Super User

Super User

قامت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية بإجراء دراسة ميدانية للتحقيق حول التهديدات التي يشكّلها التقدم العلمي والتطور التكنولوجي الذي يشهده العالم الإسلامي على أمن الكيان الصهيوني مؤكدةً على أن البلدان الشيعية تشكّل خطراً أكثر من البلدان السنية على إسرائيل.

وأعربت هذه الصحيفة في مقدمة دراستها تلك، بأن جمهورية الإسلامية الإيرانيّة تبذل الكثير من الجهود لصناعة صواريخ نقطية في لبنان، وتابعت: "إن تواجد إيران بالقرب من الحدود الإسرائيلية، سيشكل خطراً على أمن اسرائيل وسوف تتحمل "تل ابيب" الكثير من العواقب العسكرية والاقتصادية اذا ما نشبت حربا في تلك المناطق الحدودية."

وفي سياق متصل لفتت صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية إلى أن التفكر الشيعي يشكّل خطراً أكثر من التفكر السني على إسرائيل، مشيرةً إلى "أن التحالف القائم بين إيران وسوريا ولبنان والذي يقبع تحت حماية روسيا، لا يستمد قوته من القدرة العسكرية التي تمتلكها تلك الدول فقط وإنما أيضاً يستمد قوته من الاعتقاد الراسخ والمفهوم الأساسي المشترك بينهم المبني على أسس مبادئ الإسلام الشيعي".

وفي شرح هذا البعد الفكري، أضافت هذه الصحيفة، قائلة: "إن أصحاب المذهب السني ينظرون إلى الماضي ويتباكون عليه ويريدون العودة إلى ذلك الزمان ولكن أصحاب المذهب الشيعي ينظرون نحو المستقبل ويرون بأن الماضي هو أساس للتقدم والرقي، ولهذا نجد عندهم مرونة كبيرة في الاستماع وتقبّل آراء غير المسلمين ".

وفي السياق نفسه أعربت صحيفة "جيروزالم بوست" بأن أصحاب المذهب الشيعي كان لهم تأثير هائل على التراث العلمي في الحضارة الإسلامية، حيث قالت: "في حين أن العلم والمعرفة لم تكونا ذات أهمية أساسية في العالم السني، إلا أنه قد تم دمج الكثير من التقاليد العلمية والفلسفية غير الإسلامية في المناهج الدراسية لمؤسسات التعليم العالي في العالم الشيعي".

وأشارت تلك الصحيفة إلى أن إيران تشهد تطوراً علمياً كبيراً في جميع المجالات وتمتلك الكثير من القدرات العلمية، حيث قالت: "إن هذه القدرات العلمية تفسر كيف يزدهر البحث العلمي في إيران المعاصرة ويختفي بشكل تدريجي في الكثير من الدول العربية السنية وتفسر أيضاً كيف تمكنت طهران من امتلاك معاهد بحثية متقدمة وصناعات عسكرية مستقلة وبرنامج نووي قوي"

وفي هذا السياق أعرب الجنرال في جيش الكيان الصهيوني"جاير غولان"، بأن الجمهورية الإسلامية لديها الكثير من العلماء المختصين في كل المجالات الصناعية والعسكرية وتمتلك أيضاً بنية تحتية علمية شاملة ولفت إلى أن المجتمع الإيراني يشكّل في وقتنا الحالي حضارة ممتازة وقوية وأكد، قائلاً: "إن الإيرانيين يشكلون خطراً كبيراً على أمننا وأكدت هذه الصحيفة الإسرائيلية على أن إسرائيل لجأت خلال الفترة السابقة إلى القيام بالعديد من المناورات العسكرية الكبرى في المنطقة وذلك من أجل مواجهة تأثير المحور الإيراني في سوريا ولكن الأوضاع الحالية قد تتطلب القيام بتدخلات عسكرية.

وختمت صحيفة "جيروزاليم بوست" دراستها: "إن إسرائيل تواجه الآن مشكلتين ومعضلتين خطيرتين وإذا ما اتخذت قرارها بالقيام بهجوم عسكري، فإنها ستتحمل الكثير من الخسائر المادية والإنسانية ولكن لو التزمت إسرائيل السكوت على تلك الاستفزازات التي تحدث بالقرب من حدودها، فإن العواقب والخسائر ستكون أيضاً أسوأ بكثير".

 صرح قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي أن أحد مساعي العدو الخبيثة اثارة و تحريض العمال على احداث ركود في المصانع لكنهم صمدوا خلال كل تلك السنوات ببصيرة وعزيمة وتدين وتصدوا للأعداء.

و نقلاً عن موقع الاعلامي الرسمي لقائد الثورة الاسلاميةأن تصريحات قائد الثورة الاسلامية آية الله العظمى السيد علي الخامنئي جاءت خلال استقباله مسؤولي ملتقى (14 ألف شهيد التابعين للمجتمع العمالي في البلاد بتاريخ 5شباط، و تم نشرها صباح اليوم الاثنين في مراسم افتتاح هذا الملتقى.

وقدر قائد الثورة الاسلامية تكريم الشهداء من كل الفئات ومن مختلف انحاء البلاد، معتبراً هذا العمل حسنة وعمل مميز هدى الله قلوب الجميع للقيام به، مؤكداً أنه هذه المكرمة هي من ألطاف الله سبحانه وتعالى، ومؤشر على استمرار احياء ذكرى الشهداء من  مختلف شرائح المجتمع ومنها فئة العمالية، مثنياً على المشرفين على هذا العمل.

وأردف القائد أن العمال وقفوا وقفة مشرفة في زمن الحرب والسلم، لهم مكانة هامة في الثورة الاسلامية منذ يومها الأول، حيث صمدوا خلال كل تلك السنوات ببصيرة وعزيمة وتدين وتصدوا للأعداء، مشيرا إلى أن العمال لديها اجر مضاعف لانهم تواجدوا في جميع احداث الثورة الاسلامية للتصدي للأعد الزمر المعادية وفي مرحلة الدفاع المقدس بكل بصيرة وغيرة.

واعتبر القائد أن التواجد البارز للعمال أيام الدفاع المقدس جانباً آخر من غيرتهم الدينية، مردفاً أنه كلما كان الامام الراحل يدعوا للجبهات كان يتوجه الكثير من العمال الشباب والمؤمن الذي كان يعيش على قوت يومه،  قاصدين الجبهات لدافع عن البلاد والاسلام  معتقدين أنه اذا ما سيطر العدو على البلاد لن يبقى شيء أبداً.

لقد اجتمع في أهل بيت النبي(ع) كل ما يفرض المحبة والمودة، ويدعوا إلى الموالاة والطاعة لهم، من الطهارة من الرجس،والتحلي  بالصفات المجيدة والخصال الحميدة والكمالات الإنسانية،إضافة لشرف إنتمائهم لرسول الله(ص) ، ولا أظن أنَّ أحداً من المسلمين يجهل ذلك أو يشك فيه، وقد وردت الآيات العديدة والأخبار الكثيرة التی تعرف المسلمين بمکانة أهل البيت في الإسلام ، وإستناداً إلی تلک النصوص من الآيات والروايات تکوَّن عند الشيعة مکان خاصّ لأهل البيت(ع) يختلف جوهرياً مع سائرالمسلمين مهما بلغوا من الفضل والعلم والصحبة مع رسول الله (ص) وا لکي نعرف تلک المکانة لا بدَّ أن ندرس تلک النصوص:

ضرورة معرفة أهل البيت (ع)

 لاريب أنَّ من أهمِّ حقوق النبي وأهل بيته (ع)هومعرفتهم کما أکَّدت عليه النصوص من الآيات والروايات والأدعية ، منها ما جاء في دعاء زمن الغيبة للإمام الصادق (ع) :«اللهم عرِّفني نفسك فإنك إن لم تعرفني نفسك لم أعرف نبيك، اللهم عرفني نبيك فإْنك إن لم تعرفني نبيك لم أعرف حجتك، اللهم عرفني حجتك فإنك إن لم تعرفني حجتك ضللتُ عن ديني، أللَّهمّ لا تمتني ميتة جاهلية ولا تزغ قلبي بعد إذ هديتني...» ([1]).

وعلی ضوء هذا الدعاء والآيات والروايات التي تحثُّ الإنسان علی طلب المعرفة، ينبغي علی كل مسلم ان يدعوا الله دائماً أن يوفقِّه لمعرفته وهي أم المعارف، وبها تحصل كل معرفة وهي حق من حقوق اللّه علينا ولأجلها خلق الانسان  حيث يقول تعالی: « وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ» ([2]) اي: ليعرفون،كما جاء في تفسيرالآية، ثمَّ ينبغي أن يسعى المسلم بقدر الامكان لتحصيل معرفة النبي والحجج من بعده، ولذلك جاء التأکيد علی خصوصية المعرفة في الروايات التي تحثُّ المسلم المؤمن علی زيارة مراقد أولياءالله فينبغي للزائر قبل الشخوص والبدء بالزيارة أن يزوِّد نفسه بمعرفة المزور كي يعرف مضمون زيارته وما تحمله من المسؤولية،  فإذا حصل على هذه المعرفة وسار على ضوئها، يصبح على بصيرة من دينه وشريعته وتصلح دنياه وآخرته، وإذا غفل عن هذه المعرفة، ولم يهتدِ ضلّ عن دينه، ويموت ميتة جاهلية، كما جاء في مجموعة من الأحاديث والأدعية المأثورة .ولكن من جهة أخري نری بأنَّه من الصعب ولعلَّه من المحال أن نحصل على المعرفة الحقيقية الكاملة للّه وللنبي (ص) وأهل بيته (ع)،  فالرسول (ص) وأهل بيته (ع) الذين خلقهم اللّه من نور واحد، وأمرهم صعب مستصعب لا يستطيع أحد أن يعرفهم بالمعرفة الحقيقية إلا اللّه ورسوله، ولكن من باب ما لا يدرك كله لا يترك كله، يمكننا ان نتعرف علی طرف من سيرتهم من خلال مراجعة القرآن الكريم لأنَّهم عدله وأحاديث الرّسول (ص) وأهل بيته (ع)، فإنَّ ذلك أحسن الطرق وأسلمها لمعرفتهم (ع)، فنرى كيف يعرّف القرآن الرّسول (ص) وأهل بيته (ع)، وكيف يعرّف الرّسول وأهل بيته، بعضهم البعض، وهذه المعرفة بهذا المقدار هي من أهم حقوق أهل بيت النبي (ص) على المسلمين.

أهل البيت (ع) في القرآن

إنّ کلمة أهل البيت(ع) قد استخدمها القرآن في موردين : المورد الأول في جواب سارة زوجة  النبي إبراهيم لمَّا بشَّرتها الملائکة بولادة إسحاق فتعجَّبت فجاءها الخطاب من الملائکة في قوله تعالی:  «قالُوا أَتَعْجَبينَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ رَحْمَتُ اللَّهِ وَ بَرَكاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَميدٌ مَجيدٌ» ([3]). والمورد الثاني  اختصَّت بأهل بيت نبينا محمد (ص) وهي الآية الثالثة والثلاثون من سورة الأحزاب قال تعالى واصفاً أَهْل بيته : «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً» ([4]). وقد نزلت آيات اُخری تُعرِّف أهل بيت النبي (ص)، وتبين فضلهم ومقامهم، ومنزلتهم، وتثني عليهم وتوّجه المسلمين نحوهم، وتدعوالمسلمين لمودتهم لهم، والإقتداء بهم وتأدية حقوقهم التي فرض اللّه لهم، و نحن نكتفي بذكر آية التطهير والأحاديث المرتبطة بها في هذا المقطع من البحث :

آية التطهير مفهومها ومصاديقها

لقد تظافر في كتب التفاسير أنَّ المقصود بأهل البيت (ع) في آية التطهير هم: علي وفاطمة والحسن والحسين (ع)، ومن خلال حديث الكساء وبمقتضى التأمل في الأحاديث الأخرى التي وردت في شأن نزول آية التطهير، نعلم أنَّ الآية نزلت على النبي (ص) في بيت أم سلمة، حيث أنه جمع رسول اللّه (ص) علياً وفاطمة والحسن و الحسين (ع)، ثم أدار عليهم الكساء، وقال(ص): «هؤلاء أهل بيتي، اللهم اذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً»، وهمَّت أمُّ سلمة أن تدخل معهم تحت الكساء، فمنعها النبي (ص)، وقال لها مرتين أو ثلاث مرات: إنّك على خير، واستأذن بعد ذلك جبرائيل (ع) ليدخل معهم تحت الكساء، فأذن لـه الرّسول (ص) فدخل([5]). واستجابة لدعوة رسول الله نزلت آية التطهير([6]) وإليک نصُّ حديث الواقعة کما ينقلها الرواة :

لقد أخرج الطبري بإسناده عن حُكيم بن سعد، قال: «ذكرنا عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه عند أمّ سلمة رضي الله عنها فقالت: في بيتي نزلت آية «إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً»([7]).فقالت أمّ سلمة: جاء رسول الله صلي الله عليه (و آله) إلي بيتي فقال: «لا تأذني لأحدٍ»، فجاءت فاطمة رضي الله عنه فلم أستطع أن أحجبها عن أبيها، ثم جاء الحسن رضي الله عنه فلم أستطع أن أمنعه أن يدخل علی جدّه واُمّه، ثمّ جاء الحسين فلم أستطع أن أحجبه عن جدّه واُمّه، ثمّ جاء عليّ رضي الله عنه فلم أستطع أن أحجبه، فاجتمعوا، فجلّلهم رسول الله بكساء كان عليه ثم قال(ص): «هؤلاء أهل بيتي فأذهب عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً»، فنزلت هذه الآية حين اجتمعوا علی البساط.

قالت (اُم سلمة): فقلت: يا رسول الله وأنا؟

قالت: فوالله ما أنعم، وقال: «إنّك إلی خير»([8])..

وجاء في روايات متعددة أنَّ رسول اللّه (ص) بعد نزول آية التطهير والآية الكريمة: «وَ أْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَوة وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا» ([9])، كان يمرّ على بيت فاطمة (س) تسعة أشهر ـ على بعض الروايات ـ كلما خرج إلى صلاة الفجر، ويقول: «الصلاةَ يا أهل البيت، إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً »، فقد أورد السيوطي مسنداً عن ابن عباس قال: «شهدت رسول الله صلي الله عليه (و آله) و سلم تسعة أشهر يأتي في كلّ يوم باب عليّ بن أبي طالب عند وقت كلّ صلاة فيقول:«السلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت، إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً.الصلاة رحمكم الله» في كل يوم خمس مرات»([10]).  هذا وقد استفاضت الروايات الحاكية لفعل النبي (ص) ولا يمكننا استيعابها في هذا المختصر([11]).

وما حديث الكساء ومواظبة الرسول (ص) على الوقوف على باب علي و فاطمة عليهما السلام، شهوراً عديدة ومناداته (ص) لهم عند الفجر، يدعوهم إلى الصلاة، ويسمّيهم أهل البيت، أمام مرأی ومسمع المسلمين وأثناء اجتماعهم لأداء صلوات الجماعة إلاّ ليعّرفهم بشخصيات أهل البيت (ع) ويفسّر للمسلمين آية التطهير، لكي لا يشتبه عليهم أن الآية تشمل الآخرين، أو تشمل نساء النبي (ص) بحسب السياق الموجود فيها، كما استدل بذلك بعض علماء أهل السنة، وإن كانت الآية واضحة الدلالة معنى ولفظاً على أن المراد بأهل البيت(ع) هم فاطمة وأبوها وبعلها وبنوها(ع)، لأنَّ الآية إنّما تدلّ على الطهارة المطلقة والعصمة من الذنوب، وليس في المسلمين من يشهد لـه التاريخ بالطهارة المطلقة والعصمة من الذنوب والآثام بعد الأنبياء والمرسلين سوى أهل البيت(ع) بهذا المعنى والمصاديق.وقد أقرّت عائشة وسائر نساء النبي(ص) كما اعترف الكثير من الصحابة بهذه الحقيقة، ونقلها الكثير من الرواة والمحدثين و المفسرين.

 لقد أجهد النّبيّ(ص) نفسه ليبين معاني آية التطهير للمسلمين، فبيّن حدودها وشخّص مصاديقها بأساليب في غاية الوضوح، نظراً إلی مكانة أهل البيت(ع) المستقبلية في حفظ الرسالة، واعتصام الأمّة بهم. ولكي لا يبقی لأحد عذر بدعوی عدم معرفتهم، وكي يقطع الطريق أمام المغرضين والطامعين. ولکن  وفي مقابل هذا التأكيد النبوي وتحديده لمصاديق أهل البيت(ع) ، واعتراف نساء النبي وأصحابه بهذه الحقيقة تجد بعض المتطرفين أمثال «عكرمة» يقف مواجهاً لرسول الله (ص) وجهوده في تعيين أهل البيت (ع) فتراه يسير في الطرقات والأسواق وينادي: «مَن شاء باهلته أنّها نزلت في أزواج النّبيّ صلي الله عليه (و آله) و سلم »([12]). ، وكان يقول أيضاً: «ليس بالذي تذهبون إليه، إنّما هو نساء النّبيّ صلي الله عليه (و آله) و سلم»([13]) ، وحينما يبرز لنا دليله فنجده اجتهاداً في مقابل النصوص المتضافرة فيقول: «أراد أزواج النّبيّ صلي الله عليه (و آله) و سلم لأنّ أول الآية متوجه إليهنّ»([14]). وقد تأثّر برأی عكرمة مَن تأثر، وكان منهم الألباني([15]).

وبطلان هذا الكلام والإستدلال بسياق الآية ظاهر لايخفی علی باحث في العلم ، فالآية لم تكن بحسب النزول جزءاً من آيات نساء النّبيّ (ص) ولا متّصلة بها وإنما وضعت بينها لمصلحةٍ، صاحب الشريعة أعرف بها، وعليه فلا موضوع للسياق حتي يمكن التمسّك به، وأيضاً إنّ الأصل في كلمة أهل حقيقة: هم أهل الرجل: عشيرته وذوو قرباه ومن المجاز الأهل للرجل زوجته ويدخل فيه الأولاد([16]).ويعضده رواية زيد بن أرقم في صحيح مسلم حينما سئل عن أهل البيت «قالوا: يا زيد أنساؤه من أهل بيته؟ قال: لا وأيمُ الله إنّ المرأة تعيش العصر من الدهر ثمّ يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصلُهُ، وعصبتُهُ الذين حُرموا الصدقة بعده»([17]) .

النّبي (ص) ينصّ علي عدد أهل البيت(ع)

لاريب أنَّ شأن نزول آية التطهير أصحاب الكساء الخمس إلاّ أنَّ الآية تشمل سائر الأئمة الاثني عشر(ع)  من أهل البيت أيضاً ،حيث أنهم کانوا من الذين أذهب الله عنهم الرجس بشهادة التاريخ، وکذلک بدليل الروايات المنقولة عن النبي(ص) حيث نصَّ علی عددهم. لقد أخرج مسلم في صحيحه بإسناده عن جابر بن سمرة، قال: دخلت مع أبي علی النّبيّ صلی الله عليه (و آله) و سلم فسمعته يقول:«إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتّی يمضي فيهم إثنا عشر خليفة» قال: ثمّ تكلّم بكلام خفي عَلَيَّ، قال: فقلت لأبي: ما قال؟ قال: قال(ص): «كلّهم من قريش» ([18]). وهذه الرواية وغيرها من روايات قد تضمّنت الإشارة إلي عدد خلفائه(ص)، وكونهم من قريش، أو من بني هاشم  وعددهم لا يتجاوز الإثني عشر ولاينقص منه ([19])، وهکذا مقتضی تشبيههم بعدد نقباء بني إسرائيل وهم إثنا عشر أنّ هؤلاء الخلفاء معيّنون بالنصّ كما دلّت عليه رواية ابن مسعود ([20])، فهذا التشخيص وهذا التصديق لا يلتئم إلاّ مع مبنی الشيعة الإمامية الإثني عشرية في عدد الأئمّة وبقائهم وكونهم من المنصوص عليهم من قبل النّبيّ (ص) وبهم يحفظ الدين إلی يوم القيامة. وبحسب القول بالوصية والنص في خلافة هذا العدد وبحسب الأدلة العقلية والنقلية والقرائن والشواهد التاريخية فإنَّ  حديث أن الأئمة اثنا عشر وأنهم كلهم من قريش، لا ينطبق على الخلفاء الراشدين، ولا على خلفاء بني اُمية، ولا على خلفاء بني العباس .

هذا وقد وردت من طرق الشيعة أحاديث عديدة عن النبي (ص) تبين منزلة أهل البيت(ع) و عددهم نکتفي بذکر بواحدة منها فعن الإمام الصادق (ع) عن آبائه (ع): قال رسول اللّه (ص): «إنّي مخلّف فيكم الثقلين ما إن تمسكتم بهما لن تضلوا بعدي: كتاب اللّه، وعترتي أهل بيتي، فإنّهما لن يفترقا حتّى يردا علیّ الحوض. فقام إليه جابر بن عبد اللّه الأنصاري وقال: يا رسول اللّه من عترتك؟ قال: علي والحسن والحسين والأئمة من ولد الحسين إلى يوم القيامة».([21])

وحيث وصل البحث بنا حول أهل البيت(ع) إلی حديث الثقلين فلابدَّ من الوقوف عليه لشرحه ولو بالإجمال لعرض مفهومه ودلالاته علی خصوصيات أهل البيت(ع)، وإثبات مرجعيتهم العلمية والدينية والسياسية علی ضوء هذا الحديث الشريف:

أهل البيت (ع)في حديث الثقلين

لقد ورد حديث الثّقلين أوحديث (التمسّك) عن رسول الله (ص) في مصادر كثيرة من كتب علماء الفريقين الشيعة والسُّنة، وبنصوص مختلفة، ولكن بمعانٍ متقاربة، وبمضمون واحد، وعلی رغم الاختلاف في نقل ألفاظ الحديث،  بقي المعنی محفوظاً فيها، وإليك  بعضاً من هذه النّصوص: أخرج الإمام أحمد بن حنبل في مسنده عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلي الله عليه (و آله) و سلم :«إنّي أُوشك أنْ أُدْعی فأُجيب وإنّي قد تركت فيكم ما إنْ تمسّكتُم به لَن تضلوا: الثَّقَلَين أحدُهما أكبر من الآخر، أمّا الأكبر كتاب الله حبلُ ممدود من السماء إلی الأرض، وعترتي أهل بيتي، ألا إنّهما لن يفترقا حتّي يردا عَلَيَّ الحوض» ([22]).وأخرجه مسلم عن زيد بن أرقم وألفاظه قريبة ممَّا أخرجه أحمد بن حنبل وفيه زيادة وهي: فقلنا: من أهل بيته؟ نساؤهُ؟ قال (ص) : «لا وَايْمُ الله إنّ المرأة تكونُ مع الرّجل العَصْرَ مِن الدّهر، ثُمّ يطلّقُها فترجعُ إلي أبيها وقومها، أهل بيته أصلُهُ، وعَصَبَتُهُ الذين حُرِمُوا الصّدَقَة بَعْدَه» ([23]).

وأخرجه الطبراني عن زيد بن أرقم أنَّه قال : قال رسول الله صلي الله عليه (و آله) و سلم :  «إنّي لَكُمُ فَرطٌ([24]) وَإِنَكُم وَارِدُونَ عَلَيَّ الحوضَ عرضُهُ ما بَيْنَ صَنْعاءَ إِلي بُصري،([25])  فِيه عَدَدُ الكواكِبِ مِنْ قِدْحانِ الذَّهَبِ وَالفِضَّة، فَانْظُرُوا كَيْفَ تُخْلّفُوني فِي الثَّقَلَيْن». فقام رجل فقال: يا رسول الله وما الثَّقلان؟ فقال رسول الله صلي الله عليه (و آله) و سلم :«الأكْبَرُ كِتَابُ الله، سَبَبُ طَرَفُهُ بِيَدِ الله، وَطَرَفُهُ بِأيْدِيكم فَتَمَسَّكُوا بِهِ، لَنْ تَزَالُوا ولا تَضِلُّوا، وَالأصْغَرُ عِتْرَتِي وَإِنَّهُمْ لَنْ يَفْتَرقَا حَتّي يَرِدَا عَلَيَّ الحَوْضَ، وَسألْتُ لَهُمَا ذَلكَ من رَبِّي فَلا تَقدمُوهُمَا فَتَهْلَكُوا، وَلاَ تُعَلِّمُوهُمَا فإنَّهُما أَعْلَمُ مِنْكُم» ([26]).

والملاحظ في هذه الروايات إختلاف الألفاظ مع تقاربها في المضمون، و قد ذكروا أكثرمن مئتي نصٍّ لهذا الحديث في کتب الأحاديث والسيرة والتاريخ وهذه الكثرة لروايته ورواته، هو دليل علی أهمية هذا الحديث سنداً ودلالة، ومايهمُّنا في البحث والمقام هو معرفة دلالات هذا الحديث الشريف، والأهداف المنشودة منه، للوقوف علی حقيقة معرفة أهل البيت(ع) من خلال هذا الحديث النبوي، وهذا ما سيتمّ توضيحه:

مفهوم حديث الثقلين ومدلولاته

عند التّعرّف علی ظروف صدور حديث الثقلين عن النبي(ص)  زماناً ومكاناً،  کيوم عرفة، وفي حَجّة الوداع وفي المدينة المنوّرة، وفي حجرة بيته أيّام مرضه الذي توفّي فيه، ومناسباته المتعدّدة الاُخری نستكشف بشكل جليّ شدّة إهتمام النّبيّ (ص) لمحتوی هذا الحديث، وما كان يحرص عليه من تذكير الاُمّة به إلی درجة جعلته يكرِّره في مواطن عديدة وبألفاظ قريبة، فهذا إنْ دلَّ علی شيء فإنَّما يدّل علي الدَّرجة القصوی من العناية النَّبويّة لمضمون الحديث، والإهتمام البالغ منه (ص) بأمّته لحفظها من الضَّياع وصونها عن الانحراف والضّلال، لضمان سلامة دينها، ومنهجها الفكري والسياسي.

 ويستفاد من حديث الثقلين أُمور مهمَّة لو اهتمّت بها الأُمّة لاجتمعت على مائدة أهل البيت واستغنت عن غيرهم، وفي ما يلي نستخلص أهمِّ المعاني والمدلولات التالية من هذا الحديث الشريف لنستخرج منه بعض خصوصيات وحقوق أهل البيت (ع) لنتعرف علی مکانتهم في الإسلام:

المدلول الأول: الثَّقَلَان هما أعظم ما تركه النّبيّ (ص) لاُمّته:

 إنّ النّبيّ (ص) قد استخدم مصطلح (الثَّقَل) ([27]) ليعبّر عن خطر شأنهما وجلالة قدرهما، وشرف منزلتهما عنده وعند الله تعالی،  قال ابن حجر ما نصّه :«وسمّاهما ثِقلَين: إعظاماً لقدرهما، إذْ يقال لكلّ خطير شريف ثقلاً، أو لأنّ العمل بما أوجب الله من حقوقهما ثقيل جدّاً، ومن قوله تعالي:«إِنّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلاً ثَقِيلاً» ([28]). أي: له وزن وقدر،....»([29]).  وقال الزُبيدي: «والثَّقَل: متاع المسافر وحَشَمُه والجمع أثقال، وكلّ شيء خطير نفيس مصونٍ له قَدْرٌ و وزنٌ ثقل عند العرب»([30]). وقال محمد بن أبي بكر الرازي: «العرب تُسمي كلّ خطير نفيسٍ ثِقلاً، ومنه سَمّي رسول الله صلي الله عليه ( و آله) و سلم كتاب الله وعترته: الثِقلَين، وقيل: إنما سَمّاهما ثِقلين؛ لأنّ اتّباعهما ثقيل»([31]).

وعلی ضوء هذه التعاريف والفهم للحديث نعلم أنّ الثَّقَلَين هما أعظم ما تركه النّبيّ (ص) لاُمّته، فلابدَّ من الأخذ بتعاليمهما والتمسّك بحبلهما.

المدلول الثاني لحديث الثَّقلين: صيانة القرآن الكريم من كلّ تحريف:

 بما أنّ علماء الفريقين قد اتّفقا على صحّة حديث الثّقلين وقطعيّة صدوره عن النّبيّ صلی الله عليه و آله، وهذا بالضرورة يقتضي إيمانهم واتفاقهم على صيانة القرآن الكريم من كلّ تحريف والإذعان لمرجعيته الكاملة، بلحاظ أنّ وصيّة النّبيّ (ص) لأمّته بالتمسّك بالقرآن وأهل البيت(ع) تقتضي بقاء القرآن كاملاً ومحفوظاً ومصاناً عن كل تحريف، وكذا مَن يمثّل أهل البيت(ع)، حتّى تتحقق الهداية بالتمسّك بهما، وهو إخبار منه (ص) بصيانة القرآن إلى يوم القيامة كذلك، وإلاّ لما أصبح كتاب هداية، وعليه فإقرار الفريقين بحديث الثّقلين قاضٍ بالإذعان والإيمان بصيانة القرآن عن كل تحريف. وعليه فلا داعي لنسبة القول بتحريف القرآن إلى الشيعة أو إلى السّنّة، وبه يتمُّ قطع ألسنة الاتّهام مطلقاً.

المدلول الثالث لحديث الثَّقلين : عصمة أهل البيت (ع):

 لقد قَرَنَ النّبيّ (ص) بين أهل بيته(ع) والقرآن العظيم، ولم يفصل بينهما، وأمر بالتمسّك بهما معاً دون أحدهما، وكشف عن كونهما «ثَقَلَين» ، وأخبر عن عدم افتراقهما إلي يوم القيامة، فهذا إنْ دلّ علی شيء فإنّما يدلّ علی عصمة أهل البيت (ع) وذلك التزاماً بالاُمور التالية :

الأمر الأول : لا ريب في أنّ القرآن الكريم مصون عن التحريف و عن کلِّ باطل ، وقد أشار القرآن إليه: «إِنّا نَحْنُ نَزّلْنَا الذّكْرَ وَإِنّا لَهُ لَحَافِظُونَ» ([32]). «وَإِنّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ، لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ» ([33]). والأمر بالاقتران بينهما يستلزم بالدلالة الإلتزامية عصمة أهل البيت (ع) وإلاّ لما صحّ الاقتران بينهما، والأمر بالتمسّك بهما، والإخبار بعدم افتراقهما إلی يوم القيامة.

