
Super User
"الوفاق الليبية" تستنكر تصريحات رئيس وزراء التشيك حول إرسال قوات عسكرية لليبيا
رئيس الوزراء أندريه بابيس، أعلن نيته إرسال عناصر من الجيش لليبيا في إطار جهود بلاده لوقف تدفق المهاجرين، بحسب ما نقلته دورية بريطانية، أمس
أعلنت حكومة الوفاق الليبية رفضها لما نقلته وسائل إعلام غربية من تصريحات عن رئيس الوزراء التشيكي حول نية بلادة إرسال قوات عسكرية لليبيا للحد من ظاهرة الهجرة الغير شرعية لأوروبا.
جاء الرد الليبي علي لسان وزارة الخارجية والتعاون الدولي بحكومة الوفاق، في بيان صدر عنها مساء اليوم السبت،
وبحسب ما نقلته دورية "جينز" البريطانية المتخصصة في شؤون الدفاع، أمس فإن رئيس الوزراء التشيكي أندريه بابيس أعلن نيته إرسال عناصر من الجيش لليبيا في إطار جهود بلاده لوقف تدفق المهاجرين من منطقتي الصحراء الإفريقية، والشرق الأوسط عبر ليبيا لدول أوروبا الجنوبية.
وفي رد اليوم، قالت الخارجية الليبية إنها تابعت "بإستغراب ما أوردته بعض الصحف حول ما صرح به رئيس الحكومة التشيكية عن نية بلاده إرسال قوات لحماية الحدود الجنوبية لليبيا في إطار مساعي الحد من الهجرة غير الشرعية ".
وبعد ان استهجنت الخارجية الليبية تلك التصريحات أكدت "سيادة دولة ليبيا واستقلالها ووحدة أراضيها ".
وتابعت في البيان "إذا ما كان هناك تعاون في مجال مكافحة الهجرة غير الشرعية مع المجتمع الدولي والدول الصديقة يقتصر فقط على المساعدة اللوجستية والاستخباراتية وفقاً لما تنص عليه الاتفاقيات الثنائية الموقعة مع تلك الدول والمنظمات".
كما أكدت الخارجية أن تعاون ليبيا في ذلك المجال عبر تلك الاتفاقيات "يجب ألا يتعارض مع المواثيق والمعاهدات الدولية".
ورفضت الوزارة ما أسمته في بيانها بـ"منهج تصدير المشاكل الداخلية لتلك الدول في مواجهة ظاهرة الهجرة، وتخليها عن مسؤلياتها في إيجاد حل جذري لهذه الظاهرة لتضعه على عاتق ليبيا فقط ".
و في ذات الوقت أكدت الخارجية "التزام البلاد التام بالعمل مع كافة الأطراف لحل هذه الظاهرة الدولية كبلد عبور لا يجب أن يترك وحيداً لمواجهة أثارها السلبية ".
كما شددت على أن "الحل الجذري ليس حلا أمنيا فقط بل تنموياً لدول المصدر و كذلك محاربة عصابات الجريمة المنظمة التي تتخذ من تجارة البشر والهجرة مصدراً لتمويلها "
وتعتبر ليبيا البوابة الرئيسية للمهاجرين الأفارقة الساعين للوصول إلى أوروبا بحرًا، وسلك أكثر من 150 ألف شخص هذا الطريق في الأعوام الثلاثة الماضية.
القدس آخر أوراق التوت
القانون الدولى هو المنظم للمجتمع الدولى المتحضر، ولذلك فإن التنديد المستمر بانتهاكه والإصرار على ضرورة احترامه واجبان، لا يمكن التهاون فيهما. أريق حبر كثير فى الأيام العشرة الأخيرة بشأن خروج الرئيس الأمريكى على قرارات كل من الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن وعلى قواعد القانون الدولى باعترافه بمدينة القدس عاصمة لإسرائيل. ومع ذلك فإن لإعلان الرئيس الأمريكى وجها آخر، حريٌّ بنا أن نتناوله. إن هذا الإعلان يكشف عن استهتار مطلق بالمواقف العربية ورغبة فى سقى الهزيمة كاملةً للعرب.
منذ قرار تقسيم فلسطين الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة فى نوفمبر سنة 1947، اختُصَت القدس بوضع خاص، وتكرر ذكر ذلك فى قرارات عدّة صادرة عن الجمعية العامة ومجلس الأمن، بل إن إعلان المبادئ الناتج عن اتفاق أوسلو والموقع فى واشنطن فى نوفمبر سنة 1993 نصّ على القدس بالذات كواحد من الموضوعات الخمسة بشأن التسوية النهائية التى ستتفاوض عليها الحكومة الإسرائيلية ومنظمة التحرير الفلسطينية. المعنى هنا أن للقدس وضعا خاصا بخلاف كل الأراضى الفلسطينية والعربية الأخرى.
