
Super User
الآثار التربوية للصلاة
مما لا شكّ فيه انّ للصلاة كما هي الحال في سائر العبادات آثاراً إيجابية على الفرد نفسه وعلى المجتمع. فعلى الرغم من أنّ الصلاة تساهم في إشباع حاجة الدين والإرتباط بالمطلق
والتي تمثل إحدى الحاجات الأساسية للفرد والتي سبب إهمالها في عصرنا الحالي خواء روحياً واضحاً أثر في نظرة الفرد إلى المجتمع وإلى الحياة مما سبب في أزمات نفسية حادة هي التي كانت وراء تزايد نسبة الأمراض النفسية والإنتحار وغيرها.
إنّ قيام الفرد للصلاة بين يدي خالقه يساهم في توفير الإشباع الذاتي لحاجة الإنتماء الإجتماعي من خلال إحساسه بالإنتماء إلى العقيدة الدينية ومشاركته ملايين المسلمين في أداء الفريضة.
وهذا مما يساعد في زوال أمراض الشعور بالحقارة والنقص والتي قد تتولد لدى الفرد نتيجة مهنة حقيرة أو طبقة متدنية وغيرها، وهذا يساهم في رفد الشعور بالمساواة لدى الفرد الأمر الذي يزيد من تقبله لذاته ورضاه عن واقعه ويشجعه على البحث عن أسلوب التفاضل الواضح بين الناس ألا وهو التقوى.
فهنا الإنتماء الإلهي من خلال فريضة الصلاة وخاصة في صلاة الجماعة حيث يقف المسلمون سواسية كأسنان المشط دون فضل لعربي على أعجمي ولا أسود على أبيض إلا بالتقوى وهذا ساهم في تعزيز المعنويات ودفع الفرد نحو إستحصال مراتب إيمانية واضحة.
من ناحية أخرى يشعر المصلي بأنّه واحد من ملايين من البشر قد اتجهوا نحو مكان واحد لعبادة رب واحد وأداء عمل واحد هو الصلاة وهذا الشعور يقوي عنده الإحساس بالقوة والعزة.
وهذا الشعور بالقوة يذلل أمام الفرد المصلي الكثير من إحساسه بمواقع الضعف والجبن كما يجعله أمام بصيرة واحدة تقول انّ العزة لله جميعاً والعزة تأتي من التقوى والإيمان إذا كان الهدف من العبادات هو تقوية رابطة العبد بالله من خلال تركه لأمور الدنيا مهما بلغت قيمتها والتفرغ لعبودية الله تعالى في أوقات محدودة لم يخترها الإنسان لنفسه إنما أرادها الله تعالى بهذه الصورة الثابتة منذ 14 قرناً من الزمان.. فهذه التقوية الإيمانية تشجع صاحبها على ترك المنكرات والقيام بالواجبات وعلى السير في نهج الطاعة.
فمن خلال العبودية يستشعر الفرد مدى حاجته إلى المطلق ويدرك أيضاً نقصه الذاتي وعدم قدرته على مقاومة الشيطان والأهواء الا بالإلتجاء إلى حصن الله الحصين بمعنى ان تتحول الصلاة من مجرد طقوس وحركات جوفاء لا فائدة منها إلى عملية تطهير وغسل للقلب الداخلي من الخطايا والذنوب المتراكمة، وما لم تكن الصلاة هكذا فلا فائدة منها كما قال تعالى: (فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ) (الماعون/ 4-5).
وقال أيضاً: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلا وَهُمْ كَارِهُونَ) (التوبة/ 54).
نفسياً: تعتبر الصلاة مدرسة سلوكية مهمة تعالج السلوك وتنفرد بنظامها الحركي والتعبدي لتصل إلى غاية أهدافها من إطمئنان النفس وإستقرار العاطفة والوجدان والإبتعاد عن الفحشاء والمنكر.. والصلاة هي الطريق نحو فقه التدين وهي الحافز نحو تعلم السلوكيات الصحيحة والفضائل المرغوبة، والإبتعاد عن الأخلاق السيِّئة والتمسك بالخلق الحسن.
ثمّ انّ الصلاة تعتبر واحدة من العلاجات السلوكية والمعرفية لأنماط كثيرة من الأمراض النفسية فهي تزيل الإكتئاب عن طريق تلاوة القرآن الكريم فيها وما يبعثه من الطمأنينة، ثمّ هي تخفف حدة التوتر بأسلوب إيجابي عن طريق تغير الحركات من ركوع وسجود وغيره ثمّ هي متكررة 5 مرّات في اليوم وهي تتخذ أوقات تصاعد الضغوط النفسية عبر محطات عديدة في اليوم وهذا ما يخفف هذه الأزمات القلبية والعصبية التي قد تهاجم المريض بسبب ضغوط نفسية شديدة.
لا ننسى انّ الإستعداد للصلاة هو أيضاً من عوامل تخفيف التوتر وتغيير الأجواء النفسية فالوضوء يقلل حدة الغضب ويخفف الإكتئاب والقلق وبالتالي فالإستعداد للصلاة بالوضوء مثلاً له أثر إيجابي نفسي بغض النظر عن الطهارة الواجبة.
وكثير من الأحيان يغير الفرد مكانه للصلاة وتغيير المكان في وقت واحد أيضاً يساهم في تقليل حدة الآثار الحاصلة أو المهيجات النفسية بسبب المكان ثمّ التوجه بعيداً عن الناس وعدم التكلم معهم للحظات هو أيضاً من عوامل الخلوة النفسية التي تجعل الفرد يراجع نفسه إزاء الظروف المواجهة والتحديات. والتوجه للقبلة ولمكان واحد ثابت خالد مع الأزمان هو أمان لأهل الأرض وهو مقدس لدى الجميع، هو أيضاً من عوامل تعزيز الشعور بالأمن النفسي الذي هو غاية مفقودة في زماننا تقريباً.
أيضاً تعتبر الصلاة من وسائل الضبط النفسي فربّما هو جائع ولكنه يؤجل حاجته لما بعد الصلاة، وربّما هو متوتر ويريد الدخول في عراك وخصام ولكن وقت الصلاة حان فيصلي فتكون الصلاة بمثابة عملية إسترخاء تساهم في تخفيف حدة الضغط النفسي.
وأيضاً لتواترها مرّات في اليوم فهي محطات إستراحة لنفس في آفاق هادئة آمنة، وادعة بعيدة كل البعد عن الوضع المتأزم الذي ينذر بالإختناق.
وقد يرى البعض انّه من الصعب عليه أن يلتزم بأمر الصلاة على أوقاتها أو بأمر الحفاظ على مستلزماتها من طهارة المكان والملبس وغيره وهذه تجعل الفرد يزداد حرصاً على تطبيق المفاهيم والشعائر الإسلامية مما يقوي عنده الإرادة، فربما إمرأة ضعيفة الإرادة ترى في ولدها الصغير حائلاً عن الصلاة بحجة التنجس وغيره وأخرى تحرص على أن تؤدي الصلاة رغم أن لها أطفالاً صغاراً وطبعاً في الأمر مشقة ربّما وعناء، ولكن هذه تقوي الإرادة وتزيد من الثبات كما انّها تساهم في تقوية بناء الشخصية وزيادة ثقتها بنفسها وقدرتها على الثبات أمام المتغيرات الموجودة حالياً وأمام الشدائد مستقبلاً. وبالتالي فهي تساهم في إيجاد صحة نفسية جيِّدة وصالحة للفرد تنبثق هذه من معرفة الله تعالى وهو لكنها الله (معرفة الله عزّوجلّ تمثل نقلة كبيرة في الصحة النفسية بل هي قمة القمم.. إذ انّ هدف الصحة النفسية هو الربانية والإطلاع على العظمة الإلهية وهو إدراك العجز عن إدراك كنه الذات الإلهية فالصحة النفسية في الإسلام إذن هي لحظات تأمل وتدبر وتفكر تورث في النفس إيماناً وصفاء ونقاء وقوة في اليقين.
الصحة النفسية هي الامعان والتدقيق والتمحيص الذي يورث معرفة الله عزّوجلّ فيصل إلى الفطنة والكياسة فينعم المرء بالسعادة في الدنيا والآخرة).
مواجهات بين الشرطة ومتظاهرين في عدد من المحافظات المصرية
إندلاع مواجهات بين الشرطة المصرية ومتظاهرين خرجوا بعد صلاة الجمعة متحدين قانون التظاهر الذي يضع شروطاً للتجمعات العامة والتظاهرات، والشرطة تفرق متظاهرين أمام قصر القبة وتعتقل 5 في سوهاج.
إندلعت مواجهات في القاهرة وعدد من المدن المصرية الجمعة أثناء محاولة الشرطة تفريق تظاهرات نظمها إسلاميون في تحدٍ للقانون الجديد الذي يحظر التظاهرات غير المرخص لها.
وأفاد المراسلون إطلاق قوات الأمن غازاً مسيلاً للدموع لتفريق متظاهرين من الإخوان المسلمين تجمعوا في محيط قصر القبة.
وأشار المراسلون إلى حصول اشتباكات بالحجارة والمولوتف بين الإخوان المسلمين والأهالي في المنوفية، إضافة إلى اعتقال 5 متظاهرين بسوهاج.
واستخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع ضد انصار الرئيس المعزول محمد مرسي في حي المهندسين في القاهرة وعلى طريق رئيسي مؤد الى الاهرامات.
ورد المتظاهرون برش الشرطة بالحجارة واحراق الإطارات، بحسب المسؤولين، واضافوا ان الشرطة فرقت احتجاجات في مدن السويس والمحلة وقنا.
وكانت السلطات المصرية الموقتة شددت قبضتها الامنية الخميس بتوقيف الناشط السياسي علاء عبد الفتاح، والتحذير ضد تسيير اي تظاهرات بدون ترخيص الجمعة والذي يشهد بشكل اسبوعي تظاهرات للاسلاميين منذ عزل محمد مرسي في الصيف الفائت.
لكن جماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي اليها مرسي دعت الى خروج التظاهرات عقب صلاة الجمعة، وبدأت التظاهرات مع خروج المصلين من المساجد.
ويحظر القانون الذي اصدره الرئيس المصري الموقت المستشار عدلي منصور التظاهرات والتجمعات العامة كما يتضمن عقوبات بالسجن من سنة الى خمس سنوات، ويلزم منظمي التظاهرات بابلاغ السلطات قبل ثلاثة ايام عمل على الاقل وتقديم بياناتهم الشخصية وتحديد مكان المسيرة ومطالبهم والهتافات التي سيرددونها.
وكانت وزارة الداخلية المصرية حذرت الخميس "كافة المواطنين من الإقدام على تنظيم أية فاعليات أو تجمعات أو مواكب أو تظاهرات مخالفة للقانون بدون إخطار مسبق للجهات الأمنية المعنية".
وشددت الداخلية على انها ستتعامل مع الفعاليات غير القانونية "بالقدر المناسب من الحسم والحزم" وفقاً للقانون.
