
Super User
إرشادات ومواعظ محمدية من كلامه (ص)
عن حمزة بن حمران قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: ان مما حفظ من خطب النبى صلى الله عليه واله انه قال: ايها الناس ان لكم معالم فانتهوا إلى معالمكم وان لكم نهاية فانتهوا إلى نهايتكم، الا ان المؤمن يعمل بين مخافتين: بين أجل قد مضى لا يدرى ما الله صانع فيه، وبين اجل قد بقى لا يدرى ما الله قاض فيه، فليأخذ العبد المؤمن من نفسه لنفسه، ومن دنياه لآخرته، وفى الشيبة قبل الكبر، وفى الحياة قبل الممات، فوالله الذى نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من مستعتب وما بعدها من دار الا الجنة أو النار1.
عن النبي صلى الله عليه وآله: "أيها الناس، إن أصدق الحديث كتاب الله إلى أن قال وسباب المؤمن فسوق،وقتال المؤمن كفر، وأكل لحمه معصية، وحرمة ماله كحرمة دمه "2.
ونسب له صلى الله عليه واله أنه قال: كأنّ الموت فيها على غيرنا كتب، و كأنّ الحقّ فيها على غيرنا وجب، و كأنّ الّذى نرى من الأموات سفر عمّا قليل إلينا راجعون نبوّئهم أجداثهم، و نأكل تراثهم، كأنّا مخلّدون بعدهم قد نسينا كلّ واعظة، و رمينا بكلّ جائحة طوبى لمن ذلّ فى نفسه، و طاب كسبه، و صلحت سريرته، و حسنت خليقته، و أنفق الفضل من ماله، و أمسك الفضل من لسانه، و وسعته السّنّة و لم ينسب إلى البدعة3.
روى جابر بن عبد الله، عنه صلى الله عليه واله أنه قال: "لا تجلسوا إلا عند كل عالم، يدعوكم من خمس إلى خمس: من الشك إلى اليقين، ومن الرياء إلى الإخلاص، ومن الرغبة إلى الرهبة، ومن الكبر إلى التواضع، ومن الغش إلى النصيحة".
وروى معاذ بن جبل، عن النبي صلى الله عليه وآله، أنه قال:
"إن من فتنة المرء أن يكون الكلام أحب إليه من الاستماع، ففي الكلام تمويه وزيادة، ولا يؤمن على صاحبه الخطأ، وفي الصمت سلامة وأجر.
ومن العلماء من يخزن علمه ولا يحب أن يوجد عند غيره، فهوفي الدرك الأول من النار.
ومنهم من يكون في علمه بمنزلة السلطان، إن رد عليه في شيء من علمه غضب، فهوفي الدرك الثاني من النار.
ومنهم من يجعل حديثه وغرائب علمه لأجل الشرف والبيان، ولا يرى أهل الحاجة إليه أهلاً، فهوفي الدرك الثالث من النار.
ومنهم من ينصب نفسه للفتيا، فيفتي بالخطأ تكلفاً، والله يبغض المتكلفين، وهوفي الدرك الرابع.
ومنهم من يتكلم بكلام اليهود والنصارى ليغزر علمه، فهوفي الدرك الخامس من النار.
ومنهم من يتخذ علمه تعمقاً ونبلاً وذكراً في الناس، فهوفي الدرك السادس من النار.
ومنهم من يستفزه الرياء والعجب، فإن وَعظ عنف وإن وُعظ أنف، فهوفي الدرك السابع من النار.
فعليك بالصمت فبه تغلب الشيطان، وتستوجب المغفرة والرضوان، وإياك أن تضحك من غير عجب، أوتمشي وتتكلم في غير أدب ".
وقال صلى الله عليه وآله: "إذا اجتمع قوم يذكرون الله تعالى اعتزل الشيطان والدنيا وعنهم، فيقول الشيطان للدنيا: الا ترين ما يصنعون ؟ فتقول الدنيا: دعهم فلو قد تفرقوا أخذت باعناقهم".
وقال صلى الله عليه وآله: "إن أفواهكم طرق القران فطيبوها بالسواك، فإن صلاة على أثر السواك، خير من خمس وسبعين صلاة بغير سواك".
وقال صلى الله عليه وآله: "أصدق المؤمنين إيماناً أشدهم تفكراً في أمر الدنيا والآخرة، وأشد الناس فرحاً يوم القيامة، أشدهم حزناً في الدنيا".
وقال صلى الله عليه وآله: "قال الله تعالى: وعزتي وجلالي، لا أجمع لعبدي المؤمن بين خوفين وأمنين، إذا خافني في الدنيا آمنته في الآخرة، وإذا أمني في الدنيا أخفته في الآخرة".
ومن ألزم نفسه الفكر ملأ الله قلبه أمناً وإيماناً وحكمة، وإن الفكر مفاتيح أقفال الحكمة والإعتبار، وإنهما ليخرجان من قلب المؤمن عجائب المنطق في الحكمة، فتسمع له أقوال ترضاها الحكماء، ويخضع لها العلماء، وتعجب منها الفقهاء.
ولو أن محزوناً بكى في أمة، لرحم الله تلك الاُمة ببكائه. ومع ذلك يجب بسط الرجاء في رحمة الله فإنها واسعة، وربما غلب الرجاء على الخوف، وذاك ان مستقى الرجاء من بحر الرحمة، وقد سبق في قضائه وحكمته: ان رحمته سبقت غضبه.
وقال النبي صلى الله عليه وأله: "ما من عبد مؤمن تخرج من عينيه دموع، ولومثل رؤوس الذباب من خشية الله، إلا حرّمه الله على النار، وما من قطرة أحب إلى الله تعالى من قطرة دمع من خشية الله، وقطرة دم في سبيل الله".
وقال: "لا يدخل الجنة إلا رحيم" فقيل: كلنا نرحم يا رسول الله، فقال: "ليس رحمة أحدكم في خويصة أهله حتى يرحم الناس عامة".
وقال صلى الله عليه وآله: "اطلبوا الحوائج عند رحماء أمتي تفلحوا -أو تنجحوا- فإن رحمة الله لهم، ولا تطلبوا الحوائج عند القاسية قلوبهم فتذلوا فتندموا، فإن غضب الله عليهم ".
وقال النبي صلى الله عليه وآله: "اللهم من رأف باُمتي ورحمهم، فاعطف عليه وارحمه".
وقال صلى الله عليه وآله: "بذلاء أمتي لا يدخلون الجنة بكثرة صوم ولا صلاة ولكن برحمة الله، وسلامة الصدور، وسخاء النفوس، والرحمة لجميع المسلمين".
وقال صلى الله عليه وآله: "ينبغي للمسلمين أن ينصح بعضهم بعضاً، ويرحم بعضهم بعضاً، فإنما هم كمثل العضومن الجسد، إذا اشتكى تداعى الجسد بالسهر".
ورأى عليه السلام أعرابياً يتكلم فطوّل، فقال له: "كم دون لسانك من حجاب ؟" فقال: شفتاي وأسناني، فقال عليه السلام: "فتثبت واقتصر، فإنّ الله تعالى يكره الانبعاق في الكلام4، فنظّر الله وجه امرئ أوجز في كلامه، اقتصر على حاجته".
وروي أن النبي صلى الله عليه وآله خرج على أصحابه فقال: "ارتعوا في رياض الجنة" قالوا: يا رسول الله، وما رياض الجنة؟ فقال: "مجالس الذكر، اغدوا وروحوا واذكروا ".
من كان يحب أن يعلم منزلته عند الله تعالى، فلينظر كيف منزلة الله عنده، فإنّ الله تعالى ينزل العبد منه حيث أنزل العبد الله من نفسه.
واعلموا أن خير أعمالكم عند مليككم أزكاها وأرفعها في درجاتكم، وخير ما طلعت عليه الشمس ذكر الله سبحانه وتعالى، فإنه أخبر عن نفسه فقال: أنا جليس من ذكرني.
وقال صلى الله عليه واله: "إذا أحب الله تعالى عبداً نصب في قلبه نائحه من الحزن، فإن الله تعالى يحب كل قلب حزين، وإنه لا يدخل النار من بكى من خشية الله، حتى يعود اللبن إلى الضرع، وإنه يجتمع غبار في سبيل إلله ودخان جهنم في منخري مؤمن أبداً، وإذا أبغض عبداً جعل، في قلبه مزماراً من الضحك، وإن الضحك يميت القلب، والله لا يحب الفرحين".
وقال صلى الله عليه وآله: "إن ملوك الجنة كل أشعث أغبر ذي طمرين5، إذا استأذنوا لم يؤذن لهم، وإن خطبوا لم ينكحوا، وإذا قالوا لم ينصت لقولهم، ولوقسم نور واحد منهم بين أهل الأرض لوسعهم ".
وقال صلى الله عليه وآله: "اطلبوا المعروف والفضل من رحماء اُمتي تعيشوا في أكنافهم، فالخلق كلهم عيال الله، وإن أحبهم إليه أنفعهم لخلقه، وأحسنهم صنيعاً إلى عياله، وإن الخير كثير وقليل فاعله".
