
Super User
والله لا تمحو ذكرنا .. نبوءة تتحقق
تعتبر زيارة أربعين الامام الحسين (ع) ، ظاهرة فريدة ، لم يشهد لها التاريخ الانساني مثيلا ، لا لدي اتباع الاديان السماوية ولا لدي شعوب المعمورة ، و لا نعتقد ان الانسانية ستشهد في مستقبلها المنظور اوالبعيد مثل هذه الظاهرة ، التي حيرت واذهلت ومازالت تحير وتذهل ، عقول العباقرة والمفكرين ، لانها ببساطة خارج نطاق مقاييس الظواهر الاجتماعية المتعارف عليها.
اذا نظرنا وبشكل انساني بحت الي ظاهرة الحسين عليه السلام وخاصة زيارة الاربعين ، واذا ما اخذنا ما لقيه اتباع اهل البيت عليهم السلام من تنكيل وحتي ابادة ، لثنيهم عن مواصلة درب الحسين عليه السلام ، من قبل الحكام الظلمة علي مر التاريخ ، بنظر الاعتبار ، كان لابد لهذه الظاهرة ان تتلاشي وتندثر وتموت ، وتتحول الي مادة للدراسات التاريخية شأنها شأن العديد من الظواهر الاجتماعية والاحزاب والمذاهب الدينية والسياسية ، التي اضمحلت واندثرت علي مر التاريخ.
ان ما نشاهده اليوم من قتل وتنكيل ، بواسطة السيارات المفخخة والانتحاريين والاحزمة الناسفة والذبح ومختلف الطرق الاخري التي لا تخطر حتي ببال الشيطان ، التي تستهدف زوار الحسين(ع) ، ما هو الا جانب بسيط من الحالة الماساوية التي عاشها اتباع اهل البيت عليهم السلام ، في الازمنة الغابرة ، والتي تجاوزت اتباع هل البيت (ع) الي اهل البيت انفسهم ، فكم مرة سوي ضريح الحسين (ع) مع الارض وغطته المياه ، لاخفاء ضريحه الطاهر.
من الصعب علي الانسان تخيل ان يتوجه كل عام اكثر من ۱۶ مليون انسان من مختلف انحاء العالم الي مدينة كربلاء حيث مثوي بضعة رسول الله (ص) سيد الشهداء الامام الحسين (ع) ، وهم يخاطرون بارواحهم ، تلبية لندائه الخالد هل من ناصر ينصرني ، دون ان تتكفل حكومة ، هذا ما استثنينا الجهود الجبارة التي تبذلها الحكومة العراقية لتوفير الامن للزائرين ، او جهة دولية او مؤسسات بعينها ، برعاية هذه المسيرة العملاقة ، او حتي ان تتدخل في كيفية توفير الماء والغذاء والسكن والعلاج لهذا العدد الضخم من البشر والذي يتزايد عام بعد عام.
تري من الذي يدفع هؤلاء الناس وغالبيتهم من الفقراء ، ان يتركوا اعمالهم وبلدانهم ومدنهم ومنازلهم واسرهم ، ويسيرون مئات الكيلومترات علي الاقدام في الصيف والشتاء في الليل والنهار ، ليلتقوا عند ضريح ابي الاحرار وشم ثراه؟ ، من الذي يدفع الالاف من الناس ان ينفقوا وبكرم حاتمي منقطع النظير من مالهم الخاص ويقدموا الخدمات من الماء والطعام والمسكن وكل ما تحتاجه هذه الملايين من البشر الزاحفة نحو كربلاء دون ان ينتظروا منة او ثناء من احد ؟، من الذي يدفع الالاف من الناس ، وهم من عوائل ثرية وحتي من اصحاب المناصب والاكاديميين ، ان يكونوا خدمة لهؤلاء الزوار ، ويسهروا علي راحتهم ويخدمونهم بشتي الطرق ، مثل غسل اقدام الزوار وتدليكها ، ويعتبرون ما يفعلونه فخر لا يدانيه فخر؟.
الملفت ان زوار الاربعين ومنذ القدم كانوا يرفعون شعار لو قطعوا ارجلنا واليدين ناتيك زحفا سيدي ياحسين ، هذا الشعار كنا نسمعه ، ولكننا نري اليوم ان الزوار يجسدونه تجسيدا حيا ، فكم من الزوار قطعت ايدهم وارجلهم في التفجيرات الانتحارية والسيارات المفخخة والكمائن التي نصبت لهم علي طريق كربلاء ، الا انهم رغم كل ذلك واصلوا الدرب الي كربلاء ، بل ان اعدادهم تزداد اكثر كلما كانت التهديدات والمخاطر التي تواجهم اكثر.
قيل الكثير عن سر خلود وديمومة ظاهرة الاربعين ، والفت الكتب في ذلك وسودت الصفحات ، ولكننا ، ورغم ان جل ما قيل في هذا الامر الصحيح ، نري ان هذه الظاهرة هي ظاهرة الهية ، اريد لها ان تبقي وتستمر ، لانها تستمد طاقتها من اطهر دم اريق ظلما علي ثري كربلاء وبيد اتعس خلق الله ، وفي هذا السياق ندرك كلمات بطلة كربلاء صنو الحسين الشهيد السيدة زينب الكبري عقيلة بني هاشم وهي تخاطب يزيد في بلاطه وهو نشوان بانتصاره علي الحسين (ع) : فوالله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا.
اليس من المستحيل في اطار المقاييس الانسانية ان تتحقق هذه النبوءة في الوقت الذي ، كانت عقيلة بني هاشم اسيرة عند يزيد ، قتل جميع اخوتها وابنائها وحتي الرضع من اهلها وجميع انصارها؟ ، اذن من اين استمدت بطلة كربلاء هذا القوة ؟ من اين جاء لها هذا الالهام ، انها المنتصرة وقاتل ابناء النبي (ص) وسابي ذراريه هو المنهزم؟ ، اليس في هذا الامر ما يدعونا ان نتوقف مليا امامه ؟ وان نتعرف اكثر علي منزلة اهل البيت عليهم السلام عند الله سبحانه وتعالي؟.
هنا اقتطف بعض جمل من الخطبة التي القتها السيدة زينب بنت الامام علي بن ابي طاب عليهما السلام ، وهي في بلاط يزيد ، اسيرة مع الاطفال والنساء والرؤوس ، لنفهم خلفيات هذه النبوءة اكثر. تري ما الذي ستقوله سيدة ، وهي في حال السيدة زينب (ع) ؟ ، ما الذي ستقوله سيدة مهما علا شأنها ومنزلتها ؟ وكيف نجسد حالها وهي تقف امام حاكم ظالم ذبح جميع اهالها ولم يستثن حتي الرضيع؟، قد نذهب في تجسيد هذا المشهد مذاهب شتي ، الا انها لن تكون كما كان المشهد عليه حقيقة ، عندما واجهت اخت الحسين (ع) يزيد .. لنستمع الي ما قالت : أ ظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض وآفاق السماء فأصبحنا نساق كما تساق الإماء إن بنا هوانا علي الله وبك عليه كرامة .. فمهلا مهلا لا تطش جهلا، أنسيت قول الله تعالي ولا تحسبن الذين كفروا إنما نملي لهم خير لأنفسهم إنما نملي لهم ليزدادوا إثما ولهم عذاب مهين .. أمن العدل يا ابن الطلقاء تخديرك حرائرك وإماءك وسوقك بنات رسول الله (ص) سبايا .. وكيف ترتجي مراقبة ابن من لفظ فوه أكباد الأزكياء ونبت لحمه بدماء الشهداء .. وسيعلم من سول لك ومكنك من رقاب المسلمين أن بئس للظالمين بدلا وأيكم شر مكانا وأضعف جندا . ولئن جرت علي الدواهي مخاطبتك ، إني لأستصغر قدرك ، واستعظم تقريعك ، واستكبر توبيخك ، لكن العيون عبري والصدور حري، ألا فالعجب كل العجب لقتل حزب الله النجباء بحزب الشيطان الطلقاء .. ولئن اتخذتنا مغنما لتجدننا وشيكا مغرما .. فكد كيدك ، واسع سعيك ، وناصب جهدك ، فوالله لا تمحو ذكرنا ، ولا تميت وحينا ، ولا تدرك أمدنا ، ولا ترحض عنك عارها ، وهل رأيك إلا فند ، وأيامك إلا عدد ، وجمعك إلا بدد ، يوم ينادي المنادي الا لعنة الله علي الظالمين .
اليس هذا الكلام والمقام الذي قيل فيه ، يخرج عن جميع السياقات التي نعرفها عن سلوكيات الناس العاديين مثلنا؟ ، من الذي يجرأ ان يقول ما قالته السيدة زينب (ع) بعد مذبحة كربلاء وفي بلاط يزيد؟ ، انها قوة وعنفوان ونفاذ بصيرة استمدتها العقيلة من الارحام المطهرة والاصلاب الشامخة والكرامات والمنازل التي اخص الله سبحانه وتعالي بها اهل البيت عليهم السلام .. فبهذا فقط يمكن تعليل ظاهرة اربعين الحسين (ع) .. فالسلام علي العقيلة زينب (ع) ، صاحبة الدور الابرز في جعل دم الحسين (ع) الذي اريق ظلما علي ثري كربلاء ، منارا يضيء درب الاحرار في كل عصر ومصر ، الي ان يرث الله الارض ومن عليها.
سقوط صاروخين على كريات شمونة وإسرائيل تقصف أراض لبنانية بعشرات القذائف
سقوط صواريخ من لبنان على المستوطنات الإسرائيلية ووسائل الإعلام الإسرائيلية تقول إن المؤسسة الأمنية تعمل على معرفة الجهة التي أطلقت الصواريخ.
