Super User

Super User

البرلمان المصري يوافق على سيادة السعودية على جزيرتي تيران وصنافير، بعد موافقة لجنة الدفاع والأمن القومي المصري على الاتفاقية، وقوات الأمن المصرية تفرق تظاهرة بميدان طلعت حرب وتعتدي على مؤسس التيار الشعبي والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي.

وافق البرلمان المصري على سيادة السعودية على جزيرتي تيران وصنافير،  جاء ذلك بعد وقت قصير من موافقة لجنة الدفاع والامن القوميِّ على الاتفاقية التي تنصُّ على أن تيران وصنافير سعوديتان.
قوات الأمن اعتدت على عدد من الشخصيات العامة الرافضة لموافقة البرلمان المصري على نقل ملكية الجزر للسعودية، وقبضت على الكاتب الصحفى جمال الجمل وعدد من الشباب أمام مقر حزب المصرى الديمقراطى بوسط القاهرة.
وفي وقت متأخر من ليل الأربعاء، فرّق الأمن المصري تظاهرة بميدان طلعت حرب واعتدى على  مؤسس التيار الشعبي البرلماني والمرشح الرئاسي السابق حمدين صباحي.

وكانت اللجنة التشريعية في البرلمان المصري بدأت الإثنين مناقشة اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر والسعودية بحضور أعضاء من لجنة ترسيم الحدود البحرية، وسط اتهامات بأنّ الأمور "جرى ترتيبها سلفاً". ولكن اللجنة وافقت في النهاية على اتفاقية تعيين الحدود، إذ حسم الأمر بالتصويت على الإحالة برفع الأيدي.

وفي وقت سابق، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري إن إسرائيل أكدت التزامها باتفاقية تيران وصنافير بين مصر والسعودية، مضيفاً أن اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين تم توقيعها بعد 11 جولة من التفاوض، واعتمدت بشكل رئيسي على قرار الرئيس الأسبق حسني مبارك رقم 27 لسنة 1990، بشأن تنظيم الحدود البحرية.

اتفاقية ترسيم الحدود البحرية بين السعودية ومصر أقرت في 29 كانون الأول/ ديسمبر 2016، إلاّ أنّ محكمة الأمور المستعجلة طالبت حينها بإبطالها.

الأربعاء, 14 حزيران/يونيو 2017 09:11

استشهاد الإمام علي عليه السلام

استشهاد الإمام علي (ع) هي إحدى أهم الأحداث في التاريخ الإسلامي، حيث كان عليه السلام الإمام الأول للشيعة والخليفة الرابع عند عامة المسلمين إضافة لكونه صهر الرسول (ص) وكاتب وحيه، وقد ثبت التاريخ عشرات المواقف البطولية والمهمة لهذه الشخصية البارزة.

وكانت آخر وقعة خاضها الإمام علي عليه السلام هي معركة النهروان، حيث خاض بها قتالا ضد المجموعة التي فرضت التحكيم عليه في صفين، ولكنها ندمت بعد عدة أيام ، فنكثت عهدها وخرجت من بيعة الإمام، وقد عرفوا فيما بعد باسم الخوارج أو المارقين، وقد انتصر عليهم الإمام عليه السلام، وكان يتهيأ لاستئناف قتال المتمردين في الشام بعد أن فشل التحكيم عند اللقاء بين الحكمين، بيد أن الإمام عليه السلام استشهد على يد عبد الرحمن بن ملجم المرادي ـ والذي كان من الخوراج ـ عندما طعن الإمام بسيف وهو في سجوده، عند صلاة الفجر في مسجد الكوفة صبيحة اليوم التاسع عشر من رمضان سنة أربعين للهجرة بعد خمسة أعوام من الحكم.

وقد بقي الإمام عليه السلام يعاني من علته ثلاثة أيام، عهد خلالها بالإمامة إلى ولده الحسن السبط عليه السلام بأمر الله تعالى ليمارس بعده مسؤولياته في قيادة الأمة.

 

خلفية استشهاد أمير المومنين عليه السلام

لقد تعرض الإمام عليّ بن أبي طالب للقتل عدة مرات، ومن أشهرها كانت ليلة هجرة النّبيّ صلّى اللّه عليه و آله و سلّم.[١]

و بعد ليلة المبيت و خروج عليّ مع الفواطم إلى النبيّ قد تأكّدت عزيمة جمع من الكفّار على قتله عندما لحقوه بالطريق. و قالوا له: ارجع بالنسوة و حالوا بينه و بين النسوة كي يرجعوهنّ فشدّ عليهم و قتل أحدهم.[٢]

وثمّ بعد ذلك في حرب بدر ومقتل أكثر من نصف الذين قُتلوا من صناديد الكفّار علي يده عليه السلام تأكّدت عزائم الكفّار على قتله أكثر فأكثر.

ثمّ في حرب أحد لمّا فرّ المسلمون إلاّ عدد قليل منهم و واسا عليّ عليه السلام النبيّ صلى اللّه عليه و آله و سلم بنفسه و فرّق الكفّار المحدقين بالنبيّ و قتل رؤساءهم، اشتدّت نوايا الكفّار و عزمهم على قتل عليّ (ع), فكان يغري بعضهم بعضا على قتله و الفتك به. كما يدلّ على ذلك ما رواه جماعة عن أسيد بن أبي إياس أنّه كان يحضّ المشركين على قتله و ينشد:

هذا ابن فاطمة الذي أفناكم ذبحا و قتلة قعصة لم يذبح  ٢٠  أفناكم قعصا و ضربا يفتري بالسيف يعمل حدّه لم يصفح أعطوه خرجا و اتقوا بمضيعة فعل الذليل و بيعة لم تربح

و هكذا كان يزداد بغض الكفّار لعليّ و همّهم على قتله يوما بعد يوم و كلّما يتجدّد للنبيّ غزو و لعليّ نكاية في الكفّار كان يزداد حقدهم و همّهم في اغتيال عليّ و الفتك به فكانوا مراقبين لعليّ من الداخل و الخارج.

و كان الأمر على هذا المنهاج في طول أيّام الخلفاء كما تكشف عن ذلك أبيات أمير المؤمنين عليه السلام المعروفة المستفيضة:


 
تلكم قريش تمنّاني لتقتلني فلا      و ربك ما برّوا و لا ظفروا

فإن بقيت فرهن ذمّتي لهم         بذات روقين لا يعفو لها أثر


 ثمّ بعد انقضاء أيّام الخلفاء و مبايعة النّاس أمير المؤمنين على الخلافة قد أضاء الصبح لكلّ ذي عين بأنّ كثيرا من المسلمين قد مكروا به و عزموا على قتله فجمعوا الحشود و أعدّوا لقتله العدّة و العدّة بعد ما بايعوه طوعا و رغبة و هؤلاء هم الناكثون.

ثمّ تلاهم القاسطون و هم معاوية و أهل الشام و من شايعهم على قتال عليّ عليه السلام.

 

المارقين و واقعة التحكيم

و عند محاربة القاسطين لأمير المومنين عليه السلام زيدت في مناوئي عليّ فرقة ثالثة و هم المارقون الخوارج.

و هؤلاء أكثرهم كانوا من عبّاد أهل الكوفة و البصرة و من قرّاء القرآن و لكن لم يكونوا على بصيرة في علم القرآن و كان غاية جهدهم الإكثار من تلاوة القرآن و المداومة على الأذكار و الأوراد و كانوا مع عليّ عليه السلام مجدّين في قتال أعدائه و لكن عند ما رفع معاوية و جنده المصاحف على الرماح-مكرا و خديعة-في صباح ليلة الهرير و دعوا عليّا و عسكره إلى تحكيم القرآن و الرضا و التسليم لحكم القرآن و أبى عليهم عليّ عليه السلام لعلمه بأنّ القوم لا يريدون حكم القرآن بحسب الواقع و إنمّا لجؤوا إلى ذلك لينجوا من المهلكة.

فعند ذلك أصرّ هؤلاء الحمقى على عليّ كي يقبل هذه الدعوى و يصالح معاوية على تحكيم القرآن و هدّدوا عليّا على رفضه ذلك بالقتل أو تسليمه إلى معاوية أو الانفراج عنه كي يقتله أهل الشام.

و من أجل إصرار هؤلاء الجهّال على نزعتهم حدث اختلاف شديد و تضارب في الرأي في جند الإمام أمير المؤمنين عليه السلام حتّى كادوا أن يتقاتلوا.

فاضطرّ الإمام أمير المؤمنين عليه السلام إلى قبول الصلح و تحكيم القرآن تحت شروط و قيود تبطل خديعة معاوية و مكره، فكتبوا كتاب الصلح و أمضاه رؤساء الفريقين و وقّعوا عليه، فعند ذلك انتبه المغفّلون من القرّاء بأنّهم خدعوا فيما أصرّوا عليه أوّلا فجاؤوا إلى عليّ و ألحّوا عليه أن يعود إلى محاربة معاوية فأبى عليهم عليّ عليه السلام و قال لهم: ويلكم إنّ اللّه أمر بالوفاء بالعهد مع المشركين فكيف ينقض عهده مع هؤلاء و هم مسلمون؟ ! و قال لهم جهارا: إنّه لا يرجع عن عهده مع الناكثين إلاّ أن يخونوا هم العهد أو تنتهي مدّة المعاهدة من غير وفاق على حكم القرآن.

فحينئذ كفّره الخوارج و كفّروا كلّ من رضي بتحكيم القرآن و لم يتب منه و فارقه بعضهم في نفس المعركة.

و لمّا انفصل أمير المؤمنين من معركة صفّين راجعا إلى الكوفة لم يدخلوا معه الكوفة و عسكروا بموضع يقال له: الحروراء و عزموا على أن يدعوا عليّا مجدّدا إلى الرجوع عن العهد و نقضه كي يذهبوا معه ثانيا إلى حرب معاوية و إلاّ سيحاربونه و يقتلونه.

 

معركة نهروان

و جرى بين أمير المؤمنين و بينهم رسل و رسائل و محاجّات كثيرة في خلالها رجع بعضهم عن نزعته و وقف آخرون متردّدين و بقي أكثرهم على لجاجهم و عنادهم و سعوا في الأرض بالفساد و قتلوا الأبرياء و أهلكوا الحرث و النسل و نابذوا عليّا بالحرب و خرجوا إلى موضع يقال له: النهروان معلنين الحرب.

فخرج إليهم عليّ عليه السلام بالجنود و احتجّ عليهم و خطبهم و طلب منهم الرجوع إليه كي يذهب بهم إلى حرب معاوية من أجل أنّ الحكمين لم يتّفقا و خانا ما أخذ عليهما من الحكم بالقرآن و التجنّب عن متابعة الهوى.

فلم يلتفت الخوارج إلى احتجاج عليّ و شدّوا على أصحابه و قتلوا منهم أفرادا.

فعند ذلك ثبّت أمير المؤمنين أصحابه و حرّضهم على قتال الخوارج و بشّرهم بما وعد اللّه تعالى لمن يقتل هؤلاء الأشقياء و أخبرهم بأنّه لا يقتل منهم إلاّ دون عشرة و أنّه لا ينجوا من الخوارج إلاّ دون عشرة.[٣]

ثمّ شدّ عليه السلام بأصحابه على المارقين فقضوا عليهم عدا من فرّ منهم من المعركة و هم دون العشرة وعدا المجروحين منهم فإنّه عليه السلام دفعهم إلى عشائرهم كي يداووهم.

و بعد وقعة النهروان و القضاء على رؤوس الخوارج خمدت شوكتهم فعندئذ غيّر الباقون من الخوارج و من على نزعتهم مجرى المناوئة و عزموا على الفتك و الاغتيال.

 

مؤامرة ابن ملجم على اغتيال أمير المؤمنين عليه السلام

قال ابن سعد :[٤]

قالوا: انتدب ثلاثة نفر من الخوارج [و هم] عبد الرحمن بن ملجم المرادي-و هو من حمير و عداده في مراد و هو حليف بني جبلة من كندة-و البرك بن عبد اللّه التميمي و عمرو بن بكير التميمى فاجتمعوا بمكّة و تعاهدوا و تعاقدوا ليقتلنّ هؤلاء الثلاثة: عليّ بن أبي طالب و معاوية بن أبي سفيان و عمرو بن العاص و يريحنّ العباد منهم فقال عبد الرحمن بن ملجم: أنا لكم بعليّ بن أبي طالب. و قال البرك: أنا لكم بمعاوية. و قال عمرو بن بكير: أنا أكفيكم عمرو بن العاص.

