
Super User
إعلان ترشح شفيق للرئاسة المصرية..صمت رسمي وهجوم إعلامي
التزمت السلطات المصرية الصمت إزاء إعلان أحمد شفيق، رئيس وزراء مصر الأسبق، عزمه خوض انتخابات الرئاسة المقررة العام المقبل، في وقت تعرض فيه لهجوم إعلامي حاد، من قبل إعلاميين مؤيدين للنظام.
وشفيق، الذي أعلن، الأربعاء، عزمه الترشح لانتخابات الرئاسة المقبلة، يملك، وفق مراقبين، حظوظًا كبيرة في الفوز برئاسيات 2018، أمام الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، الذي لم يعلن بعد خوضه غمار المنافسة لفترة رئاسية ثانية بشكل رسمي.
وفي وقت لاحق لإعلان ترشحه للرئاسة، اتهم شفيق، عبر كلمة متلفزة بثتها قناة "الجزيرة" القطرية، دولة الإمارات بمنعه من السفر والعودة إلى مصر، لخوض الانتخابات.
فيما أعرب أنور قرقاش وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، عبر "تويتر"، عن "أسف بلاده لقيام الفريق شفيق برد الجميل لبلاده بالنكران"، مؤكدا أنه "لا يوجد عائق لمغادرة شفيق الدولة".
وعبر المحطات التلفزيونية المؤيدة لنظام السيسي، هاجم إعلاميون مقربون من نظام السيسي، شفيق، بينما انقسمت منصات التواصل الاجتماعي بين مؤيد ومعارض للقرار.
الإعلامي المقرب من النظام، عمرو أديب، أبدى استغربه "بشدة" من تصريحات شفيق بشأن منعه من مغادرة الإمارات، متهكمًا "الآن الإمارات تتدخل في الشأن المصري؟ وأنت (شفيق) فيها (تقيم بها) منذ 5 سنوات".
وتساءل أديب، عبر برنامجه المذاع على فضائية مصرية خاصة،: "لماذا اختار شفيق (فضائية) الجزيرة ليختصها بفيديو حصري؟"، موجهًا حديثه لشفيق: "الإمارات ظللت تأكل وتشرب وتنام فيها 5 سنوات (...) الإماراتيون يشعرون بالألم حينما تظهر على الجزيرة بالتحديد".
وتعد الإمارات أبرز حليف وداعم لنظام السيسي، ورحبت بإطاحة قادة الجيش حين كان الأخير وزيرًا للدفاع، بنظام محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب ديمقراطيًا بالبلاد، في 3 يوليو/ تموز 2013، بعد مضي عام واحد على حكمه.
كما تشكل الإمارات ودول مصر والبحرين والسعودية تحالفًا مقاطعًا لقطر بدعوى دعمها لـ"الإرهاب" وهو ما تنفيه الأخيرة، وطالبوا في أكثر من مرة بغلق قناة "الجزيرة"، وهو ما اعتبرته الدوحة تدخلاً في شؤونها الداخلية.
وفي السياق ذاته، هاجم الإعلامي والبرلماني المصري مصطفى بكري، شفيق، قائلاً إنه أدلى بحديث إلى قناة "الجزيرة"، معتبرًا ذلك "سقطة في حق مصر لن تغتفر (..) كنت أتمنى أن ينأي الفريق شفيق بنفسه عن ذلك".
وغردَّ عبر تويتر "لسنا ضد أن يترشح شفيق كيفما يشاء، ولكن لا يجب أن يتحول الأمر إلى خنجر في ظهر الوطن".
وتابع "أحمد شفيق ابن المؤسسة العسكرية ويدرك أن الوطن يخوض حربا عاتية ضد المتآمرين في الداخل والخارج، فحذار من أن تكون أداة لهذا المخطط في يد هؤلاء المتآمرين".
كما استنكر الإعلامي أحمد موسى، عبر برنامجه بفضائية مصرية خاصة، بيان الفريق أحمد شفيق بشأن ترشحه للإنتخابات الرئاسية القادمة على قناة الجزيرة.
وقال إن "لجوء الفريق أحمد شفيق لدولة قطر وقناة الجزيرة جريمة ويمحو تاريخه".
بدورها، أفردت صحيفة "اليوم السابع" الخاصة، تقريرًا عن إعلان شفيق الترشح للرئاسة، والذي اعتبرته "سقطة تكشف وجهه الحقيقي".
وقالت الصحيفة، عبر موقعها الإلكتروني، تحت عنوان "أحمد شفيق يلجأ للجزيرة في الهجوم على الدول العربية"، إنه "لم يكن غريبا أن يهاجم شفيق، الإمارات، التي استضافته عدة سنوات وأكرمته بعدما خرج من مصر خائفا من حكم جماعة الإخوان".
في المقابل، لاقى إعلان شفيق ترشحه للرئاسة، تضامنًا كبيرًا من معارضين، كان أبرزهم المرشح الرئاسي السابق أيمن نور.
وقال نور، في تصريحات صحفية،: "لا أتصور أن نفوذ السيسي وصل إلى حدود مطارات أبوظبي"، في إشارة إلى حديث شفيق عن منعه من مغادرة الإمارات.
وأضاف "ندين ما حدث وهذا يعد استمراراً لتدخل الإمارات في الشأن المصري".
وقال شريف الروبي، عضو المكتب السياسي لحركة 6 أبريل المعارضة، في تصريحات صحفية، إن "شفيق لا يجرؤ أن يأخذ قرار الترشح بدون دعم من قيادات المؤسسة العسكرية .. والحركة لم تتخذ موقفاً من دعمه حتى الآن".
وفي وقت الأربعاء قال اللواء رؤوف السيد، نائب حزب "الحركة الوطنية"، الذي يترأسه شفيق، للأناضول إن الأخير قرر الترشح لرئاسيات 2018.
ويشهد حزب شفيق الفترة الأخيرة، استقالات عديدة لرموز من حزبه بدعوى علاقة الحزب بجماعة "الإخوان المسلمين" بمصر، وهو أمر نفاه الحزب بقوة، وفق تقارير صحفية مصرية.
وشفيق وصيف محمد مرسي، برئاسيات 2012، حيث حصل الأول آنذاك على أكثر من 12 مليون صوت (49% من أصوات الناخبين)، قبل أن يغادر البلاد إلى الإمارات عقب إعلان خسارته.
وسبق أن وجهت السلطات المصرية لشفيق عدة تهم بـ"الفساد" نال البراءة في أغلبها وأسقطت أخرى، قبل أن ترفع اسمه من قوائم الترقب والوصول في نوفمبر/ تشرين ثان 2016.
وكانت صحيفة "الأخبار" الحكومية أكدت، نقلًا عن مصادر لم تسمها، أن "الهيئة الوطنية للانتخابات (مستقلة) ستحدد الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية نهاية ديسمبر/كانون أول المقبل، بالتنسيق مع الإدارة العامة للانتخابات بوزارة الداخلية".
ولم يحسم السيسي، موقفه من الترشح لولاية ثانية وأخيرة (حسب الدستور)، غير أنه يعد من أبرز المرشحين المحتملين.
وفي 7 نوفمبرالجاري، كشف السيسي في حوار مع قناة شبكة "سي إن بي سي" الأمريكية، أن انتخابات الرئاسة ستجري خلال مارس/ آذار، أو أبريل/نيسان المقبلين.
هل يتنافى الحجاب مع حقوق المرأة؟
من جملة الاعتراضات التي أخذت على الحجاب: أنّه يسلب حقّ الحريّة الذي هو حقٌّ طبيعيٌّ للإنسان، ويُعتبر نوعاً من الإهانة للكرامة الشخصيّة للمرأة. وبعض هؤلاء المعترضين يزعمون أنّ مسألة الاحترام لكرامة الإنسان وشرفه تُشكِّل إحدى موادّ لائحة حقوق الإنسان وأنّ كلَّ إنسان هو حرٌّ وشريف، بغضِّ النظر عن لونه وجنسه وجنسيّته أو مذهبه، وأنّ فرض الحجاب على المرأة هو إغفال لحقِّ الحريّة وامتهان لكرامتها الإنسانيّة، وبعبارة أخرى: إنّه ظلم فاحش بحقِّ المرأة وعزّتها وكرامتها وحقِّ حريّتها، وكذلك أنّ الحكم المطابق للعقل والشرع يرفض حجز أحدٍ أو أسر حرّيّته، كما أنّه لا يقبل إلحاق الظلم بأحدٍ بكافّة أسبابه وأشكاله وتحت كافّة الذرائع، ويجب رفع الظلم عنه.
وجواب هذا الاعتراض هو التالي: يلزم التذكير بالفرق بين حبس المرأة في المنزل وبين إدراكها ما يتوجّب عليها حين تواجه الرجل الأجنبيّ، وهو أنْ تكون مُحجّبة.