أفاد مراسل الميادين في الجنوب عن إطلاق صاروخين صباح اليوم الأحد قبل بعض الوقت من الأراضي اللبنانية وسقطا داخلها مشيراً الى أنّ الجيش اللبناني وقوات الطوارئ الدولية تجريان مسحاً شاملاً عند منطقة سردى في الوزاني القريبة من الحدود مع فلسطين المحتلة.
في المقابل قالت مواقع إخبارية إسرائيلية إنّ صاروخي كاتيوشا سقطا في منطقة كريات شمونه من دون وقوع إصابات.
وقالت القناة الثانية الإسرائيلية إن أربعة صواريخ أطلقت من الأراضي اللبنانية سقط اثنان منها في الأراضي اللبنانية والاثنان الآخران سقطا بالقرب من مستوطنة كريات شمونة. وقالت "لا يوجد لإسرائيل عنوان للردّ عليه في لبنان على خلفية إطلاق الصواريخ" مضيفة أن "المؤسسة الأمنية تعمل على معرفة الجهة التي أطلقت الصواريخ على إسرائيل".
وإذ أشارت إلى أن الجيش الإسرئيلي أصدر تعليماته للمزارعين بعدم الاقتراب من الحدود مع لبنان، قالت القناة الثانية الإسرائيلية إن "التعليم مستمر كالمعتاد في المستوطنات الشمالية في ما يبدو وكأن الحادث انتهى".
من جهتها قالت القناة العاشرة الإسرائيلية إن "إسرائيل ردّت على سقوط الصواريخ بإطلاق 15 قذيفة على الأراضي اللبنانية".
رئيس بلدية كريات شمونة قال "إن صوت الإنفجارات يوحي كما لو أن الصواريخ سقطت داخل المستوطنة"، مضيفاً أن "صفارات الانذار معطلة ولذلك لم تسمع قبل سقوط الصواريخ".
الشرطة التركية تفرّق تظاهرات تطالب باستقالة أردوغان في أنقرة وإسطنبول
تشهد تركيا تصعيداً سياسياً على خلفية قضية الفساد المتهم بها أعضاء في حكومة رجب طيب أردوغان. وتظاهرات في عدة مدن تركية تطالب أردوغان بالاستقالة والأخيرة وضع هذه الاتهامات في سياق مؤامرة ضده.
قضايا الفساد تهز الحكومة التركية منذ أكثر من أسبوع. مظاهرات عدة تعم شوارع العاصمة أنقرة ومدن اسطنبول وإزمير وبالكسير وبورصا ومرسين وموجلا وآيدن للضغط على رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان للاستقالة.
في اسطنبول، إستخدمت الشرطة خراطيم المياه والرصاص المطاطي للتصدي للمتظاهرين ومنعهم من الوصول الى ساحة تقسيم.
ثلاثة نواب، من بينهم وزير الثقافة السابق ارتورول غوناي ،أعلنوا انسحابهم من حزب الحرية والعدالة. واتهم غوناي الحزب بعرقلة عمل القضاء في التحقيق ضد الفساد.
المفوض الأوروبي لشؤون توسيع الإتحاد ستيفان فولي، رأى أن التغييرات التي جرت في قلب الشرطة القضائية نسفت استقلالية وحيادية التحقيقات التي يقوم بها القضاء، وأعرب فولي عن "قلقه" إزاء إقصاء عشرات الضباط في الشرطة بأوامر من الحكومة، داعياً السلطات التركية إلى التعامل "بشفافية وحيادية" مع التحقيقات الجارية في قضايا الفساد.
وأعلن الجيش التركي في بيان له "أنه لا يريد التدخل في الجدل السياسي الدائر في البلاد" موقف اعتبرته وسائل الاعلام رداً على مقال لمستشار سياسي مقرب من أردوغان قال فيه "إن فضيحة الفساد قد تكون مؤامرة لدفع الجيش للقيام بإنقلاب عسكري".
رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان ألقى كلمة أمام الآلاف من مناصريه في مطار اسطنبول الرئيسي، ندد فيها بما اعتبره مؤامرة تستهدفه "واتهم بشكل غير مباشر، حركة الداعية الإسلامي فتح الله غولن بالوقوف وراء التحقيقات لكشف الفساد".
وهاجم أردوغان المدعين العامين وقال انهم يتهمون حكومته من دون دلائل.
اوكرانيا | بوتين يعوّض كييف بـ 15 مليار دولار واتفاقات عسكرية
في محاولة من الرئيس الأوكراني لتخفيف وطأة الاحتجاجات في كييف، لجأ إلى روسيا من أجل الحصول على مساعدات اقتصادية، علّها ترخي حبل الشارع الأوكراني عن عنق الحكومة
أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، في أعقاب مباحثاته مع نظيره الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش في موسكو أمس، أن روسيا قررت استثمار 15 مليار دولار في السندات المالية الأوكرانية، وقال بوتين: «نظراً إلى المشاكل في الاقتصاد الأوكراني والمتعلقة حسب رأيي إلى حد كبير بالأزمة المالية والاقتصادية العالمية، قررت الحكومة الروسية، بهدف دعم الميزانية الأوكرانية، استثمار جزء من احتياطياتها بقيمة 15 مليار دولار في السندات المالية الأوكرانية»، مشدداً على أن ذلك لا يمت بصلة إلى أي شروط إضافية.
وأكد بوتين أن موضوع انضمام أوكرانيا إلى الاتحاد الجمركي لروسيا وبيلاروسيا وكازاخستان لم يناقش إطلاقاً خلال المباحثات، كاشفاً عن أن روسيا وأوكرانيا اتفقتا على تنسيق الخطوات على ساحة السياسة الخارجية بشكل أوثق، وقبل كل شيء في ما يتعلق بمسائل الاستقرار الاستراتيجي والأمن في أوروبا والتصدي للتحديات العالمية.
كذلك أعلن بوتين أن روسيا قد تستفيد من القدرات الدفاعية الأوكرانية لاحتياجات القوات المسلحة الروسية. وقال «نحن على استعداد لندرس، تبعاً لتقارب بلدينا في مجالي الاقتصاد والسياسة، إمكانية الاستفادة من القدرات الدفاعية للاقتصاد الأوكراني وتوظيفها لاحتياجات القوات المسلحة الروسية، بما في ذلك ما يتعلق بعمليات التصليح وغيرها». وأضاف أن وزارتي الدفاع في البلدين قد أعدّتا مقترحات في هذا الشأن، لافتاً إلى أن الشركات الروسية تستثمر في القطاعات الأساسية للاقتصاد الأوكراني مثل قطاع الطاقة والوقود والصناعة الكيميائية والميتالورجيا وصناعة الماكينات. وتطرق الى عدد من المشاريع المشتركة في مجالات الطاقة الذرية وصناعة الطائرات والزراعة وريادة الفضاء. وأكد بوتين أن بإمكان روسيا وأوكرانيا أن تتعاونا بمزيد من النشاط على الساحة الدولية وتوسيع تنسيق المواقف من القضايا العالمية الملحة، وقبل كل شيء تلك المتعلقة بالأمن الاقليمي، مشيراً إلى أن حجم التحويلات المالية من روسيا إلى أوكرانيا يبلغ 2.3 مليار دولار سنوياً، بينما بلغ حجم الاستثمارات الروسية في الاقتصاد الأوكراني 1.5 مليار دولار.
من جهته، أعرب الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش عن أمله بتسوية قضية الغاز بين روسيا وأوكرانيا على أساس المنفعة المتبادلة، مضيفاً أنه يأمل أن تجد شركة «نفط وغاز أوكرانيا» ضالتها في البرنامج المقترح من قبل «غازبروم». ورأى أن الانخفاض في حجم التبادل التجاري بين البلدين يتطلب تدخلاً جراحياً، مشيراً إلى ضرورة تنسيق الجهود في المستقبل القريب، ليس فقط بين روسيا وأوكرانيا وحسب، بل مع بلدان رابطة الدول المستقلة أيضاً، من أجل إتمام عمل منطقة التجارة الحرة بشكل كامل. كذلك اقترح يانوكوفيتش على بوتين تنسيق العمل في تنشيط التعاون التجاري ــ الاقتصادي، ليس بين روسيا وأوكرانيا فحسب، بل أيضاً مع الدول الأخرى في رابطة الدول المستقلة.
ويأتي هذا اللقاء بعد إعلان السلطات الأوكرانية تأجيل التوقيع على اتفاقية الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد الأوروبي. كذلك طلبت كييف من الاتحاد الأوروبي مساعدات مالية، إلا أن الأخير رفض هذا الطلب، كما رفض استئناف المفاوضات بشأن التوقيع على اتفاقية الشراكة في الوقت الراهن.
وفي اول تعليق على التفاقية، شددت الولايات المتحدة على أن الاتفاق الاقتصادي الذي وقع بين موسكو وكييف لا يتسجيب لمطالب المتظاهرين المؤيدين لاوروبا في أوكرانيا.
وقال المتحدث باسم الرئاسة الأميركية جاي كارني أن اي اتفاق بين موسكو وكييف «لن يستجيب لمطالب الذين احتشدوا للتعبير عن احتجاجهم في كافة انحاء اوكرانيا».
وحث كارني في الحكومة الاوكرانية على ايجاد الوسيلة لرسم طريق نحو مستقبل اوروبي سلمي عادل ومزدهر اقتصادياً يتطلع اليه الاوكرانيون، داعياً الحكومة «إلى الدخول في حوار فوري مع المعارضة ومع كل الذين عبروا عن رغبتهم بقيام اوكرانيا افضل عبر التظاهر في الشارع».
