
Super User
روسيا تلعب مع أمريكا بأوراق "الجيل الجديد من الأسلحة النووية
قبل جفاف الحبر الذي كُتب به قرار تخصيص واشنطن أكثر من 700 مليار دولار كميزانية دفاعية للعام 2019، أعلن نائب رئيس الوزراء الروسي "ديمتري روغوزين" أن الرئيس فلاديمير بوتين وافق على قرار الإنفاق الدفاعي لبلاده للفترة ما بين (2018-2027).
وباعتبار أن روسيا لا تتمتع بقدر كافٍ من الصراحة والشفافية كما الولايات المتحدة، فإن التوقعات تشير إلى أن موسكو خصصت 19 ترليون روبل (قرابة 357 مليار دولار) لبرنامجها الدفاعي الجديد.
ورغم أن الرقم المشار إليه يبدو متواضعًا جدًا مقارنة بميزانية واشنطن الدفاعية؛ إلا أن بوتين ترك التواضع جانبًا، عندما منح شعبه في خطاب مطلع الشهر الجاري "بشرى" أنظمة أسلحة جديدة، ليحول سباق التسلح بين بلاده والولايات المتحدة إلى لعبة "بوكر".
إن لعبة البوكر هذه وأحجارها الملونة ليست تقليدية، إنما هي جيل جديد من الأسلحة النووية، وما إعلان الولايات المتحدة لميزانيتها الدفاعية الجديدة إلا بداية مرحلة جديدة من سباق التسلح النووي، فضلا عن أن إعلان الرئيس الروسي يؤكد بدء هذا السباق الذي ينقل التهديدات النووية من بعدها الكلاسيكي إلى مرحلة جديدة.
هل المصادر الاقتصادية والإمكانيات الإنتاجية التكنولوجية الموجودة لدى روسيا تجعل منهما قادرة على إنتاج الأسلحة التي أعلن عنها بوتين مؤخرًا، مثل الصواريخ الخارقة لجدار الصوت والصواريخ الموجهة التي تعمل بالطاقة النووية والغوَّاصات الاستطلاعية الذكية بدون قائد والتي يتم تشغيلها بالطاقة النووية وتتمتع بالقدرة على إغراق حاملات الطائرات؛ أم أنها مقامرة شبيهة بتلك التي اتبعها الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان خلال سباق الانتخابات عندما أعلن إطلاق "برنامج حرب النجوم".
أدت مساعي الحكومة السوفييتية في ثمانينات القرن الماضي لمجابهة برنامج حرب النجوم الأمريكي، إلى إفلاس نظامها الاقتصادي، جراء الدخول في سباق تسلح ضد الولايات المتحدة بشكل غير مدروس، ما أفضى إلى تفكك الاتحاد السوفييتي بالنهاية.
وعلى غرار السابق، ترّد روسيا حاليًا على الرهان الأمريكي في مجال تطوير البرنامج الدفاعي، بالرفع من سقف الرهان، فهل ستكون قادرة على هذا الأمر، دعونا نرى ذلك.
أطلق الكرملين أول برنامج حكومي للتسلح لمجابهة الولايات المتحدة عام 2011، وتضمن أهداف روسيا في مجال الصناعات الدفاعية لغاية عام 2020، معلنة تخصيصها ميزانية 20 ترليون روبل للبرنامج، إلا أن انخفاض أسعار النفط في الأسواق العالمية بالتوازي مع العجز في الاقتصادي الروسي، جعل من الوصول إلى أهداف عام 2020 أمرًا غير ممكن.
كانت روسيا تخطط لإنشاء 8 غواصات نووية من طراز "بوري" ما بين (2011-2020)، لكنها لم تتمكن من ذلك وأنشأت 4 فقط، كما لم تستطع خلال هذه الفترة من الوصول إلى أحواض جديدة أو تأسيس ترسانات من شأنها زيادة قوة أسطولها البحري.
وأولت روسيا اهتمامًا خاصًا لمنظومة الصواريخ الدفاعية "إس 500" ضمن إطار أهدافها لعام 2020، والتي تعتبر النسخة الأحدث من صواريخ "إس 400" التي باعت منها دفعة لتركيا، كما كانت تهدف لتزويد 38 فرقة عسكرية من جيشها بهذه المنظومة، لكننا لم نشهد حتى الآن أي إشارات حول إمكانية انتقالها للبدء بالإنتاج التسلسلي لصواريخ "إس 500".
أعلنت روسيا أنها ستولي أهمية لتكنولوجيا الأسلحة الذكية، لكن هذا الأمر فتح المجال أمام التساؤلات حول كيفية تحقيق ذلك خاصة وأنها تعاني من مشكلة إنتاج أدوات ذات تقنية عالية منذ فترات طويلة.
وكان ألكساندر سوخوركوف، نائب وزير الدفاع الروسي عام 2012، أوضح أن بلاده تتمتع بالقدرة على إنتاج 40 بالمئة فقط من الأقسام الإلكترونية التي تحتاجها في الصناعات الدفاعية.
فضلا عن ذلك، يسود الغموض بشأن كيف ستنتج روسيا صواريخ موجهة تشتغل بالطاقة النووية، وغواصات استطلاعية ذكية، وهي في حالة عداء مع أوكرانيا التي تعتبر من الدول ذات المكانة الهامة في قطاع الصناعات الدفاعية.
وتشير المصادر المطلعة على شؤون القوات المسلحة الروسية؛ أن الكرملين سيخصص الجزء الأكبر من برنامج التسلح الجديد للقوات البرية والجوية، ما يعني استحالة إنشاء روسيا لحاملة طائرات جديدة حاليًا في ظل الاقتصاد الحالي للبلاد.
وبعدما تراجعت فرنسا عن بيع سفن حاملة للمروحيات من طراز "LHD" لروسيا، يبدو أن موسكو لن تتمكن من إنشاء هذا النوع من الحاملات على المدى القريب.
هل يمكن للجيش الروسي في ظل التقنيات والاقتصاد المحدودين منافسة نظيره الأمريكي؟
بالنظر إلى مجريات إعلان برنامج التسلح الروسي لغاية عام 2027، يمكن القول أن الجانب الأمريكي لن يأخذ تهديدات بوتين على محمل الجد.
كان الكرملين يعتزم إعلان ميزانيته الدفاعية للمرحلة القادمة عام 2015، لكن الأزمة الاقتصادية الناجمة عن التغيرات في أسواق الطاقة أدت إلى تغيير ذلك المخطط، فأعطى بوتين تعليماته لإعداد ميزانية دفاعية جديدة في سبتمبر/ أيلول من عام 2016، بحيث يتم عرضها للموافقة بتاريخ يوليو/ تموز عام 2017.
وعقب ذلك تم تأجيل العرض للموافقة حتى شهر سبتمبر/ 2017، ومن ثم تأجل مرة أخرى إلى أن وافق على الميزانية في فبراير/ شباط الماضي.
ويبدو أن السبب في هذا التأخر هو الخلافات بين الوزارات المعنية بالشؤون الاقتصادية من جهة ووزارة الدفاع من جهة ثانية، إذ كشفت الصحافة الروسية أن الميزانية المخصصة للدفاع انخفضت حتى 19 ترليون روبل (357 مليار دولار) بعدما كانت وزارة الدفاع قد طالبت بـ 55 ترليون روبل (964 مليار دولار) عام 2014.
ومن الواضح أن بوتين حاول سد الهوة بين استطاعة الاقتصاد والأهداف العسكرية الروسية حين أعطى الشعب "بشرى" صواريخ "سارمات" البالستية من خلال فيلم رسوم متحركة استعراضي في 1 مارس/ آذار الجاري، حيث تم التلميح في الفيلم إلى أن الرؤوس النووية التي تحملها الصواريخ تستهدف أحد مقرات الرئيس الأمريكي في ولاية فلوريدا.
يمكن وصف تصريحات بوتين في فعالية التعريف بالجيل الجديد من أسلحتها النووية، بأنها اعتراف بتقدم الولايات المتحدة في هذا الشأن، في ظل محاولات موسكو الدخول في حوار مع واشنطن، بدرجة أكبر من محاولات روسيا إظهار نفسها على أنها قوة عظمى تثق بنفسها.
محمد قانجي
الانتخابات النيابية اللبنانية بين التشريع و التنفيذ
انتخابات ستُجرى وتحالفات ستبُرَم وأعداء الأمس ممكن أن يكونوا حلفاء اليوم والعكس صحيح، ومرشحون سيُصدَمون بالإقصاء وولاءات ستتغيّر وبرلمان سيتشكّل لا نتوقّع أن يكون خيراً من سلفه ونأمل أن نكون مخطئين!
إذاً تقرّر موعد انعقاد الانتخابات النيابية في بداية شهر أيار مايو و أغلق باب الترشيحات ليل الثلاثاء الأربعاء على عدد ناهز الألف مرشح يتنافسون على 128 مقعداً نيابياً موزّعة على الطوائف كافةً فما ميزة هذه الانتخابات وما الملاحظات التي استطعنا استنتاجها حتى الآن.
فهل ستغيّر الانتخابات القادمة وجه البرلمان أم ستنتسخه بوجوهٍ جديدةٍ مع الحفاظ على حجم كل الكتل؟
أولاً، ستُقام الانتخابات وفق قانون جديد صاغه مجلس تشريعي جدّد لنفسه ثلاث مرات حاول جمع رغبات الكتل الحاكِمة، فكانت النتيجة قانوناً يجمع النسبي والطائفي والمناطقي، فراعى بذلك بؤر التكتلات وحساسية الأقليات في المناطق التي يطغو عليها طابع طائفي معيّن إضافة إلى النسبية لمواكبة الحداثة والإيهام باتّباع ديمقراطية تمثيلية.
ثانياً، لم تجرؤ كل الأحزاب، باسثناء أمل و حزب الله، على تسمية مرشّحيها في كل الدوائر ما يوحي بحجم التخبّط والخوف من تبعات إعلان الأسماء على التحالفات التي ممكن أن تكون وعلى الولاءات الحزبية ضمن أفراد الحزب الواحد في محاولة منهم لكسب الوقت و لإيجاد حلول تُرضي الجميع.
ثالثاً، إن ارتفاع عدد المرشّحين يدلّ على حجم الوعود والأمنيات التي أعطيت لهم من الأحزاب التي تمتلك قرار تشكيل اللوائح كالمستقبل والوطني الحر والكتائب ... وعود لن تستطيع تلك الأحزاب إيفاءها خصوصاً في الدوائر التي ترشّح فيها عدّة مرشّحين بعضهم ينتمي إلى نفس الحزب والذين يتنافسون لمقعد وحيد كالكرسي الماروني والعلوي في عكار (ستة أشخاص والمتوقّع تشكيل أربع لوائح في هذه الدائرة كحد أقصى).
رابعاً، إن النسبية الطائفية إذا صحّ وصفها والصوت التفضيلي ستلعب دوراً وحيداً في أن تنتخب الأقليات مرشّحيها حيث أن الخروقات المتوقّعة التي من الممكن أن تخرقها اللوائح ستكون على مقعد تلك الأقليات.
خامساً، لا يجب إغفال زيارة الرئيس الحريري الأخيرة للسعودية و تحوّل موقف الأخيرة تجاهه بعد حادثة الاستقالة والإقامة الجبرية الأخيرة، ليزيد من ثقة جمهوره بأموال ستُغيّر من تركيبة التحالفات الجديدة من الوطني الحر إلى القوات، وفي انتظار نهار الأحد موعد إعلان إسماء مرشّحيه والتي ستُعطي صورة واضحة عن تحالفاته لتصدق أو لا توقعاتنا.
سادساً، غابت عن الساحة أسماء اعتدنا وجودها في البرلمان وسماع بياناتها ومؤتمراتها الصحافية وأهمها: عقاب صقر، فؤاد السنيورة، أحمد فتفت... فهل هو التغيير أم هو العقاب أم التقاعد. نرجّح في تحليلنا الثانية!
سابعاً، لا يوجد سقف للإنفاق ولا للظهور الإعلامي كما سلفه من القوانين وسيكون من يمتلك المال والإعلام هو من يفرض تحالفاته ومرشّحيه.
اذاً، انتخابات ستُجرى وتحالفات ستبُرَم وأعداء الأمس ممكن أن يكونوا حلفاء اليوم والعكس صحيح، ومرشحون سيُصدَمون بالإقصاء وولاءات ستتغيّر وبرلمان سيتشكّل لا نتوقّع أن يكون خيراً من سلفه ونأمل أن نكون مخطئين!
يعقوب الأسعد
هل هو تحالف الأضداد بين دمشق والكرد السوريين؟
على طول الخارطة السورية، شكلت النزاعات المسلحة في أكثر من منطقة معارك "كسر عضم" بين الدولة السورية والمسلحين بمختلف انتماءاتهم، من خلف الطرفين تتضح الأطراف المشاركة في الصراع أيضاً، روسيا وإيران وحزب الله من جهة، في مقابل تركيا والسعودية وقطر وأميركا من جهة أخرى. المتقاتلون على الأرض معروفة انتماءاتهم، والداعمون خلف الستار وأمامه أحياناً، أيضاً معروفون، إلا أن هذه القاعدة كُسرت في الملف الكردي.
منذ أكثر من سبع سنوات، تسلّمت وحدات حماية الشعب الكردية إدارة عفرين، ومع إنشاء قوات سوريا الديمقراطية، لإعطاء غطاء عربي ولو بالشكل، باتت هذه المنطقة خاضعة لإدارة قسد، وبكل ما في الحلم الكردي من تفاصيل استقلالية القرار والمال والموازنة، أُديرت عفرين.
من معبر الزيارة الحدودي مع مناطق سيطرة الدولة السورية، تبدأ ملامح هذه الاستقلالية، أذونات دخول محددة بالتوقيت، فيما يشبه فيزا، يحتاجها أي "غريب" يزور المنطقة، لوحات سيارات خاصة بمنطقة عفرين، حواجز على الطرقات تتأكد أن الدخول شرعي، وإدارات ذاتية من جمارك وبلديات وشرطة مرور، ومراكز حزبية، الخ.. أنت الآن صرت في "روج آفا".
وضع عفرين، كان مشابهاً تماماً لوضع الجزيرة السورية، هي أيضاً تدخل ضمن نطاق "روج آفا" الكردية. إدارة المنطقتين واحدةٌ من حيث الجهة والمنطق، إلا أن التحالفات في القسمين متناقضة كلياً، ففي الشرق تحالفٌ مع واشنطن، وفي الغرب تحالفٌ مع روسيا، بعيداً عن التنسيق المباشر مع الدولة السورية، لتأتي الحرب التركية وتحدث انقلاباً في المشهد. كسر الكرد الصورة النمطية للقتال في سوريا، فكيف لفصيل مدعوم أميركياً في الشرق أن يحالف الخصم الروسي غرب الفرات.
هذه التناقضات، هي في الأساس لبّ المشكلة، فالقيادة الكردية، وقعت ضحية تحالف الأضداد، فحلفها مع روسيا غرب الفرات منذ عام 2016، والذي أدى إلى سيطرتها على تل رفعت ومريمين وتل عجار ومن غودير جمال وعين دقنة وكفر انطون وقسطل جندو والزيارة، تناقض وحلفها مع واشنطن شرق الفرات منذ 2015، والذي أدى إلى السيطرة على الرقة وعين العرب وتل أبيض، وصولاً إلى محافظة الرقة كاملةً، ومع اشتداد الخلاف الروسي الأميركي، بات اللعب الكردي على التناقضات مستحيلاً، فالتنافس الأميركي الروسي لجذب تركيا وإرضائها ضمن اللعبة الدولية، ضيّع روج آفا بين المصالح الدولية، ما وأد الحلم الكردي في عفرين، ويهيئ لانهياره أيضاً في الجزيرة السورية.
هكذا ومع بدء عملية "غصن الزيتون" في عفرين، حيّدت قيادة قسد الحدود السورية التركية في منطقة شرق الفرات عن المعركة، أكثر من 380 كلم هي طول الحدود مع تركيا في منطقة الجزيرة السورية، وهي رغم جمر القتال في عفرين، هادئة معزولة عمّا يحدث في الغرب، فقسد نأت بتلك الحدود عن حرب عفرين واختارت بضغط أميركي تحييد معركة غرب الفرات عن شرقه.
في شباط/ فبراير الماضي، اندلعت اشتباكات حدودية بين قسد والجيش التركي في تل أبيض شمال الرقة، انتهى الاشتباك بتدخل أميركي منع تطوره، ليأتي التصرف الأميركي، ترجمة واضحة للخط الأحمر الأميركي، بمنع خلط الأوراق في تلك المنطقة، الحجة كانت أن قسد وُجدت لمحاربة داعش فقط، والمفارقة أن قسد نفسها تقاتل الجيش التركي في عفرين.
من هنا، انعكس تناقض التحالفات الكردية فصلاً للمسار والمصير، بين شقّي "روج آفا"، فإدارة عفرين الرازحة تحت القصف التركي والاجتياح البري، لم تجد حرجاً بالاستنجاد بالدولة السورية، التي كانت ترفض التنسيق معها سابقاً معتبرةً أن حلفها مع روسيا يغنيها عن ذلك.