***
البعض قد يصرّ على أن الوضع الخاص للقدس يرجع للمقدسات الإسلامية والمسيحية الموجودة فيها. وقد يتمسك هذا البعض بتديين مسألة القدس ووضعها الخاص. ولكن الحقيقة هى أن القدس صارت رمزا لما تبقى من إرادة على رفض الهزيمة. المسألة حتى أكبر من المقدسات الموجودة فى القدس. هل للتردد على المقدسات نفس القيمة لدى من يحتفظ بكرامته، أو بعض منها، ولدى من فقدها كاملةً بهزيمته وباعترافه بهذه الهزيمة؟ تمسك الشعب الفلسطينى بالقدس عاصمة لدولته المرتجاة يرجع إلى أنها قلب تاريخه ووعيه بنفسه. أما تمسك العرب، فهو ولا شك يرجع فى جانب منه لوجود المقدسات فيها، ولكن السؤال يثور: ألن يتمسك العرب ببغداد أو دمشق، أو بيروت، أو القاهرة، أو تونس، أو الرباط، على الرغم من عدم وجود مقدسات فى أى منها؟
لقد حارب الجنود المصريون ببسالة وكفاءة فى أكتوبر سنة 1973 فأزاحوا بشجاعتهم قوات الاحتلال الإسرائيلية عن سيناء وغسلوا جانبا من عار يونيو سنة 1967. المقاومة اللبنانية أخرجت القوات الإسرائيلية من جنوب لبنان فى سنة 2000. على الرغم مما فى ذلك من مرارة، فلا بدّ من الاعتراف بأنه بخلاف هذين المثالين، كانت أوجه النصر قليلةً. اللوم فى ذلك ليس على الشعوب العربية ولكن على أنظمة الحكم فى بلدانها.
بادعاء العمل على تحرير فلسطين، ثم بالسعى إلى تسوية عادلة للقضية الفلسطينية وإلى إنصاف الشعب الفلسطينى، ومن بعد ذلك من أجل التخلص من آثار العدوان الإسرائيلى واحتلال أراضى ثلاث دول عربية، أسكتت أنظمة الحكم العربية شعوبها وزعمت تعبئة كل الجهود وضرورة إخراس كل «نشاز» حتى تحقق أهدافها الجليلة، فماذا كانت النتيجة؟ القبول بالقدس عاصمة لإسرائيل، سواء كان هذا القبول صريحا أو ضمنيا، سيكون إقرارا من أنظمة الحكم بأن النتيجة هى الهزيمة فى مجمل الصراع العربى الإسرائيلى فى المائة سنة الأخيرة، وسيصير موافقةً على أن تكون العلاقة بين اسرائيل والعرب هى علاقة المنتصر بالمهزوم.
هذه النتيجة ستكون محصلةً لمقاربات بائسة للقتال وللتفاوض وقبلهما وبعدهما للحكم ذاته. ليس أبلغ على الفشل فى الحكم ولا أتعس من الفارق الحضارى الهائل بين إسرائيل وبيننا نحن العرب. فى مقاله الأسبوعى فى «الأهرام» منذ عدة أيام أورد الأستاذ فتحى محمود مقارنة لأعداد العلماء، والأبحاث المنشورة، والكتب الصادرة، وبراءات الاختراع المسجلة فى إسرائيل من جانب، وفى جميع الدول العربية مجتمعةً، من جانب آخر. التفاوت مذهل يتعدّى كل ما يمكن تصوره، وهو شكل من أشكال الهزيمة بل لعله السبب الأصلى فى الهزيمة.
***
الدخول فى عملية تفاوض أو حتى بحث فى أى مقترحات تصدر عن الرئيس الأمريكى وفريقه المعاون بشأن ما يشاع على أنه «صفقة القرن»، وكأنما نحن بصدد عملية تجارية فيها بيع وشراء ومراوغة فى السعر، هو قبول ضمنى بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل وإقرار بالهزيمة الكاملة. إن معظم العرب، بما فى ذلك، وربما قبلهم الشعب الفلسطينى، أصبحوا يقبلون بإسرائيل، ولكن القبول بها شيء والرضوخ لها شيء آخر.
قد يقول قائل إن رفض إعلان الرئيس الأمريكى يعنى إنهاء لمحاولات تسوية القضية الفلسطينية والصراع العربى الإسرائيلى تسوية سلمية. هذا القول غير صحيح لسببين. هو غير صحيح أولا: لأنه يستند إلى فرضية فاسدة، ولكنها وللأسف صارت مستبطنة لدينا، ألا وهى أن «تسعة وتسعين فى المائة من أوراق اللعبة فى يد أمريكا»، بمعنى أنه لا تفاوض ولا تسوية إلا عن طريقها وبرضاها. أول ما يقال تعليقا على ذلك هو أن بديهيات التفاوض هى أن تعظِّم من قيمة ما معك من ورق وأن تدخل فى روع خصمك بأنه أقوى مما هو عليه، من جانب، وأن تشكك نفس هذا الخصم فى قيمة الورق الذى يمسك هو به، من جانب آخر. مدهشٌ أن تبدأ التفاوض وأنت معترف بأنه ليس لديك ما تفاوض به وبأنك مجردٌ من كل قوة! خطأ ثان هو أنه لم يكن صحيحا من قبل، وليس صحيحا الآن، أن تسعة وتسعين فى المائة من الأوراق فى يد أمريكا، أولا لأنه من شبه المستحيل أن توزع الأوراق، أى أوراق، بهذا الشكل، ولنا أمثلة فى مواجهات الولايات المتحدة مع فيتنام وكوبا وإيران بل وفى علاقاتها مع حلفائها الأوروبيين أنفسهم. ثم إن أوراقا بقيت فى يد إسرائيل نفسها، أقلها قوتها العسكرية واحتلالها للأرض، وهى، على عكسنا، لم تستهن بأوراقها ولا سلّمت بأن حلّ الصراع فى يد أمريكا وحدها على الرغم من رعاية هذه الأخيرة لها. القول بأن تسعة وتسعين فى المائة من الأوراق فى يد أمريكا خطأ فادح فى التشخيص لأن فيه جهلا بأن الولايات المتحدة لا تستطيع فرض كل شيء على إسرائيل نفسها لأسباب عديدة ليس هذا المقال موضوعها.
