Super User

Super User

نشیر هنا الی بعض ما ورد فی تلمذ أئمة اهل السنة للإمام الصادق علیه السلام کما ورد فی کتب أهل السنة

1.آلالوسي

الآلوسي، یذکر فی مقدمة کتابه «مختصر تحفة الاثني عشرية» قول   ابی حنيفه  :

وهذا أبو حنيفة - رضي الله تعالى عنه - وهو بين أهل السنة كان يفتخر ويقول بأفصح لسان: لولا السنتان لهلك النعمان، يريد السنتين اللتين صحب فيهما لأخذ العلم الإمام جعفر الصادق - رضي الله تعالى عنه -. وقد قال غير واحد أنه أخذ العلم والطريقة من هذا ومن أبيه الإمام محمد الباقر ومن عمه زيد بن علي بن الحسين - رضي الله تعالى عنهم -.

الألوسي، محمود شكري، مختصر التحفة الاثني عشرية، ص 8 ، ألّف أصله باللغة الفارسية شاه عبد العزيز غلام حكيم الدهلوي، نقله من الفارسية إلى العربية: (سنة 1227

2.ابن تيميه

ابن تیمیة و إن لم یصرح بتلمذ أبی حنیفة للإمام الصادق علیه السلام إلا أنه یصرح بأخذ مالک بن انس، و سفيان بن عيينه، وشعبة، و ثوري، و ابن جريج، و يحيي بن سعيد و ... منه علیه السلام، کما جاء فی کلامه التالی: 

فإن جعفر بن محمد لم يجيء بعد مثله وقد أخذ العلم عنه هؤلاء الأئمة كمالك وابن عيينة وشعبة والثوري وابن جريج ويحيى بن سعيد وأمثالهم من العلماء المشاهير الأعيان.

ابن تيميه الحراني الحنبلي، ابوالعباس أحمد عبد الحليم (متوفا 728 هـ)، منهاج السنة النبوية، ج 4 ص 126 ، تحقيق: د. محمد رشاد سالم، ناشر: مؤسسة قرطبة، الطبعة: الأولى، 1406هـ..

3.محمد بن طلحه

 محمد بن طلحة ایضا یصرح باستفادة بعض الأئمة من الإمام الصادق علیه السلام ویقول:

الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) ... هو من عظماء أهل البيت وساداتهم (عليهم السلام) ذو علوم جمة ، وعبادة موفرة ، وأوراد متواصلة ، وزهادة بينة ، وتلاوة كثيرة ، يتتبع معاني القرآن الكريم ، ويستخرج من بحره جواهره ، ويستنتج عجائبه ، ويقسم أوقاته على أنواع الطاعات ، بحيث يحاسب عليها نفسه ، رؤيته تذكر الآخرة ، واستماع كلامه يزهد في الدنيا ، والاقتداء بهديه يورث الجنة ، نور قسماته شاهد أنه من سلالة النبوة ، وطهارة أفعاله تصدع أنه من ذرية الرسالة . نقل عنه الحديث ، واستفاد منه العلم جماعة من الأئمة وأعلامهم مثل : يحيى بن سعيد الأنصاري ، وابن جريج ، ومالك بن أنس ، والثوري ، وابن عيينة ، وشعبة ، وأيوب السجستاني ، وغيرهم (رض) وعدوا أخذهم عنه منقبة شرفوا بها وفضيلة اكتسبوها.

الشافعي، محمد بن طلحة (متوفاي652هـ)، مطالب السؤول في مناقب آل الرسول (ع)، ص 436 ، تحقيق : ماجد ابن أحمد العطية.

4. محيي النووي

النووی ایضا یحکی لنا تلمذ بعض اکابر أهل السنة للإمام الصادق علیه السلام کالتالی:

روى عنه محمد بن إسحاق ويحيى الأنصاري ومالك والسفيانان وابن جريج وشعبة ويحيى القطان وآخرون واتفقوا على إمامته وجلالته وسيادته.

النووي الشافعي، محيي الدين أبو زكريا يحيى بن شرف بن مر بن جمعة بن حزام (متوفا676 هـ)، تهذيب الأسماء واللغات، ج 1 ص 155 ، تحقيق: مكتب البحوث والدراسات، ناشر: دار الفكر - بيروت، الطبعة: الأولى، 1996م.

5. الخطيب التبريزي

الخطیب التبریزی من اساطین علماء أهل السنة یقول فی هذا المجال:

جعفر الصادق: هو جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، الصادق کنيته أبو عبدالله کان من سادات أهل البيت روي عن أبيه وغيره سمع منه الأئمة الأعلام نحو يحيي بن سعيد وابن جريج ومالک بن أنس والثوري وابن عيينة وأبو حنيفة.

الخطيب التبريزي، محمد بن عبد الله، (متوفا: 741 هـ)، الأکمال في أسماء الرجال، ص 19 ، بي جا، بي تا.

6. ابو المحاسن الظاهري

ابو المحاسن الظاهری الحنفی یعد بعض من تلمذ للإمام الصادق علیه السلام کما جاء فی کلامه التالی:

[ما وقع من الحوادث سنة 148] وفيها توفي جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبى طالب رضي الله عنهم، الإمام السيد أبو عبد الله الهاشمي العلوي الحسيني المدني ... وكان يلقب بالصابر، والفاضل، والطاهر، وأشهر ألقابه الصادق ... وحدث عنه أبو حنيفة وابن جريج وشعبة والسفيانان ومالك وغيرهم. وعن أبي حنيفة قال: ما رأيت أفقه من جعفر بن محمد.

الأتابكي، جمال الدين أبي المحاسن يوسف بن تغري بردى (متوفاى87هـ)، النجوم الزاهرة في ملوك مصر والقاهرة، ج 2 ص 68 ، ناشر: وزارة الثقافة والإرشاد القومي – مصر.

7. ابن صباغ المالکي

یقول ابن صباغ المالکی ایضا:

كان جعفر الصادق ابن محمّد بن عليّ بن الحسين عليهم السلام ... وروى عنه جماعة من أعيان الاُمّة وأعلامهم مثل : يحيى بن سعيد وابن جريج ومالك بن أنس والثوري وابن عيينة وأبو حنيفة وشعبة وأبو أيّوب السجستاني وغيرهم.

المالكي المکي، علي بن محمد بن أحمد المعروف بابن الصباغ (متوفا885هـ)، الفصول المهمة في معرفة الأئمة، ج 2 ص 907-908 ، تحقيق: سامي الغريري، ناشر: دار الحديث للطباعة والنشر  مركز الطباعة والنشر في دار الحديث – قم، الطبعة الأولى: 1422 – 1379 ش.

8. ابن حجر الهيثمي

یقول ابن حجر الهیثمی فی تلمذ أبی حنیفة للإمام الصادق علیه السلام:

جعفر ... وروى عنه الأئمة الأكابر كيحيى بن سعيد وابن جريج والسفيانين وأبي حنيفة وشعبة وأيوب السختياني.

الهيثمي، ابوالعباس أحمد بن محمد بن علي ابن حجر (متوفاى973هـ)، الصواعق المحرقة علي أهل الرفض والضلال والزندقة، ج 2 ص 586 ، تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الله التركي - كامل محمد الخراط، ناشر: مؤسسة الرسالة - لبنان، الطبعة: الأولى، 1417هـ - 1997م.

9. الشبراوي

عبدالله بن محمد الشبراوي من اعیان علماء الشافعیة، بعد إن یذکر الصادق سلام الله عليه، یعد مالک بن انس و اباحنيفة من تلامذة الإمام الصادق علیه السلام:

السادس من الائمة جعفر الصادق ذو المناقب الکثيرة و الفضائل الشهيرة روي عنه الحديث کثيرون مثل مالک بن انس و أبو حنيفه و يحيي بن سعيد و ابن جريج و الثوري.

الشبراوي الشافعي، عبد الله بن محمد بن عامر، الإتحاف بحب الأشراف، 54 ، دار النشر: مصطفي البابي الحلبي وأخويه – مصر، بي تا.

10. الشبلنجي الشافعي

مومن بن حسن الشبلنجي یقول فی کتابه نور الأبصار:

. روي عنه جماعة من أعيان الأئمة وأعلامهم کيحيي بن سعيد ومالک بن أنس والثوري وابن عيينة وأبي حنيفة وأيوب السختياني وغيرهم.

الشبلنجي الشافعي، حسن بن مومن، نور الابصار في مناقب آل بيت النبي المختار، ص 297 ، قدم له: دکتور عبدالعزيز سالمان، المکتبة التوفيقية، بي تا.

11. الزركلي

خير الدين الزرکلي ایضا یقول:

جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط، الهاشمي القرشي، أبو عبد الله، الملقب بالصادق: سادس الأئمة الاثني عشر عند الإمامية. كان من أجلاء التابعين. وله منزلة رفيعة في العلم. أخذ عنه جماعة، منهم الإمامان أبو حنيفة ومالك. ولقب بالصادق لأنه لم يعرف عنه الكذب قط. له أخبار مع الخلفاء من بني العباس وكان جريئا عليهم صداعا بالحق.

الزركلي، خير الدين (متوفاي1410هـ)،‌ الأعلام، ج 2 ص 126 ، ناشر: دار العلم للملايين - بيروت – لبنان، چاپ: الخامسة، سال چاپ : أيار - مايو 1980 طبق برنامه مكتبه اهل البيت عليهم السلام.

12.علي بن محمد دخيل الله

الدکتور علي بن محمد دخيل الله من المحققین المعاصرین یقول فی تحقیقه علی کتاب الصواعق المرسلة:

هو جعفر بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين السبط الهاشمي القرشي الملقب بالصادق. ولد سنة 80 بالمدينة وهو سادس الائمة الاثني عشرية عند الامامية، من اجلاء التابعين، أخذ عنه جماعة منهم الإمامان مالک وأبو حنيفة. وتوفي في المدينة سنة 148.

ابن قيم الجوزية، محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد شمس الدين (متوفاى: 751هـ)، الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، ج 1 ص 616 ، المحقق: علي بن محمد دخيل الله، دار النشر: دار العاصمة، الرياض – المملکة العربية السعودية، بي تا.

13.عبدالرحمن الشرقاوي

الشرقاوي مولف کتاب ائمة الفقه التسعة، بعد أن ینقل اسئلة أبی حنیفة الصعبة و اجوبة الإمام الصادق علیه السلام، علیها، یقول:

وصحبه أبو حنيفة النعمان بعد ذلک مدة سنتين يتلقي عنه العلم.