إنّ مسألة سجن المرأة أو أَسرِها لا وجود لها في الإسلام. الحجاب في الإسلام هو وظيفة تقوم بها المرأة عند مقابلتها أو مواجهتها للرجل.
فعليها حينما تتعامل مع الرجل أنْ تُراعي أسلوباً خاصّاً في لباسها. وهذه المسؤوليّة لم يُحمِّلها الرجلُ للمرأة! وليس أمراً يتناقض مع كرامتها الإنسانيّة، كما لا تُعدّ هذه المسؤوليّة تجاوزاً لحقوقها الطبيعيّة التي منحها الله إياها.
إذا كانت رعاية بعض المصالح الاجتماعيّة تؤدّي إلى تحديد حريّة الرجل أو المرأة، كالتزامها بأسلوب خاصّ في التعامل، واتباعها شكلاً خاصّاً في الحركة، بحيث لا تُربك الآخرين، ولا تفقد التوازن الاخلاقيّ، فلا يُمكن تسمية ذلك سجناً أو عبوديّة، كما لا يُمكن اعتباره منافياً للكرامة الإنسانيّة والحريّة.
هناك في دول العالم المتمدِّن مثل هذه التحديدات في وقتنا الحاضر، سواء للرجل أو للمرأة. فإذا خرج الرجل عارياً أو خرج بلباس النوم إلى الشارع فسوف تُلقي الشرطة القبض عليه، لأنّه ارتكب عملاً يتناقض وقيم المجتمع.
حينما تقضي المصالح الاجتماعيّة والأخلاقيّة بإلزام الفرد برعاية أسلوب خاصّ في التعامل كأنْ يُمنع من الخروج بلباس النوم، فمثل ذلك لا يُعدّ عبوديّة ولا حبساً، ولا يتناقض مع الحريّة والكرامة الإنسانيّة، وليس بظلم، ولا يُعدّ بالتالي متعارِضاً مع حكم العقل.
بل الأمر عكس ذلك، فستر المرأة في الحدود الّتي قرّرها الإسلام يُفضي إلى رفع كرامتها وتعزيز احترامها، إذ يُحرزها ويصونها.
إنّ الشرف الإنسانيّ للمرأة يقتضي حين الخروج من المنزل أنْ تكون وقورة تُثقل الأرض بمشيتها، وأنْ تتجنّب كلَّ ممارسة تستهدف الإثارة، فلا تدعو الرجل لنفسها عمليّاً، وأن لا تلبس اللباس الحاكي وتمشي المشية الناطقة، وأنْ لا تعتمد الحديث المثير. فمشية الإنسان تحكي، وأسلوبه في الحديث يحكي أمراً آخر غير الكلام نفسه.
خُذِ الضابط العسكريّ مثالاً، فالآمر حينما يستعرض جنوده، وهو يحمل على كتفيه وصدره الرتب والميداليّات والأوسمة العسكريّة، يتبختر في مشيته، ويتنفّس الصعداء، ويعلو صوته متهدّجاً فخماً، فهو يحكي بكلِّ هذا الوضع دون لسان ينطق فيقول: ارهبوني، وليتّخذ الرعب موقعاً في قلوبكم.
والحال كذلك بالنسبة للمرأة، فمِنَ الممكن أنْ تلبس لوناً من الثياب أو تمشي بطريقة خاصّة، بحيث يحكي لباسها ومشيتها، فتدعو الرجل بصوت مرتفع لمتابعتها والّلقاء والتغزّل بها، وإظهار الحبّ والعشق.
فهل أنّ كرامة المرأة تقتضي أنْ تكون على هذه الحالة؟
وإذا سارت المرأة في طريقها هادئة طبيعيّة، لا تُثير الأنظار إليها، ولا تدعو الرجال للنظر الى جسدها نظرة ملوّثة، فهل يكون ذلك متناقِضاً مع كرامتها أو مع كرامة الرجل، أم أنّه متعارض مع مصلحة الجماعة، أو يكون ناقضاً للحريّة؟
نعم إذا قال أحدٌ: يجب حبس المرأة في دارها وغلق الأبواب عليها، والحيلولة دون خروجها من الدار بأيِّ وجه.. فمثل هذه المقولة تتعارض مع الحريّة الفطريّة والكرامة الإنسانيّة والحقوق الإلهيّة الّتي تتمتّع بها المرأة. وهي مقولة الحجاب الجاهليّ وليس لها في نظام الإسلام وجود.
إذا سألتَ الفقهاء: هل يحرم خروج المرأة من دارها؟ يُجيبون: لا.
وإذا سألتهم: هل يجوز للمرأة أنْ تبيع وتشتري وتتعامل تجاريّاً مع الرجال؟ يُجيبون: نعم.
وإذا سألتهم: هل يجوز اشتراك المرأة في الفعاليّات الاجتماعيّة العامّة؟
فالجواب: نعم، كما يجوز للمرأة حضور المساجد وممارسة النشاطات الدينيّة. وليس هناك من يقول إنّ مجرّد مشاركة المرأة في الأماكن الّتي يوجد فيها رجال أمرٌ حرام.
وإذا سألتَهم: هل يجوز للمرأة أنْ تتعلّم، وأنْ تُمارِس الفنّ، وبالتّالي ترتفع بمستوى استعداداتها الّتي منحها الله؟.
الجواب: نعم.
والجواب بـ"نعم" في كلِّ ما تقدّم مشروطٌ بأمرين فقط
1 - أنْ تتوفّر المرأة على الحجاب، وأنْ يكون خروجها من منزلها خروجاً عفيفاً، لا تُثير الرجال.
2 - إنّ مصلحة الأُسرة تقتضي أنْ يكون خروج المرأة من دارها مصحوباً برضا الزوج وتقديره. والزوج بدوره ملزم بأنْ لا يتجاوز حدود مصالح الأُسرة.
فمِنَ الممكن أنْ يكون ذهاب الزوجة حتّى إلى بيت أهلها أمراً مُتعارِضاً مع مصلحة الأُسرة. افترضي أنّ الزوجة أرادت أنْ تذهب إلى بيت أختها، وكانت الأخت امرأة مخرِّبة تسعى لتهديم كيان أسرة أختها فتسيّرها بهذا الاتّجاه. والتجربة أثبتت أنّ هذا الفرض ليس نادراً.
ويتّفق أحياناً أنْ يكون ذهاب الزوجة إلى بيت أمِّها مُتعارِضاً مع مصالح الأُسرة. ففي مثل هذه الموارد يحقّ للزوج أنْ يحول دون هذه اللّقاءات الضارّة، والّتي يكون ضررها غير منحصِر بالزوج بل يعمُّ الزوجة والأبناء. أمّا في الأمور الّتي لا علاقة لها بمصلحة الأُسرة لا يبقى هناك وجه ومورد لتدخّل الزوج.
________________________________________
* الشهيد الشيخ مرتضى مطهري - بتصرف
كلمة الإمام الخامنئي في مؤتمر محبي أهل البيت (عليهم السلام)
بسم الله الرحمن الرحيم (1)
والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفى محمد، وعلى آله الطيّبين الطاهرين، وصحبه المنتجبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيها الإخوة الأعزاء، أيتها الأخوات العزيزات! أهلًا وسهلًا بكم، نرحّب بكم جميعًا من صميم القلب. أنتم هنا في بيتكم وبين إخوانكم؛ إننا ننظر بهذه النظرة لإخواننا المسلمين في أي مكان من العالم؛ نحن إخوة، نعتبركم إخواننا، وقد أثبتنا -بتوفيق الله وعونه- مشاعرنا الأخوية بشكل عملي أيضًا.
محبّة أهل البيت (ع) وسيلة لاتحاد لمسلمين
إن موضوع هذا المؤتمر هو محبة أهل البيت (عليهم السلام)، إنه موضوعٌ بالغ الأهمية. حبّ أهل البيت لا يختص بجماعةٍ معينةٍ في الإسلام. كل المسلمين يحبون أهل بيت الرسول، كل المسلمين يودّون أهل بيت الرسول. كان هناك عددٌ محدودٌ وقليل جدًا في التاريخ اسمهم النواصب، وحتى هؤلاء أيضًا من المحتمل أن تكون دوافعهم دوافع سياسية، وليست دوافع دينية بالمعنى الحقيقي للكلمة. لكن قاطبة المسلمين منذ صدر الإسلام الأول وإلى اليوم يُعتبرون محبّين لأهل البيت. حسنًا، هذه الجملة بحد ذاتها هي درس لنا. والدرس هو أنّه يمكن إيجاد إجماع بين المسلمين بواسطة محبة أهل البيت؛ يمكن جعل هذه المحبة محورًا للاتحاد والاتفاق بين المسلمين. كما إنّ الوجود المبارك لرسول الإسلام وسيلة ومحور للوحدة بين المسلمين. وكما إنّ القرآن والكعبة الشريفة محور للاتحاد بين المسلمين، يمكن لمحبة أهل البيت أيضًا أن تكون محورًا لاتحاد المسلمين وتقريب قلوبهم من بعضهم البعض.
