Super User

Super User

تتّجه معركة الغوطة الشرقية إلى الحسم النّهائي. فحمم الغضب الغربي في أروقة مجلس الأمن، أخفقت في وقف اندفاعة الجيش السوري وحلفائه. ورغم أن بلوغ خطّ النهاية في هذه المعركة الحساسة يحتاج بطبيعة الحال إلى حدٍّ أدنى من التوافقات الإقليمية والدولية، فقد أصبح من الواضح أن أي صيغة لحل معضلة الجيب الغوطاني لا تتم إلا على وقع استمرار المعارك وقعقعة السلاح.

من الناحية العملية أنجز الجيش السوري مع القوات الحليفة الجزء الأكبر من المهمة وحقق النسبة الأهم من أهدافها العسكرية، لا سيما في ظل تقهقر الفصائل المسلحة وعجزها عن عرقلة تقدم الجيش السوري، بالإضافة إلى تغير المزاج الشعبي داخل مدن وبلدات الغوطة وتحوله إلى الضغط على الفصائل المسلحة من أجل التوصل إلى تسوية مع الجيش السوري، وهو ما يجعل الفصائل بين نارين لا مهرب منهما.

وقد أجهض هذا الواقع استراتيجيةَ الفصائل التي كانت تتوخى اتخاذ المواطنين في المدن ذات الكثافة العالية دروعاً بشرية بعدما أعطت حمورية وسقبا وكفربطنا عبر مظاهراتها المؤيدة لدخول الجيش إليها، مؤشراً على أن البوصلة الشعبية سرعان ما تختار طريق أمانها ومعيشتها عندما تتحرر من نفوذ المسلحين وسطوتهم عليها.

ورغم أن الانكسار العسكري وتراجع المعنويات أجبرا قادة الفصائل على تقبّل فكرة التسوية والتداول فيها ضمن الحلقات الضيّقة المحيطة بهما، غير أن بعض الأسباب لا تزال تحول دون الاقرار بذلك وأهمها هو رهان قادة الفصائل على الحراك الدولي الذي تجلّى مؤخراً بارتفاع سقف التهديدات المتبادلة بين الولايات المتحدة وروسيا ووصوله إلى حد غير مسبوق منذ عقود. إذ يعتقد هؤلاء أن هذا التصعيد بين القوتين العظميين قد يؤدي إما إلى وقف معركة الغوطة خشية من تحولها إلى شرارة حرب كبرى بينهما. أو على الأقل سيتيح تحسين شروط أي تسوية أو اتفاق لإنهاء المعركة، ما يسمح لقادة الفصائل حفظ القليل مما تبقى من ماء وجوههم.

ولا يمكن التكهّن بأي طريقة من الطرق، بطبيعة القرار الذي قد يصدر عن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خاصةً في ظل التهديد الذي صدر عن مندوبته في مجلس الأمن نيكي هايلي باعتبارها من أشد الموالين لأفكاره، أو على ضوء التغيير الذي طرأ على منصب وزير الخارجية وتعيين مايك بومبيو المعروف بتشدده إزاء قضايا المنطقة خلفاً لريكس تيلرسون. إذ من شأن هذه التطورات أن ترفع منسوب المخاوف من إقدام ساكن البيت الأبيض على ارتكاب حماقةٍ ما تؤدي إلى جرّ المنطقة إلى دوّامة جديدة من الحروب والمعارك. ويأتي ذلك في ظل تحذيرات روسية وسورية من أن واشنطن لم تتخلّ عن مخطط تقسيم المنطقة عموماً وسوريا خصوصاً.

كما كان من اللافت أن الإعلام الاسرائيلي (صحيفة جيروزاليم عدد الأربعاء على سبيل المثال) اعتبرت أن "سقوط الغوطة يهدد مصالح إسرائيل والغرب والولايات المتحدة"، مشددةً على أنه ينبغي على "واشنطن أن تشعر بالقلق لأن سقوط الغوطة سيؤدي إلى الضغط على درعا وعلى المتمردين السوريين في الجنوب السوري" وهذا حسب الصحيفة "سيهدد النفوذ الأميركي والبريطاني في تلك المنطقة".

ولكن على الرغم من الضبابية الكثيفة التي تسود الموقف الأميركي، فقد برزت بعض المؤشرات المضادة لمؤشرات التصعيد، تحمل في طياتها ما يشير إلى وجود بقية من العقلاء في الإدارة الأميركية تحاول تجنب دفع المنطقة إلى حافة الهاوية. وأهم هذه المؤشرات تصريح لأحد الضباط في "قاعدة التنف" ينفي فيه وجود أي مخطط للهجوم ضد مواقع الجيش السوري. وكذلك ما تم تسريبه أمس من أن مندوب الولايات المتحدة في "غرفة الموك" طالب فصائل الجبهة الجنوبية بعدم القيام بأي عمل عسكري دون تنسيق مع الدول المعنية. وساد في أثر ذلك حديث عن دعوة وجهت إلى 11 فصيلاً من فصائل الجنوب للتوجه إلى العاصمة الأردنية عمان لمناقشة تطورات الجبهة الجنوبية في ظل معركة الغوطة، وذلك بالتزامن مع سعي واشنطن إلى عقد اجتماع في عمان أيضاً، مع روسيا والأردن لمناقشة ضرورة الحفاظ على التهدئة في منطقة جنوب غرب سوريا.

ولا تكتفي موسكو بالرد على التهديدات الأميركية ومحاولة سكب الماء البارد على بعض الرؤوس الحامية في إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب، بل تسعى جاهدة بالتنسيق مع دمشق وإيران إلى تفكيك بؤر التوتر في الغوطة الشرقية عبر إقناع الفصائل بخيار "الإخلاء" لتجنب معركة محسومة سلفاً من الناحية العسكرية.

في غضون ذلك يستمر الجيش السوري بالتقدم نحو تحقيق هدف عمليته العسكرية المتمثل بتطهير جميع أجزاء الغوطة من كافة الفصائل المسلحة دون استثناء، مع اللعب بمناورات ذكية على حبال الجيوب الثلاثة (دوما، حرستا، القطاع الأوسط) بما يناسب جهود التوصل إلى تسوية مع هذا الطرف أو ذاك. وفي نفس الوقت يبقى مستعداً جنباً إلى جنب مع حلفائه، لمواجهة أي سيناريوهات جديدة قد يفرضها الاحتدام الدولي الدائر حول سوريا.

عبدالله سليمان علي

السبت, 17 آذار/مارس 2018 10:34

الالتزام بالتكليف الشرعيّ

من كتابٍ لأميرِ المؤمنينَ علي (عليه السلام) إلى الحارث الهمدانيّ يقول له:"واحْذَرْ كُلَّ عَمَلٍ يَرْضَاه صَاحِبُه لِنَفْسِه - ويُكْرَه لِعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ - واحْذَرْ كُلَّ عَمَلٍ يُعْمَلُ بِه فِي السِّرِّ - ويُسْتَحَى مِنْه فِي الْعَلَانِيَةِ - واحْذَرْ كُلَّ عَمَلٍ إِذَا سُئِلَ عَنْه صَاحِبُه أَنْكَرَه أَوْ اعْتَذَرَ مِنْه".

تُرشدنا تعاليمُ أهلِ البيتِ (عليهم السلام) إلى أن المعيارَ الأساسَ الذي ينبغي للمؤمنِ أن يجعلَهُ معياراً في أفعالِهِ هو التكليفُ الشرعيُّ، أي مطابقةُ الفعلِ لما أمرَ اللهُ به أو نهى عنهُ.

وفي كلامِ الإمام (عليه السلام) هنا إلى الحارثِ الهمدانيِّ وهو من خواصِ أصحابِه دلالةٌ وهدايةٌ إلى معاييرَ لو وضعَها الإنسانُ أمامهُ وقاسَ عليها كلَّ عملٍ يريدُ القيامَ به لكان في حِرزٍ من أن يقعَ في الخطأ واللومِ، ولا يرتبطُ ذلكَ فقطْ بما هو حلالٌ وحرامٌ بل حتى بما لا ينسجمُ معَ الآدابِ الإسلاميةِ والأخلاقِ التي هي كمالٌ مطلوبٌ للإنسانِ المؤمنِ حتى لو لم يترتّبْ عليها عقابٌ في الآخرةِ.

وهذه المعاييرُ هي:

1- أن يساوي الناسَ بنفسهِ، فيتعاملُ معهم كما يتعاملُ مع نفسهِ، فإذا كنتَ ترى في عملٍ أنّه حسنٌ ومفيدٌ ونافعٌ وتحبهُ لنفسكَ فعليكَ أن تُحبَّه لغيرِكَ أيضاً. فعليك أن تعاملَ الناسَ كما تُحبُّ أن تكونَ معامَلَتَهُم معَك، فالإنسانُ يحبُ مَن يُعامِلُ بالعفوِ إذا أخطأَ فعليه أن يعفوَ عن غيرهِ، يقول (عليه السلام) في خطابهِ لمالكِ الأشتر:"فأعطِهم من عفوِكَ وصفحِكَ مثلَ الَّذي تُحبُّ أن يعطيَكَ اللَّهُ من عفوهِ وصفحِهِ". وكما يُحبُّ أن يسترَ الناسُ عليه فلتكن طريقتُه السترَ على الناسِ:"فاسترْ العورةَ ما استطعتَ يستر اللَّهُ منك ما تُحبُّ سترَه من رعيَّتِك".

2- أن لا يرتكب في السرِّ أيَّ عملٍ يخجلُ منهُ لو فعلَه في العلانيةِ، وهذا يرجعُ أولاً إلى الإحساسِ التام بالرقابةِ الإلهية، إذ لا يخلو مكانٌ لا يكونُ اللهُ مطَّلِعاً فيه على أعمالِ العبادِ، ولذا فكلُّ عملٍ عند اللهِ هو علانيةٌ، يقول (عليه السلام):"اتّقوا معاصي اللهِ في الخلواتِ، فإنّ الشاهدَ هو الحاكمُ".