ومنذ دخول القانون حيز التنفيذ، استعملت الشرطة القوة ضد كافة المتظاهرين على اختلاف انتماءاتهم السياسية، من دون ان يكون الامر محصوراً بالتظاهرات التي ينظمها انصار الرئيس المعزول.
تركيا تتخلى عن مشروع "العثمانية الجديدة" في المنطقة
وسط تزايد المؤشرات على تغيير بارز في سياسة تركيا الخاصة بعلاقاتها مع دول الجوار، مصادر في أنقرة تكشف للصحيفة أن التغيير يرتبط بقرار مجلس الأمن التركي منح أولوية للعب البلاد دور "الممر الآمن للطاقة" بدل "العثمانية الجديدة" والتحالف مع التنظيمات الإسلامية.
يوسف الشريف- صحيفة "الحياة": وسط تزايد المؤشرات على تغيير بارز في سياسة تركيا الخاصة بعلاقاتها مع دول الجوار وتعاملها مع قضايا منطقة الشرق الأوسط، كشفت مصادر في أنقرة للصحيفة، أن التغيير يرتبط بقرار مجلس الأمن التركي خلال اجتماعه الدوري الشهر الماضي، الذي منح أولوية للعب البلاد دور "الممر الآمن للطاقة" من المنطقة إلى الإتحاد الأوروبي وأوروبا الشرقية، والذي اختارته بعد انتهاء الحرب الباردة في التسعينات من القرن العشرين، قبل أن تتراجع عنه للتركيز على العلاقات مع الشرق الأوسط في إطار ما سمي بـ "العثمانية الجديدة"، والتحالف مع التنظيمات الإسلامية.
ويفرض ذلك تغييرات جذرية في السياسة الخارجية لتركيا للتقارب مع دول الجوار، من أجل ضمان مرور خطوط الغاز المستكشف حديثاً شرق البحر المتوسط وشمال العراق عبر أراضيها إلى أوروبا، علماً أن هيئة المسح الجيولوجية الأميركية قدّرت عام 2010 وجود 3455 بليون متر مكعب من الغاز و1.7 بليون برميل من النفط قبالة سواحل إسرائيل وقطاع غزة وقبرص وسورية ولبنان.
وتشمل التغييرات وضع أنقرة خططاً جديدة لمد الجسور مجدداً مع مصر، وبناء علاقات جيدة مع سورية "الجديدة" في مرحلة ما بعد مؤتمر "جنيف– 2"، إضافة إلى استعجال المصالحة مع إسرائيل وتحريك الملف القبرصي. كما يجب أن توطد علاقاتها مع إقليم كردستان العراق وبغداد، وان تفسح في المجال مجدداً أمام مشاريع الغاز الإيراني التي بقيت، رغم الضغوط الغربية السابقة على تركيا تنفيذاً للعقوبات الدولية التي فرضت على طهران بسبب برنامجها النووي.
وترى مصادر ديبلوماسية غربية أن قرار مجلس الأمن القومي التركي يفسر التقارب السريع والمفاجئ بين أنقرة وطهران، اللتين اتفقتا الأربعاء الماضي على دعم "جنيف-2" والعمل لوقف النار في سورية، وإيجاد حل سلمي توافقي بين الأطراف المتنازعة.
وتنتظر أنقرة وإقليم كردستان العراق مباركة واشنطن تدشين مشاريع لمد خطوط نفط الإقليم ثم الغاز عبر تركيا إلى أوروبا، علماً أن العلاقات بين أنقرة وأربيل شهدت قفزة نوعية بعد زيارة رئيس الإقليم مسعود بارزاني مدينة دياربكر، متجاوزاً حساسيات كردية قديمة مع تركيا، ولقائه رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان الذي دعاه لزيارة أربيل قريباً.
ويصل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي إلى تركيا قريباً، لحل خلافات بين البلدين وتدشين تعاون نفطي جديد. ويرى ديبلوماسيون أتراك أن العودة إلى استراتيجية "الممر الآمن للطاقة" في المنطقة، سيتطلب عملاً أكبر لترميم العلاقات مع دول الجوار، وهو ما يحقق تقدماً مع إيران والعراق وإسرائيل، بخلاف سورية "الجديدة" ومصر، فيما باتت الأجواء ملائمة لإعادة تحريك ملف جزيرة قبرص في اتجاه توحيدها.
صحف روسية: حرب أعصاب أميركية صينية وتغيير قواعد اللعبة
صحيفة "كويرسنت" الروسية تعتبر أن قرار بكين إنشاء منطقة الحظر الجوي فوق بحر الصين الشرقي شكل بداية مواجهة بين واشنطن وبكين، وأن تحليق الطائرات الأميركية فوق تلك المنطقة مؤخراً تحمل دلالات كثيرة أبرزها أن تغيير قواعد اللعبة ليس إلا خطوة استفزازية.
تحت عنوان "آسيا.. اختمار صراع جديد للقوى الرئيسية" اعتبرت صحيفة "كويرسنت" الروسية أن المواجهة بين الولايات المتحدة والصين واليابان تمثل مرحلة جديدة. وذهبت إلى القول إن قرار بكين إنشاء منطقة الحظر الجوي فوق بحر الصين الشرقي كان بداية هذه المواجهة. فبكين وطوكيو تتنازعان السيطرة على جزر سينكاكو (دياويو)، وقد سارعت واشنطن إلى ترجمة علاقاتها الودية مع اليابان وتجاهلت التحذيرات الصينية عبر تسيير رحلات استكشافية لطائراتها الحربية فوق منطقة الحظر الصينية، ما دفع لجان المقاومة الشعبية إلى الإستنفار ودخلت المنطقة في حرب أعصاب تمتد من البحر إلى الجو.
وأشارت الصحيفة، إلى أنّ الخطوة الاميركية وإن ادخلتها واشنطن ضمن التدريبات الروتينية، لكنها تحمل دلالات كثيرة لعل أبرزها ايصال رسالة الى بكين مفادها بأن أي تغيير لقواعد اللعبة في المنطقة ليس إلا خطوة استفزازية، وبناء عليه فإن المواجهة حول الجزر المتنازع عليها سيكون واحداً من الموضوعات الرئيسية التي سيبحثها سكرتير وزارة الخارجية الأميركية جو بايدن خلال جولته الأسبوع المقبل والتي ستشمل بكين وطوكيو وسيول.
من جهتها، سلّطت صحيفة "راسيسكايا غازيتا" الضوء على العلاقات المصرية الروسية فقالت إن القاهرة تستعد لعلاقات جدية مع موسكو، كاشفة إن السفير المصري لدى موسكو محمد البدري يأمل في انطلاق المرحلة الجديدة من العلاقات الروسية المصرية بعد 70 عاماً على اقامة العلاقات الديبلوماسية بين موسكو والقاهرة.
وفي مقابلة مع الصحيفة الروسية، قال البدري إنه يأمل في ارتفاع أعداد السياح الروس، ووصف الأوضاع في القاهرة "بالأكثر هدوءاً وإن كان بعض المتظاهرين يتجمعون في بعض أحياء المدينة احتجاجاً على قانون التظاهر". لكن الأهم في رأي السفير المصري يكمن في رفع وزارة الخارجية الروسية الحظر عن تنظيم الرحلات إلى مصر.
وذكّر البدري بالإصلاحات التي اتخذتها حكومته منها العمل على إصدار دستور جديد أوائل العام المقبل والإعداد للانتخابات البرلمانية والرئاسية. وأكد أن المصريين تعلموا من الأخطاء التي ارتكبت، وانه لا مجال لتكرار التجربة التي تلت ثورة 25 كانون الثاني/ يناير.
فشل توقيع اتفاقية الشراكة بين أوكرانيا والإتحاد الاوروبي
اوكرانا والإتحاد الاوروبي يفشلان في التوقيع على اتفاقية الشراكة خلال قمة "الشراكة المشرقية" المنعقدة في العاصمة الليتوانية فيلنوس، ومصدر دبلوماسي أوروبي مطلع يقول إن دول الاتحاد لن توافق على تخفيف المطالب التي قدمتها لأوكرانيا.
أعلن وزير الخارجية الليتواني ليناس لينكيفشيوس الجمعة أن الاتحاد الأوروبي لن يوقع اتفاقية الشراكة مع أوكرانيا خلال قمة "الشراكة الشرقية" المنعقدة في فيلنوس (عاصمة ليتوانيا)، وذلك بعد مفاوضات استمرت حتى ساعة متأخرة من مساء الخميس وقال الوزير: "للأسف الشديد، لن تُوقع الاتفاقية".
من جانب آخر، قال مصدر دبلوماسي أوروبي مطلع إن دول الاتحاد لن توافق على تخفيف المطالب التي قدمتها لأوكرانيا، وذلك من أجل إقناعها بتوقيع الاتفاقية.
وقال المصدر إن"مجلس الإتحاد الأوروبي قد حدد شروط توقيع اتفاقية الشراكة في كانون الأول/ ديسمبر عام 2012، وهي إصلاح قوانين الانتخابات والمنظومة القضائية والحيلولة دون حالات "العدالة الانتقائية" بما فيها الوضع المتعلق بيوليا تيموشينكو(رئيسة الوزراء السابقة) إنها الشروط المبدئية التي سيؤدي التخلي عنها الى تجريد اتفاقية الشراكة ومنطقة التجارة الحرة من معناها، وهذه الاتفاقية معنية ليس بالاقتصاد ورفاهية الشعب الأوكراني فحسب، بل وبالقيم الأوروبية المشتركة أيضا".
بدوره كتب وزير الخارجية السويدي كارل بيلدت على صفحته في موقع "تويتر" إن أوكرانيا رفضت التوقيع على اتفاقية الشراكة مع الإتحاد الأوروبي بسبب الضغوط التي تمارسها روسيا عليها، على حد تعبيره. وكان الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش قد وصل الخميس الى فيلنوس للمشاركة في القمة بجانب زعماء الدول الأوروبية الـ28 ورؤساء المؤسسات الأساسية في الاتحاد الأوروبي وممثلي 5 من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابق، وهي بيلاروس وأرمينيا وأذربيجان وجورجيا ومولدوفا. والزعيم الوحيد الذي لم يحضر القمة هو الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو الذي فرض الإتحاد الأوروبي عقوبات عليه، إذ مثل بلاده في القمة وزير الخارجية فلاديمير ماكيه.
ومن المنتظر أن توقع جورجيا ومولدوفيا على اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي الجمعة خلال أعمال اليوم الثاني من القمة.
يذكر أن كييف أعلنت منذ أسبوع تعليق المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن اتفاقية الشراكة والتي كان من المقرر توقيعها خلال تلك القمة، إذ أعلن الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش أن بلاده ستنتظر ظروفا ملائمة لتوقيع اتفاق الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، تكون متماشية أكثر مع المصالح الأوكرانية.
وتتمسك كييف بقرارها تأجيل توقيع الاتفاقية، رغم الإحتجاجات التي تجريها المعارضة الأوكرانية منذ أسبوع، إذ اعتبرت الأخيرة رفض التوقيع على الإتفاقية إشارة الى نية الحكومة التخلي عن هدف الإنضمام إلى الإتحاد الأوروبي، والتركيز بدلا من ذلك على تعميق العلاقات مع روسيا.
