أن استغلالاً جنسياً للنساء السوريات حصل بشكلٍ واسعٍ في الجنوب السوري ، حيث كانت تتم مقايضة المساعدات بالخدمات الجنسية. ورغم التحذيرات من سوء المعاملة التي أطلقتها المنظمات العامِلة في مجال الإغاثة منذ نحو 3 سنوات، فقد أشار عدد من العمال الإنسانيين إلى أن بعض الوكالات الإنسانية تغضّ النظر عن الاستغلال ، لاعتقادها بأن استخدام أطراف ثالثة ومسؤولين محليين يبقى الطريقة الوحيدة لإيصال المساعدات.
ثانياً: إن البيان المُشترك الصادر عن الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي عقب مؤتمر بروكسل، والذي أثار حفيظة اللبنانيين، وبالرغم من التوضيحات الأوروبية والأممية التي صدرت في ما بعد، يشير بما لا يقبل الشكّ أن هناك أهدافاً سياسية وانتخابية وراء إبقاء النازحين السوريين خارج سوريا ، ورفض المفوضية العليا للاجئين لخيار النازحين السوريين بالعودة الطوعية، وهو ما تجلّى في البيان الذي أصدرته بعد مغادرة 499 شخصاً من قرية شبعا اللبنانية إلى بيت جن السورية.
لا شكّ إن تجربة اقتراع اللبنانيين في الخارج، والتي كشفت عن تراجُع من قِبَل اللبنانيين الداعمين لحزب الله عن التصويت في العديد من دول الانتشار، وذلك خوفاً من تضييق قد يشهدونه في بعض الدول الغربية، أو طردٍ من الدول الخليجية، قد يُعطينا فكرة عما ينتظر السوريين الناخبين في الخارج الذين يودّون الاقتراع لصالح الرئيس السوري بشّار الأسد في الانتخابات الرئاسية المقبلة في 2021، فيما لو بقيوا خارج البلاد إلى تلك الفترة. وهذا يعني أن الدول الغربية تريد إبقاء النازحين السوريين خارج سوريا، وستحاول منع عودتهم قبل الانتخابات الرئاسية السورية القادمة للتأثير على نتائجها، وهو ما تمّت الإشارة إليه ( في البيان المشترك) برفض عودة اللاجئين قبل الحل السياسي الشامل.
انطلاقاً مما سبق، يبدو أمام كل من لبنان وسوريا والأردن تحديات كبرى ، تتجلّى في منع القدرات السورية البشرية من المساهمة في إعادة إعمار بلادها، ومنع الحياة الطبيعية من أن تعود إلى المدن والقرى السورية التي انتهت فيها الحرب، بالإضافة إلى محاولة فرض تغيير ديمغرافي في كلٍ من البلدان الثلاثة، ما يُعزّز من إمكانيات الفوضى وعدم الاستقرار. من هنا، باتت مسألة عودة النازحين السوريين مسألة أمن قومي سوري لبناني أردني مشترك، يجب على الدول الثلاث التعاون لحلّ هذه المسألة الإنسانية تحقيقاً لكرامة النازحين، وعودتهم الكريمة إلى أرضهم، وقطعاً لأية إمكانية لاستغلال هذا الموضوع الإنساني سياسياً وانتخابياً في المستقبل.
ليلى نقولا أستاذة العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية
خطاب الإمام الخامنئي في لقاء العمّال بمناسبة يوم العمل والعمّال
خطاب قائد الثورة الإسلاميّة الإمام الخامنئي في لقاء العمّال بمناسبة يوم العمل والعمّال (1) 30/4/2018
بسم الله الرّحمن الرّحيم
والحمد لله ربّ العالمين والصّلاة والسّلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفی محمّد وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين لا سيّما بقيّة الله في الأرضين.
أرحّب بكم كثيراً أعزّائي؛ لقد نوّرتم أجواء حسينيّتنا بحضوركم الصادق، الإيماني، الثوري، وبكلماتكم وما أدليتم به، وأذقتمونا طعم اللقاء الحلو بجمع عظيم من الطبقة الكادحة المؤمنة المضحيّة. حقّاً، إنّ شريحة عمّالنا --كما تمّت الإشارة إليه [من قبل المتكلّمين]، وذكرت ذلك مراراً- هي شريحة مخلصة، مؤمنة، صادقة، كادحة، ليس في المصنع فقط، [بل] في أجواء الثورة من أجل أصل الثورة، والدفاع عن الثورة، وفي فترة الحرب المفروضة.
اعرفوا قيمة الأمل وحافظوا عليه في قلوبكم!
إنّنا اليوم على مقربة من النصف من شعبان. سأتكلّم ببضع كلمات حول هذا العيد، وهي أنّ النصف من شعبان هو مظهر الأمل بالمستقبل؛ أي إنّ كلّ الآمال التي نعلّقها على شيء، قد تتحقّق وقد لا تتحقّق؛ أمّا الأمل بالإصلاح النهائي على يدي الوليّ المطلق للحقّ تعالى، صاحب الزمان (عجّل الله تعالى فرجه وأرواحنا له الفداء) فهو أمل لا يقبل الخلف.
السلام عليك يا وعد الله الذي ضمنه(2)؛ السلام عليك أيّها العَلَم المنصوب والعلم المصبوب والغوث والرحمة الواسعة وعداً غير مكذوب(3) هذا هو وعد الله الذي لا يقبل الخلف. لسنا وحدنا نحن الشيعة من نقول بهذا، ولسنا وحدنا نحن المسلمين من نقول بهذا، بل جميع أديان العالم تنتظر مثل ذلك اليوم. ميزتنا أنّنا نعرف الشخص، نحسّ بوجوده، نسلّم بحضوره، نتكلّم معه، نخاطبه، نطلب منه ويجيبنا؛ هذا ما يميّزنا عن الآخرين. الآخرون -المسلمون غير الشيعة، والمتديّنون من غير المسلمين- يؤمنون بشيء مبهم؛ [أمّا] نحن الشيعة؛ فواضح ومعلوم ما نريد، مع من نتكلّم؛ [النصف من شعبان] يوم الأمل. أعزائي، أيّها الشباب الأعزّاء، العمّال الأعزّاء! فلتعرفوا قيمة الأمل؛ ولتحافظوا على الأمل في قلوبكم؛ الأمل بتغيير وجه الدنيا المظلم والمعتم والمعيوب، المحكوم اليوم لسلطة القوى الكبرى. اعلموا وثقوا بأنّ هذا الوضع سيتغيّر، ثقوا بأنّ جوّ الظلم والجور هذا الذي تشاهدونه اليوم في العالم، من الاستبداد، والافتراء، والخبث والرذيلة -ومظهره الأتمّ رؤساء أميركا والكيان الصهيوني- سيتغيّر من دون أدنى شكّ؛ هذا هو الأمل الذي لدينا. علينا أن نساعد، ونطلب من الله ونسعى أنفسنا من أجل تقريب ذلك اليوم إن شاء الله تعالى.
شعبان شهرُ الفرص
هناك مسألة أخرى أيضاً حول شهر شعبان؛ لا ينبغي الغفلة عن شهر شعبان. فشهر شعبان من أوّله إلى آخره عيد، كشهر رمضان المبارك الذي هو أيضاً عيد من أوّله إلى آخره، عيد أولياء الله. فكلّ يوم له موقعيّة ومكانة يمكن للإنسان فيه أن يشتغل على صفاء نفسه ونورانية قلبه، فهو يوم مغتنم ويوم عيد. شهر شعبان من أوّله إلى آخره شهر هذه الفرص.
الاستغفار في هذا الشهر، والدعاء، والزيارة، والتضرّع، وقراءة القرآن، والصلاة، كلّها فرص. إنّنا من أجل إعمار دنيانا علينا بذل كلّ جهودنا، ولا شكّ في ذلك، أمّا من أجل إعمار قلوبنا، فعلينا أيضاً أن نسعى؛ علينا أن نعمّر قلوبنا. فبالقلب العامر يمكن خلق دنيا جيّدة؛ إن لم يكن القلب عامراً، وكان ملوّثاً، ومظلماً وعاصياً، فيمكن أن يتقدّم بالتكنولوجيا، وإيصال التقانة إلى ما وصلت إليه اليوم وأكثر من ذلك، لكنّ الدنيا لا تكون دنيا عذبة وجميلة؛ [بل] دنيا مرّة، تفتقد إلى العدالة؛ تصبح الدينا حلوة وعذبة عندما تكون قلوب صنّاع القرار، والمبادرين، والمحرّكين، وإن أمكن عامّة الناس، صالحة وعامرة، ونيّرة. فلا تغفلُنّ عن شهر شعبان.
الطاقات الإنسانيّة؛ أعظم الثروات
سأتطرّق في حديثي [اليوم] إلى جملة أمور حول مسألة العمالة والعمل؛ وسأتكلّم قليلاً عن المشاكل العالميّة التي تواجهنا. فيما يتعلّق بقضايا العمل، [أقول] إنّ الطاقات الإنسانيّة هي واحدة من أعظم الثروات لكلّ بلد؛ أي إنّ وجود العامل، المصمّم، المهندس، الفعّال والنشيط من أجل الإنتاج في كلّ مجال من المجالات في البلد، قيمته بالنسبة للبلد، أعظم بدرجات من الثروات الجوفيّة ومن الذهب والنفط والألماس وأمثالها؛ وإنّ الذي يمكنه أن يعمّر البلد هو هذه [الطاقة الإنسانيّة]. لاحظوا الآن، هناك بلدان في العالم، يستخرج منها كلّ أو معظم ألماس العالم، لكنّها نفسها تعيش الفقر والتعاسة؛ لِم؟ لأنّها لا تمتلك الطاقات الإنسانيّة الكافية، والطاقات الإنسانيّة الفعّالة، والطاقات الإنسانيّة المفكّرة. الطاقة الإنسانيّة هي أعظم ثروة بالنسبة لبلد ما، وأنتم العمّال، والخالقون لفرص العمل، المهندسون، المصمّمون، الفعّالون في مجالات العمل المختلفة تشكّلون الطاقة الإنسانيّة. هذه هي القيمة الكبرى للطاقات الإنسانيّة، وشريحة العمّال تمثّل واحدة من هذه القيم الكبرى والثروات العظيمة.
يجب تقبيل أيديكم!