فتعاهدوا على ذلك و تعاقدوا و تواثقوا [على أن]لا ينكص رجل منهم عن صاحبه الذي سمّي [له]و يتوجّه إليه حتّى يقتله أو يموت دونه.

فتواعدوا بينهم ليلة سبع عشرة من شهر رمضان  ثمّ توجّه كلّ رجل منهم إلى المصر الذي فيه صاحبه.

فقدم عبد الرحمن بن ملجم الكوفة فلقي أصحابه من الخوارج فكاتمهم ما يريد و كان يزورهم و يزورونه فزار يوما نفرا من تيم الرباب فرأى امرأة منهم يقال لها: قطام بنت شجنة بن عدي بن عامر بن عوف بن ثعلبة بن سعد بن ذهل بن تيم الرباب-و كان عليّ قتل أباها و أخاها يوم النهروان -فأعجبته فخطبها فقالت: لا أتزوّجك حتّى تسمّي لي. فقال: لا تسأليني شيئا إلاّ أعطيتك.

فقالت: ثلاثة آلاف و قتل عليّ بن أبي طالب. فقال: و اللّه ما جاء بي إلى هذا المصر إلاّ قتل عليّ بن أبي طالب و قد آتيناك ما سألت.

ولقي عبد الرحمن بن ملجم شبيب بن بجرة الأشجعي فأعلمه ما يريد ودعاه إلى أن يكون معه، فأجابه إلى ذلك. وبات عبد الرحمن بن ملجم تلك الليلة التي عزم فيها أن يقتل علياً في صبيحتها، يناجي الأشعث بن قيس الكندي في مسجده، حتى كاد أن يطلع الفجر فقال له الأشعث: فضحك الصبح فقم، فقام عبد الرحمن بن ملجم وشبيب بن بجرة، فأخذا أسيافهما ثم جاءا حتى جلسا مقابل السدة التي يخرج منها علي.

 

أحداث الليلة التي استشهد فيها أمير المؤمنين عليه السلام

وروي أّنه لما دخل شهر رمضان كان أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه يتعشى ليلة عند الحسن وليلة عند عبد الله بن العباس فكان لا يزيد على ثلاث لقم فقيل له في ليلة من الليالي ما لك لا تأكل؟ فقال: يأتيني أمر ربي وأنا خميص إنما هي ليلة أو ليلتان فأصيب.[٥]

وعن الشريف الرضي رحمه الله قال: (وبإسناد مرفوع إلى الحسن بن أبي الحسن البصري قال: سهر علي عليه السلام في الليلة التي ضرب في صبيحتها، فقال: إني مقتول لو قد أصبحت فجاء مؤذنه بالصلاة فمشى قليلا فقالت ابنته زينب يا أمير المؤمنين مر جعدة يصلي بالناس فقال: لا مفر من الأجل، ثم خرج.

وفي حديث آخر قال: جعل عليه السلام يعاود مضجعه فلا ينام، ثم يعاود النظر في السماء، ويقول: والله ما كَذبت ولا كُذّبت، وإنها الليلة التي وعدت، فلما طلع الفجر شد إزاره وهو يقول:[٦]

 
 
أشدد حيازيمك للموت     فإن الموت لاقيكا
ولا تـجـزع مـن المـوت   وإن حــل بواديكا

وروي أنّ الإمام أمير المؤمنين لما أراد الخروج من بيته في الصبيحة التي ضرب فيها خرج إلى صحن الدار استقبلته الإوز فصحن في وجهه فجعلوا يطردوهن، فقال: دعوهن فإنّهن صوايح تتبعها نوايح، ثم خرج فأصيب.[٧]صلوات الله وسلامه عليه.

قال الحسن بن علي عليه السلام: وأتيته سحيرا فجلست إليه فقال: إني بت الليلة أوقظ أهلي فملكتني عيناي وأنا جالس فسنح لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله ما لقيت من أمتك من الأود واللد؟ فقال لي: ادع الله عليهم. فقلت: اللهم أبدلني بهم خيرا لي منهم ، وأبدلهم بي شرا لهم مني.

 

فزت و رب الكعبة!

وخرج الإمام صلوات الله وسلامه عليه وصلى بالناس فبينما هو ساجد ضربه اللعين ابن ملجم على رأسه بالسيف فصاح الإمام صلوات الله وسلامه عليه: فزت ورب الكعبة

فقال بعض من حضر ذلك:[٨] فرأيت بريق السيف وسمعت قائلاً يقول لله الحكم يا علي لا لك، ثم رأيت سيفاً ثانياً فضربا جميعاً، فأما سيف عبد الرحمن بن ملجم فأصاب جبهته إلى قرنه ووصل إلى دماغه، وأما سيف شبيب فوقع في الطاق، وسمعت علياً يقول لا يفوتنكم الرجل وشد الناس عليهما من كل جانب، فأما شبيب فأفلت، وأخذ عبد الرحمن بن ملجم فأدخل على علي فقال: أطيبوا طعامه وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا أولى بدمه عفواً أو قصاصاً، وإن أمت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين!

وأما شبيب بن بجرة، فإنّه خرج هارباً فأخذه رجل فصرعه وجلس على صدره، وأخذ السيف من يده ليقتله، فرأى الناس يقصدون نحوه، فخشي أن يعجلوا عليه فوثب عن صدره وخلاه، وطرح السيف عن يده ففاته، فخرج هارباً حتى دخل منزله، فدخل عليه ابن عم له فرآه يحل الحرير عن صدره، فقال له: ما هذا؟ لعلك قتلت أمير المؤمنين! فأراد أن يقول: لا، فقال: نعم، فمضى ابن عمه فاشتمل على سيفه ثم دخل عليه فضربه حتى قتله.[٩]

 

حمل الإمام عليه السلام إلى داره بعد ضربه

لما ضرب أمير المؤمنين عليه السلام احتمل فأدخل داره فقعدت لبابة عند رأسه وجلست أم كلثوم عند رجليه ففتح عينيه فنظر إليهما فقال: الرفيق الأعلى خير مستقرا وأحسن مقيلا.

وأخذ ابن ملجم فأدخل على علي، فقال أطيبوا طعامه، وألينوا فراشه، فإن أعش فأنا ولي دمي، عفو أو قصاص، وإن مت فألحقوه بي أخاصمه عند رب العالمين.


وقال ابن الاثير: أًدخل ابن ملجم على أمير المؤمنين ( عليه السلام )، وهو مكتوف فقال: أي عدو الله ألم أحسن إليك، قال: بلى قال ( عليه السلام ). فما حَملَك على هذا؟! قال ابن ملجم: شحذته أربعين صباحاَ [ يقصد بذلك سيفه ]، وسألت الله أن يقتل به شر خلقه، قال علي ( عليه السلام ): لا أراك إلا مقتولا به، ولا أراك إلا من شر خلق الله، ثم قال ( عليه السلام): النفس بالنفس إن هلكت فاقتلوه كما قتلني، وإن بقيت رأيت فيه رأيي، يا بني عبد المطلب لا ألفينكم تخوضون دماء المسلمين، تقولون قتل أمير المؤمنين ألا لا يُقتلن إلا قاتلي، انظر يا حسن إذا أنا متّ من ضربتي هذه، فاضربه ضربة بضربة، ولا تمثـلن بالرجل، فإنّي سـمعت رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إيّاكم والمثلة ولو بالكلب العقور.


وفي كتاب الخرائج قال عمرو بن الحمق: دخلت على علي ( عليه السلام)، حين ضرب الضربة بالكوفة، فقلت: ليس عليك بأس إنّما هو خدش، قال: لعمري إنّي لمفارقكم، ثم أغمي عليه، فبكت أم كلثوم، فلما أفاق قال ( عليه السلام) : لا تؤذيني يا أم كلثوم، فإنّك لو ترين ما أرى، إنّ الملائكة من السماوات السبع بعضهم خلف بعض والنبيين يقولون انطلق يا علي فما أمامك خير لك مما أنت فيه.

لقد بقي الإمام علي ( عليه السلام) يعاني من ضربة المجرم الأثيم ابن ملجم، ثلاثة أيام، عهد خلالها بالإمامة إلى ابنه الإمام الحسن المجتبى ( عليه السلام)، وطوال تلك الايام الثلاثة كان ( عليه السلام ) يلهج بذكر الله، والرضا بقضائه، والتسليم لأمره، كما كان يُصدر الوصية تلو الوصية، داعياً إلى إقامة حدود الله عزوجل، محذراً من اتباع الهوى والتراجع عن حمل الرسالة الإسلامية

 

اشتراك آل أمية في قتل الإمام عليه السلام

لم تكن مؤامرة قتل الإمام صلوات الله وسلامه عليه مقتصرة على الخوارج فحسب بل أن بني أمية كان لهم الأثر الفاعل في التخطيط والتمويل والتأسيس لهذه الحادثة الرزية التي أصيب بها الإسلام واستفاد منها أهل النفاق والكفر، وعلى هذه المشاركة الأموية في قتل الإمام أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليه توجد شواهد عديدة منها:

أولا: اتفقت الروايات على أنّ ابن ملجم من بني مراد، وكان عداده في كندة ، أي تسجيل نفوسه ومسؤوليته الحقوقية والجنائية في كندة ورئيسها الأشعث بن قيس!

وأنّ ابن ملجم دخل الكوفة قبل شهر من اغتياله لأمير المؤمنين عليه السلام ونزل ضيفاً عند الأشعث! واتفقت الروايات على أنّ الأشعث كان رجل معاوية الأول في العراق، وأنّه عمل بكل قدرته لإنجاح مؤامرة ابن ملجم في قتل أمير المؤمنين عليه السلام وأشرك عدداً من رجاله فيها! فهل يعقل أن لا يكون معاوية وراءها أو في مجراها ؟! قال أبي الفرج الأصفهاني : وللأشعث بن قيس في انحرافه عن أمير المؤمنين أخبار يطول شرحها...). انتهى [١٠].

وقال البلاذري:[١١] وبعث الأشعث ابنه قيس بن الأشعث صبيحة ضرب علي فقال: أيْ بنيَّ انظر كيف أصبح الرجل وكيف تره؟ فذهب فنظر إليه ثم رجع فقال: رأيت عينيه داخلتين في رأسه ، فقال الأشعث: عينيْ دميغ ورب الكعبة. انتهى.[١٢]

ولم يهنأ الأشعث بقتل أمير المؤمنين عليه السلام، فقد هلك بعده بأيّام يسيرة[١٣][١٤] تاركاً فرخيه جعدة ومحمد بن الأشعث، ليواصلا تآمر أبيهما على العترة النبوية، ويشتركا في قتل الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام.

ثانيا:إن أبا الأسود الدؤلي صاحب أمير المؤمنين ألقى تبعة مقتل الإمام على بني أمية، وذلك في مقطوعته التي رثى بها الإمام والتي جاء فيها:

 
 
ألا أبلغ معاويـة بـن حـرب      فلا قرت عيون الشامتـينا
أفي شهر الصلاة فجعـتمونا      بخير الناس طرا أجمعينا
قتلتم خير من ركب المطايا      ورحلها ومن ركب السـفينا


ومعنى هذه الأبيات أنّ معاوية هو الذي فجع المسلمين بقتل الإمام الذي هو خير الناس، فهو مسؤول عن إراقة دمه، ومن الطبيعي أنّ أبا الأسود لم ينسب هذه الجريمة لمعاوية إلا بعد التأكد منها، فقد كان الرجل متحرجا أشد التحرج فيما يقول.[١٥]

ثالثا: افتخار بعض الأمويين عندما أدخلوا السبايا في مجلس يزيد بن معاوية لعنه الله بقوله:[١٦]

 
 
نحن قتلنا عليا وبني علي      بسيوف هنـدية ورماح
وسبينا نساءهـم سبي ترك      ونطحناهم فأي نطاح


فهو أوضح دليل على أنّ للأمويين يداً طولى في قتل سيد الوصيين صلوات الله وسلامه عليه.