العالم الإسلامي اليوم بأمسّ الحاجة إلى الاتحاد
وأقولها لكم أيها الإخوة الأعزاء: إن العالم الإسلامي اليوم بأمسّ الحاجة إلى هذا الاتحاد والتعاطف. إن جسد العالم الإسلامي اليوم جريح. لقد استطاع أعداء الإسلام - من خلال إشعال الحروب والخلافات- إفشال المسلمين، وإيقاع التنازع فيما بينهم وإشغالهم بعضهم ببعض، وبقاء أعدائهم في أمن وأمان. يعيش الكيان الصهيوني الغاصب حال الأمان في منطقة غرب آسيا، فيما يخوض المسلمون في دماء بعضهم البعض! هذه حقيقة وواقع قائم في الوقت الحاضر. وهو من فعل أعداء الإسلام: إنه من فعل أمريكا، ومن فعل الصهيونية الدولية، ومن فعل أتباعهم وأعوانهم في هذه المنطقة. يجب أن نعترف بكل أسف بأن هناك داخل الأمة الإسلامية والحكومات الإسلامية نفسها، من يقوم بما تريده أمريكا والصهيونية، ويتكفّل بنفقاته، ويوفّر مقدماته، فيصبح أداةً لهم؛ من أجل ماذا؟ من أجل جرح جسم الأمة الإسلامية. في مثل هذه الأوضاع والظروف، فإن اتّحاد الأمة الإسلامية أوجب الواجبات. يجب أن نجتمع حول بعضنا.
تكمن مصلحة أعداء الإسلام في جرّ الحروب إلى داخل العالم الإسلامي، وقد أشعلوا الحروب للأسف. لقد وقفنا وصمدنا بوجه مؤامرة العدو هذه وسنواجهها دومًا. وأقولها لكم: نحن نؤمن بأننا بتوفيق الله تعالى وإرادته ومشيئته وبإذنه، سننتصر على أعدائنا في هذه المواجهة.
القرآن والنبي يحضان على محبة أهل البيت (ع)
إن محبة أهل البيت لها جذورها القرآنية، وجذورها في الأحاديث الشريفة؛ وهي ليست بالأمر الجديد. الحديث المتّفق عليه بين المذاهب الإسلامية وهو حديث الثقلين "اِنّي تارِك فيكمُ الثَّقَلَينِ كتابَ اللهِ وعِترَتي اَهلَ بَيتي فَاِنَّهُما لَن يفتَرِقا حَتَّى يرِدا عليّ الحَوض" (2). مع أنه يعلّمنا اتبّاع أهل البيت، لكن الاتباع دون المحبة لا معنى له. وإذن فالمحبة أيضًا تُفهم من هذا الحديث. حينما يرد في القرآن الكريم:«"إنَّما يريدُ اللهُ لِيذهِبَ عَنكمُ الرِّجسَ أهلَ البَيتِ ويطَهِّرَكم تَطهيرًا (3)"، فإن هذا الطهر والنقاء الذي أراده الله تعالى في أهل البيت يستدعي هذا العشق والمحبة التي يُكنّها المسلمون لأهل البيت. إذن، هذه المحبة تصبح وسيلة لاتحاد المسلمين.
فلسطين مفتاح الانتصار على أعداء الإسلام
إن فلسطين اليوم هي قضية العالم الإسلامي الأولى. كل من يفهم ويدرك قضية فلسطين بصورة صحيحة، يقرّ بأنها قضية العالم الإسلامي الأولى. إن قضية فلسطين مفتاح الانتصار على أعداء الإسلام، وهي أهم قضية في العالم الإسلامي اليوم. لماذا؟ لأن فلسطين بلد إسلامي، وقد غصبوه وانتزعوه من أهله. ليس الكلام عن غصب قرية أو مدينة، إنما احتلّ العدو بلدًا وجعله مقرًا للإخلال في أمن بلدان هذه المنطقة. يجب مقاومة هذه الغدة السرطانية.
البعض اليوم يحاد إخوانه المسلمين ويواد أعدائهم
ولكم أن تلاحظوا الآن؛ كيف أن شخصًا يكتسي لباس الإفتاء الديني، يفتي بأنّ قتال الصهيونية حرام وبأنه لا يجوز مساعدة الجماعة الفلانية التي تناضل ضد الصهيونية! إنها فاجعة حقًا؛ أنْ يعمل البعض في العالم الإسلامي ضد مصالح الإسلام بهذه الصورة، وتكون لهم علاقاتهم الوديّة مع الأعداء، وذلك تمامًا بخلاف النص القرآني الصريح بأن المؤمنين "اَشِدّآءُ عَلَى الكفّارِ رُحَمآءُ بَينَهُم (4". فهؤلاء «أشداء على المسلمين» و«رحماء مع الكفار»؛ علاقاتهم مميزة وجيدة معهم.
• لعدم الغفلة عن كيد الأعداء
إجتثاث "شجرة داعش" ليس مدعاة للخلود إلى النوم عن مكائد الأعداء
لكن انظروا ما الذي يفعلونه بالمسلمين من بثٍّ للخلافات وزرعٍ لشجرة "داعش" الخبيثة وأمثال "داعش" في العراق وسوريا وباقي المناطق.
بالطبع، اجتثت هذه الشجرة في العراق وسوريا، ولكن لا يمكن الركون والثقة بهم. قد يخلقون مثل هذا الحال في أماكن أخرى. أمريكا لن تكفّ عن معاداة الإسلام. يجب أن نكون يقظين؛ يجب أن نحافظ على استعدادنا؛ ينبغي ألا نغفل ونفاجأ بشيء. يقول أمير المؤمنين (عليه السلام) في نهج البلاغة: «وَاللهِ لَا أكونُ كالضَّبُعِ تَنامُ عَلىٰ طولِ اللَدم» (5). يجب أن نكون هكذا، فلا يمكننا أن نخلد إلى النوم ونغفل ونتجاهل كيد العدو. يجب أن نكون يقظين.
الموادون للأعداء هم أعداء الإسلام الحقيقيون
لهذه الصحوة مقتضياتها. من مقتضياتها هذه الأخوّة والمحبة التي يجب أن نتحلّى بها. تقتضي هذه المحبة مكافحة ومواجهة العوامل التي تعادي العالم الإسلامي بصراحة. أو التي تساعد أولئك الأعداء. يجب أن تحملوا رسالة هذه الروحية في البلدان المختلفة، وتحافظوا على جهوزية المسلمين للمواجهة والمقاومة. وليس المقصود هو الحرب العسكرية في كل الأماكن، إنما ينبغي أن تعرّفوا أذهان جماهيركم -الناس الذين يستمعون لكلامكم- إلى الحقائق الواقعية اليوم في العالم الإسلامي. إننا بالتأكيد لن نضع هذا الواجب أرضًا. إننا لن نترك هذا الواجب، ونحن على ثقة من أن الله تعالى سوف يعيننا للنجاح في هذه المهمة. الذين خالفوا الآية القرآنية القائلة "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ" ،(6) واتخذوا أعداء المسلمين وأعداء الإسلام وأعداء الله أصدقاء يبادلونهم المودة، هم أعداء الإسلام الحقيقيّون في داخل المجتمع الإسلامي.
العالم الإسلامي بإمكانه فرض كلمته على الإستكبار
الحمد لله على أن العالم الإسلامي قد تيقّظ اليوم. نحن المسلمين في مختلف البلدان نُشكّل حقيقة عظيمة، نحن حال حقيقيةٌ مفروضةٌ على الاستكبار والكفر. يمكن للعالم الإسلامي اليوم الوقوف بوجه الكفر والاستكبار وفرض كلمته وفكره. والحمد لله على أن هناك في الجغرافيا الإيرانية دولة باسم الإسلام وهي تفخر بأنها دولة إسلامية. بالطبع، نحن لم نصل بعد إلى كل آمالنا في تحقيق حاكمية الإسلام في البلاد. نحن في منتصف الطريق، لكنّ هدفنا هو تحقيق كل الأهداف الإسلامية وتحكيم الشريعة الإسلامية بالكامل. هذا هو هدفنا وسوف نتابع هذا الهدف بتوفيق الله تعالى وإذنه. وسيكون هذا وسيلة للانتصار على أعداء الإسلام؛.اليوم هذا واقع قائم وموجود هنا.
قوى الإستكبار ناصبتنا العداء بكل قوتها وصمدنا
أيها الإخوة الأعزاء، أيتها الأخوات العزيزات: لقد مضى على تأسيس الجمهورية الإسلامية حوالي أربعين سنة، وقد ناصبتنا أمريكا العداء منذ اليوم الأول وحتى اليوم، وناصبتنا جبهة الكفر والاستكبار والصهيونية العداء، وتآمرت علينا، واستخدمت كل طاقاتها وما استطاعت ضدنا. لقد مارسوا الحظر الاقتصادي، والهجوم العسكري، وقاموا بأعمال مختلفة، وعلى الرغم من كل هذا فقد تقدمنا إلى الأمام دائمًا طوال ما يقارب الأربعين عامًا. إن تقدم الجمهورية الإسلامية في الوقت الراهن، بتوفيق من الله، لا يمكن مقارنته بما كانت عليه الأمور قبل ثلاثين سنة أو خمس وثلاثين سنة.لقد أرادوا القضاء علينا، فزاد الله تعالى من قوّتنا رغمًا عنهم، ومنحنا القوة، بل جعلنا أقوى حتى ممّا كنا نرجوه ونأمله.