السبب الثانى: لعدم صحة القول بأن رفض إعلان الرئيس الأمريكى هو إنهاء لمحاولات تسوية الصراع سلميا هو أن العالم أجمع، وباستثناءات قليلة جدا، يرفض الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل سواء كان ذلك حبا فى العرب وفى الحق، أو تخوفا من تبعاته. أوروبا مثلا، وهى المتاخمة للعالم العربى، لا تريد دفع ثمن الاعتراف، بعد أن شاركت فى تحمل تبعات الصراع فى سوريا. بل إن أوروبا لا بدّ مهتمة وبجدية بتسوية مقبولة للقضية الفلسطينية برمتها بسبب موقعها الجغرافى وتأثرها بما يمكن أن يترتب على الصراع إن استمر بغير حلّ.
***
أين يمكن أن يجرى التفاوض من أجل التسوية؟ فى الأمم المتحدة وفى الإطار الذى رسمته لها قراراتها. أفلن ترضى الولايات المتحدة وإسرائيل بذلك؟ فليكن، ولتتحمل إسرائيل نتائج الاحتلال على الأرض ثم أمام المجتمع الدولى. هل يعنى ذلك استمرار معاناة الشعب الفلسطيني؟ هو يعانى بالفعل وستستديم معاناته إن قبل إعلان الرئيس الأمريكى ومن بعده «الصفقة».
هل يمكن أن تتردد بعض الأنظمة العربية الصديقة له فى إحراج الرئيس الأمريكي؟ الردّ هو بتساؤل آخر: أليس من المنطق أن تكون غريزة البقاء، بقاء الأنظمة، أقوى من الحرص على صداقة الرئيس الأمريكى الحالى؟
على الأنظمة العربية أن ترفض تماما وعلانيةً اعتراف الرئيس الأمريكى بالقدس عاصمة لإسرائيل. إن هذا من شأنه أن يرفع من قيمتها لدى شعوبها ولدى العالم أجمع بما فى ذلك فى الولايات المتحدة. النظام السياسى الأمريكى لا بدّ سيدرك أن الرئيس الحالى وبمواقفه ينتقص من قيمة الولايات المتحدة ويبعدها عن تصدر الجهود الرامية إلى تحقيق السلام بل وعن نفس مواقف حلفائها الأوروبيين. رفض إعلان الرئيس الأمريكى ومجرد التباحث حول الصفقة فيه مكسب للأنظمة العربية وليس خسارة بأى شكل.
ومن بعد، سيكون أفضل ما تفعله الأنظمة فى حق نفسها أن تكف عن كبت الشعوب وأن تتركها تنمى قدراتها وتنظم نفسها وتردم الفجوة الحضارية التى تفصلها عمن يسلبونها حقوقها منذ عشرات السنين.
الموقف من القدس ورقة التوت الأخيرة، إن سقطت ستنكشف كل العورات.
إبراهيم عوض
البشير يدعو إلى حوار يحترم المعتقدات ويعالج قضايا الهجرة والنزوح
دعا الرئيس السوداني عمر البشير اليوم السبت، إلى إدارة حوار فكري لمعالجة "قضايا الهجرة والنزوح" التي تجتاح العالم، وإيجاد الحلول لها لينعم العالم بالاستقرار.
جاء ذلك خلال مخاطبة البشير الجلسة الافتتاحية لـ "مؤتمر الفكر السنوي" الذي ينظمه حزب المؤتمر الوطني الحاكم في السودان.
وقال البشير "الاجتهاد الفكري يجب ألا يتجاوز القيم الدينية والموروثات الثقافية للشعوب، بل بالتقارب معها، وإدارة حوار حولها لتحقيق الأمن التنموي والاستقرار".
ويناقش مؤتمر الفكر في دورته للعام الجاري على مدار يومين "مشكلات وآفاق التنمية في العالم"، تحت شعار "حوار فكري يؤسس لقواعد النهضة وبناء الأمة".
وأوضح أن "إدارة الموارد في العصر الحديث ما عادت من مسؤوليات الدولة وحدها، بل يشاركها فيها أفراد المجتمع كافة".
وطلب من المؤتمرين "توظيف الأفكار وتنويعها" باعتبارها "موردا ضخما يعمل على تحقيق الرفاه للشعوب".
وقال "نهدف لتقديم تجربتنا في حزب المؤتمر الوطني، رغم تحديات الحرب والنزاع والحصار".
ويشارك في المؤتمر مفكرون وقادة حزبيون من دول "الصين، وفيتنام، والمغرب، وتونس، والنيجر وموريتانيا"، إلى جانب عدد من المفكرين السودانيين، وممثلين عن الأحزاب السياسية المحلية، ويناقش نحو 14 ورقة علمية تخاطب قضايا تنموية.
هنية: مصممون على إسقاط قرار الرئيس الأمريكي بشأن القدس
قال رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية، إنهم مصممون على إسقاط قرار الرئيس الأمريكي الذي يعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
جاء ذلك خلال مهرجان خطابي نظمته حماس في مدينة نابلس شمالي الضفة الغربية المحتلة، احتفالا بالذكرى الثلاثين لتأسيسها.
وأقيم المهرجان في ساحة المجمع الشرقي بالمدينة عقب أداء صلاة الجمعة.
وأكد هنية في كلمة متلفزة خلال المهرجان، أن حركته "مصممة على إسقاط قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس".
وأضاف "شعبنا أمام تحد كبير يستهدف هويتنا وقدسنا وأقصانا وشرفنا وكرامتنا".