 

قاتل الإمام هو أشقى الأولين و الآخرين

هناك أخبار كثيرة أنبأت باستشهاد الإمام علي عليه السلام قبل استشهاده. ومنها ما جاء في الخطبة الشعبانية. فقد روي أنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد أن تحدّث عن شهر رمضان وشرفه وثواب الطاعة فيه بكى.

قال له أمير المؤمنين: يا رسول الله ما يبكيك؟

قال: يا علي أبكي لما يستحل منك في هذا الشهر، كأني بك وأنت تصلي لربك، وقد انبعث أشقى الأولين والآخرين، شقيق عاقر ناقة صالح فيضربك ضربة على مفرق رأسك، ويشقه نصفين ويخضّب لحيتك من دم رأسك.

فقال له أمير المؤمنين عليه السلام: يا رسول الله وذلك في سلامة من ديني؟

فقال (صلى الله عليه وآله): في سلامة دينك؛ ثم قال (صلى الله عليه وآله): يا علي من قتلك فقد قتلني، ومن أبغضك فقد أبغضني، ومن سبّك فقد سبّني، لأنّك مني كنفسي، وروحك من روحي وطينتك من طينتي، وإنّ الله عز وجل خلقني وإياك واصطفاني وإياك، واختارني للنبوة واختارك للإمامة، فمن أنكر إمامتك فقد أنكر نبوتي، يا علي أنت وصيي وأبو ولدي وزوج ابنتي وخليفتي على أمتي في حياتي وبعد موتي، أمرك أمري، ونهيك نهيي، أقسم بالذي بعثني بالنبوة وجعلني خير البرية انك لحجة الله على خلقه وأمينه على سره وخليفته على عباده.

 

بعد استشهاد الإمام علي عليه السلام

إخفاء قبره

أخفى أهل البيت سلام الله عليهم قبر أمير المؤمنين طوال عهد الدولة الأموية خوفا أن تنتهك حرمته من قبل أعداءه الذين استمرّوا يسبّونه على المنابر ثمانين عاما ومعهم الخوارج وإنّ أمير المؤمنين عليه السلام كان يخشى أن يقدم هؤلاء على نبش قبره فتثور بني هاشم لذلك فيتسنى للأمويين عذر في استئصالهم فهم كانوا يلتمسون الذرائع لقتلهم لذلك أخذ أهل البيت عليهم السلام يتعاهدون على إخفاء قبره عن العامة، عملا بما أوصى به جدهم أمير المؤمنين عليه السلام .

عن أبي جعفر عليه السلام قال : إن أمير المؤمنين عليه السلام أمر ابنه الحسن أن يحفر له أربعة قبور في أربعة مواقع ، في المسجد وفي الغري وفي دار جعدة بي هبيرة المخزومي وفي الرحبة ، وإنما أراد بهذا أن لا يعلم أحد من أعداءه موضع قبره.[١٧]

أما إظهار القبر للعامة من المسلمين فكان في أيام داود العباسي المتوفي سنة 133هـ حيث أصلحه وعمل عليه صندوقا وسكن بعض العلوية النجف حتى القرن الرابع الهجري وإذ بالنجف من السادة العلوية ألف وثلاثمائة عدا غيرهم من الموالين.

 

الهوامش

 
[1]  الأميني، عبد الحسين، الغدير في الكتاب والسنة والأدب، ج2، ص85

[2]  مرتضى العاملي، جعفر، الصحيح من سيرة الإمام علي، ج2، ص192

[3]  ابن عبد البرّ ، الإستيعاب بهامش الإصابة: ج  ٣  ص  ۵۵ 

[4]  الطبقات:3/35

[5]  روضة الواعظين للفتال النيسابوري: ص135 ـ 136

[6]  الشريف الرضي، خصائص الأئمة، ص63

[7]  روضة الواعظين للفتال النيسابوري: ص135 ـ 136

[8]  الطبقات، ابن سعد، ج3 ص 35

[9]  مناقب آل أبي طالب:3/95

[10]  أبي الفرج الأصفهاني , مقاتل الطالبيين ص20

[11]  أنساب الأشراف ص496

[12]  ومثله في طبقات ابن سعد:3/144

[13]  تهذيب التهذيب:1/313

[14]  تاريخ دمشق:9/144

[15]  حياة الإمام الحسين عليه السلام للشيخ باقر القرشي: ج2، ص103 ـ 109

[16]  الاحتجاج للشيخ الطبرسي: ج2، ص28

[17]  فرحة الغري ص 32

المصادر والمراجع

الأميني، عبد الحسين، الغدير في الكتاب والسنة والأدب، ج2، مركز الغدير للدراست الإسلامية، قم، 1995.
مرتضى العاملي، جعفر، الصحيح من سيرة الإمام علي، ج2، المركز الإسلامي للدراسات، بيروت، 2009.

الثلاثاء, 13 حزيران/يونيو 2017 08:48

بدر الكبرى

﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ * الَّذِينَ أُخْرِجُوا مِن دِيَارِهِمْ بِغَيْرِ حَقٍّ إِلَّا أَن يَقُولُوا رَبُّنَا اللَّهُ1.


مشركو قريش يحرِّضون على قتل النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
اغتاظ كفّار قريش من وجود النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المدينة، فأرسلوا إلى عبدة الأوثان (ورأسهم عبدالله بن أبي سلول) يهدّدونهم "إنّكم آويتم صاحبنا، وإنّكم أكثر أهل المدينة عدداً، وإنّا نقسم بالله، لتقتلنّه، أو لتخرجنّه، أو لنستعيننَّ عليكم العرب، أو لنسيرنّ إليكم بأجمعنا، حتى نقتل مقاتلتكم، ونستبيح نساءكم"2.

إلا أنّ عبدة الأوثان خافوا من تسبيب مواجهة المسلمين بقتال الأبناء والإخوان, فتراجعوا وتفرَّقوا, فبلغ ذلك كفّار قريش.

معركة بدر
التوقيت: السنة الثانية للهجرة 17 شهر رمضان.
سبب خروج المسلمين: اعتراض قافلة قريشية بقيادة أبي سفيان لا يزيد رجالها عن 40 رجلاً.
ردّ فعل أبي سفيان: علم أبو سفيان بخطّة المسلمين, فأرسل إلى قريش مستغيثاً, وغيَّر طريقه نحو الساحل، ونجا بقافلته.
الواقع الميداني: قدمت قريش متجهزة للحرب تحت شعار: من لم يخرج نهدم ماله, فلم يتخلّف رجل إلا أخرج رجلاً مكانه.

المقارنة بين الجيشين

 

المسلمون مشركو قريش
عدد المقاتلين 313 950
عدد الإبل 70 بعيراً 700 بعير
عدد الأفراس 1 وقيل 2 400 فرس, وقيل 200,
وقيل 100 فرس
كمية السلاح 8 سيوف, 6 أدرع 600 درع


- سبق المشركون المسلمين إلى بدر، فنزلوا في الموقع العسكري المناسب بخلاف المسلمين.
رغم كل ذلك كانت:
نتيجة المعركة= انتصار المسلمين ضمن التفصيل الآتي:
 

 

المسلمون قريش
شهداء / قتلى 9, وقيل 11, وقيل 14. 70, وقيل 45
أسرى لا شيء 70 أسيراً
الغنائم 15 بعيراً,10 أفراس لا شيء


تحليل للأسباب
- أمّا المشركون:
فهدفهم الدنيا فقط.

شاهد على ذلك: طرح بعض كفّار قريش الرجوع إلى مكّة، فكان الجواب: "لا, واللات والعزَّى حتى نقحم عليهم بيثرب ونأخذهم أسارى، فندخلهم مكة، وتتسامع العرب بذلك، ولا يكون بيننا وبين متجرنا أحد نكرهه"3.

فالهدف دنيوي لا موضع للآخرة فيه, وهذا ما يُفقد دافع الاستعداد للموت في المعركة.

- أمّا المسلمون:
فهدفهم الآخرة.

شاهد على ذلك: لمّا نظر النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى كثرة المشركين, وقلّة المسلمين استقبل القبلة، وقال: "اللهم أنجز لي ما وعدتني، اللهمّ إنْ تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض"4.

عناصر القوّة لدى المسلمين
1- الاستعانة بالله في المعركة وطلب العون منه
إضافة إلى دعاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم المتقدّم ورد عن الإمام علي عليه السلام قال: "لما كان يوم بدر قاتلت شيئاً من قتال، ثم جئت مسرعاً لأنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما فعل, فجئت، فإذا هو ساجد يقول: يا حيّ يا قيّوم، يا حيّ يا قيّوم، لا يزيد عليها . فرجعت إلى القتال، ثمّ جئت، وهو ساجد يقول ذلك أيضاً، فذهبت إلى القتال . ثم جئت وهو ساجد يقول ذلك، حتى فتح الله عليه"5.

2- المعنويات العالية
جمع النبي صلى الله عليه وآله وسلم أصحابه وسألهم عن رأيهم في الحرب، فقام المقداد (رض) وقال: "يا رسول الله، إنّها قريش وخيلاؤها، وقد آمنّا بك وصدّقناك، وشهدنا أنّ ما جئت به حق من عند الله، والله لو أمرتنا أن نخوض جمر الغضا (نوع من الشجر الصلب)، وشوك الهراس لخضناه معك، ولا نقول لك ما قالت بنو إسرائيل لموسى: إذهب أنت وربك، فقاتلا، إنّا ها هنا قاعدون، ولكنَّا نقول: إذهب أنت وربّك، فقاتلا، إنا معكم مقاتلون . والله لنقاتلن عن يمينك وشمالك، ومن بين يديك، ولو خضتَ بحراً لخضناه معك، ولو ذهبت بنا بُرَك الغماد لتبعناك"6.

وقام سعد بن معاذ (رض) وقال: "بأبي أنت وأمي يا رسول الله، إنّا قد آمنّا بك وصدّقناك، وشهدنا أنّ ما جئت به حقّ من عند الله، فمُرْنا بما شئت والله، لو أمرتنا أن نخوض هذا البحر لخضناه معك، ولعلّ الله يريك ما تقرّ به عينك، فسر بنا على بركة الله"7.

3- حسن التخطيط
ورد أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال لأصحابه: "غضّوا أبصاركم، ولا تبدؤوهم بالقتال، ولا يتكلمنّ أحد. وسكت المسلمون، وغضّوا أبصارهم، امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم"8.

وفي هذه الأثناء قدم رصد المشركين، فرآهم على حالتهم هذه، فرجع يقول: "ما لهم كمين، ولا مدد، ولكن نواضح يثرب حملت الموت الناقع . أما ترونهم خرساً لا يتكلمون؟ يتلمّظون تلمّظ الأفاعي، مالهم ملجأ إلا سيوفهم! وما أراهم يولّون حتى يُقتلوا، ولا يُقتلون حتى يُقتل بعددهم"9.

4- الصدق العملي للقيادة
وهذا ما تجلى من خلال من قدَّمهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم في أول المعركة أهل بيته وهم حمزة وعلي وعبيدة.

5- وجود عناصر شديدة الإخلاص تريد الآخرة
ومن الشواهد على ذلك:
1- بعد المواجهة الأولى حمل حمزة وعلي عبيدة بن الحارث بعد أن قُطعت فخذه, وأتيا به إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم, فاستعبر وقال: "يا رسول الله، ألست شهيداً؟! قال صلى الله عليه وآله وسلم: "بلى، أنت أوّل شهيد من أهل بيتي"10.

قال عبيدة لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "أما لو كان عمُّك حيّاً لعلم أنّي أولى بما قال منه، قال صلى الله عليه وآله وسلم: وأيّ أعمامي تعني؟ قال: أبو طالب، حيث يقول:
كذبتم، وبيتِ الله يُبْزي محمد
                         ولمّا نطاعن دونه ونناضلْ
ونسلمه حتى نصرع حوله
                        ونذهل عن أبنائنا والحلائلْ"11

فقال صلى الله عليه وآله وسلم: "أما ترى ابنه كالليث العادي بين يدي الله ورسوله"12.

2- لمّا سمع عمير بن الحمام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يَعِدُ من يستشهد بالجنّة, وبيد عمير تمرات يأكلهن, قال: "لئن حييت حتى آكل تمراتي، إنّها لحياة طويلة . ثم رمى التمرات من يده، وقاتل حتى قُتِل"13.

