
Super User
دعا لانتفاضة ثالثة..نصر الله: نطالب بالتئام محور المقاومة لوضع استراتيجية موحدة
الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله يدعو الفلسطينيين للرد على قرار الرئيس الأميركي بانتفاضة ثالثة شاملة، ويطالب بالتئام قوى محور المقاومة لوضع استراتيجية موحدة.
جدد الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله تنديده بالعدوان الأميركي والإسرائيلي على القدس المحتلة وثمّن الإجماع الوطني في لبنان تجاه قضية القدس والقرار الأميركي بخصوص المدينة المقدسة.
الأمين العام لحزب الله وخلال كلمة له أعقبت تظاهرة كبرى في الضاحية الجنوبية لبيروت دعا إليها قبل أيام تضامناً مع القدس ورفضاً للقرار الأميركي بإعلان القدس عاصمة لإسرائيل، قال إنّ "فلسطينيي الشتات لا زالوا يتمسكون بحق العودة وحلمهم سيتحقق قريباً".
وحيّا نصر الله الشعب الفلسطيني في الأراضي المحتلة على وقفته التاريخية منذ اللحظة الأولى لصدور قرار الرئيس الأميركي، مذكّراً أنه يجب أن تقدير جميع المواقف الرافضة للعدوان على القدس.
ولفت نصر الله إلى أنّ ترامب بدا غريباً ومعزولاً ومعه فقط إسرائيل في قراره بشأن القدس.
الأمين العام لحزب الله شكر أيضاً المواقف التاريخية لجميع المرجعيات الدينية الإسلامية والمسيحية حيال القدس، داعياً المعلقين والخطباء السياسيين إعطاء التحركات الشعبية بشأن القدس حجمها وأهميتها.
وخاطب نصر الله الشعوب العربية والإسلامية، قائلاً "تظاهراتكم مهمة جداً في مواجهة الاحتلال"، ودعا أيضاً إلى مواصلة الحضور والتظاهر لأنه شكل من أشكال مواجهة الاحتلال والقرار الأميركي.
وعلّق نصر الله على زيارة الوفد البحريني التطبيعي إلى القدس، وقال إنّ هذا الوفد لا يعبّر عن شعب البحرين الذي خرج بتظاهرات متضامنة مع القدس، داعياً إلى طرد أي مطبّع ومحاسبته من قبل حكومة بلاده.
واعتبر أمين عام حزب الله أنّ من فوائد القرار الأميركي أنه "يميز الخبيث من الطيب" على امتداد العالم العربي والإسلامي.
وثمّن نصر الله موقف الشعب اليمني الذي خرج متضامناً مع القدس تحت القصف.
وعبّر نصر الله عن فخره بالإجماع الوطني في لبنان حول القدس وحول قرار ترمب بشأنها، منوهاً بموقف وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل خلال اجتماع القمة العربية قبل أيام.
كما جدّد أمين عام حزب الله العهد والميثاق ببقاء لبنان وفياً لفلسطين وللقدس والمقدسات.
ووفقاً لنصر الله فإنّ القرار الأميركي بشأن القدس جاء في سياق له "ما قبله وله ما بعده"، مذكراً بأنّ هدف أميركا بدعمها داعش هو حرف الأنظار عن القضية الفلسطينية، ورأى أنه يتوجب على الأمة مواجهة العدوان الأميركي وأنّ المسؤولية لا تقع على الفلسطينيين وحدهم.
الرد على ترامب هو بإعلان انتفاضة فلسطينية ثالثة شاملة
وتوجّه نصر الله للشعب الفلسطيني بالقول "إذا رفضتم الإملاءات وأصررتم على القدس عاصمة أبدية فلن يستطيع أحد انتزاع أرضكم".
وأكّد أمين عام حزب الله بأنه بعد قرار ترامب فإنه آن الأوان لعزل إسرائيل عبر الضغط الجماهيري ومطالبة الحكومات بقطع علاقاتها معها، معتبراً أن أضعف الإيمان أن تعلن السلطة الفلسطينية وجامعة الدول العربية وقمة التعاون الإسلامي وقف عملية السلام.
وقد شدد نصر الله على أنّ الرد الأهم على خطوة ترامب هو إعلان انتفاضة ثالثة على جميع الأراضي الفلسطينية والفلسطينيون دائماً كانوا السباقين في المقاومة.
وأشار نصر الله إلى أنّ محور المقاومة يخرج من محنة السنوات الماضية صلباً وقوياً على الرغم من الجراح التي أصابته، مشدداً على أنّ رأس أولويات اهتمامات محور المقاومة اليوم هو القدس والشعب الفلسطيني والمقاومة الفلسطينية بكل فصائله.
ودعا نصر الله إلى "التئام محور المقاومة بكامله بعد السنوات العجاف لوضع استراتيجية موحدة وخطة عملانية واضحة"، قائلاً "ثقوا بمحور المقاومة الذي ما دخل ميداناً إلا وانتصر ونقل الأمة من عصر الهزائم إلى عصر الانتصارات".
وأضاف "يجب أن نحوّل الهزيمة الدبلوماسية للأنظمة العربية إلى انتصار للشعوب والمقدسات".
وجدد أمين عام حزب الله قوله أنّ القدس هي العاصمة الأبدية لفلسطين، ودعا المتظاهرين إلى ترديد شعار "عالقدس رايحين شهداء بالملايين".
وقال نصر الله "بكل ثقة ويقين إن قرار ترامب سيكون بداية النهاية لإسرائيل".
خطيب الأقصى: الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل إعلان "حرب"
قال عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا، وخطيب المسجد الأقصى المبارك إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها، "إعلان حرب".
قال عكرمة صبري، رئيس الهيئة الإسلامية العليا، وخطيب المسجد الأقصى المبارك إن قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده إليها، "إعلان حرب".
وأضاف صبري، للأناضول، إن المظاهرات والاحتجاجات التي عمت العالم تدل أن "القدس ليست للفلسطينيين وحدهم بل للمسلمين، وأن ترامب واهم حين اعترف بها عاصمة لإسرائيل".
ودعا الفلسطينيين وأهالي القدس للدفاع عن المدينة مهما كلف الأمر.
وقال "الغطرسة الأمريكية لن تغير الحقائق شيئا، موقفنا إيماني، لأن الله ربط القدس بالسماء وبمكة المكرمة ولا تنازل عنها".