الشرقاوي، عبدالرحمن، ائمة الفقه التسعة، ص 49 ، دار النشر: دار الشروق، 1411 هـ، 1991 م.

و ایضا یقول المولف فی انتهاء الباب المختص بالإمام الصادق سلام الله عليه :  

توفي الامام جعفر الصادق الذي درس عليه الامام مالک وروي عنه أبو حنيفة النعمان  وتعلم منه وصحبه سنتين کاملتين قال عنهما أبو حنيفة النعمان: لولا السنتان لهلک النعمان.

الشرقاوي، عبدالرحمن، ائمة الفقه التسعة، ص 51 ، دار النشر: دار الشروق، 1411 هـ، 1991 م.

ویقول فی موضع آخر:

وکان يقاوم کما قاوم أستاذه وصديقه الإمام جعفر الصادق من قبل البدعة تزيين التقشف والانصراف عن هموم الحياة وترک الأمر کله لطبقة بعينها تملک وتستغل وتحکم وتستبد.

الشرقاوي، عبدالرحمن، ائمة الفقه التسعة، ص 60 ، دار النشر: دار الشروق، 1411 هـ، 1991 م.

ویقول فی استفادة مالک بن انس من الامام الصادق علیه السلام:

أفاد الإمام مالک من صحبة الإمام جعفر وأخذ عنه کثيرا من طرق استنباط الحکم ووجوه الرأي وأخذ عنه البعض الاحکام في المعاملات وأخذ الاعتماد علي شاهد دون شاهدين إذا حلف المدعي اليمين وکما أخذ من الإمام الصادق جعفر بن محمد اخذ من أبيه الإمام محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب.

الشرقاوي، عبدالرحمن، ائمة الفقه التسعة، ص 87 ، دار النشر: دار الشروق، 1411 هـ، 1991 م.

ویقول فی لزوم مالک بن انس مجلس الامام الباقر وابنه علیهما السلام ومخالفته لهما علیهما السلام :

لزم مالک مجلس الامام محمد الباقر وابنه الامام جعفر وتعلم منهما علي الرغم من ان رایه في الإمام علي بن أبي طالب کرم الله وجهه لا يرضي آل البيت وشيعتهم فقد فضل عليه أبابکر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان رضي الله عنهم وجعل الامام عليا کرم الله وجهه ورضي الله عنه کسائر الصحابة.

الشرقاوي، عبدالرحمن، ائمة الفقه التسعة، ص 87 ، دار النشر: دار الشروق، 1411 هـ، 1991 م.

و یفهم من کلام الشرقاوی آنفا، أن افضلیة علی امیر المومنین علیه السلام علی الآخرین، کانت مطروحة من قبل أهل البیت علیهم السلام و هی معتقدهم الذی لا غبار علیه 

14. عبد الحليم الجندي

عبد الحليم الجندي، المحقق المعاصر یقول فی کتابه  :

فلقد تتلمذ أبو حنيفة ومالک للإمام الصادق، وتأثر کثيرا به ،سواء في الفقه أو في الطريقة. ومالک شيخ الشافعي والشافعي يدلى إلى أبناء النبي بأسباب من العلم والدم. وقد تتلمذ له أحمد بن حنبل سنوات عشرة. فهؤلاء أئمة أهل السنة الأربعة، تلاميذ مباشرون أو غير مباشرين للإمام الصادق.

الجندي، عبد الحليم، الإمام جعفر الصادق، ص3 ، دار المعارف، مصر – قاهره.

15.محمد أبو زهره

محمد ابو زهره الکاتب المعاصر ایضا یقول:

فأئمة السنة الذين عاصروه تلقوا عنه وأخذوا، أخذ عنه المالک رضي الله عنه، وأخذ عنه طبقة مالک، کسفيان بن عيينة وسفيان الثوري، وغيرهم کثير وأخذ عنه أبو حنيفة مع تقاربهما في السن، واعتبره أعلم أهل الناس، لأنه أعلم الناس باختلاف الناس، وقد تلقي عليه رواية الحديث طائفة کبيرة من التابعين، منهم يحيي بن سعيد الانصاري وأيوب السختياني وابان بن تغلب وأبو عمرو بن العلاء وغيرهم من أئمة التابعين في الفقه والحديث.

ابوزهرة، محمد، الامام الصادق حياته وعصره – آرائه وفقهه، ص 66، بي تا، بيجا.

و فی موضع آخر ینقل اتفاق أهل السنة علی أخذ مالک من الامام الصادق علیه السلام

وإنه من المتفق عليه أخذ أن المالک رضي الله عنه کان يختلف إليه، ويأخذ عنه.

ابوزهرة، محمد، الامام الصادق حياته وعصره – آرائه وفقهه، ص 89 ، بي تا، بي جا.

السبت, 17 شباط/فبراير 2018 05:16

منافع الحجّ

إنَّ أوَّل ما نلتقي به من نصوص الحجّ هو النّداء الأوّل الّذي وجّهه الله إلى النبيّ إبراهيم(ع) في دعوة النّاس إلى الحجّ، وذلك في قوله تعالى: {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ* لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ* ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ}[الحجّ: 27-29].


فإنّنا نجد في هذا النّداء دعوة النّاس ليشهدوا منافع لهم من دون تحديدٍ لطبيعتها وحجمها، للإيحاء بضرورة الانطلاق في هذا الاتجاه للبحث عن كلّ المجالات النّافعة التي يمكن لهم أن يحقّقوها من خلال الحجّ، في حياتهم الفرديّة والاجتماعيّة، إلى جانب الرّوح العباديّة المتمثّلة بذكر الله في أيّام معدودات، شكراً لنعمه، وتعظيماً لآلائه، وتطبيقاً لتعليماته في توجيه هذه النّعمة إلى ما أراده من الإنفاق على الفئات المحرومة البائسة.
وقد يثير القرآن أمام بعض المواضيع حالةً من حالات الإبهام والغموض، من أجل أن يدفع الإنسان إلى البحث في كلّ اتجاهٍ يتعلّق بالموضوع، ليحقّق الشّمول والامتداد في آفاقه، فلا يتجمّد أمام فرضيَّةٍ واحدةٍ، أو وجهٍ معيّن أو اتجاهٍ خاصّ. وبهذا يكون التّشريع حركةً متجدّدةً في خطّ الإبداع والنموّ والتقدّم.

وقد ورد في حديث عن الإمام جعفر الصّادق(ع): فيما حدّث به هشام بن الحكم قال: سألت أبا عبد الله جعفر الصّادق(ع) فقلت له: "ما العلّة التي من أجلها كلّف الله العباد الحجّ والطّواف بالبيت؟ فقال: إنّ الله خلق الخلق (إلى أن قال) وأمرهم بما يكون من أمر الطّاعة في الدّين، ومصلحتهم من أمر دنياهم، فجعل فيه الاجتماع من الشّرق والغرب ليتعارفوا، ولينزع كلّ قومٍ من التجارات من بلدٍ إلى بلد، وليتنفّع بذلك المكاري والجمال، ولتعرف آثار رسول الله(ص)، وتعرف أخباره، ويذكر ولا ينسى، ولو كان كلُّ قومٍ إنَّما يتكلَّمون على بلادهم وما فيها، هلكوا وخربت البلاد، وسقطت الجلب والأرباح، وعميت الأخبار، ولم تقفوا على ذلك، فذلك علّة الحج".

كما ورد عن الفضل بن شاذان عن الإمام عليّ الرّضا(ع) قال: "إنما أمروا بالحجّ لعلّة الوفادة إلى الله عزّ وجلّ، وطلب الزّيادة، والخروج من كلّ ما اقترف العبد، تائباً مما مضى، مستأنفاً لما يستقبل، مع ما فيه من إخراج الأموال وتعب الأبدان، والاشتغال عن الأهل والولد، وحظر الأنفس عن اللّذَّات، شاخصاً في الحرّ والبرد، ثابتاً على ذلك دائماً، مع الخضوع والاستكانة والتذلل، مع ما في ذلك لجميع الخلق من المنابع في شرق الأرض وغربها، ومن في البرّ والبحر ممّن يحجّ وممّن لا يحجّ، من بين تاجرٍ وجالبٍ وبائعٍ ومشترٍ وكاسبٍ ومسلكيّ ومكارٍ وفقير، وقضاء حوائج أهل الأطراف في المواضع الممكن لهم الاجتماع فيها، مع ما فيه من النَّفقة ونقل أخبار الأئمَّة (عليهم السلام) إلى كلّ صقعٍ وناحية، كما قال الله عزّ وجلّ: {فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ}"[التّوبة: 122].

الحج ملتقى المسلمين
إنّنا نستوحي من هذين الحديثين، أنّ الإسلام أراد للحجّ أن يكون ملتقى للمسلمين جميعاً، من شرق الأرض وغربها، من أجل تحقيق التّعارف والتّواصل بينهم، وتحصيل المنافع الاقتصاديّة والاجتماعيّة لمن حجّ ولمن لم يحجّ، وتبادل التّجارب والخبرات المتنوّعة التي يملكها كلّ فريقٍ من خلال أوضاعه العامّة والخاصّة، وتسهيل حركة الدّعوة إلى الله، بالانطلاق من موسم الحجّ للاتّصال بكلّ المناطق الإسلاميّة التي تتمثّل بأفرادها الّذين يقصدون بيت الله الحرام لأداء الفريضة، فيما يتعلّمونه من ثقافة الإسلام وشريعته، وفيما يتعاونون فيه من مشاريع وأعمال وخطط على أساس المصلحة الإسلاميّة العليا، لينطلق العمل الإسلاميّ من قاعدةٍ مركزيّةٍ واسعة، في أجواء الإسلام التّاريخيّة التي شهدت مولد الدّعوة وعاشت حركيّتها، وحقّقت أهدافها الكبيرة في جهادها المرير الصّعب، فيكون التحرّك في الخطّ من موقع الفكرة والجوّ والخبرة المتبادلة والمعاناة الحاضرة.

وهكذا يعيش النّاس، فيما يقصدونه من مزارات، أجواء الإسلام الأولى التي يعيشون معها الإحساس بالانتماء الرّوحيّ والعمليّ لهذا التاريخ، الأمر الّذي يوحي لهم بأنّ الإسلام الّذي ينتمون إليه، يمتدّ إلى تلك الجذور العميقة في أعماق الزّمن، وبأنّ عليهم أن يعطوا هذا التّاريخ امتداداً من خلال جهادهم ومعاناتهم، كما استطاع المسلمون أن يحقّقوا لهم هذا الامتداد الّذي يتّصل بمسيرتنا الحاضرة.