وتابع أن "إسقاط قرار ترامب يحتاج من شعبنا أن يتوحد على مقاومته وانتفاضته وثوابته وسياسته".
وأكد هنية أن حركة "حماس" متمسكة بخيار الوحدة الوطنية، وأنها ستعمل على إزالة ما يعترضها من عقبات.
ووجه "هنية" حديثه لحركة "فتح" قائلا: "نداؤنا لإخوتنا في حركة فتح والسلطة الوطنية، أنه آن الأوان أن نتجاوز الخلافات لأن الخطر استراتيجي".
ودعا رئيس المكتب السياسي حركة "فتح" إلى بناء استراتيجية وطنية متكاملة لتحقيق الأهداف الوطنية بإقامة الدولة وعاصمتها القدس.
وأشاد هنية بالحراك الفلسطيني في الضفة الغربية والقدس رفضا لقرار "ترامب" بشأن القدس.
ورفع المشاركون رايات الحركة الخضراء، وسط هتافات منددة بالقرار الأمريكي الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وتخلل المهرجان عرض لمجسمات صواريخ وطائرات كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس.
وتأسست حركة حماس في الـ 14 من ديسمبر / كانون الأول عام 1987، على يد الشيخ أحمد ياسين، وعدد من قادة جماعة الإخوان المسلمين في قطاع غزة.
"سحب" القوات الروسية من سوريا: هل انتهت الحرب؟
الولايات المتحدة وحلفائها لا يعلنون هزيمة مباشرة في سوريا، لكن فشلهم أيضاً في تحقيق أيّ من الأهداف التي تمّ تحديدها مع بداية الحرب السورية ما يعني عملياً هزيمة مشروعهم السياسي والبحث عن أساليب أخرى للحد من الهزيمة والتعامل مع الواقع. في هذا السياق، منذ مجيء ترامب إلى البيت الأبيض، برزت مشكلة واضحة لدى الأميركيين في تظهير استراتيجية واضحة، وبرزت اختلافات جدية بين البنتاغون والخارجية والبيت الأبيض في التفاصيل. الجديد أن ترامب بشخصيته الإشكالية وأسلوبه الفظ لا يسهّل على بقية أذرع الإدارة ابتلاع سياساته.
عندما اتخذت روسيا قرارها بدخول الحرب في سوريا، سارع المحللون إلى البحث في جواب عن سؤال "من المنتصر: أوباما أم بوتين؟".
اليوم يعلن الإعلام الروسي عن إتمام المهمة ضد داعش وسحب القوات من سوريا بمتابعة خاصة بهدف استشراف المرحلة المقبلة.
مع مرور الوقت، تبينّ أن الإجابة على سؤال المنتصر كانت تتطلب استشراف مواقف وأدوار أربعة أطراف إقليمية: تركيا، إيران، السعودية وإسرائيل.
فحين نتحدث عن قوى عظمى، كالولايات المتحدة الأميركية أو روسيا، يصعب توقع انسحاب مباشر من المنطقة لأي منهما. لكن الحديث يدور حول كيفية تنفيذ هذه القوى لمصالحها بأساليب مختلفة تبعاً للمتغيرات الإقليمية والدولية.
بالنسبة للولايات المتحدة هناك شبه إجماع لدى المراقبين على أن السياسة الأميركية في سوريا تشهد تراجعاً منذ أكثر من عام لصالح الدور الروسي الذي استطاع بالتعاون مع إيران وتركيا فرض واقع جديد مختلف عما كانت تنويه الدول الغربية.
الولايات المتحدة وحلفائها لا يعلنون هزيمة مباشرة في سوريا، لكن فشلهم أيضاً في تحقيق أيّ من الأهداف التي تم تحديدها مع بداية الحرب السورية، ما يعني عملياً هزيمة مشروعهم السياسي والبحث عن أساليب أخرى للحد من الهزيمة والتعامل مع الواقع.
في هذا السياق، منذ مجيء ترامب إلى البيت الأبيض، برزت مشكلة واضحة لدى الأميركيين في تظهير استراتيجية واضحة، وبرزت اختلافات جدية بين البنتاغون والخارجية والبيت الأبيض في التفاصيل. الجديد أن ترامب بشخصيته الإشكالية وأسلوبه الفظ لا يسهّل على بقية أذرع الإدارة ابتلاع سياساته.
الواقع الحالي تفرضه الرؤية الروسية بشكل أكبر، خاصة بعد نجاح روسيا في استقطاب تركيا والايجابية التي تعاطت بها ايران مع هذه الخطوة. وهي خطوة لها تأثير مباشر على تقدم الرؤية الروسية على المشروع الأميركي في سوريا وخطوطها العريضة تتلخص:
- رفض مشروع التقسيم عبر رفض التحركات "الثورية" كون التجارب السابقة لسوريا أثبتت أن هذه التحركات كانت في بداية بعضها أو في محطة لاحقة من مسارها مطية للمصالح الأجنبية.
- إطفاء شرارة النزاعات الاثنية والقومية، كون هذه النزاعات تهديد مباشر للتنوع الروسي.
- سوريا منذ اللحظة الأولى لانطلاق الحرب هي منصة انطلاق لإعادة صياغة توازن القوى إقليمياً، وغياب موسكو عن هذه المنصة يعني فقدان ثقل دورها الدولي.
- روسيا ليست طرفاً في أي نزاع إقليمي جديد، بل هي تسعى للتهدئة والتسوية السياسية. هذا البند في صلب الموقف الروسي من الاعتداءات الاسرائيلية في سوريا. كما في السياق الحاكم للموقف الروسي من النزاع التركي – الكردي.
