
Super User
الحجّ وإيحاءاته السياسيَّة
يقول الله سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكًا وَهُدًى لِلْعَالَمِينَ* فِيهِ آَيَاتٌ بَيِّنَاتٌ مَقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آَمِنًا وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ}[آل عمران: 96-97].
{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ* لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ}[الحجّ: 27-28].
هذه الأيّام هي أيّام الحجّ المبارك، الأيّام الّتي ينتظر فيها الحجّاج الوقوف على جبل عرفات، يقفون عليه جميعاً؛ عربيّهم وعجميّهم، أسودهم وأبيضهم، فقيرهم وغنيّهم... يقفون في تلك الصّحراء الواسعة، تلبيةً لدعوة الله سبحانه، وامتثالاً لأمره.. يقفون ليشهدوا له بأنّه واحدٌ أحد، فردٌ صمد، لا شريك له ولا مثيل.. يقفون وهم يوحّدونه ولا يشركون به أحداً، سواء كان من الدّول الصّغرى أو العظمى، سواء كان ملكاً أو رئيساً، يقفون ليُشهدوه أنّهم في خطّ رسوله يسيرون، الإسلام دينهم وعقيدتهم وشريعتهم ومنهجهم في الحياة، الإسلام سياستهم عندما يريدون التحرّك في ميدان السياسة، واجتماعهم في ميدان الاجتماع، واقتصادهم في ميدان الاقتصاد.
تلك هي الرّوح الّتي يريد الله لها أن تعيش أجواء الحجّ، الرّوح الّتي جاءت مهاجرةً عن كلّ خصوصيَّتها ومواقعها، وعن كلّ السَّاحات الحميمة الّتي كانت تعيش بها.
المسلمون والمستضعفون يعيشون في ساحة تكثر فيها الأصوات والدّعايات والاتجاهات، ويكثر فيها النّاس الّذين يريدون الانحراف بهم عن دينهم، ليتخذوا لهم ديناً هنا وديناً هناك، وحزباً هنا وحزباً هناك، ولكنّ الله يقول لإبراهيم(ع): {وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}، الله تعالى يقول لنبيّه إبراهيم(ع): اطلب من النّاس أن يأتوا إلى هذا البيت، البيت الّذي أقمته للقائمين والطّائفين والركّع السجود، ادعُ النّاس إلى بيتي، إلى ديني، إلى أن يجتمعوا حول البيت ليطوّفوا به.
الطَّواف لله لا لسواه:
وأنت عندما تطوف به، فإنَّك تقول لنفسك من خلال ما يوحي لك به الطّواف: أنا أطوف بالبيت باعتباره السّاحة الّتي يريد الله أن أتعدّاها، السّاحة الّتي تمثّل الإسلام بشريعته، والله تعالى حينما يقول لك: إنّ عليك أن تطوف بساحة هذا البيت، أي أن لا تطوف في ساحة إلا إذا كانت لله، ألا تطوف ببيت أحد إلا إذا كان بيته متّصلاً ببيوت الله وتعاليمه، فمن يطوف بالبيت هناك، لا يمكن أن يطوف بالبيت الأبيض أو الأسود.. من يطوف في بيوت الطّغاة في واشنطن ولندن وباريس وموسكو، يقبّلون أعتابها ويستجدون بركاتها ويخشعون ويصلّون لها بكلّ سياساتهم ومواقفهم، لا يقبل الله طوافهم حول بيته وفي ساحته، إن لم يطوفوا هنا، لا حولَ أحجار صامتة مستكبرة....
إنّ هناك فرقاً بين أن تعيش معنى الطّواف، فتطوف بروحك مع المعنى الّذي يمثّله البيت، وبين أن يطوف جسدك بحجارة البيت، بينما روحك وعقلك وكلّ مشاعرك تطوف في مكان آخر.
شعائر الله:
{إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا}[البقرة: 158]، وبعد الطّواف، تذهب لتسعى بين الصّفا والمروة، وهما جبلان تعبَّدنا الله أن نطوف بهما..
لماذا السّعي؟..
إنّك تسعى لأنَّ الله تعالى يريد لك أن تسعى في كلّ مكان ترفع فيه مستوى النّاس علماً وخدمةً وسياسةً واجتماعاً، وأن تسعى في كلّ المجالات حين تذهب لتكسب قوت عيالك في السّوق أو الحقل أو المصنع أو المتجر.. وحين تذهب من بيتك إلى مواقع الجهاد وترجع منها إليها، وهكذا حين تتحرّك لتواجه نظاماً طاغياً، أو لتخدم مؤمناً، أو تهدي ضالاً منحرفاً وما إلى ذلك..
إنَّك في كلّ هذه المواقع تسعى بين الصّفا والمروة، لأنَّ سعيك هناك كان تنفيذاً لإرادة الله، وسعيك في ساحة الحياة يجب أن ينسجم مع إرادة الله، عليك أن تسعى بين كلِّ نقطة بداية ونقطة نهاية أراد الله لك أن تسعى بينهما من أجل هدف يتعلّق بحياتك وحياة النّاس وفق ما يرضاه الله لك وللنَّاس.
الحجّ أداة تغيير:
ثم ينطلق النّاس إلى جبل عرفات، وعرفات وقفة تأمّل ليذكروا المشعر الحرام، {فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آَبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآَخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ* وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آَتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآَخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ* أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ* وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ}[البقرة:200-203].
وهكذا ينطلق الإنسان في الحجّ ليربّي روحه وإرادته ووعيه لدينه وحياته، ويتغيّر روحيّاً وفكريّاً على أساس كثير مما اعتاده النّاس، ينطلق الإنسان في الحجّ ليكون الإنسان المنفتح على النّاس والحياة من خلال انفتاحه على الله، ليكون الإنسان التقيّ الخيّر الفاعل، يخاف الله في الصَّغير والكبير وفي كلّ مجال يتحرَّك فيه.
تلك هي قصّة الحجّ من ناحية فرديّة، فيما يريد الله للإنسان الفرد أن يتغيّر، بشرط أن يكون حجّه حجّاً واعياً، لا حجّاً تقليديّاً أعمى خالياً من كلّ معنى وروح، وقد ورد في بعض أحاديث أهل البيت(ع): "لا يعبأ الله بمن أمّ هذا البيت، إذا لم يكن فيه خصال ثلاث: ورع يحجزه عن معاصي الله، وحلمٌ يردّ به جهل الجاهل، وخلقٌ يداري به النّاس"...
من رجع من الحجّ وهو على حاله لم يتغيَّر، لا يجازيه الله على حجِّه، ويقول له: إنّك جئت الحجّ ورجعت كما كنت، وليست لي حاجة بالحاجّ الّذي لا يعطيه الحجّ ورعاً وأخلاقاً وسعة صدر، يعيش بها مع النّاس ويداريهم.
الحجّ مؤتمر إسلاميّ:
وفي الحجّ مؤتمر إسلاميّ يجتمع فيه النّاس من أقصى العالم الإسلاميّ، والعالم الإسلاميّ لا يعرف الكثير من قضايا بعضه البعض، فمن في الصّين وأفريقيا وإندونيسيا والهند من المسلمين، قد لا يعرفون الكثير من قضايانا، وقد لا نعرف الكثير من قضاياهم.. لذا أراد الله تعالى من الحجّ أن يجمعهم ليتعارفوا ويتآلفوا، وليحاولوا أن يعرضوا كلّ قضاياهم هناك، وليشعر الشّعب الضَّعيف من المسلمين ـ عندما يرى الشّعوب الأخرى من بلاد كثيرة ـ أنّه ليس ضعيفاً، لأنَّه جزء من عالم إسلاميّ كبير.. وليحاول كلّ بلد مسلم متقدّم أن يعطي تجربته للبلدان المسلمة الواقعة تحت الطّغيان والاستعمار دون أن تعرف ماذا تصنع.
أراد الله تعالى من الحجّ أن يشعر كلّ بلد مسلم أنّ الإسلام يمكن أن يتحوّل إلى قوّة عالميّة كبيرة، لأنّ ضعف المسلمين في وعيهم للإسلام، وضعفهم أمام مطالبتهم بحكم الإسلام للعالم، ناتج من أنّ كلّ مسلم يفكّر ضمن دائرته الضيّقة؛ المسلم في لبنان يفكّر في حجم قوّة المسلمين في لبنان، وكذلك المسلم في أفريقيا أو في أيّ بلد من بلاد أوروبّا وآسيا وأمريكا.
أراد الله للمسلمين أن يتعبّدوه هناك، وفرض أن لا يخلو منهم البيت الحرام في كلّ سنة، حتّى إنّ التشريع الإسلامي يقول لك ولأولي الأمر: إذا مرّت سنة ولم يوجد هناك مستطيع، فعلى وليّ الأمر أن يدفع من بيت المال حتّى يحصل الحجّ ولا ينقطع سنة واحدة، لأنّ الله تعالى لا يريد لبيته أن يخلو سنة واحدة من المسلمين، ويريد للمسلمين أن يلتقوا فيه ليشعروا بأنّ هناك ما يوحّدهم ويجمعهم، وليشعروا بأنّ باستطاعتهم أن يتوحّدوا في حياتهم كما توحّدوا في عبادتهم، وليشعروا بأنّهم يستطيعون أن يتوحّدوا في مواقفهم السياسيّة والاجتماعيّة والاقتصاديّة والثقافيّة كما توحّدوا في موقفهم بعرفات.. الوحدة هنا نموذج مصغّر للوحدة العالميّة للمسلمين.
...القضية ليست قضيّة أصنام الحجر والخشب، ولكنّها قضيّة أصنام اللّحم والدّم، هذه الأصنام هي الّتي يجب أن نرجمها ونحطّمها ونكسرها.. فالنبيّ(ص) عندما صعد الكعبة من أجل تحطيم الأصنام هناك، أراد من خلال ذلك أن يوحي للمسلمين بأنّ الكعبة لا تتحمّل صنماً من حجر أو غيره.. لهذا فإنّ علينا أن نحطّم الأصنام المحيطة بالكعبة، كما حطّم النبيّ(ص) الأصنام الحجريّة الّتي كانت محيطة بها.
الحجّ والسياسة:
قالوا: إنّ الحجّ شيء والسياسة شيء آخر.. ونحن نقول: إنّنا لا نريد أن يستبدل النّاس بالطّواف طوافاً آخر، بل نريد لهم أن يتعبَّدوا كما هي العبادة؛ أن يبكوا ويخشعوا ويخضعوا ويصلّوا ويطوفوا ويرجموا ويقفوا في عرفات والمشعر، وهم في ابتهال وخضوع وبكاء من خشية الله...
نحن لا نقول للنّاس: اشتغلوا بالسياسة عن العبادة، ولكن نقول: إنّ العبادة تشير إلى خطّ السياسة الّذي يجب أن تنهجوه... والمطالبة بالحريَّة والعدالة والثّورة والقتال من أجلهما، هو جزء من معنى الحجّ والإسلام...
البعد العرفانيّ والتربويّ والعباديّ للحجّ
إنَّنا نستطيع أن نفكّر فيما حشده التّشريع الإسلاميّ في الحجّ من عدة جوانب، تتفرَّع في شكلها وفي طبيعتها وفي إيحاءاتها، فإذا وقفنا في أجواء الإحرام، فإنَّنا نشعر بأنَّ هناك نوعاً من أنواع التَّدريب ليتحرَّر الإنسان من كلّ ما يعيق حركته من الارتباط بالأشياء الَّتي يمارسها في عاداته، أو في أجواء الترف التي يحبّها، أو في أجواء الحياة الاجتماعية التي يعيش في داخلها.
الإجابة لله وحده
ثم بعد ذلك، نجد أنَّ كلمات التلبية ـ فيما توحي به في معانٍ واسعةٍ ـ تعني التزاماً أمام الله سبحانه، بطريقةٍ مؤكّدةٍ مضافةٍ بالاستجابة لكل نداءات الله، ليس ـ فقط ـ ما يقوله بعض المفسرين والمحلّلين، إنَّ كلمة «لبيك» يراد بها الاستجابة لنداء إبراهيم(ع) فيما أمره الله به، من أن يؤذن للناس بالحج ليدعوهم إلى الإقبال إليه، في ما تحدث به القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ * لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}[الحج:26، 27]. فنحن نرى أنَّ المسألة أكثر شمولاً في ذلك؛ لتكون استجابةً لكل نداءات الله في كتابه وفي رسالته في ما وجهه للناس، بعنوان "يا أيها الناس"، وفيما وجهه للمؤمنين من خلال الإيمان بعنوان "يا أيها الذين آمنوا".
إنَّ كلمة «لبيك» تعني أنَّنا ـ يا رب ـ نلتزم في موقفنا هذا بكل نداءاتك بالإسلام كله، في عباداته، وفي أخلاقه، وفي جهاده، وفي سياسته واقتصاده، وفي مواجهة كلّ التّحديات التي يواجهها الإنسان من الشَّيطان الداخلي في عمق نفسه، أو من الشَّيطان الخارجي في عمق واقعه وفيما يحيط بحياته.
إنها الحركة الصارخة في النداء الذي تنطلق به كل حناجر الحجاج؛ لتؤكد موقفهم الذي يريد أن يلتزم الإسلام من جديد، في مسيرتهم إلى مركز الدعوة الإسلامية الأُولى في مكّة، لتكون مسيرة الحجاج من سائر أقطار العالم هي مسيرة الإسلام التي تقول ـ من خلال تلك الكلمات الخاضعة الهادرة ـ: يا رب، إذا كان الناس قد تركوا الإسلام، فلم يؤمنوا به، ولم يرتبطوا به، وإذا كان المسلمون قد انحرفوا عن خطه، وتركوا الكثير من تعاليمه، وانتموا إلى الاتجاهات الأُخرى التي تختلف عن خطه المستقيم. إذا كان الواقع هو ذلك، فها نحن قادمون إلى بيتك المحرم، لنقول لك من كل قلوبنا، ومن كل عقولنا، ومن كل مواقعنا ومواقفنا وتطلعاتنا.. «لبيك اللهم لبيك»، فقد جعلت الإسلام لنا ـ بكل عمقه وامتداده ـ رسالة الحياة، ونحن نريد أن ننطلق إلى الحياة من خلاله.