إلى ذلك، رأى النائب في البرلمان الأوكراني عن حزب الأقاليم الحاكم فلاديمير ألينوك أن زيارة يانوكوفيتش لروسيا تتّسم بأهمية كبيرة بالنسبة إلى أوكرانيا. ففي الفترة الأخيرة تضررت العلاقات مع روسيا إلى حدّ ما. وتأتي أهميتها من كونها ضرورية لتنظيم كافة أوجه العلاقات الاقتصادية وكذلك استئناف التعاون وتعميقه. وأضاف أن هذا الأمر يتصل بصناعة الطائرات والسفن فضلاً عن المشاريع المشتركة في مجال الطاقة والغاز وبناء المحطات الكهرذرية. وأكد قائلاً «إننا نرى آفاقاً كبيرة للتعاون الاقتصادي مع روسيا. ولذلك سيتم توقيع اتفاقية مناسبة من شأنها الكشف عن إمكانيات السوقين الأوكرانية والروسية».
في غضون ذلك، حال نواب من المعارضة الأوكرانية أمس دون استمرار انعقاد جلسة البرلمان الأوكراني، وذلك من خلال احتلالهم لمنصة البرلمان. واحتل نحو 30 نائباً من أحزاب الوطن، والثورة، والحرية، منصة البرلمان. وكان رئيس البرلمان فلاديمير ريباك افتتح الجلسة المخصصة لمناقشة موازنة 2014، حيث ألقى كلمة قصيرة، اضطر بعدها إلى رفع الجلسة التي حضرها 256 نائباً. جدير بالذكر أن البرلمان الأوكراني سبق أن علّق جلساته مرات عدة، نتيجة منع المعارضة لانعقادها، وذلك احتجاجاً على قرار الحكومة تعليق مباحثات اتفاقية الشراكة مع أوروبا.
سيارة مفخخة تستهدف مركزاً لحزب الله في اللبوة وصواريـــخ على الهرمل
محاولة تفجير سيارة مفخخة في نقطة عسكرية لحزب الله، قرب بلدة اللبوة في البقاع الشمالي، هي الأولى من نوعها التي تلجأ إليها المجموعات المسلحة، بعد محاولات عديدة لاستهداف الحزب، بدءاً من صليات صواريخ «الغراد» على قرى في بعلبك ـ الهرمل، خلال الأشهر الماضية، وصولاً إلى زرع عبوات ناسفة عند مدخل مدينة الهرمل وعلى طريق شتورا ـ المصنع الصيف الفائت.
أمس، حاولت هذه المجموعات تفجير سيارة مفخخة في نقطة تبديل تابعة للحزب في منطقة جردية محاذية لبلدة صبوبا، في الخراج الغربي لبلدة اللبوة.
ففي الساعة الثانية والخمسين دقيقة فجراً، دوّى صوت انفجار ضخم في محلة وادي النبي موسى سمعت أصداؤه في القرى المحيطة، وتبعه إطلاق نار كثيف استمر أكثر من 20 دقيقة، بحسب ما أكد شهود لـ «الأخبار». وقال هؤلاء إن عناصر من حزب الله فرضوا طوقاً أمنياً على المكان، ليتبين مع شروق الشمس أن أربع سيارات دُمّرت في موقع التفجير. وحدها سيارات الإسعاف التابعة للهيئة الصحية الإسلامية، حضرت إلى مكان الانفجار، وعملت على نقل ثلاثة جرحى من عناصر الحزب، حال أحدهم حرجة، بحسب مصادر حزبية. وفي وقت لاحق، غص المكان بالأجهزة الأمنية على اختلافها، وضرب الجيش طوقاً أمنياً على مسافة تقارب الثلاثمئة متر مربع، حول موقع الانفجار، الذي تناثرت فيه قطع سيارتين، واحترقت سيارة أخرى انقلبت على جانبها، فيما تضررت مقدمة السيارة الرابعة، وعثر داخلها على آثار دماء.
وأوضحت مصادر أمنية لـ «الأخبار» أن الانفجار وقع قرب الطريق المعبّدة وخلّف حفرة قطرها 5 أمتار بعمق 50 سنتيمتراً في أرض موحلة وصخرية. وقدّرت زنة المتفجرات بما بين 50 و70 كيلوغراماً من المواد الشديدة الانفجار كانت موجودة داخل سيارة «كيا» رباعية الدفع. واستبعدت المصادر أن يكون التفجير انتحارياً «لعدم وجود أشلاء، بل بقع دماء في إحدى السيارات المتضررة، وبعضها الآخر على الأرض»، ورجحت فرضية التفجير لاسلكياً.
وأكد مسؤول أمني لـ «الأخبار» أنه لا قيود للسيارة المفخخة التي تبيذن أنها سُرقت من منطقة برج حمود في الشهر الأول من العام الجاري، وتعود ملكيتها الى شخص من المتن في جبل لبنان. وكشف أن «معلومات وصلت الى الأجهزة الأمنية عن مواصفات السيارة التي بدأ التفتيش عنها منذ اول من أمس». أما السيارات الثلاث التي تضررت في التفجير، فأكدت مصادر أمنية أنه جرى التعرف عليها وعلى أصحابها من أبناء المنطقة، مرجحاً أنها لحراس النقطة العسكرية التابعة لحزب الله.
وإذا كان مسار التحقيق قد قطع شوطاً كبيراً في تحديد ماهية الهدف والسيارة المفخخة والسيارات المتضررة، إلا أن اسئلة كثيرة لا تزال تحتاج إلى إجابات، عن كيفية حصول التفجير، وهل هو ناتج عن عملية انتحارية أم أنه حصل لاسلكياً عن بعد، والأضرار والإصابات التي نتجت عن التفجير؟ مصادر أمنية وحزبية قالت لـ «الأخبار» إن سيارة الـ «كيا» رصدت إثر انتقالها «من جرود عرسال إلى جرود رأس بعلبك، ومنها إلى بلدة الفاكهة»، حيث «فقد أثرها». وأشارت المصادر إلى ان استنفاراً واسعاً شهدته المنطقة، قبل أن تظهر السيارة مركونة على طريق ترابية تصل بلدة جبولة ببلدة صبوبا، حيث رصدها عناصر الحراسة في نقطة تبديل تابعة للحزب. ولدى اقتراب العناصر منها بسياراتهم الثلاث جرى تفجيرها لاسلكياً، ما أدى الى وقوع «عدد من الاصابات».
ومساء أمس، عمدت المجموعات المسلحة المتموضعة في جرود السلسلة الشرقية من الجهة السورية إلى استهداف مدينة الهرمل بصلية من ستة صواريخ من نوع «غراد»، سقط أحدها في ثكنة الجيش في حي الدورة على طريق الهرمل ــــ زغرين وأدى الى جرح عسكريين اثنين، وآخر بالقرب من السرايا الحكومية، وفي حي السبيل في وسط المدينة.
وجاء في بيان منشور على حساب مجموعة تطلق على نفسها اسم «سرايا مروان حديد» على موقع «تويتر»، «تعلن جبهة النصرة في لبنان، وسرايا مروان حديد عن استهداف معاقل حزب إيران بعشرة صواريخ غراد في منطقة الهرمل اللبنانية، رداً على دخول الحزب الإيراني إلى سوريا». واضاف: «ستستمر العمليات على إيران وحزبها في سورية ولبنان».
وسبق للمجموعة نفسها ان تبنت مرات عديدة عمليات اطلاق صواريخ من سوريا ضد مناطق في شرق لبنان.
الغوطة الشرقية: فوضى فـي الصراع وتخمة جيوش
منذ بداية الأزمة السوريّة، تغيّر المشهد في الغوطة الشرقيّة على نحو دراماتيكي: من احتجاجاتٍ شعبية واسعة، إلى تسلّح محلي وبسيط، ثمّ إلى ألوية وفصائل وجبهات، بعشرات الأسماء، تضم، إلى جانب المسلحين السوريين، آلاف الأجانب، وعناصر استخبارات من ارجاء العالم
ريف دمشق | للغوطة الشرقية قصّة طويلة مع السلاح. ليست الأزمة الراهنة الأولى التي تشهد فيها الغوطة صراعاً مسلحاً. فقد شكّلت أرضها، تاريخياً، ساحة للمعارك التي خاضتها دمشق، وكان آخرها في العقد الثالث من القرن العشرين، عندما اختارها وطنيو دمشق وريفها ساحة لمواجهة قوات الاحتلال الفرنسي، فكانت دوما، آنذاك، مركزاً للنضال الوطني المسلّح، وفيها تلقّى الجيش الفرنسي ضربات قاسية لا تزال ذاكرة الدمشقيين تحفظها حتى الآن.
لكن حرب اليوم أعقد بما لا يقاس: عشرات الفصائل المسلّحة على أرض الغوطة، تضم عشرات الآلاف من السوريين والأجانب، تخوض حرباً إقليمية كبرى، وحروباً صغيرة على هامشها: معارك ضدّ الدولة والجيش، وأخرى بين الفصائل المعارضة؛ بعضها معلن وبعضها خفي؛ ومنها العسكري والسياسي والأمني...
«ضربات ما قبل الأزمة»
تشكّل الغوطة الشرقيّة (400 كلم مربع) إقليماً جغرافيّاً ومناخيّاً موحداً، وينقسم سكّانها بين مهنتين أساسيتين: الزراعة، وصناعة الموبيليا والخشب.
إلا أن الطباع الفلّاحية، القاسية والبسيطة، تغلب على أهلها حتى اليوم. ويزداد هذا الأمر وضوحاً كلما توغّل المرء فيها مبتعداً عن العاصمة.