إنَّنا نحصل في موسم الحجّ على فرص الاجتماع، واللّقاء والدّراسة، والعمل الإسلاميّ المشترك

وبذلك لن تكون الزّيارات تقليداً يفقد معناه، وعبادةً تتجمّد أمام المزار لتنفصل عن معنى التّوحيد العميق الّذي يخلص العبادة لله دون غيره، ولا يتحرّك نحو جهةٍ أو شخصٍ أو عملٍ إلا من خلال تعاليم الله الّتي أنزلها على رسوله.. الأمر الّذي يعطي كلّ تحرّكٍ معناه الرّوحيّ، فيما تعطيه حركة التّاريخ من مضمونٍ إنسانيّ إسلاميّ يغني التّجربة ويعمّق الإيمان.

لقاء حواريوفي ضوء ذلك، نفهم أنّ اللّقاءات التي يخطّط لها الإسلام من خلال هذه الفريضة العباديّة، لا بدّ من أن نعيش فيها الهدف الكبير في تحقيق لقاءٍ إسلاميّ شامل يستهدف إلغاء كلّ الفوارق الطبقيَّة واللّونيَّة والعرقيَّة والإقليميَّة، في جوٍّ من التّفاعل الإنسانيّ الرّوحيّ، يستشعر فيه الجميع القيمة الإسلاميَّة على هدى الممارسة في وحدة الموقف واللّباس والشّعار والتحرّك، فيلغي المشاعر الطَّارئة المضادَّة التي يمكن أن يتعامل من خلالها الاستكبار لتفتيت طاقاتهم وتدمير وحدتهم.. حتّى إذا نجح في بعض خطواته، فيما يستغلّه من بعض الأوضاع السلبيّة، كان الحجّ له بالمرصاد، ليبعثر تلك الخطوات الشرّيرة، ويفوّت عليه عمليّة الاستغلال هذه، بما يثيره الحجّ من مشاعر طاهرة وأفكار واعية، وخطواتٍ إيمانيّة متحرّكة يقظة..
ذلك هو بعض ما نستوحيه من تشريع الحجّ في مدلوله الاجتماعيّ والسياسيّ، إلى جانب مدلوله الرّوحيّ العباديّ التّربويّ. وذلك هو ما مارسه الأئمّة من أهل البيت(ع) عندما كانوا يعتبرون الحجّ قاعدةً للحوار مع كلّ الفئات المنحرفة، كما كانوا يحاولون أن يحقّقوا اللّقاء بكلّ العناصر الطيّبة التي يريدون لها أن تسير في الخطّ الإسلاميّ المستقيم، في خطّةٍ توجيهيّةٍ عمليّةٍ شاملة.
ليكون الحج مجمعاً للمسلمين يلتقي فيه المفكّرون في حوارٍ فكريّ إسلاميّ سليم

وعلينا العمل على تحويل موسم الحجّ إلى موسمٍ إسلاميّ كما أراده الله، ليكون مجمعاً للمسلمين يلتقي فيه المفكّرون في حوارٍ فكريّ إسلاميّ سليم، ليصلوا إلى القناعات المشتركة، أو المتقاربة، أو ليفهموا وجهة نظر كلّ منهم، ليعرفوا ارتكاز الجميع على أسسٍ فكريّةٍ إسلاميّة فيما يتوصّل إليه المجتهدون والمفكّرون، وليعملوا على أساس الوصول في نهاية المطاف ـ بالصّبر والفكر ـ إلى الوحدة في الفكر والأسلوب والعمل.

تبادل الأفكار والخبرات
وفي هذا الاتّجاه، يعمل المخلصون على لقاء الحركات الإسلاميَّة، من سائر أنحاء العالم الإسلاميِّ من أجل أن يتبادلوا الأفكار والخبرات، ويتعارفوا فيما يحملون من تطلّعات وأهداف، وفيما يرتكزون عليه من منطلقاتٍ، ليكتشفوا من خلال ذلك في أنفسهم ما يختلفون فيه، ليبحثوا كيف يحوِّلونه إلى قناعاتٍ مشتركة، وما يتَّفقون عليه ليستزيدوا منه في الجوانب الأخرى، ويحوّلوه إلى خطواتٍ عمليَّةٍ للتَّعاون من أجل تكامل العمل الإسلاميّ من جهة، وتوحيد الطّاقات الفاعلة في سبيل حلّ مشاكل الإسلام والمسلمين من جهةٍ أخرى، وليبحثوا مشاكل التحرّر من الاستعمار، والخروج من سيطرة الضّغوط السياسيّة والاقتصاديّة، ليتحرّك الجهاد الإسلاميّ في حياة المسلمين من موقع الفكر الإسلاميّ الّذي يستهدف عزّة المسلمين وكرامتهم في دولةٍ إسلاميّةٍ هادفةٍ مظفّرة، على أساس الوسائل الإسلاميّة المشروعة، والخطط الواقعيّة المدروسة.

وإنّنا نؤكّد على مثل هذه اللّقاءات، لأنّ الاعتماد على المراسلة والقراءة الفكريّة لا تستطيع ـ غالباً ـ أن تمنح الموقف الإسلاميّ وضوحاً في الصّورة، بحيث تزيل الشّبهات العالقة في أذهان القائمين على الحركات ضدّ بعضهم البعض، ما جمّد كثيراً من فرص اللّقاء على الأسس الإسلاميّة المشتركة.

وقد نحتاج إلى توجيه العمل للقاء المسلمين ببعضهم البعض في أجواء إسلاميّة حميمة، يتحادثون فيها فيما بينهم في كلّ ما يهمّهم من قضايا، وذلك بالزّيارات الفرديّة والجماعيّة لجمعيّات الحجّاج وأماكن تجمّعهم، ليتحسّسوا الشّعور بالوحدة من خلال اكتشاف الهموم المشتركة، والقضايا الواحدة، والأهداف الكبيرة التي يلتقون فيها على اسم الله.. ليحقّق ذلك رفضاً لكلّ الخطط والمشاعر التي يعمل الكافرون من خلالها على عزل المسلمين بعضهم عن بعض، من خلال الشّعور القوميّ أو الإقليميّ أو غير ذلك.

علينا أن نستفيد من موسم الحجّ، ليبقى قاعدةً للعبادة المتحرّكة في حياة المسلم في كلّ زمانٍ ومكان..

كما نستفيد من موسم الحجّ بما يحقّقه من اجتماع القيادات الإسلاميّة الواعية التي لا تستطيع أن تجتمع في مكانٍ آخر؛ فإنّ مثل هذا الاجتماع يصحّح كثيراً من الانحرافات، ويوحّد كثيراً من الجهود، وينظّم كثيراً من الأعمال المتنوّعة المبعثرة.
وهناك الكثير الكثير من المنافع والفوائد الّتي نستطيع أن نحقّقها في هذا الموسم الإسلاميّ الكبير، مما يجب أن نفكّر فيه ونعمل له ونصل إليه.
إنّنا نعمل في سبيل الحصول على فرص الاجتماع، واللّقاء والدّراسة، والعمل الإسلاميّ المشترك، ليكون ذلك هدفاً من أهداف الحركات الإسلاميّة في العالم الإسلاميّ، ولكن لا بدّ من مواجهة الصّعوبات والتحدّيات والعقبات التي تعترضنا في الطّريق.

إنَّ علينا أن نستفيد من هذا الموسم حتَّى لا يتحوَّل إلى جهدٍ ضائعٍ، ليبقى لنا قاعدةً للعبادة المتحرّكة في اتجاه حياة الإنسان المسلم في كلّ زمان ومكان، وذلك من خلال حركتها الرّوحيّة الممتزجة بالواقع الاجتماعيّ والسياسيّ والتّربويّ المنطلقة إلى الآفاق العليا بين يدي الله تعالى.

السبت, 17 شباط/فبراير 2018 05:10

دلالات الحـجّ العبادية والروحية

الحجّ من العبادات الإسلاميّة التي أرادها الله للنّاس، لتتحقّق لهم من خلالها النّظرة الشّاملة لقضيّة الإنسان في الحياة. فقد جعله الله فريضةً على كلّ من استطاع إليه سبيلاً، واعتبر تركها خروجاً على عمق الالتزام الإسلاميّ، حتّى جعل التّارك لها في حكم الخارج عن الإسلام...
وقد تعبّد الله بالحجّ عباده منذ النبيّ إبراهيم(ع)، وجاء الإسلام فأضاف إليه شروطاً وأحكاماً، وحدّد له أهدافاً ورسم له خطوطاً، من أجل أن يحقّق للإسلام الدّور الكبير في الحياة في فاعليّة وامتداد، فلم يقتصر فيه على جانبٍ واحدٍ من جوانب التّربية، بل استوعب المعاني التي تنطلق في العبادات الأخرى.