ومن هنا، قد نفهم أنَّ التشريع لم يقتصر على كلمة «لبيك»، ولكنه أضاف كلمة «وحدك لا شريك لك»؛ ليؤكد الإنسان فيها أن التلبية التي تتوجه إلى الله سبحانه، لا يمكن أن تتوجه لأيّ إنسانٍ آخر. فنحن في الحياة عندما نريد أن نستجيب لنداءٍ من أيّ منادٍ، أو لكل مبدأ أو قانونٍ من أيّ مشرّعٍ أو مفكّر، أو لأية علاقة بالناس، فلا بد من أن يكون ذلك منطلقاً من استجابتنا لله، وعلاقتنا به؛ لتكون علاقاتنا بالحياة كلها منطلقةً من ذلك، فلا شيء ولا أحد مع الله، فهو وحده الَّذي نتوجَّه إليه بكل ما في قلوبنا من محبة وإخلاص وعبودية، ولا نتوجه إلى أي شخص معه، بل إن علاقتنا بالناس منطلقة من علاقتنا بالله، من خلال باب الله الذي يدخل منه الجميع، حتى إنَّ علاقتنا برسول الله، وبكلّ رسل الله، لا ترتبط بهم كأشخاص، بل بصفة أنهم رسل الله والمبلغون عنه، وهكذا هي علاقتنا بالأئمة والأولياء، من خلال أنهم عباد الله الذي أطاعوه بما يجب وعبدوه كما يريد.
«ليبك لا شريك لك» لن نجيب غيرك، ولن نستمع إلى أيّ نداءٍ، سواء انطلق من حاكم، أو من حكومة، أو من حزب، أو من محور إقليمي أو دولي، فأنت وحدك المحور الذي نتحرك في ساحته؛ لأن ذلك هو الذي يجعلنا ننسجم مع عقيدتنا إذا أجبناك.
«لبيك لا شريك لك»، وتعود الكلمة من جديد؛ لتتضاعف، ولتعمق المشاعر في نفس الإنسان، لتطلّ على كل ما في الحياه من ملوكٍ وجبابرةٍ وطغاة، وما تحتويه من نعم وثروات، فلا نجد المداحين الذين يمدحون هذا ويحمدون ذاك؛ ليؤكد الإنسان في موقف الحج أن الملك لله وحده، وأن الحمد له وحده، وأن النعمة له وحده، فكل حمدٍ مستمدٌ من حمده، وكل نعمةٍ مستمدّةٌ من نعمته، وكل ملك فهو ظلّ لملكه، فليس هناك محمودون ممدوحون، وليس هناك منعمون في ذاتهم، فهو وحده صاحب الحمد والملك والنعمة. وبذلك، يحس الإنسان هناك ـ أمام الله وحده ـ أنه بعيد عن كل أحد غير الله. ومن خلال ذلك، يتأكَّد معنى العبودية المطلقة لله، بأن تكون عبداً بكلّك، وبفكرك، وشعورك، وضميرك، وحركتك، وكل خطواتك العملية في الحياة وفي جميع مشاريعك على كل صعيدٍ، وأن تكون الإنسان الَّذي يعيش العبودية لله؛ لتنطلق حريتك أمام العالم، وأمام الأشياء من خلال ذلك، وبهذا تلتقي الحرية والعبودية في عمق الإنسان، فتتعمَّق حريتك بمقدار ما تتعمق عبوديتك لله، فأنت من موقع عبوديتك لله تأخذ حريتك. أما الآخرون، فإنهم يمارسون عبوديَّتهم للناس وللشَّهوات وللمطامع من موقع حريتهم المطلقة أمام الله.
التمرّد على الصنميَّة
ثم ننطلق في بعض إيحاءات الحج لنصل إلى البيت الحرام، فنتساءل: ماذا يعني البيت؟ وماذا يعني الطواف حوله؟ هل نقدس الأحجار التي يتألف منها؟
إنها ليست حتميّة جديدة تتخذ الأحجار الثابتة بدلاً من الأحجار المتحركة، بل هي التمرد على الصنمية، والرمز الذي يُراد من خلاله تربية الإنسان على طريقة جديدة في مواجهة حركة الإسلام في صعيد الواقع، فكيف نفهم ذلك؟
إننا ـ كمسلمين ـ قد نصنع لله بيتاً في مدننا وقُرانا، فهذا مسجد للقبيلة، وذاك مسجد للمحلة، وآخر مسجد البلد، وتتنوَّع الصفات المحدودة لتدخل فيها دوائرنا العائلية والقبلية، فهذا مسجد آل فلان، وذاك مسجد تلك القبيلة، وتدخل فيها دوائرنا القومية، فهذا مسجد العرب، وذاك مسجد العجم. وهكذا نحاول في مساجدنا أن نحافظ على كل الحدود التي تفصلنا عن بعضنا البعض، وتبعدنا عن ساحتنا الإنسانية الواسعة؛ لنؤكد فيها عصبياتنا العائلية والإقليمية والقومية، أو لنبقى في الدائرة الضيّقة المحدودة التي تحجب عنا رؤية الدائرة الواسعة للحياة وللإنسان، فكانت الكعبة ـ البيت الحرام ـ التي جعلها الله قياماً للناس كل الناس، بعيداً عن كل صفاتهم اللونية والعرفية والجغرافية؛ لتكون بيتاً لله في حجم العالم؛ البيت الإلهيّ العالمي الذي يشعر كل مسلم بأنه بيته ورمزه ومنطلقه، ولهذا أراد الله لهم أن يتوجَّهوا إليه أينما كانوا {فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ}[البقرة: 144]، وأن لا يتوجّهوا إلى غيره؛ ليكون قاعدة وحدتهم، ومنطلق عالميَّتهم، وموقع إنسانيَّتهم.
تنوع إنساني داخل الوحدة
ثم قد نفهم جانباً آخر من الصورة، في الطواف حول البيت كعبادة، فنحن نعبد الله، بحسب الحالة الطبيعية، أفراداً في بيوتنا ومواقعنا الفردية، ثم نمارس العبادة ـ بعد ذلك ـ جماعة في صلاة جماعة محدودةٍ، قد تتسع في أفرادها وقد تضيق، تبعاً للموقع وللإمام وللمناسبة، وتبقى العبادة في حدودها الفردية والاجتماعية الضيّقة، فلا نعيش فيها الانفتاح في عبادتنا لله على مستوى حجم الأمة كلها، تبعاً للتنوع الواسع في النطاق العالمي الإنساني.
وهنا تأتي عبادة الطواف، لتكون العبادة حول البيت الإلهي العالمي في حجم الأمة كلّها، عندما يشترك المسلمون ـ من سائر أقطار العالم ـ ليعبدوا الله كأمةٍ، يتمثّل فيها العربي والفارسي والهندي والأميركي والأفريقي والأوروبي، وما إلى ذلك؛ لينطلق الجميع في عبادةٍ إسلامية عامّةٍ كأمةٍ؛ ليعيشوا الأفق الواسع في العبادة، وليتفاعلوا بهذه الشخصية الجديدة التي تؤكد في داخلهم معنى الامتداد الإنساني الشعوري في روحيه العبادة بين يدي الله، فيتخلصون بذلك مما اعتادوه في حياتهم؛ لأنَّ الناس إذا مارسوا فكرهم وعبادتهم ومسؤولياتهم في النطاق الضيّق، فإنَّ ذلك يتحول إلى حالةٍ نفسيةٍ ضيّقة مخنوقة في الدائرة المحدودة، فينسون صفتهم كجزء من الأُمة الواسعة، بينما توحي العبادة في داخل التنوع الإنساني للأُمة المسلمة بالبعد العالمي للشخصية وهي بين يدي الله رب العالمين؛ ليتمثل من خلال ذلك الهدف التربوي للحج، وهو صنع الإنسان المسلم العالمي، الذي يتحرر من ذاتيته وعائليته وإقليميته وقوميته عندما يطوف بالبيت العالمي لله.
وتلك هي القضية التي قد نحتاج إلى أن نتمثّلها ونعيشها في واقعنا الاجتماعي والسياسي، لندخل في نشاطاتنا في دور جيد وساحةٍ جديدةٍ؛ لأنَّ من مشاكلنا الإسلاميَّة أنَّ المسلمين قد يغلب عليهم الاهتمام بقضاياهم الخاصة، التي قد تتطور من الحالة الذاتية إلى حالة البلد الذي ينتمي إليه الإنسان المسلم، فيرى أنَّ قضايا بلده الإسلامي هي المحور الَّذي يجب أن يدور حوله كلّ النشاط الإسلامي، ما يجعله يصرف كلّ طاقاته في هذا الموقع، ويحاول أن يستفيد من كل قضايا العالم من أجل قضيته، من دون أن يفكر في أنَّ عليه أن يستفيد من بلده لخدمة قضايا العالم الإسلامي الأُخرى، الأمر الذي قد يتحول إلى شعور داخلي بالانفصال عن قضايا العالم.
وهكذا نلاحظ أنَّ الواقع السّياسي الذي يعيشه المسلمون في بلدانهم؛ تتوزع قضاياه وتتنوع ما بين قضية إقليمية إسلامية في هذا البلد، وقضية قومية في ذاك المحيط الجغرافي، وأن المسلمين يتحركون في حجم هذه القضايا تبعاً لمواقعهم المحلية، ولا يحاولون الاهتمام بقضايا الآخرين إلا من خلال علاقتها بهذه القضية، كما لو كانت قضيةً أجنيبةً يلامسونها كما يلامسون أية قضية بعيدة عن ساحتهم، وقد يسجلون على الآخرين نقطة سوداء إذا انشغلوا عن هذه القضية بقضيتهم، حتى لو كانت قضيةً إسلامية.
وقد يقول البعض: إنني أهتم بهذه القضية الخاصة لأنها قضية إسلامية، ولأن طبيعة الموقع الذي أمثّله في هذه الساحة يفرض عليّ الحركة في هذه الدائرة؛ لأني أعرف منها ما لا يعرفه الآخرون، ولأني أملك من مواقعها ما لا يملكه الآخرون، في نوعية الحركة، وفي طبيعة النتائج؛ ولأن قيمتها قد تفوق قيمة كثيرٍ من القضايا الإسلامية الأُخرى، بالنظر إلى أهميتها السياسية وقيمتها الاستراتجيّة فيما هو الواقع الإسلامي في حركة الصراع.
قد يكون هذا الكلام معقولاً ومقبولاً، ولكنّ هناك نقطةً مهمة، وهي أن العقلية الإسلامية الشاملة تفرض على الإنسان المسلم الذي يتحرك في قضية بلده أو منطقته ـ كقضيةٍ إسلامية ـ أن يدرس موقعها من المسألة الإسلامية في العالم، من حيث طبيعتها السياسية أو الاقتصادية أو الأمنية، ليعرف كيف تكون حجم حركته والموقف الذي يجب اتخاذه من هذا الوضع أو ذاك، أو هذا البلد أو ذاك، فهناك فرق بين أن يفكر في أن ينتصر لقضية بلده حتى لو انهزمت كل قضايا الإسلام في العالم، وبين أن يفكر ببلده كجزءٍ من قضايا الإسلام الكبرى.
إننا نقول: لا تتحمَّسوا لقضاياكم الخاصّة لتقولوا إنَّ المسلمين في هذا البلد يهتمون بقضاياهم، لأنَّهم لا يجدون أحداً من المسلمين الآخرين قادراً على حمايتها، فهناك نقطة مهمة لا بدَّ من ملاحظتها بدقة، وهي أنَّنا يجب أن نهتمّ بقضايانا على أساس أنَّها جزء من كلٍّ، لا على أساس أنها قضية منفصلة عن الجسم الإسلامي.
صياغة جديدة لشخصية المسلم
إننا ندعو ـ من خلال الحج ـ إلى أن نصوغ من جديد شخصية الإنسان المسلم العالمي، الذي يفكر في الإسلام بحجم العالم من خلال قدراته وإمكاناته، وليطور نفسه بحيث يستطيع أن يكون مفيداً للمسلمين في كل منطقة من مناطق الأرض، فلا تتجمد طموحاتنا في الزوايا الضيقة والمواقع المحدودة، ولا تتساقط مواقفنا عند الحواجز الذاتية الخاصة.
إننا إذا استطعنا الوصول إلى هذا الهدف الكبير في صنع الشخصيَّة الإسلاميَّة العالميَّة؛ فإننا نستطيع أن نعتبر أنفسنا في الموقع الصحيح للبداية الحاسمة التي نتحول فيها إلى أُمة، بدلاً من أن نبقى أفراداً متناثرين، أو جماعات متفرقة، وهذا هو ما نستوحيه من معنى الطواف حول البيت.
السعي تمثّل لمعنى الطاعة
ثم ننتقل إلى السعي بين الصفا والمروة، الَّذي يمثل حركة الإنسان من بداية معينة إلى نهاية معينة، في أشواط، من أجل أن نتعبَّد لله في ذلك، لأنه أمرنا به، فكان السعي حركةً في معنى الطاعة وسر العبادة، لتكون انطلاقةً إيجابية تربويةً في بداياتٍ ونهايات أُخرى في حركة الإنسان في طلب العلم، أو في تحصيل القوة، أو في مواجهة التحديات التي يفرضها المستكبرون، أو في إطلاق المواقف المتحدية ضدهم، أو في قضاء حوائج الناس؛ لأنَّ الله طلب منّا السعي من أجل هذه الأمور، كما طلبه منّا في هذا المكان.
إنَّ الله يريد منا أن نجعل الحياة حركةً من أجل الله في خطّ المسؤولية؛ لنحوّلها إلى ساحةٍ تبتعد عن كلّ الفئات الطّاغية والكافرة والمستكبرة؛ ليكون سعينا بدايةً ونقطة انطلاق إلى كلّ الساحات في العالم، فيما أرادنا الله أن نتحرك فيه من ساحات.