3- قال رجل من المشركين: "وأنا أحدِّثك ما يهزمنا: إنّه ليس منّا رجل إلا وهو يحبّ أن يموت صاحبه قبله، وإنّا لنأتي قوماً كلّهم يحبّ أن يموت قبل صاحبه"14.

6- قوة الإمام علي عليه السلام
قتل الإمام علي عليه السلام الوليد، وجاء فوجد حمزة معتنقاً، فقال عليه السلام: يا عم، طأطئ رأسك, وكان حمزة طويلاً- فطيَّر نصف غريمه بالسيف, ثم قدم إلى عبيدة وأجهز على عتبة.

وما زال علي عليه السلام يقاتل حتى قتل نصف المشركين، واشترك في النصف الآخر.

قال ابن اسحاق: "أكثر قتلى المشركين يوم بدر كان لعلي عليه السلام"15.

وفي بعض الروايات أنّ جبرئيل نادى بين السماء والأرض في بدر: "لا فتى إلا علي ولا سيف إلا ذو الفقار"16.

النتيجة: نصر الله
﴿إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلآئِكَةِ مُرْدِفِينَ * وَمَا جَعَلَهُ اللّهُ إِلاَّ بُشْرَى وَلِتَطْمَئِنَّ بِهِ قُلُوبُكُمْ17.

﴿ إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلآئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُواْ الَّذِينَ آمَنُواْ سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُواْ الرَّعْبَ فَاضْرِبُواْ فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُواْ مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ18.

* كتاب شهر الله، سماحة الشيخ أكرم بركات.

1 سورة الحج, الآيتان 39,40.
2
مرتضى، جعفر، الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، ط4، بيروت، دار الهادي، 1995م، ج5، ص9.
3
المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج19، ص250.
4
المصدر السابق، ص221.
5
مرتضى، جعفر، الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، ط4، دار الهادي، بيروت، ا415هـ، ج5، ص68.
6
المصدر السابق، ص22.
7
المصدر السابق، ص24.
8
المصدر السابق، ج5، ص 38.
9
المصدر السابق نفسه.
10
المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج19، ص225-226.
11
المصدر السابق، ص 255.
12
مرتضى، جعفر، الصحيح من سيرة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، ج5، ص 47.
13
المصدر السابق، ص74.
14
المصدر السابق، ص73.
15
المصدر السابق، ص 59.
16
المصدر السابق، ج11، ص 35.
17
سورة الأنفال، الآيتان 9-10.
18
المصدر السابق، الآية 12.

ترسم تطورات البادية السورية، معالم مستقبل الصراع بين أمريكا وحلفائها من جهة، ومحور المقاومة من جهة أخرى. فالتطورات التي تجري على صعيد الميدان السوري والعراقي، تكاد تدفن المشروع الأمريكي الذي أراد إحداث تحولٍ نوعي على ساحة الصراع في المنطقة ومن البوابة السورية المرتبطة بالحدود العراقية. وهو الأمر الذي بات اليوم مقلوب التوقعات، حيث أن الأزمة السورية تنعكس يوماً بعد يوم بنتائج تُعطِّل مفاعيل المشروع الأمريكي في المنطقة. الأمر الذي باتت تُبرزه الإنتصارات الميدانية التي يُحققها الجيشين السوري والعراقي بالتعاون مع الحلفاء. فماذا في آخر تطورات المشهد على الساحة السورية؟ وهل تدفن تطورات الحدود العراقية السورية مشاريع أمريكا وحلفاءها؟

أبرز تطورات الميدان السوري لا سيما البادية

تمكّن الجيش أمس من تحقيق تقدمٍ مهم في ريف دمشق الشرقي، من خلال سيطرته على تل دكوة وعدد من التلال المحيطة به، شرقي محطة تشرين الحرارية للطاقة الكهربائية. هذه المجموعة من التلال الإستراتيجية والتي يُقارب ارتفاع بعضها 1000 متر، تُعدّ واحدة من أهم النقاط الواقعة على أطراف القلمون الشرقي. وهو ما سيُساعد في تسريع العملية التي يقوم بها الجيش السوري لإخراج فصائل تابعة للتنظيمات الإرهابية من منطقة بئر القصب الواقعة جنوب التل، وإغلاق الجيوب الممتدة على مساحة واسعة في بادية ريف دمشق والسويداء. لكون الجيش السوري وبعد هذا التقدم، أصبح على بعد 40 كيلومتراً عن القوات المتقدمة جنوب مطار السين.

في الشمال، تابع الجيش تقدمه جنوب شرق مدينة مسكنة، حيث أعلنت المصادر العسكرية سيطرة قوات الجيش السوري على 37 بلدة ومزرعة في ريف حلب الجنوبي الشرقي وريف الرقة الغربي. هذا التقدم وضع الجيش السوري على بعد مئات الأمتار فقط من مناطق سيطرة "قوات سوريا الديموقراطية" في أطراف قرية بو عاصي الواقعة غرب مدينة الطبقة.

يمكن تحليل تطورات البادية السورية من خلال التالي:

أولاً: لا شك أن ما يجري من أحداث على الساحة السورية وتحديداَ فيما يخص البادية والحدود السورية العراقية، هي من الأمور التي تُعتبر استراتيجية من الناحية العسكرية والأمنية الأمر الذي  سيؤثر على كافة مجريات الميدان السوري حالياً ومستقبلياً، وسينعكس بالتالي على ساحة الصراع الإقليمي والدولي، لما تُمثله الأزمة السورية من أهمية تتخطى حدود الجغرافيا السورية.

ثانياً: يُثبت ما يجري أن واشنطن فشلت في مشروعها المتعلق بالمناطق الآمنة، والذي هدفت من خلاله الى قطع الإتصال الجغرافي بين أطراف محور المقاومة، الأمر الذي يبدو بوضوح أنه لم يتحقق،  بل إن أحداث البادية الأخيرة، تأخذ الأمور نحو منحى آخر يتعلق بترسيخ وحدة المعركة بين أطراف المحور وتُساهم في بناء التكامل العسكري للميدان.

ثالثاً: تدل الأحداث المتسارعة على فشل حلفاء أمريكا والأطراف المدعومة منها في الميدان السوري، في تحقيق أي إنجاز نوعي، بل وعلى العكس، ومنذ الإنتصار الكبير الذي تحقق في معركة حلب،  بدأ التحول النوعي في موازين القوى المتصارعة على الساحة السورية، لتصل الأمور الى مرحلة إيجاد القدرة على التنبؤ بقرب زوال تنظيم داعش الإرهابي، دون أن يكون قد تحقق لأمريكا أي هدف.

رابعاً: تمكنت القوات العراقية والسورية ومن خلال تنسيقها الإستراتيجي الميداني، من توسيع دائرة الأمان العسكري حول المناطق، لا سيما دمشق والموصل. وهو ما يجب قراءته على أنه إنجاز نوعي لهذه القوات مع الأخذ بعين الإعتبار أهمية النتائج والمساحة الجيوعسكرية للصراع والوقت القصير الذي احتاجته.

خامساً: في ظل السعي الأمريكي لتفعيل معركة الجنوب السوري، ومحاولة الإستفادة من نقاط ضعف الحدود السورية العراقية، استطاعت قوات الجيشين السوري والعراقي، وبالتعاون مع الحلفاء لا  سيما الحشد الشعبي وحزب الله، إسقاط هذه المعادلة، وإعادة الأمن للحدود وتأمين الطريق بين البلدين، وبالتالي القضاء على رهانات واشنطن وحلفاءها من الدول والأطراف الإرهابية.

سادساً: لا بد من الإشارة الى أن هذا الإنجاز حصل كنتيجة لتضحيات الجيش السوري والإلتحام الشعبي حوله، بالإضافة الى تضحيات الجيش العراقي والإتحاد الشعبي حوله لا سيما من خلال قوات الحشد الشعبي. ليكون الإنجاز ثمرة القرار السياسي والعسكري الموحَّد لمحور المقاومة والحلفاء.

إذن، تتسارع الأحداث على الساحة السورية والتي أصبحت عبر التنسيق بين الطرفين العراقي والسوري مرتبطة من حيث النتائج. فالأهداف الموحَّدة للطرفين، والقدرة على إيجاد التناغم العسكري الميداني، يساهم في خلق واقعٍ يمنع المشاريع الأمريكية من التحقق. بل يُساهم في تأمين مساحة من الأمان الجيوعسكري، والذي يات يُشكل نقطة قوة لأطراف محور المقاومة. في حين يمكن القول وبوضوح، أن تطورات الحدود السورية العراقية، دفنت حتماً مشروع أمريكا وحلفائها!

الثلاثاء, 13 حزيران/يونيو 2017 07:48

حقيقة ليلة القدر

ليلة القدر هي:

1- ليلة نزول القرآن الكريم.
2- ليلة نزول الملائكة والروح.
3- ليلة الخير العظيم.

1- ليلة نزول القرآن
إنّ نزول القرآن الكريم كان على نوعين:
الأول: نزول تدريجي بحسب المناسبات، وهو الذي استمرّ طيلة ثلاث وعشرين سنة، وهي مدة بعثة النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم، ويعبّر عن هذا النزول بالتنزيل، قال تعالى: ﴿وَقُرْآناً فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنزِيلاً1.

وقال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ2.

وقد ابتدأ تنزيل القرآن الكريم في السابع والعشرين من شهر رجب، ولذا أطلق عليه يوم المبعث النبوي الشريف.

الثاني: نزول دفعي بحيث نزلت حقيقة القرآن الكريم بغضّ النظر عن صياغته التفصيلية على قلب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. قال تعالى: ﴿نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ3.

ويعبّر عن هذا النزول بالإنزال، قال تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ4.

قال الإمام الخميني قدس سره: "هذا القرآن النازل في ليلة القدر هو ذلك القرآن العلمي في السرّ المكنون والغيب في النشأة العلية قد أنزلناه عن تلك المراتب وكان متّحداً في مقامه مع الذات"5.

إنّ ليلة القدر باعتبار نزول القرآن هي ليلة تاريخية عظيمة، من الممدوح أن تحيى مناسبتها، إلا أنّها بالمعنى الآتي هي ليلة سنوية ذات حياة مستمرة، بل هي ناظرة إلى المستقبل الآتي.

2- ليلة نزول الملائكة والروح
قال الله تعالى: ﴿ﭤتَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا6.

من المعلوم أنّ الملائكة هي موجودات مجرَّدة عن المادة، لذا فإنّ تنزّلها الوارد في هذه الآية هو تنزّل غير مادي بل تجرُّدي لتحقيق ما أراده الله تعالى، ألا وهو تقدير الأمور خلال سنة. قال الله تعالى: ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ * أَمْرًا مِّنْ عِندِنَا7، وفي الحديث عن الإمام أبي جعفر عليه السلام في تفسيره لقوله تعالى:
﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِم مِّن كُلِّ أَمْرٍ 8 قال: "تنزّل فيها الملائكة والكتبة إلى السماء الدنيا، فيكتبون ما يكون في السنة من أمره، وما يصيب العباد، والأمر عنده موقوف له فيه المشيّة، فيقدّم ما يشاء، ويؤخّر ما يشاء، ويثبت، وعنده أم الكتاب"9.

من هو الروح؟
قال الإمام الخميني قدس سره: "اعلم أن الروح الأعظم هو خلق أعظم من ملائكة الله، بمعنى أنه واقع في الرتبة الأولى من ملائكة الله وأشرف وأعظم من الكلّ"10.

على من تنزل الملائكة؟
يؤكّد الإمام الخميني قدس سره أن تنزّل ملائكة التقدير بما أنّه ليس مادياً لكونها مجرَّدة، فلا بدّ أن يكون تنزّلها على من يناسب التجرُّد، وبما أنّ نفس الإنسان الكامل يمكن أن تتروَّح، أي تصعد كروح مبتعدة عن المادة، فإنّ تنزّل الملائكة يكون على النفس المتروّحة للإنسان الكامل، وهذا يعني أنّ ليلة القدر هي ليلة الوصال بين الملائكة والوليّ الأعظم.

قال الإمام الخميني: "النزول والصعود لهم (أي الملائكة) بالمعنى الذي للأجسام مستحيل، ... فتنزلهم ... بطريقة التمثل الملكوتي أو الملكي كما قال تعالى في شأن تنزل الروح الأمين على مريم. ﴿فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا﴾، وللكمّل من الأولياء قدرة الدخول في الملكوت والجبروت على طور التروّح، والرجوع من الظاهر إلى الباطن.

وليعلم أنه لا يمكن تمثل الجبروتيّين والملكوتيّين في قلب إنسان وصدره وحسه المشترك إلا بعد خروجه من الجلباب البشري وحصول المناسبة بينه وبين تلك العوالم... وربما يحصل تنزّل الملائكة بقدرة الولي الكامل بنفسه والله العالم.

ثم قال: اعلم أن ليلة القدر حيث إنها ليلة مكاشفة رسول الله وأئمة الهدى عليهم السلام، فلهذا تنكشف لهم جميع الأمور الملكية عن غيب الملكوت، وتظهر لهم الملائكة الموكلة بكل أمر من الأمور لحضراتهم في نشأة الغيب وعالم القلب وتنكشف وتعلم لهم جميع الأمور التي قدرت للخلائق في مدة السنة وكتبت في الألواح العالية والسافلة على نحو الكتابة الملكوتية والاستجنان الوجودي، وهذه المكاشفة مكاشفة ملكوتية محيطة بجميع ذات عالم الطبيعة ولا يخفى لولي الأمر شيء من أمور الرعية"11.

وقد أشارت روايات عديدة إلى هذا المعنى:
- فعن الإمام أبي جعفر عليه السلام: "إنّما يأتي بالأمر من الله في ليالي القدر إلى النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم، وإلى الأوصياء: إفعل كذا وكذا"12.

- وعنه عليه السلام أيضاً: "ينزل في ليلة القدر إلى وليِّ الأمر تفسير الأمور سنة سنة، يؤمر فيها في أمر نفسه بكذا وكذا، وفي أمر الناس بكذا وكذا"13.

وفي تفسير القمي: "تنزل الملائكة وروح القدس على إمام الزمان ويدفعون إليه ما كتبوه"14.

من هنا ورد عن الإمام الصادق عليه السلام في مقام حديثه عن معراج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ثم أوحى الله عز وجل: إقرأ يا محمّد نسبة ربّك تبارك وتعالى: الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد... ثم أوحى الله إليه: إقرأ: إنّا أنزلناه؛ فإنّها نسبتك، ونسبة أهل بيتك إلى يوم القيامة"15.

إذاً تقدير الأمور من الله تعالى يبلَّغ به وليّ الأمر المتمثِّل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم في عصره والأئمة عليه السلام من بعده، ولعلّه لهذا السبب كان التأكيد في أعمال ليلة القدر على الصلاة على محمد وآل محمد والدعاء للإمام المهدي عجل الله تعالى فره الشريف.

3- ليلة الخير العظيم
يكفي في عظمة ليلة القدر أنّ الله تعالى وصفها بأنّها خير من ألف شهر أي أفضل من 83 سنة. وقد ورد عن ابن عباس في تفسير هذا الأمر أنّه "ذُكر لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رجل من بني إسرائيل أنّه حمل السلاح على عاتقه في سبيل الله ألف شهر، فعجب من ذلك عجباً شديداً، وتمنّى أن يكون ذلك في أمّته، فقال: يا رب، جعلت أمتي أقصر الأمم أعماراً، وأقلّها أعمالاً، فأعطاه الله ليلة القدر، وقال: ليلة القدر خير من ألف شهر الذي حمل الإسرائيليّ السلاح في سبيل الله"16.

وعن الرسول الأكرم عليه السلام: "العمل فيها خير من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر"17.

وقد ورد في فضل ليلة القدر روايات عديدة نذكر منها:
1- ما رُوي عن النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: "قال موسى: إلهي، أريد قربك، قال: قربي لمن استيقظ في ليلة القدر، قال: إلهي، أريد رحمتك، قال: رحمتي لمن رحم المساكين ليلة القدر، قال: إلهي، أريد الجواز على الصراط، قال: ذلك لمن تصدّق بصدقة في ليلة القدر، قال: إلهي، أريد النجاة من النار، قال: ذلك لمن استغفر في ليلة القدر، قال: إلهي، أريد رضاك، قال: رضاي لمن صلى ركعتين في ليلة القدر"18.

2- ما ورد عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم: "تفتح أبواب السماء في ليلة القدرة فما من عبد يصلي فيها إلا كتب الله تعالى له بكلّ سجدة شجرة في الجنة، لو يسير الراكب في ظلّها مائة عام لا يقطعها، وبكلّ ركعة بيتاً في الجنة من درّ وياقوت وزبرجد ولؤلؤ، وبكلّ آية تاجاً من تيجان الجنة، وبكل تسبيحة طايراً من العجب، وبكلّ جلسة درجة من درجات الجنة، وبكل تشهّد غرفة من غرفات الجنة، وبكلّ تسليمة حلّة من حلل الجنّة، فإذا انفجر عمود الصبح أعطاه الله من الكواعب المؤلّفات والجواري المهذبات، والغلمان المخلدين، والنجائب المطيّرات، والرياحين المعطّرات، والأنهار الجاريات، والنعيم الراضيات، و التحف والهديّات، والخلع والكرامات، وما تشتهي الأنفس وتلذّ الأعين، وأنتم فيها خالدون"19.

3- وما ورد عن الإمام الباقر عليه السلام: "من أحيا ليلة القدر غفرت له ذنوبه، ولو كانت ذنوبه عدد نجوم السماء، ومثاقيل الجبال، ومكائيل البحار"20.

ليلة القدر وسرُّ التسمية
بناءً على ما سبق فُسِّر معنى ليلة القدر بما يأتي:
1- أنّها صاحبة قدر (أي منزلة)، نزل فيها القرآن وهو صاحب قدر، بتوسط ملك صاحب قدر، لأمّة صاحبة قدر.
2- لأجل تقدير الأمور والآجال وأرزاق الناس فيها.
3- لأنّ الأرض تضيق بوساطة كثرة الملائكة من باب قدر عليه رزقه أي ضُيّق.

متى هي ليلة القدر؟
أ- 19-21-23
ورد عن الإمام الصادق عليه السلام حينما سئل عن تحديد ليلة القدر بقوله: "أطلبها في تسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين"21.

إذاً التردُّد بين الليالي الثلاث هو ليس بسبب التعارض بين الروايات، بل إنَّ المعصوم عليه السلام هو الذي طلب أن تُحيى في ثلاث ليال، وهذا الأمر إمّا لأجل التربية على الاحتياط في طلب الكمال والمقامات في المستحبات، وإمّا أنَّ هناك سراً يتعلّق بالليالي الثلاث، وهو ما ورد فيه حديث عن الإمام الصادق عليه السلام: "التقدير في تسع عشر، والإبرام في ليلة إحدى وعشرين، والإمضاء في ليلة ثلاث وعشرين"22.

ب- 21-23
في بعض الروايات تضييق نطاق الترديد إلى ليلتين، بدل ثلاث ليال، ففي حديث الإمام الباقر عليه السلام، حينما سئل عن تحديد ليلة القدر، أجاب: "هي ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين"23، وكذا في جوابه عليه السلام حينما سأله عبد الواحد الأنصاري في أيّة ليلة هي، فقال عليه السلام: "في ليلتين، ليلة ثلاث وعشرين، وإحدى وعشرين، فسأله عبد الواحد: أفرد لي ليلة. فقال عليه السلام: وما عليك أن تعمل في ليلتين هي إحداهما"24.

ج- 23
ورد عن الإمام الباقرعليه السلام: أنّ الجهني أتى النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: "يا رسول الله، إنّ لي إبلاً وغنماً وغلمة وعملة، فأحبّ أن تأمرني ليلة أدخل فيها فأشهد الصلاة - وذلك في شهر رمضان - فدعاه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فسارَّه في أذنه، فكان الجهني إذا كان ليلة ثلاث وعشرين دخل بإبله وغنمه وأهله إلى مكانه"25.

قال السيد العابد ابن طاووس في الإقبال: "اعلم أنّ هذه الليلة الثالثة والعشرين من شهر رمضان، وردت أخبار صريحة بأنّها ليلة القدر على الكشف والبيان. فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى سفيان بن السمط، قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام أفرد لي ليلة القدر، قال عليه السلام: ليلة ثلاث وعشرين"26.

للهمَّ صلَّ على محمّد وآل محمّد، ووفِّقني فيه لليلة القدر على أفضل حال تحب أن يكون عليها أحد من أوليائك وأرضاها لك، ثم اجعلها لي خيراً من ألف شهر، وارزقني فيها أفضل ما رزقت أحداً ممن بلغته إياها وأكرمته بها، واجعلني فيها من عتقائك من النار وسعداء خلقك، الذين أغنيتهم وأوسعت عليهم من الرزق، وصنتهم من بين خلقك ولم تبتلهم، وممن مننت عليهم، برحمتك ومغفرتك ورأفتك وتحننك وإجابتك ورضاك، ومحبتك وعفوك، وطولك وقدرتك لا إله إلا أنت، برحمتك يا ارحم الراحمين"27.

 

1 سورة الإسراء، الآية106.
2
سورة الحجر، الآية9.
3
سورة الشعراء، الآيتان، 193- 194.
4  
سورة القدر، الآية1.
5  
الإمام الخميني، روح الله، الآداب المعنوية للصلاة، ترجمة أحمد الفهري، ط2، بيروت، الأعلمي، 1986 م، ص493.
6  
سورة القدر، الآية4.
7  
سورة الدخان، الآيتان4-5.
8  
سورة القدر، الآية:4..
9  
المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج94، ص 9.
10  
الإمام الخميني، روح الله، الآداب المعنوية للصلاة، ص510.
11  
الإمام الخميني، روح الله، الآداب المعنوية للصلاة، ص510-512.
12  
المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج17، ص135.
13  
المصدر السابق، ج24، ص183.
14  
المصدر السابق، ج94، ص14.
15  
البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة، ج5، ص 10-11.
16  
الفيض الكاشاني، تفسير الصافي، ط2، طهران، مكتبة الصدر، 1416هـ، ج5، 352.
17  
المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، ج25، ص 80.
18  
المصدر السابق، ج95، ص145.
19  
المصدر السابق، ج 95، ص 145.
20  
المصدر السابق، ص146.
21  
البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة، ج9، ص45.
22  
الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، ج4، 159.
23  
البروجردي، حسين، جامع أحاديث الشيعة، ج9، ص41
24  
المصدر السابق، ص43.
25  
الطوسي، تهذيب الأحكام، تحقيق حسن الموسوي الخرسان، ط4، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1365ش، ج4، ص330.
26  
ابن طاووس، إقبال الأعمال، ج1، ص 374.
27  
المصدر السابق، ص83-84.

الثلاثاء, 13 حزيران/يونيو 2017 07:47

بمناسبة يوم القدس العالمي

لم تشغل قضية ذلك الحيّز في وجدان الإمام الخميني قدس سره واهتماماته كالذي شغلته قضية القدس وفلسطين، وقلما يجد الباحث في كلمات الامام الخميني قدس سره السياسية والتعبوية قضية حاضرة وفاعلة كقضية القدس وفلسطين ففي البداية كان الهدف الاساس الذي استوطن عقل الامام قدس سره ورافقه في درب الجهاد هو اسقاط الشاه، هذا الهدف الذي سيطر وحكم على جميع الاولويات وكان متصدراً الخطابات والبيانات والمواقف الصادرة عن الامام الخميني قدس سره في رحلة جهاده الطويلة، سواء في مرحلة تواجده بين الجماهير في ايران او خلال مسيرة النفي المتعددة البلدان، لكن بعد ان تحقق الهدف الاساس وسقط الشاه وتدحرج تاج التسلط، وانكسرت هيبة الطاغوت ومعه ارادة امريكا التي كان لها في ايران موطئ قدم تمارس من خلاله عدوانيتها على الشعوب في منطقة الشرق الاوسط، بعد ذلك تصدرت الاولوية الثانية التي قرأناها في ثنايا الكلمات التي بثتها شفتا الامام العظيم قدس سره، وعنوانها اولوية تحرير القدس وفلسطين، ففي ذلك الزمن حيث الامام حطّم عرش الطاغوت واقتلع سارية العلم الامريكي ورماها ارضاً، واحرق الراية الزرقاء وعليها نجمة داوود، كانت اولى القبلتين للمسلمين ترزح تحت الاحتلال عينه الذي كان محتلاً لايران بالسياسة والثقافة والاقتصاد، لكنه في فلسطين احتلال عسكري وارهابي وتسلطي، فاعتبر الامام قدس سره ان اكمال الثورة عينها وتمامية حركيتها لا يتحققان الا بازالة "اسرائيل" من الوجود وليس فقط بطرد الصهاينة من طهران وارجاء ايران، فتوجه شطر المسجد الاقصى ورماه بوعده الجبار مؤكداً له انه سيتحرر ولو بعد حين، وقد اعطى الامام الخميني "قده هذه المسألة أي تحرير فلسطين، بكامل ترابها، كل الاهتمام الذي تستحق وكل الابعاد التي ترمز اليها كاسلامية وقومية ووطنية فضلاً عن كونها رمزاً لارهاب الصهاينة من جهة ولمظلومية الشعب الفلسطيني من جهة ثانية، كما اشار الامام في كلماته وبياناته الى خلفيات الصراع مع العدو الذي يربض في قلب الامة ويتمدد يميناً وشمالاً لينهش من لحمها ويقطع من جسدها، فقد بيّن الامام الخميني‏قدس سره انه صراع عقائدي ديني وانه صراع قومي وانه صراع حضاري فكري هذا فضلاً عن جزئيات الابعاد والرؤى التفصيلية التي تلامس اطراف القضية او جوهرها والتي عمل الامام الخميني قدس سره ليبعدها عن المصالح السياسية والتكتيكية للدول والامصار، لانها ان دخلت في هذا المضيق فانها لن تصل الى عمق الصراع وستبقى تقارب الهوامش والحواشي، هذا فضلاً عن امكانية ضياع فلسطين حال الالتفات الى المصالح الذاتية المؤقتة للبلدان العربية والاسلامية التي تربطها مصالح مع امريكا حامية "اسرائيل" مما يفرض عليها نوعاً من المهادنة والمسالمة مع "اسرائيل" على حساب حقوق الامة وحقوق الشعب الفلسطيني وذلك تحت ذريعة حماية او تحقيق المصالح الوطنية، هذه المصالح التي عادة ما تخضع لتكتيكات تنتهجها الدول من اجل بلوغ الاهداف المسماة وطنية اعتبرها الامام الخميني قدس سره متنافية مع القضية الساطعة الحقانية وهي قضية فلسطين وها هو الامام الخميني قدس سره نفسه لم يلتفت الى مصالح ايران في هذه المسألة طالما انها مبدئية وجلية ولا يمكن اخضاعها او ادخالها في ترهات المصالح التكتيكية التي يمكن ان تخضع لها القضايا الجزئية الهادفة الى تحصيل المكاسب الفضلى بحسب طبيعة كل قضية، انما هنا فيما يتعلق بفلسطين لا مجال للمجاملة ولا لانصاف الحلول ولا للطروحات المجتزأة هنا: يجب ان يتم طرد الاحتلال وتحرير فلسطين وازالة "اسرائيل" من الوجود مهما كانت التضحيات ومن دون الالتفات الى العواقب، فعند الامام الخميني قدس سره نفس وجود "اسرائيل" في هذا المكان من العالم الاسلامي يعني الهوان لهذه الامة فاذا قامت ونهضت ولم تقدر على ان تفعل شيئاً وضحت بنفسها فلا ضير طالما انها محكومة بالفناء على كل حال، كيف وان الامور مختلفة تماماً فهناك الامكانية الكبيرة لتحقيق هدف التحرير، فلو قام جزء من الامة بمسؤولية وواجب الجهاد، فهناك وعد الهي محسوم بان الله ينصر من ينصره وان الله يدافع عن الذين امنوا وان الله يخزي الكافرين..

اذن اضحت فلسطين وقضية تحريرها الاولوية الاولى بعد سقوط الشاه لما لها من تأثير في واقع الامة وفي مستقبلها، وقد عمل الامام الخميني قدس سره على تجاوز كل العوائق النفسية الذاتية وتلك المصطنعة من قبل الاستكبار تهويلاً وتهديداً وافساداً والتي تحرف الشعوب عن قضايا امتهم الاساسية، وعاش الامام الخميني قدس سره حياته يرمق فلسطين، وفي قلبه حنين دائم الى تلك الربوع وشوق للوصول اليها بعد اقتلاع الاشواك وثني المسافات واجتياز السدود ليتمسح الامام بالعتبات المقدسة التي وطأتها اقدام الاف الاطهار من النبيين والوصيين..

لقد كانت ايران تخوض الحرب المفروضة عليها وتتحدى العالم المستكبر، وكانت الظروف صعبة وقاسية، لكن الامام كان يشاهد من اتون الحرب حرارة الاسى الذي يعتصر قلب فلسطين، وكان يقول ان البصرة هي طريق العبور الى فلسطين، لم يكن العراق هدفاً للحرب، بل كان تقريب المسافة الى فلسطين هو هدف الامام قدس سره .

كما ان الامام الخميني قدس سره وجه الشباب اللبناني المؤمن لقتال الجيش المحتل ولم تكن الاهداف التي حددها الامام ترتبط باخراج الاحتلال وطرده وانما كان تحرير فلسطين هو الامل الذي يراود عينيه ويكحلها، ومنذ ذلك الحين كان الشعار الذي طرحه الامام وما زال مدوياً بانه يجب ان تزول "اسرائيل" من الوجود، في ذلك الزمن حيث كان هذا الشعار ضرباً من الوهم او نوعاً من الكهانة او اغراقاً للامة في المصير المجهول او دفعاً للشباب الى الانتحار من خلال تحدي المستحيل، كان الامام يؤكده وكأنه هدف سهل المنال قريب المسافة بالرغم من الحالة التي كانت الامة تعيشها، الضعف والتشرذم والانقسام والتبعية والاستغراق في المصالح الذاتية ونسيان او تناسي القضايا المصيرية للامة،وبالرغم من انشغال ايران ومعها الامام قدس سره بالحرب المفروضة التي شنها الاستكبار لاسقاط ثورتها وضرب نهضتها الاسلامية، وكان الجزء الأكبر من لبنان محتلاً، وكانت الأنظمة تتهاوى الواحدة تلو الاخرى في مستنقع الخيانة والاستسلام، في هذه الاجواء الحالكة التي كاد ينعدم فيها بصيص النور اشعل الامام الخميني قدس سره ذلك السراج الذي بدا للوهلة الاولى غير قابل للحياة والديمومة بفعل الرياح العاصفة العاتية المانعة من وصول الزيت الى الفتيل، الا ان هذا السراج أُشعل بايد ربانية يمدها زيت من عالم الغيب مما جعله اقوى من كل رياح العالم وكل عواصف الدنيا واهلها، فاستمر السراج وتلاشت الرياح بالتدرج، بل ان وهج السراج تعالى وتصاعد واضحى اكثر قدرة على الاضاءة في المدى الاوسع في حياة الامة فكان تحرير لبنان الذي تحقق بفعل التكليف الذي حدده واطلقه الامام الخميني قبل عدة عقود من الزمن، وكانت الانتفاضة على وقع انتصار التكليف الشرعي الذي يحمل اسم الامام الخميني فباتت الصلة وثيقة بين ما يجري في فلسطين وبين الفكر والرؤى التي بثها الامام قدس سره في هذه الامة، وسوف تنمو وتتضخم بركات ذلك النهج والفكر والخط الذي صاغه الامام الخميني لينبت في ربوع فلسطين مجداً وسؤدداً وعزاً وحرية وسوف تشهد الاجيال اللاحقة وتعاين مدى العظمة لذلك الامام الذي رحل عن الدنيا بعد ان صبغ هذا القرن من الزمن بألوان زاهية تحكي الاسلام المحمدي الاصيل الذي اعاده الامام الخميني قدس سره ليحتل المكان المرموق في عالم الدنيا وليغدو من جديد حاضراً وبقوة في حياة الانسان من اجل احياء هذا الانسان مقدمة لظهوره النهائي والتام بعد ان يبقى هذا الاسلام المحمدي الاصيل هو الخيار الوحيد والاوحد الذي يلبي متطلبات الانسان وعشقه وسيره نحو السعادة اللامتناهية فتُيَمم الوجوه نحوه من كل الاصقاع تلبية لنداء الفطرة السليمة التي شهدت على الحق وامنت به ويظهر الاسلام دين الفطرة والعقل على الدين كله ولو كره المشركون ولو كره الكافرون...

اكد قائد الثورة الاسلامية في ايران آية الله السيد علي خامنئي ان المصالح الوطنية الحقيقية هي التي لاتتعارض مع الهوية الوطنية والثورية للشعب الايراني.

وقال قائد الثورة، في كلمة القاها لدى استقباله رؤساء السلطات الثلاث وكبار المسؤولين وحشد من المدراء في البلاد يوم الاثنين، انه اذا اردنا ادارة البلاد بصورة صحيحة والاستفادة من الثروات والطاقات الوطنية والفرص المتاحة والحد من التهديدات وتشخيص الطريق الصحيح فان الحاجة تدعو الى تحديد معايير صحيحة في عملية صنع القرارات.

واضاف، ان معايير اتخاذ القرارات ينبغي ان تتمحور حول تأمين المصالح الوطنية الحقيقية للبلاد والتي لاتتعارض مع الهوية الوطنية والثورية للشعب الايراني.

وفي مستهل حديثه اعتبر سماحته شهر رمضان المبارك فرصة ذهبية وسانحة للتضرع الى الباري تعالى وتنوير القلوب واضاف، ان الوصول الى الاهداف والطموحات السامية رهن بالعلاقة بالله والجهد الصادق والايماني وفيما لو غفل المجتمع الاسلامي والثوري عن الذكر والتضرع الى الباري فانه سيتضرر.

كما اعتبر قائد الثورة الانتخابات الاخيرة بانها كانت عملا عظيما ابرز قدرة الثورة وعمق نفوذ النظام الاسلامي في قلوب الشعب رغم ان وسائل الاعلام العالمية لم تكن لها في دعايتها الهائلة اي اشارة الى هذه القضية.

واضاف، ان العمل المشترك للشعب بمعزل عن مسالة لاي من المرشحين صوتوا هو ثقتهم بصندوق اقتراع الجمهورية الاسلامية والحركة العظيمة المقررة في الدستور اي الانتخابات.

واشار الى الاجراءات الاميركية الصلفة بعد الانتخابات الرئاسية الايرانية في زيادة اجراءات الحظر والدق اكثر فاكثر على طبل العداء واضاف، انه في مقابل هذه العداوات ينبغي ايجاد اجواء جديدة من التعاون والعمل وبذل الجهد للوصول الى الهدف المشترك اي "تقدم البلاد واعتلاء الجمهورية الاسلامية" وينبغي على الجميع ان يكونوا شركاء ومساهمين في هذه الاجواء.

واعتبر ان الضرورة لتحقيق الاهداف واركاع العدو هي "العمل الدؤوب والصمود" واضاف، انه على الجميع مساعدة المسؤولين وعلى المسؤولين ايضا التعاون معا في مختلف القطاعات وخدمة الشعب.

وحول الادارة الصحيحة للبلاد وتحديد طريق الصواب عن الخطأ قال، ان الادارة الصحيحة للبلاد بحاجة اولا الى تحديد "معايير صنع القرار واتخاذ القرار" ومن ثم هي بحاجة في مرحلة تالية الى "الاستفادة من تجارب الاعوام الـ 38 الماضية".

واعتبر "المصالح الوطنية" المعيار الاساس في تبيين معايير اتخاذ القرار الصحيح واضاف، ان المصالح الوطنية تكون مصالح وطنية حقا حينما لا تتعارض مع "الهوية الوطنية والثورية للشعب الايراني".

واعتبر الهوية الوطنية الايرانية بانها تتبلور على اساس العناصر الثلاثة وهي "الاسلام والثورية والعمق التاريخي"، داعيا مسؤولي البلاد لتجنب اي قرار تشوبه مسالة عدم التناسق مع الاسلام والثورة وتاريخ الشعب الايراني او تتعارض معها.

واكد قائد الثورة الاسلامية في الوقت ذاته بان التعريف المقدم للمصالح الوطنية لا يعني تجاهل المنجزات البشرية والحرمان منها واضاف، ان تعريف المصالح الوطنية في اطار الهوية الاسلامية والثورية والتاريخية لا ينبغي تاويله بمعنى غلق طريق الاستفادة من المنجزات البشرية.

كما اكد سماحته على نقطة مهمة في المصالح الولطنية وهي ان مصالحنا الوطنية لا ينبغي ان تخضع لامور تفرض من الخارج.

واكد بان القوى الاستكبارية تستخدم مختلف الاساليب لفرض مآربها واضاف، ان احد هذه الاساليب هو توفير مصالح المستكبرين تحت عنوان "المعايير الدولية" كي تتهم عبر هذا الطريق الدول المستقلة والمناهضة للظلم بخرق المعايير.

واضاف، ان الاميركيين طرحوا اخيرا في كلامهم حول ايران تحت عنوان المعايير الدولية موضوع "زعزعة الاستقرار في المنطقة" حيث ينبغي القول في الرد عليهم اولا؛ ما علاقتكم انتم بهذه المنطقة، وثانيا ان السبب في عدم استقرار المنطقة هو انتم وعملاؤكم.

واشار آية الله الخامنئي الى دور الاميركيين في تاسيس تنظيم داعش ودعمهم العسكري واللوجيستي له واضاف، ان مزاعم تشكيل التحالف ضد داعش كاذبة، وبالطبع فان الاميركيين يعارضون "داعش الخارج عن السيطرة" ولكن لو اراد احد القضاء حقيقة على داعش فانهم سيتصدون له.

واعتبر الاتهام الاخير الذي وجهه الرئيس الاميركي لايران بزعم دعم الارهاب وكذلك الاتهامات حول حقوق الانسان بانها تاتي في اطار اسلوب اختلاق المعايير لتوفير مصالح المستكبرين وقال، ان تحدث الاميركيين الى جانب حكام السعودية القروسطيين والقبليين عن حقوق الانسان واتهامهم للجمهورية الاسلامية الايرانية التي تعد مظهرا للسيادة الشعبية، امر يبعث على السخرية حقا وسيبقى ذلك وصمة عار في جبينهم.

واشار الى "التاثير الحاسم للتلاحم والوحدة الوطنية" في نجاحات العقود الاربعة الماضية للبلاد واضاف، انه ينبغي الاستفادة من هذه التجربة الناجحة في ادارة البلاد، وبطبيعة الحال فان الوحدة لا تتنافى مع اعلان المخالفة لسياسات الاجهزة ولكن لا ينبغي حدوث التجاذبات والمناكفات حول قضايا البلاد العامة.

واعتبر "ايجاد القطبية الثنائية" و"تقسيم المجتمع الى شقين" تجربة خطيرة مضرة بمصالح البلاد، مؤكدا بان "رسم حدود واضحة مع العدو" يوفر الارضية للوحدة الوطنية واضاف، انه على المسؤولين رسم حدود جدية مع العدو الخارجي واذنابه في الداخل.

كما اعتبر "عدم الثقة بالعدو" من التجارب الاساسية والجدية الاخرى التي ينبغي الاهتمام بها تماما في ادارة البلاد.

واشار الى القضية النووية قائلا، اننا وثقنا ونثق بالمسؤولين الذين تابعوا هذه القضية لاننا نعتبرهم منا ومؤمنين ولكن في هذه القضية وبسبب الثقة بكلام الطرف الاخر فقد تخلينا عن امور في بعض الحالات او لم نبد الاهتمام اللازم بها وكانت النتيجة ان بقيت فراغات يستغلها العدو الان.

ونوه قائد الثورة الى رسالة وجهها وزير الخارجية محمد جواد ظريف الى المسؤولين الاوروبيين حول حالات انتهاك الاتفاق النووي على يد الاميركيين واضاف، ان وزير الخارجية لا يعارض المفاوضات ولكن كونه انسانا "متدينا وصاحب ضمير وشعور بالمسؤولية" فقد شرح في الرسالة الحالات المختلفة لـ "خرق روح ونص الاتفاق النووي".

ودعا سماحته "لجنة الاشراف على الاتفاق النووي" للدقة والتنفيذ الكامل لمسؤولياتها واضاف، انه عند القبول بالاتفاق النووي حددنا شروطا صريحة بصورة خطية حيث ينبغي على لجنة الاشراف على الاتفاق النووي العمل كي تراعى هذه الشروط بدقة.

واكد انه حينما يقف العدو بصلافة امامكم فان اي تقصير سيحمل على انه ضعف واضطرار ما يجعله اكثر صلفا لذا ينبغي اخذ الحذر تماما.

والنقط الاخرى التي اكد عليها قائد الثورة هي "تقوية الاقتدار العسكري والامني" في ترسيم ما ينبغي وما لا ينبغي في "الادارة الصحيحة للبلاد وادارة الفرص والتهديدات".

واكد سماحته على تعزيز عناصر اقتدار وعزة ايران اي القوات المسلحة والحرس الثوري والتعبئة (البسيج) وجميع العناصر المؤمنة والثورية على العكس مما تريده اميركا التي تدعو الى ازالة عناصر القوة هذه.

كما اشار آية الله الخامنئي الى عدة نقاط اقتصادية مهمة ومؤثرة في الادارة الصحيحة للبلاد، ونوه الى تاثير استقطاب الاستثمارات الداخلية والاجنبية في ادارة اقتصاد البلاد، لافتا الى ضرورة "مكافحة التهريب" و"التنفيذ الصحيح واللائق للمادة 44 من الدستور" (حول الخصخصة) و"امن الاستثمارات" معتبرا "اعداد خارطة طريق واضحة وشاملة" من اولى الامور التي ينبغي للحكومة ان تقوم بها.

واعتبر سماحته "الاجواء الافتراضية" من القضايا المهمة والمؤثرة الاخرى في الادارة الصحيحة للبلاد واضاف، ان كمّا هائلا من القضايا المناهضة للقيم والمخالفة للمصالح الوطنية والقضايا الصحيحة والخاطئة والمعلومات الصحيحة والخاطئة او حتى شبه المعلومات تنهال على اذهان المجتمع حيث ينبغي التحكم بهذه الاجواء ولكن لا ينبغي حرمان الشعب من الاجواء الافتراضية.

وانتقد القصور الحاصل في انشاء الشبكة الوطنية للمعلومات واضاف، ان بعض الدول بانشائها شبكة وطنية للمعلومات تستفيد من الانترنت لتوفير مصالحها مع رعاية خطوطها الحمراء والتحكم الصحيح بالاجواء الافتراضية.

وفي جانب اخر من حديثه اكد قائد الثورة بان الكثير من القضايا غير قابلة للحل مع اميركا اساسا لان مشكلة اميركا معنا ليست ناجمة عن قضايا مثل الطاقة النووية وحقوق الانسان بل مشكلتهم هي مع اساس الجمهورية الاسلامية.

واعتبر تاسيس الجمهورية الاسلامية في منطقة مهمة وفي ارض ثرية كايران وانتهاج سياسات مستقلة، تعتبر العامل الاساس لعداء الاميركيين للجمهورية الاسلامية واضاف، انهم معارضون لاستقلال البلاد اساسا وحتى لو كان قد اتى نظام الى الحكم في البلاد غير ديني وثوري لكنه مستقل لكانت هنالك ايضا مخالفات ومعارضات له .

واشار قائد الثورة الاسلامية الى مصالح ايران الاسلامية وامكانياتها الوفيرة، لافتا الى ان القوى الطامعة في ثروات الدول الاخرى غير مستعدة للتخلي عن اطماعها في ايران الا ان الثورة الاسلامية تتصدى لها ولن تسمح لها ذلك.

واعتبر قضايا "حقوق الانسان والارهاب ومزاعم زعزعة الاستقرار في المنطقة من جانب ايران" ذرائع اميركا ضد الجمهورية الاسلامية الايرانية واضاف، ان اميركا هي نفسها ارهابية وراعية للارهاب وداعمة للكيان الصهيوني الذي هو اساس الارهاب وتاسس منذ يومه الاول بممارسة الارهاب والظلم، لذا لا يمكن التفاهم معها.

واكد قائد الثورة بانه على الاميركيين ان يعلموا بان الجمهورية الاسلامية الايرانية لن تتراجع عن مواقف مثل مقارعة الظلم والدفاع عن فلسطين وبذل الجهد لضمان حقوق الشعب.

تتميز بعض مساجد الجزائر في شهر رمضان، بتقاليد يعود تأريخها لعدة قرون، أبرزها قراءة القرآن طيلة أيام وليالي هذا الشهر. ورغم انحسار هذا التقليد مؤخراً إلا أن بعض المساجد في الجنوب مازالت تحافظ عليه إلى اليوم.

في مسجد "سيدي عبد الله العتيق" بمدينة "أدرار" (1400 كم جنوب غربي العاصمة) يبدأ طلبة المدرسة القرآنية الملحقة بالمسجد في قراءة القرآن مباشرة بعد ثبوت رؤية هلال رمضان.

وينقسم الطلبة إلى 10 أفواج يتوزعون بين ساعات الليل والنهار حيث يقرأ كل فوج القرآن لمدة ساعة.

ويقول امام المسجد، بلعربي زين العابدين للاناضول "أسس المسجد قبل 5 قرون، ومنذ تأسيسه يحتضن زاوية لتدريس القرآن وفي 1290 هجرية قام الشيخ سيدي حسان بوليفي بتأليف حلقة الطلبة التي تتلو كتاب الله طيلة أيام شهر رمضان".

وأضاف "مباشرة بعد ثبوت رؤية هلال رمضان يقوم شيخ الزاوية بتقسيم الطلبة إلى 10 مجموعات يكون هو عضواً في إحداها وتبدأ المجموعة الأولى في تلاوة كتاب الله ثم تأتي مجموعة ثانية بعد ساعة ونصف لتأخذ مكان المجموعة الأولى وهكذا على مدار ساعات اليوم".

وتابع "يتهافت العشرات من حفظة كتاب الله على المسجد كل رمضان للمشاركة في هذا التقليد، وبينما يستظهر حفظة كتاب الله القرآن، يقوم أناس عاديون بالمشاركة لكن بالقراءة من المصحف".

وفي المسجد الاباضي العتيق بمدينة غرداية (600 كم جنوب العاصمة) يعمل طلبة القرآن والعلوم الشرعية بالمسجد الذي أنشئ قبل 1000 سنة بتقليد عمره 5 قرون على الاقل، وهو تلاوة القرآن على مدار الساعة في المسجد بلا توقف أو انقطاع، ليلاً ونهاراً في عمل فريد.

ومنذ القرن 11 للهجرة، يحيي طلبة العلوم الشرعية على المذهب الاباضي بالمسجد الكبير العتيق بغرداية ليالي وأيام رمضان بالطريقة ذاتها التي بدأت قبل 5 قرون.

ويقول "بازين بابكرن" أحد طلبة المسجد "ينطلق هذا التقليد القديم من فكرة اعتبار شهر رمضان شهراً للقرآن، و يجسد التزامهم بإحياء سنن رمضان أو شهر القرآن، ما يقولون بأنه أعمال بر وسنن ثبتت عن الرسول(ص) والسلف الصالح".

ويقول الدكتور هارون بن مرابط، باحث في تاريخ المغرب الاسلامي "أعتقد أن تلاوة القرآن على مدار الساعة هي تقليد بدأه قبل قرون عديدة بعض مشايخ الاسلام على المذهبين الاباضي والمالكي ".

في ثنايا الكتاب ردود رائعة على الفكر الإرهابي، مثل الردود على فتاوى سفك الدماء وتوجية الزكاة لدعم عمليات الإرهاب، أو حصر مفهوم الجهاد على القتال كما يزعم الإرهابيون، وحرمة الدماء تشمل كما قال الكتاب دماء المسلمين والمسيحيين ورجال الشرطة والجيش، وطالب الكتاب المصريين والمسلمين عموماً بضرورة الاصطفاف الوطني والدولي والإنساني، في مواجهة ذلك الخطر الداهم، والذي سيحرق بناره مموّليه وداعميه، وأكّد الكتاب أن الإرهابيين لا دين ولا قيم وأخلاق لديهم.

في خطوة جيّدة وجريئة ونافعة، قامت وزارة الأوقاف بإصدار ونشر كتاب يحمل اسم "ضلالات الإرهابيين وتفنيدها"، وهو من تأليف الدكاترة الأزهريين : محمّد سالم أبو عاصي - هاني سيّد تمام - ياسر أحمد مرسي - حمد الله حافظ الصفتي وإشراف الدكتور محمّد مختار جمعة وزير الأوقاف،  والكتاب الذي جاء في 21 مبحثًاً، ويقع في 107 صفحات، وهو من عناوينه يشرح ويشرّح الفكر الذي يعتمد عليه الإرهابيون في إرهابهم، وهي خطوة جريئة وجيّدة، ولكن عليها بعض الملاحظات، وهي ملاحظات لا تقلّل من جهود المؤلّفين ولا من جهود وزير الأوقاف، ونحن لا نعرض الكتاب بقدر ما نتوقّف على تلك الملاحظات، الكتاب يحتوي على مقدّمة و21 مبحثاً كما قلنا.

وهي:- مقدّمة حول الإرهاب ومخاطره - الردّ على حصر مفهوم الجهاد على القتال عند الإرهابيين - الردّ على ضلالة وصف المجتمعات الحالية بالجاهلية - الردّ على ضلالة التكفير بالمعاصي - الردّ على ضلالة تكفير الحكّام والخروج عليهم - الردّ على ضلالة الفهم الخاطىء للحاكمية - الردّ على ضلالة حتميّة فرض الجزية على غير المسلمين - الردّ على استباحة الجماعات الإرهابية حرمة الدم بكافة أشكاله - الردّ على ضلالة استباحة تدمير الآلات والمركبات الخاصة بالجيش والشرطة - الردّ على ضلالة تشجيع عناصرهم الضالّة على حمل السلاح وترويع الآمنين - الردّ على ضلالة إشاعة الفوضى من خلال التظاهر السلمي - الردّ على ضلالة الدعوة إلى قطع الطرق وتعطيل المواصلات - الردّ على ضلالة الدعوة إلى الإضراب عن الطعام للضغط على الحكومات قصد الوصول إلى الفوضى وهدم الدولة  - الردّ على ضلالة الدعوة إلى توجيه الزكاة إلى دعم أعمالهم الإرهابية التي يصفونها بهتاناً وزوراً أنها جهاد - الردّ على ضلالة دعوة هذه الجماعات إلى العصيان المدني قصد إسقاط الدولة - الردّ على ضلالة استخدام وسائل التواصل الإجتماعي والوسائل الإعلامية في زعزعة الأمن وتشويه الدولة ورموزها الوطنية  - الردّ على ضلالة استعداء القوى الخارجية والمنظمات الدولية على أوطانهم - التشكيك في مشروعية الدولة الوطنية - الردّ على ضلالة استباحة هذه الجماعات لدماء العلماء والنيل منهم وتشويه صورتهم  - العمل على  أدلجة العلماء والمثقّفين بأيدولوجلياتهم المتطرّفة - وجوب حماية المجتمع من التطرّف - كيف تحمي أبناءك من الإرهاب.

هذه هي مباحث الكتاب، وفي ثنايا الكتاب ردود رائعة على الفكر الإرهابي، مثل الردود على فتاوى سفك الدماء وتوجية الزكاة لدعم عمليات الإرهاب، أو حصر مفهوم الجهاد على القتال كما يزعم الإرهابيون، وحرمة الدماء تشمل كما قال الكتاب دماء المسلمين والمسيحيين ورجال الشرطة والجيش، وطالب الكتاب المصريين والمسلمين عموماً بضرورة الاصطفاف الوطني والدولي والإنساني، في مواجهة ذلك الخطر الداهم، والذي سيحرق بناره مموّليه وداعميه، وأكّد الكتاب أن الإرهابيين لا دين ولا قيم وأخلاق لديهم، وأن مواجهة الإرهاب والتطرّف وفضح مؤامراتهم وكشف زيفهم وضلالاتهم، ونشر قيم التسامح وروح الولاء والانتماء الوطني، هدفاً استراتيجياً لها خلال المرحلة المقبلة، وهي أمور لا يختلف عليها أحد، ونتّفق معها، خاصة في ما يتعلق وجوب حماية المجتمع من التطرّف وحماية الأبناء من الفكر الإرهابي.

ولكن الملاحظ أن الكتاب عاد للأصول الفكرية للتراث الذي نقوم بنقده، مثلاً تحريم الخروج على الحاكم، وهو هنا يُدين الشعب المصري الذي خرج على حسني مبارك وأسقطه، كما خرج على جماعة الإخوان وأسقطها، كذلك حرّم الكتاب التظاهر السلمي والعصيان المدني وحتى الإضراب عن الطعام تم تحريمه،  ربما خوفاً من اندساس الإرهابيين بين المتظاهرين، وهو أمر يخالف ما استقرّت عليه الدساتير والقوانين والأعراف الدولية، فيما يخصّ تنظيم حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي، إلا أن الكتاب أنكر دخول الجماعات الإرهابية فيها، واستغلالها على نحوٍ يحقّق أطماعهم وأحلامهم، في إشاعة الفوضى، والتخريب، وهدم الدول، ومثال ذلك ما حدث في عهد عثمان بن عفّان، وفتحت باب الفتنة، التي اشتعلت في زمن الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام، عندما خرج عليه معاوية مفرّقاً الأمّة وممزّقها حتى اليوم، ثم ظهرت طائفة الخوارج، ولكن هذا كلام ليس بحجّة، لأن الفتنة الكبرى لها أسبابها التي تحتاج لكتب مستقلة.

وليس في الفتنة الكبرى أية فكرة تمنع أو يحرّم الخروج على الحاكم إذا خرج عن الطريق، ولكن على العموم استقرّ الأمر في كتب التراث على تحريم الخروج على الحكّام الظالمين حتى لو ضربوا ظهور الناس وأخذوا أموالهم، ولكن حدثت مشكلة سقوط دولة وظهور دولة، وهنا برّر الفقهاء هذا الأمر كما قال أبو الحسن الماوردي في كتابة "الأحكام السلطانية": "لو خرج على الخليفة خارج وقتله ونصّب نفسه خليفة، فلا يبيّتن مسلم إلا وفي عنقه بيعة له".

ولذلك لم نشهد ثورات ضد ّالطغيان إلا قليلاً ربما على يد بعض العلماء مثل أبو حنيفة النعمان والعز الدين بن عبد السلام، وهم قلّة معارضين لم يصلوا لحد الثورة، وعلى كل حال لا تنفي الأصل الذي يحرّم الخروج على الحكّام، وهو الفكر الذي عاد الكتاب إليه، كما كنا نرغب أن يكشف الكتاب جهاراً نهاراً على الفكر الفقهي الذي يقود الشباب للإرهاب، وهو الفكر الوهّابي الخوارجي السعودي التيموي نسبة لابن تيمية، الكتاب أشار إليها بالإيماء، وكنا نريدها علنية، فالكتاب رغم أنه خطوة جيّدة، لكنها غير كافية، يجب أن يوجد بالكتاب ما يفيد بالدور الوهّابي|السعودي، وارتباط الإرهاب بدوائر المخابرات الصهيونية|الاستعمارية، نتمنّى أن يصدر الكتاب في طبعة جديدة فيه مثل هذه الإضافات، وعلى الله قصد السبيل.

الثلاثاء, 13 حزيران/يونيو 2017 06:11

تركيا والخليج.. يد للدوحة وأخرى للصلح

يشهد الشارع التركي تحركا شعبيا مؤازرا لقطر ورافضا للإجراءات المتخذة ضدها، وهو ما أظهره حجم التفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى عدة وقفات ومسيرات شهدتها مدينة إسطنبول.

تحولت العاصمة التركية أنقرة إلى أحد المراكز الفاعلة في التعامل مع الأزمة الخليجية الراهنة التي نشبت عقب إعلان ثلاث دول خليجية قطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر، وفرض حصار اقتصادي وسياسي عليها.

واتخذ الحراك التركي النشط مسارين: دبلوماسي يسعى لرأب الصدع الذي خلقته الأزمة في علاقات دول المنطقة، سرعان ما تطور إلى مسار أكثر فاعلية جسدته خطوات وإجراءات تمنع استفراد حلف المقاطعة بالدوحة.

كما أظهرت الخطوات التركية المتلاحقة حالة من التوافق الكبير بين المستويات الرسمية في الحكومة والمعارضة وبين الدولة والشارع التركي المتضامن مع قطر.

خطوات متتابعة

وبعد ساعات قليلة من إعلان السعودية والإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين قطع علاقاتها مع قطر، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الألماني سيغمار غابرييل في أنقرة استعداد بلاده للتوسط لحل الأزمة وتطبيع العلاقات بين دول الخليج.

وما لبثت أن توالت المواقف التركية الرسمية الداعية لاحتواء الأزمة، إذ أصدرت الخارجية التركية بيانا عبرت فيه عن استعداد أنقرة للقيام بكل مسؤولياتها لحل الخلاف، بوصفها ترأس دورة منظمة التعاون الإسلامي.

ودخل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان سريعا على خط الأحداث، فأجرى عدة اتصالات ثنائية مع قادة دول الخليج العربي، فهاتف أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، والملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي اضطلع بجهود للتوسط في الأزمة.

كما تعهد أردوغان بمواصلة دعم قطر، ودعا إلى رفع تام للحصار الذي تفرضه دول خليجية عليها، رافضا الاتهامات الموجهة للدوحة بأنها تمول جماعات إرهابية.

ولجأت أنقرة لخطوات دبلوماسية دوليا، فتباحث أردوغان هاتفيا حول الأزمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كما استقبلت أنقرة على عجل وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف لبحث ما وصف "بالقضايا المقلقة في المنطقة".

دولة محورية

ورأى الكاتب والمحلل السياسي التركي مصطفى أوزغان أن تحرك تركيا النشط لحل الخلاف الخليجي يرجع إلى كونها الدولة المحورية الوحيدة المؤهلة للتوسط، نظرا لقربها من قطر من جهة، وعدم وجود خلافات بينها وبين السعودية التي تعد العمود الفقري لدول المقاطعة من جهة أخرى.

لكنه رأى أن نجاح الجهود التركية يتوقف على إرادة بقية أطراف الخلاف، في ظل توتر العلاقات المعروف بين أنقرة والقاهرة، وفي ظل غموض المزاج الإماراتي إلى الآن حيال التدخل التركي.

وفي تطور لاحق، صادق البرلمان التركي بناء على دعوة عاجلة من الحكومة الأربعاء وبالأغلبية على الاتفاقيات المتعلقة بتعزيز التعاون العسكري بين أنقرة والدوحة، التي تسمح بنشر قوات تركية على الأراضي القطرية.

ويأتي تصديق البرلمان تحسبا لأي تطورات في المنطقة في ضوء الأزمة الخليجية الراهنة، وضمن اتفاقية التعاون الموقعة بين البلدين في 28 أبريل/نيسان من العام الماضي، ودخل هذا القانون حيز التنفيذ بمصادقة الرئيس أردوغان عليه الخميس الماضي.

وتظهر سرعة إقرار الاتفاقيات التركية القطرية وإدخالها حيز التنفيذ خلال أقل من 24 ساعة مستوى الجدية التي تتعامل بها أنقرة مع الأزمة الخليجية، وفق ما أكده ياسين أقطاي نائب رئيس حزب العدالة والتنمية الحاكم.

رسالة واضحة

وقال أقطاي إن تركيا ترتبط بعلاقات أخوة وثيقة جدا مع قطر، ولن تسمح بفرض العزلة عليها، مبينا أن سرعة إقرار قانون تمركز القوات التركية في قطر رسالة واضحة من بلاده حول هذا الأمر.

وأشار المسؤول التركي إلى أن أنقرة ترد للدوحة جميلا قدمته الأخيرة سابقا لها، في إشارة إلى وقوف القطريين إلى جانب تركيا ومساندتهم في مواقف سابقة.

وإلى جانب هذه الخطوة، أعلنت جمعية المصدرين الأتراك استعدادها لتزويد قطر بالمواد الغذائية والماء لتعويض المصادر التي قطعت عنها بسبب الحظر الجوي والبحري الذي فرضه تحالف المقاطعة على الدوحة.

كما يشهد الشارع التركي تحركا شعبيا مؤازرا لقطر ورافضا للإجراءات المتخذة بحقها، أظهره حجم التفاعل في وسائل التواصل الاجتماعي، إضافة إلى عدة وقفات ومسيرات شهدتها مدينة إسطنبول الخميس.