الأمرالثاني: أنّ النّبيّ (ص) قد اعتبر التمسّك بهما عاصماً للأمّة عن الضلالة والانحراف كاشفاً ذلك عن إخبار الله تعالي له بقوله (ص) «ولقد نبأني اللّطيف الخبير أنّهما لن يفترقا حتّی يردا عَلَيَّ الحوض»، كما أنّ مقتضی ما تفيده أداة (لن) هو التأبيد، بمعنی عدم افتراقهما عن منهج الحق إلی يوم القيامة، وهذا ما يفيد حقيقة العصمة عن كلّ باطل.، وإلاّ لما صح الاقتران بينهما والأمر بالتمسّك بهما معاً.

الأمرالثالث : أنّ القول بعدم عصمة أهل البيت(ع) يستلزم تكذيب النّبيّ(ص) فيما أخبر عنه عن الله تعالی، ومن المعلوم أنّ عصمة النّبيّ (ص) في التبليغ والإخبار عن الله تعالی وبيان الأحكام هو مورد اتفاق بين المسلمين جميعاً، وذلك لأنّ القول بعدم عصمتهم تجويز لافتراقهم عن الكتاب، وهو مخالف لما أخبر به النّبيّ (ص) مراراً وتكراراً .

وإذا كان الفخر الرازي قد آمن في تفسيره([34]) بعصمة أهل الحلّ والعقد من الاُمة فمن الأولى أن نؤمن بعصمة أهل البيت(ع) الذين خصّهم الله بمزية الحد الأعلى من التطهير في قوله تعالى: «إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيرا» ([35]). ومن كلّ ما تقدّم من مفهوم حديث الثقلين وإستناداً إلی آية التطهير يتجلّي القول بثبوت العصمة لأهل البيت (ع) بدليل قاطع.

المدلول الرابع لحديث الثَّقلين:  ضرورة التمسُّک بالثقلين معاً:

وممَّا جاء في حديث الثقلين : «إنّي تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تَضِلُّوا: كتاب الله وعترتي أهل بيتي»([36]). وإنّ هذه الفقرة من الحديث الشريف إنّ دلّت علی شيء فإنّما تدلّ علی نجاة المتّبعين للثّقلين، إذْ التمسّك هو الاعتصام، والاعتصام هو اللجوء، واللجوء هو النجاة. قال الطيبي: «وإمساك الشيء التعلّق به وحفظه، قال الله تعالی: «وَيُمْسِكُ السّماءَ أَن تَقَعَ عَلَي الأَرْضِ» ([37]).،...ومعنی التمسّك بالقرآن العمل بما فيه، وهو الإئتمار بأوامره، والإنتهاء عن نواهيه، والتمسّك بالعترة محبّتهم والاهتداء بهديهم وسيرتهم»([38]). وقد أشار التفتازاني إلی ما يقرب من هذا المعني بعد نقله حديث الثّقلين حسب رواية مسلم، فقال ما نصّه: «نعم لاتّصافهم بالعلم والتقوي، مع شرف النسب، ألا تري أنه صلي الله عليه (و آله) و سلم قرنهم بكتاب الله تعالی في كون التمسّك بهما منقذاً من الضلالة، ولا معني بالتمسّك بالكتاب إلاّ الأخذ بما فيه من العلم والهداية فكذا في العترة»([39]).

المدلول الخامس لحديث الثَّقلين : بقاء عَلَمٍ من أعلام أهل البيت(ع) في کلِّ عصر:

 إنّ الأمر النّبوي بوجوب إتّباع الثَّقلين مطلقاً، والإخبار عن عدم افتراقهما إلی يوم القيامة، دليل علی بقاء أهل البيت (ع) إلی يوم القيامة، بمعني توفّر عَلَمٍ من أعلامهم علی طول الزمان إلی يوم القيامة، فالالتزام بأقوالهم وأفعالهم، يمثّل الالتزام الكامل بما أمر به النّبيّ (ص) وبالتالي هو أمر الله تعالی، هذا من جهة، ومن جهة أخری، فإنّ النّبيّ (ص) قد قرنهم بالكتاب العزيز، وعليه فكما أن الكتاب هو الحجة البالغة لله تعالي علی خلقه، فكذلك أهل البيت(ع)، وفي مقابل هذا فإنّ اتّباع غيرهم بما يخالفهم لا يكون كذلك، لأنّه ربّما يوقعهم في الخطأ أو الزيغ. وقد أشار إلی المعنی المذكور ابن حجر ما نصّه :«وفي أحاديث الحثّ علی التمسّك بأهل البيت إشارة إلي عدم انقطاع متأهل منهم للتمسّك به إلی يوم القيامة كما أنّ الكتاب العزيز كذلك، ولهذا كانوا أماناً لأهل الأرض... »([40]).

إذن إضافة علی الروايات الخاصَّة بلزوم وجود خليفة لله وحجَّته في الأرض دائماً وأنَّ الأرض لا تخلو من الحجَّة ولو خلت لساخت بأهلها کما ورد هذا المعنی في عدَّة أحاديث ينقلها علماء الفريقين الشيعة والسُّنة، فإنَّ حديث الثقلين أيضاً يثبت تواجد خليفة الله وحجَّته في هذا العصر وهو صاحب العصر والزمان الحجَّة بن الحسن العسکري المهدي الموعود الذي به ثبتت الأرض والسَّماء وبه رزق الوری.

المدلول السادس لحديث الثَّقلين : لا يُقاس بآل محمّد (ع) من هذه الأمّة أحد:

إنّ أمر النّبيّ (ص) بلزوم اتّباع أهل بيته(ع)، والتمسّك بهم، والاعتصام بنهجهم، يدلّ بالدلالة الإلتزامية علی عدم بلوغ درجتهم أحد من الأمّة، وإلاّ لوجب علی النّبيّ (ص) الإشارة إليه. ولأخبر(ص) عن صحّة ذلك الاتّباع أيضاً، هذا وقد صرَّح رسول الله (ص) بقوله : «نحن أهل بيتٍ لا يقاس بنا أ حد»([41]). كما أنّ البيان البليغ الصادر عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (ع) يعزّز المنهج النّبويّ المذكور، فقال (ع) :«لَا يُقَاسُ بِآلِ مُحَمَّدٍ (ص) مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَحَدٌ وَ لَا يُسَوَّى بِهِمْ مَنْ جَرَتْ نِعْمَتُهُمْ عَلَيْهِ أَبَداً هُمْ أَسَاسُ الدِّينِ وَ عِمَادُ الْيَقِينِ إِلَيْهِمْ يَفِي‏ءُ الْغَالِي وَ بِهِمْ يُلْحَقُ التَّالِي وَ لَهُمْ خَصَائِصُ حَقِّ الْوِلَايَةِ وَ فِيهِمُ الْوَصِيَّةُ وَ الْوِرَاثَة...» ([42])

المدلول السابع لحديث الثَّقلين: إتِّباع الثقلين إختبار للامة:

إنَّ قول رسول الله (ص): « ...فانظروا بما تَخْلُفوني فيهما» ([43]). إخبار منه (ص) بأنّ الأمّة ستُختَبر في ولائها ومحّبتها واتّباعها لأهل البيت(ع) ، وهذا ما ينتظره رسول الله (ص) من أمَّته في الدنيا، لينالوا أجورهم في الآخرة، ولكي تفي الأمّة بتعهّداتها اتّجاه النّبيّ (ص) من جهة، ومن جهة أخری، لكي لا تُحلّأ عن الحوض في غدٍ، لا مجال إلاّ باتّباع الثّقلين.

المدلول الثامن لحديث الثَّقلين :أفضلية أهل البيت(ع):

إنَّ إقتران أهل البيت(ع) بالقرآن في حديث الثقلين وإثبات عصمتهم من الذنوب والنص والوصية عليهم بالولاية والخلافة وغيرها من الخصائص والفضائل التي يمکن أن نستخرجها من حديث الثقلين، وقد أثبتها علماء الشيعة في تراثهم الكلامي قديماً وحديثاً، إستناداً الى العديد من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية المدوّنة في المصادر السنّية والشيعية معاً، کلُّ هذه تدلُّ بوضوح علی أفضلية أهل البيت(ع)علی سائر المسلمين حتَّی علی أقرب صحابة رسول الله(ص). وإنَّ تاريخ حياتهم الإجتماعي والسياسي والعلمي هو خير شاهد على ذلک .

المدلول التاسع لحديث الثَّقلين : المرجعية العلمية لأهل البيت(ع):

وممَّا جاء في بعض ألفاظ حديث الثقلين «... ولا تعلّموهم، فإنَّهم أعلم منكم»([44]).. وإنّ هذا النّصّ النّبويّ يثبت بشكل قاطع كون أهل البيت (ع) هم أعلم الأمّة بعد رسول الله (ص)، ولهم المرجعية العلمية من دون منازع مطلقاً.  هذا من جهة، ومن جهة أُخری، لقد قرنهم النّبيّ (ص) مع القرآن، والقرآن أعلم من كلّ أحد، قال تعالی: «وَنَزّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْ‏ءٍ وَهُدیً وَرَحْمَةً وَبُشْرَی‏ لِلْمُسْلِمِينَ» ([45]).، وهذا يعني أنّ جميع المراحل العلمية، والمعرفية، بل الكمالية للقرآن الكريم يقتضي أن تتوفر لأهل البيت (ع) وإلاّ لافترقا، لأنّه إذا لم تكن لأهل البيت (ع) كلّ تلك المعارف فسوف يفترقا بالضرورة، والحال أنّ الصادق الأمين صلي الله عليه و آله أخبرنا بأنّهما: « لن يفترقا »، وهذا مقتضاه تطابق وتكامل الكمالات المعرفية المطلقة لهم، كما هي متحقّقة للقرآن الكريم. ويقتضي هذا  كون أهل البيت (ع) هم أعلم الاُمّة بعد نبيّها، فلابدّ للاُمّة من الرجوع إليهم في أمور الدين والدنيا، وعلی الاُمّة أن تتعلّم منهم وتأخذ عنهم، فهم المنهل العذب والينبوع الصافي للعلم والمعرفة. كما أنّ ابن حجر قد فهم من النّصّ النّبويّ المذكور كونهم أعلم الأمّة بعد نبيّها من دون معارض، فلذا قال ما نصّه: «... ولا تعلّموهم فإنّهم أعلم منكم»: دليل علی أنّ من تأهل منهم للمراتب العَلية، والوظائف الدينية، كان مقدّماً علی غيره، ....» ([46]).

هذا وإنَّ أهل البيت (ع) قد أخذوا علومهم عن رسول اللَّه (ص) كما أخذها رسول اللَّه (ص) عن جبرئيل، عَنْ جَابِرٍ قَالَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ (ع):« يَا جَابِرُ وَ اللَّهِ لَوْ كُنَّا نُحَدِّثُ النَّاسَ أَوْ حَدَّثْنَاهُمْ بِرَأْيِنَا لَكُنَّا مِنَ الْهَالِكِينَ وَ لَكِنَّا نُحَدِّثُهُمْ بِآثَارٍ عِنْدَنَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ (ص) يَتَوَارَثُهَا كَابِرٌ عَنْ كَابِرٍ نَكْنِزُهَا كَمَا يَكْنِزُ هَؤُلَاءِ ذَهَبَهُمْ وَ فِضَّتَهُمْ » ([47])  .أوأنَّ الأئمة (ع) حصلو علی تلک العلوم بإلهام من الله لأنّهم محدَّثون، كما أنّ مريم كانت محدَّثة([48]).

المدلول العاشر لحديث الثَّقلين : المرجعية السياسية لأهل البيت(ع):

من خلال الدلائل المتقدّمة للنصوص النّبويّة المتعلّقة بحديث الثقلين، يمكننا الاستدلال علی مرجعية أهل البيت(ع) السياسية، أيضاً، وذلك بالبيان التالي: إنّ النّبيّ (ص)  قد أصرّ علی تكرارحديث الثقلين في مناسبات متعدّدة، وفي حشد من جموع المسلمين، في أرض عرفات، وفي الطائف، وفي منی، ... إلی آخر فرصة من حياته الشريفة، وفي مرضه الذي توفّي فيه، وقد أفاد أنّه سيرتحل عمّا قريب عن هذه الدنيا، فعليه أنْ يوصي أمّته المهدّدة بالأخطار من حولها، يوصيها بما يحفظ كيانها ووحدتها ويديم رشدها وهدايتها، ويوصي الأجيال القادمة لكونه النّبيّ الخاتم، وبارتحاله سينقطع الوحي عن الدنيا، فلا مجال له أن يترك أُمّته سدي، وحاشاه عن هذا الفعل العبثي الذي لا يليق بأبسط إنسان، فكيف به وهو الحريص علی أُمّته، والرؤوف بها؟ وإنّ هذا الحث المكثّف من النّبيّ (ص)، وهذا التأكيد، والتعبير البليغ علی التمسّك بهم، وحفظهم واحترامهم، يدلّ علی أنّ أهل البيت(ع) يقومون مقامه (ص) بعد رحلته ويسدّون خلّته. وكأنّي بهم يسألونه: يا رسول الله من سيخلفك في اُمّتك وقد أشرفت علی الرحيل؟ فإذا به (ص) يقول لهم: « إنّي مخلّف فيكم الثَّقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي...»، فها هو (ص) يجيبهم علي تساؤلهم، ويأمرهم بالتمسّك بهما كي يفلحوا ولا يضلّوا من بعده أبداً ([49]).

أهل البيت(ع) وحديث السفينة

ويعضد حديث الثقلين في إثبات خصوصيات أهل البيت وحقانيتهم ومرجعيتهم الدينية والسياسية أحاديث اُخری لا مجال للبحث عنها في هذا المختصر ونکتفي بحديث السفينة لزيادة معرفة بمکانة أهل البيت (ع) بين المسلمين خاصة شيعتهم و أتباعهم.

 إنّ النبي الأكرم(ص) قد شبّه أهل بيته(ع) بسفينة نوح ويقول: «ألا إنّ مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح، من ركبها نجا، ومن تخلّف عنها غرق».([50])  وفي تشبيه آخر يقول: « إنّما مثل أهل بيتي فيكم مثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله غفر له».([51])  وفي حديث ثالث: «النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق، وأهل بيتي أمان لأُمّتي من الاختلاف، فإذا خالفتها قبيلة من العرب اختلفوا فصاروا حزب إبليس»([52]). والمراد من تشبيههم (ع) بسفينة نوح: أنّ من لجأ إليهم في الدين فأخذ فروعه وأُصوله عن أئمّتهم الميامين نجا من عذاب اللّه تعالی، ومن تخلّف عنهم كمن أوى يوم الطوفان إلى جبل ليعصمه من أمر اللّه غير أنّ ذاك غرق في الماء، وهذا يغرق في الحميم.