وأشار إلى أنه "لا مجال للمفاوضات ولعملية سلام، لأن الولايات المتحدة بتت موقفها في موضوع القدس، وناقضت نفسها، وقررت الحرب".
وأعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في خطاب متلفز من البيت الأبيض، الأربعاء الماضي، اعتراف بلاده رسميًا بالقدس (بشقيها الشرقي والغربي) عاصمة لإسرائيل، والبدء بنقل سفارة واشنطن إلى المدينة المحتلة.
وأدى القرار إلى موجة إدانات واحتجاجات متواصلة في العديد من الدول العربية والإسلامية والغربية، وسط تحذيرات من تداعياته على استقرار منطقة الشرق الأوسط.
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة ضمن أي حل مستقبلي.
ثورة الأنبياء (ع) لإعادة مجتمع التوحيد
كان من أهم أهداف ثورات الأنبياء عليهم السلام عبر التاريخ البشري إعادة المسيرة البشرية إلى طريقها الصالح، وبناء المجتمع الموحّد من جديد على أساس أعمق وأوعى، على أساس الفطرة، وتهيئة الجماعة لاستئناف دورها الربّاني في خلافة الله على الأرض، وهذا الإجمال في بيان هدف ثورات الأنبياء عليهم السلام نفصله من خلال ما يلي:
١- الأسس والمرتكزات:
كانت الثورة بحاجة إلى أساس ترتكز عليه، وتنطلق منه، وتستمدّ دوافعها وحيويتها منه. وقد شهد التاريخ البشري - منذ أقدم العصور - استغلال أساسين مختلفين للثورة:
الأساس الأوّل: ما تزخر به قلوب المستضعفين والمضطّهدين من المشاعر الشخصية المتّقدة بسبب ظلم الآخرين واستهتارهم بحقوق الجماعة ومصالحها. وهذا الشعور يمتدّ في المستضعفين تدريجيّا كلّما ازدادت حالتهم سوءًا وازداد المستغلّون لهم عتوًّا واستهتارًا بهم. ولكي يتحوّل هذا الشعور إلى ثورة لا بدّ له من بؤرة تستقطبه، وتنبثق عن هذه البؤرة الّتي تستقطب هذا الشعور؛ القيادة الّتي تتزعّم المستضعفين في كفاحهم ضدّ المستغلّين والثورة عليهم.
وإذا لاحظنا هذا الأساس بعمق، نجد أنّه يتعامل مع المشاعر الشخصية والمادّية نفسها الّتي خلقتها ظروف الاستغلال، فالاستغلال يكرّس في جميع أفراد المجتمع الشعور الشخصي بالمصلحة وينمّي فيهم الاهتمام الذاتي بالتملّك والسيطرة، غير أنّ هذا الشعور وهذا الاهتمام ينعكس إيجابيًّا في المستغلّين على صورة الاستيلاء المحموم على كلّ ما تمتدّ إليه أيديهم، وتسخير كلّ الإمكانات من أجل إشباع هذه المطامع، وينعكس الشعور والاهتمام نفسه سلبيًّا في المستضعفين، على صورة المقاومة الصامتة أوّلًا، والمتحرّكة ثانيًا، والثائرة ثالثًا، على المستغلين، وهي مقاومة تحمل الخلفية النفسية نفسها الّتي يحملها المستغلّون، وتنطلق من المشاعر والأحاسيس عينها الّتي خلقتها ظروف الاستغلال. وهذا يؤدّي في الحقيقة إلى أنّ الثورة لن تكون ثورة على الاستغلال وعلى جذوره، ولن تعيد الجماعة إلى مسيرتها الرشيدة ودورها الخلافي الصالح، وإنّما هي ثورة على تجسيد معيّن للاستغلال من قبل المتضرّرين من ذلك التجسيد. ومن هنا كانت تغييرًا لمواقع الاستغلال أكثر من كونها استئصالًا للاستغلال نفسه.
الأساس الثاني: استئصال المشاعر الّتي خلقتها ظروف الاستغلال، واعتماد مشاعر أخرى أساسًا للثورة. وبكلمة أخرى، تطوير تلك المشاعر على نحو تمثّل الإحساس بالقيم الموضوعية للعدل والحقّ والقسط والإيمان بعبودية الإنسان لله، الّتي تحرّره من كلّ عبودية، وبالكرامة الإنسانية، وهذه المشاعر تخلق القاعدة الّتي تتبنّى تصفية الاستغلال؛ لا لأنّه يمسّ مصالحها الشخصية فحسب، بل لأنّه أيضًا يمسّ المصالح الحقيقية للظالمين والمظلومين على السواء، وتنتزع وسائل السيطرة من المستغلّين، لا طمعًا فيها وحرصًا على احتكارها، بل إيمانًا بأنّها من حقّ الجماعة كلّها، وتلغي العلاقات الاجتماعية الّتي نشأت على أساس الاستغلال، لا لتنشئ علاقات مماثلة لفئة أُخرى من المجتمع، بل لتعيد إلى الجماعة البشرية الشروط الضرورية لممارسة الخلافة العامّة على الأرض، وتحقيق أهدافها الرشيدة.
٢- الأهداف:
يتّضح من خلال المقارنة أنّ الأساس الثاني وحده هو الّذي يشكّل الخلفية الحقيقية للثورة، والرصيد الروحي القادر على جعلها ثورة بدلًا عن تجميدها في منتصف الطريق، بينما الأساس الأوّل لا يمكن أن ينجز سوى ثورة نسبية تتغيّر فيها مواقع الاستغلال.
غير أنّ مجرّد ذلك لا يكفي وحده لاختيار الأساس الثاني، واعتماد المستضعفين له في كفاحهم ذلك؛ لأنّ الأساس الثاني يتوقّف على تربية للمحتوى الداخلي للثائرين أنفسهم، وإعداد روحي ونفسي - من خلال التعبئة والممارسة الثوريتين - يطهّرهم من مشاعر الاستغلال، ويستأصل من نفوسهم الحرص المسعور على طيّبات هذه الحياة وثرواتها المادّية - سواء كان حرصًا مسعورًا في حالة هيجان كما في نفوس المستغلّين، أو في حالة كبت كما في نفوس المستضعفين. وهذه التربية لا يمكن أن تبدأ من داخل الجماعة الّتي انحرفت مسيرتها وتمزّقت وحدتها، بل لا بدّ من تربية تتلقّاها، ولا بدّ من هدىً ينفذ إلى قلوبها من خارج الظروف النفسية الّتي تعيشها.