تأمل وتفكير ومراجعة للذات
ثم نعيش ـ في الحج ـ الوقفات، في عرفة، وفي المزدلفة، وفي منى التي نعيش لياليها في لحظات تأمّلٍ وتفكير، حيث يشعر الإنسان عندما يندمج في أجواء الحركة في الحياة، في أي موقعٍ من مواقعها، وفي أي اتجاه من اتجاهاتها في العلم والسياسة، والحرب والسلم، بأنه لا بد له من الوقوف ليفكر، وليتأمل، وليحسب حساب الأرباح والخسائر؛ ليكتشف ما يمكن أن يكون قد وقع فيه من انحرافٍ في خط السير، لئلا تؤدي به الغفلة في اندفاع الحركة إلى الشعور بالغرور، الذي يوحي له بضخامة معينةٍ في شخصيته التي لا وجود لها في الواقع، فيخيّل إليه بأنه لا يمكن أن يخطئ لأن الحق معه فيما يملكه من وضوح الرؤية للأشياء ومستوى المعرفة في عقله وتجربته.
إنّ هذه الوقفات توحي ـ من موقع الرمز ـ بأنَّ على الإنسان أن يخفّف من سرعة اندفاعاته؛ ليقف ويفكّر فيما قاله أو فعله، ليكتشف احتمالات الخطأ والصواب فيه؛ لينقد نفسه نقداً موضوعياً في كل ذلك، ويفهمها جيّداً.
إنَّ الموقف في عرفات والمزدلفة ومنى ـ أمام الله ـ هو موقفٌ نقديّ تأمليّ ليذكر الإنسان نفسه وربّه، ويفكر في موقعه من الله، وفي ما يجب أن يتحرك فيه نحو المستقبل من أعمالٍ ومشاريع ونتائج، ولا سيّما في منى، التي توحي إليه لياليها بأنه في الموقع الأخير من الحج، فكيف كان قبلها؟ وما الذي هو عليه الآن؟ وماذا يريد أن يفعل غداً؟ وما هي قصة طموحاته الجديدة؟ هل هي قصة الدنيا، أو هي قصة الآخرة والدنيا في عملية الاندماج بينهما، في ما هي الفكرة، وفي ما هي الروح، وفي ما هو الهدف الكبير في ابتغاء رضوان الله، كما يريد الله لنا أن نعيش المسألة هناك في الابتهال إليه، حيث يقول تعالى: {فَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الآخِرَةِ مِنْ خَلاَقٍ * وِمِنْهُم مَّن يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَـئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِّمَّا كَسَبُوا}[البقرة:200 ـ 202]؟
وبذلك، فإن الحجّ لا يفصل الإنسان عن الدنيا، بل يريد أن يربطه بالآخرة إلى جانب الدنيا في عملية تكامل وامتداد.
إطلالة على فكرة الصراع مع الشيطان
وأخيراً، إنَّ الحجَّ يُطل بنا على فكرة الصراع مع الشيطان، من خلال الإيحاء الحسي في عملية رجم الشيطان بطريقة رمزية لا تبتعد عن الواقع فيما تتحرك به الحياة، بحيث لم يستحضر شيطاناً خفيّاً يعيش في زوايا نفسه من دون أن يعرف طبيعته، بل إنه يستحضر في داخل وعيه الذاتي كل الشياطين، من خلال طبيعة فكر الشيطان، لا من خلال حجمه، ويتطلع ليجد الشيطان في نفسه وفي واقعه؛ ليبصر ويحدق جيداً أين هو الشيطان في داخل ذاته؟ وأين هو في حياته الاجتماعية والسياسية؟ وما هو حجمه فيما يتمثل به من أحجام القوة في مواقع السلطة بين حجمٍ كبيرٍ وصغير، وأكبر أو متوسطٍ؟ وهذا هو معنى نهاية الحجّ في عملية رجم الشيطان.
أيها الإنسان المسلم الحاج، لقد انتهيت من عملية التدريب فيما هي التجربة على مستوى الحركة الذاتية في العبادة، في المواقع التي لا تمثل التحدي الصارخ في ساحة الصراع، وها أنت تقف لرجم الشيطان، لترى أمامك كل شياطين الكفر والظلم والاستكبار في مواقع القوة في العالم، وها إنك قد انتهيت من الحج إلى ساحة العمل؛ لتنطلق في الحياة كلها بكل أصنامها ومواقفها ومشاكلها وشياطينها ووسائلها وغاياتها.
إنها عملية النجاح في الحج بعد ذلك، ليست في نهاية الحج، بل في نهاية الحياة عندما يقوم الناس إلى رب العالمين.
ولكن هل ينتهى الحج بانتهاء أعماله؟ إنه لم ينته بل بدأ الآن، ليكون الحجّ إلى الحياة الإسلامية التي تنتظر أكثر من حج، إلى الساحات الملتهبة في الواقع الإسلامي في كل أنحاء العالم، ليكون الدين كله لله، وتكون الحياة كلها في خدمة الله.
وتلك هي قصَّة الإنسان عندما يعبد ربه من موقع إحساسه بالإيمان المسؤول والهدف المسؤول، لا من موقع إحساسه بالفراغ. وذلك هو البعد الحقيقي للحج؛ إنه صناعة الإنسان المسلم الذي يحب الله ويحب الإنسان والحياة من خلال هذا الحبّ الواعي الخاشع المسؤول.
أطفالنا وأصول التعایش مع الآخرین
بطبیعه الحال، تشکل البیئه المنزلیه المدرسه الأولى لتعلم قواعد الحیاه، وکیفیه التعایش مع الآخرین، والأخذ والعطاء، والتخاطب معهم، وإیجاد الحلول الوسطى، واعتماد الکلام کوسیله للتعبیر بدلاً من الصراخ أو الضرب (ما یحصل أحیاناً مع بعض الأطفال، ممن یعبرون على أنفسهم من خلال العنف تجاه أقرانهم". فالطفل لا یعی مثل تلک الأصول، بما أنها لیست موروثه، إنما تکتسب تدریجیاً، من خلال التجربه الیومیه، و"المواجهات" المستمره مع الآخرین. فهذه تتخذ طابعاً أنانیاً، من الجانبین، وهذا أمر طبیعی عند الطفل. فالصغیر یعرف الـ"أنا"، لکنه یجهل الـ"نحن"، ولا یأبه بمفاهیم من قبیل "المشارکه"، "المشاطره"، "الاقتسام"… إلخ. وتلک کلها عوامل طبیعیه، لا داعی للقلق منها، لأنّها جزء من الطبیعه البشریه.
القلق یبدأ حین لا یسعى الوالدان إلى تعلیم طفلهما أصول التعامل مع بقیه الأطفال، والآخرین بشکل عام، فیترکان له الحبل على الغارب، بحجه المحبه والمعزه والدلال، ما یؤدی إلى نتائج کارثیه له، ومآس وشعور بالحرمان، لاحقاً، وبشکل خاص العجز عن الاندماج فی المجتمع، وربما الجنوح. لذا، تعدُّ فتره ۳ إلى ۶ سنوات مرحله أساسیه، إذ تشکل مدرسه اجتماعیه بحق، ینبغی أن یکون الطفل قد ختم خلالها "برنامجه" التعلیمی الاجتماعی. فالطفل فی سن ۳ سنوات، سواء أکان خجولاً متردداً أم قوی الإراده، سواء أکان البکر أم آخر العنقود، لابدّ أن یبدأ فی اکتشاف وجود کائنات أخرى: أقرانه. وهذا یشکل بالنسبه إلیه "ثوره" اجتماعیه.
تکرار الرسائل الموجهه:
ففی تلک السن، عموماً، یدخل الطفل دار الحضانه. هکذا، ینتقل فجأه من بیئه یکون فیها الطفل الوحید فی ذلک العمر، ویحظى برعایه والدیه وحنانهما، واهتمام باقی أفراد الأسره، وإعجابهم، إلى بیئه تحل فیها معلمه محل الوالدین، ویترتب علیها مراعاه ربما ۲۰ أو ۲۵ طفلاً آخر فی سنه، یجدهم کلهم غرماء وخصوماً محتملین. لذا، یتلکأ فی تقبلهم، ومن جانبهم یترددون فی قبوله. هکذا، تجده تاره یدفع طفلاً یحاول أخذ مکانه، وتاره یضرب آخر لکی یصل إلى لعبه "الزحلیقه" قبله، ویتعارک مع ثالث لأنّه حاول أخذ لعبه منه، وما إلى ذلک. لکنه، من خلال تلک التجارب الیومیه، یتعلم شیئاً فشیئاً المساومه، وتقبل المشارکه من وقت إلى آخر. ویستمر التعلم حتى زهاء ۶ سنوات. إنّه مسار الانتقال إلى حیاه المجتمع، والانتماء إلى مجموعه.
وفی تلک الفتره، ما من مسوّغ للقلق، من الوالدین، إن انتبها إلى ضروره تکرار الرسائل الموجهه إلى الطفل، وإعادتها مراراً، إلى أن "تدخل فی مخه". فإجاده أصول حیاه المجموعه مسار شائک، وطویل، ویتطلب الأناه والصبر من الوالدین، وعدم الملل من تکرار النصائح والتوجیهات لفلذه کبدیهما. لکن، عدا عن النصائح، ثمه تقنیات تربویه، تعینه على هضم الأصول الجدیده. فمثلاً، ینبغی تجنب بعض الألعاب التی تشدد على الـ"أنا"، وتشجیع الألعاب الجماعیه. على سبیل المثال، تعینه لعبه "الغمیضه" (أو "الختیله") على تعلم احترام أصول اللعبه: إذ علیه أن یعدَّ، وألا یلتفت، ولا یبدأ بالبحث عن رفاقه سوى بعد انتهاء العد، ومضی زمن محدد. هذه القواعد، على بساطتها، بدایه جیِّده، لأنّها تضع حدوداً، بالتالی تعین الصغیر على اکتشاف هذا المفهوم، مفهوم الحدود والقواعد، الجدید تماماً من منظوره. وبالمثل، تعدُّ لعبه سباق الرکض مجدیه، بما أنها قائمه على أساس انطلاق المسابقین جمیعهم فی لحظه واحده. وهذا أیضاً، یشکل أحد تمارین احترام أصول اللعب. وعموماً، ینبغی حضه على ممارسه أی لعبه تنطوی على قواعد تُلزم جمیع المشارکین.
المحور الأوّل، إذن، فی مسار اندماج الطفل فی الحیاه الاجتماعیه، یقوم على أساس تلقینه احترام أصول اللعب. ومن خلاله، سیتعلم لاحقاً احترام الأصول عموماً، ولیس فقط فی إطار اللعب.
تقنین العنف:
وعندما یصل الطفل إلى سن ۴ أو ۵ سنوات، من المجدی إدخال الألعاب الاجتماعیه، مثلاً الـ"دومینو"، والـ"مونوبولی"، و"أسئله وأجوبه"، ولعب على غرار إیجاد حیوان ونبات ومدینه واسم شخص،… إلخ، کلها تبدأ بحرف باء أو جیم أو دال، وما إلى ذلک (طبعاً مع توخی اختیار الألعاب کلها فی مستویات مبسطه، خاصه للصغار فی تلک السن). هکذا، یتعلم الطفل انتظاره دوره، والإنصات للمشارکین الآخرین، والترکیز، وتقبل الخساره إن لم یوفق عندما یأتی دوره، وهکذا دوالیک، ومَلکه تقبل الخساره شیء مهم، یعینه لاحقاً على مواجهه مصاعب الحیاه برحابه صدر، ویلقنه حقیقه أنّ الحیاه لیست کلها نجاحات، إنّما ینبغی أیضاً التسلیم بفکره أنّ الإخفاق وارد أیضاً، لکن لا یجب الاستسلام له، والمحاوله مجدداً.
وعندما یکون الطفل عنیفاً بالفطره، ومفعماً بالطاقه، فلیس من الحکمه السعی إلى لجم عنفه، فهی محاوله لا تکلل بالتوفیق إلا فی ما ندر. إذ، فی تلک الحال، ینبغی إیجاد وسائل لتقنین ذلک العنف، وتفریغه، من دون إیذاء أحد. تقول أم وسیم، البالغ من العمر ۵ سنوات، إنها وزوجها عانیا وخجلا من شکاوى آباء أطفال آخرین ضده، لأنّه تعود ضرب أقرانه کلما نشب نزاع حول لعبه، أو الدور فی اللعب، أو أی شیء. هکذا، أتتهما فکره شراء کیس تدریب على الملاکمه، وضعاه فی غرفه وسیم. وقالا له إن من حقه، کلما أزعجه أحد، أن یضرب الکیس بقدر ما یشاء، مع التفکیر فی الطفل الذی ضایقه. وتؤکد أنّ الحیله نجحت، إذ بات وسیم یفرغ شحنته العدوانیه على کیس الملاکمه، بدلاً من أجساد أقرانه.
وفی هذا الشأن، ینصح بعض متخصصی التربیه بـ"حیله" أخرى، تنصب على لعب لعبه العراک مع الطفل من جانب أمه أو أبیه، مع وضع وساده للحمایه، لکن بشکل خاص مع تحدید أصول وقواعد دقیقه، وعدم التساهل فیها، من بینها التأکید أن من حق أیٍّ من المتباریین التوقف حین یشاء، وأن من واجب کل منهما عدم توخی إیذاء الآخر، إنما التظاهر بالعراک. کما یجب عدم إغاظته أثناء اللعبه، أو إبداء روح تحدٍّ، إنما الحرص على أن تبدو لعبه للتسلیه وحسب. وینبغی أیضاً عدم إفهامه بأنّ القصد هو التغلب على طاقته المفرطه، وإفراغها. فهذه مفاهیم لا یعی أبعادها، وقد یغتاظ من عدم القدره على رسم صوره واضحه عنها فی مخیلته. هکذا، یجب أن یبدو الأمر مجرد لعب وتمضیه وقت. وغالباً ما تؤدی تلک الطریقه إلى تفریغ الشحنه العدوانیه لدى الطفل. فالهدف لیس العراک فی حد ذاته، ولا السعی إلى لجم تلک النزعه العنیفه، إنما تعوید الطفل على السیطره علیها، وحمله على الانضباط الذاتی، واحترام أصول معینه حتى فی ممارسه العنف. وبشکل عام، یمکن حضه على ممارسه أی لعب یستلزم صرف قدر کبیر من الطاقه، کالتسلق، أو أی فن من الفنون القتالیه، أو الرکض، أو السباحه. وفی إمکان ذلک النوع من الهوایات، أیضاً، مساعده الطفل الخجول المتردد على التخلص من الخجل المفرط، والتحلی بقدر أکبر من الجرأه، اللازمه، هی أیضاً، من أجل حیاه اجتماعیه متوازنه.