في السنوات القليلة التي سبقت انفجار الأزمة السوريّة، تلقّى أهالي الغوطة ضربتين قاسيتين: الأولى جاءت على خلفيّة التقارب التركي ــــ السوري، عندما سُمح للبضاعة التركيّة بغزو الأسواق السوريّة، وخصوصاً الأثاث المنزلي الذي اشتهر أهل الغوطة بصناعته وإتقانه، الأمر الذي أدّى إلى انهيار آلاف الورش، وتحوّل «صنايعييها» إلى عاطلين من العمل، وخلوّ ساحة العمل الحرفي الواسعة لقلّة من التجّار والسماسرة. والضربة الثانية عندما أصدرت الحكومة السورية، قبل الأزمة، قراراتٍ باستملاك أراضٍ زراعية في الغوطة، وخصوصاً في منطقة دوما، فأجهزت بذلك على ما تبقّى من وئام تاريخي بين أهل الغوطة والدولة التي كانت قد بُنيت لعقود خلت على أساس نهج الإصلاح الزراعي وحماية الصناعة الوطنية. فكانت الغوطة الشرقيّة من أولى المناطق التي ظهرت فيها الاحتجاجات الشعبية، بدءاً باعتصام دوما في 25 آذار 2011، الذي فضّه الأمن يومها بالقوة، لتليه سلسلة تظاهرات شارك فيها عشرات الآلاف في بقية مدن الغوطة، حرستا وزملكا وجوبر وعربين وعين ترما وكفربطنا.
بدايات التسلّح... و«الجيش الحر»
سرعان ما انعطف مسار الاحتجاج السلمي إلى المواجهة المسلّحة مع أجهزة الدولة. كانت البداية على يد شخص يدعى عبد الغفور درويش الذي شكّل أول كتيبة مسلّحة في الغوطة باسم «كتيبة أبو عبيدة الجرّاح»، في 9 أيلول 2011، تحت مسمّى «الجيش الحر» الذي كان قد بدأ نشاطه فعلياً باستهداف التجمّعات والمقار الأمنيّة (ولم يكن الجيش السوري قد تدخّل بعد)، في حين تكفّلت بعض مجموعاته بـ«حماية التظاهرات»، أبرزها «مجموعة أبو سعيد عطايا» في جوبر. ويقول س. بلال، من جوبر، لـ«الأخبار»: «كانت حماية التظاهرات مسألة شكليّة أكثر من كونها فعليّة. ففي جوبر، على سبيل المثال، كانت التظاهرة أشبه بكمين، يجري استدراج الشبّيحة إليه، كي تقوم لجان حماية التظاهرات بالإيقاع بهم». ويروي، كمثال، حادثة جرت في مسجد جوبر الكبير. فقد «أُعلن في جوبر عن تشييع جثمان أحد الشهداء، وصُلّي عليه في المسجد.
وكالعادة، جاءت الحافلة التي تقلّ عناصر الأمن الذين يفترض أن يمنعوا تحوّل التشييع إلى تظاهرة، فجرى استدراجهم وراء الجنازة إلى كمين، وانقضّ عليهم مقاتلو حماية التظاهرات من أسطح البنايات المجاورة، فقتلوا معظمهم وجرحوا الباقي. وتبيّن لاحقاً أن النعش كان خالياً».
تدخّل الجيش السوري في الصراع، وبدأت المواجهات، يومها «تلقّى مسلّحو الجيش الحر ضربات قاصمة، وظهر فارق الحجم والتنظيم والخبرة. فمسلّحو الحر أشبه بهواة أمام الجيش النظامي، ومعظمهم مدنيون من متظاهري الأمس لا يجيدون سوى المحاجرة (أي التراشق بالحجارة والمولوتوف مع عناصر الأمن)».
استدعى ذلك «تشكيل المجالس العسكريّة والمحليّة، والتركيز على استقدام الدعم المالي، والتشجيع على الانشقاق عن الجيش». وبالفعل، أتت محاولات التنظيم ثمارها، فتحسّن أداء «الجيش الحر» العسكري في مختلف أرياف دمشق. ولكن، في المقابل، حصل تحول نوعي، إذ «فقدت الثورة معظم المتظاهرين الأوائل، دعاة الحرية الأصيلين»، يقول حسام سلامة (معارض مدني) ناعياً «الثورة».
ويضيف: «خسرنا في البداية أبناء البلد (الغوطة) الذين استشهدوا في التظاهرات، من المنظمين والقادة والعقول المدبّرة، حتّى اضطررنا إلى اللجوء إلى الدعم. فتقدّم كل الانتهازيين الذين يَجرون عادةً وراء كل عمليّة تمويل.
وأخيراً دخل الإسلاميون على الخط. ومنذ اللحظات الأولى، كان هؤلاء يدفعون بالثورة إلى التسلّح سعياً لاستقدام تدخلٍ عسكري دولي». نتيجة كل ذلك، برأي سلامة، أُقصي أبناء الغوطة الذين كان انتماؤهم الأساسي للشعب، وحلّ محلّهم الأجانب أو السوريون المنتمون إلى الأيديولوجيا الإسلامية، أكثر من انتمائهم إلى سوريا. «كل من كنت أعرفهم من المتظاهرين في بداية الاحداث، إما شهداء أو معتقلون أو خارج البلاد أو في بيوتهم»، يضيف. أما الوافدون الجدد إلى المعارضة، فشكّلوا «ألويتهم» في الصفوف الخلفية للجبهة، يقول «أبو أحمد»، أحد مقاتلي «الحر»، فيما «كان الجيش الحر يقاتل في الصفوف الأمامية»، وسلكوا مسلك «جبهة النصرة» في الاقتصار على العمليات المحدودة التي تستجلب أكبر دعم مادي ممكن. «فالعمليّة بالنسبة اليهم عبارة عن قذيفة أر بي جي، ومصور فيديو، وتكبير. كل فيديو كهذا يغدق عليهم مئات ألوف الدولارات من شيوخ وأمراء الخليج».
ويروي «أبو أحمد» أن أحد قادة المجموعات المسلّحة في حرستا، من «لواء فتح الشام»، ويدعى أبو المهنّد، كان يهاجم حواجز الجيش من دون أن يحرز أي تقدّم، وعندما عرُض عليه الدعم بفصيل من «الجيش الحر» رفض، مهدداً إياهم بالقتل إذا ما اقتربوا من منطقته، ليتبيّن لاحقاً أن الرجل يراوح في المكان ذاته عن قصد، إذ إن هذا الأمر يجلب له ولمجموعته المزيد من الدعم. وبوصول «الدعم»، دخلت الغوطة زمن «الألوية».
«الألوية»... بقيادة «جيش الإسلام»
كلمة «لواء» تشير، سياسياً، إلى جماعة «الإخوان المسلمين». و«الألوية» هي الأكثر انتشاراً في الغوطة الشرقيّة اليوم، وأبرزها «لواء الإسلام» (تحوّل لاحقاً إلى «جيش الإسلام» بعد تحالفه مع تشكيلات أخرى) في معظم مناطق ريف دمشق، وخصوصاً في دوما.
وفي جوبر: كتيبة «هارون الرشيد» التابعة للواء «الحبيب المصطفى»، إضافة إلى «لواء شام الرسول». وفي حرستا: ألوية «درع العاصمة» و«فتح الشام» و«أم القرى» و«شهداء دوما». وفي زملكا: لواء «تحرير الشام». وفي عربين: لواء «شهداء الغوطة». وفي المليحة: لواء «سعد بن عبادة الخزرجي». أمّا لواء «أحفاد الرسول» فوجوده الأساسي في مدينة داريّا، في الغوطة الغربيّة.
يعد «جيش الإسلام» أبرز تنظيم عسكري في الغوطة الشرقية، مركزه في دوما، وهو الأكثر دعماً وتسليحاً. وعلى رغم أن زعيمه زهران علوش يزعم بأن 90% من تسليح جيشه هو نتيجة «الغنائم» التي كسبها من صراعه مع الجيش السوري، إلا أن مصادر مقرّبة من هذا «الجيش» تؤكد علاقته الوثيقة مع السعودية. فعلوش (43 عاماً) هو ابن الداعيّة السلفي عبدالله علوش، ودرس الشريعة في السعودية، وآخر زياراته لها كانت في عيد الأضحى الفائت، حيث ذهب «لتأدية فريضة الحج»، على حد زعمه.
وبحسب المتابعين فإن «جيش الإسلام» يؤدّي الدور المحوري في الغوطة الشرقية، من خلال هيمنته على أمرين أساسيين، الأول: الدعم المالي، إذ تؤكد مصادر من «الألوية» والفصائل المسلّحة الأخرى أن الدعم المالي يصل بمعظمه عبر «جيش الإسلام»، ومنه يستمد النفوذ العسكري والوزن الإعلامي. ويقول ف. الأسعد، من «الجيش الحر» في العسالي، لـ«الأخبار»: «توقف الدعم الذي كنّا نتلقاه من المجلس العسكري، فطلبنا الدعم من «جيش الإسلام»، واستغرق ردّهم 3 أسابيع، ليعودوا ويطلبوا منا أن تُسمّى كل عمليات الكتيبة باسم جيش الإسلام في منطقة العسالي، مقابل دعم الكتيبة، فوافقنا».
الامر الثاني: دوره الاستخباراتي واللوجستي، إذ يؤكّد مقربّون من «جيش الإسلام» أنه ومن خلال امتلاكه لكم هائل من المعلومات يتمكّن من التحكم بمسار العمليات في الغوطة الشرقية، «فلديه معلومات دقيقة عن بنية المعارضة المسلّحة، ودراسات مفصلة عن عناصرها، بالإضافة إلى معلوماته الخاصة عن أجهزة الدولة وتحركات الجيش السوري».