لقد جعل الله الحجّ فريضةً على كلّ من استطاع إليه سبيلاً، واعتبر تركها خروجاً على عمق الالتزام الإسلامي

أ ـ الإحرام:
وقد شرّع الإحرام في كلّ التزاماته وتروكه، ليحقّق للإنسان أهداف الصوم، ولكن في أسلوبٍ متحرّكٍ متنوّع، لا يخاطب في الإنسان جوع الجسد وظمأه، ولكنّه يخاطب فيه جوانب أخرى تهذّب فيه نزعة القوّة، فتوحي إليه بالانضباط والتّوازن، وتهذّب فيه نزعة التّرف فتقوده إلى الخشونة، ونزعة الكبرياء فتوجّهه إلى التّواضع، وتعلّمه كيف يحرّك الفكر والثقافة والمعرفة في اتجاه الحق بدلاً من الباطل، لتبقى المعرفة سبيله الوحيد في حركة الكلمة والفكرة.
ب ـ الطّواف:
وشرَّع الطَّواف حول البيت وجعله صلاةً، ليعيش معه الإنسان آفاق الصَّلاة وروحيَّتها، ذلك البيت الّذي أراده الله رمزاً للوحدة بين النّاس في معناه الرّوحيّ المتّصل بالله، لا في مدلوله المادّيّ المتمثّل بالحجارة، وللإيحاء بأنّ الحياة لا بدّ من أن تتحوّل إلى طوافٍ حول إرادة الله، فيما يتمثّل في بيته من مشاعر الطّهارة والنّقاء والخير والبركة والرّحمة والمحبّة.. لتكون الحياة حركةً في طريق الأهداف الّتي يحبّها الله ويرضاها، والّتي يريد لعباده أن ينطلقوا معها في رسالته ومسؤوليته.
ج ـ السَّعي:
وفرض السّعي بين الصّفا والمروة، ليعيش الإنسان معه الشّعور الواعي بأنّ خطواته لا بدّ من أن تتّجه إلى المجالات الخيّرة، ليكون سعيه سعياً في سبيل الخير، وابتعاداً عن طريق الشرّ، فهو يسعى هنا لا لشيء، إلا لأنّ الله أراد منه ذلك ليحصل على القرب منه، ما يوحي بأنّ السّعي هنا إذا كان للحصول على مرضاة الله فيما تعبَّدنا الله به من أمره ونهيه، فينبغي لنا أن نطلق السّعي في مجالات الحياة الأخرى، في كلّ آفاقها الاجتماعيّة والسياسيّة والاقتصاديّة في الاتجاه نفسه، لنحصل على رضاه في كلّ أمورنا.
د ـ الوقوف بالمشاعر:
أمّا الوقفات الّتي أرادها الله في عرفات والمشعر ومِنى، فهي وقفات تأمّل وحساب وتدبّر وانطلاق، ليستعيد فيها الإنسان مبادئه التي قد تضيع في غمرات الصراع التي يخوضها في سبيل لقمة العيش أو في سبيل تحقيق رغباته ومطامعه المشروعة وغير المشروعة، فإنّ الإنسان قد يفقد الكثير من قيمه الكبيرة تحت تأثير النوازع الذاتية من جهة، والتحديات المضادة التي قد تخلق لديه ردود فعل متوترة ـ من جهةٍ أخرى ـ فينسى في غمرة ذلك كله الكثير الكثير مما يؤمن به أو يدعو له، الأمر الذي يجعله بحاجةٍ إلى مزيدٍ من التأمل والمحاسبة، ليرجع إلى فكره وعقيدته وخطّه المستقيم في الحياة.
الوقفات التي أرادها الله في عرفات والمشعر ومِنى، هي وقفات تأمّل وتدبّر ومحاسبة للنّفس
هـ ـ الأضحيـة:
وجعل الأضحية رمزاً حيّاً للتّضحية والعطاء، فيما يرمز إليه من تاريخ إبراهيم وإسماعيل(ع)، عندما أسلما لله الأمر وانتصرا على نوازع الأبوّة في عاطفتها تجاه البنوّة، وعلى حبّ الذّات في إحساس الإنسان بحياته، وانتهى الأمر إلى أن فداه الله بذبحٍ عظيم، كما جعل الأضحية رمزاً للتّضحية فيما يريد أن يثيره في حياة الإنسان في كلّ زمانٍ، من السّير على هدى هذه الرّوح، ليكون ذلك خطّاً عمليّاً تسير عليه الحياة في كلّ مرحلةٍ تحتاج إلى التّضحية والعطاء.
و _ الرَّجم:
وكان رجم الشَّيطان إيحاءً بما يريد الله للإنسان أن يعيشه في حياته كهمٍّ يوميٍّ يواجه فيه خطوات الشّيطان، في فكره وعاطفته وقوله وفعله وانتماءاته وعلاقاته العامّة والخاصّة. وربما كان في هذا التّكرير في الفريضة لرجم الشّيطان ــ الرّمز، إشارة إلى أنَّ قضيّة محاربة الإنسان للشّيطان ليست قضيّة حالة واحدة يعيشها الإنسان ويتركها، بل هي قضيّة متجدّدة في كلّ يوم.

السبت, 17 شباط/فبراير 2018 05:08

الحج: مؤتمر إسلامي عالمي جامع للمسلمين

{إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ * إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِّلْعَالَمِينَ}[1].

شمولية دور المسجد

إنَّ الخصائص الأولى الَّتي ذكرها الله لهذا البيت ـ الكعبة، توحي بمعنى الشمول في ما يريده الله لبيته هذا، كما يوحي به لبقية بيوته، فقد وضعه الله للنَّاس ولـم يجعله لفئةٍ دون فئة، لأنَّه وُضع لعبادة الله التي لا يختص بها أحد، فلا معنى لاختصاصه بأحد معيّن. وقد نستوحي منه أن لا تشيَّد المساجد لتكون لعائلة معيَّنة أو لجماعة معيَّنة، بحيث تمنع منها بقيّة العائلات أو الجماعات، لأنَّ المسجد لـم يوضع ليتحدّد، بل ليكون شاملاً لكلّ النَّاس تبعاً لشموليَّة دوره في أن يكون محلاً لعبادة الله ربّ العالمين.

وقد جعله {مُبَارَكًا}، والبركة هي الخير الكثير الذي تمتد منه المنافع والمصالح للنّاس، ما يعني أنَّ دور المسجد لا يتحدّد بالعبادة، بل يتسع لكلّ منافع النَّاس، سواء كانت علميّة أو اجتماعيّة أو سياسيّة أو اقتصاديّة أو غير ذلك من الأمور المتصلة بحياة النَّاس العامّة. وفي ضوء ذلك، كان الدور الإسلامي للمسجد هو أن يكون الملتقى الروحي للنّاس، فيعبدون الله فيه، ويتعلّمون العلوم النافعة لهم في دينهم ودنياهم، ويجتمعون للتداول في أمورهم الداخلية والخارجية، فكانت تنطلق من منابره التوجيهات والتخطيطات المتعلّقة بتنظيم حياتهم، كما تنطلق منها صيحات الجهاد. وسارت حياة المسلمين في مساجدهم على هذا الخطّ، فكانت تجسيداً للمفهوم الإسلامي للعبادة التي تنفتح على الله سبحانه، لينفتح النَّاس من خلال ذلك على الحياة من مواقعها المضيئة المتحرّكة في سبيل الخير.

وجاءت عصور التخلّف التي جمّدت عقول المسلمين وأفكارهم، فتجمّد كلّ شيء حولهم، ونالت المساجد حصّة من هذا التجميد، فإذا بهم، حكاماً وشعوباً، ينكرون على العالمين والمصلحين أن يتحدّثوا في المساجد بغير الشؤون الدينية الخاصة التي تتحدّث عن الجنّة والنّار والعبادات والأخلاقيات التجريدية... فإذا انطلقوا بالحديث عما أمر الله به، من مقاومة الظلم والانحراف في شؤون الحكم والسياسة والاجتماع والاقتصاد، اتهموهم بأنَّهم يستغلون بيوت الله لغير الأغراض التي وضعها، تماماً كما هي المعابد لدى اليهود والنصارى كما يزعمون؛ وأثاروا الثائرة عليهم، بأنَّهم يعملون على إدخال السياسة للمسجد وتسييس الدين، زعماً منهم بأنَّ الدين لا يلتقي بالسياسة، رغم أنَّ الله سبحانه يصرّح في أكثر من آية، بأنَّ الله أنزل كتبه وأرسل رسله من أجل أن يقوم النَّاس بالقسط.

الحج: مؤتمر إسلامي عالمي

وقد نستوحي من كلمة {مُبَارَكًا}، المعنى الممتد في حياة النَّاس الذين يقصدون هذا البيت من سائر أنحاء العالـم، ليجتمعوا حوله على أساس كلمة التوحيد التي توحّدهم، والرسالة التي تجمعهم، والقضايا الحيوية التي تتحرّك في واقعهم الخاص والعام، ولا سيّما القضايا المتصلة بالمصير السياسي والثقافي والاقتصادي والأمني والاجتماعي أمام التحدّيات الكبرى التي يواجهونها من قِبل الكفر والاستكبار العالميين، ليتعارفوا فيما بينهم، وليتبادلوا المعلومات، وليستلهموا التجارب، وليخطّطوا للوحدة في الموقف من حيث إحساسهم بوحدة أمتهم في خطِّها العقيدي والعملي، وفي مصيرها الواحد، وليتحاوروا في ما اختلفوا فيه من تفاصيل العقيدة والشريعة والمنهج، والأمور المتصلة بالواقع السياسي والأمني والاقتصادي في علاقاتهم ببعضهم البعض وبالآخرين، وليحرّكوا أوضاعهم الاقتصادية على أساس خطّة سليمة تحقّق لهم الإنتاج مما يحتاجونه في حياتهم العامّة، بحيث يصلون إلى مستوى الاكتفاء الذاتي، ليكونوا في موقع الاستقلال في إدارة أمورهم، وهكذا يتحوّل الحج إلى مؤتمر إسلامي عالمي يحقّق البركة للإسلام في فكره وحركته، وللمسلمين في وجودهم وامتدادهم وأوضاعهم العامّة والخاصّة.

ولكنَّ الأوضاع المعقّدة التي طرأت على الواقع الإسلامي السياسي، جعلت مواقع المسلمين تحت سيطرة الكافرين المستكبرين، وجمّدت كلّ حيوية مفاهيمهم في دينهم وحركتهم، فأصبحت مجرّد صور جامدة في الفكر، وطقوسٍ ميتة في الواقع، وأبعدت الحج عن امتداده الحضاري الحركي في حياة المسلمين، فلا فرصة لأي اجتماع عام للبحث في القضايا الحيوية المصيرية المتصلة بحياة النَّاس، وللتخطيط للمستقبل في اتجاه حلّ مشاكل الحاضر بالطريقة الحكيمة، وذلك تحت شعار أنَّ الحج عبادة لا سياسة، تماماً كما لو كان معنى السياسة معنى بعيداً عن معنى العبادة التي أراد الله لها في الصلاة أن تنهى عن الفحشاء والمنكر، بالمعنى العام للكلمتين الذي يتسع لكلّ مواقع الانحراف في حياة الإنسان، وفي الصوم الذي أراده الله أن يكون سبيلاً من سُبُل تحقيق التَّقوى الروحيّة والأخلاقيّة والسياسيّة والاجتماعيّة والأمنيّة والاقتصاديّة، وفي الحج الذي أراده الله للنّاس ليشهدوا منافع لهم في كلّ الأمور التي تتصل بالنفع العام لحياتهم المنفتحة على كلّ خيرٍ وكلّ جديد، ولا يتحقّق ذلك إلا بالسياسة المنفتحة على أمور النَّاس بالحقّ.