إنّ جهد عمّالنا هو جهد يفوق المتعارف والمعدّل الوسطيّ في العالم من حيث القيمة الخلّاقيّة. لقد قلت ذلك مراراً فيما يتعلّق بالمجالات المختلفة، فيما يتعلّق بالطلبة الجامعيّين، فيما يتعلّق بالمحقّقين والباحثين، ومن ثمّ حين تجري الدراسات والتحقيقات، تؤكّد كلّها هذا الأمر؛ هذا ما أؤمن به أيضاً فيما يتعلّق بالعمّال. العامل الإيراني واحد من أهمّ العمّال في العالم، أي إنّ يده الماهرة والرشيقة وفكره ودافعه الراقي أعلى من المعدّل العالمي. هذا والحال أنّه في عهد القمع، [أي] في العهد البهلوي الظالم، وقبله في العهد القاجاري فترة الغفلة والنوم الدائم، لم يكن يجري الاهتمام بالعمل والعمالة وشريحة العمّال والإنتاج والمسائل الوطنيّة؛ بالطبع، المسألة في العهد القاجاري سببها الحماقة والتخلّف الفكري، وفي العهد البهلوي سببها الخيانة. في الوقت نفسه، في عهد الثورة عندما تحرّكت قوة العمل والعمالة وانبعث فيها نشاط جديد، وتقدّمت من حيث الكمّيّة والنوعيّة، نرى أنّ معدّل القدرات والامتيازات لدى العامل الإيراني يفوق المعدّل العالمي.
أُقيم أمس هنا معرض مصغّر للمنتوجات الوطنيّة لأراه(4). فأتيت وتفقّدته لساعات، ورأيت أعمالكم. واقعاً، علينا تقبيل يد العامل الإيراني القديرة. يجب تقبيل أيديكم! هذا الإنتاج الوطني المهمّ من حيث الجودة، مع كلّ هذه المشاكل التي نعانيها، مع كلّ الحظر على الموادّ الأوّليّة الذي يفرضونه، والحظر على الآلات المتطوّرة، والمشاكل المختلفة التي يسبّبها لنا مستكبرو العالم؛ وفي الوقت نفسه، عندما ينظر الإنسان إلى هذا المنتج، يتعجّب لتميّزه وجودته! كلّ شيء [كان موجوداً]! لقد جاءت عشرات الشركات البارحة إلى هنا وعرضت منتجاتها -وهي أعمالكم نفسها وصنع أيديكم- لأراها؛ بدءاً من الأقمشة والألبسة والأدوات المنزليّة والزجاج والكريستال إلى الدواء وأدوات الزينة والأدوات الكهربائيّة والبرّادات، إلى الأدوات المكتبيّة والقرطاسيّة، وقد كانت كلّها ذات جودة وممتازة. فعلاً، إنّ الإنسان لينحني إجلالاً أمام القوى العاملة الوطنيّة! عندما أتكلّم عن دعم البضائع الإيرانيّة، لا يؤمن البعض بهذا الأمر، أو لا يصدّق، أو لا يعمل! حسناً، إنّ دعم البضائع الإيرانيّة يعني دعم هذا العامل، يعني دعم طاقات العمل، يعني دعم الإنتاج! هذ الدعم شامل ومتعدّد الجوانب؛ على الشعب أن يدعم، وعلى الدولة أن تدعم؛ على الجميع أن يدعم.
ليصمّم الجميع على دعم المنتجات الإيرانيّة!
كانوا يطرحون مشاكل مرتبطة بخالق فرص العمل، وبالعامل؛ مشكلة الضمان، مشكلة نقص الإمكانات، مشكلة النقد والسيولة، مشكلة الضرائب، مشاكل من ناحية البنوك، مشاكل من ناحية وزارة الاقتصاد، ومشاكل من نواحي مختلفة؛ ينبغي إزالة هذه المشاكل، والعمل بشكل حاسم وتامّ من أجل رفعها. عندما تُزال المشاكل، ويتمّ دعم المنتج الإيراني، وتُقدّر قيمة العامل الإيراني، عندها لن نشاهد بعد مصنعاً يقول "إنّني أعمل بثلث القدرة الإنتاجيّة". أمس كان البعض يقول: لدينا هذا الحجم من الإمكانيّات، وإنّنا نعمل بهذا الحجم: بثلث القدرة الإنتاجيّة، ونصفها. حسناً لماذا؟ أين عمّال هذين الثلثين الآخرين؟ هذا يتحوّل إلى بطالة متراكمة داخل البلاد. ما نطالب به من "دعم المنتجات الإيرانيّة" يعني أن نخلق فرص العمل، ونوجد فرص العمل؛ يعني أن لا يكون لدينا عامل من دون عمل؛ يعني أن لا يفكّر الشابّ المتعلّم عندنا بأن يعمل فقط في الدوائر الإداريّة؛ وليعلم أنّه يمكنه العمل بحسب شأنه في المجالات المختلفة. هذا ما سيحصل إذا ما تمّ دعم المنتجات الإيرانيّة. لماذا يصرّ البعض على أن يصبّ أمواله في جيوب الشركات الأجنبيّة؟ ما هذا المرض الذي نعاني منه وهو أنّه يجب استهلاك البضائع الأجنبيّة؟ أحياناً لا يكون لدينا منتج إيرانيّ مشابه للمنتجات الأجنبيّة، حسناً، لا نقاش في ذلك؛ توجد بعض المنتجات التي لا يطابق إنتاجها في الداخل المواصفات، ولا فائدة منها؛ [أي] لا يوجد [من حيث الجودة] منتج مشابه لها في الداخل. لا بأس بذلك! [لكن عندما] يوجد في الداخل، ويُنتج، وبعضها من حيث الجودة مشابه للمنتج الأجنبي، وبعضها أفضل، ما الذي يحتّم على البعض الإصرار على استهلاك المنتج الأجنبي الفلاني والماركة الأجنبيّة وما شابه؟ ما هذا الفهم السيّئ والمعوجّ الموجود لدى البعض؟ فلنستهلك المنتجات الإيرانيّة. ولنصمّم؛ المؤسّسات الكبرى، والحكومة نفسها، والآخرون، ليصمّم الجميع على دعم المنتجات الإيرانيّة. لسنا متعصّبين ضدّ الآخرين، ولا نريد أن نعاديهم؛ نريد أن ندفع أبناءنا، وشبابنا وعمّالنا نحو العمل؛ نريد لهم أن ينهمكوا بالعمل، نريد أن ننقذهم من مضارّ البطالة. فللبطالة مضارّ كثيرة؛ مضرّات اجتماعيّة، أمنيّة، أخلاقيّة، وأنواع مختلفة أخرى. هذا ما نريده؛ وسبيله دعم المنتجات الإيرانيّة. ينبغي حماية ودعم البضائع الإيرانيّة، والإنتاج الإيراني.
الحرب الاقتصاديّة والثقافيّة؛ سبيلهم لمواجهتنا
هذه هي المواجهة الفضلى للأعداء! لاحظوا يا أعزّائي، لقد أدرك أعداؤنا وفهموا بأنّهم لن يحقّقوا شيئاً في الحرب العسكريّة [المباشرة]. قبل عدّة سنوات، أطلق رئيس أميركي آخر -وكان مثل هذا [الرئيس الحالي دونالد ترامب] عديم الأخلاق، يطلق الترّهات وبذيء اللسان- التهديدات ضدّنا. فرددت عليه في خطاب ألقيته حينها: "يا سيّد، لقد ولّى الزمن الذي تضربون فيه وتهربون؛ إن ضربتم ستتلقّون الضربات."(5) إنّهم يعلمون هذا! يعلمون بأنّهم إن دخلوا في معركة وحرب عسكريّة ضدّنا، فإنّهم سيعلقون. نعم، قد يوجّهون لنا ضربة، لكنّهم قد يتلقّون ضربات مضاعفة، وهذا ما فهموه. والحلّ الذي اجترحوه هو الحرب الاقتصاديّة والحرب الثقافيّة وما شابه. الآن بحث الحرب الثقافيّة على حدة، [أمّا] ما هو مطروح اليوم بالنسبة للأعداء فهو الحرب الاقتصاديّة. إنّ غرفة حرب أميركا ضدّنا تتمثّل في وزارة الخزانة الأميركيّة وهي وزارة الاقتصاد والماليّة خاصّتهم؛ فهناك غرفة الحرب ضدّنا. حسناً، ما هو سبيل مواجهة الحرب الاقتصاديّة؟ هو أن نهتمّ نحن في الداخل باقتصادنا. عندما يكون اقتصادنا معتمداً على [الأجانب]، مرتبطاً [بهم]، ستظهر المشاكل. بالطبع، أنا لا أؤمن بوجوب قطع العلاقات الاقتصاديّة مع دول العالم، أو أنّه بالمستطاع ذلك؛ من الواضح أنّه لا يمكن ذلك؛ إنّ العالم كلّه اليوم مرتبط ومتّصل بعضه ببعض، لكنّ الاعتماد على الخارج هو خطأ مضاعف؛ لا ينبغي ارتكابه. نعم، فليذهبوا وليقيموا من خلال الذكاء، والتدبير، وتحديد السياسات الصحيحة، والمتابعة الصحيحة، والجدّيّة، علاقات مع دول العالم. العالم كبير؛ وغير محصور بأميركا وبعض الدول الأوروبيّة؛ العالم واسع جدّاً؛ ليذهبوا ويقيموا العلاقات بالمقدار اللازم، لكن لا يعلّقنّ الآمال على أيّ قوّة خارجيّة؛ ليعلّقوا الآمال على العنصر الداخلي، على هذه القيمة الكبرى: الطاقة الإنسانيّة الداخليّة. عندما يرى الشعب أنّنا نحن المسؤولين نصرّ على حلّ مشاكلهم في الداخل، وعلى الاستفادة من الطاقات الداخليّة، فإنّهم سيتحمّلون ويساعدوننا ولو كلّفهم ذلك بعض العناء؛ ما يجب على مسؤولي البلاد المحترمين الالتفات إليه، هو أنّه لا ينبغي الاعتماد على الخارج.
إحدى سبل الأمريكيّين لمواجهة نظام الجمهوريّة الإسلاميّة الطالب للحرّيّة والمستقلّ -وهم يعارضون مطالبته هذه بحرّيته، وكونه مستقلّاً، ويقولون: عليكم أن تكونوا تحت سلطتنا، وتحت مظلّتنا، وتطيعوا أوامرنا، وتحدّدوا السياسات طبقاً لإرادتنا، لأنّنا أكثر منكم سلاحاً، وأكبر قوّة، وأوفر مالاً؛ هذا ما يريدونه- هو هذا العمل الاقتصادي. وإحداها -وذلك أيضاً من أجل أن تطّلعوا وتلتفتوا- هو تحريض بعض الدول القليلة الفهم، وما عساني سأقول وأعبّر! الدول عديمة الفهم في منطقتنا على إيجاد الخلافات والمشاكل والمواجهات وما شابه. يذهب الأمريكيّون ويلتقون بهؤلاء السعوديّين من أجل تحريضهم ضدّ الجمهوريّة الإسلاميّة؛ حسناً، إن كنتم تريدون أن تحرّضوا أحداً، فلِمَ لا تحرّضون الصهاينة، الذين هم خدّامكم؟ -هم بمعنى ما خدّام، وبمعنى أسياد- لماذا تحرّضون هؤلاء السعوديّين البائسين؟ يقولون نريد للحرب أن تستعر بين المسلمين. إحدى سبلهم هو التشجيع والتحريض والحثّ لدول من هذا القبيل -وقد مثّلت لذلك بالسعوديّة- على مواجهة الجمهوريّة الإسلاميّة والوقوف بوجهها ومجابهتها. إن كان لدى هؤلاء عقل، لا ينبغي لهم أن ينخدعوا بهذا العدوّ؛ إن شنّوا حرباً على الجمهوريّة الإسلاميّة، فإنّهم حتماً سيتلقّون الضربة وينهزمون. إنّهم [الأمريكان] لا يريدون تحمّل كلفة مواجهة نظام الجمهوريّة الإسلاميّة وشعب إيران المقتدر، [ويريدون في المقابل] إلقاءها على عاتق مثل هذه الدول في المنطقة.