وهنا يأتي دور الوحي والنبوّة: ﴿ فَبَعَثَ ٱللَّهُ ٱلنَّبِيِّنَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ ٱلكِتَٰبَ بِٱلحَقِّ لِيَحكُمَ بَينَ ٱلنَّاسِ فِيمَا ٱختَلَفُواْ فِيهِ﴾8.
وتتحقّق بذلك كلمة الله: ﴿ إِنِّي أَعلَمُ مَا لَا تَعلَمُونَ ﴾9، بعد أن تحقّقت نبوءة الملائكة. فالوحي وحده هو القادر على أن يؤمّن التربية الثورية والخلفيّة النفسية الصالحة الّتي تنشئ ثائرين لا يريدون في الأرض علوًّا ولا فسادًا، وتجعل من المستضعفين أئمّة لكي يتحمّلوا أعباء الخلافة بحقّ، ويكونوا هم الوارثين: ﴿ تِلكَ ٱلدَّارُ ٱلأخِرَةُ نَجعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّا فِي ٱلأَرضِ وَلَا فَسَاد﴾10، ﴿ وَنُرِيدُ أَن نَّمُنَّ عَلَى ٱلَّذِينَ ٱستُضعِفُواْ فِي ٱلأَرضِ وَنَجعَلَهُم أَئِمَّة وَنَجعَلَهُمُ ٱلوَٰرِثِينَ﴾11.
والنبي الرسول هو حامل الرسالة من السماء، والإنسان المبني ربّانيًا لكي يبني للثورة قواعدها الصالحة ويعيد إلى الجماعة الشروط الحقيقية لاستعادة دورها الخلافي الصالح، وذلك باعتماد الأساس الثاني.
ومن هنا دعا الأنبياء إلى جهادين: أحدهما الجهاد الأكبر، من أجل أن يكون المستضعفون أئمّة وينتصروا على شهواتهم ويبنوا أنفسهم بناءً ثوريًا صالحًا، والآخر الجهاد الأصغر، من أجل إزالة المستغلّين والظالمين عن مواقعهم.
وتسير العمليّتان في ثورة الأنبياء جنبًا إلى جنب، فالنبي ينتقل بأصحابه دائمًا من الجهاد الأكبر إلى الأصغر، ومن الجهاد الأصغر إلى الأكبر، بل إنّهم يمارسون الجهادَين في وقت واحد، وحتى عندما يخوضون ساحات القتال وفي أحرج لحظات الحرب. انظروا إلى الثائر النموذجي في الإسلام، الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام كيف أقدم بكلّ شجاعة وبطولة على مبارزة رجل الحرب الأوّل في العرب "عمرو بن ودّ العامري"، واعتبر الناس ذلك منه انتحارًا شبه محقّق، ثمّ كيف أمسك عن قتله بضع لحظات بعد أن تغلّب عليه؛ لأنّ "عمرو" أغضبه، فلم يشأ أن يقتله وفي نفسه مشاعر غضب شخصي، وحَرِص على أن ينجِز هذا الواجب الجهادي في لحظة لا غضب لديه فيها إلّا لله تعالى ولكرامة الإنسان على الأرض، وبهذا حقّق انتصارًا عظيمًا في مقاييس كلا الجهادَين في موقف واحد فريد.
وعلى هذا الأساس، نؤمن بأنّ الثورة الحقيقية لا يمكن أن تنفصل بحال عن الوحي والنبوّة، وما لهما من امتدادات في حياة الإنسان، كما أنّ النبوّة والرسالة الربّانية لا تنفصل بحال عن الثورة الاجتماعية على الاستغلال والترف والطغيان. يقول تعالى: ﴿وَمَا أَرسَلنَا فِي قَريَة مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُترَفُوهَا إِنَّا بِمَا أُرسِلتُم بِهِۦ كَٰفِرُونَ ﴾12، ﴿ وَكَذَٰلِكَ مَا أَرسَلنَا مِن قَبلِكَ فِي قَريَة مِّن نَّذِيرٍ إِلَّا قَالَ مُترَفُوهَا إِنَّا وَجَدنَا ءَابَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّة وَإِنَّا عَلَىٰ ءَاثَٰرِهِم مُّقتَدُونَ ﴾13.
فالنبوّة ظاهرة ربّانية تمثّل رسالة ثورية وعملًا تغييريًا وإعدادًا ربّانيًا للجماعة، لكي تستأنف دورها الصالح، وتفرض ضرورة هذه الثورة أن يتسلّم شخص النبي الرسول الخلافة العامّة، لكي يحقّق للثورة أهدافها في القضاء على الجاهلية والاستغلال، ﴿وَيَضَعُ عَنهُم إِصرَهُم وَٱلأَغَٰلالَ ٱلَّتِي كَانَت عَلَيهِم﴾14.
ويبني القاعدة الثورية الصالحة، لكي يمنّ الله عليهم ويجعلهم أئمّة ويجعلهم الوارثين، ﴿ فَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ بِهِۦ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَٱتَّبَعُواْ ٱلنُّورَ ٱلَّذِي أُنزِلَ مَعَهُۥٓ أُوْلَٰئِكَ هُمُ ٱلمُفلِحُونَ﴾15.
* المصدر: الإسلام والحياة - بتصرف
8 سورة البقرة، الآية 213.
9 سورة البقرة، الآية 30.
10 سورة القصص، الآية 83.
11 سورة القصص، الآية 5.
12 سورة سبأ، الآية 34.
13 سورة الزخرف، الآية 23.
14 سورة الأعراف، الآية 157.