وذكرت مصادر أوروبية أن يانوكوفيتش دعا الزعماء الأوروبيين خلال مأدبة العشاء في اليوم الأول من قمة فيلنوس، إلى العمل على حل المشاكل الاقتصادية التي تواجها أوكرانيا، بالتعاون مع موسكو.
وأصر على ضرورة تعديل المطالب التي طرحها الإتحاد الأوروبي لتوقيع اتفاقية الشراكة، من أجل حماية المصالح الإقتصادية الأوكرانية بشكل أفضل.
استدارة أردوغان يظللها خلاف مع غولن
إسطنبول | بعيداً عن اهتمامات الإعلام الخارجي، تشهد تركيا نقاشاً مثيراً قد يقرر مصير رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان وحكومة حزب العدالة والتنمية التي تحكم البلاد منذ نهاية ٢٠٠٢. فبعد سلسلة من المعلومات التي تحدثت طيلة العامين الماضيين عن ملفات وصراعات جدية بين أردوغان وحليفه الإسلامي فتح الله غولن، انفجر هذا الخلاف هذه المرة علناً بعد قرار الحكومة إغلاق المعاهد الخاصة التي تهيّئ الطلبة لامتحانات الإعدادية والثانوية، أي دخول الجامعات.
وتنتشر الآلاف من هذه المعاهد في جميع أنحاء تركيا، ويتردد اليها الملايين من الطلبة الذين يمكن كسبهم بطريقة ذكية الى جانب مجموعة غولن الدينية التي تملك حوالى خمسين في المئة من المعاهد المذكورة.
وتفيد تقارير أمنية بأن غولن، وهو زعيم طريقة دينية مقيم في أميركا، قد كسب أعداداً كبيرة من الأنصار عبر هذه المعاهد، حيث تغلغل هؤلاء في المرحلة اللاحقة الى مختلف مؤسسات الدولة، وخاصة الأمن والقضاء والى حد ما الجيش. واستطاع أردوغان من خلال دعم هؤلاء له إحكام سيطرته على مؤسسات ومرافق الدولة عندما كان غولن حليفاً استراتيجياً له طيلة الفترة الماضية.
واستفاد الطرفان من هذا التحالف الذي حقق لهما تفوقاً على أعدائهما في الجيش وباقي مرافق الدولة، لا سيما أن القضاة ووكلاء النيابة الذين حكموا على جنرالات الجيش كانوا من أنصار غولن وأتباعه.
ولفتح الله غولن شبكة واسعة من المصالح الاقتصادية والتجارية يقدر البعض حجمها بما لا يقل عن ٢٥ مليار دولار مدعومة بشكل واسع من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمكتوبة التي تشن الآن هجوماً عنيفاً على رئيس الوزراء بسبب قرار إغلاق المعاهد، وتصفه بأنه ديكتاتوري.
ويعتبر البعض هذه التطورات مؤشراً لسلسلة من التغييرات المُحتملة في تركيا على صعيد السياستين الداخلية والخارجية، بينما يربط آخرون ما يحدث الآن باحتمالات التغيير في السياسة التركية على الصعيد الداخلي،
وذلك باعتبار أن غولن مقيم في أميركا وتحدّث الإعلام سابقاً عن علاقاته الوطيدة مع جهات أميركية مختلفة، بما فيها بعض منظمات اللوبي اليهودي، وسبق له أن انتقد سياسات أردوغان في ما يتعلق بالتوتر مع إسرائيل.
وبرز الخلاف بين الرجلين حين انتقد غولن سياسات رئيس الحكومة، وخصوصاً حين اتهمه بالاستعجال في مواقفه المعروفة ضد سوريا.
ويرى آخرون أن ما يحدث الآن ليس إلا مؤشراً على احتمالات تغيير الموقف الأميركي المؤيد لأردوغان، والبحث عن بديل له، في وقت يقوم فيه وفد من حزب الشعب الجمهوري المعارض بزيارة لواشنطن الآن.
تكتسب كل هذه التطورات أهمية إضافية لأنها: أولاً جاءت قبيل الانتخابات البلدية التي ستجرى في آذار المقبل وستلحق بها الانتخابات الرئاسية في آب، حيث فشل أردوغان في مساعيه لتغيير الدستور وتحويل النظام في البلاد من برلماني الى رئاسي، إذ كان يسعى الى تسلم منصب الرئاسة بعد إضفاء صلاحيات عليه.
يربط البعض بين هذه المعطيات ومؤشرات الخلاف التركي ــ الأميركي بعد اتفاق وزير خارجية روسيا وأميركا سيرغي لافروف وجون كيري في ما يتعلق بالأسلحة الكيميائية السورية وما أدى اليه هذا الاتفاق حول مؤتمر جنيف.
إضافة الى ذلك، بدت مقاربة السعودية تجاه الأزمة المصرية متناقضة مع المقاربة التركية التي تدعم جماعة الإخوان المسلمين.
لقد دفعت كل هذه المعطيات رئيس الوزراء التركي الى تحرك تكتيكي عاجل عبر مساعي المصالحة مع رئيس الحكومة العراقي نوري المالكي، وطهران، حيث أراد أردوغان ووزير خارجيته أحمد داوود أوغلو أن يرسلا عبرها وعبر بغداد إشارات جديدة الى دمشق وعواصم المنطقة الأخرى التي بدأت هي أيضاً بإعادة النظر في مجمل سياساتها الإقليمية والدولية، لا سيما بعد اتفاق كيري ــ لافروف.
يبقى هناك سؤالان أساسيان سيكون الرد عليهما كافياً لتقرير مصير التحركات الأردوغانية:
أولاً: هل سينتهي الصراع الحالي بين أردوغان وغولن وكيف؟ وماذا ستكون انعكاسات ذلك على معادلات السياسة الداخلية وبالتالي الخارجية؟
وثانياً: هل سيقنع أردوغان المالكي والرئيس الايراني حسن روحاني، ومن خلالهما الرئيس السوري بشار الأسد، وكيف، بصدقية نيّاته وقراراته بعد كل من قاله وفعله ضد الدول الثلاث.
طهران تتوقع تنفيذ الاتفاق النووي نهاية 2013
أعلن مندوب إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رضا نجفي، أن من المتوقع بدء تنفيذ الاتفاق النووي مع القوى العالمية بحلول نهاية كانون الأول أو مطلع كانون الثاني، في وقت أكد فيه الرئيس الإيراني حسن روحاني، خلال استقباله وزير الخارجية الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان، أن إيران ترغب في منطقة مستقرة ومتطورة ومتنامية، داعياً الى تعزيز التعاون الاقتصادي وتكريس الوحدة والتضامن بين دول المنطقة.
ورأى روحاني أن «تطور الإمارات تطور لإيران»، قائلاً: «إن تنمية العلاقات في جميع المجالات مع بلدان المنطقة، وخاصة الإمارات، مدرج على جدول أعمال حكومة التدبير والأمل» التي يرأسها.
بدوره، طمأن آل نهيان الرئيس الايراني إلى أن الامارات تدرس بدقة مشكلات الايرانيين المقيمين فيها، وتتابعها وتعمل على إزالتها.
من جهة ثانية، أقرّ السفير الإيراني لدى أنقرة، علي رضا بكديلي، بأن طهران تتمتع بعلاقات وطيدة مع أجهزة الاستخبارات التركية.
وكشف السفير عن وجود «تحسن في التعاون» بين أجهزة الاستخبارات الإيرانية والتركية، نافياً الادعاءات بأن إيران تتجسّس على تركيا.
وفي السياق، أفاد السفير الإيراني بأن من المرجح أن تستأنف تجارة الذهب بين تركيا وإيران، وإن كان ذلك عند مستويات أقل مقارنة مع العام الماضي، ما إن تخفف العقوبات على بلاده عقب الاتفاق النووي بين القوى العالمية وطهران للحد من برنامجها النووي.
وتأتي تصريحات بكديلي بعد أسابيع من معلومات نشرتها صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية ونفاها البلدان بشدة، أن تركيا كشفت لأجهزة الاستخبارات الإيرانية هويات عشرة إيرانيين على الأقل كانوا على اتصال بضباط الاستخبارات الاسرائيلية في تركيا.
وفي مؤشر الى تحسن العلاقات مع إيران، زار وزير الخارجية التركي أحمد داوود أوغلو طهران هذا الاسبوع، ومن المقرر أن يزور رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان إيران العام المقبل، بينما سيزور الرئيس الايراني حسن روحاني تركيا في كانون الثاني المقبل.
من جهة ثانية، أوضح مندوب إيران لدى وكالة الطاقة، عند سؤاله عن الموعد الذي يتوقع أن يبدأ فيه تنفيذ الاتفاق الذي يستغرق ستة أشهر «نتوقع أنه في نهاية كانون الأول أو بداية كانون الثاني يجب أن نبدأ تنفيذ الاجراءات التي اتفق عليها الطرفان».
وقال نجفي «نحتاج أولاً إلى عقد اجتماع للتنسيق، وبمجرد أن نتفق على يوم سنبدأ تنفيذ الاجراءات التي وافقت عليها إيران في إطار خطة عمل مشتركة».
وصيغ الاتفاق الذي تم التوصل اليه يوم الأحد الماضي بعد أكثر من أربعة أيام من المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة وفرنسا وروسيا والصين وبريطانيا وألمانيا، بحيث يتيح الوقت لمفاوضات التسوية النهائية للنزاع النووي المستمر منذ عشر سنوات.
واجتمع مجلس محافظي وكالة الطاقة، الذي يضم 35 دولة، في مقرّه في العاصمة النمساوية فيينا لليوم الثاني أمس، بعد أن دعت إيران مفتشي الامم المتحدة إلى زيارة منشأة «آراك» للماء الثقيل في الثامن من كانون الأول المقبل.
في الوقت نفسه، أكد رئیس منظمة الطاقة الذریة علي أكبر صالحي «أننا لم نخسر شیئاً في الاتفاق النووي الذي تم التوصل الیه في جنیف»، مضيفاً «إننا دخلنا في تعاط سیاسي ودولي مع الدول التي كانت لها مواقف عدائیة تجاهنا».
ورداً علی الأنباء التي تناقلتها بعض وسائل الإعلام عن أن أميركا غیر موثوق بها وأن الاتفاق النووي دام فقط لساعة واحدة، قال صالحي لوكالة «إرنا»: «إننا نتفاءل بالخیر ونعقد الأمل بإذن الله علی النهایة الطیبة لهذا الاتفاق».
من جهة ثانية، أعلن مساعد رئيس هيئة الأركان الإيرانية، العميد مسعود جزائري، أن «الإدارة الأميركية مصدر بارز للاستكبار»، مضيفاً أن أميركا «هُزِمَت الى الآن في 3 معارك كبرى مع إيران».