الذي يجب أن تُقطع قدمه هنا.. أمريكا!
إنّ مهمّة أمريكا هي زعزعة الأمن؛ كلّ مكان وطأته أقدام الأمريكيّين في هذه السنوات [الأخيرة]، زعزعوا فيه الأمن. في أيّ منطقة -سواءً في غرب آسيا حيث نحن، أم في مناطق العالم الأخرى؛ أينما ذهبوا- زعزعوا الأمن؛ [فهم] إمّا أثاروا الحروب الداخليّة، أو جعلوا الإخوة يتقاتلون ويقتلون بعضهم البعض، أينما ذهبوا سبّبوا للناس الشقاء والتعاسة. لذلك أيضاً، يجب إزالة الوجود الأمريكي في منطقة غرب آسيا؛ ينبغي للأمريكان أن يرحلوا عن منطقة غرب آسيا؛ إنّ الذي يجب أن تُقطع قدمه من هنا هو أمريكا، لا الجمهوريّة الإسلاميّة. نحن الجمهوريّة الإسلاميّة، نحن أهل هذه المنطقة، والخليج الفارسي ديارنا، وغرب آسيا منطقتنا، المنطقة منطقتنا، وأنتم الغرباء، أنتم الذين أتيتم من المناطق البعيدة، أنتم أصحاب الأهداف الخبيثة، أنتم تريدون إيجاد الفتنة، أنتم من ينبغي عليه أن يرحل. واعلموا أنّ رِجل الأمريكان ومن شابههم ستُقطع من هذه المنطقة.
أحد الأمور المتعلّقة بمسألة دعم المنتجات الإيرانيّة والتي أؤكّد عليها وأشرت إليها مراراً -والسيّد الوزير الآن حاضر هنا- والتي ينبغي إن شاء الله أن تُتابع بشكل جدّي في الحكومة، ومن قبل أصحاب الشأن، هي مسألة الحؤول دون الواردات العشوائيّة، والمنع الجدّيّ للتهريب، حيث يشتكي الكثير من المسؤولين والناشطين على صعيد قضيّة المنتجات الإيرانيّة [مثل] أصحاب العمل، المستثمرين، العمّال المهرة، وآخرين من استيراد البضاعة الأجنبيّة، وغالباً ما تكون أدنى مستوى من حيث الجودة، وتُنافِس -تنافساً غير عادل وغير متوازن- البضاعة الإيرانيّة، وتحدّ من انتشارها؛ هذه من جملة الأمور التي يجب منعها والحؤول دون وقوعها. بالطبع، المطالب التي عرضها السيّد الوزير اليوم هنا، والأعمال التي أُنجزت، وتُنجز، هي أعمال مهمّة؛ إن شاء الله يُعمل على تحقّقها، وتُرى نتائج الأعمال، وتكون ملموسة ومحسوسة؛ نسأل الله أن يؤول مصير شريحة العمّال، وخاصّة الشباب منهم، يوماً بعد يوم، نحو مستقبل أكثر طمأنينة وأملاً.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السعودية تسمح للنساء بالعمل سائقات أجرة
أعلنت المملكة العربية السعودية اليوم الجمعة، أنها ستسمح للنساء بالعمل سائقات أجرة، بموجب الأمر الملكي الذي صدر في 2017 ويتيح للنساء استصدار رخصة قيادة سيارة، بدءا من يونيو / حزيران المقبل.
وبحسب وكالة الأنباء السعودية الرسمية، قال مدير الإدارة العامة للمرور بالمملكة اللواء محمد بن عبد الله البسامي، "اكتملت جميع متطلبات قيادة المرأة للمركبات".
وأشار البسامي إلى أنه تم الترخيص لخمس مدارس لتعليم المرأة قيادة المركبات في 6 مدن، بينها العاصمة الرياض، وتتم حاليا دراسة عدد من الطلبات لافتتاح مدارس أخرى في مختلف محافظات المملكة.
وذكر أن بعض المدارس المرخصة باشرت استقبال طلبات المتقدمات وتدريبهن على قيادة المركبات.
وكشف البسامي أنه يتم العمل على تدريب عدد من العناصر النسائية للمشاركة في الأعمال الميدانية والإدارية بإدارة المرور.
ولفت إلى أن المرأة تشارك حاليا في المهام المرورية الخاصة برصد مخالفات عدم ربط الحزام، واستخدام الهاتف الجوال باليد أثناء القيادة.
وأفاد البسامي أنه تمت تهيئة عدد من المواقع في مختلف مناطق المملكة لاستقبال حاملات رخص القيادة الأجنبية، الراغبات في استبدالها برخص قيادة سعودية.
وفي 26 سبتمبر / أيلول الماضي، أصدر العاهل السعودي الملك سلمان بن عبد العزيز، أمرا يقضي بالسماح للمرأة باستصدار رخصة قيادة سيارة بدءا من يونيو / حزيران القادم، و"وفق الضوابط الشرعية"، للمرة الأولى في تاريخ المملكة.
وبهذا القرار، خرجت السعودية من وضعية تعتبرها الدولة الوحيدة في العالم التي تحظر قيادة المرأة للسيارة.
الانتخابات العراقية وكسر التابوهات
بقي أيام تفصلنا عن بدء الانتخابات التشريعية العراقية الثانية منذ الانسحاب الأمريكي من العراق عام 2011، وبحسب الدستور العراقي سيتم انتخاب 329 عضواً في مجلس النواب العراقي والذي بدوره ينتخب رئيس الوزراء العراقي ورئيس الجمهورية.
الانتخابات الحالية تحمل نكهةً خاصة عن جميع سابقاتها من حيث عدد المرشحين ونمط التحالفات وخروج البعض عن النمط السائد أو السنن المعروفة لهذه الانتخابات، ويمكن تشبيه انتخابات هذه الدورة بـ "مشعل نار"، البعض يستخدمه لينير الطريق أمام الجميع ويظهر صورة مضيئة للعالم أجمع عن عراق جديد لا مكان فيه للتحزبات السياسية والدينية والعرقية والبعض الآخر يستخدمه ليحرق به منافسيه أو ليشعل الحقل الذي يأكل منه الجميع "فلا يبقى قمحٌ لأحد ولا هم يحزنون".
وبين النموذجين المذكورين أعلاه لا بدّ من أن نضيء مشعلنا على الحالة الوطنية التي يقدمها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي ورئيس ائتلاف "نصر" في الانتخابات الحالية، فقد نشر العبادي قائمته الانتخابية في ثماني عشر محافظة بما فيها مناطق كردستان العراق، في الحقيقية نشر القوائم العربية في مناطق الأكراد سابقة جديدة يجب الإشادة بها لكونها تكسر التابوهات القديمة التي اعتاد عليها العراق منذ عشرات السنين.
نحن اليوم نتحدث عن نموذج قاده العبادي بغض النظر عن الغايات ولكنه يعبّر عن نموذج وطني بامتياز كونه يخلق حالة وطنية عابرة لجميع الاعتبارات الاثنية والدينية والعرقية والقومية، وخلال زيارته إلى إقليم كردستان العراق تحدّث العبادي عن هذه النقطة قائلاً: " لا يوجد فرق بين المواطن العربي والمواطن الكردي. مضيفاً: "علينا العمل على كسر هذه المحاصصة السياسية وبناء عراق جديد، فلا فرق بين المواطن الكردي أو المواطن العربي، فلا يمكننا أن نتخيل المدن العراقية بطائفة واحدة أو عرق واحد، لأن جميع المدن العراقية مختلطة"، وعبّر عن الأمل بالمزيد من التعاون من حكومة إقليم كردستان.
وبصرف النظر عن حقيقة أن العبادي يسعى إلى الفوز بمزيد من الأصوات في جميع أنحاء العراق، وحتى بين الأكراد، فإنه يحتاج إلى فترة رئاسة الوزراء الثانية للوفاء بمطالبه، وما يطرحه رئيس الوزراء هو بداية لتفتيت التقاليد الكاذبة التي خُلقت في الهيكل السياسي والانتخابي العراقي في السنوات الماضية والتي قسمت جغرافية العراق إلى مناطق قائمة على العرق والدين.
ويجب التركيز على نقطة مهمة جداً مفادها أنه في حال تم التصويت للعرب في المنطقة الكردية، فإن هذا يعني خطوة إلى الأمام لكسر الحدود السياسية المشتركة في العراق بعد عام 2003، يضاف إلى تحركات العبادي الوطنية هناك تحالف آخر يشكّل نموذجاً جيداً في كسر السنن القديمة يتمثل بالتحالف الذي كوّنه التيار الصدري مع الشيوعيين في الانتخابات المقبلة.
لا نريد أن نصوّر الانتخابات العراقية وكأنها خالية من أي مشكلات أو تحديات؛ الحقيقة أن التحديات والمصاعب التي تواجهها كثيرة وهناك من يضع عصا في الدولايب لمنعها من الحركة بشكلها الطبيعي، ولا تخلو هذه الانتخابات من بعض المحرضين ومن يدّعون بأن هذه الدولة أو تلك هي من تضع أسماء الفائزين لتشويه صورة الانتخابات من مبدأ أن الحكومة ضعيفة ولا تستطيع حماية العملية الانتخابية من التلاعب بنتائجها رغم التصريحات التي تصدر من المؤسسات ذات العلاقة، خاصة رئاسة مجلس الوزراء، وتأكيدها بشفافية العملية الانتخابية.
ومع ذلك فقد أفاد مصدر في المفوضية العليا للانتخابات لقناة روسيا اليوم بأن الحكومة العراقية تعاقدت مع أكثر من 250 ألف مراقب محلي لتغطية سير الانتخابات البرلمانية المزمعة في الـ12 من مايو المقبل، وقال المصدر، الذي طلب عدم الكشف عن هويته، إن "254 ألف شخص سيراقبون الانتخابات التشريعية بصفتهم مراقبين تابعين لمفوضية الانتخابات، حيث سيتوزعون على 54 ألف مركز انتخابي" في كل المحافظات العراقية.