أسس التكافل الاجتماعي ومبدأ الأخوة الإيمانية
لم تنبت فكرة التكافل بلا جذور، ولم تنطلق من فراغ، وإنّما سبقتها ومهدت لها وأسهمت في فاعليتها وديمومتها مجموعة من الأسس والمبادئ العامة، كانت بمثابة البنىٰ التحتية التي عملت على بلورة فكرة التكافل وإرساء قواعدها، وفي طليعة هذه الأسس والمبادئ:
مبدأ الأخوّة الإيمانية
عمل الإسلام على بناء وتدعيم علاقات طيبة بين الناس تقوم على أساس الأخوّة والألفة، وإذا كان علم الاجتماع معنياً أولاً وقبل كل شيء بالظواهر الاجتماعية، فإن ظاهرة الأخوّة التي أوجدها الإسلام بين أفراده تستحق الدراسة والتأمل، فقد كان العرب ـ في الجاهلية ـ على شفا حفرة من نار الخلاف والاختلاف والتمزق والتقاتل، ولكنهم بعد أن ارتضعوا من لبان ثقافة الإسلام أصبحوا أمة متحدة، مرهوبة الجانب تمتلك أسباب التمدّن والرّقي.
فقد أحدثت مبادئ الإسلام وخاصة مبدأ الأخوة إنعطافاً اجتماعياً حاداً في أنماط تفكير وسلوك الغالبية الغالبة من المسلمين، حيث كان الإنسان الجاهلي قبل الإسلام منكفئاً على ذاته، ومتقوقعاً داخل أسوار نفسه، فغدا بفضل الإسلام إنساناً إجتماعياً يشعر بمعاناة إخوته، ويمدّ يده العون لهم، ويشاركهم في مكاره الدهر.
وهذه النقلة الحضارية يشير إليها القرآن بصورة جلّية، في قوله عز من قائل: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنتُمْ عَلَىٰ شَفَا حُفْرَةٍ مِّنَ النَّارِ فَأَنقَذَكُم مِّنْهَا)[1]. وكان للسُنة النبوية الأثر البالغ في تدعيم وترسيخ مبدأ التكافل من خلال تأكيدها على مبدأ الأخوة وما يستلزمه من التزامات إجتماعية كقضاء حوائج الإخوان وإعانتهم، قال رسول الله صلىاللهعليهوآله: «من سعىٰ في حاجة أخيه المؤمنين، فكأنّما عبد الله تسعة آلاف سنة، صائماً نهاره، قائماً ليلة»[2]. وقال صلىاللهعليهوآله: «من قضى لأخيه المؤمن حاجةً، كان كمن عبد الله دهره»[3].
وقال صلىاللهعليهوآله: «من مشى في عون أخيه ومنفعته، فله ثواب المجاهدين في سبيل الله»[4]. فهنا نجد أن قضاء حوائج الأخوان وخاصة تلك التي لابد منها لاستمرار العيش الكريم يرفعها الرسول صلىاللهعليهوآله إلى درجة العبادة العملية التي تستلزم الثواب الأخروي الجزيل. وكان الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله يحثّ على صون كرامة الأخ المؤمن وعدم إراقة ماء وجهه بعدم تكليفه الطلب عند حاجته، لذلك يدعو إلى المبادرة بقضاء حوائجه بمجرّد الشعور بحاجته إلى المساعدة، وهذه توصية حضارية في غاية الأهمية، قال صلىاللهعليهوآله: «لا يكلّف المؤمن أخاه الطلب إليه إذا علم حاجته»[5]. ونسجت مدرسة أهل البيت: على هذا المنوال بأقوال عديدة تعكس حالة التضامن والتكافل التي ترغب في إشاعتها بين أفراد المجتمع، فعن الإمام علي عليهالسلام قال: «خير الاخوان من لا يحوج إخوانه إلى سواه»[6].
وقال أيضاً: «خير اخوانك من واساك»[7].
ورسم لنا أمير المؤمنين عليهالسلام مقياساً للتفاضل الاجتماعي يقوم على المنفعة المتبادلة، عندما قال: «خير الناس من نفع الناس»[8].
في حين أن حفيده الإمام الصادق عليهالسلام يرسم لنا معادلة إلهية، هي: «إنّ الله في عون المؤمن ما كان المؤمن في عون أخيه»[9]. وعنه عليهالسلام: أن «من قضى لأخيه المؤمن حاجة، قضى الله عزّوجل له يوم القيامة مئة ألف حاجة»[10].
ويقول أيضاً: «من كان في حاجة أخيه المؤمن المسلم كان الله في حاجته، ما كان في حاجة أخيه»[11] وقال عليهالسلام: «قضاء حاجة المؤمن أفضل من ألف حجّة متقبّلة بمناسكها، وعتق ألف رقبة لوجه الله، وحملان ألف فرس في سبيل الله بسرجها ولجامها»[12].
نتيجة لكل ذلك ما انفك إمامنا الصادق عليهالسلام يوصي بمبدأ الأخوة في مختلف الأحوال والظروف، عن محمد بن مسلم، قال: أتاني رجل من أهل الجبل، فدخلت معه على أبي عبدالله عليهالسلام، فقال له عند الوداع: أوصني. فقال: «أوصيك بتقوى الله وبرّ أخيك المسلم، وأحب له ما تحبّ لنفسك، واكره له ما تكره لنفسك، وإن سألك فاعطه... فوازره وأكرمه ولاطفه، فإنّه منك وأنت منه»[13].
ويظهر على ضوء ما تقدم من أحاديث أهل البيت: أن التكافل من أروع أنواع عبادة الله، بل ويضاهي العبادات الأخرىٰ، ويفوقها ثواباً، قال الإمام الباقر عليهالسلام: «لأن أعول أهل بيت من المسلمين... أسدّ جوعتهم وأكسو عورتهم، فأكفّ وجوههم عن الناس، أحبّ إليّ من أن أحجّ حجّة وحجّة [ وحجّة ]، ومثلها ومثلها حتى بلغ عشراً، حتى بلغ عشرة، ومثلها ومثلها حتى بلغ السبعين»[14].
* التكافل الاجتماعي في مدرسة أهل البيت (ع)
[1] سورة آل عمران: 3 / 103.
[2] من لا يحضره الفقيه / الشيخ الصّدوق 2: 190، الناشر: جماعة المدرسين، قم ـ ط 2 1404 ه.
[3] الأمالي / الشيخ الطوسي: 481 / المجلس السابع عشر.
[4] ثواب الأعمال / الشيخ الصدوق: 288، منشورات الرضي ـ قم، ط 2 ـ 1368 ه.
[5] الخصال / الشيخ الصدوق: 614، نشر جماعة المدرسين في الحوزة العلمية، قم.
[6] غرر الحكم / الآمدي 1: 350 / ح 3، الفصل (29)، مؤسسة الأعلمي، ط 1.