الحكومة السورية تعالت عن التفاصيل، وانطلاقاً من اعتبارها الخطوة التركية عدواناً، بدأت مشاورات بين قيادات كردية وجهات أمنية سورية، أفضت إلى إدخال مساعدات إنسانية وطبية إلى عفرين، بل تطوّر الأمر إلى دعم لوجستي عسكري، تمثّل بنقل مقاتلين كرد من الجزيرة السورية إلى عفرين. هذا التشاور والتنسيق، أفضى في نهاية المطاف إلى إدخال ما اصطلح على تسميته "قوات شعبية سورية" هدفها الدفاع عن المواطن السوري في عفرين بحسب التوصيف الدقيق للحكومة السورية، التي اختارته بعناية، وفيه من الرسائل ما يفيد أن الدولة حتى اللحظة ليست من تدير الحرب في عفرين.
هو نفس الخطأ الكردي إذاً، من كردستان العراق إلى "روج آفا"، فكما علّق رئيس إقليم كردستان مسعود برزاني آماله على الأميركيين في منع الدولة العراقية من دخول كركوك، أخطأت قسد في سوريا بالمراهنة على الأميركيين شرقاً والروس غرباً لمنع تركيا من اجتياح عفرين، فكانت النتيجة في الطرفين العراقي والسوري، عودة خجولة للكرد إلى الدولتين السورية والعراقية، كآخر قشة تنقذ الغريق.
علي مرتضى
"قسم الوعي".. هيئة جديدة في الجيش الإسرائيلي للعمل ضد دول أجنبية والتأثير على الرأي العام
قالت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية إنه في مطلع هذا العام تمّ افتتاح قسم جديد في شعبة العمليات التابعة لهيئة أركان الجيش الإسرائيلي هو "قسم الوعي".
ويُعتبر هذا الأمر تطوّراً جديداً لقسم آخر، عُني على نحو رئيسي في شرعنة نشاطات الجيش الإسرائيلي دولياً، وفي جوانب قضائية لهذه النشاطات، وكان خاضعاً تحديداً لشعبة التخطيط.
وبحسب "هآرتس"، سيعمل "قسم الوعي" على تركيز كل النشاطات "الناعمة" إزاء الجيوش الأجنبية، والدبلوماسيين، والإعلام الأجنبي، والرأي العام تحت سقف عسكري واحد، بحسب تعبير الصحيفة.
هذا الجهد يتم كجزء من الشعب الإسرائيلي للتأثير على العدو وعلى دول غربية أيضاً، كما ترى الصحيفة، وذلك بما يخص عمليات الجيش الإسرائيلي في الجبهة الشمالية (مع لبنان) وغيرها.
وتشير "هآرتس" إلى أن استخدام قدرات هذا القسم الجديد سيتيح التواصل المباشر مع الجماهير المستهدفة في دول معادية، وذلك عبر وسائل التواصل الاجتماعي، بالإضافة إلى التواصل مع عناصر إرهابية. كل هذا يتم من خلال القدرات المختلفة التي تمّ تطويرها خلال السنوات الأخيرة في الجيش الإسرائيلي.
واعتبرت الصحيفة أن التطور الحالي للتكنولوجيا في وسائل التواصل، يُعدّ مكسباً استراتيجياً لإسرائيل.
وكمثال على النشاطات التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي في هذا المجال، تقول "هآرتس" إن المسؤول عن الإعلام الاجتماعي في العالم العربي في وحدة الناطق بلسان الجيش الإسرائيلي، أفيي إدري، ينخرط في جهود إضافية مرتبطة بالإدراك في ما يتعلّق بحزب الله في لبنان، حيث يجري إدري مناقشات ساخنة على الإنترنت من أجل مواجهة الحزب أمام مختلف الجماهير المستهدفة في لبنان.
وتخلص الصحيفة إلى أنه من الضروري تطوير أدوات وقدرات في مجال وسائل التواصل، كما ترى أن نشاط الجيش الإسرائيلي في هذه الشبكات يحمل إمكانيات كبيرة لإسرائيل.
"إخوان مصر" في السودان.. خلاف حقيقي أم ورقة ضغط؟
ظل الحديث عن وجود قيادات أو أعضاء من حركة "الإخوان المسلمون" المصرية في السودان، محط جدل في الساحة السياسية، على مدار السنوات الخمس الماضية، يُثار بين حين وآخر.
خلال الأيام القليلة الماضية، طفا الموضوع على السطح مجددا، بعد أن تحدّثت وسائل إعلام عربية ومحلية حول طلب السودان من أعضاء الجماعة مغادرة البلاد.
هذا الطلب أرجعته وسائل الإعلام التي تناولت الأمر في 17 فبراير/شباط الماضي إلى اتفاق مع الحكومة المصرية، عقب اجتماعات الرباعية (وزيرا خارجية ومديرا مخابرات البلدين) في 8 من الشهر ذاته، بالقاهرة.
ومنذ إطاحة الجيش بمحمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيا، في يوليو/تموز 2013، خرجت اتهامات من القاهرة للخرطوم بإيواء جماعة الإخوان (المصنفة إرهابيا في مصر).
الاتهام هذا ربما يرجع إلى التقارب بين الرئيس السوداني عمر البشير، ومرسي، والذي جاء بعد سنوات من فترة حكم محمد حسنى مبارك (1981-2011) التي شهدت خلالها علاقات البلدين توترا.
وقد برز هذا التقارب بعد وصول مرسي إلى السلطة في 2012، والتي شهدت فترة حكمه القصيرة، زيارات بين البلدين، أعلن خلالها فتح صفحة جديدة في العلاقات الثنائية.
وحسب مراقبين، فإن هذا الأمر شكّل عاملا أساسيا، ارتكز عليه الاتهام المصري لحكومة البشير، بإيواء "الإخوان المسلمين"، بعد الإطاحة بمرسي.
ويسهل الربط بين موقف الحكومة السودانية ودعمها الإخوان المسلمين المصريين، بمجرد أن تسوء العلاقة بين القاهرة والخرطوم.
ويدعم هذا الرأي، مجاهرة الحكومة السودانية (منذ انقلاب الإسلاميين على الحكم عام 1989، بقيادة عمر البشير) بمرجعيتها الإسلامية، حتى خلال تحولاتها الكثيرة في علاقاتها الخارجية، وفق مراقبين.
وشهدت الآونة الأخيرة، هجوم الإعلام المصري على حكومة الخرطوم، في عدة ملفات منها حلايب وسد النهضة، فضلا عن مسألة استضافة السودان أعضاء الجماعة، وإن لم يكن تناولها بذات حجم القضايا الأخرى.
وظلت قضية وجود إخوان مصر بالسودان، أحد عوامل التوتر بين البلدين، لاسيما أن القاهرة تصنف الجماعة "إرهابيا"منذ ديسمبر/ كانون أول 2013.
وعلى صعيد ما تناولته وسائل الإعلام حول طلب السودان مغادرة الجماعة أراضيها، نفى القيادي بالحزب الحاكم وعضو القطاع السياسي فيه، عبد السخي عباس، الأمر,
وقال عباس للأناضول، "لا يوجد إسلاميين مصريين بالسودان، وإن كان الأمر كذلك لحددتهم القاهرة أسماءهم وطالبت بتسليمهم".
واعتبر أن "الحديث المتداول حول طلب السودان مغادرة الإخوان المسلمين أراضيها، من بنات أفكار وسائل الإعلام (التي تحدثت عن الأمر)".
وحول اتفاق الخرطوم مع القاهرة على طرد المعارضين الإسلامين، قال وكيل وزارة خارجية السودان، عبدالغنيم النعيم، في مؤتمر صحفي بالخرطوم، الخميس قبل الماضي، "لم تيصدر عن الحكومة السودانية موقف كهذا.. هذه الأخبار فيها الكثير من التكهنات والاحتمالات والمآلات".
وفي المضمار نفسه، سار وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، إذ نفى وجود أي حديث حول طرد معارضين من البلدين (السودان ومصر).
وأشار غندور في تصريحات الأسبوع الماضي، أن البلدين ناقشا في 8 فبراير/شباط الماضي، وجود المعارضين بطريقة مفصلة، وتم طرح أسمائهم كل على حدة".
بدوره، اتفق وزير الإعلام السوداني، أحمد بلال، مع سابقيه. وقال: "إنها شائعات. السودان لا يأوي إخوانا مسلمين حتى يطردهم".
وأضاف في تصريحات لوسائل إعلام محلية: "لا يمكن للمصريين السفر دون الحصول على تأشيرة لدخول السودان بعد موافقة الحكومة المصيرية".
وتابع الوزير المشارك في حكومة الوفاق الوطني عن حزب الاتحاد الديمقراطي: "أؤكد عدم وجود تنظيم إخوان مسلمين معارض لا لمصر ولا لأي دولة أخرى".
تصريحات المسؤولين السودانيين توافقت مع حديث مصدر مقرب من جماعة "الإخوان المسلمين" المصرية، الذي أكد كذلك عدم وجود نشاط للجماعة في السودان.
وقال المصدر الذي فضل عدم كشف اسمه ، لأسباب أمنية: "جميع من أتوا (إلى السودان) غالبيتهم من الأسر، أي ليسوا أعضاء ناشطين في الجماعة".
وأضاف: "لم يأتوا للسودان بشكل جماعي منسق، بل أفراد. جاوا للعمل، وتأسيس حياة مستقرة لأسرهم في بلد هو الاقرب لمصر تاريخيا واجتماعيا وثقافيا".
وبحسب مدير تحرير صحيفة "اليوم التالي" (خاص) خالد سعد، فإن ذلك قد يشكل ورقة ضغط يسخدمها البلدين في حال عدم استقرار العلاقات، لاسيما أنها تتأرجح بين توتر وهدوء نسبي قد لا يطول، على حد قوله.
وقال سعد "وجود الإخوان المسلمين في السودان، ليست ورقة خلافية على المستوى الرئاسي، بل يمكن أن تكون ورقة تقارب بين الحكومتين (..) تسهم في عقد مصالحة مصرية بين السيسي والإخوان المسلمين، وهو مؤهل لذلك (البشير)".
واستدرك: "بعيداً عن هذه الرؤية حكومة، فإن إسلاميو السودان يرون أن السيسي إنقلابي، وأن حكومته تحاول ابتزاز السودان".
وأضاف سعد: "إسلاميو السودان يرون أن مصر تحاول أن تبتز السودان بورقة الإخوان المسلمين (المصرية)".
9 دول تمتلك السلاح الأكثر فظاعة في العالم
بعد نحو 27 عامًا على انتهاء الحرب الباردة، بين المعسكرين؛ الغربي بقيادة أمريكا، والشرقي بقيادة الاتحاد السوفييتي (سابقا)، عاد إلى السطح حديث عن سباق للتفوق العسكري بين 9 دول تحتكر السلاح النووي؛ الأكثر فظاعة في العالم، وخصوصًا واشنطن وموسكو.
وفي ما يبدو تجاوزًا لمرحلة "الحديث" نحو الفعل، أعلن الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قبل أيام، عمل بلاده على تطوير أسلحة استراتيجية تعمل بالوقود النووي؛ "لا تتبع مسارًا باليستيًا، ولا يمكن للدروع الصاروخية اعتراضها".
وأضاف بوتين أن "العقيدة العسكرية الروسية تترك لنا حق استعمال السلاح النووي، ردًا على استعماله ضد بلادنا أو ضد حلفائها، أو في حالة استعمال أي من أسلحة الدمار الشامل".
أثار التصريح ردود فعل "قلقة" من حول العالم، ما دفع الرئيس الروسي إلى التأكيد، لاحقًا، أن بلاده غير معنية بإعادة إشعال الحرب الباردة، بالرغم من اتهاماته المتكررة لواشنطن وحلف شمال الأطلسي "الناتو" بجر العالم إلى أتونها، وتأكيده أن بلاده ستكون مستعدة لخوض غمارها.
وليست بقية الدول المعنية في منأى عن ذلك السياق، الذي يهدد العالم بشكل خطير، إذ تزداد لدى كل منها الأطماع الاستراتيجية والمخاوف المتبادلة والتبريرات لزيادة ترسانتها وتطويرها، ما يعني أن معاهدة حظر الانتشار النووي، التي وقعت عليها 6 من الدول التسع، في ستينيات القرن الماضي، أصبحت فعليًا حبرًا على ورق.
وتاليًا، نستعرض الدول التي تمتلك أسلحة نووية، وأبرز المعلومات عن ترسانتها، بحسب رصد "الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية"، وهو تحالف لمنظمات دولية غير حكومية، حاز على جائزة "نوبل" للسلام عام 2017.
- الدول النووية الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي:
- الولايات المتحدة: أول دولة طورت سلاحًا نوويًا، والوحيدة التي استخدمته، وذلك بإلقائها قنبلة على مدينة "هيروشيما" وأخرى على "ناغازاكي"، اليابانيتين، إبان الحرب العالمية الثانية، متسببة بمقتل أكثر 200 ألف شخص على أقل تقدير.
وتمتلك واشنطن 6 آلاف و800 رأس حربي نووي، وأجرت 1054 تجربة نووية منذ 16 يوليو/تموز 1945.
- روسيا: ثاني دولة تطور سلاحًا نوويًا، ويقدر أنها تمتلك اليوم أكبر ترسانة في العالم، بواقع 7 آلاف رأس نووي.
وأجرت موسكو 715 تجربة نووية منذ 29 أغسطس/آب 1949.
- المملكة المتحدة: تمتلك أسطولًا من أربع غواصات مسلحة برؤوس نووية، تحمل كل منها 16 صاروخًا من طراز "ترايدنت".
ويبلغ مجموع الرؤوس النووية لدى بريطانيا 215 رأسًا، وأجرت 45 تجربة منذ أكتوبر/تشرين الأول 1952.
- فرنسا: معظم رؤوسها النووية مثبتة في غواصات من طرازي "إم 45" و"إم 51"، وبعض الرؤوس جاهزة للإطلاق من طائرات مقاتلة.
وتمتلك باريس 300 رأس نووي، وأجرت 210 تجارب منذ 13 فبراير/شباط 1960.
- الصين: تمتلك ترسانة نووية أصغر حجمًا من نظيرتيها الأمريكية والروسية، بواقع 270 رأسًا، تنشر برًا وبحرًا وجوًا.
وأجرت البلاد 45 تجربة نووية منذ 16 أكتوبر/تشرين الأول 1964.
- الدول غير الموقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي:
- الهند: وصف تطوير نيودلهي للسلاح النووي بـ"الانتهاك لمعاهدة حظر الانتشار النووي"، وأجرت أول تجربة لها في مايو/أيار 1974، وبلغ عدد تجاربها 6 حتى اليوم، فيما تقدر ترسانتها بنحو 110 إلى 120 رأسًا.
- باكستان: حققت إسلام أباد تطويرًا كبيرًا في مجال التسليح النووي والبنيى التحتية ذات الصلة، وزادت حجم ترسانتها خلال الأعوام القليلة الماضية، ويقدر بأنها تمتلك اليوم بين 120 و130 رأسًا.
وأجرت البلاد 6 تجارب نووية منذ 18 مايو/أيار 1998.
- كوريا الشمالية: لديها برنامج نووي يتطور بوتيرة سريعة، يعد أحد أبرز ذرائع واشنطن لنشر منظومات دفاعية في المنطقة، تعتبرها بكين وموسكو استهدافًا لها أيضًا.
ويعتقد أن لدى بيونغ يانغ 10 رؤوس حربية نووية، وقد أجرت 6 تجارب منذ 9 أكتوبر/تشرين أول 2006.
- دول تحتفظ بسياسة الغموض النووي:
- ينطبق هذا التصنيف على إسرائيل فقط، بحسب "الحملة الدولية لإلغاء الأسلحة النووية"، حيث لم تكشف تل أبيب عن حجم ترسانتها، فيما تشير تقديرات إلى امتلاكها 80 رأسًا نوويًا.
وبحسب المصدر ذاته، فإن إسرائيل لم تقم بأي تجارب نووية، إلا أن تحقيقات إعلامية، بناءً على تسريبات استخباراتية، أشارت إلى احتمال أن تكون تل أبيب أجرت تجربة نووية جنوب غربي المحيط الهندي، في 20 أبريل/نيسان 1997، بالتنسيق مع جنوب إفريقيا.
وبذلك، فإن العدد الإجمالي للرؤوس النووية الحربية في العالم يصل إلى 14 ألفًا و900 رأس، يمكل للواحد منها محو مدينة بأكملها وقتل الملايين، بضربة واحدة، والتأثير على مستقبل الدول لعقود.
نيسانٌ آخر ساخن في انتظار الأردن
في غياب الشروط التاريخية لتشكّل الدول الحديثة، كنتاج للثورات البرجوازية الصناعية وتعبيراتها القومية، وإلى ما قبل معاهدة وادي عربة 1994، ظلّ الأردن أسير الجغرافيا السياسية، التي جعلته حالة أخرى من حالات ما يُعرف بدول "البافر ستيت"، شأن بلجيكا في أوروبا وأفغانستان في آسيا الوسطى.