وهذا الأمر يؤكّد، بحسب متابعين، أن أجهزة استخبارات إقليمية ضالعة في تزويده بالمعلومات العسكرية والأمنيّة، الكفيلة بإعطائه دوراً متميّزاً عن الفصائل الأخرى. وبالتالي فإنّ «جيش الإسلام» يشكّل غرفة عمليات كبرى للمعارضة المسلحة في ريف دمشق، أكثر من كونه قوّة عسكرية على الأرض، ويستمد صيته الواسع من كونه يدعم الفصائل المسلّحة الأخرى بالمال والمعلومات مقابل تسمية عملياتها باسمه.
اليوم، وبعدما صار العنف المسلح هو السمة الرئيسية لـ«الثورة» في سوريا، صارت الغوطة الشرقية توصف بـ«معقل جيش الإسلام».
وهذا «الجيش» لم يتمكن بعد من فك حصار الجيش السوري عن الغوطة. معارك قاسية خاضها خلال الأسابيع الماضية، فتمكن، مع «جبهة النصرة» و«أحرار الشام» وغيرهما، من السيطرة على عدد من البلدات، قبل أن يشن الجيش السوري هجوماً معاكساً تمكن فيه من وقف تقدم المقاتلين المعارضين، واستعادة بعض ما خسره.
وفي الغوطة أيضاً، يُتّهم مقاتلو «جيش الإسلام» بارتكاب مذبحة بحق المدنيين في مساكن عدرا العمالية الأسبوع الماضي. المعركة الدائرة حالياً ستّحدد مصير «جيش الإسلام»، وستضع الغوطة امام خيارين: إما أن يحولها الجيش السوري إلى خط الدفاع عن مدينة دمشق بعد تدمير «جيش الإسلام»، أو أن يحوّلها زهران علوش ورفاقه إلى ساحة انطلاق لتهديد وجود النظام في عاصمته.
«الدولة الاسلامية»
تنظيم «الدولة الإسلاميّة في العراق والشام» سجّل حضوراً محدوداً في أرياف دمشق، وفي مخيم اليرموك أكثر من مرّة. ولم يسبق له أن أعلن عن أيّ تواجد له في الغوطة الشرقيّة، إلا إن حوادث عدّة أكدت وجوده هناك، كمقتل أحد قيادييه في الغوطة الشرقيّة، ويدعى أبو سليمان الأنصاري، وإعلان التنظيم عن مقتل 10 سعوديين منتمين إليه في أراضي الغوطة الشرقيّة، في تشرين الثاني الماضي.
«جبهة النصرة»: رديف للألوية
تعدّ بلدتا يلدا وببيلا المعقل الأساسي لـ«جبهة النصرة» ومقر قيادتها في ريف دمشق. ومع ذلك يتواجد التنظيم في كل مناطق الريف تقريباً، ومنها الغوطة الشرقية. ويعود انتشار التنظيم على مساحة جغرافية واسعة في الريف، بحسب أبو أحمد، الى «الغزل الخفي بينه وبين جيش الإسلام»، فلا تمر فرصة من دون أن «يبدي علوش إعجابه بتنظيم النصرة، زاعماً أن الخلافات بينهما تنحصر في الإطار الشرعي والديني، والذي يمكن حلّه بالشورى والنقاش».
وفي رأي أبي أحمد، السبب الحقيقي وراء هذا الغزل سياسي وعسكري في الجوهر، «فجبهة النصرة، أينما حلّت، أساء وجودها إلى الجيش الحر، وهو أقل تنظيماً وتلقياً للدعم منها»، والدليل أن «أوساط جيش الإسلام ومحاكمها الشرعية على اتفاق تام مع منهج النصرة: الحكم الإسلامي، والمحاكم الشرعيّة، والإسلام مصدر التشريع الوحيد. أما الفوارق اللفظية بين الطرفين فلا تعدو كونها لغواً مقصوداً، الغاية منه تقاسم الأدوار بين الإخوان (جيش الإسلام) وتنظيم القاعدة الذي تمثله النصرة». وبالرغم من التواجد الضئيل لـ«جبهة النصرة» في الغوطة الشرقيّة إلا أنها «تضرب بسيف جيش الإسلام»، وتملي على الكتائب والفصائل الأخرى ما يجوز فعله، وما لا يجوز. ويلعب هذا التنظيم دوراً كبيراً في منع أي توافق أو تسوية قد تفرضها الضرورات على الأرض، يضيف أبو أحمد: «مرّت فترة ساد فيها الهدوء على الخطوط الأمامية في القابون، فلا الجيش كان ينوي التقدم، ولم نكن نحن لنطمح الى أكثر من الهدوء. فجأةً بدأت التهديدات تصلنا عبر أجهزة اللاسلكي من عناصر «النصرة» داخل القابون، بأنهم سيقتصّون من كل من يقوم بالتهدئة على جبهته، الأمر الذي كاد أن يتحول إلى مواجهة جديّة بيننا وبينهم».
تسميات ليست عسكريّة
بحسب المتابعين، فإن كلمات مثل «لواء» و«كتيبة» و«سرايا»... هي ذات مدلول ديني ــــ تاريخي، وليس عسكرياً، بمعنى أنها ليست توصيفاً لحجمٍ وعتادٍ معيّنين، كما درجت العادة في الجيوش النظاميّة، بل هي استحضار لأسماء التشكيلات العسكريّة في أيام الدولة العربية الإسلامية. فحوالى 10 أشخاص يمكنهم الإعلان عن تشكيل كتيبة، في حين أن الكتيبة في جيش نظامي، كالجيش السوري مثلاً، يبلغ تعدادها حوالى 500 شخص، وقائدها لا يجوز أن يكون برتبة أقل من مقدّم، في حين أن أعلى رتبة في معظم كتائب المعارضة المسلّحة لا تتجاوز رتبة ملازم. وعلى هذا الأساس توجد على أرض الغوطة الشرقيّة مئات الأسماء لفصائل وكتائب، في حين يبلغ تعداد المسلّحين، بحسب مصادر معارِضة، في كل أرياف دمشق بين20 إلى 30 ألف مقاتل، نصفهم تقريباً في الغوطة الشرقيّة.
السعودية: سنقاتل في سوريا... ولو وحدنا
الرياض مصرّة على المضيّ قدماً في مشروعها. المملكة لديها «مسؤوليات» تجاه العالم والمنطقة. لا مشكلة لديها باعلان الطلاق مع الغرب... خصوصاً في سوريا. أمس، أعلن السفير السعودي في لندن على نحو واضح: سنقاتل لوحدنا
بأدبيات رؤساء الولايات المتحدة الأميركية المعتادة، خطّ السفير السعودي في بريطانيا محمد بن نواف بن عبد العزيز مقاله في صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية أمس (نشرت اليوم على النسخة الورقية).
المملكة الخليجية «لديها مسؤوليات ضخمة في المنطقة»، ومسؤوليات اقتصادية وسياسية عالمية «كوننا بالأمر الواقع المورّد الرئيسي للطاقة في العالم»، برأي الأمير السفير. وبالطبع مسؤولية إنسانية «للقيام بما في وسعنا لوضع حدّ للمعاناة في سوريا».
الأمير السعودي أكّد أنّ بلاده «ستكمل الطريق وحدها»، و«ستعمل للوفاء بهذه المسؤوليات، مع أو من دون دعم شركائنا الغربيين».
هذا الإصرار سيكمل عبر دعم المعارضة السورية و«الجيش الحر»، في وقت يبدو فيه، بحسب بن عبد العزيز، أنّه «بعد كل الكلام عن الخطوط الحمراء، يظهر كأن شركاءنا جميعاً على استعداد للتنازل عن سلامتنا والمخاطرة باستقرار منطقتنا».
لقاء «الجبهة» هدفه «تعزيز المعتدلين»
في سياق آخر، قال وزير الخارجية الأميركي جون كيري إنّ بلاده لم تلتقِ بممثلين عن «الجبهة الاسلامية»، لكن من الممكن عقد مثل هذا الاجتماع لـ«تعزيز تمثيل جماعات المعارضة المعتدلة في محادثات جنيف».
وأضاف: «تبذل جهود حالياً من قبل كل الدول الداعمة للمعارضة السورية، والتي تريد توسيع قاعدة المعارضة المعتدلة وقاعدة تمثيل الشعب السوري في مفاوضات جنيف». وقال مسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية إن المحادثات مع «الجبهة الاسلامية» قد تضم مسؤولين أميركيين وبريطانيين وفرنسيين من مستوى أقل.
في موازاة ذلك، قال الناطق الرسمي لـ«الائتلاف»، لؤي صافي، إنهم لن يذهبوا إلى «جنيف 2» إذا عجز المجتمع الدولي «عن إجبار نظام بشار الأسد على وقف قصف المدارس والمدنيين». وأوضح أنّ «اجتماع الهيئة العامة للائتلاف، الذي يعقد في اسطنبول أوائل شهر كانون الثاني المقبل، قد يشهد قراراً بتعليق المشاركة في جنيف 2، إذا استمر الصمت الدولي إزاء الهجوم المستمر لقوات الأسد».
باب نهاية المفاوضات مفتوح
إلى ذلك، أوضحت خولة مطر، الناطقة باسم المبعوث الأممي والعربي إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي، أنّ قراراً اتخذ بانعقاد الجولة الأولى من مؤتمر «جنيف 2» في مدينة مونترو غرب سويسرا. وأضافت أنّ الإبراهيمي والأطراف السورية ستتابع مفاوضات الجولة الثانية من أعمال المؤتمر في جنيف بتاريخ 24 كانون الثاني. وتابعت أنّ الباب ترك مفتوحاً حيال تحديد تاريخ لنهاية المفاوضات، لافتةً إلى أنها تنتظر من الأطراف السورية المشاركة في أعمال المؤتمر إرسال أسماء المشاركين في الهيئات التمثيلية للأطراف قبل نهاية العام الحالي.