[7] عيون الحكم والمواعظ / علي بن محمد الليثي الواسطي: 238، دار الحديث، ط 1 1376 ش.
[8] عيون الحكم والمواعظ: 239.
[9] ثواب الأعمال: 135.
[10] أصول الكافي 2: 193 / 1 باب قضاء حاجة المؤمن من كتاب الإيمان والكفر.
[11] الأمالي / الشيخ الطوسي: 97 / 147 المجلس الرابع.
[12] مشكاة الأنوار / الطبرسي: 148، المطبعة الحيدرية بالنجف، ط 2.
[13] الأمالي / الشيخ الطوسي: 97 / المجلس الرابع.
[14] الكافي 2: 195 / 11 باب قضاء حاجة المؤمن من كتاب الإيمان والكفر.
وقفة احتجاجية أمام السفارة الأمريكية بعمّان رفضا لقرار ترامب
شارك المئات من الأردنيين، مساء الأربعاء، في وقفة احتجاجية أمام السفارة الأمريكية في العاصمة عمان، احتجاجا على إعلان الرئيس دونالد ترامب، اعتراف بلاده بمدينة القدس المحتلة عاصمة لإسرائيل.
وأفاد المراسلون ، بأن المشاركون في الوقفة رددوا هتافات منددة بالقرار الأمريكي، منها: "من القدس لعمان يسقط حكم الأمريكان"، و"بالروح بالدم نفديك يا فلسطين".
وفي تصريح ، قال عمرو قسوس، أحد المشاركين في الوقفة، "أشارك في هذه الفعالية رفضا للسياسة التي يتبعها ترامب".
وأضاف قسوس، وهو مسيحي أردني، "كنا نتحضر لنحتفل بعيد الميلاد المجيد وألغينا ذلك بعد قرار ترامب".
من جانبه، اعتبر خالد الأحمد، وهو أيضا أحد المشاركين بالوقفة، أن قرار ترامب "لا يختلف عن النكسة العربية عام 1967".
وتوقع الأحمد، ، أن يوقف القرار عملية السلام والتسوية ويقلب الطاولة على الإسرائيليين، مشددا على أن القدس ستعود في النهاية للمسلمين.
ورغم غزارة الأمطار التي تشهدها العاصمة عمان، إلا أن عدد المشاركين في الوقفة الاحتجاجية المتواصلة شهد تزايدا ملحوظا، وسط تواجد كثيف للقوات الأمنية الأردنية في محيط السفارة الأمريكية.
ومساء الأربعاء، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، اعتراف بلاده رسمياً بالقدس عاصمة لدولة إسرائيل، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى المدينة المحتلة.
ومنذ إقرار الكونغرس الأمريكي، عام 1995، قانونًا بنقل السفارة في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس، دأب الرؤساء الأمريكيون على تأجيل المصادقة على هذه الخطوة لمدة ستة أشهر؛ حفاظًا على المصالح الأمريكية.
واحتلت إسرائيل القدس الشرقية عام 1967، وأعلنت في 1980 ضمها إلى القدس الغربية، المحتلة منذ عام 1948، معتبرة "القدس عاصمة موحدة وأبدية" لها؛ وهو ما يرفض المجتمع الدولي الاعتراف به.
كما يتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة استنادًا لقرارات المجتمع الدولي.
مصر.. تخصيص خطبة الجمعة عن القدس وخطورة المساس بها
أعلنت وزارة الأوقاف المصرية، مساء الأربعاء، تخصيص خطبة صلاة الجمعة القادمة بجميع المساجد عن القدس المحتلة، وخطورة المساس بها.
يأتي ذلك ردًا على قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم، بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، والاعتراف بالمدينة الفلسطينية المحتلة عاصمة لإسرائيل.
وقالت الأوقاف المصرية في بيان، إن "الخطبة الموحدة الجمعة المقبل، تم تعميمها للحديث عن القدس وخطورة المساس بها".
وشدد البيان على أن "اتخاذ أي خطوات تجاه انتقاص حقوق أمتنا وسيادتها في القدس مسجدًا(الاقصى) أو مدينة إنما يغذي العنصرية والتطرف والإرهاب، ويولد كراهية وأحقادًا ربما لا يمحوها الزمن تجاه كل القوى الداعمة للكيان الصهيوني".
وفي السياق ذاته، استنكرت دار الإفتاء المصرية، في بيان "بشدة" القرار الأمريكي بشأن القدس، وأكد أنه "يدخل المنطقة والعالم في صراعات لا تنتهي".
وفي وقت سابق اليوم، دعا شيخ الأزهر أحمد الطيب، الأربعاء، إلى عقد مؤتمر عالمي حول القدس، في يناير/ كانون الثاني المقبل، حول القدس، دون مزيد من التفاصيل عن مكان عقده.
وقال الطيب ، إنه "يحذر من تداعيات خطيرة لأي مساس بهوية المدينة المقدسة".
النهضة التونسية تدين اعتراف ترامب بالقدس عاصمة لاسرائيل
أعلنت حركة النهضة التونسية، رفضها وإدانتها الشديدة لقرار الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب الاعتراف بالقدس المحتلة عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إليها، معتبرة القرار "ينتهك القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة."
وأكدت النهضة، في بيان الأربعاء، أن "هذا القرار الخطير والمرفوض يصدم مشاعر العرب والمسلمين وأحرار العالم ويصادر حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشريف."
ونبهت الحركة للتداعيات الخطيرة لهذا القرار، داعية الإدارة الأمريكية الى التراجع عنه.
ودعت في سياق متصل الى تحرك وطني يوم الجمعة القادم انطلاقا من "ساحة محمد علي" بالعاصمة تونس يعبّر فيه التونسيون عن دعمهم للقضية الفلسطينية ورفضهم لانتهاك حقوق الشعب الفلسطيني.
كما دعت أيضا "القوى الوطنية للتنسيق من أجل إنجاح التحرك الرافض للقرار الأمريكي".
وأوضحت أنها " تؤكد دعمها لنضال الشعب الفلسطيني من أجل دولة مستقلة عاصمتها القدس الشريف، وتدعو القوى السياسية الفلسطينية الى تثبيت المصالحة الوطنية بينها وتأكيد وحدة الفلسطينيين لمواجهة هذا القرار الخطير."