وأشار إلى أن عدد المراقبين لن يقتصر على هؤلاء، إذ سيتابع سير الانتخابات مراقبون عن منظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والهيئات الدولية.
إذاً الأمور تسير على قدم وساق ولو كره المحرّضون، وأبناء العراق ومرشحوه يبدون تعاوناً كبيراً في هذا المجال ويذللون جميع العقبات التي تقف في طريقهم والضغوط التي تمارس عليهم والتي تحول دون تحقيقهم لأول انتخابات ديمقراطية بعد القضاء على "داعش"، وأكثر الدول الضاغطة في هذا المجال "السعودية" التي تماطل - حسب ما أعلن مسؤول عراقي رفيع المستوى - منذ أسابيع في الإيفاء بتعهداتها المالية السابقة للعراق، عازياً السبب إلى ترقّب السعودية ما ستسفر عنه الانتخابات التي ستجري في 12 مايو/ أيار الحالي، والشخصية التي ستتولى رئاسة الحكومة الجديدة بعد عودة الحديث عن ترشح نوري المالكي للمنصب مع شخصيات أخرى مقربة من إيران، وعدم حسم عدد من الكتل السياسية، السنية والكردية، موقفها بدعم رئيس الوزراء، حيدر العبادي، لولاية ثانية.
وكانت السعودية تعهدت بتقديم مليار دولار لمشاريع استثمارية في العراق، و500 مليون دولار إضافية لدعم الصادرات العراقية، فضلاً عن مِنح صغيرة، عبارة عن مشاريع تنفّذها في المدن المنكوبة التي تم تحريرها من سيطرة تنظيم "داعش".
في الختام؛ المهم في هذه الانتخابات أن التحالفات الطائفية بدأت تذوب وتتناقض مع بعضها البعض، وهناك سنن سيئة أخرى يجب كسرها مثل الفساد الانتخابي والتشهير السياسي والوعود التي يطلقها البعض مع علمه بعدم قدرته على تطبيقها على أرض الواقع.
من يحمل خطاباً وطنياً اليوم سيكون هو الرابح سياسياً، ليس على المستوى التكتيكي فحسب، بل على المستوى الاستراتيجي كون الشباب العراقي الحالي يعي جيّداً الآثار الكارثية للخطاب التقسيمي، طائفياً كان مذهبياً أم قومياً.
استراتيجية "إسرائيل" الجديدة: من الهجوم إلى الحفاظ على الوجود؟!
منذ اغتصاب الكيان الإسرائيلي لأرض فلسطين العربية، والأمن الإسرائيلي يعتبر من أهم الأمور التي تشغل عقول قادة هذا الكيان وحليفتهم أمريكا، فهم يعلمون أن هناك علاقة كبيرة بين استمرار وجوده وأمنه الداخلي ومحيطه الخارجي، وفي سبيل تحقيق ذلك وظّف الكيان الغاصب كل قدراته الداخلية والخارجية، واتبع سياسة افتعال الحروب وتنفيذ الاغتيالات وبثّ الفتن في الدول المجاورة لإبعاد الخطر الخارجي عن جبهته الداخلية، لدرجة أن الجيش الإسرائيلي شنّ وحده سبعة حروب على جبهات مختلفة منذ اغتصابه لأرض فلسطين.
شنّ الحروب، سياسة "إسرائيل" الأبدية
تعتبر سياسة الحروب والتخطيط لها من أهم الأساليب التي يتبعها الكيان الصهيوني في سبيل تحقيق أهدافه، لذلك يسعى هذا الكيان باستمرار إلى زيادة قدراته العسكرية في مجال الإنتاج العسكري، واستيراد المعدّات العسكرية المتطورة من أجل إنشاء جيش عسكري يتمتع بقدرات عالية في جميع المجالات الجوية والبحرية والبرية. وبالرغم من أن الجيوش الكلاسيكية لا تشن حروب عصابات، إلا أنه في السنوات الماضية أقام الكيان الغاصب عدة مناورات تحاكي هذا النوع من الحروب، وذلك بسبب فشله في عدة مواجهات من هذا النوع كالحرب التي استمرت 33 يوماً مع لبنان وحرب 22 يوماً في غزة.
إن أهداف الكيان الإسرائيلي كانت دائماً تصبّ في سبيل ضمان بقاء "إسرائيل" وأمن مواطنيها، وكانت سياسته الهجومية استباقية لمنع الهجمات على "إسرائيل"، ووفقاً لاستراتيجيتها الأمنية والدفاعية، لا يجب على "الجيش الإسرائيلي" أن يتلقى الهزيمة في أي حرب يشنّها، لذلك سعى هذا الكيان إلى جرّ أرض المعركة إلى أرض العدو ومنع قوات العدو من دخول أراضيه.
الرجعيون العرب، ونار الأزمات في المنطقة
في الماضي، نجح هذا الكيان في تنفيذ العديد من استراتيجياته العسكرية والأمنية في الساحة العربية، وذلك بسبب ضعف وولاء قادة العرب الرجعيين الذين وقفوا مكتوفي الأيدي بل أخذ بعضهم يطبّع علاقاته معه، واستمر في اتباع استراتيجياته حتى ظهور محور المقاومة الذي ساهم بشكل كبير بهزيمته فاتحاً فصلاً جديداً من الصراع العربي "الإسرائيلي".
وبما أن الموقع الجغرافي السياسي ومكانة الدولة في المنطقة والعالم يلعبان دوراً كبيراً في تحديد الاستراتيجية العسكرية للبلاد، فإن الكيان الصهيوني يواجه العديد من التحديات في هذا الصدد، فحدوده محاطة بالدول العربية والإسلامية، ويبلغ عدد سكان هذا الكيان حوالي 8 ملايين نسمة، موزعين على مساحة الأرض 28023 كيلومتراً مربعاً، محاصرين بما مجموعه 968 كيلومتراً من الحدود مع مصر والأردن ولبنان وسوريا وقطاع غزة والضفة الغربية، لذلك يمكن اعتبار هذا الكيان محاصراً من المسلمين والعرب بأعداد كبيرة ضمن بقعة صغيرة جميع حدودها قابلة للاشتعال في أي لحظة.
تغير العقيدة الإسرائيلية من "المواجهة الوقائية والقضاء" إلى "محاولة الحفاظ على الوجود"
هناك فرق كبير بين استراتيجية الدفاع الإسرائيلية والدول المحيطة به في المنطقة، فمن وجهة نظر هذا الكيان، لن يكون هناك خاتمة للحروب، ولا يمكن تخيل أي وقت يمكنك فيه التغلب على العدو بضربة قاضية لتنعم بعدها بالسلام، لكن على العكس تماماً، ترى الدول المجاورة لهذا الكيان أن معركتهم القادمة مع إسرائيل هي المعركة الأخيرة التي ستدمّر وتمحي "إسرائيل" من الوجود، ومع هذا الواقع، واجهت سلطات هذا الكيان دائماً الحرب والتهديدات، والقيود الديموغرافية والإقليمية والاقتصادية التي تسببت لهم بالكثير من الضعف، ومن أجل مواجهة هذه التحديات قام قادة العدو بتغيير الاستراتيجيات الصهيونية بشكل ملحوظ في السنوات الأخيرة، وعوضاً عن اتباع سياسة المواجهة الوقائية من أجل التخلص من محور المقاومة، عمد الإسرائيليون إلى اتباع استراتيجية الحفاظ على الوجود عبر دعمهم لمجموعات إرهابية راديكالية داخل محور المقاومة من أجل إلهائه قدر المستطاع عن المواجهة المباشرة مع الكيان العبري.
ومن هذا المنطلق أخذ الكيان الإسرائيلي يفعّل علاقاته مع بعض الدول العربية والعالمية في سبيل تقوية موقفه والاستفادة منها في صراعاته القادمة، وأخذ أيضاً يخطط لتوجيه ضربات مدروسة مباشرة لمحور المقاومة، كضرب مطار "تي فور" العسكري في سوريا والذي كان يضم عدداً من الاستشاريين الإيرانيين، إلا أن هذا الهجوم كان خطأً حسابياً ضخماً، لأن الإسرائيليين أنفسهم يعلمون أن الإيرانيين سيردّون عليهم في وقت ومكان لا يمكن التنبؤ بهما، وبذلك يكون "الإسرائيلي" قد أدخل نفسه في معركة وجودية مباشرة كان بغنىً عنها.
ادعاءات حقوق الإنسان
بالطبع، يجب أن تضاف أزمة الشرعية إلى مشكلات هذا الكيان، فعلى الرغم من الجهود الكبيرة التي يبذلها قادتها للاعتراف به رسمياً في العالم، لايزال عدد كبير من دول العالم ترى في هذا الكيان، كياناً غاصباً لأرض الفلسطينيين الشرعية.
ويعاني هذا الكيان أيضاً على الصعيد الداخلي من أزمات أخرى لها تأثير كبير على الأمن والقبول العام لهذا الكيان، فبالإضافة إلى الفساد الذي تتورط فيه الطبقة الحاكمة وقادة هذا الكيان، يعاني هذا الكيان انقسامات طبقية كبيرة، فهناك صدامات لا تنتهي وصراعات خفية وعلنية بين الطبقات المختلفة داخل المجتمع "الإسرائيلي"، وخصوصاً بين الطبقتين الرئيسيتين داخل هذا المجتمع العنصري، وهما “الأشكناز” و”السفارديم”، وبما أن اليهود الأشكناز هم من وصلوا فلسطين أولاً، فقد وضعوا أساس الكيان على غرار المجتمعات الأوربية التي عاشوا فيها، وهذا جعلهم يشعرون بأنهم أرقى من اليهود الشرقيين، وتحوّل الأمر بعد ذلك لصراع بين الطبقتين، اتخذ شتى أشكال العنف والفصل العنصري.
ختاماً، تتنبأ العديد من مراكز الأبحاث العالمية بزوال "إسرائيل" من الوجود، ويقول الكاتب الأمريكي المعروف هنري كيسنجر في كتابه الأخير والذي يحمل عنوان "النظام العالمي" إن الكيان الصهيوني لا يمكن له أن يستمر في الوجود، وقد يتم القضاء عليه بحلول عام 2025، لأن الصهاينة بحد ذاتهم لم يعودوا يؤمنون ببقاء هذا الكيان.
المهدویة في الفكر الإسلامي
الاعتقاد بظهور المهدي المنتظر في آخر الزمان؛ ممّا اتّفق و أجمع علیه المسلمون ، و في هذا الباب أحادیث صحّت من طرق عدیدة ، بل هي متوافرة.
