Super User

Super User

أعلنت وزيرة الثقافة المصرية، إيناس عبد الدايم، أن "السعودية ستستضيف لأول مرة في تاريخها، حفلين متتاليين لدار الأوبرا المصرية، في مركز الملك فهد الثقافي بـ(العاصمة) الرياض، الأربعاء والخميس المقبلين".

جاء ذلك بحسب تصريحات للوزيرة نقلتها صحيفة الأهرام المملوكة للدولة في عددها الصادر اليوم الأحد.

وقالت "عبد الدايم"، إن "تعزيز التواصل الثقافي بين مصر والسعودية صمام أمان للهوية العربية"، مشيرة إلى "قدرة القوة الناعمة في مواجهة الأفكار الظلامية، ما يؤدي إلى الأمن الفكري، وينعكس إيجابًا على البلدين"، وفق المصدر ذاته.

ويشمل البرناج الفني في الزيارة الأولى للأوبرا المصرية، للمملكة؛ "أغاني نخبة من عيون الطرب التي شكلت جزءًا من الوجدان الفني للشعوب العربية، وأبدعها كبار الملحنين والشعراء يؤديها نجوم الأوبرا بمصاحبة الفرقة الموسيقية بقيادة المايسترو مصطفى حلمي".

وشهدت المملكة، في الآونة الأخيرة، سلسلة قرارات بالتخلي عن عدد من القوانين والأعراف الرسمية، التي اعتمدتها البلاد على مدار عقود، أبرزها إقامة دور سينما وحفلات غنائية، والسماح للنساء بقيادة السيارات (اعتبارًا من يونيو/حزيران المقبل)، ودخولهن ملاعب كرة القدم.

والأوبرا من أبرز المنصات الثقافية والفنية بمصر، وتم افتتاحها عام 1988م.

وخلال زيارته الأخيرة لمصر في مارس/ آذار الماضي، قام ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بحضور عرض مسرحي بدار الأوبرا بالقاهرة.

الإثنين, 23 نيسان/أبريل 2018 07:43

جدل في واشنطن بشأن فشل العدوان على سوريا

تتصاعد الأسئلة والاستفسارات عن الأهداف السياسية التي تحققت جراء العدوان الأميركي على سوريا، عقب هدوء العاصفة الإعلامية، وعن الدوافع الحقيقية لذلك عشية قيام وفد الوكالة الدولية مباشرة مهامها بالتحقيق في مزاعم استخدام أسلحة كيميائية في مدينة دوما بالقرب من العاصمة دمشق.

تقييم أقطاب المعسكر يشير إلى "فشل" الهجوم في تحقيق الحد الأدنى سالف الذكر، مقروناً بحالة النكران التي يعانيها البنتاغون للتغطية على ذاك الفشل. فقد تم تجاوز تحفظات ماتيس وفريقه من القيادات العسكرية وتغليب وجهة نظر الآخرين من ضرورة "توجيه رد عسكري سريع ومثير" لسوريا مع مراعاة عدم الانجرار وراء استفزاز روسيا، وامتداداً إيران، بغية التأكيد على مصداقية "تغريدات الرئيس" للظهور بمظهر القوي وعدم التردد في الرد – حسبما رشح من داخل نقاشات البيت الأبيض.

فَردَت أسبوعية "نيويورك" مساحة وافية للكشف عن دوافع قرار الإدارة، 18 نيسان/أبريل الجاري، بأن على رأسها نزعة الرئيس ترامب لإقران "تغريداته وتهديداته" بالفعل وللتأكيد على "قوة الترسانة العسكرية الأميركية". واستطردت بأن ترامب كان آخر همه "أن يهبّ لنجدة السوريين، خاصة بعدما أعلن في حملته الانتخابية منع اللاجئين السوريين من دخول الأراضي الأميركية".

وتساءلت المجلة في تقريرها عن الدوافع النفسية، إذ أنه "من الجنون إقدام ترامب على تدخل عسكري لا تسنده استراتيجية متماسكة للظهور بمظهر الزعيم الحازم.. بيد أن ما قام به لا ينفي أنه منفصم عن حقائق الواقع الراهن أكثر من أسلافه" الرؤساء السابقين.

ولفتت الأنظار أيضاً إلى تعزيز ترامب للصورة العامة التي يرغبها "فهو لا يستخدم الدعاية من أجل (تحقيق) السياسات التي يفضلها فحسب، بل يستخدم السياسة لتحقيق أغراض الدعاية.. (بعبارة أخرى) يريد تغيير الطريقة التي ينظر فيها العالم إليه."

أشار بعض الخبراء العسكريين إلى بعد آخر في ذهنية الرئيس ترامب وحرصه على عدم تأجيل قرار العدوان نظراً لقناعته الداخلية بأنه "من الأفضل القيام بقصف سوريا دون توفر استراتيجية معروفة المعالم أو بالحصول على تفويض قانوني (من الكونغرس) عوضاً عن إفساح المجال لتشكيك الآخرين بصدقية تهديداته" التي يواظب عليها في الأفق الإلكتروني.

لكن تجربة الحرب الكونية الأولى أوصلت القادة العسكريين إلى نتيجة عدم الاعتماد على غاز الكلور كسلاح فعال، الأمر الذي يقودنا للقول بأن إدعاء مسلحي غوطة دمشق تعرضهم لهجوم بغاز الكلور ليس إلا ادعاءً زائفاً ولا يستند إلى حقائق علمية صارمة؛ فضلاً عن مزاعم أعداد الضحايا العالية مقارنة بخاصية الغاز غير الثابتة وانتشاره السريع في الجو.

هذا يشير إلى أن الأهداف المنوي إنجازها هي تدمير سلاح الجو السوري وإضعاف واستنزاف الجيش السوري وحلفاؤه وزرع سيناريوهات التفتيت والتجزئة، في وقت حافظت الرواية الرسمية الأميركية على "إنجاز أهداف المهمة (بتدمير) مواقع ثلاثة.. تتعلق ببرنامج سوريا للأسلحة الكيميائية؛" باستخدام 105 صواريخ جوالة ضدها، أي بمعدل 35 صاروخاً للموقع الواحد.

التقييم العسكري الروسي للغارات قال أن 6 مطارات عسكرية تعرضت للقصف الصاروخي وتم اعتراض وإسقاط 71 صاروخاً؛ مقابل إصرار البنتاغون على القول أنها لم تستهدف أياً من المنشآت العسكرية السورية.

بعض الحقيقة مر عليها موقع المرصد السوري المعارض، من مقره في لندن قائلاً إن "8 مواقع تعرضت للقصف وأسقطت الدفاعات الجوية السورية 65 صاروخاً جوالاً"، بينما رواية البنتاغون تنفي تعرض أي من صواريخها للاعتراض أو للاستهداف.

الخبراء الأميركيون يميلون لتصديق الرواية الروسية، أو بعضها، استناداً لمصادرهم داخل قيادات البنتاغون، وفيها: إطلاق 4 صواريخ استهدفت مطار دمشق الدولي؛ 12 صاروخاً ضد موقع الضمير العسكري؛ 18 صاروخاً تعرض لها مطار بلي العسكري (جنوب دمشق)؛ 18 صاروخ استهدف مطار شعيرات العسكري؛ 9 صواريخ على مطار المزة العسكري؛ مطار حمص الدولي تعرض لـ 13 صاروخاً؛ برزة وجمرايا (مركز البحث العلمي) تعرضتا لـ 30 صاروخاً.

السؤال البارز هو لماذا "اضطرت" الولايات المتحدة لاستخدام أفضل وأدق ما في ترسانتها من أسلحة ضد 3 مواقع فقط، كما تدعي؛ بينما الهدف المضمر هو "سحق" سلاح الجو السوري ودفاعاته الجوية إن أمكن. وهل واشنطن في طور تجديد عدوانها ضد سوريا قبل حلول موعد الثاني عشر من أيار/مايو المقبل الخاص بتجديد الاتفاق النووي مع إيران أو انسحاب الولايات المتحدة منه من جانب واحد.

بعض الإجابة نجدها في سياق استهداف واشنطن التاريخي لدمشق منذ العام 1947، وبشكل أكثر نشاطاً منذ غزو واحتلال العراق عام 2003، هدفها الإطاحة بنظام سياسي لا يذعن للإملاءات الأميركية ويقف بصلابة داعماً للمقاومة ضد الاحتلال الصهيوني، ومصمماً على استعادة أراضيه المحتلة ومواجهة مشاريع الهيمنة الإستعمارية على مقدرات وخيرات بلاده.

قال محمد السويدي، رئيس ائتلاف "دعم مصر"، صاحب الأغلبية بمجلس النواب (البرلمان) المصري، إن الائتلاف يدرس قانونية التحول لحزب سياسي.

وأوضح السويدي، في تصريحات متلفزة، مساء الأحد، أن "أعضاء بالائتلاف طرحوا فكرة تحوله إلى حزب، حيث يتم دراسة الأمر من جميع الجوانب".

وعزا السويدي ذلك إلى وجود "فراغ في الحياة السياسية بالبلاد".

وأضاف: "المكتب السياسي (للائتلاف) سيتقدم إلى الجمعية العامة للائتلاف بما سينتج عنه من أفكار تتعلق بالتحول إلى حزب سياسي، أو الاندماج مع أحزاب".

وأشار إلى أن "للجمعية العامة اتخاذ القرار النهائي، بعد انتهاء مشاورات سنجريها مع الأحزاب الأخرى والنواب المستقلين".

وردًا على تخوفات إحياء تجربة الحزب الحاكم، أكد السويدي أنه "لا يمكن تكرار تجربة الحزب الوطني (منحل) وانتظار نتائج مختلفة".

وأطاحت ثورة 2011، بتجربة الحزب الوطني الديمقراطي (منحل)، إبان حكم الرئيس الأسبق، حسني مبارك (1981- 2011)، وبنظام الأخير.

وشدد السويدي على ضرورة "الإصلاح السياسي بوجود حزبين أو ثلاثة يتنافسون على الساحة".

وتتصاعد في مصر وتيرة دعوات إلى اندماج الأحزاب السياسية، بدعوى "تعزيز التعددية الحزبية"، مقابل حديث مماثل عن احتمال إحياء تجربة حزب الأغلبية.

وفي المقابل، تواجه أطروحات اندماج الأحزاب، وتحويل الائتلافات البرلمانية إلى أحزاب، معضلة قانونية، تتمثل في الحاجة إلى إدخال تشريع على لائحة مجلس النواب (البرلمان) بشأن "الصفة الحزبية" للنائب.

وتنص لائحة مجلس النواب على أنه "يُشترط لاستمرار عضوية أعضاء المجلس أن يظلوا محتفظين بالصفة التي تم انتخابهم على أساسها، فإذا فقد أحدهم هذه الصفة، أو إذا غيَّر العضو انتماءه الحزبي المنتخب عنه أو أصبح مستقلًا، أو صار المستقل حزبيًا؛ تسقط عنه العضوية بقرار من المجلس بأغلبية الثلثين".

وعادة ما عرفت أحزاب الأغلبية ترأس رئيس البلاد لها، غير أن المادة 140 من الدستور المصري تنص على أنه "لا يجوز لرئيس الجمهورية أن يشغل أي منصب حزبي طوال مدة الرئاسة".

وفي 2016، شكَّل برلمانيون "ائتلاف دعم مصر"، الذي يضم 317 نائبًا، من أصل نواب المجلس الـ596، ونسبتهم تقترب قليلاً من نسبة ثلثي أعضاء المجلس، التي تقتضي تمرير غالبية القوانين، وفق الدستور.

ومنذ الإعلان عن تشكيل الائتلاف، وهو أبرز حليف ومؤيد للرئيس عبد الفتاح السيسي، وتحيطه تخوفات من محاولة استنساخ حزب أغلبية حاكم، إثر تأكيد مؤسسيه وأعضاء بأنه ائتلاف "مرتبط بدعم النظام والدولة".

- حبل النجاة الأخير الذي حاولت واشنطن تمتينه من خلال قصف دمشق بوابل من الصواريخ انقطع أو لنكن منطقيين أكثر على وشك الانقطاع في ظل تعاظم قوة محور المقاومة التي لا يوجد من يردعها عن تحقيق أهدافها في إرساء الأمن في بلادها والمنطقة عامةً.

تداعيات العدوان الثلاثي على سوريا تتسارع بشكل طبيعي نظراً لحجم الردّ الذي لم يكن متوقعاً من الطرف السوري، ومن أبرز هذه التداعيات أو النتائج أن واشنطن أصبحت أقرب إلى الانسحاب من سوريا أكثر من أي وقت مضى لأسباب كثيرة أبرزها "خرق القانون الدولي وعدم احترام سيادة الدولة السورية، فضلاً عن عجزها في الاستمرار هناك في ظل رفض جماهيري لبقائها على الأراضي السورية وخوفها من التعرض لهجمات غير متوقعة تشابه تلك التي شهدها الجنود الأمريكيون في العراق".

الولايات المتحدة لا تنسحب بسلاسة فهي تريد إطالة عمر الأزمة السورية قدر المستطاع لذلك بدأت إدارة الرئيس دونالد ترامب تكشف عن خططها للمرحلة القادمة في سوريا والتي تمثلت حتى اللحظة بإحلال قوات عسكرية عربية مكان القوات الأمريكية المنتشرة في سوريا، بحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية.

وفي هذا السياق أعلن مسؤولون أمريكيون أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تنوي إحلال قوة عسكرية قوامها بعض الدول العربية مكان قواتها المنتشرة في سوريا "درءاً لحدوث فراغ جراء انسحابها.. والإعداد لبسط الاستقرار في منطقة الشمال الشرقي من سوريا بعد إنجاز هزيمة داعش".

وبحسب صحيفة "وول ستريت جورنال" الأمريكية التي نقلت عن مصادرها في البيت الأبيض، فإنّ مستشار الأمن القومي جون بولتون أجرى اتصالاً هاتفياً مع مسؤول المخابرات المصرية بالوكالة عباس كامل لبحث حجم القوة التي بإمكان مصر المساهمة بها.

إلى أي درجة يمكن تحقيق الخطة الأمريكية الجديدة؟!

أن تدفع السعودية مليارات الدولارات لإبقاء القوات الأمريكية هذا أمر يمكن تصديقه لكون ابن سلمان بدأ يفقد جميع أوراقه في المنطقة وعوضاً من أن يواجه إيران زاد من قوتها من حيث لا يدري، ولذلك لن يتوانى ولي العهد عن دفع أي مبلغ يساعده في حفظ ما تبقى من ماء الوجه، ولكن هل ستتمكن السعودية وبقية الدول المذكورة في تقرير الصحيفة الأمريكية والتي شملت قطر، الإمارات، الأردن ومصر من إدخال قواتها إلى سوريا لتحل محل القوات الأمريكية؟!.

أولاً: الظروف لا تسمح بذلك، وهذا الأمر يعدّ من كل النواحي انتهاكاً صارخاً للسيادة السورية، ويمكن أن نقرأ في هذا الكلام رسالة مبطّنة تؤكد  خروج الأمريكي من سوريا، ولكن هل ستوقف أمريكا مشاريعها، بالطبع كلا.

ثانياً: الدول المطروحة؛ لنبدأ من الأردن الذي لم يُدخل قواته إلى الجنوب السوري، فكيف الحال بباقي مناطق سوريا، فضلاً عن العجز الاقتصادي الذي تواجهه هذه الدولة وبالتالي بأحسن أحوالها قد يكون تمثيلها شكلي يتناسب مع سياستها مع الجانب الأمريكي.

أما مصر فتربطها علاقات جيدة مع دمشق وبالتالي لن تقدم على هذه الخطوة من دون تنسيق وموافقة مسبقة من سوريا، خاصةً أن التنسيق الأمني بين البلدين قوي جداً وقد ترجم ذلك بعدة زيارات قام بها رئيس الأمن القومي السوري إلى مصر خلال الأزمة.

وإذا أردنا الحديث عن قطر، هل نتحدث؟!، أعتقد أنه لا تعليق على هذا إلا اللهم، إذا كانت ستنتشر في زقاق أحد الأحياء في قرية سورية صغيرة! الظروف الخليجية والحصار ووجود احتمالية الخيار العسكري في هذه الدولة، فكيف لها بالذهاب إلى سوريا.

العملاق الخليجي السعودي غارق حتى أخمص قدميه في أزمات المنطقة وعلى رأسها أزمة قطر واليمن، فضلاً عن كونه لا يمتلك القدرة العسكرية التي تخوله من ممارسة هذا الدور.

والأهم من هذا كله أن أغلبية المناطق أصبحت بيد الجيش السوري، فلا نعلم ماذا تستطيع أن تفعل هذه الدول مجتمعة إذا كان الأصيل وبكل جبروته وقوته عاجز عن فعل شيء يذكر فكيف بالوكيل.

ثالثاً: هذا الادعاء من صحيفة عرقية كصحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية يأتي بعد أيام قليلة على الضربة العسكرية التي شكّلت انتكاسة بدل أن تكون نصراً يهدف للتخفيف من وطأة الانتكاسة الأمريكية في سوريا.

ولو أدركت واشنطن أن القانون الدولي يسمح لها بالبقاء لبقيت، ولكنها تستغل انشغال الدولة السورية في مكافحة الجماعات التكفيرية للبقاء حالياً، ومع ذلك لن يطول هذا الأمر وقد قالت المتحدثة باسم البيت الأبيض سارة ساندرز الأحد الماضي إن ترامب "لا يزال يريد سحب القوات الأمريكية من سوريا في أقرب وقت ممكن، ولكنه لم يحدد وقتاً معيناً لذلك"، مضيفة إن "مهمة الولايات المتحدة لم تتغير، وإن ترامب كان واضحاً إنه يريد عودة القوات الأمريكية في أسرع وقت ممكن"، وفق المتحدثة.

في الختام؛ في كل حرب لا بدّ أن يكون هناك كبش محرقة في الطرف الخاسر، والواضح أن المحور المواجه لمحور المقاومة، عدا تركيا المنسحبة مؤخراً، هو الخاسر الرئيسي، كبش المحرقة إما أمريكا وإسرائيل أو دول أخرى في هذا المحور.

هنا نعتقد أن أمريكا تسعى لتقديمهم على أنهم كبش محرقة في ختام الأزمة السورية، وبالتالي ستكون الرياض أمام "جاستا" سوري و"جاستا" أمريكي.

الأحد, 22 نيسان/أبريل 2018 10:43

حقوق الإنسان على الطراز الأمريكي

- إذا كنت تريد أن تعلم إن كانت بلادك مصنّفة ضمن الدول التي تنتهك حقوق الإنسان ليس عليك سوى أن تطلع على التصنيف الأخير لوزارة الخارجية الأمريكية للدول التي تزعزع الاستقرار وتنتهك حقوق الإنسان، التصنيف الأخير صدر يوم الجمعة الماضية وجاء فيه أن كلّاً من الصين وروسيا وإيران وكوريا الشمالية تعدّ حكومات "مدانة أخلاقياً"، وقالت الوزارة إنها تنتهك حقوق الإنسان يومياً ما يجعلها "نتيجة لذلك قوى مزعزعة للاستقرار".

راقبوا معي الدول التي اختارتها واشنطن واعتبرتها مزعزعة للاستقرار العالمي، أوليست هي نفس الدول التي تصنفها أمريكا على أنها تشكل أكبر تهديد بالنسبة لها، حيث لم يتوقف المسؤولون الأمريكيون ومنذ وصول ترامب إلى الحكم عن مهاجمة الدول الآنفة الذكر، وخلال العام الماضي قال الجنرال جوسف دنفورد، أحد أهم الضباط العسكريين الأمريكيين، للكونغرس أنه يتوقع أن تصبح الصين "الخصم الأكبر" لأمريكا بحلول عام 2025.

إذاً مسألة انتهاك حقوق الإنسان تفصّلها واشنطن على مقاسها ومقاس سياستها التي بدأت تبدو مضطربة وأكثر عدوانية في ظل بروز نجم هذه الدول الأربعة التي بدأت تقلب الطاولة على السياسة الأمريكية وتفردها بقيادة العالم لعدة عقود، وهذا الصعود السريع لهذه الدول جعل شمّاعة مكافحة الإرهاب غير كافيّة بالنسبة لواشنطن، لذلك تعمد اليوم إلى استخدام شماعة حقوق الإنسان.

وهل من باب المصادفة أن تهاجم أمريكا فقط هذه الدول الأربعة التي وردت في خانة التهديدات وتضعها اليوم في خانة انتهاك حقوق الإنسان؟ ماذا عن السعوديّة؟ ماذا عن الكيان الإسرائيلي الذي أثار حفيظة المجتمع الدولي؟ السؤال الذي يجب أن نسأله هنا ما هي حقوق الإنسان التي يتشدّق بها الجانب الأمريكي؟!.

أولاً: جاء في النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، أن الجريمة ضد الإنسانية هي أي هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين وتتضمن مثل هذه الأَفعال القتل العمد، والإبادة، والاغتصاب، والعبودية الجنسية، والإبعاد أو النقل القسري للسكان، وجريمةِ التفرقة العنصرية وغيرها، بصرف النظر عن ارتكابها وقت الحرب أو السلام.

ما هي الأفعال التي لم ترتكبها أمريكا من النقاط المذكورة أعلاه؛ بالتأكيد ارتكبتها جميعها على مدار تاريخها القديم والحديث، وسجلها في انتهاكات حقوق الإنسان لا يمكن أن نحصيه بعشرات المقالات.

ثانياً: عند إصدار الوزارة تقارير ممارسات حقوق الإنسان في دول العالم عن عام 2017، قال القائم بأعمال وزير الخارجية، جون سوليفان، إن أحدث استراتيجية للأمن القومي الأمريكي تقرّ بأن فساد وضعف الحكم يهدد الاستقرار العالمي والمصالح الأمريكية، وما أثار اهتمامي النقطة الأخيرة التي تحدّث عنها سوليفان عندما قال، إن أمريكا تسعى لأن تكون مثلاً يحتذى للدول الأخرى في الترويج للحكم العادل والفعّال، الذي يستند إلى سيادة القانون واحترام حقوق الإنسان.

سنُذكّر السيد سوليفان ببعض الترويج للحكم العادل والفعّال الذي تمارسه واشنطن داخل البلاد وخارجها، فبلاده الكريمة قتلت 112 مليون إنسان من الهنود الحمر، حيث تمت إبادتهم بأبشع الأساليب والطرق الوحشية على مدار 150 عاماً، وفي خمسينات القرن الماضي استخدمت واشنطن الأسلحة الكيمائية في حربها مع فيتنام ولا يزال أطفال فيتنام يعانون التشوهات الخلقية والجسدية والعذابات اليومية حتى الآن، وهي التي قامت بإلقاء قنابل نووية على مدن مسكونة قتلت فيها 220,000 إنسان ياباني عام 1945، تلك الأسلحة التي تصنف أنها من ضمن أسلحة الدمار الشامل فمن يستخدمها ومن يفعل ذلك لا يمكن بأي حال من الأحوال وصفه بأنه يهتم للإنسانية، وسجل انتهاكاتها طويل جداً ويحتاج إلى مجلد كبير للإحاطة به.

ومؤخراً اتهمت منظمة العفو الدولية الرئيس الأمريكي دونالد ترامب باتباع سياسات تتسم بـ "الكراهية وتهدد حقوق الإنسان". وقالت "هيومن رايتس ووتش": ترامب "كارثة" على حقوق الإنسان ويشجع المستبدين.

ثالثاً: لماذا تتعامى واشنطن عن حلفائها الذين ينتهكون حقوق الإنسان جهاراً نهاراً ويقتلون الأطفال ويستخدمون الأسلحة المحرمة دولياً، فكيف يمكن لأمريكا التي تعتبر نفسها مثالاً يحتذى به في مجال حقوق الإنسان أن تتعامى عن انتهاكات آل سعود لحرمة اليمن وقتل أطفاله وتدمير بنيته التحتية وكذلك الأمر بالنسبة لإسرائيل التي هجّرت سكان دولة بأكملها وتحاول أن تقضي على تراثها وتاريخها الحضاري، أم لأنها تبيعهم الأسلحة التي يقتلون بها البشر لم يتم تصنفيهم ضمن الدول المهددة للاستقرار.

رابعاً: لا نستبعد أن تلجأ واشنطن إلى تحريك هذه الملفات بقوّة على الساحة الأممية، وأن تبدأ الجمعيات الحقوقية المدعومة أمريكياً برفع الصوت ضدّ "الأعداء"، وبعد ذلك قد تلتحق بها العديد من المنظمات ذات الصبغة الدوليّة.

خامساً: ترامب لا يعوّل كثيراً على الأمم المتحدة إلا بما يؤمّن مصالح واشنطن، وهو يعتبرها وبكل صراحة "لا تحقّق أهداف بلاده"، ولا يدخر جهداً بالالتفاف على الأمم المتحدة لتمرير مصالحه وقرارته دون إعارة أي أهمية للقانون الدولي، فعلى سبيل المثال تحرّك ترامب خارج الأمم المتحدة في قرار نقل السفارة بل هدّد كل من يعارضه، وتجاهل أزمة "الروهينجا" في الأمم المتحدة.

أكد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله أن المقاومة في لبنان أصبحت تملك القدرة والقوة والصواريخ التي تستطيع من خلالها ضرب أي هدف في كيان العدو الإسرائيلي، الذي أصبح يحسب لها ألف حساب.

وفي كلمة له في مهرجان انتخابي في مدينة صور جنوب لبنان، شدد السيد نصر الله على أن المقاومة هي "نتيجة تراكمات من التضحيات ولا يمكن أن نتنازل عنها وهي تعني وجودنا وكرامتنا وعزتنا"، وأن هذه المقاومة ثبّتت معادلة الردع مع العدو الإسرائيلي، وتابع "التصويت في 6 أيار (موعد الانتخابات البرلمانية في لبنان) يشكل رسالة تأكيد على التمسك بالمقاومة وعدم التخلي عنها وهو أيضاً رسالة التمسك بالوحدة الوطنية".

وكشف نصر الله أن حزب الله جاهز بعد الانتخابات "للنقاش في الاستراتيجية الدفاعية" عن لبنان.

ورأى السيد نصر الله أن تيار المستقبل تبنى الملف الاقتصادي في لبنان منذ عقود، متسائلاً عن الإنجازات التي حققها في هذا الملف، وشدد في هذا المجال على أن "مواجهة الفساد تحتاج إلى حزم وقرار سياسي والشعب لن يسكت بعد اليوم لأن البلد يتجه نحو الانهيار".

واعتبر نصر الله أن المسار الذي يسير فيه لبنان "سيؤدي إلى كارثة"، داعياً إلى المزيد من الحوار والتواصل بين مختلف القوى اللبنانية، كما أكد في هذا الإطار على أن النظام الطائفي في لبنان يشكل عقبة أساسية أمام حل المشكلات التي يواجهها البلد.

وتحدث نصر الله عن التحالف بين حزب الله وحركة أمل معتبراً أن رئيس مجلس النواب نبيه بري هو ضمانة وطنية "ودوره في الحوار كان أساسياً في حماية الاستقرار في لبنان".

ألمحت وسائل إعلام إسرائيلية، السبت، إلى وجود علاقة بين جهاز "الموساد"، وحادثة اغتيال الأكاديمي الفلسطيني، فادي البطش، بالعاصمة الماليزية كوالالمبور.

وفجر السبت، أطلق مسلحان كانا يستقلان دراجة نارية، النار على الأكاديمي الفلسطيني (35 عاماً) أثناء سيره على ممر المشاة؛ ما أسفر عن مقتله، حسب شرطة كوالالمبور.

وفيما لم تعلن أي جهة حتى الساعة 2.15 تغ، مسؤوليتها عن اغتيال البطش العضو بحركة "حماس" بحسب الاناضول ، أفاد نائب رئيس الوزراء الماليزي، وزير الداخلية، أحمد زاهد حميدي، في تصريحات سابقة له، بأن الحكومة تبحث احتمالية تورط وكالات أجنبية باغتيال الأكاديمي الفلسطيني.

فيما اتهمت عائلة البطش، الموساد الإسرائيلي بالوقوف خلف الحادث لما يتمتع به الأكاديمي من "علم في مجال الطاقة الكهربائية"، وهو ما لم تعلق السلطات الإسرائيلية رسميا عليه بشكل فوري، لكنها عادة ما تتكتم على مثل هذه الأمور.

وادعى المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرنوت"، رونين بيرغمان، أن "البطش ينتمي إلى وحدة سرية خاصة في حماس تعمل على تطوير أسلحة مهمة".

واعتبر أنه "إذا كانت إسرائيل تقف وراء الهجوم (مقتل البطش)، فإن ذلك يأتي ضمن معركة خاصة يقودها الموساد في السنوات الأخيرة لاستهداف وحدات البحث والتطوير في الحركة التي تعمل خارج الأراضي الفلسطينية بعيدا عن أعين جهاز الأمن الإسرائيلي الداخلي (الشاباك)".

بدوره، اعتبر المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن "عملية الاغتيال مماثلة لتلك التي نفذت ضد المهندس التونسي محمد الزواري (أواخر 2016 )"، في إشارة إلى أن "الموساد" هو من يقف وراء قتل البطش، حيث يتهم الجهاز أيضا باغتيال الزواري.

وقال إن "الهدف من العمليتين تركز على منع حماس من تطوير قدراتها الجوية".

وفي 15 ديسمبر/ كانون الأول 2016، أعلنت الداخلية التونسية مقتل الزواري في صفاقس، الذي أعلنت كتائب عز الدين القسام، الجناح المسلح لـ "حماس"، أنه أحد أعضائها.

من جهتها، ادّعت القناة العبرية الثانية (غير حكومية)، أن "البطش أجرى بحثا في نهاية 2014 حول منظومة محركات لطائرات من دون طيار، وآخر بشأن تطوير موجاتFM تُستخدم في تسييرها".

في حين ذكرت القناة العبرية العاشرة (غير حكومية)، أنه "كان مسؤولا عن تطوير أدوات تتعلق بتحسين حركة طائرات من نفس الطراز تابعة لحماس، إلى جانب إشرافه على تطوير دقة صواريخ تستخدمها الحركة".

وزعمت القناة أن "حماس تعمل في السنوات الأخيرة على إرسال المزيد من عناصرها إلى ماليزيا بعد اتفاق عقده القيادي في الحركة صالح العاروري، يتضمن وصول عناصرها من غزة والضفة؛ للتعلم والاستفادة"، لتطوير المجال والبنية العسكرية التحتية لحماس في الأراضي الفلسطينية.

ولم يتسن الحصول على تعقيب فوري من حماس حول ما ذكره الإعلام الإسرائيلي.

وكان "البطش" المختص في الهندسة الكهربائية يعيش في ماليزيا برفقة زوجته وأبنائه الثلاثة منذ 10 سنوات.

وفي وقت سابق اليوم، قال محمد البطش والد "فادي"، للأناضول، إن هناك إجراءات تجري لنقل جثمان فادي من ماليزيا لقطاع غزة عبر معبر رفح البري، دون تفاصيل.

الإمام زين العابدين(ع)  أبوه الإمام الحسين(ع)  وأمه - على الأشهر من أسمائها - شاه زنان بنت يزدجرد بن شهريار بن كسرى ملك الفرس.

ولد الإمام الرابع(ع)  في 5 / شعبان / لعام 38 للهجرة النبوية)، واستشهد في سنة (95 للهجرة)، فيكون عمر الإمام 57 سنة، أدرك سنتين منها في زمن إمامة جده علي بن أبي طالب، وبعده عاصر عمه الإمام الحسن(ع)  (10 سنوات)، وبعده عاصر أباه الحسين(ع)  مدة عشرة سنوات أيضاً، وأصبح إماماً بعد شهادة أبيه الحسين(ع)  سنة 61 للهجرة، وكان عمره آنذاك (22 سنة).

الإمام زين العابدين كان يسمى علياً الأصغر مقابل علي الأكبر الذي كان يكبره بخمس سنوات، ومن أخوته عبد الله الرضيع، وجعفر، وكان أصغر من الإمام إلا أنه وافاه الأجل في حياة الإمام الحسين(ع)  وأما أخواته فهنّ سكينة وفاطمة.

قد تزوج الإمام في زمن أبيه بابنة عمه فاطمة بنت الإمام الحسن(ع) ، وأنجب منها الإمام الباقر(ع)  وكان الإمام الباقر أول مولود يولد بين الحسن والحسين(ع) ، وأنجب منها، ومن غيرها (عشرة ذكور) منهم زيد، وبناته أربعة خديجة وأم كلثوم وفاطمة وعلية.

عاش الإمام تمام حياته بعد واقعة الطف إلى جانب قبر جده في المدينة المنورة مدة (35 سنة) يلجأ إليه الناس، ويفزعون إليه من كل حدب وصوب.

فضل الإمام (ع) :

قال رسول الله(ص) : «إذا كان يوم القيامة ينادي منادٍ: أين زين العابدين؟ فكأني أنظر إلى ولدي علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب يخطر بين الصفوف».

وعن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: والله ما رؤي في أولاد الأنبياء بمثل علي ابن الحسين إلا يوسف بن يعقوب(ع) ، والله لذرية علي بن الحسين أفضل من ذرية يوسف بن يعقوب.

وفي (الفصول المهمة 187) قال علي بن عيسى الاربلي: فإنه (ع)  الإمام الرباني والهيكل النوراني، بدل الأبدال وزاهد الزهاد، وقطب الأقطاب، وعابد العباد، ونور مشكاة الرسالة، ونقطة دائرة الإمامة، وابن الخيرتين، والكريم الطرفين، قرار القلب، وقرة العين علي بن الحسين، وما أدراك ما علي بن الحسين، الأواه الأواب، العامل بالسنة والكتاب، الناطق بالصواب، ملازم المحراب، المؤثر على نفسه، المرتفع في درجات المعارف، فيومه يفوق على أمسه، المنفرد بمعارفه الذي فضل الخلائق بتليده وطارفه، وحكم في الشرف فتسنم ذروته، وخطر في مطارفه وأعجز بما حواه من طيب المولد، وكرم المحتد، وذكاء الأرومة وطهارة الجرثومة، عجز عنه لسان واصفه، وتفرد في خلواته بمناجاته فتعجبت الملائكة من مواقفه، وأجرى مدامعه خوف ربه...

أخلاق الإمام (ع):

يقول الإمام الصادق(ع) : كان علي بن الحسين(ع)  يخرج في الليلة الظلماء فيحمل الجراب فيه الصرر من الدنانير والدراهم حتى يأتي باباً باباً فيقرعه، ثم ينيل من يخرج إليه.

فلما مات علي بن الحسين(ع)  فقدوا ذلك فعملوا أن علياً(ع)  كان يفعل ذلك([1]).

وقال سفيان الثوري: جاء رجل إلى علي بن الحسين(ع)  فقال: إن فلاناً وقع فيك وأذاك، فقال له: فانطلق بنا إليه.

فانطلق معه، - وهو يرى أنه سينتصر لنفسه - فلما أتاه، قال له: يا هذا إنّ كان ما قلته فيّ حقاً فالله تعالى يغفر لي، وإن كان ما قلته فيّ باطلاً، فالله تعالى يغفر لك([2]).

ولما أخرج بنو أمية من المدينة إلى الشام في واقعة الحرة آوى إليه ثقل مروان بن الحكم وامرأته عائشة بنت عثمان بن عفان، فقد كان مروان لما أخرج أهل المدينة عامل يزيد
وبني أمية من المدينة، كلّم عبد الله بن عمر أن يغيّب أهله عنده، فأبى أن يفعل، فكلّم مروان عليّ بن الحسين، فقال له: يا أبا الحسن إن لي رحماً وحرمي تكون مع حرمك،
فقال (ع) : أفعل.

فبعث بحرمه إلى علي بن الحسين(ع)  فخرج بحرمه وحرم مروان حتى وضعهم بينبع بالبغيبغة....

وهذا منتهى مكارم الأخلاق، والمجازاة على الإساءة بالإحسان، فبنوا أمية الذين سبوا نساء الإمام وأدخلوهم الشام بتلك الحالة المزرية، وقتلوا آله في كربلاء، يقابلهم الإمام بصون حرم أعدائه، في لحظة المكنة من الانتقام، وهذا خلق الأنبياء والصديقين والأبرار.

هذا غيض من فيض من أخلاق وسجايا هذا الإمام الهمام، وإلا فهناك العجب العجاب الذي ينبئ عن استمرار سيرة المصطفى في أمته ببنيه.

الأحداث التي مر بها الإمام (ع):

1- حادثة الطف وما تبعها:

كان الإمام (ع)  قد عاش مأساة الطف بكل تفاصيلها، وكان قد كابد فيها مرارة المأساة، وصعوبة المحن، ولقد شاطر تلك الزمرة الخالصة العطش والجوع، الذي فرضته قيادة جيش يزيد، وكان تأثيره عليه بليغاً وعنيفاً لشدة مرضه الذي نزل به، فلقد ابتلى(ع)  بمرض شديد جعله طريح الفراش منعه حتى من الجهاد بين يدي والده الإمام (ع)  وقد أوعز الكثير من المحققين ذلك إلى حكمة من الله تعالى لبقاء الإمام بعد أبيه مواصلاً مسيرة الإمامة والقيادة للأمة الإسلامية، ولكن على الرغم من ذلك، فلما سمع واعية الحسين(ع) ، قام (ع)  يتكيء على سيفه لنصرة الحسين(ع)  فأمر الحسين(ع)  أخته زينب أن أرجعيه لئلا ينقطع نسل آل محمد عليهم السلام.

وبعد انقضاء مأساة الطف، وتخييم الأحزان على آل البيت عليهم السلام بقتل الحسين(ع)  وآله وأصحابه بدأت مأساة الإمام زين العابدين(ع)  وبدأت معها رسالته المكملة لرسالة الحسين والمبيّنة لأهداف هذه الثورة المباركة، فكان على الإمام أن يوضح للمسلمين سرّ قيام الإمام بالثورة على حكومة يزيد، ولولا ذلك لضاعت كل الجهود التي بذلت لهذه الثورة، ولضاع دم الحسين في كثير من بقاع الأرض.

فكانت خطته (ع)  عندما أدخلوهم إلى الكوفة توبيخ أهلها الذين كاتبوا الحسين وخذلوه ليوقفهم على عظيم الجرم الذي اقترفوه، وليشعل نار الندم والثورة على ذات كل واحد منهم، قبل أن تشتعل على الحكومة الفاسدة، قال تعالى: (إِنَّ اللهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ)([3]).

وفعلاً أثّر خطاب الإمام بأهلها فقد دبّ الاضطراب والهلع في صفوف أهلها، بل كاد ينقلب الأمر على ابن زياد لولا أن عجل بتسريح السبايا والرؤوس إلى الشام.

فقد جاء في خطبته (ع)  عليهم:

«أيها الناس من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرّفه بنفسي، أنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أنا ابن المذبوح بشط الفرات بغير ذحل ولا تراث، أنا ابن من انتهك حريمه وسلب نعيمه، وانتهب ماله وسبي عياله، أنا ابن من قتل صبـراً وكفى بذلك فخراً، أيها الناس ناشدتكم الله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة وقاتلتموه وخذلتموه؟ فتباً لما قدمتم لأنفسكم وسوءاً لرأيكم، بأية عين تنظرون إلى رسول الله إذ يقول لكم: قتلتم عترتي وهتكتم حرمتي فلستم من أمتي».

كان هذا الخطاب قد شكّل هزةً عنيفةً أحيت ضمائر أهل الكوفة، وأخذوا يبكون ويندمون ويتلاومون حتى كادت تقوم الثورة ضد حكومة ابن زياد، فخاف الأخير من ذلك فأسرع في حمل الإمام وثقله إلى الشام.

وفي الطريق إلى الشام لم يألُ الإمام (ع)  جهداً في بثّ أهداف ثورة الحسين(ع)  في كل بلد أو قرية يمر بها الركب، فقضى الإمام نهائياً على تلك الحملة الإعلامية التي قام بها يزيد وأتباعه من أن الحرب التي دارت في طف كربلاء كانت مع خوارج خرجوا عن دين الإسلام.

حيث ركّز الإمام في بياناته وخطاباته على التعريف بأن المقتول بكربلاء هو إمام ابن إمام جده النبي(ص)، وقد توّج الإمام بيان حقيقة واقعة كربلاء وأهدافها عند دخوله الشام، هذا البلد الذي لم يتعرف أهله على الإسلام إلا عن طريق آل أمية، فكان أول ولاته بعد فتحه يزيد بن أبي سفيان، ثم بعد موته ولّى الخليفة الثاني عليه الولد الآخر لأبي سفيان، معاوية، ثم ولّى الأخير عليه يزيد بن معاوية.

 فلم يكن أهل الشام يعرفون أهل البيت على حقيقتهم إلا النزر القليل، وكان الكثير منهم يحقد على الإمام علي(ع)  وأولاده، لما تشبعت أذهانهم من افتراءات وسموم وتضليلات حاكتها أيدي الأمويين حتى أن الكثير من أهل الشام تعجبوا من قتل علي(ع)  في المسجد، وأبدى بعضهم استغرابه بقوله: «أكان علي يصلي حتى يقتل في المسجد؟!»، فلم يكن يعتقد الكثير من أهله أن علياً(ع)  على فطرة الإسلام، بل سيد من فطر على الإسلام، ولذا استساغوا سبه على المنابر، وافتتاح خطبهم به وختمها به، فكانوا يظنونها سنة نبوية، فقد نادوا على الخطيب الذي امتثل لأمر عمر بن عبد العزيز بإيقاف السب، وقالوا له: نسيت السنة.

ولم يكن بالإمكان اختراق أحد من أولياء البيت العلوي ذلك البلد لإشاعة فضائل علي، وبيان واقع الأمر، لأنه كان حصيناً ومنيعاً، قد ضرب عليها الجهاز الحاكم العيون والأرصاد لكل من يدخل إليه من شيعة علي(ع) ، فإذا علموا به حملوه إلى القصر الحاكم، فيعرض عليه أن يحدث الناس بفضائل آل أمية، والوقيعة في علي وآل علي، فإن امتنع ضيقوا عليه، بل حجروا عليه، ومنعوه من لقاء الناس حتى يخرج من الشام.

هذه البلاد المنيعة على الأئمة وشيعتهم المرموقين، دخلها الإمام (ع)  بمحض إرادة بني أمية فهم الذين جاؤوا به إليها، وكان هدفهم المبالغة في توهين وذل الإمام، ولكن (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْماكِرِينَ)([4]).

فإن دخول الإمام وخطابه الذي عرّف فيه الناس حقيقة الخط والبيت العلوي، وعرّف الناس من هو علي بن أبي طالب، الذي لطالما تمادوا في سبّه والوقيعة فيه.

ففي بداية الخطاب بدأ (ع)  بالتعريف بمن هم أهل البيت، فقال:

«أيها الناس أعطينا ستاً وفُضّلنا بسبع، أعطينا العلم والحلم والسماحة والفصاحة والشجاعة والمحبة في قلوب المؤمنين.

وفضلنا بأنّ منّا النبي المختار محمد(ع)  ومنا الصديق، ومنا الطيار، ومنا أسد الله وأسد رسول الله، ومنا سيدة نساء العالمين، ومنا سبطا هذه الأمة الحسن والحسين، ومنا المهدي».

وبدأ بعد ذلك بتعريف نفسه على ضوء التعريف بجده رسول الله، وجده علي بن أبي طالب، وجدته الزهراء، وأبيه الحسين، ليعرّف الناس بحقيقة علي(ع)  أولاً، وعترته الطاهرة تالياً. فقال (ع) : «أيها الناس: من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي، أنا ابن مكة ومنى، أنا ابن زمزم والصفا، أنا ابن من حمل الركن بأطراف الرداء، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى، أنا ابن خير من انتعل واحتفى، أنا ابن خير من طاف وسعى، أنا ابن من حجّ ولبّى، أنا ابن من حُمل على البـراق في الهواء، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، أنا ابن من بلغ به جبـرائيل إلى سدرة المنتهى، أنا ابن من دنا فتدلّى فكان قاب قوسين أو أدنى، أنا ابن من صلّى بملائكة السماء، أنا ابن من أوحى الله الجليل إليه ما أوحى، أنا ابن محمد المصطفى، أنا ابن علي المرتضى، أنا ابن من ضرب خراطيم الخلق حتى قالوا لا إله إلا الله، أنا ابن من ضرب بين يدي رسول الله بسيفين، وطعن برمحين، وهاجر الهجرتين، وبايع البيعتين، وقاتل ببدر وحنين، ولم يكفر بالله طرفة عين، أنا ابن صالح المؤمنين، ووارث النبيين، وقامع الملحدين، ويعسوب المسلمين، ونور المجاهدين، وزين العابدين، وتاج البكّائين، وأمير الصابرين، وأفضل العالمين، وأفضل القائمين من آل طه وياسين، أنا ابن المؤيد بجبـرائيل، المنصور بميكائيل، أنا ابن المحامي عن حرم المسلمين، وقاتل الناكثين والقاسطين والمارقين، والمجاهد أعداءه الناصبين، وأفضل من مشى من قريش أجمعين، وأول من استجاب لله ولرسوله من المؤمنين، وأول السابقين، وقاصم المعتدين، ومبيد المشركين، وسهم من مرامي الله على المنافقين، ولسان حكمة العابدين، وناصر دين الله، وولي أمر الله، وبستان حكمة الله، وعيبة علمه... ذلك سجدي علي بن أبي طالب»([5])..

واستمر الإمام في خطابه يعرّف بجدته الزهراء، ثم يعرف بأبيه الحسين، ويعرّف بمظلوميته وثورته الهادفة المصلحة، فما كان إلا أن ضجّ الناس بالبكاء والنحيب، وبدأت هتافات اللعن على يزيد والبراءة من عمله... فبعد أن زين الناس الشام حتى يحسب الغريب أن فيها عيداً، انقلب الفرح حزناً، والزينة سواداً، وكان أول انتصار لدم الحسين. إنّ أول مجلس أقيم في الشام لأحياء ذكرى الحسين في بيت يزيد، واشتركت بنات أمية في النياحة والبكاء مع نساء العترة الطاهرة، حتى أنّ هنداً زوجة يزيد كانت قد ضربت السواد في جميع حجر القصر. وعلى إثر خطاب الإمام بدأ أهل الشام بالتحرك، فخاف يزيد من انقلاب الأمر عليه فعجّل بترحيل الإمام مع ثقله إلى المدينة، وأخذ يعتذر إلى الناس بأن ابن زياد هو الذي قتله، ولكن...

لقد أكمل الإمام زين العابدين(ع)  ما بدأ به أبوه الحسين، ولولا هذه الجهود، والجهود التي بذلتها عمته زينب في هذا المجال لضاع عند الكثير نور ثورة كربلاء.

2- واقعة الحرة:

بعد مقتل الحسين(ع)  اضطربت الأوضاع على يزيد في المدينة، وفي كل أرجاء الدولة الإسلامية فأراد والي المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان ومحمد بن أبي سفيان، أن يكسبا رضا أهلها فأرسلا وفداً من أبناء المهاجرين والأنصار إلى دمشق ليشاهدوا الخليفة عن كثب، وينالوا نصيبهم من هداياه، فلما وصلوا رؤوا الخليفة يشرب الخمر ويُضرب أمامه بالدفوف، وفي سلوكه ما يشين ويقبح، فلما رجعوا من الشام إلى المدينة، أظهروا شتم يزيد وعيبه، وقالوا: قدمنا من عند رجل ليس له دين، يشرب الخمر، ويضرب بالطنابير، وتعزف عنده القيان، ويلعب بالكلاب، و يسمر عنده الحراب - اللصوص - وإنا نشهدكم أنّا قد خلعناه.

وقال عبد الله بن حنطلة (غسيل الملائكة): لو لم أجد إلاّ بنيّ هؤلاء لجاهدته بهم، وقد أعطاني وأكرمني، وما قبلت عطاءه إلاّ لأتقوّى به.

فخلع الناس يزيد وبايعوا عبد الله بن حنظلة وولّوه عليهم، وطردوا عامل يزيد من المدينة مع من هو موجود من بني أمية، فلما وصلت الأنباء إلى الشام عقد يزيد لمسلم بن عقبة جيشاً لمحاربة أهل المدينة، وقال له: أدع القوم ثلاثاً، فإن أجابوك و إلا فقاتلهم، فإذا ظهرت عليهم فأبح المدينة ثلاثاً فما فيها من مال أو دابة أو سلاح أو طعام فهو للجند. وأمره أن يجهز على جريحهم ويقتل مدبرهم.

وصل مسلم إلى المدينة، وبعد قتال عنيف مع أهلها، أباح المدينة لجنده مدة ثلاثة
أيام ينتهبون منها ما شاؤوا حتى دخلوا البيوت، وقتلوا النساء والأطفال والشيوخ، وافتضت ألف عذراء، وبلغ عدد القتلى عشرة آلاف، ثم نصب مسلم - الذي سمي بعد ذلك مسرفاً - وجيء بالأسرى من أهل المدينة بين يديه فكان يطلب منهم أن يبايع كل واحد ويقول: إنني عبد مملوك ليزيد بن معاوية يتحكم فيّ وفي دمي ومالي وأهلي ما يشاء، فبايع أهل المدينة على أنهم خول ليزيد، وكان كل من امتنع ولم يبايع بالعبودية، وأصرّ على أنه عبد الله يقتل.

وجيء بزين العابدين إلى مسلم وهو مغتاظ منه فتبرأ منه ومن آبائه، لكن لما اقترب منه ارتعدت فرائصه فقام له وأقعده، وقال له: سلني حوائجك. فكان يتشفع لأهل المدينة حتى استنقذ عدداً كبيراً من القتل، والإمام لم يشارك في هذه الانتفاضة، بل لم يكن في المدينة، إذ بعد مقتل الحسين اتخذ بيتاً في البادية من الشعر، لما لاقاه من أهلها والذي يشير إليه قوله: «ما بمكة والمدينة عشرون رجلاً يحبنا».

وكان الإيعاز في الانتفاضة من عبد الله بن الزبير الذي حاصر مكة وملكها، فكانت هذه الثورة لا على أساس شرعي، فعلى الرغم من عدم مشاركته (ع)  في هذه الانتفاضة، وعلى الرغم من عدم اكتسابها الطابع الشرعي من الإمام، غير أنه (ع)  كان يعول أربعمئة بيت من يتامى وأرامل من قتل في هذه المعركة([6]).

3- حكومة عبد الملك بن مروان وابنه الوليد:

لقد عاصر الإمام (ع)  مجموعة من حكام الأمويين، فقد عاصر حكم يزيد بن معاوية ثلاث سنوات، ومن بعده ولده معاوية الصغير لبضع أشهر, ثم عاصر حكم مروان بن الحكم تسعة أشهر، وكانت أكثر حكومة عاصرها (ع)  حكومة عبد الملك بن مروان الممتدة ما بين (65 - 86 هـ)، وحكومة ولده الوليد الممتدة ما بين (86- 96هـ)، وكما كانت هذه الفترة طويلة كانت عصيبة، فعبد الملك الذي كان يقول للناس: «إني لا أداوي هذه الأمة إلا بالسيف حتى تستقيم قناتكم، وإنكم تكلفوننا أعمال المهاجرين الأولين ولا تعملون أعمالهم، وإنكم تأمرون بتقوى الله وتنسون أنفسكم، والله لا يأمرني أحد بتقوى الله بعد مقامي هذا إلا ضربت عنقه».

ويذكر المؤرخون: أن من ضمن صحائفه السوداء: أنه أول من غدر في الإسلام، وأول من نهى عن الكلام بحضرة الخلفاء، وأول من أسقط قداسة إعطاء الأمان، وأول من نهى عن الأمر بالمعروف، وقد أرسل الحجاج لقتال ابن الزبير في مكة فرمى الحجاج الكعبة بالمنجنيق، ولم يكترث.

وكذلك كان ابنه الوليد، فلقد كان جباراً ظالماً، رباه والده على الخلاعة واللامبالاة، فكان أسوأ مما كان عليه أبوه.

وانتشر في عصرهما المجون والغناء، وابتعد الناس عن الإسلام، وأقبلوا على المنكرات، وتفسّخت أخلاقهم، وأهملت السنن والآداب والتعاليم الإسلامية، حتى أن الكثير من التابعين، وبعض الأصحاب يقولون: لم يبق من الإسلام في حياة الناس إلا أنهم يصلون جماعة.

وعلاوة على ذلك كله كانا قد ضيّقا على الإمام في المدينة، وكان كل من يتصل به يحذف اسمه من ديوان العطاء، ويهدم داره، وقد يشمله التعذيب والقتل.

فاتخذ الإمام أسلوبين لبثّ الثقافة والمعرفة، ولإحياء الموات من الأحكام والسنن، كان أسلوبه الأول: أن يصيغ جميع هذه التعاليم الدينية أصولها وفروعها في قوالب دعائية، إذ السلطة الحاكمة مهما منعت فلا تستطيع أن تمنع الداعي من دعاء ربه.

فكانت أدعيته (ع)  مشحونة بالمعارف والثقافة على جميع أبعادها، وجمعت في كتاب (الصحيفة السجادية)، وكذلك أفرغ الإمام (ع)  على الناس رسالة فيها نظام الحقوق لم يعرف التاريخ ولا التقنين أعظم وأعمق منها، ذلك لما رآه من ضياع الحقوق في مجتمع سيطرت عليه الخلاعة والطرب، وتعرف اليوم بـ (رسالة الحقوق).

وأسلوبه الثاني: شراء العبيد، وتعليمهم الدين وتثقيفهم، ثم عتقهم ليكونوا دعاة إلى الدين في المناطق، ولذا ورد أنه (ع)  ما كان يستخدم العبد فوق الحول فكان يعلّمه ويفقهه فإذا تمّ الحول أعتقه محمّلاً بمعارف الإسلام ليبثها بين المسلمين، حتى روي أن العبيد الذين حررهم، وكذا الجواري كانوا يشكلون مجموعة ضخمة في المدينة.

 

([1]) الكافي 1: 468.

([2]) الفصول المهمة: 184.

([3]) سورة الرعد: الآية 11.

([4]) سورة الأنفال: الآية 30.

([5]) بحار الأنوار 45: 139

([6]) لمزيد من الإطلاع راجع المصادر التالية: البداية والنهاية 8: 232، وتاريخ الخلفاء للسيوطي: 167، وتاريخ الإسلام للذهبي: 27 و...

الأحد, 22 نيسان/أبريل 2018 04:38

قلة النوم تسبب السمنة لدى التلاميذ

تشير نتائج الدراسات الحديثة إلى وجود علاقة مباشرة بين الحرمان من النوم والسمنة.

وفقا لنفس الدراسة ، فإن الطلاب الذين ينامون أقل من 8 ساعات ، 58 ٪ أكثر عرضة للسمنة.

ويؤدي انخفاض وقت النوم في المجتمع الحديث إلى وقوع اضطرابات النوم ، والتي لها تأثير سلبي على الصحة البدنية والعقلية للناس.

وتبين الدراسة التي فحصت 42 دراسة سابقة في هذا المجال أن الطلاب الذين يسهرون في الليل أكثر بدانة من أصدقائهم.

كما تشير نتائج هذه الدراسة إلى أن عدم الاكتفاء في النوم يسبب زيادة في الأمراض الايضية مثل مرض السكري.

ويعتقد الباحثون أن النوم يرتبط بزيادة السعرات الحرارية المستهلكة طوال اليوم ، وأولئك الذين ينامون أقل هم أكثر شهية للأكل ولديهم مخاطر أكبر من الإصابة بالبدانة مقارنة بأولئك الذين لديهم ما يكفي من النوم.

بالإضافة إلى ذلك ، أكد الأطباء في الدراسة جديدة أن قلة النوم والحرمان من النوم الكافي ليلا يزيدان من خطر نمو الخلايا السرطانية.

لقد كان الأئمّة عليهم السلام يسعون دائمًا لتشكيل الحكومة الإسلاميّة، وعندما استُشهد الإمام الحسين عليه السلام في واقعة كربلاء، وأُسر الإمام السجّاد عليه السلام، وهو في تلك الحالة من المرض، فمنذ تلك اللحظة، بدأت في الحقيقة مسؤولية الإمام السجّاد عليه السلام. ولو قُدّر في ذلك التاريخ أن ينجح الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السلام في تأمين ذلك المستقبل، لقام الإمام السجّاد عليه السلام في ذلك الوقت بالتحديد بهذا الأمر، ومن بعده الأئمّة الباقون عليهم السلام.

1- الهدف البعيد المدى:
بناءً عليه، ينبغي أن نبحث في مجمل حياة الإمام السجّاد عليه السلام عن هذا الهدف الكلّي، والمنهج الأصليّ، وأن نعرف دون شك أنّ الإمام السجّاد عليه السلام كان يسعى لأجل تحقيق ذلك الهدف الّذي كان يسعى لأجله الإمام الحسن والإمام الحسين عليهما السلام.

كان الإمام السجّاد عليه السلام، في الفترة ما بين تسلّمه للإمامة منذ عاشوراء 61 هـ، وبين استشهاده مسمومًا عام 94 هـ، يُتابع مسؤوليّة تحقّق ذلك الهدف، وهو عبارة عن إقامة حكومة الله على الأرض، وتطبيق الإسلام، وقد استفاد من أنضج وأفضل الوسائل، وتقدّم بالقافلة الإسلاميّة، الّتي كانت بعد واقعة عاشوراء في تشرذمٍ وتفرّق مهول، وأنجز مهمّته العظمى ومسؤوليّته الأصيلة، والّتي قام بها أئمّتنا كلّهم، والأنبياء والصّالحون جميعهم، مراعيًا أصول السّياسة والشّجاعة والدقّة في الأعمال. وبعد 35 سنة من الجهاد المستمرّ، الّذي لم يعرف الرّاحة أبدًا، رحل عن الدّنيا كريمًا مرفوع الرّأس، موكلًا حمل ثقل الرّسالة من بعده إلى الإمام الباقر عليه السلام.

إنّ انتقال الإمامة إلى الإمام الباقر عليه السلام، وهي تحمل مهمّة إقامة حكومة الله على الأرض، تظهر بصورةٍ واضحة في الرّوايات. ففي رواية، نجد أنّ الإمام السّجّاد عليه السلام يجمع أبناءه، مشيرًا إلى محمّد بن علي الباقر عليه السلام، ويقول: "... إحمل هذا الصندوق...، وحينما فتح الصّندوق، كان فيه سلاح رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكتبه"1.

لعلّ ذلك السّلاح يرمز إلى القيادة الثّوريّة، وذلك الكتاب يرمز إلى الفكر والعقيدة الإسلاميّة، وقد أودعهما الإمامُ السجّاد عليه السلام الإمامَ الّذي سيأتي من بعده، مودّعًا الدّنيا، راحلًا إلى جوار الرّحمة الإلهيّة، بنفسٍ مطمئنّة، ووجدانٍ هادئ، ورأسٍ مرفوع.

2- الأهداف القصيرة المدى:
ممّا لا شكّ فيه أنّ الهدف النهائيّ للسّجاد عليه السلام كان إيجاد الحكومة الإسلاميّة. ولكن كيف يمكن أن تُقام الحكومة الإسلاميّة في مثل تلك الظّروف؟ إنّ هذا يحتاج إلى عدّة أمور:

أ- تدوين الفكر الإسلاميّ بصورة صحيحة، وطبق ما أنزل الله، بعد مرور أزمنة من التحريف والنسيان عليه.
ب- إثبات أحقّية أهل البيت (عليه السلام) في الخلافة والولاية والإمامة.
ج- إيجاد التشكيلات المنسجمة لأتباع أهل البيت عليهم السلام، وأتباع التشيّع.

هذه الأعمال والأهداف الثلاثة الأساس هي الّتي ينبغي أن ندرسها ونبحث فيها، لنرى أيّ واحد منها قد تحقّق في حياة الإمام السجّاد عليه السلام.

إلى جانب هذه الأعمال، كان هناك أعمال أخرى هامشيّة أو ضمنيّة، وتحرّكات قام بها الإمام وأتباعه لأجل اختراق ذلك الجوّ المرعب والقمعيّ. ففي ظلّ الإجراءات الأمنية المشدّدة الّتي كان يفرضها الحكم، نلاحظ مواقف عديدة للإمام عليه السلام أو أتباعه، كان الهدف منها كسر حواجز القمع، وصناعة بعض الأجواء الملائمة واللطيفة، خاصّة مع الأجهزة الحاكمة أو التابعة لها، مثل المواقف الّتي حدثت بين الإمام عليه السلام وبين عبد الملك عدّة مرات، أو الأمور الّتي جرت مع العلماء المنحرفين والتّابعين لعبد الملك (من قبيل محمّد بن شهاب الزهريّ). كلّ ذلك لأجل خرق ذلك الجوّ المتشدّد.

إنّ الباحث عندما يستعرض الرّوايات، سواء الأخلاقيّة منها أو المواعظ أو الرّسائل الّتي نقلت عن الإمام، أو المواقف الّتي صدرت عنه، وذلك على أساس ما بيّناه، فإنّه سوف يجد لها المعاني المناسبة. وبتعبيرٍ آخر، سوف يرى أنّ جميع تلك التحرّكات والأقوال كانت ضمن الخطوط الثّلاثة الّتي أشرنا إليها، والّتي كانت تصبّ جميعًا في دائرة إقامة الحكومة الإسلاميّة. وبالتأكيد لم يكن الإمام يُفكّر في إيجاد حكومة إسلاميّة في زمانه، لأنّه كان يعلم أنّ وقتها في المستقبل، أي، في الحقيقة، في عصر الإمام الصادق عليه السلام2.

فبهذه الأعمال الثّلاثة سوف تتهيّأ أرضيّة إقامة الحكومة الإسلاميّة، والنّظام العلَويّ. لقد ذكرتُ سابقًا، وأؤكّد على ذلك الآن أيضًا، أنّ الإمام السجّاد عليه السلام لم يكن يرى أنّه سيتمّ تحقيق الحكومة الإسلاميّة في زمانه (وهذا بخلاف ما عمل لأجله الإمام الصادق عليه السلام في زمانه)، فقد كان معلومًا بأنّ الأرضيّة في عصر الإمام السجّاد عليه السلام لم تكن معَدّة لذلك، وكان حجم الظّلم والقمع والجهل كبيرًا إلى درجة يصعب معها إزالتهم خلال هذه السّنوات الثلاثين، فكان الإمام السجّاد عليه السلام يعمل للمستقبل. ومن خلال القرائن العديدة، نفهم أيضًا أنّ الإمام الباقر عليه السلام لم يكن يهدف إلى إقامة حكومة إسلاميّة في زمانه، أي أنّه منذ سنة 61 حتّى سنة 95 هـ (شهادة الإمام السجّاد عليه السلام)، ومنذ سنة 95 حتّى سنة 114 هـ (شهادة الإمام الباقر عليه السلام)، لم يكن في تصوّر أيّ منهما أنّه ستُقام هذه الحكومة في زمانه، ولهذا كانا يعملان على المدى البعيد.

* جمعية المعارف الإسلامية – بتصرّف يسير

1- محمد بن الحسن بن فروخ الصفار- ، بصائر الدرجات، تصحيح وتعليق الحاج ميرزا حسن كوجه باغي، منشورات الأعلمي ـ طهران، مطبعة الأحمدي ـ طهران، 1404هـ، ص200. عن الإمام الباقر عليه السلام قال: "لما حضرتْ عليَّ بن الحسين الوفاة، وقبل ذلك أخرج سفطاً أو صندوقاً عنده فقال: يا محمد، احمل هذا الصندوق، قال: فحمل بين أربعة، قال: فلما توفي جاء إخوته يدَّعون في الصندوق، فقالوا: اعطنا نصيبنا من الصندوق، فقال: والله ما لكم فيه شيء، ولو كان لكم فيه شيء ما دفعه إليّ نقطة وكان في الصندوق سلاح رسول الله، وكتبه صلى الله عليه وآله وسلم ".
2- مجلة باسدار إسلام، 8.