رسالة المسجد: الوعي والحركية

وقد جعله الله {هُدًى لِّلْعَالَمِينَ}، من خلال ما يهدي إليه من سعادة الدُّنيا والآخرة، ما يوحي بأنَّ مهمّة المساجد للقائمين عليها هي هداية النَّاس بالممارسة من خلال عبادة الله فيها، وبالتوجيه من خلال توجيه النَّاس وتعليمهم وتثقيفهم بأمور دينهم في كلِّ ما يتصل بحياتهم، لينطلق المسلمون من المساجد إلى حياتهم من خلال الانفتاح على كلّ المعاني الكبيرة التي يستهدفها الإسلام للحياة، وليحمل كلّ واحد منهم المعرفة الشاملة لشريعة الله في كلّ أحكامها المتصلة بالحياة الخاصّة والعامّة، لتكون الشريعة ومفاهيم الإسلام المنبثقة عنها في كلّ فكرٍ وعلى كلّ لسان، فلا تبقى محتكرةً على فئة معينة من النَّاس، لنستطيع من خلال ذلك أن نجعل من كلّ مسلم إنساناً واعياً متحرّكاً يعمل في حياته الخاصّة لإسلامه من موقع الوعي، ويدعو إليه بطريقة واعية من قاعدة الحركة. وفي ضوء ذلك، نستطيع أن نؤكّد أنَّ القائمين على شؤون المساجد، الذين يقتصرون فيها على إقامة الجماعة، ولا يقومون بمهمة التوجيه والهداية، ويحولونها إلى منطقة نفوذ يتوارثها الأبناء عن الآباء، هم من المنحرفين عن رسالة المسجد التي هي الهدى للنَّاس بحسب ما يتسع له المسجد من ذلك، فليتقوا الله وليقولوا قولاً سديداً.

الكعبة أرض سلام

{وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا}، وهذا واردٌ في مقام التشريع لا الإخبار، فإنَّ الواقع غير هذا في كثير من حوادث التاريخ التي استبيحت فيها حرمة البيت، فقتل فيه ناس كثيرون من قِبَل الطغاة والظالمين، تمرّداً على الأمر الإلهي الذي اعتبره واحة سلام، فلا يجوز لأحد أن يعتدي فيه على أحد، حتّى لو كان غريماً له في قتل أو مال أو عرض أو غير ذلك، بل عليه ينتظر حتّى يخرج. وقد ورد في بعض الأحاديث عن أئمة أهل البيت(ع) أنَّه يمنع من السوق، ولا يُباع، ولا يُطعم، ولا يُسقى، ولا يُكلم حتّى يخرج فيما إذا أحدث جريمة في غير الحرم ثُمَّ فرّ إلى الحرم، أمّا إذا أحدث جريمة في الحرم أخذ فيه، لأنَّه اعتدى على حرمة الحرم فلا يبقى له حرمة فيه[2].

وقد نستوحي من هذا الحكم الشرعي في حرمة هذه المنطقة المسمّاة بالحرام، التي كانت الكعبة البيت الحرام أساساً لحرمتها، أنَّ الله سبحانه أراد أن يجعل موقعاً من الأرض منطقة سلام يتخفف النَّاس فيها من أحقادهم وعداواتهم، ويعيشون في داخلها أعلى درجات الصبر في السيطرة على نوازع النفس الممتلئة بالحقد والعداوة والبغضاء، بحيثُ إنَّ الإنسان يرى قاتل أبيه أو ولده، فيُقابله وجهاً لوجه فلا يعرض له، بالرغم من ضغط التقاليد العشائرية الجاهلية القائمة على الأخذ بالثأر، احتراماً لله في بيته المحرّم، فلا يسيء إليه، ولا ينقص من حرمته، مهما كانت الحالة النفسية ضاغطة عليه، ما يجعل الإنسان يعيش تجربةً روحية فريدة تمنحه الفرصة للتأمّل في النتائج السلبية المترتبة على الثأر، أو في طبيعة المسألة في خلفياتها وامتداداتها، ليتعرف وجه الصواب والخطأ في انطباعاته التي كوّنها تجاه الموضوع، فقد تكون النتيجة أن يتحوّل هذا السَّلام النفسي ـ ولو في هذه المنطقة ـ إلى حالة سلام في الواقع عندما يكتشف هذا الإنسان أنَّ العفو أقرب للتَّقوى، وأنَّ الصبر خيرٌ للصابرين، وأنَّ حلّ المشكلة بالوسائل السلمية هو الأفضل في مواجهة سلبيات الواقع.

وربَّما يحتاج الإنسان إلى أن يدخل في منطقة سلام في المواقع الحارّة من الصراع بموجب المعاهدات والمواثيق بين النَّاس، ليعيش النَّاس فيها بعضاً من الهدوء النفسي والسَّلام العملي، ليكون ذلك بمثابة المنطقة التي يستريح فيها أبناء الخير، من أجل تجديد الروح المندفعة نحو الخير في الدرب الطويل.

شروط الحج

{وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. لقد تحدّثت الأحاديث عن تحديد الاستطاعة بالتمكن من الزاد والراحلة في ضمن شروط شرعية معينة مذكورة في كتب الفقه، وبالقدرة البدنية على ذلك مما هو محدّد في محلّه.

ولا بأس بالحديث عن عدّة نقاط حول الموضوع:

الأولى: وردت عدّة أحاديث مأثورة عن أهل البيت(ع) في عدم جواز تعطيل الكعبة عن الحج، فقد جاء عن الإمام جعفر الصادق(ع) قال: كان علي يقول لولده: "الله الله في بيت ربّكم، لا تخلوه ما بقيتم، فإنَّه إن ترك لـم تُناظروا"[8]. وعن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله ـ جعفر الصادق(ع) ـ يقول: "أمّا إنَّ النَّاس لو تركوا حج هذا البيت لنـزل بهم العذاب وما نوظروا"[3].

وجاء عن الإمام الصادق في رواية عبد الله بن سنان قال: "لو عطل النَّاس الحج لوجب على الإمام أن يجبرهم على الحج إن شاءوا وإن أبوا، لأنَّ هذا البيت إنَّما وضع للحج"[4].

الثانية: يجب الحج مع الاستطاعة على الفور، فيحرم تأخيره وتركه، فقد جاء في رواية معاوية بن عمّار عن الإمام جعفر الصادق(ع) أنَّه قال: "قال الله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}. قال: هذا لمن كان عنده مال وصحة، فإن سوّفه للتجارة فلا يسعه ذلك، وإن مات على ذلك، فقد ترك شريعة من شرائع الإسلام إذا ترك الحج وهو يجد ما يحجّ به"[5].

الثالثة: لا بُدَّ في تحقّق الاستطاعة الموجبة للحجّ من القدرة عليه مالياً وبدنياً مع حرية الوصول إلى المناسك، فقد جاء عن الإمام جعفر الصادق(ع) ـ في ما رواه عنه محمَّد بن يحيى الخثعمي ـ قال: "سأل حفص الكناسي أبا عبد الله جعفر الصادق(ع) وأنا عنده عن قوله الله عزَّ وجلّ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً} ما يعني بذلك؟ قال: من كان صحيحاً في بدنه، مخلّى في سربه، له زاد وراحلة، فهو ممن يستطيع الحج. أو قال: مَنْ كان له مال، فقال له حفص الكناسي: فإذا كان صحيحاً في بدنه، مخلّى في سِربه، له زاد وراحلة فلم يحج، فهو ممن يستطيع الحج؟ قال: نعم"[6].

وقد اشترط في استكمال شروطه أن يكون له ـ إضافةً إلى ذلك ـ مال يقوت عياله حتّى يرجع إليهم، من خلال مسؤوليته في الإنفاق عليهم. فقد روي عن أبي الربيع الشامي قال: "سُئِلَ أبو عبد الله ـ جعفر الصادق(ع) ـ عن قول الله عزَّ وجلّ: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً}، فقال: ما يقول النَّاس؟ قال: فقلت له: الزاد والراحلة، فقال أبو عبد الله: قد سُئِلَ أبو جعفر ـ محمَّد الباقر(ع) ـ عن هذا فقال: هلك النَّاس إذاً لئن كان من كان له زاد وراحلة قدر ما يقوت عياله ويستغني به عن النَّاس، ينطلق إليهم فيسلبهم إياه لقد هلكوا إذاً، فقيل له: فما السبيل؟ قال: فقال: السعة في المال إذا كان يحجّ ببعض ويبقي بعضاً لقوت عياله، أليس قد فرض الله الزكاة، فلم يجعلها إلا على من يملك مائتي درهم؟!"[7].

وإذا استدان الإنسان مالاً ـ وكان قادراً على الوفاء به في موعده ـ وحجّ البيت، كان حجّه حجّ الإسلام، لتحقّق عنوان الاستطاعة لديه، مع كونه صحيح البدن بمعنى القدرة على أداء المناسك بشكل طبيعي صحي ومخلّى السرب، وخالف في ذلك بعض.

وإذا بذل له أحد مصاريف حجّه كان مستطيعاً.

الرابعة: إنَّ الحجّ واجبٌ على النَّاس كلّهم من دون تخصيص بجماعة دون جماعة، فوزانه ـ في ذلك مع استجماع الشروط ـ وزان العبادات جميعاً.

تارك الحج كافر!؟

{وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ اللَّه غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}، الظاهر أنَّ المراد به من لـم يحجّ كما وردت به بعض الأحاديث، وقد تكرّر فيها ذلك كما في الحديث عن الصادق(ع): "من مات ولـم يحجّ حجّ الإسلام ولـم يمنعه من ذلك حاجة تجحف به، أو مرض لا يطيق فيه الحجّ، أو سلطان يمنعه، فليمت يهودياً أو نصرانياً"[8]. وهذا أسلوب قرآني شائع في القرآن، للإيحاء بأنَّ قضية الإيمان والكفر ليست قضية فكرية فحسب، بل هي قضية عملية تتصل بالموقف العملي للإنسان، فقد يكون الإنسان مؤمناً في العقيدة، ولكنَّه كافر في العمل إذا كان لا يقوم بما فرضه الله عليه من الالتزام بفعل الواجبات وترك المحرّمات. وقد تحدّث الله عن غناه عن العالمين، للإيحاء بأنَّ الطاعة لا تزيد في ملكه شيئاً، لأنَّ الله هو الذي خلق العبد ومكّنه من الطاعة، فهو الغني عن وجوده، كما هو الغني عن طاعته، فهي مصلحة للإنسان من خلال نتائجها الإيجابية عليه في حياته. كما أنَّ هناك بعض الإيحاء من الناحية التغييرية بالسخط الإلهي لهؤلاء الذين يتركون الحجّ فيكفرون بالله كفراً عملياً.  