قال الحافظ الآبري (ت : ٣٦٣هـ ) : « قد تواترت الأخبار و استفاضت بكثرة رواتها عن المصطفی صلی الله علیه و سلّم ، في المهدي ، و أنّه من أهل بیته ، و أنّه یملك سبع سنین، و یملأ الأرض عدلاً، و أن عیسی علیه الصلاة و السلام یخرج ، فیساعده علی قتل الدّجال ، و أنّه یؤمُّ هذه الأمّة و عیسی خلفه، في طول من قصته و أمره»(١)(١) نقل قوله ابن حجر في « تهذیب التهذیب»: ٧/١٣٣ ، دار الفكر ـ بیروت.
و حكم الكتاني بتواتر أحادیث الباب ، و حكی القول بالتواتر عن جماعة ، منهم : الحافظ السخاوي ، و محمد بن أحمد السفاریني الخنبلي ، و محمّد بن علي الشوكاني ... و غیرهم (٢).(٢) نظم المتناثر من الحدیث المتواتر : ٢٢٨ ـ ٢٢٩ ، دار الكتب السلفیة ـ مصر.
هذا؛ و أمّا ما صحّ من الأحادیث فكثیر ، نذكر منها:
ما عن أبي سعید الخدري، قال : قال رسول الله صلّی الله علیه و سلم : « لا تقوم الساعة حتّی تمتلیء الأرض ظلماً و عدواناً ، قال : ثمّ یخرج رجل من عترتي أو من أهل بیتي، یملؤها قسطاً و عدلاً ، كما ملئت ظلماً و عدواناً»(٣) (٣) مسند أحمد: ٣/٣٦ ، صحیح ابن حبان :١٥/٢٣٦ ، المستدرك علی الصحیحین : ٤/٥٥٧، و غیرها.
و صحّحه الحاكم علی شرط الشیخین ، وافقه الذهبي (٤) (٤) الستدرك للحاكم و معه تلخیصه للذهبي : ٤/٥٥٧، دار المعرفة ـ بیروت، و قال الألباني: « و هو كما قالا»(٥) (٥) سلسة الأحادیث الصحیحة : ٤/٣٩ ـ ٤٠، حدیث (١٥٢٩) ، مكتبة المعارف. .
و عن أمّ سلمة ، قالت : « سمعت رسول الله صلّی الله علیه و سلّم یقول : المهدي من عترتي من ولد فاطمة»(٦)(٦)سننن أبي داود : ٢/٣١٠، سنن ابن ماجة : ٤/١٥٤ ، المستدرك علی الصحیحین : ٤/٥٥٧... و غیرها.
قال الألباني : « هذا سند جیّد ، رجاله كلهم ثقات ، وله شواهد كثیرة»(٧) (٧) سلسلة الأحادیث الضعیفة : ١/١٨١، مكتبة المعارف. و قد جاء به هنا رداً علی الحدیث الموضوع « المهدي من ولد العباس عمي».
و قال محقّق « سیر أعلام النبلاء » : « سنده جیّد»(٨) (٨) سیر أعلام النبلاء : ١٠/٦٦٣، مؤسسة الرسالة ـ بیروت.
قال الشیخ الألباني، بعد أن ذكر تصحیح الترمذي ، و الذهبي، و الحاكم ، و ابن حبان، و ابن تیمیة ، ما نصّه : « فهؤلاء خمسة من كبار أئمة الحدیث قد صحّحوا أحادیث خروج المهدي ، و معهم أضعافهم من المتقدّمن و المتأخرین ، أذكر أسماء من تیسّر لي منهم:
١ـ أبو داود في « السنن»؛ بسكوته علی أحادیث المهدي.
٢ـ العقیلي.
٣ـ ابن العربي في « عارضة الأحوذي».
٤ـ القرطبي كما « أخبار المهدي » للسیوطي.
٥ـ الطیبي كما في « مرقاة المفاتیح» للشیخ القاریء.
٦ـ ابن قیم الجوزیة في « المنار المنیف » خلافاً لمن كذب علیه.
٧ـ الحافظ ابن حجر في « فتح الباري».
٨ـ أبو الحسن الآبري في « مناقب الشافعي » كما في « فتح الباري» .
٩ـ الشیخ علي القاريء في « المرقاة».
١٠ـ السیوطي في « العرف الوردي».
١١ـ العلامة المباركفوري في « تحفة الأحوذي».
و غیرهم كثیر و كثیر جداً»(١) (١) سلسلة الأحادیث الصحیحة للألباني : ٤/٤١ ، في تعلیقه علی حدیث (١٥٢٩)، مكتبة المعارف للنشر و التوزیع.
فتبیّن أنّه لا مجال للریب في ظهور المهدي المنتظر؛ لذلك ارتأینا أن یكون فصلنا هذا مختلفاً عمّا تقدّمه من الفصول ، حیث سنصب الكلام هاهنا علی مسألة ولادته(ع).
فإنّ اعتقاد الشیعة الإمامیة الاثنا عشریة علی أنّ المهدي المنتظر قد ولد ، و هو محمد بن الحسن العسكري (ع) ،و هو حي غائب عن الأبصار ، في حین انقسم علماء أهل السنة إلی فریقین : حیث قال جمٌّ غفیر منهم بنفس ما تقول له الشیعة الإمامیة ، بینما اكتفی فریقٌ آخر بذكر ولادة محمد بن الحسن مع إنكار مهدویته أو السكوت عن ذلك.
و الملاحظ أنّ جلّ من قال بولادة محمد بن الحسن ـ عجّل الله فرجه الشریفـ من المنكرین أو الساكتین عن مهدویته ؛ لم یقل بوفاته ، بل التزم الصمت إزاء ذلك ، ما عدا البعض الذین تكهّنوا بوفاته رجما بالغیب ... و هذا بنفسه یؤكد صحة ما تقول به الشیعة من كونه (ع) حیّا غائباً عن الأنظار.
ثمّ إنّ البعض راح ینكر ولادة محمد بن الحسن ؛ بدعوی أنّ الحسن العسكري مات من غیر عقب!
و هذا الفضل في الواقع ردّ علی هذا الزعم المفتقر إلی الدلیل، و الذي هو مع ذلك یصطدم مع مقتضی الأدلّة و البراهین، و التي تتصدّرها تصریحات و عبارات علماء و أعلام أهل السنّة الصریحة في ولادة ابن الحسن العسكري...
و لأجل أن تكون الرؤیة واضحة ؛ ارتأینا أن نقسّم الأقوال إلی قسمین : یتضمن الأوّل طائفة من أقوال علماء و أعلام أهل السنّة الذاهبین إلی ولادة محمد بن الحسن ، مع كونهم منكرین لمهدویته أو ساكتین عن ذلك ، و یتضمّن الثّاني طائفة من أقوال الذاهبین إلی ولادة محمد بن الحسن ، مع قولهم بكونه المهدي المنتظر وصلوات الله و سلامه علیه.
القسم الأول
من أقوال الذاهبین إلی ولادة محمد بن الحسن (ع) المنكرین لمهدویته أو الساكتین عن ذلك
١ـ ابن الأزرق الفارقي (ت : بعد ٥٧٧هـ ):
قال : « إنّ الحجّة المذكور ولد تاسع شهر ربیع الأول ، سنة ثمان و خمسین و مائتین ، وقیل ثامن شعبان سنة ست و خمسین ، وهو الأصح...» (١) (١) نقل قوله ابن خلّكان في « وفیات الأعیان » : ٤/٣٠ ـ ٣١ ، دار الكتب العلمیة..
٢ـ یاقوت بن عبدالله الحموي الرومي البغدادي (ت : ٦٢٦هـ ):
قال في سیاق ذكره للإمامین الهادي و العسكري (ع) : « و دُفنا بسامرا ، و قبورهما مشهورة هناك ، و لولدهما المنتظر هناك مشاهد معروفة » (٢) (٢) معجم البلدان : ج٥ـ٦، ص ٣٢٨ ، دار إحیاء التراث العربي.
٣ـ ابن الأثیر الجزري (ت: ٦٣٠ هـ ) :
قال :« و فیها [أي سنة ٢٦٠ هـ ] توفّي أبو محمد العلوي العسكري ... و هو ومالد محمّد الذي یعتقدونه المنتظر...](١) (١) الكامل في التاریخ : ٧/٢٧٤، دار الفكر ـ بیروت.
٤ـ ابن خلّكان (ت : ٦٨١هـ ):
قال في « وفیات الأعیان » تحت عنوان « الحجة المنتظر» : « أبو القاسم محمد بن الحسن العسكري بن علي الهادي بن محمد الجواد المذكور قبله ، ثاني عشر الأئمة الاثني عشر علی إعتقاد الإمامیة ، المعروف بالحجة ... كانت ولادته یوم الجمعة منتصف شعبان سنة خمش و خمسین و مائتین ، و لمّا توفي أبوه .... كان عمره خمس سنین ،و اسم أمه خمط و قیل : نرجس...»(٢)(٢) وفیات الأعیان : ٤/٣١ـ٣٢، دار الكتب العلمیة ـ بیروت.
٥ـ ابوالفداء عماد الدین إسماعیل بن علي (ت: ٧٣٢هـ ):
قال : « و الحسن العسكري المذكور و هو والد محمد المنتظر صاحب السرداب ، و المنتظر ثاني عشرهم و یلقّب أیضاً القائم و المهدي و الحجة ، و مولد المنتظر سنة خمس و خمسین و مائتین» (٣)(٣) المختصر في أخبار البشر: مجلد ١، ج٢، ص ٤٥ ، مكتبة المتنبي ـ القاهرة.
و قد صرّح آخرون بولادته (ع) ، لانذكر عباراتهم علی وجه التفصیل ، طلباً للاختصار ، و لكن نشیر إلی بعضهم علی سبیل السرد المختصر:
٦ـ ابن الوردي (ت : ٧٤٩ هـ ) ، في تاریخه : ١/٣١٩.
٧ـ صلاح الدین الصفدي (ت: ٧٦٤هـ ) في « الوافي بالوفیات»: ١٢/١١٣.
٨ـ الحافظ ابن حجر العسقلاني (ت: ٨٥٢هـ ) في « لسان المیزان » : ٢/١١٩
٩ـ نور الدین الجامي الحنفي (ت: ٩٣٥هـ ) في « شواهد النبوة » : ٤٠٤ـ ٤٠٥.
١٠ـ ابن طولون الدمشقي الحنفي (ت: ٩٥٣هـ ) في « الأئمة الاثنا عشر » : ١١٧ـ١١٨.
١١ـ الدیار بكري القاضي المؤرّخ (ت : ٩٦٦هـ ) في « تاریخ الخمیس » : ٢/٣٤٣.
١٢ـ ابن حجر الهیتمي(ت : ٩٧٤هـ ) في « الصواعق المحرقة» : ٣١٣ـ ٣١٤.
١٣ـ الشیخ مؤمن بن حسن الشبلنجي (ت : بعد ١٣٠٨هـ ) في « نور الأبصار» : ١٨٥.
١٤ـ خیر الدین الزركلي (ت: ١٣٩٦هـ ) في « الإعلام » : ٦/٨٠.