وقال صلى الله عليه وآله: "سمعت رب العزة سبحانه يقول: من أحدث ولم يتوضاً فقد جفاني، ومن أحدث وتوضاً ولم يصلّ ركعتين فقد جفاني، ومن أحدث وتوضاً وصلّى ركعتين ودعاني لدينه ودنياه بما شاء ولم أجبه فقد جفوته، ولست برب جاف".
وقال النبي صلى الله عليه وآله: "إن في الجنةِ منازل لاينالها العباد بأعمالهم، ليس لها علاقة من فوقها، ولا عماد من تحتها" قيل: يا رسول الله، من أهلها؟ فقال: "أهل البلايا والهموم ".
وقال صلى الله عليه: "هبط إليّ جبرئيل في أحسن صورة فقال: يا محمد، الحقّ يقرئك السلام ويقول لك: إنّي أوحيت إلى الدنيا أن تمرّدي وتكدّري وتضيقي وتشدّدي على أوليائي حتي يحبوا لقائي، وتيسري وتسهّلي وتطييي لأعدائي حتى يبغضوا لقائي، فإني جعلت الدنيا سجناً لأوليائي وجنّة لأعدائي".
وقال صلى الله عليه وآله: "إن عظيم الجزاء يكافىء عظيم البلاء، فإذا أحب الله عبداً ابتلاه بعظيم البلاء، فإن رضي فله الرضى، وإن سخط فعليه السخط، وإنّ الله إذا أحب عبداً أتحفه بواحدة من ثلاث: امّا حمى أورمد أوصداع، وإن الله ليغذي عبده المؤمن بالبلاء، كما تغذي الوالدة ولدها باللبن، وإن البلاء إلى المؤمن أسرع من السيل إلى الوهاد( أي المنخفض)، ومن ركض البراذين6، وإنه إذا نزل بلاء من السماء بدأً بالأنبياء، ثم الأوصياء ثم الأمثل فالأمثل، وإنه سبحانه وتعالى يعطي الدنيا لمن يحب ويبغض ولايعطي الآخرة إلا أهل صفوته ومحبته، وإنه يقول سبحانه وتعالى: ليحذر عبدي الذي يستبطئ رزقي أن أغضب فافتح عليه باباً من الدنيا"7.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1- تفسير نور الثقلين ج6ص 86.
2- مستدرك الوسائل ج18ص152.
3- مصباح السالكين ج1ص608.
4- أي التوسّع في الكلام.
5- الطمر: الثوب الخلق "النهاية - طمر- 3: 138".
6- البرذون: الدابة، وجمعه: براذين، والبراذين من الخيل ما كان من غير نتاج العرب "لسان العرب - برذن -51:13".
7- لاحظ الأحاديث في أعلام الدين في صفات المؤمنين _ من كلام النبي(ص).
مظاهر من شخصية خاتم النبيين (ص)
1ـ الأمي العالم :
لقد تميّز خاتم النبيين بأنه لم يتعلّم القراءة والكتابة عند معلّم بشري ولم ينشأ في بيئة علم وإنما نشأ في مجتمع جاهلي، ولم يكذب أحد هذه الحقيقة التي نادى بها القرآن.
ترعرع ونما في قوم هم من أشد الأقوام جهلاً وأبعدهم عن العلوم والمعارف، ولقد سمّى هو ذلك العصر بالعصر الجاهلي ولا يمكن أن تصدر هذه التسمية إلاّ من عالم خبير بالعلم والجهل والعقل والحمق.
أضف إلى ذلك أنه قد جاء بكتاب يدعو إلى العلم والثقافة والفكر والتعقّل واحتوى على صنوف المعارف والعلوم، وبدأ بتعليم الناس الكتاب والحكمة وفق منهج بديع حتى أنشأ حضارة فريدة اخترقت الغرب والشرق بعلومها ومعارفها ولا زالت تتلألأ بهاءً ونوراً.
فهو أمي ولكنه يكافح الجهل والجاهلية وعبّاد الأصنام، وبعث بدين قيّم إلى البشرية وبشريعة عالمية تتحدّى البشرية على مدى التأريخ. فهو معجزة بنفسه في علمه ومعارفه وجوامع كلمه ورجاحة عقله وثقافته ومناهج تربيته.
ومن هنا قال تعالى: ﴿فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ﴾ وقال له: ﴿وَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً﴾.
أجل, لقد أوحى الله إليه ما أوحى وعلّمه الكتاب والحكمة وجعله نوراً وسراجاً منيراً وبرهاناً وشاهداً ورسولاً مبيناً وناصحاً أميناً ومذكّراً ومبشّراً ونذيراً.
ولقد شرح الله له صدره وأعدّه لقبول الوحي والقيام بمهمة الإرشاد في مجتمع تسيطر عليه العصبية والأنانية الجاهلية فكان أسمى قائد عرفته البشرية في مجال الدعوة والتربية والتعليم.
إنها نقلة كبيرة أن يصبح المجتمع الجاهلي في بضع سنين حارساً أميناً ومدافعاً قوياً لكتاب الهداية ومشعل العلم ويقف أمام محاولات التشويه والتحريف، إنها معجزة هذا الكتاب الخالد وذلك الرسول الأمي الرائد والذي كان أبعد الناس ـ في ذلك المجتمع الجاهلي ـ عن الخرافات والأساطير. إنه نور البصيرة الربّانية التي أحاطت به بكل جوانب وجوده.
2 ـ أوّل المسلمين العابدين :
إن الخضوع المطلق لله خالق الكون ومبدع الوجود، والتسليم التام لعظيم قدرته ونفاذ حكمته، والعبودية الاختيارية الكاملة تجاه الإله الأحد الفرد الصمد هي القمة الاولى التي لابد لكل إنسان أن يجتازها كي يتهيّأ للاجتباء والاصطفاء الإلهي. وقد شهد القرآن الكريم بذلك لهذا النبيّ العظيم حين قال عنه : ﴿قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ... وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾.
إنّه وسام الكمال الذي حازه هذا العبد المسلم وفاق في عبوديته من سواه على الإطلاق وتجلّت هذه العبودية المثلى في قوله وسلوكه حتى قال صلى الله عليه وآله وسلم: (قرّة عيني في الصلاة) فهو ينتظر وقت الصلاة ويشتد شوقه للوقوف بين يدي الله ويقول لمؤذّنه بلال: أرحنا يا بلال وقد كان يحدّث أهله ويحدّثونه فإذا دخل وقت الصلاة فكأنه لم يعرفهم ولم يعرفوه. وكان إذا صلّى يسمع لصدره أزيز كأزيز المرجل. ويبكي حتى يبل مصلاّه خشية من الله عزّ وجلّ , وكان يصلّي حتى تنتفخ قدماه، فيقال له: أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخّر؟! فيقول: أفلا أكون عبداً شكوراً؟
وكان يصوم شعبان ورمضان وثلاثة أيام من كل شهر , وكان اذا دخل شهر رمضان يتغيّر لونه وتكثر صلاته ويبتهل في الدعاء. واذا دخل العشرالأواخر منه شدّ المئزر واجتنب النساء وأحيى الليل وتفرّغ للعبادة. وكان يقول عن الدعاء : (الدعاء مخّ العبادة) و (سلاح المؤمن وعمود الدين ونور السماوات والأرض). وقد كان دائم الاتصال بالله، دائم الانشداد إليه بالضراعة والدعاء في كل عمل كبير أو صغير، حتى كان يستغفر الله كل يوم سبعين مرّة ويتوب إليه سبعين مرة من غير ذنب, ولم يستيقظ من نوم قطّ إلاّ خرّ لله ساجداً وكان يحمد الله في كل يوم ثلاثمائة وستين مرّة ويقول: (الحمد لله ربّ العالمين كثيراً على كل حال) ولقد كان دؤوباً على قراءة القرآن وشغوفاً به.
ونزل عليه جبرئيل مخففاً لمّا أجهد نفسه بالعبادة بقوله تعالى: ﴿طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى﴾.
3ـ الثقة المطلقة بالله تعالى:
قال الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم: (أليس الله بكاف عبده).
وقال له أيضاً : ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ * الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ * وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ﴾.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما قال الله تعالى على ثقة مطلقة به سبحانه.
جاء عن جابر أنه قال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بذات الرقاع فإذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله، فجاء رجل من المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم معلق بالشجرة فاخترطه وقال: تخافني؟ قال: لا. قال: فمن يمنعك منّي؟ قال: الله. فسقط السيف من يده فأخذ رسول الله السيف فقال: من يمنعك منّي؟ فقال: كن خير آخذ. فقال: تشهد أن لا اله الاّ الله وأني رسول الله؟ قال: لا، ولكني أعاهدك أن لا اُقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلّى سبيله فأتى أصحابه فقال: جئتكم من عند خير الناس.
4ـ الشجاعة الفائقة:
قال الله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَدًا إِلَّا اللَّهَ﴾ وجاء عن علي بن أبي طالب عليه السلام ـ الذي طأطأ له فرسان العرب ـ أنّه: كنّا إذا احمرّ البأس ولقي القومُ القومَ اتّقينا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فما يكون أحد أدنى من القوم منه.
ووصف المقداد ثبات رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم أحد بعد أن تفرّق الناس وتركوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وحده فقال: والذي بعثه بالحق إن رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زال شبراً واحداً. إنه لفي وجه العدوّ تثوب إليه طائفة من أصحابه مرّة وتتفرّق عنه مرّة، فربّما رأيته قائماً يرمي عن قوسه أويرمي بالحجر حتى تحاجروا..
