Super User

Super User

باحثون إسرائيليون يحذرون من أي هجوم صاروخي مستقبلي لحزب الله على حيفا، كما يرون أن نتائجه ستكون "كارثية".

حذّر باحثون إسرائيليون من توسعة معامل تكرير البترول بمنطقة خليج حيفا، واعتبروها "تهديداً لم نكن نعهده في الماضي"، بحيث ستكون هدفاً لصواريخ حزب الله، بحسب ما أفادت القناة الثانية الإسرائيلية.

وقال موقع القناة الثانية إن كل من نائب رئيس قسم البحث والتطوير السابق في "رفائيل"، ونائب مدير قسم الصواريخ ورئيس مشروع "باراك"، ونظام الدفاع الصاروخي، اجتمعوا هذا الأسبوع في نقطة تطلّ على مصافي ومعامل تكرير البترول في خليج وحيفا، وأجمعوا بحزم على أن إسرائيل ستواجه في الحرب المقبلة تحديات وتهديدات جديدة غير معهودة ولم تعرفها بالسابق.

نائب رئيس قسم الصواريخ في "رفائيل" شايك شتازبرغر قال إنه "في العام 2006 لم يكن حزب الله يملك ذلك (والقصد إمكانية تحديد الأماكن بالضبط)، وعلينا أن نفترض أن منظومة تحديد الأماكن باتت بحوزتهم، فهم يعرفون بالضبط أين معامل ومصافي التكرير، وما هي بيانات الأرصاد الجوية، لذلك سيتم استهدافها وضربها. فهذا تغيير كبير منذ ذلك الحين".

موقع القناة الثانية أشار إلى أن قرارَيْن اتخذتهما الحكومة في الأشهر الأخيرة، تسببا في قيام مدراء تنفيذيين سابقين بشنّ هجوم ضد خطة توسيع معامل ومصافي تكرير البترول، وخطة الأراضي الشمالية التي تشمل نقل خزانات الوقود إلى المساحات المفتوحة المتاخمة للمصافي، مضيفاً أن ذلك سيزيد بشكل كبير من مساحة المواد الخطرة، وسيحوّل المكان إلى منطقة لا يمكن الدفاع عنها.

وأشار تازبرغر أيضاً إلى أنه في تشرين الأول/ أكتوبر 1967، هاجم وقصف الجيش الإسرائيلي مصافي النفط في مدينة السويس، ما أدى إلى فرار عشرات الآلاف من السكان، وإغلاق سوق الطاقة المصري تماماً. ووفقاً لمسؤولين سابقين في "رفائيل"، فإنه "ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن هذا سينتهي بشكل مختلف في إسرائيل".

 

كل صاروخ سيسبب الضرر

 

نفتالي عميت: حيفا ليست الوحيدة التي لن تبقى

وعلّق الرئيس السابق لقسم الدفاع الصاروخي في "رفائيل" آفي وينرب على الأمر قائلاً إنه "إذا حصرنا أهدافنا، فلا توجد مساحات مفتوحة، وهذا يعني أن كل صاروخ سيسبب الضرر، وضربة واحدة ستشعل المنطقة بأكملها"، وتابع أن "حاوية الأمونيا هي هدف صغير نسبيّاً، ويمكن أن تكون تحت الحماية ميدانياً، ولكن الفرق الكبير سيكمن عند الحديث عن المخاطر من الجو والفضاء".

ويعتقد هؤلاء الباحثون، أنه حتى لو تمّ نصب العديد من المنظومات الدفاعية وبطاريات القبة الحديدية حول معامل التكرير وحاوية الأمونيا، فإنها لن توفر الحماية التامة، وسيتم استهدافها بالصواريخ، فالضرر أمر لا مفرّ منه بحسب رأيهم، وسيكون حتمياً رغم وجود المنظومات الدفاعية. ولفت الباحثون إلى أن هذا النظام الصاروخي الدفاعي، مع فرصة نجاح 90% من الاعتراض، ليس له سابقة في العالم، وهذا هو النظام مع أعلى النسب المئوية الموجودة بالنجاح باعتراض الصواريخ الهجومية والتي لا تزال لديها إخفاق وتسرّب 10%.

وفي هذا الإطار، ذكّر شتازبرغر أن "هناك آلاف الصواريخ بحوزة حزب الله"، وقال "لنأخذ بالحسبان انزلاق 10 % منها علينا، ولنتذكر 400 صاروخ كانت قد دمرت البنية التحتية للبتروكيماويات بأكملها في مدينة السويس".

ولفت شتازبرغر إلى أنه في تشرين الأول/ أكتوبر 1967، هاجم وقصف الجيش الإسرائيلي مصافي النفط في مدينة السويس، ما أدى إلى فرار عشرات الآلاف من السكان، وإغلاق سوق الطاقة المصري تماماً. ووفقاً لمسؤولين سابقين في "رفائيل"، فإنه "ليس هناك ما يدعو إلى الاعتقاد بأن هذا سينتهي بشكل مختلف في إسرائيل".

من جهته، نائب الرئيس السابق للبحث والتطوير في "رفائيل"، نفتالي عميت قال "أنظر إلى قرب المنازل في كريات آتا وكريات حاييم، ستعرف أنّ حيفا ليست الوحيدة التي لن تبقى". وأضاف " سيتم إجلاء كريات حاييم والكريوت وكريات آتا من السكان عندما يكون هناك أي حدث، فالإجلاء ليس فقط لسكان حيفا و200 ألف شخص، بل لسكان المنطقة كافة".

ولفت موقع القناة الثانية إلى أن الخبراء الثلاثة بادروا إلى تقديم عريضة وحملة تواقيع ضد مشروع توسعة معامل التكرير في خليج حيفا، ويعتزمون بذل كل ما في وسعهم لمنع إتمام المشروع، وبرروا موقفهم بالقول إن "أي ضربة من حزب الله ستكون كارثية ولم يسبق لها مثيل".

من جانبها، أشارت ليحي شاحر بيرمان من منظمة "الخضر" في حيفا إلى أنه "لا أحد يتحمل المسؤولية"، وتابعت "لا يوجد حاليّاً جهاز أمني رسمي لإسرائيل قام بفحص ودراسة استقصائية كبيرة للمخاطر ودرس الخطر ودرس تأثير الكارثة".

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يؤكد أن بلاده لم تتعهد بضمان خروج التشكيلات الموالية لإيران من سوريا، ويضيف "إنها ليست الحالة الأولى التي تتسامح فيها الولايات المتحدة مع الإرهابيين ونتساءل حول أهداف واشنطن في سوريا".

أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أن بلاده لم تتعهد بضمان خروج التشكيلات الموالية لإيران من سوريا.

وقال لافروف في مؤتمر له اليوم الثلاثاء "بخصوص ما يدور في الأراضي السورية فإننا لم نبحث ذلك بعد مع الزملاء الأميركيين، سوى أننا نؤكد حقيقة التواجد الشرعي لنا وللإيرانيين بدعوة من الحكومة السورية، وكذلك نؤكد حقيقة التواجد غير الشرعي الذي أوجدته الولايات المتحدة".

وأشار وزير الخارجية الروسي إلى أن الحديث مع الأميركيين كان يدور على وجه التحديد حول "عمل آلية مناطق خفض التصعيد جنوب غرب سوريا".

وشدّد لافروف على أن "مجموعات المسلحين الموالين للولايات المتحدة من مختلف المجموعات يشكلون الخطر الأكبر في سوريا"، مشيراً إلى أن تصريحات البنتاغون حول أن الولايات المتحدة لن تخرج من سوريا "تتعارض مع اتفاقيات جنيف".

وتابع لافروف حديثه عن الوضع في مدينة "البوكمال"، فقال "إنها ليست الحالة الأولى التي تتسامح فيها الولايات المتحدة مع الإرهابيين، ونتساءل حول أهداف واشنطن في سوريا".

إلى ذلك أعلنت وزارة الدفاع الروسية أنّ حظر الطيران في منطقة البوكمال السورية كان بموافقة مركز العمليات الجوية المشتركة في القاعدة الجوية في قطر.

وأشارت الوزارة إلى أنّ طائرات التحالف بقيادة واشنطن حاولت عرقلة توجيه الطائرات الروسية ضربات ضد مقاتلي تنظيم "داعش" في منطقة البوكمال، كذلك أشارت إلى أنّ أميركا ترفض ضرب مسلحي داعش الخارجين من المدينة.