ومن مواردِ ذلك أن يبادرَ الإنسانُ إلى عملِ خيرٍ في العلانيةِ ولكن نيته لا تكونُ خالصةً في الخيرِ بل يكونُ لأهدافٍ خفيةٍ ومصالحَ غيرِ معلنةٍ، ولو عرفها الناسُ لأنكروا عليه ذلك، يقول (عليه السلام):"اللَّهم إنّي أعوذ بك من أن تُحسّن في لامعةِ العيونِ علانيتي وتقبّحَ فيما أُبطِنُ لك سريرتي".

3- أن ينظرَ في العملِ الذي يريدُ القيامَ به،
ويسألَ نفسَهُ التالي: لو سألني الناسُ عنه فهل أملكُ جواباً صحيحاً في تبريرِ ما قمتُ به؟ فإذا وجدَ أنه سوف يلجأُ إلى إنكار قيامِهِ به والكذب، أو سوفَ يلجأ إلى الاعترافِ والاعتذارِ عن فعلِهِ، فعليه منذ البدءِ أن لا يُقدِم على فعلهِ وبهذا يجتنبُ الكذبَ والاعتذارَ. وهذا يعني ضرورةَ التدبيرِ والتفكيرِ بعاقبةِ أيِّ فعلٍ تقومُ به، يقول الإمامُ (عليه السلام):"فالنّاظرُ بالقلبِ، العاملُ بالبصرِ، يكونُ مبتدأُ عملِهِ أن يعلمَ: أَعَمَلُهُ عليه أم له فإنْ كان لهُ مضى فيهِ وإنْ كان عليهِ وقفَ عنه".

وعن الإمامِ الصادقِ (عليه السلام):"لا ينبغي للمؤمنِ أن يذلَّ نفسَهُ، قلتُ: بما يذلُّ نفسَه؟ قال:يدخلُ فيما يعتذرُ منه".

بسم الله الرحمن الرحيم (1)

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، لا سيما بقية الله في الأرضين.

عيدكم مبارك أيها الإخوة الأعزاء والأخوات العزيزات؛ إن شاء الله تكونون دوماً في خدمة أهل بيت النبوة والولاية، والصرخة العالية المطالبة بالحق في زمن غلبة الظُلمة والباطل؛ كما أنتم اليوم هكذا بحمد الله. شبابنا المؤمن، أعزاؤنا، هذا الجمع من مدّاحي أهل بيت العصمة والطهارة ،هم بحق صرخة الحق العالية في هذا العالم المليء بالظلم والطغيان.

الزهراء (ع) سيّدتهنّ جميعًا
بالنسبة للمقام السامي والذي لا يمكن وصفه لابنة الرسول الأعظم، إن لساني أنا العبد وأمثالي قاصر؛ لا يستطيع البشر وصف المراتب المعنوية والعظمة الروحية للناس الإلهيّين والسماويّين العِظام، ومن جملتهم السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)؛ يجب الاستماع والتعلُّم من الله تعالى ومن عباد الله العظماء والأولياء الإلهيّين، ينبغي تصوّر هذه المقامات في حدود قدرات فهمنا. قال الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) حول فاطمة الزهراء (سلام الله عليها): «سيدة نساء أهل الجنة» (2)، وبالطبع ثمة روايات أخرى «سيدة نساء العالمين» و«سيدة نساء الدنيا» (3)، وهذه كلها روايات منقولة بأسناد متقنة عن طرق الشيعة والسنة؛ ليس الشيعة وحدهم هم الذين نقلوها. ولكني أعتقد أن الأهم هو «سيدة نساء أهل الجنة». لاحظوا أنَّ الله تعالى يقول في الآية القرآنية، هذه الآية التي تلاها القارئ المحترم اليوم «وضَرَبَ‏ اللَّهُ‏ مَثَلاً لِلَّذينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْن» (4) [امرأة فرعون] نموذج لكل المؤمنين وليس للنساء [منهم] وحسب، بل «لِلَّذينَ آمَنُوا» أي إنَّ الله تعالى جعل امرأتين نموذجين لكل المؤمنين. «وضَرَبَ‏ اللَّهُ‏ مَثَلاً لِلَّذينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْن» إحداهما زوجة فرعون - السيدة آسيا -التي يقول عنها عدة جُمل، ثم يقول «مَرْيَمَ‏ ابْنَتَ عِمْران» (5) والثانية هي السيدة مريم. حسنًا، هاتان المرأتان نموذجٌ لكل البشرية؛ ولكل مؤمني العالم. هاتان المرأتان وكل النساء البارزات من الأولياء الإلهيّين كلّهن في الجنة، فمكانهن الجنة، ثم إن السيدة فاطمة الزهراء هي «سيدة نساء أهل الجنة» (6)، إنها سيدتهن جميعاً. إننا لا نستطيع إدراك تلك المراتب والدرجات أكثر من هذا.

بالتأكيد، لقد ألقى شعراؤنا الأعزاء والمداحون والمنشدون المحترمون والأعزاء أشعاراً وكلمات، وقد كانت جميلة وجيدة جداً، لكنها كلّها أقلّ من ذلك الحد السامي للصدِّيقة الطاهرة (سلام الله عليها)؛ بيان الرسول وكلامه وكلام الله أبلغ من كل هذا.

نموذجٌ إسلاميّ مقابل نموذج انحرافي
لقد مضى الوقت، كنت قد سجَّلت نقاطاً هنا لأذكرها؛ ولكن الوقت قريب الظهر، لذلك سأذكرها على نحو الإجمال. يوم ولادة الصديقة الزهراء (سلام الله عليها) هو يوم المرأة. للمرأة في منطق الإسلام وفي المعرفة الإسلامية نموذجها، هناك إطار تم تعيينه للمرأة؛ هذا الإطار هو إطار كامل؛ بمعنى أنَّ المرأة الإسلامية عبارة عن ذلك الكائن الذي يتحلى بالإيمان ويمتاز بالعفاف ويتصدى لأهم قسم في تربية الإنسان، وهو يؤثر في المجتمع، ويمتاز بالرشد العلمي والمعنوي، وهو مدير لمؤسسة بالغة الأهمية هي مؤسسة الأسرة، وهي مبعث استقرار وسكينة الرجل؛ هذا كله إلى جانب خصوصيات الأنوثة مثل اللطافة ورقة القلب والاستعداد لتلقّي الأنوار الإلهيّة؛ هذا هو نموذج المرأة المسلمة. ما قاله الرسول الأكرم (صلى الله عليه وآله) في كلمات ومناسبات عديدة في تمجيده لفاطمة الزهراء (سلام الله عليها) أو خديجة الكبرى، أو بخصوص المرأة بشكل عام؛ هذا هو النموذج الإسلامي.

وفي مقابله، يوجد نموذج انحرافي كان مختلفاً على اختلاف فترات الزمن، وهذا النموذج الانحرافي اليوم هو نموذج المرأة الغربية. المرأة الغربية في هذه الفترة التي نعيشها وبدل كل السمات المميزة والبارزة التي شاهدناها للمرأة الإسلامية، الميزة الأساسية للمرأة الغربية اليوم هي أن تستطيع لفت أنظار الرجال وتوفير اللذة لهم. هذه هي خصوصيتها، لذلك ترون أنَّ مؤشر المرأة الغربية اليوم هو التعري. في المحافل الرسمية التي يشارك فيها الرجال والنساء، يتوجب على الرجل أن يكون مستوراً تماماً؛ وعلى المرأة أن تتعرى ما استطاعت، كلُّ هذا في المجالس الرسمية! أما في الأوساط الاجتماعية فالأمر واضح. هذه الحال تتعلق بالفترات الأخيرة في العالم الغربي، ولم تكن أوروبا وأمريكا في الماضي على هذا النحو. وفق معلوماتنا واطلاعنا لم يكن هناك إلى ما قبل 150 سنة أو 120 سنة عند المرأة الغربية ما يوجد عندها اليوم من تحلل وعري وفلتان، وبالطبع لم يكن هنالك الحجاب بالمعنى الإسلامي، فما هي السياسة التي جرّت المجتمع الغربي بهذا الاتجاه وما هو هدفها، هذا يحتاج لدراسات طويلة وتفصيلية، بيد أنَّ الواقع الآن هو أنَّ المرأة الغربية هي مظهر الاستهلاك والتبرّج والإثارة مقابل الرجال ووسيلة للإثارة الجنسية لدى الرجل وجنس الرجال. هذا هو الحال. وباقي الأمور التي يطرحونها ويتكلمون عنها مثل قضية العدالة الجنسية وما شاكل هي مجرد كلام وهو ظاهر القضية أما باطن القضية فذاك [ما ذكرناه]. سمعتم أنَّ عدداً كبيراً من السيدات صاحبات المواقع والمناصب في الغرب؛ قبل أشهر؛ أعلنَّ الواحدة تلو الأخرى أنَّهنَّ خلال فترة شبابهن في سياق الأمور الإدارية التي كنَّ أعضاء فيها تعرضن للاستغلال والتحرش بالقوة والعنف، هذا ما قلْنَه بأنفسهن، هؤلاء لسن نساء عاديات بل هنَّ نساء بارزات في الغرب، لقد أغلق الإسلام، بواسطة الحجاب، الباب أمام الطريق الذي ينتهي بالمرأة إلى هذه النقطة من الانحراف، لم يسمح بذلك. إن الحجاب الإسلامي وسيلة لصيانة المرأة، الحجاب ليس وسيلة لتقييد المرأة.