لقد استدعت مناخات تمزيق سوريا الطبيعية (سوريا الحالية وفلسطين ولبنان والأردن) وتقاسمها وفق اتفاقية سايكس-بيكو وسان ريمو، ووعد بلفور، إعادة رسم الخرائط والهويّات في الشرق العربي، ومنها إعادة إنتاج العلاقات (بين الضفّتين) من علاقات أفقية إلى ترتيبات عمودية، كانت الدولة الأردنية من أبرز تداعياتها.
بيد أن تداعيات الانهيار السوفياتي والانفراد الأميركي المؤقّت بالعالم، وتوظيف تل أبيب لذلك في أوسلو ووادي عربة، لم يمنع قوى إقليمية جديدة من التقدّم في مشهد الشرق الأوسط، مثل إيران وتركيا، ما ضاعف من حاجة العدو الصهيوني لتجديد دوره العدواني على مستوى الإقليم، فراح يعيد حساباته وتصوّراته للمحيط الأردني – الفلسطيني كمجالٍ حيوي لا كشريك في دوائر النفوذ الغربية.
وقد تركّزت كل مقارباته وحساباته إزاء الأردن، من زاوية تؤدِّي إلى تصفية القضية الفلسطينية في الأردن وتصفية الأردن نفسه، كدولة وتحويله من حالة البافرستيت العمودية الفاصلة، إلى مناطق واصلة بالتشابُك الأفقي مع ما تبقّى من جغرافيا الضفة الغربية لسلطة أوسلو.
وكما يُلاحَظ من ذلك، فإن الكونفدرالية المُقترحة في سيناريوهات هرتزليا، ليست كونفدرالية بين دولة أردنية وسلطة فلسطينية، بل كونفدرالية لسلطتين منزوعتيّ السيادة، تتكفّل الآليات والأدوات الاقتصادية والمالية والتشريعية بتوفير شروطها، تباعاً، وبالتقاطع مع السياسات الأميركية–الصهيونية التي تقوم على تفكيك الدول وتفتيت المجتمعات وتحويلها إلى "رُقع" جغرافية لأسواق ومناطق حرّة مفتوحة لا تربطها أية روابط داخلية.
إن التدقيق في المشاريع والتصوّرات المتتالية التي طرحها العدو على مدار السنوات الماضية، تنطلق جميعها من اعتبار الأرض الواقعة بين البحر المتوسّط والصحراء (الحدود العراقية الأردنية) أرضاً (إسرائيلية) تعيش عليها أو (تقطن فيها) مجاميع عربية، بإمكانها إدارة نفسها وشؤونها، كسكان على جغرافيا، وليس كمواطنين في وطن، ويشمل ذلك تحويل الجغرافيا الأردنية إلى رقعة للتوطين السكاني لموجات اللاجئين الفلسطينيين المُهجَّرة بالقوة تباعاً.
وليس بلا معنى أن تدعو المادة (8) من معاهدة وادي عربة إلى مساعدة اللاجئين على التوطين وليس على العودة..
فتصوّرات شمعون بيريز حول الشرق الأوسط الجديد والبينلوكس الثلاثي (مركز إسرائيلي ومحيط أردني فلسطيني) وصناديق الاستثمار الإقليمية، ومنها صندوق أقرَّه البرلمان الأردني، واللامركزية السياسية، كما التصوّرات المُتتالية لمؤتمرات هرتزليا منذ عام 2000 وحتى اليوم، تنطلق من استراتيجية التجديد الصهيونية، في مواجهة أية قوى إقليمية مُنافِسة، سواء كانت عدواً، مثل إيران، أو شريكاً في الإستراتيجية العدوانية للأطلسي الجنوبي، مثل تركيا..
وبالتالي لا تحتمل أي شكل آخر من العلاقة مع شركاء وادي عربة وأوسلو، سوى علاقة التبعية والإخضاع الكاملة، وضمان ذلك ليس بالمواثيق وبروتوكولات التعاون، وحسب، بل عبر إعادة تشكيل بُنية الدولة والسلطة برمّتها، ونزع كل مظاهر ووزارات ومؤسسات السيادة المُتعارَف عليها، ومنها السياسة الخارجية والأمن والمالية والتعليم والقضاء... الخ.
صحيح أن سياسات إنهاء دولة الرعاية الاجتماعية ووضع الخطط الخُماسية والثلاثية للتنمية، واستبدال المركزية باللامركزية جرت في مناطق عديدة بإسم تصفية الدولة الشمولية ورواسب البيروقراطيات السوفياتية، إلا أنها في بلدان مثل الأردن، ليست بعيدة عن الاستحقاقات الإقليمية لتصفية القضية الفلسطينية وفق المصالح والرؤية الصهيونية.
وإذا كان من جديد هنا (في العقل الإسرائيلي)، فهو توسيع المجال الحيوي (الأردني–الفلسطيني) جنوباً، أي البحر الأحمر ودوله، بعد التعثّر المتواصِل شمالاً وسقوط (المشروع الإسرائيلي) الذي تم تسويقه تحت عنوان (الأردن الكبير) ليشمل جزءاً من الأنبار العراقية وحوران وحوض اليرموك السوري، وتحويلها كما الأردن نفسه، إلى أقاليم وبرلمانات وحكومات محلية.
وفي الحقيقة، فإن اهتمام العدو بالبحر الأحمر ليس جديداً منذ تكريسه كبُحيرة عربية وفق إتفاقية القسطنطينية، ومحاولاته الدؤوبة لفرض نفسه كطرفٍ في هذا البحر، ابتداء بالسطو على أمّ الرشراش (إيلات) التي انتقلت إلى إمارة شرق الأردن 1925، مروراً بمحاولاته حرمان مصر من حق السيادة على مضائق تيران، وانتهاء بما بات يُعرَف بـ صفقة القرن، التي ربطت لأول مرة بين تصفية القضية الفلسطينية، وبين مدّ الأطماع الصهيونية إلى البحر الأحمر.
إن مشروعاً مثل (نيوم) وتفكيك دول البحر الأحمر إلى موانيء كوزموبوليتية، والحديث عن حيفا كميناء دولي بديل عن موانىء الساحل السوري - اللبناني، هو في صميم صفقة القرن، التي تلازم الإعلان عنها مع التهويد الكامل للقدس ومع تفعيل ما يُعرَف بوادي السلام، الذي يغطي مساحة واسعة من الأردن الأوسط الجنوبي والنقب الفلسطيني المحتل.
وبالعودة إلى التفاصيل الخاصة بهذا الوادي وبضمن ذلك البحر الميت وقناة البحرين، يتّضح لنا معنى تقسيم هذه المنطقة إلى مناطق حرّة بقوانين خاصة، ومنها العقبة والبتراء، وثمة ما يُقال عن مشاريع إقليمية (إسرائيلية - نفطية) للسيلكون والطاقة المُتجدّدة فضلاً عن السياحة وحوض الديسي المائي وغيرها...
إلى ذلك، لا يمكن النظر إلى السياسات الحكومية الأخيرة وما نجم وينجم عنها من التطاول على الحد الأدنى من مُتطلّبات واحتياجات المواطنين، وتحميل الفقراء مسؤولية الفساد والديون الضخمة، وتصفية الطبقة الوسطى، آخر معاقل الدولة الريعيّة السابقة، كنتاجٍ لأوامر البنك الدولي وحسب، فثمة علاقة وثيقة بين هذه السياسات وبين السيناريوهات السياسية المذكورة.
ويُلاحَظ في حركات الاحتجاج الشعبية التي تتّسع يوماً بعد يوم وخاصة في المحافظات والأحياء الشعبية، مخاوف سياسية تتقاطع فيها حسابات الفقراء مع مخاوف أوساط من البيروقراط الأردني أيضاً، وهو ما سبق أن شهده الأردن في انتفاضة نيسان 1989، التي أسقطت حكومة زيد الرفاعي وأوقفت المناخات المُبكِرة لتصفية القضية الفلسطينية عبر ما عُرِف آنذاك بالتقاسُم الوظيفي الذي يسمح للأردن بشكل من العودة السياسية للضفة الغربية.
ولنا أن نقول في ضوء ما سبق، إن نيسان هذا العام قد لا يكون مجرّد ذكرى كما جرت العادة في السنوات السابقة، وقد يتحوّل إلى محطة فاصِلة في تاريخ ومستقبل الأردن.
موفق محادين، كاتب ومحلل سياسي أردني
السعودية وبريطانيا تتفقان على"حلول سياسية" لأزمات المنطقة
اتفقت السعودية وبريطانيا، اليوم الجمعة، على أهمية التوصل لحلول سياسية لأزمات المنطقة سواء في اليمن أو سوريا.
كما شدّد البلدان على ضرورة التزام إيران في المنطقة بمبادئ حسن الجوار، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول.
جاء ذلك في بيان مشترك مطول صدر، اليوم، عن البلدين، في ختام زيارة ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، إلى المملكة المتحدة، استمرت 3 أيام.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية "واس"، أن البلدين أكّدا، وفق البيان، التزامهما "بشراكة طويلة الأجل لدعم تحقيق رؤية 2030".
و"رؤية السعودية 2030" هي خطّة أعلنت عنها المملكة في 2016، وتتضمن 10 برامج كبرى للنهوض باقتصادها القومي.
وأضاف البيان أن الشراكة "تشمل مجموعة من المجالات بينها: تقييم الفرص والاستثمارات المتبادلة مع بريطانيا من قبل صندوق الاستثمارات العامة (الصندوق السيادي السعودي)."
كما تشمل أيضا "التجارة البينية بين البلدين، والمشتريات العامة من القطاع الخاص للمملكة المتحدة في المجالات الأولوية لرؤية 2030، بما في ذلك: التعليم والتدريب والمهارات؛ والخدمات المالية والاستثمارية؛ والثقافة والترفيه؛ وخدمات الرعاية الصحية وعلوم الحياة؛ والتقنيّة والطاقة المتجددة؛ وصناعة الدفاع".
ووفق البيان، فإنه "من المتوقع أن تبلغ هذه الفرص مجتمعة نحو 100 مليار دولار على مدى 10 سنوات، ويستهدف من خلالها صندوق الاستثمارات العامة بلوغ استثمارات مباشرة بقيمة تصل 30 مليار دولار".
كما رحب البلدان بـ "العدد الكبير من الصفقات التجارية الرئيسية التي تم الاتفاق عليها خلال الزيارة، والمتوقع أن تتجاوز قيمتها ملياري دولار".وفي وقت سابق اليوم، وقّعت السعودية وبريطانيا عددا من مذكرات التفاهم لتعزيز التعاون العسكري والدفاع.
شهيد و86 مصابا بمواجهات مع الجيش الإسرائيلي في الضفة وغزة
اندلعت، اليوم، مواجهات بين شبان تظاهروا احتجاجًا على القرارات الأمريكية بشأن القدس، وقوات من الجيش الإسرائيلي، في مواقع متفرقة من الضفة وغزة
استشهد فلسطيني وأصيب 86 بجروح، واختناقاً بالغاز المسيل للدموع، إثر مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، اليوم الجمعة، في مناطق متفرقة من الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
وذكرت جمعية الهلال الأحمر الفلسطينية، في بيان، أن طواقمها تعاملت مع 73 إصابة في مدن نابلس وأريحا ورام الله بالضفة الغربية.
وأوضحت أنها تعاملت في تلك المدن مع إصابتين بالرصاص الحي، و19 بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، و47 بالاختناق بالغاز المسيل للدموع، والبقية كانت إصابات بالحروق أو نتيجة السقوط.
فيما ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية في بيان، أن الشاب "محمد زين فزاع الجعبري" (24 عامًا) استشهد، فيما أصيب 4 آخرون، برصاص الجيش الإسرائيلي، بمدينة الخليل، جنوبي الضفة الغربية.
في غزة، قال المتحدث باسم وزارة الصحة، أشرف القدرة، ، إن "تسعة فلسطينيين أصيبوا بجراح جراء إطلاق الجيش الإسرائيلي الرصاص عليهم، خلال مواجهات على الحدود الشرقية للقطاع"، خلال فعالية احتجاجية نصرةً لمدينة القدس المحتلة.
واندلعت، اليوم، مواجهات بين شبان تظاهروا احتجاجًا على القرارات الأمريكية بشأن مدينة القدس، وقوات من الجيش الإسرائيلي، في مواقع متفرقة من الضفة الغربية المحتلة.
وينظم الفلسطينيون احتجاجات، كل جمعة، رفضًا للاستيطان وجدار الفصل، وارتفعت حدتها بعد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اعتبار القدس عاصمة لإسرائيل، في 6 ديسمبر/كانون الأول 2017.
الدرس الرابع عشر: الثورات الشِّيعية ودُول الشيعة
لقد إستطاع المسلمون في فترة قصيرة أن يقيموا للإسلام حضارة عظيمة لايمکن الحديث عنها في هذا المقال الوجيز، و إنَّ ما يتعلق بموضوع بحثنا هو مشاركة الشيعة في بناء هذه الحضارة، وبما أنَّه لا يسع المجال في البحث حول دور الشيعة في القضايا الأخلاقية والإجتماعية والإقتصادية والعلم والفنون والحکم والسياسة ، والتي هي من أهمِّ مقوِّمات الحضارة وأرکانها ، فنکتفي بذکر الحديث فيما يتعلّق بالقضايا السياسية ودورالشيعة في النهضات والثورات ضد الظلم وإقامة الدول الشيعية وتأثيرها علی الحضارة الإسلامية ، فالحديث والبحث في هذا الموضوع يننقسم إلی قسمين:
القسم الأول : الثورات الشيعية ، القسم الثاني: دُول الشّيعة
القسم الأول :الثورات الشيعية
في هذا القسم من البحث نبدأ بثورة الإمام الحسين(ع) وقيامه وخروجه ([1])علی الطاغية يزيد بن معاوية لطلب الإصلاح في اُمَّة جدِّه رسول الله(ص) من الإنحراف والإعوجاج في الدين ، ومحاربة الظالمين والمفسذين .
خروج وقيام الإمام الحسين(ع)
کان أوَّل خروج وقيام لشيعة أهل البيت D هو خروج الإمام الحسين(ع) وقيامه ضد الزُمرة الفاسدة الاُموية سنة ستين من الهجرة حيث بدأت من موت معاوية وانتقال الحکم الأموي إلی إبنه يزيد الطاغية ، و تحوَّل بلاط يزيد إلى مركز يشكِّل أنواع الفساد وارتكاب المحرمات، وقد طلب يزيد من عامله على المدينة الوليد بن عتبة بن أبي سفيان أن يأخذ البيعة من الحسين(ع) أو يضرب عنقه، فرفض الإمام(ع) بيعته قائلاً: «إنّا أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومختلف الملائكة ومحل الرحمة، بنا فتح الله وبنا ختم، ويزيد رجل فاسق شارب الخمر قاتل النفس المحترمة معلن بالفسق، ومثلي لا يبايع مثله، ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أيُّنا أحقّ بالخلافة والبيعة»([2]). و انطلق الإمام الحسين (ع) بثورته من المدينة لثلاث بقين من رجب سنة ستين قاصداً مکَّة المکرَّمة وعند خروجه صرَّح الإمام(ع) بهدف خروجه ضد الزمرة الآُموية في وصية لأخيه محمد بن الحنفية قائلاً: «... ، وإنِّّي لم أخرج أشِراً ولا بطِراً ولا مفسداً ولا ظالماً، وإنَّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمَّة جدِّي، اُريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر وأسير بسيرة جدِّي وأبي عليّ بن أبي طالب، ...»([3]) .
وکان الإمام الحسين(ع) في مکَّة واشتهر في مختلف الأقطار امتناعه عن البيعة، فاتَّجهت إليه الأنظار و بخاصَّة أهل الكوفة، فاجتمعوا في دار سليمان بن صُرد الخُزاعي وکاتبوا الإمام بالقدوم إليهم والبيعة والطاعة له ، فأرسل الإمام (ع) ابن عمِّه مسلم بن عقيل إليهم ليمهِّد للثورة ضد الاُمويين ،وخرج الإمام (ع) من مکة يوم الثامن من شهر ذي الحجة يوم التروية قاصداً العراق ، وقد اُخبرَ في الطريق في موضع يدعى «زرود» باستشهاد مسلم بن عقيل وهانيء بن عروة ، واستمرَّ الإمام (ع) في المسير نحو الکوفة إذطلع عليه الحرّ بن يزيد الرياحي التميمي اليربوعي مع ألف فارس ، وجعجع بالإمام وأهل بيته وأصحابه حتَّی وصلوا إلی قرية العَقر ، فقال الحسين (ع) : «اللهمّ إنّي أعوذ بك من العَقر ! » ، ثمَّ نزلها وكان ذلك يوم الخميس الثاني من المحرّم سنة إحدى وستين وکانت قرية العَقر من قری منطقة الطف وکوربابل فاشتهرت بکربلاء ، وقد ذكرها الحسين في إحدی خطبه: Sوكأني بأوصالي تقطّعها عسلان الفلوات بين النواويس وكربلاءR([4]). وهکذا قد حوصر وحورب الإمام الحسين (ع) من قبل عبيد الله بن زياد وجيشه بقيادة عمربن سعد وکما أخبر الإمام (ع) لقد استشهد هو وأهل بيته وأصحابه في کربلاء وفي يوم العاشر من محرم الحرام سنة الواحد والستين من الهجرة ظلماً وعدواناً، وبقيت حرارة قتله (ع) في قلوب المؤمنين کما أخبر جدّهُ سيد المرسلين(ص) حيث قال (ص) :Sإن لقتل الحسين حرارة في قلوب المؤمنين لا تبرد أبداًR[5].