الخلفية التي تحارب فيها روسيا الإرهاب مختلفة تماماً عن الخلفية الأميركية. هذا موثق بشكل واضح في الحرب السورية.
فالولايات المتحدة كانت مهتمة أكثر بالتغاضي عن الجماعات الإرهابية بهدف إدارة حراك وتموضع الفصائل المسلحة تاركة لها حرية العمل ضد الجيش السوري وحلفائه. هذا الهدف الأول بالنسبة للولايات المتحدة، لأنها تعتبر وقف النفوذ الإيراني أولوية لها في الشرق الأوسط. أما وجهة النظر الروسية فتنطلق من أن موسكو تعتبر الحرب السورية خطراً على أمنها القومي.
السباق الأميركي الروسي سيستمر بطبيعة الحال ولكن بأدوات سياسية، وربما أمنية خاصة من الجانب الأميركي الذي يحافظ على وجوده العسكري أيضاً من خلال حلفائه الأكراد. اما الحديث عن سحب القوات الروسية من سوريا فالأفضل تسميته بـ"إعادة إنتشار" القوات الروسية. إذ أن موسكو لم تدخل هذه الحرب وتدفع كلفة باهظة من أجل أن تترك سوريا في المدى القريب، ولكن الوجود الروسي سيتخذ أشكالاً أكثر "دبلوماسية" إن صح التعبير بالتنسيق مع الدولة السورية ضمن اتفاقات واسعة وعديدة. كذلك، من المفيد التذكير بأن روسيا لا تكن عداءً للأكراد المتحالفين مع الأميركيين، وهذا يسمح لموسكو وواشنطن بتنسيق خطوط التماس بينهما.
بطبيعة الحال لا يمكن لروسيا أن تملأ بالكامل الفراغ الذي قد يخلفه أي تراجع أميركي من الشرق الأوسط، وهذا ما يرجّح أكثر استمرار الحروب "بالوكالة" بين الطرفين تحت سقف عدم الانجرار إلى مواجهة كبرى بينهما.
إعلان الخارجية الأميركية أن "روسيا ترى أن مهامها انتهت في سوريا ونحن نرى أن مهمتنا لم تنته بعد" إشارة واضحة لاستعداد الطرفين للمرحلة المقبلة التي سيكون حضور اللاعبين الإقليميين فيها أكثر حدة وإن تراجع معدل الأعمال العسكرية (ما عدا الإسرائيلية) التي اعتدنا عليها طوال سنوات الحرب.
المقاومة تقلب مناخات الإذعان لواشنطن وإسرائيل؟
الغضب الشعبي العارم في معظم أرجاء الكون ضد الولايات المتحدة وإسرائيل، يعلو على ردود الأفعال الرسمية وبيانات التنديد في مؤتمرات الدول التي تختلف مع مقاربة ترامب، حفاظاً على حل الدولتين وعملية السلام. لكن هذه المناخات الجديدة بشقيها الشعبي والرسمي تفتح مسار مواجهات متفاوتة يمكن أن تؤطرها قيادة المقاومة في إطار مشروعها الخاص لإزالة الاحتلال.
الغضب الشعبي الصاخب الذي يبشّر باندلاع الانتفاضة في الأراضي المحتلة، يظنه كثير من المحبَطين الموشّحين بضيق الأفق أنه موجة عابرة كما تسعى إسرائيل وإدارة ترامب لوسمه، على الرغم من شبه الإجماع على تجذّره في معظم الدراسات والصحف الأميركية.
قرار دونالد ترامب إعلان القدس عاصمة لإسرائيل، يفجّر في اسرائيل خفايا الأحقاد العنصرية الاستعمارية ضد العرب والمسلمين، بحسب روايات شهود عيان إسرائيليين ينقلها أعضاء في حركة "السلام الآن" التي تعارض التهويد والمستوطنات. لكن القرار يقدّم دفعاً قويّاً لرفع معنويات صقور الصهاينة نحو الاعتقاد بسهولة تحقيق الأهداف الإسرائيلية المصيرية، بعدما أفلحت المقاومة في تقليصها إلى الحدود الدنيا نتيجة الهزائم العسكرية والحرب النفسية التي ألحقتها المقاومة بالإسرائيليين. وفي هذا السياق يهدد اللواء في الاحتياط عميرام ليفين بالثأر لهزيمته العسكرية المتكررة أمام المقاومة، بأن الفلسطينيين لن يبقوا في الأرض إذا رفضوا الانصياع لإسرائيل.
الغضب الشعبي الفلسطيني الذي يُنبىء بالانتفاضة، يتكىء في مخزونه المتراكم من الخيبات المتكررة على خطاب وتجربة حزب الله في مواجهة إسرائيل. فبين عشية وضحاها تصاعد الغضب الشعبي أضعافاً إثر كلمة السيد حسن نصرالله التي أوضح فيها برنامج مواجهة إسرائيل وقرار ترامب، إذ اطمأن الشباب الفلسطيني إلى نجاعة هذا البرنامج وصدقية وعد المقاومة، وأعرب كثير من القيادات الفلسطينية في حركتي حماس والجهاد وفتح والفصائل عن ثقتهم بالأمين العام لحزب الله ووعد بعضهم من فتح بعدم خذلانه.