والأربعاء، أعلن ترامب، في خطاب متلفز من البيت الأبيض، اعتراف بلاده رسمياً بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل سفارة بلاده من تل أبيب إليها.
ويتمسك الفلسطينيون بالقدس الشرقية عاصمة لدولتهم المأمولة؛ استنادًا لقرارات المجتمع الدولي، فيما تحذّر دول عربية وإسلامية وغربية ومؤسسات دولية من أن نقل السفارة إلى القدس سيطلق غضبًا شعبيًا واسعًا في المنطقة، ويقوّض تمامًا عملية السلام، المتوقفة منذ 2014.
الاسره و المجتمع
تَعتمِد قوَّةُ المجتمعِ ومَنعَته على بنائِهِ القويمِ وتَماسُكِهِ المَتين، ثمَّ على الطَّبيعةِ التي بُنيت بها مُكوِّناته، وتُعدّ الأسرةُ أوَّلَ أدواتِ الوصولِ إلى بناءِ المُجَتمعِ ثمَّ تطوُّرهِ وترابطه؛ فهي الحَجرُ الأساسُ في تكوين المجتمعاتِ ونشأتها، وتَكمُن أهميَّةُ الأسرةِ في كونِها مَطلَبٌ غريزيٌ يُلبِّي حاجةَ الأفرادِ الفطريَّةِ ويُكمِّلُ بشريَّتهم، فَهيَ المُكوِّنُ الآمنُ لتحقيقِ الاستقرارِ النَّفسيِّ والرَّوحانيِّ، والضَّمانُ الأمثلُ لتنميةِ القِيمِ وحفظِ الاأنسابِ والحقوق، وفيها إشباعُ النَّزعةِ نحو الأمنِ والسُّكونِ والاستقرار الوجدانيّ والذاتيّ، ومنها صلاحُ المجتمعِ أو فساده؛ فهي النَّواةُ المركزيَّةُ النَّاظمةُ لتكوينِ المجتمعِ وتحديدِ هويَّتِه وانعكاسِ سلوكاتِه وتأسيسِ شخصيَّته.[١][٢]
تعريف الأسرة
تُعرَفُ الأسرةُ بأنَّها الرِّباطُ الشَّرعي والاجتماعي الذي يَجمَعُ رجلاً بامرأةٍ بعلاقةٍ غريزيَّةٍ شرعيّة تَضمنُ للطَّرفينَ حقوقهما والتزام كلِّ طَرفٍ بواجباتِه، ثمَّ تتَّسِعُ لتشمَلَ ذريَّة الطَّرفينِ وأقارب كلٍّ منهما؛ فهيَ مؤسَّسةٌ اجتماعيَّةٌ قائمةٌ على مبدأ الشَّراكةِ بين جنسينِ لتُوفِّرَ لكلٍّ منهما حاجاتِه البيولوجيَّةِ والغريزيَّةِ ضِمن حدودِ الدِّينِ والقانون، فتَمنحُ الأطرافَ حقوقَهم في الرِّعايةِ والأبوَّةِ لِتبدأ الشَّراكةُ بالتَّوسُّعِ بالإنجابِ ودُخولِ شُركاءَ جُدد لِتسمَّى الأسرة عندها بالأسرةِ النَّواة، ويُمكِنُ اعتِبارُ أقاربِ الطَّرفينِ من أصولٍ وفُروعٍ وقراباتٍ ضمنَ مُكوِّناتِ الأسرةِ أيضاً لتكونَ الأسرةُ النَّواةُ مُحتواةً بأسرةٍ أخرى تضمُّ عناصِرَ وعلاقاتٍ أكثرَ توسَّعاً تُسمَّى حينَها الأسرةُ المُمتدَّة.[٣][٤]
وظائف الأسرة
كانت الأسرةُ قديماً تَعتَمِدُ اعتماداً كلياً على الطَّبيعةِ وظُروفِها لتوفيرِ لُقمَةِ العيشِ لضمانِ استمرارِ بقائها في حدودٍ جغرافيَّةٍ معيَّنة، وكانت الأسرة تتماشى مع التغيُّراتِ والتَّفاعلاتِ البيئيَّةِ والطَّبيعيَّةِ بالارتِحالِ والتكيُّفِ واعتمادِ نمطٍ معيشيٍّ مُعيّنٍ يضمن أمنَ الأسرةِ البيولوجيِّ والأمنيِّ على حدٍ سواء، ومع تطوُّرِ الحياةِ وازدِهارِ الحَضارات، بَدَت الاحتياجاتُ الأسريَّةُ أكبَرَ من ذي قَبل؛ فالضَّروراتُ تتوسُّعُ وتزدادُ والمُتطلَّباتُ متغايرة، وأصبحت الحاجةُ لتكوينِ الأسرةِ لا تتوقَّفُ على الغذاء والحمايةِ والإنجابِ كما كانت سابقاً، بل أصبحت وظائفها أكثر توسُّعاً وأشمل اختصاصاً وشموليَّة. أصبح على الأسرة -في الوقت الحالي- تخطيطُ جميعِ مُدخَلاتِها البيئيَّةِ والفطريَّةِ وتفاعلاتِها السُّلوكيَّةِ والأمنيَّةِ والتَّربويَّةِ وحتَّى الاجتماعيَّةِ لِضمانِ الاستِقرارِ البيولوجيِّ والاجتماعيِّ والأمنيِّ، ثمَّ مع استمرارِ التطوُّرِ والازدهار، وتوسُّعِ المَناطق المعيشيَّةِ إلى مناطِقَ مُتخصِّصةٍ بتنظيمِ السَّكنِ والمعيشة كما في القرى والمدن والبلدان، اختُزِلت وظائفُ الأسرةِ شيئاً فشيئاً لِتعاوِدَ حاجَتها ووظيفتَها للمتطلَّباتِ الثَّلاثِ الأولى، وكانَ ذلك بداعي الاعتِمادِ على المَنظومةِ الأوسعِ والأشملِ وهي المُجتمعُ وأنظِمته ومؤسساته.[٥]
عُرِفَت للأسرةِ وَظائف تختصُّ بها وتُذكرُ في شمائلها، ومن هذه الوظائف:
الوظيفةُ البيولوجيَّة تَنفَرِدُ الأسرةُ بِشرعيَّةِ العلاقةِ الجنسيَّةِ ديناً وقانوناً في مُختَلفِ البِلاد، فتوفِّرُ لِكلا الزَّوجينِ حاجته البيولوجيَّةِ في بناءِ العلاقةِ الجنسيَّةِ وتكامُلِها، وما يَترتَّبُ على ذلِك من استِقرارِ الزَّوجينِ وإشباعِ رَغباتِهما، مع مراعاةِ إنفاذِ الحقوقِ والواجباتِ الموكَلَةِ إلى كلِّ فردٍ منهما، وتنبَثِقُ عن هذه الوظيفة جزئيَّةٌ مُهمَّةٌ تُصنَّفَ كوظيفةٍ رئيسيَّة للأسرةِ ألا وهي التَّكاثر، وبتحقيقِ المصلحة الجسدية المتمثلة بالجنس العفيف يتحقق الأمن الأسري وما ينبنى عليه من أمان المجتمع وصلاحه، ويثمر ذلك في الصحة البدنية للأزواج بعيداً عمَّا يسوقه الجنس المحرَّم من أمراض وآفاتٍ بدنيَّة ومجتمعيَّة، وانفلاتٍ أخلاقي واختلاطِ الأنسابِ.[٦] المحافظة على النَّوعِ الإنسانيِّ في الزَّواجِ ضمانٌ لاستِمرارِ النَّوعِ الإنسانيّ وتَكاثره، وإن كانَ التَّكاثُرُ يحصُلُ بغيرِ الزَّواجِ أيضاً بالعلاقاتِ غير الشَّرعيَّةِ في الأنظمة التي تُبيحُ ذلك، إلا أنَّ الزَّواجَ هو الطَّريقةُ المُثلى والأسمى لتكثيرِ النَّسلِ السَّليمِ من الأمراضِ والتشوُّهاتِ الخلقيَّةِ المعروفة في غيره من طرق التَّكاثر، كما أنه الضَّمانُ التَّربويُّ لبناءِ الطِّفلِ تربوياً واجتماعياً وثقافياً في بيئةٍ مُستقرَّةٍ يَعرفُ الطِّفلُ عناصِرها ويرتاحِ للتَّرابطِ والمودَّةِ التي تسودُها، وتُعدُّ وظيفة التناسل والتكاثر والمُحافظة على النوع الإنسانيِّ من أسمى وأهمِّ وَظائفِ الأسرة التي حَضَّت عليها الشريعة الإسلاميَّة وجَعلتها أولويَّة اجتماعيَّة وقِيَميَّة.[٧]
الوظيفة الاجتماعيَّة يتمثَّلُ دورُ الأسرةِ في هذا البابِ بتوفيرِ الرِّعايةِ والشُّعورِ بالمسؤوليَّة، الأمر الذي يَجلِبُ المَنفعةَ لجميعِ الأطرافِ بما يَتضَّمنهُ هذا الجانبُ من تحقيقِ التَّعاونِ الذي يَجلِبُ الاستقرار والرَّاحةَ النَّفسيَّة، ويُحقِّقُ المعنى الإنسانيّ لتكوينِ الأسرةِ المُستَقرَّةِ، لِما بُنيَت عليهِ الأسرةُ من سلامةِ الفِطرةِ وتوزيعِ الأدوارِ وأداءِ الحقائقِ والواجباتِ، فيتحقَّقُ التَّرابطُ والألفة، ويشتدُّ المجتمع ويتماسك، فيكون بذلك صلاح المجتمع ومَنعتُه وتقدمه.[٨]
الوَظيفةُ التَّربويَّة باعتِبارِ الأسرةِ مَدرسةُ الطِّفلِ الأولى، فإنَّها تحمِلُ على عاتِقِها تكوينَ الطِّفلِ وتأديبه وإكسابه السُّلوكاتِ والقيمِ الحَسنةِ، وتَعليمه العادات والتَّقاليد النَّاظِمة لسلوكِ المُجتَمعِ الأوسعِ، وفي الأسرةِ تُصبَغُ معارفُ الطِّفلِ وشخصيَّته وانتماؤه، وبِنظامٍ يجري في هذه المؤسَّسةِ بِقصدٍ أو بغيرِ قصدٍ يَكتَسِبُ الطِّفلُ قِيمَهُ ومبادءه، وتُصقَلُ مهاراته وتضبطُ انفعالاته، وتُنمَّى مواهِبَهُ وتُغذَّى قُدُراته وطاقاتُه، فيخرج للمجتَمَعِ مؤهَّلاً بالقَدرِ الذي يُمكِّنُهُ من حفظِ شخصيَّتِه وضبطِ سُلوكاتِه وتَصرُّفاتِه دونما تأثيرٍ من البيئة المجتمعيَّةِ المُحيطةِ ليكونَ عنصراً فاعلاً يَرفِدُ المُجتَمعَ ولا يذوبُ فيه.[٩] الانتماءُ والحب يَتحقَّقُ في هذا الجانِب انتماءُ الفردِ ومَدنيَّته؛ إذ تُعدّ الأسرةُ العاملَ الأوّل والأبرزَ في غَرسِ مفاهيمِ الولاءِ والانتِماءِ لدى أفرادِها، ذلك لما يتحقَّقُ من خلالِ تفاعُلاتِها من إثراء الجانبِ التَّعاونيِّ والمَدنيِّ لدى الطِّفلِ، فيتأصَّلُ لديهِ الشُّعورُ بالمسؤوليَّةِ وربطُ المصلحةِ الشَّخصيَّةِ بالجماعة، ويتعمَّقُ لديهِ الإحساسُ بالحبِّ والوفاءِ، فيبادرُ لتقديمِ العونِ ويَنضَبِطُ بقوانينِ الأسرةِ والتزاماتِها، ويَستَشعِرُ الرَّقابةَ الذَّاتيَّةَ في نَفسِهِ ويُقدِّرُ حجمَ الفائدةِ أو الضَّررِ في جميعِ سلوكاتِهِ فيتولَّدُ من ذلكَ مواطنٌ صالح.[٩]
إقامة الدين من أهمّ وظائف الأسرة ومَطالب صناعتها وتأسيسها إقامة الدين في أرض الله تحقيقاً لواجب الاستخلافِ الذي قامت عليه البشريَّة، والأسرة ببساطة تَكوينها هي حجر الأساس الذي تبدأ منه الدّعوة والصلاح، فإن تَحقَّق الدين في أفرادها واستثمر كان لها الأثر العظيم في تأدية هذه الوظيفة على الوجه الأمثلِ المطلوب والموكل إليها، ثمَّ استحكم في المجتمع على سعته لتكون بذلك مِحراك الدّعوة بالأخلاق والفهم السليم.