الإقتداء بالنهضة الحسينية:
إنَّ حديث كربلاء و ملحمة عاشوراء، حديث خالد وحرارة لاتبرد أبداً لأنَّه حديث الإنسان المصلح و العارف المستعدَّ للشهادة ولقاء الله، وبه يتذكَّر الانسان تلك التضحيات في سبيل الله ،وما جری علی ابي عبد الله الحسين (ع) مع ثُلَّة من أهل بيته الأطهار وأنصاره الأخيار في سبيل الدِّفاع عن مبادئ الإسلام ورسالته المحمدية الحقة، فكان بقاء الشريعة الإسلامية برسولها ورسالتها باستشهاد الإمام الحسين (ع) کما قال کاشف الغطاء: «إنَّ الإسلام محمدي الحدوث وحسيني البقاء».وحري بالمسلمين جميعاً، بل كلِّ انسان حرٍّ ان يقتدي بهذه النهضة الحسينية المباركة في محاربة الظالمين في أي مكان وزمان، كما فعل الشعب الايراني المسلم بقيادة الامام الخميني الراحل واطاح بالنظام الطاغوتي البهلوي ، وکان کل ذلك ببرکة نهضة الحسين(ع) ، حيث كان الامام الراحل يقول: «كل ما عندنا هو من محرم وصفر»، وکما اقتدی الشعب المقاوم اللبناني بنهضة الحسين(ع) وهزم الکيان الصهيوني من بلاده، وقد استلهم الشعب الفلسطيني الدروس من الثورة الإسلامية واستفاد من تجربةالمقاومة وأخذ يقاوم الإحتلال الإسرائيلي بعزمٍ وصلابة لا مثيل لها في تاريخ الصِّراع مع الکيان الغاصب ،وهکذا لو اقتدی ایِّ شعب مظلومٍ بثورة الحسين لفاز وانتصر علی عدوِّه کما اقتدی غاندي وشعبه وحرَّروا الهند من الإستعمار البريطاني.
الإنتفاضات الشيعية بعد الثورة الحسينية:
منذُ مقتل الإمام الحسين(ع) وأهل بيته وأصحابه في واقعة الطَّف بدأت الثورات ضد الحكم الأموي تتوالى،بدءاً من ثورة التوابين بقيادة سليمان بن صرد الخزاعي، وكان كل المناهضين للحكم الأموي ومهما اختلفوا يتخذون آل بيت النبي(ص) ودم الحسين رمزاً وشعاراً لحركاتهم ، ونهضت بها سواعد الشيعة، وحتَّی أبو مسلم الخراساني قد رفع شعارالرضا لأهل البيت و استطاع أن يتغلب على بلاد خراسان، والعراق ، ولكنه کان يخفي تحت شعارالرضا لأهل البيت، الدعوة إلى العباسيين حيث بايع بالخلافة لأبي العباس السفاح في الكوفة يوم العاشر من محرم سنة (132 هـ ) ([6])، وکان من بين تلک الثورات واقعة الحرة وانتفاضة أهل المدينة، وثورة التوابين وقيام المختار الثقفي ،ونهضة زيد بن علي وابنه يحيی ضد الاُمويين و ثورة الحسين بن علي حفيد الإمام الحسن (ع) ضد الحکم العباسي في موضع فخ قرب مکَّة المکرَّمة من أهمِّ وأشهر تلک الثورات نستعرضها بإختصار:
واقعة الحَرَّة وإنتفاضة أهل المدينة([7])
بعد مقتل الحسين(ع) اضطربت الأوضاع على يزيد في المدينة، وقام الناس فخلعوا محمد بن أبي سفيان عامل يزيد في المدينة وبايعوا عبد الله بن حنظلة وولّوه عليهم، فلما وصلت الأنباء إلى الشام عقد يزيد لمسلم بن عقبة جيشاً لمحاربة أهل المدينة، واستطاع الجيش الأموي إخماد حركتهم وأباح قائدهم المدينة المقدَّسة ثلاثاً يقتلون الناس ويأخذون المتاع والأموال، ويهتکون الأعراض، ودعا ابن عقبة أهل المدينة إلى البيعة على أنهم عبيد ليزيد يحكم في دمائهم وأموالهم وأهليهم فمن أبى البيعة بهذه الصورة قُتل، واستثنى من ذلك الإمام علي بن الحسين(ع) ، وبلغ عدد القتلى يومئذٍ (6500) علی رواية ابن أعثم الکوفي، وفي رواية المسعودي (4200)([8])، ومن الوجوه البارزة التي قتلت في الواقعة: عبد الله بن حنظلة غسيل الملائكة وأبناؤه العشرة وأخوه وغيرهم من أبناء الصحابة وبقية الصحابة من حملة القرآن ومن المشاركين في بدر ([9]). وقد أخبر رسول الله (ص) بهذه الواقعة لما مرّ بالحرّة حيث وقف فاسترجع، وقال: Sيُقتل في هذه الحرة خيار أمتيR([10]).
وواقعة الحرة وإن لم تحسب من الثورات الشيعية لعدم اكتسابها الطابع الشرعي من الإمام زين العابدين(ع) وعدم مشاركته فيها ،وکان الإيعاز في الانتفاضة من عبد الله بن الزبير الذي حاصر مكة وملكها، ولکن بما أنَّ الذي قتل فيها کانوا مظلومين ،وکان بعضهم من الصحابة و أبناء الصحابة ومن حملة القرآن ومن المشاركين في بدر، حيث عبَّرعنهم النبي(ص) بخياراُمَّته، وکانت هذه الإنتفاضة من آثار وتبعات وقعة الطف ،ولذا كان الإمام علي بن الحسين(ع) يتشفَّع لأهل المدينة حتى استنقذ عدداً كبيراً من القتل، وکان يعول أربعمئة بيت من يتامى وأرامل من قتل في هذه المعركة.
نهضة المختارالثقفي(64 هـ) ([11])
إنَّ المؤكَّد الذي عليه المؤرخون أنَّ دار المختارفي الکوفة كانت مركزاً لمسلم وللقائه بالوفود المبايعة له إلى حين قدوم عبيدالله بن زياد واستلامه إمارة الكوفة، خلفاً للنعمان بن بشير الذي عزله يزيد بسبب ما يتصف به من لين وضعف تجاه تحركات مسلم وأصحاب الحسين(ع) . وبعد مقتل مسلم، ووصول الخبر ببلوغ الحسين(ع) إلى كربلاء، جمع المختار جماعة من الشيعة، واتجه بهم قاصداً نصرة الحسين(ع) فأخذته الشرطة التي كلَّفها ابن زياد بملاحقة الخارجين لنصرة الحسين(ع) فاعتقلوه، وحينما أدخلوه على ابن مرجانة، تناول قضيباً، وانهال به يضربه على وجهه ورأسه، فأصاب عينه وشترها، ثم ألقاه في السجن مع من اعتقلهم من الشيعة. ولما زجّ بالمختار في السجن، كان ميثم التمار معتقلاً فيه وعبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث، وكان عبد الله والمختار يعتقدان أن ابن زياد سيقتلهما لا محالة فجعلا يستعدان للقاء الله تعالى، غير أن ميثم التمار وبما انتهى إليه من أمير المؤمنين(ع) من الغيبيات التي كان النبي يختصّه بها، أخبرهما بما يجري لهما، فقال لابن الحارث: إنَّك ستخرج من سجن هذا الطاغية، وتحكم البصرة، وقال للمختار: إنَّك ستخرج وتتولى الثأر من قتلة الإمام الحسين(ع) وأنصاره، وبهذا أخبرني أمير المؤمنين علي بن أبي طالب ([12]).
انتقام المختار من قتلة الحسين(ع):
ممَّا لا يمكن لباحث أن يتنكَّرله معارضة المختار للحكم الأموي، ولسياسة الاُمويين، وتسلطهم منذ دخل معترك السياسة، وتعرض بسبب ذلك لسجونهم ومعتقلاتهم وتعذيبهم، وقد حاربهم مع ابن الزبير حينما فرّ من ابن زياد من الكوفة، والتحق به في مكة، وفيها اشترك مع المكيين في صدِّهم عن الكعبة التي كانت هدفاً لنيران يزيد بن معاوية ، وبعد أن قضى المختار وقتاً مع ابن الزبير وكان قد تحقّق ما أراده من إشاعة الفوضى والاضطرابات في أرجاء الدولة الأموية، وخاصة في العراق، فلمَّا تبين له أنَّ الكوفة قد ثارت، وهي على استعداد للأخذ بثأر الحسين(ع) توجّه إلى الكوفة، وترك ابن الزبير المعادي لأهل البيت عليهم السلام ، وكان سليمان بن صرد الذي قاد حرکة التوابين يستعدون لقتال الأمويين، فلم يشترك معهم وانتهت حركتهم بالفشل، وانضمَّ أفراده إلى المختار ، فجاهر المختار في الدعوة إلى العلويين، وأخذ البيعة لهم، فكثرت أنصاره حتى طرد عامل ابن الزبير على الكوفة، وانضمَّ إلى المختار إبراهيم بن الأشتر، وحارب الأمويين والزبيريين حتى خضع العراق وسائر الأمصار عدا الحجاز والشام والجزيرة للمختار([13]).
وما إن دخل المختار قصر الإمارة في الکوفة حتى بسط يده يطلب البيعة على كتاب الله والطلب بثأر أهل البيت، ومناصرة من يناصرهم،ثم نادى منادي المختار في أرجاء الكوفة: من أغلق بابه فهو آمن إلا من اشترك في قتل الحسين. وقال لأصحابه: اطلبوا قتلة الحسين وآل البيت، فإنه لا يسوغ لي الطعام والشراب حتى أطهِّر الأرض والمصر منهم، فتعالت الصيحات من كل جانب: يا لثارات الحسين. فأخذ الجيش باستخراجهم من مخابئهم وقتلهم، ثم قبض على عمر ابن سعد فقتله واحتز رأسه، وأحضر ابنه حفص، فقال له: أتعرف هذا الرأس؟ فقال: نعم ولا خير في العيش بعده. فقال له: ومن أنبأك أنَّك تعيش من بعده. فأمر بقتله ووضع الرأسين بين يديه وبكى، ثم قال: هذا برأس الحسين، وهذا برأس علي الأكبر، والله لو قتلت به ثلاثة أرباع قريش ما وفوا أنملة من أنامله. ومضى المختار يطارد قتلة الحسين وآله وأصحابه، حتى لم يبق أحد إلا فرّ أو قتل، ثم استأجر نوادب من نساء الكوفة يندبن الحسين(ع) ،ثمَّ أنَّه قد وصله أخبار تحرك عبيد الله بن زياد بجيش نحو العراق لتحريره من الزبيريين عن طريق الموصل كان قد أعدَّه عبد الملك بن مروان، فجهَّز جيشاً مؤلفاً من سبعة آلاف لمقابلته، فالتقى الجيشان عند نهر الخازر في ضواحي مدينة الموصل، ودار بينهما قتال عنيف انتهى بهزيمة جيش ابن زياد وقتله، فطلب ابن الأشتر جثة ابن زياد واحتز رأسه وأحرق جثته ،وأرسل المختار رأسي عمر بن سعد وعبيد الله بن زياد إلى الإمام زين العابدين في المدينة، ولما ورد الرسول المدينة بالرأسين، نادى: يا أهل بيت النبوة، ومعدن الرسالة ومهبط الوحي أنا رسول المختار بن أبي عبيدة، ومعي رأس ابن مرجانة وعمر بن سعد، فضج الناس وتصايحوا، حتى أدخل الرأسين على الإمام زين العابدين، ووضعهما بين يديه، فلما رأهما (ع) قال: أبعدهما الله إلى النار، ولم ير الإمام (ع) يوماً قط ضاحكاً منذ قتل أبوه إلا في ذلك اليوم ([14]).
وبلا شك فإنّ المختار قد أدخل السرور على قلوب أهل البيت D، وقد ترحّم عليه الإمامان الباقر والصادق عليهما السلام، ويروى أنه دخل على الإمام الباقر(ع) الحَكَم بن المختار فتناول الحَكَم يد الإمام ليقبلها فمنعه، وقال له من أنت؟ فقال: أنا الحَكَم بن المختار، وكان متباعداً من أبي جعفر(ع) فمدَّ الإمام يده إليه وأدناه حتى كاد يقعده في حجره، فقال له الحكم: أصلحك الله إنَّ الناس قد أكثروا في أبي وقالوا، والقول كثير، يقولون إنَّه كذَّاب، ولا تأمرني بشيء إلا قبلته، فقال (ع) : … Sرحم الله أباك، رحم الله أباك، ما ترك لنا حقاً عند أحد إلا طلبه ...R([15]).
خروج زيد الشهيد
عندما قرّر زيد بن الإمام زين العابدين(ع) الخروج علی هشام بن عبدالملک الاُموي لم يتجاوز إمام عصره حيث استشارالإمام الصادق(ع) فأذن له ، وفي ذلک يقول الإمام موسى الكاظم(ع) : سمعت أبي يقول:« رحم الله عمّي زيداً... لقد استشارني في خروجه، فقلت لهُ: يا عمّ إن رضيت أن تكون المقتول المصلوب بالكناسة فشأنك » ([16]).وبعد مااستشار زيد الإمام الصادق (ع) ، جمع الأنصار فأعلن ثورته والتحق به عدد غفير، ومما التحق معه كثير من الفقهاء والمحدثين والقضاة من أصحاب الإمامين الباقر والصادق عليهما السلام ،ولکن خُذِل زيد في هذه المعرکة کما خذل من قبل جدّه الحسين(ع) وتفرق جيشه حتَّى قال: أراها حسينية، وبعد قَتله حملت جثته وصلبت بالكناسة بالكوفة من قبل عامل الوليد في الکوفة يوسف بن عمر وکان ذلك في الثالث من شهر صفرسنة ( 121 هـ )، وكان عمره يوم شهادته ستّاً وخمسين سنة ([17]).وقد صرّح الإمام الصادق (ع) بعاقبة هذا الأمر بقوله : « إنَّ الله عزَّ ذكره، أذن في هلاك بني اُمية بعد إحراقهم زيداً بسبعة أيّام »([18]).
هذا وقد أخبر النبي (ص) بخروج زيد وشهادته کما أخبر بذلک جدَّه أميرالمؤمنين (ع) ، لقد روى علي بن العباس عن أبي جعفر قال: قال رسول الله(ص) للإمام الحسين: Sيخرج رجل من صلبك يقال له زيد يتخطى هو وأصحابه يوم القيامة رقاب الناس غرَّاً محجّلين يدخلون الجنة بغير حسابR([19]).وروی عن علي (ع) قال : «يخرج بظهر الكوفة ( الكُناسة ) رجل يقال له : زيد في اُبّهة ( الملك ) لا يسبقه الأوّلون ولا يدركه الآخرون إلاّ من عمل بمثل عمله ! ...»([20]) .
أهداف قيام زيد:
يظهر من بعض الاخبار أنّ جمعاً من الشيعة كانوا يزعمون أنّ زيداً صاحب الأمر منذ عصر الباقر (ع) ،وکان البعض يظن أنَّ زيداً کان يدعو لنفسه ففي آخرخبر عن زيد قبل قيامه في عهد الصادق (ع) ، عن عُمارة بن زيد الأنصاري قال : سألت زيد بن علي : أنت صاحب الأمر ؟ قال : لا ، ولكنّي من « العترة » فقلت له : فبمن تأمرنا ؟ فأشار إلى الصادق جعفر (ع) ([21])، وفي خبر آخر عن سليمان بن خالد قال : انتهيت إلى زيد وهو يقول : جعفر إمامنا في الحلال والحرام([22]) .
و قالوا بأن قيام زيد بن علي (ع) وخروجه على سلطان زمانه «هشام بن عبد الملك» كان لأهداف يريدها زيد لنفسه، فردّ علی هذا الإتهام الإمام الصادق (ع) حين قال: «...فإنّ زيداً كان عالماً صدوقاً ولم يدْعُكم إلى نفسه إنّما دعاكم إلى الرضيِّ من آل محمّد (ص) ، ولو ظفر لَوَفى بما دعاكم إليه» ([23]) . وهكذا نری کيف كان الإمام الصادق (ع) يتابع ثورة عمّه زيد ويتحمّل نتائجها وأعباءها.