وأشار خلال اجتماع مع أعضاء لجنة الاعلام العسكري الى أن «نية أميركا من وراء إشعال الحرب المفروضة ضد إيران كانت إطاحة النظام الفتي للجمهورية الاسلامية، لكنها لم تستطع فعل شيء بفضل ثبات وصمود مقاتلي الاسلام وأفراد الشعب الايراني».
وأوضح جزائري أن المعركة الثانية كانت حين «مارسوا الحرب الناعمة بنطاق وشدة أكبر على البلاد»، مشيراً الى أن «العدو فشل أيضاً في الحرب السياسية والاقتصادية».
ولفت الى أن «العدو لم يتمكن من خلال الحرب الميدانية أن يحتل أراضينا، والآن يسعى لاحتلال أذهان مجتمعنا، وسيمنى بالفشل أيضاً في هذه المعركة».
ورأى أنه إذ يتحدث «الرئيس الأميركي (باراك أوباما) بشكل يثير السخرية، عن وجود الخيار العسكري على الطاولة، فهذا يمثل أمنية طفولية لا يمكنه أن يحققها والحصول على النتيجة المرجوة منها».
إلى ذلك، قُتِل سبعة أشخاص على الأقل في زلزال في إيران أول أمس قرب مدينة بوشهر التي توجد فيها محطة الطاقة النووية الوحيدة في البلاد.
اتفاق لتصدير نفط كردستان عبر تركيا؟
في خطوة قد تزيد غضب بغداد التي تقول إنها وحدها صاحبة سلطة إدارة نفط البلاد، وقّعت تركيا وكردستان العراق في وقت سابق هذا الأسبوع حزمة عقود بمليارات الدولارات يصدّر بموجبها الإقليم العراقي النفط والغاز إلى الأسواق العالمية عبر خطوط أنابيب من خلال تركيا، حسبما كشفت مصادر لوكالة «رويترز» أمس.
وأوضحت المصادر أن الاتفاقات وقّعت خلال اجتماع رئيس وزراء حكومة كردستان، نيجيرفان برزاني، مع نظيره التركي، رجب طيب أردوغان، الذي استمر ثلاث ساعات يوم الأربعاء. علماً بأن مثل هذا الاتفاق يساعد تركيا المتعطشة للطاقة على تنويع مصادر إمداداتها وخفض فاتورة الطاقة المتضخمة والبالغة 60 مليار دولار.
وقال مصدر مطلع: «هذا أكثر اتفاقات الطاقة شمولاً في تاريخ تركيا. لكن الجانبين يتريثان قبل إعلانه، نظراً إلى الحساسيات السياسية». ولم يؤكد مكتب أردوغان توقيع العقود، كذلك رفضت وزارة الطاقة التركية التعليق على الأمر.
وفي إطار الاتفاق، وقعت شركة الطاقة التركية التي أسستها أنقرة للعمل في شمال العراق عقداً لتشغيل 13 منطقة تنقيب. وتتحالف الشركة مع «إكسون موبيل» الأميركية العملاقة في نحو نصف تلك المناطق.
وتشمل العقود أيضاً بناء خط أنابيب جديد للنفط وآخر للغاز بهدف المساعدة في رفع صادرات كردستان النفطية إلى مليون برميل يومياً بحلول 2015. ومن المرجح أن يبدأ تدفق الغاز بحلول مطلع 2017.
وبموجب الاتفاق، ستوضَع إيرادات نفط كردستان في حساب خاص في بنك حكومي تركي. وبمجرد سداد رسوم المقاولين، ستبقى الأرصدة كما هي لحين اتفاق بغداد وكردستان بشأن تقاسم الإيرادات. وستكون لتركيا الأولوية لاستيراد نفط كردستان وسيصدّر الباقي للأسواق العالمية.
وستسوّق حكومة كردستان نفط الإقليم بنفسها وتتفاوض مع العملاء المحتملين، لكن شركة الطاقة التركية ستتمكن من المساعدة في نقل الشحنات بين صهاريج التخزين وتحميل الناقلات.
بدوره، أكد التحالف الكردستاني، أمس، أن رئيس حكومة إقليم كردستان نيجرفان البرزاني سيزور العاصمة بغداد قريباً، ليطلع رئيس الحكومة نوري المالكي على موقف الإقليم من تصريحات نائب المالكي لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني المتعلقة بتصدير النفط إلى تركيا.
وقال النائب عن التحالف الكردستاني، حسن جهاد، في حديث صحافي: «لا نرى أي شيء جديد في موقف نائب رئيس الوزراء لشؤون الطاقة حسين الشهرستاني تجاه رفضه تصدير النفط العراقي عبر تركيا»، مبيناً أن «كلامه متكرر، وهو استمرار لمواقفه السابقة من موضوع النفط».
وحمل «الشهرستاني المسؤولية الأساسية عن عدم إقرار قانون النفط والغاز»، مبيناً أن «إقرار هذا القانون سيعالج إشكاليات عديدة، ومن أهمها تصدير النفط إلى تركيا».
ميدانياً، أعلنت مصادر طبية وأمنية عراقية، أمس، مقتل 51 شخصاً بينهم 18 بعد خطفهم من قبل مجموعة مسلحة ترتدي بزات قوات الأمن في منطقة الطارمية (45 كلم شمال بغداد).
وقال ضابط في الشرطة إن «مسلحين مجهولين يرتدون زي قوات الأمن ويستقلون سيارات عسكرية اختطفوا 18 شخصاً بينهم ضابط في الجيش برتبة رائد، بذريعة الاعتقال لدواعٍ أمنية للاشتباه بهم، من منازلهم في قرية مجبل في منطقة الطارمية».
وتابع: «عند الصباح عثر الأهالي على جثث الضحايا مقتولين بالرصاص، ملقاة في مزرعة قريبة من قريتهم».
وقال مسؤول كبير في الشرطة العراقية رفض ذكر اسمه ان تنظيم «القاعدة» بالتأكيد هو من يقف وراء الهجوم؛ لأنه ينشط في هذه المنطقة. بينما رأى الخبير الأمني العراقي، علي الحيدري، أن الهدف من هذه الهجمات هو «إضعاف العلاقة بين الناس وقوات الأمن».
من جهة أخرى، قتل شخص وأصيب خمسة آخرون بينهم امرأة بجروح إثر انفجار عبوتين ناسفتين في بعقوبة، واغتال مسلحون مجهولون شخصاً أمام منزله في قضاء الخالص إلى الشمال من بعقوبة.
وفي الموصل اغتال مسلحون مجهولون رجلاً وزوجته وأصابوا ابنتهما بجروح، بعد مهاجمتهم داخل منزلهم. إلى ذلك، أعلنت قيادة شرطة ديالى اعتقال اثني عشر شخصاً ينتمون إلى ثلاث خلايا تابعة إلى «تنظيم القاعدة» غربي المحافظة، مبينة أن المعتقلين متورطون بعمليات تفجير وقتل وتهجير حدثت أخيراً.
بمناسبة یوم العمّال
بسم الله الرحمن الرحیم
أرحّب بکم أیها الإخوة و الأخوات الأعزاء الطاقات المکرّمة العاملة علی ازدهار البلاد و تقدّمها. أنتم شخصیات کریمة و نجیبة و ملتزمة أخذتم علی عواتقکم واحدةً من أصعب مهمّات إدارة البلد و تقدمه، و تحمّلتم فی سبیل سعادة هذا الشعب أعباء العمل الثقیلة. نسأل الله تعالی أن یقدّر جهودکم و مساعیکم و یجزل لکم الأجر و الثواب.
من الدارج بمناسبة یوم العمّال أن یثنی أصحاب الأقلام و البیان و الخطابة علی شریحة العمال و مناقبهم، و هذه ممارسة محمودة و فی مکانها طبعاً. بغضّ النظر عن مدی تأثیر الکتابات و الخطابات فی رفع مرتبة العامل، فإن المنقبة الأصلیة و المحوریة للطاقات العاملة فی المجتمع هی أن العامل یضمن بجسمه و روحه و عقله مسیرة تقدم البلاد إلی الأمام و توفیر الراحة و الخدمات للشعب. صحیح أن ثمة عوامل أخری مؤثرة فی هذا المضمار - نظیر الطاقات التی توفر رؤوس الأموال و الطاقات الإداریة - و ینبغی تثمینها و تقدیرها فی مواطنها، لکن العامل یقوم بهذا العمل بجسمه و روحه، و لهذه القضیة قیمة و أهمیة مضاعفة.
إذا لم تتوفر فی بلد من البلدان طاقات إنسانیة عاملة، أو إذا کانت هذه الطاقات ضعیفة، أو غیر ماهرة، أو إذا شابت أذهانها و أفکارها طرائق سیاسیة متنوعة، فإن ذلک البلد سیصاب بالشلل. أنتم المنظومة العمّالیة فی البلد العمود الفقری للبلد، و أنتم الذین تعملون غالباً علی الحیلولة دون إصابة البلد بالشلل. هذا شیء یجب أن یُعلم و یکون واضحاً و يتوجّب أن یعلمه و یفهمه جمیع الناس. علی مستوی صناعة الثقافة یجب أن یعرف الناس قیمة العمل و العامل، و علی المستوی العملی أیضاً ینبغی للمشرّعین و التنفیذیین أن یولوا هذه الأمور أهمیة دائمة. إذا تمتعت شریحة العمّال فی بلد من البلدان بالرفاه و الأمل و الأمن المهنی، فستکون مسیرة ذلک البلد نحو التقدّم سهلة یسیرة. هذه حقیقة یجب أن یعلمها و یدرکها الجمیع.
و أنا أعتقد أن أهمیة طبقة العمّال أعلی حتی من هذا. ما سلف ذکره أمرٌ یتعلق بکل مکان و بجميع البلدان. و لکن ثمة هنا حالة مضاعفة و هی أن العمال علاوة علی قیامهم بواجباتهم المهنیة و العملیة قاموا علی أحسن نحو بالوظائف الثوریة و الوطنية. فی بدایة انتصار الثورة الإسلامیة کانت حرکة العمال العظیمة من مفاتیح الفتح - عمّال شرکة النفط و غیرهم و غیرهم - و کذلک فی فترة الدفاع المقدس. فی جبهات القتال أین ما کان ینظر المرء یجد العمال الشباب و الکهول یملؤون الفراغات. و فی الأحداث السیاسیة المختلفة لم یرضخ العمال لإغراءات و وساوس الذین أرادوا أن یکون للعمّال مواقف مناهضة للثورة و النظام الإسلامی. هذه لیست بالأمور القلیلة. طبعاً الکثیرون لا یعلمون هذه الحقائق، و قد لمسناها عن قرب.