سنقدم مساعدتنا في مواجهة الإستكبار حيث تستدعي الحاجة
الجمهورية الإسلامية اليوم في منتهى القوة والقدرة والحمد لله، وهي صامدة. ونحن نقول كلامنا بصراحة ونقف عند كلمتنا، حيثما استدعت الحاجة تواجدنا. وكلما استدعت الحاجة لمساعدتنا في مواجهة الكفر والاستكبار، سوف نقدم مساعدتنا هناك. هذا ما نقوله بصراحة ولا نُحرج من قوله في مواجهة ومجابهة عالم الكفر والاستكبار. إننا لا نُعير اهتمامًا لأي أحد ولا نسايره، ونقول كلامنا ومكنون قلبنا بصراحة. مثل هذا الواقع قائم اليوم في العالم الإسلامي، ونأمل، بتوفيق من الله، أن يأتي اليوم الذي تعود فيه فلسطين لأهل فلسطين ويكون شعب فلسطين مالكًا لبلاده، ويعود اللاجئون الفلسطينيون إلى فلسطين، سيكون ذلك اليوم يوم احتفال وعيد في العالم الإسلامي، وسوف توجّه للاستكبار في ذلك اليوم الضربة الحقيقية التي تقصم ظهره، ونحن نسعى ونعمل لأجل هذا وسوف يأتي ذلك اليوم إن شاء الله. أرحب بكم مجددًا أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، وأستودعكم الله جميعًا وأتمنى أن يكون مؤتمركم هذا مؤتمرًا مباركًا إن شاء الله.
والسّلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
1ـ في بداية هذا اللقاء الذي أقيم بمناسبة انعقاد مؤتمر «محبّو أهل البيت (عليهم السلام) وقضية التكفيريّين» بطهران في يومي الثاني والعشرين والثالث والعشرين من تشرين الثاني 2017م، تحدّث الدكتور علي أكبر ولايتي الأمين العام للمجمع العالمي للصحوة الإسلامية.
2ـ أمالي الصدوق، ص 415 مع قليل من الاختلاف.
3ـ سورة الأحزاب، قسم من الآية 33.
4ـ سورة الفتح، قسم من الآية 29.
5ـ نهج البلاغة، الخطبة رقم 6.
6ـ سورة الممتحنة، قسم من الآية 1.
قائد الثورة: يجب مواصلة التواجد بالمياه الحرة كما في السابق
أكد قائد الثورة الاسلامية، آية الله السيد علي الخامنئي، ضرورة مواصلة تواجد البحرية الايرانية في المياه الحرة كما في السابق، مضيفا ان البحرية الايرانية بدأت نهضة تنموية جيدة.
وجاء ذلك خلال استقبال سماحته اليوم الثلاثاء، كبار قادة القوة البحرية التابعة لجيش الجمهورية الاسلامية الايرانية.
ولدى استقباله اليوم قادة القوة البحرية ومسؤوليها، وصف سماحة السيد الخامنئي (حفظه الله) يوم 28 تشرين الثاني/ نوفمبر بأنه مفخرة للقوة البحرية ويوما رمزيا لتكريم تضحيات افرادها، وقال: ان العمليات البطولية للقوة البحرية ضد بحرية نظام صدام في 28 تشرين الثاني 1980، تركت أثرا عميقا على الحرب، حيث خفضت هيمنة العدو على البحر الى الصفر، مؤكدا ضرورة تخليد ذكرى عمليات 28 تشرين الثاني وذكرى شهدائها الأبطال.
ولفت قائد الثورة الاسلامية الى اهمية القوة البحرية، وقال: ان القوة البحرية هي في الخط الاول للدفاع عن البلاد، وأمامها مناطق هامة من قبيل مكران وبحر عمان والمياه الحرة، ولابد من مواصلة التواجد في المياه الحرة كما في السابق.
وأكد سماحة القائد ضرورة زيادة قدرات القوة البحرية من حيث التجهيزات والقدرات القتالية وضرورة الاستفادة من مختلف امكانات النظام في رفع النواقص، وقال: لقد بدأت حركة تنموية جيدة في القوة البحرية، واليوم فإن القوة البحرية هي اكثر تطورا وقوة مقارنة بما قبل 20 عاما، الا ان هذا المستوى من التطور غير مقنع، ولابد من مواصلة حركة التقدم بزخم اكبر في جميع الأقسام بعزم ومعنويات وهمة عليا ومن خلال الإبداع والمبادرة.
وقبيل كلمة سماحة قائد الثورة، شرح قائد القوة البحرية، الاميرال حسين خانزادي اهداف ونشاطات القوة البحرية، وقال: ان زيادة القدرات القتالية والتواجد المؤثر والفاعل في البحار والمحيطات والمياه الحرة، وتوفير الامن لخطوط الملاحة الايرانية، وتكريس حالة الردع في سواحل مكران وتحقيق التنمية فيها، هي من الفعاليات المدرجة على جدول اعمال القوة البحرية لجيش الجمهورية الاسلامية الايرانية.
العبادي يعلن تطهير 14 ألف كم بصحراء الأنبار من "داعش"
أعلن رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، الثلاثاء، تطهير 14 ألف كم مربع في الصحراء الغربية بمحافظة الأنبار (غرب).
وقال العبادي خلال مؤتمر صحفي عقده عقب اجتماع لحكومته ببغداد، إن "القوات الأمنية طهرت حتى الآن 14 ألف كم مربع في منطقة الجزيرة الغربية بمحافظة الأنبار (مناطق صحراوية لا يعرف مساحتها بالضبط)، وأنهينا تنظيم داعش الإرهابي عسكريا على أراضينا".
وأوضح العبادي أن "القوات الأمنية وصلت إلى مناطق حدودية مع سوريا لم تتمكن الحكومات المتعاقبة من الوصول بشكل كامل إليها منذ 100 عام (في إشارة إلى مناطق صحراوية نائية)".
وتبلغ مساحة محافظة الأنبار نحو 138 ألف كيلومتر مربع، أغلبها مناطق صحراوية، فيما تشكل المحافظة ثلث مساحة العراق.
وأكد العبادي أن "الجزء الأكبر من النازحين من المناطق المحررة عادوا إليها".
ومنذ بروز "داعش"، نزح نحو 4 ملايين عراقي من منازلهم، تقول الحكومة العراقية إن أكثر من نصفهم عادوا إلى مناطقهم بعد تحريرها من التنظيم.
تجدر الإشارة أن العبادي أعلن الأسبوع الماضي القضاء على "داعش" عسكريا، فيما أكد أن قواته تجري عمليات تطهير للصحراء الغربية وصولا إلى الحدود مع سوريا.
وخسر "داعش" الأراضي التي كان سيطر عليها في 2014، والتي كانت تقدر بثلث مساحة العراق، إثر حملات عسكرية متواصلة منذ 3 سنوات بدعم من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
ورغم خسارة تنظيم "داعش" الحرب من الناحية العسكرية، إلا أنه لا يزال يشكل تحديا خصوصا عبر الخلايا النائمة التي تشن هجمات في مناطق آمنة، كان آخرها الهجوم الانتحاري المزدوج في منطقة النهروان جنوب غربي بغداد يوم أمس الاثنين، وأوقع 19 قتيلا بحسب مصدر أمني.
البعد الأخلاقي والاجتماعي في قوله تعالى (خلقكم من نفس واحدة)
البعد الأخلاقي والاجتماعي في قوله تعالى: "خلقكم من نفس واحدة"
بعد حلول السكينة، وانتشار الرحمة في الحياة الزوجية، وبعد أن تجمع علاقة الأنس والمودة بين الزوجين، تتجلّى صورة النفس الواحدة، التي تحدّث عنها القرآن الكريم في آياتٍ متعدّدة، منها: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا).
(هُوَ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا)17.
(وَاللّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجا)18.
إضافة إلى غيرها من الآيات التي تؤكّد هذا المفهوم.
فما معنى النفس الواحدة؟ وكيف تتجلى؟ وما الأثر الذي تتركه في حياة الزوجين؟
تعدّد تفسير النفس الواحدة التي وردت في الآيات، بين من اعتبر أنّها الذات في الأصل، ثمّ استُعملت للتأكيد، ويُعبّر بها عن الروح19. وبين من يفسرها بالنوع والشكل؛ بمعنى أنّ الله تعالى خلق من نوع الإنسان وعلى شكله زوجاً يبادله العطف والاطمئنان، وقيل قديماً: كلّ شكل إلى شكله ألِف20.