خروج يحيى بن زيد
قد خرج يحيى من الكوفة بعد مقتل أبيه زيد وتوجّه إلى خراسان، فسار إلى الري، ومنها أتى سرخس، ثم خرج ونزل بلخ على الحريش بن عبد الرحمن الشيباني ولم يزل عنده حتّى هلك هشام وولي الوليد، وكتب والي الكوفة إلى نصر بن سيار والي خراسان يخبره بأنّ يحيى بن زيد موجود في منزل الحريش في بلخ، وهنا طلب نصر من الحريش بأن يسلّم إليه يحيى، فردّ الحريش على الوالي نصر بن سيّار قائلا: لا علم لي به، ولهذا السبب ضُرب الحريش ستمئة سوط ([24]).
و أرسل نصر جيشاً يُقدّر بعشرة آلاف فارس وكان يحيى في سبعين رجلا، وفي المعركة الأخيرة التي دارت حوالي جوزجان اُصيب يحيى بسهم في جبهته کأبيه فقُتل وبادروا إليه فاحتزّوا رأسه، وقاتل بعده أصحابه حتّى قُتلوا عن آخرهم، وأرسل نصر بن سيار برأسه إلى الوليد بن يزيد فأرسله الوليد إلی أمه ريطة في المدينة ،وکان مصرعه سنة125هـ بعد مضي خمس سنوات علی مصرع أبيه ([25])، وصلب جسده الشريف علی باب مدينةجوزجان ولم يزل مصلوباً حتَّى ظهر أبو مسلم الخراساني فأنزله وغسّله وكفّنه وحنّطه ودفنه هناك وقبره مشهور يُزار ([26]) ، ثمّ تتبّع قتلته فلم يدع أحداً ممن شهد قتله ([27]) ، وأظهر أهل خراسان النياحة عليه سبعة أيام ! ثمّ لم يولد في تلك السنة بخراسان مولود إلاّ وسمّي بزيد أو يحيى ، لما داخل أهل خراسان من الحزن والجزع عليه([28]).
بين الحکم الأموي و العباسي
سقطت الدولة الأموية في(13/ ربيع الثاني/ السنة 132 هـ) علی يد العباسيين وبمعونة أبي مسلم الخراساني وكان السبب الرئيسي لسقوطها ، هو فسادهم وانحرافهم عن الدين ، فقتلوا عترة رسول الله(ص) ، بدؤوا بسبطي النبي(ص) وسيدي شباب أهل الجنة الحسن والحسين(ع) ، ومن قبل قتلوا عمار بن ياسر وحجراً، وعاثوا في الأرض فساداً على أيدي العتاة المردة من جلاوزتهم أمثال عبيد الله بن زياد، وعمر بن سعد، وشمر، والحجاج بن يوسف الثقفي، وغيرهم من المجرمين.
لقد سقطت الدولة الأموية بعد تسعين عاماً على إنشائها لتقوم دولة أخرى بدماء العلويين كما قامت دولة الأمويين على دمائهم، وإذا کان الأمويون معذورين بقتل ذرية رسول الله لأخذ ثارهم من بدرکما صرح يزيد في أشعاره،فليس هناک عذر لبني العباس وهم يدَّعون القرابةمن النبي،وقد أشار إلی هذه المسألة شاعر أهل البيت دعبل الخزاعي بعد شهادة الإمام الرضا(ع) بقوله:
أری أمية معذورين إن «قتلوا» |
|
ولا أری لبني العباس من عذر ! ([29]) |
نعم قدتعرض أهل بيت النبي (ص) لأنواع الأذى والظلم والاضطهاد في سبيل حفظ الإسلام من الانحراف، ووقوفهم ضد الظلم والظالمين، من الحكّام الأمويين وخاصَّة العباسيين، ولو أنَّ النبي (ص) قد أمرهم بإيذاء أهل بيته لأمكننا القول بأنّه لم يمكن أن يلاقوا أكثر ممّا لاقوه بالفعل من الأذى والظلم والمحن والمصائب، بحيث يعجز عن بيانها القلم، ويكلّ عن ذكرها اللسان، وجدير بتلك المآسي أن تبكيها العيون دماً.
وقد أخبر الرّسول (ص) بتلك المظالم التي سوف تقع على أهل بيته (ع) ، وأوصاهم بالصبر، قال النبي (ص) : «إنَّ أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلاً وتشريداً، وإنَّ أشدّ قومنا لنا بغضاً بنو أميّة وبنو المغيرة وبنو مخزوم»([30])،وقال الإمام الحسن العسكري (ع) :« قد وضع بنو أمية وبنو العباس سيوفهم علينا لعلتين: أحداهُما أنّهم كانوا يعلمون أنه ليس لهم في الخلافة حقّ فيخافون من ادعائنا إيّاها وأن تستقّر في مركزها. وثانيها أنّهم قد وقفوا من الأخبار المتواترة على أن زوال ملك الجبابرة والظلمة على يد القائم منّا، وكانوا لا يشكون أنّهم من الجبابرة والظلمة، فسعوا في قتل أهل بيت رسول اللّه (ص) وإبادة نسله، طمعاً منهم في الوصول إلى منع تولّد القائم (عج) أو قتله، فأبى الله أن يكشف أمره لواحد منهم، إلاّ أن يتم نوره ولو كره الكافرون» ([31]).
وقعة فخ أوخروج الحسين بن علی(ع)
وكان من ظلم العباسيين، ومطاردتهم لأبناء علي أمير المؤمنين (ع) أن خرج بالمدينة الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن السبط ابن علي بن أبي طالب، وكان معه جماعة من أهل بيته، منهم إدريس، ويحيى، وسليمان بنو عبد اللّه بن الحسن، فاشتد أمر الحسين في بدء الأمر، وطرد من المدينة عامل الهادي العباسي حفيد المنصور، وبايع الناس الحسين على كتاب اللّه وسنة نبيه، وأقام وأصحابه بالمدينة أياماً يتجهزون، ثم خرجوا إلى مكة للحج، فقابله هناك جيش الحاكم العباسي يوم التروية الثامن من ذي الحجة، فقتل الحسين وجماعة من أهل بيته وأصحابه، وجمعت رؤوسهم فكانت مئة ونيفاً، وكان بينها رأس سليمان بن عبد اللّه بن الحسن المثنى، وكان مقتلهم بموضع يقال له فخ على ثلاثة أميال من مكة سنة 169 هجري، وإلى ذلك يشير دعبل في تائيته المعروفة :
أفاطم قومي يا ابنة الخير واندبي *** نجوم سماوات بأرض فلاة
قبور بكوفان وأخرى بطيبة *** واُخرى بفخ نالها صلواتي
أما يحيى فإنه فر من الوقعة المذكورة إلى بلاد الديلم([32]).، ودعا الناس إلى بيعته فبايعوه، واشتد أمره، وقويت شوكته، فجهز له الرشيد جيشاً ضخماً بقيادة الفضل بن يحيى البرمكي، فكاتبه الفضل، وبذل له الأمان، وكل ما يختار فآثر حقن الدماء، وأجاب الفضل بعد أن أخذ اليمين المغلظة من الرشيد بخطه، وأشهد العلماء والأكابر، وحضر يحيى إلى بغداد، فأكرمه الرشيد. وأعطاه مالاً كثيراً، ثم غدر به.وکان مصرع الحسين بن علي وإخوته وأهل بيته أکبر واقعة بعد وقعة الطَّف کمارُوِيَ عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ الْجَوَادِ (ع) حيث قَالَ:« لَمْ يَكُنْ لَنَا بَعْدَ الْطَّفِّ مَصْرَعٌ أَعْظَمُ مِنْ فَخٍّ» ([33]).
القسم الثاني : دُول الشِّيعة
حاول الأمويون والعباسيون القضاء على الشيعة كلياً، وذلک بقتل رموزهم من الأئمة وأبنائهم الثائرين وإخماد ثوراتهم وحبس أوقتل قادة الثواروالمجاهدين من علمائهم وأرادوا أن يحدُّوا من نموِّ التشيُّع وانتشاره بعد العجز واليأس عن استئصاله، ولكنَّه رغم کل هذا البطش والتنکيل نما التشيُّع وازدهر،، وقامت هنا وهناك دول للشيعة، منها دولة الأدارسة في المغرب ودولة العلويين في الديلم، والبويهيين في عراق العرب والعجم، والحمدانيين في سورية، والفاطميين في مصر، والصفويين في إيران. وسنشير فيما يلي إلى كل واحدة من هذه الدول وما كان لها من تأثير في انتشار التشيع، ومدی تأثيرها علی الحضارة الإسلامية، وسنكتفي في البحث بالقدر الذي يجعل القارئ على علم بمكان هذه الدول في التاريخ،وکيفية نشوئها وتکوَّنها وذلک بحسب التسلسل الزمني لإيجادها ، وقد مرَّ ذکر قيام المختار الثقفي ضد الاُمويين وتشکيل إمارته في الکوفة والعراق وإيران ، وهي أوَّل إمارة للشيعة استغرقت ثلاثة سنيين (67هـ -64هـ )ومن بعدها بأکثر من مئة سنة جاءت دولة الأدارسة في المغرب وتلتها دول اُخری في سائر البلدان الإسلامية:
دَولَة الأدَارسَة في المغرب(194 ـ 305هـ )
کان إدريس بن عبد اللّه بن الحسن ممَّن فرَّ من وقعة فخ إلى مصر، ثمَّ إلی المغرب الأقصى فنزل بمدينة تدعى «وليلة»، وكان فيها عامل للعباسيين اسمه إسحاق بن محمد بن عبد الحميد، فأجار إدريس وأكرمه وخلع طاعة العباسيين، وبلغت أخبار إدريس هارون الرشيد ببغداد، فخاف عاقبة ذلك، فدس إليه رجلاً يعرف باسم الشمَّاخ، فتقرب إلى إدريس بشتى الطرق، ثم اغتاله بالسم فمات إدريس وکان ذلک سنة 177 هـ ، وكان إدريس فاضلاً عادلاٌ و مقبلاً على أعمال الخير. ومات إدريس ولم يترك ولداً إلا حملاً من جارية بربرية، اسمها كنزة، وولدت الجارية ذكراً، فسموه إدريس، ولقِّب واشتهر بالإدريس الثاني ولَّما كثرت الوفود على إدريس الثاني من العرب وغيرهم وضاقت بهم مدينة «وليلة» بنى مدينة فاس سنة 193هـ واتخذها عاصمة ، وأنشأ فيها المدارس والجوامع والأسواق،ومات إدريس الثاني سنة 213 وعمره نحو 36 سنة، وترك 12 ذكراً، واعتلى كرسي الخلافة بعد إدريس الثاني ابنه محمد، وقسَّم بلاد المغرب بين إخوته، وعظمت دولتهم، وحسنت آثارهم، وهکذا استمر حکم الأدارسة إلی سنة 305 هـ التي زحف قائد عبيداللّه المهدي الخليفة الفاطمي الأول، إلى فاس وحاصرها، وخرج الملك من يد الأدارسة وتوزع بين الفاطميين والأمويين بالأندلس، فالقسم الشرقي من مراكش سقط في أيدي الفاطميين، والغربي في أيدي الأمويين ([34]).
وللأدارسة في المغرب أعمال جليلة، فبهم انتشر الإسلام هناك علی أساس محبة أهل البيت والإقتداء بهم، حتى بلغ أقاصي البلاد، وازدهرت العلوم والحضارة، فلقد أنشأوا المدن الواسعة،کمدينة فاس وبنوا المساجد، کمسجد القرويين المعروف اليوم بجامعة القرويين، وهي جامعة دينية إسلامية تضم المئات من الطلاب، كجامعة النجف في العراق، والأزهر في مصر، وأقاموا الجامعات والكليات، کجامع الزيتونة في تونس وعمَّ في عهدهم العدل والأمن والرخاء.
الدَولَة الحَمْدَانيَّة في حلب والموصل(293 هـ ـ 392هـ )
ينتسب الحمدانيون إلى قبيلة تغلب، وحمدان هذا هو جد الأمراء الحمدانيين، وكان أميراً على قلعة ماردين القريبة من الموصل من قبل العباسيين، ثم أعلن الاستقلال عنهم سنة 281 للهجرة وكان ذلك في خلافة المعتضد. وأنجب حمدان سبعة أولاد منهم أبو الهيجاء والد ناصر الدولة وسيف الدولة،وقد حکم ناصر الدولة الموصل وحکم أخوه سيف الدولة مدينة حلب، وفي سنة 356 هـ مات سيف الدولة،وقام بعده ابنه أبو المعالي الملقب بسعد الدولة، ومات أبو المعالي سنة 381 هـ ، وتولى بعده ابنه أبوالفضائل الملقب بسعيد الدولة إلی أن مات سنة 392 هـ ، وبموته انتهت إمارة الحمدانيين التي استمرت على الموصل وحلب، وما يتبعهما من سنة 293 هـ إلى سنة 392 هـ .
ولمحبة الحمدانيين للعلم والأدب وإکرامهم للعلماء إجتمعت عندهم أكابر رجال ذلك العصر على اختلاف بلدانهم وتباين ثقافتهم، كالفارابي والشريف أبي إبراهيم جد بني زهرة، والمتنبي وابن خالويه ، وكثيرون غيرهم من القضاة والنحويين والأدباء والشعراء والفنانين العرب وغير العرب.
الحمدانيون والتشيع:
إنَّ تشيع الحمدانيين وإهتمامهم لنشره لا يختلف فيه اثنان، وقد ظهر ذلك جلياً في هجرة علماء الشيعة إليهم، كالشريف أبي ابراهيم جد بني زهرة، وفي مدح الشعراء لهم، فانتشر التشيع وارتفع شأنه في الموصل وحلب في عهد الحمدانيين، واشتد بهم أزر الشيعة في العراق، وفي سنة 354 هجري ضرب سيف الدولة دنانير جديدة كتب عليها «لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فاطمة الزهراء الحسن والحسين جبريل عليهم السلام . وإن الحمدانيين لم يكرهوا أحداً على التشيع، بل تركوا الناس يختارون لأنفسهم ما يشاؤون، ويعتقدون ما يريدون، فانبرى الدعاة المخلصون، وأعلنوا الحق، فآمن به من آمن، حيث لا ضغط ولا إكره، على عكس الأمويين و العباسيين وصلاح الدين الأيوبي، لقد حمل الأيوبيون معهم إلى مصر وسورية تياراً هائلاً من التعصب الأعمى كان له أسوأ الأثر في حياة المسلمين،ولو افترض أن صلاح الدين الأيوبي كان على حق في تسننه، وأن الشيعة كانوا على ضلال في تشيعهم فأي مبرر له في قتلهم واستئصالهم؟ إن قوانين الدول المتحضرة تنص على أن لكل إنسان الحق في إعلان آرائه ومعتقداته، بل والترويج لها ما دام لا يتعدى على حق غيره. وهؤلاء المسلمون في كل مكان يعتقدون أن العين بالعين والسن بالسن، وقوانين دولتهم تنص على خلاف ذلك،لقد أراد صلاح الدين الأيوبي، ومن على شاكلته أن يقضي على الشيعة والتشيع، ويأبى اللّه إلا أن يتم نور آل الرسول المنبثق عن نور اللّه بالذات.
ماهو مذهب الحمدانيين ؟:
بقي أن نعرف إلى أي مذهب شيعي تنتسب اسرة الحمدانيين، إلى الزيدية أو الإسماعيلية أو الاثني عشرية؟ويجيب عن هذا التساؤل مصطفى الشكعة في كتابه «فنون الشعر في مجتمع الحمدانيين»، ويتلخص قوله بما يلي:إن شعر أبي فراس الحمداني الذي تربَّی في حجر سيف الدولة الحمداني يكشف لنا هذا اللغز الذي ظل غامضاً، حتى الآن، يقول أبو فراس في قصيدته الميمية:
يا للرجال أما لله منتصف من الطغاة أما للدين منتقم
بنو علي رعايا في ديارهم والأمر تملكه النسوان والخدم
وبعد هذه المقدمة المشحونة بالعطف على آل البيت ينتقل الأمير الشاعر إلى هجاء العباسيين، لأنهم نالوا الخلافة بالرسول، ثم لم يراعوا حرمة آل بيته ، ويعقد مقارنة بين بني علي، وبني العباس:
أتفخرون عليهم لا أبا لكم حتى كأن رسول الله جدكم
وما توازن فيما بينكم شرف ولا تساوت بكم في موطن قدم
ولا لكم مثلهم في المجد متصل ولا لجدكم معشار جدهم
وبعد هذه الحملة على العباسيين يعطينا أبو فراس مفتاحاً لمذهبه الشيعي، حيث يذكر موسى الكاظم وعلي الرضا، وهذان الإمامان ليسا من الأئمة عند الزيدية ولا عند الإسماعيلية ، وإنما هما من أئمة الاثني عشرية. قال:
ليس الرشيد كموسى في القياس ولا مأمونكم كالرضا إن أنصف الحكم
وإذا كان الشاعر قد أعطانا في هذه القصيدة إشارة عابرة إلى أنه يعتنق مذهب الاثني عشرية، فإنه ينتقل بنا إلى التصريح والتأكيد علی الأئمة الاثني عشر واحداً بعد واحد في ابياته الاُخری لا مجال لذکرها هنا.