إلى ذلك، تشهد مدينة أربيل العراقية اجتماعات للأطراف الكردية السورية تبحث مسألة «توحيد الخطاب خلال مؤتمر جنيف»، وذلك بإشراف رئيس إقليم كردستان العراق، مسعود بارزاني.
ووقعت أخيراً خلافات بين «المجلس الوطني الكردي» السوري و«مجلس الشعب لغربي كردستان»، وصلت إلى حدّ القطيعة، بعد إعلان «حزب الاتحاد الديموقراطي» الذي يمثل التيار الرئيسي في «مجلس الشعب لغربي كردستان» تأسيس إدارة محلية بشكل منفرد في شمال سوريا.
كذلك أدت هذه الخلافات إلى إغلاق المعبر الحدودي بين إقليم كردستان العراق والمناطق ذات الاغلبية الكردية في سوريا.
وقال عضو «المجلس الوطني الكردي» السوري، بهجت بشير، في تصريح إلى وكالة «فرانس برس» إنّ «اجتماعات الاحزاب الكردية بدأت اليوم (أمس) في أربيل، وذلك عقب اجتماع عقد أمس (أول من أمس) بإشراف بارزاني». وأضاف أنّ «هذه الاجتماعات هي من أجل توحيد البيت الكردي وخطابه السياسي في كردستان الغربية والاستعداد لمؤتمر جنيف، بحيث تكون المشاركة الكردية قوية في هذا المؤتمر». كذلك أشار إلى أنّ «الاجتماعات تبحث أيضاً معالجة الخلافات العالقة بين المجلسين الكردي وغرب كردستان».
تزايد التنسيق السوري الغربي أمنياً ضد الإرهاب
منعطف في التعاطي الغربي مع النظام السوري، ومعلومات عن بدء حلف غربي سوري ضد "الإرهاب". تعاون أمني مع الأجهزة السورية لبعض الدول الغربية، وإعادة تنظيم للمعارضة السورية المسلحة. والهدف واحد: ضبط تمدد تنظيم "القاعدة" في البؤرة السورية المسلحة، ومواجهته مستقبلاً.
وبحسب مصادر عربية، بدأت الأجهزة الأمنية السورية باستعادة التعاون مع الأجهزة الغربية، بعد سلسلة الزيارات التي قام بها مسؤولون غربيون أمنيون إلى دمشق في الأشهر الماضية، وفتح القنوات التي أغلقت خلال عامين ونصف عام من الحرب السورية. وتلقت الأجهزة السورية معلومات عن "جبهة النصرة"، ذراع "القاعدة" في سورية، بالإضافة إلى معلومات عن تحركات تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" (داعش).
وقال مصدر عربي إن هذه المعلومات سمحت للسوريين بتوجيه ضربات عديدة في الأيام الأخيرة لبعض مراكز "داعش" في سورية، وتلقت هي في المقابل معلومات عن نشاط المقاتلين الأوروبيين في سورية، إلى جانب الجماعات "الجهادية" فيها. وسمحت المعلومات الغربية التي قدمت إلى سورية بإحباط هجمات كانت "النصرة" و«داعش» يعدان لها ضد الجيش السوري في المناطق الشمالية.
وفي إطار إعادة تنظيم المعارضة المسلحة، تعرّض التحالف الغربي - العربي إلى نكسة كبيرة تهدد وحدته، بسبب الخلاف على العملية التي قام بها "أحرار الشام"، ضد مقارّ "هيئة أركان الجيش السوري الحر"، وفرار قائده اللواء سليم إدريس إلى الدوحة، واستيلاء "الأحرار"، وهي جزء من "الجبهة الإسلامية"، على معدات اتصال أميركية متقدمة في مستودعات "الحر" في باب الهوى على الحدود مع تركيا. وقالت مصادر فرنسية إن مجموعة "أصدقاء سورية" المصغرة اضطرت إلى عقد اجتماع مصغر الجمعة الماضي في لندن على مستوى المدراء السياسيين، لتدارس نتائج العملية على ما تبقى من "الجيش الحر".
واتسم الاجتماع بخلافات وحوار صاخب بين الغربيين من جهة والقطريين من جهة أخرى، وضعت وحدة المجموعة ورؤيتها لمستقبل تعاونها على المحك. واتهم الغربيون القطريين بالوقوف وراء العملية، وتشجيع "أحرار الشام" و"لواء التوحيد"، على الهيمنة عسكرياً على قرار المعارضة السورية المسلحة، وتصفية "هيئة أركان الحر" التي عمل الغربيون والأميركيون طويلاً على إنشائها. وقال مصدر فرنسي إن موفد القطريين دافع عن العملية ضد "الجيش الحر"، وعن الجماعات الجهادية التي تبدي فاعلية كبيرة في القتال في الشمال السوري، على العكس من "الجيش الحر".
ويهدد الدعم القطري لـ"الجبهة الإسلامية" إستراتيجية الغربيين التي لا تزال قائمة على دعم "الجيش الحر" والجناح "المعتدل" في المعارضة السورية. وقال المصدر إن السفير الأميركي لدى سورية روبرت فورد أصيب بإحراج كبير خلال الاجتماع و"اتهم القطريين بلعبة مزدوجة، وانه لم يعد مسموحاً لدولة تدّعي أنها حليفة أن تقوم من وراء ظهرنا بتسليح ودعم من يهاجم الجيش الحر". كما اتهمهم الفرنسيون بخيانة تعهدات قدمت لهم، بالمساعدة على إعادة هيكلة "الجيش الحر" وتوحيده.
وتبدو مجموعة الحلفاء على حافة الانفجار، خصوصا أن القطريين والسعوديين باتوا يدعمون علناً، لأسباب متباينة، الاعتماد على الجماعات "الجهادية" لاستعادة المبادرة على الأرض بالنسبة للسعوديين، وتوحيد السلاح المعارض تحت راية واحدة، وخوض مرحلة القتال الطويلة المقبلة ضد النظام السوري، فيما يعمل القطريون على التعويض عن خسارة نفوذهم في "الائتلاف الوطني السوري"، الذي يسيطر عليه السعوديون، باستعادة دورهم المتراجع في أوساط المعارضة المسلحة، عبر فتح قنوات دعم وتسليح والاستعداد لمرحلة مواجهة "داعش" و"القاعدة" والصفقات التي تنعقد حولها، أمنياً وديبلوماسياً.
أما الغربيون، فقد بدأت بعض أجهزتهم باستغلال وجودها في غرف العمليات في أنطاكيا، وخبرتها في المعارضة السورية المسلحة لمد الجيش السوري بالمعلومات عن تحركات "الجهاديين" و"القاعدة" التي فتحت المعركة معها، وباتت تتطلب حسم خيارات من يشارك في الأسابيع المقبلة.
وكان القطريون عبر وزير خارجيتهم خالد العطية، قد نظموا لممثلي الجماعات "الجهادية" اجتماعاً "للتعارف" في أنقرة، في السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، ضم عشرة سفراء من المجموعة المصغرة، فيما رفض المندوب المصري الحضور.
ومن المغالاة القول إن عملية باب الهوى، والاستيلاء على "هيئة أركان الحر" ومستودعاتها قد فاجآ الغربيين والأميركيين خصوصا. فخلال سبع ساعات من النقاش مع 12 «جهادياً» سورياً من قادة المعارضة المسلحة، استمع السفراء، بتشجيع قطري، إلى وجهات نظر "الجبهة الإسلامية"، ورفضها بوضوح أي تمثيل لها عبر «الائتلاف»، أو الخضوع لقيادة «أركان الجيش الحر»، الذي وصفه القادمون من الداخل السوري «بأنه لا شيء، ولا يمثل أحداً، مثل الائتلاف».
وكان جلياً أن «الجبهة الإسلامية»، التي خرجت من عباءة «الأركان»، بعد الاجتماع في أنقرة بأسبوعين تقريباً، قد قررت إطلاق رصاصة الرحمة على ما تبقى من «الجيش الحر»، والاستيلاء على معدات أميركية حيوية في مستودعاته، يحرج الكشف عنها واشنطن ومن شارك في تقديم هذه المعدات من دون ضمانات بوقوعها في أيدي مجموعات تخترقها «جبهة النصرة» و«القاعدة» مثل «أحرار الشام».
وفي هذا السياق، يلتقي فورد بممثلين عن «الجبهة الإسلامية» في اسطنبول خلال الأيام المقبلة. ومن المنتظر أن يستعيد السفير الأميركي نقاشاً بدأ مع بعض أجنحتهم، مثل «أحرار الشام» و«لواء التوحيد» حول مشاركتهم المحتملة في وفد تفاوضي إلى جنيف، كما اقترح قبل أسبوعين. والأرجح أن يطالب السفير الأميركي باستعادة المعدات الحساسة التي استولى عليها قائد «أحرار الشام» حسان عبود (أبو عبد الله الحموي)، قبل أن تقع في أيد غير أمينة، بحسب مصادر فرنسية.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية جين بيساكي «قد يلتقي مسؤولون من وزارة الخارجية مع ممثلين للجبهة الإسلامية هذا الأسبوع»، لكنها أضافت أن «ذلك لا يعني تغيراً في الدعم الأميركي للائتلاف الوطني السوري». وأضافت «المعارضة السياسية السورية بدأت تسعى للاتصال بالجبهة الإسلامية، وهي خطوة نرحب بها في وقت تستعد فيه المعارضة لمؤتمر جنيف 2».