النبيّ الخاتم (ص) في سطور
ولد خاتم النبيين وسيّد المرسلين محمّد بن عبد الله بن عبد المطّلب صلى الله عليه وآله وسلم في السابع عشر من شهر ربيع الأول من عام الفيل بعد أن فقد أباه، ثم استرضع في بني سعد ، ورُدّ إلى اُمّه وهو في الرابعة أو الخامسة من عمره. وقد توفّيت أُمّه حين بلغ السادسة من عمره فكفله جدّه واختص به وبقي معه سنتين ثمّ ودّع الحياة بعد أن أوكل أمر رعايته إلى عمّه الحنون أبي طالب حيث بقي مع عمّه إلى حين زواجه.
وسافر مع عمّه إلى الشام وهو في الثانية عشرة من عمره والتقى ببحيرا الراهب في الطريق فعرفه بحيرى وحذّر أبا طالب من التفريط به وكشف له عن تربص اليهود به الدوائر.
وحضر النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم حلف الفضول بعد العشرين من عمره وكان يفتخر بذلك فيما بعد، وسافر إلى الشام مضارباً بأموال خديجة وتزوجها وهو في الخامسة والعشرين وفي ريعان شبابه ، بعد أن كان قد عُرف بالصادق الأمين، وقد ارتضته القبائل المتنازعة لنصب الحجر الأسود لحل نزاعها فأبدى حنكةً وإبداعاً رائعاً أرضى به جميع المتنازعين.
وبُعث وهو في الأربعين وأخذ يدعو إلى الله وهو على بصيرة من أمره ويجمع الأتباع والأنصار من المؤمنين السابقين.
وبعد مضي ثلاث أو خمس سنوات من بداية الدعوة إلى الله، أمره الله بإنذار عشيرته الأقربين ثم أمره بأن يصدع بالرسالة ويدعو إلى الإسلام علانية ليدخل من أحبّ الإسلام في سلك المسلمين والمؤمنين.
ومن ذلك الحين أخذت قريش تزرع الموانع أمام حركة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وتحاول أن تمنع من انتشار الرسالة صادّة بذلك عن سبيل الله . وعمل النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى فتح نافذة جديدة للدعوة خارج مكة فأرسل عدّة مجاميع من المسلمين إلى الحبشة بعد أن حظوا باستقبال ملكها (النجاشي) وترحيبه بقدومهم فاستقروا فيها بقيادة جعفر بن أبي طالب ولم يتركها جعفر إلاَّ في السنة السابعة بعد الهجرة.
ولم تفلح قريش في تأليب النجاشي على المسلمين ، فبدأت بخطّة جديدة تمثّلت في فرض الحصار الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والذي استمرّ لمدة ثلاث سنوات ـ فلمّا أيست من إخضاع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وأبي طالب وسائر بني هاشم لأغراضها فكّت الحصار ولكن النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وعشيرته بعد أن خرجوا من الحصار منتصرين امتحنوا بوفاة أبي طالب وخديجة ـ سلام الله عليهما ـ في السنة العاشرة من البعثة وكان وقع الحادثين ثقيلاً على النبي صلى الله عليه وآله وسلم لأنّه فقد بذلك أقوى ناصرين في عام واحد.
وهنا رجّح بعض المؤرّخين تحقق حادثة الإسراء والمعراج والنبيّ في أوج هذا الحزن والضغط النفسي على النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وهو يرى صدود قريش ووقوفها بكل ثقلها أمام رسالته ففتح الله له آفاق المستقبل بما أراه من آياته الكبرى فكانت بركات (المعراج) عظيمة للنبي وللمؤمنين جميعاً.
وهاجر الرسول صلى الله عليه وآله وسلم إلى الطائف ليبحث عن قاعدة جديدة ولكنه لم يكسب فتحاً جديداً من هذه البلدة المجاورة لمكة والمتأثرة بأجوائها، فرجع إلى مكة بعد أن اختار جوار مطعم بن عدي فدخلها، وبدأ نشاطاً جديداً لنشر الرسالة وفي مواسم الحج حيث أخذ يعرض نفسه على القبائل القاصدة للبيت الحرام لأداء مناسك الحج وللاتجار في سوق عكاظ ففتح الله له أبواب النصر بعد التقائه بأهل يثرب، واستمرّت دعوته إلى الله وانتشر الإسلام في يثرب حتى قرّر الهجرة اليها بنفسه بعد أن أخبره الله تعالى بكيد قريش حين أجمعت بطونها على قتله والتخلّص منه نهائيّاً، فأمر عليّاً عليه السلام بالمبيت في فراشه وهاجر هو إلى يثرب بكل حيطة وحذر، ودخلها وأهل يثرب على أتمّ الاستعداد لاستقباله، فوصل (قبا) في غرّة ربيع الأول وأصبحت هجرته المباركة مبدأ للتأريخ الإسلامي بأمر منه صلى الله عليه وآله وسلم.
وأسّس النبيّ الخاتم صلى الله عليه وآله وسلم أوّل دولة إسلامية فأرسى قواعدها طيلة السنة الأولى بعد الهجرة بدءاً بكسر الأصنام وبناء المسجد النبوي الذي أعدّه مركزاً لنشاطه ودعوته وحكومته وبالمؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ليقيم بذلك قاعدة شعبية صلبة يقوم عليها بناء الدولة الجديدة، هذا مضافاً إلى كتابة الصحيفة التي نظم فيها علاقة القبائل بعضها مع بعض والمعاهدة التي أمضاها مع بطون اليهود حيث كانت تشتمل على الخطوط العامة لأوّل نظام إداري وحكومي إسلامي.
ولقد واجهت الدولة الإسلامية الفتية وكذا الدعوة الإسلامية مواجهة شرسة من جانب قريش التي عزمت على اكتساح الدعوة والدولة الإسلاميتين فشنّت الحرب بعد الحرب على المسلمين وكان لابدّ للنبي صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين من الدفاع.
وبدأت سنوات الدفاع عن هذه الدولة الفتية وقد افتتحها بأوّل سريّة بقيادة عمّه حمزة في الشهر السابع بعد الهجرة وجهّز ثلاث سرايا إلى نهاية العام الأوّل من الهجرة. ونزلت في هذا العام آيات كثيرة من سورة البقرة لترسم للنبي صلى الله عليه وآله وسلم ودولته وأمّته أحكاماً خالدة وتفضح خطط المنافقين وتكشف مؤامرات اليهود ضدّ خاتم المرسلين ودولته العالمية الجديدة.
لقد استهدفت قريش النبي صلى الله عليه وآله وسلم ودولته من خارج المدينة، واستهدف اليهود هذه الدولة من داخل المدينة فرصد النبيّ تحركاتهم جميعاً، وتتابعت ثمان غزوات وسريّتان طيلة العام الثاني بما فيها غزوة بدر الكبرى في رمضان المبارك حيث افترضت فريضة الصيام وتمّ تحويل القبلة الذي أعطى لاستقلال الأمة المسلمة والدولة الإسلامية بُعداً جديداً.
وحفل العام الثاني بمزيد من الانتصارات العسكرية من جانب ونزول التشريعات السياسية والاجتماعية من جانب آخر ومنيت قريش واليهود بأوّل هزيمة فاضحة كما تمّ إجلاء بني قينقاع وهم أول طوائف اليهود التي اتّخذت المدينة وطناً بعد أن نكثوا عهدهم مع الرسول صلى الله عليه وآله وسلم عقيب انتصار المسلمين في بدر الكبرى.
واستمرت محاولات قريش العسكريّة ضد الإسلام والمسلمين من خارج المدينة ونكثت قبائل اليهود عهودها مع النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم عدّة مرّات خلال ثلاث سنوات متتابعة، فكانت خمس غزوات ـ وهي : اُحد وبني النضير والأحزاب وبني قريظة وبني المصطلق ـ ذات ثقل باهض على عاتق النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم والمسلمين جميعاً خلال هذه السنين الثلاث.
وردّ الله كيد الأحزاب واليهود معاً في العام الخامس بعد أن أبلى المسلمون بلاءاً حسناً ومهّد الله بذلك للفتح المبين بعد أن أيست قريش من القضاء على شوكة المسلمين وانطلق النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم بعد صلح الحديبية يتحالف مع القبائل المحيطة به ويستقطبها ليجعل منها قوة واحدة أمام قوى الشرك والإلحاد جميعاً حتى فتح الله له مكّة في العام الثامن ومكّنه من تصفية قواعد الشرك في شبه الجزيرة بعد أن أخضع عتاة قريش لدولته وسياسته المباركة.
ثمّ كانت السنة التاسعة عامرة بوفود القبائل التي أخذت تدخل في دين الله أفواجاً.
وكان العام العاشر عام حجة الوداع وآخر سنة قضاها النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مع أمته وهو يمهّد لدولته العالمية ولاُمّته الشاهدة على سائر الأُمم.