وصخورمسجدهم الجامع في نينوی الموصل المحمولة إلی متحف بغداد کان منحوتاً عليها: أللهم صلِّ علی المصطفی محمد والمرتضی علي والبتول فاطمة والمجتبی الحسن والشهيد الحسين وعلي بن الحسين ومحمدبن علي وجعفربن محمد وموسی بن جعفروعلي بن موسی ومحمدبن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والحجة القائم المهدي عليهم السلام .
دَولَة الفَاطِميّين في مصر(296 هـ ـ 567هـ )
ينتسب هؤلاء إلى جدهم الملقب بالمهدي، أول خلفائهم ببلاد المغرب، وهو عبيد اللّه بن محمد بن جعفر بن محمد بن إسماعيل ابن الإمام جعفر الصادق، وهم من فرقة الإسماعيلية، احدى فرق الشيعة، والإسماعيلية يوافقون الإمامية الاثني عشرية في سوق الإمامة من أمير المؤمنين علي بن أبي طالب إلى الإمام جعفر الصادق، ثم يعدلون بها عن الإمام موسى الكاظم إلى أخيه إسماعيل، ثم إلى ابنه محمد، ثم إلى ابنه جعفر، ثم إلى ابنه محمد الملقب بالحبيب، ثم إلى عبيد اللّه الملقب بالمهدي أول خلفاء الفاطميين، ثم الى ابنه العزيز، ثم ابنه الظاهر، ثم إلى ابنه المستنصر باللّه أبي تميم خامس خلفائهم بمصر، وهنا يفترق الإسماعيلة إلى فرقتين: إحداهما تقول: إن الإمامة انتقلت من المستنصر إلى ابنه المستعلي، وأخرى تقول: إنها انتقلت إلى ابنه نزار.
وتفترق الإسماعيلة عن الإمامية في جهات ذکرنا أهمَّها في ما سبق في البحث عن هذه الفرقة ولسنا في صدد بيان عقائدئدهم وفلسفتهم، وإنما غرضنا أن نعرّف بالدولة الفاطمية، وخلفائها في المغرب ومصر، ومكانها من التاريخ وتأثيرها في الحضارة الإسلامية ونشر التشيع.
كان بداية خلافة الفاطميين بخلافةعبيد اللّه المهدي في سنة 296 للهجرة، واصطدم المهدي بدولة الأدارسة، وساهم إلى حد كبير في إزالتها، كما اصطدم مع الأمويين في الأندلس، وأزال دولة الأغالبة كلية، وخضع له المغرب الأقصى، وتونس، ورأى المهدي أن يبني حاضرة في مكان متوسط يتخذها حصناً يعتصم به عند الحاجة، ويوجه منه هجماته إلى الخارجين عليه، فبنى مدينة أسماها المهدية تقع على بعد ستين ميلاً جنوبي القيروان، يحيط بها البحر من ثلاث جهات، وبعد أن انتهى من بنائها أنشأ مدينة أخرى بجوارها أسماها زويلة، نسبة إلى أحدى قبائل بلاد المغرب، ومات سنة 322 هـ ، وقام بالأمر بعده ابنه أبو القاسم محمد الملقب بالقائم بأمر اللّه. ومات القائم سنة 333 هـ ، وتولى بعده ولده إسماعيل الملقب بالمنصور.فشرع المنصور بالعمل على انعاش البلاد، ، وأنشأ أسطولاً كبيراً، وأسس مدينة المنصورية، واتخذها عاصمة لدولته. ومات المنصور سنة 341 هـ ، وآلت الخلافة إلى ولده المعز لدين اللّه.وفي سنة 358 هـ أمر المعز قائده جوهر الصقلي بفتح مصر، وهكذا زال سلطان الأخشيديين والعباسيين عن مصر، وأصبحت هذه البلاد ولاية تابعة للدولة الفاطمية التي امتدت من المحيط الاطلسي غرباً إلى البحر الأحمر شرقاً، ونافست الدولة الفاطمية الشيعية الإسماعيلة الدولة العباسية في بغداد ، وكان لتلك المنافسة أبعد الأثر في الحضارة الإسلامية ([35]).
القاهرة والجامع الأزهر:
في سنة 358 هـ وضع جوهر أساس مدينة القاهرة التي لا تزال إلى اليوم، وبعد إكمالها اتخذها عاصمة للدولة الجديدة الفاطمية، ورأى جوهر أن لا يفاجئ السنيين في مساجدهم بشعائر المذهب الشيعي، خشية أن يثير حفيظتهم، فبنى الجامع الأزهر، وعقدت فيه حلقات الدرس، وكانت تركز اهتمامها على نشر المذهب الشيعي بين الناس.ومنع جوهر من لبس السواد شعار العباسيين، وزاد في الخطبة: «اللهم صل على محمد المصطفى، وعلى علي المرتضي، وفاطمة البتول، والحسن والحسين سبطي الرسول» كما أمر أن يؤذَّن في جميع المساجد بحي على خير العمل، واستمرت شعائر التشيع، والتدريس في الأزهر على المذهب الشيعي، ولما أيقن المعز أن دعائم ملكه توطدت في مصر والشام سار إليها من إفريقيا بأهله ، فوصل الإسكندرية سنة 362 هـ ، وانتقل منها إلى القاهرة عاصمته الجديدة، واستقرت الخلافة الفاطمية بمصر، وامتدَّ سلطانها من أواسط المغرب إلى شمال الشام، حتى حلب والحرمين ومات المعز سنة 365 هـ وخلف المعز ولده أبو منصور نزار الملقب بالعزيز باللّه.
وفي عهد العزيز اشتدت حركة الإنشاء والتعمير، فأنشئت في أيامه صروح ومنشآت عديدة منها قصر الذهب بالقاهرة، وجامع القرافة، وجامع القاهره الذي أتمَّه ولده الحاكم، وبستان سردوس، وقصور عين شمس، ودار الصناعة، وقنطرة الخليج. وبلغت الحضارة في عهد الفاطميين اقصى الغايات، فبنوا المدن، واقاموا المساجد، وأنشأوا دور الكتب والجامعات، واتسعت في أيامهم التجارة، وتحسنت الزراعة، وانتشرت الآداب، وفنون الحكمة وأنواع العلوم. ([36]).
الفاطميون والتشيع:
اتفق المؤرخون على أن الدَّولة الفاطمية قامت على أساس الدعوة الشيعية الإسماعيلية، وأنها قد حرصت على نشرها بمختلف الوسائل، وأنَّ الفاطميين اتخذوا بناء المساجد ومعاهد العلوم سبيلاً لنشر عقائدهم في المجتمعات وسرعان ما ترعرعت وعمَّ أثرها في مصر وشمال أفريقيا ، فالمؤذنون ينادون على المآذن «حيّ على خير العمل» والخطباء في المساجد يفتتحون كلامهم بالصلاة على محمد المصطفى، وعلي المرتضى، وفاطمة البتول، والحسن والحسين سبطي الرسول، وحلقات الدروس في الأزهر وغيره ترتكز على مذهب الشيعة، وأحكام القضاة تصدر وفقاً لهذا المذهب ([37]).
وكتب المعز لدين اللّه على الأماكن: خير الناس بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وجعلوا اليوم الثامن عشر من ذي الحجة، وهو يوم غدير خم يوم عيد، وأصبح الاحتفال به في كل سنة من أهم الاحتفالات الدينية التي كانت تهتز لها جوانب القاهرة فرحاً وسروراً، وإن شعائر الحزن يوم العاشر من المحرم كان أيام الأخشيديين في مصر، واتسع نطاقه في أيام الفاطميين، فكانت مصر في عهدهم توقف البيع والشراء، وتعطل الأسواق، ويجتمع أهل النوح والنشيد يطوفون بالأزقة والأسواق، ويأتون إلى مشهد أم كلثوم ونفيسة، وهم نائحون باكون» ([38]).
ولولا سياسة الضغط والتنكيل التي اتبعها صلاح الدين الأيوبي مع الشيعة لكان لمذهب التشيع في هذا العصر في مصر وشمال أفريقيا وحتَّی بعض من بلاد الشام ذو شأن ومکانة بين المسلمين.
حکَّام الزيدية في اليمن
تعتبر اليمن أحد المراکز الأصلية للشيعة الزيدية،وهذه البلاد من المناطق القليلة التی حکمها أفراد يمتازون بخلفية علمية، حيث ما يزيد على نصف هؤلاء الحکّام فی عداد العلماء وأصحاب المؤلّفات ، وکان الزيدية قد تمکَّنوا من حکم اليمن فی سنة ۲۸۴هـ ، وتناوبوا على حکمها منذ ذلک الوقت إلى أواخر القرن الهجریّ الرابع عشر. وکاننفوذ الزيدية محدوداً فی المناطق الجنوبية لليمن إلى ما قبل القرن الهجریّ الحادیعشر، ثمّ امتدّ نفوذهم بعد ذلک إلى المناطق الشمالية أيضاً. وقد ورد فی الکتب التاريخية القديمة إشارات إلىأنّ العلويين حکموا فی منطقة « صَعدة » فی اليمن، وأنّهم کانوا من أعدل الناسوأکثرهم إنصافاً ([39]). ويمکن مراجعة تاريخالسلسلة الطويلة لأئمّة الزيدية الذين حکموا فی اليمن فی المصادر التاريخيةالمختصّة، ودوائر المعارف ([40]).
تاريخ التشيُّع في إيران
إنَّ الـقـاء نظرة خاطفة على ماضي ايران وتاريخ تشيُّعه يكشف لنا ان التشيع فيه اتـخـذ مجراه التدريجي ببطءِ على امتداد قرون متمادية و عندما نتأمل في الحوادث التي لها علاقة بـتـنـامـي التشيُّع في مختلف مناطق إيران والدُّول التي تأسست إثر تلک الحوادث نستطيع ان نسجل عدة مراحل بحيث يمثل كل منها مرحلة اشمل من سابقتها ، وفي بداية القرن العاشر وأيام الصفويين حيث تحوّلت أغلب مناطق إيران إلی التشيع، ويمکن تلخيص تلک المراحل إلی قسمين:
القسم الأول من الإيرانيين قد تشيَّع عن طريق الصحابة أوالموالين الشيعة الذين رافقوا عمليات فتح بلاد إيران ونقلوا معهم عقائدهم وفكرهم الشيعي أو عن طريق هجرة العرب الشيعة إلی هذا البلد بسبب ظلم الاُمويين والعباسيين ،ومن أبرز مواطن التشيع في هذا القسم خراسان، ثمَّ بعض المناطق المركزية من ايران کمُدن قم وکاشان و ری.
والقسم الثاني من الإيرانيين قد دخلوا التشيع مع التيار الذي صنعه الحكَّام ،فکان للحکَّام دور في نموِّ التشيع وإنتشاره بين الناس إمَّابصورة غيررسمية بل بالتطعاطف مع الشيعة وإعطائهم الحرية في إقامة الشعائر ودراسة العقيدة الشيعية والتحدُّث والکتابة عنها،کما حدث في خلافة المأمون في خراسان،وفترة حکومة العلويين في طبرستان ، ودولة السربدارية في غرب خراسان أوفي إمارات البويهين في الري وهمدان وإصفهان ، أوبإعلان ضرورة العدول إلى مذهب الشيعة وذلك حينما أعلن خدابنده الإيلخاني في القرن السابع ثمَّ الصفويون في بداية القرن العاشر رسمية المذهب الشيعي، وفيمايلي نبحث تاريخياً الدُّول الشيعية التي کان لها التأثير في نشر التشيُّع في إيران ونبدأ بدولة العلوية الزيدية في طبرستان حيث أنَّها کانت من أقدم الحکومات الشيعية في إيران :
دَولَة العَلويّين في طبرستان (205 ـ 304هـ )
إنَّ التشيع لآل البيت عليهم السلام دخل إيران قبل أن يذهب الإمام الرضا (ع) إلى خراسان، وإن أفراداً من التابعين ذهبوا سنة 83 هجري إلى قم، ونشروا التشيُّع بين أهلها، ومن هاتين القاعدتين( قم وخراسان) انطلق التشيع إلى كثير من الربوع الإيرانية، وقامت في بعض مدنها ومناطقها دويلات، وکان دَولَة العَلويّين في طبرستان (الدَّيلم) بداية تلک الدُول، وکان مؤسسها الحسن بن زيد من أحفاد الإمام الحسن المجتبی(ع) المعروف بالداعي الکبير، حيث ثار في سنة 250 هـ في طبرستان وبايعه الناس، واستمر في الحكم 20 سنة في تلک المنطقة، وقام من بعده أخوه محمد وبقي في الولاية 17 عاماً وبضعة شهور.ولمَّا توفي محمد بن زيد سنة 287هـ تولى من بعده الحسن بن علي بن الحسن بن عمر بن علي بن الحسين المعروف بالناصرالاُطروش، وأقام في الحكم 13 سنة يدعو إلى الإسلام، فأسلم على يده خلق كثير، وقتل الاُطروش سنة 304 هـ ودفن في مدينة آمل من مدن محافظة طبرستان، فقام بعده صهره الحسن بن القاسم العلوي، وقتل سنة 316هـ ، وبه انتهت هذه الدولة العلوية الزيدية التي استمرت 66 سنة، وبهم تشيع کثيراً من الناس في بلاد الدَّيلم، وبنوا المساجد والمشاهد المتبرکة من أحفاد رسول الله في تلک الناحية ([41]).
دَولَة البويهيّين في عراق العرب والعجم(321 ـ 447هـ )
تلقى آل بويه مقاليد الحكم و السلطة من عام 320ـ447 هـ فكانت لهم السلطة في العراق و بعض بلاد إيران كفارس و كرمان و بلاد الجبل و همدان و إصفهان و الرَّي، وكان بداية البويهيين في أوائل القرن الرابع الهجري في بلاد الدَّيلم حيث کان أبوهم رجلاً فقيراً يدعى «أبو شجاع بويه» ماتت زوجته، وخلفت له ثلاثة بنين، وهم علي، و الحسن، و أحمد، و اضطر أبو شجاع لفقره أن يُدخل أولاده الثلاثة في الخدمة العسكرية جنوداً ، ولكن سرعان ما ارتقوا بدهائهم ومهارتهم إلى مرتبة القواد وأمراء الجيش، وأخذوا يستميلون الناس بحسن المعاملة، وبذل الأموال فقويت شوكتهم، ولمَّا اطمأنوا إلى قوتهم خرجوا عن طاعة الحاكم الذي يعملون بأمره، وكان اسمه «مرداويج» واستقلوا عنه.وأول من ملك من البويهيين علي بن بويه، أكبر أولاد أبي شجاع، وكان يلقب بعِماد الدولة، وكان ابتداء سلطانه في شيراز عام 321 هجري، ثم امتدَّ إلى إيران والعراق، وغيرها من بلاد بني العباس، وكانت مدة ملكه ست عشرة سنة، وتوفي بشيراز ولم يكن له ولد ذكر، فلما مات صار أخوه الحسن (ركن الدولة) أمير الأمراء.
أما أخوهما الأصغر أحمد الملقب بمعز الدولة فقد كان أمير العراق منذ عهد أخيه علي عماد الدولة، وكان هو المستولي على الخلافة، واضطر الخليفة إلى أن يقلده السلطة، كما نقش اسمه على العملة، وذكر اسمه مقروناً باسم الخليفة في خطبة الجمعة، وكان موقفه من الخليفة كموقف تشارل مارتيل من ملوك فرنسا، إذ كان هو الحاكم الحقيقي، وكان الخليفة لا حول له، ولا قوة، مجرداً من كل سلطة، وليس له من الشؤون غير قبض المخصصات، وقدرها خمسة آلاف دينار من خزينة الدولة، وكان معز الدولة محباً للفنون والعلم، وهو الذي جعل اليوم العاشر من المحرم يوم حزن بصفة رسمية، تعطل فيه الدوائر الحكومية، وتقفل الأسواق.
وتوفي معز الدولة في ملك أخيه ركن الدولة سنة 356، وكانت إمارته 21 سنة ، واستخلفه اخوه ركن الدولة الحسن بن بويه فدامت إمارته أربعاً وأربعين سنة، وقد كان حليماً واسع الكرم، حسن السياسة لرعاياه وجنده، وقد أثنى المؤرخون على عدله وكرمه.
وتوفي ركن الدولة سنة 366 هجري، واستخلف على ممالكه ابنه عضد الدولة، وكان عضد الدولة يمثل السيد الحاكم تمثيلاً حقيقياً، وقد خضعت لسلطانه البلاد الممتدة من الخزر إلى كرمان وعمان، وقد طهَّر الطرق من اللصوص، وحقق الأمن، وكان يتصدق كل جمعة بعشرة آلاف درهم على الضعفاء والأرامل، وأکثرمن العمران فبنی ثلاثة آلاف مسجد وخان للغرباء والصعاليک، وكان يحب العلم ويقرِّب العلماء من مجلسه ، ويجري الأرزاق عليهم ، وأنشأمكتبة تحتوي على أنواع العلوم، ومن آثاره تجديد عمارة مشهد أميرالمؤمنين (ع) .