قرار ترامب يكشف أمام الملأ وبشكل عارٍ أن التنازلات المنمّقة بالمراهنات الوهمية على السلام ووقف الحروب والمآسي بدعوى حل الدولتين، هي المقدّمة الضرورية لانتزاع مكامن القوّة من الفلسطينيين والوصول تدريجياً "للحل النهائي" في تصفية القضيّة الفلسطينية. ومع توقيع قرار ترامب يقع في نفوس الفلسطينيين أن حفظ الوجود والبقاء مرهون بتغيير منهج التنازلات الذي يؤدي إلى ما أدّى إليه وبتبنّي منهج المقاومة والانتفاضة كخط بديل دليله كسطوع الشمس في أن يفضي إلى انتصارات صافية.
واقعة ترامب ــ إسرائيل تكشف للعرب والمسلمين أهداف جرعات التخدير الوهمية، وتزيل الغشاوة عن أسباب الاتهامات التحريضية ضد المقاومة، لكن الذي حرّك الشوارع العربية والإسلامية هو الدفع الشعبي الفلسطيني المتصاعد على الرغم من شراسة قمع الاحتلال. فالتضامن العربي والإسلامي الشعبي ضد ترامب وإسرائيل ينمّ عن التعاطف مع المقاومة في خطها ورؤيتها لمواجهة ظلم أميركا وسيطرتها في ادعاءات ما يسمى الديمقراطية وحقوق الإنسان. ففي كل مكان من العالم تتعرّض للظلم الأميركي وجدت الحركات الشعبية وأحرار العالم واقعة العدوان على القدس وفلسطين فرصة مناسبة للتعبير عن الغضب ورفض الإذعان. ففي أميركا اللاتينية التي كلّت مرارتها من شرب الكأس الأميركية، تماهت في غضبها الشعبي مع الغضب الفلسطيني والغضب الشعبي العربي والإسلامي. وفي استراليا التي تتعرّض لعنجهية ترامب وغطرسته عبّرت عن احتجاجها في الشارع وفي المباريات الرياضية والصحافة عن انتمائها لفلسطين.
الغضب الشعبي الفلسطيني والعربي والإسلامي وغضب أحرار العالم، يزيح عن كاهل المقاومة أعباء مرحلة سوداء تعرّضت لها المقاومة باتهامات وافتراءات لتسهيل الإذعان لأميركا وإسرائيل، أدّت إلى تقسيم وتفتيت المجتمعات العربية والإسلامية وتدميرها بالطائفية وأولوية العدو القريب. فهذه المرحلة تسقط من تلقاء نفسها في إعادة البوصلة إلى فلسطين وأولوية العدو البعيد في أميركا وغيرها من الداعمين لإسرائيل. وفي إعادة البوصلة وتغيير الأولويات تنبني حول مشروع المقاومة لإزالة الاحتلال والسيطرة الأميركية بيئة جديدة سواء تنضم للمقاومة أم تتحرّك بفطرتها وعفويتها. فالسيد نصر الله خاطب مجمل فروع هذه البيئة ودعاها إلى التعبير والتحرّك كلاً على قدر رغبته واستطاعته. وإلى جانب هذه البيئة الواسعة التعدد حول المقاومة، يدعو محور المقاومة إلى استراتيجية موحّدة تقود المواجهة.
قاسم عزالدين
المحكمة العليا البريطانية: قواتنا انتهكت حقوق المدنيين في العراق
قضت المحكمة العليا البريطانية بأن قوات المملكة المتحدة انتهكت اتفاقية جنيف بشأن حقوق المدنيين، خلال مشاركتها في تحالف غزو العراق، بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، عام 2003.
وجاء الحكم بعد 10 أيام من إقرار محكمة الجنايات الدولية، في مدينة لاهاي بهولندا، بوجود "أساس معقول لإدانة القوات البريطانية بارتكاب جرائم حرب في العراق".
وقالت المحكمة البريطانية، في حكم صادر أمس، إن قوات بلادها "تعاملت مع المدنيين بطرق وحشية وغير إنسانية، بينها تغطيتهم والسير فوق ظهورهم"، بحسب صحيفة الـ"غارديان"، اليوم.
كما أدانت المحكمة وزارة الدفاع البريطانية لاعتقال قواتها مدنيين عقب غزو العراق، وهو ما يمثل انتهاكا لاتفاقية جنيف، وقانون حقوق الإنسان، الذي تبنته بريطانيا عام 1998.
وتنص اتفاقية جنيف، عام 1949، على حماية حقوق الإنسان الأساسية في حالة الحرب، وبينها الاعتناء بالجرحى والمرضى وأسرى الحرب، وحماية المدنيين الموجودين في ساحة المعركة أو في المناطق المحتلة.
وأصدرت المحكمة العليا قرارها بعد محاكمتين، اتهم خلالهما 4 عراقيين القوات البريطانية بتعريضهم لـ"احتجاز غير قانوني وسوء معاملة".
وقال القاضي جاستس ليغات، إن "أيا من المدعين الأربعة لم يشارك في أعمال إرهابية ولم يمثل تهديدا للأمن في العراق".
وأضاف أن "القوات البريطانية اعتدت على معتقلين بطرق مهينة، وألحقت بهم الأذى والإذلال غير المبررين، وذلك بدافع التسلية للجناة".
وبموجب الحكم سيتم منح المدنيين العراقيين الأربعة مبلغ 85 ألف جنيه إسترليني (نحو 113 ألفا و200 دولار)، تعويضا عن المعاملة غير الإنسانية التي تعرضوا لها.
وتمثل مطالب هؤلاء العراقيين اختبار لكيفية التعامل مع 628 حالة مماثلة، وفق "غارديان".