١٥ـ علاء الدین أحمد بن محمد السماني ، كما في « سمط النجوم» للعصامي: ٤/١٣٨.
١٦ـ عارف أحمد عبدالغني ، في « الجوهر الشفاف » : ١/١٦٠ـ١٦١.
١٧ـ الشریف أنس الكتبي الحسیني ، في تحقیقه ل« تحفة الطالب» : ٥٥.
القسم الثاني
طائفة من أقوال علماء و أعلام أهل السنة الذاهبین إلی ولادة محمد بن الحسن و أنّه المهدي المنتظر
١ـ الحافظ أبو محمد أحمد بن محمد البلاذري (ت : ٣٣٩هـ ) :
حیث التقي بالإمام محمد بن الحسن ،و نقل عنه روایة بلا واسطة كما جاء ذلك في كتاب « أسنی المطالب» لشمس الدین بن الجزري الشافعي ؛ حیث نقلفیه روایة یتّصل إسنادها بالبلاذري ، الذي یروي بدوره بلا واسطة عن محمد بن الحسن، واصفاً إیّاه بإمام عصره . وقد ذكر اابن الجزري في مقدمة كتابه هذا بأنه لا یورد فیه إلّا ما تواتر ، أو صحّ، أو حسن من الروایات ؛ و علیه تكون هذه الروایة معتبرة، خصوصاً مع مراعاة أوصاف رواتها المثبتة في السند نفسه(١) (١) أسنی المطالب في مناقب سیدنا علي بن أبیطالب : ٨٦ـ٨٧.
٢ـ أحمدبن الحسن النامقي الجامي (ت: ٥٣٦هـ ):
علی ما في « ینابیع المودة » ، في آخر الباب السادس و الثمانین، حیث قال القندوزي : « و أما شیخ المشایخ العظام ـ أعني حضرة شیخ الإسلام أحمد الجامي النامقي ـ و الشیخ عطار النیشابوري، و شمس الدین التبریزي، و جلال الدین مولانا الرومي ،و لاسیّد نعمة الله الولي ، و السید النسیمي ... و غیرهما (قدس الله أسرارهم و وهب لنا عرفانهم و بركاتهم ) ، ذكروا في أشعارهم في مدائح الأئمة من أهل البیت الطیبینن (رضي الله عنهم ) مدح المهدي في آخرهم ، متّصلاً بهم ؛ فهذه أدلّة علی أنّ المهدي ولد أوّلاً (رضي الله عنه ) ، و من تتبّع آثار هؤلاء الكاملین العارفین؛ یجد الأمر واضحاً عیاناً»(٢) (٢)ینابیع المودة : ٢/٥٦٦، منشورات الشریف الرضي.
٤ـ یحیی بن سلامة الحصكفي (ت: ٥٥٣هـ ):
ذكر ولادة الإمام المهدي في قصیدة طویلة جاء فیها:
وسائلٍ عن حبِّ أهل البیت هل***أقرُّ إعلاناً به أم أجحدُ
هیهات ممزوج بلحمي و دمي***حبّهم و هو الهدی و الرّشدُ
حیدرةٌ و الحسنان بعده***ثمّ عليٌّ و ابنه محمّدُ
و جعفرُ الصادق و ابن جعفر***موسی و یتلوه عليٌّ السیّدُ
أعني الرّضا ثم ابنه محمّد***ثمّ عليٌّ و ابنه المسدّد
الحسن التالي و یتلو تلوه***محمّد بن الحسن المفتقد
فإنهم أئمّتي و سادتي***و إن لحاني معشر و فنّدوا
و في تمام القصیدة دلالة علی كون الرجل لیش من الشيعة في شيء.
٥ـ فرید الدین عطار النیشابوري (ت: ٦٢٧هـ ) :
علی مانقله القندوزي الحنفي في « ینابیع المودة » ، آخر الباب السادس و الثمانین ، و قد تقدّم في رقم (٢).
كما أنّه ذكر في الباب السابع و الثمانین بعض أشعار الشیخ عطار النیشابوري باللغة الفارسیة ، و التي تدل علی ذلك أیضاً.
٦ـ الشیخ محيي الدین ابن عربي الأندلسي(ت: ٦٣٨هـ ) :
قال: « و اعلموا أنّه لا بدّ من خروج المهدي (ع) ، لكن لا یخرج حتّی تمتلیء الأرض جوراً و ظلماً ، فیملؤها قسطاً و عدلاً، و لو لم یكن من الدنیا إلّا یوم واحد؛ طوّل الله تعالی ذلك الیوم حتّی یلي ذلك الخلیفة. وهو من عترة رسول الله صلی الله علیه و سلم ، من ولد فاطمة (رضي الله عنها) ، جدّه الحسین بن علي بن أبي طالب ، والده حسن العسكري ابن الإمام علي النقي ـ بالنونـ ابن محمد التقي ـ بالتاء ـ ابن الإمام علي الرضا ...» الخ نسبه الشریف(١)(١)نقل كلامه الشعراني في الجزء الثاني من كتاب « الیواقیت و الجواهر » : ٢/٥٦٢، و الصبّان الشافعي في « إسعاف الراغبین » المطبوع بهامش « نور الابصار» : ١٥٤، دار الفكر ـ بیروت.
٧ـ الشیخ كمال الدین محمد بن طلحة الشافعي(ت: ٦٥٢هـ ):
قال : « محماد بن الحسن الخالص بن علي المتوكل بن محمد القانع بن علي الرضا... المهدي الحجة الخلف الصالح المنتظر علیهم السلام و رحمة الله و بركاته.
فهذا الخلف الحجة قد أیده الله***هداه منهج الحق و أتاه سجایاه
إلی آخر أبیاته ... ثم اجتهد في الثناء علی الإمام ، و قال : « فأمّا مولده : فبسر من رأی في ثالث و عشرین رمضان سنة ثمان و خمسین و مائتین للهجرة(٢) (٢) مطالب السؤول في مناقب آل الرسول : ٢/١٥٢، طبعة مؤسسة أمّ القرثی.
٨ـ السید جمال الدین النیشابوري(ت: ١٠٠٠هـ ) في « روضة الأحباب» ، حكاه عنه الطبرسي في « النجم الثاقب» : ١/٣٩٨.
٩ـ علي أكبر المؤودي(ت: ١٢١٠هـ ) في « المكاشفات» ، علی ما في « كشف الأستار» : ٨٤ـ٨٥.
١٠ـ الشیخ نجم الدین الشافعي ، في « منال الطالب» (مخطوط)، علی ما في « من هو المهدي» : ٤٤٢ـ٤٤٣.
١١ـ د. عبدالسلام الترمانیني، في « أحداث التاریخ الإسلامي»: مجلد ١:٢/١٧١.
المصدر: abna.ir
الشباب وتقليد العالم الغربي
لسوء الحظ أن شعوب الدول الشرقية - عن إدراك أو عدم إدراك - وقعت تحت تأثير العالم الغربي ، واستسلمت غالبيتها للسلطة العلمية والقدرة الصناعية خائفةً .
ففقد أبناؤها استقلالهم الفكري ، ونسوا شخصيتهم المعنوية ، وأخذوا ينظرون إلى القضايا المختلفة بمنظار غربي ، ويقيسون الخير والشر بالمعايير الغربية ، وينظرون باحترام إلى السلوك والتصرف الغربيَّيْن ، ويستمعون إلى أقوالهم ، ويقلدون أساليبهم ، فهم لا يفكرون إلا بعقول غربية ، ولا يبصرون إلا بأعين غربية ، ولا يسلكون إلا الطرق التي قد مَهَّدها لهم الغرب .
وقد رسخ في نفوسهم - سواء أشعروا به أم لم يشعروا - أنَّ الحق هو ما عند أهل الغرب حق ، والباطل ما يعدُّونه هُم باطلاً ، فإن المقياس الصحيح للحق والصدق والآداب والأخلاق الإنسانية والتهذيب هو الذي قد قرره الغرب لكل ذلك .
فيقيسون بهذا المقياس ما بأيديهم من العقيدة والإيمان ، ويختبرون ما عندهم من الأفكار والتصورات والمدنية والتهذيب والأخلاق والآداب ، فكل ما يطابق منها ذلك المقياس يطمئنون إلى صدقه ويفتخرون بمجيء أمر من أمورهم موافقاً للمعيار الأوروبي ، وأما ما لا يطابقه منها فيظنُّونه خطأ وباطلاً .
ثم يأتي المتعسِّف منهم فيتبرأ منه ويرفضه علناً ، ويقف المقتصد منهم باخعاً نفسه عليه ، أو يعود يعالجه جذباً ومداً حتى ينطبق على المعيار الغربي بوجه من الوجوه .
تجاهل المعايير الأخلاقية :
إن اهتمام هؤلاء معدوم ، أو بشكل أفضل ضَئيل تجاه القوانين والسنن الدينية والآداب والتقاليد الوطنية ، والعواطف والأحاسيس العائلية ، والمقاييس الأخلاقية والاجتماعية لهم ، وهم في الغالب يتجاهلونها في العمل ، بينما نجدهم بالعكس يهتمُّون بتقاليد الغربيين ، ويميلون نحو ما يقرِّبهم ويصبغهم بالصبغة الأوروبية .
الغرب والفقر الأخلاقي :
إن الغرب من حيث العلم والجامعات ومراكز البحوث والأساتذة ذوي الاختصاص غني ، ولكنه من حيث مكارم الأخلاق والفضائل الإنسانية فقير ومحتاج ، ويزداد فقره في هذا المجال يوماً بعد آخر .
ونحن نعلم أنَّ الغرب متقدم في العلوم الطبيعية ، وفروع الصناعة والتكنولوجيا ، وهو يسير نحو التكامل في الحقول العلمية المختلفة ، وعلماؤه يخطون خطوات جديدة ، ويحصلون على نجاحات باهرة في هذه الميادين ، ولكن من جانب آخر نراهم ينحدرون في الأخلاق والصفات الإنسانية نحو الفساد والضياع ، وقد أخذ مجرموه يسيرون بسرعة نحو الانحطاط .
فأرقام الجريمة وعَدَد المجرمين في أوروبا وأمريكا طبقاً للإحصائيات في ازدياد مطرد .
التوازن المعدوم بين العلم والأخلاق :
إنَّ عدم التوازن هذا في العلم والأخلاق يوضِّح هذه الحقيقة ، وهي أن الإنسان ولكي يعدل غرائزه وشهواته ، ويجتنب الشرور والخطيئة يحتاج إلى قوة الإيمان ، وبدونها لا يستطيع أن يحصل على السعادة أبداً .