المحور الثانی، إذن، یرتکز على تلقین الطفل الانضباط الذاتی، والسیطره على عدوانیته وتقنینها، واحترام أجساد الآخرین، وعدم الاعتداء علیها. فمن خلال تلک الأصول، یتعلم السیطره على نزواته، لاحقاً عندما یکبر، ویصبح قادراً على کبح جماح "أناه"، ویعی بوجود ضمیر "نحن"، ویدرک أن لیس فی وسعه اقتناء أی ما یشاء.
تعویده الانتظار:
أما الألعاب الجماعیه، فتعین الطفل على تعود انتظار دوره. هکذا، مثلاً، یجب أن ینتظر لکی یصعد على لعبه "الزحلیقه"، وینتظر لکی یقفز فی المسبح من أعلى لوحه الغطس، وینتظر أن ینهی أخوه أو رفیقه أو جاره، أو أی طفل آخر، لکی یصعد على الأرجوحه، ویستمتع بها بدوره. فللطفل رغبات لا تنتهی، لکن یجب ألا تشبع کلها، وبشکل تلقائی. فی هذا الصدد، أکدت فرانسواز دولتو، خبیره علم نفس الأطفال الفرنسیه الراحله، أن "إشباع رغبات الطفل کلها یعنی موت تلک الرغبات". هکذا، یعینه التعود على انتظار دوره على السیطره على رغباته، ودمجها فی إطار رغبات الآخرین.
یرتکز المحور الثالث، والأخیر، إذن، على تعوید الطفل انتظار دوره. فمن شأن ذلک تلقینه احترام رغبات الآخرین، وتکییف رغباته وفقاً لها، مع الحرص على عدم التخلی عن حقوقه، إنما فرضها حین تکون الفرصه مناسبه، وبما لا یتعارض مع حقوق الآخرین. وفی النهایه، ینبغی التذکیر بالمحورین الآخرین، اللذین ینبغی علیک الترکیز علیهما لتلقین طفلک التعایش مع الأشخاص الآخرین: المحور الأوّل یقوم على أساس تلقینه احترام أصول اللعبه، والمحور الثانی على أساس تعلیمه الانضباط الذاتی، والسیطره على نزعته العدوانیه.
الزی بین التجمُّل والفتنه
فالألبسه والأزیاء عُرفت منذ زمن طویل، وأقرَّتها الشریعه المقدَّسه ضمن ضوابط ونُظم، إضافه إلى آداب ومستحبات تبعث الدفء والألفه فی المجتمع.
قال اللَّه جلّ جلاله: (یَا بَنِی آدَمَ قَدْ أَنزَلْنَا عَلَیْکُمْ لِبَاساً یُوَارِی سَوْءَاتِکُمْ وَرِیشاً وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِکَ خَیْرٌ ).
واقعنا الیوم:
لکننا لاحظنا فی العقود الأخیره تفلُّتاً وتسیُّباً لافتین على صعید الأزیاء، فی شکلها وألوانها وأحجامها ودورها، إلى درجه أنَّ بعض الألبسه لم تعد ألبسهً تقوم بالدور المفترض لها!
فالمتتبِّع لِدُور الأزیاء العالمیه بات یرى دون جهد أنَّ کشف الأجساد وتعریتها، ولیس سترها وتغطیتها، أصبح الهدف الأساس من عروض الأزیاء الکثیره المبتذله والمملَّه، والتی بدأت ولم تنته!
فعروض الأزیاء هذه، والتی أصبحت لها قنوات فضائیه خاصه، لکثرتها، کأنَّ هدفها الإغراء وعرض الأجساد، حتى أنَّ بعض المصممات العالمیات وجمعیات نسائیه بریطانیه، دانت هذه الأسالیب المنحطه، التی لا دخل لها بما تُعلن عنه وتدَّعیه، وقد أبدى بعض هؤلاء تذمرهم من الحاله التی وصلوا إلیها، على ما نقلت الوکالات ونشرت الصحف، (الجمعه فی ۲۰ – ۲ – ۲۰۰۳).
فبعض (الأزیاء) لا أزیاء فیها إلاَّ اللَّمم، وبعضها مجموعه من (الإکسسوارات) العشوائیه ، تُعرض لِلَفْت الأنظار، وبعضها صرعات لا تنفع إلاَّ على المسرح، وبعضها تُقصد بها حاملتها أکثر مما یُقصد المحمول نفسه!
الأزیاء المُعَوْلمه:
هذه الأزیاء أخذت تغزو مجتمعاتنا الإسلامیه بکلّ (ثقه)، وهی من جمله العادات والمفاهیم (المُعَوْلمه) التی تُبثُّ لنا، ویتقبَّلها أکثرنا: إمَّا لضعف ثقه بدیننا وتاریخنا وأحکام شرعنا وبالتالی بأنفسنا. وإمَّا لغیاب الأصاله فی العقول (المثقَّفه) المتعدِّیه! وإمَّا لعدم الحسم والجزم من أولی الأمر وأهل التأثیر. وإمَّا لانصیاعنا وخضوعنا لسیاسه الاستیراد والقبول، دون صرف جهد فی الإبداع والاجتهاد. وإمَّا لعدم القیام بجهد مضاد یواجه الفضائیات وسیاسه الإعلام الطائر، الذی لا یجد مَنّ یتصدَّى له بحزم وقوَّه.
فهذه الأزیاء والألبسه، کثیر منها منکرٌ شرعاً، وأکثرها غریب عن عاداتنا وتقالیدنا وتاریخنا والسلف الصالح ممَّن سبقنا… لکنَّها تغزونا تحت عنوان سحری، یُسقط کلَّ المحرمات، ویفتح کلَّ الاحتمالات، یُعبَّر عنه بکلمه (الموضه)!
والموضه هذه خرجت عن معناها اللُّغوی الذی یعنی الحداثه والتحضُّر، إلى معانی (اقتحامیه) متعدِّده الرؤوس والأهداف، تصبُّ جمیعها فی:
الترویج لمظاهر غریبه وعادات جاهلیه، بهدف إسقاط العقیده الدینیه، واستبدالها بعادات اجتماعیه وحیاتیه (وقیَمِیَّه) جدیده، مع إرفاق ذلک بفوائد اقتصادیه هائله، تبلغ مئات الملیارات من الدولارات سنویاً، تُضخُّ فی جیوب الیهود والغربیین.
وهناک إحصاءات موثَّقه واعترافات منشوره، تُقرُّ بذلک حتى بلغ (شبح) الموضه أن تدخَّل فی دقائق الأمور، فتعدَّى من الثیاب إلى أدوات الزینه والأحذیه والنظارات والجزادین والعدسات اللاصقه وغیرها…
ما هو موقف الإسلام مما یُحیط بنا:
بما أنَّ جوهر الإسلام وحقیقته یقوم على تهذیب نفوس البشر لیکونوا عباداً ربانیین، فلا بد أن تکون أحکامه المتعلِّقه بالثیاب کما غیرها، تصبُّ فی هذا المصب لبناء النفس الإنسانیه على حقیقه التقوى.
قال اللَّه عزّ وجلّ: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِیَعْبُدُونِ) .
فلا شکّ أنَّ الإسلام العزیز اهتم بالمظهر والشکل الخارجی، وجعل لذلک أبواباً فی کتب الأخلاق، ومئات النصوص الشریفه، لکن، لیس بالطریقه التی یغلب فیه المظهر على الجوهر، والشکل على المضمون.
فالذی یقضی وقته باختیار أزیاء لقبل الظهر وأخرى لبعدها، وأزیاء صباحیه (MATINE) وأخرى مسائیه (SOIRE)، وألبسه لهذه المناسبه دون تلک، وما یُلبس فی هذا المکان لا یتکرَّر فی مکان آخر… لا شک أنَّ مثل هذه التصرفات والممارسات تُبعد عن الآخره ودرجاتها.
ونعوذ باللَّه تعالى من أن نهتم لعین النَّاس، ولا نهتم لعین اللَّه تبارک وتعالى.
فلا مانع من أن یلبس المسلم ما یشاء، ویظهر بالمظهر الحسن، ویستنَّ بسنَّه رسول اللَّه (صلى الله علیه وآله وسلّم)، بشرط أن لا یتعدَّى حدود اللَّه عزَّ وجلَّ، ویخوض فی عناوین محرَّمه، باتت منتشره للأسف الشدید، وإن غفل عنها کثیرٌ من المسلمین، وذلک لقلَّه المذکِّرین من جهه، ولکثره (المنفتحین) المتهاونین من جهه أخرى:
۱ـ فلا یجوز التشبُّه بالکفار فیما یُعرفون به، أو یختصُّ بهم أو یکون لهم شعاراً، وهذا من أهم الضوابط، وأمَّا شیاع التشبُّه على النحو الذی یُحیط بنا، فناتج عن عقده النَّقص والانهزامیه.
ورد فی النصِّ عن الإمام الصادق (علیه السّلام): (لا تلبسوا لباس أعدائی، ولا تطعموا مطاعم أعدائی، ولا تسلکوا مسالک أعدائی، فتکونوا أعدائی کما هم أعدائی). وکان منهال عند الإمام الصادق (علیه السّلام)، وکان یلبس حذاءً کما یلبس الیهود (من حیث شکله)… فأمره الإمام (علیه السّلام) بتعدیلها، ففعل.
وعن أبی الحسن أنَّه نظر لِمَنْ لبس مثل ذلک، ثم قال له مستنکراً علیه: (أتُرید أن تتهوَّر).
ولا ننس هنا فتوى السید الخمینی رحمه اللَّه علیه فی تحریم لبس (ربطه العنق) من هذا المنطلق.
وعلى هذا المنوال أفرد سماحه السید الخامنئی، کما هی سُنَّه السَّلف الصالح، باباً خاصاً فی (حرمه التشبُّه بالکفار).
ولا ریب أنَّ الکثیرین یتهاونون بهذا الأمر فی أیامنا هذه.
۲ـ عدم جواز التشبُّه بالفاسقین والفاسدین فی شعاراتهم (الهیبیَّه مثلاً) ولباسهم ورقصاتهم وقبَّعاتهم… ممَّا ینسب المسلم إلى التهتُّک أو التهاون أو المنکر أو الجرأه على امتطاء الحرام.
وهذا ممَّا انتشر کثیراً فی السنوات الأخیره، حتى فی مجتمع النساء المتدِّینات اللواتی یلبسن أحیاناً فی مناسبات اجتماعیه، لباساً یُخرجهن عن حدود الاتزان، عندما یُقلِّدن المشهورات من الفاسدات کالممثلات، وعارضات الأزیاء والراقصات، فتُصبح المرأه عندها متهتِّکه فی لباسها وتصرفاتها.
والمعروف (أنَّ مَنْ تشبَّه بلباس قوم أخذ من أخلاقهم، فالمقلِّد یتَّبع المقلَّد).
۳ ـ أن لا یلبس الرجل لباس المرأه الخاص بها فقط لیکون (مخنَّثاً)، وهذا ممّا نهی عنه رسول اللَّه (صلى الله علیه وآله وسلّم) فی نصوص کثیره.
۴ ـ أن لا یکون فی لباسه، رجلاً کان أم امرأه، مُسْرفاً أو مبذِّراً أو مضیِّعاً للمال، فالمسرفون (هم أصحاب النار).
وقال سبحانه وتعالى: (إِنَّ الْمُبَذِّرِینَ کَانُواْ إِخْوَانَ الشَّیَاطِینِ ).
۵ـ أن لا تُؤدِّی هذه الألبسه إلى خیلاء فی نفسه وتکبُّر على غیره من إخوانه المسلمین.
وقد یسوقه ذلک، نعوذ باللَّه تعالى: إلى احتقار أو ازدراء عامه المسلمین وفقرائهم، وهذا من الحرام الواضح.
رُوی عن سیدنا رسول اللَّه (صلى الله علیه وآله وسلّم) : (مَنْ لبس ثوباً یُباهی به لیراه النَّاس، لم ینظر اللَّه إلیه حتى ینزعه).
ونهى (صلى الله علیه وآله وسلّم) أن یختال الرجل فی مشیه، وقال: (مَنْ لبس ثوباً فاختال فیه، خسف اللَّه به من شفیر جهنَّم، وکان قرینَ قارون، لأنَّه أولُ مَنْ اختال، فخسف اللَّه به وبداره الأرض، ومَنْ اختال فقد نازع اللَّه فی جبروته).
وفی نصٍ آخر :(لا یجد ریحَ الجنَّه عاق، ولا قاطع رحم، ولا مُرْخی الإزار خُیَلاء).
۶ – ولخصوص المرأه المسلمه التی أرادها اللَّه عزَّ وجلَّ عفیفه طاهره کریمه، قواعد شرعیه معروفه فی الستر، وعدم لبس لباس الشهره وما یُلفت النظر… ولو کان المجال هنا ضیِّقاً للخوض فی التفاصیل، إلاَّ أنَّ ما ابتُلینا به کثیر، بحیث أصبح المنکر منتشراً، بل أمراً عادیاً، بل أنَّ الحیاء فُقد، فترى الکاشفات العاریات یفتخرن، ویعتبرن فعلهن (جرأه).
وصدق أمیر المؤمنین (علیه السّلام) عندما قال: (یظهر فی آخر الزمان واقتراب الساعه وهو شرُّ الأزمنه، نسوهٌ کاشفاتٌ عاریاتٌ متبرِّجات… داخلاتٌ فی الفتن، مائلاتٌ إلى الشهوات، مسرعاتٌ إلى اللَّذات، مستحلاَّت للمحرمات، فی جهنَّم خالدات).