وتوفي عضد الدولة سنة 372 هجري، ودفن بوصيته بجوار أمير المؤمنين (ع) ،وتولى بعده ولده أبو كاليجار الملقب بصمصام الدولة، ونازعه الملك أخوه شرف الدولة أبوالفوارس، وهکذا کثرت المنازعات من بعد عضد الدولة بين ملوک آل بويه إلی أن ضعف ملکهم ، وفي زمن مملکة أبي نصر الملقب بالملك الرحيم، دخل طغرل بيك السلجوقي إلی بغداد سنة 447 واستولى عليها، وقبض على الملك الرحيم، وسجنه في إحدى القلاع، وانتهى به ملك البويهيين الذي امتدَّ من سنة321 هجري إلى سنة 447 هـ ، وکان السبب الأول لانهيار دولتهم وزوالها على أيدي السلجوقيين شغلهم بالحروب الخارجية والداخلية، بخاصة بين أمراء البيت البويهي بعضهم مع بعض حول الملك. ([42]).
هذا ملخَّص تاريخ ملوك بني بويه، وقد أشرنا في مطاوي الحديث عنهم إلى اهتمامهم بالعلوم والآداب، أما مناصرتهم لمذهب التشيع الإمامي الإثني عشري فقد ذهبوا فيه إلى أقصى حد، وكان الغالب في بغداد عاصمة الدولة مذهب التسنن قبل البويهيين، وبعدهم نما فيها مذهب التشيع، وانتشر. وما اقتصر آل بويه في خدمة التشيع على مظاهر الفرح يوم الغدير، وشعائر الحزن يوم عاشوراء، بل كانوا يبذلون جهدهم في خدمة أهل البيت بشتى الوسائل، وكانوا يحترمون علماء الشيعة بجميع طرق الاحترام من التبجيل والعناية، وبذل الأموال الكثيرة، وقد كان عضد الدولة يركب في موكبه العظيم، لزيارة الشيخ المفيد.كما أنَّ آل بويه أسكنوا الشيعة في المشاهد المقدسة، وخصَّصوا لهم الرواتب([43]).
دولَة السربداراية في خراسان(739هـ - 788هـ )
في بداية القرن السابع کان هجوم المغول علی بعض مدن إيران ومنها مدن خراسان فنهض جماعة من أهلها للذبّ عن أموالهم وحرماتهم و تصدَّوا لهجوم المغول فاحتلّ عبد الرزاق الباشتيني مدينة سبزوار وأعلن الدولة السربدارية وحكم سنتين وعدة أشهر، إلاّ انه قُتل بعدها ليأتي بعده أخوه (وجيه الدين مسعود) وقاد حرباً ضد القائد المغولي (أرغون شاه) وانتصر فيها واضاف نيشابور الى حكومة السربداريين وكان ذلك في سنة 739هـ، ولكن من تلک السنة حتَّی سنة744هـ حدثت حالات من الاضطراب وقعت اثناء الحرب بين (آل كرت) وسربداران كان من ضحاياها الشيخ حسن الجوري فقيه السربداران فضعفت الدولة السربداراية وأخيراً انقرضت بعد قتل علي المؤيد علی يد تيمور سنة 788هـ فدامت حکومتهم حوالي خمسين عاماً .
وتعود أهمية دولة السربداران إلى أنّها قامت على قواعد واُسس إسلامية هدفها دفع بغي المغول وظلمهم وإرساء العدل متخذة من مذهب أهل البيت الإمامي الإثني عشري طريقاً لتحقيق ذلك، حيث كان شعارهم يقول أن من الرجولة أنْ نرى الرأس على المشنقة ولانقبل بذُّل وهو بالفارسية (سر به دار مي دهيم امَّا زير بار ننك نمي رويم) وبهذا عُرف اسم دولتهم بـ (سربداران) ومختصره رؤوسنا على المشانق.
عُرفت دولة السربداراية بالعدل والإحسان إلى الضعفاء خصوصاً في حكم علي بن المؤيد آخر أمرائهم ،والعناية بالشؤون الفكرية والعمرانية و الاهتمام بنشر التشيع الإمامي الإثني عشري حيث أرسل علي بن المؤيد رسالة إلى الشهيد الأول جمال الدين بن مكي العاملي و دعاه إلی خراسان ليکون فقيه دولتهم ومرجعها الأعلی ولكن الشهيد الأول رفض هذا الطلب وألَّف بدلاً عن ذلك كتاباً فقهياً بإسم (اللمعة الدمشقية) أرسله الى الدولة السربدارية ليكون منهجاً ودستوراً يطبّق في تلك الدولة ويكون مرجعاً فقهياً لأتباع مذهب أهل البيت عليهم السلام وقد دلَّت بعض الترجمات على أن السبب وراء رفض الشيخ المجيء إليهم هو: انشغاله بالرد على فتنة اليالوش وهي فتنة صوفية أسسها أحدتلامذة الشهيد إسمه محمد الجالوش أو اليالوش وكذلك لانّ الشيخ الشهيد كان مراقباً بشدة من الدولة العثمانية التي قتلته في ما بعد بسبب التعصب المذهبي المقيت لدى حكامها وانحيازهم إلى مذاهب العامة وإقصائهم مذهب أهل البيت عليهم السلام بشكل واضح.
دولة اُلجايتو الإيلخاني المعروف بخدابنده(716هـ - 703هـ )
کان هجوم المغول علی إيران بزعامة جنگيزخان في بداية القرن السابع وحکم هو وأبناؤه إيران ما يقارب مئة عام ثمَّ انتقل الحکم إلی أحفاده من المغول الذين اشتهروا بالإيلخانية، فاعتنق بعضهم الإسلام تدريجاً ووجدوا انفسهم في إيران أمام مذهبين : المذهب السني , و المذهب الشيعي و لمَّا رکن غازان خان الايلخاني (693 ـ 703) الى الاسلام ,- وکان يحکم في تبريز- اتخذموقفاً وسطاً بين المذهبين لمصلحة کان يراها إلی أن جاء من بعده اُلجايتو الإيلخاني الملقَّب بخدابنده(716هـ - 703هـ) فانتقل من تبريز إلی مدينة السلطانية([44]) التي هو أسَّسها واشتهرت بعد ذلک بإسمه، وبعد ما أسلم، تشيَّع([45])، وأعلن محمد خدابنده رسمية مذهب الشيعة الإثنی عشرية في إيران وأخذ يُروِّج هذا المذهب بشکل محدود في بعض مدن إيران ، وقد ساعد علی ذلک سقوط الدولة العباسية علی يد هولاکوخان الإيلخاني. وفي أوآسط القرن الثامن انقراضت دولة المغول الإيلخانية وحلَّت مکانها الدولة المغولية التيمورية .
الدولة المشعشعين في خوزستان( 845 هـ- 914 هـ) ([46])
تأسَّست إمارة السادةالمشعشعين الشيعية في خوزستان في بداية القرن التاسع وعلی يد السيد محمد بن فلاح المشعشع الموسوي([47])،الذي يرجع نسبه إلى الإمام موسى الكاظم عليه السلام ،وقد اشتهر المشعشعيون بالموالي أي السادة من أحفاد هذا الإمام الهُمام . وقد اتَّخذ السيد محمد بن فلاح المشعشع مدينةالحويزة من محافظة خوزستان عاصمة لحکومته ، وسرعان ما تحوَّلت هذه الإمارة إلى الدولة المشعشعية التي أصبحت أقوى دولة في المنطقة وشمل نفوذها في فترات قوَّتها مناطــق واسعة من جنوب وغرب ايران وجنوب شرق العراق وشمال شبه الجزيرة العربية حيث كانت تضم ميناء البصرة وعبادان و الدورق ورامهرمز وشوشتر ومناطق من محافظات كهكيلوية وبُوير أحمد ، وفارس وبوشهر، ولرستان وكرمانشاه. وقد ضربت النقود باسم المشعشعيين عام(914هـ = 1516م) و هو أكبر دليل على استقلالها مع وجـود قوتين كبيرتين هما الدولة الصفوية والدولة العثمانية وقدحافظ المشعشعيون على استقلالهم وسيادتهم الكاملة نحو سبعين عاماً, منذ ظهور محمد بن فلاح في عام 845 هـ وحتى سقوط الدولة المشعشعية علی يد الشاه إسماعيل الصفوي عام914هـ وبعد سقوطها استمرَّت الاُسرة المشعشعية تحکم تحت سلطة الحكم الصفوي ، والمولى مطَّلِب كان آخر حاكم مشعشعي صاحب عظمة وشهرة ، وقد انقضت حكومته على يد الشيخ خزعل الکعبي حاكم خوزستان عام 903 1م ، وهكذا انتهت حكومة موالي الحويزة بعد أن دامت حوالى خمسة قرون ، ومابقي من آل المشعشع بعد هذه الأحداث أصبحوا تحت طاعة الشيخ خزعل الكعبي حاكم خوزستان . وفي عصرنا هذا هناك العدد الکثير من سادة المشعشعيين المتواجدين في العراق وخوزستان والمنقسمين إلى عشرات العشائر والبيوتات الشريفة.
الدَّولَة الصّفويَّة في إيران(905هـ ـ 1133هـ )
في أوآسط القرن الثامن انقراضت دولة المغول الإيلخانية وحلَّت مکانها الدولة المغولية التيمورية ، وفي أوآخر القرن التاسع للهجرة انقراضت دولة المغول التيمورية في إيران وحلَّت مکانها الدَّولة الصفوية التي أعلنت رسمِّية مذهب الشيعة الإمامية الإثنی عشرية في أوائل القرن التاسع علی يد الشاه إسماعيل، وأخذت تروِّجه في کلِّ بلاد إيران بشتَّی الوسائل.
إن الصفويين هم اُسرة السيد الشيخ صفي الدين العارف المشهور المتوفى عام(735 هـ ) ، الذي کان يسکن في مدينة أردبيل في شمال إيران وينتهي نسبهم إلى الإمام موسى الكاظم(ع) وکان أول ملوکهم ومؤسس دولتهم أحد أحفاد صفي الدين، بإسم الشاه إسماعيل الذي استلم مقاليد الحكم في عام(905 هـ) في مدينة تبريزعندما انقرضت دولة المغول التيمورية في إيران، وأعلن رسمِّية المذهب الشيعي الإمامي الإثنی عشري وأخذ يروِّج هذا المذهب في کلِّ بلاد إيران واستمر في الحكم إلى عام(930 هـ).
وجاء من بعد الشاه إسماعيل ولده الشاه طهماسب وسار علی نهج أبيه في تأييد مذهب التشيع، وقد بالغ في إكرام العلماء وأهل الدين، حتى جعل أمر المملكة بيد عالم العصر المحقق الثاني الشيخ علي عبد العالي الکرکي العاملي اللبناني، وقال له فيما قال : أنت أولى مني بالملك، لأنَّك نائب الإمام حقاً، وأنا عامل منفذ، وكتب إلى جميع الولاة، وأرباب المناصب بإطاعة الشيخ، والعمل بأوامره وتعاليمه، فكان الشيخ يطبق الشرع ، ويقيم الحدود، كما عين الأئمة للصلاة، والمدرسين في المدارس، والوعاظ لبث المذهب ونشره.ومن آثار الشاه طهماسب ترميم الحائر الحسيني، واصلاحه، وتوسيع الصحن، وتجديد المنارة المعروفة بمنارة العبد.، ومات الشاه طهماسب سنة 984 هـ ، وكانت مدة ملكه 54 سنة. وكان له أولاد كثر، تنازعوا الملك بعده، وتغلب أحدهم على اخوته، وهو إسماعيل الثاني، وبقي في الحكم سنة واحدة وبضعة أشهر، وقام بعده أخوه محمد خدابنده، وكان أعمى، ضعيف الرأي، وقد اضطرب أمر المملكة على عهده، وقامت ثورات وفتن، وتمرَّد عليه ولده عباس واستقل بالحكم.
الشاه عباس الکبير:
استتب لشاه عباس الأمر سنة 996 للهجرة، وقد اتخذ مدينة اصفهان عاصمة ملكه، ونظم أحوالها، واحسن تدبيرها، وكانت العاصمة قبله مدينة تبريز، ثم قزوين. وأطلق الإيرانيون عليه شاه عباس الكبير لکثرة خدماته لهم،وكان معروفاً بأصالة الرأي، وحسن التدبير، والعدل في الرعية، وكانت البلاد الإيرانية حين تولى الملك مجزأة الأطراف، موزعة بين الأتراك والتركمان بسوء إدارة أسلافه، فاسترجعها ووحدها تحت سلطانه، وأنشأ ووسَّع العلاقات السياسية والعلمية والعسكرية بين إيران ودول أوروبا، وقد اهتمَّ بعمران البلاد في بناء المساجد والجسور وشق الطرق وتعبيدها، وتسهيل المواصلات حتى أنه بنى ألف خان، يتسع الواحد منها لمئات المسافرين، وقد استخدم العديد من الخبراء بالتجارة والصناعة، من الأرمن وغيرهم، وأنشأ لهم الكنائس والأسواق، وأطلق لهم الحرية الدينية .
وکان الشاه عباس يولي إهتماماً خاصّاً بعلماء المذهب، وكان مع كثرة حروبه ومغازيه لا يقعده شيء عن إحياء الشعائر المذهبية، وله آثار باقية، حتى اليوم في مشاهد الأئمة بالعراق وإيران، وهو الذي بنى الحضرة العلوية في النجف وصحنها بهندسة الشيخ البهائي، ومن آثاره النهر المعروف في النجف بنهر الشاه، وقد حفره سنة 1032 هجري بعد أن فتح بغداد، كما أن من آثاره في النجف آبار واسعة كثيرة، وهي تسمى اليوم «الشاه عباسيات». واستقل الشاه عباس بالملك سنة 996 هـ ، وتوفي سنة 1038 هـ ودفن في مدينة أردبيل عند قبورأجداده .
نهاية الدولة الصفوية:
تولَّى المُلك في الدولة الصفوية من بعد الشاه عباس أولاده وأحفاده، وليس فيهم من يستأهل الذكر سوى حفيده الشاه عباس الثاني ابن الشاه صفي، وفي زمن حکومة سلطان حسين هجم محمود أفغان سنة 1135هـ علی إصفهان واحتلَّها فضعفت السلسلة الصفوية، ومن بعده حکم ابنه الشاه طهماسب الثاني إلی سنة 1148 هـ ، ثمَّ خلعه نادرشاه من السلطنة وعين مکانه ابنه الشاه عباس الثالث الذي کان يبلغ من العمر عدَّة أشهر وقد توفي في تلک السنة وبموته انتهی الحکم الصفوي الذي اسغرق أکثر من مئتي سنة (1148 هـ - 905هـ ) ([48]). وفي سنة 1148 هـ جلس على أريكة السلطنة نادر شاه أفشار وأسس السلسلة الأفشارية .
وخلاصة الکلام : من وقف على تاريخ الشيعة واطَّلع على أحوال الصفويين يقف على أنَّ عصرهم كان عصر ازدهار التشيع لا تكوِّنه،کما يقوله البعض ممَّن لا علم له بتاريخ الشيعة أو يعلم ولکن يقول ذلک ظلماً وعدواناً ، وكان الصفويون خير الملوك لقلة شرورهم و كثرة بركاتهم،و قد راج العلم و الأدب و الفنون المعمارية أثناء حكمهم،و لهم آثار خالدة إلى الآن في ايران و العراق، ومن علماء عصرهم المحقق الكركي، والسيد الداماد، والشيخ حسين عبد الصمد، وولده الشيخ البهائي، والمجلسي الكبير صاحب البحار، وصدر المتألهين صاحب الأسفار، والمحقق الأردبيلي، والفيض الكاشي، وغيرهم من العلماء .
إيران الشيعة بعد الصفوية
واستمرَّ حکم الشيعة في إيران بعد الصفوية بدول اُخری جاءت بعدها کدولة الأفشارية ثمَّ الزندية (1148 هـ ـ 1193هـ ) ، ثمَّ الدولة القاجارية (1200 هـ ـ 1344هـ ) وکان آخر دولة ملکية في إيران هي الدولة البهلوية التي سقطت بالثورة الإسلامية لشعب إيران بتاريخ ( 11/ شباط/ 1979م) ،والکلام في مؤسّسي هذه الدُّول وترجمة أحوالهم وما آل إليه مصيرهم ووضع الشيعة والتشيُّع في زمان حکومتهم وسلطنتهم يحوجنا إلى بحث مستقلّ في ذلك ، فمن أراد الاطّلاع على ذلك فليراجع المصادر المؤلّفة في هذا الموضوع.ولکن لأهمية موضوع إيران بعد سقوط النظام الملکي البهلوي بالثورة الإسلامية بقيادة الإمام الخميني الراحل وتأسيس الجمهورية الإسلامية فيها علی أساس التشيع الخالص وتأثيرات هذه الدولة علی المنطقة بل العالم بأجمعه وعلی نشر التشيُّع وحيويته فلابدَّ من البحث حول هذا النظام السياسي الجديد ولوبالإختصار:
الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتشيُّع
في تاريخ ( 11/ شباط/ 1979م=22/ بهمن/ 1357هـ. ش) سقط النظام البهلوي في إيران وولَّی عهدحکم الملوك والطَّواغيت في هذه البلاد وأشرقت أرضها بانتصار الثورة الإسلامية بقيادة رجل إلهي من سلالة رسول الله(ص) ، و أبرز شخصية دينية سياسية الذي استطاع أن يؤسس نظاماً جمهورياً إسلامياً فيها.