 

الإعلام الإسرائيلي: كلام لافروف واضح باعتبار الإيرانيين قوة شرعية في سوريا

قناة "كان" الإسرائيلية نقلت عن معلق الشؤون السياسية لديها مةآف فاردي قوله إن "ما قاله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف هو بمثابة سكب دلو ماء بارد على كلام نتنياهو، إذ لا يمكن أن لا نرى الخلاف في الروايتين".

وتابع المعلق العبري "لافروف يقول إن الإيرانيين هم قوة شرعية في سوريا، فالسوريون وجهوا الدعوة لنا (للروس) وللإيرانيين من أجل دعم النظام في معركته العسكرية ضد قوى الإرهاب"، وأضاف "لا يوجد أي نية لإخراج كل القوات الإيرانية من كل سوريا. وبهذا المعنى لافروف دقيق جداً، لا يوجد في هذا الاتفاق أي إشارة إلى أنه يجب على الإيرانيين أن يخرجوا من كل سوريا".

یحیی ملایین المسلمین الیوم الخمیس، ذکرى اربعین استشهاد الامام الحسین (سلام الله علیه) فی مدینة کربلاء المقدسة بالعراق.

 وقد بلغت المراسم ذروتها مع تدفق الزوار من داخل العراق وخارجه سیرا على الاقدام وسط استنفار امنی وخدمی کبیر.

واعلن رئیس مجلس محافظة کربلاء نصیف جاسم الخطابی ان عدد الزوار تجاوز العشرین ملیونا، مشیرا الى ان جمیع الخطط الامنیة والخدمیة والطبیة تسیر بانسیابیة ونجاح.

وتوقع وزیر النقل العراقی باقر الزبیدی أن یصل عدد الزوار الیوم الخمیس الى 27 ملیونا، فی وقت نشرت السلطات اکثر من 35 ألف عنصر امنی لحمایة الزوار، حیث تنتشر الاف المواکب لتقدیم الخدمات الغذائیة والطبیة للزائرین.

وشهدت مواسم الزیارات الملیونیة فی السنوات الأخیرة حضورا کمیا ونوعیا لمواکب خدمیة واخرى عزائیة، عربیة وإسلامیة، فضلا عن المحلیة منها، وهی فی ازدیاد ملحوظ سنویا.

الى ذلک، اعلن نائب محافظ کربلاء المقدسة جاسم الفتلاوی،  أن"زخم الزیارة الأربعینیة دفعنا إلى تعطیل الدوام الرسمی فی المحافظة المقدسة الى أکثر من أسبوع"، وأوضح انه "منذ یوم الأربعاء الماضی عطلنا الدوام الرسمی فی محافظة کربلاء المقدسة بسبب اکتظاظ المحافظة بجموع الزائرین وصعوبة وصول الموظفین إلى دوائرهم"، مشیرا إلى إن "الدوائر الخدمیة والأمنیة مستمرة فی عملها خدمة للزائرین الکرام".

یشار الى ان رئیس الوزراء حیدر العبادی وجه الثلاثاء بتعطیل الدوام الرسمی لیوم الخمیس فی جیمع المحافظات.

وتعتبر مدینة النجف الأشرف جنوبی العراق محطة لتجمع الزوار القادمین من جنوبی البلاد ومن ایران ووسط آسیا، حیث ینطلقون منها نحو کربلاء المقدسة لإداء زیارة الأربعین.

وفی ایران، أحیا الملایین اربعینیة الإمام الحسین (سلام الله علیه) لاسیما فی العاصمة طهران التی شهدت مسیرات ومواکب عزاء سیرا على الأقدام تیمنا بالزوار فی کربلاء المقدسة، وجدد المعزون ولاءهم للنهضة الحسینیة ضد أعداء الدین والجماعات التکفیریة.

وفی المدن والمحافظات الإیرانیة انطلقت مراسم العزاء خصوصا فی مدینتی مشهد وقم المقدستین وزنجان وشیراز وکلستان واصفهان وکرمان، وغصت المساجد والحسینیات والشوارع والساحات بمواکب العزاء الحسینی.

وفی المناسبة اُقیمت مراسم عزاء فی حسینیة الامام الخمینی فی طهران بحضور قائد الثورة الاسلامیة آیة الله السید علی خامنئی.

وبدأت المراسم بتلاوة آیات من القرآن الکریم وفقرات من زیارة الأربعین وشرح الهدف من ثورة الامام الحسین (سلام الله علیه) فی انقاذ الناس من الضلالة، وبعد ذلک تمت قراءة المراثی الحسینیة، وفی ختام المراسم أم آیة الله خامنئی المصلین فی صلاتی الظهر والعصر.

أكّد الرئيس اللبناني ميشال عون مطالبته بعودة رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري إلى لبنان للتأكد من أسباب الاستقالة قبل بتّها.

وقال الرئيس اللبناني للقائم بالأعمال السعودي في لبنان وليد البخاري خلال لقاء بينهما في القصر الرئاسي في بعبدا "من غير المقبول الطريقة التي حصلت فيها استقالة الرئيس الحريري"، مطالباً بعودته إلى لبنان بأقرب وقت.

 والتقى عون سفراء مجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان في مجلس الأمن، حيث عبّر عن قلقه لما يتردد عن الظروف التي تحيط بوضع الحريري، مشدداً على ضرورة جلائها ومذكّراً بالاتفاقات الدولية التي ترعى العلاقات مع الدول والحصانات التي توفّرها لأركانها.

بدورهم أكد سفراء مجموعة الدعم الدولية دعمهم لجهود الرئيس عون لحل الأزمة وموقفه منها، وأضافوا أن دولهم تدعم سيادة لبنان واستقلاله وأنها حريصة على تعزيز الوحدة الوطنية الداخلية في هذا البلد.

وفي نفس الإطار، استقبل عون كلّاً من سفراء دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر والأردن وقطر وسوريا، بالإضافة إلى سفير الصين وسفير الفاتيكان.

في سياق متصل قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية الجمعة إن برلين ليس لديها ما يدل على أن سعد الحريري محتجز رغماً عنه في السعودية.

 وكان رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري قد استقال منذ أيام من العاصمة السعودية الرياض، مما أثار الكثير من التساؤلات الرسمية والشعبية بشأن ما إذا كان قد تم إجبار الحريري على القيام بهذه الخطوة.

 

جنبلاط يرد: لبنان لا يستحق اتهامه بإعلان الحرب على السعودية

النائب اللبناني وليد جنبلاط قال على صفحته على موقع "تويتر" إنه "بعد أسبوع من إقامة جبرية كانت أو طوعية آن الأوان لعودة الشيخ سعد والاتفاق معه على استكمال مسيرة البناء والاستقرار"، مضيفاً "بالمناسبة لا بديل عنه".

وفي تصريح لوكالة "رويترز"، رأى جنبلاط أنه "من المحزن أن تعامل السعودية لبنان بهذا الشكل..لا نستحق كلبنانيين مثل هذه الاتهامات ..كنا أصدقاء لعقود".

وأضاف جنبلاط "لا يجب اتهام لبنان بإعلان الحرب على أي أحد".

ويأتي كلام جنبلاط في إطار رده على كلام وزير الخارجية السعودي عادل الجبير الذي قال في مقابلة تلفزيونية إنّ المملكة لا نستطيع أن تسمح للبنان بأن يكون "قاعدة للهجمات ضد السعودية".

وقد ردد الوزير السعودي لشؤون الخليج ثامر السبهان الموقف نفسه في تغريدات سابقة له على تويتر، الذي أكد أنّ "لبنان بعد استقالة الحريري لن يكون أبداً كما قبلها".

 مما شك فيه أن محور المقاومة الممتد من موسكو إلى بيروت مروراً ببغداد و دمشق قد انتصر؛ على الأقل في المواجهات العسكرية الكبرى، و في إنهاء دور تنظيم داعش، و لن تخاض بعد اليوم – كما يرى أكثر المراقبين- حروباً كبرى شبيهة بما كان يجري خلال السنوات السبع الماضية منذ بدء المؤامرة على سوريا في آذار/ مارس 2011.