ختاماً…
لهذا الموضوع الذی نحن بصدده تداعیات کثیره اجتماعیه، واقتصادیه، وسیاسیه وتربویه… ودینیه تستدعی التفصیل لاحقاً.
المرأه و دورها فی التطورات الاجتماعیه و السیاسیه بعد انتصار الثوره الاسلامیه
و ان جانباَ من هذه التحولات الجذریه قد تجلى فی سلوک و توجهات شریحه عانت کثیراَ من الأوضاع المأساویه السیئه التی کانت سائده فی عهد النظام البهلوی الطاغوتی و فی ظل طموحات أدعیاء الدیمقراطیه.
لقد ظلمت المرأه، التی تشکٌل نصف المجتمع الإیرانی، کثیراَ فی ظل الثقافه الغربیه الفاسده التی فرضت هیمنتها على المجتمع. حتى ان مکانه الکثیر من النساء لم تکن تتعدى دورها کأنثى ینبغی لها إسعاد الرجال و الترفیه عنهم فی المجالس و الحفلات.
بید أن الثوره الإسلامیه انتشلت المرأه من الانحطاط الأخلاقی و أنقذتها من التدنی الثقافی، و زجٌت بها فی مختلف میادین الحیاه و ألقت على عاتقها مهام و مسؤولیات الى جانب مسؤولیتها کزوجه و أمّ، تمارس نشاطها فی اجواء تحفظ لها کرامتها و تصون شخصیتها الانسانیه دون أن یقلل من دورها و تأثیرها و ریادتها.
(أجل، کان دور النساء کبیراَ فی الثوره. و منذ انتصار الثوره و حتى یومنا هذا، اضطلعت السیدات بدور کبیر حقاَ فی مختلف المجالات. و کان دورها عظیماَ و مدهشاَ، و لایخفى أن السیدات کن یعانین من الظلم السیاسی و الثقافی قبل الثوره و فی ظل النظام البائد، اکثر من الظلم الذی کان من الممکن أن یعانی منه البعض داخل الأسره. لأن النظام البهلوی و بدلاَ من أن یعمل على تحسین ظروف المرأه و الارتقاء بمکانتها، دفع بها الى الابتذال و الانحطاط..غیر أن الثوره اوجدت حقاَ میداناَ استطاعت السیدات أن یمارسن من خلاله نشاطهن و یؤدین دورهن بما یفوق دور الرجال فی الصمود و البطوله)[۱].
دور المرأه الطبیعی فی أحداث الثوره و مسیره الجمهوریه الإسلامیه
(لاشک لو لم یکن للسیدات هذا الحضور البطولی و المفعم بالوعی و الاراده و التضحیه و الایثار، لکان مصیر الثوره و الجمهوریه الإسلامیه شیئاَ آخر، و لما تحققت هذه النجاحات التاریخیه العظیمه مطلقاَ، سواء فی انتصار الثوره و الاحداث الضخمه التی اعقبت هذا الانتصار. ان الدور الطبیعی الذی اضطلعت به النساء فی الثوره، برهن على أن بوسع المرأه أن تمارس دوراَ مصیریاَ فی التحولات التاریخیه الداخلیه و الدولیه، فی ظل الایمان و الوعی، و بعیداَ عن المستنقع الفاسد الذی اوجده لها العالم الغربی.. برهن على أن عظمه المرأه و فخرها لن یتجلى فی الامور التی اوجدتها لها الایادی الصهیونیه المدنسه فی عالم الیوم المنحط، و إنما بوسع المرأه أن تخطو فی ظل الطهاره و العفه و الشعور بالمسؤولیه، جنباَ الى جنب الرجل و أن تتفوق علیه أحیاناَ).[۲]
التحلی بالروح السامیه ازاء قضایا و معضلات النظام الاسلامی
(لقد شهدنا أثناء أحداث الثوره و خلال الحرب، الدور الذی اضطلعت به النساء، فإن لم یکن یفوق دور الرجل فهو لایقل عنه..فلو لم تکن الملحمه الحماسیه التی جسدتها النساء خلال سنوات الحرب، و لم تکن العوائل تنظر الى الحرب بمثابه مبدأ، لما وجدت الاراده و الحافز لدى الرجال بالتوجه الى جبهات القتال..فلابد من توافر عشرات العوامل کی تتوجه الحشود العظیمه لقوات المقاومه الشعبیه ـ البسیج ـ الى جبهات القتال، و ان أحد أبرز هذه العوامل یکمن فی المعنویات التی کانت تتحلٌى بها الامهات و الزوجات و النسوه عموماً.
و ربما أستطیع أن أزعم بأنی لم أر أثناء لقائی أسر الشهداء المحترمه، أمّا منکسره أو مهزومه. و بطبیعه الحال أن الجمیع لسن على نسق واحد، فالبعض یتحلى بروحیه عالیه و البعض الآخر دون ذلک.. ذلک أن البعض لم یکن یدرک حقیقه الأمر بشکل جید، غیر أن البعض الأخر کانت الحقیقه واضحه له تماماَ، و مع ذلک فقد وجدت المرأه تتحلى بروحیه عالیه لدى معظم الأسر تفوق الروحیه التی یتمتع بها الرجل.. أجل، هذا هو وضع المرأه فی مجتمعنا. اما فی الغرب فان المرأه لیست وحدها التی تساق الى مستنقع الفساد، بل کلا الجنسین).[۳]
تضحیات النسوه فی ظل النظام الإسلامی
(ان الثوره ـ ولله الحمد ـ قدّمت خدمه کبیره للمجتمع النسوی فی بلادنا. فقد رأیت و أرى عوائل و نساء على درجه من الایثار و التضحیه و الثبات فی مواجهه الحوادث تفوق ما لدى الرجال..لقد ألتقیت أسر الشهداء و جالستهم کثیراً، و سبق لی أن قلت و کررت ذلک مراراَ بأن أمّ الشهید ـ من بین أفراد عوائل الشهداء ـ اکثر تحملاَ لهذه الحادثه الهامه و أنها تتفوق فی معنویاتها و صبرها و انطباعها على والد الشهید. طبعاً ثمه حالات عکس ذلک ایضاً، و لکن هذا هو الغالب تقریباً و قد لمسته عن کثب. فالنساء تطورن کثیراً خلال احداث الثوره العظیمه، و کان دورهن عظیماً. و کذلک اضطلعن بدور بارز خلال سنوات الحرب، و سیکون لهن دور مصیری فی المستقبل أیضاً إن شاء الله. بشرط مراعاه الجوانب القیمیه. لأن هذه المبادئ و القیم هی التی تضمن المستقبل و تصونه.)[۴]
عوده النساء إلى الفطره
لاحظوا أنتم ایه معجزه یمکن أن تصنعها المرأه المسلمه عندما تعود إلى فطرتها و ذاتها، و قد شهدنا ذلک عن کثب خلال ثورتنا و فی نظامنا الاسلامی.. و الیوم نشهد أیضاً مثل هذا المعاجز. فأین شهدنا مثل هذه القوه و العظمه التی تتحلى بها أمهات الشهداء الیوم؟ این رأینا کل هذه التضحیات من الفتیات الشابات اللواتی یشجعن أزواجهن الاعزاء للمشارکه فی جبهات القتال و التواجد فی هذه المیادین واثقین مطمئنین؟
انها عظمه الاسلام التی تجلٌت فی وجود نسائنا الثوریات خلال مرحله الثوره و السنوات التی أعقبت الانتصار و حتى یومنا هذا.
فمن غیر الصحیح القول أن المرأه لاتستطیع أن تواصل تعلیمها فی ذات الوقت الذی تحافظ على حجابها و تصون عفتها و تحرص على اداء مهامها الأسریه و العمل على تربیه أبنائها.
فکم لدینا الیوم من نساء عالمات اخصائیات فی مختلف حقول المعرفه؟ هناک الکثیر من الجامعیات المثابرات على درجه رفیعه من الکفاءه و المبدئیه. و هناک الکثیر من حمله الشهادات الجامعیه المرموقه، و هناک طبیبات على درجه کبیره من المهاره و الکفاءه.. ان الکثیر من الاختصاصات العلمیه المرموقه فی الجمهوریه الإسلامیه فی متناول النساء.. نساء حافظنّ على عفتهنّ و طهارتهنّ و حرصنّ على حجابهنّ تماماً، و یضطلعن بدورهنّ فی تربیه ابنائهن تربیه اسلامیه، فضلاً عن ممارسه نشاطا علمیا و سیاسیا ملفتاً.
ان الکثیر من النساء الحاضرات فی جمعنا هذا، یمارسن الیوم نشاطات سیاسیه و اجتماعیه بارزه و ممیزه، سواء الآنسات و السیدات اللواتی یفتخر أزواجهن بما یقمن بها، و من حقهم أن یفخروا عندما یرون نساءهم فی الطلیعه فی مختلف المیادین..
ان بوسع المرأه أن تحقق کمالها الحقیقی من خلال تحلٌیها بالروحیه الإسلامیه و اداء مسؤولیاتها فی ظل اجواء اسلامیه، بعیداَ عن الانحطاط الاخلاقی و بمعزل عن المظاهر المخادعه و التجملات الظاهریه، و بعیداَ عن الخضوع و الخضوع للاستهلاک.
معالم التربیه الإسلامیه لدى النساء
النهج الاسلامی هو الذی نؤمن به، و قد برهنت نساؤنا طوال احداث الثوره و ما بعدها و الى یومنا هذا، بأنها تحتل مواقع متقدمه فی وعیها للمفاهیم التی تعتبر معیاراَ حقیقیاً للحیاه و تشکل قیماً بارزه فیها.. ان الأمّ التی تقدم أبناءها فی سبیل الله و فی سبیل الهدف الذی یعتبر مقدساً بالنسبه لها و عندالله تعالى، لاتحزن على ذلک. و مثل هذا لیس بالشیء الهین و یعتبر عملاً قیماً للغایه.
فبأی معیار ترید أن تنظر الیه تجد عملاً عظیماً.. ان امرأه شابه صانت نفسها و حرمه زوجها فی غایه العفه و العزه و الطهاره طوال عشره اعوام او احد عشر عاماً، عندما کان زوجها یقبع أسیراًً فی سجون العدو. ألیس فعلها هذا ذات قیمه؟ أنها قیمه سامیه.
لقد تواجدت نساؤنا فی میادین القتال و فی ساحات البناء و الاعمار، و کانت الأبرز و الاکثر نشاطاً فی مضمار تجسید القدرات الروحیه. کما کانت نساؤنا فی الطلیعه فی التصدی لدعایات العدو المغرضه و المتنوعه. و لایخفى أن دعایات العدو کانت تصنع احیاناً من القشه جبلاً، و حادثا بسیطاً تضخمه عشرات المرات و تقوم باستغلاله الى اقصى حد ممکن. و مما یؤسف له أن بعض الکتّاب من المرتزقه المحلیین الذین یکنون عداءً مقیتاً للثوره، یحاولون استغلال کل ذلک و الترویج له فی هذه المجله و تلک الصحیفه. فیما یقوم البعض بالترویج للدعایات المعادیه للثوره عبر المنشورات السریه و عبر الصحف و المجلات. و هناک من یوزع الاموال هنا و هناک و فی الحافلات من أجل ترویج الدعایات المعادیه للثوره.. ینفقون الاموال من أجل إثاره الشائعات و توتیر الاجواء و ترویج اساءه الظن. و ان خیر من تصدى لکل ذلک و صمد بقوه هم النساء. هذه النساء المؤمنات هن اللاتی صمدن بوجه کل ذلک، و ان تعدادهن لیس بقلیل ولله الحمد رغم أنف الاعداء، بل یشکل الغالبیه من نساء المجتمع الایرانی.
هذا هو مجتمع المرأه الزینبیه و الفاطمیه..هذه هی التربیه الإسلامیه و طبیعه النظام الاسلامی..هذه هی مصداقیه المرأه المسلمه و عظمتها و الحریه التی تتمتع بها..طبعاً یجب أن تعلم نساؤنا بأن لازال أمامهن طریق طویله لتحقیق المزید من الرقی و التقدم. و أنا أدعو النساء فی بلادنا سواء النساء المنشغلات بالدراسه، و النساء اللواتی یضطلعن بمسؤولیاتهن فی مختلف المجالات، و ربات البیوت اللواتی ینعمن بنور الثوره و روحیتها و یحرصن على أن تکون الأجواء الأسریه أجواء اسلامیه أدعو کل هؤلاء النسوه للتفکیر بمهام المرأه المسلمه فی تطویر مجتمعها.. التفکیر بشأن التنظیمات السیاسیه و الانشطه العلمیه و الخدمات القیمیه، و الارتقاء بالمستوى المعرفی، و الصمود و الثبات بوجه العدو فی جمیع المراکز و المیادین التی یعتبر الثبات فیها فاعلاً و مؤثراً.
تجسید الشخصیه الحقیقیه للمرأه
بعد إقامه الدوله الحق، وجدت المرأه فی ظل الجمهوریه الإسلامیه الایرانیه ـ بفضل الله تعالى ـ شخصیتها الحقیقیه الى حد کبیر و بات لها حضوراً ممیزاً فی مختلف المیادین، تجسد عظمه الروحیه التی تتمتع بها المرأه المسلمه. حیث رأیتم و ترون نموذجاً لها فی أمّهات الشهداء و أمّهاتنا العزیزات. ففی کل مره ألتقیت فیها أمهات الشهداء وجدتهن أکثر قوه و بأساً حتى من آباء الشهداء. و ان نموذج ذلک یمکن أن تلمسونه عن کثب فی روحیات هذه الأمهات العظیمات الشجاعات.. هذه هی عظمه المرأه المسلمه التی تتجلى فی المیادین السیاسیه و الثقافیه. و على الرغم من کل ذلک یأتی من یتحدث عن مصادره حقوق المرأه فی الجمهوریه الإسلامیه و یثیر الشبهات ضدها.. فمن أجل أن یرضى عنا الآخرون نأتی و نتحدث عن المرأه بنحو یتعارض مع التوجه الاسلامی الذی یحرص على کرامه المرأه و عزتها.. أنه أمر مرفوض. لماذا ینبغی التحدث عن المرأه و عن حقوق الانسان بنحو و کأنه یتحتم علینا الاقتداء بالغربیین؟ ان هؤلاء مخطئون، أن هؤلاء هم الذین ینبغی لهم تصحیح آرائهم الخاطئه و الباطله تجاه قضایا المرأه و حقوق الانسان و الحریه و الدیمقراطیه، و الاقتراب من وجهه النظر الإسلامیه.