فالزواج أول مرحلة للخروج من حبّ الذات، حيث يشعر كلّ طرف بأنّه يحب شخصاً آخر كما يحب نفسه، ويصبح الاثنان واحداً. هذا بالطبع إذا تعلّق- حقيقةً- بالطرف الآخر وأحبّه21.
والمحبّة تزداد مع المعاشرة، والتواصل الدائم بين الزوجين، ويكون أثرها كبيراً بحيث إنّ شكليهما يتشابهان بالتدريج؛ أي إنّ روحيهما تتطابقان، فيؤدي ذلك إلى تطابق جسميهما، وتشابه شكليهما بالتدريج. وهذه أول مرحلة يخرج فيها الإنسان من نطاق النفس الفردية؛ ولهذا السبب اعتُبر الزواج في الإسلام أمراً أخلاقياً، مع أنّ أساسه الشهوة. وهو الأمر الوحيد الذي له جانب أخلاقي في الوقت الذي يقوم على أساس طبيعي وشهواني؛ مثلاً: ليس للأكل جانب أخلاقي، ولكن للزواج جانباً أخلاقياً... وبُعداً معنوياً22.
خلاصة القول، إنّ الألفة والمودة هما أساس نجاح الحياة الزوجية، بهما تصبح النفسان نفساً واحدة، ولا يعود يعمل الشخص لأجل "الأنا" فقط، بل لأجل "نحن"، حيث يتعلّق بمصير شريكه؛ يبادله أفراحه وأحزانه، يتعب لراحته وأمانه. وعندها يعيش هو الراحة والسكينة، ويدرك حقيقةً معنى النفس الواحدة التي خلقها الله –سبحانه- بلطفه وحكمته، فيتوجّه إليه بخشوع مناجياً: "إلهي بك هامت القلوب الوالهة، وعلى معرفتك جُمعت العقول المتباينة، فلا تطمئنّ القلوب إلا بذكراك، ولا تسكن النفوس إلا عند رؤياك. أنت المسبَّح في كلّ مكان، والمعبود في كلّ زمان، والموجود في كلّ أوان، والمدعو بكل لسان، والمعظَّم في كل جنان. أستغفرك من كل لذّة بغير ذكرك ومن كل راحة بغير أنسك، ومن كل سرور بغير قربك، ومن كل شغل بغير طاعتك"23.
* مجلة نجاة - بتصرف
16 سورة النساء، الآية1.
17 سورة الأعراف، الآية 189.
18 سورة النحل، الآية 72.
19 يراجع: الطوسي، م.س، ص 240.
20 يراجع: مغنية، محمد جواد: التفسير الكاشف. ط4، دار العلم للملايين، بيروت، 1990م، ص136.
21 يراجع: مطهري، (م.س)، ص157.
22 يراجع: ويل دورانت: مباهج الفلسفة، نقلاً عن مطهري،( م.س)، ص157.
23 القمي، عباس: مفاتيح الجنان. ط2، دار الثقلين، بيروت،1418هـ، 1998م، مناجاة الذاكرين، ص184.
إيران...ولعبة التاريخ
إن افتراض مواجهة عسكرية بين الغرب وإيران يبدو ضئيلاً، وربما غير مقبول أميركياً، وإن إسرائيل أمام هذا الضعف الغربي تبدو هشّة، وهي بالتأكيد الآن تحرص على حدودها خوفاً من حزب الله، والحال هذه فإن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على تغيّرات في الاستراتيجية نحو السلام وربما إدخال إيران أميركياً ضمن القوى الفاعلة في المنطقة قصد الحد من تأثيراتها السلبية على إسرائيل.
لديّ قناعة، وبناء على رؤى تحليلية، أن إيران ستظل العمق التاريخي للمقاومة والنظام الإسلامي بكل محصلاتهما المعرفية والإنسانية، وأنه - بالتالي - لا مجال لأميركا للمغامرة معها في حرب قد تُطيح بهيبة أميركا وترفع إيران إلى مصاف آخر جديرة بالاحترام. إذن ، ثمة مواقف هي للتاريخ وأخرى هي للجغرافيا.. وحين يلتقي التاريخ بالجغرافيا يولد الإنسان كما يقول حسنين هيكل، وذلك ما يؤمن به الجنرال ديغول حسب ما جاء على لسان صديقه المُبدع "أندري مارلو" كما يصفه ديغول نفسه..حين زار الجنرال ديغول إيران عرف أن الشعب الإيراني لا يعرف المكان الذي توجد فيه فرنسا في الخريطة السياسية للعالم، يقول أندري مارلو :" روى لي السفير الفرنسي في إيران أنه عند زيارة الجنرال "ديغول " لإيران وبالضبط للمدينة التاريخية شيراز.... كان مستقبلوه يصيحون عاش رستم " ، ويقول ديغول نفسه أيضاً "التاريخ في شيراز أقوي من التاريخ في فرنسا "، كلمة حق في عالم عاصف ومواقف متضاربة من بعض المُناهضين للحقيقة ، ومن بعض الأعراب المُتآمرين عليها.
ومن هنا يمكن التأكيد على أن الولايات المتحدة الأميركية قد دخلت الدوّامة الإيرانية من دون أن تدرك الخلفيّات التي تحكمها والقوة التي تديرها، وهي تعلم يقيناً مدى قوة الثورة الإيرانية بالمفهوم الإيديولوجي والتاريخي، ولكنها لا تعرف المستويات التي تأخذها أثناء حالات نشوب حرب، وقد جرّبت الحرب الباردة ضدّ إيران على مدى ثلاثة عقود من الزمن ولم تتحكّم في القوة الخفيّة التي تُسيّر إيران إلا ما يمكن اعتباره تجاوزاً بالمعارضة الهشّة، وحتى هذه المعارضة لا تعرف عنها إلا القليل، إن الفكر السياسي الإيراني ـ بالتأكيد ـ يقترب من المستقبل أكثر مما يقترب من الحاضر، وأن الحدث التاريخي فيه مثل الحدث الجغرافي والفكري الذي يملك هذين المبدأين يمثل الحقيقة الاجتماعية بكل ترسّباتها، والمجتمع الإيراني يمتاز بهذه الصفة، صفة الانضباط من جهة، وصفة التصنيف الواقعي للفكرة الأساس التي تناضل إيران من أجلها من جهة ثانية، ولذلك فإن حكّام إيران حين يقرّرون موقفاً ما يأخذون قرارهم من هذا التصفيف التاريخي والجغرافي لواقع إيران ..
وحين يدافعون عن حقيقة ما فإنهم ينطلقون من هذا المخزون العام للشؤون الوطنية وليس من خارجه كما يفعل مجلس التعاون الخليجي المأزوم، وبالتالي فإن أية محاولة أميركية لجرّ إيران إلى صفّها السياسي هي محاولة شبيهة بمحاولات بحّار في محيط هائج وتحت ضربات العواصف العاتية يريد توقيف الأمواج أو تكسيرها بتعبير ونستون تشرشل.. فهل تدرك أميركا الآن،إنها وقعت في الحفر التاريخية الإيرانية، وإنها على طريق الاحتراق سواء أقرّت بذلك أو تمادت في طغيانها..؟ وهل تتكرّر معها مأساة روما فيحرقها المحافظون الجُدد مثلما أحرق نيرون روما.. لقد حان الوقت كي يُدرك الهاربون من السياسة مواقف إيران والرمال التي تتحرّك فوقها، وبالطبع ليست لعبة الرمال المتحرّكة فقط كما يُعَنوِن مدير المخابرات المركزية الأميركية السابق أحد كتبه، إنها لعبة التاريخ ولعبة الجغرافيا ثم لعبة الشعور الديني والوطني..إذن، الغرب أمام المأزق الإيراني والذين سايروه في مواقفه المدمّرة حفاظاً على عروشهم هم أيضاً أمام الاحتمالات السيّئة، فلا الحرب ضد إيران قادمة ولا الاستسلام لمطالب الغرب جاهزة، إنها المعادلة التي تبدو من وجهة نظر البعض مستحيلة ومن وجهة نظر البعض بداية النهاية للاستعلاء الغربي ضد العالم النامي، أو بالأحرى العالم الإسلامي.