 صحيح، لن ينتهي الخطر الإرهابي، وصحيح أيضاً أنه سيتحول إلى قنابل متفجرة، ومتنقلة لإرهاب المنتصرين، على شاكلة ما يجري من تفجيرات في دمشق وبغداد، و ربما غدا في بيروت وموسكو، وصحيح أنه سيتبدل كخطر إرهابي ديني؛ بخطر آخر (عرقي و إنفصالي: قضية كردستان).

كل هذا صحيح، لكنه لن يغير من النتيجة التي انتهت إليها المؤامرة على سوريا، و هي انتصار محور المقاومة استراتيجياً، و هو الانتصار الذي سيواجه بتحديات جديدة مهمة، نراها غائبة عن الفاعلين الكبار في محور المقاومة، ونرى أهمية الالتفات الجدي لها، والتي يمكننا أن نمحورها في تحديات عشرة على النحو التالي:

1- إعادة توجيه البوصلة والطاقات ناحية العدو الاستراتيجي للأمة (العدو الصهيوني).

2- محاصرة وإنهاء ما تبقي من جيوب داعش و أخواتها في سوريا والعراق (وإن أمكن في مصر). وهذا يحتاج إلى تنسيق أمني وسياسي جديد بين أركان حلف المقاومة.

3- العمل في ذات الوقت على إعادة إعمار ما هدمه الإرهاب الداعشي من عمارة للبشر ونفوسهم وجروحهم و"للحجر"؛ وهي معركتنا طويلة الأمد متعددة المستويات، التي تحتاج إلى جهاد أقوى من الجهاد المسلح.

4- مواصلة تجفيف المنابع الفكرية والعقائدية للإرهاب الداعشي وخاصة في البيئات السلفية والقبلية الحاضنة، سواء في لبنان، أو سوريا، أو العراق، (وأيضاً سيناء المصرية).

5- استخدام سلاح الإعلام لإعادة التفرقة الواضحة بين (الإرهاب) و"المقاومة"، خاصة على المستوى العالمي، الذي يلصق الآن بالمقاومة، و خاصة حزب الله، كل الصفات الإرهابية التي لا تخص سوى تلك التنظيمات الداعشية التي صنعها الغرب ذاته والتى قاتلها وانتصر عليها حزب الله ومن يتحلف معه داخل محور المقاومة ..هنا لابد أن يسأل (الإعلام) المقاوم وأن يسلط الضوء بقوة على أنه كيف يستقيم عقلاً أن يتساوى صانع الارهاب بالذى يقاتله وينتصر عليه؟؟

6- إعادة الاعتبار للإسلام الذي شُوه، وقُدم باعتباره دين الإرهاب الداعشي، و هي أيضاً معركة طويلة ومعقدة، يلعب الإعلام والعلاقات الدولية، على مستوى منظمات المجتمع المدني، دوراً فيها، و في هذا السياق؛ من المهم، الانفتاح على الجاليات المسلمة؛ في أوروبا و العالم، واستثمار طاقاتها المجتمعية في الاتجاه الصحيح، لتصحيح صورة الإسلام و المسلمين في الغرب، مع إعادة الاعتبار، لصورة المقاومة، المشروعة، ضد الاحتلال الإسرائيلي.

7- التواصل بحذر ووعي مع ملف المصالحة الفلسطينية، والعمل على جعله قائماً على أساس المقاومة وليس اتفاقات أوسلو؛ و خياراتها البائسة، وفي الوقت نفسه؛ التواصل مع عرب 1948، الصامدين في فلسطين، وتقويه صمودهم، اقتصادياً وتعليمياً واجتماعياً، وعدم تركهم وحدهم أمام آلة التهويد الجبارة.

8- رفض التطبيع الثقافي والسياسي والاقتصادي والديني، مع العدو الصهيوني، وفق استراتيجية واضحة تستفيد من تراكم الخبرة المصرية والأردنية وغيرها من البلدان التى ابتليت باتفاقات هذا التطبيع. خاصةً في المرحلة المقبلة، التي يتردد فيها الحديث عما يسمى بـ "صفقة القرن"، الاسم السري لتصفية القضية الفلسطينية، و التي أحد أخطر بنودها؛ التطبيع العربى الشامل مع العدو الصهيوني.

9- المساهمة في توحيد صفوف القوى والفصائل الفلسطينية، داخل وخارج فلسطين، لكن على أساس خيار المقاومة، و هذا ملف مهم للغاية، يحتاج إلى تفاعل وتنسيق استراتيجي مع الفصائل المقاومة الـ 13 وإلى برنامج عمل مشترك بينهم.

10- التصدي بقوة وعلم وإعلام، للفتاوى التكفيرية الوهابية، التي حرفت البوصلة القومية و الإسلامية، خلال السنوات السبع الماضية بعيداً عن فلسطين، وهي – أي هذه الفتاوى- أشد خطراً من المدفع لأنها تساهم في صناعة آلاف المدافع والانتحاريين، وتلك مهمة المؤسسات الدينية الرشيدة (الأزهر-النجف-قم-الزيتونة وغيرها) والإعلامية على اختلافها وتنوعها.

خلاصة القول، إذاً...إن المعركة .. طويلة، وممتدة، وآليات ووسائل المقاومة والمواجهة للمخططات الغربية، أمام محور المقاومة متنوعة، فقط يحتاج الأمر إلى وقفة تأمل؛ وإرادة عمل، وعمق رؤية للواقع والمستقبل.

إن (محور المقاومة) انتصر، هذه حقيقة استراتيجية، أَقر بها حتى العدو الصهيوني (تصريحات وزير الدفاع الصهيوني قبل أيام تؤكد ذلك)، لكن مرحلة ما بعد الانتصار، وتساؤلاتها كمرحلة انتقالية كُبرى، هي الأهم والأخطر وهو ما ينبغي أن يلتفت إليها ويعمل لها محور المقاومة ومن ينتسب إليه من حركات، وإعلام ومفكرين. وفى ذلك فليتنافس المتنافسون.

و الله أعلم.

رفعت سيد أحمد

ولد الامام علي الرضا بن موسي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، بن علي ابن أبي طالب صلوات الله عليهم أجمعين، في الـ 11 من ذي القعدة سنة 148 للهجرة النبوية الشريفة في المدينة المنورة.

وهو ثامن الائمة الاثني عشر الذين نص عليهم النبي الاكرم (ص) واستشهد في خراسان في الـ30  من صفر سنة 203 للهجرة ودُفن سلام الله عليه في مدينة مشهد المقدسة شمال شرق إيران.

عاصر الامام علي بن موسي الرضا عليه السلام عهد الخليفة العباسي هارون عشر سنوات، ثم ابنه الامين ثم المامون وقد اتسمت تلك الفترة بالقسوة والظلم والارهاب وممارسة اشر انواع التنكيل والتعذيب والقتل لابناء اهل البيت عليهم السلام وشيعتهم.

عاش الامام الرضا (ع) المرحلة الصعبة التي مر بها والده الامام الكاظم (ع)، ولما استشهد ابوه عليه السلام وانتهت الامامة اليه، فقد جاء ان الرشيد قال ليحيي بن خالد البرمكي، حين حرضه الاخير علي الامام الرضا (ع):(يكفينا ماصنعناه بأبيه).

كان الامام الرضا عليه السلام افضل الناس في زمانه وأعلمهم وأتقاهم وازهدهم وأعبدهم وأكرمهم وأحلمهم وأحسنهم أخلاقا.

وكان يجلس في حرم النبي صلى الله عليه وآله وسلم  في الروضة والعلماء في المسجد فاذا عي احد منهم عن مسألة اشاروا اليه بأجمهم وبعثوا إلية بالمسائل فيجيب عنها وقد جمع له المأمون جماعة من الفقهاء في مجالس متعددة فيناظرهم ويغلبهم حتى اقر علماء زمانه له بالفضل والعلم. وكان والده الامام موسى بن جعفر عليه السلام يقول لبنيه وأهل بيته: هذا عالم آل محمد.

وكان لا ينام في الليل إلا قليلاً، وأما أغلب الليل فقد كان مستيقظاً فيه، وكثير من الليالي يحيها حتى الصباح ويقضيها في العبادة، وكان يصوم كثيراً ولا يترك صيام الأيام الثلاثة من كل شهر، وكثيراً ما يقوم بأفعال الخير والإنفاق بصورة سرية، وفي الغالب كان يساعد الفقراء خفية في الليالي الحالكة الظلام.