كما أن تقدم العلم المادي بدون الإيمان لا يستطيع أبداً أن يكبح جماح الغرائز ويحول بين الإنسان والخطيئة ، وإنما بالعكس ، فإنَّ الغرائز المتمردة هي التي تستثمر العلم ، إذ إنها تتوسع وتصبح خطرة في ظل قوى العلم ، فتزيد من عدوانها ، إذ إنها تأتي بمصباح العلم لتسرق ما هو أثمن وأغلى .
إن مشكلة العالم الغربي لا تنحصر في الخطيئة وأعمال الجريمة ، بل إن المجتمعات الأوروبية والأمريكية مصابة بالتناقض الداخلي ، والاضطرابات النفسية المختلفة ، نتيجة التركيبة الاجتماعية الخاطئة ، والنقص الثقافي ، وسوء التربية ، وعلماء النفس والاجتماع يعتبرون هذا التناقض وعدم الانسجام نوعاً من الأمراض النفسية .
الانحطاط الأخلاقي :
إن الشعوب الغربية التي تعي بصورة أو بأخرى الجرائم والانحرافات وغيرها من المشكلات التي تعاني منها بلدانها ، وترى عن كثب تمرد شبابها تعترف بالنقائص التربوية والاجتماعية ، كما أنها تعلم أن فقدان القيم المعنوية والأخلاقية ، والاستغراق في الشهوات والرغبات والميول النفسية ، تسوق الإنسان نحو الانحطاط والتعاسة .
ولكن يظهر أنَّ المتغرِّبين لدينا ونتيجة عشقهم للغرب أُصيبوا بالعمى والصمم ، فلا يرون نقائص أولئك ، ولا يهتمُّون بمفاسدهم وانحرافاتهم ، وينمون في أفكاره الحياة الغربية ، ويريدون أن يجعلوا من أنفسهم غَربيِّين .
ولهذا السبب فإنهم يسيرون وراء الغربيين ، ويقلِّدون تصرفاتهم دون قيد أو شرط ، ويتصورون هذه التبعية العمياء تطوراً وطريقاً للسعادة .
فالتقليد المطلق لطريقة الغربيين في بعض القضايا مخالف للقوانين الدينية ، ورفض للآداب والسنن الاجتماعية ، وعدم اهتمام بالمشاعر والأحاسيس العامة ، والعواطف العائلية ، وهذا ما يؤدي إلى صراع في عقائد وآراء الشيوخ والشباب ، وظهور اختلافات ونزعات بينهم .
العلاقات الجنسية في إطار القانون :
طِبقاً للتعاليم الإسلامية فإنه يسمح للنساء والرجال أن تكون لهم علاقات جنسية وفق ضوابط وقوانين ، كما أن العلاقات هذه إذا خرجت عن الموازين القانونية تعتبر عندئذ من الخطايا وغير مشروعة .
وهذا التحديد تقرَّر بأمر حكيم من الله تبارك وتعالى ، ليؤمِّن الخير والصلاح للناس ، وليلعب دوراً مؤثراً في طهارة الجيل ، والعفة الاجتماعية وحفظ عواطف الزوجين ، وتعزيز أساس العائلة ، وبقية شؤون الحياة .
فالإنسان الشاب - وبسبب رغباته النفسية - يطالب بحرية الغرائز دون قيد أو شرط ، وطبعاً لا يرضى بتحديد الغريزة الجنسية ، لكنه لا يدرك جوانب خيره وشره ، ولا يعرف صلاحه وفساده ، ولكي يصل إلى الكمال الإنساني عليه أن يغض الطرف عن رغباته غير الشرعية ، ويطيع أمر الله تبارك وتعالى ، ويستسلم للتعاليم الدينية التي تضمن له السعادة .
ولذلك قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( قَالَ اللهُ جَلَّ جَلالُهُ : يَا بْنَ آدَم أطِعْنِي فِيمَا أمَرْتُكَ وَلا تُعلِمْنِي مَا يُصْلِحُكَ ) .
العالم الغربي والجنس :
منذ زمن والغرب ينساق في الإفراط بالقضايا الجنسية ، وحطم الكثير من موازين العفة والأخلاق ، فهو لم يسمح للنساء والرجال ، شباباً وشيوخاً ، بإقامة العلاقات الجنسية بحرية فحسب ، بل إن بعض البلدان أجازت وسمحت بالانحراف الجنسي ، وأعطته صفة قانونية ، وإن هذا الأمر جاء بمفاسد مختلفة حيث يعود قسم من جرائم العالم الغربي إلى الانحلال الخلقي والحرية الجنسية .
والمتغربين في بلداننا الذين يتبعون بشكل أعمى الغربيين بحثاً عن السعادة ، يأملون بتنفيذ برنامج الغرب في العلاقات الجنسية في مجتمعنا ، وفتح الأبواب الواسعة أمام الذكور والإناث ، لإشباع رغباتهم خارج إطار القانون ، بهدف الحصول على اللذة .
وقد غفلوا عن أن تنفيذ هذا البرنامج في مجتمعنا غير ممكن ، ونظراً للاختلافات الموجودة بين مجتمعنا والمجتمعات الغربية ، فإن تلك العلاقات تخلق مفاسد تكون أكبر بكثير وأخطر من مفاسد الغرب .
مجتمعنا والمشاعر الدينية :
في محيطنا الاجتماعي تعتبر العلاقات غير القانونية بين المرأة والرجل الأجنبي وصْمَة عار على الأبوين ، وسوء سمعة للعائلة كلها ، ولا توجد عائلة - حتى تلك التي لا تتقيد بالدين - ترضى بهذا العار ، وتتحمل أن يشار إليها بالبنان في المحافل والمجالس .
وقد ينتهي الأمر بالقتل والجريمة إذا ما اضطرت مثل تلك الأُسَر إلى إبداء ردود فعل معينة لإزالة هذا العار ، ونتيجة كل ذلك تقع أضرار لا يمكن تعويضها ، حيث توجد الآن قضايا عديدة أمام المحاكم من هذا القبيل .
وأخيراً :
من مجموع البحث نستنتج أن شباب الشرق في عالم اليوم ملزمون بتعلم العلوم الطبيعية وفنون الصناعة لعلماء الغرب ، والاستفادة من تجاربهم في الفروع المختلفة ، والتقدم مع التطور العلمي العالمي وتجهيز أنفسهم للتطور الصناعي ، ولكن بشرط أن يكون التقليد واعياً وبالمقدار الصحيح في إطار العقل والمنافع ، وليس أن يجعل الشرقيون من أنفسهم عبيداً للغربيين .
فالتقليد غير المشروط للأساليب الغربية جميعها ، يعني تقبل الكثير من الرذائل الأخلاقية والصفات الاجتماعية المنحطة ، وانحدار الشباب نحو الجريمة والفساد ، وضياع القيم في مجتمعاتنا المسلمة .
الاعتدال في حب الصديق والثقة به
ومن الحكمة أن يكون العاقل معتدلاً في محبة الأصدقاء والثقة بهم والركون إليهم دون إسراف أو مغالاة ، فلا يصح الإفراط في الاطمئنان إليهم واطلاعهم على ما يخشى إفشاءه من أسراره وخفاياه .
فقد يرتد الصديق ويغدو عدواً لدوداً ، فيكون آنذاك أشد خطراً وأعظم ضرراً من الخصوم والأعداء .
وقد حذرت وصايا أهل البيت عليهم السلام وأقوال الحكماء والأدباء نظماً ونثراً من ذلك :
قال أمير المؤمنين (ع) : «أحبب حبيبك هوناً ما ، عسى أن يكون بغيضك يوماً ما ، وابغض بغيضك هوناً ما ، عسى أن يكون حبيبك يوماً ما» (1) .
وقال الصادق (ع) لبعض أصحابه :
«لا تطلع صديقك من سرك إلا على ما لو اطلع عليه عدوك لم يضرك فإن الصديق قد يكون عدوك يوماً ما» .
قال المعري :
خف من تود كما تخاف معادياً وتمار فيمن ليس فيه تمار
فالرزء يبعثه القريب وما درى مضر بما تجنى يدا أنمار
وقال أبو العتاهية :
ليخل امرؤ دون الثقات بنفسه فما كل موثوق به ناصح الحب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) نهج البلاغة .
قائد الثورة: لو دخلت بعض دول المنطقة في مواجهة مع ايران فإنها ستُهزم
صرح قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي بان الاميركيين لا يريدون ان يتحملوا ثمن المواجهة مع ايران وشعبها المقتدر بل يلقوها على عاتق بعض دول المنطقة، مؤكدا القول بانه لو دخلت هذه الدول في مواجهة مع ايران فستتلقى الضربة وستُهزم.
جاء ذلك في تصريح لسماحة القائد خلال استقباله صباح اليوم الاثنين حشدا من العمال من مختلف انحاء البلاد، على اعتاب يوم العمال العالمي الذي يصادف غدا الثلاثاء.
واضاف قائد الثورة الاسلامية، لقد قلت قبل عدة اعوام وفي عهد رئيس اميركي اخر كان كالرئيس الحالي سيئ الاخلاق وبذيء اللسان بان عهد "اضرب واهرب" قد ولّى وهم يعلمون بانهم لو دخلوا في مواجهة عسكرية مع ايران فسيتلقون ضربات مضاعفة.
واعتبر سماحته احد اساليب اميركا لمواجهة الجمهورية الاسلامية الايرانية الحرة والمستقلة هو تحريض بعض الحكومات قليلة الادراك في المنطقة واثارة الخلافات والنزاعات في داخل المنطقة واضاف، ان الاميركيين يسعون عبر تحريض السعوديين وبعض الدول الاخرى في المنطقة لجعلها في مواجهة مع الجمهورية الاسلامية ولكن لو كانت هذه تحظى بالعقلانية فلا ينبغي ان تنخدع باميركا.
واكد بان الاميركيين لا يريدون ان يتحملوا ثمن المواجهة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية وشعبها المقتدر بل يسعون لالقائها على عاتق بعض حكومات المنطقة واضاف، انه على بعض دول المنطقة ان تعلم بانه لو دخلت في مواجهة مع الجمهورية الاسلامية الايرانية فانها ستتلقى الضربة بالتاكيد وتُهزم.
واشار الى انعدام الامن ووقوع الحروب والاشتباكات الناجمة عن تواجد اميركا في منطقة غرب اسيا واكد قائلا، انه لهذا السبب ينبغي قطع اقدام الاميركيين عن هذه المنطقة ويجب عليهم ان يغادروا منطقة غرب اسيا.
واكد آية الله الخامنئي بان الذي يجب ان يغادر المنطقة هو اميركا وليس الجمهورية الاسلامية الايرانية واضاف، نحن سكان هنا، والخليج الفارسي وغرب اسيا هو بيتنا، ولكن انتم غرباء على المنطقة وتسعون وراء اهداف خبيثة وزرع الفتنة.
واكد سماحته بالقول، اعلموا بانه سيتم قطع اقدام اميركا وبعض الدول المماثلة لها عن هذه المنطقة.