المراجع
[1] د. علي أبو حميدي، "أهمية الأسرة ومكانتها"، شبكة الألوكة.
[2] د. مصطفى حجازي، الأسرة وصحتها النفسية، صفحة 43.
[3] د. علي أبو حميدي، "التربية الأسرية في ضوء سورة النساء "، شبكة الألوكة.
[4] د. مصطفى حجازي، الأسرة وصحتها النفسية، صفحة 17.
[5] "تطور وظائف الأسرة"، دعوة الحق.
[6] عابد الهاشمي، شعادة الأسرة المسلمة في جنة الدنيا (الطبعة 1)، بيروت- لبنان: دار ابن حزم، صفحة 34، جزء 1.
[7] محمود المصري، الزواج الإسلامي السعيد، صفحة 17.
[8] عطية صقر، موسوعة الأسرة في الإسلام- مراحل تكوين الأسرة، صفحة 43. ^ أ ب عطيَّة صقر، مراحل تكوين الأسرة، صفحة 45.
[9] أمة الله بنت عبد المطلب، رفقا بالقوارير، المدينة المنورة: مكتبة الحرم المدني، صفحة 38-4
حماس تطالب الفلسطينيين بالاشتباك مع الاحتلال في كل فلسطين.. وغارة إسرائيلية على قطاع غزة
حركة حماس تطالب الشعب الفلسطيني بالتوجه غداً السبت إلى نقاط التماس مع الاحتلال ومستوطنيه والاشتباك معهم، وتؤكد أن الانتفاضة التي انطلقت لن تتوقف حتى تحقق كامل المطالب العادلة للشعب الفلسطيني، وإصابة ما يزيد عن 10 فلسطينيين إثر غارة إسرائيلية استهدفت موقعاً لكتائب القسام في قطاع غزة، وبين المصابين أطفال ونساء، وصواريخ تطلقها المقاومة الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية.
أصدرت حركة حماس بياناً دعت فيه الشعب الفلسطيني بكل فصائله ومقاوميه للاستمرار في الانتفاضة المباركة حتى تحقق كامل مطالبنا العادلة، مؤكدة أن "قوتنا كفلسطينيين تتمثل في وحدتنا، وخاصة وحدة الميدان، ولذلك ندعو الجميع للتوحد خلف راية المقاومة".
وطالب البيان الشعب الفلسطيني بالتوجه غداً إلى نقاط التماس كافة مع الاحتلال في كل المناطق، والاشتباك مع جنوده ومستوطنيه فيها، وأكد البيان أن "الانتفاضة المباركة قد انطلقت من جديد، ولن يوقفها سوى استرداد شعبنا لكامل حقوقه غير منقوصة"، داعياً الأمة العربية والإسلامية والأحرار حول العالم لدعم الشعب الفلسطيني.
نهيب بشعبنا الباسل التوجه غدا لنقاط التماس كافة مع الاحتلال في كل المناطق، والاشتباك مع جنوده ومستوطنيه فيها.
في هذه الأثناء، أفادت وزارة الصحة الفلسطينية بأن 10 فلسطينيين أصيبوا بجروح مختلفة إثر غارة جوية إسرائيلية استهدفت بصواريخ عدة موقعاً لكتائب القسّام الجناح العسكريّ لحماس في شمال قطاع غزة.
وأكدت الوزارة أن المصابين "بينهم أطفال ونساء"، وأنهم نقلوا إلى المستشفى في بلدة بيت لاهيا شمال مدينة غزة.
وقال شهود عيان إنّ صواريخ عدة أطلقت من القطاع باتجاه المستوطنات، فيما أعلنت وسائل إعلام إسرائيلية اعتراض القبة الحديدية صاروخين أطلقا من القطاع باتجاه مستوطنة سدوت نيغيف.
ايران: مسيرات حاشدة تنديدا بمشروع ترامب الشيطاني بشان القدس
في اعقاب قرار ترامب الشيطاني بنقل السفارة الامريكية من تل ابيب الي القدس، خرج ابناء الشعب الايراني اليوم الجمعة في ارجاء البلاد في مسيرات وتظاهرات حاشدة بعد صلاة الجمعة في اكثر من 1000 مدينة وقضاء وبلدة ليعلنوا سخطهم وغضبهم على اميركا المستكبرة والمجرمة والكيان الصهيوني الغاصب وينددوا بهذا القرار المجنون والغاشم.
وكان اليوم الجمعة يوم الصرخة واعلان السخط والاحتجاج والغضب الثوري ضد اميركا المجرمة والكيان الصهيوني الغاصب في ارجاء ايران الاسلامية وندد الجميع وبصوت واحد بهذا الاجراء المقيت لترامب وابدوا دعمهم للشعب الفلسطيني المظلوم.
واكد ابناء الشعب الايراني في تظاهراتهم في ارجاء البلاد ان فلسطين اكبر من ان يستطيع ترامب وبقراره هذا تغيير التاريخ، مؤكدين ان القدس ستبقي للابد عاصمة فلسطين والمحور الرئيسي للوحدة والقبلة الاولي للمسلمين، وان الاعتراف بالقدس كعاصمة للكيان الصهيوني السفاح والمحتل والارهابي لا اعتبار ومصداقية له.
واستهجن المتظاهرون بقرار اميركا بنقل سفارتها الي القدس واعتبروه عملا عدائيا معربين عن اعتقادهم بان هذا الاجراء اتخذ بالتنسيق مع بعض الانظمة العربية.
واكدوا ان اميركا وبهذا القرار برهنت مرة اخري عدائها للاسلام والمسلمين والتطاول علي المقدسات واظهرت انها لا تقيم وزنا للقوانين والمواثيق الدولية.
واوضح المتظاهرون ان هذه المحاولة تظهر ان اميركا والكيان الصهيوني الغاصب وصلا الي نهاية الطريق ويأسا من جميع المحاولات الرامية الي القضاء علي القضية الفلسطينية لكن علي الاعداء ان يعلموا بانهم غير قادرين اطلاقا علي اخماد نار غضب الفلسطينيين.