اما في المجال السياسي والعقائدي، فقد بذل الامام الرضا عليه السلام كامل جهوده من اجل الاصلاح الفكري والديني، ووضح عليه السلام حقيقة التأمر الفكري في بلبلة عقول المسلمين واعطى قاعدة كلية في الاساليب والممارسات التي يستخدمها اعداء الاسلام لتشوية الافكار والمفاهيم الاسلامية.

كما قام بالرد على الانحرافات الفكرية في عصره وفند جميع الروايات التي يعتمد عليها المنحرفون ووضح بطلان صدورها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وارشد المسلمين الى الروايات الصحيحة منها.

كما دعا عليه السلام الى مقاطعة المنحرفين كالمجبرة والمفوضة والغلاة مقاطعة كليه لمنع تاثيرهم في الامة. الى جانب كل هذا عمد الامام الرضا عليه السلام الى نشر الافكار السليمة والعمل على ارجاع الامة الى العلماء لاخذ معالم دينهم.

وكان الامام الرضا عليه السلام يدعو الى التمسك بمكارم الاخلاق من خلال نشر احاديث الرسول الاكرم صلى الله عليه وآله وسلم التي ترسم للمسلمين المنهج السلوكي السليم. هذا عمل الامام عليه السلام على بناء الجماعة الصالحة بالاضافة الى مجموع الامة الاسلامية. وحث عليه السلام على زيارة ضريح الحسين عليه السلام للتزود من مواقفه الشجاعة ولتجديد العهد معه على رفض الانحراف والظلم والطغيان.

واستطاع الامام الرضا عليه السلام، بهذا الاسلوب ان يوسع القاعدة المواليه لاهل البيت عليهم السلام دون ان تلاحقه السلطات القائمة او تمنع نشاطه السياسي واستطاع كسب عناصر جديدة مقربة للحكام من وزراء وقادة جيش وفقهاء.

واستشهد الامام علي الرضا عليه السلام في "خراسان" في الثلاثين من شهر صفر سنة ثلاث بعد المئتين للهجرة ودُفن سلام الله عليه بارض طوس، وباستشهاده انطوت صفحة من الجهاد والصبر والمعاجز ليفتح هذه الصفحة نجم أخر من نجوم الامامة، وهو الامام التاسع أبي جعفر محمد الجواد عليه وعلى آبائه وابنائه السلام ليشرق من جديد جهاد أبيه وأئمة الهدى عليه السلام.

الأربعاء, 15 تشرين2/نوفمبر 2017 11:22

في ذكرى استشهاد الإمام المجتبى عليه السلام

يصادف الثامن والعشرون من صفر، ذكرى استشهاد السبط والحفيد الأكبر للرسول المصطفى محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وريحانته وحبيبه، وهو الإمام أبو محمد الحسن المجتبى بن علي بن أبي طالب، وثاني أئمة أهل البيت بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وسيد شباب أهل الجنة باجماع المحدثين، واحد أثنين أنحصرت بهما ذرية رسول الله.

فبعد ان نص أمير المؤمنين (ع) علی خلافه ابنه الحسن الزکي وسلَمه مواريث النبوة، اجتمع عليه أهل الکوفة وجماعة المهاجرين والانصار وبايعوه بالخلافة بعد أن طهره الله من کل نقص ورجس، بالاضافة الی توفرَ جميع متطلبات الخلافة فيه من العلم والتقوی والشجاعة والحزم والجدارة، وتسابق الناس إلی بيعته في الکوفة والبصرة، کما بايعه اهل الحجاز واليمن وفارس وسائر المناطق التي کانت تدين بالولاء والبيعة لابيه عليه السلام، وحين بلغ نبأ البيعة معاويه واتباعه بدأوا يعملون بکل مالديهم من مکر وخداع لافساد امره والتشويش عليه.

ان الإمام المجتبى كأبيه المرتضى وجدّه المصطفى قائد مبدئي تتلخص مهماتة القيادية في كلمة موجزة ذات معنى واسع وابعاد شتى هي: "الهداية بأمر الله تعالى" انطلاقا من قوله تعالى:"وجعلناهم أئمة يهدون بأمرنا واوحينا إليهم فعل الخيرات وإقام الصلاة وايتاء الزكاة وكانوا لنا عابدين". (الانبياء -73).

ومارس الإمام (عليه السلام) مسؤولية الحفاظ على سلامة الخط بالرغم من إقصائه عن الحكم، وأشرف على قاعدته الشعبية فقام بتحصينها من الأخطار التي كانت تهدّدها من خلال توعيتها وتعبئتها، فكان دوره فاعلا إيجابيا للغاية، ممّا كلّفه الكثير من الرقابة والحصار، وكانت محاولات الاغتيال المتكرّرة تشير الى مخاوف معاوية من وجود الإمام (عليه السلام) كقوة معبّرة عن عواطف الامّة ووعيها المتنامي، ولربّما حملت معها خطر الثورة ضد ظلم بني اُمية، ومن هنا صحّ ما يقال من أنّ صلح الإمام الحسن (عليه السلام) كان تمهيدا واقعيا لثورة أخيه أبي عبدالله الإمام الحسين (عليه السلام).

في الحقيقة أنه لم يكن له شيعة و أنصار متفانون في سبيله حتي بالمقدار الذي كان مع الإمام الحسين(عليه السلام) من أصحابه المخلصين بل كان الإمام الحسن (عليه السلام) محاطا بالمنافقين والجواسيس وبعد أن رأي خيانة قواده و تخاذل أصحابه أضطر إلى الصلح مع معاوية بشروط كان يعلم أن معاويه لا يفي بها، لكنه أراد أن يظهر للمسلمين كذبه وخداعه وعدم التزامه حتى بالأمور الأخلاقية فضلا عن  الالتزامات الشرعية والدينية ومن فوائد صلح الإمام الحسن (عليه السلام) أنه حقن بذلك دماء المسلمين التي كانت سوف تهدر وتضيع من غير فائده للإسلام والمسلمين ومن فوائده إظهار حقيقة معاوية وبني أميه فإن معاويه كان دجالا منافقا كاذبا يظهر الإسلام والتقدس والتقوى حتى تمكن بدجله وخداعه أن يحرض أهل الشام ليقاتلوا عليا (عليه السلام) باعتباره قاتل عثمان، ولأجل المزيد من المعلومات اقرأ كتاب صلح الأمام الحسن(عليه السلام).

وتّوج الإمام المجتبى عليه السلام جهاده العظيم هذا والذي فاق الجهاد بالسيف في تلك الظروف العصيبة باستشهاده مسموما على يد ألد اعدائه معاوية. لقد حفلت حياة الإمام بانواع الجهاد والصبر على طاعة الله تعالى وتحمل جفاء أهل الجفاء حتى ضرب اعلى انواع الصمود لتنفيذ احكام الله تعالى ثم اختار الشهادة مع العزّ على الحياة مع الذلّ، حتى فاز بلقاء الله سبحانه بعد كفاح عظيم وجهاد كبير.

وقد خلف الإمام المجتبى عليه السلام تراثا فكريا ثرّا من خلال ماقدّمه من نصوص للامة الإسلامية على شكل خطب أو وصايا أو احتجاجات أو رسائل أو أحاديث وصلتنا في فروع المعرفة المختلفة، مما يكشف عن تنوع اهتمامات الإمام الحسن عليه السلام وسعة علمه وإحاطته بمتطلبات المرحلة التي كانت تعيشها الامة المسلمة في عصره المحفوف بالفتن والدواهي التي قل فيها من كان يعي طبيعة المرحلة ومتطلباتها إلا ان يكون محفوفا برعاية الله تعالى وتسديده.

وکان الامام عليه السلام قد أوصی ان يدفن الی جوار جده رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم إلا أن بني أمية، وعلی راسهم مروان بن الحکم منعوا من ذلك وحالوا بين ان يجمع بين رسول الله (ص) وريحانته ووحبيبه بسطه الحسن سيد شباب اهل الجنة فاضطر اهل البيت عليهم السلام لدفنه في البقيع .

فسلام عليك يا أبا محمد الحسن بن علي مظلوما: حيا وشهيدا

یقول الله تعالى فی محکم کتابه: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاکَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِینَ﴾1


﴿لَقَدْ جَاءکُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِکُمْ عَزِیزٌ عَلَیْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِیصٌ عَلَیْکُم بِالْمُؤْمِنِینَ رَؤُوفٌ رَّحِیمٌ﴾2.


تمهید: ولد خاتم النبیّین محمّد بن عبدالله بن عبد المطّلب صلى الله علیه وآله فی السابع عشر من شهر ربیع الأوّل من عام الفیل، توفیّ أبوه وهو جنین، ثمّ استرضع فی بنی سعد، ورُدّ إلى أمّه وهو فی الرابعة أو الخامسة من عمره. وقد توفّیت أمّه حین بلغ السادسة فکفله جدّه عبد المطلب واختصّ به وبقی معه سنتین ثمّ ودّع جدّه الحیاة بعد أن أوکل أمر رعایته إلى عمّه الحنون أبی طالب، حیث بقی مع عمّه إلى حین تزوّج من خدیجة وهو فی ریعان شبابه، وکان قد عُرف بالصادق الأمین، وقد ارتضته القبائل المتنازعة لنصب الحجر الأسود لحلّ نزاعها فأبدى حنکةً وإبداعاً رائعاً أرضى به جمیع المتنازعین، وحضر النبیّ صلى الله علیه وآله حلف الفضول بعد العشرین من عمره.

وبُعث بالرسالة وهو فی الأربعین، وبعد مضی ثلاث سنوات من بدایة الدعوة إلى الله، أمره الله بإنذار عشیرته الأقربین ثمّ أمره بأن یصدع بالرسالة ویدعو إلى الإسلام علانیة لیدخل من أحبّ الإسلام فی سلک المسلمین والمؤمنین وأسّس النبیّ الخاتم صلى الله علیه وآله أوّل دولة إسلامیة فأرسى قواعدها فی السنة الأولى بعد الهجرة وبنى المسجد النبویّ الّذی أعدّه مرکزاً لدعوته وحکومته.. وکان العام العاشر عام حجّة الوداع وآخر سنة قضاها النبیّ صلى الله علیه وآله مع أمّته وهو یمهّد لدولته العالمیة ولأُمّته الشاهدة على سائر الأمم، وتوفّی النبیّ صلى الله علیه وآله فی 28 صفر سنة إحدى عشرة هجریة بعد أن بلّغ الرسالة وأحکم دعائم دولته الإسلامیة حیث عیّن لها القیادة المعصومة الّتی تخلفه متمثّلة فی شخص الإمام علیّ بن أبی طالب علیه السلام.


1- محمّد صلى الله علیه وآله نبیّ الهدى والرحمة 

تسعى بعض وسائل الإعلام الغربیة فی السنوات الأخیرة - بحجّة حرّیة الرأی والتعبیر- للنیل من أعظم شخصیة إنسانیة فی الوجود وهی شخصیة النبیّ محمّد صلى الله علیه وآله ، الّذی تصوّره وسائل الإعلام الغربیة بوسائل وأسالیب ساخرة بأنّه رجل حرب وقتل ونهب وسلب، وأنّه کان غلیظ القلب، وأنّ الإسلام دین العنف والرهبة والقتال.

هذه الشخصیّة الّتی نالت القدر الأوفى من کلّ الشمائل الحسنة والخلال النبیّلة، والقیم الإنسانیّة العلیا، وحرّرت الإنسان ورفعت عنه إصر عبودیات وأغلال کثیرة کانت منتشرة فی العالم، فلقد شکّلت شخصیة النبیّ محمّد صلى الله علیه وآله الرجل الّذی اکتملت فیه کلّ الأخلاق الحمیدة، وانتفت عنه کلّ الأخلاق الذمیمة، قال تعالى: ﴿وَإِنَّکَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِیمٍ﴾3. فشکّلت حیاة النبیّ محمّد صلى الله علیه وآله المثل الأعلى للإنسانیة فی جمیع أحوال الحیاة وأوجهها؛ فی السلم والحرب، فی الحیاة الزوجیة، مع الأهل والأصحاب، فی الإدارة والرئاسة والحکم والسیاسة، فی البلاغ والبیان، فالنبیّ صلى الله علیه وآله وسلم هو المثل الکامل. قال الله تعالى: ﴿وَالْقُرْآنِ الْحَکِیمِ * إِنَّکَ لَمِنَ الْمُرْسَلِینَ﴾4، ﴿.....لَکُمْ فِی رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَة........﴾5.

فکان صلى الله علیه وآله یفیض رحمة فی خلقه وسلوکه وأدبه وشمائله، فلا یحمل عبء بلاغ هذه الرحمة إلى العالمین إلّا رسول رحیم ذو رحمة عامّة شاملة فیّاضة طبع علیها ذوقه ووجدانه، وصیغ بها قلبه وفطرته. قال تعالى: ﴿لَقَدْ جَاءکُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِکُمْ عَزِیزٌ عَلَیْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِیصٌ عَلَیْکُم بِالْمُؤْمِنِینَ رَؤُوفٌ رَّحِیمٌ﴾6

فهو مثل أعلى للرحمة الإلهیّة لذلک وصفه الله تعالى بأنّه رؤوف رحیم یستطیع المؤمنون الاستفادة من الرحمة الّتی کان یُمثّلها النبیّ صلى الله علیه وآله ، ذلک لأنّه "بالمؤمنین روؤف رحیم" ویستطیع الکافرون والمنافقون أیضاً -إلى جانب المؤمنین - الاستفادة من هذه الرحمة کذلک، فعندما قیل له: ادع على المشرکین قال صلى الله علیه وآله وسلم: "إنّی لم أُبعث لعّانًا، وإنّما بُعثت رحمة"7.


2- النبیّ محمّد صلى الله علیه وآله وسلم الإنسان العطوف والمحبّ

وإذا التفتنا إلى حیاته الخاصّة صلى الله علیه وآله فی بیته ومع أولاده وأهل خاصّته لوجدنا بأنّ الرحمة والشفقة من أبرز أخلاقه وخصاله صلى الله علیه وآله وقد وصفه الله فی القرآن الکریم بذلک، فقال تعالى عن النبیّ صلى الله علیه وآله ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاکَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِینَ﴾8. وقال تعالى: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ کُنتَ فَظًّا غَلِیظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِکَ﴾9

وکان صلى الله علیه وآله یُحبّ الأطفال، ویُقبّل أولاده، ویعطف علیهم، ویأمر بالمساواة فی المحبّة بینهم، کما کان یحبّ أهله وزوجاته، وهو القائل: "حبّب إلیّ من دنیاکم: الطیب والنساء، وجُعلت قرة عینی فی الصلاة". وقال صلى الله علیه وآله: "خیرکم خیرکم لأهله وأنا خیرکم لأهلی"10. وکان صلى الله علیه وآله رحیماً بالجمیع، بل إنّه یسمع بکاء الصبیّ فیسرع فی الصلاة مخافة أن تُفتتن أمّه. و کان صلى الله علیه وآله وسلم یمرّ بالصبیان فیسلّم علیهم. وجاء الحسن والحسین مرّة، وهما ابنا ابنته وهو یخطب الناس فجعلا یمشیان ویعثران فنزل النبیّ صلى الله علیه وآله من المنبر، فحملهما حتّى وضعهما بین یدیه، ثمّ قال صدق الله ورسوله: ﴿وَاعْلَمُواْ أَنَّمَا أَمْوَالُکُمْ وَأَوْلاَدُکُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِیمٌ﴾11 نظرت إلى هذین الصبیّین یمشیان فیعثران فلم أصبر حتّى قطعت حدیثی ورفعتهما. وفی روایة "ما ضرب رسول الله شیئًا قطّ بیده ولا امرأة ولا خادمًا إلّا أن یجاهد فی سبیل الله"12

وکان النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم یُقَبِّلُ ابنه إبراهیم عند وفاته وعیناه تذرفان بالدموع؛ فیتعجّب بعض الحاضرین ویقول: وأنت یا رسول الله! فیقول النبیّ صلى الله علیه وآله: "یابن عوف، إنّها رحمة، إنّ العین تدمع، والقلب یحزن، ولا نقول إلّا ما یُرضی ربّنا، وإنّا بفراقک یا إبراهیم لمحزونون"13

ومن تواضعه وشکره: قال الإمام علیّ علیه السلام "کان النبیّ صلى الله علیه وآله إذا سُئل شیئاً فأراد أن یفعله قال: نعم، وإذا أراد أن لا یفعل سکت، وکان لا یقول لشیء لا"، وأمّا علاقته بأصحابه، فقد قال تعالى: ﴿حَرِیصٌ عَلَیْکُم بِالْمُؤْمِنِینَ رَؤُوفٌ رَّحِیمٌ﴾14، وعن الإمام أبی عبد الله علیه السلام قال: "کان رسول الله صلى الله علیه وآله یُقسّم لحظاته بین أصحابه، فینظر إلى ذا وینظر إلى ذا بالسویّشة؛ وقال: ولم یبسط رسول الله رجلیه بین أصحابه قطّ، وإن کان لیصافحه الرّجل فما یترک رسول الله صلى الله علیه وآله یده من یده حتّى یکون هو التارک..."15.


3- رحیم فی الحرب والسلم 

و کان صلى الله علیه وآله فی الحرب یقاتل بشجاعة، ولکنّه أیضاً کان صاحب شفقة عظیمة، کان سیاسیّاً، ولکنّه فی الوقت نفسه صاحب مروءة کبیرة وقلب کبیر. ففی غزوة أحد استشهد عمّه حمزة أسد الله ورسوله رضی الله عنه، ومُزّق جسده تمزیقاً، وشُجّ رأس النبیّ صلى الله علیه وآله وکُسِرت رباعیّته، وغطّى الدم جسده الشریف، وکان یدعو فی مقابل أذى أهل مکّة له: "اللهمّ اغفر لقومی إنّهم لا یعلمون"16. فهل یوجد أرحم من النبیّ محمّد صلى الله علیه وآله فی مثل هذه اللحظات. 
وفی فتح مکّة کیف تعامل مع من أخرجوه وظاهروا على إخراجه وإیذائه؟ وکیف تعامل مع من حاصروه فی شعب أبی طالب وتسبّبوا فی وفاة أحبّ زوجاته إلیه خدیجة الکبرى رضی الله عنها، وفی وفاة عمّه أبی طالب؟ فلقد دخل مکّة بعشرة آلاف مقاتل، دخل على مرکبه، والدرع على صدره، والسیف فی یده، ولکنّه مع کلّ مظاهر النصر هذه کان أنموذجاً للرحمة، فسأل أهل مکّة: "ما ترون أنّی فاعل بکم؟" فأجابوه: "خیراً أخٌ کریمٌ وابن أخ کریم" فقال لهم ما قاله یوسف علیه السلام لإخوته: "لا تثریبَ علیکم الیوم یَغفر الله لکم وهو أرحم الراحمین"17. لقد قال لهم: "اذهبوا فأنتم الطُلَقاء"18.


4-رسالة النبیّ محمّد صلى الله علیه وآله دین المحبّة والرحمة

الدِّین الإسلامی هو دین الرحمة والمحبّة والسلام والدعوة إلى الخیر، وما عالمیّته وتشریعه للقتال والجهاد إلّا أحد مظاهر هذه الرحمة، إذ لا یمکن إیجاد الرحمة کخُلق للأفراد والمجتمعات إلّا بدفع الظالم ورفع ظلمه عن المظلومین.

یقول الله تعالى: ﴿کَتَبَ رَبُّکُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ﴾19. ویقول الله تعالى: ﴿فَاللّهُ خَیْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ﴾20، ونحن دائمًا نُردّد فی أوّل أعمالنا: ﴿بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ﴾21. ویقول النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم: "لمّا خلق الله الخلق کتب عنده فوق عرشه: إنّ رحمتی سبقت غضبی"22

فرحمة الله سبحانه واسعة، ولا یعلم مداها إلّا هو، فهو القائل سبحانه: ﴿وَرَحْمَتِی وَسِعَتْ کُلَّ شَیْءٍ فَسَأَکْتُبُهَا لِلَّذِینَ یَتَّقُونَ وَیُؤْتُونَ الزَّکَاةَ وَالَّذِینَ هُم بِآیَاتِنَا یُؤْمِنُونَ﴾23.

وعن النبیّ صلى الله علیه وآله وسلم: "جعل الله الرحمة مائة جزءٍ، فأمسک تسعة وتسعین، وأنزل فی الأرض جزءًا واحدًا، فمن ذلک الجزء تتراحم الخلائق؛ حتّى ترفع الدابة حافرها عن ولدها خشیة أن تصیبه"24

رحمة البشر: الرسول صلى الله علیه وآله: "ارحم من فی الأرض، یرحَمْک من فی السماء"25 و "مثل المؤمنین فی توادّهم وتراحمهم وتعاطفهم؛ مثل الجسد؛ إذا اشتکى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى"26 فالمسلم رحیم فی کلّ أموره؛ یعاون أخاه فیما عجز عنه؛ فیأخذ بید الأعمى فی الطرقات لیجنِّبه الخطر، ویرحم الخادم؛ بأن یحسن إلیه، ویعامله معاملة کریمة، ویرحم والدیه، بطاعتهما وبرّهما والإحسان إلیهما والتخفیف عنهما.

الغلظة والقسوة: حذَّر النبیّ صلى الله علیه وآله من الغلظة والقسوة، وعدَّ الّذی لا یرحم الآخرین شقیّاً، فقال صلى الله علیه وآله: "لا تُنْزَعُ الرحمةُ إلّا من شَقِیّ"27 وقال صلى الله علیه وآله: "لا یرحم اللهُ من لا یرحم الناس"28.

ولا مجال فی هذه العجالة لعرض کلّ نماذج الرحمة فی الدِّین الإسلامی وسیرة النبیّ محمّد صلى الله علیه وآله حیث شملت کلّ خلق الله تعالى من الإنسان والحیوان.

عن الإمام أبی جعفر علیه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله علیه وآله مقامی بین أظهرکم خیرٌ لکم، فإنّ الله یقول: ﴿وَمَا کَانَ اللّهُ لِیُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِیهِمْ﴾29 ومفارقتی إیّاکم خیرٌ لکم. فقالوا یا رسول الله، مقامک بین أظهرنا خیرٌ لنا، فکیف تکون مفارقتک خیراً لنا؟ قال: أما أنّ مفارقتی إیّاکم خیرٌ لکم، فإنّ أعمالکم تُعرض علیّ کلّ خمیس وإثنین، فما کان من حسنة حمدتُ الله علیها، وما کان من سیّئةٍ استغفرت الله لکم"30

یقول الشاعر: 

ارحم بُنَی جمـیــع الخـلـق کُلَّـهُـمُ                   وانْظُرْ إلیهــم بعین اللُّطْفِ والشَّفَقَةْ
وَقِّــرْ کبیـرَهم وارحم صغیـرهــم                  ثم ارْعَ فی کلّ خَلْق حقَّ مَنْ خَلَـقَـهْ

* کتاب إلا رحمة للعالمین، إعداد ونشر جمعیة المعارف الإسلامیة الثقافیة.

1- سورة الأنبیاء، الآیة: 107.
2-سورة التوبة، الآیة: 128.
3- سورة القلم، الآیة: 4.
4- سورة یسن، الآیتان: 3 4.
5- سورة الأحزاب، الآیة: 21.
6- سورة التوبة، الآیة: 128.
7- میزان الحکمة، محمّد الری شهری، ج 4، ص 274
8- سورة الأنبیاء، الآیة: 107.
9-سورة آل عمران، الآیة: 159.
10-من لا یحضره الفقیه، الشیخ الصدوق، ج 3، ص 555.
11-سورة الأنفال، الآیة: 28.
12-میزان الحکمة، محمّد الری شهری، ج 4، ص 3231
13-المحلى، ابن حزم، ج 5، ص 146.
14-سورة التوبة، الآیة: 128.
15-الکافی، ج2، ص671.
16-بحار الأنوار، العلّامة المجلسی، ج 95، ص 167.
17-سورة یوسف، الآیة: 92، الکافی، ج 4، ص 225.
18-الکافی، ج 3، ص 513.
19-سورة الأنعام، الآیة: 54.
20-سورة یوسف، الآیة: 64.
21-سورة الفاتحة، الآیة: 1.
22-الکافی، ج 2، ص 375.
23-سورة الأعراف، الآیة: 156.
24-کنز العمال، المتقی الهندی، ج 4، ص 250.
25-من لا یحضره الفقیه، الشیخ الصدوق، ج 4، ص 379.
26-کنز العمال، المتقی الهندی، ج 1، ص 149.
27-م. ن، ج 3، ص 163
28-م. ن.
29-سورة الأنفال، الآیة: 33.
30-تفسیر القمی، ج1، ص276

الأربعاء, 15 تشرين2/نوفمبر 2017 09:46

أفضل المعالم الإسلامية في أسبانيا

أسبانيا هي من أجمل بلدان العالم فقد اشتهرت على مر العصور بجمال مبانيها فقد استمدت أسبانيا أو كما كان يطلق عليها الأندلس حضارتها منذ الحكم الإسلامي الذي استمر منذ القرن الثاني الميلادي وحتى القرن الخامس عشر، فكانت تلك الفترة فترة مهمة جدا خلفت من وراءها الكثير من المعالم السياحية والآثرية ، التي شهدت على حضارة الأندلس خلال هذه الفترة والتي ما يزال بعضها إلى الآن، وللأسف قد اندثر بعض من المعالم الإسلامية وبعضها قد حول ليصبح كنائس ولكن حضارة الحكم الإسلامي ما زالت منبثقة في كل ركن من أركان هذه المعالم، ومن هنا لابد وأن نعرض أفضل هذه المعالم الإسلامية والتي ما تزال صامدة إلى الآن .

كاتدرائية جامع قرطبة
هذه الكاتدرائية كان مسجدا في فترة الحكم الإسلامي بقرطبة وهو تراث عالمي مسجل لدى اليونسكو، يتميز هذا المبني بالاندماج ما بين العمارة الإسلامية والمسيحية، فكما ذكرنا في المقدمة فعلى الرغم من تحويل بعض المعالم الإسلامية إلى كنائس فلا تزال محتفظة بفن العمارة الإسلامي، كما تضم الكاتدرائية حديقة جميلة بفناء فخم ملئ بالأشجار.

 

قصر الحمراء
يقع قصر الحمراء في غرناطة وهو من القصور الفخمة جدا في أسبانيا والذي يحتوي على مجموعة كبيرة من الآثار الإسلامية التي تشهد على الحضارة الإسلامية في ذلك الوقت سواء كان من خلال الزخرفة الرقيقة بالسجاد أو الآيات القرآنية المكتوبة أو أبنية القصر نفسها، فهذا القصر يمتلك هياكل جميلة جدا تطل على المدينة .

 

مسجد الأندلس
من أشهر المساجد الموجودة في أسبانيا وتحديدا في مدينة مالقا فبني المسجد بأمر من الملك فهد بن عبد العزيز فهذا المسجد هو من أكبر المساجد الموجودة في أوروبا فتبلغ مساحته 4 آلاف متر، وبالمسجد صومعة كبيرة يبلغ طولها 25 مترا، وتمتلئ أركان المسجد بالزخارف المعمارية .

 

القصبات الأندلسية
بنيت هذه القصبات في الحكم الإسلامي بالأندلس وهي عبارة عن ثكنات عسكرية أمازيغية والتي كانت بهدف الدفاع عن المناطق الموجودة من حولها، وقد أقام المسلمون هذه القصبات في عدد من المدن الأندلسية الكبرى في ذلك العهد ومنها غرناطة وقرطبة ومارد ومالقة وقصبة سان جورج وقلعة بني سعيد وقصبة وادي آش .

 

قصر جنة العريف
وهو من أجمل الأماكن التي يمكن زيارتها في أسبانيا وتحديدا في مدينة غرناطة فهو مكان مناسب جدا للنزهة والاستجمام، فهذا المكان هو من الأماكن المزخرفة المليئة بالكثير من النقوش الإسلامية ولكنها طمست للأسف ، وكان هذا المكان من أنسب الأماكن إلى ملوك غرناطة .

 

قصر الجعفرية
هو من القصور الفخمة في أسبانيا وتحديدا في مدينة سرقسطة والذي يتميز بتصميمه الفاخر، فيتميز هذا القصر بأبراجه الدائرية وهي سمة من أهم سمات العمارة العربية والشرقية والمغربية، وهو من أشهر وأفضل المعالم الإسلامية التي يمكن زيارتها في أسبانيا خاصة وأنه يجذب الكثير من السياح .

 

قنطرة قرطبة
وهي من أهم المعالم الآثرية والإسلامية في قرطبة، وموقعها ممتاز جدا فهي على نهر الوادي الكبير، وتتميز قنطرة قرطبة بطولها الذي يبلغ 400 متر وعرضها 40 متر، وتقع على ارتفاع 30 متر، وهي بذلك أضخم المعالم الإسلامية التي بنيت في وقت الحكم الإسلامي بالأندلس .

 

قلعة شريش
هذه القلعة هي من أهم القلاع الإسلامية التي بنيت في الأندلس لأنها تحمل كل معاني الثقافة الإسلامية، فقد بنيت في عام 1931 فهي ذات أهمية تاريخية واستراتيجية هائلة جدا، والقلعة قريبة من مدينتي اشبيلية وقادس بها العديد من الغرف والقاعات والتي كانت تستخدم للدفاع في ذلك الوقت .

 

مسجد المنستر لا ريال
يقع المسجد في مديمة مانسيتر لا ريال وهو من أشهر المعالم التاريخية الإسلامية في أسبانيا، فقد بني عام 1931 على أنقاض معبد قديم مما يجعله من أهم المعالم التاريخية العريقة، وهو ما يزال إلى الآن ويعتبر من أهم المساجد التي حافظت على بنيتها الأصلية .

 

الأربعاء, 15 تشرين2/نوفمبر 2017 09:43

أين الأزهر من الدم الذي يُراق في سيناء!

إثر كل عملية إرهابية تتم في سيناء المصرية (وما أكثرها هذه الأيام) يتساءل الإعلام والساسة ومن تبقّى شريفاً من علماء الأمّة؛ أين الأزهر؟ ولماذا يترك هذه الساحة فارغة لكي تنمو فيها داعش المصرية (ولاية سيناء) ولكي يتجدّد فيها الفكر التكفيري الذي أباح القتل ضد الجيش والشرطة والمدنيين الأبرياء؟! لماذا لا يملأ الأزهر الساحة بالفكر والدعوة الوسطية المشهورة عنه؟ لماذا ينشغل بقضايا فرعية لا تفيد الأمّة؟

أسئلة تدفعنا إلى البحث مجدّداً عن الأزهر ورسالته المفتقدة :

رغم أن موضوع الأزهر من الموضوعات التي وضعت على طاولة البحث كثيراً ، وتناولها العديد من الكتّاب والباحثين بالبحث والتفنيد في النشأة والهدف والمعارك والمراحل التاريخية ، إلا أن الحديث عن الأزهر لا يتوقّف نظراً لأهمية دوره المأمول منه ولموقعه من الأمّة ، هذا الموقع الذي لم تستطع أية جامعة إسلامية أن تحل محله منذ بدأ وحتى الآن، ورغم تراجع دوره ، إلا أن العناصر المكوّنة له وتاريخه ومعاركه ورصيده الحضاري هو الذي جعل الأمّة تتعلّق به كلما جدّ جديد وحلّت أزمة أو كارثة بالأمّة .

فالأزهر الذي أنشىء عام 359هـ/ 970م ، وافتُتح في العام 363هـ/974م . بات مطلوباً اليوم (2017) وسط هذا الفيضان من الإرهاب الداعشي والفكر التكفيري.

  • إن ما يجري منذ سبع سنوات في سوريا والعراق وفي مصر (بلد الأزهر) وليبيا وغيرها من هجوم (للإسلام الداعشي) على كل ركائز الهوية الإسلامية المعتدلة ، ليدعونا إلى مُناداة الأزهر ثانية وبأعلى صوت أن يتواجد وأن يقاتل مجدّداً بفكره ودعوته ودُعاته !! .
  • إن ثمة ضرورة إسلامية كبرى أيضاً اليوم (2017) لاستنهاض دور الأزهر الوسطي المعتدل فى مواجهة الصراعات المذهبية والطائفية ، وهى القضية التي أخذت تتدحرج شيئاً فشيئاً من داخل بعض الأقطار في المنطقة " الاقليم " ، إلى دولة أخرى حتى استحدث منها قضايا سياسية تربك علاقات الأخوة والجوار ، ونخشى من حروب إسلامية – إسلامية قادمة قد تحدث فى القريب إذا ما ظلّ الأزهر على هذه الحال من التراخي والسكون ، وقد كان أهم نقاط أحد أبحاثنا عن الأزهر قبل سنوات، هو الفقرة الأخيرة في تلك الدراسة التي نقول فيها: "المطلوب الآن هو الدعوة إلى إعادة دور الأزهر الثقافي والدَعَوى والسياسي في مواجهة دعوات الفكر الوهّابي المُتسعوِد ، والذي يكفّر كل مختلف معه فى فروع الدين ، وهو الفكر الذي يثير – منذ سبع سنوات (منذ بدء الربيع العربي المزعوم) - الفتن في العراق والآن في مصر وسوريا وسيناء ولبنان وفلسطين باسم الدفاع عن الإسلام ، والإسلام منه براء.

إن أحداث قتل الضباط والجنود من الشرطة والجيش اليومية، من خلال تنظيم (ولاية سيناء) الوهّابي المتطرّف ليست بعيدة عن أنظارنا ، ودُعاة هذا الفكر ينتشرون الآن في البلاد الإسلامية ويخلطون بين المقاومة المشروعة ضد الاحتلال وبين الإرهاب المُتمسّح زيفاً برداء الإسلام.

من هنا يمكن أن نعيد طرح السؤال الذي طرحناه من قبل منذ العام 2007م ، عندما عقد مركزنا البحثي (مركز يافا للدراسات والأبحاث) عشرات الندوات ضد الفكر التكفيري، داعياً إلى عدم حَرْف البوصلة بعيداً عن قضية الأمّة المركزية، فلسطين، وهو " أين الأزهر"؟.. أين الأزهر في قضية الجهاد والمقاومة والإخوة الدينية التي يجب أن نحافظ عليها ونحفظها حتى وإن اختلفت مذاهبنا وأفكارنا وطرق حلولنا للقضية الواحدة ، إن غياب دور الأزهر في العراق أدّى إلى نشوب صراع على المذهب ، أو صراع تم تبريره بأنه بين " الشيعة الرافضة " و" أهل السنّة والجماعة " رغم أن الأمر ليس كذلك أبداً !!.

على الرغم أن الدائر في العراق كما هو الأمر في سوريا وفي فلسطين ولبنان.. بين ضمير الأمّة المتمثّل في جهاد أخلص أبنائها وبين جماعات الاحتلال والتكفير الوهّابى على اختلافها إن الفرز.. اليوم بين الأمّة وأعدائها.. مَن مع المقاومة وحرية الوطن والمواطن، ومَن ضد المقاومة ومع الاستسلام والقهر والتسلّط والعجز والخنوع للمحتل ، وهنا يأتى الدور المنشود للأزهر "إن دور الأزهر فى حروب مصر إبان عهد عبد الناصر 1956 – 1967م وما تلاها ، هذا الأزهر العظيم الذي تراجع دوره وباعتراف علمائه وتدهورت رسالته وتحوّل العديد من خرّجيه إلى مجرّد موظفين لدى الدولة، وافتقدنا فيهم أمثال الأفغانى ومحمّد عبده والمراغى وشلتوت والخضر حسين وأبو زهرة وغيرهم من نجوم الفقه والاجتهاد الإسلامي" آن له اليوم أن يستيقظ.

ومن المعلوم أن تلك الفترة كانت واحدة من أخصب الفترات التي عاشها الأزهر نظراً لتداخل رؤيته الجامِعة والموحّدة والمُتّسقة مع أهداف الثورة، فالدوائر التي كان يتحدّث عنها ناصر هي نفس الدوائر التي ينشط خلالها الأزهر لنشر رسالته ، فإذا كانت الثورة ترى أهمية الدوائر الثلاث العربية والأفريقية والإسلامية، فإن الأزهر له نفس الدوائر باعتباره الجامعة الكبرى المصرية موقعاً، العربية لساناً، الإسلامية ديناً، الإنسانية هدفاً ورسالة، فالأزهر هو الجامعة التي سمت وتجاوزت فوق اللون والجنس والموطن القُطري ، وأشاعت جواً من الإخاء الإنساني وأساتذتها هم من علّموا أهل كل الأقطار والأمصار فبذلك حقّقت كل شروط الحرية والالتزام الجامِع.

إن محاولة إعادة القوة للأزهر الشريف أمر أصبح متعلقاً بمصير المسلمين في تلك الآونة التي ازدادت فيها حدّة الجمود، وازداد عدد تنظيمات الإرهابيين الذين يدّعون انتماءهم للإسلام، وبخاصة داعش والقاعدة وأخواتهما في سوريا وسيناء المصرية وليبيا والعراق، لقد أصبح من الضروري أن يجتمع علماء الأزهر مع مَن يماثلهم من علماء المسلمين الشيعة والسنّة من مختلف أنحاء العالم، ويقفوا وقفة رجل واحد ضد هذا الخطر الذي يهدّد الأمّة وقضاياها. ولا يكفي مؤتمرات عقيمة أو بيانات إبراء الذمّة التي تتم عقب كل عملية إرهابية في سيناء ! لابدّ من موقف أكثر راديكالية وقوة وشمولاً لجغرافيا المنطقة والعالم !! .

كذلك تهمنا الإشارة إلى أن الحديث عن الحوار الحضاري ودور الأزهر فيه  باعتباره هو الرائد فى هذه الدعوة بما يملك من رصيد تراثي وحضاري وغلبة ثقافة الحوار عليه ، فإنه مؤهّل دون غيره في الاطّلاع بدور الوسيط الحضاري بين الحضارات المختلفة للقضاء على فكرة العنف الديني ووصم  "المسلم " دائماً بالإرهاب ومن خلال ثبات الصورة الذهنية التي تختزل دائماً الإسلام بـ " جماعات الإسلام السياسي " وبأن الإسلام دين عنف . والذي نجحت " القاعدة وداعش" وأخواتهما في تثبيته وتأكيده !!

إن التقدّم بالحوار يقتضى استحضار الثوابت التي يبدأ منها الانطلاق، على أن يكون نصب أعيننا هدف رئيسي هو تعزيز وتحقيق وحدة الأمّة ، وهذا يتطلّب أن يأخذ الحوار مكانته اللائقة به فى مناهج تربية الأجيال وتعليمها احتراماً وممارسة ، في البيت والمدرسة والمجتمع ، ويمكن أن نرى حقيقة الأزهر الحوارية من زاوية أن الأزهر كمؤسسة لم تنشأ لتكون جهة إعلامية أو في خدمة أحد ، حيث أن الفاطميين أنشأوا الأزهر ليكون مؤسسة دينية وعلمية إسلامية للدعوة الحرة المُستنيرة ، مؤسسة لكل مذاهب أهل الإسلام تتجادل فيه وتتناقش ، وهذا هو الدور الذي حمله الأزهر وبشّر به بين المسلمين ، فالأزهر الشريف هو المؤسسة العلمية التعليمية الدعوية الوحيدة في عالمنا العربي والإسلامي التي لا تتعصّب لمذهب بعينه وعليه ، فالأزهر هو المؤسسة الوحيد تقريباً القادرة اليوم على الدخول في حوار حضاري أو الدعوة للحوار الحضاري بين أصحاب الحضارات المختلفة والديانات المتعدّدة، وفي مواجهة فكر داعش التكفيري المنتشر في سوريا كما في سيناء المصرية ،  والأزهر حين يقود الأمّة فإنه ومن دون نقاش قادر على جمع الكلمة وتحقيق مشروع أمّتنا الحضاري الذي يلتقي عليه الكافة من مختلف الثقافات والتيارات ليسهموا في عمران عالمنا ، بمنهج وسطي قويم وليس منهجاً تكفيرياً منفّراً كما هي الحال مع أصحاب فقه البداوة القادمين من المدرسة الوهّابية، الذين أهانوا الإسلام وأساؤا إليه.

وإن هذا الدم المُراق يومياً في سيناء المصرية (كما في سوريا العروبة) وباسم الإسلام، هو دليل ساطع على خطورة هذا الفكر التكفيري، وبالمقابل أهمية حضور الأزهر وبقوة في مقاومته، وفي طرح البديل الإسلامي الوسطي المقاوم، قبل أن يضيع الإسلام، وتتمزّق دوله وطوائفه على أيدي داعش وأخواتها. والله أعلم.

رفعت سيد أحمد