محمد بلوط- صحيفة السفير اللبنانية
مسجد كوهرشاد - مشهد
من بين المساجد الإسلاميّة التي نالت شرفاً خاصّاً مسجد جامع گوهرشاد، بسبب مجاورته للروضة الرضوية. وهو أفخم مسجد في المنطقة المقدسة وأجملها بناءً وزخرفة، قد تطوّعت ببنائه الأميرة گوهرشاد زوجة شاهرخ التیموری سنة 821هـ. ويمكن أن يُعدّ هذا المسجد الواسع صحناً جنوبيّاً للحرم الرضويّ الشريف، واقعاً بين قبر الشيخ البهائي وصحن الإمام الخميني، ممتدّاً إلى 95 متراً طولاً و 84 متراً عرضاً. يتّصل ضلعه الشماليّ عن طريق بابين رئيسيّين بدار الحفّاظ ودار السيادة، ومنهما يتّصل بالحرم المطهّر، ومن جهته الشرقيّة يحدّه صحن الإمام الخمينيّ، فيما يحدّه من جهته الغربيّة قبر الشيخ البهائي وصحن الجمهورية. ولهذا المسجد الشامخ صحنٌ واسع في وسطه يحتضن حوضاً مائيّاً كبيراً، ويقع على كلّ ضلع من أضلاعه الأربعة لهذا الصحن إيوان كبير جميل على طرفَيه إيوانان صغيران، كلّها تتّصل بالمساجد المسقوفة التابعة لمسجد گوهرشاد. أكبر هذه الأواوين وأجملها «إيوان المقصورة» الواقع في الضلع الجنوبيّ للمسجد، وهو بناء ضخم ارتفاعه 25 متراً، غُشي بالقاشانيّ الجميل، وعلى حافّته كُتبت آيات من القرآن الكريم بأحرف واضحة جميلة. يُفتح هذا الإيوان الجنوبيّ على أحد المساجد الجميلة، يضمّ إليه منبراً مصنوعاً بشكلٍ خاصّ، لم يُعمَل فيه مسمارٌ قطّ، قد أُعدّ من الخشب المنبّت الفاخر بأربع عشرة درجة، يُعرف بـ «منبر صاحب الزمان عجّل الله فرَجَه»، يُظنّ أنّه نُصب في هذا المسجد قبل 300 سنة تقريباً. وتعلو هذا المسجد قبّةٌ زرقاء كبيرة، قطرها الداخلي يبلغ 15 متراً، وقد تعرّضت لقصف الجيش الروسي الغاشم سنة 1330هـ فأصابها ما أصابها، ثمّ عُمّرت عام 1960م، وهي تُرى اليوم شامخة بأشكالها المورّدة وعبارات التوحيد والنبوّة والولاية.
تقوم إلى جانب القبّة منارتان شامختان مكسوّتان بالرخام أزرق، يبلغ ارتفاعهما 140 قدماً، فيما يكون ارتفاع القبّة الزرقاء 87 قدماً. ومدخل المسجد من جهة الصحن مكسوّ بالرخام الجميل الدقيق الصنع الذي كُتبت عليه أسماء الله الحسنى. وبالإضافة إلى أنّ هذا المسجد المبارك يموج طوال السنة بالزائرين المصلّين، فهو ـ ومنذ أمد بعيد إلى يومنا هذا ـ
تُلقى فيه الدروس والمعارف الإسلاميّة من قبل المجتهدين والعلماء، كما تُعقد فيه مجالس الوعظ ومجالس ذكر أهل البيت عليهم السّلام طوال العام في مناسباتهم الشريفة سلام الله عليهم.
مسجد گوهر شاد قبل من 1925 ميلادي
التقريب بين حرية الاجتهاد والفقه المقارن
بسم الله الرحمن الرحيم
ضرورة الاجتهاد
العمل بالتكليف أو بالوظيفة التي افترضها الله عز وجل على المسلم قضية يؤمن بها كل مسلم ويصل إليها تدرجا من سلم عقائدي، فبعد الإقرار بالوحدانية الله عزوجل وبالنبوة والرسالة لمحمد(ص) وبالمعاد والحساب على الأعمال في هذه الدنيا، يصل كل مسلم إلى فكرة ضرورة الوصول إلى ما يؤمّنه من العذاب ويكتب له النجاة.
التلقي الأولي للأحكام في عصر الرسالة كان سهل المنال إذ كان يتم بالمباشرة والسؤال من نبي الإسلام، ولكن بعد فترة الرسالة وانقطاع الوحي الرسالي، انسد هذا الباب في عقيدة السنة والجماعة فيما امتد باب التلقي المباشر من قبل الأئمة لدى الشيعة وإلى عصر الغيبة الصغرى، انطلاقا من الصفات التي اثبتتها الإمامية لأئمتهم وأما بعد عصر الغيبة، فقد صار على الفقيه أن يسعى في استنباط الأحكام لنفسه ولمن لم تتهيأ له وسائل الاستنباط من سائر الاستنباط من سائر المسلمين، ولولا هذا الطريق لما عرف الناس أحكام ربهم ولحاروا في متاهات الجهل وسبل الضلال.
إن مسير تطور الحياة الاجتماعية للبشرية ومتطلبات العصر أمر لا يمكن الوقوف أمامه بصمت أو بعجز، بل إن استمرارية الإسلام كشريعة تكفل بناء الحياة الإنسانية يتطلب الإجابة عن ذلك، ومن هنا نحس بشدة ضرورة فتح باب الاجتهاد والبحث الجاد عن كل مسألة من الفقه ، لئلا يصيبه الجمود في شكله ومحتواه وليتبلور حتى يصبح معطاءا مجيبا على كل حادثة تحدث ومسألة تتجدد ، ويسر مع عجلة الزمن ويملأ الفراغ الذي يواجهه الإنسان الذي يعطى كل يوم شكلا جديدا لحياته الفكرية والاجتماعية . إن تعطيل التجديد والاجتهاد في الفقه الإسلامي يعني ايقاف المسلم عن سيره التقدمي والحد من نشاطاته الأصيلة ودفعه إلى التسول من الخارجين على دينه والمناهضين لمعتقداته. وأخيرا سلب الاعتماد على شخصيته وذوبانه فيما يستورد له من وراء حدود وطنه الإسلامي الأكبر [1].
أدوار الاجتهاد
نجد من الحاجة قبل ان نستعرض النقطة الرئيسية في هذه السطور وهي دور حرية الإجتهاد في الوحدة الإسلامية أن نستعرض تاريخ حركة الاجتهاد لدى المسلمين انطلاقا من بيان الأدوار التي مر بها:
الدور الأول: دور الصحابة والتابعين كان بعض الصحابة إذا عرضت لهم مسألة يحاولون أن يجدوا حلها من الكتاب أو السنة، فإن وجدوا حلها فيها وإلا كانوا يعملون بما وصل إليه رأيهم في المسألة - وإن كان هناك من يتوقف من الإفتاء بالرأي - كما تدل على ذلك نصوص كثيرة . ففي حديث ميمون بن مهران : " كان أبو بكر إذا ورد عليه الخصم نظر في كتاب الله ، فإن وجد فيه ما يقضي بينهم قضى به ، وإن لم يكن في الكتاب وعلم عن رسول الله صلى الله عليه وآله في ذلك الأمر سنة قضى بها ، فإن أعياه خرج فسأل المسلمين فقال : أتاني كذا وكذا ، فهل علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله قضى في ذلك بقضاء ؟ فربما اجتمع إليه النفر كلهم يذكر عن رسول الله صلى الله عليه وآله فيه قضايا ، فيقول أبو بكر : الحمد لله الذي جعل فينا من يحفظ علينا علم نبينا ، فإن أعياه أن يجد فيه سنة عن رسول الله صلى الله عليه وآله جمع رؤوس الناس وخيارهم فاستشارهم ، فإذا اجتمع رأيهم على أمر قضى به [2].
الدور الثاني: دور الأئمة الأربعة ويمتد هذا الدور من أوائل القرن الثاني إلى منتصف القرن الرابع، وكان من ظواهر هذا الدور: اتِّساع الحضارة ونمو الحركة العلمية في الأمصار الإسلامية ، وازدياد حفاظ القرآن والعناية بأدائه وتدوين السنة وأصول الفقه، وظهور المصطلحات الفقهية، وظهور المذاهب الأربعة وغيرها من المذاهب المنقرضة، والنزاع في مادة الفقه - السنة والإجماع والقياس وغيرها - وانشقاق المدرسة إلى مدرستي الرأي والحديث.
الدور الثالث: دور التقليد وهو دور حصر الاجتهاد والدعوة إلى التقليد ، ولا يُمكننا تعيين بداية هذا الدور على التحديد، وذلك أنَّ المحاولات لتحديد دائرة الاجتهاد كانت كثيرة وفي أزمنة مختلفة، فكانت هذه المحاولات في فترة بين الرابع والسابع الهجري. وتوقف الفقهاء في هذا الدور عن كل حركة علمية، وأعرضوا عن النظر في الكتاب والسنة، ولبثوا يجترون بعض الكتب الفقهية القديمة.