إن افتراض مواجهة عسكرية بين الغرب وإيران يبدو ضئيلاً، وربما غير مقبول أميركياً، وإن إسرائيل أمام هذا الضعف الغربي تبدو هشّة، وهي بالتأكيد الآن تحرص على حدودها خوفاً من حزب الله، والحال هذه فإن منطقة الشرق الأوسط مقبلة على تغيّرات في الاستراتيجية نحو السلام وربما إدخال إيران أميركياً ضمن القوى الفاعلة في المنطقة قصد الحد من تأثيراتها السلبية على إسرائيل، لقد فهم الغرب من تجربته مع بن لادن أن ما يبدو مستحيلاً يصير ممكناً ، وأن التطوّر الحاصل على مستوى الرؤية الفكرية ذات البُعد الديني أكثر بكثير من الرؤية العسكرية ، فالأولى نتاج تراكم تاريخي وإنساني ، والثانية نتاج تطوّر آلي في اتجاه مادي هو ملك مشترك، بخلاف الأول، وأن الإيديولوجية أياً كان مصدرها هي مثل التكنولوجيا، الأولى غسيل الدماغ والثانية غسيل للأمعاء، وأن التجارب أيضاً هي بمثابة صخرة الصلصال لا ينحت منها إلا مَن كان وارثاً لها، وإيديولوجية أميركا هي نسخة مشوّهة من إيديولوجية الصهاينة بل ربما هي فوق كل مستويات السوء سوءاً.
إن الحقائق على أرض الواقع تغيّر الكثير من الاتجاهات، فالحقائق التي أوجدها في الميدان حزب الله في حربه الأخيرة مع إسرائيل غيّرت الكثير من المفاهيم الخاطئة التي كان ينظّر بها الغرب، والحقائق على الأرض التي رسمتها حرب غزّة غيّرت نظرة العالم إلى المقاومة الإسلامية بقيادة حماس ، وأصبحت الآن جزءاً من المعادلة السياسية في محور المقاومة ومن الأطراف الفاعلة في أي حل للقضية الفلسطينية. شيء آخر هو أن كل سياقات التاريخ تؤكّد أن المقاومة بكل أشكالها هي في النهاية الرابح الأكبر، فمقاومة إسرائيل- كذباً - للعالم لستة عقود جعلتها تنجح في بناء قوّتها، لكن مقاومتها ليست مبينة على أهداف مشروعة ولا مساحة من التاريخ مثل محور المقاومة بقيادة إيران بل مقاومة افتراضية منشؤها الخوف مرة وتارة تعطّشها التاريخي للإرهاب، ولذلك فإن أية مقاومة ولو بسيطة تقف أمامها ستنتصر إن كانت بالطبع تأخذ من واقعها التاريخي وشعورها القومي، وإن ما حصل فعلاً في الحالتين لحد الآن حالة المقاومة الإسلامية في غزّة ولبنان تؤخذ بالحسبان في أية مغامرة عسكرية لها ، بل أن هناك من الساسة الإسرائيليين أمام الانكسار الكلّي، بل أن "أولميرت "رئيس الوزراء الأسبق حدّد النهاية لإسرائيل إن هي ظلّت تأخذ بالأوهام في ما تقول به من "النيل إلى الفرات"، وهناك مصادر إسرائيلية تقول إن الهجرة من إسرائيل إلى بلدان أخرى بدأت في الارتفاع، وإن الهجرة إلى إسرائيل انكمشت إلى حد مُقلق بالنسبة للساسة الإسرائيليين، هناك إذن صراع على المستوى السياسي وعلى المستوى الداخلي إن في إسرائيل أو في الغرب، في إسرائيل عملية الهروب خوفاً من المجهول وفي الغرب تنامي ظاهرة الإحباط من مشاهد الموت التي يشاهدها الملايين من البشر للجنود الأميركيين ومَن تحالف معهم ، بالتالي – يطالبون بعودة أبنائهم من حرب خاسِرة ومُدمّرة لاقتصاد بلدانهم .
العالم إذن، أمام مُنعرجات قد تقوده إلى مرحلة ما بعد الحرب الباردة بفلسفة إيرانية، السلام فيها للجميع وإما أزمات أخرى تقوده إلى متغيّرات دراماتيكية يخسر الغرب فيها كل ما بناه من سياسات تجاه الشرق الأوسط ، وتكون إسرائيل الضحية الأكثر جروحاً والأكثر آلاماً ، وهو الملاحظ اليوم بعد دخول روسيا الحرب ضد "داعش" وأخواتها في سوريا، بل أن انتصار سوريا الذي صار أمرأ مقضياً يضع كل محور المتحالفين ضدها وضد محور المقاومة بقيادة إيران أمام تحديات خطيرة ربما هي الأسوأ في التاريخ، لأن الهزيمة ليست لدولة واحدة بل لأكثر من ثمانين دولة ظنّت وهماً أن نظام بشّار الأسد قد انتهى من على الخارطة السياسية، وقد تم ذلك القول مباشرة مع بداية العدوان ومن أهم الساسة واجهتهم الاستخباراتية، ولكن للتاريخ في سوريا حسابات مع الغُزاة وللجغرافيا فيها حُفَر للأعداء، فهل يتّعظ رئيس الاستخبارات السعودية الأسبق الأمير تركي الفيصل بن سعود، ومَن معه في الحكم السلالي حين "اعتبر في أسف شديد أن الرئيس الأميركي باراك أوباما أخطأ حينما استبعد إرسال قوات برية لسوريا والعراق"، أم صدق "أشترن كارتر" بقوله " قال لي دبلوماسي خليجي ادّعى أن هناك جيشاً سنّياً من 70 ألف جندي وهؤلاء مستعدّون للعبور نحو العراق وسوريا وهزيمة داعش". يقول كارتر "سألني عضو الكونغرس لِمَ لم أقبل العرض؟ فأجبته "هل قال لك إن 60 ألفاً من هؤلاء هم سودانيون؟".
محمّد لواتي رئيس تحرير يومية المُستقبل المغاربي
الجزائر.. المصالحة ولعبة التاريخ....
تساءل مَن تساءل عن الخلفيات التي أعادت بها القناة الوطنية جزءاً من مشاهد العشرية السوداء على قسوتها، وقد أدارت قناة الميادين ندوة في الحدث مشكورة، لكن يبدو أن الكل فَهِم الموضوع خطأ..؟
فالتذكير بالتاريخ عندنا في الجزائر أمر مهم لأننا أمّة التاريخ، 132 سنة من المقاومة فحرب التحرير.. نتذكّر للتاريخ أيضاً طلبة سوريا وهم يردّدون النشيد الوطني الجزائري قبل دخولهم الأقسام الدراسية زمن ثورتنا التحريرية..نتذكّر أيضاً للتاريخ جموع الشعب اللبناني ومقاومته وهي تنزل علم فرنسا من فوق سفارتها وترفع فوقها علم الجزائر.. نتذكّر كي لا ننسى التاريخ ونتعلّم منه، ومن لا يُصغى إلى صوت التاريخ لن يتعلّم أبداً.. وللحقيقة وللتاريخ فإن الأمن القومي العربي بعد ما أخذ بالتجزيئية بالتصنيف للمخاطر التي تحوم حولنا من غيرنا أو من بعض بيوتنا فإنه يبدو في حال انهيار أو تآكل بأدنى توصيف.. أكيد هناك قوى تغريبية داخلية بوعي منها أو بغير وعي تحاول جرّنا إلى مستنقع الخطأ السياسي، ومنه إلى الطائفية تحت مظلّة "محور الاعتدال" وهو ما يعني تقبّل القابلية للاستعمار بتعبير مالك بن نبي.. ربما البعض منا مازال يستنسخ في السياسة على وجه التحديد وثنيّات العصر القبلي، ثم يقول – وبكل بساطة – نحن نصنع التاريخ لنا ولغيرنا بمحور الاعتدال !! كحال السعودية، بل ويقولون في غير وعي نحن قادة الأمّة العربية السنّية المذهب!! وكأن للتاريخ ذيلاً يشدّنا باستمرار إلى الأزمات الكبرى لهذه الأقوال ولتلك الدول.. لسنا وحدنا بالتأكيد في المأساة التي يُعانيها العالم اليوم، ولكن مأساتنا في العالم العربي مُصطنعة، تلعب بها أطراف عربية وغربية غير واعية ولا شيء في منظورها يشدّها صوب التاريخ غير كرسي العرش وفكْر القبيلة!! ولأدعياء السلفية -غير التعبّدية - ولمفاهيم أكثر ارتدادية هم صفوفها، فهل بالإمكان بناء جدار الأمل تحت طائلة المذهب الوهّابي الطارئ والمتطرّف بالنسبة للساحة الجزائرية مثلاً..؟ وهل بالإمكان لدُعاته وعباده الاستحواذ على الصدارة بالوَهْم في عالم متغيّر، وفي ظلّ الافتراضات المبنية على الإلغاء المُطلق للآخر كما يدعو إليه هذا المذهب ويحرق الأرض ويصلب البشر من أجله.. ؟ بالتأكيد لا، هذا هو جوهر الصراع المرير بين ما هو من صنع الذات وبين ما هو مصنوع خارج الذات، أجل من الممكن العودة إلى الذات بالمصالحة وبأضواء كاشِفة – وبالتالي – الخروج من المحنة بانتصارات واعية، وواعِدة، ودائمة، وهذا ما حقّقته المصالحة مع الذات في الجزائر بعد عواصف الأزمة بدءاً من (قانون الرحمة) وصولاً إلى (الوئام المدني وميثاقه)، ولذلك فإن محاولات بعض المستفيدين من الأزمة تصريف التاريخ وفق رؤى تجزيئية ظلّت محاولات بلا صدى، لأن التاريخ ذاته يرفض التجزيئية. ولأن المصالحة أيضاً أعادت التسامح الديني إلى مفهومه الصحيح، والتعدّدية السياسية إلى مرتكزاتها المعمول بها دولياً.