المصدر : تفسير من وحي القرآن

[1] آل عمران: 96، 97.

[2] البحار، م:35، ج:96، باب:7، ص:297، رواية:15.

[3] البحار، م:35، ج:96، ص:261، باب:2، رواية:69.

[4]  (م.س)، م:35، ج:96، باب:2، ص:260، رواية:65.

[5]  (م.ن)، م:35، ج:96، باب:13، ص:319ـ320، رواية:15.

[6] الكافي، ج:4، ص:267، رواية:2.

[7] الكافي، ج:4، ص:267، رواية:3.

[8] التهذيب، ج:5، باب:1، ص:17 

 

الحج بما هو عبادة وفريضة على الناس يهدف فيما يهدف إليه إلى تأكيد حقيقة الإيمان بالله تعالى في قلوب عباده وتجديد لحركة المشاعر في النفوس لجهة معايشة هذا الإيمان وتعميقه في القلوب وتركيزه في العقول.

ومن انعكاسات هذا التأكيد والتجسيد تعزيز روح الأمة في اجتماعها ووحدتها، وترسيخ معاني المحبة والرحمة والأخوة بين أفرادها ومذاهبها وطوائفها، والسعي إلى إصلاح ذات البين والتعاون على رفض الفتن والعصبيات والإثم والعدوان والبغث.

والحج يعلِّم الناس أن يتلاقوا وينتفعوا من كل الغنى والتنوّع الذي أودعه الله تعالى في الأمة، وأن يتعالوا على كل الفروقات والحواجز بينهم، والتي تعقد حياتهم، فإذا ساروا في خط الإيمان فلن يكون لأي فروقات من معنى واعتبار يجتمع الناس في الحج يجب أن تسقط كل الحواجز المادية والنفسية التي تضعها الفواصل العرقية واللونية والقومية بين الناس، ليلقوا على صعيد واحد هو الإيمان بالله والسير على نهجه والالتزام بدينه والجهاد في سبيله طلباً لرضاه، مما يوفّر لهم الخروج من الدوائر الضيّقة التي يحبسون حياتهم فيها لينطلقوا إلى الدائرة الكبيرة التي تحتويهم جميعاً، والتي تؤسس لقضاياهم الإسلامية وارتباطها بالهدف الكبير الذي يتحرك فيه الإسلام في الحياة"..

فالحج إلزام إلهي للمؤمنين المخلصين بما عاهدوا عليه الله من الانقياد لطاعته والانتفاع من اجتماعهم بما يقوي وحدتهم ويؤسس لعلاقات وروابط جديدة على مستوى التعاون والتعارف والتشاور في حل مشاكلهم، فتتحوّل النداءات في طقوس الحج إلى امتثالات والتزامات تنعكس بتجلياتها على الواقع برمّته، لتضخّ به الحياة في عروق المجتمع لتبعده عن الرتابة..

وفي هذا السياق لقول الله تعالى: {وأذِن في الناس بالحج}، وأعلن ذلك في نداءاتك كتشريع تقرره، لا مجرد صوت تطلقه ليشعروا من خلال ذلك بأن هناك إلزاماً إلهياً يدفعهم إلى الامتثال ويقودهم إلى الطاعة يأتوك سائرين على أقدامهم أو على بعير مهزول من شدّة التعب من أي طريق بعيد ليحصلوا على منافع الحج الدنيوية التي يحققها لهم اجتماعهم على مستوى التعارف والتبادل والتعاون والتشاور في حلّ المشاكل التي يعيشونها.

و"إن كلمة (لبيك) تعني إننا ـ يا رب ـ نلتزم في موقفنا هذاع بكل نداءاتك بالإسلام كلّه، في عباداته وفي أخلاقه وفي جهاده، وفي سياسته واقتصاده، وفي مواجهة كل التحديات التي يواجهها الإنسان من الشيطان الداخلي في عمق نفسه أو من الشيطان الخارجي في عمق واقعه وفيما يحيط بحياته..

إنها الحركة الصارخة في النداء الذي تنطلق به كل حناجر الحجاج لتؤكد موقفهم الذي يريد أن يلتزم بالإسلام من جديد، في مسيرتهم إلى مركز الدعوة الإسلامية في مكة، لتكون مسيرة الحجاج من سائر أقطار العالم هي مسيرة الإسلام التي تقول ـ من خلال تلك الكلمات الخاضعة الهادرة ـ يا رب إذا كان الناس قد تركوا الإسلام فلم يؤمنوا به ولم يرتبطوا به، وإذا كان المسلمون قد انحرفوا عن خطه وتركوا الكثير من تعاليمه وانتموا إلى الاتجاهات الأخرى التي تختلف عن خطه المستقيم..

إذا كان الواقع هو ذلك، فها نحن قادمون إلى بيتك المحرم لنقول من كل قلوبنا ومن كل عقولنا ومن كل مواقعنا ومواقفنا وتطلعاتنا "لبيك اللهم لبيك" فقد جعلت الإسلام لنا بكل عمقه وامتداده رسالة الحياة، ونحن نريد أن ننطلق إلى الحياة من خلاله.

ولا يمكن للإيمان أن يتأكد أن يخرج إلى العلن فعلاً وممارسة إلا إذا خرج من دائرة الاستغراق بالغيب في حالة وجدانية ملتهبة معزولة عن إدارة وتحريك شؤون الحياة بما ينفع الفرد والجماعة، وهنا تأخذ العلاقة بالله أبعاداً أصيلة ومعيوشة.

وفي جولة في آفاق الحج وما يتصل بذلك، يوضّح سماحة المرجع السيد فضل الله(رض) بأن القيمة الكبرى للعبادات الإسلامية أنها لا تمثّل مجرد حالة وجدانية ذاتية غارقة في ضباب المحبة وغيبوبة الخشوع ليبقى الإنسان بعيداً عن حركة الحياة عندما يقف بين يدي الله، بل هو تعبير عن الخط الإسلامي العملي في علاقة العبد بربّه، حيث يلتقي الجانب الروحي بالحياة في أوسع مجالاتها وأرحب آفاقها، ليتصور معها حياته التي تضجّ فيها الحركة، فنجد في الصلاة.. التصور الإسلامي لله في صفاته المتصلة بحركة الحياة في مخلوقاته من التربية والرعاية والرحمة، وبطبيعة العلاقة التي تشد الإنسان إلى الله وبالتوجه إليه في مجال الصراع الذي تزدحم فيه التيارات الضالة والجاحدة في مقابل الخط المستقيم.

فإذا التقينا بالحج، فإننا نلتقي بالعبادة الزاخرة بأكثر من معنى، فهي تلتقي بالصلاة في أجواء الطواف والسعي، والوقوف بعرفات والمزدلفة والمبيت بمنى، حيث يعيش الإنسان أعمق حالات التأمل وأصفى مشاعره وأرفع درجاته.

أما الإحرام، فإنه يمثل الالتقاء بالصوم، حيث يفرض على الإنسان الالتزام الطوعي الاختياري بكثير من الأشياء التي تتصل بشهواته وعاداته وأخلاقه، فتمثل مرحلة تدريبية صعبة يتعلّم فيها الصبر والخشونة واحترام مشاعر الآخرين، واحترام كل شيء محترم حوله حتى الحيوان والنبات.. إلى جانب دقّة الملاحظة عندما يراقب كل حركة من ركاته حتى سقوط الشعر وحلّ البدن والنظر في المرآة، أما رمي الجمار فإنه يمثّل الرمز العملي للصراع مع الشيطان في ما تمثله الجمرات من رمز.

وهكذا يتحرك الإنسان من عمل إلى عمل ليحقق لنفسه البناء الروحي والفكري والعملي في أجواء العبادة التي يعيش في داخلها اللقاء بالله، وبذلك لا تشارك العبادة في عزل الإنسان عن الحياة، بل هي على العكس من ذلك، تدفعه دفعاً إليها بكل قوة من موقع الروحية التي تعطي المادة معناها دون أن تفقدها صفاتها المادية، وقد لا يكتفي الإسلام في تحقيق معنى العبادة بما افترضه وشرّعه من أشكالها، بل يمتد بها حتى يجعلكل عمل محبوب لله عبادة إذا قام به الإنسان لوجه الله..

وفي ضوء ذلك كله نجد في كلمة: {وأتمّوا الحجّ والعمرة لله} إيحاءً بالإتمام من الناحية الروحية التي يعيش الإنسان فيها أجواء الحج، بالمستوى الذي يرتفع فيه إلى الآفاق العالية التي تمثلها هذه الفريضة، ويتحرك معها بأخلاقية إسلامية كاملة، فلا يكتفي بالشكل ويبتعد عن المضمون، لأنه يمثل ـ في هذه الحالة ـ الإتمام الشكلي إلى جانب النقص الواقعي المضموني، مما يجعل العمل غير مقرّب لله وغير مقبول عنده، لأن الله لا يقبل من الأعمال إلا ما أقبل الإنسان فيها بكل كيانه وروحيته.

فالحج تجربة عبادة ترفع من إحساس المؤمن بمسؤولياته في الحياة، فعندما يعود إلى موطنه ومجتمعه عليه واجب العمل بهذا الإحساس، وفي هذا المضمار يقول سماحة المرجع السيد فضل الله(رض): "عندما نريد أن نحدّق بالحج في إيحاءاته وفيما يرمز إليه لنخرج من الاستغراق في ذاتية الأعمال إلى الانفتاح على الآفاق الواسعة التي بلور فيها شخصية الإنسان المسلم ليعود من حجّه إنساناً منفتحاً على كل مسؤوليته إنساناً منفتحاً على كل مسؤوليته في الحياة منطلقاً من الساحات الواسعة التي كلّما عاش فيها مسؤوليته كلما اتسعت أكثر.

وأخيراً أن الإنسان في الحج يقف بين يدي ربّه عارياً من كل شكليات الواقع الفردي والاجتماعي ليؤكد أنه لن يستجيب له استجابة واحدة، ولكن إجابة مما يوحي أن الإجابة تظل تتحرك في خط الحياة، فكل الإجابات تؤكد أن يكون كله في حركة مع الله يتحول الإنسان إلى تجسيد لاستجابة الله من خلال دعوته سبحانه وتعالى للناس {استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم}

أصدرت المحكمة العسكرية الإسرائيلية قراراً بتمديد اعتقال المناضلة الفلسطينية عهد التميمي وإبقاء الجلسات سرّية.

وقد أمر القاضي قبل بدء الجلسة بإخراج الصحفيين من قاعة المحكمة لتكون الجلسة "مغلقة".

وقالت محامية التميمي للصحافيين خارج المحكمة إن "القانون العسكري يسمح بمحاكمة القصّر (الأحداث) في جلسات مغلقة، وأنه "لا يجوز اختلاط البالغين مع القصّر".

وأضافت المحامية "لكن في محكمة عهد ومنذ البداية كانت المحكمة مفتوحة".

وكان الاحتلال الإسرائيلي قد أوقف المناضلة عهد التميمي في كانون الأول/ ديسمبر الماضي عقب انتشار فيديو تظهر فيه وهي تضرب جنديين إسرائيليين، في قريتها النبي صالح في الضفة الغربية.

 

نادي الأسير الفلسطيني: الفلسطينيون المعتقلون إدارياً سيقاطعون جلسات المحاكم الإسرائيلية

وفي سياق متصل، أعلن رئيس نادي الأسير الفلسطيني أن الفلسطينيين المعتقلين إدارياً قرروا مقاطعة جلسات المحاكم الإسرائيلية بدءاً من الخميس المقبل، لافتاً إلى أن المقاطعة ستكون شاملة بلا سقف زمني محدد.

قال ممثلو مؤسسات تتابع أوضاع الأسرى في السجون الإسرائيلية اليوم الثلاثاء إن 450 معتقلاً إدارياً قرروا مقاطعة المحاكم الإسرائيلية احتجاجاً على اعتقالهم الإداري.

وخلال المؤتمر الصحفي الذي جرى عقده في قاعة المؤتمرات الحكومية وبمشاركة رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين عيسى قراقع أكد المشاركون على "دعمهم والتزامهم بقرار المعتقلين الإداريين، واعتبار هذه الخطوة النضالية، خطوة إستراتيجية هامة لمواجهة سياسة الاعتقال الإداري". كما ودعا المشاركون إلى "ضرورة التفاف كافة أبناء الشعب الفلسطيني حول هذه الخطوة".

ولفت قراقع إلى أن المعتقلين الإداريين أمهلوا المحامين الذين تقدموا بالتماسات واستئنافات بإنهائها حتى تاريخ الأول من أذار/ مارس المقبل.

وهذه المقاطعة لمحاكم الاعتقال الإداري الإسرائيلية هي "مقاطعة شاملة ونهائية غير مسقوفة زمنياً إيماناً بأن حجر الأساس في مواجهة هذه السياسة يكمن في مقاطعة الجهاز القضائي الإسرائيلي، وفق ما جاء في بيان صادر عن لجنة المعتقلين الإداريين.

وتشير الإحصائيات الفلسطينية إلى أن إسرائيل تعتقل في سجونها 6500 فلسطيني بينهم 350 طفلاً و 62 إمرأة بينهن سبع قاصرات.

وقال نادي الإسير في بيان "سلطات الاحتلال أصدرت خلال العام المنصرم 2017 (1060) أمر اعتقال إداري بينها (379) أمراً إدارياً جديداً"

القضاء على الحكومة الملكيّة
من إنجازات الإمام [الخميني (قدسره)] العظيمة قضاؤه على أكثر الأنظمة قذارةً وفساداً وأكثرها رجعيّة وتبعيّة في المنطقة، أي قضاؤه على الحكومة الملكيّة في إيران. وهذا من أكبر الأعمال التي يُمكن للمرء أن يتصوّرها. لقد كانت إيران تُمثّل أكبر قلاع الإستعمار في منطقة الخليج الفارسي والشرق الأوسط، ولقد تهاوت هذه القلعة على يد إمامنا([1]).

إنّ خريطة الإمام وعمله الأصليّ كان بناء نظام مدني سياسيّ على أساس العقلانيّة الإسلاميّة. وكانت المقدّمة اللاّزمة لهذا العمل إزالة النظام الملكيّ الّذي كان في الوقت عينه فاسداً وتابعاً ودكتاتوريّاً! لقد كان للنظام الملكيّ هذه الصفات الثلاثة: لقد كان مبتلى بأنواع الفساد الأخلاقيّ والماديّ وغير ذلك وكذلك كان تابعاً للقوى الأجنبيّة، لإنجلترا حيناً ولأميركا حيناً آخر، لقد كان مستعدّاً دائماً للتخلّي عن مصالحه ومصالح البلاد من أجل مصالح الأجانب وكذلك كان نظاماً ديكتاتورياً ومستبدّاً. لم تكن الناس تريد النظام الملكيّ ولا ترغب به. كلّ واحدة من هذه الصّفات تحتاج إلى كتب ومجلّدات لتبيانها.

إنّ المقدّمة اللازمة لذلك العمل الكبير الّذي أراد الإمام أن يقوم به هي القضاء على هذا النظام الفاسد والتابع للديكتاتور. لقد شمّر عن ساعدَي الهمّة وتمّ القضاء على النظام. ليست القضيّة في بلدنا أن يسقط النظام الديكتاتوري ليحلّ محله نظام ديكتاتوري آخر أو شبه ديكتاتوري. المسألة الأساس هي أنّ تلك الصفات والخصوصيّات التي كانت عند النظام الملكيّ كان يجب أن تزول ويُقضى عليها ولقد أزالها الإمام العظيم واجتثّها من الأساس. ولقد كانت خطب الإمام وإرشاداته وعمله وسلوكه في هذا الإتّجاه ([2]).

تأسيس حكومة على أساس الإسلام
[ومن] إنجازات الإمام [الخميني قدسره] هو تشكيله لحكومة تنهض على أساس الإسلام، وهو ما لم يخطر على بال المسلمين وغير المسلمين، لم يكن ليحلم به حتّى بسطاء المسلمين.

ومن هنا فإنّ ما قام به الإمام قدس سره يمثّل في الواقع معجزة كبرى حيث جعل من هذا التخيّل الأسطوري حقيقة ماثلة على أرض الواقع([3]).

واعتمد الإمام الخميني قدس سره على عناصر ومبادئ جوهريّة خلال عملية بنائه وهندسته لنظام الجمهوريّة الإسلاميّة. وهذه العناصر من شأنها أن تجعل النظام أكثر تماسكاً. يقوم على أساس الإسلام والّتي لم يوجد لها مثيل على طول التاريخ إلاّ في صدر الإسلام في فترات إستثنائيّة ونادرة من تاريخ الأمّة الإسلاميّة.

وعند المقارنة سيتبيّن لنا البون الشاسع بين النظام الإسلاميّ الّذي أقامه الإمام وبين الأنظمة الّتي تدّعي قيادة العالم، لأنّ الجهاز السياسيّ في هذا النظام هو جهاز سليم وغير ملوّث ويتألّف من أُناس ليسوا من طلاّب الدنيا وهدفهم الأوّل والأخير هو الإسلام والعمل على تنفيذ الأحكام الإلهيّة، وهدفهم الأكبر من وراء كلّ ذلك هو نيل رضا الله سبحانه وتعالى([4]).
 
تأسيس نهضة إسلاميّة في العالم
[ومن] إنجازات الإمام هو إحداثه لنهضة إسلاميّة في العالم. ففي كثير من الدول بما في ذلك الدول الإسلاميّة كانت الفصائل المعارضة تنظّم ألوية اليسار عندما تُريد دخول معترك الصراع، ولكن وبعدما انتصرت الثورة ظهرت الحركات التحرريّة التي اتخذت من الإسلام منطلقاً لها.

واليوم وفي كل بقاع الأمّة الإسلاميّة نجد الجمعيّات والفصائل التي يقوم نشاطها على أساس الحرّية ومواجهة الإستكبار.
 
* وديعة الله – بتصرف يسير

[1]- المناسبة: ذكرى مرور أربعين يوماً على رحيل الإمام قدس سره خطبة يوم الجمعة، الزمان:10 ذي الحجّة 1409 هـ.         
[2]- المناسبة: الذكرى السّنوية الخامسة والعشرون لرحيل الإمام قدس سره، الزمان: 4 حزيران 2014 م.
[3]- المناسبة: ذكرى مرور أربعين يوماً على رحيل الإمام قدس سره خطبة يوم الجمعة، الزمان: 10 ذي الحجّة 1409 هـ.  
[4] - المناسبة: الذكرى السنويّة الخامسة لرحيل الإمام قدس سره، الزمان: 24 ذي الحجّة 1414هـ .

أكد قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي بان الشيعة والسنة في الجمهورية الاسلامية الايرانية متكاتفون في أعقد الساحات.

جاء ذلك في تصريحات لسماحة القائد خلال استقباله قبل ايام للمسؤولين المعنيين بتنظيم مؤتمر احياء ذكرى شهداء محافظة سيستان وبلوجستان (جنوب شرق)، والتي نشرت صباح اليوم الثلاثاء في بدء اعمال المؤتمر.

واشار آية الله الخامنئي الى محبته العميقة لاهالي سيستان وبلوجستان، ووصف البلوج بانهم يتمتعون بروح الصفاء والمحبة والموهبة واهالي سيستان بانهم يحظون بتاريخ لامع ومنقطع النظير بين القوميات الايرانية وقال، رغم كل هذه المواهب الزاخرة لقي اهالي سيستان وبلوجستان الاهمال في العهدين القاجاري والبهلوي وكان هذا هو السبب في عدم بلورة هذه المواهب.

واعتبر الخدمات المنجزة في هذه المنطقة في الاعوام التي تلت انتصار الثورة الاسلامية مؤشرا للمحبة القائمة بين الشعب والنظام واشار الى الحاجات المطروحة من جانب المحافظ في هذا اللقاء واضاف، تابعوا بجدية حاجات اهالي المحافظة مثل اجهزة تحلية المياه وسكك الحديد عبر كبار المسؤولين الحكوميين وستتوفر امكانية الاستفادة من مصادر صندوق التنمية الوطنية عبر الاتيان بالقطاع الخاص الى الساحة.