فی الأیام الأولی لانتصار الثورة الإسلامیة حضرت شخصیاً وسط جماعة عمّالیة فی غرب طهران، و شاهدت ماذا یفعل أعداء الإسلام و الثورة و کیف یخططون و یبرمجون و ما هی مخططاتهم لیستطیعوا منذ البدایة و مع أول أنوار الثورة و بواسطة طبقة العمّال تکریس نفوذهم السیاسی التابع لبعض القوی الکبری. هذا ما شاهدته عن کثب. و شاهدتُ فی مقابل ذلک الشریحة العاملة المؤمنة المتدینة بفضل ما لها من إیمان و بفضل ثقتها بالإمام الخمینی الجلیل و رجال الدین، شاهدتها تقف بصراحة و شجاعة مقابل أولئک، و هذا ما تکرّر علی مدی سنوات طویلة. و قد انقضت علی تلک الأیام أربعة و ثلاثون عاماً. حاول الکثیرون و سعوا و أنفقوا الأموال لیضعوا طبقة العمّال علی الضدّ من النظام الإسلامی. لکن الطبقة العاملة وقفت و قاومت، و هذا علی جانب کبیر من الأهمیة. هذه حقائق تکشف لنا قیمة المنظومة العمّالیة فی إیران، قیمتها الإنسانیة و الثوریة و الحضاریة. هذه أمور یجب أن تتحوّل إلی ثقافة لیعلمها و یدرکها الجمیع. و علیکم أیها العمّال أن تفخروا بذلک.
فی العام الماضی أطلقنا شعار «دعم العمل و رأس المال الإیرانیین». و هذه المسألة لا تنتهی فی سنة واحدة. یرفع الأعزاء و المسؤولون تقاریر عن إنجاز کذا و کذا، لا بأس، بارک الله فی أی عمل یُنجز بنیة صالحة خیّرة، و لکن ینبغی متابعة الأمر بصورة جدّیّة و محوریة، و هذا یقع علی عاتق کل الناس. هذا جانب مهم من صناعة الثقافة التی أشرنا إلیها.
رفعنا شعار: الإنتاج الداخلی، العمل و رأس المال الإیرانی. هذا معناه أن لا یختطف بریق و زبرج الأسماء الأجنبیة الأنظار. و أن یعلم الکل أن هذا المنتج الذی یشترونه یزید من رفاهیة عامل إیرانی أو یتسبّب فی حرمانه و فقره و یزید من رفاه العامل الأجنبی. طبعاً نحن نحبّ البشریة کلها، لکن العامل الإیرانی یعمل لرفعة بلاده و شموخها. و هو جزء مهم و مغتنم و عزیز من جسد هذا الشعب. یجب إذن تعضیده و تأییده و تقویته. البعض لا یفهمون هذا و لا یدرکونه، أو لا تختلف بالنسبة لهم علامات المنتجات الإیرانیة و الأجنبیة، أو حتی علی العکس، بدل أن یبحثوا عن علامات الإنتاج الإیرانی یبحثون عن علامات الإنتاج الأجنبی. هذا انحراف و خطأ. کل الناس مخاطبون بهذا الکلام.
إننی أؤکد و أصرّ و أطلب من کل الشعب الإیرانی أن یتجّه صوب استهلاک المنتجات الداخلیة. هذه لیست بالقضیة الصغیرة و لا بالعملیة قلیلة الأهمیة، إنما هی قضیة و ممارسة کبری. طبعاً الأجهزة و المؤسسات الحکومیة و أجهزة الدولة - الحکومیة بالمعنی العام للکلمة - تتحمّل من هذه الناحیة واجبات مضاعفة. الوزارة الفلانیة و المؤسسة الفلانیة و الدائرة الفلانیة حینما ترید تأمین ما تحتاجه من بضائع و لوازم یجب أن لا تستخدم البضائع الأجنبیة مطلقاً، و تستخدم المنتجات الداخلیة. و طبعاً من الجانب الآخر یُطالب المنتِج الداخلی - سواء کان مدیراً أو عاملاً أو مستثمراً - و یُصرّ علیه بأن یقدّم منتجات جیدة و کاملة و مناسبة. کلا الجانبین مما أشار له دیننا الإسلامی المقدس و اهتمّ به. الله سبحانه یطالبنا بمتانة العمل، و یطالبنا أیضاً باحترام العامل، و بتأمین أمنه الحیاتی و المهنی، و یطالبنا الله کذلک بتأمین أمن رأس المال.
حینما تلاحظ هذه الأمور کلها إلی جانب بعضها، فلن تحصل هذه الحالات من الإفراط و التفریط تحت مسمّیات مختلفة، سواء فی حیّز نشاط الاقتصاد اللیبرالی الذی یسمّونه الحرّ - الحرّ یعنی حرّاً لأصحاب رأس المال، و سجناً و حبساً و ضغوطاً علی الطبقات المظلومة و الفقیرة، و تلاحظون الیوم ردود الأفعال علی ذلک فی أوربا - أو فی الحیّز الاشتراکی. الدلیل الأکبر علی خطأ الاقتصاد الذی یسمّی لیبرالی هو الأحداث الجاریة الیوم فی أوربا بشکل و فی أمریکا بشکل آخر. لقد أثبت الاقتصاد الرأسمالی خطأه و إخفاقه علی الصعید العملی و علی صعید التجربة، و هو لا ینفع حتی الطبقات التی تکوّن هذا الاقتصاد و ظهر لحمایتها. و الطبقة العمّالیة تُسحق منذ سنوات طویلة هناک، لکن الوضع حتی لیس فی صالح أصحاب الرسامیل و البنوک و الکارتلات أنفسهم. و هذه هی بدایة المطاف، و سوف یزداد الأمر سوءاً فی المستقبل. و هم لا یکفون عن إطلاق الوعود بإصلاح الأمور، لکنهم لن یستطیعوا إصلاحها، فطریقهم طریق منحدر زلق، و هم ینحدرون إلی الأسفل، و هذا جزء من تضعضع الحضارة الغربیة المادیة الخاطئة. هذا ناهیک عن مشکلاتهم الأخلاقیة و العقیدیة و النظریة و الفکریة. هذه تجارب بالنسبة لنا. و العالم الاشتراکی أثبت عجزه و إخفاقه منذ سنوات طویلة.
للإسلام نظرته المتوازنة الإنسانیة العادلة لکل المجالات و المیادین، بما فی ذلک هذا المجال، فهو یراعی هذا الطرف و ذاک الطرف. و یدعو إلی الأخوّة بینهم و لیس إلی تعارضهم، و الکل یرکّزون علی الواجب الإلهی و یعلمون الله تعالی حاضراً ناظراً یراهم. هذه یجب أن تکون ثقافة حیاتنا، و ینبغی أن نعمل علی هذه الشاکلة.
رفعنا شعار «الملحمة السیاسیة» و «الملحمة الاقتصادیة». و الملحمة الاقتصادیة لیست بید الحکومة فقط، و لا مراء أن التخطیط و البرامج الحکومية علی جانب کبیر من الأهمیة. الملحمة تعنی الحدث الجهادی الحماسی الکبیر. هذا شیء یجب أن یأخذه الشعب الإیرانی و مسؤولو البلاد بنظر الاعتبار، و یردموا الهوّات و یملؤوا الفراغات بعد أن یعرفوها و یشخّصوها. یجب النظر لحیاة الطبقات الضعیفة و الفقیرة و أخذها بنظر الاعتبار فی کل البرامج و التخطیطات.. هذه هی الملحمة. علی کل الناس سواء فی ما یتعلق باستهلاکهم أو إنتاجهم، و القطاعات الإنتاجیة بشکل و القطاعات المستهلکة بشکل، و القطاعات الخدمیة بشکل، علی الجمیع أن یعلموا أنه لا بدّ من قفزة واسعة لتقدم البلاد، و لا بدّ من صناعة ملحمة. عندها ستتقدم البلاد و تستقر. الملحمة السیاسیة و الملحمة الاقتصادیة توأمان. کل واحدة منهما تعزّز الثانیة و تصونها و تحفظها.
حین قلنا فی بدایة السنة «الملحمة السیاسیة و الملحمة الاقتصادیة» قلنا ذلک عن وعی و إدراک، و أدرک العدو أیضاً ماذا نقول؟ حاول العدو بالحظر و الضغوط الاقتصادیة المختلفة إخراج الشعب من الساحة، و یقول مع ذلک إننی لا أعادی الشعب، یکذب.. یکذب بکل سهولة و بکل وقاحة! معظم الضغوط هی من أجل إزعاج الناس و إیذائهم و التضییق علیهم و تعریضهم للضغوط عسی أن یستطیعوا الفصل بین الشعب و النظام الإسلامی. الهدف هو الضغط علی الناس. إذا جری الاهتمام بهذه الحرکة الاقتصادیة العظیمة و هذه القفزة الاقتصادیة و هذه البرمجة الصحیحة، سواء علی مستوی التشریع أو علی مستوی التنفیذ، و علی سائر المستویات، فسوف یتمّ إحباط کل هذه الضغوط. علی الشعب الإیرانی و مسؤولی البلاد إبداء عزیمة راسخة لفرض الیأس علی العدو.
و کذا الحال بالنسبة للملحمة السیاسیة. الملحمة السیاسیة تعنی التواجد الواعی للشعب فی الساحة السیاسیة و فی ساحة إدارة البلاد. و النموذج البارز لهذا التواجد هو المشارکة فی الانتخابات التی ستقام بعد فترة وجیزة إن شاء الله و بتوفیق من الله فی وقتها المقرر، و بمشارکة و تواجد و اندفاع من قبل جماهیر الشعب. و لأنهم أدرکوا ما هو هدف الملحمة السیاسیة و الملحمة الاقتصادیة بدأوا بالتخریب و التشویه - حسب ما تمليه عليهم أوهامهم - من الآن. ثمة الیوم صنوف من الإعلام غايتها أن یبثوا الیأس فی نفوس الناس علی الصعید الاقتصادی، و یخفّضوا محفزات الشعب للتواجد فی الساحة السیاسیة و خصوصاً فی ساحة الانتخابات. إنهم لم یعرفوا الشعب الإیرانی بعد. الحرکة العظیمة للشعب الإیرانی فی المیادین المختلفة لم تستطع بعدُ إزاحة الغفلة و النوم عن مخططی الاستکبار و صنّاع السیاسات الاستکباریة خلف الکوالیس، فهم لا یعلمون من هو الجانب الآخر. لقد صبر الشعب الإیرانی و قاوم طوال أکثر من ثلاثین عاماً علی الرغم من کل هذه المعارضات و العداوات. إذا کان المسؤولون قد صبروا و قاوموا فما ذلک إلا بدعم من الشعب. الفضل الأول یعود للناس و الثناء الأکبر تستحقه جماهیر الشعب. هم الذین ربطوا علی قلوب المسؤولین و أسندوهم لیستطیعوا المقاومة - أین ما قاوموا - أمام تعسّف الأعداء و المستکبرین و ضغوطهم و جشعهم. و کذا الحال الیوم أیضاً، و سیکون الوضع علی نفس الشاکلة فی المستقبل بتوفیق من الله.
قضیة الانتخابات قضیة مهمة. ساحة الانتخابات ساحة ظهور الاقتدار الوطنی فی البلد. الشعب الحیّ و النشط و المعتمد علی الإرادة الإلهیة و الواثق بتعضید الله و عونه، هذا الشعب سوف ینتصر فی کل الساحات و المیادین. و کذا الحال فی هذه الساحة أیضاً.