بهذا المنطلق تبدو الجزائر وقد خطت برؤيتها في المصالحة خطوات مهمة نحو تثبيت أمنها القومي، وبعد تفكيك خيوط الأزمة والمُتلاعبين بها وتوطيد المصالحة لاحقاً، يتم ذلك رغم محاولات فرنسا وإسرائيل إجهاضها بوسائل أمنية متطوّرة، تتم مواجهة ذلك بهدوء ودائماً بحثاً عن نقطة ضوء وسط رماد التاريخ، وحسبها في ذلك حقائق الواقع ، وسوابق التاريخ الكاشفة لما هو صائب ولما هو خاطئ، الجزائر بالمصالحة إذن حاولت كسب الواقع وإعادة تصفيفه ونجحت، والواقع الجديد أرغم الجميع على ذلك - كما يقولون – وفي نيّة الكل بناء ما تحطّم من الذاكرة، ذاكرة التاريخ وذاكرة المستقبل، وليس الكل أوفياء للموقف فحسب، ولكن الكل ملزمون بالعمل من أجل الموقف، في زمن تردّت فيه المواقف في بعض الدول العربية ضدّ بعضها البعض إلى ما يشبه التواري وسط توجّهات تتنكّر لكل قِيَم الأمم وثوابت المستقبل، وترتمي في أحضان إسرائيل وأميركا وكأنهما المُخلّص لها مما هي فيه من سوء فهم للإسلام وللسياسة.. تتنكّر كذلك لكل فضل حضاري يأتي من عُمق الذات العربية لأنه من غير مذهبها، وبوسائل لا تثمّنها سوى بقايا التاريخ .. واقعنا الجزائري إذن، وللمصالحة التي تمت فيه، عاد إلى وظيفته التاريخية ولكن بسؤال بسيط : ما طبيعة هذه العودة، وفي أيّ اتجاه يمكن رسم خارطتها، وهل هي عودة بحثاً عن الكلمات داخل الكلمات وكفى..؟ بالتأكيد لا، لأن الجزائر في سياستها تؤمن بالتزاوج بين الثقافة والسياسة، خاصة في الظروف المُتآكلة، وبالمواقف المُتصالحة مع الذات، في الظروف التي تنشأ فيها الأزمات الكبرى، إنها تستنطق التاريخ الجهادي لشهدائها لأنه حصنها المنيع، وصوت شهدائها مرسوم على ألواح الجغرافيا لا تدروه رياح العواصف طالما ظلّ راسخاً في الوجدان الشعبي .. تؤمن أيضاً بالالتزام بقضايا الكل لأن المواقف لا تقبل الانشطار، ولا تقبل الانتصار للطارئ والمؤقت .. إذن عودة الأمّة إلى تاريخها الجهادي بالمصالحة وقد تعرّت كل حقائق التاريخ عن دُعاة الاستئصال، ودُعاة الانشطار الفكري المتسبّبون في الأزمة ..إن التاريخ ، وكما قلت أكثر من مرة " لا يمكن الوصول إليه بمكبّرات الصوت " ، وأن البناء الحضاري لا يمكن أن يأتي ببيانات هي أقرب إلى اليأس منها إلى الحقيقة، وبالتالي هي إضافة جديدة لواقع متأزّم يحتاج إلى بناء جذّاب وفق مسلّمات التاريخ وحساب المستقبل، إننا لسنا أكثر من غيرنا في هذا الكون، وأن السوابق التاريخية ليست مجرّدة من الحاضر ولا من المستقبل، وإلا لماذا يأتي القرآن على ذكْرها في أكثر نصوصه وآياته..؟
إن استنطاق الأزمة بالمصالحة هو عملية إبداعية، واعية، وواعِدة، وأن التأخّر عن هذا الاستنطاق، خاصة في الأزمات الحادّة والدامية – مثل أزمتنا في العشرية الحمراء – هو خيانة للموقف وارتداد حضاري .. فهل حاول النظام وسط تلك العواصف الدامية – ولو بالقليل – استنطاق التاريخ لدفع الأزمة باتجاه الاندثار أو على الأقل صوب الهامش الحضاري..؟ بالتأكيد تم فعل ذلك، فكانت المصالحة الشاملة، المصالحة مع الذات ومع التاريخ، وكل ما قيل لحد الآن ضدّها إن في الداخل أو في الخارج هو مجرّد محاولات لإرغام الناس على تقبّل استمرار الأزمة ومُعايشتها لأسباب فرضتها إشكالية التلاعُب السعودي بأسعار النفط، ثم طبيعة النظام السياسي الدولي لكونه أساس الأزمة ، ولكونه موضوعاً خارج إطار الأغلبية، إن السؤال المطروح اليوم وبحدّة، على العالم العربي وإن هو غير واضح في أبجديات الفكر السياسي، هو لماذا الأقليّة ( استئصالية أو قبلية) تحاول احتكار السلطة وتتصرّف وكأنها فوق التاريخ..؟ هذا السؤال يمكن أن يخلق أزمات متتالية إن استمر ضمير الأغلبية محصوراً ضمن ذاكرة النسيان المتعمّد، من طرف الاستئصالين والحُكم السلالي على أقليّتهم في الساحة السياسية في العالم العربي ومنه الجزائر، إن الظروف تتآكل ضدّهم، والمواقف تتدفّق عندهم باتجاه العودة إلى التشبّث بقِيَم الإنكار المُطلق للواقع والارتكاز كليّة على صدى الواقعية المجرّدة من عناصر البقاء، ربما لأسباب الخوف من أن ينطق الواقع بأدوات الأزمة، أو ربما الخوف مما قد يكشفه المستقبل من رماد هذا الواقع ، وأياً كان الأمر فإن هناك شيئاً من القسوة في هذا الافتراض تستعمل اليوم لدى الاستئصالين والقبليين ضد الأغلبية لحماية الأقلية، وفي كل ذلك هل يكفي أن تكون هذه الأقلية على عداوة تامّة مع التاريخ باستمرار لتحافظ على بقائها..؟ التاريخ نفسه يقول : لا، ذلك أن السياسة مثل الجغرافيا لا تحتمل الفراغ، والفراغ لدى بعض الأنظمة العربية اليوم بلا حدود، بل وتجاوز هذا الفراغ المواقف السياسية المُساهِمة في الأزمة، في الجزائر، وسوريا، واليمن، وعلى نفس المستوى تبدو بعض مراكز الأبحاث بعد أن تحوّلت بدورها إلى مزارع للظروف المُتآكلة، والتصوّرات الظرفيّة المطبوعة بالميوعة وبالخوف أحياناً أخرى، ما الذي تغيّر في النهج السياسي بعد الأزمة في الجزائر وفي البلدان المساهمة في الأزمات التي تعصف بالعالم العربي..؟ سؤال يبدو تجريدياً وغير مُتناسق مع الذات، لكن رغم ذلك يبقى سؤالاً مهماً بالنظر إلى ما نحن عليه في الجزائر من أمن وأمان، ونتمنّاه لسوريا واليمن وليبيا.. ربما ما قاله الخبير الاستراتيجي الدكتور ماركس هو الصواب قال " سيكون العالم يوماً ما ممتّناً لإيران وحزب الله وروسيا الذين خلّصوه من شرور الوهّابية وداعش".
محمّد لواتي رئيس تحرير يومية المُستقبل المغاربي
لافروف: نشجع حواراً شاملاً في سوريا.. ونحظى بدعم تركيا وإيران
دعا وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، اليوم الجمعة، إلى حوار شامل في سوريا لإنهاء الصراع الراهن.
وشدد لافروف، على أن الجهود الروسية في هذا المسار تحظى بدعم كل من تركيا وإيران.
وتأتي هذه الدعوة في أعقاب قمة جمعت زعماء الدول الضامنة لوقف إطلاق النار بسوريا، وهم: الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيريه الروسي فيلاديمير بوتين، والإيراني حسن روحاني، في منتجع بمدينة سوتشي الروسية، الأربعاء الماضي.
وخلال لقائه مبعوث الأمم المتحدة إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، اليوم في العاصمة الروسية موسكو، قال لافروف في تصريح لصحفيين: "نريد تشجيع حوار شامل في سوريا، وفقاً للمعايير المتفق عليها تحت رعاية مجلس الأمن الدولي".
ومضى قائلاً: "مبادرتنا هذه تلقى دعماً من زعماء تركيا وإيران".
وشدد على أن "كل جهود روسيا تهدف إلى تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254 بشأن سوريا".