وفي 2016، تمت تسوية 331 إدعاء مماثلا دون إجراءات قضائية، ودفعت وزارة الدفاع البريطانية 22 مليون جنيه إسترليني (29.5 مليون دولار) للمدعين.
الأزهر يندد بالقمع الإسرائيلي "الوحشي" لـ"انتفاضة القدس"
نددت مؤسسة الأزهر، اليوم الجمعة، بـ"القمع الوحشي" الإسرائيلي للمظاهرات الفلسطينية الرافضة للاعتراف الأمريكي بمدينة القدس المحتلة عاصمة مزعومة إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال.
وخلال مواجهات مع الجيش الإسرائيلي، اليوم، استشهد أربعة فلسطينيين، اثنان في الضفة الغربية والآخران في قطاع غزة، إضافة إلى إصابة 367 شخصا، وفق وزارة الصحة الفلسطينية.
وجدد الأزهر، في بيان، التأكيد على موقفه الداعم والمساند للشعب الفلسطيني في انتفاضته من أجل القدس.
ودعا المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والحقوقية إلى دعم الفلسطينيين في نضالهم المشروع من أجل استعادة أرضهم المحتلة.
وندد بـ"القمع الوحشي لقوات الاحتلال الصهيوني، اليوم، لمظاهرات ومسيرات الشعب الفلسطيني".
وأشاد الأزهر بما شهدته عواصم العالم، في الأيام الأخيرة، من "مظاهرات سلمية حضارية، رافضة للقرار الأمريكي المُجحف بحق القدس وهويتها العربية الفلسطينية".
وأضاف أن ذلك "يؤكد أن الضمير العالمي للشعوب في مجمله ينحاز لمنطق الحق، ويرفض شرعنة منطق الاحتلال والغصب".
وللجمعة الثانية على التوالي، تشهد معظم المدن الفلسطينية احتجاجات على قرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، في 6 ديسمبر/كانون الأول الجاري، بالاعتراف بالقدس (بشقيها الشرقي والغربي) عاصمةً لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة المحتلة.
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة، استناداً إلى قرارات المجتمع الدولي، التي لا تعترف بكل ما ترتب على احتلال إسرائيل للمدينة، عام 1967، ثم ضمها إليها، عام 1980، وإعلانها القدس الشرقية والغربية "عاصمة موحدة وأبدية" لها.
مئات الفلسطينيين يتظاهرون أمام القنصلية الأمريكية في تل أبيب ضد قرار ترامب
تظاهر المئات من الفلسطينيين في إسرائيل، مساء الثلاثاء، أمام السفارة الأمريكية في تل أبيب ضد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، حسبما أفاد شهود عيان لمراسل الأناضول. ودعت إلى التظاهرة لجنة المتابعة العليا لقضايا الجماهير العربية في إسرائيل. ( Daniel Bar On - وكالة الأناضول )
تظاهر مئات الفلسطينيين في إسرائيل، مساء الثلاثاء، أمام السفارة الأمريكية في تل أبيب ضد قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بحسب ما أفاد شهود عيان لمراسل الأناضول.
ودعت إلى التظاهرة لجنة المتابعة العليا لقضايا الجماهير العربية في إسرائيل.
كما دعت لجنة المتابعة، أعلى هيئة قيادية شعبية عربية في إسرائيل، إلى مسيرة قُطرية يوم الجمعة المقبل، ضد القرار.
وتشهد المناطق العربية في إسرائيل سلسلة فعاليات وتظاهرات ضد قرار ترامب.
وفي السياق، ذكرت صحيفة "يديعوت أحرنوت" العبرية على موقعها الإلكتروني، أن المتظاهرين رفعوا لافتات كتب عليها: "مستقبل القدس لا يمكن تحديده من قبل رعاة البقر" و"لن نتنازل عن القدس المحتلة".
والأربعاء الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اعتراف بلاده رسميا بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة واشنطن من تل أبيب إلى المدينة المحتلة، وسط غضب عربي وإسلامي، وقلق وتحذيرات دولية.
ويشمل قرار ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، شطرها الشرقي الذي احتلته إسرائيل عام 1967، وهي خطوة لم تسبقه إليها أي دولة أخرى.
وأدى القرار إلى موجة إدانات واحتجاجات متواصلة في العديد من الدول العربية والإسلامية والغربية، وسط تحذيرات من تداعياته على استقرار منطقة الشرق الأوسط.
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة استنادا إلى قرارات المجتمع الدولي التي لا تعترف بكل ما ترتب على احتلال إسرائيل للمدينة عام 1967، ثم ضمها إليها عام 1980، وإعلانها القدس الشرقية والغربية "عاصمة موحدة وأبدية" لها.
ما يستهدفه ترامب في ضم القدس لإسرائيل
منذ دخوله إلى البيت الأبيض، بدأ ترامب يتحدث عن "صفقة القرن" التي سترسي في نظره تسوية "تاريخية" بين الفلسطينيين وإسرائيل. وعهد بملف أكثر الأزمات تعقيداً في الشرق الاوسط ، إلى أبرز مستشاريه وصهره جاريد كوشنير المتهم من الإدارة بأنه لا يملك أدنى خبرة في شؤون المنطقة سوى التعاطف مع إسرائيل، فضلاً عن محاميه الخاص جايسون غرينبلات الذي عيّنه ترامب مستشاراً له في الشرق الأوسط.