لقد قامت الجمهورية الإسلامية الإيرانية علی أساس الإسلام المحمدي الأصيل الذی دعی اليه قائدالثورة الإمام الخميني الراحل من بداية ثورته المبارکة وهو الإسلام المتمثل بالقرآن والسُّنه النبوية ومذهب أهل البيت D ونظام ولاية الفقية الذی هواستمرارلخط الأنبياء والأولياء وخلافتهم في الأرض لأنَّ الفقهاءاُمناء الرُسل وورثه الأنبياء، ولذاجعل مسألة ولاية الفقية علی رأس الهِرم السياسی والنظام الحاکم فی الجمهورية الاسلامية کمانصَّ عليه الدستور الإيراني فی الأصل الخامس من اُصوله هوفی الواقع تأسيس لنظام إلهی يريدأن يطبق أحکام الشريعة الإسلامية فی ساحة المجتمع کمايريده النبي وأهل بيته عليهم السلام ، وهوليس مصلحة للشيعة فحسب بل مصلحه لجميع المسلمين وياليت سائرالمسلمين يقومون بهذاالعمل ويجعلون الفقهاء حکَّامهم بدل ماهم عليه الآن من أنظمة ملوکية أوجمهورية غربية أوشرقية.
نعم کان إختيار مذهب أهل البيت عليهم السلام الشيعی الإمامی الإثنا عشری هوالمذهب الرسمي فی ايران ينطلق من مبادئ إسلامية أصيله ومرتکزة علی الکتاب والسُّنة وعلی أساس عقيدة أغلب الشعب الإيراني المتمسِّک بهذا المذهب، وأمَّا بقية المذاهب الإسلامية فی البلاد وحتَّی الأقليات الدينية السَّماوية فهی معترف بها فی الدستور ولهاحقوقهاالشرعية والقانونية، ولذاماتقوم به الجمهورية الإسلاميه من تقنين فی البرلمان أوالدَّولة أوالقضاء وماتقوم به من أعمال وسياسات داخل البلاد وخارجها تراعی فيها بالدرجة الاُولی مصلحة عامَّة المسلمين والشعب بمختلف أطيافه، ثمَّ مصلحة المذهب الرسمی وأتباعه، وعلی هذا الأساس دائماًتدعوالجمهورية الإسلامية إلی الوحدة والتقريب بين المذاهب الإسلامية والحواربين الأديان السَّماوية وبهذا الاُسلوب تتحبَّب الجمهورية الاسلامية عند الشعوب، وهوأفضل دعاية ودعوة إلی التشيع.
إنَّ ماتقوم به الجمهورية الإسلامية في عصرنا هذا من التَّصدي لأعداء الدِّين و الدَّعوة إلی الإسلام المحمدي الأصيل في قبال الإسلام الأمريكي الذي يُروِّجه الغرب ، وماتقوم به من الدِّفاع عن الشعوب المستضعفة ودعم الحركات التحررّية والصحوة الإسلامية ، ومساندة المقاومة الإسلامية في لبنان وفلسطين وأفغانستان والعراق وغيرها من البلدان تجاه الإستكبار العالمي ،كلّه في الواقع ينطلق من العقيدة المنبعثة من مذهب أهل البيت عليهم السلام وأتباعه وهم الشيعة الذين دائماً وعلی مرِّ العصورکانوا ولايزالون يرفضون الرکون والخضوع للظالم ويرفضون الإستبداد ويحاربون الإستکبار بمختلف أشکاله، وهذا العمل بدوره هو يشكِّل التبليغ الحقيقي لمذهب التشيُّع وإستقبال المسلمين علی هذا المذهب، وکم سمعنا وقرأنا أنَّ من دخل التشيُّع بسبب الثورة الإسلامية وأفکار قائدها الإمام الخميني الراحل، أومن اعتنق هذا المذهب بسبب وقوف حزب الله ومقاومته ضدالإحتلال الإسرائيلي وإنتصاراته الباهرة المتأثرة بثورة إيران والمقتبسة من ثورة الحسين (ع) أکثرمن تشيَّع بالبحث والجدال العلمي. ولذا أصبحت الجمهورية الإسلامية اليوم أمل المستتضعفين والمحرومين في العالم ، وقاعدة قويَّة وسنداً للشيعة المضطهدين أين ماکانوا، وهي الآن الممهدة الحقيقية لظهور المهدي المنتظر وستکون القاعدة الأساسية لدولته الکريمة العالمية التي بها يَعِزُّ الإسلام وأهله وتُملئ الأرض قسطاً وعدلاً إنشاءالله.
عدد الشيعة وبلدانهم
في باب معرفة الشيعة والتشيع يبقی الکلام حول معرفة عدد الشيعة وبلدانهم ، وبما أنَّ هذا البحث ليس ذات أهمية علمية، وأنَّ الإحصائيات تتغير بحسب الزمان والمکان وبسبب الوقائع والأحداث فلا نتطرَّق إلی هذا البحث ونوکل الأمر إلی القارئ لمراجعة المصادر لمعرفة هذا الموضوع ، ومن تلک المصادر أعيان الشيعة للسيد الأمين، وتاريخ الشيعة للشيخ المظفر، ولکن بما أنَّه لا يمکن الإعتماد الکامل علی هذين الکتابين في عصرنا هذا لمعرفة عدد الشيعة وبلدانها حيث أنَّ هذه الإحصائيات قديمة فيمکن مراجعة المجلات التي تصدر من قبل المجامع والمؤسسات الرسمية خاصة المجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام للإطلاع علی آخرالمعلومات و الإحصائيات في هذا الموضوع.
([1]) إنَّ التعبير بالقيام أوالخروج لحرکة الإمام الحسين(ع) ولکلِّ حرکة جهادية شرعية أفضل من التعبير بالثورة أو النهضة من الکلمات العصرية إستناداً إلی عدِّة آيات من القرآن الکريم منها قوله تعالی: جَعَلَ اللَّهُ الْكَعْبَةَ الْبَيْتَ الْحَرامَ قِياماً لِلنَّاس ...(المائدة: 97)، ومنها قوله تعالی:...وَ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجاهِدينَ عَلَى الْقاعِدينَ أَجْراً عَظيما (النساء:95) . ومنها قوله تعالی:... وَ مَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ وَ كانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحيماً (النساء:100) . ،وإستناداً إلی قول النبي(ص) : «الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا». الإرشاد للمفيد: 220 ،علل الشرايع1: 211). قوله(ص) للإمام الحسين: Sيخرج رجل من صلبك يقال له زيد ...» وقول الإمام الحسين(ع) : ...وإنَّما خرجت لطلب الإصلاح في اُمَّة جدِّي... فهذه التعبيرات القرآنية والروائية تحمل قداسة خاصَّة للحرکات الجهادية ضد الظلم والفساد والطغيان.
([2]) مقتل الحسين للمقرّم : 144، عن مقتل الحسين للخوارزمي عن کتاب الفتوح لأحمد بن أعثم الکوفي البغدادي (م 310هـ) .
([3]) مقتل الحسين للمقرَّم : 156. عن مقتل الحسين للخوارزمي عن کتاب الفتوح لإبن الأعثم الکوفي في (م 310هـ) ، وفي مابعد: بسيرة جدِّي: والخلفاء الراشدين بعدي وأبي علي ابن أبي طالب. وهذا ليس بصحيح حيث أنَّ لقب الراشدين إنَّما شاع في القرن الثالث للهجرة .والأصح منه ماأرسله المازندراني الساروي الحلبي في مناقب آل أبي طالب ج4: 97، جواباً لإبن عباس في مکَّة قولاً وليس وصية.
([4]) راجع: موسوعة التاريخ الإسلامي6: 128.
([5]) مستدرك الوسائل10: 318،ب 49 ، عن مجموعة الشهيد، عن الأنوار لمحمد بن همام عن الإمام الصادق عليه السلام .
([6]) تاريخ اليعقوبي 3: 66،و راجع مقاتل الطالبيين، الحديث حول أبي مسلم الخراساني.
([7]) الحرة موقع من ضواحي المدينة ، وواقعة الحرة وإنتفاضة اهل المدينة کانت في شهرذي الحجة لسنة 63 هـ ، وقيل في شهر صفر، راجع( موسوعة التاريخ الاسلامي 6: 253) عن الإمامةوالسياسة 1: 22وفي تاريخ ابن الوردي 1: 165.
([8]) الفتوح 5: 181. مروج الذهب 3: 70.
([9]) راجع تاريخ الخلفاء: 167، تاريخ الطبري 5: 456 ، الكامل في التاريخ 4: 79.
([10]) الإمامة والسياسة: 1: 219.
([11]) ولد المختار المکنَّی بأبي إسحاق في مدينة الطائف في السنة الأولى للهجرة ، حيث كانت موطن أهله وعشيرته من ثقيف ، وقتل سنة 67 للهجرة في حرب مع مصعب بن الزبيربأمر من أخيه عبدالله، عن عمر يناهز السابعة والستين،وأبوه أبو عبيدة بن مسعود قداختاره عمر بن الخطاب للقيادة في المعرکة مع الفرس، وقد وقع شهيداً في إحدى معاركه مع الفرس على شاطئ الفرات،وأمُّ المختار إسمها دومة، امرأة عربية كانت قد اشتركت مع زوجها في المعارك ، وكان المختار يومذاك في الثالثة عشرة من عمره. وقُتل المختار في الکوفة سنة 67 للهجرة عن عمر يناهز السابعة والستين في حرب مع مصعب بن الزبيربأمر من أخيه عبدالله الذي کان يحکم في مکَّة .
([12]) راجع تاريخ اليعقوبي 2: 162. الكامل في التاريخ 4: 160.
([13]) الأخبار الطوال للدينوري: 300. وراجع تاريخ اليعقوبي 2: 164.
([14]) الأخبار الطوال: 360، تاريخ الطبري 4: 533. وراجع الخوارج والشيعة، للمستشرق فلهوزن 52.
([15]) رجال الکشي: 125، بحار الأنوار45 :343،ب49. وفي تکملة الرواية ينقل عن الإمام الباقر(ع) أنَّه قال: «...وإنَّ مهر اُمي کان مما بعث به المختار » واُمّه فاطمة بنت الحسن(ع) والباقرقد ولدسنة 57 للهجرة وقيام المختار کان في عام 64 للهجرة فالرواية لايمکن الإعتماد عليها والشطرالأخيرمنها غير صحيح قطعاً .
([16]) عيون أخبار الرضا (ع) 1 : 477 ، الباب 47 ، الحديث 187 ، و الكناسة اسم محلة بالكوفة.
([17]) أنساب الأشراف 3 : 446، و راجع كتاب (زيد الشهيد) للسيد عبد الرزاق المقرم. وقيل كانت شهادته ودفنه ليلة الجمعة السادس والعشرين من شهر محرّم الحرام سنة ( 122 هـ ) ،راجع مقاتل الطالبيين : 92 ، وأنساب الأشراف 4 : 252 ، الحديث 254 .
([18]) الكافي 8 : 161 ، وتفسير العياشي1: 325.
([19]) عيون أخبار الرضا1:249 ب25، بحار الأنوار46 : 170،ب11.
([20]) مقاتل الطالبيين : 88 . وعنه في فرحة الغري : 51 ، وعنهما في بحار الأنوار 46 : 183 .
([21]) انظر قاموس الرجال 4: 567 .
([22]) اختيار معرفة الرجال : 361 ، الحديث 668 .
([23]) راجع کتاب( زيد بن علي) ، للسيد عبد الرزاق المقرم : 176 .
([25]) راجع مقاتل الطالبيين : 107 ، وفي مروج الذهب 3 : 212 .
([26]) ينسب ليحيی بن زيد تلاثة مزارات أحدها في ميامي التي تبعد عن مشهد حوالي ستين كيلو متراً، والثاني في مدينة جرجان القديمة قرب مدينة گنبد کاووس في محافظة گلستان في شمال إيران، و المرقد الثالث في جوزجان أفغانستان و هو أقرب للصواب حيث دارت المعرکة هناک، وکما جاء خبره في قصيدة دعبل التَّائية في حضور الإمام الرضا(ع).
([27]) راحع تاريخ اليعقوبي 2: 332 ، والكامل في التاريخ: 5/127، وزيد بن علي ، للسيد عبد الرزاق المقرم: 176.
([29]) عيون أخبار الرضا (ع) 2: 280، الباب ،65 ح2، وراجع أخبارشعراء الشيعة، للمرزباني:93.
([30]) المستدرك على الصحيحين 4: 534، الصوارم المهرقة:74 و198.
([31]) إثبات الهداة 3: 570، عن التفسير المنسوب إلى الحسن العسكري (ع) .
([32]) تقع بلاد الديلم أوطبرستان على شواطئ بحر قزوين، وتشمل جرجان القديمة وطرفاً من مدن محافظة رشت.
([33]) بحارالأنوار 48 : 165، باب 7. عن عُمْدَةِ الطَّالِبِ وَ مُعْجَمِ الْبُلْدَانِ.
([34]) راجع الجزء الأول من كتاب «البيان المُغرب في أخبار المَغرب» لابن عذاري المراكشي، والجزء الأول من «الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى» لأبي العباس الناصري، وكتاب «مختصر تاريخ العرب» للسيد مير علي.
([35]) تاريخ الدولة الفاطمية لحسن إبراهيم : 147 ،وراجع ابن الأثير، حوادث سنة 333 .
([36]) راجع تاريخ الشعوب الإسلامية:2 ،للمستشرق «بروكلمان» ، و کتاب مختصر تاريخ العرب، لسيد مير علي.
([37]) راجع تاريخ الدولة الفاطمية،لحسن إبراهيم.
([38]) راجع تاريخ الشيعة للشيخ المظفر، و کتاب مصر في عصر الدولة الفاطمية لسرور نقلاً عن اتعاظ الحنفاء، للمقريزي .
([39]) راجع حسن التقاسيم للمقدسی1: ۱۴۶.
([40]) منها دائرة المعارفالشيعية۷۰:۱۲، الزيدية اليمن عبر التاريخ .
([41]) راجع تاريخ الشيعة، للشيخ محمد الحسين المظفر.
([42]) راجع ابن الأثير ج 6 ، و کتاب «مختصر تاريخ العرب» للسيد مير علي، وکتاب «الحضارة الإسلامية» لآدم متز 1 : 38.
([43]) راجع كتاب «الكنى والألقاب» للشيخ عباس القمي، و تاريخ الشيعة للشيخ محمد الحسين المظفر.
([44]) لقد أسس هذه المدينة الجايتو(خدابنده) وبنی فيها القبة السلطانية المشهورة التي لازالت موجودة وهي من أهمِّ معالم المدينة ، ويقال إنَّ الجايتو قد بنی هذه القبَّة لينقل جثمان الإمام علي (ع) من الننجف ويدفنه في هذا المکان .
([45]) المشهورأنَّ الفضل في تشيع الجايتو يعود للعلا مة الحلي (الحسن بن يوسف بن المطهر المتوفى سنة 736 هـ) و ان تصنيف العلامة الحلي عدداً من الكتب في الامـامـة منهاكتاب نهج الحق و كشف الصدق و اهدائها الى (الجايتو) يدلُّ على جهود هذا الفقيه في نشر التشيع في إيران.
([46]) من المصادرالمعتبرة التي تذكر تاريخ الدولة المشعشعية في خوزستان الکتب التالية : كتاب (مجالس المؤمنين) للتستري ، و کتاب (تاريخ العراق بين الاحتلالين) للعزاوي نقلاً عن (تاريخ الغياثي) وأحسن من كتب فيهم كاتب شيعي يدعى جاسم شبر في كتابه (تاريخ المشعشعين) .
([47]) بدأ السيد محمد بن فلاح الموسوي المشعشع حياته صوفيا و کان صاحب رياضة وقد اعتكف قبل خروجه في جامع الكوفة سنة كاملة وينسب إليه بعض الإدعاءات والأفکار، وتنسب إلی محمد بن فلاح مدينة الفلاحية ( شادگان الفعلية) التي تقع بين آبادان و الأهواز .
([48]) راجع تاريخ الشيعة للمظفر، وأعيان الشيعة ج 11 للسيد الأمين، وتاريخ إيران لمكاريوس، وغير هذه الكتب في هذا الموضوع .