وتوفّي النبيّ القائد صلى الله عليه وآله وسلم في الثامن والعشرين من صفر المظفر سنة إحدى عشرة هجرية بعد أن أحكم دعائم دولته الإسلامية حيث عيّن لها القيادة المعصومة التي تخلفه وتترسّم خطاه متمثّلة في شخص علي بن أبي طالب عليه السلام ذلك الإنسان الكامل الذي ربّاه الرسول الكريم بيديه الكريمتين منذ أن ولد ورعاه أحسن رعاية طيلة حياته، وجسّد الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام كل قيم الإسلام في فكره وسلوكه وخلقه وضرب مثلاً أعلى في الانقياد لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ولأوامره ونواهيه فكان جديراً بوسام الولاية الكبرى والوصاية النبوية والخلافة الإلهية حيث رشّحه عمق وجوده في كيان الرسالة الإسلامية والثورة الإلهيّة والدولة النبوية ليكون النائب الأوّل لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حين غيابه عن مسرح الحياة بأمر من الله سبحانه وتعالى.
وقد لبّى الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم نداء ربّه بعد أن أتمَّ تبليغ الرسالة بنصب عليّ عليه السلام هادياً وإماماً للمسلمين على الرغم من حراجة الظروف وصعوبتها. وهكذا ضرب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم المثل الأعلى لطاعة الله والانقياد لأوامره حيث بلّغ أمر الله أحسن تبليغ وأتمّ الحجة بأبلغ بيان.
قمة فرنسية ـ سعودية في الرياض
الوضع في لبنان وضرورة صيانة استقراره سيكون على طاولة البحث اليوم في القمة الفرنسية السعودية التي تعقد في الرياض بحسب ما أكد الرئيس الفرنسي نفسه فرانسوا هولاند.
ومن المقرر أن يلتقي هولاند خلال زيارته إلى الرياض رئيس الوزراء اللبناني السابق سعد الحريري ورئيس الائتلاف السوري المعارض أحمد الجربا.
ودعا هولاند إلى وقف تصاعد العنف الذي يعرّض وحدة لبنان للخطر. وحضّ الأطراف كافة على إبداء روح المسؤولية والعمل معاً لإيجاد إجماع ضروري لحلحلة الوضع الحالي واحترام الإستحقاقات الدستورية ولاسيما الإنتخابات الرئاسية مؤكداً "أنّه سيثير هذا الموضوعَ مع العاهل السعودي".
الرئيس الفرنسي أوضح في مقابلة مع صحيفة "الحياة" السعودية قبيل زيارته الثانية للمملكة، أنّه "سيتناول مع العاهل السعودي الملك عبد الله بن عبد العزيز المفاوضات في شأن الملف النووي الإيراني وسبل التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية".
وقال هولاند للصحيفة أيضاً إنه "لا حلّ سياسياً للأزمة السورية ببقاء الرئيس بشار الأسد" معتبراً أن "الأسد لا يحارب المتطرفين لكنه يستخدمهم للضغط على المعارضة المعتدلة" على حدّ تعبيره.
مصر: هجوم يستهدف مبنى المخابرات الحربية في الشرقية
تفجير يستهدف مبنى المخابرات الحربية في بلبيس في محافظة الشرقية ومصدر أمني يقول إنه ناجم عن سيارة مفخخة.
أفاد مراسل الميادين ان إنفجاراً ضخماً استهدف ظهر اليوم مبنى المخابرات الحربية في مدينة انشاص في محافظة الشرقية ما أسفر عن إصابة 4 جرحى في حصيلة أولية أعلنتها وزارة الداخلية.
وقال مصدر أمني إن الإنفجار ناجم عن سيارة مفخخة فيما ذكرت أنباء أن المبنى استهدف بقنبلة.
ووصف بيان صادر عن القوات المسلحة المصرية الهجوم بأنه جزء من "سلسلة العمليات الإرهابية الجبانة التى تنتهجها جماعات الظلام والفتنة ضد أبناء الشعب المصرى والمنشآت العسكرية والأهداف الحيوية بالدولة" مضيفاً أن "الإنفجار أسفر عن إصابة 4 جنود من قوة المكتب، وتدمير جزئي بالسور الخلفي ومبنى جنود المكتب". وقال البيان "إن العمل جار لتحديد الوسيلة المستخدمة ومتابعة التطورات".
من جهة ثانية تواصلت الاشتباكات بين قوات الأمن المصرية وأنصار الإخوان المسلمين. وفي آخر التطورات أن قوات الشرطة اقتحمت مبنى كلية الهندسة في جامعة الأزهر لإبعاد طلاب الإخوان الذين اعتلوا المباني وألقوا الزجاجات الحارقة على قوات الأمن.
الرئيس اللبناني يعلن عن مساعدة عسكرية سعودية للجيش بقيمة 3 مليارات دولار
بعد أن كان منتظراً أن يطلق الرئيس اللبناني ميشال سليمان جملة مواقف من التطورات السياسية والأمنية في اللقاء السنوي مع الإعلاميين، تمت الاستعاضة عن اللقاء بكلمة أعلن فيها سليمان عن مبادرة سعودية لدعم الجيش اللبناني.
دعا رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان جميع اللبنانيين إلى الإلتفاف حول المؤسسات العسكرية. وفي كلمة ألقاها من قصر بعبدا، أشار إلى انه تمكَّن من خلال الاتصالات مع السعودية والملك السعودي عبدالله بن عبد العزيز من توفير دعم إستثنائي لصالح الجيش اللبناني، بقيمة ثلاثة مليار دولار ستسمح له بالحصول على أسلحة جديدة وحديثة.
وأضاف سليمان أن فرنسا ساهمت في إقرار الدعم الدولي للبنان، لافتاً إلى "أن هذا الدعم هو الأكبر في تاريخ لبنان والجيش اللبناني، ويكفي لتمكين الجيش من القيام بمهامه".
سليمان دعا إلى تشكيل حكومة جديدة في أقرب وقت ممكن من أجل إستمرار روح الميثاقية كما دعا جميع اللبنانيين إلى الإلتفاف حول المؤسسات العسكرية، مقسماً أن يحافظ على إستقرار لبنان وأراضيه.
ونفى الرئيس اللبناني أن يكون ناقش موضوع تشكيل الحكومة أو مسألة التمديد مع أي طرف خارجي سواء أميركي أو فرنسي أو سعودي.
وكالة الصحافة الفرنسية نقلت عن الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند المتواجد في الرياض تعهده تلبية طلبات تسليح الجيش اللبناني.
ومن المقرّر أن يلتقي هولاند أيضاً في الرياض رئيس الحكومة اللبنانية السابق سعد الحريري.
معارضون لمفتي لبنان يحاصرونه في مسجد قبل تدخل القوى الأمنية لإخراجه
مفتي لبنان الشيخ محمد رشيد قباني يخرج من مسجد الخاشقجي وسط بيروت بحماية أمنية، بعد أن حوصر في المسجد لساعات من قبل شبان تابعين لقوى 14 آذار اعترضوا على مشاركته في تشييع أحد ضحايا تفجير ستاركو.
خرج مفتي الجمهورية اللبنانية محمد رشيد قباني بحماية أمنية من مسجد الخاشقجي وسط بيروت، بعد أن منعه شبان محتجون ينتمون إلى فريق 14 آذار من المشاركة في تشييع أحد ضحايا التفجير الذي ذهب ضحيته الوزير اللبناني السابق محمد شطح.
وحوصر المفتي قباني في المسجد لساعات، حيث كان من المقرر أن يشارك في تشييع الشاب محمد الشعار الذي قضى أمس السبت بعد إصابته بتفجير ستاركو يوم الجمعة، قبل أن تتمكن قوى تابعة لفرع الملعلومات من إخراجه من المسجد وسط حالة توتر شديد خارج المسجد حصل خلالها تدافع ورشق للعربة التي أخرجت المفتي بزجاجات المياه والحجارة.
كما تهجم بعض المشاركين في التشييع على إعلاميين حضروا لتغطية الحدث وطلبوا منهم المغادرة.
وقال مراسل الميادين في بيروت إن تيار المستقبل أبلغ المفتي قباني بعدم رغبته في حضور المفتي لتشييع الوزير شطح، فآثر قباني المشاركة في تشييع الشاب محمد الشعار.
وأكد مراسل الميادين أن الشبان المعترضين على مشاركة المفتي رددوا هتافات نابية بحقه، قبل أن تتمكن فرقة من القوة الضاربة تابعة لفرع المعلومات ومتخصصة في مكافحة الإرهاب من تأمين ممر آمن له، حيث خرج في عربة عسكرية برفقة النائب عن الجماعة الإسلامية عماد الحوت.
وكان المفتي اتصل من داخل المسجد بدار الفتوى وأبلغهم بعدم رغبته في الخروج من المسجد بعربة عسكرية، لأنه مفتي الجمهورية ويريد أن يخرج بالطريقة التي دخل فيها إلى المسجد معززاً مكرماً.