قلنا: لتنزل إلی الساحة کل الأذواق و التیارات المختلفة و کل من یشعر بأن لدیه المقدرة، و سوف تشارک کتل الشعب الهائلة البالغة عشرات الملایین فی الساحة إن شاء الله، و لکن لا یخطئ الذین یرشّحون أنفسهم فی حساباتهم، و لیعلموا ما هی إدارة البلاد تنفیذیاً. لا یخطئوا فی تقییم حاجة البلاد لقوة و سلطة تنفیذیة، و لا یخطئوا فی تقییم قدراتهم علی حمل هذه الأعباء. إذا کانت لهم تقییماتهم الصحیحة فیخوضوا غمار الساحة، و الشعب ینظر و ینتخب.
آلیّة الانتخابات فی بلادنا آلیة متینة. اعتراضات البعض هنا و هناک غیر منطقیة و فی غیر محلّها حقاً. وجود مجلس صیانة الدستور فی دستور البلاد - و الذی شدّد علیه الإمام الخمینی مراراً و تکراراً - وجود مبارک بحق. تشخیص مجلس صیانة الدستور تشخیص مجموعة من الأفراد عدول و محایدین و ذوی بصیرة فی ما یخصّ الأهلیات. هذا شیء مبارک و ممدوح بالنسبة لنا و لکل أبناء الشعب. و أبناء الشعب یبحثون و یحققون بین الذین تمّ تأیید أهلیاتهم و صلاحیتهم، و یستفسرون من الذین یثقون بهم، و ینظرون لسوابق المرشّحین و شعاراتهم و کلامهم و أقوالهم، ثمّ یتخذون قرارهم.
المرشح للانتخابات یجب أن یکون أولاً مؤمناً معتقداً بالله و بهذه الثورة و بدستور البلاد و بهذا الشعب. و ثانیاً یجب أن یتحلی بروح مقاومة. لهذا الشعب أهدافه و مطامحه السامیة و مشاریعه الکبری، و هو شعب غیر مستسلم، و لا أحد بوسعه التحدّث مع هذا الشعب بلغة القوة. الذین یتولون المسؤولیات العلیا فی السلطة التنفیذیة یجب أن یکونوا مقاومین أمام ضغوط الأعداء، فلا یسارعوا إلی الخوف و الفزع، و لا یسارعوا لترک الساحة. هذا من الشروط اللازمة. و ثالثاً یجب أن یکونوا أفراداً مدبّرین ذوی حکمة. رفعنا فی السیاسة الخارجیة شعارات «العزة و الحکمة و المصلحة». و کذا الحال فی إدارة البلاد، و فی القضایا و الشؤون الداخلیة، و کذلک فی الشؤون الاقتصادیة. یجب أن ینظروا للأمور و الأعمال من زاویة التخطیط و البرمجة و بحکمة و تدبیر و بنظرة طویلة الأمد و شاملة و بهندسة صحیحة للأعمال و المهمات.
التفکیر الاقتصادی بطریقة یومیة موقتة حالة مضرّة، و تغییر السیاسات الاقتصادیة بشکل دائم ممارسة مضرّة - إنها مضرّة فی کل القطاعات و خصوصاً فی المجال الاقتصادی - و الاعتماد علی الآراء و القرارات غیر الخبرویة حالة مضرّة، و انتهاج الأسالیب التعضیدیة فی الاقتصاد المفروضة من قبل الشرق و الغرب أيضاً أمر مضرّ. السیاسات الاقتصادیة یجب أن تکون سیاسات اقتصاد مقاوم. و الاقتصاد المقاوم یجب أن یکون مقاوماً فی بُنیته الداخلیة، و بمقدوره أن یصمد و لا یتلاطم بالتغییرات المختلفة فی العالم هنا و هناک. هذه أمور ضروریة و لازمة. رئیس الجمهوریة الذی یرید إدارة هذا البلد الکبیر و السیر فی هذا الدرب الزاخر بالمفاخر بمساعدة الناس، یجب أن یتحلی بمثل هذه الخصوصیات. و رابعاً یجب أن یتحلی بالتهذیب الأخلاقی و عدم الخوض فی القضایا الجانبیة. هذه أمور ضروریة. و قد کانت هذه توصیتی دائماً لکل الحکومات. و تعلمون إننی دعمت دوماً الحکومات و رؤساء الجمهوریة طوال هذه الأعوام. و قد أوصیتهم بتوصیاتی أیضاً، و فی حالات کثیرة طالبتهم بإیضاحات. ما شدّدتُ علیه هو أن لا یخلقوا للناس تکالیف و مشاکل و هموم و قلق، و لا یسبّبوا لهم التشویش و الاضطراب. و طبعاً یجب أن لا یطلقوا وعوداً اعتباطیة من دون أساس، و لا یمنّوا الناس أمنیات حالمة غیر منطقیة. بل یتحرکوا بطریقة منطقیة و معقولة و متطابقة مع الواقع و بالتوکّل علی الله تعالی. و یجب أن یکون هذا هو الحال فی المستقبل أیضاً إن شاء الله.
ما فهمناه من تجربة الثورة طوال سنین، هو أن الله تعالی سینصر بفضله و هدایته هذا الشعب علی کل أعدائه. و الأعداء أنفسهم سیعترفون - و هم یعترفون الیوم - أن کل من یصطدم بهذا الشعب و بهذه المسیرة العظیمة و بهذه المحفزات الإیمانیة العمیقة لدی هذا الشعب، سوف یسقط و یُهزم لا محالة.
نسأل الله تعالی أن یجعل مستقبل هذا الشعب العزیز و هذا البلد أفضل من ماضیه یوماً بعد یوم، و أن یمنّ علیکم أیها الشعب العزیز بالانتصارات المتعاقبة. و ستستطیع طبقة العمّال و المنظومة العمّالیة الهائلة فی البلاد التی خلقت لحد الآن کل هذه المفاخر، أن تضاعف مفاخرها فی المستقبل، و تزید من إشراق الوجه المشرق للطاقات العمّالیة بين الناس إن شاء الله.
و السّلام عليكم و رحمة اللَّه و بركاته.
قضية المرأة
بسم الله الرحمن الرحيم
أتقدّم بالشكر الجزيل للسيّدات المحترمات العزيزات اللائي حضرن في هذا الاجتماع الجيد و المثمر، و قد انتفعتُ و استفدتُ اليوم حقاً من كلمات السيدات، و شكرت الله سبحانه لما يشاهده الإنسان من عمق في البحوث و المساعي و الأفكار بين السيدات المتميزات و النخبة في بلادنا و الحمد لله. الآراء التي طرحتنّها كانت في غالبها آراء جيدة، و كانت هناك اقتراحات سوف نطلب دراستها إن شاء الله. القدر الذي يتعلق بي و على عهدتي و يجب أن نتابعه سوف نتابعه حتماً إن شاء الله.
الكلام كثير حول قضية المرأة. و نحن نعاني من تخلف أشارت له بعض السيدات. و التخلف في هذا المجال ليس من سنخ التخلف في العلوم، حيث نقول إننا نعاني من تخلف في العلوم. إذا كنا نستخدم هاهنا تعبير التخلف فلأن لدينا في مجال قضايا المرأة و قضايا الجنسين و الأمور التي تتعلق بشكل أو بآخر بالمرأة و النساء - نظير قضايا العائلة و الأبناء و الزواج و السكن و الاستقرار و السكينة و ما إلى ذلك - الكثير من الكلام و الأفكار المميّزة التي لم نوفق لحد الآن لنقلها إلى العالم و طرحها على الرأي العام العالمي. إذن، فالتخلف هو من هذه الناحية. و الحال أن العالم بحاجة للمباني و الأسس و المفاهيم الناصعة الشاملة النافعة، و كما لاحظتم فإن بعض السيدات قلن إننا حين نطرح هذه الأفكار في العالم فإنها تحظى بالترحيب و الإقبال، أو بعض السيدات قلن إن المكتسبات و الإنجازات العلمية في مجالات علم النفس و غيرها تعاضد الأحكام الإسلامية حول المرأة. هذا على كل حال جانب من قدرات النظام الفكري الإسلامي في هذه القضية الحساسة، و لم نستطع التعبير عن هذه القدرات و تعريفها و نقلها. و كذا الحال في الكثير من الجوانب الفكرية و المساحات الفكرية. في كثير من المجالات و الميادين لم نستطع حقاً نقل الرأي الإسلامي و الأفكار الإسلامية إلى العالم.
و حين نقول لم نستطع فلا يمكن اعتبار ذلك ذنب نظام الجمهورية الإسلامية، لأن هذا المقدار الذي أنجز إنما هو بفضل نظام الجمهورية الإسلامية، و بفضل نفوذ الفكر الثوري و أفكار الإمام الخميني و اسم الثورة و اسم الإمام الخميني، حيث أمكن و الحمد لله نشر الأفكار الإسلامية عن هذا الطريق إلى حدّ ما. و لكن ينبغي العمل أكثر من هذا، فنحن بحاجة لهذه الأعمال و الإنجازات، و سوف أوضح هذا الجانب أكثر. من أجل أن نستطيع أن تكون لنا جبهتنا الهجومية المنيعة من تطاول الآخرين و هجماتهم - اصطفاف هجومي - نحتاج إلى نشر هذه الأعمال و الأفكار و الآراء، و إعلامها. هذا ما نحتاجه حاجة حقيقية. و الواقع أن هجماتنا هذه لها بعد دفاعي و تحصيني. و عليه، كلما عملتم من أجل تعويض هذا التخلف، اعتقد أن هذا سيكون مفيداً و لازماً. بخصوص هذه النهضة - يجب القول إن نهضة الصحوة في مجال القضايا الخاصة بالمرأة - يجب فعلاً أن لا يصدر عنا أي تعلل أو توقف أو تقاعس وسط الطريق. مع أن لدينا هذا الخطاب الإسلامي الكامل و المفيد و المقنع، لكننا وضعنا أنفسنا عملياً في موضع الانفعال و الانهزام مقابل الخطاب الغربي بخصوص المرأة.
خطاب الغرب عن المرأة خطاب سياسي محسوب بدقة. بمعنى أنه يوم انطلق هذا الخطاب و هذا الفكر حول المرأة في العالم الغربي، كانت هناك حسابات دقيقة خلف هذا الفكر. طبعاً لا أقول هذا من باب الخبر الذي يقال استناداً إلى معلومات و وثائق خاصة، لكن له مؤيدات من الواقع تعاضده كتحليل. فمنذ بدء النهضة في الغرب و بعد ذلك حيث انتشار الصناعة و الصناعة الحديثة في العالم الغربي تنامى هذا الخطاب في الغرب تدريجياً، و وصل ذروته في زماننا، و طبعاً هذه الذروة سوف يصاحبها انحطاط و هبوط، و إن شاء الله خزي و انهيار لهذا الخطاب.