واعتبر قائد الثورة الاسلامية، محافظة سيستان وبلوجستان كمحافظتي كردستان وكلستان بانها تشكل تجسيدا للوحدة الاسلامية وانموذجا للتعاون والتعايش الاخوي بين الشيعة والسنة للعالم واكد على اليقظة امام محاولات الاعداء المثيرة للتفرقة وقال، ان استشهاد شاب سنّي في مرحلة الدفاع المقدس او استشهاد مولوي (عالم دين) من اهل السنة في الدفاع عن الثورة الاسلامية على يد المعادين للثورة، مؤشر الى ان الاخوة الشيعة والسنة في الجمهورية الاسلامية الايرانية متكاتفون في اعقد الساحات، ويتوجب تجسيد واظهار هذه الحقائق والوحدة الحقيقية من خلال الاعمال الثقافية والفنية.

واكد سماحة القائد بان صمود الجمهورية الاسلامية الايرانية امام الجاهلية الحديثة رغم الحظر وكل مؤامرات الاعداء العسكرية والثقافية رهن بقوة الايمان والتضحية لدى الشعب وقال، ان الشهداء والمضحين هم التجسيد الكامل للايمان الراسخ في السلسلة المهمة جدا للايمان والمقاومة، لذا فان النظام الاسلامي بحاجة الى احياء وتكريم ذكرى الشهداء.

أعلن مدعي عام طهران جعفري دولت آبادي إلقاء السلطات الإيرانية القبض على بعض الأشخاص المتهمين بالتجسس لصالح إسرائيل.

آبادي أشار إلى أن بعض المتهمين اعترف بإجراء زيارات إلى الأراضي الفلسطينية المحتلّة، مضيفاً أن البعض منهم أيضاً شارك في مؤتمر أمني حضره ضبّاط من الموساد الإسرائيلي.

وكشف آبادي أن بعض الأشخاص المعتقلين متّهم بالارتباط بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية "CIA"، وقد وصل عدد هؤلاء المعتقلين إلى 7 أشخاص.

ولفت مدعي عام طهران إلى أن المتّهمين كانوا يعملون في منظمة غير حكومية تنشط في مجال البيئة، مضيفاً أن جهات أمنية إيرانية تابعت عمل هذه المنظمة بعد ملاحظة بعض الشبهات حولها، ثم رفعت هذه الجهات تقريراً للإدّعاء العام في طهران منذ أكثر من شهر ونصف الشهر، ليتمّ بعدها تكثيف المراقبة ومن ثم اعتقال 7 عناصر نهاية الأسبوع الماضي.

هذه المنظّمة كانت قد تأسست منذ أكثر من 10 سنوات، وذلك في إطار مشروع أميركي – إسرائيلي للتجسس على مواقع حساسة في إيران، بحسب قول المسؤول الإيراني، الذي أشار إلى أنه في إطار هذا المشروع دخل ضابطان من الـ CIA إلى إيران، وهما معروفان من قبل السلطات الإيرانية، وقد زارا عدداً من المحافظات الإيرانية.

وأضاف مدّعي عام طهران أن المتهمين كانوا يعملون على تحقيق ثلاثة أهداف: رصدٌ للواقع البيئي في إيران، الاندساس بين الكوادر العلمية في الجامعات الإيرانية وجمع معلومات عن الأماكن الحساسة والحيوية في إيران وتحديداً المواقع الصاروخية.

وكشف آبادي أن المنظمة نشرت كاميرات في مواقع معيّنة بحجة رصد التغيّرات البيئية، أو بحجة، رصد بعد الحيوانات المهددة بالانقراض، لكن الهدف كان هو رصد التحرّكات الصاروخية الإيرانية على حدّ قوله.

وأشار إلى أنّ عدداً من المعتقلين يحمل أكثر من جنسية، فأحدهم يحمل ثلاث جنسيات هي الإيرانية والأميركية والبريطانية، وهو الذي أسس المنظمة ودعمها مالياً، بينما يحمل آخر الجنسية الكندية بالإضافة إلى الجنسية الإيرانية، وقد انتحر هذا المعتقل في السجن بعد فترة من اعتقاله، واسمه "كاووس سيّد إمامي" كما ذكرت إحدى الصحف الإيرانية.

وبحسب السلطات الإيرانية، فقد لعب إمامي دورَ وسيطٍ أساسي مع ضباط الأمن الأميركي، حيث كان ضابط أميركي يقيم في بيته في طهران عند زيارة إيران.

إمامي وخلال عرض وثائق أمامه بعد اعتقاله، طلب التريّث للإجابة، ثم انتحر في مكان احتجازه لاحقاً. وقد تم عرض الفيديو الذي يظهر عملية انتحاره من كاميرات المراقبة على لجنة من البرلمان الإيراني وعلى عائلة إمامي، ثم طلب الإدعاء العام الإيراني بعد ذلك تسريع التحقيقات.

قال وزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون إن انتهاء العمليات القتالية الرئيسية ضد تنظيم داعش لا يعني أن الولايات المتحدة وحلفاءها ألحقوا هزيمة دائمة بالتنظيم.

وأضاف تيلرسون خلال اجتماع للتحالف الدولي ضد داعش يعقد في الكويت اليوم الثلاثاء أن واشنطن قررت تقديم مساعدات إضافية قيمتها 200 مليون دولار لتحقيق الاستقرار في المناطق المحررة بسوريا، مشدداً على ضرورة تقديم التمويل اللازم للعراق وسوريا لضمان عدم عودة داعش إليهما.

كما دعا إلى ضرورة عودة آمنة للنازحين إلى حياتهم الطبيعية وإعادة بناء المناطق التي دمرها داعش، وإعادة بناء المستشفيات والماء والكهرباء، والأطفال إلى المدارس.

وأعرب تيلرسون عن تقدير بلده "للمساهمات السخية" من أعضاء التحالف على مدى السنوات الماضية، لكنه شدد على أنه يجب التأكد من تقديم الأموال بشكل أكبر لتحقيق الاستقرار.

وأشار إلى استمرار بلاده بأن تكون المانح الأكبر في تقديم المساعدات الإنسانية اللازمة في سوريا، وعملها مع التحالف الدولي والشركاء المحليين من أجل تدعيم المكاسب العسكرية في سوريا.

وزير الخارجية الأميركي تناول الوضع في عفرين السورية فأشار إلى أن واشنطن لاتزال قلقة إزاء التطورات الأخيرة في عفرين شمال غرب سوريا، لافتاً إلى أن بلاده تدرك تماماً المخاوف الأمنية لحليفته في الناتو تركيا. كما أكد أن واشنطن تقف إلى جانب أنقرة لحل قضايا الإرهاب.

وفي الختام دعا وزير الخارجية الأميركي إلى تنفيذ قرارات مجلس الأمن المتعلقة بمحاربة داعش نظراً لأهميتها ولضمان عدم تكرار الأزمة، والمحافظة على الجهود الدولية في محاربة التنظيم، والحؤول دون زيادة شعبية التنظيم، مؤكداً "نحن موحدون وسنستمر في جهودنا وتصميمنا لتحقيق الهزيمة الكاملة لداعش".

وكانت كلمة لوزير الخارجية اللبناني جبران باسيل في الاجتماع تحدث فيها عن هزيمة داعش الذي أكد أنه تحقق عبر ثلاث مرتكزات أهمها الجيش الوطني اللبناني، وثانياً المجتمع المتنوع والمعتدل الذي يرفض طبيعياً الأحادية والتطرف في وطننا، وثالثاً سياسة عامة إستباقية ناجحة في تفكيك الخلايا الإرهابية واجتثاثها من قبل الاستخبارات والقوى الأمنية.

كما أشار باسيل إلى أن الإرهاب لن ينتهي ما لم تفتح طريق عودة النازحين والآمنة إلى بلادهم.

هذا وانطلقت صباح اليوم أعمال الاجتماع الوزاري للتحالف الدولي ضد داعش بمشاركة دولية واسعة تتمثل بحضور 74 عضواً من الدول والمنظمات الدولية المساندة للتحالف.

ويقام الاجتماع في إطار مؤتمر الكويت الدولي لإعادة إعمار العراق ضمن الجهود الدولية المستمرة والتنسيق المشترك في مجال مكافحة الإرهاب، ومتابعة الاستراتيجية التي رسمها التحالف لمحاربة داعش.

ويشهد الاجتماع عقد جلستين، الأولى علنية لمناقشة آخر تطورات التنظيم في سوريا والعراق، فيما تناقش الجلسة الثانية السرية مكافحة الإرهاب في مناطق العالم عامة، ومتابعة جهود التحالف في محاربة التنظيم.

 

الجعفري: الإرهاب مشروع هدر مركّب

وألقى وزير خارجية العراق إبراهيم الجعفري كلمة في الاجتماع، أكد فيها على أنّ وحدة العراقيين في مواجهة داعش الإرهابية كان عنصراً مهماً في تحقيق النصر مما حدا بالعالم لأن يحترم الإرادة الوطنية العراقية.

وبيّن الجعفري أن الإرهاب خلَّف 18 ألف شهيد، و36 ألف جريح توزعوا على المناطق المنكوبة، وخمسة ملايين نازح من العراق، فضلاً عن تضرّر المنشآت الحكوميَة "مما يكلف العراق 36 مليون دولار في المنشآت الحكومية، و15 مليوناً في قطاع السكن".

ووصف وزير الخارجية "الإرهابَ" بأنه مشروع هدر مركّب، هدر الثروة، وهدر الدم، وهدر الكرامة، مبدياً الحاجة "لأن نضع معادلات حقيقية لهذا الخطر، والوباء الذي لايزال مستشرياً في مناطق كثيرة من العالم".

 

بيان التحالف: الهزيمة الدائمة لداعش تتحقق بمحاربة ملاذاته الآمنة وأيدولوجيته

وفي وقت لاحق، صدر بيان مشترك بشأن المبادئ التوجيهية للتحالف الدولي لهزيمة داعش، أكّد فيه التحالف أنّ الهزيمة الدائمة ستتحقق عندما لا يتبقى لداعش ملاذات آمنة ينطلق للعمل منها، وعندما يفقد القدرة على إيصال أيدولوجيته المبنية على الكراهية دوليا.

كما اتفق المجتمعون على "حشد أعضاء التحالف والشركاء الخارجيين، وذلك من خلال استخدام نهج حكومي من أجل تعطيل شبكات تنظيم داعش وأفرعه وشركائه، بما في ذلك مظاهرة وأشكاله الأخرى الجديدة المحتملة"، بالإضافة إلى دعم الأصوات المحلية "التي تقدم رؤية بديلة لدعاية داعش"، ومضاعفة الجهود "لحرمان داعش من المساحة لاستغلال وسائل التواصل الاجتماعي والإنترنت".