مسجد نمرة
وهو المسجد الذي صلى في موضعه النبي محمد (ص) يوم عرفة. والمسجد الآن من المساجد الضخمة، وإن كان لا يكفي كل الحجاج الذين يصل عددهم الآن إلى أربعة ملايين. وهذا المسجد ليس كله من عرفات. فالجزء الغربي منه - وهو الجزء الذي به محرابه ومنبره - لا يدخل ضمن حدود عرفات. سمي هذا المسجد الذي تقام فيه صلاتي الظهر والعصر جمعا في هذا اليوم ويستمع فيه الحجيج إلى خطبة عرفة في عدد من الكتب التاريخية، بعدة أسماء مثل مسجد النبي إبراهيم (ع) ومسجد عرفة، وكان قبل العهد السعودي مسجدا صغيرا يصلي فيه الحجاج، كانت مساحته لا تزيد عن 166 مترا طولا وعرضه لا يتجاوز 153 مترا، وقد اهتمت الحكومة السعودية بهذا المسجد حيث أصبح يتسع لأكثر من 300 الف مصلي، وتزيد مساحته عن 27 الف متر، وبلغت تكاليف عمارته نحو 337 مليون ريال سعودي.
وفي هذا المكان خطب النبي عليه الصلاة والسلام خطبته الشهيرة في حجته الأخيرة والتي تسمى خطبة الوداع. كما ان في هذا المكان قرأ الامام علي بن ابي طالب (ع) سورة« براءة»، عندما طلب النبي (ص) منه ان يبلغها عنه للبراءة، وبأن لا يحج بعد هذا العام مشرك، وأن لا يطوف بالبيت عريان، وكانت نمرة في الاصل قرية خارج عرفة اقام فيها النبي عليه الصلاة والسلام، ثم سار منها إلى بطن الوادي حيث صلى الظهر والعصر وخطب وهو في حدود عرفة في بطن عرنة.
هل يشهد 2014 سقوطاً إلى الحضيض؟!
إستناداً الى سجل الرئاسة الأميركية منذ بداياتها فإن فترة الولاية الرئاسية الثانية أثبتت أنها الأشدّ تحدياً ومشبعة بالعقبات.
سطع وهج الإرث السياسي للرئيس اوباما العام الماضي مدشنا فترة مشرقة ارفقها بوعود بهية: اذ اعيد انتخابه لولاية رئاسية ثانية؛ وسجل حزبه الديموقراطي بعض التقدم السياسي في انتخابات الكونغرس؛ وشرع في ارساء الاسس لاعادة انتاج الولايات المتحدة بحلة اكثر قابلية عقب ما واجه هيمنتها من معارضة ورفض دوليين؛ بل ذهب بعض انصاره في الكونغرس بعيدا نحو بلورة صياغة مادة لتعديل الدستور تتيح له الترشح للمنصب لفترة رئاسية ثالثة.
باقتراب العام الحالي من نهايته وجد اوباما نفسه في موقع ملاصق لنقطة الحضيض القمري في سياق مستقبل وفعالية حكومته وادارته، لاسيما درة سياساته "برنامج الرعاية الصحية الشامل؛" وهبوط سريع ملحوظ لمدى شعبيته وصلت معدلات ادنى من سلفه جورج بوش، لذات الفترة الزمنية من الولاية الرئاسية. برامجه الوردية التي اعلن عنها عشية بدء ولايته، في رسالته عن حال الأمة، بقيت حبيسة الادراج: سياسة تطوير البرامج التربوية، اصلاح قوانين الهجرة، الحد من استشراء وتقنين السلاح الفردي، سن قوانين للحد من معدلات الاحتباس الحراري، برامج لتشغيل اليد العاملة، تطوير البنى التحتية، اصلاح القوانين الضرائبية، ورفع معدل الحد الادنى من الأجور.
إستناداً الى سجل الرئاسة الاميركية منذ بداياتها فان فترة الولاية الرئاسية الثانية اثبتت انها الاشد تحديا ومشبعة بالعقبات. اذ عادة ما تضيق القاعدة الانتخابية ذرعا بذات الوعود والسياسات للحزب الحاكم، وتطلق على الرئاسة وصف "البطة العرجاء" في زمن مبكر، للدلالة على عدم اكتراثها بانجاز برامجها اذ اصبحت لا تتهيب من محاسبتها في الانتخابات المقبلة، في حين يمضي قادة الحزب الحاكم في البحث عن شخصيات قيادية مؤهلة لتولي المسؤولية في المرحلة المنظورة. في حال الرئيس اوباما، معظم الضرر الذي اصاب سياساته وشخصه كان بفعل ذاتي، وان كان لا اراديا.
من بين العقبات برزت مبالغته في حجم التأييد والتفويض الشعبي الذي حصل عليه للمضي في تطبيق سياساته: نسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية تقلصت الى ما دون ما فاز به في فترة ولايته الرئاسية الاولى – الأمر الذي يعد استثنائيا لسجل معظم الرؤساء الفائزين بولاية ثانية. ترجمة النتائج تلك تشير الى اقلاع بعض القوى الاجتماعية الموالية عن تأييده مقارنة بما فعلت في الفترة الاولى، واضحت اقل قابلية للتماهي مع سياساته، كما يشهد اخفاقه بتحقيق وعده باغلاق معتقل غوانتانامو، مثلا.
تقلص قاعدة الدعم الانتخابية بدت مؤشراتها تتبلور قبل احتفالات التنصيب الرئاسية الثانية، فاقمتها مبكرا مجزرة المدرسة الابتدائية، ساندي هوك، بولاية كونيكتكت مع افول عام 2012، كمؤشر على اخفاق سياسته للحد من انتشار السلاح الفردي وتقنينه. اذ سرعان ما اكتشف الرئيس اوباما حقيقة المزاج الشعبي بأن فوزه الانتخابي لم يسهم في تعديل تطلعات الشعب الاميركي حيال مسألة السلاح امام نفوذ القوى والمصالح على الضفة المقابلة. بل حافظ بعض الساسة من الحزب الديموقراطي على نزعة الانتهازية بالقفز من مركب الرئيس واتخاذ مسافة بعيدة عنه مع بداية ولايته الثانية مما اعطى الخصوم في الحزب الجمهوري رصيدا صافيا وتوجيه رسالة الى نظرائهم في الحزب الديموقراطي بأن البقاء في مركب الرئيس اوباما له كلفته السياسية وعليهم التفكير باللحاق مبكرا او مواجهة الخسارة في الانتخابات النصفية المقبلة، لعام 2014.
ما المطلوب؟
أمام هذه المؤشرات المبكرة، ماذا يتعين على الرئيس فعله؟ استقراء توجهات بعض الساسة مثل الرئيس الاسبق بيل كلينتون تشير الى انه كان سيقدم على تعديل مواقفه والتحرك باتجاه اليمين الوسط ، في حين ان الرئيس اوباما استهلك رصيدا ثمينا من ارثه الرئاسي للدفع ببرامجه السياسية داخل اروقة الكونغرس، مع ادراكه التام بأن خصومه الجمهوريين لن يألوا جهدا لافشال توجهاته وتوجس بعض اركان حزبه الديموقراطي من تبديد طاقاتهم السياسية بينما اعينهم مسلطة على الانتخابات المقبلة. فاصلاح قوانين الهجرة، على سبيل المثال، لاقى شعبية واسعة في القاعدة الانتخابية للحزب الديموقراطي، سيما بين الاقليات العرقية، بيد ان النبض الاميركي العام لم يعره اية أهمية وسعى لافشاله قبل انطلاقه.
في الشق المالي وتخصيص بنود الموازنة، اثبت اوباما انه لم يقرأ خارطة التحالفات والمعارضة بشكل دقيق فيما يخص الاستقطاعات التي ستأخذ مفعولها بشكل تلقائي مع بدء العام المالي الجديد. وسعى لتطبيق بعض تجليات تخفيض الميزانية على مرافق البيت الابيض، بتخفيض عدد وحجم دورات الزوار مع تقليص الموارد البشرية المطلوبة لتنفيذ ذلك، والقيام بالمثل في بعض المرافق الحكومية الاخرى (كالمتاحف) معلقا الأمل على ان يؤدي ذلك الاجراء الى تحميل خصومه في الحزب الجمهوري المسؤولية لسيطرتهم على قرار الصرف المالي، في مجلس النواب، واثارة القاعدة الشعبية ضدهم. في النتائج، لم تسعف وجهة الرياح ابحار السفن وسلطت الوسائل الاعلامية الضوء على طلعات الرئيس لممارسة رياضة الغولف واستضافته لفرق موسيقية تحيي احتفالات خاصة بأسرته في البيت الابيض.
الإخفاقات والفضائح
أداء اوباما في السياسة الخارجية لم يختلف نوعيا عما سبق ذكره، وهي الحقل الاوفر حظا بالنسبة له، وادى تعثره في تنفيذ تهديده لشن عدوان عسكري على سورية الى تضعضع مكانته ومصداقية بلاده لدى حلفائه من الدول العربية والاوروبية والبعض في آسيا التي راهنت على ثبات سياسته المعادية لسورية. وجاءت صفقة السلاح الكيميائي لتشكل الصاعق الذي اظهر الكم الهائل للخلافات والتباينات الى السطح، خاصة من دول تابعة وهامشية في سياق الاستراتيجية الاميركية الكبرى.
لاحقت الفضائح السياسية الرئيس اوباما في ولايته الثانية ، وارضيتها نابعة من ممارسته غطرسة القوة والمحافظة على سرية النوايا وكتمان التحركات، والتي لا تشكل شذوذا عن القاعدة العامة لاسلافه من الرؤساء في ولاياتهم الثانية. برزت اولى تجلياتها في استهداف مصلحة الضرائب المركزية للقوى والخصوم السياسيين، خاصة المؤيدة لتيار حزب الشاي، والتي اسهمت بشكل مباشر في انخفاض نسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية. وسرعان ما ادت وثائق ادوارد سنودن الى تدحرج كرة الفضائح لتدل بالوثائق على عمق جهود التجسس الاميركية، داخليا والتي كان يتم نفيها على الدوام، وخارجيا ايضا طالت قادة لاهم حلفاء الولايات المتحدة.
الحلقة الاخيرة في مسلسل الفضائح كانت في تعثر اطلاق برنامج الرعاية الصحية الشامل وما رافقه من موجات غضب شعبية غذتها القوى الكبرى المتضررة واخفاق التقنية المعتمدة لاعداد انطلاقة سلسة كما كان يرجى. وهبطت نسبة الدعم الشعبي الى مستويات خطيرة بنحو 38 نقطة جراء ذلك، ليبلغ معدل الرضى الشعبي عن اداء الرئيس اوباما الى 57%؛ اسوة بالنسب المنخفضة التي خبرها المشهد السياسي الاميركي في انتخابات عام 2006 التي اطاحت بسيطرة الحزب الجمهوري عن مجلسي الكونغرس.
إذاً، لا جدال بأن عام 2013 حمل اخبارا وتطورات غير سارة او مريحة للرئيس اوباما وحزبه الديموقراطي. فهل سيتغير المشهد للعام المقبل بنحو دراماتيكي؟ النظرة السريعة لا تبعث على الارتياح، سيما وان التاريخ السياسي للرئاسة الاميركية يدل بشكل جلي على تدهور اكبر في معدلات رضى القاعدة الشعبية في الفترة الرئاسية الثانية.
التطلع إلى عام 2014
لعل التحدي الاكبر الذي يواجه الرئيس اوباما العام المقبل هو الاحساس الشعبي بأنه لا يحسن الاصغاء ويعتبر "اصماً" للمتطلبات السياسية الشعبية. بخلاف الرئيس الاسبق كلينتون الذي تمتع بقدرته على اعادة انتاج مساره وخياراته السياسية، فان الرئيس اوباما يلجأ الى التشبث بمواقف ايديولوجية مسبقة ويجنح نحو الالتزام بها. ويعتقد اصحاب الشأن في السياسة الاميركية ان هذه الخاصية ستعود على الرئيس بالضرر، لا سيما في علاقاته الداخلية مع زعماء حزبه الديموقراطي خاصة اولئك المقبلون على خوض الانتخابات لعام 2014، والأرق الذي يطبع توجهاتهم في المفاضلة بين اثبات الدعم للرئيس او الاقلاع عن برامجه السياسية.
من صلاحيات الرئيس الدستورية حقه في اصدار "اوامر رئاسية" عوضا عن استصدار قرارات معينة من الكونغرس، الامر الذي سيفسح مجال المناورة امام الرئيس اوباما، رغم ما ينطوي عليه من ارتفاع في معدلات الاحباط بين معارضيه تحديدا؛ كما سيوفر ذخيرة هجومية يستغلها خصومه الجمهوريون في الحملة الانتخابية.
مقارنة بهذا المناخ الاجرائي تجدر الاشارة الى ثبات تدهور شعبية الرئيس اوباما في اوساط القاعدة الانتخابية، اذ اشار احد احدث استطلاعات الرأي، معهد كوينبيك، الى تراجع ملحوظ بين الناخبين المستقلين بلغ نحو 62% في اقصاه، و64% بين الذكور، و49% بين الاناث، ونسبة مرتفعة مقلقة بين الناخبين البيض بلغت 65%. بل الاشد قلقا هو تراجع نسب الدعم بين القواعد التقليدية في الجالية اللاتينية (اميركا الجنوبية) الى 43%، والناخبين السود الى 9%.
ينبغي الاخذ بعين الاعتبار مفاصل اللوحة السياسية المذكورة كمقدمة على استشراف نتائج الانتخابات المقبلة، تشرين الثاني 2014، والتي تدل على اضمحلال حظوظ الحزب الديموقراطي في الفوز بأغلبية مقاعد مجلس النواب او الامساك بنسبة الغالبية الحالية في مجلس الشيوخ. النبض الشعبي الراهن يدل على ان نسبة 41% سيجنحون للتصويت الى الحزب الجمهوري مقارنة بنسبة 38 لصالح الحزب الديموقراطي، وهي المرة الاولى التي يغلب فيها دعم الحزب الجمهوري على خصمه الحزب الديموقراطي للعام الجاري. النسبة الكبرى في التحول جاءت من قاعدة الناخبين المستقلين الذين يميلون راهنا لدعم الحزب الجمهوري بأغلبية 41% مقابل 28% لصالح الحزب الديموقراطي؛ بل اعربت اغلبية 47% منهم مقابل 42% عن ارتياحها لرؤية مجلسي الكونغرس تحت سيطرة الحزب الجمهوري.
في اليوم التالي ليوم عيد الميلاد المجيد، نشرت شبكة (سي ان ان) للتلفزة نتائج احدث استطلاعاتها التي افادت باغلبية من الناخبين، 55%، يرجحون الادلاء باصواتهم لصالح مرشحين للكونغرس ممن يناهضون سياسات الرئيس اوباما، مقابل 40% سيؤيدونه. علاوة على ذلك، يضاف عامل غياب الحماس لدى القاعدة الانتخابية، 22% للديموقراطيين مقابل 36% للجمهوريين، مما سيسهم في تضخيم نسبة الناخبين لصالح الحزب الجمهوري.
مصير قاس ينتظر أوباما
ما سبق استعراضه يمثل اطلالة شمولية على واقع المشهد الانتخابي الاميركي مطلع العام الجديد.
إن صدقت التوقعات بفوز الحزب الجمهورية باغلبية مجلسي الكونغرس، فان ما تبقى للرئيس اوباما من سنتين اثنتين في ولايته الرئاسية ستشهدا وضعا بالغ الصعوبة والألم واللوم. يتميز الوضع الراهن بغالبية للحزب الديموقراطي في مجلس الشيوخ والذي استطاع توفير الحماية المطلوبة لبرامج الرئيس في الانعطافات السياسية الحساسة، والحد من غيلاء وتهور الحزب الجمهوري في مجلس النواب. خسارة اغلبية مجلس الشيوخ سيفرض على الرئيس اوباما استخدام حق الفيتو بوجه خصومه في الكونغرس ضد تشريعات لا يحبذها، وقد يكون بعضها له صدىً ورضىً جماهيري، على الاقل ظاهريا. بل الاسوأ سيواجه معارضة حتمية من خصومه لترشيحات قد يقدم عليها لملء مناصب في سلكي القضاء والديبلوماسية.
ما سيتبقى له من خيارات لا تتجاوز الثنائية المفروضة قسرا: اما ان يلجأ الى ادخال تعديلات جوهرية على سياساته ودعم مرشحيي الحزب لما تبقى له من ولاية رئاسية؛ او الابقاء على السير في الاتجاه الراهن وما يحمله من مخاطر تهدد مدى القبول الشعبي لاركان حزبه وتنزل هزيمة بينة بمرشحي الحزب العام المقبل.
اللافت للحظة ان الرئيس اوباما يتجنب التعامل مع نتائج استطلاعات الرأي بصورة مباشرة، وربما له اسبابه المحقة سيما وان الاستطلاعات تشكل نافذة زمنية قابلة للتعديل نظرا لتغير الظروف. وكما اثبت معظم اسلافه من الرؤساء، فقد يلجأ للاستعانة بالسياسة الخارجية وما يعتبره من انجازات في هذا الصعيد يستغلها في المشهد الداخلي لصالحه. وعلى رأس تلك الانجازات، ربما المصيرية بالنسبة لمستقبل الولايات المتحدة، تبرز التسوية النووية مع ايران بصرف النظر عما يعتريها من عقبات لمصادقة الكونغرس عليها في الزمن المرئي.
هنا تبرز الأهمية الاستثنائية للدعم الشعبي الذي سيحتاجه اوباما في تأييد الاتفاق النووي، وهو المدرك بدقة ان معركته في الملف الايراني نواتها الدعم الشعبي الذي ضاق ذرعا من سياسات شن الحروب في مواجهة ممثلي قوى الضغط المتضررة من الاتفاق ممثلة باعضاء الكونغرس من الحزبين. ان صدقت استطلاعات الرأي في الشأن الايراني، فانها تشير حاليا الى شبه انقسام عامودي على الصعيد الشعبي: 44% مؤيد للاتفاق مقابل 46% معارض له، رافقه صعود في نسبة عدم الرضى العام عن اداء الرئيس اوباما من 40 الى 48%.
ما يفاقم مستقبل الاتفاق النووي ايضا معارضة بعض النواب عن الحزب الديموقراطي له لحسابات سياسية داخلية واقتداء بولائهم المطلوب "لاسرائيل،" وخاصة اولئك المقبلين على خوض الانتخابات لاعادتهم لمواقعهم في الكونغرس؛ اعرب بعضهم دون وجل عن عزمه لاستصدار تشريع جديد يشدد العقوبات الاقتصادية. ايران، بدروها، هددت اعضاء الكونغرس بالانسحاب من مفاوضات الملف النووي كليا في حال المضي بسن تشريع عقوبات جديدة، مما سيضاعف الكلفة السياسية للفريق الاميركي المعارض – في مستوى المكانة الدولية على الاقل. بالمحصلة، قد لا يحالف النجاح جهود الرئيس اوباما لمصادقة الكونغرس على الاتفاق ليصبح فاعلا، في المدى المرئي، بيد ان ذلك لن يعني بالضرورة عدم مضي الطرفين الى نهاية طريق المفاوضات والمراهنة على تعديل موازين القوى الداخلية الاميركية في فترات لاحقة.
التسوية في "الشرق الاوسط"
في ملف السياسة الخارجية للرؤساء الاميركيين، يحضر دوما بند التوصل "لاتفاق سلمي للصراع في الشرق الاوسط،" تم اختزاله تدريجيا الى "صراع فلسطيني – اسرائيلي،" مما افقده العمق والرعاية والدعم العربي الاشمل. وبرح كل رئيس اميركي، منذ عقد الستينيات مرورا بالزمن الراهن، الى استدخال تلك العبارة في الخطاب السياسي للدلالة على انخراط البلاد في "حماية اسرائيل،" وتغاضي تام عن حقيقة الجهود الضرورية لتسوية وضع الضحية من الشعب الفلسطيني باكمله. لا يجوز لأي متابع للسياسة الاميركية استبعاد عنصر الانتخابات الداخلية كمعيار يحتذي به الرؤساء دون استثناء. ومن هذه الزاوية الضيقة يمكننا الاشارة الى دوافع وزير الخارجية الاميركية، جون كيري، لحث الخطى بين طرفي الصراع، بعد نزع وعزل البعد العربي، للتوصل الى صيغة تسووية قبل موسم الانتخابات الاميركية – كي تتمكن الادارة من استثمارها في البازار الانتخابي.
من المستبعد ان يتم التوصل الى اتفاق على هوى الرئيس اوباما وجون كيري بحكم الاستقطابات السياسية الداخلية، وقدرة اللوبي اليهودي على حرف المسار وافشاله في الكونغرس بالاتساق مع "السياسة الاسرائيلية" التي لن تستسلم بسهولة لهزيمتها في الملف الايراني. لا يخفي ذاك الفريق نواياه للصدام المباشر مع الادارة الاميركية، ان تتطلب الأمر، بصرف النظر عن بنود تقيد اي اتفاق مقبل؛ اذ لا يقبل اركانه اي مساس باستراتيجية الضم والهيمنة "الاسرائيلية" على ما تبقى من فلسطين ارضا وموارد طبيعية. الطرف الاميركي المقابل يشحذ عناصر قوته وامتداداته بالتحذير من "انفجار انتفاضة فلسطينية ثالثة" موجهة للرأي العام "الاسرائيلي" والاميركي على السواء. للدلالة، نشير الى مقالة مترجمة لوزير التعليم العالي السابق في "السلطة الفلسطينية،" على الجرباوي، نشرتها يومية "نيويورك تايمز،" قبل بضعة ايام، قائلا "لا يستغربن احدكم لو اندلعت انتفاضة جديدة في الاشهر القليلة المقبلة .. نظرا لانسداد الافق السياسي" امام السلطة "المهددة بالانهيار جراء الضغط الاميركي للقبول باتفاقية خيانية" تتنكر للمباديء.
بديهي ان اي اتفاق مرتقب سيأتي ثمرة لجهود تدخل اميركية وينبغي حصوله على موافقة ومصادقة الكونغرس ليصبح نافذ المفعول. عند هذا المفصل بالذات تبرز اهمية ونفوذ اللوبي اليهودي واعضاء الكونغرس المؤيدين "لاسرائيل" لتعطيله، ان رأوا فيه ما يلحق بها الضرر، وابتعاد النواب الديموقراطيين عن الرئيس اوباما وتجديد الولاء "لاسرائيل" كضمانة للفوز في الانتخابات وتدفق الدعم المالي. وعليه، تضخّم حجم ونفوذ "اسرائيل" على الادارة الاميركية وتلعب دورا بارزا في تقرير مصير الطرف الفائز في الانتخابات النصفية المقبلة؛ سيما ان تم الاخذ بعين الاعتبار عامل الدور الاكبر للكونغرس في السياسات الداخلية، يعززه عامل اخفاق الرئيس اوباما في كسب ود الممثلين.
صراع السلطتين التنفيذية والتشريعية
يبرر البعض خطأَ انسداد الافق لتعاون سياسي بين السلطتين التنفيذية والتشريعية بجنوح الرئيس اوباما لتخطي هيكلية الكونغرس. اذ ان بعض السياسات التي يروج لها اوباما لا تحظى باجماع شعبي منذ البداية، كموضوع اصلاح قوانين الهجرة. وينسحب الامر ايضا على الاتفاق النووي مع ايران الذي يلقى معارضة وازنة من اعضاء في الحزبين السياسيين، فضلا عما فعلته وسائل الدعاية والاعلام من تجهيل الانسان العادي فيما يتعلق بهذا الشأن. واضطر البيت الابيض الى استغلال قدر لا بأس به من الرصيد السياسي المدخر في التواصل مع زعامات حزبية في مجلسي الكونغرس وحثها على التريث وعدم استباق التوجهات الرئاسية بشأن ايران وتحذيرها مما ستؤول اليه جهودها من انزال انتكاسة في هيبة الولايات المتحدة وموقع رئيسها.
أوباما لن يشذ عن القاعدة للرؤساء الذين لجأوا لاستخدام صلاحياتهم الدستورية لاصدار قرارات رئاسية نافذة المفعول، والتي عادة ما ينظر اليها بأنها اسلوب ينم عن موقع ضعف، ولا يتساوق مع الشفافية الديموقراطية في استصدار القرارات عبر السلطة التشريعية. من مخاطر تلك الاجراءات، لو اقدم عليها اوباما، انه سيفسح المجال لخصومه السياسيين في الحاق الهزيمة به داخل اروقة الكونغرس دون دفع ثمن ذلك سياسيا في الانتخابات نظرا لضعف موقعه. كما ان القرارات الرئاسية مهددة باعلانها مخلة بالدستور من قبل السلطة القضائية، او الغائها كليا من قبل الرئيس المقبل، وهي من ضمن الصلاحيات المتاحة.
وعد الرئيس، بصرف النظر عن انتمائه الحزبي، بتخصيص بعض جهوده لحملة دعائية لمرشح معين هي اسمى ما يطمح اليه المرشح، وتؤتي أكلها في الدوائر الانتخابية المؤيدة للرئيس في تلك الفترة الزمنية. في الازمنة التي يعاني منها الرئيس من هبوط في شعبيته، يصبح حضوره الى جانب اي من المرشحين عبئا سياسيا يصعب تجاوزه، بل يتفاداه المرشحون بأي ثمن، كم حصل في عهد الرئيس السابق جورج بوش الابن. اوباما في الفترة الراهنة امام اختبار اعادة تجربة سلفه بوش كعبءٍ سياسي بدل ان يكون رصيدا يمكن التعويل عليه، خاصة بين المستقلين من الناخبين الذين هبط مدى شعبيته عندهم الى نسبة مقلقة، 30%. وجسد استطلاع شبكة (سي ان ان) تلك المخاوف اذ اشار الى ان نسبة الاغلبية من الناخبين، 55%، يتطلعون للادلاء باصواتهم لصالح مرشح يناصب الرئيس اوباما العداء.
في شق تمويل الحملات الانتخابية، لا زال امام الرئيس اوباما فرصة لدعم مؤيديه في حملاتهم الانتخابية، نظرا لمحافظته على استمرار علاقاته مع كبار الممولين؛ بيد ان الوضع الراهن يشير الى عكس ذلك المنطق. اذ بدى على اوباما علامات التخبط واخفاق جهوده لرفد خزائن الحزب الديموقراطي بارصدة مالية عالية، وعدم تحقيق مستويات النجاح المطلوبة لحشد الصالات بالقوى المرشحة للتبرع المالي.
السائد أيضا ان يقدم الرئيس اوباما، اسوة باسلافه، على عرض عمل لعضو كونغرس مؤيد له تلقى هزيمة انتخابية. ما تبقى من زمن قصير للولاية الرئاسية الراهنة يشير الى تراجع فعالية الوعد الرئاسي (كما تجلى في تعيين كريمة الرئيس كنيدي في منصب السفير الاميركي في طوكيو)، خاصة لاشتراط مثول المرشح لمنصب حكومي رفيع امام لجنة مختصة في مجلس الشيوخ، المهدد بخسارته الاغلبية الديموقراطية. وعليه، تضمحل العوامل المغرية لتعاون مرشحين مهددين بخسارة مناصبهم مع الرئيس اوباما.
المحصلة العامة لذاك السيناريو الواقعي تدل على صعوبة مسعى الرئيس اوباما في الدفع قدما باجندته السياسية لاقرارها من الكونغرس. مع افول العام الحالي، بكل ما فيه وعليه من تحديات، تبدو المتاعب والعقبات التي تنتظر الرئيس اوباما مع انبلاج عام جديد شاحبة مقارنة بما سبق.
العقبات التي واجهها اوباما في العام الجاري الذي شارف على نهايته لم تسفر عن تداعيات قاسية، اذ خلا عام 2013 من حملات انتخابية، باستثناء قلة من مناصب حكام الولايات لاسباب تخصها وحدها، وحافظ وحزبه الديموقراطي السيطرة على البيت الابيض ومجلس الشيوخ. الضرر الاكبر لحق سمعته وهيبته وشعبيته لدى السواد الاعظم من الشعب الاميركي.
خيارات أوباما محدودة
أمام هذا الواقع، فان خيارات اوباما لرأب الصدع في المشهد الداخلي تبقى محدودة، بل محدودة جدا. كما سبق واسلفنا، فان الجمهور عادة ما يصل مبكرا الى نهاية شوط تأييده للرئيس مع نهاية السنة السادسة من مجموع ولايتيه الرئاسيتين. قد يفلح اوباما في تعديل بعض نسب الدعم لبضعة اشهر قادمة يستغلها في تعزيز مواقع الحزب الديموقراطي، ان لم يتجاوزها، بيد ان المؤشرات الراهنة تدل على عدم القدرة على تخطي النسب المطلوبة لذلك.
في مجال السياسة الخارجية، التي عادة ما تشكل حصان الرهان الاساسي لتعزيز الموقع الرئاسي، اضطر اوباما لاستهلاك قدر لا بأس به من رصيده لانقاذ صفقة الاتفاق النووي مع ايران امام سد من معارضة تتبلور من اعضاء الحزبين.
التحدي الآخر الذي يواجهه اوباما هو انسداد الافق امامه لاحداث نقلة نوعية في منحى السياسات الداخلية والتي باستطاعتها رفده بالدعم المطلوب لتجاوز عقبة تضاؤل الدعم الشعبي، نظرا لضرورة تنسيق جهوده مع الكونغرس ان اراد تجسيد سياساته، في حين تشير الدلائل الحسية الى ازمة حقيقية بينه وبين زعامات الحزب الجمهوري للتوصل الى صيغ عمل توافقية.
في العام الجديد ليس مستبعدا ان يبدد الحزبين السياسيين جهودا ثمينة لتحديد معالم وبرامج وتحالفات الطرف الآخر في مسعى لشحن قاعدتهما الانتخابية، والابتعاد مجددا عن آفاق العمل سوية لاجترار حلول بقيت مستعصية. كما ان لجوء الرئيس اوباما لاتخاذ قرارات رئاسية، رغم ما سيرافقها من تبريرات، لها تداعياتها لا تستثني المفعول العكسي، كما ورد سابقا.
احتدام الصراع السياسي بين الحزبين سيفرز شخصيات بعضها حديث الخبرة والتجربة، وتقوقع الرئيس اوباما "كبطة عرجاء او كسيحة" لا يقوى على اتخاذ قرارات مصيرية، وغير قادر على تقديم العون السياسي المطلوب لمرشحي الحزب الديموقراطي. على خلفية هذا المشهد القاتم، يتطلع قادة الحزب الديموقراطي الى شخص الزعيم الجامع في مكان آخر، وهنا تبرز وزيرة الخارجية السابق هيلاري كلينتون كأحد اقوى المرشحين لتبوأ ذاك الدور، واصطفاف بعض الطامعين الاخرين للعب الدور عينه.
الحزب الجمهوري، في المقابل، يواجه تصدعات وصراعات داخلية برز معظمها للعلن، لكنه يزهو بامكانية فوزه بالسيطرة على مجلسي الكونغرس لضخ بعض اللحمة والحماس بين صفوفه. اعرب بعض قادته مبكرا عن نيته استشراف امكانية خوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، 2016، من بينهم مرشح تيار حزب الشاي، تيد كروز، وراند بول وبعض حكام الولايات الحاليين كحاكم ولاية نيوجيرسي كريس كريستي، المتهم بالتوجهات الليبرالية من اقطاب حزبه. وعلى المراقب ترصد حركة الساسة الطامعين في المنصب الذين سيهبون لبدء جولاتهم الاستكشافية في ولايتي ايوا ونيوهامبشير، كما تقتضي لوائح الحزب الجمهوري.
ينذر عام 2015 بمتاعب اضافية للحزب الديموقراطي، واضطرار مرشحي الرئاسة خوض الحملة الانتخابية بالابتعاد عن الارث السياسي للرئيس اوباما، كما شهدنا سابقا في حال الرئيس جورج بوش الابن. مع كل يوم يمضي، يخسر الرئيس أوباما قبول مرشحين عرضه لمناصب حكومية شاغرة في مختلف الاجهزة والدوائر، ونزوع العدد الاكبر للابتعاد عن التماهي مع سياساته وموقعه.
وما ادراك ما الاربعين ؟!
منذ أن عادت سبايا آل محمد من الشام الي كربلاء عام ۶۱ للهجرة تأسست زيارة الاربعين وصارت معلما من معالم الشعائر الاسلامية لدي اتباع اهل بيت النبوة عليهم السلام ، يحيونها كل عام ليقولوا للطغاة ان الحسين (ع) لم يمت وان صرخته في كربلاء مازالت مدوية علي السن اتباعه ومحبيه .. هيهات من الذلة.
(الاربعين) كلمة دخلت قاموس الثورة واصبحت مصطلحا له معالمه المتميزة ، يقود الذهن فورا من لغة الارقام والحروف الي لغة التضحية والفداء من اجل المبادئ السامية، ويجسد معادلة ملحمة كربلاء بين الاجساد المضرجة بالدماء وبين موكب السبايا الذي حمل رسالة الشهداء واذاع بيان انتصار الدم علي السيف في قصر الطاغية يزيد بالشام.
هكذا هي مسيريات الاربعين ، انها محاكاة لمسرح الملحمة الكربلائية وتجسيد لمواقف بطلة كربلاء زيبنب الكبري التي حملت ثمرة الثورة واتخذت من الدماء التي سالت علي صعيد كربلاء زيتا ينير طريق الاحرار ، وعبأت كل طاقاتها لايصال نتائج الثورة الي ابناء الامة واجيالها القادمة.
وعلي مدي اربعين يوما اثمرت الحملة السجادية الزينبية في فضح المخطط الاموي وبينت حقيقة الثورة الحسينية واوصلت الي الامة معالم واهداف تلك الثورة.
وهكذا فهم اتباع اهل البيت دورهم من رحلة السبايا وراحوا يجددون موكب الاباء كل عام منذ مئات السنين .
ونحن هنا لسنا بحاجة الي استعراض صفحات التاريخ والتنقيب في الماضي، بل يكفينا ان ننظر الي كربلاء اليوم حيث تتجه حشود الاحرار من كل حدب وصوب وتتأجج شعلة الثورة في نفوس المؤمنين وتهفو القلوب نحو الطفوف وكأنها تري زين العابدين ومن معه قد اناخوا ركابهم بين الحرمين ليعيدوا ذكريات ملحمة الشهادة ويبينوا لنا ان هذه الملحمة هي عَبرة وعِبرة ، مأساة وانتصار ، وهي بلوغ المجد والخلود علي اشلاء الضحايا .
نعم .. ان اتباع اهل البيت عليهم السلام اذهلوا العالم هذا العام اكثر من اي وقت مضي ، فمع زيادة الصعوبات والاخطار تزايدت اعداد الزائرين ، لا لمجرد التحدي وحسب بل تعبير عن الاستيعاب الواعي لاهداف الثورة الحسينية ، فمع الظروف الجوية القاسية ومع بعد المسافات ومع التهديد بالقتل والتفجير نري ان الاعداد تضاعفت وانطلق الحسينيون من مسافات ابعد امتدت الي اقصي نقاط العالم .
ولم يقتصر الامر علي شيعة اهل البيت عليهم السلام بل اصبحت القلوب السليمة تتوق للمشاركة معهم، فكلما راي الانسان هذه الحشود تسير يهوي قلبه اليها ويود لو كان بين هؤلاء السائرين نحو الحرية والعدالة خاصة وهو يري الشيخ الكبير والطفل الصغير والمقعد العاجز قد ارتقت بهم هممهم ليكونوا في طليعة الركب الحسيني .
لقد سحر هذا المنظر وفد الفاتيكان الذي كان يزور الناصرية جنوب العراق لاداء قداس في مدينة اور الاثرية ، فانضم الوفد الذي يضم كبار القساوسة الي مواكب المشاة وساروا مئات الامتار ليسجلوا لانفسهم شرف المشاركة في هذا الركب الذي توسموا فيه علائم الطهر والصفاء والتوق الي الحرية والسلام والتعايش في ظل احكام السماء .
وفضلا عن كل ذلك فان هذه الملحمة خلقت نوعا رائعا من التكافل والتعاون والتحابب والمودة بين الناس ، فاضافة الي الملايين التي حزمت امتعتها وتوجهت نحو كربلاء ، هناك ملايين اخري نذرت نفسها وكل ماتملك لخدمة هؤلاء الزوار بشكل تعجز عن وصفه الكلمات ، ولايمكن لاحد تصوره الا ان يحالفه الحظ فيشارك في تلك الملحمة ليري ماهو الانفاق في سبيل الله وماهي روح الكرم والضيافة وماهو السباق نحو الخيرات وماهو حب الحسين الذي تجسد في حب زواره وخدمتهم لا لهدف مادي او مصلحة خاصة بل لوجه الله ، لوجه الحسين ، فسلام علي الحسين وعلي علي بن الحسين وعلي اولاد الحسين وعلي اصحاب الحسين.