ثمّ إنّ ابن حجر قد أوضح حقيقة التشبيه في كلامه وقال: «ووجه تشبيههم بالسفينة أنّ من أحبّهم وعظّمهم شكراً لنعمة مشرّفهم، وأخذ بهدي علمائهم نجا من ظلمة المخالفات، ومن تخلّف عن ذلك غرق في بحر كفر النعيم، - إلى أن قال:- وبباب حطة- يعني ووجه تشبيههم بباب حطة- انّ اللّه جعل دخول ذلك الباب الّذي هو باب أريحا أو بيت المقدس مع‏ التواضع والاستغفار سبباً للمغفرة، وجعل لهذه الأُمّة مودّة أهل البيت سبباً لها» ([53]) .

وقد علّق الإمام شرف الدين على كلام ابن حجر وقال: قل لي لماذا لم يؤخذ بهدي أئمّتهم في شي‏ء من فروع الدين و عقائده، ولا شي‏ء من أُصول الفقه وقواعده، ولا شي‏ء من علوم السنّة والكتاب، ولا في شي‏ء من الأخلاق والسلوك والآداب، فلماذا تخلّف عنهم فأغرق نفسه في بحار كفر النعم؟!([54])

نعم هكذا يتحدث القرآن والنبي (ص) عن أهل البيت (ع) بحيث يحددان شخصياتهم، الطاهرة المعصومة، ليتضح للمسلمين مقامهم ومكانتهم في الإسلام، ليُتخذوا قدوة وقادة للأمة، بعد رسول اللّه (ص) في جميع المجالات.

هذا و لكي نحقق معرفة أهل بيت النبي (ع) ويكون لهذه المعرفة مصداق في الخارج لابدَّ من الولاء لهم بشتی انواعه من الولاء العاطفي وهومحبتهم ومودتهم و الولاء العقائدي وهو أن يأخذ المسلم اصول دينه وفروعه منهم و الولاء بالعمل والطاعة لهم وسلوك منهجهم.

الشيعة ومودة أهل البيت (ع)

إنَّ مودة أهل البيت هو أساس الإيمان، وقد فرض اللّه تلك المودة في كتابه، وجعلها أجراً لرسالة النبي (ص) على أمته، فقال: «قُل لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدَّة في الْقُرْبَى» ([55]) وقد أجمع علماء المسلمين أن المراد بالقربى في الآية الكريمة، أهل بيت النبي (ص) وهم فاطمة (س) وعلي و أولادهما الأئمة الإثنا عشر (ع)، فمحبتهم ومودتهم والإحسان إليهم والبّر بهم وإلي ذراريهم هو فرض وحق من حقوقهم على جميع المسلمين، وقد أكَّدت روايات الفريقين على ذلك، منها قول رسول اللّه (ص): «أساس الإسلام حبي وحبّ أهل بيتي»([56]).وقال (ص): «أول ما يسأل عنه العبد حبنّا أهل البيت (ع)»([57]).وقال (ص): «من مات على حب آل محمد مات شهيداً»([58]).وقال (ص): «أدّبوا أولادكم على حبي وحبّ أهل بيتي والقرآن»([59]).وقال (ص): «من رزقه الله حب الأئمة من أهل بيتي فقد أصاب خير الدنيا والآخرة» ([60]).

وكل ما ورد من آيات وأحاديث في لزوم محبة أهل البيت (ع) لا يعني الارتباط و الولاء العاطفي والحب القلبي فقط، وإن كان هذا حسناً ويؤجر ويثاب عليه الإنسان إلاّ أن الهدف والغاية الأصلية من الدعوة إلى مودة القربى، والتأكيد على محبتهم (ع) من قبل الرّسول (ص) هو معرفة قدرهم ومنزلتهم ثم الإقتداء بهم في كل الأمور ، والسير على منهجهم، والالتزام بمدرستهم ومذهبهم ، كما قال تبارك وتعالى: «قل إن كنتم تحبون اللّه فاتبعوني يحببكم اللّه» ([61]).

ومن المسلَّم انَّه لا تنال ولاية أهل البيت(ع) إلاَّ بالعمل الصالح والورع عن المحرَّمات، ويؤيد ذلك ما ورد عن الإمام الرضا(ع) أنه قال:«لا تدعوا العمل الصالح والاجتهاد في العبادة اتِّكالاً على حبِّ آل محمد(ص) ولا تدعوا حبّ آل محمد والتسليم لأمرهم اتكالاً على العبادة فإنَّه لا يقبل أحدهما دون الآخر... الخ»([62])

وإذا جمع العبد المؤمن بين حبِّ آل محمد(ص) وبين العمل الصالح فهو الناجي، بل هو الذي تكون له الدرجات العالية والمقامات السامية عندالله ورسوله وأهل بيته، ويكون محبوباً عند أئمته فحينئذٍ يغتمّون لغمّه ويفرحون لفرحه كمافي قول إمامنا أبی الحسن الرضا(ع) في حديث له:«من عادی شيعتنا فقد عادانا، ومن والاهم فقد والانا، لأنَّهم منَّا، خلقوا من طينتنا، ومَن أحبَّهم فهو منَّا، ومَن أبغضهم فليس منَّا، شيعتنا ينظرون بنورالله، ...، ما من أحد من شيعتنا يمرض إلا مرضنا لمرضه، ولا اغتمَّ إلا اغتممنا لغمه، ولا يفرح إلا فرحنا،...»([63]).

الشيعة وإطاعة أهل البيت (ع)

وهذا الجانب الذي يمثِّل الولاء العملي  لأهل البيت (ع)،وقد فرض اللّه طاعته وطاعة النبي (ص) وأهل بيته (ع) في آيات عديدة منها قوله تعالى: «أَطِيعُواْ اللَّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلي الْأَمْر ِمِنكُمْ»،([64]) فلقد قرن اللّه طاعة أولي الأمر، وهم الأئمة من أهل البيت (ع) بطاعته وطاعة رسوله (ص)، وهذا ما يشعر بخلافتهم الحقة عن رسول اللّه (ص)، وعصمتهم المطلقة فمن الخطأ الكبير تأويل أولي الأمر وحملها على سائر أمراء المسلمين، لمخالفة الكثيرين منهم للّه تعالى ورسوله وانحرافهم عن الحق، قال الإمام الصادق (ع): «وصل اللّه طاعة ولي أمره بطاعة رسوله، وطاعة رسوله بطاعته، فمن ترك طاعة ولاة الأمر لم يطع اللّه ولا رسوله»([65]).

ويا تری أَيَكْتَفِي مَنِ انْتَحَلَ التَّشَيُّعَ أَنْ يَقُولَ بِحُبِّ أَهْلَ الْبَيْتِ؟ هذه شبهة في سياق سؤال ، كانت ولا تزال موجودة عند بعض منتحلي مذهب التشيع، وهي أنَّهم قد يكتفون بمجرد الإدعاء لحبِّ أهل البيت(ع)، وأنَّ ذلك الحب أو إدعاءُه يكفيهم في تحصيل النجاة، مع أنَّهم – في سيرتهم غالباً – مخالفون لأهل البيت(ع)، ومنشأ هذه الشبهة عندهم هو ما تواتر عن النبي الصادق الأمين(ص) وأهل بيته(ع)، في ما رواه الخاصة والعامة من البشائر العديدة لشيعة أهل البيت(ع) ومحبيهم وانَّهم هم الناجون لا غير، والواقع أنَّ تلك البشائر هي حقيقة ثابتة لا ينكرها إلا جاهل أو معاند، ولكن السئوال الذي يُطرح دائماً من هم شيعتهم الحقيقيون؟([66]) ويجيب الإمام الباقر(ع) عن هذا الاستفهام فيقول مقسماً بالله العظيم لتأكيد واقعية جوابه:« فَوَ اللَّهِ مَا شِيعَتُنَا إِلَّا مَنِ اتَّقَى اللَّهَ وَ أَطَاعَهُ وَ مَا كَانُوا يُعْرَفُونَ يَا جَابِرُ إِلَّا بِالتَّوَاضُعِ وَ التَّخَشُّعِ وَ الْأَمَانَةِ وَ كَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ وَ الصَّوْمِ وَ الصَّلَاةِ وَ الْبِرِّ بِالْوَالِدَيْنِ وَ التَّعَاهُدِ لِلْجِيرَانِ مِنَ الْفُقَرَاءِ وَ أَهْلِ الْمَسْكَنَةِ وَ الْغَارِمِينَ وَ الْأَيْتَامِ وَ صِدْقِ الْحَدِيثِ وَ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَ كَفِّ الْأَلْسُنِ عَنِ النَّاسِ إِلَّا مِنْ خَيْرٍ،...»([67])

 وأيضاً إنَّ الصلاة والسلام عليهم(ع) وإعطاء حقهم الخمس و زيارة قبورهم ونشر فضائلهم و ذكر مصائبهم، هوالذي يمثِّل الولاء العملي لهم، والذي سنتطرق إليه فيمايلي بإختصار:

ألصلاة علی النبي وأهل بيته (ع)

درج الناس على إجلال العظماء وتوقيرهم، تكريماً لهم وتقديراً لجهودهم ومساعيهم في سبيل أممهم، فلا غرابة أن تكون من حقوق النبي (ص) على أمته - وهو سيد الخلق وأشرفهم جميعاً- تعظيمه بالصلاة عليه، عند ذكر اسمه المبارك أو سماعه، وقد أفتى علماء الإمامية وبعض المذاهب الأخرى بوجوب الصلاة على محمد وآل محمد في تشهد الصلاة.

وقد صرحت الآية الكريمة عن بالغ تكريم اللّه تعالى وملائكته للنبي (ص) ثمَّ وجهت الآية الخطاب إلى المؤمنين بضرورة تعظيمه والصلاة عليه في قوله تعالى: «إِنَّ اللَّهَ وملائكته ويُصَلُّونَ عَلَى النبي يأَيُّهَا الَّذِينَ امنوا صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا ْتَسْلِيماً» ([68])، فالصلاة من اللّه عز وجل رحمة، ومن الملائكة تزكية، ومن الناس دعاء وأما قوله تعالى: «وسلموا تسليماً»، يعنى أطيعوه في كلِّ الأمور وسلموها إليه.

وجاءت نصوص النبي (ص) وأهل بيته (ع) توضح كيفية الصلاة عليه، والأجر والثواب المترتب على ذلك، فمن تلك النصوص قوله (ص):« لا تصلوا عليّ الصلاة البتراء فقالوا: وما الصلاة البتراء؟ قال: تقولون :اللهم صل على محمد، وتمسكون، بل قولوا: اللهم صل على محمد وآل محمد»، وفي روية أخرى قال (ص): «قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم، وعلى آل إبراهيم، إنّك حميد مجيد»([69]). وقال الإمام الصادق (ع): «من صلى على محمد وآل محمد عشراً صلى اللّه عليه وملائكته مئة مرة، ومن صلى على محمد وآل محمد مئة صلى اللّه عليه وملائكته ألفاً»([70]). وقال (ع): «كل دعاء يُدعى الله تعالى به، محجوب عن السماء حتى يصلی على محمد وآل محمد (ع)»  ([71]).

وقال الشافعي:

يا آل بيت رسول اللّه حبكم

 

فرض من اللّه في القرآن أنزله

كفاكم من عظيم القدر أنكم

 

من لم يُصلِّ عليكم لا صلاة له([72])

 

حق أهل البيت (ع) من الغنائم

قال تعالى: «وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شيءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ ووَلِلرَّسُولِ ولذي الْقُرْبَى واليتامى وَالْمَسَكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ» ([73])، ومفهوم الغنيمة عند أهل السنة مختص بغنائم الحرب، وعند الشيعة الإمامية عام يطلق على جميع الفوائد والأرباح، والبحث عن أدلة الطرفين يخرج هذا المقال عن موضوعه الإعتقادي، فلتُراجع المصادر الفقهية. والغنيمة سواء كانت من الحرب فقط، أو من جميع المكاسب، فإنَّ خمسها يقسّم إلى ستة أقسام، قسم لله تعالی، وقسم لرسوله(ص) و وقسم لقرابة الرسول (ص)، وما كان لله فهوللنبي وقسم للإمام القائم مقامه، فنصف الخمس في هذه العصور لإمام العصر(عج) سهمان لـه بالإمامة(سهم الله ورسوله) وسهم مقسوم لـه من اللّه وهو سهم ذي القربى، والسهام الثلاثة الأخرى التي يعبر عنها: بسهم السادة، سهم لأيتامهم وسهم لمساكينهم وسهم لابناء سبيلهم، وهم بنو هاشم.

 وقد فرض اللّه الخمس لآل محمد وذراريهم، تكريماً للنبى (ص)، وتقديراً لجهاده وجهده وتضحياته في سبيل الإسلام والأمة الإسلامية، وتنزيهاً لـه ولهم عن الصدقة والزكاة، التي هي من أوساخ أيدى الناس، كما جاء هذا المعنى في كثير من الروايات.

والخمس، حق طبيعي يحكم العقل بحسنه، ويدرك الوجدان أثره، كما يفرضه الشرع، ومما يقربه إلى الاذهان ما درجت عليه الدول من تكريم موظفيها فتمنحهم راتباً تقاعدياً يتقاضوه عند كبر سنهم، أو جائزة جزيلة لما أسدوه تقديراً لجهودهم في صالح أممهم وشعوبهم، وبعد هذا كان لهم الحق في جعلها لذويهم، من أبنائهم وأقربائهم.

زيارة قبورأهل البيت (ع)

من حقوق أهل البيت(ع) على المسلمين زيارة قبورهم ومشاهدهم المشرفة، والتسليم عليهم، فهم سيّان أحياءاً وأمواتاً، يسمعون كلامنا ويردون جوابنا، كما جاءت به الروايات والأدعية، وهذا مذهب الإمامية، وهذه الزيارة تعبّر عن مظاهر الحب والولاء ومصاديق الإخلاص والوفاء، قال (ص): «من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني»([74]).

وقد تواترت نصوص أهل البيت (ع)، في فضل زيارة مشاهدهم، وما تشتمل عليه من الخصائص والفوائد، والأجر والثواب العظيم، فعن الإمام الرضا (ع): «إنَّ لكل إمام عهداً في عنق أوليائه وشيعته، وإنَّ من تمام الوفاء بالعهد وحسن الأداء زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبة في زيارتهم وتصديقاً بما رغَّبوا فيه، كان أئمتهم شفعاءهم يوم القيامة»([75])، وعن زيد الشحّام قال: قلت لأبي عبد اللّه (ع): «ما لمن زار واحداً منكم؟ قال: كمن زار رسول اللّه (ص)»([76]).

نشر فضائل أهل البيت (ع)

جرت سيرة الناس على تقدير العظماء وتكريمهم، بذكر فضائلهم وكراماتهم، والمدح والثناء عليهم ونشر علومهم وآثارهم، وحيث كان النبي (ص) وأهل بيته الطاهرون أرفع الناس حسباً ونسباً، وأسبقهم وأجمعهم للفضائل والكمالات الإنسانية استحقوا من محبيهم ومواليهم أن يبرزوا هذا الحب والولاء، وذلك بمدحهم، ونشر فضائلهم وعلومهم، تكريماً لهم، وتقديراً لجهادهم وتضحياتهم الغالية في خدمة الإسلام والمسلمين، وكان النبي (ص) والأئمة (ع) يستقبلون الذاكرين لمصائبهم بكل رحابة صدر، شاكرين عواطفهم، ويكافئونهم بما جادت به أيديهم من البّر والدّعاء بالغفران، وجزيل الأجر والثواب.

فهذا حسان بن ثابت شاعر رسول اللّه (ص)، كان يمدح النبي (ص) وابن عمه علي بن أبي طالب (ع) في مواقف عديدة، ومنها في واقعة غدير خم المعروفة، وهذا الكميت الاسدي والفرزدق، و دعبل الخزاعى وغيرهم من الشعراء والعلماء كانوا يمدحون ويرثون أئمة أهل البيت (ع)، ويذكرون فضائلهم ومناقبهم وما جرى عليهم من الظلم والمحن والمصائب، ولا يخافون من حكّام زمانهم فكانت لهم مواقف مشرفة وأشعار مدهشة، وما ذلك إلاّ لأداء القليل من واجبهم الشرعي تجاه أئمتهم وسادتهم في بيان الحقائق، وأداء الحقوق المفروضة عليهم.

الشيعة وذکر مصائب أهل البيت (ع)

قدتعرض الرّسول (ص) لأنواع الأذى في سبيل تبليغ الرّسالة والدعوة إلى اللّه، حتى قال (ص):«ما أوذي نبي مثل ما أوذيت..»([77]) ،وهكذا تعرض أهل بيت النبي (ص) لأنواع الأذى والظلم والاضطهاد في سبيل حفظ الإسلام من الانحراف، ووقوفهم ضد الظلم والظالمين، من الحكّام الأمويين والعباسيين، ولو أنَّ النبي (ص) قد أمرهم بإيذاء أهل بيته لم يمكن أن يلاقوا أكثر ممّا لاقوه بالفعل من الأذى والظلم والمحن والمصائب، بحيث يعجز عن بيانها القلم، ويكلّ عن ذكرها اللسان، وجدير بتلك المآسي أن تبكيها العيون دماً.

وقد أخبر الرّسول (ص) بتلك المظالم التي سوف تقع على أهل بيته (ع)، وأوصاهم بالصبر. قال النبي (ص): «إنَّ أهل بيتي سيلقون من بعدي من أمتي قتلاً وتشريداً، وإنَّ أشدّ قومنا لنا بغضاً بنو أميّة وبنو المغيرة وبنو مخزوم»([78])،وعن الإمام الحسن العسكري (ع):« قد وضع بنو أمية وبنو العباس سيوفهم علينا لعلتين: أحداهُما أنّهم كانوا يعلمون أنه ليس لهم في الخلافة حقّ فيخافون من ادعائنا إيّاها وأن تستقّر في مركزها. وثانيها أنّهم قد وقفوا من الأخبار المتواترة على أن زوال ملك الجبابرة والظلمة على يد القائم منّا، وكانوا لا يشكون أنّهم من الجبابرة والظلمة، فسعوا في قتل أهل بيت رسول اللّه (ص) وإبادة نسله، طمعاً منهم في الوصول إلى منع تولّد القائم (عج)أو قتله، فأبى الله أن يكشف أمره لواحد منهم، إلاّ أن يتم نوره ولو كره الكافرون» ([79]). وقد حدّثنا التاريخ وروايات أهل البيت (ع) عن بعض ما وقع عليهم من الظلم والاضطهاد، بحيث يقول الإمام الحسن (ع) في حديثه بعد قتل أبيه أمير المؤمنين (ع): حدثني جدي رسول اللّه (ص) «إنَّ الأمر يملكه إثنا عشر إماماً من أهل بيته وصفوته ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم»([80]).

وهكذا نرى أن الشعراء الرساليين أيضاً قد نظموا الشعر الحزين في رثاء أهل البيت (ع)، و من تلك القصائد المحزنة التي خلَّدها التاريخ هي قصيدة دعبل الخزاعي ذلک الشاعر الرسالي والولائي الذي رثا بها أهل البيت (ع) وإليک مقتطفات من تلک القصيدة:

من قصيدة دعبل في حقِّ أهل البيت (ع)

أسند الصدوق عن أبي الصلت الهروي([81]) أنه قال: دخل دعبل الخزاعي على الرضا (ع) في مدينة مرو بعد بيعة الناس له بولاية العهد، فقال: يا ابن رسول اللَّه(ص)، إنّي قد قلت فيك(فيكم) قصيدة وآليتُ على نفسي أن لا أُنشدها أحداً قبلك، فقال (ع): هاتِها، فأنشد (دعبل):

ذكرتُ محلَّ الرَّبعِ([82]) من عَرَفاتِ
مَدارسُ آياتٍ خَلتْ مِنْ تلاوة
دِيارُ عَليٍّ والحسينِ وجعفرٍ
مَنازلُ كانت للصلاة وللتقى

 

فأجريتُ دَمعَ العَينِ بالعَبَراتِ
ومَنزلُ وحيٍ مُقفرُ العَرَصاتِ([83])
وحمزة والسجّادِ ذي الثفناتِ([84])
وللصومِ والتطهيرِ والحَسَناتِ

أفاطمُ لو خِلتِ الحسينَ مُجدّلاً
إذن للطَمتِ الخدَّ فَاطمُ عندَهُ
أفاطمُ قُومِي يا ابنة الخَيرِ واندُبي
قُبورٌ بكوفانٍ وأُخرى بطيبة
وَقَبرٌ بأرض الجوزجانِ([85]) محلّهُ
قُبورٌ بِجَنبِ النهرِ من أرضِ كربلا
تُوفوا عطاشى بِالعراءِ فَليتَني
وَقبرٌ بِبغدادٍ لِنفسٍ زَكيّة

 

وَقدْ مَاتَ عَطشاناً بِشَطّ فُراتِ
وأجريتِ دَمَع العينِ في الوَجَناتِ
نُجومَ سَماواتٍ بأرضِ فَلاة
وأُخرى بِفخّ([86]) نالها صَلَواتِي
وقبرٌ بباخمرى([87]) لدى الغرباتِ
مُعرّسهم فيها بِشطِّ فُراتِ
تُوفّيت فِيهم قَبلَ حينِ وفَاتي
تضمّنَها الرّحمنُ في الغُرُفاتِ([88])

وهنا روی الصدق عن الهروي أنَّ الرضا (ع) قال لدعبل:«أفلا أُلحق لك بيتين بهذا الموضع، بهما تمام(کمال) قصيدتك؟»، فقال دعبل: بلى يا بن رسول اللَّه، فقال (ع):

وَقَبرٌ بطوسٍ يا لها من مُصيبة
إلى الحشرِ حتّى يبعثَ اللَّهُ قائماً

 

ألحَّتْ على الأحشاءِ بالزّفراتِ([89])
يُفرّجُ عنّا الغمَّ والكُرُباتِ

فقال دعبل: هذا القبر الذي بطوس قبر من؟ فقال الرضا (ع): « قَبْري، وَلاَ تَنقَضِي الأيّامُ وَالليالِي حتّى تَصيرَ طوسُ مُختَلَفَ شِيعتِي وزُوّارِي!، ألا فَمَن زَارَني فِي غُربَتي بِطوسٍ كَانَ مَعي في دَرَجَتِي يومَ القِيامة مَغْفُوراً لَه»([90]).

 

 

([1]) أصول الكافي1 :237ح 5 وعنه في بحار الأنوار 53: 187، وهوفقرات من دعاء زمن الغيبة الذي علّمه الإمام الصادق لزرارة،ويستحب قراءته على الدوام، و بعد فريضة العصر يوم الجمعة.

([2]) الذَّاريات: 56.

([3]) هود: 73

([4]) الأحزاب: 33.

([5]) تفسير الطبري 19 :101.وأخرجه ابن عساكر في تأريخ دمشق 13 :68، وقد أخرج الحاكم الحسكاني أكثر من مئة وثلاثين رواية تبيّن تعلّق واختصاص آية التطهير بأهل البيت (ع) وهم: (علي وفاطمة والحسن والحسين) أنظر شواهد التنزيل: ح637ـ ح774.

([6])وليس نزلت سابقاً علی دعوته(ص) کما توهمّه الرواة .

([7]) الأحزاب: 33.

([8]) تفسير الطبري 19 :107، وأورده ابن كثير في تفسيره 6 :367،و أخرج نظيره مسلم بإسناده عن عائشة، أنظر صحيح مسلم: 4 : باب فضائل أهل بيت النّبيّ صلی الله عليه (و آله) و سلم ، والمستدرك على الصحيحين، للحاكم 3 :159،4709،و مسند الإمام أحمد 6 :292.

([9]) سورة طه: 132.

([10]) الدُّرّ المنثور، للسيوطي 6 :535.

([11]) لمزيد الإطلاع راجع تفسير آية التطهير وشأن نزولها في کتب تفاسير الفريقين.

([12]) تفسير روح المعاني: 21: 9.

([13]) أسباب النزول،پ ، للواحدي : 296، الدُّرّ المنثور 6 :603 .

([14]) مجمع البيان، للطبرسي 8 :119.

([15]) سلسلة الأحاديث الصحيحة، للألباني 4 :360.

([16]) أنظر تاج العروس، للزبيدي الحنفي 14: 36، ولسان العرب 1 :253.

([17]) أنظر صحيح مسلم 4 :1873و2408.

([18]) صحيح مسلم 3 :1452/1821، كتاب الإمارة. وصحيح البخاري 6: 2640 ، كتاب الأحكام ـ باب الاستخلاف.

([19]) ينابيع المودّة 3: 290.

([20]) أخرج الرواية أحمد في >المسند< برقم (3859) ،و الحاكم في «المستدرك»4: 546،8529 .

([21]) كمال الدين: 244.

([22]) مسند الإمام أحمد بن حنبل 3: 59.

([23]) صحيح مسلم4 :1873ح 2408، باب من فضائل عليّ بن أبي طالب (ع).

([24]) قال ابن الأثير الجزري: «أنا فَرَطُكم على الحوض» أي: متقدّمكم إلی الحوض، ومنه الدعاء للطفل الميّت: «اللهم اجعله لنا فَرَطاً» أي أجراً يتقدَّمنا ، النهاية 3:  388.

([25]) صنعاء مدينة في اليمن ، وبصری مدينة في الشَّام.

([26]) المعجم الكبير، للطبرانی 3: 66ح 2681.

([27]) إنّ اللفظ الصحيح هو بالتحريك (الثَّقَلَين)، أی: العِدلين علی طرفی الحيوان المرکوب حيث أنَّهما مشروطان بالتعادل والتوازن .

([28])المزّمل: 5.

([29]) الصواعق المحرقة: 2: 653. ولايخفی أنَّ ابن حجرعدل بالثَقَل ليُفقد الکلمة معناها الأصيل بالتعادل والتوازن بينهما .

([30]) تاج العروس من جواهر القاموس 14: 85 . وتری أنَّ الزبيدي بهذا التعريف أعطی للکلمة معناها الأصيل وهو التعادل والتوازن.

([31])تفسير غريب القرآن العظيم: 386، فصل الثاء. وهذا المفسِّر اللغوي إنَّما فسَّر الثِقل وفوَّت عن نفسه الثَقَل لغاية في نفس يعقوب ! .

([32]) الحجر: 9.

([33]) فصّلت: 41،42

([34]) التفسيرالكبير  10 : 144

([35]) الأحزاب:33

([36]) الجامع الكبير، للترمذي:6: 125، وانظرسلسلة الأحاديث الصحيحة، للألباني ح(1761).

([37]) الحج: 65.

([38]) الكاشف عن حقائق السنن 12 :3909.

([39]) شرح المقاصد، للتفتازاني 5 :302.

([40]) إشارة إلى الرواية التي أخرجها أبو يعلى، عن سلمة بن الأكوع: أنّ النّبيّ (ص) قال: «النجوم أمان لأهل السماء، وأهل بيتي أمان لأمتي» الصواعق المحرقة:2: 442، 546.

([41]) فردوس الأخبار، للديلمي 5 : 34 ح7092، أخرجه الديلمي عن أنس بن مالك، وراجع كنز العمال 12: 104 ح13201.

([42]) شرح‏نهج‏البلاغة 1 : 138 .وراجع بحارالأنوار23: 117، ب 7، فضائل أهل البيت.

([43]) الجامع الكبير 6 :125 ح3788 ، مجمع الزوائد: 9 :260 ح14966، كنز العمال 1 :  186 ح944.

([44]) الصواعق المحرقة 2 : 439  ، 654، وأخرجه الطبراني في المعجم الكبير ح2681.

([45]) النحل: 89.

([46]) الصواعق المحرقة 2 :654.

([47]) بحارالأنوار2: 173، باب23 .

([48]) راجع الإلهيات للسبحاني 2 : 528 .

([49]) لزيادة الإطلاع حول دلائل حديث الثقلين راجع: کتاب (مرجعية أهل البيت في ضوء حديث الثقلين)، للسيد راضي الحسيني .

([50]) مستدرك الحاكم 3: 151 بسنده إلى أبي ذر.

([51]) الأربعون حديثاً للنبهاني: 216، نقله عن الطبراني في الأوسط.

([52]) مستدرك الحاكم 3:  149 بسنده إلى ابن عباس.

([53]) لاحظ الصواعق: 91 ،الباب الحادى عشر.

([54]) المراجعات: 25.

([55]) الشورى: 23.

([56]) كنزل العمال 105:12 ح 34206.

([57]) عيون أخبار الرضا(ع) 2: 62.

([58]) الكشاف 3: 403.

([59]) احقاق الحق: 18: 498.

([60]) الخصال: 1: 515.

([61]) آل عمران: 31.

([62]) راجع بحار الأنوار 78 : 347.

([63]) صفات الشيعة للصدوق: 4 ، وعنه في بحار الأنوار68 : 167.

([64]) سورة النساء: 59.

([65]) سفينة البحار 2: 691.

([66]) راجع ما روى في البشائر لشيعة أهل البيت (ع) كتاب فضائل الشيعة، للصدوق وبحار الانوار ج 68 باب فضائل الشيعة  .

([67]) الكافى: 2 : 74 ، صفات الشيعه : 11.

([68]) الأحزاب: 56.

([69]) الصواعق المحرقة: 87.

([70]) الوافي5: 228.

([71]) بحار الأنوار 27: 26 ح15.

([72]) الصواعق المحرقة: 148.

([73]) الأنفال: 41.

([74]) وفاء الوفاء 4: 1340.

([75]) بحار الأنوار 100: 116 ح1.

([76]) بحار الأنوار 100: 117 ح5.

([77]) بحار الأنوار 39: 56 ح15، عن مناقب آل أبي طالب للحلبي الساروي المازندراني المشهور بإن شهرآشوب . والحديث مرسل .

([78]) المستدرك على الصحيحين 4: 534.

([79]) إثبات الهداة 3: 570، عن التفسير المنسوب إلى الحسن العسكري (ع).

([80]) كفاية الأثر: 160، بحار الأنوار 27:21ب9،وج43: 363ب17.

([81]) أبو الصلت الهروي: هو من أصحاب الرضا (ع) و خادمه.

([82]) الربع: موضع في عرفات، يتوقف به ويطمأن.

([83]) العرصات: الساحات.

([84]) الثفنات: علامات في الجبهة من كثرة السجود.

([85]) الجوزجانِ : من المدن القديمة في منطقة خراسان الکبری ،واليوم هذه المدينة في بلاد أفغانستان، وفيها قبريحيى بن زيد الشهيد.

([86]) فخ: موقع بمكة وقعت فيه حادثة فخ حيث استشهد فيه قائد الإنتفاضة ضد العباسيين ، الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن السبط(ع) ، و جمع من بني هاشم بأمر من الخليفة العباس موسی الهادي.( انظر موسوعة التاريخ الإسلامي 7 : 454) .

([87]) باخمرى: مكان بين الكوفة والواسط في العراق، فيه قبر القاسم أخ الإمام الرضا (ع) ، هذا المکان اليوم اشتهر بمدينة القاسم .

([88]) الغرفات: غرف الجنة.

([89]) الزّفرات: تتابع الأنفاس من شدة الغم والحزن.

([90]) عيون أخبار الرضا (ع) 2: 295،الباب 66،ح34، وفي بحار الأنوار99: 39، الباب 4، ح25 . (و انظر موسوعة التاريخ الإسلامي 8 : 62) .

على الرغم من كل السياسات المحدودة الأفق التي انتهجها أكراد سوريا تجاه أنفسهم أولاً وتجاه بلدهم ثانياً، لم تقبل الحكومة السورية أن تتخلى عنهم أياً كان الظرف، علّهم يتعلمون من أخطائهم التي لم تجلب لهم سوى الغضب العالمي والخذلان الأمريكي.

ورغم كل التحذيرات التي وجهها الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان ووزير خارجيته للقوات السورية لمنعها من الدخول إلى عفرين، لم تبالِ هذه القوات وشقّت طريقها دفاعاً عن أبناء سوريا في عفرين، حيث كشفت مصادر في المعارضة السورية لوكالة الأنباء الألمانية "د.ب. أ" أن "مجموعة من الحرس الجمهوري السوري دخلت اليوم "الجمعة" إلى بلدة تل رفعت في ريف حلب الشمالي تمهيداً لخروج وحدات حماية الشعب الكردي من المنطقة، وسيطرة القوات الحكومية السورية عليها.

أما عفرين فقد دخلتها القوات الشعبية السورية، واحتشد في استقبالها المئات من أهالي مدينة عفرين بريف حلب في الساحة الرئيسة للمدينة ترحيباً بدخول القوات الشعبية إلى المدينة للمساعدة في مواجهة الهجوم التركي المتواصل على منطقة عفرين، وذكرت وكالة الأنباء السورية أن أهالي عفرين أكدوا خلال تجمعهم في الساحة الرئيسة وسط المدينة انتماءهم لوطنهم سورية مرحبين بانخراط القوات الشعبية في مواجهة الهجوم التركي المتواصل على منطقة عفرين.

كيف وافق الجيش السوري على دخول عفرين لمساعدة الأكراد؟

بعد اتصالات دامت طويلاً توجّهت القوات السورية نحو عفرين إثر اتفاق مع الأكراد الذين تراجعوا عن شروطهم السابقة بمنع الجيش السوري من الدخول إلى مناطقهم. الجيش السوري دخل إلى تل رفعت، ولكن اللجان الشعبية هي من دخلت إلى عفرين، ومن المعروف أن الجيش السوري لا يحضر في الأماكن التي يكون وجوده فيها صورياً، فهو المخوّل قانونياً لبسط الأمن والاستقرار والدفاع عن أي اعتداء أجنبي.

جميعنا يعلم بأن الجيش السوري عرض في السابق على الأكراد الدخول إلى عفرين ورفع العلم السوري على المباني الحكومية لتجنيب الأكراد الهجوم التركي عليهم، لكنهم رفضوا ذلك وفضلوا حينها الحضن الأمريكي على الحضن السوري ليلقوا النتيجة بعد مدة قصيرة، والغريب أنهم لم يستفيدوا من تجربتهم السابقة في منبج عندما دخل الجيش السوري إليها عبر الحضور في الجبهة الأمامية بغية وقف القصف التركي، إلا أن حساب الحقل السوري لم يكن كحساب البيدر الكردي الذي تبيّن لاحقاً أنه استخدم ورقة الجيش السوري لأهداف خاصّة.

في الحقيقة لم تنسَ دمشق تجربة منبج، إلا أنها عمدت مؤخراً إلى الدخول في مفاوضات مع الأكراد الرافضين منذ سنوات وجود الجيش السوري في عفرين ومناطقهم، كون تركيا تبقى دولة معتدية والأكراد يبقون مواطنين سوريين، في الأسبوع الأول حصلت المفاوضات بوساطة دولة إقليمية، وتم الاتفاق على دخول الجيش السوري إلى عفرين، ولكن مع انتهاء المفاوضات وجد الأكراد أنفسهم قادرين على الصمود بوجه العدوان التركي، فنكسوا الاتفاق مجدداً "واشترطوا عدم حضور الجيش السوري إلى الجبهات وعلى الخطوط الأمامية"، ليتبيّن أن لجوءهم إلى الجيش السوري ومناشدتهم دمشق بأنهم سوريون كانت لأهداف سياسية بحتة، رغم أنهم قالوا بالحرف وحسب مصدر كردي في عفرين، إن الأكراد يرحبون بدخول الجيش السوري إلى منطقة عفرين ضمن اتفاق مع الحكومة السورية، وذلك مقابل أن يكون الأكراد جزءاً من العملية السياسية، مشيراً إلى أن سلاحهم سيعود للدولة السورية الذي هو لها في الأصل.

تعطّل الاتفاق فيما بعد واستمر العدوان التركي ليجد الأكراد أنفسهم أمام ضربات عسكرية قويّة تطيح بهم، لذلك لجؤوا مجدداً إلى المفاوضات. قبلت دمشق ولكن تمّ إرسال اللجان الشعبية وليس الجيش السوري، ولكن لا نعلم السبب الحقيقي فهل الأمر رسالة من دمشق للأكراد بسبب سياستهم المحدودة الأفق، أم إن الأمر يدخل في حسابات المواجهة مع تركيا، رغم أن الخيار الأوّل هو الأكثر ترجيحاً.

وعلى الرغم من أن تصرّفات الأكراد توحي بأنهم يريدون من الجيش السوري أن يكون كبش المحرقة في مواجهة العدوان التركي، إلا أن الخطوة الأخيرة جيدة شرط أن تلحقها خطوات حسن نوايا من الجانبين، وألّا يمتطي الأكراد ظهر الحكومة السورية بعد أن تعيد الاستقرار إلى عفرين ليقولوا فيما بعد أنهم يريدون حكماً ذاتياً من جديد، فالجيش السوري واللجان الشعبية يزجّون أنفسهم هناك لحرب قد تكلفهم الكثير على جميع الأصعدة، لذلك على الأكراد أن يقدروا هذه التضحيات التي يقدمها الجيش السوري للحفاظ على وحدة التراب السوري وألا يسمحوا للأمريكي بأن يستخدمهم كورقة يتخلى عنها في أحلك الظروف، والجميع اليوم في سوريا يرغب بأن يتحول التحالف مع الأكراد إلى تحالف استراتيجي لأن في ذلك منفعة مشتركة للطرفين

الأحد, 25 شباط/فبراير 2018 07:11

ثقة العراقيين .. بشعارات المرشحين

يتفق الجميع وبلا أدنى استثناء، على أن ثقة الشارع العراقي اهتزت بقادته بسبب عدم تلبية مطالبه الملّحة منذ سقوط النظام البائد عام 2003 وحتى الآن، وعلى أكثر من صعيد وهذا بإقرار الساسة أنفسهم، ولعلّ المحطة المرتقبة سترسم بريشتها واقع العديد من الأحزاب والتيارات على خارطة طاولة شراكة العملية السياسية.

ومع اقتراب موعد إجراء الانتخابات البرلمانية في العراق تزداد حملات بعض السياسيين المرشحين للانتخابات عبر إطلاق الوعود التي شابهت سابقاتها في الدورات الماضية، مع اختلاف أزيائها التي تتماشى مع موضات 2018.

شعارات التيارات لم تلبِ طموح الشارع العراقي المتعطش لخطة إنمائية تنسجم وواقع البلد وضرب الفساد وحيتانه وارتقاء الوضع الأمني وإعادة الحياة الخدمية وتحسين الاقتصاد عبر القضاء على البطالة وتحفيز الكفاءات وإعادة الصناعة للبلد بعد أن سلبت.

السباق الانتخابي وصراع التحالفات وكل المساعي لنيل رئاسة الوزراء ليست سيئة بحد ذاتها، لكنها تصبح كذلك عندما تؤدي إلى الابتعاد عن المطالبات المحقّة للشعب العراقي الذي يستحق أن يعيش حياة هانئة بامتياز بعد أن ضحى بالغالي والنفيس دفاعاً عن دول المنطقة والعالم برمته، فإرهاب "داعش" لم يخص العراق بقدر افتعال أزمة إقليمية دولية واسعة أحبطت على أيدي رجالات الميدان.

السنوات القليلة الماضية استطاعت أن تعيد جزءاً لا يستهان به من التفاؤل لدى المواطن العراقي، انطلاقاً من القضاء على الإرهاب وتحرير الأراضي من دنس "داعش" ومروراً بإفشال مشروع الانفصال "كردستان" الذي قادته أربيل برعاية صهيونية وضوء غربي أخضر خافت، وختاماً بحملة القضاء على الفساد.

ورقتان يرفعهما عالياً حيدر العبادي رئيس الوزراء الحالي هما (حلحلة أزمة كردستان والقيادة السياسية في الحرب على داعش) وهو يدخل حلبة الصراع الانتخابي، لكنه أخفق بانتزاع ورقة إخراج القوات الأمريكية من الأراضي العراقية، وهذا برأي المراقبين سيشكل نقطة ضعف مهمة في طريقه نحو ولايته الثانية.

شريك إنجازات السنوات الماضية "الحشد الشعبي" يرفع رايته الملطخة بدماء التضحيات وما خطه من انتصارات في الميدان وما لعبه من دور فاعل في معالجة ملف "كردستان"، ويضع ما يملك من أوراق على سكة المرحلة القادمة المتجهة إلى معركة فاصلة، كما يدرك رجالات الحشد أن الطريق غير آمنة ما دامت الأرض العراقية تحتضن قوات أجنبية، وهذا ما تجلى بوضوح في تصعيدهم إزاء بقاء العسكرة الأمريكية في العراق.

ولعل ما يفسح المجال لرجالات الميدان ليس دماءهم فحسب، إنما ابتعادهم عن شبهات ملفات الفساد طوال السنوات الماضية، ولعلي أقولها جازماً إنهم الأقل تعرضاً لأصابع الاتهام الموجهة لمعظم إن لم نقل كل شركاء العملية السياسية، وكما يقال من لم يبخل بالدماء لن يكلّ بالانماء.

ويفترض أن تجرى الانتخابات البرلمانية في 12 مايو/أيار المقبل، وتبقى عروض القوائم المرشحة مفتوحة على ألسن زعمائها، مشابهة لنظيراتها في الدورات السابقة، وما يبقى على الناخب هو أن يدقق بعناية في تلك الكلمات المتأرجحة والوعود المترنحة والقليل الثابت من بين أنفاسها، باختيار من يزيد من ثقتهم بقادتهم في الغد بعد أن كادت زجاجة الأحلام أن تتهشم "أو تهشمت برأي البعض" بيد المتآمرين من الخارج والداخل على بلاد الرافدين، وحلم مستقبله

أثرت عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله جمهرة كبيرة من الأخبار بظهور الإمام المهدي عليه السلام، وهذه نماذج منها:

  • روى حذيفة أن النبي صلى الله عليه وآله، قال: " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لبعث الله رجلا من ولدى اسمه اسمي وخلقه خلقي يكنى أبا عبد الله يبايع له الناس بين الركن والمقام، يرد الله به الدين ويفتح له فتوحا ولا يبقى على وجه الأرض إلا من يقول: لا إله إلا الله فقام سلمان فقال: يا رسول الله من أي ولدك ؟ قال: من ولد ابني هذا، وضرب بيده إلى الحسين ".
  • روى عبد الله بن عمر أن النبي صلى الله عليه وآله قال: "يخرج في آخر الزمان رجل من ولدي اسمه كاسمي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ".
  • روى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " المهدي من ولدي يكون له غيبة وحيرة تضل فيه الأمم يأتي بذخيرة الأنبياء عليهم السلام فيملؤها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما "
  • روى جابر بن عبد الله الأنصاري إن النبي صلى الله عليه وآله قال: "المهدي من ولدي اسمه اسمي وكنيته كنيتي يكون له غيبة وحيرة تضل فيه الأمم ثم يقبل كالشهاب الثاقب يملؤها عدلا وقسطا كما ملئت جورا وظلما ".
  • روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " إن عليا وصيي ومن ولده القائم المنتظر المهدي الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت جورا وظلما. والذي بعثني بالحق بشيرا ونذيرا إن الثابتين على القول بإمامته في زمان غيبته لأعز من الكبريت الأحمر، فقام إليه جابر بن عبد الله فقال: يا رسول الله وللقائم من ولدك غيبة ؟ قال إي وربي ليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ثم قال يا جابر إن هذا أمر من أمر الله وسر من سر الله فإياك والشك فإن الشك في أمر الله عز وجل كفر ".
  • قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تذهب الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي "
  • روى حذيفة بن اليمان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله، يقول: " ويح هذه الأمة من ملوك جبابرة يقتلون ويطردون المسلمين إلا من أظهر طاعتهم فالمؤمن التقى يصانعهم بلسانه ويفر منهم بقلبه فإذا أراد الله تبارك وتعالى أن يعيد الإسلام عزيزا قصم كل جبار عنيد وهو القادر على ما يشاء أن يصلح الأمة بعد فسادها. يا حذيفة لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطول الله ذلك اليوم حتى يملك رجل من أهل بيتي يظهر الإسلام ولا يخلف وعده وهو على وعده قدير ".
  • روى أبو سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " ينزل بأمتي في آخر الزمان بلاء شديد من سلطانهم لم يسمع بلاء أشد منه حتى تضيق بهم الأرض الرحبة وحتى تملأ الأرض جورا وظلما لا يجد المؤمن ملجأ يلتجأ إليه من الظلم فيبعث الله عز وجل رجلا من عترتي فيملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا يرضى عنه ساكن الأرض لا تدخر الأرض شيئا من بذرها إلا أخرجته ولا السماء من قطرها شيئا إلا صبه الله عليهم مدرارا يعيش فيهم سبع سنين أو ثمان أو تسع تتمنى الإحياء الأموات مما صنع الله بأهل الأرض من خيره ".
  • روى علي الهلالي عن أبيه قال: "دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله في شكايته التي قبض فيها، فإذا فاطمة عليها السلام عند رأسه فبكت حتى ارتفع صوتها، فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله طرفه إليها قال: حبيبتي فاطمة ما الذي يبكيك؟ فقالت أخشى الضيعة من بعدك، فقال: يا حبيبي أما علمت أن الله اطلع على الأرض اطلاعه فاختار منها أباك فبعثه برسالته ثم اطلع إطلاعة فاختار بعلك وأوحى إلي أن أنكحك إياه، يا فاطمة ونحن أهل البيت قد أعطانا الله سبع خصال لم يعطها أحد قبلنا ولا يعطها أحدا بعدنا أنا خاتم النبيين، وأكرمهم على الله وأحب المخلوقين إليه وأنا أبوك ووصيي خير الأوصياء وأحبهم إلى الله وهو بعلك ومنا من له جناحان أخضران يطير بهما في الجنة مع الملائكة حيث يشاء وهو ابن عم أبيك وأخو بعلك ومنا سبطا هذه الأمة وهما ابناك الحسن والحسين وهما سيدا شباب أهل الجنة وأبوهما والذي بعثني بالحق- خير منا يا فاطمة والذي بعثني بالحق إن منا مهدي هذه الأمة إذا صارت الدنيا هرجا ومرجا وتظاهرت الفتن وتقطعت السبل وأغار بعضهم على بعض فلا كبير يرحم صغيرا ولا صغير يوقر كبيرا يبعث الله عند ذلك منهما من يفتح حصون الضلالة وقلوبا غلفة يقوم بالدين في آخر الزمان كما قمت به في أوله ويملأ الدنيا عدلا كما ملئت جورا ".
  • روى الإمام أمير المؤمنين عليه السلام قال: قلت: " يا رسول الله أمِنَّا آل محمد أم من غيرنا ؟، قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا بل منا بنا يختم الله الدين كما فتح الله بنا، بنا ينقذون من الفتنة كما أنقذوا من الشرك وبنا يؤلف الله بين قلوبهم بعد عداوة الفتنة إخوانا، كما ألف بنا بين قلوبهم بعد عداوة الشرك وبنا يصبحون بعد عداوة الفتنة إخوانا كما أصبحوا بعد عداوة الشرك إخوانا " .
  • روى جبر بن نوف قال: قلت لأبي سعيد الخدري " والله ما يأتي علينا عام إلا وهو شر من الماضي ولا أمير إلا وهو شر مما كان قبله، فقال أبو سعيد:" سمعته من رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: لا يزال بكم الأمر حتى يولد في الفتنة والجور من لا يعرف عندها حتى يملأ الأرض جورا، فلا يقدر أحد يقول الله ثم يبعث عز وجل رجلا مني ومن عترتي فيملأ الأرض عدلا كما ملأها من كان قبله جورا وتخرج له الأرض أفلاذ كبدها، ويحثو المال حثوا ولا يعدُّه عدَّاً حتى يضرب الإسلام بجرانه ".
  • روى أبو سعيد الخدري قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول على المنبر: إن المهدي من عترتي من أهل بيتي يخرج في آخر الزمان تنزل له السماء قطرها وتخرج له الأرض بذرها فيملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملأها القوم ظلما وجورا ".

هذه نماذج يسيرة من الأحاديث النبوية الشريفة المتضافرة والتي روتها العامة والخاصة ودونها الحفاظ من أئمة الحديث، وهي تعلن بوضح عن حتمية خروج الإمام المنتظر عليه السلام، وتبشر العالم الإسلامي بعدله، وبما يقيمه من معالم الحق، وصنوف الأمن والرخاء، بحيث لا تجد الإنسانية له مثيلا في جميع أدوارها.

________________________________________

* حياة الإمام المنتظر المصلح الأعظم-دراسة وتحليل-، الشيخ باقر شريف القرشي، دار جواد الأئمة، ط1، بيروت/لبنان، 1429هـ / 2008 م، ص201-207.

الأحد, 25 شباط/فبراير 2018 06:57

الإسلاموفوبيا من الخيال إلى الواقع

 قدمت صحيفة الــ«لوموند»ً قراءة لما يسمى «الإسلاموفوبيا» عبر افتتاحيتها ومن خلال حوار مع مختصين في علم الاجتماع عبدالعال حجات وروان محمد.

يطرح الحوار والمقال الافتتاحي مشكلة التعاطي الغربي (الفرنسي) خصوصا مع قضية الاسلام استنادا الى خلفيات سياسية، وجيوسياسية تمثل اجماعاً وطنيا حول ” صورة الإسلام”.

كان مصطلح الإسلاموفوبيا منذ فترة طويلة محل خلاف وجدال، كما بدا مثل أداة نظيفة لإبطال أي انتقاد يطول الأصولية الإسلامية. لكن مع ذلك بدأ بعض المسؤولين السياسيين والمفكرين في تقبله، حيث أن أعلى هيئات الدولة أصبحت تعترف بالأعمال التي ارتكبت ضد أماكن العبادة أو ضد مواطنين مسلمين في فرنسا.

هذا الاعتراف مرحب به لأن تسمية المشكلة وتحديدها لا يمكن أن يؤديا إلا إلى حلها. وقد ساهمت بعض العوامل في هذا التطور، فتطرقت وسائل الإعلام للاعتداءات التي تتعرض لها نساء محجبات دون سبب سوى لأنهن يعبرن عن انتمائهن الديني بارتداء الحجاب، وأيضا عمل الجمعيات التي سلطت الضوء على الوقائع التي كانت تجري في صمت، او توصف بأنها «تمييز عنصري عادي» أو أيضا النشرة الإحصائية التي أصدرتها وزارة الداخلية، وتبين من خلالها الارتفاع المنتظم لعدد الشكاوى المرتبطة باعتداءات ضد مسلمين، سواء تعلق الأمر باعتداءات جسدية أو لفظية ضد أشخاص أو اعتداءات ضد أماكن العبادة أو أخيرا الإجماع على إدانة الانتهاك المتكرر لمقابر العسكريين أو المدنيين المسلمين.

لكن الملاحظة البسيطة لا تكفي. علينا أن نعرف أسباب هذه التوترات الجديدة التي تسيء للديانة الثانية في فرنسا.

دوافع الإسلاموفوبيا

دوافع الإسلاموفوبيا عديدة، وأبرزها مصادمة الدين، ورفض الاختلاف والقراءة الجيوسياسية للإسلام التي تقدمه في صورة المتطرف والإرهاب بالإضافة إلى المطالب المرتبطة بالدين والهوية وهي المطالب التي يعتبرها المجتمع الفرنسي مبالغا فيها…… لذلك من مسؤولية الجميع من مراقبين ومسؤولين سياسيين ومناضلين ضد الإسلاموفوبيا تبيان صحة هذه الأسباب ضمن السياق الفرنسي.

طيلة سنوات، دافعت منظمة التعاون الإسلامي في الأمم المتحدة عن فكرة تسجيل تشويه صورة الأديان في القانون الدولي، لكنها فشلت في ذلك، غير أن الفوضى والارتباك لا يزالان يسكنان العقول الأكثر تطرفا.

آخرون يرون أيضا في هذا الصراع، إرادة لدى بعض المسلمين، للتنافس مع اليهود بهدف التقليل من معاداة السامية. وأخيرا على الصعيد السياسي علينا أن ننتبه بشكل كبير للخطابات التي تقدم المسلمين والإسلام كــ” مشكلة”.

ووفق غالبية المراقبين، فان محاولة الخلط هذه، تعزز الانتقال إلى الفعل، وفي هذا السياق على السياسيين السهر على ألا يتم استخدام العلمانية التي يدافع عنها أقصى اليسار وأقصى اليمين، كأداة لتبرير الرفض الكامل للدين.

الحوار

يحلل المختصان في علم الاجتماع عبدالعالي حجات ومروان محمد «الإجماع الوطني الفرنسي حول الإسلام، وكونه “مشكلة”.

قدم المختصان في علم الاجتماع عبدالعالي حجات ومروان محمد في كتابهما ” إسلاموفوبيا: كيف تصنع النخبة الفرنسية المشكلة الإسلامية، تحليلات وافية عن الإسلاموفوبيا في فرنسا”.

فمفهوم الإسلاموفوبيا والأعمال المصاحبة له هي وفقهما نتيجة «إجماع وطني» حول فكرة إن الإسلام والمسلمين في فرنسا يشكلون مشكلة. لكن ما وراء هذا التحليل، تطرق الباحثان إلى «العيب» الذي يشوب المصطلح واستعماله كأداة، واعتراف النخبة المتوالي بالظاهرة.

تعريف ودوافع

  • ما تعريفكم للإسلاموفوبيا وما دوافعها؟

– بالنسبة لنا الاسلاموفوبيا، ليست فقط أعمالا عنصرية وإنما ظاهرة اجتماعية عامة تهدف إلى تحجيم الآخر والاهتمام فقط بانتمائه الديني، وهي تقوم على الايديولوجية وأحكام مسبقة وأفعال. وعليه فهي أبعد من أن تكون عنصرية بسيطة، ولكنها نشأت من «مشكلة إسلامية» ساعدت في قيامها عوامل عدة.

في الوقت الحاضر، علينا أن نميز بين عدة تيارات. فهناك المعادون للإسلام، وهناك من يناضلون ضد الإسلام بوصفه «دينا خطرا»، والمعادون للتمييز على أساس الجنس والتمييز العنصري، لكن في النهاية كل هذه التيارات تلتقي حول نقطة واحدة هي الحكم المسبق على المسلم غير المعروف بهويات متعددة لأن الإسلام يلغي كل شيء.

في عام 1979 ألقت الثورة الإيرانية بظلالها على المسلمين في فرنسا، فبدأت تتكون نظرة جيوسياسية عنهم، سرعان ما تحولت بعد أحداث سبتمبر 2001 في نيويورك إلى حديث عن تواصل بين الإسلام والإسلاموية والإرهاب بشكل بعيد عن الواقع. واليوم من الواضح أن في ذهن البعض هناك علاقة بين اعتداءات نيروبي وجارتي التي ترتدي الخمار، وهذا هو لب الإسلاموفوبيا.

  • ألا تغذي المطالب الدينية التي يصفها المجتمع الفرنسي بالمبالغ فيها، ألا تغذي الإسلاموفوبيا أيضا؟

– دورنا كباحثين في علم الاجتماع ليس الحكم على السلوك الديني، وإنما فهم أسباب التوترات في هذا الوسط أو تلك المؤسسة. ونحن نلاحظ بأن الممارسات الدينية لأبناء المهاجرين والتعددية الثقافية للمجتمع، التي نجمت عنها مطالب خاصة، تسبب مشكلة بالنسبة للبعض، الذين يعتقدون أن ممارسة الجيل الجديد للدين، هي فشل في الاندماج، بينما ما يتم في المجتمع من الناحية السوسيولوجية من قبل هؤلاء، أمر طبيعي وتحافظ عليه الأقليات مهما كانت الدولة، وهو ما يراه البعض أيضا إرادة سياسية لفرض قواعد ونظم جديدة على الآخرين.

________________

*ستيفاني لوبارس  لوموند/ عن (القبس)

الأحد, 25 شباط/فبراير 2018 06:51

الموساد .. خيط النجاة الاسرائيلي

لفترة طويلة من الزمن كان من الصعب التشكيك بقوة جهاز المخابرات الاسرائيلي "الموساد" وقدرته على تنفيذ عمليات اغتيال بحق شخصيات وطنية لبنانية وفلسطينية أو الضلوع في عمليات إجرامية هنا وهناك، ولكن ما يجري اليوم يجعلنا نبدأ بالتشكيك ليس فقط بـ"الموساد" بل بقدرات الكيان الاسرائيلي ككل.

 سبب تشكيكنا يعود إلى البروباغندا التي يقودها الاعلام الاسرائيلي لحفظ ماء وجهه عبر إبراز الدعم والقدرات الأمنية الكبيرة و"الأيادي البيضاء" لجهاز الموساد وإظهاره على انه "حمامة سلام" تؤمن الحماية لجميع "الأصدقاء"، ونذكر مثالا حيا على ذلك تم طرحه يوم أمس في صحيفة يديعوت أحرنوت العبرية التي ذكرت أن وحدة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية "8200"، تمكنت من إحباط عملية خطط لها "داعش" العام الماضي، لتفجير طائرة تابعة لشركة الاتحاد الإماراتية. وأشارت الصحيفة إلى أن الاستخبارات، سمحت بنشر بعض المعلومات حول القضية، موضحة أنه كان من المفترض أن تنفجر الطائرة فوق الأراضي الأسترالية.

ولكي يتم إعطاء هذا الخبر صبغة سياسية وإبرازه بشكل فقاعة أكبر حجما، خرج علينا رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في نفس اليوم ليعلق على هذا الحدث قائلاً خلال كلمة ألقاها أمام مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى: "أحبطت الأجهزة الأمنية الإسرائيلية إسقاط الطائرة.. كاد هذا أن يسبب قتل عدد لا يقدر من الأبرياء". وأضاف "وهذا يؤدي إلى خلل هائل في المواصلات الجوية العالمية". وأشار إلى أن "نجاح القوات الأمنية الإسرائيلية" في إحباط هذه العملية، "يعد واحدا فقط من أصل عشرات العمليات الإرهابية التي أحبطناها في كل أنحاء العالم".

ولكي يبيض صفحة "الموساد" أضاف نتنياهو: "أعتقد أنه يجب القول كل الاحترام للاستخبارات الإسرائيلية التي لا تحمي المواطنين الإسرائيليين فحسب، بل تحمي أيضا مواطني دول كثيرة أخرى".

هذا الكلام لم يخرج من باب المصادفة في هذا الوقت بالتحديد، لذلك يدفعنا حديث نتنياهو للتساؤل عن سبب إعلان هذا الخبر بعد عام من حدوثه، ويدفعنا أكثر لنكتب النقاط التالية التي قد تقودنا إلى معرفة مفاتيح الأهداف والدلالات من إعلان هكذا خبر:

أولاً: إظهار "الموساد" بأنه رمز للسلام والدفاع عن الأرواح البريئة ليس بالأمر المقنع، ولا أعلم إن كان نتنياهو حقيقة لديه قناعة بما يقول لأن المسؤولين الآخرين في "اسرائيل" ليس لديهم هذه القناعة، حيث اعترفوا مرارا وتكرارا بتنفيذ الموساد لعمليات اجرامية بحق المدنيين، وبحسب الصحفي والمؤلف الإسرائيلي رونين بيرغمان، فإن جهاز الموساد اغتال ما لا يقل عن 3000 شخص، لم يكن بينهم فقط الأشخاص المستهدفون بل العديد من الأبرياء الذين تواجدوا في الوقت الخطأ وفي المكان الخطأ، وذلك في لقاء أجرته معه صحيفة "شبيغل" الألمانية.

ثانياً: من سوء حظ نتنياهو أن اليوم الذي تحدث فيه عن "عظمة" الموساد في حفظ أرواح الناس، تصادف مع الذكرى 45 لمأساة طائرة مدنية ليبية أسقطتها مقاتلات إسرائيلية فوق سيناء عام 1973 ما تسبب بمقتل 108 أشخاص من ركابها، وبحسب "روسيا اليوم" فقد بررت الحكومة الإسرائيلية فعلتها، التي توصف بأنها قتل جماعي لركاب طائرة مدنية، بالوضع الأمني المتوتر في المنطقة، وألقت باللوم في ذلك على "السلوك العشوائي لطاقم الطائرة الليبية"، وأعلنت على الملأ أنها اتخذت جميع الإجراءات المناسبة بما يتفق مع حقها في الدفاع عن النفس!.

هذا من الناحية الإنسانية للموساد أما من النواحي الأخرى للأسباب الكامنة وراء هذا الإعلان عن أن "الموساد" أحبط عملية لـ"داعش" فيقودنا إلى ذكر النقاط التالية:

أولاً: ما نشرته صحيفة هآرتس الاسرائيلية يوم الاثنين الماضي عن أن "اسرائيل" تعمل على دعم الجماعات المسلحة في سوريا كرد على التواجد الإيراني هناك من خلال القوات الإيرانية وحزب الله- بحسب ادعائها، يكشف لنا زيف ادعاءاتها حول موضوع محاربة داعش، حيث كشفت عشرات التقارير الغربية عن دعم "اسرائيل" اللامحدود للجماعات الارهابية وتقديم السلاح والمال والعلاج الطبي، وهذا الكلام اكدت عليه المحللة السياسية، إليزابيث توسوركوف، التي التقت عبر السنوات السابقة مواطنين ومسلحين سوريين في الجولان، حيث قالت إن حجم التورط الإسرائيلي في سوريا تغير خلال الأشهر الأخيرة بعد نجاحات حكومة الرئيس الأسد في المعارك، وأضافت أن عشرات المسلحين المعارضين الذين تحدثوا معها وصفوا التغير الكبير في حجم المساعدات التي يتلقونها من "إسرائيل". والأكثر من ذلك أنها قالت إن العديد من المسلحين في الجولان السورية يتلقون الآن ذخيرة وأسلحة من الكيان الإسرائيلي، بجانب المال من أجل شراء السلاح أيضاً.

ثانياً: ما ذكر آنفا يقودنا إلى حقيقة مفادها أن "اسرائيل" فقدت هيبتها بشكل كبير في المنطقة بعد إسقاط طائرة "اف 16" لها من قبل الدفاعات الجوية السورية، ويضاف إلى ذلك عجز الجماعات الداعمة لها عن إحداث أي تأثير فعلي على الأراضي السورية خاصة بعد أن حرر الجيش السوري مساحات شاسعة من البلاد واحبط مشروع التقسيم الذي كانت تحلم به تل ابيب.

ثالثاً: يريد نتنياهو إعادة الهيبة الاسرائيلية وإظهار قوة جهاز الأمن الإسرائيلي "الموساد" عن طريق تقديم معلومات أمنية لبعض الدول لكسب صداقتها وثقتها وإقامة علاقات معها، كما فعلت مع الهند سابقا عندما نقل نتنياهو معلومات إلى نظيره الهندي، ناريندرا مودي، حول خلايا "إرهابية" تعمل في الأراضي الهندية، واليوم الإمارات.

تربية الاطفال أمر في غاية الصعوبة، وخاصة في المراحل الأولى للطفل حيث يجب معاملته بطريقة خاصة مليئة بالحب والحنان والشدة في نفس الوقت. وتزداد صعوبة التربية عندما يكون الطفل يعاني من مشاكل على المستوى النفسي حيث لا يجب في هذه الحالات الإفراط في الحنان والاستجابة لكافة مطالبه بما يؤثر بشكل سلبي على شخصية الطفل، إضافة الى ان الشدة والعناد في هكذا حالات سوف تجعلان الطفل عصبي وعنيد، لذا يجب الوصول إلى طريقة صحيحة عند التعامل مع هكذا نوع من الاطفال.

وفي موضوعنا اليوم سوف نتطرق الى موضوع مهم تعاني منه شريحة كبيرة من الأطفال وهو " ادمان الأطفال على الألعاب الالكترونية"، وللوهلة الأولى قد يظن البعض ان كلمة ادمان قد تثير الاستغراب والتحفظ عند القارئ، حيث يظن البعض ان هذه المشكلة لا تتسم بالخطورة حتى نطلق عليها لفظ الادمان وفي حقيقة الأمر ان تلك الرؤية المبسطة لحالة ادمان الالعاب الالكترونية من الخطأ بمكان ان تكون استراتيجية تعاملنا مع هذا الملف باستهتار وتهاون.

أحدثت التكنولوجيا الحديثة ثورة كبيرة في العالم، الا انها كان لها أثراً سلبياً كبيراً على حياتنا وبالأخص على حياة اطفالنا، حيث أحدثت فجوة كبيرة بين افراد البيت الواحد، فنرى كل فرد من أفراد العائلة ممسكاً هاتفه الشخصي، صانعاً لنفسه عالمه الخاص، إضافة الى تأثيراتها السلبية على المستوى النفسي للأطفال بحيث ساعدت على الانطوائية والعزلة والتسبب ببعض الأمراض النفسية نتيجة إدمان الأطفال عليها بعيداً عن متابعة ومراقبة الأهل لهم.

الألعاب الالكترونية

منذ أكثر من عقدين من الزمن، ولدت أجيال عديدة من الألعاب الالكترونية، كالأتاري، سيجا، بلاي ستيشن، مايكرو... الى ان تحققت نقلة نوعية في عالم الألعاب الالكترونية في أيامنا هذه لتنتج نوعاً جديداً من الألعاب متواجدة على الهواتف النقالة والآيباد والكمبيوتر التي تلعب اليوم دورا كبيراً في ملء أوقات فراغ الأطفال والمراهقين. 

ولا تقتصر هذه الألعاب الالكترونية الحديثة على عدد معين من الالعاب انما هو عالم واسع يتعلم منه أولادنا شن الحروب واحتلال العالم كله، إضافة الى تعلمه نهب بلدان وقتل كثير من الناس. كما يمكنهم تعلم لعب كرة القدم، او حتى تعلم قيادة الفورمولا واحد.

وفي بداية ظهور هذه الالعاب، كان يعتقد أنها مجرد لعبة للترفيه، ولكن لم يمض وقت طويل قبل أن يعرف الجميع ان هذه المتعة قد تكون سببا لإيذاء أطفالنا. حيث اثبتت تقارير أن الألعاب الالكترونية الحديثة ينتجها مجموعة من الاشخاص الذين لديهم مصالح معينة وأهداف خبيثة قد تؤثر بشكل كبير على سلوكيات اطفالنا.

اضرار الالعاب الالكترونية:

-الإدمان: الخطر الأول والأكبر من الاستخدام المستمر لألعاب الكمبيوتر هو أن تعتاد على ذلك. ربما كنتم قد سمعتم أن مراهقة لعبت لمدة يومين كاملين على الايباد دون تناول الطعام مما اضطر أهلها الى اخذها الى المستشفى في نهاية المطاف. ان ألعاب الكمبيوتر يمكن أن تخلق شغف كبير للأطفال والمراهقين، وهذا العامل يزيد من شغف واهتمام الأطفال والمراهقين فيها.

- أمراض الرؤية والجهاز العصبي: ان تحديق الأطفال بشكل مستمر ولفترة طويلة لشاشات الكمبيوتر والهواتف النقالة ومن مسافة قريبة جداً قد يسبب امراضاً في اعين الأطفال، ومن ناحية أخرى، قد يسبب مشاكل في الجهاز العصبي مثل الصداع والغثيان والدوار.

-التغيرات الروحية: اكتساب الطفل سلوكيات سلبية مثل العنف والعدوانية وأثبتت دراسات متخصصة ان معظم عنف المراهقين في العالم سببه الرئيسي ادمان الالعاب الالكترونية.

- الانزواء: ان اللعب المتزايد بالألعاب الالكترونية من قبل الأطفال أو حتى الكبار يؤثر سلباً على الترابط الأسري، كما قد يخلق خللاً في شخصية الأطفال تحديداً في حال دخلوا على مواقع مشبوهة في ظل غياب الرقابة الأبوية، وقد تصيبهم بالاكتئاب أو تولد لديهم العنف ويصبحون أكثر انزوائيا بحيث يصبح الايباد الصديق الوحيد لهؤلاء الاطفال.

-السمنة: ان الجلوس المستمر وراء الكمبيوتر وتقليل النشاط البدني يمكن أن يسبب زيادة الوزن والسمنة عند الأطفال خاصة إذا ترافق اللعب مع وجود حلويات كرقائق والكعك والشوكولاتة.

-آلام أسفل الظهر وآلام في الرقبة مع ضعف شديد في عضلات المثانة مع كسل شديد في العضلات.

-تأخر دراسي وضعف ملحوظ في التحصيل العلمي.

الآباء وألعاب الكمبيوتر

ان الاهل في اغلب الأحيان يكونون في موضع المتفرج على العاب أولادهم، وعدد قليل منهم يلعبون مع أطفالهم، في حين ان لعبهم مع أطفالهم هو واحد من أفضل الطرق لخلق المزيد من العلاقة الحميمة معهم. وبالإضافة إلى ذلك، يجب على الاهل ان يعملوا بشكل فاعل ومؤثر من اجل تجنيب أولادهم الاثار السلبية للألعاب الالكترونية، بحيث يجب ان:

- أولا: لابد من تعليم الطفل ان هناك وقت محدد يقضيه امام اللعبة ويجب عدم السماح لهم اللعب أكثر من الساعات المقررة لذلك.

ثانيا: مرافقة أطفالهم الى محالات الألعاب الالكترونية وعدم السماح لهم بشراء الألعاب التي قد تحمل طابع العنف والضرر.

ثالثا: تحقق من الفئة العمرية التي يتم تضمينها في الألعاب.

رابعاً: الالتفات إلى حقيقة أن الكمبيوتر ليس للعب فقط، بل يمكن من خلاله تعليم أطفالهم مهارات أخرى كالرسم وقراءة الكتب والخ...

خامساً: يجب على الآباء التخطيط لأوقات فراغ أطفالهم بحيث لا تغطي لعبة الكمبيوتر سوى جزء من الوقت، وينبغي ألا تهمل أنواع أخرى من الألعاب، وخاصة الألعاب ذات النشاط البدني والألعاب العقلية.

ختاماً، وكما قيل "درهم وقاية خير من قنطار علاج" ننصح الاهل بالتالي: راقب طفلك، واقترب منه، وكن صديقا محبا اليه، حتى تنجح دائما في حمايته من كل أنواع المخاطر.

الأحد, 25 شباط/فبراير 2018 06:47

كيف تلعب أميركا بالنار في سوريا؟

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يحذّر أميركا من اللعب بالنار في سعيها لتقسيم سوريا. لكن لافروف ربما يشير ضمناً إلى أن المساعي الأميركية التي تأمل تقسيم سوريا، تستهدف تقويض الدور الروسي في المنطقة ومواجهة إيران.

التحذير الموجه لأميركا من اللعب بالنار في سوريا، لم يبدر للمرة الأولى من روسيا. فقد سبقه تحذيرات وتهديدات بعد أن أقرّت الإدارة الأميركية في مطلع العام ما سمته الاستراتيجية الأميركية الجديدة التي أشارت إلى تقويض سوريا.

لكن سيرغي لافروف الذي يتناول الموضوع بما يشبه التهديد في منتدى "فالداي" الدولي للحوار، يحدّد أن أميركا تعمل على تقسيم سوريا على أرض الواقع، ولا سيما في شرق الفرات الممتد بين النهر والحدود السورية مع العراق وتركيا. وهو ما ذكره الأمين العام لحزب الله في الإشارة إلى مواجهة الاحتلال الأميركي في سوريا بين منبج والبوكمال. وهو أيضاً ما أوضحه مستشار المرشد الإيراني علي ولايتي في منع الانتشار الأميركي شرقي الفرات.

يبدو أن العلاقات الروسية - الأميركية تتجاذب في سوريا على صفيح ساخن منذ "الاستراتيجية الأميركية" في مطلع العام، التي قطعت "مذكرة استمرار التنسيق" بين الرئيسين الروسي والأميركي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. إذ أن أميركا وضعت موضع التنفيذ خطة "لا ورقة" في اجتماع وزير الخارجية الأميركية ريكس تيلرسون مع نظرائه الثمانية عشر، وأخذت أميركا تعمل على تطوير مطار الرميلان وإنشاء قاعدة عسكرية أخرى.

وبموازاة هذا التصعيد الميداني تراجعت أميركا وحلفائها عن دعم حل سياسي في سوريا يقتصر على إصلاحات دستورية في دمشق، والعودة إلى جنيف ضد مسار آستانة وتفاهمات سوتشي.

في هذا السياق دعمت أميركا جماعات من النصرة لإسقاط طائرة سوخوي الروسية فوق سراقب في محافظة إدلب، كما ألمح الرئيس الروسي في إفصاحه عن معرفة الجهة التي سلّمت السلاح للنصرة وهي ليست تركية.

وفي السياق نفسه قصفت الطائرات الأميركية لمدة ثلاث ساعات "مجموعة فاغنر" العسكرية المتعاقدة مع روسيا ضمن قوة مشتركة من الفيلق الخامس السوري وأبناء عشيرة البقارة، لمنعها من التقدّم نحو حقل العمر ومنشأة كونيكو.

روسيا تصعّد خطاب التحذير الموجه لأميركا والإنذار من اللعب بالنار في سوريا، وتتهمها بالسعي لاستيلائها عل ثروات وأراضي سوريا الغنية بالمياه والزراعة والنفط والغاز. وتدعوها أيضاً على لسان لافروف في "فالداي" لإزالة ما يسمى "المنطقة الآمنة" في بلدة التنف على الحدود السورية مع الأردن.

لكنها من وراء ذلك تحذّر روسيا من تصعيد العدائية الأميركية لتعزيز التواجد والمصالح الأميركية مع حلفائها في المنطقة وتحجيم الدور الروسي الذي يعزّز نفوذه في مساعي وقف الحرب والحل السياسي.

المساعي الأميركية التي تبرز في صدارة حلفائها لتقسيم سوريا "وحدات الحماية الكردية" لإنشاء إقليم شرقي الفرات أو أقاليم صغرى في الشمال السوري، تتخذ من هؤلاء الحلفاء الموضعيين حصان طروادة لمصلحتها الاستراتيجية مع حلفائها من دول المنطقة العريقة في الحلف الأميركي. ولا غرو أن الإدارة الأميركية الحالية لا تخفي أهدافها في تفتيت المنطقة وإباحة تدميرها ونهب ثرواتها ومقدراتها لمصلحة إسرائيل في المقام الأول ولمصلحة حلفائها من بعض الدول العربية المعادية لإيران والمقاومة، كما تتضح أبعاد "صفقة القرن" على لسان جاريد كوشنير في رؤيته لمستقبل السلام مع إسرائيل.

لكن الدولة التركية التي لا تزال حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة، يشملها نصيب من المساعي الأميركية على الرغم من الامتعاض التركي من الإدارة الأميركية. فالتقارب التركي مع تيلرسون على خطوط عامة لحماية موقع أنقرة في سوريا والعراق، قد لا يلبي الطموح التركي في شمالي سوريا في الوقت الراهن. لكنه يخصّها ببعض التعويضات على المدى المتوسّط إذا دارت الدوائر في المنطقة كما يحلم التحالف الأميركي.

إيران ومحور المقاومة يمسك في يده الحل والربط في معادلة أولية بديهية من الحدود الجنوبية لسوريا إلى شرقي الفرات والحدود الشمالية، هي معادلة إزالة الاحتلال.

قاسم عزالدين