لخطاب الغرب حول المرأة أجزاء متنوعة، لكن جزئين منه بارزان جداً، أحدهما تشبيه المرأة بالرجل، أي جعل المرأة تتشبّه بالرجل. هذا جزء مهم من هذا الخطاب. و هناك جزء آخر هو جعل المرأة وسيلة مريحة لالتذاذ الرجل جنسياً. و قد يكون الالتذاذ بالعين أو في المراحل الأخرى أسوء من اللذة بالعين. هذا بدوره جزء آخر من خطاب الغرب حول المرأة. و قضايا النسوية و الفيمينية و ما إلى ذلك مما يثار و ينشر في العالم اليوم كلها في الواقع من منتجات ذلك الخطاب الغربي، الذي يفضي في نهاية المطاف إلى هذه المحطات.
تشبيه المرأة بالرجل معناه أنهم سعوا إلى دفع النساء و السيدات نحو أعمال و مهن أكثر انسجاماً مع البنية الجسمية و العصبية و الفكرية للرجل، و جعلوا ذلك فخراً و امتيازاً للمرأة. و قد تعاملنا بانفعال و انهزامية مقابل هذه الممارسات. لقد تقبلنا هذا الخطاب عن غير وعي و عن غير إرادة منا. لاحظوا أننا نفخر الآن بأن لنا العدد الفلاني من النساء العاملات في القطاعات التنفيذية للبلاد. و يجب هنا عدم الوقوع في الخطأ، فأنا لا إشكال عندي مطلقاً على تولّي السيدات لهذه المواقع و المناصب التنفيذية، بمعنى أنني لا أمنع و لا أنفي و لا أرى إشكالاً في ذلك - مثلاً كانت وزيرة الصحة عندنا امرأة، أو ثمة سيدات بين معاوني رئيس الجمهورية في قطاعات مختلفة، هذا ما لا إشكال فيه من وجهة نظري - لكن الإشكال هو أن نفخر بذلك و نستعرض ذلك بفخر أمام العالم لنقول لهم: انظروا لدينا هذا العدد من النساء في القطاعات التنفيذية! هذا هو الانفعال و الانخداع، و لا فخر في ذلك. لا بأس أن تتولّى موقع معين سيدة تتحلّى بالقيم و القدرات و تكون مناسبة لذلك الموقع، و لا توجد في ذلك مخالفة للقانون، و لكن أن نفخر بذلك و كأننا نقول: انظروا، لدينا هذا العدد من السيدات المسؤولات في القطاعات التنفيذية، فهذا خطأ.
من الجيد و المناسب أن نفخر بأن لدينا هذا العدد من السيدات المستنيرات و المتعلمات و الخرّيجات، و لا إشكال في أن نقول إن لدينا هذا العدد من السيدات الكاتبات و الناشطات الثقافيات أو السياسيات، و من الحسن أن نقول إن لدينا هذا العدد من السيدات الاستشهاديات و المجاهدات في شتى ميادين الحياة، و من الجيد أن نقول إن كذا و كذا من النساء عندنا ناشطات في المجالات السياسية و الثورية من كاتبات و خطيبات. الفخر بهذه الأمور جيد. لكن الفخر بأن لنا هذا العدد من الوزيرات و ذاك العدد من نائبات مجلس الشورى، و هذا العدد من المعاونات في القطاعات المختلفة، و كذا عدد من رئيسات المؤسسات التجارية فهذا فخر مغلوط و خاطئ. هذا انفعال في مقابلهم. و هل تقرّر أن نحيل الوظائف و الأعمال الرجالية للنساء؟ لا، مكانة المرأة و هويّتها و شخصيّتها داخل إطار جنس المرأة نفسها هوية جد سامية و مكرّمة، و هي أرفع من بعض النواحي حتى من الرجال. و حين ننظر على الإجمال لا نجد فرقاً بين المرأة و الرجل. من حيث الخلقة و من حيث الخصوصيات الطبيعية التي خلقها الله تعالى ثمة امتيازات للمرأة و ثمة امتيازات للرجل. منح الله سبحانه بعض الخصوصيات لهذا الجنس و منح بعض الخصوصيات لذاك الجنس. هناك مميزات و خصال لهذا الجنس و ثمة قيم و سجايا لذلك الجنس، لذلك لا يختلفان عن بعضهما من حيث ما يتعلق بالإنسانية، و لا فارق بينهما إطلاقاً. لا فرق بينهما في ما يجعله الله تعالى للإنسان من حيث الحقوق الإنسانية و من حيث الحقوق الاجتماعية و من حيث القيم المعنوية و من حيث التكامل المعنوي. أي إن رجلاً يصبح الإمام علي بن أبي طالب، و امرأة تصبح فاطمة الزهراء. و رجل يصبح عيسى و امرأة تصبح مريم، لا فارق بينهما. و بالتالي فهي نظرة صحيحة أن ننظر للمرأة في إطار جنسها - كما هي، كامرأة و أنثى حقيقية - و نرى ما هي القيم التي بوسعها العمل على تسامي و رفعة هذا الفرد المنتمي لهذا الجنس، أو الجماعة المنتمية لهذا الجنس. هذه نظرة صحيحة و قويمة. ما كان ينبغي أن نصاب بهذا الانفعال مقابل النظرة الغربية، لكننا أصبنا به للأسف.
طبعاً في الجانب الثاني من القضية حيث جعلوا المرأة وسيلة لالتذاذ الرجل جنسياً - و ليس الالتذاذ المعنوي و الروحي، و لا الالتذاذ العلمي، و قد يجلس شخصان فيلتذّ أحدهما من كلام الآخر أو معلوماته، و لا كلام لنا في هذا الموضوع - و لكي يستطيع الرجل الالتذاذ جنسياً من المرأة بسهولة، فهذا ما دخل كالسيل من العالم الغربي إلى البلدان الإسلامية غير المنيعة و غير المحصّنة، بما في ذلك بلادنا. و بحمد الله جاءت الثورة فحالت إلى حدّ كبير دون هذا الاختراق، و يجب التصدي لهذه الأمواج و منعها تماماً، فهي خطر كبير و بلاء عظيم، و قضية الحجاب إحدى مقدمات هذه العملية، و كذلك قضية الثياب و الملابس، و حالات المعاشرة و الاختلاط بين المرأة و الرجل و حدود هذه المعاشرة من مقدمات الحؤول دون هذا البلاء الكبير الذي هو بلاء للمرأة و للرجل أيضاً، و فيه طبعاً إهانة خفية و لا شعورية للمرأة. إنها قضية تثار اليوم عن عمد و قصد. و بالطبع فأنا على اطلاع و قد قرأت في كتابات و صحف و كتب للمفكرين الغربيين ما يدل على أنهم راحوا تدريجياً يشعرون بالخوف و الخطر و الدهشة من هذا الوضع، و معهم الحق، لكنهم تأخّروا في فهم المسألة. إثارة حالات الشهوات - و التي كانت مركّزة على النساء، و ترون اليوم أن ما هو أسوء من هذا يحصل في العالم، من قبيل قضايا المثلية الجنسية و هذا العوائل و الزيجات المثلية و ما إلى ذلك - أمور قد تكون سهلة باللسان، لكنها هاويات سحيقة و عميقة و خطيرة تواجه تلك الحضارة و الذين يديرون تلك الحضارة. إنها منزلق عجيب سوف ينزل بهم الويلات و الويلات. و هم لا زالوا في منتصف الطريق نحو المنحدر. و طبعاً اعتقد أنهم غير قادرين على الحيلولة دون مزيد من السقوط، بمعنى أن المشكلة تجاوزت حدود القابلية للعلاج. قبل سنوات - قبل نحو سبعة أو ثمانية أو عشرة أعوام - لاحظتُ في صحف البلدان الأجنبية و قرأت و سمعت أن الأمريكيين يحاولون الاستفادة من كتب الكتاب الفلاني مثلاً و هو من كتّاب الروايات العائلية - و رواياته تدور حول قضايا العائلة - لينتجوا منها الأفلام من أجل أن يوجّهوا السينما و الإنتاج السينمائي بهذا الاتجاه، أي إنهم قاموا ببعض الأعمال و يعملون حالياً، بيد أن هذه الأعمال أشبه بجداول صغيرة مقابل سيل هائل اطلقوه هم بأيديهم فأصابهم و سوف تصيبهم ويلاته بعد الآن أكثر فأكثر. بالطبع لدينا نحن في الوقت الحاضر شيء من المناعة و التحصين يعود فيه الفضل للحجاب و الالتزام بالحدود، و لكن ينبغي على كل حال عدم الاستهانة بهذا السيل، بل أخذه مأخذ الجد و الاهتمام. في هذه القضايا و المسائل التي أشارت لها السيدات المتحدثات و قلن إنهن يعملن في سياقاتها، يجب في رأيي النظر بمنتهى الجد لشؤون الجاذبيات الجنسية و خطرها إنْ على المرأة و إنْ على الرجل و إنْ على المجتمع أو على العائلة.
طيّب.. ذكرنا أن خطاب الإسلام هو «المرأة الحقيقية». و يجب علينا كما أشرت أن نطرح هذا الخطاب بصورة هجومية. لا تتخذوا مواقف دفاعية على الإطلاق. قالت بعض السيدات إن الذين يتبعون معاهدة المرأة أو المؤسسات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة يهدّدون بأنكم إذا فعلتم كذا أو كذا فسنصدر قراراً ضدكم! فليصدروا قراراً و ليذهبوا إلى الجحيم! يجب طرح الخطاب الإسلامي حول المرأة بروح هجومية و على شكل مطاليب دائنة. إذا قالوا لماذا لا تمنحون المرأة الحريّة للتجوّل بدون حجاب، يجب أن نقول لهم: و لماذا تمنحون أنتم هذه الحرية المضرّة المذهلة بالشكل الذي عليه اليوم في الغرب؟ ما يُنتهج اليوم في الغرب بخصوص عدم احتشام المرأة حتى تصوّره يصيب الإنسان بعض الأحيان بالدهشة مما يريدون أن يفعلوا، و إلى أين هم سائرون؟ و لا ريب أن أخباركن و معلوماتكن أكثر مني، لكنني أيضاً لديّ الكثير من المعلومات في هذا المجال، و ما يفعلون في هذا المجال، و على شتى المستويات من أعلى المستويات إلى مستويات العمل و المعيشة المتعارفة للحياة و المهن و ما إلى ذلك. يجب عرض خصال المرأة في هذا الخطاب من قبيل كرامة المرأة و عزتها و ظرافتها و لطافتها، و ليس لطافتها الجسمية فقط بل لطافة بُنيتها الفكرية و العصبية و الأعمال التي يجب أن تقوم بها. هذه الحزم البالغة الرقّة و الدقة من أعصاب الأطفال لا يمكن إلّا لأنامل الأمّ الظريفة اللطيفة أن تحلّها لكي لا تتحوّل إلى عقد. و ما من أحد آخر و لا أيّ إنسان آخر ليس من جنس المرأة بوسعه أن يفعل ذلك، فهذا العمل عمل نسوي. أي إن بعض الأعمال بدرجة من الظرافة بحيث يتعجّب المرء من القدرة الإلهية كيف منحت النساء هذه القدرات العالية إلى جانب الظرافة و الرقّة.