المرأه فی الجمهوریه الإسلامیه قدوه للآخرین
أعلمن أیتها النساء المسلمات، ان الانظار باتت الیوم مشدوده إلیکن فی مختلف انحاء العالم لیتعلموا منکنّ.. ان ما تشاهدونه فی بعض الدول الغربیه و عدد من الدول الإسلامیه التی تحکمها حکومات غیر اسلامیه، من هجوم شرس یشنٌه اعداء الدین ضد الحجاب الإسلامی، إنما هو مؤشر على اهتمام شعوب هذه البلدان بالحجاب.. ففی الدول المجاوره لنا، و فی البلدان التی لاتولی اهمیه للحجاب، و الدول الإسلامیه التی کنت قد زرتها و لم أجد فیها أثراً للحجاب، أخذت النساء خاصه المثقفات و الفتیات الجامعیات تتجه للحجاب. و على مدى العشرین عاماً الماضیه انتشر الحجاب بشکل یبعث على الاعجاب فی اوساط النساء فی هذه البلدان، بل و یمکن مشاهده هذه الظاهره الملفته فی الدول الغربیه ایضاً.. لقد اصبحتن قدوه.. أنتن مثال یحتذى به.
إعلمنّ بأنه لایوجد الیوم فی أیه نقطه أخرى من العالم نسوه أمثال أمهات شهدائنا.. أمّ شهیدین و أم ثلاثه شهداء، و أم أربعه شهداء.. ان مجتمعنا یحفل بأمهات کثیرات بهذه المواصفات أقوى من الأباء و اکثر وعیاً منهم. و ما ذلک إلاّ نتیجه للتربیه الإسلامیه.. أنه الحضن الطاهر و المطهر و النورانی لفاطمه الزهراء (سلام الله علیها).. إنکنّ بنات فاطمه..بنات فاطمه الزهراء..أنتن أتباع فاطمه الزهراء.
النسوه وراء جهاد و نشاط أزواجهن
ان کل جهد یقوم به الرجل فی مختلف المجالات، یعود جانب کبیر منه الى تعاون و مؤازره و ثبات زوجته.. هذه هی السمه الغالبه دائماً. و قد قیل: ان جهاد المرأه حسن التبعل. فما هو حسن التبعل؟ ان عده تتصور أن جهاد المرأه یقتصر على توفیر وسائل الراحه للرجل فحسب.. حسن التبعل لایقتصر على ذلک وحده. هذا لیس جهاداً. الجهاد هو أن تتحمل المرأه المناضله و المؤمنه و المضحیه عبئاً کبیراً من المسؤولیه الجسیمه الملقاه على عاتق زوجها.. إنکن تتعهدن مهمه خطیره. و هکذا خدماتکن.. عندما یتعب الرجل تظهر آثار التعب فی المنزل.. عندما یعود إلى المنزل مرهقا ً و مجهداً و احیاناً متوتراً، فان هذا التعب و التوتر الناتج عن محیط العمل ینعکس داخل الأسره. فاذا ارادت سیده البیت أن تجاهد فان جهادها یتجلى فی تکییف نفسها مع هذه الاجواء و تحمّل کل ذلک من أجل الله، و حینها یتجلى حسن التبعل.
الوجود النسوی الاسلامی و الثوری و البطولی و المستقل فی الجمهوریه الإسلامیه
التربیه الإسلامیه و الثوریه التی تتحلى بها المرأه المسلمه، مدعاه فخر و اعتزاز الجمهوریه الإسلامیه.. نحن نفخر بنسائنا المسلمات.. عندما تسلٌط عدسات الکامیرات على وجوه النساء المشارکات فی المظاهرات و المسیرات، النساء المحجبات یحملن أطفالهن على صدورهن و قد جئن للمشارکه فی المظاهره فی ظروف صعبه للتعبیر عن موقف سیاسی، أو المشارکه فی صلاه الجمعه، أو من أجل اداء مهمه عبادیه ـ سیاسیه و الادلاء بآرائهن فی صنادیق الاقتراع، کل ذلک مدعاه لفخرنا و اعتزازنا.
ان السیدات اللواتی یحققن مراتب متقدمه فی طلب العلم، اللواتی یحصلن على المراتب الاولى فی الاختبارات العامه لمختلف الفروع العلمیه، عندما تنزل امثال هذه السیدات الى المجتمع و یساهمن فی مسیره تقدمه و تطوره، فان ذلک یبعث على عزه الجمهوریه الإسلامیه و فخرها..أنه فخر لأحکام الاسلام النورانیه فی هذه المرحله بأن ننهمک بالبناء و الاعمار، و أن تستطیع المرأه المسلمه أن تعبٌر عن نفسها بکل شجاعه و استقلال فی الرأی، فی عالم یهمین علیه الاعلام المغرض..ان کل هذه من برکات الاسلام.
المطلوب و المتوقع من المرأه المسلمه من وجهه نظر الامام الخامنئی
التخلص من التصورات الخاطئه
فی تصوری أن أهمیه العمل المتوقع الیوم من المرأه لاتقل عن أهمیه مشاغلها الأخرى على صعید الحیاه الاجتماعیه.. أجل لابد لکنِّ من التساؤل: لماذا لاتوکل الى النساء مسؤولیات اداریه هامه و حساسه؟ أنه سؤال منطقی خاصه و ان مؤهلات جیده تتمتع بها النساء. طبعاً نحن لانتعصب للمرأه و نصرّ على تولیها مناصب رفیعه فی جمیع الإحوال، و ما نقصده الوظائف التی لاینهى عنها الاسلام، لأنه ثمه وظائف لایسمح الاسلام للمرأه بتسلمها.. و ما ندعو الیه هو عندما یراد اختیار الافراد الاصلح لتولی الوظائف و المسؤولیات، أن تتم متابعه الموضوع فی اوساط النساء و الرجال على حد سواء و من ثم اختیار الأصلح دون أدنى تعصب.. طبعاً مثل هذا الأمر عباره عن عرف و ثقافه، و لیس فرضاً حتى یصدر تعمیم بشأنه. أنه جزء من ثقافه المجتمع و توجهاته، ینبغی التأکید علیه و تکراره و لفت الانظار الیه و الاستدلال علیه حتى یجد مکانه فی المجتمع.
و باعتقادی أن المطلوب من المرأه الیوم ـ التی تنشط بأشکال مختلفه و تسعى لتحقیق اهدافها ـ هو العمل على إزاله التصور الخاطئ الذی رسخته الثقافه الغربیه و الاوروبیه خلال العقود الاخیره فی ذهن المرأه الایرانیه. طبعاً مثل هذا التصور کان موجوداً فی الماضی ایضاً، و الذی یتمثل فی بعض الاشکال الخاطئه للاستهلاک و التجملات الظاهریه و التی کانت موجوده فی الماضی ایضاً. و أن الاهتمام بالموضه و تنوع الاستهلاک قد اشتد بشکل عجیب مع شیوع الثقافه الاوروبیه. و کما هو واضح أن مثل هذا الأمر کان مخططاً له و مدروس بعنایه…ان المسؤولین عن السیاسات الغربیه، الذین هم فی الاعم الاغلب من الصهاینه المستعمرین، فعلوا ذلک عن قصد و بنوایا مبیته..لذا ینبغی العمل على إزاله هذه التصورات الخاطئه. و لایتحقق ذلک إلاّ من خلال الابحاث و الممارسات الإسلامیه. فاذا ما تحقق ذلک سوف یتم اجتثاث جذور هذه المعضلات ـ التبرج و إشاعه الفسق و الفجور و امثال ذلک ـ بصوره تلقائیه، لأنها فی الغالب ولیده تصورات و ثقافات خاطئه ینبغی تکریس الجهود لإصلاحها.
صیانه الحجاب و مراعاه الفواصل مع الرجال
ما الذی یعادونه هؤلاء اکثر من ای شیء اخر لدى المرأه المسلمه؟ أنه حجابها.. ان هؤلاء، یعادون التشادور ـ العباءه الایرانیه ـ و حجابکن السلیم الرصین اکثر من أی شیء آخر. لماذا؟ لأن ثقافتهم ترفض الحجاب، هذا هو حال الاوروبیین. أنهم یقولون: ان ما نؤمن به یجب أن یعمم على العالم أجمع! یریدون أن یفرضوا جاهلیتهم على معرفه العالم.. أن هؤلاء المتغربین یتطلعون الى تعمیم صوره المرأه وفقاً للنمط الاوروبی فی المجتمع و التی هی عباره عن انماط الموضه و شره الاستهلاک و المکیاج و التبرج أمام انظار العامه و جعل القضایا الجنسیه إلعوبه بین الجنسین، أنهم یتطلعون لترویج کل ذلک عن طریق النساء. و اذا ما عارض احد التوجهات الغربیه ارتفعت عقیرتهم و تعالى صراخهم!. ان قدره هؤلاء على التحمل قلیله ایضاً. ان ادعیاء التغرب هؤلاء لایطیقون أدنى معارضه للمبادئ التی یؤمنون بها.
و من الواضح ان الثقافه الغربیه استطاعت أن تترک تأثیرها على مختلف انحاء العالم، اللهم إلاّ المناطق الإسلامیه الحقیقیه.. فاذا ما نظرتم الى العالم الفقیر فی افریقیا و امیرکا اللاتینیه و شرق آسیا و أماکن اخرى، سترون بأنهم استطاعوا فی کل هذه الاماکن أن یروجوا لنماذجهم و انماط ثقافتهم، من قبیل السفور و التبرج و الاستهلاک و جعل المرأه ألعوبه.
ان المکان الوحید الذی لم تصبه سهامهم هو المجتمعات الإسلامیه و فی طلیعتها مجتمع الجمهوریه الإسلامیه العظیم، لذا یشنٌون عداءً شرساً ضده.
صیانه الحجاب خارج محیط المنزل و الأسره
أنتن الیوم أیتها النساء تعتبرن الحصن الحافظ للقیم الإسلامیه ازاء هجوم جاهلیه العالم الغربی.. أنتن اللواتی تحاولن صیانه هذا السد المستحکم للثقافه الإسلامیه، و لهذا ینبغی للمرأه أن تحصل على التربیه الإسلامیه فی العلم و الثقافه و السیاسیه و فی کل شیء، و النزول الى المیادین الاجتماعیه و الاقتصادیه و السیاسیه و أن تکون فی الطلیعه، و لکن علیها أن تحذر المکائد الاخلاقیه و الجنسیه و أن لا تکون ألعوبه بید هذا و ذلک..هذا هو ما نطمح الیه.
فالدین الاسلامی ینص على وجود حاجز و حجاب بین المرأه و الرجل. غیر أن ذلک لایعنی أن یکون عالم النساء معزول عن عالم الرجال. کلا.. النساء و الرجال یتواجدون معاً فی المجتمع و فی محیط العمل و یعملون بشکل مشترک.. یعملون معاً على ایجاد حلول للمعضلات الاجتماعیه.. یعملون على اداره الحرب بصوره مشترکه و قد فعلوا ذلک. کما أنهم یتولون معاً اداره شؤون الأسره و تربیه الابناء. و فی کل ذلک لابد من التحلی بالحجاب و صیانته داخل الأسره و خارج المنزل.
و یعتبر ذلک أساسیاً فی تجسید القدوه و النموذج الاسلامی. و اذا لم تتم مراعاه ذلک، سوف ینتشر الابتذال و التحلل الاخلاقی الذی یعانی الغرب منه الیوم، و حینها تتخلف المرأه عن الاضطلاع بدورها الطلیعی فی تجسید المبادئ و القیم التی نراها الیوم فی ایران الإسلامیه.
حجاب المرأه و هجوم الإعلام الغربی
من وجهه نظرنا، أن البحوث التی تنجز فی مجال حجاب المرأه تعتبر بحوث جیده. و لکن یجب أن لایغیب عن أذهاننا بأن أی بحث بشأن حجاب المرأه یجب أن لایتأثر بالهجوم الاعلامی الغربی، لأن مثل هذا التأثر سوف یفسد البحث. على سبیل المثال أن نأتی و نفکٌر مع أنفسنا بأن یکون لدینا حجاب و لکن بمعزل عن التشادور ـ العباءه الایرانیه ـ ان مثل هذا التفکیر تفکیر خاطئ..أنا لاأرید أن اقول أن التشادور هو الحجاب الوحید. کلا بل أعنی أن التشادور یعتبر أفضل انواع الحجاب. و هو تجسید لماضینا و تاریخنا، و لایوجد إی إشکال فی ذلک. فضلاً عن أنه لایتنافى مع نشاط المرأه. فاذا کانت المرأه تهدف حقاً الى ممارسه النشاط الاجتماعی و السیاسی و الفکری، فمن الممکن أن یمثل التشادور اللباس الرسمی للمرأه، لأن التشادور ـ و کما ذکرت ـ یعتبر أفضل انواع الحجاب. طبعاً ممکن أن تکون المرأه محجبه و لاترتدی التشادور…ان البعض یهربن من التشادور کی یتلافین هجوم الاعلام الغربی. و لکن عندما یهربن من التشادور لایلجأن الى الحجاب الحقیقی، لأن هذا ایضاً یکون موضع هجوم الغرب!.