راية الاستقلال بأيدي نسائنا!
إنَّ راية استقلال هوية النساء وثقافتهن بيد النساء الإيرانيات؛ السيدات الإيرانيات اليوم بحفظهن للحجاب يُعلنَّ عن استقلال هويتهن واستقلالهن الثقافي، ويُصدّرنه للعالم؛ أي إن العالم يسمع الآن كلاماً جديداً، تستطيع المرأة أن تشارك مشاركة فعّالة في الميادين الاجتماعية، ويكون لها تأثيرها الاجتماعي العميق. ولنساء بلادنا في الوقت الحاضر مثل هذا التأثير في القطاعات المختلفة؛ إلى جانب الحفاظ على الحجاب والعفاف ووجه التمايز بين المرأة والرجل، والحدود الفاصلة بين المرأة والرجل، وعدم التعرض لاستغلال الرجل، وعدم الهبوط بأنفسهن وإهانتها إلى مستوى جعلها وسيلة للذة الرجال الأجانب والطامعين بهن، هذه من خصوصيات المرأة الإيرانية والمرأة المسلمة اليوم. نحن طبعاً لدينا هذا النموذج، لدينا هذا الإطار، هناك بين سيداتنا نساء بمستويات جيدة جداً والبعض بالمستويات العليا لهذا النموذج، والبعض في الحدود المتوسطة، على كل حال هذا نموذج موجود، وهذا هو أساس وضع المرأة الإيرانية.

حسنًا، أولئك الذين يهينون مؤسسة الأسرة، يرتكبون الخيانة بحق الشعب وبحق المرأة والمجتمع النسائي كذلك. الذين يتظاهرون بأنَّ العدالة الجنسية تعني أنه يجب أن تخوض المرأة في كل الميادين التي يخوض فيها الرجال، إنما يخونون ثقة المرأة وحرمتها وشخصيتها وهويتها. إن المرأة محترمة، ولم يقل أحدٌ إنها يجب أن لا تخوض غمار الساحات الاجتماعية أو لا تتولّى مسؤوليات أو لا تكتسب العلم؛ كلا، إنَّ من أفضل علمائنا اليوم، ومن أفضل كُتَّابنا، ومن أفضل شخصياتنا الثقافية، نساء كثيرات أعدادهن لا تحصى، متواجدات اليوم في مجتمعنا؛ وهذا هو إبداع الثورة وفنّها أيضاً. اعلموا ذلك، قبل الثورة لم يكن أي شيء من هذا! فقد كانت [أعداد] النساء اللواتي استطعن الارتقاء إلى مراتب علمية وثقافية وأدبية عالية قليلات جداً جداً، وهنَّ اليوم كثيرات جداً، لقد كان هذا إبداع الثورة أن استطاعت القيام بهذا التحول، والسبب هو أنَّ نموذج المرأة المسلمة هو هذا بالأصل؛ لكن المرأة في الوقت نفسه هي مديرة العائلة، المرأة هي محور الأسرة، أهم من كل مهن ووظائف المرأة، الأمومة و الزوجية وتوفير الاستقرار والسكينة «وَخلق مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا» (7) إنها مصدر هدوء وسكنٍ واستقرار، هذه هي خصوصية المرأة في الإسلام، وعلى الإنسان التنبه إلى هذه الأمور في يوم المرأة. طبعاً نوصي السيدات الإيرانيات والمسلمات المحترمات المؤمنات بهذه المفاهيم الإسلامية والقرآنية، بالحفاظ عليها ومضاعفتها يوماً بعد يوم؛ ليجتنبن آفاتٍ؛ مثل الإسراف والتفاخر والتباهي- كحالات التنافس السلبي والاقتداء بنموذج المرأة الغربية المنحرفة - وأن يراقبن أنفسهن وينتبهن. إنَّ المرأة المسلمة في بلادنا اليوم عزيزة مرفوعة الرأس، وتمتاز بأنَّ لديها هوية ثقافية مستقلة ولا تتأثر بالآخرين. عليكن المحافظة على هذا الشيء في أنفسكن.

المدّاحون؛ وسيلة الإعلام الأهم
حسنًا، إنّ لهذه الحال أعداءها، وأقولها لكم: إنَّ جزءاً مهماً من الحرب الناعمة والحرب النفسية التي يشنها العدو في بلادنا موجّهة نحو هذه القضية. أنتم الدعاة إلى الحق [ناشدو الحق]، يجب أن تنشروا وتروّجوا هذه القضايا في بيانكم وأقوالكم وأشعاركم -لقد كانت هذه القضايا اليوم طبعاً في بعض الأشعار والمدائح التي أنشدت- هذا واجبكم البالغ الأهمية. أنتم وسيلة إعلام، ومن أهم وسائل الإعلام، وسيلة إعلام مدّاحي أهل البيت (عليهم السلام) والمنشدين الدينيين الذين ازدادوا في بلادنا اليوم والحمد لله، وسيلة الإعلام هذه مهمة جداً!

الشعب مستعدّ دائمًا للمواجهة!
وأشير هنا إلى مسألة واستفيد من الوقت وأحاول الاختصار ما أمكن إن شاء الله. لاحظوا أنَّ أعداء الثورة الإسلامية يعملون على التآمر بشكل مستمر، وهذا مبعث فخرٍ لنا. إنهم يتآمرون بشكل مستمر ضد النظام الإسلامي وضد إيران الإسلامية منذ أربعين سنة، فالأموال تنفق لأجل ذلك بالمليارات، ورموز الفكر والتخطيط تجتمع حول بعضها من أجل توجيه ضربة لهذا النظام واستئصاله، ولكن منذ أربعين سنة وهذه الشجرة المباركة، هذه الشجرة الطيبة آخذة بالنمو والرُّشد يوماً بعد يوم، هذا مبعث فخر لنا. لو لم يتحركوا ضدنا، لما شعرنا أننا موضع لطفٍ إلهي إلى هذا الحد. كلُّ هذه الاعمال تُطلَق ضد الجمهورية الإسلامية، ولم يكن هذا الحجم من المؤامرات ضد أيِّ شعبٍ آخر وضد أيِّ بلدٍ [في يوم من الأيام]، ومع ذلك لم يستطيعوا ارتكاب أيّ حماقة، فقد تقدّمت الجمهورية الإسلامية في طريق رشدها وكمالها، ولا يزال الحال هكذا إلى اليوم. وقبل عدة أشهر اجتمعت شخصياتهم في غرفة فكر – أي المجموعات الخاصة للفكر والتخطيط - وناقشت وبحثت ووضعت برامج ضد الجمهورية الإسلامية، وقد عيّنوا زمناً، شهر دي [ك1]، شهر بهمن [شباط]، شهر اسفند [آذار] أي هذه الأيام التي نحن وإياكم فيها. نفعل كذا في شهر دي، ونفعل كذا في شهر بهمن، ونفعل كذا في شهر اسفند، ونُسقط الجمهورية الإسلامية في آخر السنة. حسنًا كان "حلم الجمل بأكل نبات القطن!" . فهل شاهدتم كيف ردَّ عليهم الشعب الإيراني في شهر دي؟ وهل شاهدتم كيف ردَّ عليهم الشعب في شهر بهمن؟ وفي شهر اسفند الذي نحن فيه اليوم، الشعب الإيراني مستعدّ وجاهزٌ لردع ومواجهة كل معتدٍ وكل غاشمٍ وكل من تسوّل له نفسه ارتكاب أي حماقة.

.. لكنّ مساعيهم عقيمة
ما أريد قوله الآن ليس هذا، فقد قلناه مراراً وكلنا يعلم والكل يعلم وأعداؤنا يعلمون أنَّ الجمهورية الإسلامية تعتمد في قوتها على الشعب وعلى إيمان الشعب وعلى الشباب المتحمّس المُحب، وعلى ذلك النهج والطريق القويم الذي رسمه الإمام العظيم، نحن نسير فيه وليفعل الآخرون ما يريدون وليقولوا ما يريدون، فهم لا يستطيعون ارتكاب أيّ حماقة، هذا شيء واضح. أريد الإشارة إلى قضية الحجاب؛ ينفقون أموالاً كثيرة ويقومون بنشاطات كثيرة ويستخدمون مئات الوسائل الإعلامية بأنواعها عسى أن يستطيعوا التأثير في هذه النقطة الحساسة؛ نقطة الهوية الثقافية المستقلة للمرأة المسلمة. إنهم يبذلون قصارى جهدهم، أعداؤنا خارج البلاد وبطرق مختلفة، وكم من الأموال تنفق في سبيل أن يستطيعوا استخدام هذه القنوات التلفزيونية والإذاعات والفضاءات الافتراضية والمواقع الإنترنتية وكي يُرَوِّجوا ويكرروا أقوالهم مئات المرات، من أجل ماذا؟ لتكون النتيجة بالتالي أن تنخدع أربع فتيات مثلاً فينزعن حجابهن في الشارع، بضع شابات. كل تلك الجهود وهذه الأموال، وكل تلك الأفكار وراء هذا الأمر، فهم يعملون ويسعون، ولكنّ مساعيهم عقيمة. النتيجة أن ينخدع بضعة أشخاص-أربع فتيات في بعض الزوايا والشوارع– ولأسباب ودوافع مختلفة، وربما تكسب بعضهن المال -لا أدري ولا أستطيع الجزم بذلك- فينزعن الحجاب عن رؤوسهن ليقلن إننا أصبحن كذا وكذا! كلُّ تلك المساعي تتلخص في هذه النتيجة الحقيرة والبسيطة.