أقول دوماً للأصدقاء و الأقرباء و النساء إنه بخلاف المشهور و المعروف فإن الجنس الأقوى بين هذين الجنسين هو المرأة. النساء أقوى من الرجال. بوسع النساء بتدبيرهن و رقّتهن و دقتهن إدارة الرجل بأيديهن. بوسع المرء أن يشاهد ذلك في التجارب، و بمقدوره كذلك إثباته بالقياسات الفكرية و العقلية. هذه حقيقة. نعم، توجد نساء عديمات التدبير فلا يستطعن فعل ذلك، لكن المرأة المدبّرة تستطيع ترويض الرجل لنفسها. و هذا من قبيل أن يستطيع شخص وضع لجام على أسد مفترس و ركوبه، و هذا لا يعني أنه أقوى من ذلك الأسد من الناحية الجسمية، بل معناه أنه استطاع استخدام اقتداره المعنوي. و للنساء مثل هذه المقدرة و لكن بدقة و رقة، و الرقة التي نتحدث عنها ليست في التركيبة الجسمانية فقط، بل الدقة و الرقة أيضاً في الفكر و التفكير و التدبير و جهاز اتخاذ القرارات الذي أودعه الله تعالى لدى المرأة. و عليه يجب أن يكون أساس الأمر في رأيي هو تعزيز هذا الخطاب و التقدم به إلى الأمام.
النقطة الثانية التي أودّ ذكرها هو اعتقادي أن هناك قضيتين أهم من باقي قضايا المرأة الراهنة في بلدنا، أو لنقل إنها أكثر فورية و بحاجة أكبر للاهتمام من سائر القضايا و الأمور. إحدى القضيتين قضية أهمية البيت و العائلة و اعتبارهما. يجب أن يكون للبيت شأن و منزلة، إذ لا يمكن تصوّر الإنسان من دون منزل، فهو مسكنه و مأواه. كل إنسان بحاجة إلى البيت و بيئة البيت. روح البيئة المنزلية بحاجة إلى العائلة، و ينبغي الاهتمام لذلك و التأمّل و التدبّر فيه. و القضية الثانية الحيلولة دون ضعف المرأة و خضوعها للظلم على مختلف المستويات. لدينا نساء ضعيفات و محرومات و مظلومات و خاضعات للجور، و ينبغي الحؤول دون هذه الحالات من الظلم. تلزمنا قوانين مهمة و لا بدّ لنا من أخلاق و تقاليد و أعراف ينبغي أن تتحقق، و لا بدّ من آداب تجعل المرأة و على شتى المستويات - و قد سجّلتها هنا - المعاشراتية و الجنسية و العائلية و الثقافية و الفكرية غير خاضعة للظلم. فاحتمالات خضوع المرأة للظلم ممكنة ابتدائاً من القضايا و المستويات الشخصية و الخصوصية - أي القضايا الجنسية - إلى قضايا أعمّ من ذلك من قبيل المعاشرات و التعامل و العائلة، و بخصوص قضايا العائلة سجّلتُ هنا: الاحترام في عين الزوج، و في أعين الأبناء، و في عين الأب، و في عين الأخ. إذا احترمت المرأة و كرّمت في البيئة العائلية فسوف يعالج جانب كبير من مشكلات المجتمع. يجب أن نفعل ما من شأنه أن يقبّل الأولاد أيدي الأمّ، فهذا ما يرنو إليه الإسلام. لذا فإن هذا مشهود في العوائل الأكثر تديّناً و أخلاقاً، و الأقرب للمفاهيم الدينية. يجب أن يكرّم الأولاد أمّهم.
و لا تعارض أبداً بين هذا التكريم للأمّ مع تلك الحالة العاطفية و الصميمية بين الأولاد و أمّهم.. لا تعارض إطلاقاً. يتوجّب وجود هذا الاحترام، فالمرأة ينبغي أن تكون محترمة داخل العائلة. و هكذا يكون رفع الظلم عنها. في عائلة من العوائل أو في بيت من البيوت لو افترضنا أن الرجل يهين زوجته بأنواع الإهانات، من الإهانات السلوكية إلى الإهانات اللسانية إلى التصرفات الوحشية بيديه، و هي حالة لا تزال موجودة للأسف في بعض الأماكن من بلادنا، و يجب أن لا تكون. و هي موجودة طبعاً بين الغربيين بكثرة، و هذا ليس بخلاف المتوقع - فالغربيون و خصوصاً الأعراق الأوربية أعراق وحشية، ظاهرهم الأناقة و ربطات العنق و العطور و ما إلى ذلك، لكن باطنهم الوحشية التي كانت على مرّ التاريخ و لا تزال فيهم، فهم يقتلون البشر بسهولة و بدم بارد، لذلك ليس من المستبعد ضرب النساء داخل البيت من قبلهم، و من قبل الأمريكيين امتداداً للأوربيين - و لكن في البيئة الإسلامية يجب عدم تصوّر مثل هذا الشيء على الإطلاق، لكنه موجود للأسف. و بالتالي فهاتان النقطتان نقطتان أصليتان، و اعتقد أنه كلما جرت البرمجة و العمل في هذه المجالات لكان ذلك مناسباً.
و بعد هاتين القضيتين توجد مسائل مهمة أخرى، فهناك قضية الزواج و الخلاص من العزوبية. يجب إحصاء عقبات الزواج. و هناك أيضاً هذه الأعمال التي أشارت لها السيدات و قلن إنهن يعملن فيها، و أنا راض حقاً و أحمد الله على العمل و الخوض في هذه المسائل. و قضية اللباس و المعاشرة أيضاً يجب أن تنجز فيهما أعمال أساسية. و هناك قضية الدعم المالي و الحقوقي للنساء المحرومات أو المظلومات، و قد كانت قضايا المحاكم من همومي الفكرية، و قد أشارت تلك السيدة من خراسان الرضوية بأنه تمّ إنجاز كذا في المحاكم، أتمنى أن يكون لذلك تحقق عيني حقيقي. من همومي و مما يقلقني أن لا تكون للسيدات القدرة على الدفاع عن أنفسهن بصورة صحيحة في المحاكم و الأجواء القضائية. قد لا يكون لديهن المال ليكلفن محام جيد، و لا يستطعن هنّ أن يدافعن عن أنفسهن فيقع عليهن الظلم و الحيف. هذه من جملة الأمور المهمة و ينبغي أن تتابع. و هناك قضايا عمالة المرأة، و حدود عملها، و ما هي المهن و الأعمال التي تستطيع أن تقوم بها، و على أي نحو - هذه هي مسألة المرونة في قضايا العمل و المهن التي ذكرناها - هذه كلها أعمال و أمور يجب أن تتمّ، لكن المعجّلة و الفورية أكثر منها جميعاً هي تلك القضيتان التي ذكرناهما بدايةً.
من الأمور التي تشغل ذهني أن كل هذه الأنشطة المتنوعة حول المرأة و قضايا المرأة في البلاد - من القضايا الحقوقية و القانونية و الفقهية، إلى القضايا الاجتماعية و التنفيذية، إلى القضايا العاطفية، و كل هذه الموضوعات المختلفة المطروحة حول المرأة - يجب أن تتخذ شكلاً منظماً و هندسة عامة. طبعاً بعض التقارير التي رفعت لي، أو ما قيل هنا، فيه إشارات إلى وجود أفكار في هذا المضمار، لكنني أعتقد أنه لا مندوحة من عمل شامل جامع في هذا الميدان. لنضع كل قضايا المرأة في منظومة كاملة منظمة و بهندسة صحيحة، و يتأسس مركز عال و ثابت بكوادر قوية كفوءة و آفاق طويلة الأمد - و أنا لا أؤمن أبداً بالأعمال قصيرة الأمد في هذه المجالات - و تتشكل تفريعاً لهذا المركز العالي و الثابت مؤسسات و مراكز للقطاعات المختلفة، و يكون هناك اطلاع لهذه المؤسسات على أعمال بعضها، و يكون هناك بنك معلومات جيد و مناسب. فهناك الآن الكثير من الأعمال قد لا يكون حتى للسيدات الحاضرات هنا في هذا الاجتماع علم بها، أي لا يكون لبعضهن علم بأعمال البعض الآخر. لدينا كل هؤلاء النسوة المثقفات و الواعيات و النخبة و الحمد لله، و في القطاعات المختلفة و بنظرات متنوعة، و لا بدّ من الاستفادة من هذه المنظومة الهائلة.
و نقطة أخرى نجعلها الأخيرة لأنه لم يبق وقت و قد حان الظهر، هي أن النساء الناشطات في جبهة الثورة كان لهنّ ذات يوم دور بارز - قبل انتصار الثورة بفترة قليلة، و في بدايات الثورة، و طوال فترة الحرب المفروضة - فقد أبدين عن أنفسهن مشاركة و تواجداً واضحاً، فلا تسمحن بهبوط و تلاشي المشاركة البارزة للنساء الناشطات في جبهة الثورة. الآخرون يحاولون في مواجهتهم و معارضتهم للثورة الاستفادة من العناصر النسوية و النساء الكفوءات. و جبهة الثورة لديها الأضعاف من النساء الكفوءات و الناشطات و الخطيبات و الكاتبات و العالمات.. سيدات من أهل المبادرة و العمل و الفكر و الكتابة و الخطابة و التوجيه الفكري، فلا يدعن ساحة الثورة و الدفاع عن الثورة تخلو. هذه نقطة، و استكملها بالقول إنه من أجل التقدم في ما قلناه بخصوص المرأة و ما سمعناه منكنّ يجب على الإذاعة و التلفزيون أن تمارس دورها و واجباتها بالكامل. هذا ما نعتقده و نوصي به.. لا بدّ أن يكون للإذاعة و التلفزيون دور كامل، فالإذاعة و التلفزيون بوسعها كمؤسسة صناعة ثقافة تجعل المرأة المؤمنة المتدينة و الناشطة و المجاهدة في سبيل الله و المحجبة و ذات الخصوصيات التي يجب أن تتحلى بها المرأة المسلمة، تجعلها محترمة مكرمة في المجتمع. و الآخرون يريدون حصول العكس. و بعض برامج الإذاعة و التلفزيون للأسف تصبّ لصالح هذا الذي يريده الآخرون، و ينبغي العمل بعكس ذلك. يجب أن تكون الإذاعة و التلفزيون بحق في خدمة هذه الأفكار مائة بالمائة.
على كل حال ما يمكن التفكير به و تصوّره كخلاصة لمجموعة الأعمال هو أننا و الحمد لله حققنا تقدماً في قضايا المرأة في نظام الجمهورية الإسلامية، بيد أن هذا التقدم ليس مما يتناسب مع الاحتياجات و التوقعات و الإمكانيات التي في الإسلام.. إذن، نعاني من حالة تخلف، و سوف تتلافين أنتن السيدات هذا التخلف إن شاء الله على أحسن وجه.
حفظكن الله تعالى بحفظه و زاد من توفيقاتكن، و سنستطيع إن شاء الاقتراب يوماً بعد يوم مما يريده الإسلام على هذا الصعيد.
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته.