Super User

Super User

اعتبر رئيس الحكومة التونسية، يوسف الشاهد، أن مستقبل مئات الآلاف من طلاب التعليم الأساسي والثانوي في البلاد، سيكون "مهددا"، في حال تواصل إضراب المعلّمين.

ومنذ الثلاثاء الماضي، يخوض المعلمون إضراباً عن العمل في جميع أنحاء البلاد، للمطالبة بزيادة الأجور، وتمكينهم من التقاعد الاختياري في سن 55 بدلاً من 60 عامًا.

ويأتي احتجاج المعلمين بدعوة من النقابة العامة للتعليم الثانوي التّابعة للاتحاد العام التونسي للشغل (أكبر نقابة في البلاد).

وقال الشاهد، في كلمة بثها التلفزيون الرسمي مساء الجمعة، إن "العام الدراسي ومستقبل مئات الآلاف من التلاميذ بتونس، سيكون مهدداً في حال تواصل إضراب المدرسين، واستمر حجب نتائجهم".

وأضاف: "التونسيون واعون بأنّ السنة البيضاء (تعليق دروس)، لم تعد مجرد فرضية بل أصبحت أمراً واقعاً في حال تواصل إضراب المدرسين".

كما اعتبر أنّ الإضراب المفتوح يهدد جميع الامتحانات، بما في ذلك الاختبارات الوطنية (تشمل طلاب الصف التاسع من التعليم الأساسي والبكالوريا)، التي من شأنها أن تحدد خيارات وتوجهات كل طالب.

وأكّد "استعداد حكومته للجلوس إلى طاولة الحوار مع نقابة التعليم الثانوي في حال تراجعت عن الإضراب"، مشدداً على "ضرورة استئناف الدروس، الإثنين المقبل، وتمكين التلاميذ من نتائج اختباراتهم".

ووفق الشاهد، فإن حكومته "ليست بحاجة لأي ضغط في تعاملها مع المطالب الاجتماعية للمدرسين، وأنّ الاستجابة للمطالب المادية سواء لهم أو لباقي القطاعات، مرتبطة بالوضع الصعب الذي يمر به اقتصاد البلاد".

وفي وقت سابق اليوم، احتشد آلاف المعلمين، أمام مقار إدارات التعليم التابعة لوزارة التربية في كافة المحافظات، احتجاجًا على رفض السلطات التفاوض بشأن مطالبهم.

وفي يناير/ كانون الثاني الماضي، قرّرت نقابة التعليم الثانوي حجب نتائج امتحانات منتصف العام، على خلفية عدم استجابة الوزارة لمطالب المعلّمين.

ويعمل في تونس نحو 77 ألفاً و260 مدرساً، في المرحلتين الإعدادية والثانوية، فيما يبلغ عدد التلاميذ 950 ألف.

ومنذ ديسمبر/ كانون الأوّل 2017، اتخذ المدرسون في تونس أشكالًا احتجاجية متنوعة، بدأت بالتظاهر وحجب نتائج الامتحانات، وصولًا إلى تعليق التدريس، بهدف تحقيق مطالبهم.

المصدر الروسي الذي يكشف لوكالة نوفوستي عن تخطيط بدعم أميركي لإنشاء إقليم انفصالي في جنوب سوريا، ربما تعوّل عليه إسرائيل التي تنتقل مساعيها من الحزام الأمني لحماية الحدود إلى إقليم مستقل يخوض معاركها بالوكالة ضد إيران. لكن إدارة ترامب قد تجد فيه ضالتها لابتزاز الأموال الخليجية في دعوتها دول عربية للمشاركة في الحرب ضد سوريا.

محاولات شنّ معركة واسعة من أجل توسّع مناطق الجماعات المسلحة في الجنوب السوري، تلاحقت في الأسبوع الأول من الشهر الماضي بموازاة معارك تحرير الغوطة الشرقية. فالإدارة الأميركية تحت إشراف وزير الدفاع جيمس ماتيس ووزير الخارجية ريكس تيلرسون جهّزت الجماعات المسلّحة في الجنوب بوصول 200 ضابط إلى قاعدة التنف التي تضم غرفة عمليات تشترك بها الجماعات وفرنسا وبريطانيا والأردن، بحسب تصريح القائد العام لقوات التحالف في سوريا.

ما وصفته صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية بالتحضير لهجوم واسع النطاق، أوضحت فشله والأناضول للأنباء بسبب عدم استعداد أهالي درعا والجولان والقنيطرة لتدمير مناطقهم من أجل حروب عبثية لمصلحة الأعداء. فما يسمى "مجلس حوران الثوري" برئاسة عبد الحكيم المصري يتوعّد بالانتقام من معركة الغوطة الشرقية "التي نسفت تماماً اتفاق خفض التصعيد" بحسب تعبيره، لكن ما يسمى "مجلس محافظة درعا الحرّة" اتهم الجماعات المسلّحة بالتقاعس عن نجدة الغوطة كما قال، لكنه لم يستطع أن يجهّز المقاتلين من الجماعات المسلّحة لخوض المعركة بسبب انهيار معنويات الفصائل على ضوء الانهيار في الغوطة الشرقية.

وفي هذا السياق اتهم رئيس إدارة العمليات في هيئة الأركان الروسية سيرغي رودسكي الولايات المتحدة بأنها تحاول التعويض عن خسارتها الجماعات الارهابية في الغوطة الشرقية، وفق تعبيره.

ما يكشف عنه المصدر الروسي لوكالة نوفوستي، ربما يتجاوز المراهنات السابقة على إثر متغيرات ذات دلالة استراتيجية بعد تحرير الغوطة الشرقية والتحضير لتحرير الغوطة الغربية في مخيم اليرموك والحجر الأسود وحي التضامن. في هذا الإطار تدخل اسرائيل على خط المواجهة المباشرة بذريعة أنها لن تسمح لإيران تحسين مواقعها في سوريا وتزويد حزب الله بأسلحة نوعية تهدّد الوجود الاسرائيلي.

في المقابل، تهدّد إيران بالرد على عدوان مطار تيفور الذي وصفه السيّد حسن نصر الله بأنه "خطأ تاريخي وحماقة كبرى ترتكبها اسرائيل في التعرّض لإيران بشكل مباشر". وفي هذا السياق تأخذ اسرائيل التهديدات على محمل الجدّ بحسب مسؤولي الأركان الذين يعتقدون أن الرد الإيراني أتٍ لامحالة ولو بعد حين. فالمصدر الروسي يُفصح عن إبلاغ ممثلي أميركا والأردن في مركز المتابعة في عمّان عن فتح ممرات على الحدود الأردنية والإسرائيلية لتزويد الجماعات المسلّحة براجمات صواريخ وأسلحة ثقيلة، وتمكين حوالي 12 ألف مسلّح من مخطط إنشاء إقليم مستقل عن سوريا عاصمته مدينة درعا.

وربما في هذا السياق تعلن وزارة الدفاع الروسية أنها أبلغت غرفة العمليات الأميركية في سوريا عن عدم استطاعة موسكو تقديم غطاء للقوات أميركية في حال مهاجمتها من قبل قوات إيرانية.

وربما في السياق نفسه تحاول الحكومة الأردنية ضبط تداعيات الرد الإيراني في الدعوة لانعقاد لقاءات على مستوى الخبراء واللجان الأمنية الحدودية استباقاً لعمليات عسكرية متوقعة في جنوب سوريا.

بموازاة المسعى الأردني بذريعة ضبط الحدود مع سوريا، ربما يعوّل على محاولات اسرائيل لإنشاء إقليم جنوبي مستقل خلافاً للمراهنات السابقة في إنشاء حزام أمني على الحدود مع سوريا. لعلّ إسرائيل تراهن على هذا الإقليم لخوض حربها بالوكالة ضد ما تسميه توسّع النفوذ الإيراني في سوريا. فالقوات الشعبية في جنوبي سوريا، قد تكون قادرة على مواجهة اسرائيل عبر مواقعها في تل ماكر وتل العدس وكناكر وفي مدينتي إزرع والصنمين شمالي درعا ومنطقتي البعث وخان أرنبة في القنيطرة.

في أغلب الظن أن المراهنة الإسرائيلية تستند إلى المتغيّر الأميركي الذي يدعو بموجبه ترامب الدول الخليجية لدفع التكاليف والدفع بقواتها للحرب ضد سوريا. فمن غير المتوّقع أن تتجرأ دول عربية للزج بجنودها في القتال على الأرض السورية. ومن غير المحتمل أن تقبل تركيا بالسماح لمواقع هؤلاء الجنود على حدودها. لكن المراهنة الاسرائيلية في الجنوب السوري، ربما تتيح لترامب استمرار الابتزاز المالي وقد تتيح للدول الخليجية دعم إسرائيل بدعوى المشاركة مع الأردن.

قاسم عزالدين

الأحد, 22 نيسان/أبريل 2018 04:17

ايران واسرائيل.. أسباب ودوافع العداء

وفي هذا المجال نستعرض جانبا من ممارساته الشريرة على مدى 4 عقود من عمر الجمهورية الاسلامية الايرانية وفي البداية حاول هذا الكيان عبر أدواته وجواسيسه في الداخل، قلب نظام الحكم والمساهمة في عودة فلول النظام الملكي السابق الى السلطة عبر عدة محاولات انقلابية كانت ابرزها قيام مجموعة من الضباط في قاعدة نوجه بهمدان غربي ايران بمحاولة انقلاب عسكري وقتل قادة الثورة لكنهم آلوا الى الفشل بعد انكشاف أمرهم وبعد فشل تلك المحاولات الداخلية لجأ هذا الكيان الى جانب اميركا بتحريض من الحكومات الرجعية في المنطقة الى شن حرب واسعة على يد عميلهم صدام حسين والتي استمرت 8 سنوات دون تحقيق النتائج في اسقاط النظام الاسلامي في ايران سوى الخراب والدمار الذي طال البنى التحتية لكلا البلدين.

والى جانب الحرب حرّض الكيان أذنابه في الداخل لتنفيذ عمليات اغتيال استهدفت ابرز قادة الثورة وساسة البلاد فسفكت دماء المئات من أبرز المسؤولين بدءا من رئيس السلطة القضائية آية الله محمد حسين بهشتي ورئيس الجمهورية محمد علي رجائي ورئيس وزراءه محمد جواد باهنر وعدد كبير من الوزراء والنواب والمدراء العامين في مختلف اجهزة البلاد ومؤسساتها.

وبعد فشل هذا المخطط الرهيب والواسع في اسقاط النظام الاسلامي في ايران وخروجه برأس مرفوع من حرب السنوات الثمانية ومعالجة جروحها واضرارها سعى الكيان الصهيوني لوقف العملية التنموية التي بدأها عقب توقف الحرب التي حصدت الكثير من موارد البلاد فبعد التقدم المذهل الذي أحرزته على الصعد العلمية والدفاعية ومنها التقنية النووية السلمية وضع الكيان الصهيوني مخططا محكما لوقف مسار التقدم باغتيال العلماء الايرانيين لاسيما النوويين حيث اغتال 4 منهم على رأسهم الدكتور مجيد شهرياري ولم يكتف الكيان الصهيوني بهذا القدر بل حاول تعطيل المنشآت النووية عبر النفوذ بالفيروسات وفي هذا السياق اصاب محطة بوشهر الذرية ماعرف بفيروس استاكس ماسبّب بعض المشاكل الا انّ المختصين الايرانيين تغلبوا عليه وأعادوا المحطة الى وضعها الطبيعي.

 وأخيرا وليس آخرا ساهم الكيان الصهيوني في صناعة المجموعات الارهابية لاسيما داعش ونشرهم داخل سوريا والعراق بهدف ابعاد جبهة المقاومة عن مهمتها الرئيسية في التصدي لهذا الكيان المحتل وفي هذا السياق يستمر الكيان في شن الغارات على قواعد المقاومة في سوريا حيث استشهد خلال الغارة العدوانية الاخيرة على مطار التيفور 7 ايرانيين ضمن المساعي الحثيثة الرامية لايقاف التواجد الايراني في المنطقة لاسيما في سوريا ولبنان والذي بات قريبا من حدوده اذ بات يشعر بالهواجس الشديدة على مصيره وأمنه ومن المستبعد وضع نهاية لهذه الهجمات العدوانية سوى بوضع نهاية لهذا الكيان وازالته من الجغرافيا. 

والسبب الرئيسي لهذا العداء يتمثل بانه منذ اليوم الاول لنشوئها لم تخف الجمهورية الاسلامية الايرانية نواياها في اجتثاث الكيان الصهيوني من المنطقة اذ جهر الامام الخميني الراحل (رض) باستراتيجيته الثابتة القائمة على ضرورة ازالة هذا الكيان واطلق تسميته الشهيرة (الغدة السرطانية) حاثا جميع المسلمين على الجهاد من أجل انقاذ القدس الشريف والمسجد الاقصى المبارك من براثن الاحتلال.

لو تمثل الوفاء في رجل لكان هو العباس بن علي (عليه السلام)
مما يؤسف له أن سيرة العباس عليه السلام لا نملك منها الشي‏ء الكثير من التفاصيل، إلاَّ أن مواقفه الرسالية الثابتة والقوية في كربلاء وتضحيته واستبساله في الذود عن الإمام الحسين عليه السلام واستشهاده في المعركة تعطينا صورة واضحة لا غبار عليها؛ خاصة إذا لاحظنا أنه كان حامل اللواء في معسكر الإمام عليه السلام. والمعلوم أن حامل اللواء عادةً يكون من أوثق الناس وأشدّهم إيماناً بمبادئه وأقواهم مراساً وعراكاً وخبرة في القتال.

من هنا نرى أن الإمام الحسين عليه السلام لم يفرّط بالعباس من أول المعركة، وإنما تركه إلى جانبه حتى المرحلة الأخيرة من مجرياتها. (1)

إنّ الذي يبدو من كافة الشواهد والأدلة هو أن أبا الفضل العباس كان آخر من استشهد قبل الإمام الحسين من المجاهدين، بإستثناء الطفل البالغ ستة أشهر من عمره، أو الصبي البالغ أحد عشر عاماً.

وكانت تلك الشهادة فداءً لعمل عظيم أقدم عليه، ألا وهو جلب الماء للعطاشى في خيام أبي عبد الله الحسين. وبالنظر في تلك الزيارات والتمعّن في تلك الكلمات الواردة عن الأئمة (عليهم السلام) بشأن أبي الفضل العباس، فإننا نكتشف أنه تمّ تأكيد خصلتين: الأولى البصيرة، والثانية الوفاء.(2)

وأما وفاء أبي الفضل العباس فقد تجسّد في موقفين(3)
أولهما، موقفه ليلة العاشر من المحرم: حيث أنه في تلك الليلة الأخيرة لأصحاب الحسين عليه السلام في هذه الدنيا كان الإمام عليه السلام قد جمعهم وخطب فيهم قائلاً: "أما بعد فإني لا أعلم أصحاباً أولى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي فجزاكم الله عني جميعاً... فانطلقوا جميعاً في حل ليس عليكم مني ذمام. وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً، وليأخذ كل رجل منكم بيد رجل من أهل بيتي". وعند ذلك قام العباس عليه السلام وقال: "لِمَ نفعل ذلك؟ لنبقى بعدك. لا أرانا الله ذلك أبداً" .

فالعباس عليه السلام كان بإمكانه لو لم يكن يعيش الوفاء لدينه وإسلامه وإمامه، لكان رضي بذلك العرض السخي والكريم من الامام عليه السلام لحفظ حياته وحياة أخوته بذلك أيضاً.

وثاني الموقفين، موقفه عند مشرعة الماء:
إن قطع الطريق من جانب الجيش الأموي أمام الحسين عليه السلام وأصحابه وأهل بيته، قد أوصل كل من في معسكر الإمام عليه السلام إلى حالة شديدة من العطش في ذلك الجو اللاهب الناتج عن شدة حرارة الشمس وسخونة رمال الصحراء. والعباس عليه السلام كان يحمل لقب "السقّاء" لأنه كان متكفلاً لشدَّة بأسه وشجاعته بإحضار الماء. وكان قد فعل ذلك قبل اليوم العاشر. فهنا تجمع روايات السيرة الحسينية أن العباس عليه السلام شق جموع ذلك الجيش ووصل إلى المشرعة عند حافة النهر، واغترف غرفة بيده لكي يشرب لإرواء بعض ظمأه الشديد، إلاَّ أنه تدارك الأمر وتذكر أن سيده وإمامه الحسين عليه السلام يعاني مثله العطش أيضاً، فما أسرع ما رمى الماء من يده، ومثَّل ذلك شعراً فقال:
يا نفس من بعد الحسين هوني وبعده لا كنت أن تكوني‏
هذا الحسين وارد المنونِ وتشربين بارد المعين؟

فحمل وهو شديد العطش قربة الماء ليوصلها إلى الإمام عليه السلام وأهل بيته لكي يشربوا، إلى أن أصابت السهام قربة الماء فأريق ماؤها، وانهمرت عليه السهام إلى أن سقط صريعاً إلى الأرض. ونادى الإمام الحسين عليه السلام فحضر عند جسده الشريف يريد حمله إلى المخيم، فإذا بالعباس يرفض، إذ كيف سيواجه العطاشى من النساء والأطفال الذين كانوا ينتظرون الماء الذي كان يحمله إليهم ليرتووا.

إن ذلك الموقف فيه من الايثار الشي‏ء الكبير والعظيم. فالقضية لم تكن كفاً من الماء، إلاَّ أنه كان يساوي في تلك اللحظات الحرجة حياة إنسان لشدة الاحتياج إلى قطرة من الماء .وهذا الموقف هو الذي ترمز إليه وتعبّر عنه الاية القرانية :"ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة".

ومما لا ريب فيه أن تلك الشخصية استحقت بكل تقدير وعن جدارة تلك الزيارة الخاصة التي وردت عن الأئمة الأطهار عليهم السلام والتي جاء فيها: "السلام عليك أيها العبد الصالح والصديق المواسي. أشهد أنك امنت بالله ونصرت ابن رسول الله ودعوت إلى سبيل الله وواسيت بنفسك. فعليك من الله أفضل التحية والسلام. بأبي أنت وأمي يا ناصر دين الله. السلام عليك يا ناصر الحسين الصدّيق. السلام عليك يا ناصر الحسين الشهيد. عليك مني السلام ما بقيت وبقي الليل والنهار".

(1) ــ كتاب "مواقف من كربلاء" للإمام الخامنئي دام ظله.
(2) ــ الجمعة 9 محرم 1421 هـ ـ ق طهران
(3) ــ كتاب "مواقف من كربلاء" للإمام الخامنئي دام ظله.

الأحد, 22 نيسان/أبريل 2018 04:14

الغرب والملف النووي

بعد الاتفاق في جنيف جيّش الغرب كل وسائل إعلامه لترويج بروباغندا استسلام إيران وتراجعها بالتزامن مع توقيع الاتفاق في مجلس الشورى الإيراني ومن قبل المرشد. في ذلك الوقت، كان المرشد قد أوعز بتحضير صاروخ "عماد1" لتجربته و أيضاً الإفصاح عن المدن الصاروخية تحت الأرض. وسائل الإعلام تنتظر اللحظة، صاروخ عماد1 يحلّق في السماء، المدن الصاروخية تخرق الأرض، المرشد يوقّع على الإتفاق النووي، وكالات الأخبار تضجّ بخبر الصاروخ الذي يحمل إسم عماد مغنية والذي أوصل الرسالة الواضحة إلى سكان البيت الأبيض وتل أبيب بأن إيران لم تتراجع قيد أنملة.

منذ وصول حسن روحاني إلى رئاسة الجمهورية الإسلامية الإيرانية كان نُصُب عينيه ووفريقه الوزاري التفاوض مع الدول 5+1 من أجل رفع العقوبات والحصار الاقتصادي المفروض على إيران. ولا شكّ أن هذا الأمر كان نابعاً من حُسن نيّة وأملٍ في مستقبلٍ أفضلٍ على أساس الجملة التي دائماً ما ردّدها الرئيس روحاني على مسامع المرشد "ما دام أننا لا نصنّع سلاحاً نووياً فلماذا لا نذهب ونتفاوض على شيءٍ لن نخسره وفي المقابل سوف تُحل كل مشاكلنا الاقتصادية؟!". لكن المرشد كان يعلم أن القضية ليست بهذه السهولة لأن الغرب يعرف تماماً أن إيران لا تعمل على تصنيع سلاح نووي وإنّما أراد من هذا الملف ممراً لمآرب مضمورة. وعلى هذا الأساس كان يرفض المرشد التفاوض المباشر، إلا أن الدعايات الغربية وخاصة عبر وسائل إعلامها المتكلّمة بالفارسية بدأت تصوّر للشعب الإيراني أن هناك مفاوضات ستؤدي إلى حل كل مشكلاتهم ورخاء عيشهم وأن من يقف في وجهها هو المرشد. فلمّا أحسّ المرشد بتحوّل الشعب إلى قطبين، مخالف ومؤيّد للمفاوضات، ولمّا علا منسوب التشنّج داخلياً في هذه المسألة، وافق في النهاية مع جملته المعروفة "أنا لست متفائلاً بالمفاوضات"، لأن التاريخ الإيراني من تجربة مُصدّق ووثائق السفارة الأميركية يشهد على خداع الغرب ومؤامراته.

عندما ذهب الفريق الإيراني المفاوض وجلس على طاولة المفاوضات تفاجأ أن سفرة هذه الطاولة مختلفة تماماً عما كان في الدعوة إليها حيث وجد نفسه أمام أربعة ملفات رئيسية لا يُشكل موضوع السلاح النووي سوى جزءاً بسيطاً منها:

  • الملف الأول: هو الملف النووي بجميع متفرّعاته حيث اكتشف الإيرانيون أن الغرب يرغب في تحطيم كل التكنولوجيا النووية كالطب النووي والزراعة الذرية والبطاريات النووية ووغيرها. وبالتالي لم يكن هدفه القضاء فقط على مقوّمات السلاح النووي.
  • الملف الثاني: هو قضايا حقوق الإنسان كتشريع الأحزاب المعارضة للإسلام والنظام، بالإضافة إلى السماح بنشاطات للمثليين جنسياً وإعطائهم حقوق التجمّع والحرية. باختصار، كل ما يؤدّي إلى فساد المجتمع وتضعيف النظام هو هدف للغرب تحت عنوان "حقوق الإنسان".
  • الملف الثالث: هو مسألة الصواريخ الإيرانية على وجه التحديد وعلاقتها بإسرائيل ووالقواعد العسكرية الأميركية حيث سعى الغرب للضغط من أجل وقف صناعتها أو وضعها تحت المراقبة المستمرة.
  • الملف الرابع: هو دعم المقاومات الفلسطينية واللبنانية والوقوف إلى جانب المظلومين.

في المقابل، كان الغرب يعمل على مبدأ الترغيب والضغط النفسي وكاد أن يزلق الفريق المفاوض الإيراني لولا ثبات المرشد وإصراره بانحصار المفاوضات في "السلاح النووي الإيراني".

عند أواخر مراحل المفاوضات كانت ولاية أوباما الرئاسية تقترب من نهايتها، و هذا ما وضع تلك الإدارة تحت الضغط إذ لا يمكنها ترك المفاوضات من دون نتيجة، فوصلوا إلى حل خلاصته القبول بالاتفاق النووي ضمن الإطار الأحمر والعمل مستقبلاً على تمديده ليشمل الملفات الباقية، و هنا يكمن دور ترامب الذي لا ينفكّ يطالب بالتفاوض عليها، و كانت هذه النقطة إنجازاً لإيران في المفاوضات... جرى الإتفاق أخيراً.

بعد الاتفاق في جنيف جيّش الغرب كل وسائل إعلامه لترويج بروباغندا استسلام إيران وتراجعها بالتزامن مع توقيع الاتفاق في مجلس الشورى الإيراني ومن قبل المرشد. في ذلك الوقت، كان المرشد قد أوعز بتحضير صاروخ "عماد1" لتجربته و أيضاً الإفصاح عن المدن الصاروخية تحت الأرض. وسائل الإعلام تنتظر اللحظة، صاروخ عماد1 يحلّق في السماء، المدن الصاروخية تخرق الأرض، المرشد يوقّع على الإتفاق النووي، وكالات الأخبار تضجّ بخبر الصاروخ الذي يحمل إسم عماد مغنية والذي أوصل الرسالة الواضحة إلى سكان البيت الأبيض وتل أبيب بأن إيران لم تتراجع قيد أنملة.

جعفر قليلي

محاور رئيسية
• البعثة النبويّة ذروة الرحمة الإلهيّة
• العدوان الأميركي على سوريا لن يعود عليهم بشيء
• مكافحة "إستخدام السلاح الكيميائي" ذريعة أميركية كاذبة

بسم الله الرحمن الرحيم (1)

والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الطيبين الطاهرين، وصحبه المنتجبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أبارك عيد مبعث الرسول الأكرم الكبير والإستثنائي لكل الحضور المحترمين، والضيوف الأعزاء الموجودين في الجمهورية الإسلامية، ولسفراء البلدان الإسلامية المحترمين، ولكل الشعب الإيراني، ولكل المسلمين ولكل الأحرار في العالم.

البعثة النبويّة ذروة الرحمة الإلهيّة
إن البعثة حدثٌ فريدٌ لا نظير له، والحقيقة أنه لا يوجد أيُّ حدث آخر في تاريخ البشر يرقى إلى أهمية بعثة الرسول وعظمتها. بعثة الرسول كانت ذروة رحمة الله لبني البشر والإنسانية. إنَّ إرسال الرسل والأنبياء لهداية الإنسان ولإيصاله إلى قمة التكامل، أكبر رحمة لله بالبشر، وقد تمثلت قمة هذه الحركة في بعثة الرسول الأكرم. حيث فُتِحَ أمامَ البشرية طريقٌ له القدرة والطاقة أن يتقدم بالبشرية إلى الأمام حتى آخر الدنيا. وقد تقدمت الإنسانية منذ ذلك اليوم وإلى يومنا الراهن. وتقدمت أفكار البشر وعقولهم، وتحولت الكثير من الحقائق التي تكفلت الأديان ببيانها إلى جزء من عُرف المجتمع البشري. والحمد لله على أن قلوب أبناء البشر مالت وانجذبت نحو المعنويات.

البعثة دعوة وكفاح لإعلاء كلمة التوحيد
إنَّ جوهر قضية البعثة ولب مطلبها عبارة عن التوحيد. التوحيد يعني عبودية الله تعالى بشكل حصري. بمعنى أن لا تتحكم الأهواء والنزوات والشهوات وأنواع الغضب بحياة الإنسان. وأن لا يكون الاستبداد والدكتاتورية والأنانية هي التي تدير حياة الإنسان، ويكون مصدر إدارة حياة الإنسان العلم الإلهي والقدرة الإلهية والرحمة الإلهية والفيض الإلهي والهداية الإلهية. هذا هو معنى التوحيد. بالدرجة الأولى، سوف يُطرد بواسطة شعار التوحيد كل أولئك الذين يريدون بأنانياتهم وتكبّرهم واستبدادهم وظلمهم أن يسيطروا على شؤون البشر والمجتمعات البشرية. ولذلك هم يعادون هذا الشعار: "وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا".(2) واجه كل الأنبياء والرسل أصحابَ الذهب والتسلط ومستبدي العالم وظالميه وفراعنته وحاربوهم وكافحوهم. فمن دون الكفاح الذي يخوضه الحق، لن يضطر الباطل إلى التراجع. تقدُم البشرية يوماً بعد يوم منذ فجر التاريخ الإنساني وإلى اليوم، واقترابها نحو المعارف الإلهية أكثر فأكثر؛ إنما كان بفعل الكفاح. فالحق يجب أن يكافِح:"الَّذينَ آمَنوا يقاتِلونَ في سَبيلِ اللَّهِ وَالَّذينَ كفَروا يقاتِلونَ في سَبيلِ الطّاغوتِ"(3).من دون الكفاح ضد المستبدين والمستكبرين والمسيئين للبشرية والظالمين والجائرين لا يمكن التقدم بالحق. لا بدّ من كفاح وهذا ما قام به الأنبياء، التوحيد يتضمن المعالم العامة والأصول والخطوط الأصلية لهذا الكفاح.

النصر على ألأعداء كان دوما حليف جبهة الأنبياء
"لا إله إلا الله" هي مصدر تأثيرٍ ومنشأ عمل. الحكومة الإسلامية هذه التي أشار لها السيد رئيس الجمهورية والتي تأسست في المدينة نتجت عن «لا إله إلا الله». أي إن الحكومة في الأديان الإلهية لا معنى لها إلّا على يد الله تعالى ويد رسل الله. ولهذا بمجرد أن قال الرسول: «قولوا لا إلٰهَ‌ إلَّا ‌اللهُ تُفلِحوا» (4)، اصطفَّ ضده أصحاب الذهب والتسلط في تلك البيئة المحدودة الصغيرة، أي مكة. وبعد ذلك في المدينة عندما تأسس الحكم الإسلامي عادت الحكومات والامبراطوريات والقوى العالمية للاصطفاف بوجه الإسلام.

وقد كان هذا الاصطفاف موجوداً منذ اليوم الأول والى اليوم. ومنذ اليوم الأول وحتى الآن، كان مصير الباطل في هذه المواجهة هو التراجع إلى الوراء، وكان مصير الحق التقدم إلى الأمام. تلك الجماعة القليلة التي عاشت في مكة تحت كل تلك الضغوط التي مورست ضدها صارت اليوم مجتمعاً إنسانياً عظيماً له الكثير من المفاخر والأمجاد والكثير من الإمكانيات والكثير من الأمل والمستقبل المشرق

مقتضى التوحيد نصرة المظلوم على الظالم
يجب فهم هذا الأمر: على الأمة الإسلامية أن تعود إلى التوحيد من الأصل بكل ما أوتيت من قوة.

إذا كنا نؤمن بالتوحيد، فلن نتقبل الخضوع للتسلط، ولن نرضى بالظلم. وليس لنا أن لا نقف بوجه الظالم، هذه هي طبيعة التوحيد. ولهذا تعلن الجمهورية الإسلامية اننا حاضرون أينما كان هناك مجتمعٌ مظلومٌ ولا بدّ من نصرته. ولهذا نُصرُّ كل هذا الإصرار على قضية فلسطين. لأن مقتضى التوحيد أن يقف الإنسان مقابل جور الظالم وتسلطه ضد المظلوم. هذه هي حقيقة التوحيد. والبعثة تذكرنا بهذا.

أ ــ الجمهورية الإسلامية تنصر القضية الفلسطينية
ولا شكَّ في أنَّ لهذا تقدمه وتطوره. طبعاً كانت الضغوط على الشعب الفلسطيني في هذه الأيام والأيام الماضية ـ طوال هذه الأعوام السبعين ـ كبيرة وكثيرة. ولكن لاحظوا أنَّ: هذه الجماعة المحدودة المظلومة التي استطاع الصهاينة أن يتغلبوا عليها بسهولة وأن يشردوا شعباً من بلده ويسلبوه بلاده ويسيطروا هم على تلك البلاد؛ هذا الشعب الضعيف نفسه تحول اليوم إلى "فلسطين" مقتدرة تُهدد الدولة الصهيونية، وتُشعِر الدولة الصهيونية بالضعف والعجز في مواجهة هذا الشعب الفلسطيني. لا شكَّ أن الفلسطينيين سينتصرون على الصهاينة، وسوف تعود فلسطين للفلسطينيين.

ب ــ الجمهورية الإسلامية تدعم حركات المقاومة في سوريا والعراق
هذا هو سبب وقوفنا إلى جانب مجموعات المقاومة في منطقة غرب آسيا. وهذا هو سبب تواجدنا في سوريا لمواجهة ومجابهة الإرهابيين الذين أوجدتهم أمريكا وعملاء أمريكا في المنطقة. أن يُقال "إنَّ الجمهورية الإسلامية في إيران هي دولة توسعية وتريد احتلال المكان الفلاني"؛فهذا كلامٌ فارغٌ لا معنى له، وهو كذبٌ وبخلاف الواقع. كلا، إننا لا ننوي التوسّع، وليست لدينا نظرة توسعية نحو أي مكان في العالم. ولا نحتاج لذلك؛ فالحمد لله يمتلك الشعب الإيراني بلداً كبيراً عامراً زاخراً بالطاقات والإمكانيات. هذا التواجد سببه وجود مقاومة ضد الظلم في سوريا وفي منطقة غرب آسيا، ونحن متواجدون هناك لهذا السبب. ولهذا تلاحظون أنَّ جبهة المقاومة وبتوفيق من الله وبفضل المساعدات التي قُدمت وببركة الشجاعة التي أبدتها القوات السورية استطاعت الانتصار على الإرهابيين المدعومين، بل المصنوعين من قِبَل أمريكا والغربيين ومرتزقتهم في المنطقة ـ مثل السعودية وأشباهها ـ وفرض الهزيمة والانكسار عليهم.

ــ أميركا تدعي كذبا وزورا محاربتها لداعش
تلك الجهات نفسها التي كانت بالأمس تدعم "داعش" سراً وعلانية، تزعم اليوم أنها متواجدة لمجابهة التكفيريين وأنها هزمتهم، هذا كذب. لا صحة لهذا؛ فلم يكن لها أيُّ دور. في هذه الكلمة التي ألقاها الرئيس الأمريكي (5) قبل ساعات ، يقول "إننا استطعنا هزيمة داعش في سوريا": كذبٌ واضحٌ وفاضحٌ! لقد تدخلوا في المراحل التي اعتبروها ضرورية وقدموا المساعدة للتكفيريين. في المواقع التي كان قادة "داعش" الأساسيون محاصرين تدخلوا وأنقذوهم. وكان لهم دورهم قبل هذا في إيجاد "داعش". وقد استطاعوا بأموال السعودية وأمثال السعودية أن يخلقوا هذه الموجودات الخبيثة ويطلقوها على الشعبين العراقي والسوري. لكن المقاومة ضد أمريكا وعملاء أمريكا استطاعت إنقاذ هذين البلدين. وكذا سيكون الحال بعد الآن أيضاً.

العدوان الأميركي على سوريا لن يعود عليهم بشيء
إنَّ الهجوم الذي شُنَّ وقت السحر من ليلة أمس على سوريا هو جريمة. (6) أنا أعلن بشكل واضح وصريح أنَّ الرئيس الأمريكي والرئيس الفرنسي (7) ورئيسة وزراء بريطانيا (8) هم مجرمون وقد ارتكبوا جريمة. وبالطبع لن يستفيدوا شيئاً، ولن يجنوا شيئاً، كما أنهم تواجدوا في السنين الماضية في العراق وسوريا وأفغانستان وارتكبوا مثل هذه الجرائم ولم يجنوا أي شيء. قال الرئيس الأمريكي قبل أيام من الآن: "إننا أنفقنا سبعة ترليون [دولار] في منطقة غرب آسيا ـ وعلى حد تعبيره الشرق الأوسط ـ ولم نربح أي شيء". وهذا صحيح، لم يربحوا ولم يستفيدوا شيئاً. ولتعلم أمريكا بعد الآن أيضاً أنَّ أيَّ مالٍ تُنفقه وأيَّ مسعى تسعاه في هذه المنطقة فإنها لن تكسب منه أيَّ شيء.

لا ذلة لحكومة أسوأ من تقديمها ثروة شعبها لعدوه
في مقابل هذه الأحداث، علينا أن نصحو وأن نكون يقظين حذرين. على الشعوب الإسلامية والبلدان الإسلامية والحكومات المسلمة أن تُراكم التجارب وتُدرك ما الذي يفعله أعداء الأمة الإسلامية. إنهم يريدون توجيه ضربة للأمة الإسلامية؛ وليس الهدف سوريا أو العراق أو أفغانستان فقط. الهدف هو وجود الإسلام في هذه المنطقة. يريدون القضاء عليه. على البلدان الإسلامية أن تعي هذا الشيء. يجب أن لا تجعل الحكومات الإسلامية نفسها في خدمة أهداف أمريكا وبعض البلدان الغربية المعتدية. ليس من الفخر لبلدٍ مسلمٍ أن يقول عنه الرئيس الأمريكي علناً: "إننا ننظر إلى البقرة الحلوب"؛ ينظرون إليهم على أنهم بقرة حلوب. هل هذه مفخرة؟ في الدعاية الانتخابية الأخيرة في العام الماضي قال الرئيس الأمريكي الحالي هذا الكلام. قال إننا ننظر للسعوديين باعتبارهم بقرةً حلوباً! فهل هناك ذُلٌ أكثر من هذا؟ هل هناك ذلٌ أسوأ من هذا بالنسبة لدولةٍ ولشعبٍ ما؟ يأخذون أموالها ثم يخاطبونها بأنها بقرة حلوب، ويهينونها. ليس هناك ذلةٌ لبلد ولحكومة أسوأ من هذا. والإسلام يعارض هذه الذلة:وَلِلَّهِ العِزَّةُ وَلِرَسولِهِ وَلِلمُؤمِنينَ" (9) إذا كانوا مؤمنين فيجب أن يكونوا أعزاء. هذه الذِّلة علامةٌ على أنهم لا إيمان لهم، وليسوا مؤمنين، ويكذبون كما يكذب سادتهم.

مكافحة "إستخدام السلاح الكيميائي" ذريعة أميركية كاذبة
يقول الرئيس الأمريكي "إننا هجمنا على سوريا لمكافحة استخدام السلاح الكيميائي"! هذا الكلام كذب. إنهم لا يعارضون استخدام السلاح الكيميائي: لا السلاح الكيميائي ولا أية جريمة أخرى ضد الإنسانية. اليمن يُقصف الآن يومياً وهم يدعمون هذا القصف. وفي مناطق مختلفة من العالم يتعرض المسلمون للضغوط فيدعمون ذلك الظالم ويساعدونه. إنهم لا ينزعجون ولا يتألمون لأن أناساً يتعرضون للمحن والآلام. هؤلاء أنفسهم دعموا "صدام" المجرم وساعدوه. وقد قُتل وأصيب آلاف الناس من الشعب الإيراني والعراقي بواسطة الأسلحة الكيميائية التي استخدمها صدام. ولا يزال بين أبناء شعبنا من الذين أصيبوا وقتها وكانوا شباباً، وهم موجودون ويعانون. هؤلاء لا يعارضون الأسلحة الكيميائية، بل يتدخلون لتحقيق أهدافهم الاستعمارية والاستبدادية الدولية. ويتهمون هذا وذاك بالاستبداد، والحال أنهم هم المستبدّون الدوليون. وبالطبع فإن الدكتاتوريّين والمستبدّين لن يفلحوا ولن يربحوا في أي مكان في العالم. وهؤلاء أيضاً لن يربحوا. ومن المؤكد أن أمريكا سوف تُهزم وتفشل في تحقيق أهدافها في هذه المنطقة وفي أية منطقة تمارس الظلم فيها. ولا شكَّ في أن الشعوب سوف تنتصر. وهذا ما سيكون في هذه المنطقة أيضاً إن شاء الله.

الشعب الإيراني صامد وهو لا محالة منتصر
شعبنا صامد والحمد لله، الشعب الإيراني بتجربته التي ترقى لأربعين سنة، صامدٌ وثابت على مقاومته واستقامته. لقد اختبرنا هذا الشيء: "التراجع" يُشجع العدو أكثر، و"الصمود" يفرض عليه التراجع. ": وَلَوْ قَاتَلَكُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوَلَّوُا الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يَجِدُونَ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا * سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا" (10). هذه سنة الله: إذا قاومتم وصمدتم بوجه الظلم والاستبداد والتسلط ومنطق القوة والخبث وجرائم مجرمي العالم فإنهم سيضطرون للتراجع يقيناً. هذا ما يذكره القرآن الكريم كسنة تاريخية وإلهية أكيدة. وهذه السنة سوف تتحقق إن شاء الله. ونتمنى أن يوفق الله في القريب العاجل الشعب الإيراني، والشعب السوري، والشعب العراقي، وشعب فلسطين المظلوم، وشعب كشمير، وشعب بورما، والمسلمين في كل المناطق التي يتعرضون فيها للضغوط في العالم؛ أن يوفقهم إن شاء الله لينتصروا وليستطيعوا طرد الأعداء .

اللهم بمحمد وآل محمد اغمر أرواح الشهداء الطيبة ـ شهداء طريق الحق والحقيقة ـ والروح الطاهرة للإمام الخميني الجليل بلطفك وفيضك.

والسّلام عليكم ورحمة ‌الله وبركاته.

1 ـ في بداية هذا اللقاء ألقى حجة الإسلام والمسلمين حسن روحاني (رئيس الجمهورية الإسلامية في إيران) كلمة بالمناسبة.
2 ـ سورة الأنعام، جزء من الآية 112.
3 ـ سورة النساء، جزء من الآية 76.
4 ـ بحار الأنوار، ج 18، ص 202.
5 ـ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
6 ـ إشارة إلى العدوان الأمريكي البريطاني الفرنسي على سوريا.
7 ـ الرئيس الفرنسي إيمانوئيل ماكرون.
8 ـ رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا مي.
9 ـ سورة المنافقون، جزء من الآية 8.
10 ـ سورة الفتح، الآيتان 22 و 23.

دعا رئيس حركة "حماس" إسماعيل هنية، الفلسطينيين إلى الاستعداد للمشاركة في المسيرة الكبرى في ذكرى النكبة الموافق 15 مايو/ أيار القادم، تجاه الحدود الفاصلة مع إسرائيل.

وقال هنية، في كلمة له أثناء مشاركته في "مسيرة العودة" اليوم الجمعة، على الحدود الشرقية بين قطاع غزة وإسرائيل "استعدوا وتهيأوا للطوفان البشري على كل حدود فلسطين داخل الأرض المحتلة وخارجها في ذكرى النكبة".

وأضاف "مسيرة العودة ستزيل الأسلاك والحدود لنعود إلى أرض فلسطين المحتلة".

وأشار أن "تهديدات الاحتلال (إسرائيل) لن تخيف شعبنا بل تزيدنا قوة وحشد على الحدود".

وصباح اليوم، ألقى الجيش الإسرائيلي، منشورات تحذيرية في المواقع التي يتظاهر فيه الفلسطينيون، قرب السياج الحدودي، مشيرا أن حياتهم في خطر، كما هدد باستخدام كافة أنواع الأسلحة لمنع وصول المتظاهرين للسياج.

وتابع "مسيرة العودة تجاوزت الزمان والمكان وانتقلت إلى فضاء العزة والكرامة وتخطت مرحلة الردع؛ فلا أحد يمكن أن يردع أطفالنا".

ومنذ 30 مارس/آذار الماضي، يتجمهر فلسطينيون قرب السياج الفاصل بين القطاع وإسرائيل، في إطار مسيرات العودة، التي من المقرر أن تبلغ ذروتها في ذكرى النكبة.

ويقمع الجيش الإسرائيلي تلك الفعاليات السلمية بالقوة، ما أسفر عن استشهاد 39 فلسطينيًا، وإصابة الآلاف حتى مساء اليوم.

فعاليات الجمعة الرابعة تتواصل على حدود قطاع غزة في "مسيرات العودة " تحت عنوان جمعة الشهداء والأسرى"، ومراسل الميادين يفيد باستشهاد 4 فلسطينيين بينهم طفل في الخامسة عشرة من عمره، وإصابة ما يزيد عن 500 بعضهم أصيب جراء إطلاق قوات الاحتلال الرصاص الحي على المتظاهرين

انطلقت اليوم الجمعة على حدود قطاع غزة فعاليات الجمعة الرابعة لمسيرات العودة تحت عنوان "جمعة الشهداء والأسرى"، حيث وصل المتظاهرون الفلسطينيون إلى الحدود مع القطاع، وتحاول القوات الإسرائيلية تفريقهم.

وأفاد مراسل الميادين باستشهاد 4 فلسطينيين في المواجهات اليوم الجمعة مع جيش الاحتلال، بينهم الطفل محمد إبراهيم أيوب 15 عاماً من جباليا، كما أصيب نحو 500 آخرون بجروح وحالات اختناق، بينهم 45 أصيبوا بالرصاص الحي من قبل قوات الاحتلال.

وأكد مراسل الميادين أن جميع القوى الوطنية الفلسطينية تشارك في مسيرات العودة الكبرى، وأن هذه المسيرات عبرت عن الوحدة الوطنية في مواجهة الاحتلال رغم الانقسام على مستوى الفصائل.

بيان الهيئة الوطنية العليا لمخيم ومسيرة العودة وكسر الحصار دعت لأن تكون تظاهرة اليوم رسالة قوية إلى الاحتلال الذي يراهن على تراجع التحركات.

كما أشارت مراسلة الميادين إلى استشهاد 34 فلسطينياً وأكثر من 4300 جريح برصاص الاحتلال خلال مسيرات العودة الأربع.

القيادي في الجهاد الإسلامي داوود شهاب أكد في حديث للميادين أن الفعاليات ستتواصل حتى 15 أيار/ مايو المقبل، حيث ستسجل انطلاقة ثانية لمسيرات العودة، مشيراً إلى أنها ستتوسع لتشمل الضفة أيضاً.

وبالنسبة للفيديو ألذي بثته سرايا القدس قال شهاب للميادين إن الفيديو هو "رسالة لمن راهن على ضعف المقاومة بأنها جاهزة دائماً".

وحذّر شهاب الاحتلال من محاولة استخدام القوة العسكرية لحرف المسيرات عن سلميتها، فقال "سيتحمل المسؤولية وليحذر".

كما أوضح أن عنوان المسيرات ليس كسر الحصار بمعنى إدخال الطعام والشراب للقطاع، بل تعني أن الشعب اشتاق للقدس.

وأكد أن غزة لا يمارس عليها الضغط بل هي تفرض أجندتها على العدو الإسرائيلي، وهي لا تقاتل وحدها، مشيراً إلى أن لغة الضغط لا تجدي مع غزة.

من جهتها، ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن الجيش الإسرائيلي رمى صباح اليوم الجمعة منشورات تدعو الفلسطينيين في غزة إلى عدم المشاركة في التظاهرات التي ستنظم على الحدود مع القطاع.

هذا ويستعد الجيش الإسرائيلي لتظاهرة الطائرات الورقية والمسيرات على طول السياج الحدودي للقطاع. وتشير تقديرات الجيش إلى أن زخم المسيرات سيستمر بالتراجع وأنها ستضم بضعة ألاف، وستجري هذه المرة مع الكثير من الطائرات الورقية التي ستُربط بها زجاجات حارقة، والهدف هو محاولة تجاوز الطائرات الورقية قوات الجيش إلى حقول المستوطنات الحدودية.

ويستعد الجيش لإمكانية إسقاط الطائرات الورقية، كما أنه مستعد مع الكثير من القنّاصين على حدود القطاع. 

وفي سياق متصل، ذكرت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن الممثلة الأميركية الهولويودية نتالي بورتمان ألغت وصولها إلى "إسرائيل" لاستلامها هدية بقيمة مليون دولار احتجاجاً على تعامل الحكومة الإسرائيلية مع المتظاهرين في غزة.

الجدير ذكره أن النجمة الهوليوودية الأميركية هي إسرائيلية إسمها الأصلي ناتالي هيرشلاغ من مواليد القدس المحتلة 37 عاماً، وتحمل أوسكار أفضل ممثلة منذ ثماني سنوات

ولد أبو الفضل العباس(ع)  في الرابع من شعبان سنة 26 هجرية - على الظاهر - كما ذكره بعض المحققين([1])، أبوه أمير المؤمنين وسيد الموحدين علي ابن أبي طالب(ع) ، وأمه السيدة الجليلة، والمرأة العظيمة، فاطمة بنت حزام الكلابية، الملقّبة بـ (أم البنين)([2])..

تزوج بها أمير المؤمنين بإشارة من أخيه عقيل بن أبي طالب الذي كان عالماً بأنساب العرب، فقد قال (ع)  له: «أنظر لي امرأة قد ولدتها الفحولة من العرب لأتزوّجها فتلد لي غلاماً فارساً». فأشار عليه بها([3])، وقد ولدت لأمير المؤمنين أربعة أولاد هم: العباس، وعبد الله، وجعفر، وعثمان، وبهم كانت تَكنّى (أم البنين)، وقد استشهدوا جميعاً بين أيدي أخيهم الحسين(ع)  في كربلاء([4]).

عاش العباس مع أبيه علي بن أبي طالب أربعة عشر عاماً، ومع أخيه الحسن(ع)  بعد شهادة أبيه عشر سنوات، ومع أخيه الحسين بعد شهادة الحسن عشر سنوات، فكان عمره يوم استشهد حوالي أربعة وثلاثين سنة([5]).

تزوج من لبابة بنت عبيد الله بن العباس، وولد له منها ولدان هما: عبيد الله، والفضل، وبالأخير كان يكنى([6])، وكان (ع)  عابداً، عالماً، فارساً، طويل القامة، يركب الفرس المطهَّم([7]) ورجلاه تخطان في الأرض، شجاعاً وسيماً([8]).

كُنّي بأبي الفضل، وأبي القاسم، وله ألقاب عظيمة تكشف عن مكنون شخصيته، وطهارة عرقه، وسموه ونبله، وهي:

1- قمر بني هاشم([9]): لقّب به لما كان فيه من روعة البهاء، وجمال الصورة بحيث كان آية من آياتها.

2- السقّاء([10]): لقّب بذلك، لأنه قام مرات عديدة باقتحام الفرات وإحضار الماء للعطاشى في مخيم الحسين(ع) .

3- بطل العلقمي([11]): والعلقمي اسم النهر الذي استشهد(ع) ، على ضفافه.

4- حامل اللواء([12]): إذ كان العباس(ع)  قد دفع إليه أخوه الحسين لواءه في كربلاء.

5- كبش الكتيبة، أظفاه عليه أخوه الحسين(ع) ، عندما استأذنه للبراز، فقال له: أنت كبش كتيبتي، وهو وسام لأعلى قائد في الجيش، الذي يقوم بحماية كتائب جيشه بحسن التدبير.

6- باب الحوائج([13]): لما رأته الشيعة وغيرهم، من استجابة الله تعالى الدعاء تحت قبة قبره المبارك.

أجلسه أمير المؤمنين(ع)  ذات مرة في حجره - وكان صغيراً - فشمّر العباس عن ساعديه، فجعل الإمام يقبلهما وهو غارق في البكاء، فسألته أم البنين: ما يبكيك؟

فقال: نظرت إلى هذين الكفين، وتذكرت ما يجري عليهما.

فقالت: ماذا يجري عليهما؟

قال: إنهما يقطعان من الزند.

فقالت: ولماذا؟

فأخذ أمير المؤمنين يخبرها عما يجري عليه وعلى إخوته في كربلاء([14]).

من فضائل العباس(ع) :

1- قال في حقه أمير المؤمنين(ع) : «إن ولدي العباس قد زقّ العلم زقّاً»([15]).

2- قال فيه الإمام زين العابدين(ع) : «رحم الله عمّي العباس فلقد آثر وأبلى، وفدى أخاه بنفسه حتى قطعت يداه فأبدله الله بجناحين يطير بهما مع الملائكة، كما جعل لجعفر بن أبي طالب، وإن للعباس عند الله تبارك وتعالى منزلة يغبطه عليها جميع الشهداء يوم القيامة»([16]).

3- قال فيه الإمام الصادق(ع) : «كان عمي العباس بن علي(ع)  نافذ البصيرة، صُلب الإيمان، جاهد مع أخيه الحسين، وأبلى بلاءً حسناً، ومضى شهيداً»([17]).

4- زيارة الحجة(ع) ، المنسوبة إليه: «السلام على أبي الفضل العباس بن أمير المؤمنين(ع) ، المواسي أخاه بنفسه الآخذ لغده من أمسه، الفادي له، الواقي، الساعي إليه بمائه المقطوعة يداه، لعن الله قاتليه يزيد بن الرقاد، وحكيم بن الطفيل»([18]).

4- عُرِضَ الأمان عليه فأبى: «لما نادى شمر: أين بنو أختنا؟ أين العباس وأخوته، فلم يجبه أحد منهم، فقال لهم الحسين(ع) : أجيبوه وإن كان فاسقاً، فإنه بعض أخوالكم. فقال له العباس: ما تريد؟ فقال: أنتم يا بنو أختي آمنون. فقال له العباس: لعنك الله ولعن أمانك، أتؤمننا، وابن رسول الله لا أمان له»([19]).

5- آباؤه ترك الحسين(ع) : لما جمع الحسين(ع)  أهل بيته وأصحابه ليلة العاشر من المحرم، وخطبهم فقال في خطبته: «أما بعد فإني لا أعلم أصحاباً أوفى ولا خيراً من أصحابي، ولا أهل بيت أبرّ ولا أوصل من أهل بيتي، وهذا الليل قد غشيكم فاتخذوه جملاً، وليأخذ كل واحد منكم بيد رجل من أهل بيتي، وتفرّقوا في سواد هذا الليل، وذروني وهؤلاء القوم، فإنهم لا يريدون غيري»..

قام العباس(ع)  وقال: ولم نفعل ذلك لنبقى بعدك، لا أرانا الله ذلك اليوم أبداً([20]).

6- لما وصل العباس الماء: أقحم العباس في هجومه الأخير فرسه الماء، وكان قلبه يتفطّر عطشاً، ولسانه قد يبس، فغرف غرفة من الماء ليشرب تذكر عطش الحسين(ع)  فرمى الماء من يده وقال:

يا نفس من بعد الحسين هوني

 

وبعده لا كنت أو تكوني

هذا حسين وارد المنون

 

وتشربين بارد المعين

تالله ما هذا فعال دين

 

ولا فعال صادق اليقين([21])

أبى العباس(ع)  أن يرطّب كبده الماء، ويطفئ به حرارة قلبه، قبل إمامه وسيده الحسين(ع) ، والذي يظهر في الشطر الأخير من شعره المتقدم أن هذا الإيثار ليس نابعاً عن الارتباط النسبي بينه وبين الحسين، بل نتاج الروابط الدينية، فدين العباس ويقينه يحتم عليه أن لا يشرب الماء قبل إمامه وإن مات عطشاً.

وهذه نظرية خاصة بالعباس في فهم طاعة الإمام والولاية إليه، فليس إمامة الإمام بنظره الطاعة في الكلمة والموقف فحسب، بل حتى في غرائز الموالي ومشتهياته، وحالاته، ينبغي أن تكون تبع الإمام ومواسية أو متأسية لحالته.

7- الإيمان الواعي: كان أبو الفضل العباس على أعلى مستوى في الوعي الإيماني، فعلى الرغم من أنه يخوض معركة يقودها أخوه ضد أسرة معادية لأسرته، لم يظهر في رجزه ظل العاطفة الشخصية، أو القبلية، وإنّما عبّر عن قيم دينية يجسدها أخوه الحسين لكونه إماماً وقائداً، فقال:

والله إن قطعتم يميني

 

إني أحامي أبداً عن ديني

وعن إمام صادق اليقين

 

نجل النبي الطّاهر الأمين([22])

8- لما جاء الحسين(ع)  إلى مصرعه، قال: الآن انكسر ظهري وقلّت حيلتي وشمت بي عدوي([23]).

لقد كان الحسين(ع)  صلب الظهر، كثير الحيلة، لا يتجرّأ عليه أحد ما دام العباس إلى جنبه رغم كل الجراح، رغم كل البلاء، ولكن كل ذلك تغيّر عندما قُُتل العباس(ع).

 

([1]) قمر بني هاشم: 6.

([2]) راجع ما ذكرناه عن حياتها في مناسبات جمادى الثانية.

([3]) عمدة الطالب، نقله عنه في الأعيان 7: 429.

([4]) مقاتل الطالبيين: 84.

([5]) الأعيان 7: 429.

([6]) واقعة كربلاء في الوجدان الشعبي: 110.

([7]) المطهّم: الفرس السمين جداً.

([8]) مقاتل الطالبيين: 84-85.

([9]) المصدر السابق: 84-85.

([10]) المصدر السابق.

([11]) العباس بن علي للقرشي: 28.

([12]) المصدر السابق.

([13]) ذُكرت جميع هذه الألقاب، في تنقيح المقال 2: 128.

([14]) العباس بن علي: 30.

([15]) واقعة كربلاء في الوجدان الشعبي: 110.

([16]) ذخيرة الدارين: 123.

([17]) المصدر السابق.

([18]) زيارة الناحية المنسوبة للإمام الحجة.

([19]) أعيان الشيعة 7: 430.

([20]) المصدر السابق.

([21]) نفس المهموم: 148.

([22]) نفس المهموم: 230

([23]) مقتل الحسين للخوارزمي.

ولد أبو عبد الله الحسين(ع)  في الثالث من شعبان، وقيل في الخامس من السنة الرابعة للهجرة، أبوه أمير المؤمنين ومصباح المتقين ونور العارفين، علي بن أبي طالب(ع) ، وأمه سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراءعليهاالسلام.

لما بُشّر جده الرسول الأعظم (ص) ،  خفّ مسرعاً إلى بيت بضعته فاطمة الزهراء، وهو مثقل الخطا، قد ساد عليه الحزن والأسى، فنادى بصوت خافت وحزين: هلّموا ولدي. فلما ناولته الزهراء الوليد، احتضنه، وجعل يوسعه تقبيلاً، ثم دفعه إلى صفية بنت عبد المطلب، وهو يبكي ويقول: لعن الله قوماً هم قاتلوك يا بني. قالها (ص) ،  ثلاثاً، فقالت صفية: فداك أبي وأمي، ومن يقتله؟ قال (ص) ، : تقتله الفئة الباغية من بني أمية([1]).

وقد سمّاه حسيناً كما سمّى أخاه حسناً([2])، ويقول المؤرخون: لم تكن العرب في جاهليتها تعرف هذين الإسمين حتى تسمّي أبناءها بهما، وإنّما سماهما النبي(ص) ،  بهما بوحي من السماء([3]).

وكان رسول الله (ص) ،  يشرف بنفسه على رعاية الحسين، وقد اهتم به اهتماماً بليغاً، وكان يضع إبهامه في فيه. وروي أنه أخذه بعد ولادته فجعل لسانه في فمه ليغذيه بريقه المبارك، وجعل يقول: «إيهاً حسين، إيهاً حسين، أبى الله إلا ما يريد هو» أي من جعل الإمامة فيك وفي ولدك([4]).

لقب(ع)  بالسبط، وسيد شباب أهل الجنة، أحد الكاظمين، التابع لمرضاة الله، الدليل على ذات الله، المطهّر، الشهيد، وسيد الشهداء، وكان يكنّى بأبي عبد الله، وقيل بأبي علي أيضاً، وكنّاه الناس من بعد شهادته بأبي الشهداء، وأبي الأحرار([5]).

إستلم الإمامة بعد شهادة أخيه الحسن المجتبى(ع)  سنة 50 للهجرة، واستمرت إلى سنة 61 هجرية، فكانت لمدة 10 سنوات وأشهر، وقد نص على إمامته وإمامة أخيه الحسن الرسول(ص) ،  بقوله: «إبناي هذان إمامان قاما أو قعدا»([6]).

عاش الإمام الحسين(ع)  برفقة جدّه المصطفى ما يزيد عن خمس سنوات، ومع أمه فاطمة قرابة الست سنوات، وقضى ما يزيد على (35 سنة) مع أبيه الإمام علي(ع)  وقد اشترك في حروبه الثلاثة، الجمل وصفين والنهروان، وبعد أبيه رافق أخاه الحسن عشر سنوات.

عاصر الإمام الحسين(ع)  خليفتين من الخلفاء الأمويين: معاوية بن أبي سفيان، ودامت 10 سنوات، ويزيد بن معاوية، ودامت ست أشهر.

الظروف السياسية في عهد الإمام الحسين(ع)

بلغ الانحراف عن مبادئ الإسلام إلى ذروته في عصر الإمام الحسين(ع)  حيث كان معاوية يستولي باسم خليفة المسلمين على مقدّرات الأمة ويعبث بمصيرها، وكان قد سلّط العصابة من آل أمية على المسلمين، وشكل حكومة ملكية قسرية مستبدة، شوّه من خلالها وجه الإسلام.

وقد قام بكل ذلك تحت وطأة تخدير الرأي العام بوضع الأحاديث، وتفسير الآيات وتأويلها بما يخدم مصالحه، ويسبغ القداسة والشرعية لحكمه وشخصيته.

لقد كان الكثير من المسلمين البسطاء يرون في معاوية الحاكم الإسلامي الذي يجب طاعته، ويلزم احترامه، إثر تلك الأحاديث التي حشّدها بعض الصحابة والتابعين لبيان موقعية معاوية والتصاقه بالإسلام، وقربه الشرعي من نبيه الكريم، وإنه خال المؤمنين وهكذا كانت ترى الناس معاوية من زاوية هؤلاء الرواة، وما يضعونه من فضائل في حقه.

وللأسف لقد أضلت هذه الروايات بعض البسطاء ممن يدّعون الدراية والعلم، فأخذ بهذه المرويات وهضمها، واعتقد بها دون تفحص وتدبر، فخلط وضيّع الحق.

ومن هنا باتت الثورة التي يريدها الحسين(ع)  في زمن معاوية غير مثمرة، ولا مقنعة لهؤلاء البسطاء - وهم يشكلون الغالبية الساحقة في المجتمع الإسلامي -، ولا بد من توضيح للأسباب القيّمة التي لأجلها ثار الحسين(ع)  كما أن هناك معوّقات أخرى يمكن اختصارها:

المعاهدة التي أبرمها هو وأخوه الإمام الحسن(ع)  على السكوت والتسليم إلى معاوية ما دام حياً، فلو ثار الحسين(ع)  في زمن معاوية لأمكن لمعاوية أن يصوّره بصورة منتهز ناقض لعهده وميثاقه، والإمام (ع)  كان يرى أنه قد عاهد وعليه أن يفي، و إن كان معاوية قد نقض العهد، وهذه سيرة الأئمة عليهم السلام في معاهداتهم حتى مع ظالميهم، فأمير المؤمنين، عندما طالبه الخوارج بقتال معاوية، بعد إجباره على التحكيم والرضوخ إلى حكمهما أبى عليهم لأجل العهد الذي قطعه بالالتزام بالتحكيم، ولو كان مقهوراً عليه، وهكذا الإمام الرضا(ع)  عندما جاء قواد جيش المأمون شاكين له ظلم المأمون بحقهم، والخوف من وقيعته بهم بعدما شاهدوا قتله لهرثمة قائد الجيوش، وكان بإمكانه (ع)  أن يستغل الموقف بإعلان الثورة عليه بواسطتهم، غير أنه أجابهم بأنه كان قد قال للمأمون عند تنصيبه القسري لولاية العهد بأن لا يتدخل بشيء قط، وقد وفّى بقوله. فهذه سيرة الأئمة في قطع العهود والوعود على أنفسهم.

وكان معاوية يتظاهر بالدين، حيث أنّه كان يدرك جيداً أنه ليس ينبغي له وهو يحكم الناس بسلطان الدين أن يرتكب من الأعمال ما يراه العامة تحدياً للدين وخروجاً عنه، بل عليه أن يضفي على أعماله طابعاً دينياً لتنسجم مع ما يتمتع به من المنصب، وأما ما لا يمكن تغطيته وتمويهه من التصرفات فليرتكبه في السر.

فأمام هذا كله لا تجد ثورة الحسين المناخ المناسب في عهد معاوية لانطلاقها وإظهار مبادئها الأصيلة، ولهذا لم يكن الحسين ليفكر في الثورة عليه أبداً.

مواجهة الإمام الحسين(ع)  لمعاوية

 هب أن الظروف السياسية لم تتح لإعلان الإمام الحسين الثورة في عهد معاوية، ولكن لا يعني ذلك أن يسكت الإمام الحسين(ع)  عن ممارسات معاوية المخالفة للإسلام، بل كان يبذل قصارى جهده في الوقوف ضد كل تصرفاته الظالمة، فلقد رد الحسين(ع)  على مواقفه رداً عنيفاً عرف معاوية أن هناك رقيب على أمة محمد (ص) ، ، وأنه يواجه الرد اللاّذع كلما بدر من معاوية أعمال غير إسلامية، وإليك نماذج من ذلك:

1- الرد عليه من أخذ البيعة لابنه يزيد([7]).

2- الرد عليه في قتله لحجر بن عدي الكندي وأصحابه، وعمرو بن الحمق، والحضرمي، وقتل كل من كان على دين علي(ع) ([8]).

3- الرد عليه في ادعائه زياد بن أبيه، وبسطه يده على رقاب المسلمين يقتلهم، وبقطع أيديهم وأرجلهم([9]).

4- إظهار فسق معاوية ومخالفاته العظيمة للإسلام أمام الملأ، وخصوصاً في مواسم الحج([10]).

5- الاستيلاء على بعض الأموال الحكومية التي تزف إلى معاوية من البلاد، والتي هي حقوق الناس والتي كان يوزعها معاوية على آل أمية، خدمة لمجونهم وشياطينهم، فكان الحسين(ع)  يستولي عليها ويوزعها على المحتاجين([11]).

إعلان الثورة في عهد يزيد:

كان يزيد الذي اعتلى سلطان الأمة شاباً غير ناضج، شهوانياً أنانياً، ومن أبعد الناس عن الحيطة والتروي، وكان صغير العقل متهوّراً ماجناً، لا يهم بشيء إلا ركبه، ولم يأل جهداً في استخدامه أية وسيلة لإرضاء رغباته وشهواته، وكان معلناً بشرب الخمر ومتظاهراً بالفسق واقتراف المعاصي، وكان مستهتراً في الدين، ينشد أشعار الاستخفاف به على سكره في لياليه الحمراء، وقد كان ينشد تهوراً:

معشـر النّدمان قوموا
واشربوا كأس المدام
شغلتني نغمة العيدان
وتعوضت عن الحور

 

واسمعوا صوت الأغاني
واتركوا ذكر المعاني
عـن صوت الأذان
خموراً في الدنان([12])

وقد أوضح ما في مكنون نفسه من عدائه للإسلام ورموزه بعد قتله للحسين، فكان يتغنى بقوله:

ليت أشياخي ببدر شهدوا
لأهلّوا واستهلّوا فرحاً
قد قتلنا القرم من ساداتهم
لعبت هاشم بالملك فلا

 

جزع الخزرج من وقع الأسل
ثم قالوا: يا يزيد لا تشل
وعدلناه ببدر فاعتدل
خبر جاء ولا وحي نزل([13])

لقد تحوّل بلاط يزيد إلى مركز يشكّل أنواع الفساد وارتكاب المحرمات، وقد اتسعت رقعة الفساد والانحراف مدة حكومته حتى تلوّثت مدن مقدسة كمكة والمدينة([14]).

قال المسعودي: سار يزيد في الناس بسيرة فرعون، بل كان فرعون أعدل منه([15]). هذا بالإضافة إلى أنه نشأ نشأة مسيحية، أو أنه كان يميل إليها على أقل التقادير، والشواهد على ذلك كثيرة منها:

1- تحريضه للأخطل الشاعر المسيحي ليهجوا الأنصار([16]).

2- عهد بابنه معاوية الصغير إلى مسيحي ليربيه ويعلمه([17]).

3- كان مستشاره الخاص سرجون بن منصور الرومي، وهو الذي أشار عليه بتولية عبيد الله بن زياد الكوفة([18]).

4- كان يقول في سكره:

فإن حرمت على دين أحمد

 

فخذها على دين المسيح بن مريم([19])

والآن وقد اتضحت حقيقة يزيد الوضيعة وعداوته للإسلام، نفهم جيداً دوافع ثورة الحسين(ع) ، وحيث أن موانع الثورة كانت قد زالت بموت معاوية كان عليه أن يخوض الثورة، ولو كان يبايع يزيداً لكانت بيعته هذه أكبر حجة على شرعية سلطانه.

أسباب الثورة على حكومة يزيد:

لم تكن ثورة الحسين حالة افتعالية دون أن تكون لها أهداف وأسباب ويمكن تلخيصها بما يلي:

رفض البيعة ليزيد، فبعد موت معاوية طلب يزيد من عامله على المدينة أن يأخذ البيعة من الحسين أو يضرب عنقه، ويرسل برأسه إلى الشام، لكن الحسين(ع)  رفضها وقال له: «إنا لله وإنا إليه راجعون، وعلى الإسلام السلام إذ قد بليت الأمة براع مثل يزيد»([20]).

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: انطلق الحسين(ع)  من المدينة وشعاره الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واستمر يؤكد في خطابه بأصحابه، وأصحاب الحر في منطقة بيضة([21]). ورسالته التي بعثها إلى قبائل البصرة بعد دخوله مكة([22]). وخطابه بأصحابه في ذي حسم([23])، فمن خطابه عندما خرج من المدينة: «إني لم أخرج أشراً ولا بطراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي وأبي، وأريد أن آمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن ردّ عليّ هذا أصبـر حتى يحكم الله بيني وبين القوم بالحق، وهو خير الحاكمين»([24]).

أنّ السكوت على حكومة يزيد الفاجرة لا يغفر لأحد قادر على القيام والثورة.

فقال (ع)  عندما خطب في أصحابه وأصحاب الحر: «أيها الناس إن رسول الله(ص) ،  قال: من رأى سلطاناً جائراً مستحلاً لحرام الله ناكثاً لعهد الله مخالفاً لسنة رسول الله، يعمل في عباد الله بالإثم والعدوان، فلم يغيّر عليه بفعل ولا قول، كان حقاً على الله أن يدخله مدخله»([25]).

ولهذا ثار الحسين(ع)  وكان كل هدفه بعد مرضاة الله وصول صرخته إلى كل مكان وفي جميع العصور ليكسر المسلمون حاجز الخوف، وليهبّوا بالثورة على الجائرين.

 

([1]) أمالي الصدوق: 120.

([2]) أسد الغابة 2: 11.

([3]) تاريخ الخلفاء:188، والمناقب 3: 50.

([4]) أنساب الأشراف للبلاذري 1: ق1.

([5]) الإرشاد: 103، والفصول المهمة:176، والمناقب 4: 717. ودلائل الإمامة:73.

([6]) الإرشاد 2: 30.

([7]) راجع خطبته في ذلك، الإمامة والسياسة لابن قتيبة 1: 184.

([8]) راجع رسالته إلى معاوية يقرعه على هذه الجرائم، والإمامة والسياسة 1: 180، والإحتجاج للطبرسي 2: 161.

([9]) المصدر السابق.

([10]) كتاب سليم بن قيس الهلالي:206، والاحتجاج: 161، وتحف العقول: 237- 239.

([11]) حياة الإمام الحسين للقرشي 2: 231.

([12]) تذكرة الخواص:291.

([13]) تتمة المنتهى في وقائع أيام الخلفاء، للشيخ عباس القمي: 44.

([14]) مروج الذهب 3 : 67.

([15]) المصدر السابق 3: 68.

([16]) سمو المعنى في سمو الذات، عبد الله العلائي: 58.

([17]) سمو المعنى في سمو الذات، عبد الله العلائي: 58.

([18]) الكامل في التاريخ 4: 23.

([19]) تتمة المنتهى في وقائع أيام الخلفاء: 43.

([20]) اللهوف إلى قتلى الطفوف: 11.

([21]) تاريخ الطبري 6: 229.

([22]) المصدر السابق 6: 200.

([23]) المصدر السابق6: 229.

([24]) بحار الأنوار 44: 329. عن مناقب آل أبي طالب للحلبي الساروي: أن ذلك كان خطاباً لأخيه محمد بن الحنفية.

([25]) تاريخ الطبري 6: 200، عن الكلبي عن أبي مخنف، وانظر وقعة الطف لأبي مخنف.