هل تتصورن اذا ما تخلیتنّ عن التشادور، و استخدمتن ـ فرضاً المقنعه و اللباس الفلانی (و لیضربن بخمارهن على جیوبهن) (سوره النور، أیه ۳۱)، و هذا الذی یشیر الیه القرآن الکریم؛ سیترکونکن و شأنکن؟ کلا. هؤلاء لایقتنعوا بذلک، بل یتطلعون الى تطبیق ثقافتهم المنحوسه کما هی و تجسیدها عملیاً فی بلادنا، مثلما کان سائداً فی عهد الشاه. ففی تلک الفتره لم تکن المرأه ترتدی الحجاب أساساً، و أن تقلیدها لأنماط حیاه المرأه الغربیه کان فی ذروته. و مما یذکر فی هذا الصدد أن الفسق و الفجور الذی کان سائداً فی مدینه طهران و مدن البلاد الأخرى فی عهد الشاه، کان یفوق ما موجود فی المدن الاوروبیه!. المرأه الاوروبیه لدیها توجهاتها و نمط حیاتها و لباسها الخاص بها. غیر أن الأمر هنا یختلف تماماً. ان ما کنا نراه و نسمع به و نطلع علیه و المناظر التی کانت تتجلى أمامنا یومئذ، کان یبعث على الحیره و الدهشه حقاً. و کنا نتساءل لماذا یجب أن یکون کل ذلک؟ و مما یؤسف له أن الشیء نفسه کان موجوداً لدى الدول الأخرى الإسلامیه و غیر الإسلامیه، و علیه لابد من مراعاه المسائل المبدئیه و القیمیه بمزید من الدقه و فی غایه الحرص و من دون تجاهل أو تسامح.
الابتعاد عن التبرج و مواکبه الموضه
فی تصوری أن الاهتمام بالموضه و التجملات و البحث عن الجدید و الافراط فی استخدام المکیاج و التبرج امام الرجال، یعتبر أحد أبرز عوامل انحراف المجتمع و انحراف نسائنا. و بالتالی ینبغی للنساء مقاومه ذلک و رفضه.
ان هؤلاء الذین یریدون أن یجعلوا من المرأه موجوداً على هواهم، هم دائماً بحاجه الى إشاعه الموضه و إلهاء الأذهان و القلوب و العیون بهذه الامور الظاهریه و القصیره النظر.
فالذی ینشغل بهذه الامور، متى یتسنى له بلوغ القیم الحقیقیه؟ لایتوافر لدیه الوقت لذلک.. ان المرأه المنشغله بالتفکیر لأن تصنع من نفسها وسیله لجلب أنظار الرجال، متى تتوافر لدیها الفرصه للتفکیر بالطهاره الاخلاقیه و التأمل فی أبعادها؟ و هل ذلک ممکناً؟ هؤلاء یتطلعون الى کل ذلک. هؤلاء لایروق لهم أن یکون لدى نساء مجتمعات العالم الثالث فکراً واضحاً و طموحاً..لایروق لهم أن تطمح هذه النسوه الى تحقیق اهداف کبرى، و أن تمضی مع ازواجها و ابنائها جنباً الى جنب. الفتیات الشابات فی مجتمعنا یجب أن یحذرن کثیراً و أن یحاولن اکتشاف المکائد الخفیه و الخطیره للثقافه و الفکر الغربی، و اجتنابها و الابتعاد عنها.
صلاح النساء فی المجتمع یتبعه صلاح الرجال
ان الطریق الذی اختارته الأمه الإسلامیه الیوم، لاسیما الشعب الایرانی الشجاع و النبیل ـ طریق تحقیق الاهداف الإسلامیه ـ هو طریق إنقاذ الناس، طریق القضاء على الظلم، طریق تحطیم اصنام الثروه و القوه و السلطه فی العالم.. فلابد من التعرف على معالم هذا الطریق جیداً و العمل على حراسته و صیانته، و هو بحاجه الى اراده قویه و قلب راسخ و طاقات عالیه. و مثل هذا لایتسنى إلاّ من خلال التربیه الربانیه و الإسلامیه لرجالنا و نسائنا على حد سواء. ان صلاح النساء فی المجتمع یتبعه صلاح الرجال ایضاً. ان دور النساء فی هذا الشأن یعتبر أحد أبرز العوامل و ربما العامل الرئیسی.
ـــــــــــــــــــــــ
[۱] ـ من کلمه لسماحه الامام الخامنئی فی جمع من النسوه بمناسبه عشره الفجر، ۱۳/۱۱/۱۳۷۷٫
[۲] ـ من کلمه لسماحه الامام الخامنئی وجهها للشعب الایرانی النبیل بمناسبه اربعینیه رحیل الامام الخمینی (قدس سره)، ۲۳/۴/۱۳۶۸٫
[۳] ـ من کلمه لسماحه الامام الخامنئی فی جمع من عوائل الشهداء والأسرى والمعاقین من اهالی محافظه فارس وهمدان، ۲۲/۹/۱۳۶۸٫
[۴] ـ من کلمه لسماحه الامام الخامنئی فی اعضاء المجلس الثقافی ـ الاجتماعی المعنی بشؤون المرأه ،وجمع من النسوه العاملات فی المجالات الطبیه بمناسبه ذکرى ولاده الصدیقه فاطمه الزهراء
ماذا علينا أن نتوقّع بعد خطاب ترامب أمام الكونغرس؟
لقد تتبعنا لحظة بلحظة أقوال ترامب وحركاته أمام الكونغرس، على مدى الخطاب. كان يتصرف ويتكلم بطريقة الآمر الناهي، وليس الرئيس الذي يعرض خططاً لممثلي الشعب الأميركي ليبحثوها كي يعدلوها أو يرفضوها. جاء ترامب إلى الكونغرس ليبلغه قرارات أصحاب القرار ويطالبهم بتنفيذها، «أطلب منكم أن تقروا موازنة إعادة بناء البنية التحتية الأميركية وتجديدها، أطلب منكم الموافقة على تحديث الترسانة النووية، أطلب منكم الموافقة على ميزانية الجيش التي تفوق كل الميزانيات»، أبلغكم أنني قررت: اعادة فتح غوانتنامو، وأنني قررت البقاء عسكرياً في سوريا والعراق، وأنني سأشن حرباً على طالبان، وأنني سأنفذ خططاً داخل إيران لزعزعة الجمهورية الإسلامية، وأنني اعترفت بالقدس عاصمة لإسرائيل، ولن ندفع قرشاً من المساعدات لمن لا يوافق على مواقفنا ويتفق معها، أبلغكم أنني أعتبر روسيا والصين أعداء لأنهم يهددون مصالحنا الاقتصادية، أبلغكم أنني سأشن حرباً على أوروبا لنسف الاتفاقيات التجارية السابقة، ولوضع اتفاقيات جديدة تكون عادلة وتخدم مصالح الولايات المتحدة.
ادعى أنه زاد فرص العمل، وأن البطالة انخفضت، وأنه انتصر على داعش في سوريا والعراق، وأنه اعتقل مئات من داعش؛ من بينهم أبو بكر البغدادي، ثم أطلق سراحهم، وعاد ليلاحقهم كاشفاً بذلك أسلوب المافيا في خلق ظروف تناسب امتلاك أراضي الغير، وابتزاز الدول، وفرض شروطه عليها. كثيرون يظنون بأن خطة مارشال بعد الحرب العالمية كانت لمساعدة الدول الأوروبية الحليفة، ولم يروا الحقائق التي تدلّ على أن خطة مارشال كانت لإعادة تجديد الولايات المتحدة ومؤسساتها وصناعاتها. وخطة سادة ترامب الآن حتى استخدام القوة العسكرية الأميركية لابتزاز الدول «حلفاء وأعداء»، لإعادة بناء الولايات المتحدة التي بدأ الهرم يأكلها. وكي يقوم بذلك، حدد ترامب أن الشرط المسبق هو زيادة القوة العسكرية، وتجديد القدرات النووية الأميركية وتطويرها، مبالغاً في خلق صورة كوريا الشمالية الجاهزة لاستهداف أراضي الولايات المتحدة! ويلي ذلك شن الحروب العسكرية والسياسية لجني الأموال اللازمة لتجديد الولايات المتحدة «البنية التحتية ــ إغلاق الحدود ــ المدارس والتعليم المهني»، والتي ستخلق الملايين من فرص العمل.
وحدد ترامب ثلاث حروب:
حرب الشرق الأوسط ضد إيران والشعوب وحركاتها، بالتعاون مع إسرائيل والرجعيات العربية التي أصبح يُصدِر لها الأوامر علناً وعبر فرض خطته لإعادة رسم الشرق الأوسط دولاً وحدوداً «بالطبع لم يفصح عن الخطط لتقسيم الجزيرة العربية وإعادة رسم دول الخليج وتمدد إسرائيل وسيطرتها (بالنيابة عن أميركا) على الشرق الأوسط».
الحرب على أوروبا عبر دفعها إلى الاشتباك مع إيران لمنعها من إبرام صفقات تجارية معها لأنه يريد السيطرة على ثروات إيران، كما يريد السيطرة على ثروات العراق وسوريا، بغض النظر عن الطرق والوسائل والأدوات، فهو لاأخلاقي عندما ينفذ البرامج الاستعمارية وسيستعمل حسب ما أشار العرق والدين والإرهاب لتحقيق ذلك.
والحرب على أوروبا ستكون مباشرة أيضاً بالإصرار على نقض كل الاتفاقيات التجارية السابقة وإعادة صياغتها لتضمن ربحاً للولايات المتحدة يفوق ما تجنيه الآن. ويخوض ترامب هذه المعركة بالشراكة مع إسرائيل وروتشيلد الذي يملك مفاتيح ترامب.
الحرب الثالثة: هي حربه على محور روسيا ــ الصين، وسوف يخلق لروسيا والصين مصاعب ومتاعب وعمليات إنهاك عبر التحرك العسكري الذي يلامس الخطوط الحمر في أوكرانيا ودول أوروبا الشرقية وبحر الصين وإجراءات وقرارات لفرض ضرائب وجمارك عالية على صادرات هذه الدول وحلفائها للولايات المتحدة، وسيستخدم أوكرانيا لابتزاز أوروبا للالتزام بما يقرره من مقاطعة وحصار لروسيا والصين.
الحرب الرابعة: الأمم المتحدة، فمن الواضح أن لدى ترامب وأسياده خططاً لتحطيم الأمم المتحدة ومؤسساتها القائمة ليسود جو أشبه بجو الغاب في العالم، يطرح بعده مشروع الأمم المتحدة الجديد الذي يسعى إلى إعطاء الولايات المتحدة موقعاً منفرداً متميزاً عن باقي الدول حتى دول مجلس الأمن، وسيحاول إلغاء الفيتو في مجلس الأمن وإعطاء هذا الحق للولايات المتحدة فقط. لقد جمع ترامب كل الدروس من التجارب العنصرية والفاشية في العالم، وجعل منها كساء لخططه للهيمنة والتفرد في العالم.
خطة مارشال كانت لإعادة تجديد الولايات المتحدة وصناعتها وأسلحتها كي تفرض على أوروبا التخلي عن مستعمراتها السابقة وتجيرها للولايات المتحدة التي استعمرتها بأسلوب جديد ــ اقتصادي، لا عسكري، والآن يريد من أوروبا أن تصبح مستعمرات للولايات المتحدة، وأن تنضم إلى حروبه ضد الشعوب والصين وروسيا وإيران والإسلام والعرب لتهيمن إسرائيل والولايات المتحدة على العالم.
لا يوجد أبلغ من الرسالة التي تضمنها كلام بنيامين نتنياهو الموجه مباشرة ووجهاً لوجه للرئيس ترامب في منتدى دافوس. لقد قال له نتنياهو: «إذا انسحبت الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، فإنني أعدك بأن تدعمك إسرائيل». هذه هي المعادلة الجديدة.
ويخطئ من يظن بأن هذه المعادلة ستكون سهلة التحقيق، لكن الأمر يتطلب عدم انتظار وقوع المصائب، بل عليه أن يستبق ذلك إمّا لمنعها أو للتقليل من أضرارها، وأضرب مثلاً اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل. هذا كان واضحاً ومقروءاً، لكن القائمين على الأمور انتظروا وقوع المصيبة فأصبح رد فعلهم يواجه بكلام ترامب، هذا أمر سيادي، انتهى موضوع القدس، ووجه كلامه لأوروبا بالقول: «لا تبحثوا موضوع القدس، لقد انتهى الأمر». لننطلق من هذا. يجب ألا تسمح قوى المقاومة، مهما كانت الموازين تميل لمصلحة الولايات المتحدة، بأن يصبح ما يخطط له ترامب أمراً واقعاً. نسمع من العراق كلاماً حول «الاحتلال الأميركي»، لكننا لانرى عملاً، نسمع أميركا تعلن أن وادي الفرات ممنوع على الروس والسوريين، وأنها تنشئ جيشاً سورياً في الشمال الشرقي لسوريا، وأنها تدعم سوريا الديموقراطية لتستخدمها حطب معركة للبقاء في سوريا، ونسمع إعلان تيلرسون أن الجيش الأميركي سيعزز مواقعه ويبقى في سوريا، ونسمع ونرى الغزو التركي وعودة أسطوانة جيش سوريا الحر «حطب معارك تركيا»، ونرى ونرى... لكننا نرى أيضاً أن استراتيجية المواجهة لم ترسم تكتيكات التصدي لعمليات التهيئة العدوانية لإحباطها.
لن يتحمل ترامب هزيمة واضحة تحمل للولايات المتحدة صناديق خشبية للشباب الأميركي الذي يرسله ترامب ليُقتل، ليس دفاعاً عن الولايات المتحدة بل لقتل أبناء الشعوب التوّاقة إلى الحرية. كما لن تتحمل إسرائيل عمليات تعدٍّ مدروسة ولا تشعل حروباً. فكما أن نتنياهو يقوم بضرب أهداف في سوريا تطال المؤسسات والصناعات وإيران وحزب الله والجيش العربي السوري، فإنّ بإمكان تنظيمات سرية جديدة توجيه ضربات لنتنياهو في الوطن المحتل بوسائل جديدة ومتقدمة.
ترامب بدأ بشن الحروب ولا ينتظر إذناً من أحد، وعلينا أن نقاومه من دون أن ننتظر إذناً من أحد. لا يَصدّ العنف العدواني الغاشم إلا العنف الثوري المنظم.