المشكلة في عدم التشخيص وضعف البصيرة..
حسنًا، إلى هنا لا يوجد مشكلة معتد بها، لكن ما يثير الحساسية عندي أنا العبد، أنكم ترون فجأة جماعة من الذين يُعتبرون من الخواص يطرحون قضية "الحجاب الإجباري"، لاحظوا، تنبهوا. هذا معناه أنَّ هناك عدداً- وأنا أقول الآن إنهم غير مدركين؛ أسأله تعالى أن يكونوا غير ملتفتين- من الأفراد وبشكل غير واع، يتبعون الخط نفسه الذي لم يستطع العدو أن يصل به إلى نتيجة رغم كل تلك الأموال والجهود، يتابعون الخط نفسه، وفيهم صحفيون، وفيهم من يدّعي الوعي والتنوير الفكري وفيهم معمّمون وعلماء دين، يقولون: "حين قال الإمام الخميني إنَّ النساء يجب أن يتحجّبن لم يكن يقصد كل النساء"! هذا كلامٌ لا معنى له ولا قيمة! لقد كنا حاضرين في ذلك الحين ولدينا اطلاع ومعرفة بما حدث، فكيف يكون ذلك؟ لقد وقف الإمام كالجبل الشامخ، بوجه منكَرٍ واضح أوجده الشاه البهلوي وأتباعه في البلاد، وقال يجب أن يكون هناك حجاب. ولقد وقف الإمام الخميني هكذا بكل صلابة بوجه كل المنكرات. في ذلك الحين كان هناك كلام حول تجارة المشروبات الكحولية، وقد كنا في شورى الثورة ولدينا اجتماعاتنا المشتركة مع الحكومة، وكان هناك من يعتقد أنَّ تجارة المشروبات الكحولية فيها فائدة للبلاد، فكيف نغضُّ الطرف عن هذه الفائدة؟ كانوا يرغبون أن تستمر هذه التجارة، فيأتون بالمشروبات من الخارج. لكن الإمام وقف بكل صلابة وقوة. كان الإمام الخميني الجليل يقف بوجه المحرمات الإلهية، وقد كان هذا محرماً إلهياً. وإذا بشخص يظهر من جانب ويقول "إن هذه المعصية ليست أكبر من الغيبة، فلماذا لا تلاحقون أحداً بسبب الغيبة وتلاحقون من تنزع حجابها!". لاحظوا الخطأ وعدم التشخيص، ما يؤلم الإنسان هو عدم التشخيص وضعف البصيرة. لم نقل إنَّه إذا نزعت امرأة في بيتها حجابها أمام غير المحارم فسوف نلاحقها، نحن لا نلاحقها فهي في بيتها وهذا عمل شخصي.

بحجابهنّ الإسلاميّ وصلنَ إلى أرقى المراتب!
العمل الذي يتم في الملأ العام وفي الشارع هو عمل عام وعمل اجتماعي وتعليم عام، وهو يوجد تكليفاً وواجباً على الدولة التي تحكم باسم الإسلام، وليس في ذلك حرام صغير وحرام كبير. ما هو حرام شرعي يجب أن لا يحصل في البلاد بشكل علني. أما أن يرتكب شخص سوءاً لنفسه فهذا شيء آخر، بينه وبين الله، لكن من يرتكبه مقابل أعين الناس وفي أجواء المجتمع فالدولة الإسلامية- مثل دولة أمير المؤمنين ودولة الرسول الأكرم - واجبها الوقوف بوجهه. المنطق الذي يقول "اسمحوا للناس أن تختار بنفسها" ينسحب على بيع الخمور أيضاً، لنترك الخمور أيضاً حرة وكل من أراد أن يشرب يشرب ومن لا يريد لا يشرب! هل هذا كلامٌ منطقي!؟ هذا كلام يُطرح حول كل المعاصي الاجتماعية الكبيرة، فهل هو كلامٌ سليم؟ لقد كلَّف الشارع المقدس الحكومة الإسلامية بأن تمنع رواج الحرام الإلهي في المجتمع. من واجب الحكومة الإسلامية الوقوف بوجه الحرام والمعصية. إننا اليوم نفخر بالحجاب داخل البلاد، بحجاب نسائنا. النساء الإيرانيات وهنّ يلبسن التشادور(العباءة)- وهو حجاب إيراني؛ التشادور حجاب إيراني- بالحجاب الإسلامي، وصلت نساؤنا إلى أرقى المراتب العلمية، وصلن إلى أرقى المراتب الفنية والثقافية، وصرن من أكثر الشخصيات البارزة، وصرن مؤثرات في المسائل الاجتماعية، وفي الوقت نفسه قمن بواجبات البيت وربّين أولادهن وقمن بواجبات الزوجية. أن نأتي ونلتفّ هكذا على القوانين من أجل أن نخلق في بلادنا الميول المنحرفة الخاطئة للثقافة الغربية فهذا خطأ كبير يرتكبه البعض.

وهناك قضية زيادة عدد السكان، طُرحت في المجتمع قضية زيادة عدد الأولاد والأبناء، وقد واكب المسؤولون ووافقوا [على هذا]، وأنا أسمع أنَّ هناك من يعمل بخلاف هذا الشيء هنا وهناك. هذا شيءٌ يريده الغربيون. الغربيون يعارضون زيادة عدد المسلمين، من الواضح أنَّهم يعارضون زيادة عدد سكان شعبٍ يستطيع شبابه الظهور في الساحات والأخذ بالبلد نحو قمم الكمال. يجب أن لا نعمل بحيث نحقق أهدافهم. يجب أن تتحركوا بحيث تحققوا الأهداف الإسلامية، هذا هو واجبنا، وهذا هو واجب مسؤولينا.
ثقافتنا ثقافة إلهية، وهذه الثقافة تضمن لنا استقلالنا وتضمن لنا حريتنا أيضاً. الذين يروِّجون التحلل في المجتمع باسم الحرية هؤلاء ليسوا أحراراً؛ بل هم أسرى مقيّدون بالثقافة الغربية. الثقافة الغربية هي التي توجّههم، فأيّ حرية هذه؟ الحرية أن تكون لكم أهدافكم الخاصة ويكون لكم إيمانكم ويكون لكم فكركم ويكون لكم قرآنكم ونموذجكم الإسلامي وتقتدوا به، هذه هي الحرية، وهذه هي العظمة، وهذا ما يجب تأمينه.

في مجال التربية والتعليم، قضية [وثيقة] 2030 (8) هذه التي طرحناها وتابعها البعض وتم إنجاز أعمال جيدة، تصلني حالياً تقارير تفيد بأنَّ أعمالاً مخالفة تتم وتحصل هنا وهناك، لذا يجب الحؤول دونها ومنعها، من واجب المسؤولين الوقوف في وجه أيّ مخالفة لا تنسجم مع السياسة الإسلامية للبلاد؛ في مجال التربية والتعليم، وفي مجال القضايا المتعلقة بالمرأة.

..إنّما هذه هي العدالة!
عنوان العدالة الجنسية هذا وما شاكل مجرد كلام، هذا كلامٌ قاله الآخرون، قاله الغربيون، ويقلِّدهم البعض ويتحولون إلى مذياع ومكبر صوت لهم، أيّ عدالة، هل هذه عدالة؟! أكثر حالات الاعتداء والاغتصاب الجنسي بالعنف تحصل الآن في الغرب، تحصل في أمريكا وأوروبا، أكثر بكثير مما في البلدان الأخرى، والحال أنَّ هناك حسب الظاهر وحسب ما يقولون حرية للمرأة. طبقاً للإحصائيات الموجودة أكثر حالات عنف الرجال داخل المنازل ضد المرأة تحصل هناك. وتقول الإحصائيات ذاتها أنَّ الكثير من النساء هناك لا يتجرأن على أن يشتكين، وهذه الإحصائيات تقتصر فقط على اللواتي يشتكين، وهذه ليست كل الحالات. توجد مشاكل هناك، توجد مشاكل حياة، توجد مشاكل ثقافة، توجد مشاكل إدارة مجتمع. أيّ عدالة؟ لا توجد عدالة. يذكرون اسم العدالة، العدالة الجنسية، من أجل أن يستطيعوا تحقيق غاياتهم وأهدافهم. كلا، العدالة الجنسية في الإسلام بأن تكون المرأة محترمة ولا تتعرض للأذى، ولا يسمح الرجل لنفسه بسبب قواه الجسمانية الأقوى من المرأة وبسبب جسمه الأكبر من المرأة أن يعامل المرأة بمنطق القوة أو يمارس العنف ضدها، هذه هي العدالة.

يجب أن يتم سنُّ قوانين في البلاد؛ و بالطبع يجب أن تراعى هذه الأمور في هذه القوانين. سمعت أنهم يُعدُّون مشروع قانون لهذه القضايا الأسرية والعنف ضد المرأة، فلينتبه المسؤولون الحكوميون ومسؤولو مجلس الشورى ويحذروا من تطبيق الثقافة الغربية وإجرائها في هذا القانون؛ بأن يُقال مثلاً إنه لو تدخل الوالد في قضية زواج البنت فهذا عنف! ويُعرِّفوا العنف بهذه الطريقة. كلا، يجب أن لا يتم تحديد "ما هو العنف وما هو اللا عنف" من الغرب، إنما ينبغي أن يحدد ذلك من منطقنا العقلاني ومن فكرنا الإسلامي. إننا نواجه اليوم مثل هؤلاء الأعداء الخبثاء لذا يجب الحذر. وأقول هنا في آخر كلامي لكم أنتم تجمّع مداحي أهل البيت، عملكم مهم كما قلت، وأنتم وسيلة إعلام مهمة جداً، إن واجب تجمّع مداحي أهل البيت واجب خطير ومسؤوليتهم ثقيلة. أنتم تذهبون إلى كل مكان وتلتقون بكل أنواع وفئات الناس ولديكم ميادينكم وساحاتكم للتكلم والحديث؛ وهناك آذان مستعدة لسماع أصواتكم، وهذا ما يضاعف من جسامة واجبكم.

ما سجلته هنا لأقوله لكم؛
أولاً، ارفعوا من مستوى معرفة جمهوركم ومستمعيكم وإيمانهم. اختاروا الأشعار والبيان بحيث ترتفع درجة معرفة الجمهور وإيمانه؛ ترتفع معرفته -عقلانيته الدينية - وأيضاً إيمانه القلبي. رفع مستوى المعرفة والإيمان.

التنوير وبث الوعي السياسي، قضايانا السياسية المتنوعة اليوم بحاجة إلى توعية وخطاب واضح ومقنع، تحتاج إلى هذا الأمر، يجب أن تتقنوا هذه الأمور حتماً وتنقلوها للناس.

