
Super User
شُبهات وتساؤلات حول المرأة (5)
وصفت بعض النصوص الإسلامية المرأة بأنها ناقصة الإيمان، منها: قول ينسب لأمير المؤمنين(ع) وهو: Sمَعاشِرَ النَّاسِ، إنَّ النِّساءَ نَواقِصُ الإِيمانِ ، ... ([1])»، وقد عُلّل نقصان إيمان المرأة في النصوص بقعودها عن الصلاة والصيام أيام حيضها، وهذا يدل على أن إيمان المرأة لا يرقى إلى مستوى إيمان الرجل. وفيما يلي توضيح لمعنى نقصان الإيمان:
* * * * *
قبل الخوض في بيان الجواب عن هذه الشبهة، لا بد من معرفة معنى الإيمان الذي وصفت المرأة بنقصانه عندها، فإن في معناه احتمالات نكتفي بذكر بعضها:
الاحتمال الأول: أن يكون المراد به الروابط المعنوية والعلاقة العبودية بين الإنسان وربه، فإن الرجل في الحالات الطبيعية لا تعتريه حالات تقطع فيها روابط القرب مع ربه، أما المرأة ففي أيام عذرها وحيث إنها لا تتمكن من ممارسة العبادة التي يشترط فيها الطهر، فتكون قد انقطعت روابطها مع ربها، ومن هنا وصفت بالنقص في الإيمان، ولكن هذا غير مطّرد في جميع النساء؛ فالحامل ـ في الغالب أو الدائم ـ لا تحرم من هذا الإيمان، وكذا اليائسة؛ إذ لا يقعدان عن الصلاة والصيام، وكذا يمكن جبره بما جاء عن أئمة أهل البيت (عليهم السلام) من استحباب جلوس الحائض في مصلاها، وذكر الله تعالى والدعاء في مدة صلاتها، وأما بالنسبة للصيام فجبرانه بقضائه.
ويمكننا القول بأن وشائج الروابط بين العبد وربه لا تقتصر على العبادات التي يشترط فيها الطهر، بل ما أكثر الروابط التي تربط العبد بربه! كالدعاء وقراءة القرآن عدا ما استثني، والتفكر في الخلق وغير ذلك، وهذا يعني أنه لا انقطاع في علائق القرب والعبودية بين المرأة وربها، وعليه فلا يحتمل أن يكون المراد بالنقص في إيمانها، انقطاع روابط العبودية في فترة العذر؛ هذا أولاً.
وثانياً: إن المرأة تكلّف بالتكاليف الإلهية قبل الرجل بست سنوات([2]) تقريباً، وهذا في الحقيقة يُعدّ شرفاً لها، وذلك لأن بلوغها سن التكليف يعني أهليتها وصلاحيّتها للحضور بين يدي الله تعالى، وقبول التکليف الإلهي .
وثالثاً: لقد ضرب الله تعالى مثلاً للمؤمنين من الرجال امرأة فرعون، فقال: «وَضَرَبَ اللهُ مَثَلاً لِلَّذِينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْنَ» ([3])، وواضح أن التمثيل في مثل هذه الموارد لأجل الاقتداء، والتأسي بها؛ لما بلغته من عمق الإيمان والارتباط، الذي تجاهلت معه كل ما كان حولها من عز وسخاء وملك، فلو كان إيمانها ناقصاً لما صح التمثيل بها للرجال، الذين هم بحسب الفرض الأكمل إيماناً، لأنه يرجع إلى التمثيل بالداني للعالي، وأمر العالي بالتأسي للدّاني كما ترى!
الاحتمال الثاني: أن يكون المراد من نقصان الإيمان نقصان التكليف عموماً، إذ لو جمعنا تكاليف الرجال وتكاليف النساء، فموارد تكاليف الرجال أكثر، إذ هناك موارد لا تكلّف المرأة بها ويكلّف الرجل، كصلاة الجمعة والجهاد والنفقة على العيال وغير ذلك، وقد أوضح الإمام الباقر (ع) هذه الحقيقة بقوله: «ليس على النساء أذان ولا إقامة، ولا جمعة ولا جماعة ولا عيادة مريض، ولا اتباع جنائز، ولا إجهار بالتلبية، ولا الهرولة بين الصفا والمروة، ولا استلام الحجر الأسود، ولا دخول الكعبة، ولا الحلق، وإنما يقصّرن من شعورهن»([4]).
وهذا لا يمكن أن ينكره أحد إلا أنه لا يعني انتقاصها به كما هو واضح، ومن هنا فتكون الرواية وغيرها مما جرى مجراها ناظرة إلى قلة تكاليف المرأة، رعايةً بحالها، وعطفاً على عنصرها؛ حيث يقول تعالى: «لاَ يُكَلّفُ اللهُ نَفْساً إِلاّ وُسْعَهَا» ([5])، وهذا هو عين العدل والعدالة في التشريع والتكليف الإلهي بين الرجل والمرأة.
[1] ـ نهج البلاغة: الخطبة79 ص72 .
[2] ـ هذا إذا كان بلوغ الرجل في سن (15) من عمره، ويحتمل أن يبلغ قبل هذا بقليل أو بكثير.
[3] ـ التحريم: 11.
[4] ـ الخصال 2: 585.
[5] ـ البقرة: 286.
الإفراج عن المعتقلين في السودان.. فرصة لتحقيق المصالحة؟
في ظل وجود معتقلين آخرين في السجون غير معروف عددهم، تتواصل دعوات ذوى المعتقلين للرئاسة السودانية إلى التدخل للإفراج عنهم، لاسيما أن عبد الرحمن الصادق المهدي، مساعد الرئيس عمر البشير، أعلن أن الأخير قرر العفو عن "جميع المعتقلين
تحليلا وحراكا يتواصل الزخم بشأن ملف المعتقلين في السودان، رغم مضى أقل من أسبوعين على إفراج السلطات عن ثمانين معتقلاً، بينهم سياسيون ونشطاء، بعد اعتقالهم لأسابيع على خلفية احتجاجات منددة بالغلاء وارتفاع أسعار السلع الأساسية، وفي مقدمتها الخبز.
وفي ظل وجود معتقلين آخرين في السجون غير معروف عددهم، تتواصل دعوات ذوى المعتقلين للرئاسة السودانية إلى التدخل للإفراج عنهم، لاسيما أن عبد الرحمن الصادق المهدي، مساعد الرئيس عمر البشير، أعلن أن الأخير قرر العفو عن "جميع المعتقلين".
زخم إضافى أكتسبته قضية المعتقلين، لأن قرار الإفراج عنهم كان أول قرارات المدير الجديد لجهاز الأمن والمخابرات السوداني، صلاح عبد الله، المعروف بـ"قوش"، بعد 72 ساعة فقط من توليه المنصب.
وهي خطوة لفتت الأنظار إلى ما يمكن أن يحدثه هذا الرجل القوي من تغيير في سياسية الحكومة.
وصاحب الإفراج عن المعتقلين اهتمام كبير، حيث دعت السلطات، وعلى غير العادة، الصحفيين المحليين والكالات العالمية للأنباء إلى تغطية لحظات الإفراج عنهم من سجن كوبر شمالي الخرطوم، يوم 18 فبراير/ شباط الماضي.
وبين مؤيد ومحذر وداعٍ إلى الإفراج عن بقية المعتقلين تراوحت ردود الأفعال تجاه الإفراج عن الثمانين، الذين كان قد جرى اعتقالهم مع آخرين، على خلفية الاحتجاجات التي شهدها السودان، منذ مطلع العامل الحالي، تنديداً بإجراءات اقتصادية، وأطلق البعض على هذا التحرك اسم "احتجاجات الخبز".
ولا يزال معتقلون في السجون، بينهم قادة حزبي الشيوعي والمؤتمر المعارضين، رغم إعلان مساعد البشير، عبد الرحمن الصادق المهدي، في يوم لإفراج عن الثمانين، أنه "وفقا لتوجيهات الرئيس عمر البشير تقرر إطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين والطلاب".