ويدعو هذا القرار، الصادر عن مجلس الأمن في 2015، إلى وقف إطلاق النار، وإدخال المساعدات الإنسانية، وفك الحصار، وإطلاق سراح المعتقلين.
وأضاف لافروف: "نعتقد أن مؤتمر الحوار الوطني (السوري) سيُسرع انطلاق مثل هذا الحوار (الشامل)".
ومن المقرر أن تستضيف روسيا هذا المؤتمر، وتقول إنه سيعقد "في المستقبل القريب"، دون تحديد تاريخ.
من جانبه، قال المبعوث الأممي إلى سوريا: "هناك تقدم نحو حل سياسي في سوريا".
وتابع: "نأمل أن تجتمع قوى المعارضة (السورية) الموجودة في الرياض تحت سقف مشترك للمعارضة".
ويتواصل في العاصمة السعودية الرياض، منذ أول أمس الأربعاء، مؤتمر موسع للمعارضة السورية، ينتهي اليوم، ويستهدف الاتفاق على وفد موحد للمعارضة، تمهيداً للمشاركة في جولة مفاوضات مقبلة مع النظام، بجنيف في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
وضمن زيارته لموسكو، من المقرر أن يلتقي دي ميستورا، لاحقاً مع وزير الدفاع الروسي، سيرغي شويغو.
السيسي: العمل الغادر على مسجد الروضة لن يمرّ دون عقاب... ومواقف عربية ودولية مستنكرة
وسائل إعلام مصرية تتحدث عن ارتفاع حصيلة ضحايا الهجوم الإرهابي على مسجد الروضة في العريش شمال سيناء خلال صلاة اليوم الجمعة، وتشير إلى سقوط المئات بين شهيد وجريح، ومراسل الميادين يكشف أن 15 إرهابياً هاجموا المسجد، والرئيس المصري يقول إن العمل الغادر لن يمرّ من دون عقاب.
أفاد مراسل الميادين في مصر أن 15 إرهابياً هاجموا مسجد الروضة في بئر العبد بالعريش شمال سيناء خلال صلاة الجمعة، كاشفاً أن هدف الهجوم الإرهابي هو إثارة فتنة طائفية لأن المسجد يرتاده الصوفيون.
وتحدثت وسائل إعلام مصرية عن ارتفاع حصيلة ضحايا الهجوم الإرهابي إلى أكثر من 235 شهيداً و 125 جريحاً بينهم أطفال، بحسب النائب العام المصري، مشيرة إلى أن سيارات الاسعاف لاتزال تعمل على نقل الشهداء والجرحى إلى المستشفيات.
وعلى الفور، أعلن الجيش المصري حالة الطوارئ القصوى شمال سيناء. كما أعلنت وزارة الداخلية المصرية حالة الطوارئ في القاهرة، وكشفت مصادر رسمية مصرية عن انطلاق عملية عسكرية وأمنية واسعة تحت عنوان "الثأر للشهداء" في وسط وشمال سيناء.
وكانت مصادر قالت إن مجهولين قاموا بزرع عبوة ناسفة في المسجد الذي يقع غربي المدينة، ما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد كبير من المصلين الذي من المتوقع ارتفاع عددهم نتيجة التفجير الإرهابي.
وتحدثت وسائل الإعلام عن إعلان حالة الطوارئ القصوى في مستشفى بئر العبد الذي يقع شمال سيناء.
مصادر طبية أكدت من جهتها، أن سيارات إسعاف لاتزال تقوم بنقل الشهداء والجرحى جراء التفجير الكبير.
الرئيس المصري عبد الفتّاح السيسي وفور وقوع التفجير عقد اجتماعاً مع اللجنة الأمنية على خلفية الهجوم الإرهابي لبحث تداعياته.
واعتبر شيخ الأزهر أحمد الطيب أن "انتهاك حرمة المساجد إفساد في الأرض". وقال "بعد استهداف الكنائس جاء الدور على المساجد".
كما دان الأمين العام لجامعة الدول العربية الهجوم الإرهابي على مسجد الروضة بـ العريش.
السيسي يعقد اجتماعًا لبحث تفجير مسجد الروضة بشمال سيناء
وأعلنت الرئاسة المصرية الحداد لمدة 3 أيام على ضحايا الهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجد الروضة.
السيسي: العمل الغادر لن يمرّ من دون عقاب
وأكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي أن بلاده ستنتصر في الحرب ضد الإرهاب، مضيفاً "العمل الغادر لن يمرّ من دون عقاب رادع وحاسم".
وشدد السيسي على أن يدل العدالة ستطال كل من شارك وساهم أو موّل أو حرّض على الاعتداء الأخير في سيناء.
هذا وأعلن مجلس الوزراء المصري أن مصر ماضية في عزمها على استئصال الإرهاب وجذوره.
مواقف معزية ومتضامنة مع مصر بعد الهجوم
وفي ردود الفعل المتضامنة والمدينة، أبرق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين معزّياً الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، حيث أكد استعداد موسكو لزيادة التعاون مع القاهرة في محاربة الإرهاب الدولي.
المتحدث باسم الخارجية الإيراني بهرام قاسمي دان بشدّة الهجوم في مصر، معلناً تضامن بلاده مع عائلات الضحايا.
وأعرب رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي عن تضامنه مع مصر حكوة وشعباً بعد الهجوم الأخير.
بدورها، قالت وزارة الخارجية السورية إنها تدين بشدة ما وصفته بـ "العمل الجبان والمجزرة المروّعة" التي وقعت في سيناء. وعبّرت الوزارة عن تعازيها الصادقة لأسر الضحايا في مصر.
وأدانت سلطنة عُمان التفجير الإرهابي والهجوم المسلح على مسجد الروضة بشمال سيناء.
وأرسل العاهل السعودي، الملك سلمان بن عبدالعزيز برقية تعزية إلى الرئيس المصري بضحايا الهجوم الإرهابي، مؤكداً على أن المملكة تقف دائماً إلى جانب مصر في وجه كل ما يستهدف أمنها واستقرارها".
وبعث امير قطر تميم بن حمد آل ثاني ببرقية إلى السيسي أعرب فيها عن تعازيه في ضحايا التفجير الإرهابي الذي استهدف مسجدا بشمال سيناء، مؤكداً "إدانة دولة قطر واستنكارها الشديدين لهذه الجريمة الوحشية التي تتنافى مع كل القيم والمبادئ الدينية والإنسانية".
حزب الله في لبنان استنكر "بشدة الإعتداء الوحشي الذي استهدف المسجد، معتبراً أن "الهجوم نتاج الفكر التكفيري الوهابي الذي لا يرى في المسلمين والمؤمنين الذين لا يتبعون خطه إلا كفاراً".
حركة "فتح" وفي بيان لها استنكرت فيه الحركة الهجوم، كما عبّرت عن خالص تعازيها لمصر قيادة وحكومة وشعباً، ولأسر الضحايا، مؤكدة الوقوف إلى جانب هذا البلد في محنته ومعركته في التصدي للإرهاب والحد من انتشاره. هذا ودان الرئيس الفلسطيني محمود عباس في بيانٍ رئاسي التفجير في الروضة.
وأضاف البيان "إننا على ثقة تامة بأن هذه الجرائم والأعمال الآثمة لن تنال من عزم مصر في حربها ضد الإرهاب ومحاربته بكل الوسائل المتاحة".
وأعربت حركة الجهاد الاسلامي في فلسطين عن "إدانتها بشدة الهجوم الإرهابي الذي استهدف مسجد الروضة في سيناء، معتبرةً "أن هذا الهجوم الإرهابي هو استهداف وعدوان على كل القيم ويخدم أعداء الأمة الصهاينة"، في وقتٍ أكدت فيه الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "وقوفها إلى جانب مصر وشعبها الشقيق في هذا المصاب الجلل، وفي مواجهة خطر الإرهاب ومجوعاته التكفيرية".
رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس" إسماعيل هنية قدّم التعازي لمصر أيضاً بعد الهجوم في سيناء.
وفي السياق، اعتبرت لجان المقاومة في فلسطين أن "تفجير مسجد الروضة في سيناء جريمة حقيرة وعدوان إرهابي آثم على بيوت الله وإستهداف لعقيدة المسلمين لا يخدم الا أعداء الأمة والمتربصين بها".
بدوره، قال الناطق باسم أنصارالله محمد عبدالسلام "ندين ونستنكر بشدة العمل الاجرامي البشع الذي استهدف مصلين، معتبراًَ أن "استهداف المساجد والمصلين آفة ضربت العديد من البلدان منها اليمن الذي نشطت فيه الجماعات التكفيرية بدعم وإسناد العدوان السعودي الأميركي".
وفي سياق ردود الفعل ، استنكر أبو الاء الولائي الامين العام لكتائب سيد الشهداء باسم فصائل المقاومة الاسلامية في العراق "العمل الإرهابي في مصر العروبة".
وفي تونس أدانت حركة النهضة في تونس بشدّة "العملية الإرهابية الدامية".