بسام أبو شريف
الرئيس روحاني: الدفاع المقدس كان حربا بوجه العالم بأسره
اعتبر رئيس الجمهورية الاسلامية الايرانية "حسن روحاني" ، اليوم الأحد ، ان الدفاع المقدس عام (1980-1988) لم يكن حرب أمة بوجه نظام محتل بل بوجه العالم بأسره لافتا الى ضرورة " أن نكون أقوياء وأن نواصل تعزيز قدراتنا الدفاعية ما دامت التهديدات مستمرة ضدنا
برعاية رئيس الجمهورية حسن روحاني جرت صباح اليوم الاحد مراسم افتتاح 10 مراكز ثقافية ومتاحف للدفاع المقدس (1980-1988) عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة، في 10 محافظات بالبلاد.
واكد رئيس الجمهورية على ان الدّفاع عن الشرف الوطني واستقلال البلاد هي مسؤولية تثقل كاهل الجميع، مشددا على ان "الصّمود في مواجهة العدوان لا يقتصر على فترة حرب الدّفاع المقدس، وانما هو امر مستدام".
واشار إلى أن بعض الدّول الإقليمية والغربية اعترفت بدعمها لعدوان صدّام على إيران؛ منوها الى ان فترة حرب الدّفاع المقدّس حملت إلينا الكثير من الدروس بحيث أصبحت عوائل الشهداء والمضحّين هم قدوتنا في هذه الحياة.
وتحدث روحاني عن التهديدات الأمريكية ضد إيران، معتبرا أمريكا تتحدث عن السلام بكل وقاحة في الوقت الذي تهدد باستخدام الأسلحة النووية متابعا " يجب أن نزيد من قدراتنا الدفاعية طالما هناك تهديد يواجهنا".
وشدد روحاني على أن جميع مكونات الشعب الايراني بما فيها الأحزاب والمؤسسات السياسية والثقافية في البلاد ينبغي عليها أن تكون متماسكة حول قدرات إيران الدّفاعية، مضيفا : استنادا الى فتوى قائد الثورة الاسلامية ، والأعراف والقوانين الدولية فإن الجمهورية الاسلامية الايرانية لا ترغب في الحصول على أسلحة الدمار الشّامل.
ولفت رئيس الجمهورية إلى أن البلاد اليوم بحاجة إلى ابطال حقيقيين بما ينسجم والمعاني التي تبثّها متاحف الدفاع المقدس، وقال : يجب رفع مستوى القدرات الوطنية؛ والقدرات الدّفاعية تشكل جزء من هذه المكونات.
وأكد الرئيس الايراني حسن روحاني، اننا سنصنع أي سلاح للدفاع عن بلادنا في إطار القوانين وفتوى قائد الثورة، ولا نسعى للسلاح النووي، ولفت الى انه علينا أن نكون أقوياء وأن نواصل تعزيز قدراتنا الدفاعية ما دامت التهديدات مستمرة ضدنا، مشيرا الى ان على ايران تعزيز قدراتها الوطنية وليس الدفاعية فقط من أجل الردع الذي هو السلام، وان القدرات السياسية والإقتصادية والثقافية والدفاعية لا يمكنها أن تدافع عن البلاد اذا لم تكن معاً.
ولفت روحاني الى ان إيران ليست بحاجة لإجراء مباحثات حول تعزيز قدراتها، في حين تهدد الولايات المتحدة اليوم روسيا بسلاح نووي جديد على رغم إعلانها أن الأسلحة النووية مناقضة للقوانين الدولية، معتبرا انه يجب أن نكون أقوياء إلى الحد الذي نسلب فيه الجرأة من العدو.
70عاما على الإحتلال.. فمن هم أصدقاء فلسطين
مع دخولنا العام الجديد، 2018 يعني أن 70 عاما إنقضت على إحتلال فلسطين، وتتوج الجنايات المتوالية على هذا الوطن السليب، وضد الشعب الفلسطيني بإرادة المستكبر الأمريكي، وأصحاب شركات النفط الكبرى وشركات السلاح.
وكالة مهر للأنباء-محمد ابوسنين: بخصوص مأساة الفلسطينيين اليوم يعتقد البعض أن مفاتيح الحل في اليد الأمريكية، مع أن قرار ترامب الأخير وسلسلة السلوك الأمريكي حول القضية تكشف بوضوح عن تصهين أمريكا، التي باتت تطرح صراحة حلولا من قبيل وطن بديل في الأردن وسيناء، لكن ما يلاحظه المراقب لحركة نضال ومقاومة الشعب الفلسطيني وهو من سوء حظ بني صهيون أنهم في مواجهة شعب رأسه خليلي عنيد، مصرا على حقوقه رغم المعاناة، وآن بالفعل لقيادات الفصائل المقاومة أن تراهن على عزيمة شبابه وفتياته العاشقين للشهادة.
صحيح أن أغلب أهل فلسطين هم خارج حدودها؛ لكن نتاج الأجداد الذين صمدوا ولم يخضعوا لإرهاب العصابات الصهيونية أن عدد الفلسطينيين على أرض فلسطين التاريخية عاد ليصبح أكبر من عدد الإسرائيليين الذين سعوا طيلة السنوات الماضية لتحويل القضية إلى مشاكل بين الفلسطينيين ومحيطهم العربي، أو إلى معارك داخلية بين كيانات فلسطينية مجزأة، وتغذية كل حالة إنقسام فلسطيني.
والعقدة اليوم بعد كل هذه التجارب تكمن في تشخيص الفلسطينيين أولا، وأهل المقاومة، وكل من هو واقع تحت سطوة الظلم الأمريكي والإسرائيلي للصديق من العدو، فلا يعقل مثلا للمسحوقين بحراب الإسرائيلي أن يكون حلفائهم دول أو مشيخات أو جمهوريات موز، تتواجد على أراضيها أكبر القواعد العسكرية والإستخبارية للداعم الأمريكي الأول للصهاينة، كما هو الحال على سبيل المثال في تركيا وقطر والسعودية وغيرها من أنظمة التبعية، وليس من المنطق أصالة أن تقوم دول على هذه الشاكلة بدعم أي دولة أو جهة مقاومة وممانعة للمشاريع الأمريكية والإسرائيلية.
إنتصارات محور المقاومة مؤخرا ضد أدوات الإستكبار، من تكفيريين ومتطرفين دفعت بالأمريكيين والأنظمة التابعة لهم في المنطقة إلى محاولة تصفية القضية، وشرعنة الإحتلال والسعي لإستحصال حالة موافقة فلسطينية تجعل كيان الإحتلال جزءاً طبيعيا في المنطقة في محاولة للرد على محور المقاومة الذي يرى أن إسرائيل ليست إلا كيانا مسخا، وغدة سرطانية يجب إستئصالها، وآل سعود على وجه التحديد يمنحون الصهاينة الأمل ببقاء دولتهم التي بنيت على جماجم شعوب المنطقة، من خلال الإنفتاح المريب في العلاقات معهم، وفتح خزائن ثروات الجزيرة العربية للأمريكيين.
وكفلسطيني أتساءل حرقة على بلدي، أي المحورين ستكون له الغلبة؟ لكن السؤال الأهم: أين سيكون الإصطفاف الفلسطيني سيما في المرحلة القريبة المقبلة؟ سعيا لإستعادة الوطن، وإسترجاع الحقوق، وتطهير المقدسات.
أرباش لمفتي السعودية: علينا أن نكون يقظين لمحاولات زرع الفتنة بيننا
التقى رئيس الشؤون الدينية التركية، علي أرباش، الأحد، مفتي عام السعودية الشيخ عبد العزيز آل الشيخ، ضمن الزيارة التي يقوم بها للسعودية، وتستمر 3 أيام.
وخلال اللقاء الذي جرى في مقر المفتي العام للمملكة بالرياض، أكد أرباش أن شعبي تركيا والسعودية يعملان على خدمة الإسلام والمسلمين، ودعا إلى اليقظة لمحاولات زرع الفتنة بين البلدين.
وأضاف: "من الضروري أن يتشاور علماء الدين في البلدين، وأن يتعاونوا معا خاصة فيما يخص التعليم الديني".
وأشار أرباش إلى أن الشعب التركي يطلق على الجهة الآسيوية من مضيق البوسفور في إسطنبول "حرم"؛ لأنها تقع في جهة الأراضي المقدسة في إشارة إلى مكانة السعودية في نفوس الأتراك.
وأضاف: "نحن إخوة في الإسلام، وفي هذا الإطار من الضروري أن نكثف مثل هذه الزيارات".
وتابع: "العالم الإسلامي يعاني من الكثير من المشاكل، وعلينا أن ننشر الفهم الصحيح للإسلام من أجل حلها".
وقال رئيس الشؤون الدينية التركية: "في الماضي زرعوا الفتنة بيننا عبر العنصرية، والآن يحاولون زرع الفتنة من خلال المذهبية"، مضيفا: "لذلك علينا أن نكون يقظين".
ولفت أرباش إلى حب المواطنين الأتراك الكبير للأراضي المقدسة، قائلا إن "مليونين و120 ألف تركي قدموا لإدارة الشؤون الدينية لأداء فريضة الحج العام الجاري، وسيتم اختيار 80 ألف منهم فقط بالقرعة للذهاب إلى الحج، كما أن أكثر من 500 ألف تركي يذهبون لأداء العمرة سنويا".
وأعرب أرباش عن أمله في أن تزيد حصة تركيا من الحجيج بـ10 آلاف حاج أو 20 ألفا بعد الانتهاء من أعمال توسعة الحرم المكي.
بدوره، أعرب مفتي عام السعودية عبد العزيز آل الشيخ عن ترحيبه الشديد بزيارة الوفد التركي، قائلا إن العلاقات بين البلدين تزداد توطدا يوما بعد يوم، ويظهر ذلك في زيادة عدد المواطنيين السعوديين الذين يذهبون إلى تركيا.
وشدد آل الشيخ على ضرورة أن يوحد المسلمون صفوفهم ليتمكنوا من مواجهة الهجمات الإرهابية التي تستهدف بلدانهم.
ووصل رئيس الشؤون الدينية التركية، مساء السبت، العاصمة السعودية الرياض، في إطار زيارة رسمية تستغرق 3 أيام، واستقبله والوفد المرافق له بمطار الملك خالد الدولي وزير الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد السعودي، الشيخ صالح بن عبدالعزيز بن محمد آل الشيخ، والسفير التركي لدى السعودية، أردوغان كوك.
العراق يصدر قائمة جديدة بـ60 مطلوباً بينهم رغد صدام
اصدرت السلطات العراقية اليوم الاحد قائمة جديدة بـ60 مطلوباً لانتمائهم إلى تنظيمات داعش والقاعدة وحزب البعث.
وفي قائمة الأسماء التي اوردتها وكالة فرانس برس، يظهر خصوصا اسم ابنة رئيس النظام السابق، رغد صدام، التي تعيش حاليا في الأردن.
ومن بين الأسماء الأخرى، 28 من كوادر تنظيم داعش، و12 من قادة تنظيم القاعدة، و20 من قادة حزب البعث المنحل، إضافة إلى مناصبهم داخل التنظيمات، وبعضهم نشرت صورته.
وجميع تلك الأسماء تعود لعراقيين، ما عدا لبناني واحد هو الأمين العام السابق للمؤتمر القومي العربي معن بشور، المتهم بتجنيد مقاتلين "للمشاركة في الأنشطة الإرهابية" في العراق.
ولم يدرج في اللائحة اسم زعيم داعش أبو بكر البغدادي المتواري عن الأنظار. ورفض مسؤول أمني رفيع إعطاء الأسباب، إلا أنه أوضح أن القوائم تضم "أهم المطلوبين للقضاء العراقي وقررت الجهات الرسمية العراقية نشرها".
وفي العام 2014، تمكن تنظيم داعش من السيطرة على مساحة شاسعة في العراق ضمت محافظات نينوى والأنبار وأجزاء من كركوك وصلاح الدين وديالى، لكن القوات العراقية تمكنت من دحره بعد ثلاث سنوات من المعارك.
ومن الأسماء المدرجة في القائمة، "أمراء" ومسؤولو قواطع وممولون وداعمون ومنفذو اغتيالات ونصب عبوات ناسفة، ما زالوا فارين رغم انتهاء العمليات العسكرية في البلاد.
ومن بين هؤلاء فارس محمد يونس المولى، المشار إليه على أنه "والي أعالي الفرات" ومسؤول الهيئة العسكرية لقاطع ناحية زمار وسد الموصل، إضافة إلى صلاح عبد الرحمن العبوش "المجهز العام لولاية كركوك والمسؤول العسكري لولاية الزاب".
ومنهم أيضا صدام حسين حمود الجبوري وهو "أمير" ولاية جنوب الموصل والشرقاط، وكذلك محمود إبراهيم المشهداني وهو ضابط سابق في نظام صدام المقبور.
كما تضم اللائحة فواز محمد المطلك وثلاثة من أولاده، وهو ضابط سابق في فرقة "فدائيو صدام" وهي منظمة شبه عسكرية تشكلت في تسعينات القرن الماضي، وشغل منصب عضو في المجلس العسكري لتنظيم داعش.
ومن بين أبرز قياديي تنظيم القاعدة، برز اسم الزعيم العسكري في كركوك أحمد خليل حسن، وعبد الناصر الجنابي، المفتي والممول للتنظيم الارهابي في منطقة جرف الصخر جنوب بغداد، والتي كان يطلق عليها سابقا اسم "مثلث الموت".
أما بالنسبة إلى مجموعة النظام السابق، فجاء على رأس القائمة اسم محمود يوسف الأحمد، أحد قادة الحزب الذي حل في العام 2003.
وهذه المرة الأولى التي ترفع فيها السلطات العراقية السرية عن أسماء المطلوبين بتهمة "الإرهاب".
وأكد المسؤول الأمني نفسه لفرانس برس أن "السلطات ستقوم بالكشف عن أسماء المطلوبين على شكل قوائم".
وفي نفس السياق نقلت السومرية نيوز عن مصدر امني أن "الحكومة العراقية ستعمل على القبض على هؤلاء بالتنسيق مع الشرطة الدولية الانتربول"، دون الإدلاء بمزيد من التفاصيل.
يذكر أن العراق يعمل بالتنسيق مع الشرطة الدولية "الانتربول" للقبض على عدة شخصيات مطلوبة بتهم تتعلق بالإرهاب أو الفساد أو السرقة.