وشدد على أن الهدف من هذا القرار هو "تحقيق المصالحة الوطنية، ومعالجة مشكلات الوطن عن طريق الحوار".
** ترحيب وحذر ومطالب
لم يكن قرار الإفراج عن المعتقلين من جانب المدير الجديد لجهاز الأمن والمخابرات، صلاح عبد الله "قوش"، بتوجيه من البشير، كافياً ليحظى بإجماع، فعلى النحو المفاجىء للقرار جاءت ردود الأفعال.
ورحبت أحزاب مشاركة في الحكم بالقرار، وأيضا هيئات وحكومات أوربية، رغم أن الأخيرة أتبعت الترحيب، بالدعوة إلى الإفراج عن بقية المعتقلين، وضمان حرية الإعلام والاحتجاج السلمي.
وقالت بعثة الاتحاد الأوربي وسفراء دول أوربية بالخرطوم، غدة الإفراج عن الثمانين: "نرحب بالإفراج عن بعض المعتقلين السياسين، ونطالب الحكومة السودانية بالإفراج الفوري عن المحتجزين السياسين المتبقين".
فيما اعتبرت نقابة المحامين السودانيين، الموالية للنظام الحكم، هذه الخطوة صائبة، وتبرهن للمجتمع الدولي صدق نوايا الحكومة، وشددت على أن الحرية مكفولة لأي مواطن للتعبير عن قضاياه.
وقال نقيب المحامين عثمان الشريف في تصريح صحفي، يوم 20 فبراير/ شباط الماضي، إن "إطلاق سراح المعتقلين السياسيين يعتبر خطوة استراتيجية لها تبعات إيجابية وتهئ الساحة لانتقال حقيقي يسهم في بناء الاستقرار السياسي، وتأسيس أرضية مشتركة بين الحكومة والمعارضة من أجل الوطن".
أما أحزاب المعارضة، ومنها الأمة القومي، والمؤتمر السوداني، والشيوعي، والبعث السوداني، فلم تجد أن الخطوة تستحق الترحيب بها، باعتبارها ناقصة، طالما أن قيادات أحزاب معارضة لا تزال معتقلة.
بل رحبت تلك اللأحزاب بطريقة مختلفة، إذ قالت في بيان، بعد يومين من الإفراج عن الثمانين: "نرحب بالمعتقلين المفرج عنهم، لمواصلة فاعليتهم فى صفوف المقاومة، فالحرية حق نالوه بالثبات، وسنواصل الضغط السياسي والشعبي من أجل الإفراج عن كافة المعتقلين".
واعتبر حزب الأمة القومي، أكبر أحزاب المعارضة، أن هذه لخطوة من جانب الأمن هي محاولة لإمتصاص السخط الشعبي.
ومضى قائلا إن "إطلاق سراح المعتقلين يعد قوة دفع حقيقية لمواصلة المقاومة والنضال، وتراجع النظام عن حجز المناضلين والقيادات السياسية يجب أن تصاحبه إجراءات أخرى أكثر أهمية، وذلك بإلغاء سياساته الاقتصادية الأخيرة".
** اتهامات لحزب الأمة
وإثر تبادل معلومات عن هوية المعتقلين المفرج عنهم وأسمائهم وانتمائهم الحزبي، اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي في تحديد أن حزب الأمة القومي المعارض، بزعامة الصادق المهدي، هو صاحب أكبر عدد من المعتقلين المفرج عنهم.
تلك الملاحظة أثارت حفيظة كثيرين، ووجهوا اتهامات للحزب بأنه عقد اتفاقا مع الحكومة، للإفراج عن معتقليه، بينما بقى الآخرون في السجن.
وسارع أعضاء في الحزب، بينهم زينب ابنة الصادق المهدي عبر مواقع التواصل الاجتماعي، إلى نفي الإفراج عن جميع أعضاء الحزب المعتقلين، وأوردت أسماء أعضاء في حزبها لا يزالون معتقلين.
وعلى النهج ذاته، اعتبرت أحزاب المعارضة أن سلوك جهاز الأمن والمخابرات لن يشق عصا المعارضة.
وشددت تلك الأحزاب، في بيان، على أن محاولات النيل من وحدتها وثقتها فى بعضها البعض "مكشوفة وبائسة"، وأنها متحدة وموحدة، وملتزمة بالعمل معا من أجل إسقاط النظام الحاكم.
ومرارا أعلن البشير اعتزامه عدم الترشح للرئاسة مجددا، لكن يتردد في أوساط سودانية أن تعيين "قوش" مديرا لجهاز الأمن والمخابرات يهدف إلى التمهيد لترشح البشير، الذي يتولى السلطة منذ عام 1989، في انتخابات الرئاسة، عام 2020، وهي خطوة تستلزم تعديل الدستور.
وما زاد من حالة الشك حول إطلاق سراح معتقلى حزب الأمة المعارض هو تصريح "قوش" لصحيفة " الانتباهة" السودانية الخاصة، بعد يومين من الإفراج عن الثمانين.
فقد رهن "قوش" إطلاق سراح بقية المعتقلين بتحسن سلوك أحزابهم، بالتخلي عن الدعوات إلى إسقاط النظام، قائلاً: "إذا تحسن سلوك أحزاب المعتقلين السياسي في التعامل مع ما يجري في الساحة من تحول ديمقراطي سننظر حينها في إطلاق سراح معتقليهم".
هذا الطلب قوبل برفض من أحزاب المعارضة ، وقالت إن "المطالبين بتحسّن سلوكهم هم أهل النظام، وليس القوي الوطنية، التي تناضل من أجل التغيير، فليحترموا رغبات الشعب، وتعبيره الرافض لسياساتهم، ووجودهم في السلطة".
"واضح أن خطة شق صف المعارضة، عبر قضية المعتقلين، حققت في البداية بعض النجاح، وأثارت الشكوك"، وفق الصحفي السوداني، ماجد محمد على، في حديث للأناضول".
وتابع علي موضحا: "ظهر ذلك عندما تفاجأت أسر المعتقلين بعدم الإفراج عن أبنائهم، فبدأت في الهجوم على قادة حزب الأمة القومي، واتهمت الحزب بعقد صفقة مع الحكومة".
ومضى قائلا: "إلا أن حزب الأمة تدارك الأمر سريع، وأصدر بيانا أكد فيه التزامه بالعمل مع أحزاب المعارضة الأخرى".
معالجات أخلاقية من خلال سورة لقمان
تحدث لقمان الحكيم في السورة التي تحمل اسمه في المسائل الأخلاقية المرتبطة بالناس والنفس، فيوصي ابنه أوّلا بالتواضع والبشاشة وعدم التكبّر، فيقول: ﴿وَلاَ تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ﴾ أي لا تعرض بوجهك عن الناس ﴿وَلاَ تَمْشِ فِى الاْرْضِ مَرَحاً إِنَّ اللهَ لاَ يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَال فَخُور﴾.
"تُصَعّر": من مادّة (صعّر)، وهي في الأصل مرض يصيب البعير فيؤدّي إلى إعوجاج رقبته.
و"المرح": يعني الغرور والبطر الناشيء من النعمة.
و"المختال": من مادّة (الخيال) و (الخيلاء)، وتعني الشخص الذي يرى نفسه عظيماً وكبيراً، نتيجة سلسلة من التخيّلات والأوهام.
و"الفخور": من مادّة (الفخر) ويعني الشخص الذي يفتخر على الآخرين.
والفرق بين كلمتي المختال والفخور، أنّ الاُولى إشارة إلى التخيّلات الذهنيّة للكبر والعظمة، أمّا الثّانية فهي تشير إلى أعمال التكبّر الخارجي.
وعلى هذا، فإنّ لقمان الحكيم يشير هنا إلى صفتين مذمومتين جدّاً وأساس توهين وقطع الروابط الإجتماعية الصميميّة: إحداهما التكبّر وعدم الإهتمام بالآخرين، والاُخرى الغرور والعجب بالنفس، وهما مشتركتان من جهة دفع الإنسان إلى عالم من التوهّم والخيال ونظرة التفوّق على الآخرين، وإسقاطه في هذه الهاوية، وبالتالي تقطعان علاقته بالآخرين وتعزلانه عنهم، خاصّة وأنّه بملاحظة الأصل اللغوي لـ "صعّر" سيتّضح أنّ مثل هذه الصفات مرض نفسي وأخلاقي، ونوع من الإنحراف في التشخيص والتفكير، وإلاّ فإنّ الإنسان السالم من الناحية الروحية والنفسية لا يبتلى مطلقاً بمثل هذه الظنون والتخيّلات.
ولا يخفى أنّ مراد لقمان لم يكن مسألة الإعراض عن الناس، أو المشي بغرور وحسب، بل المراد محاربة كلّ مظاهر التكبّر والغرور، ولمّا كانت هذه الصفات تظهر في طليعة الحركات العاديّة اليوميّة، فإنّه وضع إصبعه على مثل هذه المظاهر الخاصّة.
ثمّ بيّن في الآية التالية أمرين وسلوكين أخلاقيين إيجابيّين في مقابل النهيين عن سلوكين سلبيين في الآية السابقة فيقول: ابتغ الإعتدال في مشيك: ﴿وَاقْصِدْ فِى مَشْيِك﴾ وابتغ الإعتدال كذلك في كلامك ولا ترفع صوتك عالياً ﴿وَاغْضُضْ مِن صَوْتِكَ إِنَّ أَنكَرَ الاْصْوَتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ﴾(1).
إنّ هاتين الآيتين في الحقيقة أمرتا بصفتين، ونهتا عن صفتين:
فالنهي عن "التكبّر" و"العجب"، فإنّ أحدهما يؤدّي إلى أن يتكبّر الإنسان على عباد الله، والآخر يؤدّي إلى أن يظنّ الإنسان أنّه في مرتبة الكمال وأسمى من الآخرين، وبالتالي سيغلق أبواب التكامل بوجهه، وإن كان لا يقارن بينه وبين الآخرين.
وبالرغم من أنّ هاتين الصفتين مقترنتان غالباً، ولهما أصل مشترك، إلاّ أنّهما قد تفترقان أحياناً.
أمّا الأمر بصفتين، فهما رعاية الإعتدال في العمل والكلام، لأنّ التأكيد على الإعتدال في المشي أو إطلاق الصوت هو من باب المثال في الحقيقة.
والحقّ أنّ الإنسان الذي يتّبع هذه النصائح الأربع موفّق وسعيد وناجح في الحياة، ومحبوب بين الناس، وعزيز عند الله.
وممّا يستحقّ الإنتباه أنّ من الممكن أن نسمع أصواتاً أزعج من أصوات الحمير في محيط حياتنا، كصوت سحب بعض القطع الفلزّية إلى بعضها الآخر، حيث يحسّ الإنسان عند سماعه بأنّ لحمه يتساقط، إلاّ أنّ هذه الأصوات لا تمتلك صفة عامّة، إضافةً إلى وجود فرق بين المزعج والقبيح من الأصوات، والحقّ هو أنّ صوت الحمار أقبح من كلّ الأصوات العاديّة التي يسمعها الإنسان، وبه شُبّهت صرخات ونعرات المغرورين البله.
وليس القبح من جهة إرتفاع الصوت وطريقته فحسب، بل من جهة كونه بلا سبب أحياناً، لأنّ بعض المفسّرين يقولون: إنّ أصوات الحيوانات تعبّر غالباً عن حاجة، إلاّ أنّ هذا الحيوان يطلق صوته أحياناً بدون مبرّر أو داع، وبدون أيّ حاجة أو مقدّمة! وربّما كان ما ورد في بعض الرّوايات من أنّ الحمار كلّما أطلق صوته فقد رأى شيطاناً، لهذا السبب.
وقال البعض: إنّ صراخ كلّ حيوان تسبيح إلاّ صوت الحمار!
وعلى كلّ حال، فإنّنا إذا تجاوزنا كلّ ذلك، فإنّ كون هذا الصوت قبيحاً من بين الأصوات لا يحتاج إلى بحث، وإذا رأينا في الرّوايات المرويّة عن الإمام الصادق (عليه السلام)، والتي فسّرت هذه الآية بالعطسة بصوت عال، أو الصراخ عند التكلّم والتحدّث، فإنّه في الحقيقة مصداق واضح لذلك (2)
* آية الله مكارم الشيرازي - بتصرف
1 "أنكر" أفعل التفضيل، ومع أنّه لا يأتي عادةً في مورد المفعول، إلاّ أنّ هذه الصيغة وردت بصورة نادرة في باب العيوب.
2 مجمع البيان، ذيل الآية مورد البحث.
كلمة الإمام الخامنئي لدى إستقباله وزير الأوقاف السوري
بسماللّهالرّحمنالرّحیم
الحمدللّه ربّ العالمین و الصّلاة و السّلام علی سیّدنا محمّد و آله و صحبه المطهّرین وعلیٰ متابعیهم الی یوم الدّین.
في البداية أرحّب بجميع الحاضرين المحترمين، أهلاً بوزير الأوقاف المحترم والعلماء المحترمين وكل الأعزاء، وأشكر الوزير المحترم على كلماته المفيدة والبليغة. كذلك أشكر هؤلاء المنشدين، على تلاوتهم القرآنية وعلى إنشادهم. لقد كان المضمون جيداً وكذلك كان القالب جميلاً أيضاً، وأجادوا العمل .
الرئيس الأسد شخصية كبيرة مناضلة
نحن نقف الى جانب سوريا؛ إن سوريا اليوم في الخط الأمامي؛ ونحن واجبنا أن ندافع عن صمود سوريا.
حضرة السيد بشار الأسد رئيس الجمهورية السورية المحترم ظهرَ كشخصية مناضلة ومقاومة كبيرة؛ لقد صمد ولم يتسلل إليه الشك والتردد. هذا أمرٌ بالغ الأهمية بالنسبة للشعب. هذه الشعوب الإسلامية التي تشاهدون كيف تعيش في حالة من الذل؛ هذه الشعوب ليست ذليلة، إنما قادتها أذلاء. إذا كان عند شعبٍ قادة يشعرون بالعزة ويفتخرون بالإسلام وبهويتهم، فإن هذا الشعب سيصبح عزيزاً. ولن يتمكن العدو من فعل أي شيء ضد هكذا شعب .
إرادة القوى الكبرى ليست أمرا حتميا ولا قدرا محققا
إننا ندخل الى السنة الأربعين للثورة. منذ اليوم الأول لنهضتنا، تحالفت ضدّنا كل القوى الكبرى في العالم: أمريكا والإتحاد السوفياتي أيضاً، حلف الناتو ومعه كل رجعيي العرب والمنطقة؛ كل هذه القوى اتحدت علينا[ضدنا] وحاربتنا. لكننا لم ننهزم ولم يقضَ علينا، بل تقدّمنا وقوينا. فماذا يعني هذا الأمر؟ أول ما يعنيه بأن ما تريده القوى الكبرى ليس بالضرورة أن يتحقق. أي أن الجميع قرروا القضاء علينا ولكننا صمدنا وبقينا. فمن الواضح إذن، بأن ما تريده أمريكا أو أوروبا والقوى النووية العالمية، ليس أمراً حتمياً وقدراً محققاً. حسنٌ ،إن هذا الوعي والإدراك والمعرفة، مصدر أمل وقوة للشعوب. وعليه، فحين نقرر ـ نحن وأنتم وأهل المقاومة في هذه المنطقة بكل حزم وحسم ـ لن يتمكن العدو من ارتكاب أي حماقة . هذه مسألة .