اعتراف الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل يبدو أنه ليس مجرد تنفيذٍ لتعهد أطلقه خلال حملته الإنتخابية. إن أمراً بهذه الخطورة قد يكون على الأرجح مقدمة لتحولٍ كبير في الشرق الأوسط وفي مجرى الصراع العربي-الإسرائيلي. والاحتمال الأقرب ألا ينقلب ترامب على نهج إتبعه أسلافه على مدى 70 عاماً من مسألة القدس، لمجرد شهوة الانقلابات التي تتحكم به، وإنما يفعل ذلك سعياً الى إنقلاب استراتيجي في الخريطة الجيوسياسية بالمنطقة.
ومنذ دخوله إلى البيت الأبيض، بدأ ترامب يتحدث عن "صفقة القرن" التي سترسي في نظره تسوية "تاريخية" بين الفلسطينيين وإسرائيل. وعهد بملف أكثر الأزمات تعقيداً في الشرق الاوسط ، إلى أبرز مستشاريه وصهره جاريد كوشنير المتهم من الإدارة بأنه لا يملك أدنى خبرة في شؤون المنطقة سوى التعاطف مع إسرائيل، فضلاً عن محاميه الخاص جايسون غرينبلات الذي عيّنه ترامب مستشاراً له في الشرق الأوسط.
في اللقاءات التي جمعت ترامب بالرئيس الفلسطيني محمود عباس أو بزعماء آخرين في الشرق الأوسط، لم يأتِ الرئيس الاميركي ولا مرة واحدة على ذكر "حل الدولتين". ربما لأن هذا الحل ينطوي على قيام دولة فلسطينية مستقلة كما بات متعارفاً عليه دولياً، على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967. وفي الأشهر الأخيرة بدأت الصحافة الأميركية والإسرائيلية تنشر بعض بنود "صفقة القرن". وما تسرب منها يقوم في الأساس على تحقيق سلام إقليمي بين الدول العربية وإسرائيل في موازاة مفاوضات فلسطينية-إسرائيلية. وبذلك تعوّل "الصفقة" على مراهنة تحقيق "سلام" بين العرب وإسرائيل لا يكون مشروطاً بإيجاد حل للقضية الفلسطينية.
تقوم رؤية ترامب للسلام في المنطقة على تمكين إسرائيل من جني ثمار التسوية قبل أن تتحقق التسوية. وكانت أكثر التسريبات مثاراً للجدل تلك التي أوردتها صحيفة "النيويورك تايمز" قبل أيام عندما كشفت أن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان قد طلب من عباس أن يقبل بضاحية أبو ديس عاصمة للدولة الفلسطينية وأن يتخلى عن المطالبة بالقدس الشرقية عاصمة للدولة العتيدة. في هذا السياق تشير التسريبات إلى تحوّل كبير في نظرة دولة عربية أساسية مثل السعودية إلى الصراع العربي-الإسرائيلي، وتتلاقى مع رؤية ترامب، الرامية إلى صياغة شرق أوسط يشهد تبدلاً في التحالفات والعداوات على حد سواء. وعندما يتم القفز فوق موضوع القدس التي هي جوهر النزاع العربي-الإسرائيلي بهذه البساطة، فإن ذلك يفترض أن مشكلة اللاجئين وحق العودة، سيتم تجاوزها بالطريقة ذاتها التي يجري فيها اليوم تجاوز قضية القدس.
من وجهة النظر الأميركية وبعض الدول العربية، فإن تسوية القضية الفلسطينية عبر "صفقة القرن" الترامبية تحمل طابع الإلحاح، لأن الظروف تقتضي تفرغ الحلفاء الجدد لمواجهة ما يصفونه ب"التدخلات" الإيرانية في شؤون الدول العربية من اليمن إلى لبنان مروراً بالعراق وسوريا. ويفاخر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالإعلان عن إقامة تل أبيب علاقات الآن مع "كل دول" المنطقة باستثناء إيران، وذلك بحكم الحاجات الأمنية والاقتصادية لهذه الدول على حد تعبيره.
إن ترامب ونتنياهو يقبضان اليوم على أكثر لحظات الشرق الأوسط تردياً، بعدما نجحت أميركا وإسرائيل خلال الأعوام الأخيرة، في قلب مفهوم الصراع القائم في المنطقة منذ 70 عاماً، واستبداله بمفهوم جديد قائم على العداوة مع إيران. لكن الثمن الذي سيدفعه الفلسطينيون ومعهم العرب فادح جداً. والتسليم لإسرائيل بالقدس يعني تسليماً بفلسطين.
ومقابل تسليم فلسطين، يَعِد ترامب ونتنياهو بالوقوف إلى جانب دول عربية في صراعها مع إيران. ولقد صيغ الشرق الأوسط الحالي على أساس عقود من الصراع مع إسرائيل. لكن اميركا وإسرائيل ودول خليجية تدفع اليوم نحو صياغة شرق أوسط جديد يقوم على مبدأ الصراع مع إيران. وكانت بحور الدماء التي سالت في حروب سوريا والعراق واليمن تكمن في تعزيز الرؤية الجديدة الى المنطقة. ولم تبقَ سوى القضية الفلسطينية عائقاً أمام صياغة التحالفات الجديدة. ولهذا يراد اليوم الانتهاء من هذه القضية بأي ثمن من أجل التفرّغ لرسم التحالفات الجديدة وتظهير الشرق الأوسط كما يراه ترامب ونتنياهو.
وإذا كانت هذه هي الخطة، فإن إمكانات النجاح في وضعها موضع التنفيذ، ليست مضمونة. ولا يزال في إمكان الفلسطينيين أن يقلبوا الطاولة والانتفاض مجدداً من أجل القدس، من أجل فلسطين.
سميح صعب