واعتبر قائد الثورة الاسلامية الحرب الاقتصادية بانها تشكل المخطط الاساس لمواجهة الجمهورية الاسلامية، واكد بان السبيل الوحيد لمواجهة هذه الحرب هو دعم السلع الوطنية الايرانية والاعتماد على الطاقات والقدرات الداخلية وعدم الاتكاء على الاجانب واضاف، ان من واجب الحكومة والمسؤولين ازالة المشاكل والعقبات التي تعترض سبيل موفري فرص العمل والعمال وتعزيز طاقات الانتاج للوحدات الانتاجية ومن مسؤولية المواطنين العزم الجاد لشراء السلع الايرانية.
واشار الى زيارته التفقدية لعدة ساعات عصر امس لمعرض المنتوجات الايرانية المقام في حسينية الامام الخميني (رض) واضاف، رغم جميع الضغوط والحظر والمشاكل التي يختلقها المستكبرون الا ان منتوجاتنا الداخلية المعروضة في المعرض بارزة وممتازة ولهذا السبب يجب تقبيل اليد المبدعة للعمال الايرانيين الذين يعدون من افضل العمال في العالم.
واكد بان دعم السلع الايرانية من شانه توفير فرص العمل للشباب المتعلم في مختلف القطاعات الانتاجية، وانتقد اصرار البعض على شراء السلع الاجنبية رغم وجود مثيل لها من السلع الوطنية واضاف، ان مسؤولية الشعب لدعم السلع الايرانية هو القرار الجاد لشراء المنتوجات الداخلية.
واعتبر سماحته احدى نتائج دعم السلع الايرانية هي الحيلولة دون التداعيات الاجتماعية والامنية والاخلاقية الناجمة عن البطالة واضاف، ان دعم السلع الايرانية يعد احد افضل السبل واكثر تاثيرا لمواجهة مخطط الاعداء الاقتصادي لانهم انتبهوا الى انهم لن يحققوا اي نتيجة في الحرب الخشنة والعسكرية.
وقال قائد الثورة الاسلامية، لقد قلت قبل عدة اعوام وفي عهد رئيس اميركي اخر كان كالرئيس الحالي سيئ الاخلاق وبذيء اللسان بان عهد "اضرب واهرب" قد ولّى وهم يعلمون بانهم لو دخلوا في مواجهة عسكرية مع ايران فسيتلقون ضربات مضاعفة.
وتابع قائلا، لقد ركزوا الان على الحرب الاقتصادية والحرب الثقافية بحيث ان وزارة الخزانة الاميركية اضحت غرفة عمليات الحرب الاقتصادية ضد الجمهورية الاسلامية.
واكد آية الله الخامنئي بان السبيل لمواجهة الحرب الاقتصادية هو الاعتماد على الطاقات والقدرات الداخلية واضاف، انني لا اؤمن بقطع العلاقات مع العالم الا ان الاعتماد على خارج الحدود يعد خطأ في خطأ.
وقال سماحته انه علينا ان نقيم علاقات مع العالم بفطنة وذكاء وجدية ولكن علينا ان نعلم ايضا بان العالم ليس اميركا وعدد من الدول الاوروبية فقط، فالعالم واسع ولا بد من اقامة العلاقات مع مختلف الدول.
ولادة الإمام المهدي (ع) (يوم المستضعفين) (15/ شعبان/ السنة 255 هـ)
ولد الإمام محمد بن الحسن المهدي(ع) في سامراء ليلة مباركة وهي ليلة النصف من شعبان سنة (255هـ) الموافق لسنة: (868م)، أبوه الإمام العسكري(ع) وأمه نرجس وتسمى بريحانة وسوسن صاحبة الفضل والكرامة العظيمة، ولقب الإمام (ع) بالحجة، والقائم، وقائم آل محمد، والخلف الصالح، وصاحب الزمان، وبقية الله في أرضه، والغائب، وأشهرها المهدي([1])، وقد سُمي هذا اليوم من قبل الإمام الخميني الراحل (ره) بيوم المستضعفين لما يحمل من آمال كبيرة لهم لنصرتهم على المستكبرين بواسطة قيامه وإصلاحه العالمي المنتظر.
الإمام المهدي المصلح العالمي:
اتفق المسلمون جميعاً على ظهور المهدي في آخر الزمان، لإزالة الظلم والجور والفساد، وإصلاح العالم ولنشر العدل وإعلاء كلمة الحق، وإظهار الدين كله ولو كره المشركون، وهو يحقق الوعد الإلهي الذي وعده للمؤمنين بقوله تعالى:(وَلَقَدْ كَتَبْنا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الأَرْضَ يَرِثُها عِبادِيَ الصَّالِحُونَ)([2]).
قوله تعالى: )وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِينَ(([3])، وقوله تعالى: (وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ...(([4]).
هذا بالإضافة إلى ما تختزنه مصنفاتهم من روايات كثيرة بلغت حد التواتر، منها:
1- ما رواه أحمد في (مسنده)، عن رسول الله (ص) ، ، أنه قال: «لو لم يبق من الدهر إلا يومٌ واحد لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملأها عدلاً كما ملئت جوراً»([5]).
2- ما رواه أبو داود، عن عبد الله بن مسعود، أن رسول الله (ص) ، قال: «لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي».
3- وروي عن أم سلمة، قالت: سمعت رسول الله (ص) ، يقول: «المهدي من عترتي من ولد فاطمة».
وعلى كل حال ففكرة المهدي المنقذ الذي يملا الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، ليست فكرة شيعية، بل هي فكرة إسلامية - بل هي فكرة دينية يدين بها أهل الشرائع الإلهية السابقة - توافق عليها المسلمون واعتقدوا بها وصدقوها لكثرة الروايات المنقولة عن النبي(ص) ، بالتبشير به (ع).
نعم إذا كان هناك خلاف فإنما هو في أنه ولد أم سيولد، فقد ذهب علماء الإمامية إلى أنه ولد في سنة (255هـ). في مدينة سامراء واختفى بعد وفاة أبيه عام (260هـ).
وقد تواترت الروايات عن آبائه الطاهرين عليهم السلام عندهم بما لا تدع أدنى شك أو ارتياب بذلك وهي روايات صحيحة الإسناد، وبدرجة عالية من الوثاقة اتصف رواتها، وقد نقل الكليني والصدوق والطوسي كثيراً من هذه الأخبار الدالة على ولادته في ذلك الزمان، وأن الإمام العسكري قد عقّ عنه وتصدّق عنه وبعث العطايا والهدايا لفقراء الشيعة، كما تشرف جماعة من أصحابه برؤيته في حياة أبيه([6]).
كما ورد عن الأئمة المعصومين عليهم السلام التصريح بغيابه عن أمته، إلى أن يأذن له الله تعالى بالظهور فيملأها قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً، بل في بعضها التصريح بوجود غيبتين له، وللوقوف على ذلك نكتفي بما رواه الكليني بإسناده الصحيح عن أبي هاشم - داود بن القاسم - الجعفري قال: قلت لأبي محمد العسكري(ع) : جلالتك تمنعني من مسألتك أفتأذن لي أن أسألك؟
فقال: سل، قلت: يا سيدي هل لك ولد؟ فقال: نعم.
فقلت: فإن حدث بك حدث فأين أسأل عنه ؟ قال (ع) : بالمدينة([7]).
إلى غير ذلك من الأخبار التي تؤكد مولده المبارك.
وقد وافق في هذا الأمر جماعة من علماء السنة، وقالوا بأنه ولد وأنه ابن الإمام الحسن العسكري، منهم كمال الدين محمد بن محمد القريشي الشافعي، في كتابه (مطالب السؤول في مناقب آل الرسول)، قال: المهدي الحجة، الخلف الصالح المنتظر، فأما مولده فبسر من رأى، وأما نسبه أباً فأبوه الحسن الخالص... ثم قال:.... إنّ الرسول لما وصفه، وذكر اسمه ونسبه، وجدنا تلك الصفات والعلامات موجودة في محمد بن الحسن العسكري علمنا أنه هو المهدي.
ومنهم، أبو عبد الله محمد بن يوسف بن محمد الكنجي الشافعي في كتابيه: (البيان في أخبار صاحب الزمان)، و(كفاية الطالب في مناقب علي بن أبي طالب)([8])، ومنهم نور الدين علي بن محمد بن الصباغ المالكي في كتابه (الفصول المهمة في معرفة الأئمة)، ومنهم الفقيه الواعظ شمس الدين المعروف بسبط ابن الجوزي في كتابه (تذكرة الخواص)، وقد ذكر السيد الأمين في (الأعيان) عشرة من علمائهم، غير ما ذكرناه، ثم قال: والقائلون بوجود المهدي من علماء أهل السنة كثيرون...([9]).
ليلة النصف من شعبان
وهي ليلة بالغة الشرف، وقد روي عن الصادق (ع) قال: سئل الباقر (ع) عن فضل ليلة النصف من شعبان فقال (ع) : «هي أفضل الليالي بعد ليلة القدر، فيها يمنح الله العباد فضله، ويغفر لهم بمنّه، فاجتهدوا في القربة إلى الله (تعالى) فيها، فإنها ليلة آلى الله عزّ جل على نفسه أن لا يردّ سائلاً فيها، ما لم يسأل الله المعصية، وإنها الليلة التي جعلها الله لنا أهل البيت بإزاء ما جعل ليلة القدر لنبينا (ع) فاجتهدوا في دعاء الله (تعالى) والثناء عليه».
ومن عظيم بركات هذه الليلة المباركة أنها ميلاد سلطان العصر وإمام الزمان أرواحنا له الفداء، ولد عند السحر سنة خمس وخمسين ومائتين في سرّ من رأى، وهذا ما يزيد هذه الليلة شرفاً وفضلاً، وقد ورد فيها أعمال:
أولها: الغسل، فإنه يوجب تخفيف الذنوب.
الثاني: إحياؤها بالصلاة والدعاء والاستغفار، كما كان يصنع الإمام زين العابدين(ع) .
وفي الحديث: من أحيا هذه الليلة لم يمت قلبه يوم تموت القلوب.
الثالث: أن يأتي بما ورد في هذه الليلة من الصلوات، وأهمها صلاة جعفر الطيار (ع) .
الرابع: زيارة الحسين (ع) وهي أفضل أعمال هذه الليلة وتوجب غفران الذنوب([10])، وقراءة مجموعة من الأدعية الواردة في هذه الليلة، يمكنك مراجعتها في كتب الأدعية ومنها مفاتيح الجنان.
([1]) إعلام الورى 418، والفصول المهمة 310، وإثبات الوصية 248.
([2]) سورة الأنبياء: الآية 105.
([5]) مسند أحمد 1: 48/781/7812.
([6]) راجع الكافي 1: 328- 369، وكمال الدين وتمام النعمة، للصدوق 2: 372، والغيبة، للشيخ الطوسي.