لمواجهة المحرضون على الفتنة المذهبية
المسألة الأخرى هي أن الإسلام قد وعدنا بأن النصر حليف المؤمن المجاهد. إن لم يكن هناك إيمان، فلن تتحقق النصرة بشكل كامل. وإن وجد الإيمان ولكن لم يكن هناك جهاد وسعي دؤوب، لن تتحقق النتيجة المطلوبة. إن واجبنا هو أن ندعم وندافع عن الإسلام وعن الحركة الإسلامية. إحدى مقدمات العمل بهذا الواجب أن نتجنب هذه الخلافات المذهبية والطائفية. حسنٌ ،إذا أردنا أن نضع هذه الخلافات جانباً، فإن هناك من يرفض ذلك ويريد للتنازع أن يسود بيننا، فيقوم بتحريض البعض عندنا وتحريض البعض من إخواننا، لدفع هؤلاء للعمل خلاف حركة الوحدة؛ فيقومون ضد الوحدة قولاً وعملاً. أي إن حركة هؤلاء إن لم تكن ناشئة عن غايات سياسية، فيجب تجاهلهم وعدم الإعتناء بهم. ولكن إن كانوا كالسعوديين وبعض الآخرين، يبثون الفتنة والفرقة وفقاً للسياسات الإستكبارية، فيجب علينا أن نواجههم، يجب أن نقف مقابلهم بصلابة.
نحن لا نعترف بشيعة لندن ولا سنة أميركا وإسرائل
نحن لا نعترف بأولئك الشيعة الذين تدعمهم لندن، ولا نعتبر أولئك السنة الذين تدعمهم أمريكا وإسرائيل مسلمين. نحن لا نعتبرهم بالأصل مسلمين. الإسلام هو ما يخالف الكفر والظلم والإستكبار. هذه هي مشتركاتنا. التوحيد، الكعبة، الوجود المقدس للنبي الأكرم. مشتركاتنا هي المحبة لأهل البيت والعديد من الأمور المشتركة الأخرى. وكذلك فإن واجباتنا جميعاً هي من المشتركات: فأن أدعو أنا العبد بقنوت في الصلاة وأنت لا تدعو به؛ فهذا ليس بالأمر الذي يؤدي الى إختلاف. أصل القضية أن نؤمن بإله واحد أحد ونؤمن بالنبوة ونؤمن بالنصرة الإلهية وبالقيامة بشكل حقيقي. أصل القضية هي هذه الإعتقادات.
اليوم الذي نصلي فيه وإياكم جماعة في القدس لن يكون بعيدا
نأمل إن شاء الله أن تشهدوا ذلك اليوم الذي تصلوّن فيه جماعةً في القدس. أن تروه ونراه إن شاء الله. نحن نؤمن بأن هذا اليوم سيتحقق فعلاً. من الممكن أن لا يكون شخص هذا العبد الحقير أو أمثاله حينها. لكن هذا اليوم سيأتي ولن يكون بعيداً. منذ عدة سنوات، قال [أحدهم] في تلك الحكومة الصهيونية المجاورة لكم بأننا سنقوم بهذا العمل أو ذاك ضد إيران خلال 25 سنة؛ وقد قلت لهم: بأنكم لن تكونوا بعد 25 سنة موجودين لتقوموا بتلك الأعمال. سيأتي هذا اليوم إن شاء الله .
شُبهات وتساؤلات حول المرأة (4)
وردت في بعض المصادر أقوال من المعصومين (عليهم السلام) تصف المرأة بنقصان العقل؛ ومنها: قول ينسب لأمير المؤمنين(ع) وهو: «مَعاشِرَ النَّاسِ، إنَّ النِّساءَ نَواقِصُ الإِيمانِ، نَواقِصُ الحُظُوظِ، نَواقِصُ العقول،... ([1])»، وفيما يلي توضيح لمعنى النقصان في العقل:
* * * * *
معنى العقل وأقسامه
قبل أن نتطرق إلى بيان معنى النص وما هو المراد منه، لابد وأن نتعرّف إلى معنى العقل وأنواعه، فنقول: العقل في اللغة؛ هو العقد والإمساك، وهو عبارة عن القوة التي يميّز بها الإنسان بين الخير والشر، والحق والباطل.
ويقسم إلى قسمين: عقل الطبع، وعقل التجربة، يقول أمير المؤمنين (ع): «العقل عقلان عقل الطبع وعقل التجربة، وكلاهما يؤدّي المنفعة»([2])، ويقصد من عقل الطبع؛ الإدراك السليم للأشياء والقضايا، وحسن التقدير وتدبير الأمور، وأما عقل التجربة؛ فيراد به العلوم والمعارف المستحصلة من التجارب العملية التي يمارسها الإنسان على أرض الواقع، أو التي تمرّ به في حياته، ومن الواضح أن كمال العقل اجتماع قسميه عند الإنسان.
ومن خلال هذا الطرح، يمكن فهم ما معنى نقصان عقل المرأة، الوارد في تلك النصوص؛ إذ من الممكن أن يكون المقصود من نقصان عقل المرأة نقص الإدراك السليم للأشياء والقضايا، وحسن التقدير والتدبير، وممكن أن يكون المقصود من نقصان العقل هو القسم الثاني من معنى العقل، أعني أن العقل الحاصل من التجارب الحياتية التي يمر بها الإنسان، و تمرّ بها المرأة أقل من الرجال، ذلك لأن الرجل من خلال تعايشه مع واقع الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية قد اكتسب تجربة، وقطع فيها أشواطاً ومسافات ساحقة بسبب تصديه لهذه الشؤون والأغراض، وأما المرأة فبحكم بُعدها الطبيعي عن هذه المجالات، ـ إذ قلّما نجد امرأة تخوض غمار الحياة بشؤونها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية ـ لا تكتسب تجربة كبيرة تقوّي بها مدارك العقل الناتج عن التجربة، ولذلك توصف بالنقصان، وهذا المعنى لا يقتصر على النساء، إذ هناك الكثير من الرجال ممن لا خبرة لهم في شؤون الحياة، ولا خاض تجاربها يتصف بنقصان العقل، وإنما وصفت المرأة بهذا النقص لغلبته فيها دونه.
نقصان الذَّاكرة والتجربة
لعل المراد من نقصان العقل هو نقصان الذَّاكرة؛ ولذلك عُلّل النقص في النص بأن شهادة اثنتين من النساء تعدل شهادة رجل واحد، كما جاء به القرآن الكريم، حيث قال تعالى: «فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الأُخْرى» ([3])، إذ الضلال في هذه الآية كما يأتي بمعنى النسيان، يأتي بمعنى الضياع والتيه، وبناء على المعنى الثاني يكون معنى الآية؛ لو ضيّعت المرأة ما رأته بسبب توالي الآراء عليها، وتعدد التوجيهات لديها فتحتاج إلى من يذكّرها، ويشد على يدها فيما رأته، أو تحققت منه لتشهد عليه، وسبب هذا الضياع والتيه عدم امتلاك التجارب الكافية في الحياة؛ لتستطيع من خلالها استيعاب الأمور المحيطة بها بدقتها وواقعيتها.
وما يقرّب ذلك، أن هذا البيان أفرغه الإمام علي بن أبي طالب(ع) بعد واقعة الجمل المرّة، والتي قاد غمار الحرب فيها امرأة، فكأنه أراد أن يبين أنه لا ينبغي للرجال الاقتداء في القضايا المصيرية كالحروب مثلاً بالمرأة؛ لأن الحروب تحتاج إلى عقل تجربة، وهذا ما تفتقده النساء.
تأثير العاطفة على العقل
ويمكننا أن نفهم النقص بمعنى آخر، وذلك بأن يقال: إن مقصوده(ع) من هذا التعبير تأثير الجانب العاطفي على النساء في غالب الحالات، وتأثير نمط حياتهن واستغراقهن في شؤون البيت والأسرة في معظم الحالات، فالمرأة أكثر عاطفة وإحساساً من الرجل، والعاطفة إذا كانت على هذا المستوى فهي تضعف قوة التعقل عند الإنسان، وتمنع من إرساء حكمه، بدون فرق بين الرجل والمرأة، وكلما ازدادت العاطفة قلّ دور العقل وتأثيره على الإنسان، ومن هنا اتصفت بالنقصان في عقلها، فالنقص على هذا التفسير ليس ناظراً إلى الجانب التركيبي للعقل، والجهاز الإدراكي فيها، ولكنه ناظر إلى جهة تسلط العاطفة عليه وتخيمها على دوره.
وسواء فسرنا النقصان بمعنى نقصان الذاكرة والتجربة أو تأثير العاطفة على العقل، لا يعتبر ذلك في واقع المرأة وذاتها انتقاصاً أو امتهاناً، ولا يجعل المرأة من الدرجة الثانية في إنسانيتها، ذلك لأن هذه العاطفة المتهيجة، والأحاسيس الجيّاشة هي ما يحتاجه المجتمع في المرأة، فإن حمل الجنين في أحشائها، وإرضاعه وتربيته، يحتاج في أدواره البدائية إلى العاطفة المطلقة، والأحاسيس المرهفة، ولولا أن الله تبارك وتعالى وهبها هذه العاطفة لما حملت امرأة جنيناً، ولما ربّت والدة وليدها، فتكامل الحياة وتطورها، واستمرار وجود الإنسان، وتنظيم سلوكه، واعتدال نفسيته يحتاج إلى عاطفة المرأة، كما يحتاج إلى عقل الرجل، وكذلك الرجل فهو يحتاج إلى من يحنّ عليه ويعطف على حاله ويداريه، فكان بحاجة إلى المرأة، وفي نفس الوقت فإن المرأة التي تحمل هذه العاطفة العالية بحاجة إلى عقل الرجل وتدبيره، ومن هنا، كان الرجل والمرأة، كل منهما بحاجة إلى الآخر، لأن كمال عاطفة المرأة يحتاج إلى كمال عقل الرجل، وكمال عقل الرجل يحتاج إلى كمال عاطفة المرأة، وبعبارة أخرى: نقصان عقل المرأة بسبب العاطفة المتدافعة يُتمَّم بعقل الرجل، كما أن نقصان عاطفة الرجل يتمَّم بعاطفة المرأة، فكلٌّ منهما مكمل للآخر «هُنّ لِبَاسٌ لّكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لّهُنّ»([4])، فتبارك الله أحسن الخالقين.
[1] ـ نهج البلاغة: الخطبة79 ص72 .
[2] ـ بحار الانوار75 : 6ح58.
[3] ـ البقرة: 282.
[4] ـ البقرة: 187.
بعد القضاء على "داعش"؛ هل ستفي أمريكا بوعودها وترحل من سوريا ؟
صرّح رئيس الولايات المتحدة يوم السبت الماضي، بأن القوات الأمريكية جاءت إلى سوريا من أجل القضاء على قوات تنظيم داعش الإرهابية وعند الانتهاء والقضاء على هذا التنظيم الإرهابي، فإن القوت الأمريكية ستقوم بمغادرة سوريا والعودة إلى الولايات المتحدة. وهنا يجدر بنا التساؤل هل سيفي الرئيس "ترامب" بما قاله وصرّح به؟
والجواب على هذا السؤال، هو أنه لا يمكن الوثوق ولو بقدر يسير بتلك التصريحات والوعود التي أطلقها "ترامب". ولكن لماذا؟
أولاً، إن ادعاءاتهم بمكافحة الإرهاب وتنظيم "داعش" الإرهابي ما هي إلا كذبة واضحة:
لم يسعَ الأمريكيون أبداً إلى محاربة تنظيم داعش الإرهابي والقضاء عليه ولن يقوموا بذلك في المستقبل، فلقد اعترفت "هيلاري كلينتون" بصراحة في مذكراتها بأن الحكومة الأمريكية قامت بإنشاء تنظيم داعش الإرهابي وقامت بإرساله إلى شبه جزيرة سيناء المصرية، لاستخدامه كذريعة للقيام ببعض العمليات العسكرية المحرّمة في تلك المناطق وأعربت "كيلنتون" أن الأمريكيين قاموا بالاستعانة بهذا التنظيم الإرهابي من أجل تحقيق أهدافهم والقضاء على بعضٍ من قوات المقاومة الموجودة في منطقة الشرق الأوسط..
لذلك فهم لا يسعون إلى تدميره والقضاء عليه، بل على العكس من ذلك، فهم الذين يقومون بإدارته ولقد قدّمت السلطات السورية والعراقية والأفغانية والروسية الكثير من الشكاوى على عمليات النقل الجوي التي تقوم بها طائرات الهليكوبتر الأمريكية للجماعات الإرهابية وتنظيم الدولة الإسلامية وأسلحتهم ومعداتهم. لذلك، فإن تلك الادعاءات الأمريكية بمكافحة الإرهاب وتنظيم داعش الإرهابي ما هي إلا كذبة واضحة لن تنطلي عن أي شخص.
ثانيا، لا يمكننا أن نثق بتلك التصريحات الأمريكية:
لقد لحقت بالقوات الأمريكية الكثير من الإخفاقات والهزائم المتتالية في منطقة الشرق الأوسط ونتيجة لذلك نرى بأن المواقف والتصريحات التي يطلقها بعض القادة والسياسيين الأمريكيين فيما يخصّ القضية السورية، أصبحت متزعزعة ومليئة باليأس. من جهة أخرى تسعى السلطات في واشنطن إلى فرض سيطرتها على منطقة غرب آسيا وذلك من أجل الحفاظ على هيمنتها على الساحة العالمية ولهذا فإنها تسعى إلى السيطرة على الأوضاع في سوريا بما يتماشى مع مصالحها.
ومن أجل تحقيق مطامعها تلك، فإنها سوف تسعى إلى تقسيم وإضعاف سوريا، أو إنها ستقوم بدعم تلك التحالفات والميلشيات الموجودة في سوريا والموالية للغرب للوقوف في وجه محور المقاومة أو إنها إذا ما اضطرت، فإنها ستقيم تحالفاً مع روسيا. فهم يرون بأن تلك القوات الموالية للحكومة السورية مثل الإيرانيين وحزب الله، لا ينبغي أن تكون موجودة في سوريا ولا ينبغي أن تظلّ سوريا تحت المظلة الروسية وهذه هي الأهداف الحقيقية التي تسعى الولايات المتحدة إلى تحقيقها في سوريا وليست تلك الادعاءات التي اتخذتها ذريعة للبقاء في سوريا والتي عبّرت فيها بأن هدفها هو خلق السلام والأمن ومكافحة التنظيمات الإرهابية الموجودة في سوريا ولاسيما تنظيم داعش الإرهابي.
منذ بداية النزاع المسلّح وظهور الجماعات الإرهابية المعارضة للنظام الحاكم في سوريا، بدأ الأمريكيون بتقديم الكثير من الدعم لتلك الجماعات الإرهابية المسلّحة بهدف الإطاحة بالنظام السوري والرئيس "بشار الأسد" ولقد ركّزوا في بداية الأمر على تقديم الكثير من الدعم العسكري واللوجستي لقوات الجيش الحرّ والمعارضة التي كان لها توجّه علماني وفي ذلك الوقت، كانت الولايات المتحدة تقوم أيضا بدعم الجماعات الإرهابية الأخرى وذلك من أجل تحقيق هدفها الأساسي والمتمثل في الإطاحة بالحكومة والرئيس السوري.
وفي عام 2014، أُجبر الأمريكيون على وضع تنظيم داعش الإرهابي وقوات جبهة النصرة في قائمة الجماعات الإرهابية وذلك بعد ما نُشرت تقارير تُفيد بأن تلك الجماعتين الإرهابيتين قامتا بالعديد من الجرائم الفظيعة والوحشية ضد المواطنين الأبرياء في سوريا والعراق وأعلن الأمريكيون أيضاً بأنهم سيعملون على القضاء كلياً على تلك المجموعتين ولكن تلك التصريحات ما هي إلا شعارات واهية ستستخدمها الولايات المتحدة كذريعة لتبرير بقائها في منطقة الشرق الأوسط ولن تتخذ أي خطوات فعّالة في ذلك الاتجاه.
كان من المتوقع في 21 نوفمبر 2017، أن تبدأ الولايات المتحدة بسحب قواتها بشكل تدريجي وذلك بعد ما تم الإعلان عن هزيمة تنظيم داعش الإرهابي على يد قوات محور المقاومة في سوريا ولكن للأسف الشديد لم تفِ الولايات المتحدة بوعودها تلك ولم تقم بسحب قواتها من الأراضي السورية، بل إنها زادت من أنشطتها العسكرية في تلك المناطق والغريب في الأمر أنها تسعى الآن إلى تشكيل جيش مؤلف من 30 ألف جندي. فهل هم هنا لمحاربة تنظيم داعش الإرهابي؟! بالتأكيد لا.
إنهم لن يقبلوا أن يُهزم تنظيم داعش الإرهابي في هذا البلد وذلك لأنهم، أولاً: لا يريدون أن تكون قوات الرئيس "الأسد" وحلفاؤه هم الذين هزموا ذلك التنظيم الإرهابي، وثانياً: لأنهم يحتاجون إلى ذريعة لتبرير بقائهم في سوريا وذلك لأن قبولهم بهزيمة داعش في سوريا سُيجبرهم على مغادرة هذا البلد.
إن الشيء المثير للسخرية هنا، هي تلك الانتقادات التي كان يطلقها "دونالد ترامب" أثناء حملته الانتخابية والتي كان يدعو فيها الحكومة الأمريكية إلى عدم التدخل في شؤون البلدان الأخرى ولاسيما دول غرب آسيا ولكنه عندما وصل إلى البيت الأبيض، استمر في فعل الشيء نفسه بل إنه زاد من الوجود الأمريكي في الكثير من البلدان حول العالم.
ثالثاً، أغلب التصريحات الأمريكية لها مفهوم عام وعلى الأغلب تكون تلك التصريحات قابلة للفهم والتفسير:
إن السلطات الأمريكية تُغيّر أهدافها ومواقفها بشكل مستمر تحت ذرائع وحجج واهية وهذا الشيء ليس غريباً عليها وإذا ما نظرنا جيداً إلى تلك التصريحات الأخيرة التي أطلقها الرئيس الأمريكي "ترامب" والتي أعرب فيها بأن القوات الأمريكية سوف تغادر سوريا فور الانتهاء والقضاء على تنظيم داعش الإرهابي، فإن السؤال الذي سيطرح نفسه هنا، هو متى سيتم القضاء على تنظيم داعش الإرهابي بشكل كلّي؟ وكم من الوقت ستستغرقه القوات الأمريكية للخروج كلياً من سوريا بعد القضاء على ذلك التنظيم الإرهابي؟ وهل ستقوم الولايات المتحدة في ذلك الوقت بسحب جميع قواتها أو ستُبقي على بعضٍ من قواتها في سوريا؟
ستصرّح السلطات الأمريكية، بأنها هي فقط من سُتجيب على تلك الأسئلة وبأنها هي التي ستُحدد كيف ستخرج قواتها من سوريا وهي التي ستختار وقت خروج قواتها. ولهذا فمن المؤكد أن يبذل الأمريكيون قصارى جهدهم لاختلاق الذرائع والحجج من أجل البقاء في سوريا ولكي يحققوا جميع مطامعهم التي جاؤوا من أجلها، فإنهم سوف يسعون إلى تقسيم وإضعاف سوريا، أو إنهم سيقومون بدعم تلك التحالفات والميلشيات الموجودة في سوريا والموالية للغرب للوقوف في وجه محور المقاومة أو إنهم إذا ما اضطروا، فإنهم سوف يقيمون تحالفاً من روسيا. فهم يرون بأن تلك القوات الموالية للحكومة السورية مثل الإيرانيين وحزب الله، لا ينبغي أن تكون موجودة في سوريا ولا ينبغي أن تظل سوريا تحت نفوذ موسكو.
لبنان ساحة المعركة المقبلة؟ إسرائيل تبحث عن مظلّة لضرب المدنيين
هل ما كشفه السيناتور الأميركي الجمهوري ليندسي غراهام في مؤتمر صحفي عقب عودته من "إسرائيل" يشي بحرب إسرائيلية مقبلة على لبنان ولماذا تصرّ تل أبيب على إقحام إيران في كل صغيرة وكبيرة في المنطقة؟
حملت زيارة السيناتور الأميركي الجمهوري الأميركي ليندسي غراهام إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة الأسبوع الماضي الكثير من الوعود للطرف الإسرائيلي، ولعلّ ما كشف عنه أمس خلال مؤتمر صحافي، يشي بما قد يستجد لجهة حزب الله وسوريا وإيران.
مقاربة جديدة في مواجهة حزب الله نقلها السيناتور غراهام خلال مؤتمر صحفي مع السيناتور الديمقراطي كريس كونز. مقاربة عنوانها "شن إسرائيل لحرب ضد حزب الله بذريعة إقامة مصنع صواريخ مدعوم من إيران في لبنان".
"توتر كبير تشهده المنطقة وبشكل متزايد خاصة من ناحية إسرائيل التي تعتقد أن مسار الأمور في المنطقة يتقدم وفي الوقت نفسه يتمكن محور المقاومة من حفظ جزء كبير من مصالحه في سوريا، إضافة إلى تراجع الدور الأميركي في المنطقة"، على حد تعبير الباحث في العلاقات الدولية حسام مطر في حديثه للميادين نت.
يرى مطر أن إسرائيل تعتقد أنه في ظل كل هذه التحولات يجب أن تكون أميركا أكثر التحاماً بالمصالح القومية الإسرائيلية وأكثر حضوراً في الجهد الإسرائيلي داخل المنطقة.
عدا عن ذلك، إسرائيل تريد أن يكون عنوان المرحلة المقبلة "تحفيز الضغوط السياسية والأمنية الاقتصادية" وأن تبذل الإدارة الأميركية جهوداً أكبر، في محاولة لاستعادة التوازن الذي يعتقد الإسرائيليون أنهم فقدوه في المنطقة وأن التحولات ليست لمصلحتهم، بحسب مطر.
وفي صورة مكمّلة للمشهد العام يعتبر مطر أن الجو الإسرائيلي يذهب نحو تهيئة مناخات معينة وهو محاولة لجعل ملف موضوع التسلح لدى حزب الله موضوعاً إيرانياً، ليبقى موضوعاً ساخناً وصالحاً للاستخدام في إطار النقاش من ناحية ممارسة ضغط سياسي على حزب الله. ومن ناحية ثانية لاستجرار العطف الغربي، وعبر تعميم مناخ أن إسرائيل تعاني تحديات كبيرة جداً.
وفي هذا الإطار، نقلت صحيفة بلومبرغ عن قائد القيادة المركزية جوزيف فوتيل قوله أمام لجنة القوات المسلحة في مجلس النواب أن مواجهة إيران ليست من بين مهمات التحالف في سوريا، محذراً من أنه في الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة مواجهة الإرهاب، تشكّل "أنشطة إيران الخبيثة" التهديد الأبرز في المنطقة، حسب تعبيره.
بـ "الحيرة والفشل وعدم النضوج" وصف الكاتب الصحفي علي رزق الاستراتيجية الأميركية الحالية تجاه إيران، وأكّد للميادين نت أنّ كلام قائد القيادة المركزية الأميركية يتعارض مع تصريحات كبار المسؤولين الأميركيين من بينهم وزير الخارجية ريكس تيلرسون التي يعتبرون فيها أن أهداف الوجود الأميركي في سوريا هو التصدي لإيران.
ولعلّ من النقاط الخطرة التي تطرٌّق إليها غراهام في مؤتمره الصحفي هو الحديث بوضوح عن أنّ إسرائيل طلبت من واشنطن إعطاءها المزيد من السلاح ودعماً دبلوماسياً في حال ضربت مدنيين في لبنان خلال قصفها مكان تواجد "صواريخ حزب الله".
وقالها صراحة "جنوب لبنان هو ساحة المعركة المقبلة في المنطقة".
هذا التصريح لم يلجمه أي خشية من عدم احترام قواعد القانون الدولي وحقوق الإنسان، والذي يحذّر بشكل كامل استهداف المدنيين تحت أي ذريعة.
تشرح الأستاذة في العلاقات الدولية في الجامعة اللبنانية ليلى نقولا .أن مبدأ التمييز بين المدنيين والعسكريين هو مبدأ ثابت وأساسي في القانون الدولي الإنساني، وأي إخلال في هذا المبدأ يعتبر جريمة حرب، معتبرةً أن هناك أمرين يتبعان التمييز بين المدنيين والعسكريين.
أولاً أمر الضرورة العسكرية، وهذا ما يحاول أن تتذرع به إسرائيل عبر قولها إن هناك ضرورة عسكرية لاستهداف المدنيين باعتبار أن حزب الله يتمركز في الأماكن المدنية، وهذا الأمر مردود على الإسرائيليين ولا يمكن القبول به بموجب القانون الدولي الإنساني.
والأمر الثاني الذي يحكم هذا الأمر هو المشاركة المباشرة في العملية العدائية، بحيث أن المدني الذي يشارك بطريقة مباشرة وبشكل متواصل في العمليات الحربية والعمليات العدائية ويسبب ضرراً للعدو يمكن استهدافه.
وانطلاقاً من كل القواعد القانونية "يمكن الاعتبار أن ما يطلبه الإسرائيليون من الأميركيين هو حماية لهم من المضايقات التي ممكن أن تحصل على صعيد القانون الدولي الإنساني في الجرائم التي سوف يرتكبونها باستهداف المدنيين" في حال شنّ هذه الحرب، بحسب نقولا.
ندين عباس
معايير وسائل الإعلام الغربية في قلب وتزييف الحقائق
تلعب وسائل الإعلام الإخبارية في أمريكا وغيرها من الدول الغربية دوراً كبيراً في حرف الحقائق ومحاولة التشويش على الرأي العام العالمي لتحقيق مآرب هذه الدول في مختلف المجالات السياسية والأمنية والعسكرية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
ويعتقد المفكّران "نعوم تشومسكي" و" إدوارد هيرمان" أن الدول الغربية وفي مقدمتها أمريكا تسعى للوصول إلى أهدافها من خلال تزييف الحقائق في شتى المجالات عبر ما يعرف اصطلاحاً بالـ "بروباغندا"*، وهناك معايير متعددة لإنجاز هذه المهمة يمكن إجمالها بما يلي:
الملكية الإعلامية...
تسعى الشركات الأمريكية والغربية عموماً للاستحواذ على وسائل الإعلام في دولها من أجل الترويج لمنتجاتها وكيفية تسويقها في الدول الأخرى لتحقيق أرباح ماديّة خيالية في مختلف الميادين ولاسيّما في المجالين العسكري والاقتصادي.
ويشير كل من تشومسكي وهيرمان إلى أن هذه الوسائل تتعمد تضخيم مميزات منتجات تلك الشركات بهدف إقناع المستهلكين لشرائها، حتى وإن كانت الحقيقة تؤكد بأن هذه المنتجات ليست بالكيفية الجيدة التي يتم الترويج لها. وقد تعمد هذه الوسائل في مقابل ذلك إلى الانتقاص من جودة منتجات الشركات المنافسة، لإقناع المستهلك بعدم شرائها.
وهذا الأمر ينسحب أيضاً على فبركة الأخبار ومحاولة تشويش ذهن المتلقي في شتى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، وذلك من خلال استخدام فلترات أو مرشحات خبرية تأخذ على عاتقها تزوير الحقائق أو قلبها بما يخدم مصالح مالكي المؤسسات الإعلامية في أمريكا وغيرها من الدول الغربية كصحف "وول ستريت جورنال" و"نيويورك بوست" و"ديلي تلغراف".
ومعظم وسائل الإعلام الغربية مملوكة من قبل شركات معروفة بينها "تایم وارنر" و"ديزني" و"سي بي أس" وتطبق أغلبيتها المقولات المعروفة لـ "جوزيف غوبلز" وزير الدعاية السياسية في عهد هتلر وألمانيا النازية ومن بينها "اكذب، اكذب حتى يصدقك الناس" و" كلّما كبرت الكذبة كان تصديقها أسهل".
الدعايات والإعلانات...
تسعى كل وسائل الإعلام الغربية، والأمريكية منها على وجه التحديد، للاستفادة القصوى من الدعايات والإعلانات التجارية لجني أرباح ماليّة طائلة يتم توظيفها فيما بعد لخدمة أهداف مالكي هذه الوسائل بالتنسيق مع كبار المسؤولين في الدول التي تنتشر فها تلك الوسائل على نطاق واسع.
والعديد من الصحف الغربية اضطرت لغلق أبوابها أو خفّضت من مستوى انتشارها بسبب عدم نجاحها بالترويج للدعايات والإعلانات التجارية لأن أكثر قرّائها من العمّال والطبقات الفقيرة، كما حصل مع صحيفة "ديلي هيرالد" البريطانية.
المصادر الخبرية...
تسعى وسائل الإعلام الغربية كشبكة الـ"سي أن أن" الأمريكية والـ "بي بي سي" البريطانية إلى الوجود الدائم قرب الأماكن الحسّاسة كالبيت الأبيض ووزارة الدفاع الأمريكية "البنتاغون" وأمثالهما لاصطياد التصريحات التي يطلقها المسؤولون هناك والإسراع بنشرها لتحقيق السبق الخبري الذي يعدّ من الأمور المهمة للحصول على مكانة إعلامية متميزة في شتى أنحاء العالم.
الانتقادات...
تزعم الدول الغربية ولاسيّما أمريكا أنها تسمح لوسائل الإعلام بحريّة التعبير عن الرأي وتوجيه الانتقادات لمسؤولي هذه الدول من أجل الإيحاء بأنهم يؤمنون بالديمقراطية والدفاع عن حقوق الإنسان، في وقت تؤكد فيه جميع القرائن والمؤشرات أنّ هؤلاء المسؤولين يّوظفون هذه الأمور لتحقيق أهداف بعيدة كل البعد عن الجوانب الإنسانية والقيم الأخلاقية كما يحصل في غضّهم الطرف عن الجرائم الوحشية التي يرتكبها النظام السعودي ضد الشعب اليمني منذ ثلاث سنوات وبدعم من واشنطن وحلفائها الغربيين.
وتجدر الإشارة إلى أن الكثير من وسائل الإعلام الغربية تتعرض بين الحين والآخر للابتزاز أو التهديد في حال رفضت الدفاع عن السياسات الظالمة التي تنتهجها الدوائر الاستكبارية الغربية ضد الدول الأخرى كما يحصل في العراق وسوريا.
التخويف من الأيديولوجيات غير الغربية...
دأبت معظم وسائل الإعلام الغربية إلى التخويف من الأيديولوجيات الفكرية المنتشرة في مناطق أخرى من العالم، كما حصل مع الشيوعية إبّان حقبة الحرب الباردة التي امتدت من نهاية الحرب العالمية الثانية وحتى انهيار الاتحاد السوفيتي في مطلع تسعينات القرن الماضي. وحصل التخويف أيضاً وهو متواصل الآن ضد الجمهورية الإسلامية في إيران في إطار ما يعرف بـ "إيران فوبيا" لتحقيق أهداف استراتيجية من بينها عقد صفقات بيع أسلحة بمئات المليارات من الدولارات للسعودية والعديد من دول مجلس التعاون من قبل أمريكا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا ودول غربية أخرى.
وتنبغي الإشارة إلى أن وسائل الإعلام الغربية تعتمد كثيراً على التلاعب بالمشاعر وتوظيف الحرب النفسية بشتى صورها وأشكالها لتحقيق أغراض مشبوهة في كل المجالات، والتجارب التي شهدتها العقود الماضية خير دليل على هذا الأمر، وخصوصاً أن هذه الوسائل تتمتع بإمكانات هائلة وخبراء ومتخصصين في هذا المجال في مقابل الضعف والتخلف الفكري والنفسي الذي ابتليت به الكثير من الشعوب، ما ساعد على نجاح الدول الاستكبارية في تمرير مؤامراتها ضد هذه الشعوب مع شديد الأسف.
* البروباغندا (Propaganda) تعني نشر المعلومات أو الرسائل بطريقة موجّهة ومركّزة من أجل التأثير على آراء وسلوك أكبر عدد ممكن من الأشخاص. وكثيراً ما تعتمد البروباغندا على إعطاء معلومات ناقصة أو كاذبة بهدف تغيير السرد المعرفي للأشخاص المستهدفين.
شُبهات وتساؤلات حول المرأة (3)
الشبهة الثالثة أوالتسائل الثالث المرأة في بعض النصوص... ؟!
وردت في جملة من النصوص الإسلامية، أحاديث تصف المرأة بأوصاف تعبّر عن دونيتها ونقصانها، قبل الإجابة عن هذه الشبهة لابد وأن نعلّق ـ بكلمة قصيرة على هذه النصوص والأحاديث التي تكرس بشكل عام النظرة الدونية للمرأة.
* * * * *
نقول: إن هذه النصوص ليست بكثيرة، ويمكن مناقشتها على أساس مبدأين معروفين، وهما: في مدى صحة هذه النصوص من الناحية السندية، وفي ما هو مضمونها وحقيقة دلالتها، سنبحث عن هذين المبدأين باختصار:
البحث عن مدى صحة هذه النصوص، وصحة نسبتها إلى قائلها، إذ بإجراء المعايير والضوابط الحديثية المذكورة في علم دراية الحديث وعلم الرجال، يظهر أن معظمها ضعيف وغير معتبر شرعاً ولا مجال لتوسع في هذا البحث في هذا المختصر.
البحث في أدلة هذه النصوص
أما البحث في مضمون هذه النصوص ودلالتها؛ فلا بد أن نقول:
أولاً: إن هذه النصوص على فرض عدم إمكان تأويلها أو حملها على محمل يتفق مع روح الإسلام ونظريته - بشكل عام- إلى المرأة ومكانتها ودورها، فلابد من ردّها وعدم قبولها عرضه، لما اتفق عليه المسلمون بأن كل ما خالف كتاب الله عزّ وجلّ والسنة القطعية فهو زخرف يضرب بعرض الحائط - على حد تعبير بعض الروايات عن أهل البيت عليهم السلام هذا من جهة عامة، أما من جهة دلالة الروايات المذكورة على انتقاص المرأة ودونيتها فغير واضح، يحتاج إلى بيان وتوضيح، وهذا ما سنقوم به في هذا الكتاب.
ثانياً: إن هذه النصوص التي تصف المرأة بالنقص والشر والدونية، وإن كان ظاهرها التعميم، وصدور الحكم على وجه الإطلاق، إلا أن هذا العموم، وذلك الإطلاق يمكن أن يقيد ويخصص، وأن يكون الحكم صادراً في صنف خاص من النساء، وذلك الصنف هو النساء اللواتي يتعصبن لرأيهن، ولا يتعقلن ولا يتفهمن القانون والحكم الإلهي، لا أن المرأة التي تخضع للمشورة، والرجوع في كل قرار تتخذه لما يمليه عليها دينها، إن هذا الصنف لا يمكن وصفه بالنقص والدونية.
ثالثاً: من المحتمل جداً أنَّ هذه النصوص ليست ناظرة إلى ذات المرأة وحقيقتها، فهي لا تقرر ذم المرأة في ذاتها وأصل خلقتها، بل ناظرة إلى القابلية والشأنية، بمعنى أن المرأة بلحاظ أنها من أعظم مفاتن الرجل، ولها أكبر التأثير على نفسه، لذا قال تعالى: «زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ» ([1])، فكانت المؤثر الأكبر على قرارات الرجال، وميولهم وأخلاقهم، ولأجل الحيطة على الرجال كان لابد من التحذير من هذه القابلية، والشأنية للمرأة. إلا إذا كانت هذه المرأة مؤمنة وصالحة، وخاضعة للشريعة المقدسة، وعدّلت هذه الأهلية والقابلية. وفي الأبحاث القادمة نقدم نماذج من تلك النصوص، ونناقش كل واحدة منها على حدة.
[1] ـ آل عمران: 14.
معلومات تُكشف لأول مرة حول وزير الصحة في تنظيم داعش الارهابي
أجرت قناة CNN الإخبارية مقابلة مع الدكتور "كفاح حسين" وزير الصحة السابق في تنظيم داعش الإرهابي، بعد أن تمكّنت السلطات الأمنية التركية من إلقاء القبض عليه الشهر الماضي وإليكم خلاصة لأبرز ما قاله "حسين" في تلك المقابلة:
ادّعى "حسين" الوزير السابق في "داعش" أنه غادر التنظيم قبل ستة أشهر، وهو اليوم محتجز لدى السلطات التركية بانتظار محاكمته بناءً على تهم لم تُعلن بعد وأعرب بأنه عمل طبيباً متدرباً لمعالجة الروماتيزم، وخدم لدى تنظيم "داعش" وتشكيلاته السابقة لحوالي عقدٍ ونصف ولفت إلى أنه كان في معظم الوقت مخفياً عن أعين الاستخبارات والجيش الأمريكي والحكومة العراقية.
وقال "حسين" بأنه نشأ في تلعفر، وهي قرية بتجمع تركماني في العراق، تقع على إحدى الطرق الأساسية التي تربط بين الموصل والحدود العراقية السورية ولفت إلى أنه درس مجال الطب بالموصل عندما بدأ الغزو الأمريكي في العراق عام 2003 وقد أثّرت فيه للغاية رؤية جيش أجنبي يحتل بلاده.
وقال "حسين" إنه انضم إلى مجموعة "التوحيد والجهاد" عام 2004، المجموعة التي قادها أبو مصعب الزرقاوي، والتي سبقت بأيدولوجيتها تنظيم القاعدة في العراق وتبنّى "حسين" الأيدولوجية التي مثّلها الزرقاوي وقال بأنه ساعد المجموعة الجهادية المتشدّدة من خلال إدارة خدماتها الطبية وتابع "حسين" إن السلطات العراقية احتجزته في عام 2008 بالموصل واتهمته بارتباطه بتنظيم القاعدة، لكن أفرج عنه بعد حكم قصير بالسجن ولم يتلقَ معاملة سيئة
وأعرب حسين أنه بعد شهرين من إحكام "داعش" السيطرة على مدينة الموصل، تركته زوجته الأولى وهربت ولكنه كان على تواصل معها وأرسل إليها خطابات بتهديدها بالاختطاف وبعد ذلك ارتبط حسين بزوجة ثانية، كانت ابنة أحد المسؤولين بتنظيم "داعش"، وكانت طبيبة بسلطة واسعة، بارزة بين كوادر "داعش" ويُعتقد بأن الطبيبة كانت من بين المجموعة الرئيسية التي أحيلت إليها مهمة معالجة قائد التنظيم أبو بكر البغدادي، بعد إصابته عام 2015.
وقد تولى حسين منصب وزارة الصحة بتنظيم "داعش" بعد مقتل الوزير السابق في تفجير بالموصل، وفقاً لقوله، وعند فقدان "داعش" السيطرة على الموصل، غيّر "حسين" مركز عملياته إلى سوريا كغيره من منظمي العمليات التشغيلية بـ "داعش"، وبدأ التنقل بين الرقة ودير الزور، مضيفاً: "لم نخدم العناصر وحدهم، بل قدمنا خدمات للمدنيين أيضاً وأولئك الفقراء في تلك المناطق".
وذكر "حسين" أنه وبعد شهر من بقائه بسوريا، حصّل هوية كلاجئ سوري، لكنه أوقف في نقطة تفتيش بطريقه إلى إسطنبول، وإلى جانبه كان هنالك عراقي آخر تعرّفت إليه السلطات التركية على أنه من داعش وكان تحت سلطته، وفي اليوم ذاته، تعرّفت السلطات التركية على أكثر من ستة أعضاء من تنظيم "داعش" من بينهم هولندي وبريطاني كانا على لائحة الإنذار الأحمر، والتي يطلب على أساسها إصدار مذكرة اعتقال دولية.
وفي آخر تلك المقابلة قال "حسين" متحسراً إنه لم يتوقع أن يخسر التنظيم "خلافته"، مضيفاً: "لقد هُزم "داعش" عسكرياً، لكن هذا يعني بأنه لا وجود لأعلام "داعش" في كل أرجاء العراق وسوريا