ترويج الأخلاق والسلوك الإسلامي، تعلَّموا الأخلاق الإسلامية والسلوك الإسلامي من كتب الأخلاق ومن علماء الأخلاق وانقلوها إلى الناس باستخدام الفن، فعملكم هو فن، - الشعر والإنشاد فن- فقوموا بترويج الأخلاق والسلوك الإسلامي الصحيح، أشيعوا الأخوّة بين الناس والمحبة والعاطفة وأشيعوا الاتحاد الوطني والأنس بالقرآن والأنس بالصلاة والتوجه إلى الله واجتناب المعاصي والذنوب، وذكّروا جمهوركم بهذه الأمور. هذه التذكيرات لها قيمة كبيرة، لها قيمتها لمستمعيكم ولكم أنتم أيضاً، ولها قيمتها لنا أيضاً، عندما ننصح، عندما ننصح شخصاً نكون قد نصحنا أنفسنا أيضاً، لذلك فإن لها قيمتها بالنسبة إلينا أيضاً.

وهل ينبغي علينا أن نأخذ إذناً منكم للتواجد في المنطقة؟
يبثُّ الأعداء الشبهات في المجالات السياسية باستمرار، وهم اليوم يتحدثون ويبثون الشبهات عن سبب تواجد إيران في المنطقة، من هو صاحب الادّعاء في هذا؟ أمريكا التي لها حضورها المفسد والمثير للفتن في كل مكان. أينما حلت أمريكا كان الفساد وكانت الفتنة. الحكومة الأمريكية المثيرة للفتن والفساد تقول لنا لماذا تتواجدون في المنطقة. حسنًا، وهل ينبغي علينا أن نأخذ إذناً منكم للتواجد في المنطقة؟ من أجل التواجد في المنطقة يجب أن نتفاوض ونتحاور مع حكومات المنطقة فلماذا نتحاور معكم؟ نعم، متى ما أردنا الحضور في أمريكا يجب أن نتحاور معكم (9). وكذا الحال بالنسبة إلى البلدان الأوروبية يأتون ويقولون نريد أن نتحاور مع إيران حول تواجدها في المنطقة، وما شأنكم أنتم؟ لماذا تتواجدون أنتم في المنطقة؟ هل هذه منطقتنا أم منطقتكم؟ إذا كانت منطقتنا فماذا تفعلون هنا؟ إنها منطقتنا ونحن نتفاوض ونتحدث ونتفق مع شعوب المنطقة وحكومات المنطقة، وقد اتفقنا والحمد لله ونجحنا وتقدّمنا إلى الأمام والحمد لله، وسوف نتقدم أكثر بعد الآن إن شاء الله. هذه القضايا السياسية التي أطرحها، ليست مسائل تيارات وأجنحة وقضايا داخلية بل هي قضايا سياسية؛ ويجب أن يعرفها الناس.

نأمل أن يوفقكم الله تعالى ويعينكم لتستطيعوا القيام بواجبكم المهم في هذه الأيام إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة اللّه ‌و‌بركاته.


1 ـ في بداية هذا اللقاء ألقى عدد من مداحي أهل البيت (عليهم السلام) أشعارًا وتواشيح في مدح السيدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها).
2 ـ كامل الزيارات، ص 310.
3 ـ مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 358.
4 ـ سورة التحريم، جزء من الآية 11.
5 ـ سورة التحريم، جزء من الآية 12.
6 ـ أمالي الصدوق، ص 125.
7 ـ سورة الأعراف، جزء من الآية 189.
8- وثيقة 2030: خطة التنمية المستدامة لعام 2030م التي أقرتها اليونيسكو ووافقت على إجرائها الحكومة الإيرانية في بادئ الأمر، وأعقبها اعتراض الإمام الخامنئي والمجلس الأعلى للثورة الثقافية فتم إلغاء العمل بها.
9- ضحك الحضور.

كشفت شبكة "سي ان ان" الإخبارية الأمريكية اليوم في مقال لها عن قائمة جديدة مكونة من 9 موظفين كبار سيقوم ترامب بطردهم لاحقاً.

 حيث بيّنت الـ "سي ان ان" إن تقريراً أعده النادي النسائي الدولي للصحفيين الشباب، ذكر فيه أن تسعة أشخاص قد يدخلون في قائمة "طرد دونالد ترامب"، حيث تم فرض رقابة على أسماء الأشخاص الذين قد يتم طردهم من قبل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بينما صدر التقرير رداً على طرد وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون بعد أكثر من عام من الجدل حول بقائه في المنصب وتعيينه.

ويعدّ تيلرسون ثاني أعلى مسؤول أمريكي تتم إقالته أو طرده الأسبوع الماضي، فقبله تم طرد غاري كوهين، كبير المستشارين الاقتصاديين في إدارة ترامب، وقدمت هوب هيكس - مديرة الاتصالات السابقة في البيت الأبيض استقالتها بشكل مفاجئ، وتم إقالة مسؤول آخر في وزارة الخارجية يوم الثلاثاء، وهو ستيف غولدشتاين، لنشره رسالة على تويتر مفادها أن تيلرسون لم يكن على علم بسبب طرده.

ونشرت مراسلة صحيفة نيويورك تايمز "ماجي هوبمان" تغريدة لها على تويتر قالت فيها: "هؤلاء الذين لهم علاقات وثيقة بالبيت الأبيض كشفوا لنا أنهم يتوقعون إجراء تغييرات بحق مسؤولي البيت الأبيض هذا الأسبوع. "

1- جيف ساكسون: المدعي العام الأمريكي، انتقد هذا الشخص ترامب مراراً وتكراراً.

2- ديفيد شالكين: سكرتير وزير الخارجية الأمريكي، أثناء سفره إلى أوروبا في العام الماضي، اتهم إدارة ترامب بالضعف، والأسوأ من كل ذلك أنه حصل على ثقة البيت الأبيض، وقالت سارة ساندرز المتحدثة باسم البيت الأبيض إن شالكين يبلي بلاء حسناً.

3- هربرت مكماستر: مستشار الأمن القومي الأمريكي، كانت هناك شائعات حول توترات بينه وبين ترامب لعدة أشهر، كما كان هناك حديث عن كيفية عودة ماكماستر إلى الجيش وإقالته من البيت الأبيض.

4- راين زينيكي: وزير الداخلية الأمريكية، هاجمته الصحافة الأمريكية الأسبوع الماضي لأنه كان قد دفع 139،000 دولار ليشتري باباً مزخرفاً لمكتبه، بينما نفى الأخير هذا الأمر وقال إن القرار اتخذ من قبل أحد الموظفين، وتثار أسئلة حول تكلفة مهمات السفر التي يقوم بها والتي تبدو غير قانونية، وكان واحداً من المناصب الأربعة التي استدعاها البيت الأبيض في شباط / فبراير.

5- سكوت برويت: مدير وكالة حماية البيئة، وفي وقت سابق من هذا العام تم الكشف عن قيامه بحجوزات بشكل منتظم في الدرجة الأولى ويقضي عطلته في الفنادق الراقية، ما يرفع النفقات الزائدة، كما واجه تحقيقاً في الآونة الأخيرة بسبب السماح لموظف من وكالة حماية البيئة بمتابعة العمل الخارجي كمستشار إعلامي.

6-  بن كارسون: سكرتيرة الإسكان والتطوير الحضري اشترت مجموعة طعام بقيمة 31،000 دولار لمكتب عملها.

7- جون كيلي: رئيس هيئة موظفي البيت الأبيض، تتسرب الأنباء حول صراع ومشكلات بين كيلي وترامب، والأهم من ذلك، أن كيلي كان جزءاً من "اتفاق قاتل" مع تيلرسون ووزير الدفاع جيم ماتيس، مفاده أنه إذا غادر أحد أو طُرد، فسيغادر الجميع.

8- بيتسي دواس: وزيرة التعليم، والتي مرت في الآونة الأخيرة بطريق صعب للغاية، وبنظر المقربين من ترامب إن دواس تجاوزت حدودها في مقابلة استغرقت "60 دقيقة" مع شبكة "سي بي إس".

9- جيمس ماثي المعروف باسم "الكلب المجنون": وزير الدفاع الأمريكي

- بدأت السفارات المصرية في 124 دولة حول العالم باستقبال الناخبين المشاركين في الانتخابات الرئاسية والمقرر أن تستمر ثلاثة أيام في 139 مقراً انتخابياً.

وكانت الهيئة الوطنية للانتخابات قد أعلنت في 23 فبراير/ شباط الماضي، الكشف النهائي للمتنافسين في الانتخابات الرئاسية، متضمناً الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، ورئيس حزب الغد موسى مصطفى موسى.

من جانبه قال نائب رئيس الهيئة والمتحدث باسمها، المستشار محمود الشريف، إن الهيئة بالتعاون مع وزارة الخارجية أنهت كل إجراءات تزويد السفارات والقنصليات المصرية بأجهزة القارئ الإلكتروني،التي تتم الانتخابات في الخارج من خلالها.

وبدأت سفارة مصر بالعاصمة الماليزية كوالالمبور، صباح الجمعة، بالتوقيت المحلى لماليزيا فى استقبال المواطنين من أبناء الجالية المصرية، والذين حرصوا على الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية التى يتنافس فيها المرشحان عبد الفتاح السيسي وموسى مصطفى موسى.

كما بدأ المواطنون المصريون في أستراليا، اليوم الجمعة، بالتوافد على مقار السفارة بكانبيرا والقنصليتين المصريتين بسيدني وملبورن للإدلاء بأصواتهم في الانتخابات الرئاسية التي يتنافس فيها المرشحان عبد الفتاح السيسي وموسى مصطفى موسى.

وكانت عملية التصويت قد بدأت بنيوزيلاندا في الساعة العاشرة مساء بتوقيت القاهرة، التاسعة صباح الجمعة بتوقيت ويلنجتون، وتتوالى بالنسبة للمصريين في الخارج في باقي المقار الانتخابية في 129 دولة من أقصى شرق الكرة الأرضية إلى أقصى غربها لتكون الدائرة الانتخابية في ولاية "لوس أنجلوس" هي آخر اللجان التي ستغلق أبوابها.

ونظرا لوجود إقبال كثيف في دول معينة مثل الكويت، والسعودية، والإمارات وأمريكا، وكندا، وإيطاليا، شكلت أكثر من لجنة في تلك الدول، ليرتفع عدد اللجان الانتخابية خارج مصر إلى 139 لجنة.

دعا الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الجمعة، واشنطن إلى إخلاء منطقة شرق الفرات من "التنظيمات الإرهابية الكردية" إذا ما أرادت التعاون مع تركيا.

وأضاف أردوغان في تصريحات خلال مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم شمال شرقي البلاد، أنه "يجب على واشنطن أن تسحب المسلحين الأكراد السوريين من شرقي نهر الفرات في سوريا في حال رغبت في التعاون مع تركيا".

وأكد أردوغان أن بلاده لا تزال منفتحة على جميع عروض التعاون المتعلقة بمدينة منبج السورية، مشيراً إلى أن تركيا غير متأكدة بعد من النهج الذي قد يتبعه وزير الخارجية الأمريكي الجديد مايك بومبيو تجاه هذه القضية، مشيراً إلى عزم بلاده على توسيع نقاط المراقبة في محافظة إدلب السورية، و"إحكامها من جهة، والتوجه إلى منبج من جهة أخرى".

وتطرق أردوغان إلى مسألة تسليح حزب العمال الكردستاني، قائلاً إن واشنطن تقدم "للتنظيم الإرهابي شتى أنواع السلاح دون أي مقابل، ويرفضون بيعها لنا بالمال، ثم يقولون إنهم لا يدعمون الإرهاب، كيف يحصل ذلك، هل بالإمكان توضيح ذلك؟".

وكان وزير الخارجية التركي، مولود جاويش أوغلو، قد أكد في وقت سابق ان العلاقات بين واشنطن وأنقرة باتت على وشك القطيعة، محذراً أمريكا من مواصلة تسليح الأكراد، وأضاف أوغلو "شعب تركيا يتخذ موقفاً سلبياً من الولايات المتحدة لأنها لا تفي بوعودها وتكذب على الدوام. والعلاقات بين بلدينا وصلت إلى نقطة حساسة. وللحيلولة دون وقوع ذلك ولإنقاذ علاقاتنا، تم إنشاء مجموعات العمل الـ3 في فبراير الماضي. ووضعنا شرطاً: إذا لم تلتزموا بكلمتكم، نحن لم نعد نصبر على ذلك. فما الفائدة من تمديد تلك العلاقات؟

السبت, 17 آذار/مارس 2018 06:08

شُبهات وتساؤلات حول المرأة(8)

يلاحظ أن المنظومة التشريعية والقانونية في الإسلام متفاوتة بين الرجل والمرأة، ففيها تكاليف وحقوق للمرأة تختلف عن حقوق وتكاليف الرجل، كسقوط الصلاة والصيام عنها أيام الحيض والنفاس وغير ذلك، كما أن هناك تكاليف خصها الإسلام بالرجل، ولم يكلف المرأة بها، كالجهاد وصلاة الجمعة والجماعة وحضور الجنائز وتشييعها، وهذا يعني أن الإسلام ميّز الرجل على المرأة ببعض الحقوق والتكاليف ولم يراعِ المساواة بينهما، وفي النتيجة قد فوّت عليها بعض المصالح والثواب والكمالات.

* * * * *

تسهل الإجابة عن هذه المسألة، والشبهة بعد معرفة الفوارق الطبيعية والنفسية بين الرجل والمرأة، وهذه الفوارق بالطبع تؤدّي إلى أن الكثير من الحقوق والتكاليف والعقوبات ليست واحدة بينهما، وقد اكتشفها وأثبتها العلم في عصرنا هذا، والفوارق في ثلاث جهات:

1ـ الفوارق الجسمية:

الرجل (بشكل عام) أضخم وأطول جسماً، خشن اللمس والصوت، بطيء النمو، والمرأة بعكسه، فهي غالباً معتدلة الجسم، أجمل من الرجل جسماً وصوتاً، سريعة النمو، كما أن دقّات قلبها أسرع من دقات قلب الرجل... إلى غير ذلك من الفوارق الفسلجية بينهما.

2ـ الفوارق النفسية:

يميل الرجل إلى الرياضة والصيد والأعمال الحركية أكثر من المرأة، وتميل المرأة إلى السلم والمؤانسة، كما أن الرجل يميل إلى المبارزة والقتال، وبخلاف ذلك المرأة، كما أنها لا تقلّ عن الرجل مهارة في الآداب والرسم وسائر المجالات التي ترتبط بالذوق والمشاعر، والرجل أقدر من المرأة على كتمان الأسرار، والمرأة أرقّ قلباً من الرجل، وأسرع منه إلى البكاء والتأثر، وأحياناً إلى الخداع والمكر؟!

3ـ الفوارق في المشاعر والأحاسيس:

الرجل يريد زوجة تتبعه ويسيطر عليها ولو بالقوّة، والمرأة تريد الاستيلاء على قلب الرجل، وأيضاً المرأة يعجبها في الرجل الشجاعة وتعتبر حماية الرجل لها وحبه أغلى شيء لديها... إلى غير ذلك.

الاختلاف في التكاليف ليس امتيازاً

بعد وضوح تلك الفوارق نقول: إنّ الهدف من هذه الفوارق هو تسخير بعضٍ لبعضٍ، وتحقيق الخدمة المتبادلة بين الرجل والمرأة، والوصول إلى النظام الأكمل في الحياة، ومع هذه الفروق لا يمكن التشابه في الحقوق والتكاليف بين الرجل والمرأة؛ لأن ذلك يخالف غرائزهما وطبيعتهما، وواضح أن الشريعة الإسلامية لن تخرج أبداً عن محور العدالة الفطرية والطبيعية، لذا شرّع الإسلام للمرأة حقوقاً وتكاليف في بعض المجالات تختلف مع حقوق وتكاليف الرجل، وأيضاً بسبب هذه الفوارق الجسمية والنفسية، أراد الإسلام أن يخفّف عنها بعض التكاليف، لأنّ المرأة كما جاء في الحديث: «ريحانة وليست بقهرمانة»([1])، وهذه رخصة من الله تعالى، نظراً لضعفها ورعايةً لها بحالها، وتخفيفاً عنها، ولا يعني ذلك أن جميع هذه الأحكام لا تصح منها لو تكلفت الإتيان بها، بل يجوز لها أن تأتي ببعضها وتثاب على ذلك، كصلاة الجمعة والجماعة، وغير ذلك من التكاليف التي لا تجب على المرأة، ولكن إذا أدّت المرأة هذه العبادات والتكاليف تثاب عليها، فليس الساقط عنها إلا التكليف والإلزام، وأما الإثابة والقبول فليس بساقط، فلا يعدو أن يكون الفرق إلا من جهة الإلزام.

المساواة بين الرجل والمرأة

إنّ المساواة بين المرأة والرجل في الكرامة الإنسانية تستلزم المساواة بينهما في الحقوق الإنسانية مما لا شك فيه، وأمّا أن يتشابها ويتساويا في جميع الحقوق والتكاليف فلا، وذلك بسبب الفوارق الطبيعية المذكورة بين الرجل والمرأة، ومنطق العدل الإلهي يقرر إعطاء كلٍّ على وفق لياقته وحاجته وطبيعته، إن الطابع العام السائد على التشريع الإلهي هو العدالة، فما من تكليف من التكاليف، أو تشريع من التشريعات، إلاّ وقد صدر من منطلق العدل. وهذا مما يقرره العقل والعرف الاجتماعي، ففي الوقت الذي نرى فيه دعوة المجتمع للمساواة بين الرجل والمرأة، نراه يحمّل الرجل تكاليفَ لا يحمّلها للمرأة، ومن ادّعى العدالة ورفع شعار المساواة في غير هذا المعنى ما هو إلا خدعة وتحريف للألفاظ ومعانيها.

ومن بواعث العدل أن يُعطى كل فرد من أفراد المجتمع الإسلامي ما يتّفق مع طبعه وهدف خلقته، ولذلك كانت تكاليف العالم مختلفة عن تكاليف الجاهل، وتكاليف المسؤول تختلف عن تكاليف غيره، وهكذا الحال بالنسبة إلى المرأة والرجل، فإن تكاليف المرأة تختلف عن تكاليف الرجل كمّاً وكيفاً. ولا يعني هذا حرمانها من الكمال، وسلب التوفيق في بلوغ مصلحته وغرضه، وذلك لأننا نؤمن ـ كما يقرر علماء العقيدة ـ بأنه ما من شيء فيه مصلحة وكمال يعود على العبد وفيه خيره إلاّ وكان على الله تعالى هداية العباد إليه لما كتبه على نفسه من الرحمة والرأفة بهم، ومن هنا آمنّا مسبقاً بأن التشريعات الإلهية سواء الواجبات أم المحرمات أم غيرهما تابعة للمصالح والمفاسد، فلا يأمر إلاّ عن مصلحة، ولأجل تحصيلها، ولا ينهى إلاّ عن مفسدة يريد دفعها، فإذا كان المورد فارغاً عن أي مصلحة أو مفسدة فلا يتعلق التكليف به، وكذلك الحال بالنسبة للمرأة، فحيث لم يتعلق التكليف بموارد في حقلها، فهذا يعني عدم وجود مصلحة في فعلها، وعليه فعدم تكليفها لا يعني تفويت المصلحة عليها، بل يعني عدم وجود مصلحة في حقها لكي تكلّف بها.

عدم التكليف ليس مفوتاً للثواب:

ولعل قائلاً يقول: هب أنه بذلك لم يفتها شيء من مصالح التكاليف وأغراضها، ولكن الثواب والأجر الذي حققه الرجل من هذه الموارد لم تحققه المرأة وحرمت منه؟!

ويمكن جوابه، بأن الإسلام عوّضها التكاليف الساقطة بأفعال أخرى، وهو حسن معاشرتها للزوج، وحسن تربيتها لأولادها، وتدبيرها لبيتها، وإليك ما نقله التاريخ شاهداً على ذلك، حيث يروى أن أسماء بنت يزيد الأنصارية أتت النبي (ص) وهو بين أصحابه، فقالت: بأبي أنت وأمي، إني وافدة النساء إليك، واعلم ـ نفسي لك الفداء ـ أنه ما من امرأة كائنة في شرق ولا غرب سمعت بمخرجي هذا إلاّ وهي على مثل رأيي، إنّ الله بعثك بالحق إلى الرجال والنساء، فآمنّا بك وبإلهك الذي أرسلك، وإنّا معاشر النساء محصورات مقصورات، قواعد بيوتكم، ومقضى شهواتكم، وحاملات أولادكم، وإنّكم معاشر الرجال فضّلتم علينا بالجمعة والجماعات، وعيادة المرضى وشهود الجنائز، والحج بعد الحج، وأفضل من ذلك الجهاد في سبيل الله، وإنّ الرجل منكم إذا خرج حاجاً أو معتمراً أو مرابطاً حفظنا لكم أموالكم، وغزلنا لكم أثوابكم، وربّينا لكم أموالكم [أولادكم] فما نشارككم في الأجر يا رسول الله؟

فالتفت النبي (ص) إلى أصحابه بوجهه كله، ثمّ قال(ص): هل سمعتم مقالة امرأة قط أحسن من مساءلتها في أمر دينها؟ فقالوا: يا رسول الله، ما ظننا أن امرأة تهتدي إلى مثل هذا!

فالتفت النبي (ص) إليها ثم قال لها: انصرفي أيّتها المرأة، واعلمي من خلفك من النساء أن حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته، واتباعها موافقته يعدل ذلك كلّه، فأدبرت المرأة وهي تهلل وتكبّر استبشاراً.

 

[1] ـ نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح: 41.

السبت, 17 آذار/مارس 2018 06:04

خوف الاطفال

خوف الاطفال من أحد المظاهر المنتشرة في مختلف أعمار الصغار، فكل عمر له مخاوفه، لكن المشكلة تكمن في كيفية التعامل السليم التربوي مع الطفل الذي يشعر بالخوف، فردود أفعال الأسر تختلف بعد أن تعرف بوجود مخاوف عند الطفل، فما هي الطرق السليمة للتعامل مع خوف الأطفال.

أول خطوة للتغلب علي “خوف الأطفال:

أول شئ وأهم شئ لابد أن تقوم به الأسرة تجاه خوف طفلها هو عدم التجاهل، والإنصات والإهتمام لمشاعر الطفل، فالطفل كالكبير يشعر ويغضب ويخاف ويحزن ويفرح، فعلي الوالدين والمقربين من الطفل عدم الإستهزاء أو التقليل أو إهمال مخاوف الطفل، بل عليهم الإهتمام بها جيدا، وذلك يشعر الطفل أنه بأمان إلى حد ما ويشعره أيضا أنه مهم لدي أسرته ويساعد بنسبة معينة في تغلب الطفل على هذه المخاوف.

ثاني خطوة معرفة الأسباب:

نأتي بعد ذلك للبداية الحقيقة لحل المشكلة وهي معرفة الأسباب التي تشعر الطفل بالخوف، لكن علي الوالدين أن يتعاملوا مع الطفل باللين والصبر وأن يقدروا ما هو فيه حتي لو بدى الأمر لهم أنه بسيط، فعليهم أن يتوصلوا للأسباب الحقيقية التي أدت إلى هذه المشكلة، ومن أمثلة الأسباب:

  • الألعاب الألكترونية التي تحتوي علي صور وأشكال مخيفة أو غير مناسبة لأعمار الأطفال.
  • الكرتون وأفلام الأكشن أو الرعب التي يشاهدها البالغين وتقع أعين الأطفال عليها سواء بقصد أو بدون.
  • القصص والحكايات التي يسمعها الطفل – وما أكثرها – فمعظم قصص الأطفال للأسف تحتوي علي الذئب أو الثعلب المكار الذي يخطف الحيوانات الضعيفة ويأكلها أو يخدعها ثم يؤذيها، وهذا سبب مهم جدا يغفل عنه الكثير من الآباء والأمهات.
  • المشاكل الأسرية والتي يغفل عنها أيضا الكثيرين، فهي تدفع الأطفال بالشعور بالخوف من أن أحد الوالدين سيتركهم أو أنهم سيعيشون بمفردهم أو غيرها من الأفكار التي تجول بخواطر الأطفال في مثل هذه المواقف.
  • المدرسة أو الحضانة وجماعة الرفاق قد يكونوا أيضا سبب هاما لمشكلة خوف الأطفال، فمن المعروف إن كل عمر يتأثر أكثر بالعمر المقارب له، فالأطفال في السن الصغير يتأثرون ببعضهم البعض بشكل كبير، فربما يكون أحد أصدقاء طفلك هو السبب في شعوره بالخوف عندما حكى له مثلا فيلم شاهده أو حتي صورة أو لعبة علي التابلت.
  • عقاب الأطفال بطريقة غير تربوية ومؤلمة سواء جسدية أو نفسية، فكثرة إستخدام الأساليب غير الصحيحة تربويا مع الأطفال في العقاب أو التعامل يؤدي لحدوث مشكلات نفسية كثيرة نحن في غنى عنها.
  • أسباب أخرى متنوعة تختلف من طفل لأخر مثل البيئة التي نشأ فيها أو الأقارب المحيطين أو حتى الجيران أو الحيوانات والأثاث الذي يوجد في المنازل، فالأطفال دائما ينظرون للأشياء من منظور مختلف عن الكبار.

الحلول العملية لخوف الأطفال:

أول وأهم خطوة للقضاء على هذه المشكلة هي معرفة السبب الأساسي والحقيقي لخوف الأطفال، فليس كل الأطفال تكون أسبابهم واحدة للخوف، لكن إذا استطاع الوالدين معرفة السبب عليهم أن يمنعوا إستمراره، فمثلا لو كان فيلم كرتون أو قصة معينة عليهم إبعادها تماما عن الطفل بشكل نهائي، ثم بعد ذلك نأتي لبعض الخطوات الهامة للقضاء التام على هذه المشكلة:

  • إشعار الطفل بالأمان والتواجد المستمر بجانبه بالذات عند شعوره بالخوف، فلا بأس من القيام ببعض الإستثناءات أثناء هذه المشكلة، فمثلا إذا استيقظ الطفل من النوم خائفا وطلب من الأم أن تنام بجانبه – حتى لو لم يكن هذا مقبولا في الأيام العادية – عليها أن تستجيب له وتشعره بالأمان والحب في هذا الموقف، فطمئنة الطفل تساعده في التغلب الذاتي على مخاوفه.

لكن هناك شئ مهم جدا تقوم به الكثير من الأمهات وهو أن تترك الطفل ينام معها في غرفتها ظنا منهم أن هذا سيساعده، ولكنهم بذلك يساعدوا بطريق غير مباشر في عدم حل المشكلة لأنها تؤكد للطفل إن غرفته بها شئ مرعب يؤدي إلى الخوف، فالحل الصحيح أن تذهب هي معه لغرفته وتطمئنه حتى إذا اضطرت للنوم بجانبه فترة، فذلك سيساعد في حل المشكلة لكن حذاري أن تترك الأم الطفل ينام في غرفتها حتي لو كان هذا طلبه.

  • ربط الطفل دائما بالله وتلاوة أيات التحصين والرقية الشرعية وسماع القرآن خصوصا قبل النوم، وإخبار الطفل إن هذه الأيات والأدعية نقولها ليحمينا الله القادر على كل شئ، وهذا أمر مهم جدا يربط الطفل بالله عز وجل ويساعده أيضا في التغلب على مخاوفه.
  • نطلب من الطفل أن يرسم الشئ الذي يخاف منه، مثلا حرامي أو وحش أو أي شئ ثم تبدأ الأم في أن تظهر للطفل مدى ضعف هذا الشئ الذي يتسبب في إشعاره بالخوف، لا أقصد الإستهزاء بمشاعر الطفل بل نحاول أن نوصل للطفل إن هذا الشئ أنت تستطيع أن تتغلب عليه فهو ضعيف ويداه مثلا قصيرتان وأعينه لا يرى بهما جيدا وهكذا.
  • القيام بكل الأسباب المنطقية التي تقنع عقل الطفل بالأمان، فمثلا إذا كان الطفل يخاف من الحرامي المقنع الذي سيأتي من النافذة، يمكن للأم والأب أن يأخذوا الطفل ويغلقوا أمامه النافذة جيدا ويدعوه يرى بنفسه أنها محكمة الغلق من الداخل، وأيضا يغلقوا باب المنزل وباقي النوافذ بإحكام وإخباره إن مثلا فرد الأمن بالخارج دوره أن يراقب ويحمي المكان، إلي جانب وجود الأب والأم بجانبه طوال الوقت، فهذا سيساعد جدا في إحساس الطفل بالأمان.

وفي النهاية نتمنى أن تكون كل أسرة إستفادت من هذه النصائح التربوية.

في الساعات الأخيرة من يوم 18 حزيران/يونيو 2017، أطلقت القوة الجوفضائية التابعة لحرس الثورة الاسلامية عدة صواريخ باليستية على مواقع الارهابيين التكفيريين في دير الزير بسوريا، محققة أهم العمليات العسكرية في العام الايراني الحالي الذي يوشك على الانتهاء.

لعله يمكن القول ان بث الاخبار المرتبطة بالانجازات العسكرية الايرانية قد انخفض بسبب التوقيع على الاتفاق النووي ومفاوضات 5+1، ولكن مما لا شك فيه أن أهم هذا النوع من الأخبار قد تم بثه خلال العام الايراني الحالي (ينتهي في 20 آ ذار/مارس 2018)، وهو إطلاق الصواريخ الباليستية الايرانية باتجاه مواقع داعش في منطقة دير الزور بسوريا.
وإلى جانب الانجازات العسكرية والأحداث الهامة في المنطقة، فقد شهد العام الايراني الحالي عددا من الزيارات الخارجية لرئيس هيئة الاركان العامة للقوات المسلحة الايرانية وتطوير الدبلوماسية الدفاعية للبلاد.
* الحرس الثوري قصف مواقع داعش في ديرالزور بـ6 صواريخ "قيام" و"ذوالفقار"
في الساعات الاخيرة من يوم الأحد 18 حزيران/يونيو 2017، أطلقت القوة الجوفضائية التابعة لحرس الثورة الاسلامية، عددا من الصواريخ الباليستية متوسطة المدى، على مواقع الارهابيين التكفيريين بما فيها مقر القيادة ومراكزو تجمعهم وإسنادهم، في منطقة دير الزوير السورية.