الدور الرابع: فتح باب الاجتهاد من جديد وهو دور الدعوة إلى انفتاح باب الاجتهاد من جديد، وفي الواقع لا ينبغي أن نجعل هذا الدور دورا خاصّا؛ لأنَّ هناك من كان يدعو إلى فتح باب الاجتهاد والاعتراض على سده منذ القرون التي أعلن فيها انسداد بابه حتى يومنا هذا ، أمثال أبي الفتح الشهرستاني المتوفى سنة 548، وأبي إسحاق الشاطبي المتوفى سنة 790 والسيوطي المتوفى سنة 911 ، وقد ألّف السيوطي رسالة سماها " الرد على من أخلد إلى الأرض ، وجهل أن الاجتهاد في كل عصر فرض "، وقدم لهذه الرسالة بقوله : " إن الناس قد غلب عليهم الجهل ، وأعماهم حب العناد وأصمهم ، فاستعظموا دعوى الاجتهاد وعدوه منكرا بين العباد ، ولم يشعر هؤلاء الجهلة أنه فرض من فروض الكفايات في كل عصر ، وواجب على أهل كل زمان ، أن يقوم به طائفة في كل قطر "
واستمر هذا الصمود أمام غلق باب الاجتهاد إلى القرون المتأخرة حيث ظهر في العلماء من يدعو إلى فتح بابه من جديد ، أمثال السيد جمال الدين الأسد آبادي ( المشهور بالأفغاني ) الذي كان يقول : " ما معنى باب الاجتهاد مسدود ؟ وبأي نص سد ؟ وأي إمام قال : لا يصح لمن جاء بعدي أن يجتهد ليتفقه في الدين ويهتدي بهدي القرآن وصحيح الحديث والاستنتاج بالقياس على ما ينطبق على العلوم العصرية وحاجات الزمن وأحكامه ". ومثل الشيخ محمد عبده حيث يقول : " إن الحياة الإنسانية للمجتمع الإنساني حياة متطورة ، ويجد فيها من الأحداث والمعاملات اليوم ما لم تعرفه أمس هذه الجماعة ، والاجتهاد هو الوسيلة المشروعة الملائمة بين أحداث الحياة المتجددة وتعاليم الإسلام ، ولو وقف الأمر بتعاليم الإسلام عند تقفه الأئمة السابقين لسارت الحياة الإنسانية في الجماعة الإسلامية في عزلة عن التوجيه الإسلامي ، وبقيت أحداث هذه الحياة في بعد عن تجديد الإسلام إياها.
دور حرية الاجتهاد في الوحدة الإسلامية
بعد هذا التقديم، يمكننا أن نحدد دور حرية الاجتهاد في وحدة المسلمين:
أولا: إن سدّ باب الاجتهاد وحصر المذاهب في المعروف منها أدّى إلى اعتبار كل خارج عنها خارجا عن الإسلام، ومحاربته ومواجهته في بعض الأحيان، وما جر على الأمة من شدائد وعظائم، ولكن فتح باب الاجتهاد، سوف يجعل من مخالفة كل مخالف ضمن الإطار العام، وسوف يتلافى اتهام البعض للآخر بالخروج عن الدين وعن الإسلام.
نعم لا بد وان تنضبط حركة الاجتهاد هذه ضمن قواعد عامة، وهو امر ليس عسيرا فهذه حركة الاجتهاد في الفقه الشيعة وقد زاد عمرها عن الألف عام ما زالت تسير ضمن قواعد محددة تطور كتطور العلوم كافة، ولكن حركة كل مجتهد وفقيه فيها تبقى ضمن الإطار العام وضمن القواعد العامة.
ثانيا: إن فتح باب الاجتهاد يفتح الباب أمام قبول الآخر، فإن فهم الاختلاف معه مع فرض سدّ باب الاجتهاد سوف يفسّر على أنّه خلاف في الإسلام وعدمه وليس خلافا في فهم الحكم الشرعي أو فهم النص النبوي، فالذي تبنى رفض أي باب للاجتهاد الحر سوف يرى في مخالفة المذاهب الفقهية المعروفة مخالفة للإسلام، وأما الذي يتبنى فتح باب الاجتهاد فسوف يراها مخالفة ضمن الإطار الإسلامي وفي النص الديني.
ثالثا، إن فتح باب الاجتهاد سوف يؤدي إلى معذورية الآخر المختلف، وذلك انطلاقا مما تقدّم في النقطة الثانية، فإن من يرى حرية الاجتهاد في الدين فإنه سوف يرى من يختلف معه معذورا فيما توصل إليه سواء أصاب أم أخطأ، وذلك خلافا لمن سد باب الاجتهاد فإنه سوف لا يراه معذورا بل يرى في رأيه بدعة، وخروجا عن الدين ومروقا عن ربقة المسلمين، ومعذورية صاحب الرأي المختلف هو ما رمى إليه الشيخ شلتوت عندما عمم جواز التعبّد بالمذاهب إلى المذهب الجعفري.
رابعا، إن حرية الاجتهاد سوف تفتح الباب أمام تقريب وجهات النظر بين المذاهب الإسلامية، وذلك عندما يقرأ فقهاء كل مذهب فقه الآخر ساعين إلى فهم طرق ووسائل استنباط الحكم الشرعي لديه، الأمر الذي يقرب النفوس ويأتلفها.
الفقه المقارن، الأهمية ودوره في التقريب
يجدر بنا حيث نتحدث عن الاجتهاد في الفقه ودوره في التقريب بين المذاهب أن نستعرض وبوضوح أهمية الفقه المقارن ودوره في التقريب بين المذاهب:
دور علماء الشيعة في الفقه المقارن
سوف نستعرض بداية دور علماء الشيعة في الفقه المقارن، وذلك من خلال بيان بعض مصادر الفقه الشيعي التي اتسمت بمعالجتها لموضوعات الفقه المقارن، لنوضح بعد ذلك كيف يسهم ذلك في التقريب بين المذاهب، وهي تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: الفقه المقارن مع المذاهب الفقهية الأخرى
1 - " المعتبر في شرح المختصر " للمحقق الحلي المتوفى ( 676 ) ، فقد تعرض في بعض المسائل إلى مذاهب الجمهور وخلافهم مع الإمامية .
2 - " منتهى المطلب في تحقيق المذهب " للعلامة الحلي المتوفى ( 726 ) ، قال عنه هو في كتابه " الخلاصة" : " لم يعمل مثله ، ذكرنا فيه جميع مذاهب المسلمين في الفقه ، ورجحنا ما نعتقده بعد إبطال حجج من خالفنا فيه.
3 - " تذكرة الفقهاء " له أيضا : وتعرض فيها المؤلف إلى خلاف الفقهاء ، وكتبه بالتماس ولده فخر المحققين ، كما قال في مقدمته.
القسم الثاني: الفقه المقارن داخل المذهب الشيعي
إن غالب الكتب الفقهية المبسطة تتعرض لأقوال الفقهاء الآخرين ولكن هناك بعض الكتب قد ألفت لغرض بيان اختلاف الفقهاء ونقل أقوالهم فمن ذلك:
1 - " مختلف الشيعة " للعلامة الحلي قدس سره والظاهر أنه أول ما ألف في هذا المجال.
2 - " مفتاح الكرامة " للسيد محمد جواد الحسيني العاملي قدس سره ، المتوفى حدود ( 1326 )، وهو الآن في عشرة مجلدات من القطع الكبير.
وإنما تعرضنا للقسمين لبيان أثر ذلك على الوحدة بين المسلمين.
أثر الفقه المقارن على التقريب والوحدة بين المسلمين
تظهر أهمية الفقه المقارن في التقريب بين المذاهب من خلال النقاط التالية:
أولا: تحديد الخلاف في الأطر الفقهية، فإن فائدة الفقه المقارن تظهر في تحديد أسباب الاختلاف بين الفقهاء، وتطل على دور اختلاف المباني في اختلاف النتائج الفقهية، وهذا ما يحدد ويقصر من دائرة الخلاف الفقهي، لأن الصورة القائمة فعلا مع عدم تعميق أبحاث الفقه المقارن وعدم اتساعها هو أن الخلاف يمتد إلى العمق وإلى الإسلام نفسه، وكأن المختلف في الفقه مختلف في الدين.
ثانيا، إن الرجوع إلى الفقه المقارن في داخل إطار كل مذهب (كما في القسم الثاني المتقدّم آنفا)، ثمَّ الرجوع إلى الفقه المقارن بين المذاهب الإسلامية، يوضح لنا وبجلاء أن الخلاف الفقهي بين المذاهب لن يكون كبيرا، بالقياس إلى الخلاف داخل المذهب الواحد، فكما لا يؤدي الثاني إلى الشقاق والخلاف فلا ينبغي أن يؤدّي الأول إلى ذلك.
ثالثا، إنّ الفقه المقارن سوف يسلِّط الضوء على النقاط الخلافية ليعمل على معالجتها، فإن أمكن كان حسنا، وإلا كان إتباع كل طرف للدليل واضحا لدى الآخر، الأمر الذي يحد من الخلاف مهما اشتد الاختلاف.
رابعا، إن الفقه المقارن سوف يثبت بالأرقام عدد الاختلافات الموجودة بين المذاهب الإسلامية، وأنّ الاختلاف السني ـ الشيعي، لا يقصر عن الاختلاف بين مذهبين من المذاهب الفقهية الأربعة، ومن هنا لماذا يتم تضخيم الخلاف مع الفقه الشيعي؟ ألا ينمّ ذلك عن عدم اطّلاع دقيق على الاختلاف الفقهي.
خامسا، إن الفقه المقارن سوف يسلّط الضوء على نوع المسائل المختلف فيها، ليعلم كيف أنها تتعلق ببعض التفاصيل والجزئيات ولا تتعلق بالأسس وإلا فالاتفاق واقع بين المسلمين على القضايا المتعلقة بالعبادات والمعاملات وإنما الخلاف في بعض المفردات أو الشروط أو الموانع.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين
السيد عباس علي الموسوي
باحث ومفكر اسلامي - لبنان
الهوامش:
[1] - (نخبة الأزهار - تقرير بحث الأصفهاني ، للسبحاني - ص 5)
[2] - (حصر الاجتهاد - آقا بزرگ الطهراني - ص 20)