 

وحسب البيان الصادر من قبل حرس الثورة الاسلامية، فإن هذا الإجراء كان جانبا من انتقام الحرس الثوري من الارهابيين مقابل هجماتهم الارهابية في طهران.

وفي هذه العمليات، تم إطلاق 6 من صواريخ "ذوالفقار" و"قيام" نحو مواقع الارهابيين في دير الزور، وقد حلقت هذه الصواريخ فوق أجواء العراق، وأصابت أهدافها المحددة بدقة.


* الحرس الثوري يعرض أحدث صواريخه الباليستية باسم "خرمشهر"
تم عرض أحدث صاروخ باليستي بعيد المدى لحرس الثورة الاسلامية، خلال استعراض القوات المسلحة في 22 ايلول/سبتمبر 2017، ويبلغ مدى هذا الصاروخ (طوله 13 مترا) 2000 كيلومتر، وهو قادر على حمل عدة رؤوس حربية مجموع وزنها 1.8 طن وهي تنفصل خلال وصول الصاروخ الى الهدف.

 

وقال العميد حاجي زادة قائد القوة الجوفضائية التابعة للحرس الثوري، على هامش الاستعراض العسكري  للقوات المسلحة في طهران حول ازاحة الستار عن صاروخ "خرمشهر" إن "هذا الصاروخ يعد انجازا جديدا، حيث قامت وزارة الدفاع بصناعته لحرس الثورة الاسلامية".

واضاف أن صاروخ "خرمشهر" يبلغ مداه 2000 كيلومتر وقادر على حمل رأس لمدى 1800 كيلومتر كما بإمكانه حمل عدة رؤوس.
وصرح  إن "عملية التدريب على صاروخ خرمشهر الباليستي قد انطلقت وقريبا سيتم استخدامه في قوات الجو فضائية في حرس الثورة الإسلامية".
الجدير بالذكر ان صاروخ "خرمشهر" هو الصاروخ الباليستي الوحيد الذي أزيح الستار عنه خلال العام الايراني الحالي.


* افتتاح خط انتاج صاروخ صياد3 بعيد المدى وتسليمه الى الدفاع الجوي
وفي 22 تموز/يوليو 2017، وبحضور وزير الدفاع الايراني وقائد مقر "خاتم الانبياء (ص)" للدفاع الجوي، دشنت الصناعات الدفاعية الايرانية خط انتاج صواريخ "صياد3" بعيدة المدى وتسليمها الى سلاح المضادات الجوية.
ويبلغ مدى صاروخ صياد3 نحو 120 كيلومترا وهو قادر على التحليق الى ارتفاع 27 كيلومترا لمواجهة التهديدات الجوية للاعداء على المديين المتوسط والبعيد.. وقد تصميم وتصنيع هذه المنظومة الصاروخية وفق احدث التقنيات الجديدة في العالم وهي قادرة على التصدي لمختلف التهديدات الجوية كالطائرات الحربية التي لا يكشفها الرادار والطائرات المسيرة وصواريخ كروز والمروحيات ومختلف الطائرات الحديثة ذات القدرة على المناورات والسرعة الفائقة والارتفاعات الشاهقة.. كما يضم صاروخ "صياد3" نظام توجيه مركب ومزود بمعدات بحث متطورة وكذلك بنظام الأشعة تحت الحمراء.. كما انه قادر على مواجهة مختلف انواع الحروب الالكترونية.

 

وفي تلك المراسم أعلن قائد مقر "خاتم الانبياء (ص)" للدفاع الجوي، انه في ذلك اليوم يتم ادخال هذه الصواريخ ضمن نظام الدفاع الجوي الموحد للبلاد.

 في الوقت الذي يدافع فيه الكثير من الليبراليين الغربيين عن خطابات الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، تعتبر السياسة الحقيقية وراء تلك الخطابات مدعاة للقلق.

فعلى النقيض من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي انكشفت أكاذيبه على الدوام، فإن ماكرون نجح في إخفاء الوجه الحقيقي لسياساته من خلال الاختباء وراء أقنعة التحرر والعالمية.

تم في فرنسا تمرير قانون جديد مؤيد لعالم الأعمال، وإصلاحات تحد من إجراءات القبول الجامعي، دون أن يشهد اعتراضات كثيرة، في حين كان آخر الإصلاحات يستهدف السياسة المتبعة ضد المهاجرين، ولقي انتقادات الكثير من منظمات حقوق الإنسان.

ووسط تلك السياسات التضييقية، تصدرت الدعوة التي وجهها ماكرون بخصوص "إعادة تنظيم الإسلام" عناوين وسائل الإعلام في فرنسا.

خلال فترة الانتخابات الرئاسية، حاول ماكرون التأثير على الناخبين المسلمين من خلال الابتعاد عن خطابات العلمانية والهوية الوطنية الفرنسية المعادية للمسلمين، الأمر الذي أشعر الكثير من المسلمين بالأمل تجاه ماكرون، تماما كما شعروا تجاه الرئيس الأسبق نيكولا ساكوزي، الذي احتضن المسلمين في بداية مشواره السياسي قبل أن يدير ظهره لهم فيما بعد، ولهذا السبب يتوجب النظر بعين الشك إلى ماكرون.

أعلن ماكرون بأن العمل جارٍ على "إعادة تنظيم الإسلام" في فرنسا، وتحديد كيفية توضيح هذا الأمر، وأن الهدف النهائي لهذه العملية هو الحفاظ على التجانس الوطني، الذي يعد من أهم نقاط النظام العلماني بالبلاد، والذي يتيح بدوره حرية الاعتقاد للمواطنين، لكن في الوقت نفسه ادعى بأن هذه العملية هي جزء من جهود محاربة الأصولية.

إن فكرة تعرض فرنسا لخطر الأصولية متداخلة مع محاولة ماكرون "دمج الإسلام بشكل أفضل في فرنسا بهدف تحضير الأرضية لعلاقة أكثر سلمية بين الإسلام والدولة"، وعليه ماذا ستكون مكاسب وخسائر ماكرون من "إعادة بناء هيكلية الإسلام في فرنسا"؟.

** أئمة فرنسا

بالرغم من عدم إعلان كافة تفاصيل مشروع الرئيس الفرنسي، إلا أن بعض خطوطه العريضة واضحة، أولها، تمويل المؤسسات الإسلامية، والثاني، تأهيل الأئمة في فرنسا.

أوضح ماكرون صراحة أنه يريد الحد من تأثير الدول العربية بذريعة أنها "تعيق توجه الإسلام الفرنسي نحو الحداثة"، وهذا الأمر يعكس فكرة عنصرية مفادها "أن أوروبا تمثل قمة الحضارة، في حين يمثل العرب التخلف"، والتي تضفي شرعية على دعوة ماكرون بخصوص "حظر تمويل الدول الأجنبية للمؤسسات الإسلامية في فرنسا".

إن "إضفاء الطابع المؤسساتي على الإسلام" يعني إخراج المسلمين من إطار قانون ينظم الجمعيات غير الربحية وإدراجهم ضمن إطار قانون آخر ينظم الجمعيات الثقافية ويخضع لرقابة مالية أكثر صرامة من جانب الدولة، حيث كان وزير الداخلية الفرنسي دعا الحكومة في وقت سابق للتدخل و"تأهيل أئمة في فرنسا" بدلا من استقدام أئمة من الخارج.

 

واتخذ الوزير الفرنسي موقفا صارما في هذا الشأن، حين اقترح "إيقاف تمويل الدول الأجنبية للمساجد في فرنسا، وإغلاق المساجد السلفية، وطرد أي إمام أجنبي يقوم بخطاب مخالف لقيم الجمهورية، خارج حدود البلاد".

يبدو جليا أن هذا الموقف يستهدف المسلمين، إذ يسمح القانون الفرنسي لمنتسبي الأديان الأخرى بإقامة علاقات دولية، وتلقي دعما ماديا من الخارج.

وهذا الأمر يذكرنا بمبادرات مماثلة في دول أوروبية أخرى، إذ حاولت الحكومة الإيطالية عام 2017 تشكيل ما يسمى "إسلام إيطاليا"، كما أطلقت وزارة الداخلية النمساوية مشروعا لإنشاء قانون جديد للإسلام، والذي دخل حيز التنفيذ عام 2015 في ظل انتقادات حادة، وكذلك عقدت وزارة الداخلية الألمانية "مؤتمر الإسلام الألماني" عام 2007، وسط الكثير من الانتقادات أيضا.

** سياسات صارمة بخطابات ناعمة

تتسم السياسات السابقة بكونها صارمة مصحوبة بخطابات ناعمة، وربما يعتبر رئيس الوزراء النمساوي الجديد سباستيان كروز نموذجا مثاليا لهذه الاستراتيجية، إذ تبنى في البداية خطابا يؤكد أن الإسلام جزء من النمسا، ما جعله يكسب تأييد الكثير من المسلمين، ومن ثم قام بوجه مبتسم بإضفاء طابع مؤسساتي على الإسلام في البلاد.

يدعي ماكرون بأن حيادية الدولة في فرنسا تعتبر من أعمدة العلمانية، وهذا الرأي صحيح في مكان، لكنه يتناقض من حيث المبدأ مع التهديدات ضد المؤسسات الإسلامية من خلال فرض رقابة على مصادرها المالية، ورؤية المسلمين المتعلمين في فرنسا فقط كصالحين، واعتبار الطلبة الأجانب بأنهم سيئين.

بالتالي، سيكون من المهم أن نلقي نظرة عن كثب على المقترحات التي وعد ماكرون بالإعلان عنها في غضون الأشهر الـ 6 المقبلة.

الكاتب فريد حافظ، عضو الهيئة التدريسية في قسم العلوم السياسية بجامعة سالزبورغ النمساوية